1ـ إن المادة 222 من قانون العقوبات إذ قررت عقوبة الجنحة للطبيب الذى يعطى بطريق المجاملة شهادة مزورة بشأن حق أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك ، لم تعن التزوير المادى و إنما التزوير المعنوى الذى يقع بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة ، حال تحرير الطبيب الشهادة .
( الطعن رقم 551 لسنة 42 ق - جلسة 1972/06/19 - س 23 ع 2 ص 940 ق 210 )
2ـ من المقرر أن جرائم التزوير المعاقب عليها بعقوبات مخففة بمقتضى المواد 217 وما بعدها من قانون العقوبات قد جاءت على سبيل الإستثناء ، فلا يصح التوسع فى تطبيق هذه المواد بإدخال وقائع لا تتناولها نصوصها . ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حيال تزوير مادى بطريق الإصطناع ، بإنشاء تقرير طبي لم يصدره أى طبيب على الإطلاق وأعطى شكل ورقة رسمية تضمنت بياناً على خلاف الحقيقة هو إدخال الطاعن المستشفى الجامعى الرئيسى لفترة ما للعلاج وقد حرر ذلك التقرير على إحدى مطبوعات المستشفى المذكور وبصم بخاتمه ووضعت عليه إمضاء مزورة منسوبة لمديره ، فإن قول الطاعن بإنطباقالمادة 222 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى يكون غير ذى محل .
( الطعن رقم 551 لسنة 42 ق - جلسة 1972/06/19 - س 23 ع 2 ص 940 ق 210 )
الأطباء :
نصت المادة 222 من قانون العقوبات على أن يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة كل طبيب أو جراح أو قابلة طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعداً أو عطية لإعطاء شهادة أو بيان مزور بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة أو وقع منه الفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة ، وأضافت إلى ذلك أن يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضاً .
يشير الشارع في هذا النص إلى الطبيب أو الجراح أو القابلة حين يباشر مهنة حرة ، فلا يكون بذلك خاضعاً لتعريف الموظف العام الذي سلف بيانه ، ذلك أنه إذ كان موظفاً سرت عليه نصوص الرشوة كما تسري على سائر الموظفين وقد علق الشارع تطبيق نصوص الرشوة على الطبيب أو الجراح أو القابلة حين يمارس أحدهم المهنة الحرة على توافر شرطين : أولهما ، أن يكون الغرض من المقابل الذي يطلبه أو يقبل الوعد به أو يأخذه أو الغرض من الرجاء أو التوصية أو الوساطة هو إعطاء شهادة أو بيان مزور ؛ وثانيهما ، أن تكون هذه الشهادة أو البيان في شأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة ويعني ذلك أنه لا محل لتطبيق نصوص الرشوة إذا كان الغرض من الفعل الإجرامي هو إعطاء شهادة أو بيان صحيح ، أو كان متعلقاً بأمر آخر غير الحمل أو المرض أو العاهة أو الوفاة كتقدير السن مثلاً ويتعين بالإضافة إلى ذلك أن تتوافر سائر أركان الرشوة ، أي الأخذ أو القبول أو الطلب ، ثم القصد الجنائي .
وقد أشار الشارع كذلك إلى حالة ما إذا كان إعطاء الشهادة أو البيان بناء على رجاء أو توصية أو وساطة ، وقرر توقيع العقوبات المقررة في باب الرشوة، ولا يعني ذلك أن توقع عقوبة الرشوة ذاتها ، وإنما توقع العقوبة التي تنص عليها المادة 105 مكرراً من قانون العقوبات، باعتبارها قد وردت في باب الرشوة . وإذا لم يكن إعطاء الشهادة أو البيان لقاء مقابل أو بناءً على رجاء أو توصية أو وساطة ، وإنما كان مجاملة وقعت العقوبة التي نص عليها الشارع في صدر هذا النص ، أي الحبس أو الغرامة التي ولا تجاوز خمسمائة جنيه .
التزوير الذي يرتكبه طبيب في شهادة طبية :
نصت على التزوير الذي يرتكبه طبيب أو من في حكمه في شهادة طبية المادة 222 من قانون العقوبات في قولها « كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطى بطريق المجاملة شهادة أو بياناً مزوراً بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه مصرى، فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للقيام بشيء من ذلك أو وقع الفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة، ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضاً » .
وهذا التزوير معنوی ، إذ يفترض جعل الطبيب واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة وتبين الحدود التالية مجاله .
يتعين أن تصدر الشهادة عن طبيب أو جراح أو قابلة ، ويتعين أن يكون موضوع تغيير الحقيقة فيها حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة ويتعين أن تعطى الشهادة بطريق المجاملة أو نظير وعد أو عطية أو نتيجة لرجاء أو وساطة أو توصية ونفصل فيما يلي هذه الحدود .
يجب أن تصدر الشهادة عن طبيب أو جراح أو قابلة ، ولا يكفي الحمل هذه الصفة مجرد الحصول على المؤهل العلمي المطلوب لذلك ، وإنما ينبغي كذلك الحصول على الترخيص بمزاولة المهنة ، ولكن يستوي أن يكون المتهم موظفاً أو غير موظف وتطبيقاً لذلك فالشهادة المزورة الصادرة عن صيدلي لا تخضع لهذا النص وقد أردف الشارع لفظ الشهادة « بالبيان »، وهو تعبير لم يرد في نصوص التزوير السابقة ، مما يوحي بأن المراد به البيان الشفوي وتطبيقاً لذلك يخضع للنص الطبيب الذي ينتدبه مأمور الضبط القضائي لإعطاء بيانات في شأن جريمة في حالة تلبس ، فيدلى إليه ببيانات غير صحيحة ولا يتطلب القانون أن تحرر الشهادة وفقا لأوضاع معينة فسواء أن تكون مختصرة أو أن تتخذ صورة تقرير طبي مطول .
ويتعين أن يكون موضوع تغيير الحقيقة هو الحمل أو المرض أو العاهة أو الوفاة ويتسع تغيير الحقيقة لإثبات أحد هذه الأمور في حين أنه غير موجود ، أو ذكر سبب غير صحيح له ، أو نطاق غير نطاقه الحقيقي ويخضع لهذا النص الطبيب الذي يغفل ذكر مرض يعاني منه المريض ، كطبيب يغفل عمداً ذكر أن المتقدم لشغل وظيفة مصاب بمرض يقف عقبة دون توليه هذه الوظيفة ولكن لا يجوز أن يفهم ذلك في معنى التزام الطبيب بذكر جميع الأمراض التي يكون عميلة مصابة بها ، فذلك التزام بمستحيل ، بالإضافة إلى تعارضه مع التزام الطبيب بالمحافظة على أسرار المهنة، ومع ذلك فالطبيب يلتزم بذكر الأمراض التي تدخل في نطاق المهمة التي كلف بها : فإن ذكر مرضاً وأغفل آخر كانت شهادته أو بيانه مزوراً .
ويتعين أن يتوافر القصد الجنائي لدى الطبيب ، وأهم عناصره علمه أنه لا وجود لحمل أو مرض أو عاهة، وينتفي القصد إذا صدر تغيير الحقيقة عن جهل بها ، ولو استند ذلك إلى إهمال أو خطأ فني .
وقد حدد الشارع عقوبات هذه الجريمة على النحو التالي :
إذا ارتكب الفعل مجاملة عوقب الطبيب بالحبس أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسمائة جنيه، وإذا ارتكبه نظير عطية أو وعد بها وقعت عقوبات الرشوة ، وإذا وقع نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة وقعت العقوبة التي تنص عليها المادة 105 مكرراً من قانون العقوبات . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة : 25 )
رشوة الأطباء :
يتعلق هذا النص بالطبيب أو الجراح أو القابلة الذي يعطي شهادة أو بياناً مزوراً يتعلق بحمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير الشهادة أو البيان وهو يمارس مهنة حرة، إذ لو كان موظفاً عاماً وقام بالفعل بإعتباره كذلك لطبقت عليه نصوص الرشوة، شأنه شأن سائر الموظفين، دون حاجة إلى هذا النص الخاص .
ويتطلب المشرع لتوقيع عقوبة الرشوة على الطبيب أو الجراح أو القابلة، أثناء مباشرته مهنته دون أن تتوافر لديه صفة الموظف العام، تحقق ثلاث شروط :
الأول : أن يعطي شهادة أو بياناً مزوراً، فإذا كانت الشهادة أو البيان صحيحاً فلا توقع العقوبة. الثاني : أن تكون الشهادة أو البيان المزور بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة، فإذا كان يتعلق بأمر غير هذه الأمور لا توقع العقوبة، كما إذا أعطى شهادة مزورة تتعلق بتقدير السن. الثالث : أن يكون قد طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لإعطاء الشهادة أو البيان المزور، أو فعل ذلك نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة، أما إذا فعل ذلك بطريق المجاملة فلا يعتبر الفعل إلا جنحة قرر لها المشرع عقاباً الحبس أو الغرامة التي لا تجاوز خمسمائة جنيه مصري فإذا توافرت هذه الشروط فقد ارتأى المشرع أن لهذا الفعل من الخطورة - على الرغم من عدم وقوعه من موظف عام - ما يقتضي توقيع العقوبة المقررة في باب الرشوة عنه ومقتضى ذلك أن توقع العقوبة المنصوص عليها في المادة 103 إذا كان قد طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية ليعطي الشهادة أو البيان المزور، وأن توقع العقوبة المنصوص عليها في المادة 105 مکرراً، إذا قام بالفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة والجريمة في الحالتين جناية ولكن العقوبة المقررة للجريمة الثانية أقل من تلك المقررة للجريمة الأولى .
ويتطلب المشرع لتطبيق المادة 222 توافر الشروط الآتية :
أولاً : أن يكون الجاني طبيباً أو جراحاً أوقابلة :
يجب أن كون مرتكب التزوير المعنوي المنصوص عليه في المادة 222 طبيباً أو جراحاً أو قابلة ، سواء كان موظفاً عاماً أو غير موظف ، وعلى ذلك فإذا صدرت الشهادة من غير هؤلاء كشخص عادي أو صيدلى لا ينطبق النص .
ثانياً : أن تكون الشهادة أو البيان المزور بشان حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة :
يجب أن يكون موضوع تغيير الحقيقة في الشهادة حملاً أو مرضاً أو عاهة أو وفاة ، سواء كان ذلك بإثبات أو بنفي وجود شيء من ذلك خلافاً للحقيقة، أو بإرجاعه إلى سبب غير سببه الحقيقي ، أو بإعطائه نطاقاً يخالف نطاقه الحقيقي . ويدخل في مجال النص أن يغفل الطبيب ذكر مرض موجود في الواقع وقد أضاف المشرع إلى لفظ الشهادة لفظ البيان مما يعبر عن اختلاف ما يقصده بكل من اللفظين، يذهب جانب من الفقه إلى أنه إذا كانت الشهادة مكتوبة فإن البيان يكون شفوياً ، مثال ذلك أن ينتدب مأمور الضبط القضائي طبيباً ليستعين برأيه فيما يتعلق بحالة تلبس فيدلى إليه ببيانات كاذبة .
ويضيف الفقه إلى هذين الشرطين توافر قصد تغيير الحقيقة في البيانات التي يثبتها في الشهادة . ولا نرى محلاً لذلك ، إذ أن هذه الصور المخففة للتزوير تفترض توافر الأركان العامة للتزوير ومنها القصد الجنائي .
العقوبة :
يفرق المشرع - فيما يتعلق بالعقوبة - بين حالتين :
الأولى : أن يكون الطبيب أو الجراح أو القابلة قد أعطى الشهادة أو البيان المزور مجاملة ، فتكون العقوبة هي الحبس أو الغرامة التي لا تجاوز ؛ خمسمائة جنيه مصري .
الثانية : أن يكون الجاني قد طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية مقابل إعطاء الشهادة أو البيان المزور ، أو أعطى الشهادة أو البيان المزور نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة ، فحينئذ توقع العقوبة المقررة في باب الرشوة . ويعاقب كل من الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة : 25 )
الأطباء والجراحون والقابلات والشهود :
مد الشارع حكم الرشوة في نطاق الموظفين العموميين إلى طائفة من الأشخاص تسهم في الخدمة العامة، وقد رأى أن صدق هؤلاء في أعمالهم أمر يقتضيه الأمن الاجتماعي، مما يتعين معه توفير الحماية الكاملة لهذا الأمن عن طريق تشديد العقاب، وقد راعى المشرع هذا الاعتبار حين نص في المادة 222 على أن « كل طبيب (أو جراح) أو قابلة أعطى شهادة أو بياناً مزوراً بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك - يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة، إذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للقيام بشيء من ذلك أو وقع منه فعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة ». ويلاحظ أنه لا يشترط في الطبيب أن يكون موظفاً عاماً، وإلا فإن فعله يخضع للقواعد العامة. ويستوي أن يكون الغرض من تحرير الشهادة أو البيان المزور تقديمه إلى المحاكم أو إلى أية جهة أخرى .
كما نصت المادة 298/ 1 عقوبات على أنه «إذا قبل من شهد زوراً في دعوى جنائية أو مدنية عطية أو وعداً بشيء ما - يحكم عليه هو والمعطي أو من وعد بالعقوبات المقررة للرشوة أو الشهادة الزور إن كانت هذه أشد من عقوبات الرشوة أو الشهادة الزور وأضاف القرار بقانون رقم 112 لسنة 1957 فقرة ثانية على هذه المادة تنص على أنه إذا كان الشاهد طبيباً (أو جراحاً) أو قابلة وطلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء الشهادة زوراً بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة أو وقعت منه الشهادة بذلك نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة - يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة أو في باب الشهادة الزور، أيهما أشد ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضاً .
ويشترط لتطبيق هذا الحكم أن تكون الشهادة المزورة سبب الرشوة قد أبديت أو يتعين إبداؤها شفاهة أمام القضاء في دعوى قائمة، فلا يكفي مجرد إعطاء مستند أو بيان للتمسك به أمام أية جهة ولو كانت من المحاكم كما هو الشأن بالنسبة إلى المادة 222 عقوبات سالفة الذكر كما لا يكفي مجرد إبداء الشهادة أمام سلطة التحقيق، وذلك بإعتبار أن المادة 298/ 2 عقوبات قد وردت في باب شهادة الزور التي تطلب القانون للعقاب عليها أن تحصل أمام القضاء .
على أنه يلاحظ أنه وإن كان القانون لم يعاقب على شهادة الزور إلا إذا أصر عليها الشاهد حتى قفل باب المرافعة، إلا أن جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادة 298 عقوبات تقع كاملة ولو عدل الشاهد عن شهادته قبل قفل باب المرافعة، وذلك بإعتبار أن الجريمة تقع وتتم بمجرد الطلب أو القبول أو الأخذ ولو لم يعقبه أداء فعلي للشهادة المزورة، فيكون من باب أولى إذا كان الجاني قد شهد زوراً ثم عدل قبل قفل باب المرافعة على أنه إذا كانت الشهادة المزورة التي طرأ عليها العدول المذكور لم تقع إلا نتيجة للرجاء أو التوصية أو الوساطة، وكان القانون لا يعاقب على هذه الجريمة في المادة 105 مكرراً إلا بالإستجابة فعلاً إلى هذا الرجاء وما نحوه - فإنه لا تتوافر الجريمة المنصوص عليها في المادة 298/ 3 إذا كان الجاني لم يعدل قبل قفل باب المرافعة عن الشهادة المزورة التي أبداها إلا استجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 314 )
هذه الجريمة تتطلب صفة خاصة في الجاني وهو كونه طبيباً أو جراحاً أو قابلة، ويستوي بعد ذلك أن يكون موظفاً عمومياً أو أن يكون طبيباً خاصاً .
والركن المادي يقوم على إعطاء شهادة أو بيان من الجاني، ولذلك فإن التزوير لا يتحقق بطرق التزوير المادي ، وإنما بطريقة من طرق التزوير المعنوي وهي جعل واقعة مزورة ، فى صورة واقعة صحيحة حال تحرير الطبيب للشهادة .
ويجب أن ينصب البيان المزور على واقعة حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة .
والركن المعنوي للجريمة يقوم على القصد الجنائي فيجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إثبات غير الحقيقة المتعلقة بواقعة الحمل أو المرض أو العاهة أو الوفاة مع علمه بتزوير ذلك ولا تتطلب هذه الجريمة قصداً خاصاً فالجريمة تتوافر في ركنها المعنوي سواء كان التزوير بقصد تخليص شخص من خدمة عمومية أم لتقديم الشهادة إلى الجهة الإدارية لأي غرض آخر من الأغراض ، كما نصت المادة 223 على تطبيق عقوبة المادة 222 إذا كان الغرض من التزوير التقدم بالشهادة إلي المحاكم ، مع ملاحظة أن صيغة المادة 222 بوضعها الحالي بعد التعديل يغني عن حكم المادة 223 .
العقوبة :
فرق المشرع في العقوبة بين ما إذا كانت الشهادة المزورة قد أعطيت بقصد المجاملة أم أنها أعطيت كمقابل لواقعة رشوة أو استجابة لرجاء أو توصية .
ففي الحالة الأولى : تكون العقوبة هي الحبس أو الغرامة التي لا تتجاوز حاليآ خمسمائه جنيه مصرى، ويعاقب بذات العقوبة المساهمون معه في الجريمة .
أما في الحالة الثانية : إذا كان الجاني قد طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية القيام بتزوير الشهادة أو البيان ، أو كان ذلك استجابة لرجاء أو توصية أو وساطة فانه يطبق عليه العقوبات المقررة في باب الرشوة ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي .
ويلاحظ أيضاً أن المشرع لم يجرم استعمال الشهادة المزورة استقلالاً ، وهذا قصور في التشريع . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 523 )
أركان الجريمة :
يتطلب المشرع لتطبيق المادة التي نحن بصددها توافر الشروط الآتية :
أولاً : أن يكون الجاني طبيباً أو جراحاً أو قابلة :
يجب أن يكون مرتكب التزوير المعنوي المنصوص عليه في المادة التي نحن بصددها طبيباً أو جراحاً أو قابلة، سواء كان موظفاً عاماً أو غير موظف، وعلى ذلك فإذا صدرت الشهادة من غير هؤلاء كشخص عادي أو صيدلي لا ينطبق النص .
ثانياً : أن تكون الشهادة أو البيان المزور بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة :
يجب أن يكون موضوع تغيير الحقيقة في الشهادة حملاً أو مرضاً أو عاهة أو وفاة، سواء كان ذلك بإثبات أو بنفي وجود شيء من ذلك خلافاً للحقيقة، أو بإرجاعه إلى سبب غير سببه الحقيقي، أو بإعطائه نطاقاً يخالف نطاقه الحقيقي ويدخل في مجال النص أن يغفل الطبيب ذكر مرض موجود في الواقع .
وقد أضاف المشرع إلى لفظ الشهادة لفظ البيان مما يعبر عن إختلاف ما يقصده بكل من اللفظين يذهب جانب من الفقه إلى أنه إذا كانت الشهادة مكتوبة فإن البيان يكون شفوياً، مثال ذلك أن ينتدب مأمور الضبط القضائي طبيبة ليستعين برأيه فيما يتعلق بجريمة في حالة التلبس فيدلي إليه ببيانات كاذبة .
العقوبة :
يفرق المشرع - فيما يتعلق بالعقوبة - بين حالتين :
الأولى : أن يكون الطبيب أو الجراح أو القابلة قد أعطى الشهادة أو البيان المزور مجاملة، فتكون العقوبة هي الحبس أو الغرامة التي لا تجاوز خمسمائة جنيه مصري .
الثانية : أن يكون الجاني قد طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية مقابل إعطاء الشهادة أو البيان المزور، أو أعطى الشهادة أو البيان المزور نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة، فحينئذ توقع العقوبة المقررة في باب الرشوة. ويعاقب كل من الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 260 )
نص المادة 222 عقوبات يتناول بالتجريم حالة التزوير المعنوي الذي يقع من طبيب أو جراح أو قابلة لإثبات بیانات مغايرة للحقيقة في الشهادات التي يعطونها بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة ويجب لقيام هذه الجريمة .
(أولاً) : أن تكون الشهادة صادرة عن طبيب أو جراح أو قابلة يستوي أن يكون من صدرت عنه الشهادة من هؤلاء موظفاً أم غير موظف .
(ثانياً) : أن يكون موضوع الشهادة إثبات أو نفي حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة على خلاف الحقيقة فإن كان موضوع الشهادة غير ما ذكر فإن الحالة تخرج من حكم المادة 222 عقوبات، وتنطبق عليها الأحكام العامة للتزوير وإن كانت البيانات مطابقة للحقيقة فلا يرتكب الطبيب ومن إليه هذه الجريمة وان جاز أن يقع فعله تحت طائلة نصوص الرشوة إذا اجتمعت شروطها .
(ثالثاً) : أن يتوافر لدى الجاني قصد جنائي بأن يكون عالماً بأنه يثبت في الشهادة ما يخالف الحقيقة فإذا كان قد أثبت وجود المرض أو ما إليه على خلاف الحقيقة نتيجة لجهله بالحقيقة أو لنقص تكوينه الفني أو نتيجة الإهمال منه في تحري الحقيقة فلا جريمة في فعله .
ولم ينص القانون على عقاب من يستعمل الشهادة المزورة فإذا كان من حصل على الشهادة هو الذي استعملها فلا عقاب لأن القانون فرض العقاب على التزوير دون الإستعمال وإنما يصح عقابه كشريك لمحرر الشهادة بطريق التحريض أو الإتفاق إذا توافرت شروط الإشتراك .
العقوبة :
فرقت المادة 222 عقوبات بين فرضين أولهما أن تكون الشهادة قد أعطيت من باب الرغبة في المجاملة أو بسبب أية رابطة أو صلة شخصية وتكون العقوبة حينئذ الحبس أو الغرامة التي لاتزيد على خمسمائة جنيه وقد سوی المشرع بين عقوبة الطبيب الموظف وغير الموظف مع أن جريمة الأول كانت تصبح جناية تزوير في محرر رسمي لو أن الشهادة تحررت منه في أمر متعلق بتأدية وظيفته .
والفرض الثاني : هو أن يكون الطبيب أو الجراح أو القابلة قد طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للقيام بشئ من ذلك وأوقع الفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة وعندئذ يعاقب الجاني بالعقوبات المقررة في باب الرشوة. ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضاً، وعقوبة الرشوة هي السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به (م 103 ع).
ويترتب على ذلك أن تكون جريمة الحالة الثانية من المادة 222 جناية لا جنحة ويكون الشروع فيها معاقباً عليه بالتالي بالسجن المشدد، (م 46 ع) ويتحقق ذلك إذا عرض الجاني الرشوة على الطبيب لإعطائه الشهادة المطلوبة فرفضها . ومن الواضح أن مجرد دفع أتعاب مناسبة للطبيب عن الكشف الذى وقعه لا يعتبر رشوة، ويلحق بالوعد بإعطاء هدية أو عطية استعمال طرق الإكراه بالضرب أو بالتهديد لإرغام إرادة الطبيب على إعطاء الشهادة المزورة المطلوبة . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 146 )