1ـ جرائم التزوير المعاقب عليها بعقوبات مخففة والمشار إليها فى المادة 224 من قانون العقوبات التي تمنع سريان أحكام التزوير العامة على جرائم التزوير المنصوص عليها فى المواد المذكورة فيها أو على جرائم التزوير المنصوص عليها فى قوانين عقوبات خاصة قد جاءت على سبيل الإستثناء فلا يصح التوسع فى تطبيق تلك المواد أو القوانين بإدخال وقائع لا تتناولها نصوصها أو بما يمتد به حكمها إلى نوع أخر من أنواع التزوير الغير منصوص عليها فيها .
( الطعن رقم 112 لسنة 42 ق - جلسة 1972/03/20 - س 23 ع 1 ص 440 ق 96 )
2ـ إنه لما كانت البطاقات الشخصية بطبيعتها أوراقاً أميرية لصدورها من جهة أميرية هي وزارة الشئون الاجتماعية فإن تغيير الحقيقة فيها يكون جناية تزوير فى أوراق أميرية ما لم يكن هناك نص يعاقب عليه بعقوبة الجنحة فإنه فى هذه الحالة يجب عده جنحة بناء على المادة 224 من قانون العقوبات. ولما كانت المادة 12 من القانون رقم 123 لسنة 1944 الخاص بالبطاقات الشخصية قد نصت على " أن كل من ذكر بيانات غير صحيحة فى الطلب الذي يقدم للحصول على بطاقة شخصية وهو يعلم بعدم صحتها أو أحدث كذلك تغييراً فى بيانات هذه البطاقات أو انتحل شخصية غيره أو استعمل بطاقة ليست له يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على عشرين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين". فذلك مفاده أن تغيير الحقيقة فى هذه البطاقات يعاقب عليه فى جميع الأحوال بعقوبة الجنحة- ولا يقدح فى ذلك أن النص على العقوبة جاء فى صدد تغيير البيانات المثبتة من قبل وأنه لا يشمل حالة الاصطناع إذ لا فرق فى الواقع ولا فى القانون بين هذا النوع من التغيير وبين اصطناع البطاقة الشخصية على غرار البطاقة الصحيحة فإن كلا النوعين تزوير مادي حكمه واحد ولا يقبل عقلاً أن يعد أحدهما جناية والآخر جنحة. وإذن فالحكم الذي يقضي باعتبار جريمة اصطناع البطاقة الشخصية التي قارفها الطاعن جناية تزوير وقضي عليه بعقوبتها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 276 لسنة 23 ق - جلسة 1953/05/19 - س 4 ع 3 ص 854 ق 310 )
تحديد صور التزوير المخففة :
تنص المادة 224 من قانون العقوبات على أن : « لا تسري أحكام المواد 211، 212، 213، 214 ، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216 ، 217، 218، 219، 220، 221، 222 ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين عقوبات خاصة ». وقد أغفل المشرع ذكر المادتين 226 ، 227 على الرغم من أنهما تنصان على صورتين للتزوير المخفف، وبمقتضى نص المادة 224 استثنى المشرع جرائم التزوير المنصوص عليها في المواد 216 إلى 222، من الخضوع للأحكام العامة للتزوير، وقد اعتبر المشرع الجرائم المشار إليها وكذلك جرائم المادتين 226 ، 227 جنحاً، وقرر لها عقوبات أخف من العقوبة المقررة للتزوير في المحررات العرفية، على الرغم من أن بعضها يعتبر تزويراً في محرر رسمي، ومرجع ذلك قلة خطورة هذه الجرائم عن باقی جرائم التزوير ، والفرض في هذه الجرائم أن تكون الأركان العامة للتزوير قد توافرت فيها .
وصور التزوير المخففة المنصوص عليها في قانون العقوبات هي :
1- التزوير في تذاكر السفر أو في تذاكر المرور (المواد من 216 إلى 218 ، 220 ع) .
2- التزوير في دفاتر الأماكن المعدة لإسكان الناس بالأجرة (م 219) .
3- التزوير في الشهادات الطبية (م 221 إلى 223) .
4- التزوير في إعلامات تحقيق الوفاة أو الوراثة (م 226 ) .
5- التزوير في سن الزوجين في وثائق الزواج (م 227) .
ولما كانت النصوص التي قررت تخفيف العقاب عن هذه الصور من التزوير قد جاءت على سبيل الاستثناء ، فإنه لا يجوز التوسع في تطبيقها، حتى لا تمتد إلى حالات لم يتناولها النص . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة : 328 )
استقر الفقه والقضاء على سريان حكم المادة 224 أيضاً على الجرائم المنصوص عليها في المادة 223 والمادة 226 والمادة 227 عقوبات وذلك لاتحاد العلة .
والواقع هو أن الاستثناءات السابقة قد وردت على سبيل الحصر، ومن ثم فلا يتوسع فيها ولا يمتد تطبيقها وحكمها إلى أنواع التزوير غير الواردة فيها .
وإذا كان نص المادة 224 قد غفل عن بعض أنواع التزوير الخاصة التي بسط الفقه والقضاء حكمها عليها، فإن هذا ليس من قبيل التوسع في التفسير وإنما هو إعمال لقواعد التنازع الظاهري بين النصوص والذي يتم حله وفقاً لقاعدة أن النص الخاص يقيد النص العام ويستبعد تطبيقه، ولذلك إذا عالج المشرع نوعاً معيناً من التزوير بنص خاص وفرض له عقوبة خاصة، فإن القاعدة السابقة تقضي بضرورة استبعاد النص العام، وهو المتعلق بالتزوير في المحررات عامة، سواء الرسمية أو العرفية بحسب الأحوال، وتطبيق النص الخاص يحدث إذا اكتملت شروطه دون أن يكون هناك مجال للتعدد بين الجرائم، ولذلك فإن نص المادة 224 هو نص مقرر لقاعدة قانونية ليست محل خلاف، ومعنى ذلك أن الحكم ما كان ليتغير في حالة عدم وجود مثل نص المادة 224 .
وعليه فإذا كانت واقعة التزوير في المحرر تخرج عن نطاق النص الخاص لعدم اكتمال شروط تطبيقه فإنه يتعين إعمال النص العام .
والحقيقة هي أن اتجاه القضاء في استبعاد النصوص الخاصة وإعمال النصوص العامة في التزوير كلما تخلفت شروط تطبيق الأولى هو أمر يتفق وحلول التنازع الظاهري بين النصوص، ذلك أن التنازع بين النصوص واستبعاد النص الخاص للنص العام إنما يفترض أن الأول يتضمن الواقعة المنصوص عليها في الثاني ويضيف إليها عناصر أخرى تخصصها، ولذلك إذا استبعد تطبيق النص الخاص فيطبق النص العام، فإذا كان النص الخاص يقرر عقوبة أخف من تلك المقررة بالنص العام فمعنى ذلك أن الواقعة الواردة بالنص الخاص والمتضمنة بالضرر تلك الواردة بالنص العام لا تشكل جسامة في الاعتداء على المصلحة محل الحماية الجنائية بالقدر الذي تمثله الواقعة الأخرى، ولذلك إذا كان المشرع قد أخرج بعض المحررات الرسمية فمعنى ذلك أن العقوبة المخففة لا تطبق إلا في الحدود التي وردت في النصوص الخاصة ، وقد انتقد بعض الفقه اتجاهات القضاء التي تطبق نصوص التزوير العامة كلما كان تغيير الحقيقة في المحرر الخاص قد تم بطريقة مختلفة عن تلك الواردة بالنص الخاص ومطابقة لما وردت بالنص العام ، باعتبار أن اختلاف الطريقة في التزوير لا يجب أن يترتب عليه اختلاف في الحكم .
والحكمة من الاستثناءات التي أوردتها المادة 224 تكمن أما في ضالة الأضرار المترتبة أو المحتمل ترتبها على واقعة التزوير، وأما في الباعث الدافع على التزوير وخاصة بالنسبة للأوراق التي تشكل قيوداً على الحرية الفردية اقتضتها ضرورات التنظيم . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 506 )
استثنى المشرع من أحكام التزوير المنصوص عليها في المواد من (211 إلى 215) عقوبات صورة معينة منه، بعضها منصوص عليه في قانون العقوبات والبعض الآخر في قوانين خاصة، ووجه الاستثناء أنه قد جعل هذه الصور من قبيل الجنح، وقرر لها عقوبات أخف من عقوبة التزوير في المحررات العرفية، مع أن منها ما تنطبق عليه صفات التزوير في المحررات الرسمية .
ويلاحظ أن نص المادة التي نحن بصددها تنقصه الإشارة إلى المادتين (226، 227) عقوبات فهما من ضمن الصور المخففة للتزوير، وأن هذه الصور جميعاً، سواء منها ما كان في قانون العقوبات، أو ما كان في قوانين خاصة قد وردت على سبيل الاستثناء فلا يتوسع في تفسيرها ولا يقاس عليها .
وصور التزوير المخففة التي جاءت في قوانين خاصة متعددة، نكتفي بالإشارة إلى بعضها، من ذلك ما نص عليه في القانون رقم 181 لسنة 1955 بشأن البطاقات الشخصية، وما نص عليه في القانون رقم 44 لسنة 1939 بفرض الضرائب، والقانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 265 )
استثنى الشارع من أحكام التزوير المنصوص عليها في المواد 211 إلی 215 صوراً معينة منه بعضها منصوص عليه في قانون العقوبات والبعض آخر في قوانين خاصة وقد بينت ذلك المادة 224 عقوبات. ووجه الاستثناء أنه وجعل هذه الصور من قبيل الجنح وقرر لها عقوبات أخف من عقوبة التزوير في المحررات العرفية مع أن منها ما تنطبق عليه صفات التزوير في المحررات الرسمية، ويلاحظ أن نص المادة 224 عقوبات منقصة الإشارة إلى المادتين 226، 227 عقوبات فيما تتضمنان صورتين مخففتين للتزوير وان هذه الصور جميعاً سواء منها ما كان في قانون العقوبات أو ما كان في قوانين خاصة قد وردت على سبيل الاستثناء فلا يتوسع في تفسيرها ولا يقاس عليها . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 151 )