loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- القصد الجنائي فى جريمة الحريق العمد المنصوص عليها فى المادة 252 من قانون العقوبات ، والتي نشأ عنها موت المجني عليهم – التي دين بها الطاعن – يتحقق بمجرد وضع الجاني النار عمداً فى المكان المسكون أو المعد للسكنى أو فى أحد ملحقاته المتصلة به ، فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمَّد وضع النار على هذا الوجه ، وجب تطبيق تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أنه وضع النار عمداً فى منزل عمه ، مما أدى إلى اشتعاله وموت المجني عليهم ، ودانه بالمادتين 252/1 ، 257 من قانون العقوبات ، يكون قد طبَّق القانون تطبيقاً صائباً ، فإن النعي على الحكم بعدم استظهار القصد الجنائي يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه – فيما سلف – قد أثبت توافر القصد المباشر لدى الطاعن – تعمد وضع النار فى المسكن – وهو ما اعترف به فى تحقيقات النيابة العامة – مع علمه بتواجد المجني عليهم بمكان الحريق - وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن إصابات المجني عليهم التي أودت بحياتهم حدثت نتيجة الحروق النارية وما أحدثته من صدمة عصبية ، وهو ما يكفي لمسئوليته عن وفاتهم باعتبارها نتيجة مترتبة على جريمة الحريق العمدي ، ويكون الحكم حين طبق المادة 257 من قانون العقوبات قد صادف صحيح القانون ، وأضحى ما يثيره الطاعن على غير سند .

(الطعن رقم 21966 لسنة 84 جلسة 2015/04/01)

2- لما كان الحكم قد عرض لظرف الاقتران ورد على دفاع الطاعن بعدم توافره تأسيساً على أن الحريق ليس عمدياً وأنه وقع بإهمال واطرحه بقوله :- " وحيث إنه عن الاقتران بين جناية القتل العمد وجناية الحريق العمد فإنه لما كان الثابت من ماديات الدعوى أن جريمة قتل المجني عليها ارتكبها المتهم بفعل مادي مستقل عن الفعل المادي المكون لجريمة الحريق العمد الذي قارفه هذا الأخير فى مسكنها ولئن كان المتهم قد أقر بتحقيقات النيابة العامة بأنه ألقى سيجارة مشتعلة على السرير بحجرة نوم ...... - نجل المجني عليها - ونسي سيجارة أخرى مشتعلة بطفاية السجاير على السرير بحجرة نوم ...... النجل الآخر للمجني عليها فإن هذا الذي أدلى به المتهم كان محوراً للدفاع بجلسة المحاكمة لنفي العمد عنه فى هذه الجريمة ولا ترى فيه المحكمة إلا فعلاً عمدياً من واقع الاقتضاء العقلي والمنطقي ووقائع الدعوى برمتها وظروفها وملابساتها التي لا مجال فيها لغير العمد فضلاً عما أبانه تقرير المعمل الجنائي بشأن منطقتي بداية الحريق وتقتنع المحكمة بأن ما أتاه المتهم من إلقاء لفافتي تبغ مشتعلتين أو نهايتهما المشتعلتين على مفروشات السرير بكل من حجرتي النوم اللتين اشتعل فيهما الحريق إنما يمثل وضعاً عمدياً للنار فى محل مسكون وتوجهت إرادته اختيارا إلى هذا الفعل العمدي فى ذلك المكان وهو موقن بأن النار لابد أن تندلع فى تلك المفروشات القطنية وتتصل بباقي المنقولات فى المسكن وهو ما يوفر فى حق المتهم الركن المادي والقصد الجنائي فى جريمة الحريق العمد المنصوص عليها فى المادة 252 من قانون العقوبات " . لما كان ذلك ، وكانت جريمة وضع النار عمداً فى مسكن من الجرائم ذات القصد العام الذي يكفي لتحققه أن يثبت الحكم أن الجاني قد وضع النار عمداً فيه . وتقدير ما إذا كان وضع النار كان عمدياً أم الحريق تم بإهمال هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها غير مقيدة فى ذلك بنص اعتراف المتهم وظاهره ما دام استخلاصها سائغاً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى فى منطق سائغ وتدليل معقول إلى أن إلقاء الطاعن للسيجارتين المشتعلتين على مفروشات السريرين بحجرتي النوم بمسكن المجني عليها بعد أن قتلها كان عمدياً بما يسوغ به اطراح دفاع الطاعن فى هذا الشأن ويتحقق به ظرف الاقتران كما هو معرف فى القانون ولا يعيب الحكم من بعد ما يلوح به الطاعن من تناقض ما ورد بتقرير المعمل الجنائي عما ورد باعتراف الطاعن عن سبب الحريق وكونه شب نتيجة اتصال مصدر حراري مكشوف اللهب بعد سكب مادة معجلة وليس من سيجارة مشتعلة ذلك أن الحكم فى تحصيله لهذا التقرير لم يشر إلى ما ذكره عن أسباب الحريق بما مفاده عدم أخذه به فى هذه الخصوصية لأن تقرير الخبير دليل كسائر الأدلة من حق المحكمة أن تجزئه فتأخذ بما تطمئن إليه منه وتطرح ما عداه ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

(الطعن رقم 47756 لسنة 75 جلسة 2006/01/15 س 57 ص 68 ق 8)

3- إن جريمة وضع النار عمداً المنصوص عليها فى المادة 252 من قانون العقوبات قد تكاملت أركانها بإشعال إحدى إسطوانتى الغاز وتوجيه نيرانها إلى جسم الأخرى فى محل مسكون وهو ما نصت عليه المادة سالفة الذكر وكان ذلك عمداً من المتهم الأول بما يكفى لتحقق هذه الجريمة أياً كانت نتيجته أو الباعث عليه سواء كان القصد منه هو إحراق المكان أو كان وضع النار فى المكان لتحقيق أي قصد آخر.

(الطعن رقم 253 لسنة 65 جلسة 1997/02/16 س 48 ع 1 ص 192 ق 27)

4- لما كانت المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ارتكاب المتهمين لواقعة الدعوى على النحو الذي سطرته فى حكمها وإعمالاً للفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية فقد قررت المحكمة بإجماع آراء قضاتها استطلاع رأى فضيلة مفتى الجمهورية فى شأن المتهم الأول فأودع فضيلته ملف الدعوى تقريراً مؤداه استحقاق المتهم الأول الإعدام قصاصاً لقتله المجني عليها ........ عمداً جزاءً وفاقاً إذ القتل أنفى للقتل. وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فإنه يكون قد استقر فى يقين المحكمة أن المتهمين 1- ............... 2- ............. بتاريخ......... بدائرة مركز زفتى محافظة الغربية: المتهم الأول:- قيل ......... عمداً بأن أطبق على عنقها بكلتا يديه قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد إقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هما أنه فى الزمان والمكان سالفي الذكر: 1) سرق والمتهم الثاني النقود والحلى المبينة بالتحقيقات وصفا وقيمة والمملوكة 1-........ و ......... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليه الأول بأن ضربه المتهم الأول بأداة صلبة فى وجهه وجثم على صدره قاصداً من ذلك شل مقاومته فتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب السرقة وقد ترك الإكراه الجروح المبينة بالتقريرين الطبيين الأمر المعاقب عليه بالمادة 314/1،2 من قانون العقوبات 2) وضع النار عمداً فى مكان مسكون بأن أشعل اسطوانة غاز بمسكن المجني عليه سالف الذكر ووجه نيرانها إلى جسم اسطوانة أخرى الأمر المعاقب عليه بالمادة 252 من قانون العقوبات - المتهم الثاني:1) اشترك مع المتهم الأول فى ارتكاب جريمتي القتل ووضع النار عمداً فى مكان مسكون بالاتفاق معه على سرقة النقود والحلى المملوكة للمجني عليهما سالفي الذكر بأن اتفق معه على ارتكاب السرقة وتسور المسكن وساعده بأن اعتدى على المجنى عليه.......... لشل مقاومته ليتمكن من السرقة ولما حاولت المجني عليها النهوض من نومها قام المتهم الأول بخنقها ثم وضع النار عمداً بالمسكن لإخفاء معالم الجريمة فوقعت جريمتا القتل ووضع النار عمداً فى المسكن نتيجة محتملة لهذا الاتفاق وتلك المساعدة. 3) سرق والمتهم الأول النقود والحلى المملوكة للمجني عليهما سالفي الذكر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليه ........... بأن ضربه بأداة صلبة فى وجهه وجثم على صدره قاصداً من ذلك شل مقاومته فتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب السرقة وترك الإكراه الجروح المبينة بالتقريرين الطبيين المرفقين بالأوراق. الأمر الذي يتعين معه عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبتهما بالمواد 40/2 - 3، 43، 234/1 - 2، 235 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون فى شأن التهمتين المسندتين إلى المتهم الثاني وذلك على النحو المبين بمنطوق هذا الحكم مع إلزام المتهم الثاني المصاريف الجنائية.

(الطعن رقم 253 لسنة 65 جلسة 1997/02/16 س 48 ع 1 ص 192 ق 27)

5- القصد الجنائي فى جريمة الحريق العمد المنصوص عليها فى المادة 252 من قانون العقوبات والتى نشأ عنها موت المجنى عليها - التى دين بها الطاعن - يتحقق بمجرد وضع الجاني النار عمداً فى المكان المسكون أو المعد للسكنى أو فى أحد ملحقاته المتصلة به ، فمتى ثبت للقاضى أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أنه وضع النار عمداً فى منزل خصومه فى المشاجرة مما أدى إلى اشتعال وموت المجنى عليها ودانه بالمادتين 252 / 1 ، 257 من قانون العقوبات ، فإن ، النعى على الحكم بعدم استظهار القصد الجنائي يكون غير سديد .

(الطعن رقم 15106 لسنة 64 جلسة 1996/07/09 س 47 ع 1 ص 785 ق 113)

6- لما كانت الواقعة التى وردت بأمر الإحالة وخلص إليها الحكم المطعون فيه هى أن الطاعن وضع النار عمداً فى محل مسكون مما تنطبق عليه الفقرة الأولى من المادة 252 من قانون العقوبات - وهى التى أنزلتها المحكمة على واقعة الدعوى - دون المادة 259 من ذات القانون والتى لا تتوافر شروطها فى الواقعة فإن النعى على الحكم بالخطأ فى القانون فى هذا الشأن يكون غير سديد .

(الطعن رقم 12319 لسنة 64 جلسة 1996/05/16 س 47 ع 1 ص 663 ق 94)

7- لا يمنع من تطبيق المادة 252 من قانون العقوبات أن يكون الجاني قد تحقق من خلو المكان من ساكنيه أو أن تكون النار لم تشتعل أو لم يكن من شأنها تعريض حياة السكان للخطر بل إن النص ينطبق ولو كان مرتكب الحريق مقيماً وحده فى المكان الذي وضع النار فيه.

(الطعن رقم 60 لسنة 28 جلسة 1958/04/07 س 9 ع 2 ص 355 ق 98)

8- لما كان منعى الطاعن أن المدافع عنه أثار فى مرافعته أن المكان الذى شب فيه الحريق ليس مسكوناً أو معداً للسكنى الأمر الذى كان يتعين معه إعتبار الواقعة جنحة و كان يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن المعاينة التى إجريت بمحل الحادث أثبتت أن الحريق شب فى المنزل رقم ... و فى حجرة مسقوفة فإن الحكم إذ إنتهى إلى إعتبار محل الحريق معداً للسكنى و أنزل على الواقعة حكم الفقرة الأولى من المادة 252 من قانون العقوبات يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً و من ثم فلا يعيبه إلتفاته عما أثاره الطاعن من أن الواقعة جنحة .

(الطعن رقم 669 لسنة 42 جلسة 1972/11/19 س 23 ع 3 ص 1201 ق 271)

9- أن الثابت أن الحكم قد عرض لجريمة الحريق العمد الذى نشا عنه وفاة شخص فدلل عليها تدليلا سديدا إذ أثبت فى حق المتهمين إنهما وضعا النار عمداً فى الملابس الموجودة أمام الباب الخشبى المؤدى إلى حجرة النوم وكرسى الصالون الموجود بحجرة صالون الشقة وأتت النار على بعض محتوياتها ونتج عن ذلك وفاة الرضيع مختنقا نتيجة أستنشائه غاز أول اكسيد الكربون كما أروى بذلك تقرير الصفة التشريحية.

(الطعن رقم 8637 لسنة 61 جلسة 1993/01/19 س 44 ع 1 ص 115 ق 12)

10- لما كان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر علاقة السببية بين إصابات المجنى عليها التى أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية ، وفعل وضع النار عمداً الذى قارفة الطاعن ، وبين وفاتها , فأورد من واقع ذلك التقرير وجود حروق نارية منتشرة بمعظم جسد المجنى عليها وهى حيوية حديثة من ملامسة الجسم للهب النار وهى جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفى تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة وتعزى الوفاة إلى الحريق النارية وما نتج عنها من هبوط بالقلب والتنفس وصدمة عصبية ، فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور فى هذا الصدد .

(الطعن رقم 15106 لسنة 64 جلسة 1996/07/09 س 47 ع 1 ص 785 ق 113)

شرح خبراء القانون

تتكون جريمة الحريق عمداً من ثلاثة أركان هي :

1- فعل الإحراق.

 2- نوع الشئ المحرق أو المال موضوع الجريمة.

3- القصد الجنائي.

وفيما يلي تفصيل لازم لكل ركن :

الركن الأول : فعل الإحراق :

يتكون الركن الأول للجريمة من فعل مادى وهو الإحراق أو على حد تعبير القانون وضع النار" ولاتهم الوسيلة التي استخدمت في إحداث الحريق فقد يكون ذلك بإلقاء كبريت مشتعل أو قبس من نار أو فتيل مشتعل أو سيجارة مشتعلة أو بغير ذلك وقد يكون باستعمال مواد كيماوية قابلة للالتهاب أو تسليط تيار كهربائي(1) وإنما يلزم ألا تكون جريمة الحريق قد تمت باستعمال المفرقعات لأن هذه الوسيلة بالذات قد أفرد لها قانون العقوبات أحكاماً خاصة وردت في المادتين 102 (ج) 102 (د).

ولا يلزم لتوافر الركن المادي أن توضع النار في المحل المسكون أو المعد للسكنى بينما يوجد به فعلاً أحد الأشخاص فرغم أن العقوبة المشددة روعي فيها احتمال إصابة النار لشخص ولو احتمالاً ضعيفاً إلا أن الجريمة لايتوقف قيامها على إثبات هذا الاحتمال لأنه قائم في الحكمة من التجريم لا في محل التجريم ولذا فإن الجريمة تتحقق ولو كان واضع النار في المكان هو المقيم وحده فيه.

ويلاحظ أن العمد هنا معناه مجرد توجه الإرادة اختياراً إلى وضع النار في المكان وسيلة لتحقيق أي قصد آخر.

وهنا يثور التساؤل عما إذا كان قيام الركن المادي يتطلب اشتعال النار في المال المراد إحراقه أم يكفي أن تتصل به النار حتى ولو لم يشب الحريق؟

وقيل في ذلك بأنه إذا رجعنا إلى النصوص التي تناولت جريمة الحريق العمد لوجدنا أن المشرع يعتبر الجريمة تامة بمجرد وضع النار في المال المراد إحراقه فهو لايتطلب اشتعال النار في المال ولا ضرورة احتراقه، فمن يشعل عود ثقاب ويضعه على المال الذي يبغي حرقه ويضبط في التو يعتبر مرتكباً الجريمة العمد تامة وهذا أمر يتفق مع فكرة التجريم في الحريق العمد وخطورة ما يترتب عليه بسبب القوة المدمرة للنار التي لا يسهل السيطرة عليها فلا يشترط لتمام جريمة الحريق العمد أن يكون الشئ قد تلف بفعل النار يكفي أن تكون النار قد أمسكت به.

ولكن فريقا من الفقهاء لايسلم بتمام الجريمة بمجرد وضع النار بمقولة أن الجاني يجب أن تكون له فرصة يستطيع فيها العدول فلا تتم الجريمة إلا إذا اشتعلت النار في الشيء وأصبح من المتعذر إخمادها إذ يصبح بذلك الحريق منذراً بالخطر وهي النتيجة التي قصدها القانون بالعقاب وينبني على هذا أن الفعل يعد شروعاً ولو أشعل الجاني النار في الشئ المراد إحراقه مادامت لم تصبح ذات خطر وأن الجاني لو ندم على فعله فأطفأ النار التي أشعلها قبل حلول الخطر فإنه يكون قد عدل باختياره عن إتمام الجريمة فلا عقاب عليه.

ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه الرأي الأول ذلك أن القانون لم يشترط في الحريق وقوع ضرر فعلی فاكتفي بوضع النار لما يتضمنه من ضرر محتمل الوقوع.

وبالرأي الأول أيضاً أخذت محكمة النقض فقضت بأن الجريمة تعتبر تامة بمجرد وضع النار عمداً في أحد الأمكنة الواردة بالنص سواء اشتعلت النار أو لم تشتعل فإذا كان الثابت بالحكم أن التهمة قذف كرة مشتعلة في مخزن لإحراقه ولم يتحقق الغرض الذي رمى إليه من فعلته فيصح عقابه ولو لم تلتهم النار شيئاً من محتويات المخزن.

كما قضت في حكم آخر بأنه يكفي لتوافر أركان جريمة الإحراق أن يكون الجاني قد وضع النار عمداً في محل مسكون أو معد للسكنى بصرف النظر عن علم أصحاب المكان أو عدم علمهم بخطر الحريق الذي أشعل عمداً بمحلهم فإن هذا كله من الملابسات المحيطة بالفعل المقترف ولا تأثير له في توافر جريمة الحريق وفق ما نص عليه القانون فإذا رش شخص بنزيناً على مفروشات منزل وأشعل فيها النار فأطفأها الجيران الذين بادروا بالحضور على الاستغاثة فهو إذن قد وضع النار عمداً في محل مسكون بصرف النظر عن مقدار ما تلتهمه النار من المكان الذي علقت به أو من محتوياته.

الشروع والأعمال التحضيرية :

تقوم الصعوبة في التمييز بين الأعمال التنفيذية التي تعد شروعاً والأعمال التحضيرية ومن المتفق عليه أن الأعمال التي يأتيها الإنسان قبل وجوده فى مكان الجريمة تعد أعمالاً تحضيرية كشراء المواد الملتهبة وحيازتها وإعدادها خارج المحل الذي يراد وضع النار فيه وحملها والاتجاه بها إلى ذلك المحل قبل الدخول فيه، وإنما تبدأ صعوبة التمييز إذا ما وجد الجاني في مكان الجريمة وارتكب أي فعل من الأفعال المرتبطة مباشرة بالجريمة ارتباط العلة بالمعلول عد ذلك شروعاً في الجريمة بمعنى أنه إذا وصل الجاني إلى مكان الجريمة فإنه يشرع فيها إذا أتى فعلاً من الأفعال المرتبطة بها مباشرة ارتباط السبب بالمسبب كما إذا صب الغاز على الشئ المراد إحراقه وكان يحمل مادة الاشتعال ولكن الجريمة لم تتم لأسباب لا دخل لإرادته فيها.

وخلاصة ذلك أنه يعد شروعاً في جريمة الحريق العمد وجود الجاني في مكان الجريمة ووضعه سائل البترول أو أية مادة أخرى قابلة للالتهاب على الشئ المواد إحراقه إذا لم تتم الجريمة لأسباب لا دخل لإرادته فيها ولذلك فقد حكم بأن دخول المتهم في منزل المجني عليه وصب سائل البترول على أبواب الأمكنة من الداخل بقصد وضع النار فيه عمداً يعد شروعاً في جناية الحريق إذا لم تتم الجريمة بسبب مفاجأة المجنى عليه للمتهم.

كما حكم أيضاً بأن توجه المتهم إلى کوم دريس موجود في الغيط وصب سائل البترول عليه بقصد وضع النار فيه يعد شروعاً في جناية الحريق إذا لم يتم الحريق بسبب القبض على المتهم قبل اشتعال النار.

الركن الثاني : نوع الشئ المحرق - أو - المال موضوع الجريمة :

تعاقب المادة 252 من قانون العقوبات كل من وضع عمداً ناراً في مبان كائنة في المدن أو الضواحي أو القرى أو في عمارات كائنة خارج سور ما ذكر أو في سفن أو مراكب أو معامل أو مخازن وعلى وجه العموم في أي محل مسكون أو معد للسكني سواء كان ذلك مملوكاً لفاعل الجناية أم لا، ويعاقب أيضاً من وضع عمداً ناراً في عربات السكك الحديدية سواء كانت محتوية على أشخاص أو من ضمن قطار محتو على ذلك.

والمستفاد من هذا النص أنه يشترط في موضوع جريمة الحريق العمد أن يكون مالاً وعلى هذا فمن يضع النار في جسم إنسان يعتبر مرتكباً لجريمة أخرى هي القتل أو الشروع فيه أو إحداث إصابة عمدية حسب ما ينتهي إليه التحقيق من تحديد قصد الجاني ومن يضع النار في جسم حیوان يرتكب الإضرار بالحيوان.

وقيل بأن التعداد الوارد بالنص زائد ولا لزوم له لأن الشارع ختمه بقوله وعلى وجه العموم في أي محل مسكون أو معد للسكنى و على الخصوص لا معنى لقوله في مبان كائنة في المدن أو الضواحي أو القرى أو عمارات كائنة خارج سور ما ذكر لأن التمييز بين المباني القائمة داخل المدن والمباني القائمة خارجها لايترتب عليه أي تمييز في الحكم إذ العبرة في كل الأحوال بأن تكون النار قد وضعت في محل مسكون أو معد للسكنى أياً كان موقع ذلك المحل ومتى وضع الجاني النار في مكان مسكون أو معد للسكنى حق عليه العقاب المنصوص عليه بالمادة محل التعليق سواء كان ذلك مملوكاً للجاني أو غير مملوك له وذلك على خلاف القاعدة الأصلية التي تقتضي أن يكون للمالك حرية التصرف في ملكه بكافة أنواع التصرف ومنها للإتلاف لأن الذي يحرص عليه القانون في هذه الحالة أن لايمس ساکني ذلك المكان ضرر بسبب الحريق. ومن المسلم به أن حق الملك حق مقيد لامطلق وأن المالك مسئول عن تصرفاته في ملکه التي يترتب عليها ضرر للغير فمتى كان المكان مسکوناً وكان المالك قد تعمد إتلافه بطريق الإحراق فلا نزاع في أن خطر ذلك يكون كبيراً على السكان ومن أجل هذا يعاقب القانون على أنه لايشترط لعقاب الجاني في هذه الحالة أن يكون قد تعمد إحداث الموت لمن بذلك المكان فإن احتمال الموت في هذه الحالة كاف وحده لإيجاب العقاب ولو لم يكن مقصوداً.

وباستعراض أنواع الأموال موضوع جريمة الحريق العمد التي وردت في نصوص قانون العقوبات يتبين أنها ثلاثة المحلات المسكونة وما يأخذ حكمها والمحلات غير المسكونة وما يأخذ حكمها وأموال أخرى لاتدخل في حكم الحالتين السابقتين وقد ورد بيان الأموال على سبيل الحصر فإذا وضعت النار في غيرها عدت الواقعة إتلافاً، وفيما يلي تفصيل لازم للمحلات المسكونة وما يأخذ حكمها وهي مدار المادة محل التعليق :

 المحلات المسكونة وما يأخذ حكمها :

المحل المسكون هو الذي يقيم فيه الشخص عادة ويتخذه مكاناً لراحته وأهم مظاهره النوم ولا أهمية الشكل المكان فيدخل في عداد الأمكنة المسكونة خيمة الأعرابي في الصحراء ومكان مبيت الحارس في مدرسة أو مصنع وفي تعريف آخر قيل بأن المحلات المسكونة هي الأماكن التي يقطنها بشر سواء كانت معدة بحسب الأصل لتكون مسكناً كالبيوت والفنادق والملاجئ والسجون والمستشفيات أو لم تكن معدة لذلك ابتداء ولكنها سكنت فعلاً كالمخازن والحظائر حين يتخذها بعض الناس سكناً.

وليس المراد بالسكني مجرد وجود الشخص في المكان ولا قضائه جانباً من الوقت فيما وإنما يكون المكان سكناً حين يتخذه الشخص مقراً يلتمس فيه الطمأنينة والهدوء وقد جرى العرف على أن المسكن هو المكان الذي يتناول الشخص فيه طعامه ويخلد فيه للراحة ويتحلل في داخله بوجه عام مما تفرضه الحياة الإجماعية عليه في الخارج من القيود وقد لا يمارس الشخص في المكان كل ألوان هذا النشاط ولكن الراجح أنه يجب أن يكون معداً أو أن يستخدم فعلاً للنوم ولذلك لا تدخل في عداد المساكن دواوين الحكومة ولا المصانع و المتاجر ولا البنوك لأن الموظفين والعمال والجمهور يتجمعون فيها بعض ساعات النهار أو الليل لقضاء أعمالهم ثم يووون بعد ذلك إلى منازلهم ومثل ذلك أيضاً النوادي ودور السينما والمسارح والمعارض والأسواق والمقاهي والمدارس والمعاهد وكليات الجامعات فهذه الأماكن جميعاً يغشاها الناس لا للسكنى بل الهو أو للعمل أو لطلب العلم وإنما يضفي القانون عليها صفة المسكن إذا سكنت بالفعل فالمدرسة تكون مسكناً إذا كان بها قسم داخلي وكذلك الأماكن الأخرى إذا خصص لها حارس أو بواب يقضي الليل فيها.

 ما هو الموقف بالنسبة لملحقات المسكن ؟

ثمة سؤال مثار وهو هل يدخل في المحل المسكون الملحقات التابعة له كالسلاملك والمطبخ المنعزل عن محل السكن والإسطبل وغرف الغسيل وبيوت الدجاج وغيرها ؟ وبعبارة أخرى إذا وضع الشخص النار في أحد هذه الملحقات يعاقب بالنص محل التعليق ولو أنه لم يضعها في المحل المسكون نفسه ؟ أما إذا كان الملحق نفسه مسكوناً فلا خلاف في وجوب تطبيق المادة لأنه يعتبر في هذه الحالة محلاً مسكوناً قائماً بذاته والغرض الذي من أجله يعاقب القانون بالمادة محل التعليق متحقق في هذه الحالة، وأما إذا كان الملحق غير مسكون وكان بعيداً عن المنزل بحيث لايخشى امتداد النار منه إلى محل السكن فالظاهر والمعقول أنه لا يمكن تطبيق النص في هذه الحالة لأن علة الحكم غير موجودة.

إلا أن الرأي أنه متى كان المكان الملحق بالمحل المسكون يكون معه وحدة فإن الحماية القانونية تسري عليه. وبهذا الرأي الأخير أخذت محكمة النقض.

أما المحلات المعدة للسكنى فهى الأماكن المهيأة لسكن الإنسان وأن تكن غير مأهولة في بعض الأوقات ومثلها المنازل الموجودة في المصايف والمشاتی والريف والتي يلم بها أصحابها فترة من الزمن ثم يرحلون عنها إلى مقر إقامتهم المعتاد .

وتقتصر عبارة المباني على الأمكنة المبنية بالطوب والحجارة وغيرها من المواد فلا ينطبق النص على حريق عشة من البردي والبوص ويستوي في المباني أن يكون داخل حدود المدينة وضاحيتها والقرى أو خارج تلك الحدود رغم استعمال المشرع بالنسبة لهذه الحالة الأخيرة لفظ آخر هو العمارات ويشترط أن تكون المباني والعمارات مسكونة أو معدة للسكنى وهو أمر مستفاد من أن المشرع أردف بيان المباني بعبارة أو غير ذلك من الأمكنة المسكونة والمعدة للسكني .

ويراد بالسفن والمراكب كل ما أعد لركوب البحر أياً كان اسمه الخاص ومهما كانت أهميته ويجوز أن يدخل فيها على ما يظهر الأوراق والقوارب والفلائك التي تستخدم في النزهة والرياضة وتشمل المخازن كل بناء معد لإيداع البضائع سواء أكانت هذه المخازن عامرة أو خالية - كما تطلق كلمة معامل على الأمكنة التي يشتغل فيها العمال بإجراء أشغال على جانب من الأهمية بصرف النظر عن أي بناء أعد خصيصاً لإيواء العمال أو حفظ الأدوات فالمكان الذي تبنى فيه السفن والمنزل الجاري عمارته هما من المعامل بالمعنى المقصود في المادة.

ولقد أضاف نص المادة عربات السكك الحديدية كمحل لوضع النار سواء أكانت محتوية على أشخاص أو ضمن قطار محتو على ذلك ولذا لا تقع تحت طائل النص العربة التي يقودها حيوان جر ولا عربة السكة الحديد المهجورة والمتروكة على أحد القضبان والعربية المحتوية على أشخاص هي عربة قطار الركاب أما العربة التي توجد ضمن قطار محتو على أشخاص فيراد بها عربة القطار البضائع وهي ضمن قطار يحتوي على أشخاص حاضرين في القاطرة أو في السبنسة.

 الركن الثالث : القصد الجنائي :

يتحقق القصد الجنائي بتعمد وضع النار في الشئ المراد إحراقه والعمد معناه توجيه الإرادة اختياراً إلى وضع النار ولاعبرة في تكوين القصد بالباعث علی الحريق أو بالغاية التي يهدف إليها الجاني فسواء أكان الغرض هو مجرد إحراق الشئ ذاته أم كان وضع النار وسيلة لتحقيق غرض آخر قد يكون الحصول على قيمة الأشياء المؤمن عليها أو اتهام شخص بالحريق وما إلى ذلك.

وأما إذا لم يتعمد الفاعل وضع النار في الشئ بل امتدت إليه نتيجة إهمال وعدم احتياط فإن الفعل يعد جنحة وفقاً للمادة 360 من قانون العقوبات.

ولكن هل يقبل من الجاني اعتذاره بأنه كان يجهل وقت ارتكاب الجريمة أن المكان مسكون أو معد للسكنى فيعاقب بناء على ذلك بالمادة 253 عقوبات وليس بالمادة 252 عقوبات ؟

مثال ذلك طرد خادم من منزل فدفعه حب الانتقام إلى إحراق إسطبل تابع لذلك المنزل ولكنه منعزل عنه وفيه يبيت السايس ولما قدم للمحاكمة أثبت أنه إنما أراد بإحراق ذلك الإسطبل تدمير شئ من أملاك المخدوم وأنه عندما كان في خدمة صاحب المنزل لم يكن يبيت في ذلك الإسطبل أحد وأنه كان يعتقد بقاء الحال على ما كان بعهده من قبل، وقد ذهب رأي إلى القول بعدم توافر الجريمة لتخلف القصد الجنائي تبعاً لعدم العلم بصفة المكان وكونه مسكوناً ورغم صدق هذه القاعدة فإنها وضعت في غير موضعها لأن المتهم في المثال المتقدم كان يعلم أن منزل مخدومه السابق مسكون وبالتالي يعتبر كذلك ملحق هذا المنزل ومن ثم فإن الرأى الراجح اعتباره واضعاً النار في ملحق تابع لمكان مسكون أي في نطاق هذا المكان وبالتالي يعاقب.

 العقوبة :

يعاقب من وضع ناراً عمداً في محل مسكون أو معد للسكنى أو غيره من المحلات الواردة في المادة 252 من قانون العقوبات بالسجن المؤبد أو المشدد.

وإذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى رأفة المحكمة واستعملت المادة 17 من قانون العقوبات فإنه يجوز النزول بالعقوبة درجتين وعلى ذلك تجوز معاقبة الجاني بالسجن أو الحبس الذي لايجوز أن ينقص عن ستة شهور.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث،  الصفحة: 545)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني  ، الصفحة /  119

الإْحْرَاقُ الْعَمْدُ:

- يُعْتَبَرُ الإْحْرَاقُ بِالنَّارِ عَمْدًا جِنَايَةُ عَمْدٍ. وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعَمْدِ؛ لأِنَّ هَا تَعْمَلُ عَمَلَ الْمُحَدَّدِ.

وَتَفْصِيلُهُ فِي (الْجِنَايَاتِ) .

الْقِصَاصُ بِالإْحْرَاقِ:

- ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ؛ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى قَتْلِ الْقَاتِلِ بِمَا قَتَلَ بِهِ وَلَوْ نَارًا. وَيَكُونُ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّعْذِيبِ بِهَا. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)  وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)  وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ عَنِ النَّبِيِّ  صلي الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَفِيهِ: «مَنْ حَرَقَ حَرَقْنَاهُ» .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّ الْقَوَدَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ وَإِنْ قَتَلَ بِغَيْرِهِ، فَلَوِ اقْتَصَّ مِنْهُ بِالإْلْقَاءِ فِي النَّارِ عُزِّرَ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا: «لاَ قَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ». وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 175 ، 235 ، 236

(مادة 340)

 

 يعاقب بالحبس من حرض مباشرة على إرتکاب جنايات القتل أو السرقة أو الإتلاف أو الحريق بإحدى طرق العلانية ، إذا لم يترتب على تحريضه أثر . 

(مادة 475) 

يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت كل من وضع النار عمداً في مبنى عام أو مخصص للمنفعة العامة ، أو في منشأة ذات نفع عام ، أو معدة للصالح العام ، أو في محل عام يغشاه الجمهور ، أو في مكان مسكون أو معد للسكنى فيه أو إحدى وسائل النقل العام ، أو في ذخائر أو أسلحة أو مفرقعات أو وقود أو غابات ، أو في مناجم أو آبار البترول ، أو في الآلات أو الأجهزة المعدة لإنتاج البترول أو تكريره أو نقله ، أو في المستودعات المعدة لتخزينه ، ويستوي أن يكون ما وضع فيه النار مملوكاً للجاني أو غيره . 

وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى إصابة شخص بعاهة مستديمة . 

وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى موت شخص . 

 

ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي أحرقها . 

( مادة 478 )

 

يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين - كل من تسبب عن غير عمد في إحداث حريق في شيء مملوك له أو لغيره ، إذا ترتب على ذلك حدوث ضرر للغير وكان ذلك ناشئاً عن رعونة ، أو إهمال، أو عدم إحتياط، أو عدم إنتباه أو عدم مراعاة القوانين واللوائح . 

 

الحريق 

المواد من (475): (478) : 

تقابل مواد المشروع المواد من (252): (259) من القانون القائم المعدل بالقانون رقم (63) لسنة 1975، وقد استرشد بها المشروع وأضاف إليها أو غير منها : 

1- المادة (475) من المشروع تقابل بصفة عامة المادتين (252) - (252) مكرراً من القانون القائم مع الإضافة إليها ، ويتناول نص المشروع بالعقاب بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت كل من وضع النار عمداً في مبنى عام أو مخصص للمنفعة العامة أو في منشأة ذات نفع عام أو معدة للصالح العام ، أو محل عام يغشاه الجمهور أو في مكان مسكون أو معد للسكنى ، أو في إحدى وسائل النقل العام ، أو في ذخائر أو أسلحة أو مفرقعات أو وقود أو غابات ، أو في مناجم أو آبار البترول أو تكريره أو نقله ، أو في المستودعات المعدة لتخزينه ، ويستوي في ذلك أن يكون ما وضع فيه النار مملوكاً للجاني أو غيره . 

وقد رأى المشروع في خطورة وضع النار فيما تقدم ما يستوجب مقابلته بالعقوبة المغلظة ، كما جعل العقوبة السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى إصابة شخص بعاهة مستديمة ، وجعلها الإعدام أو السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى موت شخص ، فضلاً عن إيجاب المشروع الحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي أحرقها ، ومن البديهي أن هذا الحكم يكون في حالة ما إذا كان الشيء المحروق غير مملوك للجاني . 

2- المادة (476) من المشروع تعالج جريمة وضع النار عمداً في شيء غير ما ذكر في المادة السابقة ، يستوي في ذلك أن يكون الشيء مملوكاً للجاني أو لغيره ، متى كان من شأن ذلك إحداث ضرر للغير ، فإن انعدم ذلك ، إنحسر تطبيق النص . 

هذا إلى أن الفقرة الثانية من النص تعاقب بعقوبة الجنحة فحسب ، على وضع النار عمداً إلى أشياء منقولة لم ينص عليها في المادة السابقة ، متى كانت مملوكة لغير الجاني ، ولم يكن في قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة الحريق خطر على الأشخاص ، أو خطر في إلحاق ضرر بأشياء أخرى ، فإن انتفى عنصر ما تقدم طبقت المادة السابقة أو الفقرة الأولى من المادة (476) على حسب الأحوال ، وقد قصد بالفقرة الثانية آنفة البيان ، ومواجهة الحالة التي لا ينصرف فيها قصد الجاني إلا إلى مجرد إتلاف هذا الشيء، وبذلك يغدو الفعل أقرب إلى الإتلاف ، ومن ثم كان حقيقاً بالمشروع أن يراعي ذلك ، فوضع الفقرة المذكورة بما تضمنته من ضوابط تطبيقها ، وغني عن البيان أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة (476) من المشروع - هو أن يكون الشيء غير مملوك للجاني ، فإن كان مملوكاً له وتوافرت باقي شروط الفقرة ، عد فعله بعيداً عن نطاق التجريم في هذا المجال . 

3- لم ير المشروع محلاً لإيراد حكم المادة (259) من القانون القائم ، إكتفاء بالرخصة المخولة للقاضي من إستعمال ظروف الرأفة إن رأى محلاً لذلك ، كما لم يروجها لإيراد التفصيلات الكثيرة التي تتضمنها النصوص القائمة ، التي هي في الواقع مدعاة للتعقيد ، متخذاً من ضبط النصوص المقترحة سبيله إلى ذلك ، غير غافل عما تضمنه القانون القائم ، مجتزئاً في هذا الصدد بنصوص مغنية عن التفصيلات . 

 

4- هذا ويراعى أن حكم المادة (493) من المشروع الواردة في الفصل الثاني من هذا الباب - تسري على الجرائم العمدية الواردة في هذا الفصل من حيث تغليظ العقاب .