loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام
إذا كانت الواقعة التى أثبتها الحكم هى أن المتهم أشعل النار فى لفافة وضعها باحتياط تحت باب منزله ثم أطفأها فى الحال قبل أن تمتد إلى الباب ، فتكييف هذه الواقعة أنها وضع النار عمداً بالواسطة ، الأمر المنصوص عليه فى المادة 256 من قانون العقوبات . وإذ كانت هذه المادة صريحة فى أنه يجب لتمام الجريمة المنصوص عليها فيها أن يكون قصد المتهم توصيل النار من الشىء الذى وضعها فيه إلى الشىء المراد إحراقه وأن تصل بالنار بالفعل إلى هذا الشىء ، فإنه إذا لم يتوفر هذا القصد فلا تتحقق الجريمة ولو كانت النار قد وصلت بالفعل . وإذا توافر ولكن لم تصل النار ، فإن الواقعة لا تكون جناية تامة ، وإنما تكون شروعاً فقط ، بحيث إذا عدل المتهم بإرادته فلا تصح معاقبته . وإذن فإن تلك الواقعة الثابتة بالحكم لا تكون معاقباً عليها .
 
( الطعن رقم 1320 لسنة 15 ق - جلسة 15 / 10 / 1945 ) 
شرح خبراء القانون

تكلم المشرع في المواد من 252 إلى 255 عن الحالة التي توضع فيها النار مباشرة في شئ من الأشياء المختلفة المبينة فيها وهو على العكس من ذلك يتكلم في المادة 256 محل التعليق عن الحالة التي تصل فيها النار من شئ آخر، وهذه الجريمة هي المعروفة بجريمة الحريق بالتوصيل فالحريق بالتوصيل هو عبارة عن إحراق شئ من الأشياء المبينة في المواد الأربعة السابقة بطريقة وضع النار عمداً لا في هذه الأشياء ذاتها بل في أي شئ آخر قابل للاحتراق لتوصيلها للشئ المراد إحراقه.

 أركان الجريمة :

لهذه الجريمة ثلاثة أركان هي :

1- وضع النار في أشياء أياً كان نوعها.

2- وصول النار بالفعل إلى شئ من الأشياء المبينة في المواد السابقة.

3- القصد الجنائي.

وفيما يلي تفصيل لازم لكل ركن :

الركن الأول: وضع النار في أشياء أياً كان نوعها :

اكتفى المشرع بقوله (من وضع النار في أشياء ومن ثم فلا يهم نوع هذه الأشياء فيصح أن يكون هذا الشئ نفسه من نوع الأشياء التي يعاقب القانون على إحراقها بمقتضى المواد 252، 255 ويصح أن يكون من الأشياء التي يعتبر إحراقها إتلافاً معاقباً عليه بمقتضى المواد الواردة في باب التخريب والتعييب والإتلاف ويصح أن يكون إحراقه غير معاقب عليه أصلاً إما لأنه مملوك المحرقه ولم تتوفر في إحراقه الشروط التي تستوجب العقاب أو لأي سبب آخر.

فإذا كان هذا الشئ مما يعاقب على إحراقه لذاته عوقب الجاني على جريمة إحراق هذا الشئ وعلى جريمة إحراق الشئ الآخر المراد إحراقه في النهاية مع تطبيق المادة 31 فقرة أولى عقوبات وإذا كان غير معاقب عليه طبق على الجاني حكم المادة 256 فقط.

 الركن الثاني :

توصيل النار إلى شئ من الأشياء المبينة في المواد 252، 255 إذ لابد التطبيق المادة 256 أن تكون النار قد اتصلت فعلاً بالشئ المراد إحراقه والذي يجب أن يكون من نوع الأشياء المنصوص عليها في المواد من 200 وقيل بأن هذا المعنى غير ظاهر ظهوراً كافياً من نص المادة 256 التي تقوم " من وضع النار في أشياء لتوصيلها للشئ المراد إحراقه " ولكن الذي يقطع بوجوب وصول النار فلا أن المادة 256 تحيل فيما يتعلق بالعقاب إلى المواد 252، 255 فيجب لكي يكون الجاني مستحقاً للعقوبات المنصوص عليها في المواد المذكورة أن يكون قد ارتكب الأفعال الواردة بها.

 الشروع والجريمة التامة :

ذهب رأى في الفقه إلى أن الأصل هو أن النار يلزم بلوغها شيئاً من تلك الأشياء کي تستحق عقوبة وضع النار فيه وإلا اعتبرت الواقعة شروعاً في وضع النار بهذا الشئ إلا أن القانون خرج على هذا الأصل وشاء بالمادة 256 أن يجعل للشروع حكم الجناية التامة فاعتبر العقوبة على هذه الجناية مستحقة المجرد وضع النار في وصلة تلتقي بالشئ المزمع إحراقه وكما لو وضعت النار في هذا الشئ مباشرة ومتى كان لدى الفاعل قصد وضع النار في الشيء الأخير وترجع هذه التسوية بين الشروع والجريمة التامة إلى كون الالتجاء إلى وضع النار هو في ذاته أمر خطير.

وذهب رأي آخر إلى أن من وضع النار في أشياء لتوصيلها إلى منزل مسكون لا يمكن محاكمته بوصف أنه ارتكب جناية إحراق المنزل مادامت النار لم تمسك به وإنما تجب محاكمته على اعتبار أنه شرع في إحراق هذا المنزل بالتوصيل.

والرأي الراجح هو أن الجريمة تتم متى اتصلت النار بالشئ المراد إحراقه وليس بشرط أن تكون دمرته تدميراً تاماً بل يكفي أن تكون قد أمسكت بجزء من أجزائه بحيث يتعذر بعد ذلك إخمادها.

ومن ثم فإنه إذا اتصلت النار بالشئ المراد إحراقه ولكنها انطفأت في الحال أو لم تتصل بذلك الشئ رغم اشتعالها بالشئ الذي اتخذه الجاني وسيلة لتوصيل النار كان الفعل جريمة خاب أثرها لأسباب خارجة عن إرادة الفاعل وعوقب عليه الجاني لعقوبة الشروع في الجريمة المنصوص عليها في المادة 256.

وعلى ذلك فإن الشروع في هذه الجريمة يبدأ بوضع النار في الشئ الذي اتخذه الجاني وسيلة لتوصيل النار ولايعاقب على هذا الشروع إلا إذا كان قصد الجاني وسيلة لتوصيل النار ولايعاقب على هذه الشروع إلا إذا كان قصد الجاني من وضع النار على هذه الصورة توصيلها إلى الشيئ المراد إحراقه ولكن هذا الشروع نفسه قد يعاقب عليه الجاني من جهة أخرى باعتباره جريمة تامة إذا كان إحراقه الشيء الذي وضع فيه النار يعد جريمة مستقلة معاقباً عليها.

الركن الثالث : القصد الجنائي :

يشترط لتطبيق المادة 256 عقوبات أن يكون الجاني قد تعمد وضع النار في شئ بقصد توصيلها إلى الشئ الآخر المراد إحراقه، وهذا مستفاد من قول الشارع في المادة " لتوصيلها للشئ المراد إحراقه بدلاً من وضعها مباشرة في ذلك " ومن ثم فإن النص صريح في أن الجاني لاتطبق عليه المادة 256 إلا إذا قصد النار إلى الشئ المراد إحراقه.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 584)

يعاقب القانون بهذا النص على إحراق شيء من الأشياء المبنية في المواد و الأربع السابقة وبالعقوبات المقررة فيها، تبعاً لنوع الشيء المحرق، وذلك إذا لجأ الجاني إلى وضع النار لا في هذه الأشياء ذاتها وإنما في أي شيء آخر قابل للإحتراق بقصد توصيلها للشيء المراد إحراق.

ولا يهم أن يكون الشيء الذي وضعت فيه النار من نوع الأشياء التي يعاقب القانون على إحراقها بمقتضى المواد من (252) إلى (255)، فيعاقب المالك إذا وضع النار في شيء من حقه أن يتلفه إذا كان قد توصل بهذه الطريقة عمداً إلى إحراق شيء من الأشياء التي تحميها النصوص سالفة الذكر، وإذا كان إحراق الشيء الذي وضعت فيه النار معاقباً عليه بمقتضى هذه النصوص فإن الجاني يرتكب جريمتين توقع عليه عقوبة أشدهما كما تقضي به المادة (32) من قانون العقوبات.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث،  الصفحة: 708)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني  ، الصفحة /  119

الإْحْرَاقُ الْعَمْدُ:

- يُعْتَبَرُ الإْحْرَاقُ بِالنَّارِ عَمْدًا جِنَايَةُ عَمْدٍ. وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعَمْدِ؛ لأِنَّ هَا تَعْمَلُ عَمَلَ الْمُحَدَّدِ.

وَتَفْصِيلُهُ فِي (الْجِنَايَاتِ) .

الْقِصَاصُ بِالإْحْرَاقِ:

- ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ؛ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى قَتْلِ الْقَاتِلِ بِمَا قَتَلَ بِهِ وَلَوْ نَارًا. وَيَكُونُ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّعْذِيبِ بِهَا. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)  وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)  وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ عَنِ النَّبِيِّ  صلي الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَفِيهِ: «مَنْ حَرَقَ حَرَقْنَاهُ» .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّ الْقَوَدَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ وَإِنْ قَتَلَ بِغَيْرِهِ، فَلَوِ اقْتَصَّ مِنْهُ بِالإْلْقَاءِ فِي النَّارِ عُزِّرَ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا: «لاَ قَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ». وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 235 ، 236

(مادة 477) 

يعاقب بالعقوبات المشار إليها في المادتين السابقتين كل من وضع النار عمداً في أشياء بقصد توصيلها للشيء المراد إحراقه بدلاً من وضعها فيه مباشرة . 

( مادة 478 )

 

يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين - كل من تسبب عن غير عمد في إحداث حريق في شيء مملوك له أو لغيره ، إذا ترتب على ذلك حدوث ضرر للغير وكان ذلك ناشئاً عن رعونة ، أو إهمال، أو عدم إحتياط، أو عدم إنتباه أو عدم مراعاة القوانين واللوائح . 

الحريق 

المواد من (475): (478) : 

تقابل مواد المشروع المواد من (252): (259) من القانون القائم المعدل بالقانون رقم (63) لسنة 1975، وقد استرشد بها المشروع وأضاف إليها أو غير منها : 

1- المادة (475) من المشروع تقابل بصفة عامة المادتين (252) - (252) مكرراً من القانون القائم مع الإضافة إليها ، ويتناول نص المشروع بالعقاب بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت كل من وضع النار عمداً في مبنى عام أو مخصص للمنفعة العامة أو في منشأة ذات نفع عام أو معدة للصالح العام ، أو محل عام يغشاه الجمهور أو في مكان مسكون أو معد للسكنى ، أو في إحدى وسائل النقل العام ، أو في ذخائر أو أسلحة أو مفرقعات أو وقود أو غابات ، أو في مناجم أو آبار البترول أو تكريره أو نقله ، أو في المستودعات المعدة لتخزينه ، ويستوي في ذلك أن يكون ما وضع فيه النار مملوكاً للجاني أو غيره . 

وقد رأى المشروع في خطورة وضع النار فيما تقدم ما يستوجب مقابلته بالعقوبة المغلظة ، كما جعل العقوبة السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى إصابة شخص بعاهة مستديمة ، وجعلها الإعدام أو السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى موت شخص ، فضلاً عن إيجاب المشروع الحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأشياء التي أحرقها ، ومن البديهي أن هذا الحكم يكون في حالة ما إذا كان الشيء المحروق غير مملوك للجاني .