loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- جريمة الفعل الفاضح العلنى على ما يبين من نص المادة 278 من قانون العقوبات لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) فعل مادي يخدش فى المرء حياء العين أو الأذن سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه (الثاني) العلانية ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة (الثالث) القصد الجنائي وهو تعمد الجاني إتيان الفعل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى فى بيان واقعة الدعوى والتدليل عليها بالإحالة إلى الأوراق ومحضر الضبط دون أن يورد مضمونها ووجه استدلاله بهما على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة ، فإنه يكون مشوباً بالقصور فى استظهار أركان الجريمة التي دان الطاعن بها الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة . لما كان ما تقدم ، وكان وجه الطعن وان اتصل بالمتهمة الأخرى فى الدعوى إلا أنها لا تفيد من نقض الحكم المطعون فيه ، لأنها لم تكن طرفاً فى الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ، ومن ثم لم يكن لها أصلا حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليها أثره .

( الطعن رقم 15583 لسنة 67 ق - جلسة 2006/12/28 - س 57 ص 1022 ق 124 )

2- لما كانت المادة 278 من قانون العقوبات تنص على أن "كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، أو غرامة لا تتجاوز خمسين جنيهاً". وكان يبين من هذا النص أن الجريمة لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة - (الأول) فعل مادي يخدش فى المرء حياء العين أو الأذن، سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه. (الثاني) - العلانية، ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً، بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة. (والثالث) القصد الجنائي، وهو تعمد الجاني إتيان الفعل. ولما كانت مداعبة الطاعن لسيدة بالطريق العام واحتضانه لها من الخلف، مما أثار شعور المارة حسبما استظهره الحكم المطعون فيه، ينطوي فى ذاته على الفعل الفاضح العلني المنصوص عليه فى المادة 278 من قانون العقوبات لإتيان المتهم علانية فعلاً فاضحاً يخدش الحياء على النحو المتقدم .

( الطعن رقم 1348 لسنة 45 ق - جلسة 1975/12/29 - س 26 ص 891 ق 196 )

3- المكان العام بالمصادفة - كالمقابر - هو بحسب الأصل مكان خاص قاصر على أفراد طوائف معينة, لكنه يكتسب صفة المكان العام فى الوقت الذي يوجد فيه عدد من أفراد الجمهور بطريق المصادفة أو الاتفاق فتتحقق العلانية فى الفعل الفاضح المخل بالحياء فى الوقت المحدد لاجتماع الجمهور بالمكان, أما فى غير هذا الوقت يأخذ حكم الأماكن الخاصة بحيث تتوافر العلانية متى شاهد الفعل الفاضح أحد أصحاب المكان أو نزلاؤه أو كان من المستطاع رؤيته بسبب عدم احتياط الفاعل, فإذا أهمل الفاعل فى اتخاذ الاحتياط الكافي كأن يكون قد أغلق الباب دون إحكام, فإنه يؤاخذ بمقتضىالمادة 278 من قانون العقوبات إذا دخل عليه أحد من الخارج وشاهد فعله ولو كان دخوله بطريق المصادفة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند فى توافر ركن العلانية إلى أن باب المكان الذي ارتكب فيه الفعل لم يكن موصداً بمزلاج يمنع من يريد الدخول إليه, فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وأقام قضاءه على ما يحمله .

( الطعن رقم 644 لسنة 43 ق - جلسة 1973/10/14 - س 24 ع 3 ص 847 ق 175 )

4- المكان العام بالمصادفة - كالمستشفيات - هو بحسب الأصل مكان خاص قاصر على أفراد أو طوائف معينة ولكنه يكتسب صفة المكان العام فى الوقت الذي يوجد فيه عدد من أفراد الجمهور بطريق المصادفة أو الاتفاق فتتحقق العلانية فى الفعل الفاضح المخل بالحياء فى الوقت المحدد لاجتماع الجمهور بالمكان ولو لم يره أحد، أما فى غير هذا الوقت فإنه يأخذ حكم الأماكن الخاصة بحيث تتوافر العلانية متى شاهد الفعل الفاضح أحد أصحاب المكان أو نزلائه، أو كان من المستطاع رؤيته بسبب عدم احتياط الفاعل، فإذا اتخذ الفاعل كافة الاحتياطات اللازمة لمنع الإطلاع على ما يدور بالداخل انتفى تحقق العلانية ولو افتضح الفعل نتيجة حادث قهري أو بسبب غير مشروع.

( الطعن رقم 1411 لسنة 38 ق - جلسة 1968/12/30 - س 19 ع 3 ص 1121 ق 229 )

شرح خبراء القانون

(ملحوظة من مركز الراية للدراسات القانونية: استحدث المشرع نص المادة 113 مكرراً في قانون الإجراءات الجنائية وذلك بموجب القانون رقم 177 لسنة 2020 المنشور في الجريدة الرسمية العدد 36 مكرر في 5/9/2020 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر برقم 150 لسنة 1950 ، والذي نص على أنه:

لا يجوز لمأموري الضبط أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، أو في أي من المادتين (306 مكرراً / أ  ،  306/ مكرراً / ب) من ذات القانون، أو في المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، إلا لذوي الشأن.)

مركز الراية للدراسات القانونية

(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)

مركز الراية للدراسات القانونية 

السلوك المخل بالحياء 

مدلوله :

يتحقق الفعل الفاضح بفعل مادي مخل بحياء الغير، ويقصد بالفعل في هذا الصدد كل عمل يأتيه الجاني لا يتخذ صورة القول أو الكتابة، فلا يعد فعلاً فاضحاً توجيه أقوال بذيئة، أو عرض صور عارية أو مخالفة للأداب، وإن كانت هذه الأفعال تتحقق بها جرائم أخرى نص عليها القانون، عدا ذلك فإن الفعل الفاضح يتحقق بأي فعل مخل بالحياء يأتيه الجاني ولو كان في صورة إشارات، و لا يشترط في الفعل أن يكون قد وقع على شخص الغير، كما هي الحال في الاغتصاب وهتك العرض، بل قد يوقعه الجاني على نفسه، كأن يخلع ملابسه عارياً في الطريق العام أو يكشف عن عورته أو يشير إليها أو تصدر منه إشارة تفيد مدلولاً جنسياً أو معنى آخر مخلاً بالحياء،

ويتحقق الإخلال بالحياء بكل ما من شأنه المساس بعاطفة الحياء عند الناس، ويتمثل أساساً في الظهور على نحو جارح للشعور بالحياء، ولا يعتد بمعنى الحياء لدى من شاهد الفعل من الناس، وإنما يجب قياسه بالنظر إلى المجتمع بأسره في البيئة التي حدث فيها الفعل، وفقاً لزمان ارتكابه ومكانه، فلا شك في أن معايير الحياء تختلف في القرية عنها في المدينة، ومن بلد إلى آخر، كما تختلف باختلاف الزمان والمكان، فما كان فعلاً فاضحاً منذ نصف قرن قد لا يظل كذلك اليوم، وما يعد فعلاً فاضحاً في الطريق العام ليس كذلك على شاطئ البحر.

وقد ثار التساؤل عن حكم العري، ولا شك في أن العري الكامل يعد فعلاً فاضحاً، إنما يدق الأمر بالنسبة إلى شبه العري، وخاصة عند التمثيل أو الرقص في المسرح أو السينما، ونرى أن القدر المسموح به من العري في أثناء التمثيل هو الذي يقتضيه الدور الذي يؤديه الممثل أو الراقصة وفقاً للأصول الفنية التي تتفق مع تقاليد المجتمع، وإذا وصل الأمر إلى حد إثارة الغرائز الجنسية خرج عن دائرة الفن وأصبح جارحاً للشعور بالحياء، أي فعلاً فاضحاً، ويجب أن يلاحظ أن الفن هو درجة راقية من التعبير، وله دور ثقافي وتربوي، وكل ما يهدف إلى مجرد إثارة المتعة الجنسية فهو خارج دائرة الفن.

معيار الإخلال بالحياء في الفعل الفاضح :

وجدنا فيما تقدم أن هتك العرض يقع بفعل مادي مخل بالحياء بحسب طبيعته، فيشترك بذلك مع الفعل الفاضح في معنى الإخلال بالحياء، غير أن معيار الإخلال بالحياء في الجريمتين يختلف تمام الاختلاف نظراً لاختلاف الحق المعتدى عليه في هتك العرض عنه في الفعل الفاضح، فبينما يشترط في هتك العرض أن يمس الفعل المادي جسم الغير، فإن الفعل الفاضح قد يصدر من الجاني على جسمه، کمن يسير في الطريق عارياً أو يكشف عن عضوه التناسلي.

هذا بالإضافة إلى أن هتك العرض بوصفه ماساً بالحرية الجنسية ينطوي على إخلال بحياء الغير، هذا بخلاف الفعل الفاضح، فإن أثره في الإخلال بالحياء أقل جسامة من هتك العرض.

والواقع أن الجسامة هي المعيار الفاصل بين كل من هتك العرض والفعل الفاضح، فإذا بلغ الإخلال بالحياء حداً جسيماً بحيث يمكن حسبانه اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه فإنه يعد هتك عرض، أما إذا لم يبلغ هذه الجسامة فيعد فعلاً فاضحاً، وإذا استخلص القاضي أن الاعتداء بلغ هذا القدر من الجسامة فيعد هتك عرض وفعلاً فاضحاً في آن واحد، أما إذا انتهى إلى أن الفعل لم يحصل إلى حد جسامة الاعتداء على الحرية الجنسية، فإنه يعد مجرد فعل فاضح.

الخلاصة أن دائرة الفعل الفاضح تتسع فتشمل هتك العرض، أي أن كل ما يعد هتك عرض فهو فعل فاضح ولا عكس.

تمييز الفعل الفاضح عن هتك العرض والاغتصاب :

نبدأ فنقول بأن دائرة الفعل الفاضح تتسع لكل من الاغتصاب وهتك العرض، فهاتان الجريمتان تشكلان اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه، وهو ما يعد بذاته إخلالاً بالشعور العام بالحياء إذا توافرت فيه العلانية، عدا ذلك، فإن الفعل الفاضح يتميز عن هاتين الجريمتين فيما يأتي:

1- يشمل الأفعال التي تخل بحياء الغير إخلالاً غير جسيم، وهو ما لا يكفي في ذاته لكي تقوم به جريمة هتك العرض أو الاغتصاب.

2- قد يقع الفعل الفاضح بفعل يوقعه الجاني على جسمه هو، بخلاف هتك العرض والاغتصاب الذي لابد فيهما أن يمس الفعل جسم المحني و عليه.

3- يقع الفعل الفاضح رغم مشروعية العلاقة بين الجاني والمجني عليه، فالرجل الذي يتصل جنسياً بامرأة بلغت الثمانية عشر عاماً علناً يعد مرتكباً لفعل فاضح، وعلة ذلك أن الفعل الفاضح لا يقوم على فكرة الحرية الجنسية، وإنما يستند على معنى الإخلال بالشعور العام بالحياء.

نصت على هذه الجريمة المادة 278 عقوبات، وتتميز هذه الجريمة بتوافر عنصر العلانية في ركنها المادي، وهي جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي.

العلانية :

لا يعاقب القانون على الفعل الفاضح في هذه الجريمة ما لم يقع علناً، لكنه لم يحدد المقصود بالعلانية ولم يحل إلى المادة 171 عقوبات في تحديده لمعناها كما فعل في جريمتي القذف والسب وغيرهما من جرائم النشر، وعلة ذلك أن القانون لم يضع قواعد عامة تسري على كل الجرائم التي يتطلب فيها العلانية، بل آثر أن يكون نطاق العلانية محدداً وفقاً للغرض الذي أراد القانون تحقيقه في الجريمة، ولما كان القانون قد استهدف بالعقاب على هذه الجريمة الشعور العام بالحياء، فإن العلانية تتحق إذا شاهد الغير هذا الفعل أو أمكنه مشاهدته.

المشاهدة :

لا يقصد بالمشاهدة بصدد هذه الجريمة مجرد الرؤية، بل يكفي مجرد إحساس الغير بالفعل بأي حاسة من حواسه، وقد ذهبت محكمة النقض إلى أن الفعل الفاضح هو الذي يخدش في المجني عليه حياء العين والأذن ليس إلا، بحيث لا يمكن اعتبار الشخص الأعمى الأصم مجنياً عليه في هذه الجريمة.

(1) نقض 22 نوفمبر سنة 1928، مجموعة القواعد، ج 1، رقم 17 ص 32.

على أنه يمكن تحقق العلانية بأية حاسة أخرى غير النظر والسمع، كما إذا وقع الفعل الفاضح على جسمه بفعل يخدش حياءه على نحو غير جسيم، أو إذا أمكنه أن يحس بالفعل بحاسة أخرى، كاللمس باليد مثلاً، فضلاً عن أن العبرة هي بالحياء العام لا بحياء شخص معين.

ضابط العلانية :

تحقق العلانية شرط لازم في جريمة الفعل الفاضح العلني، ولا يشترط لتوافر العلانية أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً، بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة، فهي علانية حقيقية إذا حدثت المشاهدة وعلانية حكمية إذا كانت ممكنة.

و يجب لسلامة الحكم بالإدانة أن يبين عنصر العلانية باستظهار وصف العمومية في المكان سواء بطبيعته أو بالتخصيص أو بالمصادفة وقت ارتكاب الفعل الفاضح المخل بالحياء حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.

المكان العام :

لما كان المكان العام هو الذي يرتاده الجمهور دون تمييز، الأمر الذي يتحقق به احتمال المشاهدة، فإن العلانية تتحقق فيه بلا جدال، أما المكان الخاص فتتحقق فيه العلانية إذا تمكن الغير من مشاهدة الفعل أو ثبت أنه كان باستطاعته ذلك.

ويميز الفقهاء في صدد المكان العام بين المكان العام بطبيعته والمكان العام بالتخصيص والمكان العام بالمصادفة، أما الأول فالأصل فيه هو حق الجمهور في ارتياده دون قيد، كالطرق العامة والميادين والحدائق، ولذا تتحقق به العلانية دائماً ولو لم يشاهد أحد الفعل وحرص الجاني على إخفائه، كما لو ارتكبه في الظلام وذلك بحسب أن عمومية المكان تجعل المشاهدة أمراً مستطاعاً.

أما المكان العام بالتخصيص، فهو مكان خصص لاستقبال الجمهور في أوقات معينة، وقد يخضع لشروط معينة، كالمساجد والكنائس ودور السينما ودور الحكومة التي تتصل أعمالها بالجمهور، وهو يعد مكاناً عاماً في الوقت المباح فيه ارتياد الجمهور أما فيما عدا ذلك فيعد مكاناً خاصاً، ولهذا لا تتحقق دائما إلا في أثناء فتحة لارتياد الجمهور وإلا فإنه يأخذ حكم المكان الخاص.

وأخيراً، المكان العام بالمصادفة، وهو المكان العام بالتخصيص مكان خاص بحسب الأصل، ولا يرتاده الجمهور إلا بصفة عرضية، كالسجون والنوادي وعربات النقل والحوانيت، وعندئذٍ يعد مكاناً عاماً، ويسري عليه حكم علانية المكان العام بالتخصيص التي تختلق باختلاف وقت وجود الجمهور، أما عدا تلك الأنواع الثلاثة من الأماكن فيعد مكاناً خاصاً.

المكان الخاص :

هو المكان الذي يقتصر حق دخوله على فئة معينة من الناس، فلا تتحقق فيه العلانية إلا إذا ثبت أن الفعل قد شوهد من الغير فعلاً أو توافر به احتمال أن يرى الغير ما بداخله، مثلا ذلك أن يرتكب الجاني الفعل الفاضح في غرفته تاركاً الباب مفتوحاً أمام المارة، أو تاركاً النافذة مفتوحة بحيث يستطيع الغير مشاهدة ما يحدث بداخلها، أو أن يكون المكان غير محكم الغلق كأن يستطيع من في مكان عام مشاهدة ما بداخله أو أن يتاح لمن في مكان خاص آخر مشاهدة ما يجري فيه، وذلك كفناء المنزل والمساكن التي تطل نوافذها على مساكن أخرى مقابلة لها أن العلانية تتحقق إذا ارتكب الفعل في مكان عام بطبيعته في جميع الأحوال، ولا تتحقق العلانية في المكان العام بالتخصيص أو بالمصادفة إلا في الوقت ام المباح للجمهور فيه ارتياده، وفي المكان الخاص لا تتحقق العلانية إلا في حالتين، إما أن يشاهد الغير الفعل بداخله أو ألا يشاهد أحد الفعل ولكن كان باستطاعة الغير مشاهدته لعدم اتخاذ الاحتياطات التي تحول دون هذه المشاهدة .

إثبات العلانية :

لما كانت العلانية عنصراً جوهرياً في الركن المادي للجريمة، فيجب على محكمة الموضوع أن تثبت في حكمها توافر كل الظروف التي تدل بطبيعتها على تحقق هذه العلانية، وذلك حتى تتمكن محكمة النقض من مباشرة رقابتها على حسن تطبيق القانون.

الركن المعنوي :

صورة الركن المعنوي في هذه الجريمة هي القصد الجنائي العام، ويتحقق هذا القصد باتجاه إرادة الجاني إلى إتيان الفعل المخل بالحياء علناً مع علمه بذلك، ولما كان القانون لم يتطلب في العلانية أن يشاهد الغير الفعل، بل يكفي أن يكون ذلك أمراً مستطاعاً، فإن القصد يتحقق بالنسبة إلى العلانية التي اتجهت إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل على مشهد من الغير أو وضع يجعل هذه المشاهدة أمراً مستطاعاً، ولما كان لا يشترط في العلانية أن تكون حقيقية، فإنه يكفي العلم بمجرد المشاهدة الاحتمالية ولو بمجرد التوقع البسيط، مثال ذلك من يأتي فعلاً فاضحاً في حجرته متوقعا أن أحداً ربما يدخل عليه الحجرة، ولا يستعاض عن ذلك بمجرد إمكان التوقع، فإذا اتجه الجاني إلى الاحتياط للحيلولة دون تحقق العلانية، كما لو ارتكب الفعل في حجرة لها بابان فأحكم إغلاق أحدهما ولم يلتفت إلى الآخر معتقداً أنه اتخذ الاحتياط اللازم لمنع مشاهدة الغير للفعل - فإن القصد لا يتوافر.

ومتى توافر القصد على هذا النحو فلا عبرة بالباعث، فلا يصلح دفاعاً أن يتمسك المتهم بأنه كان يؤدي دوراً تمثيلياً أو يحاول إظهار فنه، ولا يشترط القانون في هذه الجريمة توافر قصد خاص هو نية الإخلال بالحياء، بل يكفي مجرد اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة.

ويجب على المحكمة أن تثبت في حكمها توافر هذا القصد، لكن لا يشترط أن تذكر ذلك صراحة، بل يكفي أن يكون ذلك مفهوماً ضمناً من الظروف التي ساقتها في حكمها والتي تدل على توافر هذا القصد.

العقوبة :

عقوبة هذه الجريمة هي الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة أو الغرامة التي لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه مصري (المادة 278 عقوبات)(الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة 2016 الكتاب الثاني ، الصفحة : 268)

 تعريف : الفعل الفاضح هو سلوك عمدی يخل بحياء من تلمسه حواسه .

ويتسع هذا التعريف للفعل الفاضح بنوعيه - العلني وغير العلني - فيبرز الركن المشترك، وهو الركن المادي، ويحدد الحق المعتدى عليه، وهو حياء من لمس الفعل بإحدى حواسه، سواء أكان جمهور الناس أم كان شخصاً معيناً، ويشير بصفة عامة إلى أنه في صورتيه جريمة عمدية، وان اختلفت عناصر القصد المنصب في كل منهما.

الفعل الفاضح العلني والفعل الفاضح غير العلني : نصت على جريمة الفعل الفاضح العلني المادة 278 من قانون العقوبات في قولها «كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه»، ونصت على جريمة الفعل الفاضح غير العلني المادة 279 ، فقضت بأن «يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء ولو في غير علانية»، وإلى جانب ما سبق أن أشرنا إليه من مواضع الإشتراك بين الجريمتين، فبينهما فروق أساسية : فالعلانية ركن في الأولى، ويجب أن تنتفي في الثانية ، فهي بالنسبة لها ركن سلبي، وسواء في الفعل الفاضح العلني أن يكون من وقع عليه الفعل راضياً به أو غير راض، وسواء كذلك أن يكون ذكر أو أنثى، وسواء أن يكون الفعل في ذاته تعبيراً عن علاقة مشروعة كالصلة بين الزوجين أو أن يتصف بعدم المشروعية، أما جريمة الفعل الفاضح غير العلني فتتطلب أن يكون المجني عليه امرأة، وأن تكون غير راضية بالفعل، وأن يكون في ذاته غير مشروع، وإذا كان الفعل في الجريمتين مخلاً بالحياء، فهو في الفعل الفاضح العلني يخل بحياء جمهور الناس، في حين يقتصر في الفعل الفاضح غير العلني على الإخلال بحياء امرأة معينة، وهذا الاختلاف بين الجريمتين لا يسمح بالقول بأن إحداهما صورة من الأخرى، فبالإضافة التي تعادلهما في العقوبة مما يجعل من غير السائغ أن توصف إحداهما بأنها صورة مخففة أو مشددة من الأخرى، فإن كلا منهما تفترض انتفاء أحد أركان الأخرى وحلول ركن أخر محله، ومؤدى ذلك أن تعد كل منهما جريمة مستقلة عن الأخرى، وان كانت بينهما كما قدمنا مواضع اشتراك.

علة التجريم: علة تجريم الفعل الفاضح غير العلني واضحة : فباعتباره يرتكب دون رضاء المجني عليها فهو عدوان على حريتها الجنسية في معناها الشامل، فقد أكرهت على معاناة فعل له دلالة جنسية، وهو حسب المجرى العادي للأمور، وإن لم يكن ذلك في نية المتهم، يعد تمهيداً الأفعال أكثر فحشاً، وهي من هذه الوجهة تقترب - دون أن تتماثل - بجريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد.

أما علة تجريم الفعل الفاضح العلني فيثير تحديدها بعض الصعوبات :فقد يقال إنه يستهدف حماية النقاء الأخلاقي للأماكن العامة، ولكن يرد على ذلك بأن هذه الجريمة قد ترتكب في مكان خاص إذا كان في استطاعة من يوجدون في خارجه أن يلمسوا بالرؤية أو السمع، الفعل الفاضح  وغني عن البيان أن الشارع لا يحمي بالعقاب على هذه الجريمة - الفضيلة في ذاتها ، فقد يكون الفعل الذي تقوم به تعبيراً عن علاقة مشروعة، كصلة بين زوجین  وإنما علة هذا التجريم هي حماية الشعور العام بالحياء : ولهذه الحماية جوانب متعددة، فهي حماية للحرية الجنسية لمن شهدوا الفعل اضطراراً، إذ يوحي إليهم هذا الفعل بصورة معينة لما يمكن أن يكون عليه استعمالهم لحريتهم الجنسية، مما يعني تدخلاً فيها، وأنهم لم يتركوا وشأنهم في كيفية استعمالها، وبالإضافة إلى ذلك فهذا التجريم يتضمن حماية القيم الأخلاقية الجنسية في المجتمع، وصيانتها ذات أهمية في كل مجتمع متحضر، وفي النهاية يحمي هذا التجريم استقرار الأمن في المجتمع، إذ يخشى أن يستثار من يشهدون الفعل فيندفعون إلى الانتقام ممن اقترفه.

تقسيم الدراسة: نتناول بالدراسة الأحكام العامة في جريمتي الفعل الفاضح ثم نحدد الأحكام الخاصة بكل منهما على حده .

الأحكام العامة في جريمتي الفعل الفاضح

تنحصر هذه الأحكام العامة في «الفعل الفاضح»، فهو الركن المشترك بين الجريمتين، ودراسة هذا الركن تقتضي تحديد دلالة «الفعل» ثم تحديد معیار کونه «فاضحاً».

دلالة الفعل الفعل في مدلوله العام هو «حركة عضوية إرادية»، ووفق هذا المدلول يعتبر القول المجرد والكتابة فعلاً، ولكن الشارع يعني بلفظ «الفعل» في جريمة الفعل الفاضح مدلولاً أضيق من ذلك، وهذا التحديد مستخلص من وجود نصوص أخرى تعاقب على الإخلال بالحياء العام عن طريق القول أو الكتابة أو الصور، مما يقتضي - تنسيقاً بين نصوص القانون - أن تستبعد الأفعال التي تجرمها النصوص السابقة من نطاق جريمتى الفعل الفاضح کی يكون لكل جريمة نطاقها الخاص.

وتطبيقاً لذلك، فإنه يخرج من نطاق الفعل الفاضح النطق بأقوال أياً كانت درجة فحشها وبذاءتها، سواء وجهت إلى شخص أو أشخاص معينين أو جهر بها الجاني بأية وسيلة فوجهها بذلك إلى أشخاص غير معينين، ويخرج من نطاق الفعل الفاضح كذلك توجيه رسالة تتضمن عبارات فاضحة أو تتضمن قصصاً بذيئة أو تنطوي على حض على سلوك جنسی مناف للأخلاق، ولا تقوم هذه الجريمة كذلك برسم صور أو رسوم كاريكاتورية أو صنع تماثيل أياً كانت درجة فحش ما تصوره أو ترمز إليه، ولا تقوم هذه الجريمة بعرض فيلم سينمائي أو تليفزيوني يتضمن مناظر فاحشة، وإنما تخضع هذه الأفعال الجريمة الإخلال بالآداب العامة (المادة 178 من قانون العقوبات)  ولكن تقوم جريمة الفعل الفاضح بعرض مناظر فاحشة على المسرح ضمن رواية مسرحية أو برنامج استعراضي، وتقوم كذلك بعرض رقصات فاضحة، أو مجرد ظهور شخص (في الغالب يكون امرأة) في مكان عام كملهى ليلي وهو عار كلياً أو جزئياً.

صور الفعل الفاضح: أهم صور الفعل الفاضح الأفعال التي تقوم بها جريمتا الاغتصاب وهتك العرض : فمن أتي هذه الأفعال علناً كان مسئولاً عن جريمة الفعل الفاضح العلني، بالإضافة إلى مسئوليته عن الاغتصاب أو هتك العرض  بل أن الأفعال السابقة تقوم بها جريمة الفعل الفاضح العلني ولو لم تتوافر بها أركان الاغتصاب أو هتك العرض، كما لو ارتكب الفعل برضاء صحيح من المجني عليه أو صدر من زوج على زوجته، ولكن جريمة الفعل الفاضح لا تتطلب أفعالاً بهذا القدر من الفحش : فالفعل المخل بالحياء على نحو يسير يكفي لقيام الجريمة، ومن ثم تمس الحاجة إلى وضع ضابط يميز بين الأفعال المخلة بالحياء على هذا النحو فتقوم بها الجريمة والأفعال التي لا تخل بالحياء فتتجرد لذلك من الصفة الإجرامية.

ويمكن تأصيل هذه الصورة بردها إلى مجموعتين : أفعال يأتيها المتهم على جسم الغير وتخل بحيائه على نحو غير جسيم كتقبيل امرأة أو التربيت على خدها أو الإمساك بيدها، وأفعال يأتيها على جسمه نفسه وتخل بحياء من يطلع عليها، مثال ذلك ظهوره عارياً في مكان عام أو كشفه عن عوراته.

ضابط الإخلال بالحياء: يستمد هذا الضابط من الشعور العام السائد في المكان والزمان اللذين ارتكب فيهما الفعل : فلكل مجتمع فكرته عن الحياء، وهذه الفكرة هي قوام الشعور العام بالحياء لديه، وهي تحدد ما يمكن أن يجرحه من أفعال، ويعتمد تحديد الشعور العام بالحياء علی مجموعة من القيم الأخلاقية والدينية ومجموعة من التقاليد والآداب الاجتماعية تسود في المجتمع، وعلى قاضي الموضوع أن يكشف هذه القيم والتقاليد، وأن يستخلص منها فحوى ونطاق الشعور العام بالحياء السائد في المجتمع الذي ارتكب فيه الفعل، ويرى ما إذا كان الفعل قد جرح هذا الشعور أم لم يجرحه، ويعني ذلك أن لهذا القاضی سلطة واسعة في تحديد هذا الضابط ، وعليه أن يسلم بأن الشعور العام بالحياء فكرة نسبية تختلف باختلاف الأماكن والأزمنة، بل أن اختلاف الظروف في المكان والزمن الواحد له دوره في تحديد ما ينطوي عليه الفعل من إخلال بالحياء؛ فما يعد فعلاً فاضحاً في قرية قد لا يعد كذلك في مدينة، وما يعد فعلاً فاضحاً في داخل المدينة قد لا يعد كذلك على شاطىء البحر : ومن باب أولى فإن بعض ما لا يعد فعلاً فاضحاً في أوروبا قد يعتبر في مصر فعلاً فاضحاً، وغني عن البيان أن ما كان يعتبر فعلاً فاضحاً في زمان مضى قد لا يعتبر كذلك في الوقت الحاضر.

تطبيقات ضابط الإخلال بالحياء : هذه التطبيقات يجب أن تحدد في ضوء القيم والتقاليد السائدة في المجتمع المصري، وهذه القيم والتقاليد قد استلهمت من التعاليم الإسلامية، ولكن عرض لها التطور بتأثير الاتصال بين مصر والبلاد الأوربية، مما أفضى إلى تقبل المجتمع المصرى بعض القيم الأوروبية التي اقتصر دورها على الامتزاج المحدد بالقيم الأصلية، دون الحلول محلها.

وجوهر القيم والتقاليد المصرية المتطورة هو استشعار الحياء من الاطلاع على جميع مظاهر الصلات الجنسية، ويدخل في ذلك أي فعل له دلالة جنسية باعتباره حسب المجرى العادي للأمور تمهيداً لصلة جنسية وهذه الدلالة للفعل تستظهر بكشفه عن رغبة جنسية لدى مقترفة، سواء لأنه يجلب له متعة أو يهدف إلى إثارة شهوات من يطلعون عليه أو يتعرضون له، وتتأذى هذه القيم كذلك من كشف شخص عن عورات جسمه، وتحدد العورة في دلالتها العرفية بأنها كل جزء في الجسم استقر العرف على وجوب ستره بالملابس.

وفي تطبيق ضابط الإخلال بالحياء يتعين التمييز بين الأفعال التي يرتكبها شخص على جسم غيره وما يأتيه على جسمه نفسه، فإذا أتى المتهم الفعل على جسم غيره وكانت له دلالة جنسية في المعنى السابق فهو فعل مخل بالحياء، وبناء على ذلك فإن تقبيل امرأة أو التربيت على خدها أو الإمساك بيدها هي أفعال مخلة بالحياء، وتقوم بها الجريمة إذا ارتكبت علناً ولو برضاء المرأة أو ارتكبت في غير علانية ودون رضائها، ولكن الفعل السابق قد يؤتى في ظروف تنفي عنه دلالته الجنسية، وتجعله تعبيراً عن عاطفة أو شعور مقبول اجتماعياً : فتقبيل رجل زوجته أو ابنته أو أخته علناً توديعاً لها لحظة السفر أو تهنئة لها لنجاتها من كارثة أو لفوزها في امتحان أو مسابقة، وإمساك شخص بيد فتاة لإنقاذها من خطر أو مساعدة لها على اجتياز طريق يشتد ضغط المرور فيه، هذه الأفعال تتجرد من الإخلال بالحياء، وفي ذلك تأكيد لما قدمناه من أن صفة الإخلال بالحياء في الفعل تتحدد بالنظر إلى جميع الظروف التي يرتكب فيها، أما الأفعال التي يأتيها شخص على جسمه، فضابط إخلالها بالحياء أن تتضمن عرضاً لأجزاء من الجسم تعد عورة في دلالتها الاجتماعية.

الأحكام الخاصة بجريمة الفعل الفاضح العلني :

تقسيم: تتطلب هذه الجريمة - بالإضافة إلى الفعل الفاضح المخل بالحياء - أن تتوافر العلانية، وأن يتوافر لها ركن معنوي، ويعقب تفصيل هذه الأحكام بيان العقوبة التي يقررها القانون لها.

 العلانية :

تمهيد: لم يحدد القانون وسائل علانية الفعل الفاضح مكتفياً بوصفه بأنه علني، فخالف بذلك خطته في جرائم الاعتبار حيث أحال إلى طرق العلانية المبينة بالمادة 171 من قانون العقوبات (انظر المادة 302 من قانون العقوبات وما بعدها)، وهذا الإختلاف في الخطة يفضي بالضرورة إلى اختلاف مدلول العلانية في فئتي الجرائم، وهذا الاختلاف لا يجافي المنطق القانوني : ذلك أن علة اشتراط العلانية ليست واحدة في الفئتين من الجرائم، فهي في جرائم الاعتبار أن يتاح للإسناد الماس بالشرف والاعتبار القدر من الذيوع في المجتمع بحيث يتعرض شرف المجني عليه لما يمسه، ولكنها في الفعل الفاضح أن يكون في استطاعة شخص أن يشهد الفعل فيتعرض حياؤه لما يجرحه، ومؤدى ذلك أن تكون دلالة العلانية في جرائم الاعتبار أضيق منها في الفعل الفاضح : فالمساس بشرف المجني عليه يفترض أن يسمع القول أو يشهد الفعل أو الإيماء في مكان عام، سواء لأن الجاني جهر بالقول أو صدر عنه الفعل في مكان عام أو بحيث يستطيع أن يسمعه أو يشهده من كان في هذا المكان، ولكن حياء المجنى عليه ينجرح إذا استطاع أن يشهد الفعل الفاضح أياً كانت طبيعة المكان الذي ارتكب فيه وأياً كانت طبيعة المكان الذي كان موجوداً فيه : فإذا ارتكب الفعل في مكان خاص بحيث كان في استطاعة من يوجد في مكان خاص آخر أن يشهده تحققت بذلك العلانية، بل أنه إذا ارتكب الفعل في مكان خاص بحيث كان في استطاعة شاهد اضطراري في هذا المكان أن يلمسه توافرت بذلك العلانية، إذ قد جرح حياء شخص.

وسائل العلم بالفعل الفاضح يفترض جرح الشعور بالحياء أن يتصل الفعل بعلم المجني عليه، فيتاح له أن يدرك ما ينطوي عليه من إخلال بالحياء، والأصل في ذلك أن يشهده، أي يلمسه بحاسة النظر، ولكن ذلك ليس من عناصر العلانية، وإنما يكفي أن يلمسه بحاسة من حواسه أياً كانت : فإذا لم ير المجنى عليه شيئاً، ولكنه سمع أصواتاً تفصح عن الفعل المخل بالحياء تحققت العلانية بذلك، بل نعتقد أنه يتصور لمسه الفعل عن طريق أية حاسة أخرى غير النظر والسمع : فالفعل الذي يقع على جسم المجني عليه ويخل بحيائه إخلالاً غير جسيم يعد فعلاً فاضحاً ولو لم يكن رأي أو سمع شيئاً، ومن ثم جاز أن يكون المجني عليه في هذه الجريمة أعمى وأصم.

ولا يتطلب الشارع أن يلمس المجنى عليه الفعل حقيقة، وإنما يكتفي بأن يكون ذلك في استطاعته، فالعلانية الحكمية تعادل العلانية الفعلية.

العلانية في الأماكن العامة والعلانية في الأماكن الخاصة: لا تقتصر علانية الفعل على حالة ارتكابه في مكان عام، إذ لا تستهدف علة التجريم حماية نقاء الأماكن العامة، وإنما تهدف إلى حماية شعور الغير بالحياء : فإذا ثبت أنه على الرغم من ارتكاب الفعل في مكان خاص فقد شهده شخص أو أكثر فجرح شعوره وجب أن تقوم الجريمة لتحقق علة التجريم، ويعني ذلك أن علانية الفعل تتحقق إذا ارتكب في مكان خاص وتوافرت شروط معينة، وترى أن نميز في الدراسة بين العلانية في الأماكن العامة والعلانية في الأماكن الخاصة.

ضابط العلانية في الأماكن العامة: تستخلص العلانية في هذه الحالة من مجرد ارتكاب الفعل في المكان العام، فضابط العلانية مستمد من طبيعة المكان الذي اختاره المتهم لارتكاب فعله، ومن ثم كان ضابطاً مكانياً.

فإذا تحققت عمومية المكان فلا ينفي العلانية أن الفعل ارتكب ليلاً، أو أنه لم يشهده بالفعل أحد، إذ يكفي أنه كان في استطاعة شخص أن يشهده، والأماكن العامة أنواع ثلاثة : أماكن عامة بطبيعتها ، وأماكن عامة بالتخصيص ، وأماكن عامة بالمصادفة.

الأماكن العامة بطبيعتها : المكان العام بطبيعته هو كل مكان يستطيع أي شخص أن يدخل فيه أو يمر منه، سواء أكان ذلك دون قيد أم كان نظير أداء رسم أو استيفاء شرط ما، فتعد أمكنة عامة بطبيعتها الشوارع والميادين والحدائق العامة، والطرق المائية كالأنهار والترع، والقنوات والصحاري والغابات ويعتبر المكان عاماً إذا جرى عرف جمهور الناس على الدخول فيه ولو لم يستند ذلك إلى تخصيص رسمي ،كممر يخترق ملكية خاصة واعتاد الناس سلوكه  وتعد أمكنة عامة كل مكان مجاور للمكان العام إذا لم تكن ثمة عقبة تحول بين من يوجد في المكان العام ومشاهدة ما يجري في ذلك المكان المجاور، مثال ذلك الحقل أو الحديقة الواقعة على الطريق العام إذا لم يعزلها عنه فاصل يحجب الرؤية.

فإذا ثبت أن المكان عام بطبيعته تحققت العلانية لما يرتكب فيه من أفعال، ولو ارتكب الفعل ليلاً وكان الظلام دامساً، وفي وقت كان المكان خالياً تماماً من الناس، واتخذ المتهم من جانبه ما كان في وسعه من احتياطات لحجب فعله عن اطلاع الناس، فثمة احتمال في أن يمر شخص مصادفة ويشهد الفعل، وهذا الاحتمال كاف لتقوم به العلانية.

الأماكن العامة بالتخصيص : الأماكن العامة بالتخصيص هي أماكن يباح لجمهور الناس الدخول فيها خلال أوقات معلومة، ويحظر عليهم  ذلك فيما عدا هذه الأوقات، سواء أكان دخولهم بغير قيد أو نظير استيفاء شروط محددة، ومثالها المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات والمسارح ودور السينما ومقار المرافق العامة التي تتصل أعمالها بالجمهور ويسمح له خلال وقت العمل بارتيادها.

وتعد هذه الأماكن عامة خلال الوقت الذي يرتادها فيه جمهور الناس وفي أجزائها التي يصرح له بالدخول فيها، وتعد خاصة فيما عدا هذا الوقت، كما تعد خاصة أجزاؤها التي لا يصرح لجمهور الناس بالدخول فيها.

وتطبيقاً لذلك، فإن العلانية تتوافر للفعل إذا ارتكب في قاعة للسينما خلال الوقت الذي كان جمهور المشاهدين فيها، وتنتفي عنه العلانية إذا ارتكب في هذه القاعة بعد انتهاء عرض البرنامج وانصراف المشاهدين منها؛ وتنتفى عنه العلانية كذلك إذا ارتكب أثناء عرض البرنامج ولكن في مكان ألا يصرح لجمهور الناس بالدخول فيه، كالغرفة المخصصة لتكون مكتباً المدير القاعة بشرط أن تتخذ الاحتياطات لمنع الغير من الإطلاع على ما يجرى فيها، وألا يوجد فيها شهود اضطراریون.

الأماكن العامة بالمصادفة : هذه الأماكن في أصلها خاصة، ولكن يباح لجمهور الناس على وجه عارض الدخول فيها كالمطاعم والمقاهي والمحال التجارية وعربات النقل العام، وحكم هذه الأماكن كحكم الأماكن العامة بالتخصيص : فإذا ارتكب الفعل خلال الوقت الذي يوجد فيه جمهور الناس وفي الأجزاء التي يصرح له بالدخول فيها توافرت العلانية، وتنتفي العلانية إذا ارتكب في غير هذا الوقت أو في غير الأجزاء السابقة، واتخذت الاحتياطات الكافية، ولم يكن ثمة شهود اضطراریون.

ضابط العلانية في الأماكن الخاصة المكان الخاص هو مكان لا يحق لغير شخص أو أشخاص معينين الدخول فيه أو الإطلاع على ما يجري فيه، أي لا يحق لغيرهم ذلك إلا بإذن منهم، وأبرز أمثلة للأماكن الخاصة المسكن الخاص وغرفة في فندق أو جرت لشخص معين، والأصل أن تنتفي العلانية عن الفعل المرتكب في المكان الخاص، ولكن هذا الأصل غير مطلق : فإذا كانت علة تجريم الفعل الفاضح العلني هي حماية الشعور العام بالحياء، وثبت أن شخصاً شهد الفعل – دون أن يكون قد سعى لذلك - فجرح شعور الحياء لديه، فإن علة التجريم تتحقق بذلك، بل إن استطاعة مشاهدة الغير للفعل تحل - بشروط معينة - محل المشاهدة الفعلية، والأماكن الخاصة أنواع ثلاثة : أماكن يستطيع من كان في مكان عام أن يشهد ما يجري فيها، وأماكن يستطيع من كان في مكان خاص آخر أن يشهد ما يجري فيها، وأماكن لا يستطيع من في خارجها أو يشهد ما يجري فيها.

الأماكن الخاصة التي يستطيع من كان في مكان عام أن يشهد ما يجري فيها، ومثال هذه الأماكن غرفة في الدور الأرضي لمنزل تطل نوافذها على الطريق العام أو على فناء مشترك اعتاد جمهور الناس الدخول فيه دون قيود، وتتوافر العلانية إذا ارتكب الفعل في هذا المكان في ظروف كان في استطاعة من في الطريق العام مشاهدته، كما لو ارتكب في هذه الغرفة نهاراً وكانت نوافذها مفتوحة، أو ارتكب ليلاً وكانت الغرفة مضاءة .

أما إذا اتخذ مرتكب الفعل الاحتياطات لمنع جمهور الناس من الإطلاع عليه، كما لو أحكم إغلاق نوافذها أو أسدل عليها ستائر تحجب الرؤية إطلاقاً، فإن العلانية تنتفي بذلك، بل تنتفي العلانية إذا ارتكب الفعل والنوافذ مفتوحة، ولكن كان الوقت ليلاً وكان الظلام دامساً على نحو لا يحتمل معه لمن كان في الخارج أن يشهده .

الأماكن الخاصة التي يستطيع من كان في مكان خاص آخر أن يشهد ما يجري فيها: ومثال هذه الأماكن الفناء المشترك المنزل يسكنه أشخاص عديدون وفي استطاعتهم أن يشهدوا ما يجري فيه سواء عند مرورهم بالفناء أو إذا أطلوا عليه من مساكنهم، ويعد من هذا القبيل كذلك الدرج في المنزل المشترك، وغرفة تعلو عن سطح الأرض وكان في استطاعة من يوجد في مسكن آخر - سواء في ذات المنزل أو في منزل مقابل أو مجاور - أن يشهد الفعل الذي يرتكب فيها، وتتوافر العلانية للفعل الذي يرتكب في مثل هذا المكان إذا كان في استطاعة شخص أن يشهده: فالفعل المرتكب في الفناء أو في الدرج المشترك تتوافر له العلانية ولو لم يشهده أحد، والفعل المرتكب في الغرفة التي تعلو عن سطح الأرض تتوافر له العلانية إذا كان في استطاعة من في خارجها مشاهدته لأن نوافذها تركت مفتوحة وكان الوقت نهاراً أو كان ليلاً ولكنها مضاءة ولو لم يثبت أن شخصاً قد شهده.

وتنتفي العلانية عن الفعل المرتكب في هذه الغرفة إذا أغلقت نوافذها أو أسدلت عليها الستائر أو كان الظلام دامساً.

الأماكن الخاصة التي لا يستطيع من كان في خارجها أن يشهد ما يجري في داخلها : القاعدة أن الفعل المرتكب في هذه الأماكن لا تتوافر له العلانية، بل أن ارتكاب الفعل في مثل هذا المكان هو أوضح صورة لانتفاء العلانية عنه، فحرمة المسكن الخاص - وهو أهم مثال لهذه الأماكن - تناقض أن تنسب العلانية إلى ما يجري في داخله، ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة : فانتفاء العلانية منوط بشرطين : أن تتخذ الاحتياطات الكافية لحجب الفعل عن اطلاع الغير، وألا يرتكب هذا الفعل أمام شهود اضطراريين، ويعني ذلك بالضرورة أن العلانية تتوافر للفعل المرتكب في هذا المكان في حالتين : إذا لم تتخذ الاحتياطات السابقة، وإذا ارتكب الفعل أمام شهود اضطراریین.

إغفال الاحتياطات التي يقتضيها حجب الفعل عن اطلاع الغير: إذا ارتكب الفعل في المكان الخاص دون أن يتخذ مرتكبه الاحتياطات التي من شأنها حجب فعله عن اطلاع الغير، فشهده شخص نتيجة لذلك دون خطأ منه تحققت بذلك العلانية: فإذا ارتكب المتهم فعله في غرفة استأجرها في فندق أو في غرفة في مسكنه ذات باب على الدرج المشترك، وكان قد ترك بابها مفتوحاً أثناء فعله – سواء في صورة كلية أو جزئية - فاستطاع شخص يمر في خارج الغرفة أن يشهده تحققت بذلك العلانية، بل أن العلانية تتحقق إذا أغلق الباب دون أن يحكم اغلاقه بالمفتاح أو الترباس، ففتح الباب شخص دون خطأ منه وشهد الفعل، كخادم الفندق الذي أراد الدخول في الغرفة لتنظيفها، ونعتقد أنه يتعين أن يشهد الفعل شخص، ومن ثم لا تكفي استطاعة أن يشهده ، إذ أن حرمة المكان الخاص تأبى في هذا الفرض أن تعد استطاعة الإطلاع على ما يجري في داخله كافياً لإسباغ صفة العلانية عليه.

ويستنتج من ذلك أنه إذا اتخذ المتهم الاحتياطات الكافية لحجب فعله عن اطلاع الغير، ومع ذلك أطلع عليه شخص بطريق هو في ذاته غير مشروع ، كأن نظر من ثقب المفتاح أو من نافذة بأعلى الحائط ارتقى إليها فإن العلانية لا تتوافر بذلك .

ارتكاب الفعل أمام شهود اضطراريين: إذا ارتكب المتهم فعله أمام شخص غير المجني عليه لم يسع باختياره إلى مشاهدة الفعل تحققت بذلك العلانية، ذلك أن حياء هذا الشخص قد جرح دون خطأ من جانبه، ويشترط التحقق العلانية في هذا الفرض توافر شروط ثلاثة : أن يكون الشاهد لم يسع باختياره إلى مشاهدة الفعل، وأن يكون شخصاً غير المجني عليه، وأن يكون في استطاعته إدراك الدلالة غير الأخلاقية للفعل.

فإذا كان الشاهد قد سعى باختياره إلى مشاهدة الفعل إشباعاً لنزوة أو حب استطلاع فلا يستطيع أن يدعي أن حياءه قد جرح، ومن ثم لا تتحقق العلانية، ولكن إذا كان هذا الشاهد قد حضر باختياره لغرض آخر ثم فوجئ بمشاهدة الفعل فإن العلانية تتحقق بذلك ويتعين أن يكون هذا الشاهد شخصاً غير المجنى عليه، وتطبيقاً لذلك فإن ارتكاب الفعل المخل بالحياء على المجني عليه دون أن يشهده أحد لا يعتبر علنياً، بدعوى أن المجني عليه كان شاهده، فثمة تناقض في أن يعد ذات الشخص مجنياً عليه بفعل وشاهداً لذلك الفعل، وثمة تناقض في أن يعد شخص مجنياً عليه  في اغتصاب أو هتك عرض ومجنياً عليه في الوقت ذاته بفعل فاضح علني، لأن التجريم الأول يستوعب بالضرورة التجريم الأخير ويتعين أن يكون في استطاعة الشاهد إدراك الدلالة غير الأخلاقية كي يتحقق بذلك أن حياءه قد جرح، فإن ارتكب الفعل في حضور صغير غير مميز أو مجنون لا يستطيع على الإطلاق إدراك ماهية الفعل فإن العلانية لا تعد بذلك متحققة، ولكن هذا الشرط لا يتطلب القدرة على فهم تفاصيل الفعل، وإنما يكفي أن الشاهد قد أدرك - ولو في صورة مجملة وغامضة - أنه مخل بالحياء، وأن يكون شعور الحياء لديه قد تأذى بذلك.

الركن المعنوي لجريمة الفعل الفاضح العلني:

صورة الركن المعنوي لجريمة الفعل الفاضح العلنية تحديد صورة الركن المعنوي في جريمة الفعل الفاضح العلني موضع للخلاف في الرأي، فقد ذهبت بعض الآراء إلى القول بأنه لا يشترط أن يتوافر لدى المتهم بهذه الجريمة قصد جعل فعله علنياً، وإنما يكفي أن يكون قد أهمل في اتخاذ الاحتياطات التي من شأنها حجب فعله عن اطلاع الغير، واستخلصت من ذلك أن الركن المعنوي لهذه الجريمة يتخذ صورة الخطأ غير العمدي  وقد احتجت لذلك بأن علة التجريم وهي حماية الشعور العام بالحياء تتحقق سواء اتجهت إرادة المتهم إلى جرح هذا الشعور بأن تعمد اطلاع الناس على فعله ، أو كان قد أغفل لاتخاذ الاحتياطات التي من شأنها أن تحول دون ذلك ، إذ يعني هذا الإهمال أنه يستهين بالشعور العام بالحياء، وأضافت إلى ذلك أنه في غالبية الحالات لا يتعمد المتهم إطلاع الناس على فعله، وإنما يهدف إلى غرض ما – قد يكون إشباع شهوة او الاستحمام أو قضاء ضرورة - وقد يحاول الاستتار، فإذا تطلبنا القصد ضاق نطاق تطبيق النص الخاص بهذه الجريمة، وضاعت المصلحة التي يهدف الشارع إلى حمايتها بالعقاب على هذه الجريمة، والخطأ في هذه الجريمة هو «وجوب أن يتوقع مرتكب الفعل الفاضح أنه يتعرض لإطلاع الغير وعدم اتخاذه الاحتياطات التي من شأنها أن تحول دون ذلك».

وهذا الرأي محل نظر : فلم ينكر أنصاره وجوب أن يعلم المتهم بطبيعة فعله وما يتصف به من إخلال بالحياء وأن تتجه إرادته إليه، ويعني ذلك وجوب أن يتوافر قصده بالنسبة له، فإذا اكتفوا بالخطأ بالنسبة للعلانية فمعنى ذلك أن يصير ركنها المعنوي مزيجاً من القصد والخطأ، وهذه الصورة من الركن المعنوي غريبة على القانون، وإذا قيل إن هذه الجريمة غير عمدية على وجه مطلق، فإنه يناقض ذلك أنه قد يتوافر لدى المتهم قصد جعل فعله علنياً، وهذا الفرض غير نادر، ثم إن القاعدة العامة أنه لا وجود للجريمة غير العمدية إلا إذا صرح القانون باتخاذ ركنها المعنوي صورة الخطأ غير العمدي، وهو ما لم يفعله في شأن هذه الجريمة، بل أن سیاق عبارة النص توحي باشتراط القصد، وإذا تطلبنا القصد الجنائي في هذه الجريمة، فإنه لا يعني إرادة جرح الشعور العام بالحياء، فذلك مجرد باعث، وإنما تكفي لتوافره إرادة جعل الفعل علنياً.

عناصر القصد الجنائي في جريمة الفعل الفاضح العلني : يقوم القصد الجنائي في هذه الجريمة - تطبيقاً للقواعد العامة - على العلم والإرادة : فيتعين أن يحيط علم الجاني بأركان الجريمة وأن تتجه إرادته إلى الفعل العلني المخل بالحياء، ونفصل فيما يلي هذين العنصرين:

العلم : يتعين أن يعلم المتهم أن فعله مخل بالحياء، فإن جهل ذلك فلا يتوافر القصد لديه: فإذا كشفت الملابس البالية التي يرتديها شخص عن عورة في جسمه دون أن يتبين ذلك لأنها تمزقت دون أن يلحظ تمزقها، فإن القصد لا يتوافر لديه .

ويتعين أن يعلم المتهم أن فعله علني، ولما كانت العلانية تعتبر متحققة بمجرد احتمال مشاهدة شخص للفعل ولو لم يشهده حقيقة استناداً إلى المساواة التي قررها القانون بين العلانية الحقيقية والعلانية الحكمية، فإن القصد الجنائي يعد متوافراً إذا دار في ذهن المتهم احتمال أن يراه شخص، ولو كان هذا الاحتمال ضئيلاً جداً، أي كان مجرد إمكان فحسب، ويعني ذلك أن القانون لا يتطلب علم المتهم أن شخصاً يشاهد فعله، ولا يتطلب توقعه حتمية أن يشهد شخص الفعل، بل يكفي توقعه «إمكان» أن يشهد شخص الفعل : فإذا أتى المتهم الفعل في مكان عام فهو يعلم بمكان أن يمر شخص ويشهد الفعل، وإذا اقترفه في مكان خاص دون أن يتخذ الاحتياطات التي تحول دون استطاعة الغير مشاهدته، كما لو أتاه في غرفة استأجرها في فندق ولكن ترك بابها مفتوحاً أو أوصده دون أن يحكم إغلاقه، فهو يعلم بإمكان أن يدخل شخص كخادم الفندق ويشهد الفعل.

أما إذا اعتقد المتهم أن ليس ثمة احتمال في أن يشهد شخص فعله أو ثبت جهله كل احتمال من هذا القبيل فإن القصد لا يتوافر لديه، ولو ثبت أنه كان في استطاعته أن يتوقع ذلك : فمن يأت الفعل في مكان خاص بعد أن أحكم إغلاق بابه لا يتوافر لديه القصد، ولو كان في استطاعته أن يتوقع أن ينظر بعض الناس من ثقب الباب أو من نافذة في أعلى الحائط أو أن يتوقع انهيار الحائط.

الإرادة : يتعين أن تتجه إرادة المتهم إلى الفعل الفاضح العلني : فإذا كانت الإرادة لم تتجه إلى فعل فاضح على الإطلاق فلا يتوافر القصد : فمن يحرك يده في مكان مزدحم بالناس فتصيب جسم امرأة على نحو يخل بحيائها إخلالاً غير جسيم، ومن يحاول تقويم هندامه في مكان عام فيبرز من جسمه جزء يعد عورة، ومن يشير بيده ليؤكد قوله فيأتي حركة ذات مدلول مناف للحياء، كل أولئك لا يتوافر القصد لديهم.

ويتعين أن تتجه إرادة المتهم إلى علانية الفعل، وتنتفي هذه الإرادة إذا كان المتهم لم يتوقع إمكان أن يطلع الغير على فعله، وتطبيقاً لذلك فمن أتى فعله في مكان خاص أحكم إغلاق بابه لا تتوافر لديه هذه الإرادة إذا حطم شخص هذا الباب وصير الفعل معرضاً لأنظار عديد من الأشخاص.

وليست البواعث من عناصر القصد : فلا يشترط أن تكون غاية المتهم من فعله هي تحدي الشعور العام بالحياء، أي مضايقة شخص أو أشخاص من هذه الوجهة وإثارة اشمئزازهم : فمن الجائز أن تكون غايته إشباع نزوة سيطرت عليه أو مجرد فضول، وقد لا يفسر الفعل غير عدم التحكم في النفس وعدم الإكتراث بمجاراة القيم والتقاليد الاجتماعية، فيتوافر القصد لدى من استحم عارياً في مكان عام، ومن مارس رياضة في مكان عام وقد كشف عن بعض عورات جسمه، ومن دفعته حرارة الجو أو ظروف عمل شاق إلى التخفف من بعض ملابسه والكشف عن بعض عوراته.

أسباب الإباحة وموانع المسئولية في جريمة الفعل الفاضح العلني : تطبق أسباب الإباحة وموانع المسئولية العامة على جريمة الفعل الفاضح العلني: فالمريض الذي يكشف عن عورات جسمه للطبيب، والطبيب الذي يمس فعله عورة في جسم مريضته، وذلك على مشهد من ممرضة أو من طبيب آخر اقتضى العمل الطبي حضوره، والمعتدى عليه الذي يمزق ملابس المعتدي فيظهره عارياً، أو تدفعه ظروف الدفاع إلى الظهور عارياً، كل أولئك لا يرتكبون جرائم الفعل الفاضح العلني إذا توافرت شروط العمل الطبي أو شروط الدفاع الشرعي، ولا تسأل عن هذه الجريمة امرأة تجردت علناً من ملابسها تحت تأثير الإكراه، أو رجل ظهر عارياً فراراً من حريق.

عقوبة جريمة الفعل الفاضح العلني:

مقدار العقوبة: حدد الشارع هذه العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تجاوز ثلاثمائة جنيه المادة 278 من قانون العقوبات، ومن الاعتبارات التي يسترشد بها القاضي في تحديد العقوبة مدى ما ينطوي عليه الفعل من إخلال بالحياء ومقدار العلانية الذي أتيح له، وله أن يعتبر رضاء من ارتكب الفعل عليه وكون هذا الفعل تعبيراً عن صلة مشروعة في ذاتها أسباباً للهبوط بالعقوبة في حدود سلطته التقديرية، ولم ينص الشارع على ظروف مشددة لعقوبة هذه الجريمة، ولا عقاب علی الشروع فيها.

التعدد بين جريمة الفعل الفاضح العلني والجرائم الأخرى : تتعدد هذه الجريمة وسائر جرائم الاعتداء على العرض تعدداً معنوياً إذا ارتكب الاعتداء علناً : فالاغتصاب أو هتك العرض بصورتيه أو الزنا تقوم به جريمة الفعل الفاضح العلني إذا ارتكب علناً، ولكن هذه الجريمة تقوم وحدها إذا لم تتوافر أركان أية جريمة أخرى، كما لو رضي المجني عليه بالفعل وكان بالغاً الثامنة عشرة من عمره ولم يكن متزوجاً، ولا يتصور أن تتعدد هذه الجريمة وجريمة الفعل الفاضح غير العلني وقد تتعدد هذه الجريمة وجريمة السب إذا كان الفعل المخل بالحياء متضمناً خدشاً لشرف المجني عليه.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية،  الصفحة:    657 )

مفهوم " الفعل الفاضح المخل بالحياء"ترکه القانون عمدا للقاضی علی أساس أنه قابل لأن يتنوع ويتفاوت" بتفاوت البيئات والأوساط واستعداد أنفس أهليهما وعاطفة الحياء عندهم للتأثر ثم أنه يتفاوت بتفاوت الأزمنة" فما كان بالأمس فاضحاً للحياء قد يكون اليوم مقبولاً عند الناس وما يكون كذلك في مجتمع قد لا يكون كذلك في غيره وبالتالي فإن القاضي يتمتع بسلطة تقدير واسعة في تحديده لتلك الأفعال مستهدياً في ذلك بأمرين أولهما مشاعر المجموع دون التفات لمشاعره هو شخصياً أو لمشاعر قلة متزمته أو قلة منحلة وثانيهما هو ألا يتنازل في تقديره لتلك الأفعال عن مجموعة المعتقدات الدينية والأخلاقية المستمدة من الواقع المصري باعتبارها الإطار العام للمجتمع وباعتبار أن القضاء نفسه كما قضت بذلك محكمة النقض - مهما قلت عاطفة الحياء عند الناس أن يتراخى في تثبيت الفضيلة وفي تطبيق القانون فما يعد فعلاً فاضحاً ومخلاً بالحياء من الأفعال في قرية لا يعد كذلك في مدينة وما يعد في الأخيرة فاضحاً في داخلها قد لا يكون كذلك على شواطئها وما يعد كذلك في شواطئها قد لا يعد كذلك في مسارحها وما يعد فاضحاً من الأفعال على مستوى دولة بأكملها قد لا يعد كذلك في غيرها من الدول.

وقد قيل بأن الجسامة هي المعيار الفاصل بين كل من هتك العرض والفعل الفاضح فإذا بلغ الإخلال بالحياء حداً جسيماً بحيث يمكن اعتباره اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه اعتبر هتك عرض أما إذا لم يبلغ هذه الجسامة فإنه يعتبر فعلاً فاضحاً ويترك سلطة الفصل في مقدار الجسامة القاضي مسترشداً بمدى تحقق الاعتداء على الحق موضوع هتك العرض وهو الحرية الجنسية وإذا استخلص القاضي أن الاعتداء بلغ هذا القدر من الجسامة اعتبر هتك عرض وفعلاً فاضحاً في آن واحد أما إذا انتهى إلى أن الفعل لم يصل إلى جسامة الاعتداء على الحرية الجنسية فإنه يعتبر مجرد فعل فاضح.

والخلاصة أن دائرة الفعل تتسع فتشمل هتك العرض أي أن كل ما يعتبر هتك عرض يعد عملاً فاضحاً ولا عكس.

 أركان جريمة الفعل الفاضح العلني :

أركان جريمة الفعل الفاضح العلني المنصوص عليها بالمادة 278 من قانون العقوبات ثلاثة هي :

1- فعل مادی مخل بالحياء.

2- العلانية.

3- القصد الجنائي وفيما يلي تفصيل لازم:

1- فعل مادی مخل بالحياء :

يتحقق الركن المادي في جريمة الفعل الفاضح العلني بإتيان الجاني لأي فعل يكون من شأنه خدش حياء الغير وعلى ذلك يتطلب الأمر لوقوع هذه الجريمة الجريمة أن يصدر من الجاني أي فعل مادی يكون فيه إخلال بحياء الغير من ذلك أن صدور أقوال مهما كان قدر بذاءتها لا يتحقق به الركن المادي لهذه الجريمة وكذلك فإن إصدار الجاني المحررات أو مصورات مهما بلغ من إخلالها بالحياء وانتهاكها لحرمة الآداب لا يتحقق به الركن المادي لهذه الجريمة التي تتطلب أن يصدر من المتهم فعل يكون فيه إخلال بالحياء العام.

ولا يشترط بعد ذلك أن يقع هذا الفعل المخل بالحياء على جسم الغير أو على جسم الجاني نفسه كما لايشترط أيضاً أن يكون النشاط المادي عبارة عن حركة أو إشارة ويدخل في مدلول الحركة كل إثارة جنسية فاضحة يأتيها الجاني نفسه بنفسه.

ويجب التنوية بأنه إذا حرضت امرأة بالطريق العام المارة على الفسق والفجور بحركات أو إشارات مخلة بالحياء اعتبر عملها هذا فعلاً فاضحاً وتوافرت أركان جريمة الفعل العلني الفاضح قبلها.

2- العلانية :

يعتمد القانون في جرائم قليلة بالمكان الذي تقع فيه فيعتبره عنصراً لازماً فيها متصلاً بركنها المادي، ومن هذه الجرائم جريمة الفعل الفاضح العلني ولا يشترط لتوافر العلانية أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة وهذه المشاهدة كما تكون بالرؤية قد تكون بالسمع ولما كان احتمال المشاهدة كافياً لتحقق العلانية فإنها تتوافر بارتكاب الفعل في مكان عمومي وقد تتوافر أيضاً بارتكاب الفعل في مكان عمومي وقد تتوافر أيضاً بارتكاب الفعل في مكان خصوصي.

ويميز الفقهاء بصدد المكان العام الذي يرتاده الجمهور دون تمييز بين المكان العام بطبيعته والمكان العام بالتخصيص والمكان العام بالمصادفة أما الأول فإن الأصل فيه هو حق الجمهور في ارتياده دون قيد كالطرق العامة والميادين والحدائق ولذا يتحقق به العلانية دائما ولو لم يشاهد أحد الفعل وحرص الجاني على إخفائه كما لو ارتكبه في الظلام وذلك باعتبار أن عمومية المكان تجعل المشاهدة أمراً مستطاعاً والثاني هو مكان خصص لاستقبال الجمهور في أوقات معينة أو بشروط معينة مجاناً أو بأجر كالمساجد والكنائس ومحال اللهو ودواوين الحكومة وما إليها وهذه الأماكن تأخذ حكم الأماكن العمومية بطبيعتها في الأوقات التي تكون فيها مفتوحة للجمهور وتأخذ حكم الأماكن الخصوصية في تلك الأوقات بمعنى أن الفعل الذي يرتكب فيها عندئذٍ لا يكون علنياً إلا إذا أمكن مشاهدته بسبب عدم احتياط الفاعل.

أما المكان بالمصادفة فهو كالمكان العام بالتخصيص فهو مكان خاص بحسب الأصل ولا يرتاده الجمهور إلا بصفة عرضية كالسجون والنوادي وعربات النقل والحواديت وعندئذٍ يعتبر مكاناً عاماً ويسري عليه حكم علانية المكان العام بالتخصيص التي تختلف باختلاف وقت وجود الجمهور أما عدا ذلك، فإنه يعتبر مكاناً خاصاُ.

أما المكان الخاص وهو الذي يقتصر حق دخوله على فئة معينة من الناس فإن العلانية لاتتحقق فيه إلا إذا ثبت أن الفعل قد شوهد من الغير فعلاُ أو توافر به احتمال أن يرى الغير ما بداخله ويعتبر مكاناً خاصاً كل مكان عام بالتخصيص أو بالمصادفة في وقت عدم ارتياد الجمهور له.

1- أن يشاهد الغير الفعل بداخله.

2- ألا يشاهد أحد الفعل إلا أنه يكون في استطاعة الغير مشاهدته لعدم اتخاذ الاحتياطات التي تحول دون هذه المشاهدة.

3- القصد الجنائي

يلزم لتوافر أركان جريمة الفعل الفاضح العلني توافر القصد الجنائي لدى الجاني ويكفي لذلك أن يتعمد الجاني تعريض نفسه للأنظار في حالة منافية للآداب حتى ولو كان قد اتخذ من الحيطة ما اتخذ كلجوئه لارتكاب فعله إلى جهة خلاء مظلمة مادام عليه أن يتوقع أن أحداً يشاهده فيها.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث،)

أركان الجريمة :

يتبين من نص المادة محل التعليق أن الجريمة لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة هي:

 الأول : فعل مادي مخل بالحياء.

 الثاني : حصول الفعل في مكان علني.

الثالث : القصد الجنائي. الركن الأول: فعل مادی مخل بالحياء:

يتوافر الركن المادي في الجريمة بارتكاب فعل مادی مخل بالحياء، ويدخل في هذا كل عمل أو حركة أو إشارة من شأنها خدش شعور الغير، ولكن لا يدخل في الفعل الفاضح مجرد الأقوال والصور والمحررات، فالأقوال البذيئة لا تعد فعلاً فاضحة وإنما يجوز أن توصف بالسب العلني، وإظهار المحررات و الصور البذيئة قد يعد انتهاكاً لحرمة الآداب أو حسن الأخلاق ولكنه لا يعد فعلاً فاضحة بالمعنى المقصود في القانون.

 الإخلال بالحياء :

ويتأتي الإخلال بالحياء سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه، أما الفعل الذي يقع على جسم الغير فيدخل فيه كل أفعال النماذج الجنسي طبيعية أو غير طبيعية التي تكون الركن المادي في الإغتصاب أو الزنا أو هتك العرض، فيعاقب عليها بوصف الفعل الفاضح إذا ارتكبت علناً برضاء من وقعت عليه، ويعد الشخصان فاعلين أصليين في جنحة الفعل الفاضح العلني، وإذا وقع الفعل بغير رضاء المجنى عليه فإنه يكون جريمتين ووجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها تطبيقاً للمادة ( 1/ 32) عقوبات، وقد لا يصل الفعل في جسامته إلى درجة هتك العرض، وعندئذٍ يعاقب عليه بوصف الفعل الفاضح إذا وقع علناً، وبصرف النظر عن رضاء المجنى عليه، غاية ما هناك أن الفعل لو حصل برضاء من وقع عليه كان هذا مسئولاً بدوره عن الجريمة بوصفه فاعلاً مع غيره.

وكما تدق التفرقة بين هتك العرض والفعل الفاضح، فكذلك تدق بين الفعل الفاضح والفعل المباح، فليس من المتيسر وضع ضابط في هذا الصدد، وإنما لقاضي الموضوع أن يقدر ما هي الأفعال التي يمكن أن تعتبر مخلة بالحياء، أي التي من شأنها أن تجرح الشعور والحياء العامين، على أن يدخل في تقديره إختلاف الأوساط والبيئات، فتقبيل إمرأة علناً أو تأبط زراعها أو لف الزراع حول خصرها قد يعتبر من الأفعال المباحة في بضع البلاد، بينما يعتبر في أخرى مخلاً بالحياء العام، ولا يشترط أن يكون الفعل مخلاً بحياء جميع الناس، وإنما يكفي أن يكون من شأنه خدش عاطفة الحياء عند البعض منهم.

وينفرد الفعل الفاضح دون هتك العرض بالصورة التي يرتكب فيها الجاني الفعل المخالف للآداب على نفسه فيخل بحياء من يحتمل أن يشاهده، ويدخل في هذه الصورة فعل من يظهر عاري الجسم أو يكشف عن أعضائه التناسلية علناً ومن هذا القبيل أيضاً الإشارات والحركات المخلة بالحياء، كإشارة شخص إلى مكان عضوه التناسلي.

 الركن الثاني: العلانية :

 مكان الجريمة :

يعتد القانون في جرائم قليلة بالمكان الذي تقع فيه فيعتبره عنصراً لازماً فيها متصلاً بركنها المادي، ومن هذه الجرائم جريمة الفعل الفاضح العلني، ولا يشترط لتوافر العلانية أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة، وهذه المشاهدة كما تكون بالرؤية قد تكون بالسمع، إذا دل صوت الجاني على الفعل، وهذا هو المعنى الذي قصدته محكمة النقض بقولها إن الشخص الأعمى والأصم تماماً يمكن هتك عرضه ولكن لا يصح قانوناً أن يكون مجنياً عليه في جريمة فعل فاضح، إذ أن الفعل الفاضح هو الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش من المجني عليه حياء العين والأذن ليس إلا وهذا القضاء يصدق على إحدى صورتي الفعل الفاضح، وهي الصورة التي يقع فيها الفعل على جسم الجاني ولكن وقوع الفعل الفاضح على أصم أعمى جائز في الصورة الأخرى، أي إذا مس جسمه بفعل يخدش حياءه ولا يصل في جسامته إلى مرتبة هتك العرض، ولما كان احتمال المشاهدة كافياً لتحقق العلانية، فإنها تتوافر أيضاً بارتكاب الفعل في مكان عمومي، وقد تتوافر أيضاً بارتكاب الفعل في مكان خصوصي، على التفصيل الآتي:

ارتكاب الفعل في مكان عمومي :

يفسر المكان العمومي هنا تفسيراً واسعاً، فلا يقتصر على ما كان كذلك بطبيعته، بل يشمل أيضاً المكان العمومي بالتخصيص والمكان العمومي بالمصادفة ويدخل في المكان العمومي بطبيعته الطرق العمومية والسكك الزراعية والميادين والمتنزهات، فمن يرتكب فعلاً فاضحاً يعد مرتكباً له علناً ولو ارتكبه في الظلام أو في ناحية بعيدة عن الأنظار وذلك لاحتمال المشاهدة في مكان يسمح فيه للجمهور بالمرور في أي وقت بلا قيد ولا شرط، ولذلك يقال أن العلانية مستمدة هنا من طبيعة المكان.

والمكان العمومي بالتخصيص هو ما يسمح للجمهور بدخوله في أوقات معينة أو شروط معينة، مجاناً أو بأجر، كالمساجد والكنائس ومحال اللهو ودواوين الحكومة. وهذه الأماكن تأخذ حكم الأماكن العمومية بطبيعتها في الأوقات التي تكون فيها مفتوحة للجمهور، وتأخذ حكم الأماكن الخصوصية في غير تلك الأوقات، بمعنى أن الفعل الذي يرتكب فيه عندئذٍ لا يكون علنياً إلا إذا أمكن مشاهدته بسبب عدم احتياط الفاعل.

أما المكان العمومي بالمصادفة فهو مكان خصوصي في الأصل ولكن قد يجتمع فيه عدد من الناس بطريق المصادفة كالسجون والمدارس والمستشفيات والنوادي،وتأخذ هذه حكم الأماكن العمومية بطبيعتها وقت اجتماع الجمهور بها، وحكم الأماكن الخصوصية في غير هذه الأوقات.

 ارتكاب الفعل في مكان خصوصي :

ليست عمومية المكان شرطاً في توفر ركن العلانية في الفعل الفاضح، بل قد توافر العلانية في الفعل ولو ارتكب في مكان خصوصي متى كان محتملاً مشاهدة ما يقع فيه، فتتوافر العلانية إذا ارتكب الفعل في مكان خصوصي معرض لنظر الجمهور بوقوعه على طريق عام بحيث يستطيع من كان في الطريق العام أن يشاهد ما يجري في ذلك المكان.

 بیان العلانية في الحكم :

على القاضي أن يبين بطريقة واضحة في الحكم الصادر بالإدانة أن الفعل الفاضح قد ارتكب علناً وأن يوضح الظروف التي استنتج منها هذا الركن وإلا كان حكمه ناقص البيان، واستخلاصه لهذا الركن من ظروف الواقعة يعتبر فصلاً في مسألة قانونية  فيخضع لرقابة محكمة النقض.

الركن الثالث : القصد الجنائي

عناصر القصد :

الفعل الفاضح جريمة عملية يستلزم قصداً جنائياً، فيجب أن يتعمد الجاني إتيان الفعل، فلا جريمة إذا لم يتعمد إتيانه كان يقع منه عرضاً، ويجب أن يكون الجاني عالماً بأن فعلته من شأنها أن تخدش الحياء، وكون الفعل هكذا من المسائل القانونية التي يفترض علم الجاني بها ولا يقبل منه الدفع بجهلها.

 العقوبة :

الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنية.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث،  الصفحة:827)

جريمة الفعل الفاضح العلني 

- تعريف الفعل:

الفعل في النحو كلمة دلت علي حدث وزمنه وهو حركة يقوم بها عضو حركي وفعَّل الأمر نشطه أو قوَّاه أو نفَّذه والفعل الفاضح هو فعل مادي مخل بالآداب وخادش للحياء ومن ثم ووفق هذا المدلول يعتبر القول المجرد والكتابة فعلاً وبناء عليه إذا ما قام الجاني بفعل أخر بخلاف الحركة العضوية التي تصدر منه يعد مخلاً بالآداب من وجهة نظر العرف السائد في المجتمع الذي وقع فيه الفعل فإنه من وجهة نظرنا يدخل في مدلول الفعل الذي قصده الشارع في نص هذه المادة فإذا ما قام برسم صورة مخلة بالحياء أو نسخها أو استقطعها من مكان ما وأرسلها للمجني عليه فإنه بذلك يكون نشط هذه الصورة ونفّذها ويقع الركن المادي لهذه الجريمة بهذا الفعل

ويري البعض أن الشارع يعني بلفظ " الفعل " في جريمة الفعل الفاضح مدلولاً أضيق من ذلك وعلتهم في ذلك أن هذا النص مستخلص من وجود نصوص أخرى تعاقب علي الإخلال بالحياء عن طريق القول أو الكتابة أو الصور مما يقتضي - تنسيقا بين نصوص القانون أن تستبعد الأفعال التي تجرمها النصوص السابقة من نطاق جريمتي الفعل الفاضح كي يكون لكل جريمة نطاقها الخاص مثل المواد ،178 ، 269 مكرراً ، 306 مكرراً من قانون العقوبات . 

ولكننا نختلف مع هذا الرأي لا سيما في ظل الاستخدام السيء لأجهزة الاتصال الحديثة ومنها التليفونات المحمولة وشبكة الإنترنت ذلك أن الكتابة الفاحشة أو البذيئة التي تتم من خلال هذه الأجهزة أو تسجيل مقطع صوتي أو مقطع فيديو جنسي أو بذيء أو رسم صورة من هذا القبيل أو نسخها أو تنزيلها من موقع لتحميلها بقصد إرسالها إلى شخص ما كل أولئك يعتبر "فعل قام بفعله الجاني حيث نشطه وقواه ونفّذه". وعلي العكس مما يراه البعض فإننا نرى أن الشارع وإن كان قد أورد لفظ "القول" الخادش للحياء في بعض النصوص العقابية ثم عاد وجرَّم ما سماه " فعل " فإن لفظ "فِعل " أوسع من لفظ " قول " ليشمل كل صور الأفعال ومنها "القول" وخلافه أما ما قصده " بالقول " فهو إذا كان كل ما صدر من الجاني لا يعدو أن يكون مجرد "قول " دون أن يفعل شيئاً آخر. ومن هذه الأفعال المخلة بالحياء الخادشة له ما قام به كل من شادي حسين أبو زيد مراسل برنامج التوك شو المصري "أبلة فاهيتا" في احتفالات عيد الشرطة المصرية في 25 يناير 2016 وآخر اسمه أحمد مالك يقال عنه فنان من تصوير فيديو وبثه علي صفحتيهما على الفيس بوك يتضمن قيام الأول بنفخ عدد من "واقي ذكري "على هيئة بالونات وإهدائها لصغار المجندين بجهاز الشرطة الذين تواجدوا بالشوارع لتأمينها خلال هذه الاحتفالات والذين لا يدركون دلالة هذا الفعل. 

فإن هذه الأفعال لا شك تشكل أركان جريمة الفعل الفاضح العلني المؤثمة بالمادة 278 عقوبات وقد تم ارتكابها بواسطة الانترنت كما تشكل في صحيح القانون أيضاً جنحة الإخلال بالآداب العامة لقيامهما بنشر صور خادشة للحياء العام المؤثمة بالمادة 178 من قانون العقوبات وكذلك إزعاجا للغير بواسطة أجهزة الاتصالات ولما كان هناك هذا التعدد للسلوك المادي للجريمة فإن المحكمة تطبق عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات. 

- تعريف الفعل الفاضح:

الفعل الفاضح في اللغة هو فعل مادي مخل بالحياء وخادش للحياء أي سلوك عمدي يخل بحياء شخص من خلال وصوله إلي حواس هذا الشخص سواء قصد الجاني شخصا بعينه أم أن الفعل مسَّ حواس أي شخص من الجمهور وسواء أكان هذا الفعل علنيا أم غير علني. 

الفعل الفاضح العلني وغير العلني :

جريمة الفعل الفاضح العلني لا يشترط فيها " لتوافر العلانية التي عنتها المادة 278 من قانون العقوبات أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة. 

ويستوي في الفعل العلني أن يكون الواقع عليه الفعل رجلاً أم امرأة راضياً أم غير راض فإذا كان أول فعل قد وقع مباغتة ولكن المجني عليه سكت ولم يعترض علي الأفعال التالية التي وقعت عليه فإن ذلك ينسحب علي الفعل الأول فيجعله أيضاً حاصلاً بالرضاء وتكون هذه الواقعة لا عقاب عليها إلا إذا كانت قد وقعت علناً في محل مفتوح للجمهور "معبد أبو الهول وكان هناك وقت الواقعة أشخاص يمكنهم هم وغيرهم ممن يتصادف دخولهم المعبد أن يشاهدوا الواقعة فإن وقوعها في هذا الظرف يجعل منها جنحة فعل فاضح علني معاقب عليه بالمادة 278 عقوبات. ويستوي في الفعل الفاضح أن يكون في ذاته تعبيراً عن علاقة مشروعة كالصلة بين الزوجين أو أن يتصف بعدم المشروعية.

أما جريمة الفعل الفاضح غير العلني فتتطلب أن يكون المجني عليه امرأة وأن تكون غير راضية بالفعل كما لو أرسل لها الجاني صورا مخلة بالحياء أو أية مادة يمكن إرسالها عبر الإنترنت أو التليفونات المحمولة على بريدها الإلكتروني أو عبر رسالة قصيرة على تليفونها المحمول مما على حياءها. 

والفعل المخل بالحياء في جريمة الفعل الفاضح العلني يخل بحياء جمهور الناس ممن يرون الفعل أو يمكن أن يرونه" "فيكفي أن تكون المشاهدة محتملة. 

في حين يقتصر في الفعل غير العلني على الإخلال بحياء امرأة معينة فقط. 

ويتعين أن يكون الفعل الفاضح عمدياً وإن كانت الصورة غير العمدية فيها متصورة " فقد ينكشف جسم المتهم على نحو فاضح تجاه شخص شاهد الواقعة في مكان كانت مشاهدتها فيه ممكنة دون أن يعلم المتهم بذلك بأن كان المتهم يظن أن الزجاج المصنوعة منه نوافذ الغرفة لا يتيح الرؤية من خلاله في حين أنه كان في الواقع وعلي غير علم المتهم صالحاً لذلك. 

الفعل الفاضح وهتك العرض: 

والفارق بين جريمتي هتك العرض والفعل الفاضح لا يكمن وجوده لا في مجرد مادية الفعل ولا في جسامته ولا في العنصر المعنوي وهو العمد ولا في كون الفعل بطبيعته واضح الإخلال بالحياء إنما يقوم الفارق بين الجريمتين علي أساس ما إذا كان الفعل الذي وقع يخدش عاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بعوراته تلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي لا يدخر أي امرئ وسعاً في صونها عما قل أو جل من الأفعال التي تمسها فإن كان الفعل كذلك اعتبر هتك عرض وإلا فلا يعتبر وبناء علي هذا يكون من قبيل هتك العرض كل فعل عمد مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المرء وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية أما الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المجني عليه حياء العين والأذن ليس إلا فهو فعل فاضح. 

ومن ثم فإن مداعبة الطاعن لسيدة بالطريق العام واحتضانه لها من الخلف مما أثار شعور المارة ينطوي في ذاته على الفعل الفاضح العلني المنصوص عليه في المادة 278 من قانون العقوبات لإتيان المتهم علانية فعلا فاضحا يخدش الحياء على النحو المتقدم. 

فالشارع قصد بالعقاب على جريمة هتك العرض حماية المناعة الأدبية التي يصون بها الرجل أو المرآة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء العرضي لا فرق في ذلك بين أن تقع هذه الملامسة والأجسام عارية وبين أن تقع والأجسام مستورة بالملابس ما دامت هذه الملامسة قد استطالت إلى جزء من جسم المجني عليه يعد عورة فالتصاق المتهم عمدا بجسم الصبي المجني عليه من الخلف حتى مس بقضيبه عجز الصبي يعتبر هتك عرض ومفاجأة المتهم للصبي المجني عليه ومباغتته له على غير رضاه مكون لركن القوة والإكراه المنصوص عنه في تلك المادة.

فجريمة هتك العرض إذن تتم بوقوع فعل مناف للآداب مباشرة على جسم المجني عليه ولو لم يحصل إيلاج أو احتكاك يتخلف عنه أي أثر كان . 

فإذا كانت المجني عليها التي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة خرجت في الصباح الباكر لتجمع أعقاب السجاير من مبنى مصلحة التليفونات بالإسماعيلية فقابلها المتهم المطعون ضده وأخرج قرشاً من جيبه وناداها وقدم لها القرش كصدقة فلما مدت يدها لتتناوله أخذها المتهم ووضعها علي قبله من خارج الملابس فإن الفعل المادي الذي قارفه وهو مباغتة المجني عليها بوضع يدها الممدودة لتناول القرش علي قبله من خارج الملابس وقد استطال إلي جسمها وبلغ درجة من الفحش يتوافر بها الركن المادي لجناية هتك العرض. 

- صور الفعل الفاضح 

لا تقوم جريمة الفعل الفاضح العلني على ما يبين من نص المادة 278 من قانون العقوبات إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه (الثاني) العلانية ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلاً بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة (الثالث) القصد الجنائي وهو تعمد الجاني إتيان الفعل. 

ومن ثم فإن الفعل الفاضح يتخذ صورتين الصورة الأولي أفعال تقع على جسم الغير وتخدش حياءه ومثال ذلك (ملاحقة المتهم للمجني عليها بالطريق العام وقرصه ذراعها). أو الإمساك بيدها. 

والصورة الثانية أفعال يوقعها الجاني على جسمه هو وتخل بحياء من يراها أو يسمعها ومثال ذلك (ما تأتي به المرأة في محل عمومي من الحركات البدنية التي تثير فكرة التمازج الجنسي " كترقيص البطن ". 

إذن تقع هذه الجريمة بكل فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن أما مجرد الأقوال مهما بلغت من درجة البذاءة والفحش فلا تعتبر إلا سباً فإذا كان الحكم قد اعتبر أن ما وقع من الطاعن من قوله بصوت مسموع لسيدتين يتعقبهما "تعرفوا إنكم ظراف" تحبوا نروح أي سينما جريمة فعل فاضح مخل بالحياء فإنه يكون قد أخطأ. والوصف القانوني الصحيح لهذه الواقعة أنها سب منطبق على المادتين 306 و 171 من قانون العقوبات. 

معيار الإخلال بالحياء :

القانون يعاقب على كل فعل فاضح مخل بالحياء وتقدير الأفعال التي من هذا القبيل يختلف باختلاف الأوساط والبيئات واستعداد أنفس أهليهما وعاطفة الحياء عندهم للتأثر. 

وما يعد كذلك وما لا يعد كذلك إنما يكون بالاحتكام إلى العرف الجاري وأحوال البيئات الاجتماعية فالفتاة الريفية التي تمشي سافرة الوجه بين الرجال لا يخطر ببالها أن في تقبيلها في وجنتيها إخلالا بحيائها العرضي واستطالة على موضع من جسمها تعده هي ومثيلاتها من العورات التي تحرص على سترها فتقبيلها في وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء . 

ويستمد هذا المعيار من الشعور العام السائد في الزمان والمكان اللذين وقع فيهما الفعل المخل بالحياء ويعتمد على القيم الدينية والأخلاقية والتقاليد والآداب العامة التي تسود في على ويدخل في ذلك أي فعل أو قول له دلالة جنسية حسب العرف السائد. 

- أركان الجريمة:

إن الجريمة المنصوص عليها بالمادة 278 من قانون العقوبات "لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة (الأول) فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه (الثاني) العلانية ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلا بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة و (الثالث) القصد الجنائي وهو تعمد الجاني إتيان الفعل. 

- الركن المادي:

الركن المادي في جريمة الفعل الفاضح هو الفعل المادي المكون للجريمة وهو عمل مادي أو حركة أو إشارة من شأنه خدش حياء الغير وقد سبق القول من وجهة نظرنا أن لفظ " الفعل ينطبق على ما يقوم به الفاعل من أمور لإرسالها لشخص عبر التليفون المحمول على الإنترنت أو لنشرها على موقع من المواقع أو على صفحته أو صفحة غيره من صفحات التواصل الاجتماعي سواء أكانت كتابة أو صوراً أو تسجيل صوتي أو فيديو أو ما شابه طالما كان مخلا بالحياء فإن مثل هذه الأمور هي " أفعال" أتاها الفاعل. 

ويستوي أن يأتي الفاعل ذلك الفعل على جسمه أو جسم الغير أو ينشره على صفحته الشخصية أو صفحة الغير أو أن يرسله عبر الانترنت أو التليفون المحمول لذكر أم لأنثى. 

وقد يتعدد وصف الفعل الفاضح فيعتبر هتك عرض في ذات الوقت وذلك إذا استطال إلى عورة من عورات المجني عليه وفي هذه الحالة تطبق عقوبة الجريمة الأشد فإذا وقع الفعل الفاضح علناً على شخص ورضى به فلا توجد جريمة هتك عرض ويبقى هذا السلوك مكونا لجريمة الفعل الفاضح. 

والقانون يعاقب على كل فعل فاضح مخل بالحياء وتقدير الأفعال التي من هذا القبيل يختلف باختلاف الأوساط والبيئات واستعداد أنفس أهليهما وعاطفة الحياء عندهم للتأثر. 

وقد يقع الفعل المخل بالحياء على جسم الفاعل نفسه فيعتبر فعلاً مخلاً بالحياء ما تأتي به المرأة في محل عمومي من الحركات البدنية التي تثير فكرة التمازج الجنسي "كترقيص البطن" وهذا الفعل يقع تحت نص المادة 240 عقوبات والمواد 15 مكرراً ، 27 ، 29 من لائحة المحلات العمومية.

والفتاة الريفية التي تمشي سافرة الوجه بين الرجال لا يخطر ببالها أن في تقبيلها في وجنتيها إخلالاً بحيائها العرضي واستطالة على موضع من جسمها تعده هي ومثيلاتها من العورات التي تحرص على سترها فتقبيلها في وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء.

وملاحقة المتهم للمجني عليها بالطريق العام وقرصه ذراعها تنطوي في ذاتها على الفعل الفاضح العلني المنصوص عليه في المادة 278 من قانون العقوبات لإتيان المتهم علانية فعلاً فاضحاً يخدش الحياء. 

ويعتبر الفعل الفاضح علنياً ولو تم في مكان مغلق متي كان مصحوباً بصوت مرتفع أو قابل لأن يسمعه أحد خارج المكان. 

- هل تتوافر العلانية عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني والتليفون المحمول : 

إن العلانية التي يتطلبها القانون بصدد بعض الجرائم قد وردت في نص المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا علي سبيل الحصر ومن ثم فهي تتحقق بتعمد إذاعة وإعلان الوقائع التي يسندها الفاعل إلى آخر سواء في أحد المقاهي أو الطريق العام أو بالاتصال الهاتفي أو عرض شريط فيديو" على أن يتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه. 

ومما لا شك فيه أن الإنترنت طريقة من طرق العلانية التي أورد لها الشارع بياناً بالمادة 171 من قانون العقوبات ولم يحصرها فيما تضمنته من بيان ومن ثم فإن هذه العلانية تتحقق عن طريق الإنترنت متى كان من الممكن لأي شخص الدخول عليه والاطلاع علي المادة المنشورة دون قيد أو شرط وفي أي وقت ودون تمييز ومثال ذلك أن يتم نشر صور أو رسوم أو عبارات تشكل جريمة مؤثمة قانوناً ما دام كان متاحاً لأي شخص دون تمييز أن يراها أو يطلع عليها أو يسمعها متي تمكن من الدخول على شبكة الانترنت أو كان قد اطلع على بيانات التليفون المحمول أو استمع إلي المادة المسجلة عليه أو التي تم إرسالها منه أو تلقاها عليه أو قام بمشاهدتها ومتى كانت غير مرسلة لأشخاص غير محددين بذواتهم وإنما لأعداد كثيرة بدون تمييز. 

أما البريد الالكتروني" الايميل " والذي يستخدم في إرسال واستقبال رسائل وصور اليكترونية أو ملفات فهو في الأصل يعد من قبيل المراسلات الخاصة لأن هذه الرسائل محمية برقم سري خاص بالمرسل إليه لا يمكن لغيره أن يفتحها إلا بطريقة غير مشروعة كأن يتمكن من معرفة الباسوورد ومن ثم إذا توقفت عند هذا الحد فلا تتوافر فيها العلانية. 

ولكن إذا ما قام الجاني بإرسال رسالة معينة عبر البريد الالكتروني لعدد كبير من الأشخاص دون تمييز ولا رابط بينهم قاصدا إذاعة نبأ ما أو واقعة ما تشكل في القانون جريمة فإن العلانية تتحقق من خلال هذا الإرسال العشوائي. 

والعلانية من أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلا بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة (الطعن رقم 5657 لسنة 65 ق جلسة 24 / 9 / 2003 ص 857) وهذه الاحتمالية في المشاهدة تتحقق من خلال دخول الناس على شبكة الانترنت أو مطالعة ما كتب أو سجل أو صور في رسائل التليفونات المحمول متى تم الدخول إليها ويكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلي عدد من الناس ولو كان قليلاً سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه أم بوصول عدة نسخ أو صور منها ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها. 

الركن المعنوي: 

جريمة الفعل الفاضح جريمة عمدية يلزم لقيامها توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة فيجب أن تنصرف إرادة الفاعل إلى إتيان الفعل الفاضح وان يكون عالما بأن فعلته من شأنها أن تخدش الحياء فمن يدخل دكان حلاق ويبول في الحوض الموجود به فيعرض نفسه بغير مقتض للأنظار بحالته المنافية للحياء يتوافر في حقه القصد الجنائي في تلك الجريمة. 

ومن ثم فلا عبرة بالباعث على ارتكاب الفعل ما دام أمكن للغير أن يشاهده فإن جريمة الفعل الفاضح تتوافر في حقه. 

ومن يحرك يده في مكان مزدحم أو وسيلة مواصلات عامة مزدحمة فتصطدم دون إرادة بصدر امرأة على نحو يخل بحيائها فلا يتوافر الركن المادي لانعدام إرادة الفعل. 

كما يلزم أن يعلم الفاعل أن فعله علنياً ومن ثم يكون القصد الجنائي متوافراً إذا ورد بذهن الفاعل أن أحداً من الممكن أن يراه أو يسمعه. 

- تطبيق أسباب الإباحة وموانع المسئولية في جريمة الفعل الفاضح العلني: 

فالمريض الذي يكشف عن عورات جسمه للطبيب والطبيب الذي يمس فعله عورة في جسم مريضته وذلك على مشهد من ممرضة أو من طبيب آخر اقتضى العمل الطبي حضوره والمعتدي عليه يمزق ملابس المعتدي فيظهره عارياً أو تدفعه ظروف الدفاع إلي الظهور عارياً كل أولئك لا يرتكبون جرائم الفعل الفاضح العلني إذا توافرت شروط العمل الطبي أو شروط الدفاع الشرعي ولا تسأل عن هذه الجريمة امرأة تجردت علناً من ملابسها تحت تأثير الإكراه أو رجل ظهر عارياً فراراً من حريق. (موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 500).

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 89 .   

(مادة 134)
كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس. 

مادة (133): يعاقب بالحبس كل من وجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض 

المارة على الفسق بإشارات أو أقوال. 

ويستبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. 

مادة (134): كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء - يعاقب بالحبس. 

مادة (135): يعاقب بالعقوبة المبينة بالمادة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء ولو فى غير علانية. 

الإيضاح 

لما كان قانون العقوبات الحالي لا يتضمن نصاً يعاقب على الوقاع بالرضا الحاصل بين رجل وامرأة بالغين، وهو الوقاع المجرد من أي ظرف مشدد کما جاء خلوا من نص يعاقب على هتك العرض بالرضا، إلا بشروط معينة رغم بشاعة أي من الفعلين، وأثرهما على المجتمع، ولما يترتب على انتشارهما من فساد بين أفراده، لذلك رأت اللجنة كيا يتسق مشروع قانون العقاب حدا على الزنا مع المواد التي تعاقب تعزيراً على الجرائم التي لم تتوافر أركانها إذا لم يثبت دليلها الشرعي، أو تلك التي يرى ولي الأمر وضع عقوبة لها حماية للآداب العامة - أن يشمل العقاب هاتين الجريمتين، وتحديد العقوبة في بعض الحالات التي استحدثها مشروع حد الزنا وهي حالات وقوع الجريمة من محصن أو بين محرمين، وتغليظها إذا اجتمع الشرطان في المادتين (128، 130). کا نص المشروع على حالة وقوع الفعل بغير الرضا وهي حالات المباغتة أو المخادعة، واعتبرها حالة من حالات الإكراه في المادتين (129 و 131)، وإن لم يسار بينها وبين الإكراه الحاصل بالقوة أو التهديد في العقوبة، باعتبار أن هذه الحالات الأخيرة أكثر جسامة من الأولى من حيث ما ترتبه من أثر في المجني عليه، ورأت اللجنة رفع السن إلى ثماني عشرة سنة بالنسبة للمجني عليه الذي تقع عليه جريمة هتك العرض بالإكراه، كطرف مشدد تمشياً مع سن البلوغ الذي أخذ به مشروع العقاب على حد الزنا على التفصيل الوارد به.  

وقد رأت اللجنة إطلاق عقوبة الحبس، وعدم تحديد حد أقصى للعقوبة بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في المواد (133، 134، 135). 

مادة (136): 

(أ) كل من حرض ذكرا أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة، أو أعانه على ذلك، أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه، أو استدرجه أو أهواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة - يعاقب بالسجن وبغرامة من ألف جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه. 

(ب) إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر الثامنة عشرة سنة هجرية كانت العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنية. 

مادة (137): 

يعاقب بالسجن المؤبد :

(أ) كل من استخدم أو استدرج أو أغرى شخصاً ذكراً أو أنثى بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة، وذلك بالخداع أو بالقوة أو بالتهديد أو بإساءة استعمال السلطة، أو غير ذلك من وسائل الإكراه. 

(ب) كل من استبقى بوسيلة من هذه الوسائل شخصاً ذكراً كان أو أنثى بغير رغبته 

في محل للفجور أو الدعارة. 

مادة (138): كل من حرض ذكراً لم يتم من العمر الثامنة عشرة سنة هجرية، أو أنثى أیاً كان سنها على مغادرة جمهورية مصر العربية، أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة، وكل من ساعد على ذلك مع علمه به - يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة من ألف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه. 

وتكون العقوبة السجن المؤقت لمدة لا تقل عن سبع سنين إذا وقعت الجريمة على شخصين فأكثر، أو إذا ارتبطت بوسيلة من الوسائل المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة، بالإضافة إلى الغرامة المقررة. 

مادة (139): في الأحوال المنصوص عليها في المواد الثلاثة السابقة تكون العقوبة السجن المؤبد إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر ست عشرة سنة هجرية، أو إذا كان الجاني زوجا أو من محارم المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان خادما بالأجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم. 

مادة (140): كل من أدخل إلى جمهورية مصر العربية شخصا، أو سهل له دخولها الارتكاب الفجور أو الدعارة - يعاقب بالسجن المؤقت، وبغرامة من ألف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه. 

مادة (141): 

يعاقب بالسجن المؤقت: 

(أ) كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الاتفاق المالي. 

(ب) كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره. 

وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا اقترنت الجريمة بأخذ الظرفين المشددين المنصوص عليها في المادة (139) من هذا القانون. 

مادة (142): كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة، أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته - يعاقب بالسجن المؤقت، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به. 

وإذا كان مرتكب الجريمة زوجاً أو محرماً لمن يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته، أو من لهم سلطة عليه - تكون العقوبة السجن المؤبد بالإضافة إلى الغرامة المقررة. 

مادة (143):

يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه: 

(أ) كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور، أو الدعارة، أو لسكني شخص أو أكثر، إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك. 

(ب) كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرقاً مفروشة، أو محلاً مفتوحاً للجمهور - يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة، سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك، أو بسراحه في محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة. 

(ج) كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة. 

وفي الأحوال المنصوص عليها في البندين (أ - ب) يحكم بإغلاق المحل لمدة سنة، وينفذ الإغلاق دون نظر لمعارضة الغير، ولو كان حائرا بموجب عقد صحیح ثابت التاريخ. 

مادة (144): كل مستغل أو مدير لمحل عام، أو لمحل من محال الملاهي، أو محل آخر مفتوح للجمهور يستخدم أشخاصاً ممن يمارسون الفجور أو الدعارة بقصد تسهیل ذلك لهم، أو بقصد استغلالهم في ترويج نشاطه - يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، وبغرامة من ألفين إلى أربعة آلاف جنيه. 

وإذا كان الفاعل من الأشخاص المذكورين في الفقرة الأخيرة من المادة (142) تكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة من أربعة آلاف إلى ثمانية آلاف جنيه. 

ويحكم بإغلاق المحل لمدة سنة، وينفذ الإغلاق دون نظر المعارضة الغير، ولو كان 

حائرا بموجب عقد صحیح ثابت التاريخ ، ويكون الإغلاق نهائياً في حالة العود. 

الإيضاح 

تمشياً مع منهج الشريعة الغراء في تشديد العقوبات على الجرائم الأخلاقية ارتأت اللجنة أن نصوص القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة الحالي - لا تتفق فيها تضمنته من عقوبات تعزيرية مع ما توجبه الشريعة الإسلامية من عقوبة حدية رادعة على ارتكاب جريمة الزنا ، وكانت الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الدعارة - هي بلا شك من العقوبات التي تسهل ارتكاب جريمة الزنا النكراء، وغيرها من الفواحش مما تجب محاربتها بالعقوبات الشديدة التي تتلاءم مع العقوبات الحدية لجريمة الزنا. 

ومما لاشك فيه أن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون هي جرائم بالغة الخطورة، من حيث أثرها في المجتمع وما تحمله في طياتها من تهديد الأخلاقيات الأمة مما يتعين معه أخذ مرتكبيها بالشدة الواجبة؛ لحملهم على عدم الإقدام عليها؛ حماية لمصالح المجتمع الإسلامي الذي تنشده الشريعة الإسلامية. 

ولذلك رأت اللجنة تعديل المواد (1، 2، 3، 4، 5، 6، 8) والفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (۹)، والمادة (11) من هذا القانون، بحيث اعتبرت الجرائم المنصوص عليها فيها من الجنايات، ووضع لكل منها العقوبة المناسبة لها، وتعديل سن من وقعت عليه الجريمة إلى ثاني عشرة سنة هجرية بدلا من إحدى وعشرين في الحالتين المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (136) و في المادة (138) من القانون؛ تمشياً مع سن البلوغ الذي أخذت به اللجنة في هذا المشروع على التفصيل الوارد به. 

كما أضاف المشروع إلى الظروف المشددة في المادة (139) حالة ما إذا وقعت الجرائم المنصوص عليها في المواد الثلاثة السابقة من الزوج أو من محارم المجني عليه، باعتبار أن أیاً منهما له سلطة على المجني عليه فضلاً عن بشاعة الجرم في هذه الحالات. 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثامن ، الصفحة / 129

بِغَاءٌ

التَّعْرِيفُ:

الْبِغَاءُ مَصْدَرُ: بَغَتِ الْمَرْأَةُ تَبْغِي بِغَاءً، بِمَعْنَى: فَجَرَتْ، فَهِيَ بَغِيٌّ، وَالْجَمْعُ بَغَايَا، وَهُوَ وَصْفٌ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ، وَلاَ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: بَغِيٌّ .

وَيُعَرِّفُ الْفُقَهَاءُ الْبِغَاءَ بِأَنَّهُ: زِنَى الْمَرْأَةِ. أَمَّا الرَّجُلُ فَلاَ يُسَمَّى زِنَاهُ بِغَاءً. وَالْمُرَادُ مِنْ بِغَاءِ الْمَرْأَةِ هُوَ خُرُوجُهَا تَبْحَثُ عَمَّنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُكْرَهَةً أَمْ غَيْرَ مُكْرَهَةٍ، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِ الْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ  قوله تعالي : ( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا)  وَقَدْ ذَكَرَتْ كُتُبُ التَّفْسِيرِ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآْيَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ جَوَارٍ، وَكَانَ يُكْرِهُهُنَّ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، فَقَدْ سُمِّيَ فِعْلُهُنَّ وَهُنَّ مُكْرَهَاتٌ عَلَيْهِ بِغَاءً، فَإِطْلاَقُ هَذَا الاِسْمِ عَلَيْهِ مَعَ رِضَاهُنَّ يَصِحُّ، بَلْ أَوْلَى، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْقَيْدِ الَّذِي فِي الآْيَةِ وَهُوَ  قوله تعالي : ( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) فَسَتَأْتِي الإْشَارَةُ إِلَيْهِ .

حُكْمُ أَخْذِ الْبَغِيِّ مَهْرًا:

نَهَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ»  فَإِنَّ مِنَ الْبَغَايَا مَنْ كُنَّ يَأْخُذْنَ عِوَضًا عَنِ الْبِغَاءِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى مُجَاهِدٌ فِي  قوله تعالي : ( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ) قَالَ: كَانُوا يَأْمُرُونَ وَلاَئِدَهُمْ فَيُبَاغِينَ، فَكُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَيُصَبْنَ، فَيَأْتِينَهُمْ بِكَسْبِهِنَّ. وَكَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ جَارِيَةٌ كَانَتْ تُبَاغِي، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، وَحَلَفَتْ أَلاَّ تَفْعَلَهُ، فَأَكْرَهَهَا، فَانْطَلَقَتْ فَبَاغَتَ بِبُرْدٍ أَخْضَرَ، فَأَتَتْهُمْ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآْيَةَ .

وَالْمُرَادُ بِمَهْرِ الْبَغِيِّ: مَا تُؤْجِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا عَلَى الزِّنَى، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْرِيمِهِ. وَتَفْصِيلُ بَقِيَّةِ الأْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبِغَاءِ مَحَلُّهَا مُصْطَلَحُ: (زِنَى).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس والثلاثون ، الصفحة /  339

لِوَاطٌ

التَّعْرِيفُ:

 اللِّوَاطُ لُغَةً: مَصْدَرُ لاَطَ، يُقَالُ: لاَطَ الرَّجُلُ وَلاَوَطَ: أَيْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ.

وَاصْطِلاَحًا: إِيلاَجُ ذَكَرٍ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الزِّنَا:

 الزِّنَا فِي اللُّغَةِ: الْفُجُورُ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهُ الْفُقَهَاءُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهَا تَعْرِيفُ الْحَنَفِيَّةِ لِلزِّنَا بِالْمَعْنَى الأْعَمِّ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لاَ يُوجِبُهُ بِأَنَّهُ: وَطْءُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ فِي الْقُبُلِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ.

وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: إِيلاَجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنِ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى طَبْعًا.

وَيَتَّفِقُ اللِّوَاطُ وَالزِّنَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، لَكِنِ اللِّوَاطُ وَطْءٌ فِي الدُّبُرِ، وَالزِّنَا وَطْءٌ فِي الْقُبُلِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

 اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ لأِنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ.

وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ وَعَابَ عَلَى فِعْلِهِ فَقَالَ تَعَالَى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) وَقَالَ تَعَالَى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ).

وَقَدْ ذَمَّهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم  بِقَوْلِهِ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ».

عُقُوبَةُ اللاَّئِطِ

 ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عُقُوبَةَ اللاَّئِطِ هِيَ عُقُوبَةُ الزَّانِي، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ لأِنَّهُ زِنًا بِدَلِيلِ قوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) وَقَالَ تَعَالَى: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) وَعَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ».

 هَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلِمُخَالِفِيهِمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ تَفْصِيلٌ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْحَدُّ لِوَطْءِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ قُبُلِهَا وَلاَ بِاللِّوَاطَةِ بَلْ يُعَزَّرُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اللِّوَاطُ كَالزِّنَا فَيُحَدُّ جَلْدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ وَرَجْمًا إِنْ أُحْصِنَ.

وَمَنْ تَكَرَّرَ اللِّوَاطُ مِنْهُ يُقْتَلُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَمَنْ فَعَلَ اللِّوَاطَ فِي عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَنْكُوحَتِهِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِهِ الْمَحْظُورَ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ رُجِمَ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَا مُحْصَنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإْسْلاَمُ وَلاَ الْحُرِّيَّةُ. وَأَمَّا إِتْيَانُ الرَّجُلِ حَلِيلَتَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلاَ حَدَّ بَلْ يُؤَدَّبُ.

وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ بِاللِّوَاطِ حَدُّ الزِّنَا، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ».

وَقِيلَ: إِنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ كَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ.

وَشَمَلَ ذَلِكَ دُبُرَ عَبْدِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ هَذَا حُكْمُ الْفَاعِلِ.

وَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً لأِنَّ الْمَحَلَّ لاَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الإْحْصَانُ، وَقِيلَ تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ الْمُحْصَنَةُ.

وَأَمَّا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبْرِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ إِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَلاَ تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالزَّوْجَةُ وَالأَْمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ سَوَاءً.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ كَزَانٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابِقِ، وَلأِنَّهُ فَرْجٌ مَقْصُودٌ بِالاِسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ كَفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللِّوَاطُ فِي مَمْلُوكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لأِنَّ الذَّكَرَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ فِي دُبُرِ أَجْنَبِيَّةٍ لأِنَّهُ فَرْجٌ أَصْلِيٌّ كَالْقُبُلِ، فَإِنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَهُوَ مُحَرَّمٌ وَلاَ حَدَّ فِيهِ لأِنَّهَا مَحَلٌّ لِلْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ.

مَا يَثْبُتُ بِهِ اللِّوَاطُ

يَثْبُتُ اللِّوَاطُ بِالإْقْرَارِ أَوِ الشَّهَادَةِ.

وَأَمَّا عَدَدُ الشُّهُودِ، فَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ بِعَدَدِ شُهُودِ الزِّنَا أَيْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ.