1- يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح غير العلنى المنصوص عليها فى المادة 279 من قانون العقوبات أن تتم بغير رضاء المجنى عليها - حماية لشعورها وصيانة لكرامتها مما قد يقع على جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء على الرغم منها .
(الطعن رقم 726 لسنة 29 جلسة 1959/11/02 س 10 ع 3 ص 834 ق 178)
2- مسألة رضاء المجنى عليها أو عدم رضائها - فى جريمة المادة 279 من قانون العقوبات - مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا ، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها فى هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التى ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم - فإذا استند الحكم فى براءة المتهم إلى قوله : " ... إن الثابت من وقائع الدعوى أن ركن انعدام رضاء المجنى عليها غير متوافر ، ذلك أن الظاهر للمتهم هو أن المجنى عليها راضية عن الواقعة ، فضلاً عن أنها سمحت له برضائها الدخول لمسكنها والجلوس بصحبتها ... ومن ناحية أخرى فإن المحكمة تستخلص رضاء المجنى عليها من قولها بمحضر جمع الاستدلالات أن زوجها قد لفق الواقعة للإيقاع بالمتهم، أى إنها كانت راضية عن الفعل الذى قام به المتهم وذلك حتى توقع به لكى يستفيد زوجها حسب الخطة التى كان يرمى إليها ... " فإن ما أثبته الحكم ينطوى على رضاء المجنى عليها بجميع مظاهره وكامل معالمه .
(الطعن رقم 726 لسنة 29 جلسة 1959/11/02 س 10 ع 3 ص 834 ق 178)
(ملحوظة من مركز الراية للدراسات القانونية: استحدث المشرع نص المادة 113 مكرراً في قانون الإجراءات الجنائية وذلك بموجب القانون رقم 177 لسنة 2020 المنشور في الجريدة الرسمية العدد 36 مكرر في 5/9/2020 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر برقم 150 لسنة 1950 ، والذي نص على أنه:
لا يجوز لمأموري الضبط أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، أو في أي من المادتين (306 مكرراً / أ ، 306/ مكرراً / ب) من ذات القانون، أو في المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، إلا لذوي الشأن.)
مركز الراية للدراسات القانونية
(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)
مركز الراية للدراسات القانونية
السلوك المخل بالحياء
مدلوله :
يتحقق الفعل الفاضح بفعل مادي مخل بحياء الغير، ويقصد بالفعل في هذا الصدد كل عمل يأتيه الجاني لا يتخذ صورة القول أو الكتابة، فلا يعد فعلاً فاضحاً توجيه أقوال بذيئة، أو عرض صور عارية أو مخالفة للأداب، وإن كانت هذه الأفعال تتحقق بها جرائم أخرى نص عليها القانون، عدا ذلك فإن الفعل الفاضح يتحقق بأي فعل مخل بالحياء يأتيه الجاني ولو كان في صورة إشارات، و لا يشترط في الفعل أن يكون قد وقع على شخص الغير، كما هي الحال في الاغتصاب وهتك العرض، بل قد يوقعه الجاني على نفسه، كأن يخلع ملابسه عارياً في الطريق العام أو يكشف عن عورته أو يشير إليها أو تصدر منه إشارة تفيد مدلولاً جنسياً أو معنى آخر مخلاً بالحياء.
ويتحقق الإخلال بالحياء بكل ما من شأنه المساس بعاطفة الحياء عند الناس، ويتمثل أساساً في الظهور على نحو جارح للشعور بالحياء، ولا يعتد بمعنى الحياء لدى من شاهد الفعل من الناس، وإنما يجب قياسه بالنظر إلى المجتمع بأسره في البيئة التي حدث فيها الفعل، وفقاً لزمان ارتكابه ومكانه، فلا شك في أن معايير الحياء تختلف في القرية عنها في المدينة، ومن بلد إلى آخر، كما تختلف باختلاف الزمان والمكان، فما كان فعلاً فاضحاً منذ نصف قرن قد لا يظل كذلك اليوم، وما يعد فعلاً فاضحاً في الطريق العام ليس كذلك على شاطئ البحر.
وقد ثار التساؤل عن حكم العري، ولا شك في أن العري الكامل يعد فعلاً فاضحاً، إنما يدق الأمر بالنسبة إلى شبه العري، وخاصة عند التمثيل أو الرقص في المسرح أو السينما. ونرى أن القدر المسموح به من العري في أثناء التمثيل هو الذي يقتضيه الدور الذي يؤديه الممثل أو الراقصة وفقاً للأصول الفنية التي تتفق مع تقاليد المجتمع، وإذا وصل الأمر إلى حد إثارة الغرائز الجنسية خرج عن دائرة الفن وأصبح جارحاً للشعور بالحياء، أي فعلاً فاضحاً، ويجب أن يلاحظ أن الفن هو درجة راقية من التعبير، وله دور ثقافي وتربوي، وكل ما يهدف إلى مجرد إثارة المتعة الجنسية فهو خارج دائرة الفن.
معيار الإخلال بالحياء في الفعل الفاضح :
وجدنا فيما تقدم أن هتك العرض يقع بفعل مادي مخل بالحياء بحسب طبيعته، فيشترك بذلك مع الفعل الفاضح في معنى الإخلال بالحياء، غير أن معيار الإخلال بالحياء في الجريمتين يختلف تمام الاختلاف نظراً لاختلاف الحق المعتدى عليه في هتك العرض عنه في الفعل الفاضح، فبينما يشترط في هتك العرض أن يمس الفعل المادي جسم الغير، فإن الفعل الفاضح قد يصدر من الجاني على جسمه، کمن يسير في الطريق عارياً أو يكشف عن عضوه التناسلي.
هذا بالإضافة إلى أن هتك العرض بوصفه ماساً بالحرية الجنسية ينطوي على إخلال بحياء الغير، هذا بخلاف الفعل الفاضح، فإن أثره في الإخلال بالحياء أقل جسامة من هتك العرض.
والواقع أن الجسامة هي المعيار الفاصل بين كل من هتك العرض والفعل الفاضح، فإذا بلغ الإخلال بالحياء حداً جسيماً بحيث يمكن حسبانه اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه فإنه يعد هتك عرض، أما إذا لم يبلغ هذه الجسامة فيعد فعلاً فاضحاً، وإذا استخلص القاضي أن الاعتداء بلغ هذا القدر من الجسامة فيعد هتك عرض وفعلاً فاضحاً في آن واحد، أما إذا انتهى إلى أن الفعل لم يحصل إلى حد جسامة الاعتداء على الحرية الجنسية، فإنه يعد مجرد فعل فاضح.
الخلاصة أن دائرة الفعل الفاضح تتسع فتشمل هتك العرض، أي أن كل ما يعد هتك عرض فهو فعل فاضح ولا عكس.
تمييز الفعل الفاضح عن هتك العرض والاغتصاب
نبدأ فنقول بأن دائرة الفعل الفاضح تتسع لكل من الاغتصاب وهتك العرض، فهاتان الجريمتان تشكلان اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه، وهو ما يعد بذاته إخلالاً بالشعور العام بالحياء إذا توافرت فيه العلانية، عدا ذلك، فإن الفعل الفاضح يتميز عن هاتين الجريمتين فيما يأتي:
1- يشمل الأفعال التي تخل بحياء الغير إخلالاً غير جسيم، وهو ما لا يكفي في ذاته لكي تقوم به جريمة هتك العرض أو الاغتصاب.
2- قد يقع الفعل الفاضح بفعل يوقعه الجاني على جسمه هو، بخلاف هتك العرض والاغتصاب الذي لابد فيهما أن يمس الفعل جسم المجني عليه.
3- يقع الفعل الفاضح رغم مشروعية العلاقة بين الجاني والمجني عليه، فالرجل الذي يتصل جنسياً بامرأة بلغت الثمانية عشر عاماً علناً يعد مرتكباً لفعل فاضح، وعلة ذلك أن الفعل الفاضح لا يقوم على فكرة الحرية الجنسية، وإنما يستند على معنى الإخلال بالشعور العام بالحياء.
نصت المادة 279 عقوبات على معاقبة كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً - بالحياء ولو فى غير علانية، ولا تثير هذه الجريمة بحثاً يضاف إلى ما أسلفناه إلا في أوجه معينة تتميز بها سوف نوردها فيما يأتي.
يتعين في هذه الجريمة توافر عناصر جديدة في الركن المادي، هي:
1- ارتكاب الفعل في حضور امرأة، ويراد بالمرأة هنا مطلق الأنثى، وكل ما يشترط هو أن تكون مميزة بحيث تدرك ماهية الفعل.
2- عدم رضاء المجني عليه، وعلة ذلك أن القانون لم يستهدف من المعاقبة على هذه الجريمة حماية الشعور العام بالحياء، وإنما حماية شعور الأنثى، ولهذا علق القانون رفع الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة على تقديم شكوى من المجني عليها أو وكيلها الخاص (المادة 3 إجراءات).
ويفترض هذا العنصر وقوع الفعل دون رضاء المجني عليها، فإن رضيت لم يكن هناك مجال للإخلال بالشعور، وتفصل محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية في مدى توافر هذا الرضاء.
وقد ذهب رأي إلى اشتراط أن تكون المجني عليها قد بلغت الثمانية عشر حتى يعتد برضائها استناداً إلى أن عدم الرضاء في هذه الجريمة له عين الدلالة التي له في هتك العرض، ونحن نؤيد هذا الرأي، فقد أفصح القانون عن قاعدة مؤداها أن ما دون هذه السن لا يعتد برضائه في كل ما يتعلق بالإخلال بالحياء.
وبالإضافة إلى ما تقدم، فقد علق القانون رفع الدعوى الجنائية في هذه الجريمة على شكوى المجني عليها.
العقوبة:
يعاقب على هذه الجريمة بعقوبة الفعل الفاضح العلني، وهي حبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة 2016 الكتاب الثاني ، الصفحة : 268)
تعريف : الفعل الفاضح هو سلوك عمدی يخل بحياء من تلمسه حواسه .
ويتسع هذا التعريف للفعل الفاضح بنوعيه - العلني وغير العلني - فيبرز الركن المشترك ، وهو الركن المادي ؛ ويحدد الحق المعتدى عليه، وهو حياء من لمس الفعل بإحدى حواسه ، سواء أكان جمهور الناس أم كان شخصاً معيناً ؛ ويشير بصفة عامة إلى أنه في صورتيه جريمة عمدية ، وان اختلفت عناصر القصد المنصب في كل منهما .
الفعل الفاضح العلني والفعل الفاضح غير العلني : نصت على جريمة الفعل الفاضح العلني المادة 278 من قانون العقوبات في قولها « كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه»، ونصت على جريمة الفعل الفاضح غير العلني المادة 279، فقضت بأن «يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء ولو في غير علانية ». وإلى جانب ما سبق أن أشرنا إليه من مواضع الإشتراك بين الجريمتين، فبينهما فروق أساسية : فالعلانية ركن في الأولى، ويجب أن تنتفي في الثانية، فهی بالنسبة لها ركن سلبي، وسواء في الفعل الفاضح العلني أن يكون من وقع عليه الفعل راضياً به أو غير راض، وسواء كذلك أن يكون ذكر أو أنثى، وسواء أن يكون الفعل في ذاته تعبيراً عن علاقة مشروعة كالصلة بين الزوجين أو أن يتصف بعدم المشروعية، أما جريمة الفعل الفاضح غير العلني فتتطلب أن يكون المجني عليه امرأة، وأن تكون غير راضية بالفعل، وأن يكون في ذاته غير مشروع، وإذا كان الفعل في الجريمتين مخلاً بالحياء، فهو في الفعل الفاضح العلني يخل بحياء جمهور الناس، في حين يقتصر في الفعل الفاضح غير العلني على الإخلال بحياء امرأة معينة، وهذا الاختلاف بين الجريمتين لا يسمح بالقول بأن إحداهما صورة من الأخرى : فبالإضافة التي تعادلهما في العقوبة مما يجعل من غير السائغ أن توصف إحداهما بأنها صورة مخففة أو مشددة من الأخرى ، فإن كلا منهما تفترض انتفاء أحد أركان الأخرى وحلول ركن أخر محله، ومؤدى ذلك أن تعد كل منهما جريمة مستقلة عن الأخرى، وإن كانت بينهما كما قدمنا مواضع اشتراك .
علة التجريم: علة تجريم الفعل الفاضح غير العلني واضحة : فباعتباره يرتكب دون رضاء المجني عليها فهو عدوان على حريتها الجنسية في معناها الشامل، فقد أكرهت على معاناة فعل له دلالة جنسية، وهو حسب المجرى العادي للأمور، وإن لم يكن ذلك في نية المتهم، يعد تمهيداً الأفعال أكثر فحشاً، وهي من هذه الوجهة تقترب - دون أن تتماثل - بجريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد .
أما علة تجريم الفعل الفاضح العلني فيثير تحديدها بعض الصعوبات :فقد يقال إنه يستهدف حماية النقاء الأخلاقي للأماكن العامة، ولكن يرد على ذلك بأن هذه الجريمة قد ترتكب في مكان خاص إذا كان في استطاعة من يوجدون في خارجه أن يلمسوا بالرؤية أو السمع، الفعل الفاضح وغني عن البيان أن الشارع لا يحمي بالعقاب على هذه الجريمة - الفضيلة في ذاتها، فقد يكون الفعل الذي تقوم به تعبيراً عن علاقة مشروعة، كصلة بين زوجین وإنما علة هذا التجريم هي حماية الشعور العام بالحياء، ولهذه الحماية جوانب متعددة، فهي حماية للحرية الجنسية لمن شهدوا الفعل اضطراراً، إذ يوحي إليهم هذا الفعل بصورة معينة لما يمكن أن يكون عليه استعمالهم لحريتهم الجنسية، مما يعني تدخلاً فيها، وأنهم لم يتركوا وشأنهم في كيفية استعمالها، وبالإضافة إلى ذلك فهذا التجريم يتضمن حماية القيم الأخلاقية الجنسية في المجتمع، وصيانتها ذات أهمية في كل مجتمع متحضر ،وفي النهاية يحمي هذا التجريم استقرار الأمن في المجتمع، إذ يخشی آن يستثار من يشهدون الفعل فيندفعون إلى الإنتقام ممن اقترفه.
تقسيم الدراسة: نتناول بالدراسة الأحكام العامة في جريمتي الفعل الفاضح ثم نحدد الأحكام الخاصة بكل منهما على حده .
الأحكام العامة في جريمتي الفعل الفاضح
تنحصر هذه الأحكام العامة في «الفعل الفاضح»، فهو الركن المشترك بين الجريمتين، ودراسة هذا الركن تقتضي تحديد دلالة « الفعل » ثم تحديد معیار کونه «فاضحاً» .
دلالة الفعل الفعل في مدلوله العام هو «حركة عضوية إرادية»، ووفق هذا المدلول يعتبر القول المجرد والكتابة فعلاً، ولكن الشارع يعني بلفظ «الفعل» في جريمة الفعل الفاضح مدلولاً أضيق من ذلك، وهذا التحديد مستخلص من وجود نصوص أخرى تعاقب على الإخلال بالحياء العام عن طريق القول أو الكتابة أو الصور، مما يقتضی - تنسيقاً بين نصوص القانون - ان تستبعد الأفعال التي تجرمها النصوص السابقة من نطاق جريمتى الفعل الفاضح کي يكون لكل جريمة نطاقها الخاص.
وتطبيقاً لذلك، فإنه يخرج من نطاق الفعل الفاضح النطق بأقوال أياً كانت درجة فحشها وبذاءتها، سواء وجهت إلى شخص أو أشخاص معينين أو جهر بها الجاني بأية وسيلة فوجهها بذلك إلى أشخاص غير معينين، ويخرج من نطاق الفعل الفاضح كذلك توجيه رسالة تتضمن عبارات فاضحة أو تتضمن قصصاً بذيئة أو تنطوي على حض على سلوك جنسي مناف للأخلاق، ولا تقوم هذه الجريمة كذلك برسم صور أو رسوم كاريكاتورية أو صنع تماثيل أياً كانت درجة فحش ما تصوره أو ترمز إليه، ولا تقوم هذه الجريمة بعرض فيلم سينمائي أو تليفزيوني يتضمن مناظر فاحشة ، وإنما تخضع هذه الأفعال الجريمة الإخلال بالآداب العامة (المادة 178 من قانون العقوبات) ولكن تقوم جريمة الفعل الفاضح بعرض مناظر فاحشة على المسرح ضمن رواية مسرحية أو برنامج استعراضي، وتقوم كذلك بعرض رقصات فاضحة، أو مجرد ظهور شخص (في الغالب يكون امرأة) في مكان عام كملهى ليلي وهو عار كلياً أو جزئياً.
صور الفعل الفاضح: أهم صور الفعل الفاضح الأفعال التي تقوم بها جريمتا الاغتصاب وهتك العرض : فمن أتى هذه الأفعال علناً كان مسئولاً عن جريمة الفعل الفاضح العلني، بالإضافة إلى مسئوليته عن الاغتصاب أو هتك العرض بل أن الأفعال السابقة تقوم بها جريمة الفعل الفاضح العلنی ولو لم تتوافر بها أركان الاغتصاب او هتك العرض، كما لو ارتكب الفعل برضاء صحيح من المجني عليه أو صدر من زوج على زوجته، ولكن جريمة الفعل الفاضح لا تتطلب أفعالاً بهذا القدر من الفحش : فالفعل المخل بالحياء على نحو يسير يكفى لقيام الجريمة، ومن ثم تمس الحاجة إلى وضع ضابط يميز بين الأفعال المخلة بالحياء على هذا النحو فتقوم بها الجريمة والأفعال التي لا تخل بالحياء فتتجرد لذلك من الصفة الإجرامية .
ويمكن تأصيل هذه الصورة بردها إلى مجموعتين : أفعال يأتيها المتهم على جسم الغير وتخل بحيائه على نحو غير جسيم كتقبيل امرأة أو التربيت على خدها أو الإمساك بيدها، وأفعال يأتيها على جسمه نفسه وتخل بحياء من يطلع عليها، مثال ذلك ظهوره عارياً في مكان عام أو كشفه عن عوراته.
ضابط الإخلال بالحياء : يستمد هذا الضابط من الشعور العام السائد في المكان والزمان اللذين ارتكب فيهما الفعل، فلكل مجتمع فكرته عن الحياء، وهذه الفكرة هي قوام الشعور العام بالحياء لديه، وهي تحدد ما يمكن أن يجرحه من أفعال، ويعتمد تحديد الشعور العام بالحياء علی مجموعة من القيم الأخلاقية والدينية ومجموعة من التقاليد والآداب الاجتماعية تسود في المجتمع، وعلى قاضي الموضوع أن يكشف هذه القيم والتقاليد، وأن يستخلص منها فحوى ونطاق الشعور العام بالحياء السائد في المجتمع الذي ارتكب فيه الفعل، ويرى ما إذا كان الفعل قد جرح هذا الشعور أم لم يجرحه، ويعني ذلك أن لهذا القاضي سلطة واسعة في تحديد هذا الضابط، وعليه أن يسلم بأن الشعور العام بالحياء فكرة نسبية تختلف باختلاف الأماكن والأزمنة، بل أن اختلاف الظروف في المكان والزمن الواحد له دوره في تحديد ما ينطوي عليه الفعل من إخلال بالحياء، فما يعد فعلاً فاضحاً في قرية قد لا يعد كذلك في مدينة، وما يعد فعلاً فاضحاً في داخل المدينة قد لا يعد كذلك على شاطىء البحر، ومن باب أولى فإن بعض ما لا يعد فعلاً فاضحاً في أوروبا قد يعتبر في مصر فعلاً فاضحاً، وغني عن البيان أن ما كان يعتبر فعلاً فاضحاً في زمان مضى قد لا يعتبر كذلك في الوقت الحاضر.
تطبيقات ضابط الإخلال بالحياء : هذه التطبيقات يجب أن تحدد في ضوء القيم والتقاليد السائدة في المجتمع المصري، وهذه القيم والتقاليد قد استلهمت من التعاليم الإسلامية، ولكن عرض لها التطور بتأثير الاتصال بين مصر والبلاد الأوربية، مما أفضى إلى تقبل المجتمع المصري بعض القيم الأوربية التي اقتصر دورها على الامتزاج المحدد بالقيم الأصلية، دون الحلول محلها .
وجوهر القيم والتقاليد المصرية المتطورة هو استشعار الحياء من الاطلاع على جميع مظاهر الصلات الجنسية، ويدخل في ذلك أي فعل له دلالة جنسية باعتباره حسب المجرى العادي للأمور تمهيداً لصلة جنسية وهذه الدلالة للفعل تستظهر بكشفه عن رغبة جنسية لدى مقترفة، سواء لأنه يجلب له متعة أو يهدف إلى إثارة شهوات من يطلعون عليه أو يتعرضون له، وتتأذى هذه القيم كذلك من كشف شخص عن عورات جسمه، وتحدد العورة في دلالتها العرفية بأنها كل جزء في الجسم استقر العرف على وجوب ستره بالملابس .
وفي تطبيق ضابط الإخلال بالحياء يتعين التمييز بين الأفعال التي يرتكبها شخص على جسم غيره وما يأتيه على جسمه نفسه، فإذا أتى المتهم الفعل على جسم غيره وكانت له دلالة جنسية في المعنى السابق فهو فعل مخل بالحياء، وبناء على ذلك فإن تقبيل امرأة أو التربيت على خدها أو الإمساك بيدها هي أفعال مخلة بالحياء، وتقوم بها الجريمة إذا ارتكبت علناً ولو برضاء المرأة أو ارتكبت في غير علانية ودون رضائها، ولكن الفعل السابق قد يؤتى في ظروف تنفي عنه دلالته الجنسية ، وتجعله تعبيراً عن عاطفة أو شعور مقبول اجتماعياً، فتقبيل رجل زوجته أو ابنته أو أخته علناً توديعاً لها لحظة السفر أو تهنئة لها لنجاتها من كارثة أو لفوزها في امتحان أو مسابقة، وإمساك شخص بيد فتاة لإنقاذها من خطر أو مساعدة لها على اجتياز طريق يشتد ضغط المرور فيه، هذه الأفعال تتجرد من الإخلال بالحياء، وفي ذلك تأكيد لما قدمناه من أن صفة الإخلال بالحياء في الفعل تتحدد بالنظر إلى جميع الظروف التي يرتكب فيها، أما الأفعال التي يأتيها شخص على جسمه، فضابط إخلالها بالحياء أن تتضمن عرضاً لأجزاء من الجسم تعد عورة في دلالتها الاجتماعية.
جريمة الفعل الفاضح غير العلني:
أركان الجريمة: نصت على هذه الجريمة المادة 279 من قانون العقوبات التي قضت بأن يعاقب بعقوبة الفعل الفاضح العلنس «كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء ولو في غير علانية»، ويستخلص من هذا النص أن أركان الجريمة هي : الفعل المخل بالحياء، وصفة المجني عليها كامرأة، والقصد الجنائي، ويعني هذا البيان لأركان الجريمة أنه سواء أن تكون المجني عليها راضية بالفعل أو غير راضية به، ولكن هذا التحديد لأركان الجريمة يتعارض مع الفكرة الأساسية في جرائم الاعتداء على العرض ، إذ هي في جوهرها «اعتداء على الحرية الجنسية »، ومؤدی ذلك أنه إذا ارتكب الفعل بالرضاء وفي غیر علانية فلا وجود لهذا الاعتداء، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يستفاد بمفهوم المخالفة أنه إذا تطلب الشارع فی هتك العرض انعدام الرضاء، وتطلب العلانية في الفعل الفاضح العلني، فإن توافر الرضاء وانتفاء العلانية يستتبعان بالضرورة انعدام التجريم، ويقتضي ذلك أن نضيف إلى الأركان الثلاثة السابقة ركن «عدم رضاء المجني عليها»، وتفترض هذه الجريمة ركناً سلبياً، هو انتفاء العلانية .
علة التجريم هذه العلة هي حماية الحرية الجنسية للمرأة من أن ينالها الاعتداء في صورة لا تكفي لتقوم بها جريمة هتك العرض، ومن ثم كان دور جريمة الفعل الفاضح غير العلني بالنسبة لجريمة هتك العرض دوراً تكميلياً واحتياطياً، فهي مثلها تحمي ذات الحق وتطبق حيث لا يكون الاعتداء من الجسامة بحيث تتوافر به أركان هتك العرض.
تفصيل أركان الجريمة : الركن المادي لهذه الجريمة هو «الفعل المخل بالحياء» ، وهذا الفعل هو بعينه ما تقوم به جريمة الفعل الفاضح العلني، فيتسع لكل «سلوك يخدش الحياء»، فيدخل فيه الفعل الذي يأتيه المتهم على جسم المجني عليها فيخل بحيائها دون أن يبلغ من الفحش القدر الذي يقوم به هتك العرض كتقبيلها، كما تدخل فيه الأفعال التي يأتيها المتهم على جسمه نفسه في حضور إمرأة مثل كشفه عن عوراته أو شروعه في خلع ملابسه الداخلية أمامها.
وتتطلب هذه الجريمة أن تكون المجني عليها «امرأة» ، ولفظ امرأة پرادف لفظ «أنثى» ومن ثم يشمل الصغيرة المميزة، وسواء أكانت متزوجة أم غير متزوجة، وسواء كذلك نصيبها من الأخلاق، ولكن يتعين أن تكون ممن يفهمن دلالة الفعل حتى يمس بذلك حياؤها وتتحقق علة التجريم، وبناء على ذلك فإن ارتكاب الفعل مع صغيرة غير مميزة أو مجنونة يحول جنونها بينها وبين أن تفهم دلالة الفعل لا تقوم به الجريمة، ويترتب على ذلك أنه إذا ارتكب الفعل على ذكر فلا تقوم به هذه الجريمة.
وتتطلب هذه الجريمة «انعدام الرضاء»، وهذا الركن متصل بعلة التجريم، فهي «حماية شعور المجني عليها وصيانة كرامتها مما قد يقع على جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء على الرغم منها» .
ولهذا الركن ذات دلالته في الاغتصاب وهتك العرض، فيتوافر إذا كانت المجني عليها غير أهل لأن يصدر عنها رضاء يعتد به القانون، كما لو كانت مجنونة أو سكرانة أو نائمة أو ارتكب الفعل بغتة على مشهد منها، ونعتقد أن الجريمة تتوافر أركانها إذا ارتكب الفعل مع امرأة لم تبلغ الثامنة عشرة من عمرها برضائها، إذ ليس لرضائها من القيمة القانونية ما ينفي الجريمة .
ويتخذ الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة القصد الجنائي، ويفترض القصد علم المتهم بأن الفعل مخل بالحياء وأن الرضاء به منعدم، ويتطلب بالإضافة إلى ذلك اتجاه إرادة المتهم إلى الفعل، ولا عبرة بالبواعث إليه، وغني عن البيان أنه لا قيام للجريمة إذا كان الفعل تعبيراً عن صلة مشروعة بين المتهم والمجني عليها لأنهما زوجان .
عقوبة الجريمة: قرر الشارع لهذه الجريمة عقوبة جريمة الفعل الفاضح العلني، أي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تجاوز ثلاثمائة جنيه، ومن الاعتبارات التي يسترشد بها القاضي في استعماله سلطته التقديرية، درجة فحش الفعل، وسن المجني عليها، وسمعتها الأخلاقية، وليس لهذه الجريمة ظروف مشددة، ولا عقاب علی الشروع فيها، ولا تتعدد هذه الجريمة مع هتك العرض، إذ النص الخاص بهتك العرض يستوعبها، ولكن يتصور تعددها مع السبب غير العلني، إذا انطوى الفعل على ما يخدش شرف المجنى عليها.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة: 657 )
تقررت هذه الجريمة بمقتضى المادة 279 عقوبات وهي ليست من الجرائم المقررة لحماية الحياء العام وإنما هي جريمة احتياطية يواجه بها المشرع حالة" وقوع فعل فاضح مخل بالحياء" دون أن تتوفر له شروط العلانية بهدف حماية الحياء الخاص للأنثى التي يقع الفعل في حضورها سواء انصب عليها فعل الجاني بأن أوقع الفعل عليها كما لو مس شعرها أو لامس جسدها من فوق الملابس أم أوقعه على نفسه، أما إذا أوقع الفعل على رجل فلا تتوفر هذه الجريمة ويلزم أن يكون الفعل واقعاً على أنثى تكون مميزة على الأقل أياً ما كان حظها من الأخلاق إذ تقوم الجريمة إذا ارتكب الجاني فعلاً مخلاً بالحياء في حضرتها أما إذا كانت مجنونة أو غير مميزة ليس لديها قدره إدراك دلالة تلك الأفعال فلا تقوم الجريمة لإنعدام العلة ويلزم أن يكون هذا الفعل قد وقع في حضرة المرأة دون رضاها والرضا المعتبر في الأخلاق هو الصادر ممن تجاوز سنها الثامنة عشرة والفصل في مسألة رضاء المجني عليها أو علم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً .(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة: 687)
أركان الجريمة :
تقوم الجريمة على أركان ثلاثة هي :
(1) رکن مادي وهو الفعل المخدش لحياء الإنثى.
(2) إنعدام رضاء الإنثى.
(3) القصد الجنائي.
فهذه الجريمة تشبه جريمة الفعل الفاضح في الركنين المادي والمعنوي، وتشبه هتك العرض والإغتصاب في الركن الثاني وفي عدم اشتراط العلانية، وتشترك مع الإغتصاب في أنها لا تقع إلا على أنثي ويتوافر الركن المادي بوقوع فعل مخل بالحياء على جسم إمرأة لا يصل في جسامته إلى درجة هتك العرض، كما يتوافر بالأفعال التي لا تقع على جسم المرأة مباشرة والتي ترتكب في حضورها بغير علانية، ولفظ إمرأة الوارد في المادة محل التعليق لفظ عام يشمل كل أنثى سواء أكانت بالغة، أم غير بالغة ولكن في حالة الصغيرة يشترط أن تكون ممن يدركن طبيعة الفعل حتى يصح القول بأن الفعل أخل بحيائها وإلا فلا جريمة ولا عقاب، أما إنعدام الرضاء فهو شرط مستنتج بالضرورة من الأعمال التحضيرية للمادة محل التعليق، إذ أراد بها القانون حماية شعور المرأة وصيانة كرامتها مما قد يقع على جسمها أو بحضرتها من أمور مخلة بالحياء، ولا تتوافر هذه الحكمة إلا إذا وقع الفعل بغير رضاء المجني عليها، والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو بعينه في جريمة الفعل الفاضح العلني، فيتوافر متى إرتكب الجاني الفعل وأحدث نتيجته عمداً.
العقوبة:
الحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنية.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 833)
جريمة الإخلال بحياء امرأة في غير علانية
- الركن المادي:
السلوك المكون للركن المادي في هذه الجريمة هو "الفعل المخل بالحياء" أو المنافي للآداب ولا يبلغ في الفُحش درجة هتك العرض ومن ثم فهو معنى يتسع لكل سلوك يخدش حياء المرأة سواء كان الفعل على جسم المرأة أو على جسم الفاعل ولكن إذا تم ارتكاب الجريمة عبر التليفون المحمول أو الانترنت فلا يمكن تصور إتيان الفعل على جسم المرأة وإنما يمكن إتيانه من الفاعل على جسمه هو كما سلف القول.
ومن الجدير بالذكر أن الفعل إذا ارتكب على جسم المرأة وبلغ درجة عالية من الفحش فإن وصف الجريمة يتغير ليكون هتك عرض كما لو لمس بيده مكاناً يعد من العورات.
وتتطلب هذه الجريمة أن تكون المجني عليها "امرأة" وهذا اللفظ مرادف للفظ "أنثي" ولكن يتعين أن تكون ممن يفهمن دلالة الفعل أو مميزة.
ومن ثم فإن هذه الجريمة لا تقع على ذكر " فإذا قاد المجني عليه شخصان إلى غرفة مقفلة الأبواب والنوافذ وقبله أحدهما في وجهه وقبله الثاني على غرة منه في قفاه وعضه في موضع التقبيل فهذا الفعل لا يعتبر إذن هتك عرض ولا شروعاً فيه كما أنه لا يدخل تحت حكم أية جريمة أخرى من جرائم إفساد الأخلاق.
ويشترط لتوافر هذه الجريمة أن تتم بغير رضاء المجني عليها حماية لشعورها وصيانة لكرامتها مما قد يقع على جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء على الرغم منها.
ومسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المادة 279 من قانون العقوبات مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلي ما انتهي إليه الحكم فإذا استند الحكم في براءة المتهم إلي قوله إن الثابت من وقائع الدعوى أن ركن انعدام رضاء المجني عليها غير متوافر ذلك أن الظاهر للمتهم هو أن المجني عليها راضية عن الواقعة فضلاً عن أنها سمحت له برضائها الدخول لمسكنها والجلوس بصحبتها ومن ناحية أخرى فإن المحكمة تستخلص رضاء المجني عليها من قولها بمحضر جمع الاستدلالات أن زوجها قد لفق الواقعة للإيقاع بالمتهم أي أنها كانت راضية عن الفعل الذي قام به المتهم وذلك حتى توقع به لكي يستفيد زوجها حسب الخطة التي كان يرمي إليها فإن ما أثبته الحكم ينطوي على رضاء المجني عليها بجميع مظاهره وكامل معالمه.
ويجب أن يكون الحكم بذاته مظهراً لواقعة الفعل المراد اعتباره جريمة حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة صحة تكوينه للجريمة أو عدم صحة ذلك فإذا اكتفي الحكم بأن ذكر أن السب حاصل" بالألفاظ الواردة بعريضة الدعوى" دون بيانها كان معيباً عيباً جوهرياً موجباً لنقضه.
ومن ثم إذا كانت المرأة أو الأنثى راضية بالفعل المخل بالحياء فلا تقوم هذه الجريمة إلا إذا كان قد وقع علانية لأنه في هذه الحالة يشكل جريمة أخري هي جريمة الفعل الفاضح العلني.
- الركن المعنوي:
الركن المعنوي في هذه الجريمة يتخذ صورة القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة.
فيكفي قانوناً لتوافر القصد الجنائي في جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء أن يكون المتهم عالماً بأن فعلته من شأنها أن تخدش الحياء.
وكذلك اتجاه إرادة الجاني إلى الفعل المخل بالحياء بدون رضاء المرأة بحيث إذا تسبب في المساس بجزء من جسمها يعد عورة دون قصد أو إهمال منه مثلا فلا تتوافر الجريمة.
- تقديم شكوى من المجني عليها :
نصت المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلي النيابة العامة أو إلي أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185، 274، 277، 279، 292، 293 ، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.
ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ومفاد ما ورد بالفقرة الثانية من هذه المادة أن مدة الثلاثة أشهر إنما تبدأ من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها وليس من تاريخ التصرف في البلاغ أو الشكوى موضوع الجريمة.
واشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية هو في حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية لا على ما للمدعي بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة ولو بدون شكوى سابقة في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى.
ولا يشترط أن يصدر توكيل من المدعي بالحق المدني إلى وكيله إلا في حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر فإن منعي الطاعن يكون غير سديد.
والادعاء المباشر هو بمثابة شكوى إنما يشترط أن يتم الادعاء المباشر في خلال المدة التي تقبل فيها الشكوى والمنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية وهي ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها.
ومن ثم فإذا كان الحكم المطعون فيه قد احتسب المدة المذكورة من تاريخ صدور قرار الاتهام من النيابة العامة في قضية أخري وعدم شموله جريمة السب العلني التي رفعت عنها الدعوى الماثلة ضد الطاعن بطريق الادعاء المباشر فإنه يكون قد جعل لبداية سريان مدة سقوط الحق في الشكوى واقعة أخري خلاف واقعة العلم بالجريمة وبمرتكبها التي نص عليها القانون لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئا في تطبيق القانون وهو ما يتسع له وجه الطعن متعيناً نقضه.
ولا يشترط في الشكوى أن يكون قد تلاها تحقيق مفتوح أو حتى جمع استدلالات من مأموري الضبط القضائي.
فإذا كان المجني عليه قد تقدم بشكوى عن الواقعة خلال الثلاثة أشهر المتقدم بيانها إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي وتراخي تحقيقها أو التصرف فيها إلي ما بعد فوات هذه المدة فيجوز له في هذه الحالة أن يلجأ إلي طريق الادعاء المباشر لأنه يكون قد حفظ حقه من السقوط بتقديمه الشكوى في الميعاد وأبان عن رغبته في السير فيها فضلاً عن أنه لا يصح أن يتحمل مغبة إهمال جهة التحقيق أو تباطئها.
وهذا البيان (الشكوى) من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية ولا يغني عن النص عليه بالحكم ما تبين من أن الزوج قد تقدم إلي مأمور القسم بالشكوى عن جريمة الزنا وأصر على رفع الدعوى الجنائية عنها في تحقيق النيابة العامة.
وقيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة إلي الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها أو بالنسبة إلي شخص المتهم دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى.
وعلم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها يعتبر من الوقائع التي رتبت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أثراً قانونياً بما لا يصح معه افتراض هذا العلم ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول دعوى الطاعن تأسيساً على افتراض علمه بالوقائع التي تضمنتها منذ أكثر من ثلاثة أشهر سابقة على تاريخ رفعها دون أن يعني الحكم باستظهار ملابسات هذه الشكاوي وما إذا كانت عن الوقائع السابقة ذاتها أم عن وقائع جديدة أخر يودون أن يورد الدليل علي العلم اليقيني فإنه يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب.
ويجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجري الميعاد في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي ثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني.
والشارع قد جعل من مضي هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس علي التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الحق في الشكوى لأسباب ارتاها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأيد سلاحاً للتهديد والابتزاز أو النكاية ومن ثم فإن تقديم الشكوى خلال الأجل الذي حدده القانون إنما ينفي قرينة التنازل ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني ولو تراخت النيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية إلي ما بعد فوات هذا الميعاد وإذ كانت المطعون ضدها قد قدمت شكواها في الميعاد المحدد وأقامت دعواها وفقا للأوضاع التي رسمها القانون فإن ما يثيره الطاعن بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون صحيحاً في القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الأساس في غير محله.
ومن ثم فإن الدفع بسقوط حق المدعي بالحق المدني في تحريك الدعوي الجنائية عن جريمة القذف والسب لمضي ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بتلك الجريمة قبل رفع الدعوى بها محله أن يكون هذا العلم علما يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجري الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والذي يترتب على مضيه عدم قبول الشكوى في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت منه قيام هذا العلم اليقيني.
وإذا انقضى ميعاد تقديم الشكوى يكون اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى معدوما ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هى فعلت كان حكمها وما بنى عليه من إجراءات معدوم الأثر ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة لها هو دفع جوهري يتعين علي محكمة الموضوع أن تعرض له وتمحصه وتقول كلمتها فيه بحيث يستطاع الوقوف علي مسوغات ما قضت به ويحقق الغرض الذي قصده الشارع من استجاب تسبيب الأحكام وحتى يمكن لمحكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على الواقعة.
ويشترط لصحة الشكوى أن تكون واضحة في التعبير عن إرادة الشاكي في تحريك الدعوى العمومية ويستوي أن تستفاد هذه الإرادة صراحة أو ضمناً من ظروف الشكوى كما يستوي أن تكون كتابة أو شفاهة كما يجب أن تكون صريحة ومعبرة عن إرادة الشاكي في تحريك الدعوى العمومية وبالتالي لا تعتبر شكوى بالمعنى القانوني تلك التي يطالب فيها الشاكي إثبات حالة أو أخذ تعهد على الجاني.
ومن ثم فإذا كانت أقوال المطعون ضده ضد الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات في حقيقتها طلب إثبات حالة وأخذ تعهد بعدم التعرض وخلت مما يفصح عن رغبته في تحريك الدعوي الجنائية ضد الطاعن بل جاءت عباراته واضحة الدلالة في عدم اتجاه إرادته إلى تحريك الدعوي الجنائية اكتفاء بأخذ التعهد على المشكو في حقه الطاعن ولا يغير من ذلك رضاء صاحب الحق في تقديم الشكوى في السير في الدعوى أو ادعائه بالحق المدني قبل الطاعن لأن ذلك كله لا يصحح الإجراءات الباطلة لما كان ذلك فإنه يتعين عملاً بالمادة 3 سالفة الذكر أن يقضي بنقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية وبراءة الطاعن فإنها لا تعد شكوى بالمعني القانوني .
التنازل عن هذه الجريمة :
نصت المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية على أن " لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة وللمجني عليه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 185 من قانون العقوبات وفى الجرائم المنصوص عليها في المواد 303، 306، 307، 308 من القانون المذكور إذا كان موظفاً عاماً أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلي أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل.
وفي حالة تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل صحيحاً إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين.
وإذا توفي الشاكي فلا ينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوى الزنا فلكل واحد من أولاد الزوج الشاكي من الزوج المشكو منه أن يتنازل عن الشكوى وتنقضي الدعوى.
والشارع قد جعل من مضي هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس علي التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الحق في الشكوى لأسباب ارتاها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأيد سلاحاً للتهديد والابتزاز أو النكاية ومن ثم فإن تقديم الشكوى خلال الأجل الذي حدده القانون إنما ينفي قرينة التنازل ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني ولو تراخت النيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية إلى ما بعد فوات هذا الميعاد.
ولم يرسم المشرع طريقاً لهذا التنازل فيستوي أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفاهة كما يستوي أن يكون صريحاً أو ضمنياً ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد في غير شبهة أنه أعرض عن شكواه.
وجعل القانون أثر هذا التنازل منصبا على الدعوى الجنائية وحدها ولا يمنع ذلك من أصابه ضرر من الجريمة أن يطالب بتعويض هذا الضرر أمام المحكمة المدنية.
والدفع بانقضاء الدعوى بالتنازل الذي يتمسك به المتهم صراحة هو من الدفوع القانونية الجوهرية التي يكون الفصل فيها لازما للفصل في الموضوع ذاته إذ ينبني فيما لو صح انقضاء الدعوى الجنائية بمقتضى صريح نص المادة 10 من القانون المذكور فإذا أغفلت المحكمة الرد عليه كان ذلك موجباً لنقض حكمها.
ومتى صدر هذا التنازل ممن يملكه قانوناً يتعين إعمال الآثار القانونية له كما لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى ما زال ممتداً لأنه من غير المستساغ قانوناً العودة للدعوى الجنائية بعد انقضائها إذ الساقط لا يعود فإن الدعوى الجنائية في الواقعة المطروحة تكون قد انقضت بالتنازل قبل رفعها من النيابة العامة دون أن ينال من الانقضاء العدول عن التنازل اللاحق لحصوله.
وانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل هو عقبة إجرائية تحول دون اتخاذ إجراءات فيها اعتبارا من تاريخ الانقضاء وينبني عليه عدم قبول الدعوى الجنائية إذا رفعت في مرحلة تالية له ومقتضى عدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها التي ترفع أمام المحاكم الجنائية تبعاً لها.
فإذا قضت المحكمة رغم صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لتنازل الشاكي أمام النيابة العامة وذلك قبل رفع هاتين الدعويين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً نقضه وإلغاء الحكم الغيابي فيما قضي به في الدعويين الجنائية والمدنية والقضاء بعدم قبولهما. (موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 525)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 89 ، 90 .
(مادة 135)
يعاقب بالعقوبة المبينة بالمادة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء، ولو في غير علانية.
(مادة 136)
(أ) كل من حرض ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة، أو ساعده على ذلك، أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة - يعاقب بالسجن، وبغرامة من ألف جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه.
(ب) إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر الثامنة عشرة سنة هجرية - كانت العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن ألف جنيه،
ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه.
(مادة 137)
يعاقب بالسجن المؤبد :
(أ) كل من استخدم أو استدرج أو أغوى شخصاً ذكراً كان أو أنثي بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة، وذلك بالخداع، أو بالقوة، أو بالتهديد، أو بإساءة استعمال السلطة، أو غير ذلك من وسائل الإكراه.
(ب) كل من استبقى بوسيلة من هذه الوسائل شخصاً ذكراً كان أو أنثى بغير رغبته في محل للفجور أو الدعارة.
(مادة 138)
كل من حرض ذكراً لم يتم من العمر الثامنة عشرة سنة هجرية، أو أنثى أياً كان سنها على مغادرة جمهورية مصر العربية، أو سهل له ذلك، أو استخدمه، أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة، وكل من ساعد على ذلك مع علمه به - يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة من ألف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين إذا وقعت الجريمة على شخصين فأكثر، أو إذا ارتكبت بوسيلة من الوسائل المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة، بالإضافة إلى الغرامة المقررة.
(مادة 139)
في الأحوال المنصوص عليها في المواد الثلاث السابقة تكون العقوبة السجن المؤبد، إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر ست عشرة سنة هجرية، أو إذا كان الجاني زوجا، أو من محارم المجني عليه، أو من المتولين تربيته أو ملاحظته، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان خادماً بالأجر عنده، أو عند من تقدم ذكرهم.
(مادة 140)
كل من أدخل إلى جمهورية مصر العربية شخصاً، أو سهل له دخولها لارتكاب الفجور أو الدعارة - يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة من ألف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه.
(مادة 141)
يعاقب بالسجن المؤقت:
(أ) كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإنفاق المالي.
(ب) كل من استغل بأية وسيلة بناء شخص أو فجوره.
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا اقترنت الجريمة بأحد الطرفين المشددين المنصوص عليها في المادة (139) من هذا القانون.
(مادة 142)
كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة، أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته - يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به.
وإذا كان مرتكب الجريمة زوجاً، أو محرماً لمن يمارس الفجور أو الدعارة، أو المتولين تربية، أو ممن لهم سلطة عليه - تكون العقوبة السجن المؤبد، بالإضافة إلى الغرامة المقررة.
(مادة 143)
يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي
جنيه:
(أ) كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور أو الدعارة أو
لسكنى شخص أو أكثر، إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك.
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة.
(ب) كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرقاً مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور،يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة، سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك، أو بساحه في محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة.
(ج) كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة.
وفي الأحوال المنصوص عليها في البندين (أ، ب) يحكم بإغلاق المحل لمدة سنة، وينفذ الإغلاق دون نظر المعارضة الغير، ولو كان حائرا بموجب عقد صحیح ثابت التاريخ.
(مادة 144)
كل مستغل أو مدير لمحل عمومي، أو لمحل من محال الملاهي العمومية، أو محل آخر مفتوح للجمهور يستخدم أشخاصاً ممن يمارسون الفجور أو الدعارة، بقصد تسهیل ذلك لهم، أو بقصد استغلالهم في ترويج نشاطه - يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة من ألفي جنيه إلى أربعة آلاف جنيه.
وإذا كان الفاعل من الأشخاص المذكورين في الفقرة الأخيرة من المادة (142) -
تكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة من أربعة آلاف جنيه إلى ثمانية آلاف جنيه.
ويحكم بإغلاق المحل لمدة سنة، وينفذ الإغلاق دون نظر المعارضة الغير، ولو كان حائزاً بموجب عقد صحیح ثابت التاريخ، ويكون الإغلاق نهائياً في حالة العود.
مادة (133): يعاقب بالحبس كل من وجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض
المارة على الفسق بإشارات أو أقوال.
ويستبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة.
مادة (134): كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء - يعاقب بالحبس.
مادة (135): يعاقب بالعقوبة المبينة بالمادة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء ولو فى غير علانية.
الإيضاح
لما كان قانون العقوبات الحالي لا يتضمن نصاً يعاقب على الوقاع بالرضا الحاصل بين رجل وامرأة بالغين، وهو الوقاع المجرد من أي ظرف مشدد کما جاء خلوا من نص يعاقب على هتك العرض بالرضا، إلا بشروط معينة رغم بشاعة أي من الفعلين، وأثرهما على المجتمع، ولما يترتب على انتشارهما من فساد بين أفراده، لذلك رأت اللجنة كيا يتسق مشروع قانون العقاب حدا على الزنا مع المواد التي تعاقب تعزيراً على الجرائم التي لم تتوافر أركانها إذا لم يثبت دليلها الشرعي، أو تلك التي يرى ولي الأمر وضع عقوبة لها حماية للآداب العامة - أن يشمل العقاب هاتين الجريمتين، وتحديد العقوبة في بعض الحالات التي استحدثها مشروع حد الزنا وهي حالات وقوع الجريمة من محصن أو بين محرمين، وتغليظها إذا اجتمع الشرطان في المادتين (128، 130). کا نص المشروع على حالة وقوع الفعل بغير الرضا وهي حالات المباغتة أو المخادعة، واعتبرها حالة من حالات الإكراه في المادتين (129 و 131)، وإن لم يسار بينها وبين الإكراه الحاصل بالقوة أو التهديد في العقوبة، باعتبار أن هذه الحالات الأخيرة أكثر جسامة من الأولى من حيث ما ترتبه من أثر في المجني عليه، ورأت اللجنة رفع السن إلى ثماني عشرة سنة بالنسبة للمجني عليه الذي تقع عليه جريمة هتك العرض بالإكراه، كطرف مشدد تمشياً مع سن البلوغ الذي أخذ به مشروع العقاب على حد الزنا على التفصيل الوارد به.
وقد رأت اللجنة إطلاق عقوبة الحبس، وعدم تحديد حد أقصى للعقوبة بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في المواد (133، 134، 135).
مادة (136):
(أ) كل من حرض ذكرا أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة، أو أعانه على ذلك، أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه، أو استدرجه أو أهواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة - يعاقب بالسجن وبغرامة من ألف جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه.
(ب) إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر الثامنة عشرة سنة هجرية كانت العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنية.
مادة (137):
يعاقب بالسجن المؤبد :
(أ) كل من استخدم أو استدرج أو أغرى شخصاً ذكراً أو أنثى بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة، وذلك بالخداع أو بالقوة أو بالتهديد أو بإساءة استعمال السلطة، أو غير ذلك من وسائل الإكراه.
(ب) كل من استبقى بوسيلة من هذه الوسائل شخصاً ذكراً كان أو أنثى بغير رغبته
في محل للفجور أو الدعارة.
مادة (138): كل من حرض ذكراً لم يتم من العمر الثامنة عشرة سنة هجرية، أو أنثى أیاً كان سنها على مغادرة جمهورية مصر العربية، أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة، وكل من ساعد على ذلك مع علمه به - يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة من ألف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه.
وتكون العقوبة السجن المؤقت لمدة لا تقل عن سبع سنين إذا وقعت الجريمة على شخصين فأكثر، أو إذا ارتبطت بوسيلة من الوسائل المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة، بالإضافة إلى الغرامة المقررة.
مادة (139): في الأحوال المنصوص عليها في المواد الثلاثة السابقة تكون العقوبة السجن المؤبد إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر ست عشرة سنة هجرية، أو إذا كان الجاني زوجا أو من محارم المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان خادما بالأجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم.
مادة (140): كل من أدخل إلى جمهورية مصر العربية شخصا، أو سهل له دخولها الارتكاب الفجور أو الدعارة - يعاقب بالسجن المؤقت، وبغرامة من ألف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه.
مادة (141):
يعاقب بالسجن المؤقت:
(أ) كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الاتفاق المالي.
(ب) كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره.
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا اقترنت الجريمة بأخذ الظرفين المشددين المنصوص عليها في المادة (139) من هذا القانون.
مادة (142): كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة، أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته - يعاقب بالسجن المؤقت، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به.
وإذا كان مرتكب الجريمة زوجاً أو محرماً لمن يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته، أو من لهم سلطة عليه - تكون العقوبة السجن المؤبد بالإضافة إلى الغرامة المقررة.
مادة (143):
يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه:
(أ) كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور، أو الدعارة، أو لسكني شخص أو أكثر، إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك.
(ب) كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرقاً مفروشة، أو محلاً مفتوحاً للجمهور - يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة، سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك، أو بسراحه في محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة.
(ج) كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة.
وفي الأحوال المنصوص عليها في البندين (أ - ب) يحكم بإغلاق المحل لمدة سنة، وينفذ الإغلاق دون نظر لمعارضة الغير، ولو كان حائرا بموجب عقد صحیح ثابت التاريخ.
مادة (144): كل مستغل أو مدير لمحل عام، أو لمحل من محال الملاهي، أو محل آخر مفتوح للجمهور يستخدم أشخاصاً ممن يمارسون الفجور أو الدعارة بقصد تسهیل ذلك لهم، أو بقصد استغلالهم في ترويج نشاطه - يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، وبغرامة من ألفين إلى أربعة آلاف جنيه.
وإذا كان الفاعل من الأشخاص المذكورين في الفقرة الأخيرة من المادة (142) تكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة من أربعة آلاف إلى ثمانية آلاف جنيه.
ويحكم بإغلاق المحل لمدة سنة، وينفذ الإغلاق دون نظر المعارضة الغير، ولو كان
حائرا بموجب عقد صحیح ثابت التاريخ ، ويكون الإغلاق نهائياً في حالة العود.
الإيضاح
تمشياً مع منهج الشريعة الغراء في تشديد العقوبات على الجرائم الأخلاقية ارتأت اللجنة أن نصوص القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة الحالي - لا تتفق فيها تضمنته من عقوبات تعزيرية مع ما توجبه الشريعة الإسلامية من عقوبة حدية رادعة على ارتكاب جريمة الزنا ، وكانت الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الدعارة - هي بلا شك من العقوبات التي تسهل ارتكاب جريمة الزنا النكراء، وغيرها من الفواحش مما تجب محاربتها بالعقوبات الشديدة التي تتلاءم مع العقوبات الحدية لجريمة الزنا.
ومما لاشك فيه أن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون هي جرائم بالغة الخطورة، من حيث أثرها في المجتمع وما تحمله في طياتها من تهديد الأخلاقيات الأمة مما يتعين معه أخذ مرتكبيها بالشدة الواجبة؛ لحملهم على عدم الإقدام عليها؛ حماية لمصالح المجتمع الإسلامي الذي تنشده الشريعة الإسلامية.
ولذلك رأت اللجنة تعديل المواد (1، 2، 3، 4، 5، 6، 8) والفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (۹)، والمادة (11) من هذا القانون، بحيث اعتبرت الجرائم المنصوص عليها فيها من الجنايات، ووضع لكل منها العقوبة المناسبة لها، وتعديل سن من وقعت عليه الجريمة إلى ثاني عشرة سنة هجرية بدلا من إحدى وعشرين في الحالتين المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (136) و في المادة (138) من القانون؛ تمشياً مع سن البلوغ الذي أخذت به اللجنة في هذا المشروع على التفصيل الوارد به.
كما أضاف المشروع إلى الظروف المشددة في المادة (139) حالة ما إذا وقعت الجرائم المنصوص عليها في المواد الثلاثة السابقة من الزوج أو من محارم المجني عليه، باعتبار أن أیاً منهما له سلطة على المجني عليه فضلاً عن بشاعة الجرم في هذه الحالات.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن ، الصفحة / 129
بِغَاءٌ
التَّعْرِيفُ:
الْبِغَاءُ مَصْدَرُ: بَغَتِ الْمَرْأَةُ تَبْغِي بِغَاءً، بِمَعْنَى: فَجَرَتْ، فَهِيَ بَغِيٌّ، وَالْجَمْعُ بَغَايَا، وَهُوَ وَصْفٌ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ، وَلاَ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: بَغِيٌّ .
وَيُعَرِّفُ الْفُقَهَاءُ الْبِغَاءَ بِأَنَّهُ: زِنَى الْمَرْأَةِ. أَمَّا الرَّجُلُ فَلاَ يُسَمَّى زِنَاهُ بِغَاءً. وَالْمُرَادُ مِنْ بِغَاءِ الْمَرْأَةِ هُوَ خُرُوجُهَا تَبْحَثُ عَمَّنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُكْرَهَةً أَمْ غَيْرَ مُكْرَهَةٍ، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِ الْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ قوله تعالي : ( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) وَقَدْ ذَكَرَتْ كُتُبُ التَّفْسِيرِ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآْيَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ جَوَارٍ، وَكَانَ يُكْرِهُهُنَّ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، فَقَدْ سُمِّيَ فِعْلُهُنَّ وَهُنَّ مُكْرَهَاتٌ عَلَيْهِ بِغَاءً، فَإِطْلاَقُ هَذَا الاِسْمِ عَلَيْهِ مَعَ رِضَاهُنَّ يَصِحُّ، بَلْ أَوْلَى، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْقَيْدِ الَّذِي فِي الآْيَةِ وَهُوَ قوله تعالي : ( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) فَسَتَأْتِي الإْشَارَةُ إِلَيْهِ .
حُكْمُ أَخْذِ الْبَغِيِّ مَهْرًا:
نَهَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» فَإِنَّ مِنَ الْبَغَايَا مَنْ كُنَّ يَأْخُذْنَ عِوَضًا عَنِ الْبِغَاءِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى مُجَاهِدٌ فِي قوله تعالي : ( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ) قَالَ: كَانُوا يَأْمُرُونَ وَلاَئِدَهُمْ فَيُبَاغِينَ، فَكُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَيُصَبْنَ، فَيَأْتِينَهُمْ بِكَسْبِهِنَّ. وَكَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ جَارِيَةٌ كَانَتْ تُبَاغِي، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، وَحَلَفَتْ أَلاَّ تَفْعَلَهُ، فَأَكْرَهَهَا، فَانْطَلَقَتْ فَبَاغَتَ بِبُرْدٍ أَخْضَرَ، فَأَتَتْهُمْ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآْيَةَ .
وَالْمُرَادُ بِمَهْرِ الْبَغِيِّ: مَا تُؤْجِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا عَلَى الزِّنَى، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْرِيمِهِ. وَتَفْصِيلُ بَقِيَّةِ الأْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبِغَاءِ مَحَلُّهَا مُصْطَلَحُ: (زِنَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 23
الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ
لِلْوَطْءِ الْمَحْظُورِ صُوَرٌ: مِنْهَا الزِّنَا، وَاللِّوَاطَةُ، وَوَطْءُ الْحَلِيلَةِ وَالأْجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا، وَوَطْءُ الْمَيْتَةِ، وَوَطْءُ الْبَهِيمَةِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: الزِّنَا:
الزِّنَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَكَبِيرَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً).
(ر: زِنًا ف 5)
ثَانِيًا: اللِّوَاطُ:
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ مُغَلَّظُ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاللِّوَاطُ أَغْلَظُ الْفَوَاحِشِ تَحْرِيمًا.
(ر: لِوَاط ف 3).
وَجَرِيمَةُ اللِّوَاطِ لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْلَ قَوْمِ لُوطٍ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).
عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ:
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُقُوبَةِ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الأْوَّلُ: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالأْوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ - الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ - كَالزِّنَا، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ، وَيُجْلَدُ الْبِكْرُ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ» وَلأِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ مُشْتَهًى طَبْعًا
مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْحَدِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْحَدِّ، لأِنَّهُ إِتْيَانٌ فِي مَحَلٍّ لاَ يُبَاحُ الْوَطْءُ فِيهِ بِحَالٍ، وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالزِّنَا.
الثَّانِي: لأِبِي حَنِيفَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْحَكَمِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُودَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ. وَلَوِ اعْتَادَ اللِّوَاطَةَ أَوْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ، قَتَلَهُ الإْمَامُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، سِيَاسَةً.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا، لأِنَّهُ لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُهُ، فَكَانَ كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلأِنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لاَ يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ، كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمِثْلِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ، وَلأِنَّ أُصُولَ الْحُدُودِ لاَ تَثْبُتُ قِيَاسًا. وَأَيْضًا: فَلأِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لاَ تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ، بَلْ رَكَّبَهَا اللَّهُ عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَزْجُرَ الشَّارِعُ عَنْهُ بِالْحَدِّ، كَأَكْلِ الْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَشُرْبِ الْبَوْلِ... غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْصِيَةً مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَمْ يُقَدِّرِ
الشَّارِعُ فِيهَا حَدًّا مُقَدَّرًا، كَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ.
الثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الرَّجْمُ مُطْلَقًا، فَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَا مُحْصَنَيْنِ أَمْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ».
وَبِأَنَّهُ إِيلاَجٌ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ يُقْصَدُ الاِلْتِذَاذُ بِهِ غَالِبًا كَالْقُبُلِ، فَكَانَ الرَّجْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَلأِنَّ الْحَدَّ فِي الزِّنَا إِنَّمَا وُضِعَ زَجْرًا وَرَدْعًا لِئَلاَّ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَوَجَدْنَا الطِّبَاعَ تَمِيلُ إِلَى الاِلْتِذَاذِ بِإِصَابَةِ هَذَا الْفَرْجِ كَمَيْلِهَا إِلَى الْقُبُلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الرَّدْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُبُلِ، بَلْ إِنَّ هَذَا أَشَدُّ وَأَغْلَظُ، وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الإْحْصَانُ كَمَا اعْتُبِرَ الزِّنَا، إِذِ الْمَزْنِيُّ بِهَا جِنْسٌ مُبَاحٌ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا أُتِيَتْ عَلَى خِلاَفِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالذَّكَرُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ وَطْؤُهُ، فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ أَغْلَظَ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَا.
الرَّابِعُ: لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُقْتَلُ اللُّوطِيُّ بِالسَّيْفِ كَالْمُرْتَدِّ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ هَذَا سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ». حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بَيْنَ مُحْصَنٍ وَغَيْرِ مُحْصَنٍ. وَلأِنَّ الْمُحَرَّمَاتِ كُلَّمَا تَغَلَّظَتْ، تَغَلَّظَتْ عُقُوبَتُهَا، وَوَطْءُ مَنْ لاَ يُبَاحُ بِحَالٍ أَعْظَمُ جُرْمًا مِنْ وَطْءِ مَنْ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ حَدُّهُ أَغْلَظَ مِنْ حَدِّ الزِّنَا.
الْخَامِسُ: يُحْرَقُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ بِالنَّارِ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم، فَقَدْ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ سَلِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلاً يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الصَّحَابَةَ فِيهِ، فَكَانَ عَلِيٌّ أَشَدَّهُمْ قَوْلاً فِيهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا إِلاَّ أُمَّةٌ مِنَ الأْمَمِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا، أَرَى أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ بِذَلِكَ فَحَرَقَهُ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: لَوْ رَأَى الإْمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ.
السَّادِسُ: يُعْلَى اللُّوطِيُّ أَعْلَى الأَْمَاكِنِ مِنَ الْقَرْيَةِ ثُمَّ يُلْقَى مَنْكُوسًا فَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً).
وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.