1- القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول ، وكان حبس الشخص أو حجزه معناه حرمانه من حريته فترة من الزمن ،وكانت هذه الأفعال تشترك فى عنصر واحد هو حرمان الشخص من حريته وقتاً طال أو قصر ، فإنه يتعين القول بأن الشارع يعتبر أن كل حد من حرية الشخص فى التحرك سواء عد ذلك قبضاً أو حبساً أو حجزاً معاقب عليه فى كلتا المادتين 280 , 282 من قانون العقوبات فتوقع عقوبة الجنحة فى الحالة المبينة فى المادة الأولى وعقوبة الجناية فى الأحوال المبينة فى المادة الثانية والقول بغير ذلك يتجافى مع العقل ، فإنه ليس من المعقول أن يكون الشارع قد قصد بالمادة الثانية تغليظ العقوبة فى حالة القبض فقط مع أنه أخف من الحجز والحبس .
(الطعن رقم 16258 لسنة 66 جلسة 1998/07/02 س 49 ص 833 ق 107)
2- متى كان الثابت من بيان واقعة الدعوى أن المتهم أعترف لرجل البوليس الملكي بإحرازه المخدر وإخفائه فى مكان خاص من جسمه، فإستصحباه بإعتبارهما من رجال السلطة العامة إلى أقرب رجل من رجال الضبطية القضائية، فإنه لا يصح القول بأنهما تعرضا لحريته بغير حق.
(الطعن رقم 122 لسنة 28 جلسة 1958/03/17 س 9 ع 1 ص 300 ق 84)
3- القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول دون أن يتعلق الأمر على قضاء فترة زمنية معينة .
(الطعن رقم 212 لسنة 29 جلسة 1959/04/27 س 10 ع 2 ص 482 ق 105)
4- متى كان الواضح من الحكم أن جريمة القبض بدون وجه حق مع التهديد أو التعذيبات البدنية التى دين المتهمان بها قد تمت و إكتملت عناصرها قبل فرار المجنى عليه فلا يؤثر فى مسئوليتهما الجنائية أن يكون فراره قد حدث من تلقاء نفسه أو بموافقة الجناة و إرشادهم .
(الطعن رقم 419 لسنة 26 جلسة 1956/05/14 س 7 ع 2 ص 722 ق 203)
5- الاشتراك فى الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان الإتفاق و المساعدة قد تما من قبل وقوع تلك الجريمة و أن يكون وقوعها ثمرة لهذا الإشتراك يستوى فى ذلك أن تكون الجريمة وقتية أو مستمرة ، فإذا كان الحكم قد دان المتهم بالإشتراك فى القبض على المجنى عليه و حجزه و دلل على ذلك بطلب المتهم الفدية لإعادة المجنى عليه و قبضه الفدية بالفعل أو التراخى فى تبليغ الحادث ، فإن ذلك لا يؤدى إلى قيام الإتفاق و المساعدة فى مقارفة الجريمة .
(الطعن رقم 1379 لسنة 25 جلسة 1956/02/27 س 7 ع 1 ص 264 ق 79)
6- جرى قضاء محكمة النقض على أن نص المادة 129 من قانون العقوبات لم يعن إلا بوسائل العنف الذى لا يبلغ القبض على الناس و حبسهم فقد وردت هذه المادة ضمن جرائم الإكراه و سوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس فى الباب السادس من الكتاب الثانى الخاص بالجنايات و الجنح المضرة بالمصلحة العمومية ، أما المادتان 280 ، 282 من هذا القانون فقد وردتا ضمن جرائم القبض على الناس و حبسهم بدون وجه حق فى الباب الخامس من الكتاب الثالث الخاص بالجنايات و الجنح التى تحصل لآحاد الناس ، و فى هذه المفارقة بين العناوين التى إندرجت تحتها هذه المواد ما ترتسم به فكرة المشرع المصرى من أنه عد الإعتداء على حرية الناس بالقبض أو الحبس أو الحجز من الجرائم التى تقع إطلاقاً من موظف أو غير موظف .
(الطعن رقم 1286 لسنة 34 جلسة 1964/12/08 س 15 ع 3 ص 805 ق 159)
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قبضوا على المجني عليها واحتجزوها بإحدى غرف مسكنهم ، وجرى تعذيبها بتعذيبات بدنية أحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أفضت إلى موتها ، وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق المقترن بالتعذيبات البدنية والاحتجاز وجريمة الضرب المفضي إلى الموت المنصوص عليها فى المواد 236 ، 280 ، 282/2 من قانون العقوبات ، ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط فى التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر فى ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين أركان الجريمتين اللتين دانهم بارتكابهما ، ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور فى التسبيب ويكون ما يثار فى هذا الصدد فى غير محله . فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء جريمتي القبض والاحتجاز بقوله : " .... ما ذهب إليه الدفاع من أن الشخص لا يحتجز فى مسكنه ولأن المجني عليها كانت تتحرك بحرية داخل السكن فهو قول فيه مخالفة للقانون ومردود عليه بأن هذه الجريمة تتحقق بمجرد حرمان المجني عليه من حريته فى التجول ولا عبرة بالمكان الذي يتم فيه القبض والاحتجاز فيستوى إيداع المجني عليه فى سجن أو اقتياده إلى الشرطة أو المنع من مغادرة المسكن على نحو ما تحقق بالنسبة للمجني عليها كذلك لا عبره بوسيلة القبض إذ يستوي استعمال الإكراه أو حتى مجرد إصدار أمر شفوي إلى المقبوض عليه بعدم الحركة أو مغادرة مكانه وكل ما يلزم فى هذا أن يكون القبض والاحتجاز قد جاء على غير إرادة المجني عليها كما سلف بيانه فإن ما رد به الحكم سائغ وكان ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد فى غير محله .
(الطعن رقم 20640 لسنة 67 جلسة 2007/03/25 س 58 ص 311 ق 59)
8- متى كان الحكم قد أثبت حسن نية المطعون ضده التاسع مرتكب الحجز و قال عنه أنه لم يصدر عن هوى فى نفسه و إنما كان يعتقد مشروعيته و أن إجراءه من إختصاصه بصفته قائماً بأعمال نقطة الشرطة و المسئول عن الأمن فيها و أنه إضطر إلى ذلك لمنع وقوع جرائم أخرى تتمثل فى أن يقتص الطاعن الثانى من قاتلى أخيه و كان المطعون ضده التاسع قد تثبت و تحرى عن ظروف الحادث من العمدة " المطعون ضده العاشر " و قد علل الحكم إعتقاد المطعون ضده التاسع بضرورة ما فعله من إحتجازه الطاعن الثانى بديوان النقطة بأسباب معقولة هى أن للطاعن المذكور من العصبة و القوة ما يمكنه من الإعتداء على قاتلى أخيه - فإن الحكم إذا إنتهى إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما التاسع و العاشر من التهمة المسندة إليهما يكون قد أصاب سديد القانون .
(الطعن رقم 338 لسنة 42 جلسة 1972/05/15 س 23 ع 2 ص 724 ق 163)
9- لما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت ان الطاعنين قد اقتادوا المجنى عليه الى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية احدثت به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وان قصدهم لم ينصرف الى اقتياده الى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به اركان جريمة القبض دون وجه حق ، فى حقهم جميعا ، واركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية فى حق ثالثهم المنصوص عليها فى المادتين 280،282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو امساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون ان يتعلق الامر بقضاء فترة زمنية معينة
(الطعن رقم 13081 لسنة 65 جلسة 1997/09/18 س 48 ع 1 ص 880 ق 133)
أركان جريمة القبض بدون وجه حق وما يطرأ عليها من ظروف مشددة تجعلها جناية.
الركن المادي القبض بدون وجه حق
نصت المادة 280 عقوبات على معاقبة «كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة». .
ويبين من ذلك أن القانون قد تطلب توافر عنصرين في هذا الركن: أولهما القبض وثانيهما عدم المشروعية.
أولاً: القبض:
عبر نص المادة 280 عقوبات عن هذا العنصر بالقبض أو الحبس أو الحجز، ويراد بالقبض حرمان الشخص من حرية التجول دون تعليقه على قضاء فترة زمنية معينة، بخلاف الحبس أو الحجز، إذ يقتضيان هذا الحرمان لفترة من الزمن.
وتشترك هذه الأفعال في تحقيق معنى واحد هو حرمان الشخص من حريته طال الأمد أو قصر، ويكفي في نظر القانون وقوع إحدى هذه الأفعال، ولما كان كل حبس أو حجز يقتضي بحكم اللزوم حصول القبض، فإن لفظ القبض يكفي وحده للتعبير عن قصد المشرع من هذا العنصر، وهذا هو ما فعله في المادة 282 عقوبات حين نص على الظروف المشددة للجريمة، إذ اقتصر على التعبير بالقبض وحده.
و يتعين في القبض أن يؤدي إلى حرمان المجني عليه تماماً من حريته في التجول، فلا يعد قبضاً مجرد منعه من الذهاب إلى مكان معين، ولا عبرة بمكان القبض، فيستوي إيداع المجني عليه في سجن عام أو في مكان خاص أو اقتياده إلى قسم الشرطة أو منعه من مغادرة مسكنه.
ولا يشترط في القبض أن يوضع الشخص في مكان ثابت، بل يتحقق بحبسه في سيارة نقل أثناء سيرها، أو نقله على غير إرادته من مكان إلى آخر، ولا عبرة أيضاً بوسيلة القبض، إذ يستوي استعمال الإكراه أو دون ذلك من الوسائل أو مجرد إصدار أمر شفوي إلى المقبوض عليه بعدم الحركة أو بعدم مغادرة مكانه، كل ما يشترط هو أن يكون القبض قد جاء على غير إرادة المجني عليه.
ثانياً: عدم مشروعية القبض:
رسم قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين المكملة له شروط مشروعية القبض، وتتمثل في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على الأشخاص، وحدد الشروط الموضوعية والشكلية التي يتعين إجراء هذا العمل وفقاً لها.
وقد يحدث القبض كوسيلة للتأديب أو التعليم، وعندئذٍ تتوقف مشروعيته على عدم تجاوزه حدود استعمال حق التأديب أو التعليم، وبوجه عام، فإن القبض يعد مشروعاً إذا وقع استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون.
ويعد قبضاً غير مشروع الامتناع عن الإفراج عن المقبوض عليه حين يتعين الإفراج عنه قانوناً.
متى تتم الجريمة:
تقع هذه الجريمة بحرمان الشخص من حريته وتستمر مادام هذا الحرمان مستمراً، وعلى هذا الأساس تعد جريمة القبض بدون وجه حق مستمرة بالقدر الذي يستغرقه زمن القبض.
القصد الجنائي:
تتطلب هذه الجريمة قصداً جنائياً عاماً، هو اتجاه إرادة الجاني إلى حرمان المجني عليه من حريته في التجول دون وجه حق مع علمه بذلك، فلا يتوافر هذا القصد إذا جهل الجاني ببطلان الأمر بالقبض أو بأن القبض ليس من اختصاصه أو أخطأ بحسن نية في شخصية المقبوض عليه، ولا يتحقق القصد إذا توافر لدى الجاني غلط في الإباحة، بأن اعتقد في أثناء ارتكاب الفعل أنه يحق له قانوناً القبض على المجني عليه.
ويلاحظ أن الجهل بقانون الإجراءات الجنائية وغيره من الأحوال التي تحدد أحوال القبض وشروط صحته هو جهل بغير قانون العقوبات، مما ينفي القصد الجنائي، ولا يصلح الخطأ غير العمدي بديلاً عن القصد الجنائي لانعقاد المسئولية الجنائية في هذه الجريمة، هذا دون إخلال بمساءلة الجاني مدنياً في هذه الحالة.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة 2016 الكتاب الثاني ، الصفحة: 299 )
الركن المادي :
يقوم الركن المادي على عنصرين : الأول : نشاط يتخذ صورة القبض ، أو الحبس أو الحجز ، والثاني أن يكون هذا النشاط بدون وجه حق.
أولاً : القبض أو الحبس أو الحجز
يتخذ الفعل المكون الركن المادي في هذه الجريمة إحدى صور ثلاثة : القبض أو الحبس أو الحجز، وتشترك هذه الصور في كونها تمثل حرمان المجني عليه من حرية التجول وقتاً طال أو قصر، ويتميز القبض بأنه يتحقق بإمساك المجنى عليه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة أما الحبس أو الحجز فيتميزان بأن حرمان المجنى عليه من حرية التجول يمتد لفترة من الوقت، ويذهب جانب من الفقه إلى القول بأن اللفظين مترادفان، بينما يميز بينهما البعض بالقول بأن الفعل يعتبر حبساً إذا اعتقل المجني عليه في سجن بينما يعتبر حجراً إذا وضع في محل خاص ويبدو لنا أن التمييز بينهما يستند إلى نوع الوسيلة المستعملة في الحرمان من الحرية فهي في حالة الحبس وسيلة مادية كإغلاق باب ونوافذ المكان الموجود فيه المجني عليه عاماً كان أو خاصاً، وهي في حالة الحجز وسيلة معنوية تتمثل في أمر المجني عليه بعدم التجول، أو تهديده حتى لا يتجول، ويكتفي المشرع التحقق الركن المادي بأحد هذه الأفعال فقد يقع القبض دون أن يتبعه حبس أو حجز، كما إذا قبض على شخص ثم أطلق سراحه، وقد يقع الحبس أو الحجز دون أن يسبقهما قبض كما لو حبس الأب إبنه في منزل ومع ذلك فقد افترض المشرع أن كل حبس أو حجز لابد أن يسبقه قبض، ولذلك اكتفى عند تشديد العقاب وفقاً للمادة 282 بذكر القبض دون غيره من صور الفعل الإجرامي، ولا يتصور أن يكون مقصود المشرع من الاقتصار على صورة القبض تشديد العقاب في هذه الحالة دون غيرها مع أن القبض أخف من الحجز أو الحبس.
وإذا وقع الفعل في إحدى الصور المذكورة، فإنه يستوي بعد ذلك الوسائل التي قد يتم بها، فقد تكون بالأمر الكتابي أو الشفهي أو بالاحتيال أو بالإكراه، مع ملاحظة أن المشرع قد استثنى بعض الوسائل وجعل منها ظروفاً مشددة للعقاب.
كذلك يستوي أن يقع الفعل بنشاط إيجابي أو بمجرد الامتناع، کالامتناع عن الإفراج عن المحبوس في اللحظة التي يجب فيها قانوناً الافراج عنه.
هل تقع الجريمة من الموظف العام ؟
يثور التساؤل عما إذا كان يستوي أن يكون الفاعل فرداً عادياً أو موظفاً عاماً، وقد اتجه رأي إلى القول بأن هذه الجريمة لا تقع إلا من الأفراد، أما الموظف فيخضع فعله لنص المادة 129 استناداً - كما ذهب البعض - إلى أن الحكمة في التفرقة بين الفعلين وإن اتحدت نتيجتهما هي أن الباعث للموظف على الاعتداء إنما هو شدة حرصه على المصلحة العامة وتحمسه في أداء الواجب المنوط به، وهذان يكونان دائماً وفي الغالب سلامة النية، أما الاعتداء الحاصل من الأفراد فإنما يدفعهم إليه دائماً شهوة الانتقام وجذوة الحقد وقد رفضت محكمة النقض – بحق - التسليم بهذه الوجهة وجرى قضاؤها على أن « نص المادة 129 من قانون العقوبات لم يعن إلا بوسائل العنف الذي لا يبلغ القبض على الناس وحبسهم، فقد وردت هذه المادة ضمن جرائم الإكراه وسوء المعاملة من الموظفين الأفراد الناس في الباب السادس من الكتاب الثاني الخاص بالجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العمومية، أما المادتان 280، 282 من هذا القانون فقد وردتا ضمن جرائم القبض على الناس وحبسهم بدون وجه حق في الباب الخامس من الكتاب الثالث الخاص بالجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس، وفي هذه المفارقة في العناوين التي اندرجت تحتها هذه المواد ما ترتسم به فكرة المشرع المصرى من أنه عد الاعتداء على حرية الناس بالقبض أو الحبس أو الحجز من الجرائم التي تقع إطلاقاً من موظف أو غير موظف، نقض 8 ديسمبر سنة 1964 مجموعة أحكام محكمة النقض س 15 رقم 159 ص 805 .
ثانياً : أن يقع الفعل بدون وجه حق
يقصد بهذا العنصر أن يكون فعل القبض أو الحبس أو الحجز غیر مشروع بمعنى ألا يوجد سبب يبيحه، كالقبض أو الحبس استعمالاً للسلطة، أو استعمالاً لحق، والواقع أن هذا الشرط يعتبر تزيداً من المشرع إذ لا يتصور أن يعاقب القانون على فعل يأمر به أو يبيحه، وقد عبر المشرع عن هذا الشرط بقوله في نص المادة 280 : «بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك، وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة»ويؤخذ على هذه العبارة مأخذان : الأول : أنه يؤدي إلى القول بأن القبض أو الحبس أو الحجز يعتبر مشروعاً لمجرد وقوعه بأمر أحد الحكام المختصين بذلك، وهذا القول ليس صحيحاً على إطلاقه فقد يكون الأمر الصادر من الحاكم المختص غير قانوني، وحينئذٍ يسأل من ارتكب، القبض أو الحبس أو الحجز باعتباره مساهماً في جريمة الموظف، والثاني : أن النص يعلق تبرير القبض على تحقق شرطين : أمر الحاكم، وكون المقبوض عليه متهماً في جريمة، بينما هناك حالات أجاز فيها المشرع للأفراد القبض على المتهم دون توقف على أمر أحد الحكام، فالمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية تقرر أن : « لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو بجنحة يجوز فيها قانوناً الحبس احتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة».
الركن المعنوي :
جريمة القبض بدون وجه حق جريمة عمدية يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي، وهو يتحقق باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل وإلى حرمان المجنى عليه من حرية التحول دون وجه حق، مع العلم بأن من شأن فعله أن يحقق هذه النتيجة، وعلى ذلك لا تقوم هذه الجريمة إذا أكره المتهم إكراهاً مادياً على إغلاق مكان على شخص بداخله، إذ أن إرادته لم تتجه إلى هذا الفعل، أو إذا اتجهت ارادته إلى الفعل دون النتيجة، كمن يغلق على آخر مكاناً وهو معتقد خلافاً للواقع – أنه يستطيع مغادرة المكان من باب آخر، كذلك ينتفي الركن المعنوي إذا كان المتهم يجهل أن من شأن فعله أن يحرم المجنى عليه من حريته، كمن يغلق الباب بعد خروجه من منزل وهو يعتقد - خلافاً للحقيقة - بعدم وجود أحد بداخله.
ويلاحظ أن الجهل بقانون الإجراءات الجنائية الذي يحدد الحالات التي يجوز فيها القبض وشروط توافر كل حالة يعتبر جهلاً بقانون آخر غير قانون العقوبات وبالتالي يصلح سبباً لنفي القصد الجنائي، وعلى ذلك لا يتوافر القصد إذا ثبت أن المتهم قد قبض على شخص وهو يعتقد أن الجريمة التي وقعت منه هي من الجرائم التي يجوز فيها لأي فرد القبض على من ضبط متلبساً بها وتسليمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة، إذ أنه عندئذٍ يكون قد ارتكب الفعل وهو يعتقد أنه على حق.
أما الجهل بقانون العقوبات فلا يصلح سبباً لنفي القصد الجنائي، وتوافر القصد بعناصره التي تقدم بيانها يكفي لقيام الركن المعنوي للجريمة، فلا عبرة بعدئذٍ بالباعث على ارتكاب الجريمة، ولو كان شريفاً.
العقوبة :
قرر المشرع الجريمة القبض على شخص أو حبسه أو حجزه بدون وجه حق عقوبة الحبس بين حديه العامين، أو الغرامة التي لا تتجاوز مائتی جنيه مصرى.
ويلاحظ على هذه العقوبة عدم تناسبها مع جسامة الجرم التي تتمثل في أهمية الحق المعتدي عليه وهو الحرية الشخصية، وكان يجدر بالمشرع أن يعتبر هذه الجريمة جناية.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 533)
أركان جريمة القبض أو الحبس أو الحجز بدون وجه حق للجريمة المنصوص عليها في المادة 280 عقوبات ثلاث أركان وهي:
1- فعل مادي هو القبض أو الحبس أو الحجز.
2- وقوع هذا الفعل بغير وجه قانوني.
3- القصد الجنائي.
الركن الأول : فعل القبض أو الحبس أو الحجز :
الركن الأول للجريمة المنصوص عليه في المادة 280 عقوبات ينحصر في اعتداء يقع على الحرية الشخصية بالقبض على شخص أو حبسه أو حجزه والقبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية الذهاب والإياب كما يريد.
وأما الحبس والحجز فكلاهما يقتضي حرمان المجنى عليه من حريته فترة من الزمن والظاهر أن الحبس والحجز لفظان مترادفان وإن كان بعض الشراح يحدد مدلول كل منهما فيسمى الفعل حبساً إذا اعتقل المجني عليه في سجن ويسمى حجز إذا وضع في محل غير حكومي.
ومن المحقق أن المادة 280 عقوبات لا تشترط لتكوين الجريمة وجود هذه الأفعال الثلاثة مجتمعة بل تعاقب على كل فعل على حدته من أفعال القبض أو الحبس أو الحجز بغير وجه حق.
ويتعين في القبض أن يؤدي إلى حرمان المجني عليه تماماُ من حريته في التجول فلا يعد قبض مجرد منعه من الذهاب إلى مكان معين، ولا عبرة بمكان القبض فيستوي إيداع المجنى عليه في سجن عام أو في مكان خاص أو واقتياده إلى الشرطة أو بمنعه من مغادرة مسكنه ولايشترط في القبض أن يودع الشخص في مكان ثابت بل يتحقق بحبسه في سيارة نقل أثناء سيرها أو نقله على غير إرادته من مكان إلى آخر ولا عبرة أيضاُ بوسيلة القبض إذ يستوي استعمال الإكراه أو دون ذلك من الوسائل أو بمجرد إصدار أمر شفوي إلی المقبوض عليه وكل ما يشترط هو أن يكون القبض قد جاء على غير إرادة المجني عليه، وتتم هذه الجريمة بحرمان الشخص من حريته وتستمر طالما استمر هذا الحرمان وعلى هذا الأساس تعتبر جريمة القبض بدون وجه حق مستمرة بالقدر الذي يستغرقه زمن القبض.
الركن الثاني : عدم قانونية القبض أو الحبس أو الحجز :
لاوجود للجريمة المنصوص عليها في المادة 280 عقوبات إذا كان القبض أو الحبس أو الحجز قانونياً أي إذا كان القانون يأمر به أو يبيحه فإن المساس، بالحرية الشخصية يكون له حينئذٍ ما يبرره.
إذ القانون لا يعاقب على إتيان ما أمر به أو ما أباح فعله ولم يكن هناك حاجة إلى النص على هذا الشرط في المادة 280 ع لأنه ينتج عن القاعدة العامة المقررة في المادتين 60، 63 ع إذ كل الجرائم أياً كان نوعها يبررها أمر القانون ويلاحظ أن المشرع المصري لم يقرر بالنسبة لهذه الجريمة أي فرق في المسئولية بين القبض الواقع من فرد على فرد و القبض الواقع من سلطة على فرد والمتضمن لذلك عدواناً على الحرية الشخصية وإن كان بهذا النص قد صرح بقيام المسئولية الجنائية إذا وقع القبض على فرد بدون وجه حق دون تفرقة بين ممثلي السلطة وبين الأفراد العاديين.
الركن الثالث : القصد الجنائي :
تتطلب هذه الجريمة قصداً جنائياً عاماً هو اتجاه إرادة الجاني إلى حرمان المجني عليه من حريته في التجول دون وجه حق مع علمه ذلك.
ولايتحقق القصد إذا توافر لدى الجاني غلط في الإباحة بأن أعتقد أثناء ارتكاب الفعل أنه يحق له قانوناً القبض على المجني عليه ويلاحظ أن الجهل بقانون الإجراءات الجنائية وغيره من الأحوال التي تحدد أحوال القبض وشروط صحته هو جهل بغير قانون العقوبات مما ينفي القصد الجنائي ولايصلح الخطأ غير العمدي بديلاً عن القصد الجنائي لانعقاد المسئولية الجنائية هذا دون إخلال، بمساءلة الجاني مدنياً في هذه الحالة وإذا توافر القصد الجنائي وقعت الجريمة دون عبرة بالباعث على ارتكابها.
نصت المادة 282 عقوبات على الظروف المشددة للجريمة المذكورة وهذه الظروف ترجع إلى الوسائل المستعملة في ارتكابها وبعضها يؤدى إلى الحكم بعقوبة السجن والبعض الآخر إلى الحكم بعقوبة السجن المشدد.
فتكون العقوبة السجن إذا حصل القبض من شخص تزيا بدون حق بزي مستخدمي الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو أبرز أمراً مزوراً مدعياً صدوره من طرف الحكومة وزي مستخدمي الحكومي الذي تنص عليه المادة 282 هو الزي المميز لموظفي الحكومة ولرجال القوة العامة الذين تختلس صفتهم لتسهيل ارتكاب الجريمة كضابط البوليس ورجال الشرطة ويعتبر الجاني متصفاً بصفة كاذبة إذا انتحل بغير حق صفة موظفي الحكومة ولو لم ينتحل أسماءهم.
وتكون العقوبة السجن المشدد في حالتين الأولى إذ هدد الشخص المقبوض عليه بالقتل "الثانية" إذ عذبه بالتعذيبات البدنية.
وبالنسبة للحالة الأولى فإن التهديد بالقتل يتحقق متى كان وقوعه مصاحباً للقبض ولا يشترط أن يكون تالياً له، وليست العبرة في توافر ركن التهديد بالقتل في جريمة القبض والحبس بغير حق بما يقع في نفس المجني عليه من اعتقاده أن الجاني قد يقتله ولو كانت ظروف الحال تبرر عنده هذا الاعتقاد و الخوف من القتل وإنما العبرة في ذلك هي بأن يصدر عن الجاني نفسه قول أو فعل يصح وصفه بأنه تهديد بالقتل أما بالنسبة للحالة الثانية فإن القانون لم يعرف معنی التعذيبات البدنية ولم يشترط لها درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة :696)
أركان الجريمة :
رکن مادي وأخر معنوي:
أولاً : الركن المادي : القبض بدون وجه حق
واضح من نص المادة محل التعليق أن القانون قد تطلب توافر عنصرين في هذا الركن:
(1) القبض.
(2) عدم المشروعية.
القبض :
عبر نص المادة محل التعليق عن هذا العنصر بالقبض أو الحبس أو الحجز، ويراد بالقبض حرمان الشخص من حرية التجول دون تعليقه على قضاء فترة زمنية معينة، بخلاف الحبس أو الحجز إذ يقتضيان هذا الحرمان لفترة من الزمن.
وتشترك هذه الأفعال في تحقيق معنى واحد هو حرمان الشخص من حريته طال الأمر أو قصر، ويكفي في نظر القانون وقوع إحدى هذه الأفعال.
ولما كان كل حبس أو حجز يقتضي بحكم اللزوم حصول القبض، فإن لفظ القبض يكفي وحده للتعبير عن قصد المشرع من هذا العنصر، ويتعين في القبض أن يؤدي إلى حرمان المجني عليه تماماً من حريته في التجول، فلا يعد قبضاً مجرد منعه من الذهاب إلى مكان معين.
ولا عبرة بمكان القبض فیستوي إيداع المجنى عليه في سجن عام أو في مكان خاص أو بإقتياده إلى الشرطة أو بمنعه من مغادرة مسكنه، ولا يشترط في القبض أن يوضع الشخص في مكان ثابت، بل يتحقق بحبسه في سيارة نقل أثناء سيرها، أو نقله على غير إرادته من مكان إلى أخر، ولا عبرة أيضاً بوسيلة القبض، إذ يستوي استعمال الإكراه أو دون ذلك من الوسائل أو بمجرد إصدار أمر شفوي إلى المقبوض عليه، كل ما يشترط هو أن يكون القبض قد جاء على غير إرادة المجنى عليه.
عدم المشروعية :
رسم قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين المكملة له الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على الأشخاص وحدد الشروط الموضوعية والشكلية التي يتعين إفراغ هذا العمل وفقاً لها.
وقد يتم القبض كوسيلة للتأديب أو التعليم وعندئذٍ توقف مشروعيته على تجاوزه حدود استعمال حق التأديب أو التعليم، وبوجه عام فإن القبض يعتبر مشروعاً إذا تم استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر قبضة غير مشروع الامتناع عن الإفراج عن المقبوض عليه حين يتعين الإفراج عنه قانوناً.
وتقع هذه الجريمة بحرمان الشخص من حريته وتستمر طالما استمر هذا الحرمان.
القصد الجنائي :
تتطلب هذه الجريمة قصداً جنائياً عاماً، هو إتجاه إرادة الجاني إلى حرمان المجني عليه من حريته في التجول دون وجه حق مع علمه بذلك، وإذا توافر القصد الجنائي، وقعت الجريمة دون عبرة بالباعث على ارتكابها.
العقوبة :
يعاقب على هذه الجريمة بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 837 )