1- لما كان النص فى المادة 294 من قانون العقوبات على أن (كل من شهد زورا لمتهم فى جناية أو عليه يعاقب بالحبس) وفى المادة 295 منه على أن (ومع ذلك إذا ترتب على هذه الشهادة الحكم فى المتهم يعاقب من شهد عليه زورا بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن ، أما إذا كانت العقوبة المحكوم بها على المتهم هى الإعدام ونفذت عليه يحكم بالإعدام أيضا على من شهد عليه زورا) , يدل على أن الشارع اعتبر شهادة الزور جنحة إذا كان الإدلاء بها لصالح متهم فى جناية سواء ترتب عليها الحكم لصالحه أم لم يترتب ، أما إذا كانت الشهادة ضد المتهم فإنها تكون جنحة إذا لم يبلغ شاهد الزور مقصده وتكون جناية إذا ترتب عليها الحكم على المتهم . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة تبينت عدم صحة الشهادة أثناء المرافعة فى الدعوى الأصلية ، ومن ثم لم يترتب عليها أثر فى قضاء الحكم فيها ، فإن واقعة شهادة الزور تكون جنحة وفقا لنص المادة 294 من قانون العقوبات السالف الإشارة إليها .
(الطعن رقم 29351 لسنة 59 جلسة 1996/05/15 س 47 ع 1 ص 644 ق 91)
2- إذا كانت الشهادة المسندة إلى المتهم لم تحصل أمام القضاء كما يتطلبه القانون فى جريمة شهادة الزور المنطبقة علىالمادة 294 من قانون العقوبات ، فإن الواقعة لا تتوافر فيها العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور ، و تكون المحكمة إذ عاقبته عليها قد أخطات فى تطبيق القانون و يتعين نقض الحكم و القضاء ببراءته .
(الطعن رقم 1416 لسنة 23 جلسة 1953/12/01 س 5 ع 1 ص 141 ق 47)
3- إذا كان الفعل الذى أثبت الحكم الإبتدائى على المتهم مقارفته هو أنه شهد كذباً أمام محكمة الجنايات بأن فلاناً " المتهم فى جريمة قتل " كان موجوداً بفندق بأسيوط فى وقت وقوع جناية القتل التى وقعت بناحية الحوطة ، إذ ثبت من شهادة الشهود الذين سمعوا أمام محكمة الجنايات أنه كان موجوداً فى بلدة الحوطة فى ذلك اليوم و إرتكب القتل ، كما أثبت عليه أنه تعمد تغييراً لحقيقة تضليل القضاء و أن ذلك من شأنه إحداث ضرر إذ قد يترتب عليه إفلات الجاني من العقاب ، ثم أدانه فى جريمة إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء و هى الجريمة التى رفعت بها الدعوى عليه ، ثم عند إستئناف هذا الحكم رأت المحكمة الإستئنافية أن ما وقع من المتهم يكون جريمة شهادة الزور المنصوص عليها فى المادة 294 من قانون العقوبات كما يكون جريمة إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء المنصوص عليها فى المادة 145 فوجهت إليه تهمة شهادة الزور ، ثم قضت بإدانته فى الجريمتين مع تطبيق المادة 32 ع و أيدت الحكم الإبتدائى لأسبابه بالنسبة للموضوع ، فإن ما أورده الحكم الإبتدائى فى صدد جريمة إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء يكفى لتبرير إدانته فى جريمة الزور . 2) إنه لما كان هذا الفعل يكون الجريمتين المذكورتين ، و كان تعدد الأوصاف القانونية للفعل الواحد يقتضى إعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد و الحكم بعقوبتها دون غيرها طبقاً للفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن المحكمة تكون على حق إذ أدانت المتهم فى جريمة شهادة الزور . 3) للمحكمة أن تستند فى حكمها إلى أى عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضة على بساط البحث أمامها و كان فى إمكان الدفاع أن يتولى مناقشتها و تفنيدها بما يشاء . فإذا كانت المحكمة قد أدانت المتهم فى جريمتى شهادة الزور و إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء إعتماداً على شهادة الشهود الذين سمعتهم محكمة الجنايات فى دعوى القتل ، و كانت قد أمرت بضم قضية الجناية التى أدى المتهم شهادته فيها فضمت و إطلعت المحكمة عليها و عرضت على بساط البحث أمامها ، و كان إذن فى إمكان الدفاع أن يتناول شهادة الشهود اللذين سمعوا فى تلك الجناية و إعتمدت المحكمة على أقوالهم فى إدانة المتهم ، فإنه لا يكون له أن يشكو من أن المحكمة لم تسمع شهادة هؤلاء الشهود فى مواجهته . و خصوصاً إذا كان لم يتقدم إلى المحكمة بهذا الطلب .
(الطعن رقم 1467 لسنة 14 جلسة 1944/10/02 س 6 ع 6 ص 510 ق 371)
4- يتعين على الحكم الصادر فى جريمة شهادة الزور أن يبين موضوع الدعوى التى أديت الشهادة فيها ، و موضوع هذه الشهادة ، و ما غير فى الحقيقة فيها ، وتأثيرها فى مركز الخصوم فى الدعوى ، و الضرر الذى ترتب عليها ، و أن الشاهد تعمد قلب الحقائق أو إخفاءها عن قصد و سوء نية و إلا كان ناقصاً فى بيان أركان الجريمة نقصاً يمتنع معه على محكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون - و كان الحكم المطعون فيه لم يبين الواقعة التى سمعت فيها الشهادة ، و أثر مغايرة الحقيقة فى أقوال الطاعن أمامها على مركز المتهم الأصلى فى الدعوى و لم يستظهر تعمد الطاعن قلب الحقائق أو إخفاءها عن قصد و سوء نية بقصد تضليل القضاء . فإنه يكون قاصراً عن بيان أركان الجريمة التى دان الطاعن بها .
(الطعن رقم 1954 لسنة 45 جلسة 1976/03/22 س 27 ص 340 ق 72)
5- لا يصح تكذيب الشاهد فى إحدى روايتيه إعتماداً على رواية أخرى دون قيام دليل يؤيد ذلك ، لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً فى حالة وما يقرره صدقاً فى حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التى تلابسه فى كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه فى تلك الرواية دون أخرى و هو ما أغفل الحكم بيانه و من ثم فإن الحكم يكون مشوباً بعيب القصوربما يستوجب نقضه و الإحالة
(الطعن رقم 1954 لسنة 45 جلسة 1976/03/22 س 27 ص 340 ق 72)
6- إن ما يتطلبه القانون للعقاب على شهادة الزور ، هو أن يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالاً يعلم أنها تخالف الحقيقة ، بقصد تضليل القضاء . و إذ كان ذلك ، و كان الثابت أن الشهادة المسندة إلى المطعون ضده لم تحصل أمام القضاء ، و إنما أدلى بها فى تحقيقات النيابة ، فإن الواقعة لا تتوافر بها العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور .
(الطعن رقم 142 لسنة 41 جلسة 1971/05/02 س 22 ع 2 ص 384 ق 94)
7- لا تتحقق جريمة شهادة الزورإلا إذا أصر الشاهد على أقواله الكاذبة حتى انتهاء المرافعة فى الدعوى الأصلية بحيث إذا عدل الشاهد عن أقواله الكاذبة قبل انتهاء المرافعة فى الدعوى اعتبرت هذه الأقوال كأن لم تكن ولما كانت المحكمة قد قضت بإدانة الطاعن بجريمة شهادة الزور قبل إنتهاء المرافعة فى الدعوى الأصلية التىأديت فيها تلك الشهادة وقبل أن تتوافرأركان هذه الجريمة فإن حكمها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه والقضاء ببراءة الطاعن
(الطعن رقم 1388 لسنة 39 جلسة 1969/10/27 س 20 ع 3 ص 1172 ق 230)
8- الأصل أن الشهادة التى يسأل الشاهد عن الكذب فيها أمام القضاء هى التى تكون لها فى ذاتها قوة الاقتناع لابتنائها على عيان الشاهد ويقينه من جهة ولقابليتها للتمحيص والتحقق من صحتها من جهة أخرى ، أما الشهادة التى لا ترجع إلا إلى مجرد التسامع والشهرة فلا تعد شهادة بالمعنى المقصود فى القانون لتعذر التحقق من صحتها ، ولا يرد على ذلك بما للشهادة بالتسامع من اعتبار فى بعض الحالات الاستثنائية فإن هذا ليس من شأنه أن يغير طبيعة ما قيل على سبيل الرواية ولا يرفعه إلى مرتبة الشهادة التى فرض القانون العقاب على الكذب فيها فإذا كانت الأقوال التى أدلى بها الشاهدان على ما هو ثابت بالحكم ليست إلا إنباء بما اتصل بعلمهما ، أو نقل لهما فإن شهادتهما لا تتوافر فيها أركان جريمة شهادة الزور .
(الطعن رقم 567 لسنة 29 جلسة 1959/06/02 س 10 ع 2 ص 612 ق 135)
9- يشترط القانون لمسئولية الشاهد زورا جنائيا قصده إلى الكذب وتعمده قلب الحقيقة ، بحيث يكون ما يقوله محض افتراء فى مجلس القضاء وبسوء نية فإذا كان الحكم قد نفى هذا الوصف عن شهادة الشاهدين وأثبت أنهما إنما شهدا بما تنطق به شواهد الحال وظاهر المستندات فإن المحكمة إذ قضت ببراءة الشاهدين من جريمة شهادة الزور لم تخطئ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 567 لسنة 29 جلسة 1959/06/02 س 10 ع 2 ص 612 ق 135)
10- الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التى استند إليها وبيان مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده واقعة الدعوى كما اقتنعت بها المحكمة . لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يتعين على الحكم الصادر فى جريمة شهادة الزور أن يبين موضوع الدعوى التى أديت الشهادة فيها ، وموضوع هذه الشهادة وما غير فى الحقيقة فيها وتأثيرها فى مركز الخصوم فى الدعوى والضرر الذى ترتب عليها وأن الشاهد تعمد قلب الحقائق أو أخفاءها عن قصد وسوء نية وإلا كان ناقصا فى بيان اركان الجريمة نقصا يمتنع معه على محكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يبين الواقعة التى سمعت فيها الشهادة وأثر مغايرة الحقيقة فى أقوال الطاعن أمام المحكمة على مركز المدعى فى الدعوى ولم يستظهر الضرر الذى ترتب عليها فإنه يكون قاصراً فى بيان اركان الجريمة التى دان الطاعن بها مما يعيبه .
(الطعن رقم 20181 لسنة 59 جلسة 1994/06/09 س 45 ص 744 ق 114)
11- إذا كان يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن ، أن المدافع عن الطاعنين قد قدم إلى المحكمة الإستئنافية أربع حوافظ إشتملت على مستندات ، تمسك فى مذكرته بدلالتها على صدق ما شهد به المحكوم عليهما الأول و الثانى أمام محكمة الأحوال الشخصية فى الدعوى التى أقامتها الطاعنة الأولى ضد المدعى بالحق المدنى تطلب فيها إثبات طلاقها منه ، و كان الحكم قد إلتفت عن تلك المستندات و لم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعنين ، و لو أنه عنى ببحثها و فحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى ، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يبطله و يوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين و إلى باقى المحكوم عليهم لوحدة الواقعة و حسن سير العدالة .
(الطعن رقم 513 لسنة 40 جلسة 1970/06/07 س 21 ع 2 ص 812 ق 190)
12- للمحكمة بمقتضى القانون أن توجه فى الجلسة تهمة شهادة الزور إلى كل من ترى أنه لا يقول الصدق من الشهود وأن تأمر بالقبض عليه، و ذلك على اعتبار أن شهادة الزور هي من جرائم الجلسة، و من ثم فإنه لا محل للنعي على الحكم بأن المحكمة وجهت تهمة شهادة الزور إلى الشاهد وأمرت بالقبض عليه قبل أن تسمع دفاع المتهم .
(الطعن رقم 528 لسنة 27 جلسة 1957/11/05 س 8 ع 3 ص 872 ق 237)
لم يعرف القانون شهادة الزور وقد عرفها الشراح بأنها فعل الشخص الذي يكلف بالحضور أمام القضاء للإدلاء بأقواله بصفة شاهد في دعوى مدنية أو جنائية فيقرر عملاً ما يخالف الحقيقة بقصد تضليل القضاء وفي تعريف آخر قيل بأن الشهادة الزور هي تعمد تغيير الحقيقة أمام القضاء وبعد حلفه اليمين القانونية تغيير من شأنه تضليل القضاء.
أركان جريمة الشهادة الزور :
أركان جريمة شهادة الزور ثلاثة هي :
الركن الأول : صدور فعل مادي هو تغيير الحقيقة في شهادة بيمين أمام القضاء.
الركن الثاني: توافر ضرر معين هو تضليل القضاء أو احتماله.
الركن الثالث: قيام القصد الجنائي العام لدى الجاني.
وفيما يلي تفصيل لكل ركن.
الركن الأول : تغيير الحقيقة في شهادة بيمين أمام القضاء :
وهذا الركن يتحلل إلى عناصر ثلاثة.
أولاً : تغيير الحقيقة في شهادة.
ثانياً : بعد حلف يمين.
ثالثاً : أما القضاء.
وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : تغيير الحقيقة في شهادة :
تغيير الحقيقة هو جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة فهو من صور التزوير المعنوي الذي يقع حال تحرير المحرر وإنما يعاقب عليه القانون بوصفه شهادة زور طالما وقع في مجلس القضاء وفي شهادة بيمين أديت في دعوى مطروحة عليه.
ويتوافر تغيير الحقيقة بانكار الحق أو تأييد الباطل تضليلاً للقضاء أياً كان موضعه أو صورته و لايلزم أن ينصب التغيير على واقعة جوهرية في الشهادة بل من المتفق عليه أنه يكفي فيه أن يكون من شأنه التأثير في كيفية الفصل في الدعوى التي أديت الشهادة فيها ولايلزم أن تكون الشهادة مكذوبة من أولها إلى آخرها بل يكفي أن يتعمد الشاهد تغيير الحقيقة في بعض وقائع الشهادة دون بعضها الآخر.
ثانياً : بعد حلف يمين :
اصطحاب الشهادة باليمين مفروض بصريح نص القانون في قانون الإثبات فكل شهادة لا تعد مسبوقة بيمين لا تعد شهادة ولا يعاقب القانون قائلها على ما قد يقرره فيها من الوقائع المغايرة للحقيقة ذلك بأن القانون لا يعاقب في هذا الباب على ما يصدر عن الشهود ومن في حكمهم في مجلس القضاء من الأقوال المخالفة للحقيقة وإنما يعاقب على الحنث باليمين وينبني على ما تقدم أنه إذا أخطأت المحكمة ولم تحلف الشاهد اليمين قبل سماع أقواله فإنه لا يمكن أن يعاقب بعقوبة شهادة الزور ولو قرر غير الحقيقة كذلك المحكوم عليه بعقوبة جنائية ونص على حرمانه من الشهادة أمام المحكمة مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال لا يعاقب إذا قرر غير الحقيقة فإذا أمرت المحكمة بتحليف الشخص الذي قضى القانون بسماع أقواله على سبيل الاستدلال وبغير حلف يمين فحلف خلافاً لحكم القانون أمكن عقابه بعقوبة شهادة الزور إذا قرر غير الحق بعد ذلك.
على أن القانون لم يبين صيغة اليمين التي أوجب على الشهود أداءها ولكن الأن لفظ اليمين في ذاته ينطوي على معنی دینی ويقوم على الاعتقاد بأن من يحنث في يمينه يتعرض لغضب الله ونقمته ولذا فإن الصيغة التي جرى عليها الاستحلاف في المحاكم هي (أحلف بالله العظيم) ولما كانت اليمين بالله لا تستمد قوتها إلا من عقيدة الشاهد ولذلك فإنه يجوز أن يؤدي اليمين على حسب الأصول المقررة بديانته أن طلب ذلك.
ويلاحظ أن لفظ (أشهد) عند الشرعيين يتضمن معنى المشاهدة والقسم والأخبار فإذا قال الشاهد " أشهد" فكأنه يقول أقسم بالله لقد أطلعت على ذلك وأنا أخبر به الآن.
وهذه المعاني لاتوجد مجتمعة في غيره من الألفاظ ولهذا أوجبوا لصحة الشهادة أن تكون مبدوءة بهذا اللفظ وجعلوه ركناً لها.
ويأخذ حكم الشاهد الخبير الذي يؤدي مأموريته أمام المحكمة بعد حلف اليمين لأن اليمين التي يحلفها هي يمين الشهادة فالطبيب الذي يدعى إلى المحكمة للكشف على مصاب وتقرير نوع الإصابة يعاقب بعقوبة شهادة الزور إذا قرر غير الحقيقة بعد اليمين.
ثالثاً : أن تكون الشهادة أمام القضاء :
من المتفق عليه أنه يلزم أن يكون الزور في شهادة أديت أمام القضاء الجالس في دعوى مطروحة عليه للفصل فيها سواء أكانت جنائية أم مدنية أم تجارية أم من أمور الأحوال الشخصية.
ومن ثم خرج عن نطاق شهادة الزور الكذب الذي يقع في الأقوال التي تبدي أمام جهات التوثيق المختلفة بما في ذلك الكذب في استصدار الإعلاميات الشرعية والذي يخضع لنص خاص (م 226 ع) وفي عقود الزواج أمام المأذون ويخضع إثبات بلوغ الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج كذبا لنص آخر (م 277) وما عداه من كذب قد يعد تزويراً في محرر رسمي ويخرج عن نطاق شهادة الزور من باب أولى الكذب أمام السلطات الإدارية في أي تحقيق تجريه ويخرج عن نطاق شهادة الزور أيضاً الكذب أمام سلطات التحقيق الابتدائي بمعناه الواسع المتضمن جمع الاستدلال على كافة أنواعها ودرجاتها أي سواء أكان يجري التحقيق بمعرفة جهة الضبط القضائي أم النيابة أم قضاء التحقيق وما في حكمه أم سلطة الإحالة ذلك أن التحقيق الابتدائي لا يكون بحسب الأصل أساساً للحكم بل العبرة هي بالتحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة بنفسها ولأن من مصلحة العدالة أن يمكن الشاهد من العدول عن الكذب وتصحيح أقواله أمام هيئة المحكمة فلا تقيده بأقواله الأولى التي سبق له إبداؤها في التحقيقات إلى حد تعريضه للعقوبة الجنائية إذا عدل عنها.
والخلاصة هي أن الشهادة وفقا لقانون العقوبات الحالي إذا لم تؤد أمام القضاء فإن الواقعة لا تتوافر فيها العناصر القانونية لجريمة الشهادة الزور فالأقوال التي تؤدى تحت اليمين أمام قاضي التحقيق أو النيابة العامة أو ضباط الشرطة في الأحوال التي يجوز لهم فيها تحليف الشهود اليمين لاتعتبر شهادة زوراً ولا يعاقب قائلها ولو قصد تغيير الحقيقة. وفي سبيل تصحيح هذا الوضع فقد قيل بأنه يجب أن يضع المشرع عقابا للشهادة الكاذبة التي تتم أمام مأموري الضبط القضائي أو أمام سلطات التحقيق و إن يكون للنيابة العامة سلطة إقامة الدعوى قبل شاهد الزور الذي يؤدي شهادة مغايرة للحقيقة في مرحلتي الاستدلال والتحقيق ولا ينبغي أن تظل جريمة الشهادة الزور من قبيل جرائم الجلسات ويكون للشاهد الحق في العدول عن أقواله الكاذبة إلى الوقت الذي ينتهى فيه التحقيق وتتصرف سلطات التحقيق في الأوراق فإذا عدل الشاهد عن أقواله قبل أن ينتهي التحقيق ويتم التصرف في الأوراق انتفت جريمته أما إذا أصر على قول الزور حتى تتصرف سلطات التحقيق في الأوراق فإن الجريمة تعتبر تامة ولايفيد العدول بعد ذلك.
الركن الثاني : الضرر :
الضرر في شهادة الزور ركن موضوعى قائم بذاته تقوم الجريمة بقيامه - مع باقي الأركان الأخرى وتنتفي بانتفائه والضرر الذي يقصده الشارع بالخطر المباشر فيها هو تضليل القضاء وهو ضرر أدبي عام يغني عن البحث في توافر الضرر الذي قد يلحق خصماً في الدعوى مادياً كان أم أدبياً فمن يشهد لصالح متهم كذب بقصد تخليصه من العقاب يعد مضللاً للقضاء وبالتالي شاهد زور.
ويكفي هنا الضرر المحتمل بإجماع الآراء ويعد الضرر كذلك إذا لم تأخذ المحكمة بشهادة شاهد الزور أو إذا أخذت بها ولكن صدر الحكم سليماً مع ذلك التوافر أدلة أخرى أو حتى إذا قضت بالبراءة مثلاً لأن الواقعة لاتعد في القانون جريمة وسواء تعرضت لثبوتها أم لا أو إذا حكمت بعدم الاختصاص أو نحوه.
ويترتب على استلزام الضرر المحقق أو المحتمل في شهادة الزور أن الجريمة لاتتحقق إذا عدل الشاهد عن أقواله الكاذبة قبل انتهاء المرافعة في الدعوى ولو كان عدوله بعد توجبه شهادة الزور إليه مادامت المرافعة لم تتم. ولا يقبل عدول الشاهد عن أقواله بعد إتمام المرافعة ومن باب أولى عدوله أمام المحكمة التي تنظر الاستئناف أو المعارضة أو النقض إذ يمكن القول بأنه كان من الجائز ألا يطعن في الحكم أحد وأن يصبح بالتالى نهائياً كما لايقبل العدول كذلك لنفس السبب بعد نقض الحكم و عند إعادة المحاكمة من جديد أمام محكمة الموضوع وتعتبر المرافعة منتهية أمام المحاكم الجنائية بقرار أقفال باب المرافعة (م 4/ 275 إجراءات ) وكذلك أمام المحاكم المدنية وإنما صدور قرار صريح بأقفال باب المرافعة ليس وجوبياً في القانون ولا يترتب على إغفاله بطلان ما وعندئذ تعتبر المرافعة منتهية بالفراغ من سماع أطراف الدعوى وحجزها للحكم في نفس الجلسة أو في جلسة أخرى.
الركن الثالث : القصد الجنائي :
جريمة شهادة الزور من الجرائم العمدية التي لا يعاقب القانون عليها إلا عند توافر القصد الجنائي ذلك أن القانون لا يعاقب الشاهد إذا أخطأ وإنما يعاقبه إذا كذب عن علم و اراده .
فلا يكفي للعقاب أن يكون كذب الشاهد ناشئاً عن عدم احتياط أو عن تسرع في القاء أقواله بغير تدبر أو عن ميله إلى المبالغة عن حسن قصد ففي هذه الأحوال لا يعاقب الشاهد جنائياً على شهادة الزور وإن كان يمكن أن يسأل مدنياً إذا أثبت وقوع خطأ جسيم من جانبه ولهذا يجب على المحكمة التي ترفع إليها دعوى شهادة الزور أن تتحقق قبل الحكم على المتهم من أمرين كذب الشهادة وسوء القصد فهما الشرطان الأساسيان اللذان يتوقف عليهما وجود الركن المادي والركن الأدبي للجريمة ويعتبر القصد الجنائي متوافراً متى تعمد الشاهد تغيير الحقيقة بقصد تضليل القضاء ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث فقد يكون مدفوعاً إلى ذلك بعامل الانتقام من المتهم أو بالرغبة في تخليص قريب أو صديق له من عقاب القانون ولكن هذا كله لايهم البحث فيه ولا التعرض إليه.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 737)
شهادة الزور هي جريمة سلوك مادی ذي مضمون نفسي، وينتج حدثاً نفسياً. هذا الحدث هو تعديل في التكوين النفسي لشخص القاضي وأشخاص السامعين، يتمثل في إكتساب معرفة لذهن كل منهم تغيير أو تحرف الحقيقة بشأن موضوع الدعوى المطروحة على القضاء للفصل فيها.
وتعتبر الجريمة في الوقت ذاته جريمة خطر يتمثل في احتمال قناعة القاضي بالأمر المزور موضوع الشهادة وإصداره لحكم غير حق استناداً إليه، فتضليل القضاء بالشهادة هو جوهر الخطر الكامن في الحدث النفسي للجريمة لأنه ليس بلازم أن يقتنع القاضي بصدق تلك الشهادة، فقد يكتشف القاضي ما فيها من زيف ولا يقع في الضلال دون أن ينفى ذلك وجود الجريمة لأنه يكفي لتحققها أن هذا الضلال كان بفعل الجريمة ماثلاً خطره.
والجريمة يجوز الاشتراك فيها بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة عليها. غير أن الشروع في الجريمة غير متصور لأنها إما أن تقع فتكون كاملة وإما ألا تقع أصلاً ولا وسط بين الأمرين.
رکنا جريمة الشهادة الزور:
للجريمة رکن مادی و رکن معنوی :
والركن المادي فيه عنصر مفترض هو حالة قانونية سابقة على سلوك الجاني وتتمثل في وجود دعوى جنائية أو مدنية مطروحة على القضاء.
والسلوك المادي المكون للجريمة وذو المضمون النفسي هو إدلاء الشاهد أمام المحكمة بأمر كاذب يتوقف عليه الفصل في الدعوى على وجه دون آخر، أي تتوقف عليه في الدعوى الجنائية إدانة المتهم حالة كونه بريئاً أو براءته حالة كونه مذنباً، أو يتوقف عليه في الدعوى المدنية الحكم فيها لصالح المدعى أو الحكم برفضها لصالح المدعى عليه.
ولقد أفسح القانون الوقت للشاهد الكاذب فترك أمامه مرحلة جمع الاستدلالات في القضية الجنائية ومرحلة التحقق ثم مرحلة المحاكمة عساه يهتدى إلى الحق طوال هذه المراحل ويدلي بالحقيقة. فإذا أقفل باب المرافعة وظل مصرا على شهادته رغم زورها اعتبرت الجريمة واقعة، وقبل ذلك لا تكون قد أنجزت.
والعبرة في وصف الشاهد بأنه كاذب بما يقرر أنه شخصياً قد رآه وعاينه بحواسه، على خلاف الحقيقة، لا بما يقرر أنه ترامي إلى سمعه من الناس، لأنه من المفهوم أن هذا الأمر الأخير يحتمل الصدق والكذب ولا شأن فيه للمدركات الشخصية للشاهد والتي يمكن التحقق من أمانة الإفصاح عنها أو تعمد التحوير فيها.
ولا يلزم أن تكون الشهادة مكذوبة من أولها إلى آخرها، بل يكفي أن يتعمد الشاهد تغيير في بعض وقائع الشهادة.
على أن ورود تغيير الحقيقة على جزئية هامشية في شهادة الشاهد ليس من شأن تحويرها التأثير على وجهة الفصل في الدعوى، لأنه لا يشكل خطر تضليل القضاء، وقد قلنا أن الجريمة مادية من جرائم الحدث الخطر.
هذا ومن المسلم به أن العقاب على الكذب في الشهادة أمام القضاء مقرر ضد الشاهد لا ضد المتهم، فالمتهم مهما كذب في أقواله لا يعاقب على هذا الكذب لأنه من مقتضيات دفاعه عن نفسه.
على أنه لا يبرر الشهادة الزور کون الشاهد يدرأ بها شبهه عن نفسه مادام ليس هو المتهم في القضية التي يؤدي الشهادة فيها.
كما أنه لا يبرر الشهادة الزور کون الشاهد معفي من العقاب في الدعوى الجنائية التي يدلي فيها بالشهادة (كالراشي أو الوسيط حين يخبر السلطات بجريمة الرشوة أو يعترف بها ويدعى الشهادة).
والركن المعنوي لجريمة الشهادة الزور هو القصد الجنائي أي إنصراف إرادة الشاهد إلى الإدلاء بأمر كاذب يؤثر على وجه الفصل في الدعوى عن علم يقيني بكذب هذا الأمر. فالقصد نية إتيان السلوك الموصوف في نموذج الجريمة عن وعي بالملابسات التي تطلب القانون إحاطتها بالسلوك كي تتحقق به الجريمة. ومن تلك الملابسات في شهادة الزور أن يكون موضوع سلوك الإفصاح أمراً كاذباً وبالتالي يلزم أن يعي الفاعل كونه كاذباً. فإذا كان الأمر كاذبا ويعتقد الشاهد أنه صحيح، تخلف القصد الجنائي، ذلك لأن الشاهد ربما كان ضعيفاً في قوة الملاحظة أو إصابة نسيان وأكمل موضوع النسيان بأمر من مخيلته. فيلزم إذن لتوافر الركن المعنوي للجريمة أن يكون الشاهد مستيقناً من كذب ما يقول ومعتمدة هذا الكذب.
ولا يشترط قانوناً للعقاب على شهادة الزور أن تكون لدى الشاهدنية الإيقاع بالمتهم الذي شهد عليه، بل يكفي في ذلك أن يكون من شأن الشهادة أن تسبب ضرراً بعقاب بريء أو تبرئة مجرم.
العقوبة :
يعاقب الشاهد الزور لمتهم في جناية أو عليه بالحبس.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 11)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 213
(مادة 425)
يعاقب بالحبس كل من شهد بعد حلف اليمين أمام محكمة قضائية أو إدارية بأقوال تتضمن معلومات يعلم أنها غير صحيحة ، أو كتم كل أو بعض ما يعلمه من وقائع ذات أثر في الدعوى التي يؤدى فيها الشهادة .
وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا أديت الشهادة مقابل عطية أو منفعة أو ميزة من أي نوع أو وعد بذلك .
وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت إذا ترتب على الشهادة الحكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو المؤقت ، على ألا يحكم بالإعدام إلا إذا نفذت عقوبة الإعدام في المحكوم عليه .
ويجوز للمحكمة إعفاء الشاهد من العقاب أو تخفيفه عليه ، إذا عاد إلى قول الحق قبل صدور الحكم النهائي في موضوع الدعوى التي شهد فيها .
المساس بسير التحقيق والعدالة
المواد (422) : (438) :
رأى المشروع - تقديراً منه لقداسة العدالة والقضاء ، وبعداً به عن أن يكون مجالاً لعبث عابث ، وحفاظاً على حرمة الهيئات والقائمين عليها ، وبإعتبار أن الحقيقة القضائية عنواناً للحقيقة الواقعية - أن يجمع في هذا الفصل شتات نصوص القانون القائم مع تعديلها على نحو يتفق والغرض المنشود ، وإضافة ما تقضي به المصلحة العامة من أحكام ، وقد قسم المشروع هذا الباب إلى فصلين: الأول: في الجرائم المتعلقة بالمساس بسير التحقيق والعدالة ، بمثابة أن التحقيق هو أول عمل ينير للحقيقة والعدالة الباحثة عنها الطريق .
1- المادة (422) من المشروع وهي تعاقب الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة عهد إليه بالبحث عن الجرائم وضبطها ، إذا أهمل أو أرجأ الإخبار عن جريمة وصلت إلى علمه .
2- المادة (423) من المشروع تعاقب على جريمة عدم إبلاغ الجهة المختصة بوجود ما يشير بمناسبة الكشف على مصاب إلى أن إصابته جنائية .
٣- المادة (424) من المشروع تعاقب على جريمة البلاغ الكاذب - ولو كان البلاغ بطريق مباشر أو غير مباشر - بأمر يستوجب عقوبة من أسند إليه ، أو بمجازاته تأديبياً أو إدارياً ، فإذا كان الإبلاغ عن جناية عد ذلك ظرفاً مشدداً ، والنص يقابل في عمومه نص المادة (305) من القانون القائم مع النص على البلاغ بطريق غير مباشر ، وفق ما استقر عليه القضاء. وقد ترتب على ذلك أن أصبح النص المقترح في مكانه الصحيح ، وقد كان مع جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار التي يتضمنها الباب السابع من القانون الحالي .
هذا وقد بين النص أن الكشف عن الكذب قبل إتخاذ أي إجراء من إجراءات الإستدلال ، أو التحقيق ، أو المحاكمة - لیس بمانع عن توقيع العقوبة .
کا استحدث في الفقرة الأخيرة ظرفاً مشدداً يجعل الجريمة جناية إذا ترتب على الإبلاغ الحكم بعقوبة جناية ، على ألا يحكم بالإعدام إلا إذا نفذت عقوبة الإعدام في المحكوم عليه نتيجة الإبلاغ الكاذب.
4 المادة (425) من المشروع تعاقب على شهادة الزور أمام محكمة قضائية أو إدارية ، وذلك بعد حلف اليمين ، فإن لم يحدث حلف فلا جريمة . وجعلت من أداء الشهادة الزور مقابل الحصول على منفعة ، أو ميزة من أي نوع ، أو وعد بذلك ، جناية عقوبتها السجن الذي لا يزيد على خمس سنوات .
كما بينت المادة الظرف المشدد الموجب لتغليظ العقوبة ، ورفعها إلى عقوبة الجناية التي قد تصل إلى الحكم بالإعدام ، وأخيراً أجاز المشروع للمحكمة إعفاء الشاهد من العقاب أو تخفيفه ، إذا عاد إلى قول الحق قبل الحكم النهائي في موضوع الدعوى التي شهد فيها ، ومن المعلوم أن هذا النص لا يسري في فقرته تلك أمام محكمة النقض ، إلا إذا كانت تنظر موضوع الدعوى الجنائية عند الطعن لثاني مرة ، إذا نقضت الحكم وحددت جلسة لنظر الموضوع . أن هذه هي الحالة الوحيدة التي تنظر فيها هذه المحكمة الدعوى الجنائية كما لو كانت قضاء الموضوع .
5- المادة (426) من المشروع تقضي بسريان المادة السابقة على كل من كلف من قبل جهة قضائية في دعوى بعمل من أعمال الخبرة أو الترجمة، فغير الحقيقة بأية حقيقة والجريمة عمدية لا يقوم فيها الإهمال مهما بلغ مرتبة العمد .
6- المادة (427) من المشروع تعاقب الطبيب أو القابلة ، إذا طلب أيها لنفسه أو لغيره عطية أو منفعة أو ميزة أيا كان نوعها ، أو وعدا بشيء من ذلك ، في مقابل تحریر بیان غير صحيح ، أو مقابل أداء الشهادة زوراً أمام محكمة قضائية أو إدارية ، وذلك بشأن حمل أو ولادة أو مرض أو عاهة ، أو غير ذلك مما يتصل بمهنة الجاني ، ولو كان قيامه بذلك نتيجة رجاء أو توجيه ، على أنه في حالة أداء الشهادة فعلاً يطبق حكم الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة (425) من المشروع ، كما يطبق حكم الإعفاء المشار إليه في الفقرة الأخيرة منها .
7- المادة (428) من المشروع تعالج إستخدام الإكراه أو التهديد أو تقديم عطية أو منفعة أو ميزة أيا كانت ، أو وعد بشيء من ذلك ، لحمل الغير على الشهادة زوراً أمام المحاكم ، أو الإمتناع عن آدائها ، ولم يبلغ مقصده .
8- المادة (429) من المشروع تعاقب من ألزم بحلف اليمين في دعوى ردت عليه فحلفها كذباً ، مع إجازة إعفائه من العقوبة إذا رجع إلى الحق قبل الحكم النهائي في الدعوى .
9- المادة (430) من المشروع تعاقب بعقوبة الجنحة من يمتنع عن الشهادة بعد تكليفه بها - أمام جهة التحقيق أو الحكم - بغير عذر مقبول بعد تكليفه بالحضور قانوناً أمامها .
10- المادة (431) من المشروع تعاقب من يغير - بقصد تضليل جهة التحقيق أو الحكم - حالة الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء المتصلة بالجريمة .
11- مادة (432) من المشروع تعاقب على إخفاء جثة شخص مات نتيجة حادث جنائي ، أو قام بدفنها دون إخطار الجهة المختصة وقبل الكشف عليها وتحقيق أسباب الوفاة .
12 - المادة (433) من المشروع تعاقب على مجرد التوسط لدى قاض بأي وسيلة لصالح أحد الخصوم ، أو للإضرار به .
13 - المادة (435) من المشروع تجرم النشر بإحدى طرق العلانية أمراً من شأنه التأثير فيمن يتولى التحقيق أو القضاء أو القيام بأعمال الخبرة ، أو يدعى للشهادة في دعوى مطروحة أمام جهة التحقيق أو الحكم ، أو نشر أموراً من شأنها منع الشخص من الإفضاء بمعلومات للجهة المختصة بذلك ، أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو ضده . فإذا كان النشر بقصد إحداث التأثير المذكور ، أو كانت الأمور المنشورة كاذبة -ضوعفت العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة .
14- المادة (436) من المشروع تعاقب كل من أذاع ، أو نشر بإحدى طرق العلانية أمرا من الأمور الواردة في البنود من (أ) – (ز) من المادة .
15 - المادة (437) من المشروع تعاقب من افتتح إكتتاباً ، أو أعلن عنه بإحدى طرق العلانية ، قاصداً من ذلك التعويض عن الغرامات أو المصاريف أو التعويضات المحكوم بها في جريمة ، أو أعلن بإحدى هذه الطرق عن قيامه أو غيره بالتعويض المشار إليه أو جزء منه ، أو عزمه على ذلك.
16 - المادة (438) من المشروع تعرض لجريمة إنكار العدالة ، وهي لا تقع إلا من قاض امتنع بغير مبرر عن الحكم في دعوى دخلت في حوزته قانوناً ، ويجوز أن يكون مع العقوبة الأصلية ، وبالإضافة إليها عقوبة العزل ، وهي في هذه الحال عقوبة تكميلية لا تقع إلا بحكم من المحكمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي عشر ، الصفحة / 254
الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ:
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا، وَلاَ يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ سَوَاءٌ الْعُقُودُ مِنَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَالْفُسُوخِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الأْمْلاَكُ الْمُرْسَلَةُ (أَيِ الَّتِي لَمْ يُبَيَّنْ سَبَبُ مِلْكِهَا مِنْ إِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ) وَغَيْرُ الْمُرْسَلَةِ.وَاسْتَدَلُّوا: بِخَبَرِ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ».
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي الْفُسُوخِ وَالْعُقُودِ، حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرُ عَالِمٍ. لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لاِمْرَأَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَنْكَرَتْ، فَقَضَى لَهُ عَلِيٌّ. فَقَالَتْ لَهُ: لَمْ يَتَزَوَّجْنِي، فَأَمَّا وَقَدْ قَضَيْتَ عَلَيَّ فَجَدِّدْ نِكَاحِي، فَقَالَ: لاَ أُجَدِّدُ نِكَاحَكِ، الشَّاهِدَانِ زَوَّجَاكِ.
وَمَحَلُّ تَفْصِيلِ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (قضاء) و ( شهادة)
تَضْمِينُ شُهُودِ الزُّورِ:
يَضْمَنُ شُهُودُ الزُّورِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ مِنْ ضَمَانٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً رُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ إِتْلاَفًا فَعَلَى الشُّهُودِ ضَمَانُهُ؛ لأِنَّهُمْ سَبَبُ إِتْلاَفِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شُهُودِ الزُّورِ، إِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، كَأَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ عُدْوَانٍ، أَوْ بِرِدَّةٍ، أَوْ بِزِنًى وَهُوَ مُحْصَنٌ، فَقُتِلَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا، وَأَقَرَّا بِتَعَمُّدِ قَتْلِهِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ؛ لِعِلْمِهِمَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِمَا. فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا لِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ بِتَزْوِيرِ الشَّهَادَةِ؛ لأِنَّ شَهَادَتَهُمَا سَبَبُ الْقَتْلِ، وَلاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِنَفْسِ التَّزْوِيرِ وَالْكَذِبِ.
وَتَجِبُ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ إِذَا آلَ الأْمْرُ إِلَيْهَا بَدَلَ الْقِصَاصِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا شَهِدَا زُورًا بِمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ قِصَاصًا فَقُطِعَ، أَوْ فِي سَرِقَةٍ لَزِمَهُمَا الْقَطْعُ، وَإِذَا سَرَى أَثَرُ الْقَطْعِ إِلَى النَّفْسِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ. كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَضَى زُورًا بِالْقِصَاصِ، وَكَانَ يَعْلَمُ بِكَذِبِ الشُّهُودِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الدِّيَةُ لاَ الْقِصَاصُ. لأِنَّ الْقَتْلَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَتْلٌ بِالسَّبَبِ، وَالْقَتْلُ تَسَبُّبًا لاَ يُسَاوِي الْقَتْلَ مُبَاشَرَةً، وَلِذَا قَصَرَ أَثَرُهُ فَوَجَبَتْ بِهِ الدِّيَةُ لاَ الْقِصَاصُ. وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ إِذَا تَبَيَّنَ كَذِبُ الشُّهُودِ، أَوْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ. أَمَّا إِذَا رَجَعُوا قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْحُكْمِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَلاَ غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ، بَلْ يُعَزَّرُونَ.
وَيَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى شُهُودِ الزُّورِ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى، وَيُقَامُ عَلَيْهِمُ الْحَدُّ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، إِلاَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ مَعَ حَدِّ الْقَذْفِ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى عَلَى مُحْصَنٍ، فَرُجِمَ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِمْ. وَلِلتَّفْصِيلِ فِي أَحْكَامِ الْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (جِنَايَةٌ، حُدُودٌ، قِصَاصٌ) وَكَذَلِكَ (شَهَادَةٌ) (وَقَضَاءٌ).
التَّزْوِيرُ بِالأْفْعَالِ:
يَقَعُ التَّزْوِيرُ فِي الْبُيُوعِ بِإِخْفَاءِ عُيُوبِ السِّلْعَةِ وَتَزْيِينِهَا وَتَحْسِينِهَا؛ لإِظْهَارِهَا بِشَكْلٍ مَقْبُولٍ تَرْغِيبًا فِيهَا، كَتَصْرِيَةِ الْحَيَوَانِ لِيَظُنَّ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ، أَوْ صَبْغِ الْمَبِيعِ بِلَوْنٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ، وَكَالْكَذِبِ فِي سِعْرِ السِّلْعَةِ فِي بُيُوعِ الأَْمَانَاتِ وَهِيَ: الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْحَطِيطَةُ.
وَيَقَعُ التَّزْوِيرُ كَذَلِكَ بِمُحَاكَاةِ خَطِّ الْقَاضِي أَوْ تَزْوِيرِ تَوْقِيعِهِ أَوْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي سِجِلاَّتِ الْقَضَاءِ بِمَا يَسْلُبُ الْحُقُوقَ مِنْ أَصْحَابِهَا. كَمَا يَقَعُ التَّزْوِيرُ فِي النِّكَاحِ بِأَنْ يَكْتُمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَيْبًا فِيهِ عَنِ الآْخَرِ.
وَقَدْ يَقَعُ التَّزْوِيرُ بِتَسْوِيدِ الشَّعْرِ بِقَصْدِ التَّغْرِيرِ وَالْكَذِبِ.
وَهَذِهِ الأْنْوَاعُ مِنَ التَّزْوِيرِ هِيَ مِنَ التَّزْوِيرِ الْمُحَرَّمِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (تَدْلِيسٌ، تَسْوِيدٌ، بَيْعٌ، نِكَاحٌ، شَهَادَةٌ، قَضَاءٌ وَعَيْبٌ).
(قَضَاءٌ) (وَشَهَادَةٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني عشر ، الصفحة / 280
شَهَادَةُ الزُّورِ :
حُرِّمَ قَوْلُ الزُّورِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) .
وَفِي السُّنَّةِ بِمَا وَرَدَ: «أَنَّ الرَّسُولَ صلي الله عليه وسلم عَدَّ قَوْلَ الزُّورِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ» وَمَا دَامَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، فَفِيهَا التَّعْزِيرُ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 314
حَبْسُ شَاهِدِ الزُّورِ :
نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ طَوِيلاً بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ. وَزَادَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ مَنْ يُلَقِّنُ شَهَادَةَ الزُّورِ لِغَيْرِهِ يُحْبَسُ وَيُضْرَبُ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ ضَرَبَ شَاهِدَ الزُّورِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَسَخَّمَ وَجْهَهُ وَأَمَرَ أَنْ يُطَافَ بِهِ فِي الأْسْوَاقِ ثُمَّ أَطَالَ حَبْسَهُ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 237
أَخْذُ الأْجْرَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ: لاَ يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ أَخْذُ الأْجْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ الشَّهَادَةَ إِذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ لأِنَّ إِقَامَتَهَا فَرْضٌ، قَالَ تَعَالَى: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ).
أَمَّا إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا، وَكَانَ أَدَاؤُهَا يَسْتَدْعِي تَرْكَ عَمَلِهِ وَتَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى: عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الأْجْرَةِ عَلَيْهَا، لَكِنْ لَهُ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِعِ الأْدَاءِ. قَالَ تَعَالَى: (وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ).
وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى: الْجَوَازِ؛ وَذَلِكَ لأِنَّ إِنْفَاقَ الإْنْسَانِ عَلَى عِيَالِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَالشَّهَادَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَلاَ يُشْتَغَلُ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا أَخَذَ الرِّزْقَ جَمَعَ بَيْنَ الأْمْرَيْنِ. وَلأِنَّ الشَّهَادَةَ وَهِيَ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَمَا يَجُوزُ عَلَى كَتْبِ الْوَثِيقَةِ.
شَهَادَةُ الزُّورِ
التَّعْرِيفُ:
شَهَادَةُ الزُّورِ: مُرَكَّبٌ إِضَافِيٌّ يَتَكَوَّنُ مِنْ كَلِمَتَيْنِ هُمَا: الشَّهَادَةُ، وَالزُّورُ.
أَمَّا الشَّهَادَةُ فِي اللُّغَةِ، فَمِنْ مَعَانِيهَا: الْبَيَانُ، وَالإِْظْهَارُ، وَالْحُضُورُ، وَمُسْتَنَدُهَا الْمُشَاهَدَةُ إِمَّا بِالْبَصَرِ أَوْ بِالْبَصِيرَةِ.
وَأَمَّا الزُّورُ فَهُوَ الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ، وَقِيلَ: هُوَ شَهَادَةُ الْبَاطِلِ، يُقَالُ: رَجُلٌ زُورٌ وَقَوْمٌ زُورٌ: أَيْ مُمَوِّهٌ بِكَذِبٍ.
وَشَهَادَةُ الزُّورِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: هِيَ الشَّهَادَةُ بِالْكَذِبِ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى الْبَاطِلِ مِنْ إِتْلاَفِ نَفْسٍ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ، أَوْ تَحْلِيلِ حَرَامٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلاَلٍ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ شَرْعًا، قَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي كِتَابِهِ مَعَ نَهْيِهِ عَنِ الأْوْثَانِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأْسَدِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا، فَقَالَ: عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الإْشْرَاكَ بِاللَّهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآْيَةَ: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ).
وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ ثَلاَثًا: الإْشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَكَانَ مُتَّكِئًا - فَقَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ: لاَ يَسْكُتُ».
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَنْ تَزُولَ قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ».
فَمَتَى ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عَمْدًا عَزَّرَهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْزِيرِ،وَسَيَأْتِي آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا.
بِمَ تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ؟
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ بِالإْقْرَارِ؛ لأِنَّهُ لاَ تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْكَذِبِ فِي إِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ بِأَنْ يَشْهَدَ بِمَا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ: بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ بِفِعْلٍ فِي الشَّامِ فِي وَقْتٍ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْعِرَاقِ، أَوْ يَشْهَدَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ فِي يَدِ هَذَا مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَعْوَامٍ وَسِنُّهَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا فِي وَقْتٍ وَقَدْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُولَدْ إِلاَّ بَعْدَهُ وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا يُتَيَقَّنُ بِكَذِبِهِ وَيُعْلَمُ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ.
وَلاَ تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لأِنَّهَا نَفْيٌ لِشَهَادَتِهِ، وَالْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ لِلإْثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ، وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَلاَ يُعَزَّرُ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، أَوْ ظُهُورِ فِسْقِهِ أَوْ غَلَطِهِ فِي الشَّهَادَةِ، لأِنَّ الْفِسْقَ لاَ يَمْنَعُ الصِّدْقَ، وَالتَّعَارُضُ لاَ يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِعَيْنِهَا، وَالْغَلَطُ قَدْ يَعْرِضُ لِلصَّادِقِ الْعَدْلِ وَلاَ يَتَعَمَّدُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).
قَالَ الشِّيرَازِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ مَا يَقْطَعُ بِكَذِبِهِ.
وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَمْ بَعْدَهُ.
كَيْفِيَّةُ عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ:
لَمَّا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ لَمْ تُقَدِّرْ عُقُوبَةً مُحَدَّدَةً لِشَاهِدِ الزُّورِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ هِيَ التَّعْزِيرُ، قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلاَتُ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ لاَ مِنْ حَيْثُ مَبْدَأُ عِقَابِ شَاهِدِ الزُّورِ بِالتَّعْزِيرِ، إِذْ أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْزِيرِهِ. إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عَمْدًا عَزَّرَهُ وُجُوبًا وَشَهَّرَ بِهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالأْوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْزِيرِ، فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: تَأْدِيبُ شَاهِدِ الزُّورِ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ إِنْ رَأَى تَعْزِيرَهُ بِالْجَلْدِ جَلَدَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَحْبِسَهُ، أَوْ كَشْفَ رَأْسِهِ وَإِهَانَتَهُ وَتَوْبِيخَهُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلاَ يَزِيدُ فِي جَلْدِهِ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّشْهِيرِ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ: فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوقِفُهُ فِي السُّوقِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ، أَوْ مَحَلَّةِ قَبِيلَتِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبَائِلِ، أَوْ فِي مَسْجِدِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَسَاجِدِ، وَيَقُولُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: إِنَّ الْحَاكِمَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ: هَذَا شَاهِدُ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ.
وَلاَ يُسَخَّمُ وَجْهٌ (أَيْ يُسَوِّدُهُ) لأِنَّهُ مُثْلَةٌ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُثْلَةِ،وَلاَ يُرْكِبُهُ مَقْلُوبًا، وَلاَ يُكَلِّفُ الشَّاهِدَ أَنْ يُنَادِيَ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي الْجُمْلَةِ لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ مِمَّا يَرَاهُ - مَا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى مُخَالَفَةِ نَصٍّ أَوْ مَعْنَى نَصٍّ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِالزُّورِ عُوقِبَ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ، وَيُطَافُ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ ضَرَبَ شَاهِدَ زُورٍ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَسَخَّمَ وَجْهَهُ. وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ بِالشَّامِ: إِذَا أَخَذْتُمْ شَاهِدَ الزُّورِ فَاجْلِدُوهُ بِضَرْبِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَسَخِّمُوا وَجْهَهُ وَطَوِّفُوا بِهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ النَّاسُ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُطَالُ حَبْسُهُ؛ لأِنَّهُ أَتَى كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.
وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ شَهَادَةِ الزُّورِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ، فَقَالَ: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)وَلأِنَّ هَذِهِ الْكَبِيرَةَ يَتَعَدَّى ضَرَرُهَا إِلَى الْعِبَادِ بِإِتْلاَفِ أَنْفُسِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.
7 م - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا: يُشَهَّرُ بِهِ فِي الأْسْوَاقِ إِنْ كَانَ سُوقِيًّا، أَوْ بَيْنَ قَوْمِهِ إِنْ كَانَ غَيْرَ سُوقِيٍّ، وَذَلِكَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ فِي مَكَانِ تَجَمُّعِ النَّاسِ، وَيَقُولُ الْمُرْسَلُ مَعَهُ: إِنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ، وَحَذِّرُوهُ النَّاسَ، وَلاَ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ أَوِ الْحَبْسِ؛ لأِنَّ شُرَيْحًا كَانَ يُشَهِّرُ شَاهِدَ الزُّورِ وَلاَ يُعَزِّرُهُ، وَكَانَ قَضَايَاهُ لاَ تَخْفَى عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ؛ وَلأِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّوَصُّلُ إِلَى الاِنْزِجَارِ؛ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالتَّشْهِيرِ، بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ أَعْظَمَ عِنْدَ النَّاسِ مِنَ الضَّرْبِ، فَيُكْتَفَى بِهِ، وَالضَّرْبُ وَإِنْ كَانَ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ لَكِنَّهُ يَقَعُ مَانِعًا عَنِ الرُّجُوعِ فَوَجَبَ التَّخْفِيفُ نَظَرًا إِلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ نَقْلاً عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَرْجِعَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَامَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يُعَزَّرُ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَرْجِعَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِإِجْمَاعِهِمْ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لاَ يُعْلَمَ رُجُوعُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ فَإِنَّهُ عَلَى الاِخْتِلاَفِ الَّذِي ذَكَرْنَا.
الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ: إِلَى أَنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا؛ لأِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ لأِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ، وَلاَ يُزِيلُ شَيْئًا عَنْ صِفَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ، سَوَاءٌ الْعُقُودُ مِنَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَالْفُسُوخُ، فَلاَ يَحِلُّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ».
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: يَنْفُذُ قَضَاءٌ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرَ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - لاِمْرَأَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَنْكَرَتْ فَقَضَى لَهُ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - فَقَالَتْ لَهُ: لِمَ تُزَوِّجُنِي؟ أَمَا وَقَدْ قَضَيْتَ عَلَيَّ فَجَدِّدْ نِكَاحِي، فَقَالَ: لاَ أُجَدِّدُ نِكَاحَكَ، الشَّاهِدَانِ زَوَّجَاكَ؛ فَلَوْ لَمْ يَنْعَقِدِ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بَاطِنًا بِالْقَضَاءِ لَمَا امْتَنَعَ مِنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ عِنْدَ طَلَبِهَا.
وَأَمَّا فِي الأْمْلاَكِ الْمُرْسَلَةِ (أَيِ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ لَهَا سَبَبٌ مُعَيَّنٌ) فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا؛ لأَنَّ الْمِلْكَ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ وَلَيْسَ بَعْضُ الأْسْبَابِ بِأَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ لِتَزَاحُمِهَا فَلاَ يُمْكِنُ إِثْبَاتُ السَّبَبِ سَابِقًا عَلَى الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الاِقْتِضَاءِ.
تَضْمِينُ شُهُودِ الزُّورِ:
مَتَى عُلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِالزُّورِ: تَبَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ بَاطِلاً، وَلَزِمَ نَقْضُهُ وَبُطْلاَنُ مَا حُكِمَ بِهِ، وَيَضْمَنُ شُهُودُ الزُّورِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ مِنْ ضَمَانٍ. فَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً: رُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ إِتْلاَفًا: فَعَلَى الشُّهُودِ ضَمَانُهُ؛ لأِنَّهُمْ سَبَبُ إِتْلاَفِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شُهُودِ الزُّورِ إِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، كَأَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ عُدْوَانٍ أَوْ بِرِدَّةٍ أَوْ بِزِنًى وَهُوَ مُحْصَنٌ، فَقُتِلَ الرَّجُلُ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا وَأَقَرَّا بِتَعَمُّدِ قَتْلِهِ، وَقَالاَ: تَعَمَّدْنَا الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بِالزُّورِ لِيُقْتَلَ أَوْ يُقْطَعَ: فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا، لِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ بِتَزْوِيرِ الشَّهَادَةِ، لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ: أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَهُ ثُمَّ عَادَا فَقَالاَ: أَخْطَأْنَا، لَيْسَ هَذَا هُوَ السَّارِقَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعَتْكُمَا، وَلاَ مُخَالِفَ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا، وَإِنَّهُمَا تَسَبَّبَا إِلَى قَتْلِهِ أَوْ قَطْعِهِ بِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ غَالِبًا فَلَزِمَهُمَا كَالْمُكْرَهِ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالأْوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا شَهِدُوا زُورًا بِمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ قِصَاصًا، فَقُطِعَ أَوْ فِي سَرِقَةٍ لَزِمَهُمَا الْقَطْعُ، وَإِذَا سَرَى أَثَرُ الْقَطْعِ إِلَى النَّفْسِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَضَى زُورًا بِالْقِصَاصِ، وَكَانَ يَعْلَمُ بِكَذِبِ الشُّهُودِ.
وَتَجِبُ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ إِذَا قَالاَ: تَعَمَّدْنَا الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَذَا، وَكَانَا مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَجْهَلاَ ذَلِكَ. وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمَا لأِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ وَلاَ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لأِنَّهُ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِمَا وَالْعَاقِلَةُ لاَ تَحْمِلُ الاِعْتِرَافَ.
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقِصَاصِ أَوْ شُهُودُ الْحَدِّ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ، لَمْ يُسْتَوْفَ الْقَوَدُ وَلاَ الْحَدُّ؛ لأِنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ عُقُوبَةٌ لاَ سَبِيلَ إِلَى جَبْرِهَا إِذَا اسْتُوْفِيَتْ بِخِلاَفِ الْمَالِ، وَلأِنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ شُبْهَةٌ لاِحْتِمَالِ صِدْقِهِمْ، وَالْقَوَدُ وَالْحَدُّ يُدْرَآنِ بِالشُّبْهَةِ، فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَلاَ غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ بَلْ يُعَزَّرُونَ.
وَوَجَبَتْ دِيَةُ قَوَدٍ لِلْمَشْهُودِ لَهُ؛ لأِنَّ الْوَاجِبَ بِالْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَقَدْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا فَتَعَيَّنَ الآْخَرُ، وَيَرْجِعُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى الشُّهُودِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَدَا أَشْهَبَ: إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الدِّيَةُ لاَ الْقِصَاصُ؛ لأِنَّ الْقَتْلَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَتْلٌ بِالسَّبَبِ، وَالْقَتْلُ تَسَبُّبًا لاَ يُسَاوِي الْقَتْلَ مُبَاشَرَةً، وَلِذَا قَصُرَ أَثَرُهُ، فَوَجَبَتْ بِهِ الدِّيَةُ لاَ الْقِصَاصُ.
12 م - وَيَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى شُهُودِ الزُّورِ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى وَيُقَامُ عَلَيْهِمُ الْحَدُّ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. وَيُحَدُّونَ فِي الشَّهَادَةِ بِالزِّنَى حَدَّ الْقَذْفِ أَوَّلاً. ثُمَّ يُقْتَلُونَ إِذَا تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ بِالرَّجْمِ.
وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالتَّدَاخُلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: فَإِنْ كَانَ فِي الْحُدُودِ قَتْلٌ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ، لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -: مَا كَانَتْ حُدُودٌ فِيهَا قَتْلٌ إِلاَّ أَحَاطَ الْقَتْلُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلأَِنَّهُ لاَ حَاجَةَ مَعَهُ إِلَى الزَّجْرِ بِغَيْرِهِ، وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ حَدَّ الْقَذْفِ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ، بَلْ لاَ بُدَّ مِنَ اسْتِيفَائِهِ قَبْلَهُ.
تَوْبَةُ شَاهِدِ الزُّورِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ وَأَتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ تَظْهَرُ فِيهَا تَوْبَتُهُ، وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ فِيهَا وَعَدَالَتُهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. لقوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا).
وَلأِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ».
وَلأِنَّهُ تَائِبٌ مِنْ ذَنْبِهِ؛ فَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُ كَسَائِرِ التَّائِبِينَ.
وَمُدَّةُ ظُهُورِ التَّوْبَةِ عِنْدَهُمْ سَنَةٌ؛ لأِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ، فَكَانَتْ أَوْلَى الْمُدَدِ بِالتَّقْدِيرِ سَنَةً؛ لأِنَّهُ تَمُرُّ فِيهَا الْفُصُولُ الأْرْبَعَةُ الَّتِي تَهِيجُ فِيهَا الطَّبَائِعُ وَتَتَغَيَّرُ فِيهَا الأْحْوَالُ.
وَقَالَ الْبَابَرْتِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: مُدَّةُ ظُهُورِ التَّوْبَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ الْقَاضِي.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلاَحِ حِينَ شَهِدَ بِالزُّورِ لاَ تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ لاِحْتِمَالِ بَقَائِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُظْهِرٍ لِلصَّلاَحِ حِينَ الشَّهَادَةِ فَفِي قَبُولِهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَوْلاَنِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي الأربعون ، الصفحة / 166
شَهَادَةُ الزُّورِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرُ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ. وَذَلِكَ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَالْفُسُوخِ كَالإْقَالَةِ وَالطَّلاَقِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ: شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِ وَقَالَ الصَّاحِبَانِ وَزُفَرُ: يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لأِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا، فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ.
أَمَّا إِذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَلاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَصْلاً.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِنْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذِبُهُمْ إِنْ أَمْكَنَ، وَذَلِكَ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْكَذِبُ إِلاَّ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوِ الْمَالَ، وَلاَ يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ وَجَبَ نَقْضُ الْحُكْمِ.
انْظُرْ: (شَهَادَة الزُّورِ ف 8 - 9).