شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية،
هذا النص أضافه إلى قانون العقوبات القانون رقم 97 لسنة 1955، وقد ورد في مذكرته الإيضاحية تبريراً له أنه « کثرت أخيراً الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون واستفحلت مشكلة إزعاجهم في بيوتهم ليلاً ونهاراً وإسماعهم أفظع الألفاظ وأقبح العبارات واحتمى المعتدون بسرية المحادثات التليفونية واطمأنوا إلى أن القانون لا يعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر طبقاً للنصوص الحالية، الأمر الذي يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث وللضرب على أيدي هؤلاء المستهترين.
1- من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الإتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذان وردا بنص المادة 308 مكرر من قانون العقوبات، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه، أيا كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة، وكانت المحكمة قد طالعت المفردات، وقد تبين خلوها من أي قول قد يفهم منه أن الطاعن تعمد إتيان أقوال أو أفعال قد يضيق بها صدر المجني عليه، ذلك أن الثابت أن لا علاقة بين الطاعن والشاكي، وأن الإتصال الذي دار بين الطاعن وزوج شقيقة المبلغ ورد من الأخير إلى هاتف الطاعن عبر تطبيق الواتس أب يستفسر فيه عن حساب بإسم .......... على تطبيق الفيس بوك دأب على مهاجمة زوجته وشقيقها فأجابه الطاعن بأن الحساب يخص زوجته وشرح له الأمر ولم يقر زوجته على ما بدر منها من هجوم على زوجة المتصل وشقيقها وأنهى إليه أنه طلب منها ألا تتردى في مثل ذلك مستقبلاً ولما كانت الأوراق خلت مما يفيد قيام الطاعن بالإتصال بزوج شقيقة المبلغ وإنما الأخير هو الذي قام بذلك، فلا يصح تبعاً لذلك إعتبار هذا الحوار تعمداً للإزعاج، وهو ما ينفي عن الطاعن الجريمة بركنيها المادي والمعنوي، الأمر الذي تقضى معه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وببراءة المتهم مما نسب إليه عملاً بنص المادة 304 / 1 من قانون الإجراءات الجنائية .
( الطعن رقم 14305 لسنة 92 ق - جلسة 13 / 5 / 2024 )
2- من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين عالجهما المشرع بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات؛ بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه وأياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها، كما أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة مادام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون، كما أن ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أثبت - استناداً للأدلة السائغة التي أوردها - توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات في حق الطاعن، وذلك بقيامه بنشر عبارات على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي تتضمن تشهيراً يسيء لسمعة المجني عليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
( الطعن رقم 20234 لسنة 92 ق - جلسة 30 / 4 / 2024 )
3- من المقرر أن الإزعاج وتعمد مضايقة المجنى عليه لا يقتصر على السب والقذف المعاقب عليهما بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجانى يضيق به صدر المجنى عليه، وكان الحكم المطعون فيه بين مضمون ما وجهته الطاعنة من عبارات للمجنى عليها عن طريق تدوينها فى تعليق موجه للمجنى عليها على موقع التواصل الاجتماعى ويمكن لها مطالعته والاطلاع على ما دون به من عبارات أوردها الحكم وانتهى فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إنها تفيد تعمد ازعاج المجنى عليها بما ضاق به صدرها بإساءة استعمال أجهزة الاتصال بما لا يخرج عن الاستدلال المنطقى، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التى دان الطاعنة بها فإن النعى بانتفاء الركن المادى للجريمة لكون العبارات التى تشكلها نشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى ولا تشكل إساءة للمجنى عليها والقصد الجنائى لدى الطاعنة يكون بعيداً عن محجة الصواب .
( الطعن رقم 11456 لسنة 90 ق - جلسة 11 / 9 / 2021 )
4- من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائى فى جريمة تعمد إزعاج الغير ومضايقته باستعمال أجهزة الاتصالات مادام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفى لاستظهاره كما هو معرف به فى القانون ، ولما كان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعنة فى ذلك على النحو السالف، مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعنة قد تعمدت ارتكاب ما نسب إليها بخصوص هذه الجريمة، فإن ما تثيره الطاعنة فى شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائى لديها والتفاته عن الدفع بانتفائه يكون غير سديد.
( الطعن رقم 11456 لسنة 90 ق - جلسة 11 / 9 / 2021 )
5- الازعاج وفقاً لنص المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة 308 مكرراً بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين ما صدر من الطاعن من أقوال أو أفعال تعد إزعاجاً وكيف أنه اعتبر اتصال الطاعن بالشخصيات العامة للحصول على توصيات منهم لقضاء مصالح شخصية ازعاجاً لهم بإعتبار أن هذه الجريمة من الجرائم العمدية ولم يبين مؤدى أقوال المجنى عليهم ومضمون تقرير خبير الأصوات حتى يتضح وجه الاستدلال بها على ثبوت التهمة فإنه يكون معيباً بالقصور.
( الطعن رقم 25064 لسنة 59 ق - جلسة 1995/01/01 )
6 - وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه والرائد شادي محمد السيد وتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له عن طريق بث مقطع على موقع اليوتيوب على شبكة المعلومات الدولية من خلال رابط على موقع التواصل الاجتماعي - فيس بوك - تضمن عبارات وألفاظ تعد خدشاً للمجني عليه في شرفه واعتباره وطعناً في عرضه والتي لو صدقت لأوجبت احتقاره لدى أهل وطنه ، والذي توافر باستخدامه ركن العلانية وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليه ، وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص ، وإذ تعمد الطاعن إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادته إلى إزعاج المجني عليه مما أرسله من تلك العبارات الجارحة ، الأمر الذي يتحقق به أركان الجريمة موضوع الدعوى ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا المنحى غير مقبول .
( الطعن رقم 15505 لسنة 91 ق - جلسة 26 / 12 / 2022 )
(الطعن رقم 4401 لسنة 92 ق - جلسة 24 / 10 / 2023)
(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)
طرق العلائية، أحال الشارع في نص القذف إلى المادة 171 من قانون العقوبات البيان الوسائل التي تتحقق عن طريقها علانية القذف، وقد حددت الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة من هذا النص طرق العلانية، على الوجه التالي « يعتبر القول أو الصياح علنياً إذا حصل الجهر به أو ل ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى . ويكون الفعل أو الإيماء علنياً إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كل في مثل ذلك الطريق أو المكان، وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان ». ويضاف التليفون إلى هذه الوسائل ، فقد نصت المادة 308 مكرراً على أن « كل من قذف غیره بطريق التليفون يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 303» .
وهذا البيان لطرق العلانية قد ورد على سبيل المثال: فالفقرة الأولى من هذه المادة أردفت الإشارة إلى طرق التمثيل التي جعلها المتهم علنية بالقول « أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية » ، وأردفت الإشارة إلى الإذاعة بطريق اللاسلكي بقولها « أو أية طريقة أخرى».
حالات العلانية: نص الشارع على حالات ثلاث للعلانية : علانية القول ، وعلانية الفعل ، وعلانية الكتابة ؛ وتضاف إليها حالة رابعة هي « العلانية عن طريق التليفون » التي نصت عليها المادة 308 مكرراً من قانون العقوبات، وأساس هذا التقسيم هو اختلاف هذه الحالات في طبيعتها، أي طبيعة أسلوب تعبير المتهم عن رأيه أو فكرته .
القذف عن طريق التليفون : نصت المادة 308 مكرراً من قانون العقوبات في (فقرتها الأولى) على أن « كل من قذف غيره بطريق التليفون يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 303 » وقد سوی الشارع بهذا النص بين القذف عن طريق التليفون والقذف عن طريق إحدى وسائل العلانية التي أشار إليها، ولا يعني ذلك اعتبار التليفون إحدى وسائل العلانية، فهو بطبيعته وسيلة للاتصال ذات طابع سري، وإنما سوى الشارع بين القذف عن طريق التليفون والقذف العلني من حيث العقوبة للأسباب التي بينها في « المذكرة الإيضاحية » والتي تجمل في أثره على نفس المجني عليه، ويمكن على هذا النحو القول بأن هذا القذف هو « قذف غیر علني » اعتبر في حكم « القذف العلني ». ويستوي أن يتصل المتهم تليفونياً بالمجنى عليه نفسه، أو أن يتصل بهذا الطريق بشخص سواه ويطلب منه إبلاغ المجنى عليه عبارات القذف، أو أن يتوقع أنه سيفعل ذلك فيقبله.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة : 723)
القذف عن طريق التليفون :
استثناء من ركن العلانية نصت المادة 1/ 308 مكرراً من قانون العقوبات على أن : « كل من قذف غیره بطريق التليفون يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 303 ».
ويعتبر القذف عن طريق التليفون قذفاً غير علني اشترط المشرع التوقيع العقاب عليه أن يتم بوسيلة معينة هي وسيلة التليفون ، وترجع علة تجريم القذف هنا إلى ما يسببه للمجني عليه من ألم نفسي، فقد جاء في المذكرة الايضاحية تبريراً لهذا النص أنه قد «کثرت أخيراً الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون ، واستفحلت مشكلة إزعاجهم في بيوتهم ليلاً ونهاراً، وإسماعهم أفظع الألفاظ ، وأقبح العبارات، واحتمی المعتدون بسرية المحادثات التليفونية، واطمأنوا إلى أن القانون لا يعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية، وهو غير متوافر طبقاً للنصوص الحالية، الأمر الذي يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث ، وللضرب على أيدي هؤلاء المستهترين ».
وتسري على القذف عن طريق التليفون كل الأحكام المتعلقة بجريمة القذف فيما عدا ما يتعلق منها بركن العلانية.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 592)
هذه المادة مضافة بالقانون رقم 67 لسنة 1955 الصادر في 2 مارس 1955 . (الوقائع المصرية في 3 مارس سنة 1955 العدد 18 مکرراً)
والمقصود بارتكاب الفعل الإجرامي بطريق التليفون أن يكون التليفون هو الوسيلة التي بواسطتها يقوم الجاني بإذاعة قذفه في عرض المجني عليه وتقع الجريمة سواء كان المستمع إلى التليفون هو المجنى عليه شخصياً أو أحداث غيره لأنه لايشترط أن يتم الطعن في حضور المجنى عليه فإذا كان المتلقي للقذف في حق المجنى عليه شخص آخر غير المجنى عليه تحول ذلك المستمع إلى شاهد إثبات ضد الجاني وقصر التحريم على الطعن في العرض بطريق التليفون يؤدي إلى استبعاد التجريم عن الطعن الحاصل بطريق اللاسلكي إلا أنه قيل وبحق إلى أن تجريم الطعن في العرض بطريق التليفون لم يقصد منه قصر التجريم إذا وقع الفعل بهذا الطريق فقط بل يشمل أيضاً الطعن الحاصل بطريق لاسلكي غير مرئي أو أي جهاز يمكن للغير أن يتلقى منه عبارات القذف بوضوح وبطريق السمع أو القراءة وعلى هذا فإن عبارات القذف إذا أرسلت للمجنى عليه أو للغير بطريق "الفاكس" وهو وسيلة اتصال فورية لاسلكية بطريق الكتابة تدخل في نطاق التجريم وأن كان الأمر يحتاج إلى تدخل المشرع كما فعل بالنسبة للطعن بطريق التليفون وإذا وقعت الجريمة بطريق التليفون فلا عبرة باللغة التي تم بها الطعن في العرض ولا بالمكان الذي تحدث منه الجاني بالتليفون ويجوز أن تثبت الجريمة ضد الجاني بشهادة الشهود الذين قد يكونوا توجدوا مع المجنى عليه أو المتهم لحظة الاتصال التليفوني وسماعهم لعبارات القذف في عرض المجنى عليه.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع، الصفحة : 33)
نصت المادة محل التعليق (في فقرتها الأولى) على أن "كل من قذف غیره بطريق التليفون يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة (303).
وقد سوى المشرع بهذا النص بين القذف عن طريق التليفون والقذف عن طريق إحدى وسائل العلانية التي أشار إليها، ولا يعني ذلك اعتبار التليفون إحدى وسائل العلانية، فهو بطبعته وسيلة للإتصال ذات طابع سري، وإنما سوى المشرع بين القذف عن طريق التليفون والقذف العلني من حيث العقوبة للأسباب التي بينها في "المذكرة الإيضاحية" والتي تجمل في أثره على نفس المجني عليه، ويمكن على هذا النحو القول بأن هذا القذف هو "قذف غیر علني" اعتبر في حكم "القذف العلني". ويستوي أن يتصل المتهم تليفونياً بالمجني عليه نفسه، أو أن يتصل بهذا الطريق بشخص سواه ويطلب منه إبلاغ المجني عليه عبارات القذف، أو أن يتوقع أنه سيفعل ذلك فيقبله، إذ يتوافر لديه في هذه الحالة "القصد الاحتمالي" الذي تفترضه هذه الصورة في القذف.
العقوبة :
يعاقب الجاني بالعقوبات المنصوص عليها في المادة (303) عقوبات ويمكن الرجوع إليها منعا للتكرار.
ولكن إذا وجه الجاني إلى غيره بالطريق المشار إليه بالفقرة الأولى من المادة محل التعليق سباً لا يشتمل على إسناد واقعة معينة، بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار فإن العقوبة تكون هي المنصوص عليها في المادة (306) عقوبات،وإذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذي ارتكبه الجاني عن طريق التليفون طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات يعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (308).(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 166 )
جريمة القذف بالتليفون
جرائم القذف من الجرائم التي تنال من شرف واعتبار الإنسان، وقد صارت الآن أكثر شيوعا وانتشارا، خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت والهواتف النقالة ومختلف أجهزة الاتصالات ،الحديثة، إذ يُساء استخدامها للنيل من شرف الغير أو كرامته واعتباره أو تحقيره لدي أهل وطنه وذلك بغض النظر عما ينسبه المتهمون للمجنى عليهم من وقائع سواء أكانت صادقة أم كاذبة.
ويتعين التنويه إلى أن جرائم الاعتداء على الشرف والاعتبار إذا ارتكبت بطريق التقنيات الحديثة في الاتصال مثل الانترنت والهواتف النقالة أو أية أجهزة اتصال أخري أو الكومبيوتر وهو متصل دائماً بخط تليفوني فإنها تعد إساءة لاستعمال أجهزة الاتصالات وإزعاجاً للغير في ذات الوقت أي تتعدد فيها التهم تعدداً ظاهرياً باعتبار أن ذات الفعل قد كوّن جرائم متعددة ومن ثم تخضع هذه الجرائم لقانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 وهو القانون الذي عقوبته أشد ويكون هو واجب التطبيق عملاً بالمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وتختص بها المحاكم الاقتصادية ومن ثم يعتبر الركن المفترض فيها كما سلف القول هو ارتكابها عبر شبكة الانترنت أو بواسطة أجهزة الاتصالات أياً كان نوعها أو اسمها. وتعد جرائم القذف والسب هي الأكثر شيوعاً من بين الجرائم التي ترتكب عبر الانترنت وأجهزة الاتصالات فيتم القذف قولاً في مواجهة المجني عليه عبر خطوط الاتصالات أو كتابة أو رسماً عبر المبادلات الالكترونية وصفحات الويب أو غرف الدردشة أو الرسائل الخاصة أو الرسائل القصيرة أو الرسائل المسجلة عبر البريد الصوتي فإذا شاهدها أو سمعها أو قرأها كل من يدخل على صفحات الويب تحققت بذلك العلنية التي يتطلبها القانون القذف علانية وإذا اقتصرت مشاهدتها على المجني عليه كانت قذفاً بطريق التليفون أو إزعاجاً بواسطة أجهزة الاتصالات.
ولما كانت شبكة الإنترنت تعتبر نشرة إعلامية نظراً لمتابعتها من مستخدمي الإنترنت فإن القذف على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع عامة يعتبر كالنشر في الصحف أو عبر الإعلام ومن ثم تنطبق نصوص قانون العقوبات التقليدية إذا ارتكبت الجريمة عبر شبكة الإنترنت أو أجهزة الاتصالات.
- تعريف القذف
عرَّف المشرع القذف في المادة 302 من قانون العقوبات بقوله: يعد قاذفًا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه".
فالقذف هو تعبير أو إفصاح عما تنطوي عليه نفس القاذف تجاه المقذوف في حقه بأي وسيلة للتعبير عن طوية النفس سواء بالقول شفهياً أو مكتوباً وفي صيغة الحقيقة أو صيغة المجاز أو التورية أو الرسم أو الصور الثابتة أو المتحركة أو الكاريكاتير أو الاتصال من خلال أي جهاز من أجهزة الاتصالات أياً كان نوعها أو شكلها أو من خلال الرسائل الإلكترونية أو الرسائل القصيرة sms أو من خلال إذاعة مسلسل أو فيلم سينمائي أو مقطع فيديو إلي آخر ما يمكن الإفصاح من خلاله عما في نفس القاذف أو مما تنتقل به المعاني بين الناس حتي لو كان إخباراً بأمر حقيقي لأنه لا يتعين التشهير بما ارتكبه الإنسان من جرم أو خطأ مثلاً وإنما سبيل ذلك هو إبلاغ الحكام القضائيين.
إذن فالقذف بطريق التليفون هو تعمد إسناد واقعة محددة تستوجب عقاب أو احتقار من تنسب إليه ومثال الواقعة التي تستوجب العقاب (من ينسب لآخر أنه مرتشي أو سارق أو مزور) ومثال الواقعة التي تستوجب الاحتقار (من ينسب لتاجر أنه يغش في الميزان أو يبيع بضائع فاسدة).
ولا يكفي مجرد التعبير وإنما يتعين أن يقع هذا التعبير من خلال التليفون أو ما يقوم مقامة من أجهزة الاتصالات الحديثة. وقد ألحق القانون بوسيلة العلنية التي يتم بها القذف وسيلة التليفون رغم أن الحديث في التليفون ليس بلازم أن يكون علنياً.
- العلانية ليست ركنا في القذف بالتليفون:
الأصل في القذف أن يكون علنياً ولكنه إذا وقع بواسطة أي من أجهزة الاتصال كالتليفون أو عن طريق الانترنت فلا يشترط فيه العلانية لأن التليفون بطبعه وسيلة للاتصال ذات طابع سري ولكن المشرع اعتبره علنياً إذا ما وقع بهذه الطريقة وتقع به الجريمة سواء كان المستمع إلى التليفون أو أي جهاز يمكن تلقي عبارات القذف منه هو المجني عليه شخصيا أو أحدا غيره ويكون هذا الغير في هذه الحالة شاهدا على الجريمة. وقد أقرت محكمة النقض هذا المبدأ بما قضت به من أن: "ركن العلانية ليس من أركان جريمة القذف عن طريق التليفون ومن ثم فلا على الحكم إن هو لم يعرض له.
والبين من المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 97 لسنة 1955 المعدل لقانون العقوبات أن المشرع اعتبر القذف عن طريق التليفون في حكم القذف العلني رغم تخلف ركن العلانية وبينت المذكرة أن الذي دعا إلى إضافة هذه المادة ما لوحظ من كثرة حوادث الاعتداء على الناس بالقذف عن طريق التليفون واحتماء المعتدين بسرية المحادثات التليفونية واطمئنانهم إلى أن القانون لا يعاقب على القذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية.
- صورتا القذف بالتليفون:
أ - الصورة البسيطة:
بينت الفقرة الأولي من المادة 308 مكرراً عقوبات الصورة البسيطة لجريمة القذف بالتليفون وهي إسناد أمور للمجني عليه لو كانت صادقة لأوجبت عقابه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه وعقوبتها هي العقوبة المنصوص عليها بالمادة 303 وهي الغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه.
ب - الصورة المشددة:
ولها وجهان الوجه الأول بينته الفقرة الثانية من المادة 303 عقوبات وهو القذف الذي يقع بطريق التليفون في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية كأعضاء مجلس الشعب أو شخص مكلف بخدمة عامة كالعمد والمشايخ وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة فتكون العقوبة غرامة لا تقل عن عشرة آلاف ولا تزيد على عشرين ألف جنيه.
والوجه الثاني بينته الفقرة الأخيرة من المادة 308 مكرراً عقوبات وهو فيما إذا كان القذف بطريق التليفون تضمن طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات وتكون العقوبة الحبس والغرامة معاً.
وقد أريد بإضافة كلمة "الأفراد" على ما هو واضح في المذكرة الإيضاحية لمشروع 97 لسنة 1955 حماية عرض المرأة والرجل على السواء ومن ثم فالقول بأن المقصود هو حماية أعراض النساء فقط غير صحيح.
- أركان القذف:
يفترض القذف فعل إسناد وهذا الفعل ينصب على واقعة يتعين أن تكون محددة وتستوجب العقاب أو الاحتقار وأن يكون الاسناد عن طريق التليفون فضلاً عن وجوب توافر ركن معنوي هو القصد الجنائي.
- الركن المادي:
من المقرر أن جريمة القذف تتحقق بإسناد واقعة معينة إلى المجني عليه ويتحقق الإسناد بمجرد الإخبار بواقعة تحتمل الصدق والكذب وفعل الإخبار يكفي وحده للمساس بشرف المجني عليه واعتباره يستوي في ذلك أن ينسب الجاني الواقعة إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن الغير أو إشاعة يروجها والأمر المسند إلى المجني عليه يجب أن يكون معيناً ومحدداً على نحو يمكن إقامة الدليل عليه.
وبالتالي تكون عناصر الركن المادي هي ثلاثة نشاط إجرامي هو فعل الاستناد (أي التعبير) والواقعة المحددة التي تستوجب العقاب أو الاحتقار (أي موضوع التعبير) ووسيلة هذا التعبير وهو التليفون أو أي جهاز من جاهزة الاتصالات.
ويستطيع الجاني الاتصال بالمجني عليه من خلال التليفون المحمول ليسمعه الوقائع التي ينسبها إليه وتستوجب عقابه إذا صحت أو تؤدي إلى احتقاره بين أهل وطنه كما يستطيع من خلال البريد الإلكتروني أن يرسلها إليه سواء أكان البريد الإلكتروني للمجني عليه نفسه أم بريد اليكتروني لأناس آخرين أراد الجاني اطلاعهم على ما ينسبه لهذا المجني عليه ويستوي أن تكون الرسالة مكتوبة أو في صورة صوت أو صورة أو أي شكل من أشكال التعبير.
ويستطيع المجني عليه إثبات ما يرتكبه الجاني من قذف في حقه وذلك من خلال تقديم عنوان بريده الإلكتروني لجهات التحقيق التي يمكنها التوصل إلى مرسل الرسالة من خلال الرقم التعريفي(ip).
وقد يرتكب الجاني جريمة القذف من خلال نشره للوقائع التي يسندها للمجني على موقع من مواقع شبكة الإنترنت إذا كان قد أنشأ له موقعاً على الشبكة فأي موقع يتضمن معلومات يتم تخزينها ومن ثم يمكن لأي مستخدم آخر في جميع أنحاء العالم استقبال هذه المعلومات من خلال نظم الاستقبال الأمر الذي يتوافر معه الركن المادي لجريمة القذف.
كما يمكن وقوع الركن المادي لهذه الجريمة من خلال نشر التعبير عما يجيش في نفس القاذف على صفحته هو بمواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال نشرها على المدونات أو الصحف الالكترونية أو الأدبية وكذلك من خلال غرف الدردشة.
أولاً - فعل الإسناد أو التعبير:
إسناد واقعة يعني التعبير عن هذه الواقعة وذلك للكشف عنها من ذهن صاحبها إلي العالم الخارجي ووسائل التعبير قد تكون قولا كمن يتصل بآخر عن طريق التليفون ليقذف في حقه وقد تكون كتابة كإرسال رسالة من التليفون المحمول أو عبر الإنترنت تنطوي علي إسناد واقعة وقد تكون رسما أو صورة ثابتة أو متحركة أو مقطع فيديو وقد تكون رواية أو قصة قصيرة أو قصيدة أو رسالة إلكترونية أو (sms) أو فيلم سينمائي أو مسلسل تتضمن وقائع مشينة ينسبها الجاني إلي شخص معين وما يعنينا في هذا المبحث هو القذف الذي يتم بأي من أجهزة الاتصالات الحديثة. ويستوي أن يكون الإسناد حقيقياً أم كاذباً "فمن يرجح أو يظن أو يشك أو أن لديه احتمالاً قليلاً في أن شخصاً تنسب إليه واقعة يعد في حكم من يقرر أنه متيقن أو متأكد أو جازم أو قاطع بأن هذا الشخص تنسب إليه هذه الواقعة ويرتكب القذف كذلك من ينسب الواقعة إلى المجني عليه على أنها إشاعة تتردد ولكن من يردد هذه الإشاعة ثم ينفيها كمن يقرر أن الورقة التي كان يشك في تزوير المجني عليه لها قد ثبتت صحتها لا يرتكب قذفاً.
ولا عبرة بالأسلوب الذي تصاغ فيه عبارات القذف فمتى كان المفهوم من عبارة الكاتب أنه يريد بها إسناد أمر شائن إلى شخص المقذوف بحيث لو صح ذلك الأمر لأوجب عقاب من أسند إليه أو احتقاره عند أهل وطنه فإن ذلك الإسناد يكون مستحق العقاب أيا كان القالب أو الأسلوب الذي صيغ فيه.
كما يستوي أن يذكر الجاني الواقعة سردا لمعلوماته الخاصة أو نقلاً عن الغير ففي الحالتين يتحقق المساس بشرف المجني عليه.
ولم يحتم القانون أن تكون الواقعة جريمة معاقبا عليها بل لقد اكتفى بأن يكون من شأنها تحقير المجني عليه عند أهل وطنه فإذا نسب المتهم إلى المجني عليه وهو مهندس بإحدى البلديات أنه استهلك نوراً بغير علم البلدية مدة ثلاثة شهور وأن تحقيقاً أجري معه في ذلك فهذا قذف سواء أكان الإسناد مكوناً لجريمة أم لا.
أو كمَنْ يصف آخر تارة بالإلحاد والإجرام والقذارة وبنسبة الاتجار بالدين وبيعه رخيصا استدراراً لأموال المبشرين تارة أخرى.
ثانياً - الواقعة موضوع الإسناد:
الواقعة التي هي موضوع الإسناد وهي كل أمر يسنده الجاني للمجني عليه ويكون من شأنه المساس بشرفه واعتباره سواء أكانت واقعة ايجابية كمن يتهم آخر بالسرقة أم كانت سلبية كمن ينسب لآخر أنه لم يسدد ديناً أو قرضاً وقد اشترط فيها القانون أن تكون محددة وأن يكون من شأنها لو كانت صادقة عقاب من نسبت إليه أو احتقاره عند أهل وطنه.
وعلى محكمة الموضوع أن تبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متي كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجني عليه صراحة في العبارات المنشورة فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف علي شخص من وجهت إليه من واقع العبارات ذاتها وظروف الواقعة والملابسات التي اكتنفتها.
- صفة الواقعة (حقيقة الألفاظ ودلالتها)
اشترط القانون في الواقعة التي يسندها المتهم إلى المجني عليه أن يكون من شأنها عقاب المجني عليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أن يكون من شأنها احتقار المجني عليه عند أهل وطنه.
وهنا يتعين التفرقة بين القذف والسب فبينما في القذف ينسب القاذف واقعة معينة إلى المقذوف في حقه فإنه في السب لا تُنسب واقعة محددة إلى المجني عليه بل يُرمي بألفاظ أو تعبيرات تتضمن الحط من قدره في نظر الغير فمن يقول عن آخر إنه ارتكب سرقة يعتبر قاذفاً في حق هذا الآخر أما من يقول لغيره يا ابن الكلب أو ينعته بالسفالة والانحطاط فإنه يرتكب سبا لا قذفاً لأنه لا ينسب للمجني عليه واقعة ما أو أمراً محددًا (۱). والمرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك ألا يخطئ في التطبيق القانوني علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو بمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعني الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض كما أنها هي الجهة التي تهيمن علي الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة ويجب أن يؤخذ في الاعتبار معنى اللفظ ومنحاه والمساق الطبيعي الذي ورد فيه.
والألفاظ متي كانت دالة بذاتها على معاني السب والقذف وجبت محاسبة كاتبها عليها بصرف النظر عن البواعث التي دفعته لنشرها فإن القصد الجنائي يتحقق في القذف والسب متي أقدم المتهم على إسناد العبارات الشائنة عالما بمعناها.
فالواقعة في جريمة القذف لها صورتان الأولي هي المستوجبة للعقاب والثانية هي التي تستوجب التحقير .
والمقصود بالواقعة المستوجبة للعقاب هي الواقعة التي تقوم بها جريمة سواء كانت عمدية أو غير عمدية قد عبر عنها المشرع بعبارة "أمر لو كان صادقاً لأوجب العقاب" ومن ثم يقوم القذف من مجرد نسبة "فعل إجرامي" إلى المجني عليه.
أما الواقعة المستوجبة للاحتقار فهي التي تقلل من مقدار الاحترام الذي يحق للمجني عليه أن يتمتع به في المجتمع وهذا الأمر يستخلصه قاضي الموضوع من ظروف الدعوى.
فإن القانون إذ نص في جريمة القذف على أن تكون الواقعة المسندة مما يوجب عقاب من أسندت إليه أو احتقاره عند أهل وطنه فإنه لم يحتم أن تكون الواقعة جريمة معاقباً عليها بل لقد اكتفى بأن يكون من شأنها تحقير المجني عليه عند أهل وطنه.
فإذا كان المتهم لم ينسب للمجني عليه وقائع محددة وإنما أنه أصدر ضده قراراً إدارياً بفصله من عمله بوصفه رئيس قطاع الشئون القانونية ودلل علي ذلك بإلغاء المحكمة التأديبية لهذا القرار فإن ما ذهب إليه المتهم لا يعد في ذاته سباً أو قذفاً للمجني عليه لأنه مجرد رأي قانوني يحتمل الخطأ والصواب بحسب درايته وليس من شأن مجرد إبداء الرأي في ذاته.
أن يحط من قدر المجني عليه أو يجعله محلا للاحتقار أو الازدراء بين أهل وطنه أو يستوجب عقابه أو خدشاً لشرفه أو اعتباره ومن ثم فإن ما أسند إلى المجني عليه لا جريمة فيه.
أما إذا كان المقال محل الدعوى قد اشتمل علي إسناد وقائع للمجني عليه هي أنه مقامر بمصير أمة وحياة شعب وأن التاريخ كتب له سطوراً يخجل هو من ذكرها وأنه تربى علي موائد المستعمرين ودعامة من دعامات الاقتصاد الاستعماري الذي بناه اليهود بأموالهم وأنه أحد الباشوات الذين لا يدرون مصيرهم إذا استقل الشعب وتولت عنهم تلك اليد التي تحمي مخازيهم يد الإنجليز التي يهمها وجود هؤلاء الزعماء علي رأس الحكومات في مصر وغيرها من الدول المنكوبة وأنه يسافر إلى بلاد الإنجليز ليمرغ كرامة مصر في الأوحال وليخترع نوعا من التسول هو الاستجداء السياسي فإنه يكون مستحقاً لعقوبة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات إذ أن عباراته تشتمل علي نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من نسبت إليه قانوناً أو احتقاره عند أهل وطنه ومن الخطأ اعتبار هذا المقال نقداً مباً لسياسة المجني عليه وقع بحسن نية دون أن يكون المتهم قد تمسك بأنه كان ينتقد أعمال المجني عليه (وهو) موظف بسلامة نية ويقدم علي كل واقعة من تلك الوقائع ما يثبت صحتها.
وتحري ألفاظ المعاني التي استخلصتها المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن علي الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة لما كان ذلك وكان ما تضمنته اللافتات المنسوب إلي الطاعنين إعدادها ووضعها في الطريق العام من عبارات إعلان عن بيع المحل المملوك للمدعي بالحقوق المدنية بيعاً جبرياً بالمزاد العلني فضلاً عن أنها وعلي ما يبين من المفردات المضمومة قد صادفت حقيقة الواقع وجاءت علي نحو يتفق وصحيح إجراءات القانون الخاصة بالإعلان عن البيع الجبري ليس من شأنها أن تحط من قدر المدعي بالحقوق المدنية أو تجعله محلا للاحتقار والازدراء بين أهل وطنه أو تستوجب عقابه أو خدش شرفه أو اعتباره ومن ثم فهي لا تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وقضي بمعاقبة الطاعنين عن تلك الواقعة ودانهما بجريمة القذف فيكون قد بني علي خطأ في تأويل القانون وكان يتعين علي المحكمة القضاء ببراءة الطاعنين عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانون.
وإذا كان المتهم قد نسب للمجني عليه في المذكرة المقدمة منه أنه طابت نفسه لأخذ مال الغير وأنه ليس له أن يطمع فيما لا يطمع فيه غيره من الخصوم وأنه ليس قاضياً فحسب بل شريك في جراح للسيارات وأنه ليس قاضياً خالصاً للقضاء بل يعمل بالتجارة وهي عبارات تنطوي على مساس بكرامة المدعي المجني عليه وتدعو إلى احتقاره بين مخالطيه ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيش فيه وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة في القانون.
- الفرق بين الأمر المسبب للاحتقار والأمر المسبب للإحراج:
فمن ينسب إلى تاجر غشا ارتكبه في صفقة معينة يعتبر قاذفاً في حق هذا التاجر لأن ارتكاب الغش مدعاة للاحتقار ولكن لا يعتبر قاذفاً من ينسب إلي تاجر أنه خسر خسارة فادحة في مضارباته فهذا أمر لا يوجب احتقار التاجر وإن كان يحرجه في نظر الغير كما لا يعتبر قاذفاً من ينسب علناً إلي طالب أنه رسب في الامتحان أو إلي طبيب أنه لا يجيد التشخيص فهذه أمور تسبب إذاعتها إحراجاً لا احتقاراً ومن ثم لا تتكون منها جريمة القذف ولا عقاب عليها.
- المقذوف في حقه:
المقذوف في حقه قد يكون شخصاً طبيعياً وقد يكون شخصاً اعتبارياً ولكن يجب أن يكون محدداً سواء بذكر اسمه أو بذكره على نحو قاطع في أنه المقصود بالقذف وأن يكون المقذوف في حقه موجوداً على قيد الحياة
فلا عقاب علي قذف في حق ميت ما لم ينسحب على الورثة بحيث يعتبر موجهاً إليهم أيضاً.
- المقصود بأهل الوطن :
تطلب الشارع في الواقعة التي يقوم القاذف بإسنادها إلى المجني عليه أن تكون قد " أوجبت احتقاره بين أهل وطنه " ولا تعني هذه العبارة أن القذف لا تتوافر له أركانه إلا إذا أجمع أهل الوطن على الاعتراف للواقعة بهذا الوصف بل يكفي أن يكون من شأن الواقعة الإخلال بمكانة المجني عليه في عرف جماعة من الناس ينتمي إليها.
ثالثاً - طريقة ارتكاب الواقعة:
تطلب الشارع في هذه الجريمة أن يكون القذف بطريق التليفون وبذلك يكون قد سوّي بين القذف عن طريق التليفون والقذف عن طريق إحدى وسائل العلانية.
ويستوي أن يكون التليفون سلكياً أو لاسلكياً أو تليفون محمول أو أي جهاز من أجهزة الاتصالات الحديثة تؤدي وظيفة الاتصال.
- الركن المعنوي:
إن القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصدا جنائياً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد الجنائي العام الذي يتحقق فيها متي نشر القاذف أو أذاع الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو احتقاره عند أهل وطنه ولا يؤثر في توافر هذا القصد أن يكون القاذف معتقداً صحة ما رمي المجني عليه به من وقائع القذف غير أن القانون في سبيل تحقيق مصلحة عامة قد استثني من جرائم القذف بنص صريح في المادة 302 من قانون العقوبات الطعن الذي يحصل في حق الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة إذ أباح هذا الطعن متي توافرت فيه ثلاثة شروط: (الأول) أن يكون حاصلاً بسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة مع الاعتقاد بصحة المطاعن وقت إذاعتها (والثاني) ألا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة (والثالث) أن يقوم الطاعن بإثبات حقيقة كل أمر أسنده إلي المطعون فيه فكلما اجتمعت هذه الشروط تحقق غرض الشارع ونجا الطاعن من العقاب أما إذا لم يتوافر ولو واحد منها فلا يتحقق الغرض ويتعين العقاب.
إذن فجريمة القذف جريمة عمدية ولذلك يتخذ ركنها المعنوي صورة "القصد الجنائي" والقانون لا يتطلب في فيها قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق متي نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره ولا يؤثر في هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أي معتقدا صحة ما رمي به المجني عليه من وقائع.
والقصد العام يتحقق متي نشر القاذف عن علم وإرادة الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف شائنة ومقنعة.
ومن ثم إذا تحدث شخص عن آخر مصادفة وأخبر بأمر يفهم منه نسبة وقائع إليه تستوجب عقاب أو احتقار هذا الآخر دون أن تكون إرادته اتجهت إلى هذا المعنى فلا عقاب في هذه الحالة.
ومتى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف فلا محل للخوض في مسألة النية أو صحة وقائع القذف إلا في صورة ما يكون الطعن موجهاً إلى موظف أو من في حكمه ففي هذه الصورة إذا أفلح المتهم في إقناع المحكمة بسلامة نيته في الطعن بأن كان يبغي به الدفاع عن مصلحة عامة واستطاع مع ذلك أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه فلا عقاب عليه برغم ثبوت سوء القصد إما إذا تبين أن قصده هو مجرد التشهير والتجريح فالعقاب واجب ولو كان في استطاعته أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه.
كما يتحقق القصد الجنائي في جريمة السب أو القذف إذا كانت المطاعن الصادرة من الشاب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار فيكون علمه عندئذ مفترضاً ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك ثمة محل للتحدث عن النقد المباح الذي هو مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكونا لجريمة السب أو القذف.
ومتى كانت العبارات المنشورة كما يكشف عنوانها وألفاظها وما أحاط بها من علامات وصور دالة علي أن الناشر إنما رمى بها إلي إسناد وقائع مهينة إلى المدعية بالحقوق المدنية هي أنها تشتغل بالجاسوسية لمآرب خاصة وتتصل بخائن يستغل زوجته الحسناء وأنه كان لها اتصال غير شريف بآخرين فإن إيراد تلك العبارات بما اشتملت عليه من وقائع مقذعة يتضمن بذاته الدليل علي توافر القصد الجنائي ولا يغني المتهم أن تكون هذه العبارات منقولة عن جريدة إفرنجية وأنه ترك للمجني عليها أن تكذب ما ورد فيها من وقائع أو تصححها فإن الإسناد في القذف يتحقق ولو كان بصيغة تشكيكية متي كان من شأنها أن تلقي في الأذهان عقيدة
ولو وقتية أو ظناً أو احتمالاً ولو وقتيين في صحة الأمور المدعاة وإن كان يجب على النيابة العامة طبقا للقواعد العامة إثبات توافر القصد لدي القاذف إلا أن العبارات ذاتها قد تكون من الصراحة والوضوح بحيث يكون من المفروض علم المتهم بمدلولها وبأنها تمس المجني عليه في سمعته أو تستلزم عقابه فلا تكون النيابة عندئذ بحاجة إلى أن تقدم دليلا خاصا علي توافر هذا الركن ولكن يبقى للمتهم حق إدحاض هذه القرينة المستخلصة من وضوح ألفاظ المقال وإثبات عدم توافر القصد الجنائي فيما كتب.
والأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب والقذف والإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض مادام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وتتوافر الجريمة بقيام القصد الجنائي دونما اعتبار بالباعث.
- الظروف المشددة في القذف بالتليفون:
أولا - القذف ضد موظف عام أو من في حكمه:
إذا وقع القذف في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة كانت العقوبة غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف.
وعلة تشديد العقاب أن القذف ضد الموظف العام أو من في حكمه أشد خطورة على المجتمع من القذف الذي يوجه ضد فرد عادي إذ تتطلب المصلحة العامة أن تكفل للموظف الطمأنينة في عمله وألا يعوقه عن حسن أدائه خشية أن يتعرض لما يمس شرفه.
ثانياً - القذف المتضمن طعنا في الأعراض أو خدشا لسمعة العائلات:
إذا تضمن العيب أو القذف الذي ارتكب بالتليفون طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معاً. وقد أراد المشرع بكلمة "الأفراد" على ما هو واضح في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون 97 لسنة 1955 حماية عرض المرأة والرجل على السواء ومن ثم فالقول بأن المقصود هو حماية أعراض النساء فقط غير صحيح.
والعرض يعني طهارة السلوك الجنسي ومن ثم فإن إسناد أي واقعة تمس هذه الطهارة وتعني الانحراف في هذا السلوك تعد طعنا في الأعراض كمن يقول لامرأة عبارة "هو أنا تايه عن عمك اللي كان مرافقك.
أو عبارة "شوف مراتك وبنتك جايين مع شخص في أتوموبيل واحد .
والطعن في أعراض العائلات معناه المحصنات أو غير رمي المحصنات من النساء مباشرة أو غير مباشرة بما يفيد أن أولئك النسوة يفرطن في أعراضهن أي يبذلن مواضع عفتهن بذلا محرماً شرعاً أو يأتين أموراً دون بذل موضع العفة ولكنها مخالفة للآداب مخالفة تنم عن استعدادهن لبذل أنفسهن عند الاقتضاء وتثير في أذهان الجمهور هذا المعنى الممقوت فكل قذف أو سب متضمن طعنا من هذا القبيل يوجه إلي النساء مباشرة أو يوجه إلي رجل أولئك النساء من عائلته ويلزمه أمرهن يكون قذفا أو سبا فيه طعن في الأعراض.
أما خدش سمعة العائلات فقد أراد به المشرع القذف الذي يمتد إلى العائلة في مجموعها أي لا يقتصر على أحد إفرادها دون سواه كانت متعلقة بالعرض أو كل ما يمت للشرف من نواحي أخرى.
- أسباب الإباحة في القذف:
إذا توافرت شروط أي سبب من أسباب الإباحة هي جريمة القذف أنتج بالضرورة أثره في إباحة هذا القذف وليس في القانون ما يقضي باستبعاد سريان سبب معين من أسباب الإباحة علي القذف فيجوز أن يكون القذف دفاعاً شرعياً إذا ثبت أن توجيه المدافع عباراته إلي المعتدي هي التي صرفته عن البدء في اعتدائه أو الاستمرار فيه وكانت بناء علي ذلك لازمة ومتناسبة معه ويجوز أن يستعمل القذف وسيلة لتأديب الصغير إذا ثبت أن توجيه عبارات معينة علي شيء من الخشونة تتضمن تذكيره بوقائع محقرة من شأنها تهذيبه ولأنه إذا كان التأديب عن طريق الضرب جائزا فهو من باب أولي جائز عن طريق وسيلة أقل جسامة ويجوز أن يباح القذف استعمالاً للسلطة كما لو تبين لرجل الشرطة أن استعمال عبارات قاسية فيه ما يكفي لفض اجتماع مخالف للقانون أو لمنع مجرم من متابعة الفرار بشرط أن تتوافر جميع شروط استعمال السلطة.
وكذلك لا تسري أحكام القذف على ما يسنده أحد الأخصام في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم (المادة 309 عقوبات أو أثناء الإدلاء بالشهادة أمام القضاء.
فإذا كان الطاعن أثار دفاعا أمام المحكمة الاستئنافية بأن ما نسب للمطعون ضده كان من مقتضيات حق الدفاع وفقا لما تقضي به المادة 309 من قانون العقوبات وكان هذا الدفاع في جريمة القذف يعد دفاعاً جوهرياً لما يترتب على ثبوت أو عدم ثبوت صحته من تغيير وجه الرأي في الدعوى لأن القاذف يعفي من العقاب إذا رأت محكمة الموضوع أن عبارات السب أو القذف التي وجهت منه لخصمه مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع.
- استعمال الحق كسبب من أسباب الإباحة في القذف:
إن أهم تطبيقات استعمال الحق هي الطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه (المادة 302 / 2 عقوبات) وحق التبليغ (المادة 304 عقوبات وحق الدفاع أمام المحاكم (المادة 309 عقوبات) وأداء الشهادة وكذلك من منطلق المادة 60 عقوبات ومن أهم تطبيقاتها "حق النقد".
أ - الطعن في أعمال موظف عام ومن في حكمه:
لاحظنا من خلال نظر قضايا الجنح الاقتصادية التي تستأنف أمام دائرة الجنايات الاقتصادية شيوع انتقاد الموظفين العموميين بشأن أعمالهم الوظيفية وذلك عن طريق رسائل قصيرة ترسل إليهم من هواتف نقالة أو يتم نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي من خلال الهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت نظرا لما يكون بين القاذفين ورؤساؤهم في العمل من ثمة خلافات إلا أن الأمر لا يقف عند حد النقد المباح وإنما يخرج عن هذا الحد ليستطيل إلى المساس بشرفهم واعتبارهم بنسبة أمور إليهم تستوجب عقابهم أو احتقارهم.
ومن هذه القضايا قضية كان المتهم قد انتقد رئيسه في العمل وهو عضو منتدب لإحدى الشركات القابضة ولدي محاكمته قدم مستندات تدلل على وجود فساد في الشركة ومحاباة لبعض موظفيها واضطهاد لهذا المتهم إلا أنه اختتم كل هذه الانتقادات الثابتة مستندياً بعبارة "أن القرارات المصيرية المتعلقة بالشركة يقوم المدير باتخاذها وتوقيعها في غرفة نوم السكرتيرة الأمر الذي جعل ما تم نشره يخرج من دائرة الطعن في أعمال الموظف العام إلى دائرة ارتكاب جريمة قذف.
وقد نظمت الفقرة الثانية من المادة 302 عقوبات شروط إباحة الطعن في أعمال الموظف العام بما نصت عليه من أنه "ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه ولسلطة التحقيق أو المحكمة بحسب الأحوال أن تأمر بإلزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق أو مستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة".
فالنص في المادة 302 من قانون العقوبات علي أن "يعد قاذفاً كل أسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون من أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك القانون أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه المادة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة و بشرط إثبات حقيقة كل فعل أسند إليه ولا يقبل من القاذف إقامته الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة.
- علة إباحة الطعن في عمل الموظف
إن المشرع أباح الطعن في عمل الموظف العام ومن في حكمه في سبيل تحقيق مصلحة عامة وحماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون ومن ثم إذا كان القذف طعنا في أعمال موظف عام أو من في حكمه وكان حاصلا بسلامة نية وغير متعد لأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة يقبل ممن طعن إقامته الدليل لإثبات ما قذف به بكافة طرق الإثبات.
- شروط إباحة الطعن في عمل الموظف:
لما كان القانون في سبيل تحقيق مصلحة عامة قد استثني من جرائم القذف بنص صريح في المادة 302 من قانون العقوبات وأباح الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة متى توافرت فيه ثلاثة شروط الأول : أن يكون الطعن حاصلاً بسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة مع الاعتقاد بصحة المطاعن وقت إذاعتها والثاني: ألا يتعدى الطاعن أعمال الوظيفة أو النيابة إلي أو الخدمة العامة: أن يقوم الطاعن بإثبات حقيقة كل أمر أسنده المطعون ضده فكلما اجتمعت هذه الشروط تحقق غرض الشارع ونجا الطاعن من العقاب أما إذا لم يتوافر واحد منها فلا يتحقق هذا الغرض ويحق العقاب وكذلك وجود صفة في المطعون فيه وهي الوظيفة العامة أو ما في حكمها.
أولاً - صفة المقذوف في حقه:
تطلب المشرع فيمن يوجه إليه القذف أن يكون موظفاً عاماً أو ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة. والموظف العام هو الذي يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام.
وذوي الصفة النيابية هم أعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية كمجالس المحافظات والمدن والحي أي المجالس التي تنوب عن مجموع المواطنين في التعبير عن إرادتهم الجماعية في الشئون العامة وسواء كان العضو منتخباً أو معيناً وقد اعتبرهم القانون في حكم الموظفين العموميين لأنهم يمارسون الاختصاص التشريعي وجانباً من الاختصاص التنفيذي.
والمكلف بخدمة عامة هو من عهدت إليه سلطة مختصة قانوناً بأداء عمل مؤقت وعارض لحساب الدولة أو شخص معنوي عام بغض النظر عما كان إذا كان ذلك مجاناً أم نظير مكافأة.
ومن ثم فإذا تجرد المجني عليه من هذه الصفات السابقة فلا يباح القذف ضده ولو كان المتهم حسن النية واستطاع إثبات وقائع القذف بل لا يقبل منه هذا الإثبات.
ثانياً - اتصال وقائع القذف بأعمال الوظيفة :
إن نطاق الإباحة في الطعن في أعمال الموظف يقتصر على الوقائع التي تتعلق بمجال نطاق الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة لأن العلة من هذه الإباحة هي تمكين السلطات العامة من العلم بالوقائع التي تتضمن إخلالا بمقتضيات الوظيفة أو تعد جرما يؤثمه القانون ومن ثم لا يجب أن تستطيل إلى حياته الخاصة لأن الحياة الخاصة للموظف لا تعني المجتمع ويعاقب القاذف إذا ما طعن فيها حتى لو استطاع إقامة الدليل على صحة ما يسنده إلى الموظف.
والأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دام أنها لم تخطيء في التطبيق القانوني للواقعة.
- متى يجوز الطعن في الحياة الخاصة للموظف:
أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة التي يتعين ألا يتعدى الطعن مجالها هي الأعمال التي تدخل في نطاق هذه الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة دون الأعمال المتعلقة بالحياة الخاصة للموظف العام و من في حكمه والتمييز بين أعمال الوظيفة العامة وما في حكمها و شئون الحياة الخاصة ليس ميسوراً دائماً فقد تكون الصلة بينهما وثيقة فيباح في هذه الحالة القذف المتعلق بالحياة الخاصة في القدر الذي تكون له فيه صلة بأعمال الوظيفة العامة وما في حكها ومحكمة الموضوع تستقل بتقدير هذه الصلة على أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله.
فإذا اشتمل الطعن على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فإن المحكمة في هذه الحالة توازن بين القصدين وتقدر لأيهما كانت الغلبة في نفس الطاعن أو القاذف ولا محل للقول بأن حسن النية يجب أن يقدم في كل الأحوال علي ما عداه وإلا لاستطاع الطاعن تحت ستار الدفاع ظاهرياً عن مصلحة عامة مزعومة أن ينال من كرامة صاحب الأمر ما شاء دون أن يناله القانون.
فإذا كان المجني عليه وهو قاض أسند إليه المتهم أنه يحترف التجارة ويستغل وظيفته في الاستيلاء على مواد التموين والاسمنت دون وجه حق وأنه استغل نفوذه في حفظ التحقيق الذي أجري بشأن هذا الأمر وارتكب تزويراً لصالح زوجته وهذه الوقائع تكون جرائم القذف والسب والبلاغ الكاذب وتسيء إليه ولو صحت لأوجبت مساءلته جنائياً فإنها تعتبر قذفاً في حقه يوجب المساءلة القانونية.
- الطعن في أعمال الموظف بعد انتهاء منصبه:
تمتد الإباحة إلى القذف الذي يرتكب بعد انتهاء شغل الموظف العام منصبه إذا كان ينصب على وقائع تتعلق بأعمال الوظيفة العامة التي كان يباشرها فالعبرة بالوقت الذي صدرت فيه عن المجني عليه الواقعة موضوع القذف وليست العبرة بالوقت الذي صدر فيه عن المتهم الإسناد الذي يقوم به القذف.
ثالثا - حسن النية (صحة الواقعة):
المقصود بحسن نية مُوجّه الطعن في أعمال الموظف العام أن يكون الطعن صادراً منه عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة لا عن قصد التشهير والتجريح بسبب ضغائن أو دوافع شخصية واستظهار هذا القصد من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه المادة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرط إثبات حقيقة كل فعل أسند إليه فإذا كان القذف طعناً في أعمال موظف عام أو من في حكمه وكان حاصلاً بسلامة نية وغير متعد لأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة يقبل ممن طعن إقامته الدليل لإثبات ما قذف به بكافة طرق الإثبات.
ومسألة "سلامة" النية المشروط بصحة الواقعة يجب توفرها لإعفاء القاذف من عقوبة قذفه في حق الموظفين العموميين ومن في حكمهم هذه المسألة وإن كان الشارع المصري يري أنها مسألة موضوعية إلا أنه رسم لها أقل قاعدة مقررة للعناصر الأساسية التي يتكون منها معناها وهذه القاعدة هي أن يكون موجه الانتقاد يعتقد في ضميره صحته وأن يكون قدر الأمور التي نسبها إلي الموظف تقديراً كافياً وأن يكون انتقاده للمصلحة العامة لا لسوء قصد فأصبح من الواجب علي قاضي الموضوع عند بحثه في توفر هذا الشرط أو عدم توفره أن يفهمه علي ذلك المعني فإن فهمه على معنى آخر كان حكمه واقعا تحت رقابة محكمة النقض من جهة خطئه في تأويل القانون وتفسيره ولا يجوز في هذه الحالة أن يقال إن مسألة حسن النية وسوئها أمر متعلق بالموضوع مما يختص به قاضيه وحده إذ المسألة متعلقة بماذا يجب قانونا علي القاضي أن يثبته لا بصحة الأمر المادي الواقعي الذي أثبته وعدم صحته فهي مسألة قانونية بحتة.
وحسن النية المشترط في المادة 302 من قانون العقوبات ليس معنى باطنياً بقدر ما هو موقف أو حالة يوجد فيها الشخص نتيجة ظروف تشوه حكمه على الأمور رغم تقديره لها تقديراً كافياً واعتماده في تصرفه فيها علي أسباب معقولة ولقد أشارت إلي هذا المعني تعليقات وزارة الحقانية علي المادة 261 من قانون العقوبات السابق المادة 302 الحالية" حين قالت: "ويلزم علي الأقل أن يكون موجه القذف يعتقد في ضميره صحته حتى يمكن أن يعد صادراً عن سلامة نية وأن يكون قدر الأمور التي نسبها إلي الموظف تقديراً كافياً وليست هذه الإشارة إلا تطبيقا لقاعدة اعتمدها قانون العقوبات في المادة 63 الواردة في باب الأحكام العامة والتي أوجبت علي الموظف لكي يدرأ عن نفسه مسئولية جريمة ارتكبها بحسن نية تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه أن يثبت لبيان حسن نيته أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبيناً علي أسباب معقولة هذا ولقد أوجب المشرع فضلاً عن ذلك علي القاذف الذي يحتج بحسن نيته أن يثبت صحة كل فعل أسنده للمقذوف في حقه فدل بذلك علي أن التثبت الذي لا غني عنه لحسن النية يجب أيضا أن يشمل كل وقائع القذف المؤثرة في جوهره وأنه لا يكفي القاذف أن يكون قد تثبت من واقعة ليحتج بحسن نيته فيما عداها من الوقائع التي أسندها للمقذوف في حقه دون دليل.
وحسن النية وحده لا يكفي لإباحة القذف وإنما يتعين أن يقترن بثبوت الواقعة المقذوف بها فلا يشفع للقاذف حسن نيته متى ثبت كذب الواقعة المقذوف بها كما أن القاذف سيء النية معاقب ولو ثبت صدق الواقعة التي قذف بها فإذا" تقدم المتهم ويده خالية من الدليل على صحة وقائع القذف فلا يقبل منه أن يطلب من المحكمة أن تتولى عنه هذا الإثبات.
ومن كل ما تقدم فإن الجاني إذا استعمل العبارات الماسة بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فلا محل هنا للتحدث عن حسن النية.
فإذا كان المقال محل الدعوى قد اشتمل على إسناد وقائع للمجني عليه هي أنه مقامر بمصير أمة وحياة شعب وأن التاريخ كتب له سطوراً يخجل هو من ذكرها وأنه تربَّي علي موائد المستعمرين ودعامة من دعامات الاقتصاد الاستعماري الذي بناه اليهود بأموالهم وأنه أحد الباشوات الذين لا يدرون مصيرهم إذا استقل الشعب وتولت عنهم تلك اليد التي تحمي مخازيهم يد الإنجليز التي يهمها وجود هؤلاء الزعماء على رأس الحكومات في مصر وغيرها من الدول المنكوبة وأنه يسافر إلى بلاد الإنجليز ليمرغ كرامة مصر في الأوحال وليخترع نوعاً من التسول هو الاستجداء السياسي فإنه يكون مستحقاً لعقوبة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات إذ أن عباراته تشتمل علي نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من نسبت إليه قانوناً أو احتقاره عند أهل وطنه ومن الخطأ اعتبار هذا المقال نقداً مباحاً لسياسة المجني عليه وقع بحسن نية دون أن يكون المتهم قد تمسك بأنه إنما كان ينتقد أعمال المجني عليه (وهو موظف) بسلامة نية ويقدم على كل واقعة من تلك الوقائع ما يثبت صحتها .
- إثبات الوقائع المسندة:
إن حسن النية الذي اشترط القانون توافره لدى القاذف تبريراً لطعنه في أعمال الموظفين لا يكفي وحده للإعفاء من العقاب وإنما يجب أن يقترن بإثبات صحة الوقائع المسندة إلى الموظف العمومي فإذا عجز القاذف عن إثبات الواقعة فلا يجديه الاحتجاج بحسن نيته .
فالقانون قد اشترط لإعفاء القاذف في حق الرجال العموميين من العقاب فوق سلامة النية إثبات صحة الوقائع المقذوف بها ومعنى هذا الشرط أن يكون القاذف مستعداً على إقامة الدليل على صحة ما قذف به وأن يقدمه للمحكمة فتعتمده أما أن يقدم على القذف ويده خالية من الدليل معتمداً على أن يظهر له التحقيق دليلاً فهذا ما لا يجيزه القانون.
فمتى كان ما يثيره الطاعنون من أنهم أثبتوا صحة ما قذفوا به المطعون ضده بما هو مستفاد من صدور قرارات بعزله من الإتحاد الإشتراكي العربي ومن مجلس المحافظة وحل الجمعية التعاونية ومن تقديم المطعون ضده للمحاكمة بجريمة حيازة أطيان زراعية تزيد عن القدر المسموح به قانوناً مردوداً بأن الفصل في ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها فيه وقد خلص الحكم المطعون فيه إلي أن التحقيقات قد أثبتت عجزهم عن إثبات صحة وقائع القذف ودلل على ذلك تدليلاً سائغاً وسليماً فإن دعوى الطاعنين في هذا الشأن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى مما لا تقبل.
وإذا لم يتمسك المتهم أمام محكمة الموضوع بإثبات صحة جميع الوقائع التي قذف بها المجني عليه فإن تمسكه بخطأ المحكمة في تحديد وقت تقديم الدليل على صحة ما قذف به وطريقة تقديمه لا يكون له من ورائه أية جدوى.
- مدة إثبات صحة وقائع القذف :
- حكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 123 إجراءات جنائية
وبموجب الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية أصبحت مدة تقديم المتهم في جرائم القذف في حق موظف عام بسبب أعمال وظيفته مفتوحاً غير مقيد بمدة فيقدم ما يثبت صحة ما قذف به بشأن الوظيفة أو العمل العام - وليس بشأن الحياة الخاصة للموظف - في أية حالة كانت عليها الدعوى قبل قفل باب المرافعة فيها ولكن لا يجوز له تقديمها أمام محكمة النقض ما لم تكن قد عرضت على محكمة الموضوع باعتباره أم يتعلق بالوقائع.
- بيانات حكم الإدانة في القذف :
يجب على الحكم الصادر في جريمة قذف أن يبين العبارات التي يؤاخذ بسببها المتهم لأن محكمة النقض لا تستطيع أن تفصل فيما إذا كان قانون العقوبات يتناولها أو لا يتناولها وهل طبق عليها تطبيقاً صحيحاً أم لا إلا إذا فحصتها وتعرفت ما فيها من الدلالات اللغوية وما لها من المرامي القريبة أو البعيدة ومن أجل ذلك فلمحكمة النقض دائماً حق فحص تلك العبارات للغرض المتقدم وتقديرها في علاقتها مع القانون التقدير الذي تراه مهما يكن رأي محكمة الموضوع في دلالتها وعلاقة هذه الدلالة بالقانون أما القول بأن البحث في وقوع إسناد المطاعن إلي المجني عليه أو عدم وجوده هو مسألة موضوعية يفصل فيها قاضي الموضوع فصلاً نهائياً لا معقب عليه لمحكمة النقض فقول غير مقبول.
ومن ثم يتعين أن يتضمن حكم الإدانة بيانا لأركان القذف حتى تستطيع محكمة النقض التحقق من استناد الأدلة إلى أسباب تدعمها فيجب إثبات ألفاظ القذف وطريقته وهي التليفون أو أي من أجهزة الاتصالات الحديثة أو الانترنت.
أما القصد فما دامت عبارات السب التي أثبتها الحكم على الطاعن تتضمن بذاتها خدشاً للشرف والاعتبار فلا موجب للتحدث صراحة واستقلالاً عن القصد الجنائي لديه.
ولما كان كل ما يتطلبه القانون للمعاقبة على القذف أو السب بالمادة 308 عقوبات أن تكون عبارته متضمنة طعنا في عرض النساء وخدشاً لسمعة العائلة فمتى كانت الألفاظ التي أثبت الحكم أن المتهم وجهها إلي المجني عليه تتضمن في ذاتها طعنا من هذا القبيل فلا يعيبه أنه لم يبين صراحة أن القصد من توجيه عبارات السب إلي المجني عليه كان الطعن في عرضه أو خدش سمعة عائلته.
وإذا كان الحكم لم يتحدث صراحة عن توافر القصد الجنائي لدي المتهم في جريمة القذف ولكن كان هذا القصد مستفاداً من ذات عبارات القذف التي أوردها الحكم نقلا عن المقالات التي نشرها المتهم في حق المجني عليه فإن هذا يكفي .
- وجوب النطق بأسباب الحكم مع المنطوق :
أوجبت المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأخيرة أن يكون النطق بالحكم مشفوعاً بأسبابه وذلك في جريمة القذف بطريق النشر في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وهو نص خاص يغاير الأصل العام المقرر بالمادة 312 من القانون ذاته من بطلان الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة إذا لم توضع موقعا عليها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها.
ولما كان الخاص يقيد العام فإن نص الفقرة الأخيرة من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الإشارة إليه يكون في مجال تطبيقه واجب الإعمال ومؤداه أن الشارع قد رتب البطلان على مخالفة ما أوجبه من أن يكون النطق بالحكم مشفوعا بأسبابه وذلك في جريمة القذف بطريق النشر في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة بوصفه إجراء جوهري يترتب البطلان علي عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة به طبقاً لنص المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية.
- إثبات القذف :
إن القانون لا يستلزم لإثبات وقائع - القذف دليلاً معيناً بل هي يجوز إثباتها بكافة الطرق بما في ذلك شهادة الشهود وقرائن الأحوال.
- لا تنقضي دعوى القذف بالتنازل:
من المقرر أن جريمة قذف الغير عن طريق التليفون المؤثمة بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات لا تدخل في الجرائم التي تنقضي الدعوى فيها بالتنازل والتي وردت على سبيل الحصر.
الإخبار بأمر مستوجب لعقوبة فاعله :
تنص المادة 304 من قانون العقوبات على أنه "لا يحكم بهذا العقاب (عقوبة القذف) على من أخبر بالصدق وعدم سوء القصد الحكام القضائيين أو الإداريين بأمر مستوجب لعقوبة فاعله". فإسناد واقعة جنائية إلى شخص لا يصح العقاب عليه إذا لم يكن القصد منه إلا تبليغ جهات الاختصاص عن هذه الواقعة إذ التبليغ عن الجرائم حق بل فرض على كل فرد.
إن مجرد تقديم شكوى في حق إنسان إلى جهات الاختصاص وإدلاء مقدمها بأقواله أمام الغير لا يمكن اعتباره قذفاً علنياً إلا إذا كان القصد منه مجرد التشهير بالمشكو للنيل منه.
واستظهار ذلك القصد من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها في ذلك ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإذا كان مفاد ما خلص إليه الحكم انتفاء سوء القصد عن المطعون ضدهما وكان هذا الاستخلاص سائغاً وسليماً فإن تكييفه الواقعة بأنها لا تعدو قذفاً ليس فيه مخالفة القانون .
والمقصود بأحد الحكام القضائيين هم رجال السلطة العامة المختصون بتلقي البلاغات في شأن الوقائع التي تستوجب عقوبة من تنسب إليهم.
والصدق يعني صحة الواقعة في ذاتها والمحكمة التي تنظر دعوى القذف تتأكد من مدى صحة الواقعة المبلغ بها من عدمه فإذا تبينت صحتها فإنها تقرر الإباحة دون البحث في نية المبلغ.
والمبلغ لا شأن له بإثبات صدق الواقعة لأن القانون لا يوجب عليه جمع الأدلة قبل التقدم بالبلاغ .
وحسن النية يعني أن المبلغ يؤدي واجباً عليه بالإبلاغ عن الجرائم ومعاونة السلطات العامة على التعرف على الجرائم واتخاذ الإجراءات ضد مرتكبيها ومؤدي هذا هو افتراض اعتقاد المبلغ بصحة الواقعة.
فإذا كان المتهم قد أسند عن علم إلي المجني عليه (وهو عمدة) أمراً معيناً لو صح لأوجب معاقبته وعجز عن إثبات حقيقة ما أسنده إليه فقد توافرت في حقه أركان جريمة القذف وحق العقاب ولا يشفع له تمسكه بأن ما وقع منه كان على سبيل التبليغ مادام الثابت بالحكم أنه كان سيئ النية فيما فعل قاصداً التشهير بالمجني عليه على أن ذلك النظر لا يمنع من اعتبار ما حصل من المتهم في الوقت نفسه بلاغاً كاذباً مع سوء القصد متى توافرت أركانه.
وينتفي حسن النية إذا ثبت أن المتهم كان يعلم بكذب الواقعة التي أبلغ عنها أو كان يعتقد صحتها ولكنه يهدف من وراء التبليغ إلى التشهير بالمجني عليه.
فإذا استخلص الحكم قصد التشهير بالمطعون ضده من إقحام الطاعن في شاكياته لوقائع مشينة يرجع عهدها إلى عام 1930 مدفوعاً في ذلك بأحقاد شخصية ترجع إلي نزاع قديم بينهما وخلص إلي أن نية الطاعن قد انصرفت من تعدد بلاغاته إلى ترديد فحواها بين الموظفين المكلفين بفحصها بما يحقق العلانية التي قصد منها التشهير بالمطعون ضده وليس مجرد التبليغ أو الشكوى يكون قد دلل علي سوء قصد الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في البيان.
فإذا ما ثبت حسن نية المتهم استفاد من الإباحة ولا يعاقب بعقوبة القذف ولو لم يثبت صحة بلاغه.
- شروط حق النقد:
لكي يكون النقد مباحاً يجب أن يلتزم الناقد العبارة الملائمة والألفاظ المناسبة للنقد وأن يتوخى المصلحة العامة وذلك باعتبار أن النقد ليس إلا وسيلة للبناء لا الهدم فإذا ما تجاوز ذلك فلا يكون ثمة محل للتحدث عن النقد المباح واشتمال مقال الناقد على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة و أخري يكون القصد منها التشهير فإن المحكمة في هذه الحالة توازن بين القصدين وتقدر لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر ولا محل للقول بأن حسن النية يجب أن يقدم في كل الأحوال علي ما عداه و إلا لاستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهرياً عن مصلحة عامة مزعومة أن ينال من كرامة صاحب الأمر ما شاء دون أن يناله القانون.
وإذا ما كان للناقد أن يشتد في نقد أخصامه السياسيين فإن ذلك لا يجب أن يتعدى حدود النقد المباح فإذا خرج إلى حد الطعن والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون ولا يبرر عمله أن يكون أخصامه قد سبقوه فيما أذاعوا به أو نشروه إلى استباحة حرمات القانون في هذا الباب.
- الدراسة التحليلية تعد نقداً مباحاً:
النص في المادة 13 من قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون 354 لسنة 1954 على أنه لا يجوز للمؤلف بعد نشر المصنف حظر التحليلات والاقتباسات القصيرة إذا قصد بها النقد أو المناقشة أو الإخبار ما دامت تشير إلي المصنف واسم المؤلف إذا كان معروفاً " وما ورد في المذكرة الإيضاحية لمشروع هذا القانون من أنه جاء بقيود علي حق المؤلف يمليها الصالح العام لأن للهيئة الاجتماعية حقاً في تيسير سبل الثقافة والتزود من ثمار العقل البشري فلا تحول دون بلوغ هذه الغاية حقوق مطلقه للمؤلفين ذلك لأن الأجيال الإنسانية المتعاقبة تساهم عادة بما تخلفه من آثار في تكوين المؤلفات" يدل على أن الدراسات التحليلية والاقتباسات القصيرة التي تستهدف النقد أو المناقشة أو الأخبار هي من الأعمال المباحة للكافة ولا تنطوي على اعتداء علي حق النشر ومن ثم لا تستلزم موافقة المؤلف أو ورثته على نشرها وكان مجرد القيام بها لا يعد اشتراكاً في الاعتداء على حق النشر ما لم يقم دليل على أن كاتبها قد أشترك في عملية النشر ذاتها أي في الاستغلال المادي أو المالي للمصنف حسبما عرفتها به المذكرة الإيضاحية المشار إليها لما كان ذلك وكان الثابت من تقريري الخبيرين المقدمين في الدعوى أن دور الناقد الطاعن "اقتصر على مجرد توضيح الملابسات السياسية والاجتماعية التي ظهر فيها الكتاب وعلى تقديم دراسة تخدم القارئ العربي لم تخرج عن حدود النقد المتعارف عليه" وإنه تقاضي من مجلة الطليعة نظير ذلك مبلغ عشرة جنيهات ومن المؤسسة المطعون ضدها الرابعة مبلغ مائة وخمسين جنيها مما مفاده أنه لم يكن هو الناشر ولا كان شريكا في النشر وإنما تقاضي أجر ما قدمه من دراسة تحليلية عملية مجردة عن عملية النشر ذاتها وتعد من الأعمال المباحة بالمعنى سالف الذكر لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضائه على أن الطاعن بما أعده من دراسة تحليلية قد أشترك المطعون ضدهما الأخيرين في نشر المصنف سالف البيان بغير إذن مع من الورثة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه فساد في الاستدلال.
- حسن النية :
وحسن نية الناقد تعني أن يستهدف الغاية التي من أجلها أقر الشارع هذه الحقوق هي خدمة المصلحة العامة عن طريق كشف الوقائع التي تهم المجتمع وإبداء رأي نزيه فيها يعتقد المتهم أنه يفيد المجتمع أما إذا استهدف التشهير بخصومه انتقاماً منهم فلا يعتبر حسن النية متوافراً لديه.
والأصل أن كل ناقد حسن النية من ثم كان عبء إثبات سوء نيته على عاتق النيابة العامة ومن قرائن سوء النية حدة عبارات النقد بغير مقتضى.
- جريمة القذف تتطلب تقديم شكوى لتحريكها من النيابة العامة :
نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلي أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185 و 274 و 277 و 279 و 292 و 293 و 303 و 306 و 307 و 308 من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.
ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
ومفاد ما ورد بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثانية أن الثلاثة أشهر المنصوص عليها فيه إنما تبدأ من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها وليس من تاريخ التصرف في الشكوى موضوع الجريمة.
وعلم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها يعتبر من الوقائع التي رتبت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أثراً قانونياً بما لا يصح معه افتراض هذا العلم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول دعوي الطاعن تأسيساً على افتراض علمه بالوقائع التي تضمنتها منذ أكثر من ثلاثة أشهر سابقة على تاريخ رفعها دون أن يعني الحكم باستظهار ملابسات هذه الشكاوى وما إذا كانت عن الوقائع السابقة ذاتها أم عن وقائع جديدة أخري ودون أن يورد الدليل على العلم اليقيني فإنه يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب.
والشارع قد جعل من مضي هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الحق في الشكوى لأسباب ارتآها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأيد سلاحاً للتهديد والابتزاز أو النكاية ومن ثم فإن تقديم الشكوى خلال الأجل الذي حدده القانون إنما ينفي قرينة التنازل ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني ولو تراخت النيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية إلى ما بعد فوات هذا الميعاد . وإذ كانت المطعون ضدها قد قدمت شكواها في الميعاد المحدد وأقامت دعواها وفقا للأوضاع التي رسمها القانون فإن ما يثيره الطاعن بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون صحيحاً في القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الأساس في غير محله.
وعلم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها الذي يبدأ منه سريان مدة الثلاثة أشهر التي نصت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية
ويجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجري الميعاد في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي ثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني.
ولا يشترط في الشكوى المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون قد تلاها تحقيق مفتوح أو حتى جمع استدلالات من مأموري الضبط القضائي.
يلزم قانوناً طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية صدور شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص لإمكان رفع الدعوي الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 274، 277 من قانون العقوبات وهذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية ولا يغني عن النص عليه بالحكم ما تبين من أن الزوج قد تقدم إلي مأمور القسم بالشكوى عن جريمة الزنا وأصر علي رفع الدعوى الجنائية عنها في تحقيق النيابة العامة.
وتقييد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة إلي الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى ولما كانت جريمة الاشتراك في تزوير عقد الزواج التى دين المتهم بها مستقلة في ركنها المادي عن جريمة الزنا التي أتهم بها فلا ضير علي النيابة العامة إن هي باشرت حقها القانوني في الاتهام وقامت بتحريك الدعوى الجنائية ورفعها تحقيقاً لرسالتها ولا محل لقياس هذه الحالة بما سبق أن جرى عليه قضاء محكمة النقض في بعض أحكامها في شأن التعدد الصوري للجرائم كما هو الحال بالنسبة إلى جريمة دخول البيت بقصد ارتكاب جريمة الزنا فيه.
الدعوى المباشرة لا تستلزم شكوى:
اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية هو في حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية لا على ما للمدعي بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة ولو بدون شكوى سابقة في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى.
ومتى كانت واقعة دعوى الجنحة المباشرة سواء نظر إليها على أنها قذف أو سب وقعاً في علانية تندرج تحت الجرائم المنصوص عنها في المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية فإن الدفع بانقضاء الدعوى بالتنازل الذي تمسك به المتهم صراحة هو من الدفوع القانونية الجوهرية التي يكون الفصل فيها لازماً للفصل في الموضوع ذاته إذ ينبني فيما لو صح انقضاء الدعوى الجنائية بمقتضى صريح نص المادة 10 من القانون المذكور فإذا أغفلت المحكمة الرد عليه كان ذلك موجباً لنقض حكمها.
فالدعوي الجنائية التي ترفع مباشرة من المدعي بالحقوق المدنية ودعواه المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذي يدعي أنه لحقه من الجريمة لا تنعقد الخصومة بينه وبين المتهم وهو المدعي عليه فيهما إلا عن طريق تكليفه بالحضور أمام المحكمة تكليفاً صحيحاً وما لم تنعقد هذه الخصومة بالطريق الذي رسمه القانون فإن الدعويين الجنائية والمدنية لا تكونان مقبولتين من المدعي بالحقوق المدنية بالجلسة كما أجاز القانون رفع الدعوى المدنية بالجلسة في حالة ما إذا كانت من الدعاوى الفرعية فقط ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المرفوعة من الطاعن بالجلسة عن جريمة القذف ورفض الدعوى المدنية عملاً بما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية من أن الشكوى لا تقبل بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه بالنسبة إلى ما قضي به في هذا الخصوص وتصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المطعون ضدهم.
ومن المقرر أن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى وأنه لما كان من المقرر وفق المادة 226 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يتبع في الفصل في الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المنصوص عليها في ذلك القانون فإن خلا تعين الرجوع إلي أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وإذ ما كان قانون الإجراءات الجنائية قد سكت عن بيان كيفية احتساب المواعيد وكانت المادة 15 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أنه إذا" عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين فلا يحسب منه يوم الإعلان أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه إذا كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء" .. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المجني عليه المدعي بالحقوق المدنية قد علم يوم 28 من يونيه سنة 1971 بالجريمة جريمة القذف وبمرتكبها وقد أقام دعواه الماثلة في 28 من سبتمبر من ذلك العام فإن إعمال حكم تلك المادة يقتضي عدم احتساب يوم العلم باعتباره الأمر المعتبر قانوناً مجرياً للميعاد واحتساب مدة ثلاثة الشهور المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية من اليوم التالي فتنقضي المدة يوم من 28 سبتمبر سنة 1971 باعتباره اليوم الأخير الذي يجب أن يحصل فيه الإجراء وهو رفع الدعوى خلال ثلاثة الشهور سالفة البيان ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قد جانب صحيح القانون مما يوجب نقضه.
- لا يشترط توكيل خاص كما في الدعوى المباشرة:
إن الدفع بعدم قبول الدعوى المباشرة لعدم صدور توكيل خاص من المدعي مردوداً بأن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية لا تشترط ذلك إلا في حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر.
- امتداد أثر التنازل للمتهم الآخـر:
إن المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية تجري بأنه "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء علي شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلي النيابة أو إلي أحد مأموري الضبط القضائي" في جرائم معينة نص عليها في هذه المادة منها جريمتا السب والقذف وتنص المادة العاشرة من هذا القانون على أن "لمن قدم الشكوى أن يتنازل عنها في أي وقت إلي أن يصدر في الدعوى حكم نهائي" وأن الدعوى الجنائية تنقضي بالتنازل وأن التنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا بالنسبة للباقين" لما كان ذلك وكان الثابت بمحضر الجلسة أن المدعين بالحق المدني تنازلوا عن اتهام المتهمة التي كانت دعوى الجنحة المباشرة قد رفعت عليها مع الطاعن من أجل تهمة السب والقذف فإن من مقتضى ذلك امتداد أثر هذا التنازل وهو صريح غير مقيد إلي الطاعن بحكم القانون أسوة بالمتهمة الثانية أيا كان السبب في هذا التنازل مما ينبني عليه انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لكلا المتهمين فإذا كان الحكم قد قضى بإدانة الطاعن بمقولة إن التنازل لا يشمله لأنه لم يكن منصبا علي أصل الحق في إقامة الدعوى ولم يكن متضمناً معنى الصفح فإنه يكون قد أخطأ لمخالفته صريح حكم القانون مما يتعين معه نقضه.
- يكفي تقديم شكوى ضد أحد المتهمين :
إذا تعدد المجني عليهم يكفي أن تقدم الشكوى من أحدهم. وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم تعتبر أنها مقدمة ضد الباقين.
وإذا كان المجني عليه في الجريمة لم يبلغ خمس عشرة سنة كاملة أو كان مصاباً ًبعاهة في عقله تقدم الشكوى ممن له الولاية عليه.
وإذا كانت الجريمة واقعة على المال تقبل الشكوى من الوصي أو القيم وتتبع في هاتين الحالتين جميع الأحكام المتقدمة الخاصة بالشكوى.
- انقضاء الحق في الشكوى:
ينقضي الحق في الشكوى بموت المجني عليه وإذا حدثت الوفاة بعد تقديم الشكوى فلا تؤثر على سير الدعوى.
- التنازل عن الشكوى :
نصت المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة وللمجني عليه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 185 من قانون العقوبات وفي الجرائم المنصوص عليها في المواد 303 و 306 و 307 و 308 من القانون المذكور إذا كان موظفاً عاماً أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل.
وفي حالة تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل صحيحاً إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى. والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين.
وإذا توفي الشاكي فلا ينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوى الزنا فلكل واحد من أولاد الزوج الشاكي من الزوج المشكو منه أن يتنازل عن الشكوى وتنقضي الدعوى".
والمشرع لم يرسم طريقاً لهذا التنازل فيستوي أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفها كما يستوي أن يكون صريحاً أو ضمنياً ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد في غير شبهة أنه أعرض عن شكواه . وقد جعل المشرع أثر هذا التنازل منصبا على الدعوى الجنائية وحدها ولا يمنع ذلك من أصابه ضرر من الجريمة أن يطالب بتعويض هذا الضرر أمام المحكمة المدنية.
ويتعين أن يبين الحكم متى كان الحكم في جريمتي السب والقذف فحوى الصلح وهل تضمن التنازل عن اتهام المتهم أم اقتصر على الادعاء بالحق المدني قبله وإلا كان الحكم مشوباً بالقصور مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
جريمة السب بالتليفون
أولاً جريمة سب آحاد الناس
ننوه بأن التليفون في نص هذه الجريمة، يستوي أن يكون تليفوناً أرضياً أو محمولاً أو غيره مما أنتجه العلم الحديث.
وقد تطورت الهواتف المحمولة حتى أصبح منها ما هو على شكل ساعة يد تحتوي على إمكانيات الهواتف الذكية، مثل خدمة الإنترنت وخدمة تحديد المكان بالأقمار الاصطناعية، وتركت هذه الهواتف بصمتها القوية في المجتمع الحديث وأصبح التواصل بين المستخدم وهاتفه سمة من سمات هذا العصر، بحيث صار من الممكن أن يُحسن الشخص استخدام هاتفه أو يسيء استخدامه إلى درجة ارتكاب جرائم بواسطته.
ويعتبر من الهواتف المحمولة، الكاميرات الذكية، وأجهزة الراديو، والألعاب الإلكترونية والأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء مثل النظارات والأساور الرقمية، والسماعات الملحقة بالهواتف وغيرها من الأجهزة، سواء كانت هذه السماعات لاسلكية أم سلكية.
ومن هنا كان لهذا التطور خطورته وانعكاساته على الخلافات بين الأفراد، الأمر الذي أدى إلى نقلها من أرض الواقع إلى العالم الإلكتروني الافتراضي ومن ثم نقل الجرائم المرتكبة بواسطتها من ساحات القضاء العادي إلى ساحات قضاء متخصص هو محاكم الجنح والجنايات الاقتصادية.
ومما يزيد من هذه الخطورة، أنَّ هذه الهواتف الذكية تتسم بقدرتها العالية على الوصول إلى الأفراد في أي مكان وفي أي وقت بالصورة التي تساعد في الوصول السريع إلى شرائح مختلفة تتفاوت أعمارها وتتباين خصائصها حيث يتم الاتصال بالإنترنت لاسلكيا عن طريق الأشعة تحت الحمراء" من خلال خدمة الويب WAP وهذا يتم في أي مكان دون الالتزام بالتواجد في أماكن محددة مما يسهل عملية الدخول إلى الإنترنت وتصفحه في أي وقت وأي مكان.
كل هذه المزايا وكل هذا التطور ؛ جعل أجهزة الاتصالات وسيلة سهلة للعدوان على اعتبار الناس وشرفهم، وعلى حرمة حياتهم الخاصة وإزعاجهم عن طريقها، باعتبارها أجهزة اتصالات في المقام الأول، بل والتبليغات الكاذبة للسلطات أحيانا، وإفشاء الأسرار، فضلا عن استخدامها من جانب إرهابيين في توصيل دوائر كهربائية لتفجير القنابل يدوية الصنع.
أولاً - السب البسيط
بعد أن نصت الفقرة الأولي من المادة 308 مكرراً من قانون العقوبات على تأثيم كل من قذف غيره بطريق التليفون نصت في الفقرة الثانية علي أن وكل من وجه إلي غيره بالطريق المشار إليه بالفقرة السابقة سباً لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 306 ونصت في الفقرة الثالثة علي أنه إذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذي ارتكب بالفقرتين السابقتين طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 308 .
ثانياً : السب المشدد : (سبب الموظف العام ومن في حكمه )
نصت المادة 185 عقوبات (المعدلة بالقانون 147 لسنة 2006 والسابق تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 1996 والقانون رقم 93 لسنة 1995) على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه كل من سب موظفا عاما أو شخصا ذا صفة نيابية عامة أو مكلفا بخدمة عامة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وذلك مع عدم الإخلال بتطبيق الفقرة الثانية من المادة 302 إذا وجد ارتباط بين السب وجريمة قذف ارتكبها ذات المتهم ضد نفس من وقعت عليه جريمة السب".
وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 97 لسنة 1955 بإضافة المادتين 166 مكرراً (الإزعاج بطريق التليفون) 308 مكرراً إلى قانون العقوبات أن إضافة هاتين المادتين كان بسبب كثرة الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون واستفحال مشكلة إزعاجهم ليلاً ونهاراً وإسماعهم أقذع الألفاظ وأقبح العبارات واحتماء المعتدين بسرية المحادثات التليفونية واطمئنانهم إلى أن القانون لا يعاقب علي السب والقذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر فقد تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث وللضرب على أيدي هؤلاء المستهترين ولما كان ذلك وكان الإزعاج وفقا لنص المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة 308 مكرراً بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن.
- تعريف السب:
المراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص عند نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
أما المشرع فقد عرَّفه في المادة 306 عقوبات التي نصت على أن "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف والاعتبار.
ومراد الشارع من عبارة الإسناد هنا هو لصق عيب أخلاقي معين بالشخص بأي طريقة من طرق التعبير فمن يقول لغيره "ما هذه الدسائس وأعمالك أشد من أعمال المعرصين" يكون مسنداً عيباً معيناً لهذا الغير خادشاً للناموس والاعتبار ويحق عقابه.
التمييز بين القذف والسب :
الفارق الأساسي بين القذف والسب أن القذف يتضمن إسناد واقعة محددة إلى المجني عليه تستوجب عقابه أو احتقاره أما السب لا يتضمن إسناد واقعة وإنما هو خدش للشرف والاعتبار بأي وجه من الوجوه.
أما التماثل بينهما فيتمثل في أن كلا منهما " اعتداء علي شرف المجني عليه واعتباره بإسناد ما يشينه إليه.
- أركان السب بالتليفون الموجه لآحاد الناس :
نصت الفقرة الثانية من المادة 308 مكرراً عقوبات على أن وكل من وجه إلي غيره بالطريق المشار إليه بالفقرة السابقة التي تنص على القذف بالتليفون سباً لا يشتمل علي إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 306 ".
وقد سوى المشرع بهذا النص بين السب عن طريق التليفون والسب عن طريق إحدى وسائل العلانية التي أشار إليها في 306 عقوبات وليس معنى ذلك أن التليفون أحدي وسائل العلانية لأنه بطبيعته وسيلة إتصال لها طابع سري فهو سب في حكم السب العلني بنص القانون ويقوم السب على ركن مادي وركن معنوي.
- الركن المادي:
الفعل المادي المكون لجريمة السب بالتليفون هو كالفعل المادي المكون لجريمة القذف بالتليفون وهو تعبير يتخذ التليفون وسيلة له ولا تختلف الجريمتان إلا من حيث موضوع هذا التعبير فموضوع التعبير في القذف هو إسناد واقعة تستوجب العقاب أو الاحتقار أما في جريمة السب فهو ليس واقعة وإنما خدشاً للشرف والاعتبار أي أمور لا يصدق عليها وصف الوقائع.
ويقوم الركن المادي لهذه الجريمة على ثلاثة عناصر العنصر الأول هو نشاط يقوم به المتهم من شأنه أن يخدش الشرف والاعتبار وهو الإسناد أو التعبير والعنصر الثاني موضوع هذا النشاط وهو هو إسناد عيب أو عبارات تخدش الشرف والاعتبار والعنصر الثالث صفة هذا النشاط وهي كونه عن طريق التليفون أو أي جهاز من أجهزة الاتصالات الحديثة.
- العنصر الأول - النشاط الذي يقوم به المتهم:
وهو تعبير عن رأي للمتهم في المجني عليه وينطوي على مساس بشرفه واعتباره ويستوي أن يكون التعبير قولا أو كتابة عن طريق التليفون كإرسال رسائل قصيرة (sms) أو عبر البريد الإلكتروني أو نشر هذا التعبير على صفحات التواصل الاجتماعي بواسطة جهاز حاسب آلي يتصل بخط تليفوني سلكي أو لا سلكي أو من أحد الهواتف الذكية أو رسم أو صورة ثابتة أو متحركة أو فيديو أو كاريكاتير.
ولا عبرة باللغة التي تم بها الطعن في العرض ولا بالمكان الذي تحدث منه الجاني بالتليفون أو بأي جهاز من أجهزة الاتصالات ويجوز إثبات الجريمة ضد الجاني بشهادة الشهود الذين تواجدوا مع أي من الجاني أو المجني عليه عند ارتكابها.
كما يستوي أن يكون أسلوب التعبير صريحاً أو ضمنياً ومباشراً أو من خلال تورية أو استعارة أو تلميحاً أو بطريق التهكم والاستهزاء أو السخرية أو التعريض وتؤدي أو يقصد منها المتهم إهانة المجني عليه.
"والإهانة هي كل قول أو فعل يحكم العرف بأن فيه ازدراء وحطا من الكرامة في أعين الناس وإن لم يشمل قذفاً أو سباً أو افتراء ولا عبرة في الجرائم القولية بالمداورة في الأسلوب مادامت العبارات مفيدة بسياقها معنى الإهانة.
ولم يرد في القانون تعريف للشرف والاعتبار ولكن يمكن تعريفه بأنها المكانة التي يحتلها الفرد في المجتمع وسمعته بين الناس. ويستوي أن تكون عبارات القذف أو السب التي أذاعها الجاني منقولة عن الغير أو من إنشائه هو ذلك أن نقل الكتابة التي تتضمن جريمة ونشرها يعتبر في حكم القانون كالنشر الجديد سواء بسواء ولا يقبل من أحد للإفلات من المسئولية الجنائية أن يتذرع بأن تلك الكتابة إنما نقلت عن صحيفة أخري إذ الواجب يقضي على من ينقل كتابة سبق نشرها بأن يتحقق قبل إقدامه على النشر من أن تلك الكتابة لا تنطوي على أية مخالفة للقانون كمفهوم نص المادة 197 من قانون العقوبات.
- العنصر الثاني: أن يكون السب بإسناد عيب معين أو بعبارات تخدش الاعتبار :
وهذا الركن هو الذي يميز السب من القذف فالقذف لا يكون إلا بإسناد أمر أو واقعة معينة تستوجب العقاب أو الاحتقار أما السب فيكون بإسناد عيب معين بغير تعيين وقائع أو بتوجيه عبارات تخدش الناموس والاعتبار.
أ - إسناد عيب :
والعيب يراد به كل نقص في صفات المسند إليه أو أخلاقه أو سيرته فمن يقول لغيره "ما هذه الدسائس" و"أعمالك أشد من أعمال المعرصين ، يكون مسنداً عيباً معيناً لهذا الغير خادشا للناموس والاعتبار ويحق عقابه.
والكاتب الذي ينسب لسفير دولة مسلمة الحط من كرامة دولته وعدم مراعاة حرمة الدين بتعاطيه الخمر في الحفلات الرسمية يكون مرتكباً الجريمة السب المتعمد الذي يحمل في ذاته سوء القصد.
ب - توجيه ألفاظ تخدش الناموس والاعتبار :
وأما العبارات التي تخدش الناموس والاعتبار ولا تعد إسناداً لعيب فهي كل عبارة أو كل لفظ يمس شرف المجني عليه أو يحط من كرامته ومن قبيل هذا السب قول واحد لآخر في الطريق العام " يا ابن الكلب".
. أو قوله له: "اطلع بره يا كلب" فمثل هذه العبارة الخادشة للناموس والاعتبار تجعل الواقعة جنحة ولو أن السب غير مشتمل على إسناد، عيب معين.
وكذلك تعتبر فليسقط المدير فليمت المدير " سباً مخدشاً للناموس والاعتبار بالمعنى المقصود في المادة 265 عقوبات (قديم والمقابلة، لنص المادة 306).
- المحكمة تعرف حقيقة ألفاظ السب وشخص من وجه إليه:
والمرجح في تعرُّف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك ألا يخطئ في التطبيق القانوني علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمنح دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وأنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة.
فإذا كان ما تضمنته اللافتات المنسوب إلي الطاعنين إعدادها ووضعها في الطريق العام من عبارات إعلان عن بيع المحل المملوك للمدعي بالحقوق المدنية بيعا جبريا بالمزاد العلني فضلا عن أنها وعلى ما يبين من المفردات المضمومة . قد صادفت حقيقة الواقع وجاءت على نحو يتفق وصحيح إجراءات القانون الخاصة بالإعلان عن البيع الجبري ليس من شأنها أن تحط من قدر المدعي بالحقوق المدنية أو تجعله محلاً للاحتقار والازدراء بين أهل وطنه أو تستوجب عقابه أو خدش شرفه أو اعتباره ومن ثم فهي لا تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخري معاقب عليها قانونا فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعنين عن تلك الواقعة ودانهما بجريمة القذف يكون قد بني على خطأ في تأويل القانون وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءة الطاعنين عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانوناً.
وبالتالي فإن جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء تقع بكل فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن أما مجرد الأقوال مهما بلغت من درجة البذاءة والفحش فلا تعتبر إلا سباً فإذا كان الحكم قد اعتبر أن ما وقع من الطاعن من قوله بصوت مسموع لسيدتين يتعقبهما "تعرفوا إنكم ظراف تحبوا نروح أي "سينما" جريمة فعل فاضح مخل بالحياء فإنه يكون قد أخطأ والوصف القانوني الصحيح لهذه الواقعة أنها سب منطبق على المادتين 306 و 171 من قانون العقوبات.
- الغزل أو الإطراء :
توجيه عبارات الغزل إلى امرأة هو سب لها سواء اتخذ صورة الإطراء المجرد أم جاوز ذلك إلى حثها على سلوك مخل بحيائها وعلة اعتبار الغزل سباً على الرغم مما في ظاهره من إطراء أنه يتضمن افتراض ابتذال المرأة وأنها تقبل إطراء محاسنها من أي شخص وهو غير سلوك المرأة الشريفة.
ففي واقعة اتهم فيها شخص بانتهاكه حرمة الآداب وحسن الأخلاق لسيدة بأن قال لها ما فيش كدا أبدا أنا من جمالك ما بنام الليل " قررت محكمة النقض أن توجيه تلك الأقوال إلي امرأة شريفة أو التفوه بها بصوت مرتفع في محل عام على مسمع من تلك المرأة وبكيفية تشعر الجمهور بأن هذه السيدة هي المقصودة صراحة كان ذلك أو تلميحا فإن تلك الأقوال بالنظر إلي ما ترمي إلي الدلالة عليه من سابق المعرفة بين السيدة المذكورة وبين من تفوَّه علناً تعتبر بالرغم من خلوها في حد ذاتها عن كل ما هو مخالف للآداب سباً بمعني الكلمة من شأنه أن يخدش ناموس أو اعتبار تلك السيدة ويكون ما وقع من المتهم معاقباً عليه بالمادة 265 عقوبات (قديم المقابلة لنص المادة 171 عقوبات الحالي).
ويعد سباً معاقباً عليه بالمادة 306 من قانون العقوبات توجيه المتهم للمجني عليها في الطريق العام عبارة "رايحة فين يا باشا، یا سلام یا سلام يا صباح الخير ردّي يا باشا، هو حرام لما أنا أكلمك، أنت الظاهر عليك خارجة زعلانة، معلهش فإن هذه الألفاظ تخدش المجني عليها في شرفها واعتبارها وتجرح كرامتها.
أو إذا كان المتهم قد قال بصوت مسموع لسيدتين يتعقبهما "تعرفوا إنكم ظراف تحبوا نروح أي سينما فالوصف القانوني الصحيح لهذه الواقعة أنها سب.
الرجوع إلى العرف عند تفهم معني الألفاظ ومراميها :
لابد عند تفهم معني الألفاظ ومراميها الرجوع إلي عرف الجهة التي استعمل فيها اللفظ فقد يكون للعرف المحلي دخل كبير في تحديد معان ألفاظ السب وقد يكون اللفظ بريئاً من كل عيب في جهة وشائنا في جهة أخرى.
وقد يكون بعض الألفاظ علي ظاهره غير شائن وليس في معناه بحسب الأصل ما يؤلم النفس أو يحط من الكرامة ولكنه قد يحمل في بعض الأوساط أو بحسب نية المتلفظ به معاني خاصة تجعله في عداد ألفاظ السب ويدخل في السب أيضاً نسبة الأمراض المكروهة فمن قال لآخر يا أبرص أو يا مسلول يعد ساباً وكذلك نسبة العيوب الخلقية كما لو قال له يا أعمي أو يا أعور أو يا أعرج والأصل أن نسبة شخص إلي دين أو مذهب معين أو فرقة أو طائفة معينة لا يعد سبا لكن قد ينصرف ذلك إلي معنى السب بحكم العرف أو الوسط إذا أراد به قائله ذلك المعنى فمن ذلك قول إنسان لآخر يا درزي أو يا يهودي أو نصراني ومن هذا القبيل أيضاً النسبة إلي صناعة أو حرفة معينة كقولهم يا جزار أو يا فران أو يا حنوتي أو يا زبال ومن العبارات ما يتضمن إسناد أمور شائعة وكان الأولي بها أن تعد قذفاً أو سباً لولا أنها مسوقة في قالب الإبهام وليس فيها التعيين الكافي لاعتبارها كذلك كقولهم حاد عن جادة الحق واتبع سبيل الغواية فمثل هذه العبارات تعد سباً لا قذفاً لأن من شأنها خدش الناموس والاعتبار.
والسب سب دائماً لا يخرجه عن هذا الوصف أي شيء ولو كان الباعث عليه إظهار الاستياء من أمر مُكدّر.
ولمحكمة الموضوع أن تتعرف على شخص من وجه إليه السب من عبارات السب وظروف حصوله والملابسات التي اكتنفته إذا احتاط الجاني فلم يذكر اسم المجني عليه صراحة في عباراته ومتى استبانت المحكمة من كل ذلك الشخص المقصود بالذات فلا تجوز إثارة الجدل بشأن ذلك لدى محكمة النقض.
ولا يشترط القانون للعقاب على السب أو القذف أن يحصل في مواجهة المجني عليه بل إن السب إذا كان معاقباً عليه متى وقع في حضرة المجني عليه فإنه يكون من باب أولى مستوجباً للعقاب إذا حصل في غيبته.
- ومن أمثلة السب الذي ينشر على صفحات " الفيس بوك " ورسائل التليفونات المحمولة : وذلك مما يشيع من خلال القضايا المنظورة بالمحاكم الاقتصادية:
(*) ما نشره مدرس على صفحته من أن مدير المدرسة مهمل ولا يقوم بأداء واجبات وظيفته وأنه مهرج ويهدر كرامة الوظيفة.
(*) اتهام كاتب بأن خياله محدود وما يكتبه تخريفاً وليس إبداعاً.
(*) ما نسبه طالب جامعي على خلاف سياسي مع آخر من أن الأخير كلب من كلاب حزب كذا.
(*) ما ورد برسالة محمول من عبارة أنت واطي" أو "رد يا حقير".
(*) ما أرسله المتهم لآخر من أنه شاهد زوجة الأخير مع رجل في بلكونة مسكنه.
- العنصر الثالث - أن يكون ارتكاب السب بالتليفون:
والمقصود بارتكاب الفعل الإجرامي بطريق التليفون أن يكون التليفون هو الوسيلة التي بواسطتها يقوم الجاني بإذاعة سبه للمجني عليه وتقع الجريمة سواء كان المستمع إلى التليفون هو المجني عليه شخصياً أو أحداً غيره لأنه لا يشترط أن يتم الطعن في حضور المجني عليه فإذا كان المتلقي للسب في حق المجني عليه شخص آخر غير المجني عليه تحول ذلك المستمع إلي شاهد إثبات ضد الجاني.
وإذا وقعت الجريمة بطريق التليفون فلا عبرة باللغة التي تم بها الطعن في العرض ولا بالمكان الذي تحدث منه الجاني بالتليفون ويجوز أن تثبت الجريمة ضد الجاني بشهادة الشهود الذين يكونوا تواجدوا مع المجني عليه أو المتهم لحظة إجرائه الاتصال التليفوني وسماعهم لعبارات السب.
- الركن المعنوي:
جريمة السب جريمة عمدية ومن ثم فهي لا تتم إلا إذا توافر فيها القصد الجنائي والقصد الجنائي في جرائم السب والاهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
وكذلك إذا كانت المطاعن الصادرة من الشاب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار فيكون علمه عندئذ مفترضاً.
واستظهار القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علنا بالمجني عليه يكون قد دل علي سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب.
والألفاظ متى كانت دالة بذاتها على معاني السب والقذف وجبت محاسبة كاتبها عليها بصرف النظر عن البواعث التي دفعته لنشرها فإن القصد الجنائي يتحقق في القذف والسب متى أقدم المتهم على إسناد العبارات الشائنة عالما بمعناها .
وإذا كانت العبارات المنشورة كما يكشف عنوانها وألفاظها وما أحاط بها من علامات وصور دالة على أن الناشر إنما رمي بها إلى إسناد وقائع مهينة إلي المدعية بالحقوق المدنية هي أنها تشتغل بالجاسوسية لمآرب خاصة وتتصل بخائن يستغل زوجته الحسناء وأنه كان لها اتصال غير شريف بآخرين فإن إيراد تلك العبارات بما اشتملت عليه من وقائع مقذعة يتضمن بذاته الدليل على توافر القصد الجنائي.
- وجوب اشتمال الحكم على الألفاظ:
والحكم الصادر بالإدانة في جريمة السب العلني يجب لصحته أن تشتمل بذاته على بيان ألفاظ السب التي بني قضاءه عليها حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وكل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده لواقعة الدعوى واقتصر على الإحالة على ما ورد في عريضة المدعي بالحق المدني دون أن يبين العبارات التي عدها سباً فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه.
كما يجب عليها تعيين المكان المدعي بوقوع السب فيه أو وسيلة وقوعه ولا يصح أن يكتفي الحكم في إيراد ألفاظ السب بقوله إنها الواردة بالمحضر لأن هذا مانع من إمكان تقديرها ولا يكتفي في تعيين المكان المدعى بوقوع السب فيه بذكر أنه بدائرة قسم كذا لأن هذا البيان لا يمكن من معرفة صفة هذا المكان العام هو فتكون العلانية متوفرة أم خاص فلا تكون.
- السب الموجه إلى موظف عام بالتليفون:
أولاً - السب الموجه إلي موظف عام ومن في حكمه:
نصت المادة 185 عقوبات على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه كل من سب موظفاً عاماً أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وذلك مع عدم الإخلال بتطبيق الفقرة الثانية من المادة 302 إذا وجد ارتباط بين السب وجريمة قذف ارتكبها ذات المتهم ضد نفس من وقعت عليه جريمة السب".
والفقرة الثانية من المادة 302 نصت على أنه ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه ولسلطة التحقيق أو المحكمة بحسب الأحوال أن تأمر بإلزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق أو مستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال. ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة بالفقرة السابقة".
ويتعين التنويه إلي أن سب الموظف العام ومن في حكمه يمكن أن يقع بطريق التليفون إذا ما تم الاتصال بالموظف العام ونعته بما يعد نيلا من شرفه واعتباره أو الصاق عيب به أو إرسال مثل هذه الألفاظ والعبارات من هاتف ذكي أو كومبيوتر أو أي جهاز من أجهزة الاتصالات علي صفحة من صفحات التواصل الاجتماعي أو إرسالها له أو لغيره على البريد الخاص دون تمييز أو عبر رسالة قصيرة (sms) أو على أي موقع من مواقع الانترنت. وإذا توافر هذا الظرف وهو وجود صفة معينة فيمن تم سبه وهي الموظف العام أو من في حكمه فإن العقاب يكون مشدداً عن عقاب السب البسيط لآحاد الناس متى توافرت الصلة بين السب من ناحية وبين الوظيفة العامة أو النيابة العامة أو الخدمة العامة من ناحية أخرى.
ثانيا - السب المتضمن طعناً في الأعراض أو خدشا لسمعة العائلات :
إذا تضمن السب طعناً في عرض الموظف العام ومن في حكمه أو خدشاً لسمعة عائلته كان ذلك ظرفاً مشدداً وتشدد العقوبة عنه في السب البسيط ونحيل في شأن بيان العرض وسمعة العائلات لما سبق إيضاحه في شرح جريمة القذف.
-
- أسباب الإباحة في السب بالتليفون:
- ملاحظة :
إن أسباب الإباحة في القذف ضد موظف عام ومن في حكمه والمتقدم ذكرها تتقارب مع أسباب الإباحة في السب ذلك أن الجريمتين يمثلان اعتداء على الشرف والاعتبار.
فلا يباح السب في هذه الحالة إلا إذا كان مقصوداً به الصالح العام ولكنها في السب تكون أضيق نطاقاً لأنه لا يتم من خلاله إسناد وقائع محددة تستوجب العقاب قانوناً أو الاحتقار ويكون الكشف عنها لازماً لمصلحة المجتمع.
1 - سب الموظف العام ومن في حكمه:
أباحت المادة 185 عقوبات سب الموظف العام ومن في حكمه بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وذلك إذا وجد ارتباط بين السب وجريمة قذف ارتكبها نفس المتهم ضد نفس الموظف العام الذي وقعت عليه جريمة السب ومؤدي ذلك أن المشرع أباح السب في هذه الحالة إذا توافر بينه وبين القذف ارتباط أي أنه لا يبيح السب في ذاته وإنما يبيحه من أجل صلته بالقذف.
وقد أباح المشرع ذلك لكي يتمكن المتهم من الكشف عن الوقائع ذات الأهمية الاجتماعية التي يعني المجتمع إثبات حدوثها فيوقع الجزاء على المسئول عنها.
شروط السب ضد الموظف العام ومن في حكمه:
موجب الإباحة المقرر بالفقرة الثانية من المادة 302 عقوبات محل تطبيقه طبقاً للمادة 185 عقوبات هو أن يوجد ارتباط بين السب وجريمة قذف ارتكبها ذات المتهم ضد نفس من وقعت عليه جريمة السب.
فإن السب لا يجوز فيه الإثبات إلا إذا كان مرتبطاً بجريمة قذف وقعت من المتهم ضد المجني عليه ذاته.
ومن ثم فإن أول شروط إباحة السب ضد موظف عام ومن في حكمه هو أن تصدر عن المتهم بالسب جريمة قذف ويقوم الارتباط بينهما وأن يكون المجني عليه في السب هو نفس المجني عليه في السب المرتبط بهذا القذف وثانياً أن تتوافر صفة المجني عليه كموظف عام أو ذا صفة نيابية أو مكلف بخدمة عامة وأن يكون السب والقذف المرتبطين متعلقان بأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة ثم ثالثاً أن تتوافر حسن النية ونحيل في بيان ذلك إلى ما ذكرناه بشأن إباحة القذف ضد الموظف العام ومن في حكمه.
والقاضي هو الذي يحدد مدى وجود ارتباط بين سب الموظف العام وقذفه فإذا وجد أن هذا الارتباط غير متوافر فتنتفي إباحة سب الموظف أو إذا اختلف الجاني أو المجني عليه.
2 - السب استعمالا لحق الدفاع :
وفقا لنص المادة 309 عقوبات لا تسري أحكام السب المبينة بالمادة 306 على ما يسنده أحد الأخصام لخصمه في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم.
وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه فيستوي أن تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه.
ذلك أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة".
وبالتالي فإن لفظ "اخرس" الذي وجهه الطاعن إلى المطعون ضده في تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفا له عن غلوائه في اتهامه هو بما يجرح كرامته ويصمه في اعتباره يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه والمساق الطبيعي الذي ورد فيه ومن ثم فإن الحكم إذ اعتبر ما تلفظ به الطاعن سباً يكون قد مسخ دلالة اللفظ كما أورده فضلا عن خطئه في التكييف القانوني.
فيشترط لهذه الإباحة إذن أن يكون المتهم والمجني عليه خصمين في الدعوى وأن تكون عبارات السب من مقتضيات الدفاع ومستلزماته وأن يتوافر حسن النية على نحو ما أوضحنا سلفاً بصدد جريمة القذف في صفة يخلعها عليه ويكون من شأنها توضيح هذه الوقائع أو تحديد معالم شخصية المجني عليه فيما يختص بهذه الوقائع كما لو وصف خصمه بأنه "مرابي" وكان ذلك في صدد نزاع على فوائد ربوية بينهما.
- السب استعمالاً لحق النقد :
حق النقد عرفته محكمة النقض بأنه إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه.
والنقد المباح هو الذي يقصر فيه الناقد نظره على أعمال من ينقده ويبحث فيها بتبصر وتعقل دون مساس بشخصه أو بكرامته فمهما كان الباعث على النقد في الصحف مرتبطا بالصالح العام فإن سوء النية إذا ثبت توافره لدى الناقد كان في حد ذاته كافياً ومبرراً للعقاب.
وحق النقد يبح استعمال عبارات سب إذا توافرت الشروط التي يقوم بها هذا الحق وقد بيناها بمناسبة الحديث عن إباحة القذف فيتعين أن يكون الرأي الذي قال به المتهم قد ورد في شأن له فائدة بالنسبة للمجتمع وألا يستعمل الناقد ألفاظاً جارحة أو بذيئة لا يقتضيها المقام وأن يكون حسن النية أي معتقداً صحة الرأي الذي أبداه وأن يستهدف به مصلحة عامة.
فيجب في الرأي أن يلتزم العبارة الملائمة والألفاظ المناسبة للنقد والجاني إذا استعمل العبارات الماسة بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فلا محل هنا للتحدث عن النقد المباح .
فالكاتب الذي ينسب لسفير دولة مسلمة الحط من كرامة دولته وعدم مراعاة حرمة الدين بتعاطيه الخمر في الحفلات الرسمية يكون مرتكباً لجريمة السب المتعمد الذي يحمل في ذاته سوء القصد.
فإذا كان المقال محل الدعوى قد اشتمل على إسناد وقائع للمجني عليه هي أنه مقامر بمصير أمة وحياة شعب وأن التاريخ كتب له سطوراً يخجل هو من ذكرها وأنه تربي علي موائد المستعمرين ودعامة من دعامات الاقتصاد الاستعماري الذي بناه اليهود بأموالهم وأنه أحد الباشوات الذين لا يدرون مصيرهم إذا استقل الشعب وتولت عنهم تلك اليد التي تحمي مخازيهم يد الإنجليز التي يهمها وجود هؤلاء الزعماء على رأس الحكومات في مصر وغيرها من الدول المنكوبة وأنه يسافر إلى بلاد الإنجليز ليمرغ كرامة مصر في الأوحال وليخترع نوعا من التسول هو الاستجداء السياسي فإنه يكون مستحقاً لعقوبة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات إذ أن عباراته تشتمل علي نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من نسبت إليه قانونا أو احتقاره عند أهل وطنه ومن الخطأ اعتبار هذا المقال نقدا مباحا لسياسة المجني عليه وقع بحسن نية دون أن يكون المتهم قد تمسك بأنه إنما كان ينتقد أعمال المجني عليه (وهو موظف) بسلامة نية ويقدم على كل واقعة من تلك الوقائع ما يثبت صحتها.
ولا يعد من النقد المباح التعرض لأشخاص النواب والطعن في ذممهم برميهم بأنهم أقروا المعاهدة المصرية الإنجليزية مع يقينهم أنها ضد مصلحة بلدهم حرصاً على مناصبهم وما تدره عليهم من مرتبات بل إن ذلك يعد إهانة لهم طبقاً لقانون العقوبات.
- القذف والسب علنا عبر الإنترنت أو وسائل الإعلام :
سبق الحديث عن القذف والسب بطريق التليفون (المادة 308 مكررا / 1 ، 306 من قانون العقوبات) وهاتان الجريمتان لا يتطلب فيهما القانون علانية لأن التليفون بطبيعته وسيلة للاتصال ذات طابع سري فهما قذف وسب غير علنيين اعتبرهما القانون في حكم القذف العلني والسب العلني ونحيل في بيان أركانهما إلي ما سبق بيانه بشأن القذف والسب بالتليفون.
أما القذف العلني فقد نصت عليه المادة 302 عقوبات وهو إسناد أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه.
والسب العلني نصت عليه المادة 306 عقوبات فهو لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار.
وقد سبق بيان أركان كل من الجريمتين المذكورتين على نحو ما ورد في دراسة جريمة القذف وجريمة السب بواسطة التليفون.
وما يثور الآن بشأن القذف العلني والسب العلني هو هل يتحقق هذا القذف وهذا السب بواسطة الانترنت أو بصيغة أخري هل يعتبر الإنترنت من إحدى وسائل العلانية التي عناها الشارع بنص المادة 171 من قانون العقوبات.
- ماهية العلانية :
بينت المادة 171 من قانون العقوبات صورا للعلانية وهي القول أو الصياح الذي يتم الجهر به علنا أو فعل أو إيماء صدر علناً أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخري من طرق التمثيل كانت علنية أو بأية وسيلة أخري من وسائل العلانية.
إذن فإن المقصود بالعلانية الجهر والإظهار والإذاعة والانتشار أي كل ما يؤدي إلي اتصال علم الجمهور دون تمييز بأمر ما، وقد استقرت أحكام النقض علي أن تتوافر العلانية التي يقتضيها القانون في مواد القذف والسب وهذه الطرق لم تعين في تلك المادة (171 عقوبات) على سبيل الحصر بل ذكرت على سبيل البيان فالعلانية قد تتوافر بغير الوسائل المعينة المعرفة فيها ولكن بمقتضى أحكام القانون العامة يجب لتوافر هذا الركن أن يثبت في كل حالة أن المتهم قصد الإذاعة وأن ما قصد إذاعته أذيع فعلاً بين أناس غير معينين وغير معروفين له.
ويكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف في حق موظف عمومي أن يصل المكتوب إلى عدد من الناس ولو كان قليلا بتداول نسخة واحدة متى كان ذلك نتيجة حتمية لعمل القاذف.
والعلانية في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز وثانيهما انتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلي عدد من الناس ولو كان قليلاً سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه أم بوصول عدة نسخ أو صور منها ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم.
فالعلانية إذن تتوافر بغير الوسائل المعينة المعرفة في بالمادة 171 عقوبات وإنما تثبت كلما كان الفاعل قد قصد الإذاعة وأن ما قصد إذاعته أذيع فعلاً بين أناس غير معينين وغير معروفين له ووقوع الإذاعة فعلا بتداولها بين أيد مختلفة متي وصلت إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً ولو بتداول نسخة واحدة مما قصد إذاعته متى كان ذلك نتيجة حتمية لعمل الفاعل وعلة العلانية أنها وسيلة علم أفراد المجتمع بعبارات القذف أو السب كما أنها شرط لتصور إخلالها بالمكانة الاجتماعية للمجني عليه. ولذلك، فإننا نري أن العلانية تتحقق في القذف والسب الذي يحصل عبر شبكة الإنترنت فالقذف والسب قد يكون كتابيا أو بواسطة مطبوعات أو صوتياً أو بطريق الفيديو وتتحقق فيه العلانية من خلال إذاعته على عدد غير محدود من الناس دون تمييز ولو كان قليلاً.
ولما كانت تقنيات الإنترنت تتيح نقل الكتابة والصوت والصورة والرسوم والمطبوعات من مستخدم لآخر في أي مكان في العالم فإن العلانية يمكن تحققها من خلال الانترنت متى استطاع أي شخص دون تمييز مشاهدة ما تم نشره على هذه الشبكة.
كما نرى أن صياغة المادة 171 عقوبات تتيح اعتبار شبكة الانترنت من طرق العلانية فقد أردفت المادة بعبارة "أو بأية وسيلة أخري من وسائل العلانية فالمشرع بعد أن عدد صوراً للعلانية وذكر منها " بقول أو صياح جهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخري من طرق التمثيل جعلها علنية" أضاف عبارة أو بأية وسيلة أخري من وسائل العلانية" ليدخل الانترنت في هذه الصور السابقة والتي بينتها المادة على سبيل البيان لا الحصر وذلك إعمالاً لصراحة النص وإعمالاً لقواعد التفسير القانوني التي تقضي بأنه لا اجتهاد مع صراحة النص كما أنه لا يجوز تخصيص النص طالما ورد عاماً أو تقييده متى ورد مطلقاً.
ومن ناحية أخري فإن الاعتبارات العملية تقتضي الأخذ بالتفسير السابق للمادة 171 من قانون العقوبات في ظل تعاظم دور شبكة الإنترنت في حياتنا.
ومن الوقائع التي شغلت الرأي العام في مصر ما عُرف باسم "فتاة المول" حيث كانت قد انتشرت علي الساحة الإعلامية قصة أسماها الإعلام " فتاة المول" وهي فتاة تعرضت للتحرش أثناء تواجدها في أحدي المولات بمصر الجديدة وامتلأت برامج " التووك شو " بالحديث عن تفاصيل القصة ما بين استضافة للفتاة والمداخلات الهاتفية.
وبدأت هذه القصة عندما تداول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" فيديو في أحد المولات التجارية بمصر الجديدة لشاب يعتدي بالضرب المبرح على فتاة وسط تدخلات من المارة وأمن المول وسب الفتاة له دون تبين حقيقة ما حدث .
واستضافت إحدى الإعلاميات الفتاة التي تعرضت للاعتداء لتروي تفاصيل التحرش بها خلال برنامج يسمى صبايا الخير" المذاع على شاشة قناة "النهار".
وشرحت الفتاة ما حدث حيث تتبعها أحد الأشخاص أثناء دخولها "المول" وعرض عليها الذهاب معه لمنزله ولكنه صفعها بعد أن رفضت طلبه.
وانتقدت مذيعة البرنامج حديث الفتاة وعرضت لها على الشاشة صوراً من الحياة الخاصة لها حيث ظهرت في صورة حال قيام شخص بحملها وهي ترتدي مايوه وأضافت المذيعة أنها تمتلك صوراً كثيرة للفتاة وعلقت على الواقعة بعبارات تنال من شرف واعتبار الفتاة مثل " لو حقبل أتشال بمايوه بالطريقة دي، حقبل إن حد يعاكسني" وأضافت أن لديها صوراً أخري للفتاة في غرفة نومها.
ولكن المجني عليها قالت إن مذيعة البرنامج سرقت 600 صورة شخصية جداً من تليفونها المحمول أثناء تصوير اللقاء معها حيث تحصل أحد العاملين بالبرنامج على تليفونها المحمول بدعوى إعادة شحنه.
تقدمت الفتاة بشكواها ضد المذيعة التي بررت ذلك بأن هذه الصور تعتبر صوراً عامة بحسبان أن الصورة التي تم نشرها على شاشة التلفاز تم تصويرها على البحر.
قيدت الواقعة برقم 25296 لسنة 2015 جنح قسم الجيزة بتهمة السب والتعدي على حرمة الحياة الخاصة وقضت المحكمة بحبس المذيعة سنة ونصف وبتغريمها عشرة آلاف جنيه.
- العلانية عن طريق البريد الالكتروني:
عندما يرسل الفاعل عبارة القذف أو السب إلي شخص آخر فإنها تنتقل من كمبيوتر المرسل عبر خط تليفون أرضي يربط الكمبيوتر بالإنترنت أو عبر تليفون ذكي مربوط بشبكة الإنترنت بواسطة شريحة خط تليفون محمول إلى الكمبيوتر الخادم الذي يوجد به صندوق بريد المرسل ثم تنتقل إلي أي كمبيوتر خادم آخر يكون فيه صندوق بريد المرسل إليه حيث يستطيع الأخير قراءة الرسالة فإذا ما شاهد الرسالة أحد لدي إرسالها من جانب المرسل أو لدى قراءتها من جانب المرسل إليه أو قام المرسل بإرسالها إلي عدد كبير أو قليل من البريد الالكتروني لأشخاص آخرين دون تمييز فإن الإذاعة وهي مناط العلانية تكون قد تحققت سواء أكانت الرسالة كتابية أو صوتية أو فيديوية أو رسما أو صورة كاركاتورية أو فوتوغرافية تعبر عن معنى يتضمن معنى الاحتقار أو معنى تتوافر فيه أركان جريمة أخري.
العلانية عن طريق النشر في الصحف والمجلات الالكترونية :
لقد أصبحت الصحف والمجلات الإلكترونية شائعة على شبكة الإنترنت ويمكن لأي شخص النشر على صفحاتها فإذا ما أرسل الفاعل ما يتضمن قذفاً أو سباً في حق آخر إلى هذه الصحف أو المجلات الالكترونية فإن إذاعة ما أرسله تكون قد تحققت نظراً لاطلاع الناس دون تمييز على هذه الصحف والمجلات التي تتخذ لها مواقع على شبكة الإنترنت.
- العلانية عن طريق النشر على مواقع شبكة الويب:
يستطيع كل شخص إنشاء موقع له على شبكة الانترنت سواء كان باسمه أو باسم مستعار أو حتى باسم المجني عليه وينسبه زورا إليه وهذه الشبكة تتيح لأي شخص الاطلاع على المعلومات المخزنة عليها والتي قام المستخدمون بوضعها فإذا ما قام شخص بتخزين أية مادة كتابية أو صوتية أو فيديوية أو كاركاتورية، الخ، على موقع من هذه المواقع تتضمن قذفاً أو سباً في حق آخر فإنه يكون لأي مستخدم لشبكة الإنترنت الاطلاع عليها ومن ثم فإن إذاعة هذه المادة تكون قد تحققت وبالتالي قد تحققت العلانية لأن مواقع الويب الشخصية تؤدي إلي الاستعمال الجماعي متى حصل المستخدم على عنوان الموقع من خلال أي محرك بحث مثل جوجل وغيره من محركات البحث المتعددة.
- العلانية عن طريق غرف الدردشة :
وغرف الدردشة تتيح لمن يستخدمها أو ينضم إليها الاشتراك في محادثات بين بعضهم البعض كتابة فإذا ما قام أحدهم بالسب أو القذف في حق شخص من المشتركين في الغرفة تحققت العلانية.
- العلانية من خلال التليفون المحمول :
وهي تتحقق إذا ما قام الفاعل بإرسال المادة المتضمنة قذفا أو سبا في حق شخص ما إلى شبكة الإنترنت سواء إلى البريد الإلكتروني أو أحدي صفحات التواصل الاجتماعي أو غرف المحادثة أو المواقع بحيث يراها او يسمعها أو يقرؤها الناس دون تميز كثر عددهم أو كان قليلاً. (موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 238)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 272 .
(مادة 557)
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة ، أو بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه إذا وقع القذف أو السب بغیر إستفزاز في مواجهة المجني عليه ، وبحضور غيره .
وتكون العقوبة الغرامة السابقة وحدها ، إذا وقعت الجريمة بغير إستفزاز في مواجهة المجني عليه ودون حضور أحد غيره ، أو وقعت الجريمة بطريق الهاتف .
وتضاعف العقوبات السابقة إذا توافر أحد الظروف المنصوص عليها في المادة (554) من هذا القانون.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع والعشرون ، الصفحة / 16
الْقَذْفُ:
امْتَازَتْ صِيغَةُ الْقَذْفِ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الصِّيَغِ بِمَجِيءِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ فِيهَا، فَالْقَذْفُ الصَّرِيحُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صَرَاحَتِهِ مِنْ قِبَلِ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ: زَنَيْتَ، أَوْ يَا زَانِي، أَوْ لاِمْرَأَةٍ: زَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِيَةَ فَهَذِهِ الأْلْفَاظُ لاَ تَحْتَمِلُ مَعْنًى آخَرَ غَيْرَ الْقَذْفِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ مِنَ النُّونِ وَالْيَاءِ وَالْكَافِ، وَكَذَا كُلُّ لَفْظٍ صَرِيحٍ فِي الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَذْفًا إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ وَصْفُ الْحُرْمَةِ، وَكَذَا نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْ أَبِيهِ بِقَوْلِهِ: لَسْتَ لأِبِيكَ.
وَمِنْ صَرِيحِ الْقَذْفِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ: الرَّمْيُ بِالإْصَابَةِ فِي الدُّبُرِ كَقَوْلِهِ: لُطْتَ، أَوْ لاَطَ بِكَ فُلاَنٌ، سَوَاءٌ خُوطِبَ بِهِ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ. وَأَمَّا الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ فَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ قَذْفٌ إِنْ قُلْنَا: يُوجِبُ الْحَدَّ، وَإِلاَّ فَلاَ.
وَأَمَّا الْكِنَايَةُ: فَكَقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ: يَا فَاجِرُ، وَلِلْمَرْأَةِ: يَا خَبِيثَةُ.
وَأَمَّا التَّعْرِيضُ: فَكَقَوْلِهِ: أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَحَلُّهُ (قَذْفٌ).