loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- مفاد نص المادة 324 مكرراً من قانون العقوبات أن مناط التأثيم فى جريمة الإمتناع عن دفع المستحق عن تناول أطعمة ومشروبات فى محل معد لذلك- كيما يكون مرتكبه مستأهلا للعقاب أن يكون هذا الإمتناع بغير مبرر لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على التحقيقات التى أجرتها محكمة أول درجة أن الطاعن أثبت على الفاتورة المقدمة إليه من الفندق الذى جرى تناول الأطعمة والمشروبات فيه ما يفيد مجادلته بشأن العدد الذى حضر الحفل ونوعيه الخدمات التى فدمت لهم ومدى استحقاق الضريبة التى تضمنتها الفاتورة باعتبار أن الحفل لجمعية خيرية لا يستحق علية مثلها ولما كان ما أثاره الطاعن وأثبته على هذه الفاتورة علي النحو المتقدم يثير منازعة جدية بشأن المستحق للفندق، وكان الحكم المطعون فيه لم يمحص هذه المنازعة ويستظهر ما إذا سداد ما عساه يكون مستحقا مقابل ما تناوله من زادوا عن عدد الأشخاص المتفق عليهم بين الطاعن والفندق، كما خلا من بيان قيمة المستحق عن هذه الزيادة، إذا ما ثبت إستحقاقها فإنه يكون قاصراً عن بيان التهمة بعناصرها القانونية كافة.

(الطعن رقم 18143 لسنة 59 جلسة 1993/12/14 س 44 ع 1 ص 1131 ق 177)

شرح خبراء القانون

الامتناع عن دفع ثمن الطعام والشراب أو أجر الفندق أو سيارة النقل

تمهيد : نص الشارع على هذه الجريمة في المادة 324 مکرراً من قانون العقوبات في قولها « يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتناول طعاماً أو شراباً في محل معد لذلك ولو كان مقيماً فيه أو شغل غرفة أو أكثر في فندق أو نحوه أو استأجر سيارة معدة للإيجار مع علمه أنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجرة أو امتنع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ذلك أو فر دون الوفاء به .

يتناول هذا النص فروضاً ثلاثة : في أول هذه الفروض تناول المتهم طعاماً أو شراباً في محل معد لذلك وفي ثانيها شغل غرفة أو أكثر في فندق وفي ثالثها استأجر سيارة معدة للإيجار ويعاقب الشارع في هذا النص على أفعال ثلاثة تناول الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو استئجار السيارة مع العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة والامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ذلك والفرار دون الوفاء بالمستحق والفعلان الأول والثالث إيجابيان والفعل الثاني سلبي وهذه الجريمة في جميع فروضها عمدية .

علة التجريم :

أفصحت المذكرة الإيضاحية للنص عن علة التجريم الذي يقرره في قولها : «لما كان أصحاب الفنادق ومحال الطعام والشراب وأصحاب السيارات لا تسمح لهم طبيعة أعمالهم بأن يطالبوا عملاءهم مقدماً بالثمن أو الأجرة ولولا ثقة منهم في العملاء لما قدموا لهم شيئاً ما أو خدمة ما قبل أداء الثمن أو مقابل الخدمة لذلك كان لابد من تدخل المشرع لحمايتهم لما يترتب على فعل أولئك العملاء من أضرار فضلاً عن مجافاته لمبادئ الأخلاق والسلوك » ونجمل علة التجريم بالقول إن هذا النص يهدف إلى حماية حقوق أصحاب المحال العامة الذين يقدمون إلى عملائهم الطعام أو الشراب أو أماكن النوم ومؤجري السيارات إذ أن عرف المعاملات لم يجر بأن يطالبوهم بأداء الثمن أو الأجر مقدماً فثمة ثقة اضطرارية يضعونها فيهم وينبغي أن يحمي القانون هذه الثقة وليست الوسائل التي يقررها القانون المدني مجدية في تحقيق هذه الحماية فالغالب أن يكون العميل معسراً أو يستطيع الفرار دون أن تكون لدى المجني عليه الوسيلة لمعرفة المكان الذي ذهب إليه  ومن ناحية ثانية فإن الفعل الذي يجرمه هذا النص لا تقوم به جريمة سرقة أو نصب .

أركان الجريمة : 

تتطلب هذه الجريمة ركناً مادياً قوامه أحد أفعال ثلاثة حددها الشارع وتتطلب بعد ذلك ارتكاب الفعل في مكان معين أو تعلقه بموضوع معين وتتطلب توافر القصد الجنائي .

الركن المادي :

يقوم الركن المادي لهذه الجريمة على أحد أفعال ثلاثة : تناول طعام أو شراب أو شغل غرفة أو استئجار سيارة مع العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة أو الامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ذلك والفرار دون الوفاء به .

تناول طعام أو شراب أو شغل غرفة أو استئجار سيارة مع العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة يفترض هذا الفعل أن المتهم قد طلب الطعام أو الشراب أو طلب شغل الغرفة أو استعمال السيارة فأجيب إلى طلبه واستهلك أو انتفع بما قدم إليه ويعني ذلك أن الفعل يقوم على عنصرين الطلب ثم الاستهلاك أو الانتفاع أما العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة فهو ألصق بالركن المعنوي للجريمة .

يتعين أن يكون المتهم قد طلب الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو استعمال السيارة ذلك أن هذا الطلب هو الذي ينطوي ضمناً على وعد بأداء الثمن أو الأجرة في حين أنه يعلم باستحالة ذلك وفي ذلك ما يحقق معنى الخداع الذي تفترضه الجريمة  ولكن ليس بشرط أن يكون الطلب صريحاً فالطلب الضمني كافي كما لو اتخذ المتهم مكاناً في مطعم أو مقهى على نحو يفهم به الشخص المعتاد الرغبة في استهلاك طعام أو شراب أما إذا قدم الطعام أو الشراب أو الغرفة أو السيارة دون طلب من المتهم فالفرض أن ذلك كان على سبيل الضيافة أو الإحسان فلا تقوم بذلك جريمة ولو كان من قدمه ينتظر مقابلاً أو مكافأة .

ويتعين أن يكون المتهم قد استهلك الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو استعمل السيارة وهذا العنصر مستخلص من تعبير الشارع « تناول طعاماً أو شراباً أو شغل غرفة أو استأجر سيارة » وتطبيقاً لذلك فإنه إذا طلب العميل الطعام أو الشراب فأعده له صاحب المطعم أو المقهى ووضعه تحت تصرفه فهو لم يرتكب بعد هذه الجريمة على الرغم من ثبوت استحالة أدائه الثمن أو الأجرة ويطبق الحكم ذاته إذا وضع المجني عليه الغرفة أو السيارة تحت تصرف المتهم ولم يكن قد شغلها أو استعملها بعد ويتعين أن يكون الاستهلاك بالنسبة للطعام أو الشراب فورياً أي في المحل العام الذي قدم فيه وبناء على ذلك فإن الجريمة لا تقوم بإرسال صاحب مطعم أو مقهى طعاماً أو شراباً إلى مسكن عميل کي يستهلكه فيه ولكن الشارع لا يتطلب أن يكون الاستهلاك كلياً فإذا استهلك العميل جزءاً من الطعام أو الشراب وهو يعلم أنه يستحيل عليه أداء ثمنه فإن الجريمة تقوم إذا توافرت سائر أركانها .

الامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ثمن أو أجره : يتخذ الفعل الإجرامي في هذه الحالة صورة سلبية إذ هو محض امتناع ويتعين أن تتوافر للامتناع عناصره فالفرض أن المتهم يستطيع الدفع ويجب عليه ذلك وهو ما عناه الشارع بقوله أن « الامتناع بغير مبرر » فاستطاعة الدفع تميز هذه الحالة عن الحالة السابقة والعبرة باستطاعة الدفع في الحال ويعتبر الامتناع بغير مبرر إذا لم يكن ثمة سند قانوني يحتج به المتهم في امتناعه فإذا كان العميل دائناً لصاحب المطعم أو المقهى أو الفندق أو السيارة فاحتج بالمقاصة أو ثار بينهما نزاع على الحساب أو على نوعية ما استهلكه أو انتفع به فامتنع عن دفع ما قدر أنه يزيد على المستحق فهو ألا يرتكب الجريمة  ويفترض القصد الجنائي في هذه الحالة علم المتهم بانتفاء المبرر للامتناع عن الدفع وإرادة الامتناع .

الفرار دون الوفاء بما استحق من ثمن أو أجرة : يتخذ الفعل في هذه الحالة صورة إيجابية والفرض فيها أن المتهم يستطيع الوفاء ولكنه يفر دون ذلك وسواء أن يتسلل أو أن يفر عنوة وهو ما يعني أنه يستوي أن يلحظ المجني عليه فراره أو أن يغفل عن ذلك وإذا لاحظ ذلك فسواء أن يحاول منعه أو أن يسكت خشية بطشه ويفترض القصد الجنائي في هذه الحالة علم المتهم وقت فراره بأنه لم يدفع ما استحق عليه وإرادته الفرار.

المحل العام أو الفندق أو السيارة المعدة للإيجار يتطلب الركن الثاني للجريمة أن يرتكب الفعل في حالة تناول الطعام أو الشراب فی محل عام معد لذلك أي مطعم أو مقهى عام وأن يرتكب في حالة شغل غرفة في فندق أو نحوه وأن يتعلق في حالة استئجار سيارة بسيارة معدة للإيجار ويشير هذا الركن في الحالتين الأوليين إلى مكان ارتكاب الفعل ويشير في الحالة الثالثة إلى الموضوع الذي ينصب عليه وهذا الركن مستمد من علة التجريم إذ أن أصحاب هذه المحال أو السيارات هم الذين يفرض عليهم عرف المعاملات الثقة فيمن يرتادون ومحالهم وتقديم سلعهم أو خدماتهم إليهم دون اقتضاء الثمن أو الأجر مقدماً .

ويراد بالمحل المعد لتناول الطعام أو الشراب أو الفندق ونحوه كل محل معد لاستقبال الناس بغير تمييز وتقديم الطعام أو الشراب أو مكان النوم إليهم نظير مقابل نقدي ويستوي الاسم الذي يطلق عليه لغة أو عرفاً والأسلوب الذي يتبعه في تقديم خدماته تطبيقاً لذلك فإن الجريمة لا تقوم بفعل من ينزل لدى أحد الأفراد ويسأله تقديم مكان للنوم أو طعام أو شراب ثم يمتنع عن دفع الأجر أو الثمن الذي وعد بأدائه ولا تقوم الجريمة كذلك بفعل من يحصل على طعام أو شراب من تاجر لم يعد محله ليكون مطعماً أو مقهى ويستهلك ما قدم إليه ثم يتسلل دون دفع الثمن.

وتعتبر السيارة معدة للايجار إذا جاز لكل شخص استعمالها كوسيلة نقل نظير أجر نقدي وسواء أن يحدد هذا الأجر مقدماً بناء على تعريفة رسمية أو خاصة أو بناء على اتفاق بين مالك السيارة ومستأجرها والفرض في السيارة أنها وسيلة نقل برية فلا يخضع للنص من استأجر وسيلة نقل نهرية أو بحرية أو جوية ثم ارتكب الفعل الذي يجرمه القانون ولكن الشارع لم يشترط أن تكون السيارة معدة لنقل الأشخاص فيجوز أن تكون السيارة معدة لنقل الأشياء والمثال الواضح لسيارة معدة للإيجار هی سيارة الأجرة الصغيرة أي « التاكسی » بشرط أن يستأجرها المتهم بأكملها وبناء على ذلك نرى أن النص لا ينطبق على من اتخذ لنفسه مكاناً في تاكسي أعده جائزه لنقل أشخاص عديدين نظير أجر يتقاضاه من كل منهم على حدة ومن باب أولى فإن النص لا ينطبق على من اتخذ مكانا في سيارة نقل عامة (الاتوبيس) ففي الحالين لا يصدق عليه أنه استأجر سيارة وإنما هو استأجر مكاناً في سيارة واشتراط الشارع أن تكون السيارة معدة للإيجار يخرج من نطاق النص من يستعمل سيارة خاصة دون حق بنية ردها ومن يوهم سائق سيارة خاصة بأن مالكها يكفله بنقله من مكان إلى آخر.

القصد الجنائي : القصد المتطلب في هذه الجريمة قصد عام  فإذا كان المتهم قد تناول الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو استأجر السيارة وهو يعلم أن يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجر فإن القصد يقوم بالعلم بهذه الاستحالة ويرتبط بهذا العلم اتجاه الإرادة إلى عدم الدفع فينتفى القصد إذا كان المتهم يعتقد أنه قادر على الدفع أي يجهل أنه يستحيل عليه الدفع كما لو تبين له عند مطالبته بالحساب أنه نسى حافظة نقوده في منزله أو أنها قد ضاعت أو سرقت منه ويتعين أن يكون هذا القصد متوافراً لحظة ارتكاب الفعل وتطبيقاً لذلك فإنه لا يسأل عن هذه الجريمة من كان يعتقد وقت تناوله الطعام أو الشراب أنه قادر على أداء ثمنه ثم تبين له عجزه عن ذلك بعد أن فرغ من تناول الطعام أو الشراب .

وإذا كان المتهم قد امتنع بغير مبرر عن دفع ما استحق عليه من ثمن أو أجرة فإن القصد يتطلب علمه بانتفاء المبرر للامتناع واتجاه إرادته إلى هذا الامتناع : فإذا كان يعتقد وجود المبرر للامتناع كما لو اعتقد أنه دائن المجني عليه وأن من حقه أن يدفع تجاهه بالمقاصة فإن القصد ينتفي لديه ولو ثبت فيما بعد أنه لا وجود لذلك المبرر وينتفي القصد كذلك إذا قام خلاف بينه وبين المجني عليه ورفض أداء ما اعتقد أنه يزيد على ما يلتزم به ويفترض القصد في هذه الصورة اتجاه الإرادة إلى الامتناع عن الدفع الفوري ومن ثم ينتفي لدى من اعتقد أن الشخص الذي يصحبه قد دعاه إلى المطعم أو المقهى وأنه سيؤدي عنه ثمن ما استهلك ولكن يعتبر القصد متوافراً إذا ثبت اتجاه إرادة المتهم إلى عدم الدفع فوراً ولكنه كان منتوياً أن يدفع عند حلول أجل .

وإذا كان المتهم قد فر دون الوفاء بالثمن فإن القصد يتطلب علم المتهم وقت فراره أنه لم يدفع الثمن واتجاه إرادته إلى عدم دفعه فلا يتوافر القصد الذي من اعتقد وقت انصرافه من المقهى أو المطعم أن مرافقه قد دفع عنه الثمن ولا يتوافر القصد كذلك لدى من سها عن الدفع وغادر المحل .

عقوبة الجريمة حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر والغرامة التي لا تتجاوز مائتي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين ولم يجعل الشارع هذه الجريمة في حكم السرقة وبناء على ذلك لا تسري عليها الأحكام الخاصة بعقوبة السرقة فلا يعاقب على الشروع فيها ولا تعتبر مماثلة للسرقة في تطبيق أحكام العود ولا توقع عقوبة مراقبة البوليس في حالة العود ولا مجال لتشديد عقوبتها إذا توافر أحد الظروف التي تشدد عقوبة السرقة. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة : 1085)

رکنا الجريمة :

تقوم هذه الجريمة بتحقق ركنين :

الركن المادي :

ويتمثل في أن يقوم الجاني بأحد أفعال ثلاثة :

1- أن يتناول طعاماً أو شراباً في محل معد لذلك ولو كان مقيماً فيه ويعني ذلك أنه يجب أن يكون قد تناول الطعام أو الشراب فعلاً فلا يكفي أن يكون قد طلبه ثم عدل عن طلبه فخرج دون أن يدفع الثمن أو أن يكون قد قدم إليه فعلاً فعافته نفسه ولم يتناوله والفرض أنه قد تناول الطعام أو الشراب بناء على طلبه فإذا كان قد قدم إليه على سبيل التبرع لا تقوم الجريمة.

ويتطلب المشرع فضلاً عن ذلك أن يكون الجاني قد تناول الطعام أو الشراب في محل معد لذلك كمطعم أو مقهى أو نادي أو محل لبيع عصير الفواكه أو المأكولات الخفيفة فإذا طلب الطعام فأرسل له في بيته لا تقوم الجريمة وتقع الجريمة ولو كان من تناول الطعام في المحل المعد لذلك ممن يقيمون في هذا المحل كالحارس والفرض في هذه الحالة ألا يكون تناول الوجبات اليومية عنصراً من عناصر الأجر.

2- أن يشغل غرفة أو أكثر في فندق أو نحوه كبنسيون أو شاليه.

3- أن يستأجر سيارة معدة للإيجار ستوي أن تكون سيارة عامة أو خاصة استأجرها بمفرده أو استأجرها غيره معه.

 الركن المعنوي :

يجب أن يتحقق لدى الجاني قصد اغتيال المال وهو يتخذ أحد مظاهر ثلاثة :

1- أن يكون وقت تناول الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو استئجار السيارة عالماً بأنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجر فإذا تخلف هذا الشرط انتفت الجريمة مثال ذلك أن يتناول الطعام وهو يعلم أن بإمكانه دفع الثمن ثم يتبين عند الدفع أنه قد نسی نقوده في المنزل أو أن حافظة نقوده قد سرقت منه.

2- أن يمتنع بغير مبرر عن دفع ما استحق من الثمن أو الأجر والفرض في هذه الحالة أنه يستطيع الدفع ومع ذلك يمتنع عنه مما يعبر عن قصد اغتيال المبلغ فإذا توافر المبرر لامتناعه عن الدفع انتفت الجريمة كما إذا كان دائناً لصاحب المطعم ودفع بالمقاصة ويستوي أن يكون المبرر قائماً في حقيقة الواقع أو أن يكون الجاني معتقداً توافره .

3- أن يفر الجاني دون الوفاء بالمبلغ المستحق والفرض أن الفرار ينبئ عن توافر قصد عدم الدفع أي قصد اغتيال المبلغ المستحق عليه فإذا كان قد نسى أن يدفع أو اعتقد أن زميله الذي تناول معه الطعام أو الشراب قد قام بالدفع عنه وخرج من المحل لا تقع الجريمة ولو تبين الحقيقة بعد ذلك فلم يعد لدفع الثمن .(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة:   843)

هذه المادة مضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1956 الصادر في 28 مارس 1956 (الوقائع المصرية في أول أبريل سنة 1956 العدد 36 مكرراً) وقد عدلت عقوبة الغرامة فيها بالقانون رقم 29 لسنة 1982 وكانت الغرامة قبل التعديل (لا تتجاوز عشرين جنيها).

 الركن المادي

يتوافر الركن المادي في إحدى صورتين أما اختلاس المال أو اختلاس المنفعة.

 1- اختلاس المال والصورة الطبيعة هنا: هو أن يتناول شخص طعاماً فی مطعم أو شراباً في مقهى أو مشروباً روحياً في حانة ولقد استعمل المشرع عبارة " محل معد لذلك وهي واضحة المراد في أن المقصود بها الأمكنة التي أعدت على نحو خاص بأي شكل لأن يتناول الأفراد فيها أطعمة أو مشروبات لقاء ثمن وقيل بعدم صحة تطبيق النص في حالة ما إذا كان الطعام أو الشراب قدم في نادي خاص لأفراده كالنوادي الاجتماعية أو الرياضية مقابل ثمن ذلك لأنه رغم إطلاق النص فإن روحه تشعر بأنه ينطبق على الأماكن العامة التي يؤمها الجمهور دون تفرقة بين أشخاصهم وتقدم لهم المأكولات والمشروبات ممن امتهنوا ذلك ومن جهة أخرى فإن تخصيص مكان في بعض أبنية المصالح الحكومية لتقدم الطعام والشراب يطبق فيه حكم النص لأن تخصيص مكان بيع الطعام والشراب بمصلحة معينة أو في مبنى معين لاينفي عنه صفة العمومية وحكمة التشريع تتوافر في هذه الصورة وقد جاء بالنص صورة ما إذا تناول الشخص طعاماً أو شراباً في محل معد لذلك ولو كان مقيماً فيه حتى يتناول صورة لإقامة في الفنادق التي تقدم طعاماً في ذات الوقت.

2- اختلاس المنفعة : بموجب المادة 324 مكرراً من قانون العقوبات جعل المشرع من اختلاس المنفعة جريمة في صورتين أوردها وهما شغل غرفة في فندق أو نحوه أو استئجار سيارة معدة للإيجار ولكن يلاحظ أن ركوب السيارة العامة للانتقال بها من مكان إلى مكان آخر ليس استئجاراً لها أنما الأجر هنا مقابل انتفاع فقط وفقاً لشروط محدودة وملزمة وأهمهما سير السيارة في طريق معين خلافاً للحال في عقد استئجار سيارة والذي يخضع الاتفاق الطرفين وللمستأجر أن يوجهها إلى حيث شاء.

الركن المعنوي :

يجب فضلاً عن تناول الطعام أو ما إليه أو الحصول على المنفعة أن يتوفر لدى الجاني أحد الأمور الثلاثة الآتية:

 1- أن يكون عالماً وقت حصوله عليه أنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجرة فإذا كان يجهل ولكنه تبين عند الدفع فقد نقوده مثلاً فإن القصد في الجريمة ينتفي لديه.

2- أن يمتنع عن دفع ما استحقه مقدم الطعام أو مؤجر الغرفة أو العربة دون مبرر والغرض هنا أن معه النقود ولكنه يمتنع عن الدفع دون مبرر ولو تبين غش صاحب الطعام في النوع أو الثمن أو تلاعب صاحب العربة في العداد فلا عقاب.

 3- أن يفر بعد تناول الطعام أو الشراب أو ما إليه دون الوفاء بالمستحق مع العلم وقت الفرار بواقعة عدم دفع الثمن أو الأجر فإذا كان شارد الذهن ولم ينتبه إلى ذلك لانشغاله انتفى قصده في ارتكاب الجريمة وبالتالي فلا عقاب عليه فإذا توافرت هذه العناصر طبقت العقوبة المقررة بالنص وإن كان يجب أن يراعي أن انتفاءها لا یعني حتماً أفلات الشخص من العقاب إذ يصح أن يقع تحت طائلة النصب إذا توافرت في ظروف الواقعة شروطه.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع، الصفحة : 188)

تتطلب هذه الجريمة ركناً مادياً قوامه أحد أفعال ثلاثة حددها المشرع وتتطلب بعد ذلك إرتكاب الفعل في مكان معين أو تعلقه بموضوع معين وتتطلب توافر القصد الجنائي.

أولاً : الركن المادي:

يقوم الركن المادي لهذه الجريمة على أحد أفعال ثلاثة: تناول طعام أو شراب أو شغل غرفة أو إستئجار سيارة مع العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة والامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ذلك والفرار دون الوفاء به.

(1) تناول طعام أو شراب أو شغل غرفة أو إستئجار سيارة مع العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة يفترض هذا الفعل أن المتهم قد طلب الطعام أو الشراب أو طلب شغل الغرفة أو إستعمال السيارة فأجيب إلى طلبه و استهلك أو انتفع بما قدم إليه ويعني ذلك أن الفعل يقوم على عنصرين الطلب ثم الإستهلاك أو الانتفاع أما العلم باستحالة دفع الثمن أو الأجرة فهو ألصق بالركن المعنوي للجريمة.

ويتعين أن يكون المتهم قد طلب الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو إستعمال السيارة ذلك أن هذا الطلب هو الذي ينطوي ضمناً على وعد بأداء الثمن أو الأجرة في حين أنه يعلم باستجابة ذلك وفي ذلك ما يحقق معنى الخداع الذي تفترضه الجريمة ولكن ليس بشرط أن يكون الطلب صريحاً فالطلب الضمني كافي كما لو إتخذ المتهم مكاناً في مطعم أو مقهى على نحو يفهم به الشخص المعتاد الرغبة في استهلاك طعام أو شراب أما إذا قدم الطعام والشراب أو الغرفة أو السيارة دون طلب من المتهم فالفرض أن ذلك كان على سبيل الضيافة أو الإحسان فلا تقوم بذلك جريمة ولو كان قدمه ينتظر مقابلاً أو مكافأة.

ويتعين أن يكون المتهم قد استهلك الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو إستعمل السيارة وهذا العنصر مستخلص من تعبير المشرع تناول طعاماً أو شراباً أو شغل غرفة أو استأجر سيارة .

وتطبيقاً لذلك فإنه إذا طلب العميل الطعام أو الشراب فأعده له صاحب المطعم أو المقهى ووضعه تحت تصرفه فهو لم يرتكب بعد هذه الجريمة على الرغم من ثبوت إستحالة أدائه الثمن أو الأجرة ويطبق الحكم ذاته إذا وضع المجني عليه الغرفة أو السيارة تحت تصرف المتهم ولو يكن قد شغلها أو استعملها بعد ويتعين أن يكون الإستهلاك بالنسبة للطعام أو الشراب أي في المحل العام الذي قدم فيه وبناءاً على ذلك فإن الجريمة لا تقوم بإرسال صاحب مطعم أو مقهى طعاماً أو شراباً إلى مسكن عميل كي يستهلكه فيه ولكن المشرع لا يتطلب أن يكون الإستهلاك كلياً فإذا إستهلك العميل جزءاً من الطعام أو الشراب وهو يعلم أنه يستحيل عليه أداء ثمنه فإن الجريمة تقوم إذا توافرت سائر أركانها.

(2) الامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ثمن أو أجرة:

يتخذ الفعل الإجرامي في هذه الحالة صورة سلبية إذ هو محض إمتناع ويتعين أن تتوافر للامتناع عناصره فالفرض أن المتهم يستطيع الدفع ويجب عليه ذلك وهو ما عناه المشرع بقوله الامتناع بغير مبرر فاستطاعة الدفع تميز هذه الحالة عن الحالة السابقة والعبرة باستطاعة الدفع في الحال ويعتبر الامتناع بغير مبرر إذا لم يكن ثمة سند قانوني يحتج به المتهم في امتناعه فإذا كان العميل دائناً الصاحب المطعم أو المقهى أو الفندق أو السيارة فاحتج بالمقاصة أو ثار بينهما نزاع على الحساب أو على نوعية ما استهلكه أو انتفع به فامتنع عن دفع ما قدر أنه يزيد على المستحق فهو لا يرتكب الجريمة ويفترض القصد الجنائي في هذه الحالة علم المتهم بانتفاء المبرر للامتناع عن الدفع وإرادة الإمتناع.

(3) الفرار دون الوفاء بما استحق من ثمن أو أجرة:

يتخذ الفعل في هذه الحالة صورة إيجابية والفرض فيها أن المتهم يستطيع الوفاء ولكنه يفر دون ذلك وسواء أن يتسلل أو أن يفر عنوة وهو ما يعني أنه يستوي أن يلحظ المجني عليه فراره أو أن يغفل عن ذلك وإن لاحظ ذلك فسواء أن يحاول منعه أو أن يسكت خشية بطشه ويفترض القصد الجنائي في هذه الحالة علم المتهم وقت فراره  بأنه لم يدفع ما استحق عليه وإرادته الفرار.

ثانياً : المحل العام أو الفندق أو السيارة المعدة للإيجار :

يتطلب الركن الثاني للجريمة أن يرتكب الفعل في حالة تناول الطعام أو الشراب في محل عام معد لذلك أي مطعم أو مقهى عام وأن يرتكب في حالة شغل غرفة في فندق أو نحوه وأن يتعلق في حالة إستئجار سيارة بسيارة معد للإيجار ويشير هذا الركن في الحالتين الأوليين إلى مكان إرتكاب الفعل، ويشير في الحالة الثالثة إلى الموضوع الذي ينصب عليه وهذا الركن مستمد من علة التجريم إذ أن أصحاب هذه المحال أو السيارات هم الذين يفرض عليهم عرف المعاملات الثقة فيمن يرتادون محالهم وتقديم سلعهم أو خدماتهم إليهم دون إقتضاء الثمن أو الأجر مقدماً.

ويراد بالمحل المعد لتناول الطعام أو الشراب أو الفندق ونحوه كل محل معد لاستقبال الناس بغير تمييز وتقديم الطعام أو الشراب أو مكان النوم إليهم نظير مقابل نقدي ويستوي الاسم الذي يطلق عليه لغة أو عرفاً والأسلوب الذي يتبعه في تقديم خدماته.

وتعتبر السيارة معدة للإيجار إذا جاز لكل شخص استعمالها كوسيلة نقل نظير أجر نقدي وسواء أن يحدد هذا الأجر مقدماً بناءاً على تعريفة رسمية أو خاصة أو بناء على إتفاق بين مالك السيارة ومستأجرها والغرض في السيارة أنها وسيلة نقل برية فلا يخضع للنص من استأجر وسيلة نقل نهرية أو بحرية أو جوية ثم ارتكب الفعل الذي يجرمه القانون ولكن المشرع لم يشترط أن تكون السيارة معدة لنقل الأشخاص فيجوز أن تكون السيارة معدة لنقل الأشياء والمثال الواضح لسيارة معدة للإيجار هي سيارة الأجرة الصغيرة أي "التاكسي بشرط أن يستأجرها المتهم بأكملها وبناء على ذلك نرى أن النص لا ينطبق على من اتخذ لنفسه مكاناً في تاكسي أعده حائزة لنقل أشخاص عديدين نظير أجر يتقاضاه من كل منهم على حده ومن باب أولى فإن النص لا ينطبق على من اتخذ مكاناً في سيارة نقل عامة الأتوبيس ففي الحالين لا يصدق عليه أنه إستأجر سيارة وإنما هو استأجر مكاناً في سيارة.

ثالثاً : القصد الجنائي :

القصد المتطلب في هذه الجريمة قصد عام فإذا كان المتهم قد تناول الطعام أو الشراب أو شغل الغرفة أو استأجر السيارة وهو يعلم أنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجر فإن القصد يقوم بالعلم بهذه الإستحالة ويرتبط بهذا العلم اتجاه الإرادة إلى عدم الدفع فينتفي القصد إذا كان المتهم يعتقد أنه قادر على الدفع أي يجهل أنه يستحيل عليه الدفع كما لو تبين له عند مطالبته بالحساب أنه نسى حافظة نقوده في منزله أو أنها قد ضاعت أو سرقت منه ويتعين أن يكون هذا القصد متوافرا لحظة إرتكاب الفعل وتطبيقاً لذلك فإنه لا يسأل عن هذه الجريمة من كان يعتقد وقت تناوله الطعام أو الشراب أنه قادر على أداء ثمنه ثم تبين له عجزه عن ذلك بعد أن فرغ من تناول الطعام أو الشراب.

وإذا كان المتهم قد امتنع بغير مبرر عن دفع ما إستحق عليه من ثمن أو أجرة فإن القصد يتطلب علمه بانتفاء المبرر للامتناع و إتجاه إرادته إلى هذا الإمتناع فإذا كان يعتقد وجود المبرر للامتناع كما لو اعتقد أنه دائن للمجني عليه وأن من حقه أن يدفع تجاهه بالمقاصة فإن القصد ينتفي لديه ولو ثبت فيما بعد أنه لا وجود لذلك المبرر وينتفي القصد كذلك إذا قام خلاف بينه وبين المجني عليه ورفض أداء ما اعتقد أنه يزيد على ما يلتزم به ويفترض القصد في هذه الصورة اتجاه الإرادة إلى الامتناع عن الدفع الفوري ومن ثم ينتفي لدى من اعتقد أن الشخص الذي يصحبه قد دعاه إلى المطعم أو المقهى وأنه سيؤدي عنه ثمن ما استهلك.

وإذا كان المتهم قد فر دون الوفاء بالثمن فإن القصد يتطلب علم المتهم وقت فراره أنه لم يدفع الثمن واتجاه إرادته إلى عدم دفعه فلا يتوافر القصد لدى من اعتقد وقت انصرافه من المقهى أو المطعم أن مرافقه قد دفع عنه الثمن.

العقوبة:حدد المشرع عقوبة هذه الجريمة بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر والغرامة التي لا تتجاوز مائتي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين ولم يجعل المشرع هذه الجريمة في حكم السرقة وبناء على ذلك لا تسري عليها الأحكام الخاصة بعقوبة السرقة فلا يعاقب على الشروع فيها ولا تعتبر مماثلة للسرقة في تطبيق أحكام العود ولا توقع عقوبة مراقبة البوليس في حالة العود ولا مجال لتشديد عقوبتها إذا توافر أحد الظروف التي تشدد عقوبة السرقة.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع،  الصفحة: 342)

 

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 283

(مادة 579)

 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة ، وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين - كل من تناول طعاماً أو شراباً في محل عام معد لذلك ، ولو كان مقيماً به أو شغل غرفة في فندق أو نحوه ، أو استأجر مركبة معدة للإبحار وكان يعلم أنه لا يقدر على دفع الثمن أو الأجرة ، أو امتنع بغير مبرر عن دفع ما أستحق عليه من ذلك ، أو فر دون الوفاء به . 

الجرائم الواقعة على المال 

الفصل الأول

السرقة وما في حكمها، والاغتصاب والابتزاز 

المواد من (567) - (584) : 

تقابل مواد هذا الفصل المواد من (311) - (326) من القانون القائم ، معدلة بالقوانين أرقام (39) لسنة 1939 ، (13) لسنة 1940 ، (64) لسنة 1947 ، (424) لسنة 1954 ، (112) لسنة 1956 ، (136) لسنة 1956 ، (14) لسنة 1973 ، (59) لسنة 1977 ، (90) لسنة 1980 ، وأهم سمات المشروع ما يلي : 

1- المادة (355) من المشروع عرفت السرقة بأنها إختلاس منقول مملوك لغير الجاني بقصد إمتلاكه، ثم عددت الحالات التي يتحقق فيها الإختلاس إضافة لحالات جديدة وتقنيناً لما استقر عليه القضاء المصري، فالفقرة الثانية من المادة تعرض لما يعد إختلاساً، وبأنه كل فعل يخرج به الجاني المال من حوزة غيره دون رضائه ولو عن طريق غلط وقع فيه الغير ، وذلك لإدخاله في حيازة أخرى ، كما نصت الفقرة الثالثة على قيام جريمة السرقة إذا كان الفاعل لا يملك الشيء المسروق وحده بل كان شريكاً على الشيوع فيه. 

كما وأن الفقرة الأخيرة أوضحت أنه يعتبر منقولاً في تطبيق أحكام السرقة ، المنقول حسب المال ، وكذلك القوى الطبيعية كهربائية أو مائية أو ضوئية ، وكل طاقة أو قوة محرزة أخرى ، ليتسع بذلك معنى المنقول ليواكب التقدم العلمي وما قد يأتي به مستقبلاً من مخترعات ما دامت تشکل قوة أو طاقة محرزة . 

2- جعل المشروع من الإكراه أو التهديد بإستعمال السلاح ، أو إستخدام أية وسيلة تعدم المقاومة أو تنقص منها قسائم متساوية ، بعد أن ثار خلاف بين الفقه والقضاء في إعتبار التهديد بإستعمال السلاح قرين الإكراه ، حيث يغفل الشارع ذكر التهديد بإستعمال السلاح ونزولاً على آراء الفقه ما استقر عليه القضاء من تعريف الإكراه بأنه كل وسيلة قسرية تعدم أو تقلل قوة المقاومة عند المجني عليه أو الغير الذي يقاوم الجاني لصالح المجني عليه ، فقد نص المشروع على إعتبار استخدام أية وسيلة تعدم المقاومة أو تنقص منها ، نوعاً من الإكراه وصورة من صور أعمال القسر ، فمن يستعمل عقاقير أو جواهر مخدرة ليعدم قوة المقاومة لدى المجني عليه أو ينقص منها ؛ ليتمكن بذلك من إختلاس المنقول - يعد مستعملاً لطرق قسرية ، وبداهة أن هذا الحكم يسري في شأن الغير الذي يقاوم الجاني لصالح المجني عليه في السرقة . 

3- المادة (571) من المشروع استحدثت حكماً بمقتضاه تكون العقوبة بالإعدام للجرائم المبينة في المواد الثلاث السابقة عليها ، إذا ترتب على الإكراه أو التهديد أو إستخدام وسيلة مما ذكر في هذه المواد - موت شخص ، وذلك زجراً وردعاً للجناة في هذه الجرائم الخطيرة . 

4 - المادة (573) من المشروع تقابل المادة (317) من القانون القائم ، وقد بين المشروع فيها الظروف المشددة لجنحة السرقة ، وأضاف إليها من تلك الظروف ما تستلزمه المصلحة العامة ، وقد أبانت عنها اثنتا عشرة فقرة تباعاً ، روعي في صياغتها الوضوح والدقة والبعد عن اللبس ، بما لا يحتاج إلى إضافة . 

5- المادة (574) من المشروع تبين حالات السرقة الإعتبارية ، وهي إختلاس مالك المنقول له بعد أن كان قد رهنه لدين عليه أو على غيره ، كذلك من يعثر على شيء أو حيوان مفقود ولم يرده إلى صاحبه ، أو لم يسلمه إلى مقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام إذا إحتبسه بنية تملكه ، وهذه الفقرة الأخيرة تقابل (321) مکرراً من القانون القائم ، مضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ، وقد حلت هذه المادة محل دكريتو الأشياء الفاقدة بعد إدخال التعديل عليه حتى يكون النص أكثر إنضباطاً ، ثم سوى المشروع في الحكم بين العثور على الشيء المفقود والإستيلاء على مال ضائع ، أو وقع في حيازته بطريق الغلط أو الصدفة. 

هذا وقد عرضت الفقرة الأخيرة من المادة لسرقة الحاصلات والثمار الزراعية التي لم تنقل من الحقل أو البستان ، فأجاز الحكم بعقوبة الغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه ، ومناط إعمال هذه الإجازة أن لا يبارح الجاني مكان وجود هذه الحاصلات أو الثمار ، فهي قاصرة في الواقع على من يأكل هذه الأشياء في الحقل أو البستان . 

6- المادة (576) من المشروع مستحدثة بما تضمنته من جواز إضافة عقوبة الجلد  أربعين جلدة إلى العقوبات المبينة في المواد السابقة عليها ، وغني عن البيان أن الأربعين جلدة تمثل الحد الأقصى لعقوبة الجلد، ومن ثم جاز للقاضي أن ينزل عن ذلك والعقوبة مستوحاة من عقوبة الجلد في الشريعة . 

7- المادة (577) من المشروع مستحدثة وقصد منها حماية الأحداث من التغرير بهم ودفعهم إلى إرتكاب جرائم السرقة ، وتتحقق الجريمة قبل الجاني بمجرد تحريض الحدث - وهو من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره - فإن أتى التحريض ما قصده الجاني منه عد شریكاً بالتحريض للحدث . 

8- المادة (578) من المشروع تقابل المادة (323) مکرراً أولاً من القانون القائم مضافة بالقانون رقم (90) لسنة 1980 ، واتسع حكمها ليشمل إلى جانب السيارة الدراجة ، أو أية آلة ميكانيكية ، أو دابة من دواب الجر، أو الركوب أو العمل ، متى تم الإستعمال أو الإستخدام بغير موافقة المالك ، وهذه الجريمة سرقة إعتبارية؛ لأنها ترد على المنفعة وليس ملكية الشيء ، كما أنها مجردة من نية التملك، فإن لابستها هذه النية كانت الجريمة سرقة حقيقية لا مراء فيها . 

9- المادة (581) من المشروع تقرر ظرفاً مشدداً للجنح المنصوص عليها في هذا الفصل ، يترتب على توافره تغليظ العقوبة برفعها إلى ضعف المقررة لها ، وذلك متى وقعت الجريمة المعنية بإنتهاز الجاني حدوث هياج أو فتنة أو حريق أو أية كارثة أخرى ، فإن لم يكن الجاني قد إنتهز ظرفاً مما ذكر ، كان عاقداً العزم على السرقة ، ثم تصادف حدوث شيء مما ذکر - فلا يعد ذلك ظرفاً مشدداً قبله ، بمعنى أنه يجب أن تقوم في ذهن الجاني فكرة الجريمة بالنظر إلى حادث مما ذكر ، وأنه ما كان يفعل لولا هذا الحادث . 

10 - المادة (582) من المشروع صيغت بوضوح لتشمل مطلق السند وعمومه دون تمثيل بأنواع تدخل في عمومه كما يفعل التشريع القائم في المادة (325) منه ، ويأخذ ذات الحكم تعديل السند أو إلغاؤه أو إتلافه أو توقيعه لإتحاد الحكمة من التجريم في جميع هذه الحالات ، على أن مناط العقاب هو الحصول على شيء مما عدده النص بالقوة أو التهدید آیاً كان نوعه مادياً أم أدبياً ، أم بإستخدام أية وسيلة قهرية ، فالعبرة إذن في هذه الوسائل أن تؤثر أو يكون من شأنها أن تؤثر في رضاء المجني عليه ، فيذعن لمطالب الجاني ، وما كان ليذعن لولا إستخدامها قبله ، أو أن تسلبه إرادته . 

واستحدثت الفقرة الثانية من المادة ظرفاً مشدداً برفع العقوبة إلى السجن المؤبد أو المؤقت إذا نشأ عن الفعل جروح ، فإن نشأ عن الفعل موت شخص كانت العقوبة الإعدام ، وعلى هذا نصت الفقرة الأخيرة من المادة . 

11 - المادة (583) من المشروع تعاقب على إبتزاز مال الغير بالتهديد ، ويستوي في حكمها أن يكون هذا المال غير مملوك بالكامل للجاني ، فإن كان المال مملوكاً له بالكامل انحسر تطبيق النص عليه ، وقد عرضت الفقرة الثانية من المادة إلى ظرف مشدد يترتب عليه مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ، هذا ويعاقب المشروع على الشروع في الجريمة بعقوبة الجريمة التامة . 

12 - المادة (584) من المشروع تعرض لقيود رفع الدعوى الجنائية في جرائم هذا الفصل وقد رئي أخذا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنت ومالك لأبيك» عدم جواز إقامة الدعوى الجنائية في جريمة من جرائم هذا الفصل قبل الأب، وإن علا، وسار المشروع على هذا النهج بالنسبة لجرائم الأموال التي أفصح عنها فيما بعد ، على أنه من المفهوم إذا صاحبت الجريمة أفعال يؤثمها القانون فإن الحظر يقتصر على جريمة السرقة دون غيرها من الأفعال . 

أما إذا وقعت الجريمة من أحد الزوجين على مال الآخر ، أو من أحد الفروع على مال الأصول - فإن الدعوى لا تقام إلا بناء على شكوى من المجني عليه الذي يملك التنازل عن الشكوى فتنقضي الدعوى الجنائية بهذا التنازل متى لم يكن قد صدر في الدعوى حكم بات ، فإن كان قد صدر كان للمجني عليه أن يمنع تنفيذه أو الإستمرار في تنفيذه إن كان قد بدء في تنفيذه . 

13- اقتضى المنهج الذي سلكه المشروع تبويب أحكام هذا الفصل ، ونقل الأحكام المقررة لإختلاس الأشياء المحجوزة قضائياً أو إدارياً ، والتهديد الكتابي والشفهي بواسطة شخص آخر إلى مواضعها الطبيعية المناسبة في المشروع .