1 ـ لما كان يكفي للعقاب بموجب الفقرة الأولى من المادة 327 المشار إليها – من قانون العقوبات - أن يكون الجاني قد بعث رسالة التهديد لتصل إلى علم المراد تهديده، سواء أرسلها إليه فتلقاها مباشرة، أم بعث بها إلى شخص آخر فتلقاها هذا الآخر ثم بلغها إياه أو لم يبلغها، ثم إنه لا يشترط أن يكون الجاني الذي يختار هذا الطريق الأخير في توجيه نذيره قد قصد أن يقوم من أُرسلت إليه بتبليغها إلى المعني بها، بل يكفي أن يثبت في حقه أنه لا يجهل أن الطريق الذي اختاره يتوقع معه حتماً أن المرسل إليه بحكم وظيفته أو بسبب علاقته أو صلته بالشخص المقصود بالتهديد سيبلغه الرسالة، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون غير سديد.
(الطعن رقم 22830 لسنة 88 ق جلسة 2021/9/11)
2- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجرائم هتك عرض طفلة والتقاط صور لها في مكان خاص ونشرها وتهديدها كتابة بإفشاء أمور خادشه للحياء لحملها على القيام بعمل التي دان المطعون ضده بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة، انتهى إلى عقابه طبقاً للمواد 268 ، 309مكرراً / 1 بند ب ، 309 مكرر أ / 2،1، 326 ، 327 / 1 من قانون العقوبات، والمواد 2 / 1 ، 95 / 111 ، 116 مكرراً ، 122 / 2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، ثم أوقع عليه عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنتين وذلك بالتطبيق للمادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان البند الأخير من المادة 309 مكرراً من قانون العقوبات التي دين المطعون ضده بها ينص على أنه " ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها ". ولما كانت عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة هي عقوبة تكميلية واجب الحكم بها، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبة الأصلية لما عداها من جرائم مرتبطة بها، إلا أن هذا الجب لا يمتد إلى العقوبات التكميلية المنصوص عليها في هذه الجرائم، ولما كانت عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة هي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط به هذه الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة إعمالاً لنص البند الأخير من المادة 309 مكرراً من القانون المشار إليه يكون قد خالف القانون، بما يتعين معه تصحيحه بإضافة عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة إلى العقوبة المقضي بها .
( الطعن رقم 3224 لسنة 90 - جلسة 2021/9/5 )
3- لما كان من المقرر أن القضاء فى المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي فى تكوين عقيدته ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ، إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أية بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط لإثبات جريمة التهديد كتابة بإفشاء أمر صور المجنى عليها المصحوب بطلب مبالغ نقدية المنصوص عليها فى المادة 327 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها فى ذلك بكل طرق الإثبات ، ولها أن تأخذ بالشهادة الصادرة من شركة …. للمحمول كدليل فى الدعوى إذا ما اطمأنت إلى صحتها ، فإنه لا محل لتعييب الحكم لتعويله فى إدانة الطاعن على تلك الشهادة، ولا على المحكمة إن هي لم تجبه إلى طلبه ضم أصل عقد خط الهاتف من شركة المحمول المرسل منه رسائل التهديد ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(الطعن رقم 2092 لسنة 79 جلسة 2017/12/09)
4- لما كان البين من المفردات أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه أمام محكمة ثانى درجة ضمنها أن امتناع البنك عن الدفع مرجعه صدور قرار من المدعى العام الاشتراكى بالتحفظ على حساب الشركة التى يمثلها ، و كان البين من إفادة بنك .... أنها تضمنت أن الرصيد لم يكن يسمح بسداد قيمة أى من الشيكين موضوع الإتهام حيث تم تحويل جميع الأرصدة إلى البنك ......... طبقاً لطلب مساعد المدعى العام الاشتراكى . لما كان ذلك ، و كان الأمر بوضع أرصدة المتهم تحت التحفظ يوفر فى صحيح القانون قوة قاهرة يترتب على قيامها إنعدام مسئولية المتهم الجنائية عن الجريمة المنصوص عليها فى المادة 327 من قانون العقوبات التى تقع خلال الفترة من تاريخ قرار التحفظ على أمواله حتى تاريخ الإفراج عنها ، و إذ كان الحكم المطعون فيه قد أغفل دفاع الطاعن فى هذا الشأن على الرغم من أنه دفاع جوهرى لتعلقه بمسئولية الطاعن الجنائية و الدليل عليها ، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تعرض له أو ترد عليه بما يدفعه إن رأت الإلتفات عنه ، أما و قد قعدت عن ذلك كلية ، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور فى إستظهار أركان الجريمة التى دان الطاعن بها - الأمر الذى يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه و الإعادة .
(الطعن رقم 3346 لسنة 57 جلسة 1989/02/02 س 40 ص 156 ق 28)
5- إن المادة 327 من قانون العقوبات إذ نصت على عقاب كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال - إذا كان التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر - لم توجب بصيغتها العامة أن تكون عبارة التهديد دالة بذاتها على أن الجاني سوف يقوم بنفسه بارتكاب الجريمة إذا لم يجب إلى طلبه, بل يكفي أن يكون الجاني قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب فى نفسه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغما إلى إجابة الطلب بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد فى نفس المجني عليه ولا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو القالب الذي تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجاني قصد ترويع المجني عليه وحمله على أداء ما هو مطلوب, فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من عبارات التهديد ومن ظروف الواقعة وملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب والفزع فى نفس المجني عليهما بارتكاب جريمة خطف ثلاث من الطائرات التابعة لشركتيهما وتدمير اثنين منها وأنه هو المهدد فعلاً بارتكاب هذه الجريمة رغم أن عبارات التهديد قد صيغت صياغة غامضة وأفرغت فى قالب يوهم بأن الطاعن مجرد وسيط ومحذر من جرائم سوف يرتكبها آخرون, فلا يصح مصادرتهما فيما استنبطته طالما كان استخلاصها سائغاً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, وما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها - لما كان ما تقدم - فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
(الطعن رقم 844 لسنة 44 جلسة 1974/11/17 س 25 ع 1 ص 746 ق 161)
6- المقصود بالتهديد بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف و المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 327 من قانون العقوبات ، هو إفشاء أمور أو نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه أو أوجبت إحتقاره عند أهل وطنه ، و هى الأمور التى أشير إليها فى جريمة القذف المنصوص عليها فى المادة 302 من قانون العقوبات ، و التهديد فى هذا المعنى يشمل التبليغ عن جريمة سواء أكانت صحيحة وقعت بالفعل أو كانت مختلفة .
(الطعن رقم 176 لسنة 26 جلسة 1956/05/21 س 7 ع 2 ص 758 ق 213)
7- إن المادة 327 من قانون العقوبات إذ نصت على عقاب " كل من هدد غيره بإرتكاب جريمة ضد النفس أو المال " لم توجب بصيغتها العامة هذه أن تكون عبارة التهديد قد وجهت مباشرة إلى ذات الشخص الذى قصد تهديده فى نفسه أو فى ماله . فيكفى للعقاب بموجبها أن يكون الجاني قد أعد رسالة التهديد لتصل إلى علم المراد تهديده ، سواء أأرسلها إليه فتلقاها مباشرة أم بعث بها إلى شخص آخر فتلقاها هذا الآخر ثم بلغها إياه أو لم يبلغها . ثم إنه لا يشترط أن يكون الجاني الذى يختار هذا الطريق الأخير فى توجيه نذيره قد قصد أن يقوم من أرسلت إليه بتبليغها إلى المعنى بها بل يكفى أن يثبت فى حقه أنه لا يجهل أن الطريق الذى إختاره يتوقع معه حتماً أن المرسل إليه بحكم وظيفته أو بسبب علاقته أو صلته بالشخص المقصود بالتهديد سيبلغه الرسالة .
(الطعن رقم 48 لسنة 13 جلسة 1942/12/07 س 6 ع 6 ص 54 ق 39)
8- متى كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان جريمة التهديد التي دان الطاعن بها وأورد عليها أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليها وأشار إلى عبارات التهديد فقال: "وحيث إن وقائع الدعوى تتحصل على ما جاء بأقوال المجني عليه من أنه تلقى خطاب التهديد المؤرخ ... ... ... ... والذي ورد فيه أنه إذا لم يقم بإبرام الصلح بينه وبين المتهم بقتل ولديه فإنه سيتسبب فى أن يجني على ولديه الآخرين"، فإن مفاد هذا الذي أورده الحكم أن الجريمة المهدد بها هي قتل ولديه الآخرين - وهو ما قرره المجني عليه فى التحقيق على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن. لما كان ذلك، وكان يكفي فى بيان التهديد أن يكون الحكم قد أشار إلى العبارات التي هدد الطاعن بها المجني عليه، فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور فى التسبيب فى هذا الصدد.
(الطعن رقم 1256 لسنة 47 جلسة 1978/06/05 س 29 ع 1 ص 566 ق 107)
جريمة التهديد
نصت على هذه الجريمة المادة 327 من قانون العقوبات في قولها « كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو بالسجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب أو تكليف بأمر يعاقب بالسجن ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر وكل من هدد غيره شفهياً بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء كان التهديد مصحوباً بتكليف بأمر أم لا وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهياً بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه ».
وهذه الجريمة تقوم بالتهديد مجرداً ومن ثم كانت جريمة « نشاط بحت » أي جريمة شكلية غير ذات نتيجة وحين يصطحب التهديد بطلب أو بتكليف بأمر فإن هذا الطلب أو التكليف لا يعد ركناً في الجريمة وإنما مجرد ظرف مشدد لها وهذا الظرف يقوم بمجرد الطلب أو التكليف في ذاته أي أنه لا يقتضي تنفيذه ويعني ذلك أن الظرف بدوره يقوم بفعل ولا يفترض نتيجة ولا يشترط أن يكون للطلب أو التكليف قيمة مالية ويقطع ذلك بأن جريمة التهديد ليست جريمة اعتداء على الأموال ولكن يتعين ألا يكون الطلب أو التكليف بتسليم مال فذلك الذي يضع الحدود الفاصلة بين مجالها ومجال جريمة اغتصاب المال بالتهديد .
علة التجريم:
إذا كانت هذه الجريمة تقوم بالتهديد مجرداً وانتفى عنها أن تكون جريمة اعتداء على الأموال فهي جريمة اعتداء على الأشخاص ذلك أنها تنال بالاعتداء حق المجني عليه في الشعور بالأمن والهدوء النفسي وتقترب بذلك من جرائم الاعتداء على سلامة الجسم إذا أن الحالة النفسية أحد عناصر الحق في سلامة الجسم وإذا اصطحب التهديد بطلب أو تكليف بأمر فإن الاعتداء يمس حرية الإرادة كذلك إذ يحتمل أن يستجيب المجني عليه إلى ما لم يكن يستجيب له لو كانت إرادته حرة وبناء على ذلك فقد كان الأجدر بالشارع أن يدرج هذه الجريمة بين جرائم الاعتداء على الأشخاص .
أركان الجريمة :
لجريمة التهديد ركنان : رکن مادي ورکن معنوي فالركن المادي يقوم بفعل التهديد ويتخذ الركن المعنوي صورة القصد.
التهديد :
لا يختلف التهديد في ماهيته القانونية عن التهديد الذي تقوم به جريمتا اغتصاب السندات والتوقيعات واغتصاب المال بالتهديد فهو في جميع هذه الجرائم «و عید بشر» ويفترض التهديد تعبيراً عن إرادة المتهم إیقاع الأذى بالمجني عليه (أو شخص يهمه أمره) على نحو يؤثر على نفسيته أو حرية إرادته ووفق هذا التعريف فإن من عناصر التهديد وجود إرادة متجهة إلى إيقاع الأذى والفرض أنها إرادة محققة أي مفرغة في شكل تصميم إرادي ومن ثم يختلف التهديد عن تمني الشر أو الدعاء به ويفترض التهديد أن نزول الأذى مرتهن بإرادة المتهم نفسه سواء مباشرة أو عن طريق شخص آخر يعمل لحسابه وبناء على ذلك يخرج من نطاق التهديد إنذار المجني عليه بشر تنزله به قوة طبيعية لا سيطرة للمتهم عليها أو بواقعة خرافية لا وجود لها ولكن لا يتنافى مع وجود الإرادة المحققة أن يكون نزول الأذى المهدد به معلقاً على شرط وهو ما يتحقق حين يصطحب التهديد بطلب أو تكليف بأمر .
ويتعين أن يكون التهديد جدياً وعلة هذا الشرط أن القانون عاقب على التهديد لما يحدثه من تأثير على نفسية المجني عليه وحرية إرادته ولا يكون من شأنه ذلك إلا إذا كان جدياً ويكفي أن يكون التهديد جدياً في ظاهره بحيث يفهمه المجنى عليه كذلك وتتأثر به نفسيته وإرادته ولا عبرة بما إذا كان المتهم ينوي تنفيذ الأمر المهدد به أم لا ينوي ذلك بل إنه لا أهمية لما إذا كان المتهم يستطيع تنفيذه أم يستحيل عليه ذلك والقول بجدية التهديد من شأن قاضي الموضوع أما إذا كان التهديد ظاهر الهزل فلا تقوم به الجريمة أو لم يكن ظاهر الهزل ولكن المتهم بادر على الفور أو بعد برهة يسيرة من الزمن فأفصح للمجني عليه عن حقيقة مقصده .
ما ليس من عناصر التهديد :
إذا كان التهديد في جوهره « تعبيراً عن إرادة إيقاع الأذى » فإن وسائل التعبير عنه تستوي فسواء أن يكون كتابياً أو أن يكون شفوياً وإنما الفرق بين صورتي التهديد هو في مقدار العقاب وتستوي كذلك الصور التي تتخذها الكتابة أو العبارات الشفوية ويستوي أن يكون التهديد صريحاً أو ضمنياً طالما كان في استطاعة المجني عليه بالنظر إلى الظروف التي صدر فيها أن يفهمه ولا يشترط من باب أولى إفراغ التهديد في عبارات معينة .
والأصل أن يكون المجني عليه هو المهدد بأن يناله الأذى في حق من حقوقه ولكن يجوز أن يهدد الأذى شخصاً آخر إذا كانت علاقته بالمجني عليه من شأنها أن تجعل إرادته تتأثر به والأصل أن يوجه التهديد إلى المجني عليه مباشرة ولكن القانون لا يتطلب ذلك فيجوز أن يوجه إليه بوساطة شخص ثالث ذلك أن ما يعني القانون هو أن يكون من شأن الوسيلة التي اختارها المتهم أن يصل بها التهديد إلى علم المجني عليه فيتأثر به في نفسيته وإرادته بل أن القانون قد اشترط في التهديد الشفوي أن يكون بواسطة شخص آخر وليس من عناصر التهديد أن تتوافر لدى المتهم « نية تنفيذ الأمر الذي هدد به » ويجوز أن يكون المجني عليه شخصاً معنویاً.
موضوع التهديد :
حدد الشارع موضوع التهديد في الفقرات الأولى والثانية والثالثة من المادة 327 من قانون العقوبات بأنه « جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف » أما موضوع التهديد في الفقرة الأخيرة من المادة 327 فهو « كل جريمة لا تبلغ الجسامة السابقة » ويتضح من هذا التحديد أنه يتعين أن يكون موضوع التهديد جريمة ومن ثم لا تقوم جريمة التهديد إذا كان موضوعه أمراً مشروعاً أو أمراً غير مشروع وفقاً لقاعدة غير جنائية وهذا الحكم يمليه المنطق ذلك أنه إذا كان الفعل في ذاته ليس جريمة فلا يتصور أن يكون التهديد به جريمة ولم يتطلب القانون أن تكون الجريمة موضوع التهديد على قدر معين من الخطورة ولكنه اتخذ من خطورة الجريمة ضابط تحديد عقوبة التهديد .
ويستوي أن يكون موضوع التهديد صحيحاً أو غير صحيح بل أن التهديد بأمر غير صحيح قد يكون أبلغ تأثيراً على المجني عليه وإذا كان صحيحاً فلا يجوز للمتهم إثباته .
وتتم جريمة التهديد بوصول التهديد إلى علم المجنى عليه بحيث يتأثر به في نفسيته وإرادته والشروع في هذه الجريمة متصور إذا بدأ المتهم في ارتكاب الفعل الذي تقوم به ولكن لم يستطع إتمامه كما لو بعث إلى المجني عليه بالرسالة المتضمنة التهديد ولكنها لم تصل إليه أو كلف شخصاً بإبلاغه التهديد ولكنه لم يبلغه.
القصد الجنائي :
جريمة التهديد جريمة عمدية والقصد المتطلب فيها قصد عام ويتطلب القصد أن يكون المتهم عالماً بدلالة عباراته وأن من شأنها وفق مدلولها اللغوي أو العرفي أن تؤثر على نفسية المجني عليه وإذا كان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر فيجب أن يعلم المتهم أن من شأن عباراته التأثير على إرادة المجنى عليه يجعله يلبي الطلب أو يستجيب للتكليف ويتطلب القصد بالإضافة إلى ذلك الإرادة فيتعين أن يثبت أن المتهم قد أراد العبارات التي صدرت عنه وأراد إبلاغها إلى المجنى عليه وأراد أن تنتج تأثيرها على نفسيته .
ولا يتطلب القصد إرادة المتهم تنفيذ الأمر الذي هدد به ولا يتطلب كذلك علمه أن الأمر الذي هدد به جريمة، إذ العلم بالتكييف الجنائي مفترض، ويكفي أن يعلم بمجموعة الوقائع التي يستخلص منها هذا التكييف.
ويخضع القصد الجنائي للقاعدة العامة التي تقضي بأن الباعث ليس من عناصره وأن كونه غير مرذول ليس من شأنه نفي القصد وأهم تطبيق لذلك أنه إذا استهدف المتهم بتهديده الحصول على ما هو حق له كما لو هدد مدينه بالقتل إن لم يف بدينه توافرت مع ذلك أركان الجريمة .
عقوبة التهديد :
لم ينص القانون على عقوبة واحدة للتهديد وإنما ميز بين حالات منه وقرر لكل حالة عقوبة وثمة ضوابط ثلاثة استند إليها في التفرقة بين حالات التهديد التمييز بين التهديد الشفوي والتهديد الكتابي والتمييز بين التهديد البسيط والتهديد المصحوب بطلب أو تكليف بأمر والتمييز بين التهديد الخطير والتهديد اليسير .
التفرقة بين التهديد الكتابي والتهديد الشفوي :
رتب الشارع على هذا التمييز أمرين : فمن ناحية جعل عقوبة التهديد الكتابي أشد من عقوبة التهديد الشفوي ومن ناحية ثانية عاقب على التهديد الكتابي في جميع حالاته في حين اشترط للعقاب على التهديد الشفوي أن يكون بواسطة شخص آخر وتعليل هذه التفرقة في وجهيها تقدير الشارع أن التهديد الكتابي أكثر خطورة من التهديد الشفوي ذلك أن التهديد الكتابي وليد ترو وتفكير يطول على الأقل خلال فترة تسجيل عبارات التهديد وإبلاغها إلى المجني عليه أما التهديد الشفوي فيصدر في غمرة انفعال وفي سياق ثورة ومن ثم لا يعبر بالضرورة عن نفسية شريرة وقد استخلص الشارع أن التهديد الكتابي في جميع حالاته جدير بالعقاب لأنه خطر دائماً أما التهديد الشفوي فلا يستأهل العقاب إذا كان في مواجهة المجني عليه إذ يغلب أن يكون رد فعل الاستفزاز ولكن إذا أبلغه به عن طريق شخص آخر كان ذلك دالاً على قدر من التروي يجعله جديراً بالعقاب .
التهديد الكتابي : يعنى الشارع بالتهديد الكتابي التهديد المسطور في محرر ولم يتطلب الشارع شروطاً في الكتابة أو المحرر ويقتضي ذلك أن توضع جميع أنواعها على قدم المساواة فسواء أن يدون المحرر الذي تضمن عبارات التهديد باللغة العربية أو بلغة أجنبية أياً كانت بل يجوز أن يدون بعلامات اصطلاحية مفهومة لدى فئة من الناس وقد يكون المجنى عليه من بينهم أو لا يكون كذلك طالما كان في استطاعته أن يستعين بشخص يفسر له دلالة الرموز ولم يتطلب القانون شروطاً في مادة المحرر فيجوز أن تكون ورقاً أو خشباً أو جلداً أو معدناً أياً كان وتطبيقاً لذلك فإن التهديد يعتبر كتابياً إذا دون المتهم عباراته على باب المجني عليه أو على أرض غرفته ويقوم التهديد الكتابي بتسجيل رسوم ذات دلالة رمزية يستطيع المجني عليه أو الشخص المعتاد أن يفهمها مثال ذلك إرسال ورقة إليه تحمل رسم رأس مقطوعة أو خنجر في الصدر كتعبير عن التهديد بالقتل ويتصل بذلك التساؤل عما إذا كان هذا التهديد يقوم بالأفعال الرمزية كوضع سكين على باب بيت المجني عليه كتعبير عن التهديد بالقتل أو علبة كبريت كتعبير عن التهديد بالحريق والراجح أن مثل هذه الأفعال لا تعتبر كتابة .
التهديد الشفوي :
يتخذ التهديد الشفوي صورة الأقوال الصادرة عن المتهم وتستوي اللغة التي أفرغت فيها طالما أن المجني عليه يفهمها.
ويستوي كذلك أن تعبر عن التهديد صراحة أو أن تعبر عنه ضمناً ويثير التهديد الشفوي التساؤل عما إذا كان يقوم بمجرد الإشارات كحركة معينة باليد وخاصة إذا حملت سلاحاً كسكين مثلاً ولهذا التساؤل أهميته إذا كان المتهم أخرساً أو لا تجمع بينه وبين المجني عليه لغة مشتركة يجرى الرأي الغالب على عدم قيام التهديد بذلك محتجاً بأن هذه الإشارات ليست ألفاظاً مما تتكون منه الأقوال ولكنا نرى أن التهديد الشفوي يمكن أن يقوم بهذه الإشارات طالما كانت لها دلالة مفهومة للشخص المعتاد ذلك أن الإشارات المفهومة لها ذات وظيفة الألفاظ في التفاهم بين الناس وإذا كانت لها دلالة تهديدية فلها على نفسية المجني عليه الأثر الذي أراد القانون مواجهته بتجريم التهديد .
ولا يعاقب القانون على التهديد الشفوي إلا إذا كان بواسطة شخص آخر ويعني ذلك أن التهديد المباشر في مواجهة المجنى عليه لا تقوم به الجريمة ويتعين وفق ما أسلفناه في التهديد الكتابي أن تقوم صلة بين الوسيط والمجنى عليه من شأنها جعل أولهما يبلغ ثانيهما بالتهديد ويختص قاضي الموضوع بتقدير هذه الصلة والقول بأن لها ذلك الشأن.
التفرقة بين التهديد البسيط والتهديد المصحوب بطلب أو تكليف بأمره جعل الشارع عقوبة التهديد المصحوب بطلب أو تكليف بأمر أشد من عقوبة التهديد البسيط وعلة ذلك أن التهديد البسيط يقتصر الاعتداء فيه على حق المجني عليه في هدوء نفسه في حين يمتد الاعتداء في التهديد المصحوب بطلب أو تكليف بأمر إلى حرية إرادته كذلك بحمله على سلوك ما كان يقدم عليه لو ظل محتفظا بحرية إرادته ولم يحدد الشارع نوع الطلب أو التكليف بأمر ويقتضي ذلك إطلاق نطاق النص ليشمل كل طلب أو تكليف أياً كان نوعه أو تكييفه أو موضوعه سواء كان مشروعاً أو غير مشروع يجابياً أو سلبياً وسواء كذلك أكان بسيطاً أم معلقاً على شرط .
التفرقة بين التهديد الخطير والتهديد اليسير: يعتمد ضابط هذا التمييز على درجة جسامة الجريمة موضوع التهديد وهذه تتحدد بمقدار عقوبتها التهديد الجسيم هو ما كان موضوعه جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد أو كان موضوعه إفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف أما التهديد اليسير فهو ما كان موضوعه جريمة ضد النفس أو المال عقوبتها دون ما تقدم من العقوبات عدا القذف .
عقوبات التهديد :
على أساس من الضوابط الثلاثة السابقة في التمييز بين أنواع التهديد حدد الشارع عقوبات هذه الجريمة على الوجه التالي:
إذا كان التهديد جسیماً وكان كتابياً وكان مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر فعقوبته السجن بين حديه العامين .
وإذا كان التهديد جسیماً ، وكان شفوياً فعقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة التي لا تزيد على خمسمائة جنيه يستوي في ذلك أن يكون مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر أو غير مصحوب بشيء من ذلك .
وإذا كان التهديد يسيراً فعقوبته الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تزيد على مائتي جنيه يستوي في ذلك أن يكون كتابياً أو شفوياً ويستوي كذلك أن يكون مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر أو غير مصحوب بشيء من ذلك .(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة: 1108) و (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 368 )
تتحقق جريمة التهديد بتوافر ركنين : الركن المادي وهو يتمثل في فعل التهديد والركن المعنوي وصورته القصد الجنائي.
الركن الأول ، فعل التهديد :
هو ترويع المجني عليه وإلقاء الرعب في قلبه بتوعده بإنزال شر معین به.
أولاً : ارتكاب جريمة :
يتحقق التهديد إذا كان موضوعه توعد المجنى عليه بارتكاب جريمة على النفس كالقتل أو الضرب ويدخل في هذا النطاق جرائم العرض كالاغتصاب والإعتداء على الحرية كالخطف أو الحبس أو على المال كالسرقة وقد قضى تطبيقاً لذلك بأنه يكفي أن يكون الجاني قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفسه ويريد تحقيق ذلك الأثر وبأنه لا عبرة بالأسلوب أو القالب الذي تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجاني قد قصد ترويع المجني عليه نقض 8 مايو سنة 1994 مجموعة أحكام محكمة النقض س 45 رقم 94 ص 615.
ثانياً : إنشاء أو نسبة أمور مخدشة بالشرف :
يقصد بذلك إفشاء أو نسبة أمور إلى المجنى عليه تمس سمعته وشرفه واعتباره مما يعد نشره علناً جريمة قذف وفقاً للمادة 302 من قانون العقوبات وهي الأمور التي لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه وقد سوى المشرع بين إفشاء الأمور المخلة بالشرف ونسبتها إلى المجنى عليه وواضح أن المقصود بالإفشاء إذاعة أمور قد وقعت فعلاً من المجني عليه أما نسبة هذه الأمور إليه فتعني أنها لم تقع منه وإنما ينسب إليه زوراً وقوعها منه ولا يجوز للمحكمة أن تقبل من الجاني أن يثبت صحة الأمور التي هدد بإفشائها ولو كان المجني عليه موظفاً وتعلق موضوع التهديد بعمل من أعمال وظيفته فالعقاب يوقع على الجاني سواء كانت الوقائع صحيحة أو مكذوبة.
ولا يشترط المشرع أن يكون التهديد بإفشاء أو نسبة الأمور المذكورة علناً أي بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة 171 ع وإلا كنا بصدد جريمة قذف وهي مما يدخل في جرائم الأشخاص فلم يكن بالمشرع حاجة إلى النص عليها وإنما تتوافر جريمة التهديد إذا كان موضوعه إفشاء أو نسبة هذه الأمور في غير علانية كما لو هدد بإفشائها إلى والد المجنى عليه أو زوجته إذ تتوافر علة التجريم في هذه الحالة أيضاً وهي ترويع المجني عليه وبث الخوف في نفسه.
لا يكفي لتوافر ركن التهديد أن يكون موضوع التهديد إحدى و الصورتين السابق بيانهما وإنما يتطلب المشرع فضلاً عن ذلك أن يتم بإحدى وسيلتين أن يكون كتابة أو أن يكون شفوياً بواسطة شخص آخر.
التهديد الكتابي :
يعاقب المشرع على التهديد الكتابي أياً كانت وسيلة الكتابة فيستوي أن تكون الكتابة بخط اليد أو مطبوعة أو على الآلة الكاتبة وأياً كانت اللغة التي دون بها التهديد العربية أو لغة أجنبية مادام من الممكن فهمها وأياً كانت المادة التي دون عليها فسواء كانت من الورق أو القماش أو الجلد وسواء أن يدون التهديد في خطاب أو على باب منزل المجني عليه أو على متاع مرسل إليه وكذلك يستوي أن يكون التهديد الكتابي ممهورة بتوقيع الجاني أو غير موقع.
ويكفي أن يكون الجاني قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفسه وأنه يريد تحقيق هذا الأثر.
ولا عبرة بالأسلوب أو القالب الذي تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجاني قد قصد ترويع المجني عليه.
وقد ثار التساؤل بصدد التهديد الرمزي ويميز الفقه بين نوعين من هذا التهديد:
الأول : التهديد برسم رمزي ويميل الفقه إلى إلحاقه بالتهديد الكتابي فتقوم جريمة التهديد إذا أرسل الجاني إلى المجني عليه خطاباً يتضمن رسما الرأس مقطوعة أو لجثة تنزف منها الدماء وإذا كانت مقتضيات المصلحة العملية تتطلب هذا التوسع في معنى التهديد الكتابي إلا أننا نرى أن عبارة النص لا تحتمله فالنص يتكلم عن التهديد كتابة أي بالكتابة ومن المؤكد أن معنى الكتابة لا ينصرف إطلاقاً إلى معنى الرسم فلا يصح أن يشمله إلا بناء على تدخل تشريعي .
الثاني : التهديد بفعل رمزى ، ومثاله وضع علبة كبريت ومواد ملتهبة على عتبة منزله رمزاً لجريمة الحريق، أو إغماد خنجر في باب منزله تعبيراً عن جريمة القتل ، ويجمع الفقه على عدم دخول هذا الفعل في نطاق التهديد الكتابي.
ويستوي في التهديد الكتابي أن يكون الجاني قد وجهه مباشرة إلى المجني عليه أو أن يكون قد بعث بخطاب التهديد إلى شخص آخر يهمه أمره عالماً بأن من المتوقع حتماً أن المرسل إليه يبلغ المهدد بالرسالة بالنظر إلى وظيفته أو بسبب العلاقة أو الصلة التي تربطه به.
التهديد الشفوي :
يعتد المشرع بالتهديد الشفوي كوسيلة لجريمة التهديد، ولكنه يشترط لذلك ألا يكون التهديد مباشراً، وإنما يجب أن يتم بواسطة شخص آخر غير المجني عليه . وقد راعى المشرع في ذلك أن التهديد الذي يصدر من الجاني في مواجهة المجنى عليه يكون غالباً ولید ثورة نفسية وانفعال عارض فلا يعبر عن خطورة لدى الجاني كتلك التي يعبر عنها التهديد الكتابي الذي لا يصدر غالباً إلا بعد ترو وتفكير.
ولا يشترط للعقاب على التهديد الشفوي أن يكون الجاني قد طلب من الوسيط صراحة أن يبلغه إلى المهدد وإنما يكفي لقيام جريمة التهديد « أن يثبت أن المتهم كان يقصد إيصال التهديد إلى علم من أراد تهديده بطريق هذا الوسيط ».
ونظراً لأن التهديد الشفوى أقل خطورة من التهديد الكتابي فقد قرر له المشرع عقاباً أخف .
التهديد المصحوب بطلب أو بتكليف بأمر :
يعاقب المشرع على التهديد بنوعيه الكتابي والشفوي سواء كان مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر أو غير مصحوب بذلك فالمشرع يريد بهذه الجريمة أن يعاقب على التهديد في ذاته ومع ذلك فهو يقرر عقوبة أشد في حالة التهديد الكتابي إذا كان مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر أما التهديد الشفوي فالعقوبة المقررة له واحدة سواء كان مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر أو غير مصحوب بذلك.
الركن الثاني : القصد الجنائي :
جريمة التهديد جريمة عمدية يلزم لتحققها توافر القصد الجنائي وهو يتمثل في علم الجاني وقت ارتكاب فعل التهديد أن من شأن فعله أن يزعج المجني عليه ويبث الرعب في نفسه وأن يحمله إذا كان التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر على تنفيذ ما طلبه من المهدد أو ما كلفه به واتجاه إرادته إلى تحقيق هذا الأثر.
وتوافر القصد على هذا النحو يكفي فلا عبرة بعد ذلك لكون التهديد قد حقق أثره في إزعاج المجنى عليه أو لم يحققه كما أنه لا عبرة لكون الجاني قد قصد ارتكاب الفعل موضوع التهديد أو لم يقصد ذلك فالمشرع يعاقب على التهديد في ذاته وليس باعتباره نذيراً بارتكاب الجريمة موضوع التهديد وبديهي ألا عبرة بالبواعث التي حدت بالجاني إلى ارتكاب التهديد فالقصد يتوافر ولو كان الجاني قد قام بالتهديد توصي لا إلى حق له يتعذر عليه إثباته .
عقوبة التهديد :
يميز المشرع ، فيما يتعلق بالعقوبة التي يقررها لجريمة التهديد بين التهديد الكتابي والتهديد الشفوي.
أولاً : عقوبة التهديد الكتابي :
تميز المادة 327 بين حالات ثلاث من حالات التهديد الكتابي فتقرر للأولى عقوبة الجناية وتقتصر بالنسبة للحالتين الأخريين على عقوبة الجنحة وهذه الحالات هي :
الحالة الأولى :
التهديد الكتابي إذا كان موضوعه ارتكاب جريمة ضد النفس أو المال مما يعاقب عليه بالإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف يعتبر جناية عقوبتها السجن إذا كان مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر (المادة 1/327 ع).
ويترتب على اعتباره جناية أن يعاقب على الشروع فيه وفقاً للمادة 46 من قانون العقوبات ويعتبر الجاني شارعاً في جناية التهديد إذا كان قد أرسل خطاب التهديد إلى المجنى عليه ولكنه لم يصل إليه لسبب خارج عن إرادة الجاني فالشروع يتحقق بمجرد إلقاء الخطاب في صندوق البريد أو تسليمه إلى شخص ليوصله إلى المجنى عليه أما مجرد كتابة الخطاب مع بقائه في يد محرره فلا يكون إلا مجرد عمل تحضيري وتصبح الجريمة تامة بوصول الخطاب إلى المجنى عليه.
الحالة الثانية :
التهديد الكتابي إذا كان موضوعه ارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد أو إفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف ولم يكن مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر فإنه يكون جنحة عقوبتها الحبس (المادة 2/327 ع).
الحالة الثالثة :
التهديد الكتابي إذ كان موضوعه ارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة أي يعاقب عليها بعقوبة أدني من السجن المشدد يعتبر جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تزيد على مائتي جنيه (المادة 4/327ع) سواء أكان التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر أم غير مصحوب بذلك.
ثانياً : عقوبة التهديد الشفوي :
يميز المشرع فيما يتعلق بالتهديد الشفوي بين حالتين :
الحالة الأولى :
التهديد الشفوي بواسطة شخص آخر إذا كان موضوعه ارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف يعتبر جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوباً بتكليف بأمر أم لا (المادة 3/327 ع).
الحالة الثانية :
التهديد الشفوي بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعتبر جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر أو الغرامة التي لا تزيد على مائتي جنية سواء أكان مصحوباً بتكليف بأمر أم غير مصحوب بذلك (المادة 4/327 ع).(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 858)
الفقرتان الثالثة والرابعة معدلتان بالقانون رقم 7 لسنة 1948 الصادر في له 21 يناير سنة 1948 (الوقائع المصرية في 26 يناير سنة 1948- العدد 10).
وقد عدلت فيهما عقوبة الغرامة بالقانون رقم 29 لسنة 1982 وكانت الغرامة قبل التعديل (لاتزيد على خمس جنيهاً) في الفقرة الثالثة ولا تزيد على عشرين جنيهاً) في الفقرة الرابعة.
تعريف التهديد :
يمكن تعريف التهديد بأنه توجيه عبارة أو ما في حكمها إلى المجني عليه عمداً يكون من شأنها أحداث الخوف عنده من ارتكاب جريمة أو إفشاء أو نسبة أمور مخدشة بالشرف إذا وجهت بالطريقة التي يعاقب عليها القانون.
ويبين من هذا التعريف أن جريمة التهديد في أية صورة من صورها تستلزم لقيامها أركان ثلاثة وهي :
الركن الأول : فعل التهديد :
لم يتعرض القانون لبيان ما يعد تهديداً ومالاً يعد كذلك والأمر في ذلك متروك لتقدير المحكمة فكل عبارة يكون من شأنها ازعاج المجنى عليه أو إلقاء الرعب في نفسه أو إحداث الخوف عنده من خطر يراد إيقاعه بشخصه أو ماله تعتبر داخلة في حكم المادة محل التعليق متى كان الشيء المهدد به من نوع ما نص عليه في تلك المادة ولا يمنع من اعتبار القول أو الكتابة تهديداً أن تكون العبارة محوطة بشئ من الإبهام أو الغموض متى كان من شأنها أن تحدث الأثر المقصود منها في نفس من وجهت إليه وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 327 على التهديد بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ( قبل إلغائهما) أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف وهو أشد أنواع التهديد خطراً لأنه ينذر المجني عليه بخطر جسيم على نفسه أو ماله أو سمعته.
والمقصود بالتهديد بأمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 327 من قانون العقوبات هو إفشاء أمور أو نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه وهي الأمور التي أشير إليها في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات والتهديد في هذا المعنى يشمل التبليغ عن جريمة سواء أكانت صحيحة وقعت بالفعل أو كانت مختلفة.
ولا يلزم أن تكون عبارات التهديد قد وجهت مباشرة إلى ذات الشخص الذي قصد تهديده في نفسه أو ماله ولذلك فإنه يكفي للعقاب بموجبها أن يكون الجاني قد أعد رسالة التهديد لتصل إلى علم المراد تهديده سواء أرسلها إليه فتلقاها مباشرة أو بعث بها إلى شخص آخر فتلقاها هذا الآخر ثم أبلغه أو لم يبلغه أياها هذا ولا يشترط أن يكون الجاني الذي يختار هذا الطريق الآخر في توجيه رسالته قد قصد أن يقوم المرسل إليه بتبليغ المعني بها بل يكفي أن يثبت في حقه عدم جهله بأن الطريق الذي سلكه محفوف بما يجب معه أن يتوقع الإنسان أن المرسل إليه بحكم وظيفته أو بسبب علاقته أوصلته بالشخص المقصود بالتهديد سوف يبلغه الرسالة.
الكتابة :
يشترط لتوقيع عقوبة السجن إذا توافرت الشروط الأخرى أن يكون التهديد بالكتابة ولم يقيد القانون الكتابة بوضع خاص فيصح أن يكون المكتوب خطاباً وليس بذي شأن أن يوقع عليه كاتبه كما يصح أن تكتب عبارات التهديد على باب أو حائط أو على متاع يرسل بطريق البريد وقد تكون الكتابة رمزية كأن يرسم الجاني في ورقة أو على باب حائط خنجراً في الصدر أو رأساً منفصلة عن الجسم أو حريقاً مشتعلاً وما إلى ذلك مما يدل على أن الجريمة التي يقصد الجاني تهديد المجني عليها بها ولكن يخرج من حكم المادة 327 التهديد بفعل رمزي كأغماد خنجر في باب المجني عليه أو وضع مواد ملتهبة وعلبة كبريت على عتبة منزله.
الطلب أو التكليف بأمر :
عد القانون التهديد المصحوب بطلب أو بتكليف بأمر أشد خطراً من التهديد البسيط وعاقب عليه بعقوبة أشد مما لو لم يكن مصحوبة بشئ وذلك لأنه فضلاً عما يترتب عليه من إزعاج خاطر المجني عليه فإنه يكلفه بالقيام بعمل على رغم إرادته ففيه علاوة على التهديد معنى القهر والإرغام وقد جاء النص على الطلب أو الأمر مطلقاً وعلى ذلك فيعاقب على التهديد سواء أكان الطلب قائما على مال أو على شيء آخر وسواء كان التكليف خاصا بعمل أو بامتناع عن عمل وسواء كان الطلب مشروعا أو غير مشروع وسواء أكان الطلب أو الأمر الحاصل التكليف به خاص بشخص المجنى عليه أو المتهم أو بغيرها فيدخل في عداد الجريمة من يرسل إلى رئيس المصلحة خطاباً يهدده فيه أن لم بيه في وظيفة ومن يرسل إلى جاره خطاباً يهدده فيه بالقتل أن لم يمنع بهائمه من زراعته أو إن لم يمتنع عن التكلم في حق الآخرين والدائن الذي يهدد مدينه بالقتل إذا لم يقم بسداد الداين والمؤجر الذي يهدد المستأجر إذا لم يخل الأرض.
الركن الثاني : طرق التهديد :
يستلزم القانون في التهديد المعاقب عليه أن يقع بإحدى طريقين أما بالكتابة وأما أن يكون شفوياً ولكن بتوسيط شخص آخر أما التهديد الشفوي الذي يوجه إلى المهدد مباشرة دون توسيط وسيط فلا تقوم به الجريمة مهما كان الأمر المهدد به خطيراً ومهما توافر لدى الجاني من قصد جنائى .
الركن الثالث : القصد الجنائي :
يعتبر القصد الجنائي متوافراً متى علم الجاني أن أقواله أو كتاباته يترتب عليها إزعاج خاطر المجني عليه في حالة التهديد البسيط وإكراهه رغم إرادته على الفعل المطلوب منه في حالة التهديد المصحوب بطلب أو بتكليف بأمر.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع، الصفحة : 199)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 257 ، 284
(مادة 532)
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، أو بغرامة لا تجاوز مائة جنيه من هدد غيره بسلاح حاد او ناري.
وتضاعف العقوبة إذا حصل مع التهديد إطلاق السلاح الناري.
(مادة 530)
يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد غيره كتابة بإرتكاب جناية ضد النفس ، أو العرض ، أو المال ، أو بنسبة أمور تخدش الشرف ، وكان التهديد مصحوباً بطلب ، أو بتكليف بأمر . وتكون العقوبة الحبس إذا كان التهديد غير مصحوب بطلب أو بتكليف بأمر .
(مادة 531)
يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه كل من هدد غيره شفهياً بواسطة شخص آخر بشيء مما ذكر في الفقرة الأولى من المادة السابقة ، سواء كان التهديد مصحوباً أو غير مصحوب بطلب أو بتكليف بأمر .
وتكون العقوبة الغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه إذا لم يبلغ التهديد درجة الجسامة المذكورة ، أو كان مباشراً .
(مادة 583)
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه كل من حمل آخر بطريق التهديد كتابة أو شفاهة على تسليم نقود ، أو منقولات ، أو ما في حكمها غير مملوكة له بالكامل .
وتضاعف العقوبة إذا كان التهديد بإفشاء أو إسناد أمور متعلقة بالعرض أو الشرف ، ولو كانت صحيحة .
ويعاقب على الشروع في هذه الجريمة بعقوبة الجريمة التامة .
الجرائم الواقعة على المال
الفصل الأول
السرقة وما في حكمها، والاغتصاب والابتزاز
المواد من (567) - (584) :
تقابل مواد هذا الفصل المواد من (311) - (326) من القانون القائم ، معدلة بالقوانين أرقام (39) لسنة 1939 ، (13) لسنة 1940 ، (64) لسنة 1947 ، (424) لسنة 1954 ، (112) لسنة 1956 ، (136) لسنة 1956 ، (14) لسنة 1973 ، (59) لسنة 1977 ، (90) لسنة 1980 ، وأهم سمات المشروع ما يلي :
1- المادة (355) من المشروع عرفت السرقة بأنها إختلاس منقول مملوك لغير الجاني بقصد إمتلاكه، ثم عددت الحالات التي يتحقق فيها الإختلاس إضافة لحالات جديدة وتقنيناً لما استقر عليه القضاء المصري، فالفقرة الثانية من المادة تعرض لما يعد إختلاساً، وبأنه كل فعل يخرج به الجاني المال من حوزة غيره دون رضائه ولو عن طريق غلط وقع فيه الغير ، وذلك لإدخاله في حيازة أخرى ، كما نصت الفقرة الثالثة على قيام جريمة السرقة إذا كان الفاعل لا يملك الشيء المسروق وحده بل كان شريكاً على الشيوع فيه.
كما وأن الفقرة الأخيرة أوضحت أنه يعتبر منقولاً في تطبيق أحكام السرقة ، المنقول حسب المال ، وكذلك القوى الطبيعية كهربائية أو مائية أو ضوئية ، وكل طاقة أو قوة محرزة أخرى ، ليتسع بذلك معنى المنقول ليواكب التقدم العلمي وما قد يأتي به مستقبلاً من مخترعات ما دامت تشکل قوة أو طاقة محرزة .
2- جعل المشروع من الإكراه أو التهديد بإستعمال السلاح ، أو إستخدام أية وسيلة تعدم المقاومة أو تنقص منها قسائم متساوية ، بعد أن ثار خلاف بين الفقه والقضاء في إعتبار التهديد بإستعمال السلاح قرين الإكراه ، حيث يغفل الشارع ذكر التهديد بإستعمال السلاح ونزولاً على آراء الفقه ما استقر عليه القضاء من تعريف الإكراه بأنه كل وسيلة قسرية تعدم أو تقلل قوة المقاومة عند المجني عليه أو الغير الذي يقاوم الجاني لصالح المجني عليه ، فقد نص المشروع على إعتبار استخدام أية وسيلة تعدم المقاومة أو تنقص منها ، نوعاً من الإكراه وصورة من صور أعمال القسر ، فمن يستعمل عقاقير أو جواهر مخدرة ليعدم قوة المقاومة لدى المجني عليه أو ينقص منها ؛ ليتمكن بذلك من إختلاس المنقول - يعد مستعملاً لطرق قسرية ، وبداهة أن هذا الحكم يسري في شأن الغير الذي يقاوم الجاني لصالح المجني عليه في السرقة .
3- المادة (571) من المشروع استحدثت حكماً بمقتضاه تكون العقوبة بالإعدام للجرائم المبينة في المواد الثلاث السابقة عليها ، إذا ترتب على الإكراه أو التهديد أو إستخدام وسيلة مما ذكر في هذه المواد - موت شخص ، وذلك زجراً وردعاً للجناة في هذه الجرائم الخطيرة .
4 - المادة (573) من المشروع تقابل المادة (317) من القانون القائم ، وقد بين المشروع فيها الظروف المشددة لجنحة السرقة ، وأضاف إليها من تلك الظروف ما تستلزمه المصلحة العامة ، وقد أبانت عنها اثنتا عشرة فقرة تباعاً ، روعي في صياغتها الوضوح والدقة والبعد عن اللبس ، بما لا يحتاج إلى إضافة .
5- المادة (574) من المشروع تبين حالات السرقة الإعتبارية ، وهي إختلاس مالك المنقول له بعد أن كان قد رهنه لدين عليه أو على غيره ، كذلك من يعثر على شيء أو حيوان مفقود ولم يرده إلى صاحبه ، أو لم يسلمه إلى مقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام إذا إحتبسه بنية تملكه ، وهذه الفقرة الأخيرة تقابل (321) مکرراً من القانون القائم ، مضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ، وقد حلت هذه المادة محل دكريتو الأشياء الفاقدة بعد إدخال التعديل عليه حتى يكون النص أكثر إنضباطاً ، ثم سوى المشروع في الحكم بين العثور على الشيء المفقود والإستيلاء على مال ضائع ، أو وقع في حيازته بطريق الغلط أو الصدفة.
هذا وقد عرضت الفقرة الأخيرة من المادة لسرقة الحاصلات والثمار الزراعية التي لم تنقل من الحقل أو البستان ، فأجاز الحكم بعقوبة الغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه ، ومناط إعمال هذه الإجازة أن لا يبارح الجاني مكان وجود هذه الحاصلات أو الثمار ، فهي قاصرة في الواقع على من يأكل هذه الأشياء في الحقل أو البستان .
6- المادة (576) من المشروع مستحدثة بما تضمنته من جواز إضافة عقوبة الجلد أربعين جلدة إلى العقوبات المبينة في المواد السابقة عليها ، وغني عن البيان أن الأربعين جلدة تمثل الحد الأقصى لعقوبة الجلد، ومن ثم جاز للقاضي أن ينزل عن ذلك والعقوبة مستوحاة من عقوبة الجلد في الشريعة .
7- المادة (577) من المشروع مستحدثة وقصد منها حماية الأحداث من التغرير بهم ودفعهم إلى إرتكاب جرائم السرقة ، وتتحقق الجريمة قبل الجاني بمجرد تحريض الحدث - وهو من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره - فإن أتى التحريض ما قصده الجاني منه عد شریكاً بالتحريض للحدث .
8- المادة (578) من المشروع تقابل المادة (323) مکرراً أولاً من القانون القائم مضافة بالقانون رقم (90) لسنة 1980 ، واتسع حكمها ليشمل إلى جانب السيارة الدراجة ، أو أية آلة ميكانيكية ، أو دابة من دواب الجر، أو الركوب أو العمل ، متى تم الإستعمال أو الإستخدام بغير موافقة المالك ، وهذه الجريمة سرقة إعتبارية؛ لأنها ترد على المنفعة وليس ملكية الشيء ، كما أنها مجردة من نية التملك، فإن لابستها هذه النية كانت الجريمة سرقة حقيقية لا مراء فيها .
9- المادة (581) من المشروع تقرر ظرفاً مشدداً للجنح المنصوص عليها في هذا الفصل ، يترتب على توافره تغليظ العقوبة برفعها إلى ضعف المقررة لها ، وذلك متى وقعت الجريمة المعنية بإنتهاز الجاني حدوث هياج أو فتنة أو حريق أو أية كارثة أخرى ، فإن لم يكن الجاني قد إنتهز ظرفاً مما ذكر ، كان عاقداً العزم على السرقة ، ثم تصادف حدوث شيء مما ذکر - فلا يعد ذلك ظرفاً مشدداً قبله ، بمعنى أنه يجب أن تقوم في ذهن الجاني فكرة الجريمة بالنظر إلى حادث مما ذكر ، وأنه ما كان يفعل لولا هذا الحادث .
10 - المادة (582) من المشروع صيغت بوضوح لتشمل مطلق السند وعمومه دون تمثيل بأنواع تدخل في عمومه كما يفعل التشريع القائم في المادة (325) منه ، ويأخذ ذات الحكم تعديل السند أو إلغاؤه أو إتلافه أو توقيعه لإتحاد الحكمة من التجريم في جميع هذه الحالات ، على أن مناط العقاب هو الحصول على شيء مما عدده النص بالقوة أو التهدید آیاً كان نوعه مادياً أم أدبياً ، أم بإستخدام أية وسيلة قهرية ، فالعبرة إذن في هذه الوسائل أن تؤثر أو يكون من شأنها أن تؤثر في رضاء المجني عليه ، فيذعن لمطالب الجاني ، وما كان ليذعن لولا إستخدامها قبله ، أو أن تسلبه إرادته .
واستحدثت الفقرة الثانية من المادة ظرفاً مشدداً برفع العقوبة إلى السجن المؤبد أو المؤقت إذا نشأ عن الفعل جروح ، فإن نشأ عن الفعل موت شخص كانت العقوبة الإعدام ، وعلى هذا نصت الفقرة الأخيرة من المادة .
11 - المادة (583) من المشروع تعاقب على إبتزاز مال الغير بالتهديد ، ويستوي في حكمها أن يكون هذا المال غير مملوك بالكامل للجاني ، فإن كان المال مملوكاً له بالكامل انحسر تطبيق النص عليه ، وقد عرضت الفقرة الثانية من المادة إلى ظرف مشدد يترتب عليه مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ، هذا ويعاقب المشروع على الشروع في الجريمة بعقوبة الجريمة التامة .
12 - المادة (584) من المشروع تعرض لقيود رفع الدعوى الجنائية في جرائم هذا الفصل وقد رئي أخذا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنت ومالك لأبيك» عدم جواز إقامة الدعوى الجنائية في جريمة من جرائم هذا الفصل قبل الأب، وإن علا، وسار المشروع على هذا النهج بالنسبة لجرائم الأموال التي أفصح عنها فيما بعد ، على أنه من المفهوم إذا صاحبت الجريمة أفعال يؤثمها القانون فإن الحظر يقتصر على جريمة السرقة دون غيرها من الأفعال .
أما إذا وقعت الجريمة من أحد الزوجين على مال الآخر ، أو من أحد الفروع على مال الأصول - فإن الدعوى لا تقام إلا بناء على شكوى من المجني عليه الذي يملك التنازل عن الشكوى فتنقضي الدعوى الجنائية بهذا التنازل متى لم يكن قد صدر في الدعوى حكم بات ، فإن كان قد صدر كان للمجني عليه أن يمنع تنفيذه أو الإستمرار في تنفيذه إن كان قد بدء في تنفيذه .
13- اقتضى المنهج الذي سلكه المشروع تبويب أحكام هذا الفصل ، ونقل الأحكام المقررة لإختلاس الأشياء المحجوزة قضائياً أو إدارياً ، والتهديد الكتابي والشفهي بواسطة شخص آخر إلى مواضعها الطبيعية المناسبة في المشروع .
التهديد
المواد من (530) إلى (532) :
تقابل المادتان (530) ، (531) من المشروع وبصفة عامة المادة (327) من القانون القائم ، مع ضبط صياغتها دون خروج على مضمون النص القائم ، فقد نصت المادة (530) من المشروع على عقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات لمن هدد غيره كتابة بإرتكاب جناية ضد النفس أو العرض أو المال ، أو هدد هذا الغير بنسبة أمور تخدش الشرف ، متى كان التهديد في الحالتين مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر ، وغني عن التنويه أن حالة التهديد الكتابي بإرتكاب جناية ضد النفس أو العرض أو المال - تتساوى في الحكم في حالة التهديد بنسبة أمور تخدش الشرف ، ويشترط في الحالتين فوق الكتابة أن يكون التهديد مصحوباً بطلب أو يتكلف بأمر لما يثيره ذلك من الرعب في نفس المجني عليه ، فإن لم يتوافر تكون العقوبة الحبس إذا كان التهديد المذكور غير مصحوب بطلب أو تكليف بأمر.
2- والمادة (531) من المشروع تعالج التهديد شفاهة عن طريق الغير بشيء مما ورد ذكره في المادة السابقة ، يستوي في هذا النوع من التهديد أن يكون مصحوباً بطلب أو تكلیف بأمر أولاً ، فإذا لم يبلغ التهديد درجة الجناية المذكورة ، أو كان مباشرة من الجاني إلى المجني عليه دون وساطة الغير – كانت العقوبة مخففة لا تجاوز مائتي جنيه .
3- المادة (532) من المشروع مستحدثة ، وهي تتناول بالعقاب مجرد تهديد الغير بسلاح حاد أو نار ، لأن في هذا الفعل بذاته ما يثير الخوف والرعب في المجني عليه ، فإذا صحب هذا التهديد إطلاق السلاح الناري ، ضوعفت العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة .