أما المحظورات فقد وردت في نص المادة (57) حيث حظرت قيام العامل بنفسه أو بواسطة غيره بالأعمال الآتية :
1- الاحتفاظ بأصل أي ورقة أو مستند خاص بالعمل.
2- العمل للغير سواء بأجر أو بدون أجر إذا كان في ذلك مايخل بحسن أدائه لعمله أو يمكن الغير من التعرف على أسرار المنشأة.
3- ممارسة نشاط مماثل لصاحب العمل أثناء سريان عقده.
4- الاقتراض من عملاء صاحب العمل.
5- قبول هدايا أو مكافآت وعمولات بمناسبة قيامه بواجباته بغير رضاء صاحب العمل.
6- جمع نقود أو تبرعات أو منشورات أو توقيعات أو تنظيم اجتماعات بدون موافقة صاحب العمل مع مراعاة ما تقضي به القواعد المنظمة للنقابات العالية. (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 230)
النصوص المقابلة :
حكم هذه المادة مستحدث وقد نقلت بعض فقراتها مما سبق أن نصت عليه المادة (71) من قانون العمل الملغي رقم 91/ 59 كانت تجيز فصل العامل إذا ارتكب أي من الأخطاء المشار إليها فيها على سبيل الحصر وقد أورد النص بياناً بالأعمال والتصرفات التي يحظر على العامل أن يقوم بها وقد استعان في ذلك بما ورد في القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام ، كما استحدث النص بعض الواجبات واستبقى واجبات أخرى وردت في القانون رقم 137 لسنة 1981 مع إعادة صياغتها ويؤخذ على النص أنه كرر ما سبق أن نصت عليه المواد السابقة كما أورد تزيداً لا لزوم له عند سرد هذه التصرفات المحظورة على العامل والتي مكانها في لائحة العمل والجزاءات وليس في صلب القانون فقد حظر الإحتفاظ من جانب العامل بأصل أية ورقة أو مستند خاص بالعمل وهذا الحظر هو نفسه الإلتزام الوارد بالمادة (56) فقرة (د) سالفة الشرح ، كما حظر على العامل القيام بعمل للغير بأجر أو بدون أجر إذا كان من شأن ذلك إتاحة التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل - وهذا هو نفسه الإلتزام الوارد بالمادة (56) فقرة (ج) سالفة الشرح (3) أما حظر الإقتراض من عملاء صاحب العمل وحظر جمع النقود والتبرعات فهي التزامات منصوص عليها بلائحة العمل النموذجية الصادرة بقرار وزير القوى العاملة رقم 33 لسنة 1982 المنفذ للمادة (59) من القانون السابق (2) (بنود 50 و 51 و 52).
وهكذا يتضح أن النص الراهن ينطوي على تزيد وتكرار وهو ما يلاحظ في مواضع متفرقة من القانون وكان الأجدر بالمشرع أن يتجنبه .
ولعل المشرع قد أراد من هذا التكرار التأكيد على هذه المحظورات حتى لا يمكن للعامل حال مخالفتها التذرع بأي مبرر ينفي المسئولية والمشرع في هذه المحظورات قد رأى بالتكرار مصلحة العامل ورب العمل في وقت واحد وربما مصلحة رب العمل لأن مخالفة هذه الإلتزامات سوف تضر بالمنشأة التي يعمل بها العامل أكثر من الضرر الذي قد يقع للعامل والذي سوف ينتهي بالمساءلة التأديبية . (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 27)
موقف المشرع في المادة 57/ب من قانون العمل :
- تحظر المادة 57/ب على العامل أن يعمل لدى الغير سواء بأجر أو بدون أجر إذا كان في قيامه بهذا العمل ما يخل بحسن أدائه لعمله، أو لا يتفق مع كرامة العمل، أو يمكن الغير أو يساعده على التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل .
وقبل أن نتناول النص بالشرح يجب التساؤل عما إذا كان الأصل هو عدم اشتغال العامل لدى صاحب عمل آخر في نفس الوقت، أم أن هذا الحظر قد جاء على سبيل الاستثناء، حيث يكون الأصل حرية العمل .
يتنازع هذه المسألة مبدأن، الأول مبدأ حرية العمل، الثاني التزام العامل بالإخلاص تجاه صاحب العمل .
فمبدأ حرية العمل يقتضي أن يكون للعامل الحرية في أن يعمل لحساب أصحاب عمل آخرين، فالجمع بين أكثر من عمل ليس محظورة وإنما يعتبر ممارسة الحرية العمل .
وفي مواجهة ذلك يوجد التزام العامل بالإخلاص لصاحب العمل، وهذا يقتضي تقييد حرية العامل في العمل لدى صاحب عمل آخر في نفس الوقت متى ، كان ذلك ينطوي على أي تعارض مع التزامات العامل وحقوق صاحب العمل .
- وإمعان النظر في المادة 57/ب يفيد أن الأصل هو حرية العمل والاستثناء هو تقييد تلك الحرية إعمالاً للالتزام بالإخلاص، فالأصل حرية العمل لدى الغير فالمادة 57/ب لا تحظر ذلك إلا في حالات محددة تنطوي جميعاً على إخلال العامل بالتزامه بالإخلاص .
الحالة الأولى: أن يكون العمل لدى صاحب عمل آخر من شأنه الإخلال بحسن أداء العمل، فلو كان العامل يقوم بالعمل خلال ساعات عمله كاملاً مما يجعله في حاجة للراحة بعد انتهاء العمل الاستئناف عمله على وجه كامل في اليوم التالي، فإن ذلك يعتبر إخلالاً من جانب العامل بحسن أداء عمله، أما إذا كان العامل يعمل بعض الوقت لدى صاحب العمل، فإنه لا تعارض مع حسن أداء العمل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر بعض الوقت كذلك .
الحالة الثانية: إذا كان العمل الذي يلتحق به العامل لا يتفق مع كرامة العمل، والحقيقة أن هذه الحالة تثير التساؤل حول كيف أن يكون العمل المشروع من شأنه المساس بكرامة العمل وصاحب العمل الأول، ويقصد بهذه الحالة في الواقع الالتحاق بعمل وأن كان لا ينطوي على منافسة لصاحب العمل إلا أنه يثير الشبهات حول العامل كأن يلتحق موظف بالبنك بالعمل لدى أي العملاء الذين لهم مصالح قوية مع البنك، فالعامل إذا وضع نفسه موضع الشبهات فإن ذلك يؤثر على حياده في عمله في البنك مثلاً .
ونرى ضرورة التضييق في فكرة كرامة العمل بحيث يكون العمل من شأنه أن يضع العامل موضع الشبهات ويثير الشبهات حول حسن سير العمل وانضباطه لدى صاحب العمل الأول، فلا يجب إغفال أن العمل لدى صاحب عمل آخر لا يكون غالباً إلا لسبب مادي، ويجدر بصاحب العمل الأول أن يكفل الأجر المناسب العامل ليكفيه مشقة العمل لدى صاحب آخر في نفس الوقت.
الحالة الثالثة: إذا كان العمل لدى الغير من شأنه أن يمكن الغير أو يساعده على التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل.
وهذه الحالة تنطوي علی صورتين: الأولى إذا كان العمل لدى الغير من شأنه أن يتعرف على أسرار المنشأة حتى لو كان هذا الغير لا يقوم بعمل منافس، فالحفاظ على أسرار العمل يعتبر باعثاً مشروعاً يبرر حظر العمل لدى الغير، وقد يهتم الغير بمعرفة هذه الأسرار لينقلها إلى شخص منافس أو للإساءة لصاحب العمل بصورة أو بأخرى.
والصورة الثانية وهي أن يكون الالتحاق بالعمل لدى الغير المنافس، فالالتزام بالإخلاص يستوجب بادىء ذي بدء عدم الإضرار بصاحب العمل عن طريق تقديم يد العون للمنافس وليس بنقل الأسرار وإنما بوضع العامل لخبرته تحت تصرف مشروع منافس، فالإخلاص لصاحب العمل ومساعدة المنافس يتعارضان.
- وفي خارج إطار الحالات الثلاثة السابقة يستبقى العامل حريته في العمل لدى الغير، وتعتبر هذه الحالات قد وردت على سبيل الحصر، كما أنها تتعلق بالنظام العام بحيث يبطل أي شرط عقدي يحظر على العامل العمل لدى الغير في غير الحالات الواردة في المادة 57/ب، فلا يجب إغفال أن الأصل هو حرية العمل لدى لغير إعمالاً لمبدأ حري العمل ، ولكن صاحب العمل يمكنه أن يتعلل بسهولة بأن العمل لدى الغير يخل بحسن أدائه لعمله والمساس بكرامة العمل.
ولكن هذه الحالات من السعة بحيث تستوعب معظم الشروط العقدية التي تحظر العمل لدى الغير، ومع هذا فإن ذلك لا يخل بأن القيود الواردة في المادة 57/ب لا تتعلق بالنظام العام لأنها وردت استثناء على الأصل وهو حرية العمل، ولكن صاحب العمل يمكنه أن يتحلل بسهولة بأن العمل لدى الغير يخل بحسن أدائه لعمله والمساس بكرامة العمل. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 485)
يجوز لرب العمل أن يضمن عقد العمل وقت تحريره أو ملحق لهذا العقد شرطاً يحظر على العامل منافسته بعد إنهاء العقد، ويشترط لصحة هذا الشرط :
1- أن يكون العمل الموكول للعامل يسمح له بمعرفة عملاء رب العمل أو بالإطلاع على سر أعماله، كما لو كان مندوب توزيع أو مندوب مشتريات أو فنی أحاطه رب العمل بكيفية تكوين وصنع المادة الخام التي تستعمل في الإنتاج. ولا يلزم أن يكون العامل منوطا به ذلك في عقد العمل، إذ يكفي أن يتحقق له ذلك أثناء مباشرة العمل.
2- أن تتوافر أهلية العامل ببلوغه سن الرشد وقت إبرام العقد، فلا يكفي أن يكون قد بلغ الثامنة عشرة من عمره، أو يكون مأذونا له بالادارة، لأن المنع من العمل يمس الحرية الشخصية وبالتالي يجب أن يكون الشخص كامل الأهلية وقت التزامه بذلك. فإن كان في ذلك الوقت ناقص الأهلية، جاز له التمسك ببطلان الشرط حتى لو كان قد إكتمل الأهلية وقت التمسك بالبطلان، والبطلان المترتب على ذلك غير متعلق بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها، ولكن يجوز للعامل التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
والعبرة بوقت التزام العامل بعدم المنافسة، فإن كان ذلك قد تضمنه ملحق عقد العمل، وجب أن يكون في ذلك الوقت قد بلغ رشده، حتى لو كان وقت إبرام عقد العمل لم يبلغ سن الرشد، إذ يكون قد التزم بعدم المنافسة وقت إبرام ملحق عقد العمل ولم يلتزم بذلك وقت إبرام عقد العمل.
3- يجب أن يكون الحظر مقصورا على مدة معقولة، نرى. ألا يتجاوز سنة واحدة من تاريخ إنهاء علاقة العمل، وأن ينحصر في المنطقة التي يباشر رب العمل نشاطه فيها وفقا لطبيعة هذا العمل، فلا يمتد إلى ما يجاوزها، وأن يتعلق بذات العمل الذي يباشره رب العمل أو بمثيله الذي تتحقق به المنافسة.
4- ألا يكون إنهاء العقد راجعا الى تقصير من العامل، كما لو كان الفسخ يرجع إلى إخلال رب العمل بالتزاماته أو لرفضه تجديد العقد.
5- أن يتضمن عقد العمل أو ملحقه التزام العامل بعدم المنافسة، فمصدر هذا الالتزام هو العقد وليس القانون، وبالتالي إن لم يتم الاتفاق على الحظر، جاز للعامل منافسة رب العمل . (راجع المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 559)
إذا تضمن عقد العمل التزام العامل بعدم منافسة رب العمل، ثم أخل بهذا الإلتزام، كان مسئولاً عن تعويض رب العمل عن الأضرار التي لحقته بسبب هذا الخطأ، ويقدر التعويض وفقاً للقواعد العامة بما فات رب العمل من کسب وما لحقه من خسارة .
فإن تضمن العقد أيضاً تعويضاً إتفاقياً تمثل في شرط جزائي، فإن المحكمة تلتزم بالفصل في الدعوى بالنظر لهذا الشرط وحده ، فإن تبين لها أنه غير مبالغ فيه، قضت بالتعويض الذي تضمنه الشرط، أما إن تبين لها أن الشرط الجزائي مبالغ فيه، فليس لها تخفيضه حسبما تقضى به القواعد العامة، وإنما يجب عليها أن تقضى ولو من تلقاء نفسها ببطلانه وبطلان شرط عدم المنافسة لتعلقه بحرية العمل ذات الإتصال بالنظام العام . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 561 )
المقرر أن العامل يلتزم أداء عمله في المواعيد المتفق عليها أو المحددة في القانون، وبعد إنتهاء عمله تكون له الحرية الكاملة في الإستفادة بأوقات فراغه.
فللعامل أن يقضي أوقات فراغه على أي وجه، سواء في الراحة، أو في مباشرة هواية أو ممارسة رياضة.
كما أن له أن يقوم بالعمل لحسابه الخاص أو لحساب صاحب عمل آخر، وليس لصاحب العمل الأول أن يعترض على ذلك مادام العامل يقوم بما يكلفه به من أعمال على النحو المتفق عليه، وطالما لم يتفق عند التعاقد على منع العامل من القيام بأي عمل آخر في أوقات فراغه .
ولكن إذا كان العامل يعمل بعد إنتهاء مواعيد العمل سواء لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر إلا أنه لا يجوز له بعمله هذا أن ينافس صاحب العمل، وهذا أمر يقتضيه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد.
وعلى ذلك فالعامل الذي يشتغل في مصنع أحذية، لا يجوز له أن يعمل في وقت فراغه في صناعة أحذية يقوم هو ببيعها مباشرة إلى المستهلكين أو لحساب مصنع آخر للأحذية، ولكن يجوز لهذا العامل أن يقوم بأعمال النجارة لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر، ذلك أنه لا ينافس بذلك صاحب مصنع الأحذية .
كذلك إذا كان العمل الذي يقوم به العامل بعد إنتهاء مواعيد العمل يؤدي إلى إرهاقه وعدم حصول بدنه على الراحة اللازمة له مما يؤثر على عمله في اليوم التالي فإنه يمتنع عليه القيام بمثل هذا العمل.
ويعتبر هذا الإلتزام من الإلتزامات الجوهرية، ويضحى الإخلال به من قبيل الخطأ الجسيم الذي يبرر فصل العامل عملاً بالمادة 69 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 .
الإتفاق على عدم المنافسة بعد إنتهاء العقد :
رأينا فيما تقدم أن العامل يلتزم أثناء تنفيذ العقد بعدم منافسة رب العمل، أما بعد إنتهاء العقد فإن العامل يكون حراً في مزاولة العمل الذي يريده وأن ينافس رب العمل. فله أن يمارس ذات العمل الذي يمارسه رب العمل، وله أن يعمل لدى آخر يمارس العمل ذاته. وكل ما يلتزم به العامل قبل صاحب العمل بعد إنتهاء عقد العمل هو الإحتفاظ بأسرار صاحب العمل.
غير أنه في كثير من الحالات لا يكتفي رب العمل بهذا الإلتزام القانوني الذي يقع على عاتق العامل لأنه لا يحقق له الحماية الكاملة إذ من الممكن أن يستغل العامل هذه الأسرار لنفسه ولذلك يلجأ صاحب العمل إلى طريق آخر أكثر فاعلية يضمن له حماية أكبر، ويتحقق ذلك فيما يسمى بشرط الإتفاق بعدم المنافسة، ويكثر هذا الشرط في العقود الخاصة بالصناعات الكيماوية وبالنسبة للوسطاء التجاريين وكبار العاملين في الأعمال المصرفية.
ولاشك أن الشرط المذكور يعتبر قيداً على حرية العامل في العمل وهي متعلقة بالنظام العام، ولهذا على الشارع في القانون المدني بتنظيم أحكامه في المادتين 686، 687 منه.
الشروط اللازمة لصحة الإتفاق بعدم المنافسة :
يشترط لصحة الإتفاق بعدم المنافسة توافر الشروط الآتية :
(1) أن يكون العامل بالغاً سن الرشد وقت إبرام العقد :
فلا يكفي لصحة هذا الشرط أن يتوافر لدى العامل الأهلية اللازمة لإبرام العقد، أو أن يقبله وليه أو وصيه نيابة عنه إذا كان قاصراً، وإنما يلزم لصحته أهلية خاصة هي بلوغه سن الرشد.
وبناء على ذلك إذا كان العامل قد بلغ الرابعة عشرة من عمره ولكنه لم يبلغ الحادية والعشرين وأبرم عقد عمل وضمنه شرطاً بعدم المنافسة فإن العقد يكون صحيحاً ويقع شرط عدم المنافسة باطلاً.
والحكمة في تشدد الشارع بتطلب الأهلية الكاملة لصحة الشرط، هي خطورة هذا الشرط على حرية العامل التي تعد متعلقة بالنظام العام وحتى يكون العامل على بينة من أمره مدركا للنتائج التي تترتب على هذا الإتفاق.
2- أن يكون العمل الموكول إلى العامل يسمح له بمعرفة عملاء رب العمل أو الإطلاع على سر عمله :
ذلك أن معرفة العامل لعملاء صاحب العمل أو لأسراره هي التي يخشى معها من منافسة العامل لصاحب العمل بعد إنقضاء العقد، وتجعل لصاحب العمل مصلحة مشروعة في هذا الشرط ، أما إذا لم يكن العمل المكلف به العامل يسمح له بمعرفة هؤلاء العملاء ويكشف أسرار صاحب العمل، فلا يخشى منه شيئاً بعد تركه العمل، وتكون منافسته لصاحب العمل كمنافسة أي شخص أجنبي لم يقم أبداً بالعمل لحسابه، وبالتالي لا تتوافر لدى صاحب العمل مصلحة مشروعة في هذا الشرط.
فإذا كان العمل الموكول إلى العامل هو تنظيف أرضية مصنع من المصانع فلا يجوز لصاحب العمل أن يشترط في عقده مع هذا العامل، منعه من منافسته بعد إنقضاء العقد، لأن أعمال النظافة في المصنع لا تسمح للعامل بمعرفة عملاء صاحب المصنع أو بالإطلاع على أسراره الصناعية أو التجارية، فإذا اتفق على عدم المنافسة في مثل هذه الحالة كان الإتفاق باطلاً .
3- أن يكون شرط المنع من المنافسة نسبياً :
ويقصد بذلك على ما نصت عليه المادة 686 مدنی صراحة أن يكون مقصوراً من حيث الزمان والمكان ونوع العمل على القدر الضروري لحماية مصلحة رب العمل المشروعة.
فيجب أن يكون نسبياً من حيث الزمان، بأن يكون محدداً بمدة زمنية معقولة، وهي المدة الضرورية لحماية مصالح رب العمل المشروعة.
ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن يكون المنع من المنافسة مؤبداً، ويعادل التأبيد الإتفاق على شرط المنع من المنافسة مدة حياة العامل، لأن المنع المطلق من المنافسة يتضمن إهداراً كاملاً لحرية العامل وهو أمر مخالف للنظام العام، فضلاً عن أنه لا ضرورة له، لأنه بعد فترة من الزمن يتغير العملاء ولا يستطيع المنافس الجديد أن يستأثر بمعرفتهم .
وتقدير ما إذا كانت المدة المتفق عليها معقولة أم لا، من المسائل الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع في ضوء الظروف والملابسات التي تحيط بالعمل.
ويجب أن يكون المنع نسبياً من حيث المكان.
وهذا يقتضي أن يكون الشرط محدداً بنطاق مكان معين. فلا يجوز الإتفاق على منع العامل من المنافسة مطلقاً في أي مكان، إنما يجب أن يكون المنع قاصراً على المكان الضروري الذي يحقق مصالح رب العمل المشروعة، بأن يكون قاصراً على مكان معين بذاته هو غالباً المكان الذي يمتد إليه نشاط رب العمل إذ لا مصلحة مشروعة لرب العمل في منع العامل من منافسته في مكان لا يمتد إليه نشاطه .
غير أنه يمكن تصور المنع المطلق من حيث المكان في حالة ما إذا كان نشاط صاحب العمل ممتداً إلى الدولة أو العالم جميعه .
ويجب أن يكون المنع نسبياً من حيث نوع العمل، فيتعين أن يكون المنع قاصراً على المهنة أو الحرفة أو النشاط الذي يباشره صاحب العمل وهو القدر الضروري اللازم لحماية مصلحة رب العمل المشروعة.
ويكون المنع مشروعاً إذا اقتصر على ذات العمل أو النشاط الذي يمارسه رب العمل، وكذلك إذا انصرف المنع إلى عمل آخر يرتبط بالعمل أو النشاط الأصلي لرب العمل طالما أن الأخير مصلحة مشروعة في اشتراط منع المنافسة في شأنه .
ويبني على ذلك أنه لا يجوز الإتفاق على منع العامل من مباشرة أي عمل، وإلا وقع هذا الشرط باطلاً .
(4) يجب ألا يقترن الإتفاق بعدم المنافسة بشرط جزائي مغالى فيه :
والقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 223 مدني تقضي بأنه إذا تضمن الإتفاق على المنع من المنافسة شرطاً جزائياً يوقع على العامل في حالة إخلاله بهذا الإلتزام فإن الإتفاق يكون صحيحاً.
غير أن المشرع خشي أن يبالغ صاحب العمل في التعويض المتفق عليه ليتخذ من الشرط الجزائي وسيلة لإجبار العامل على البقاء في خدمته مدة طويلة تجاوز المدة المتفق عليها، وهو ما يتضمن إهداراً كبيراً لحرية العامل، فرأى الشارع إمعاناً في حماية العامل النص على بطلان الشرط الجزائي في هذه الحالة وانسحاب البطلان إلى شرط عدم المنافسة أيضاً إذ نصت المادة 687 مدني على أنه: "إذا اتفق على شرط جزائي في حالة الإخلال بالإمتناع عن المنافسة وكان في الشرط مبالغة تجعله وسيلة لإجبار العامل على البقاء في صناعة رب العمل مدة أطول من المدة المتفق عليها، كان هذا الشرط باطلاً وينسحب بطلانه أيضاً إلى شرط عدم المنافسة في جملته".
وفي هذا النص خروج على القواعد العامة من ناحيتين : الأولى : أن المبالغة في الشرط الجزائي تخول القاضي سلطة تخفيض التعويض المتفق عليه فقط (م 224 / 2 مدنى ) .
دون أن تؤدي إلى بطلان الشرط .
الثانية : أن المشرع نص على إنسحاب بطلان الشرط الجزائي إلى شرط عدم المنافسة ذاته، بينما تقضى القواعد العامة ببقاء الإتفاق الأصلى صحيحاً بالرغم من بطلان شرط من الشروط التي تضمنها .
أثر الإتفاق على عدم المنافسة :
إذا انعقد الإتفاق على عدم المنافسة صحيحاً، كان هذا الإتفاق ملزماً للعامل، ويرتب في ذمته التزاماً بإمتناع عن عمل: الإمتناع عن الخدمة أو عن إقامة صناعة أو تجارة وذلك في الحدود الواردة بالإتفاق. وإذا أخل العامل بإلتزامه، جاز لصاحب العمل الرجوع عليه بالتعويض، ويقدر هذا التعويض وفقاً للقواعد العامة على أساس المسئولية العقدية.
كما يجوز لصاحب العمل طلب التنفيذ العيني متى كان ممكناً، كأن يطلب إغلاق المحل التجاري أو المصنع الذي أقامه العامل على خلاف هذا الإتفاق.
ويجوز اللجوء إلى التهديد المالي لقهر العامل على الكف عن المخالفة بإنهاء عقد العمل الذي أبرمه خلافاً لتعهده، وإذا إلتحق العامل بمنشأة أخرى بالمخالفة للإتفاق فإن صاحب العمل الثاني يكون مسئولاً قبل صاحب العمل الأول، إذا ثبت علمه بوجود هذا الإتفاق وقت إلتحاق العامل لديه، أو ثبت علمه به بعد إلتحاق العامل لديه ورغم ذلك استبقى العامل في خدمته.
ومسئولية صاحب العمل الثاني، مسئولية تقصيرية لأنه لا يربطه ثمة عقد بصاحب العمل الأول .
أما عقد العمل الذي يبرمه العامل إخلالاً منه بشرط عدم المنافسة فإنه يقع صحيحاً لأن جزاء إخلال صاحب العمل الثاني قاصر على التعويض النقدي.
وإذا كان الأصل - كما رأينا - هو إلتزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل تنفيذاً للإتفاق المبرم بينه وبين الأخير، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل حالتين، أجاز فيهما للعامل عدم التقيد بهذا الإتفاق ومنافسة صاحب العمل، وهاتان الحالتان :
1- إذا فسخ رب العمل العقد أو رفض تجديده دون أن يقع من العامل ما يبرر ذلك :
فإذا كان العقد محدد المدة وفسخه صاحب العمل قبل إنتهاء مدته دون أن يقع من العامل ما يبرر هذا الفسخ، أو إذا رفض صاحب العمل تجديد العقد بعد إنتهاء مدته دون أن يكون العامل قد ارتكب ما يبرر هذا الرفض، حتى لو كان لدى صاحب العمل مبرر مشروع لعدم تجديد العقد كسوء أحواله المالية الناتج عن الظروف الإقتصادية، فلا يجوز لصاحب العمل التمسك بشرط عدم المنافسة.
وكذلك إذا كان العقد غير محدد المدة وأنهاه صاحب العمل بإرادته المنفردة، فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن يتمسك بشرط عدم المنافسة ولو كان هذا الإنهاء مشروعاً لتوافر مبرراته مادام لم يقع من العامل ما يبرر هذا الإنهاء .
والحكمة في هذا الإستثناء هي حماية العامل، بعد إنتهاء العقد من قيد ثقيل على حريته في العمل لا يجد في الحقوق الناشئة له عن العقد نظراً لقصر مدته، مقابلاً كافياً فيصبح التزامه بعدم المنافسة غير مبني على سبب، وكذلك توقی غشاص محتملاً من جانب صاحب العمل الذي قد يستخدم عاملاً يخشى منافسته أو ليفيد من خبرته لمدة قصيرة، ويرهقه بعدها بالتزام ثقيل في ذمته .
2- إذا وقع من صاحب العمل ما يبرر فسخ العامل للعقد :
إذا وقع من صاحب العمل ما يبرر فسخ العامل للعقد، كما إذا كلف رب العمل العامل بأداء عمل غير العمل المتفق عليه في غير الحالتين المنصوص عليهما بالمادة 76 من قانون العمل فرغم أن العامل هو الذي ترك العمل بإرادته إلا أنه يتحلل من التزامه بعدم المنافسة لأن تركه العمل وليد خطأ إرتكبه صاحب العمل، فيكون إعفاء العامل من هذا الإلتزام جزاء لخطأ رب العمل.
وتوافر إحدى الحالتين السابقتين وإن كان يؤدي إلى تحلل العامل من الإلتزام بعدم المنافسة الذي سبق له الإتفاق عليه إلا أنه لا يعفيه من إلتزام آخر هو الإلتزام بالمحافظة على أسرار العمل لأن نص المادة 687 مدنی واضح في الإقتصار على منع رب العمل من التمسك بشرط عدم المنافسة، وهو في ذاته حكم له تأثيره على رب العمل .
إفادة الخلف الخاص لرب العمل من الإتفاق بعدم المنافسة :
القاعدة أن الخلف الخاص يخلف السلف في حقوقه والتزاماته الناشئة عن أى عقد من العقود إذا كانت من مستلزمات الشيء الذي ينتقل إليه وكان يعلم بها. وحق صاحب العمل في إقتضاء الوفاء بالإلتزام بعدم المنافسة من العامل حق مكمل للمحل الذي ينتقل إلى الخلف الخاص فيكون من مستلزماته ويظل لهذا إلتزام العامل بعدم منافسة رب العمل الأصلي مقيدا للعامل رغم إنتقال المحل إلى الخلف الخاص، خاصة وأن العامل يلتزم بعدم المنافسة تجاه المشروع وليس فقط تجاه صاحب العمل .
هل يجب تقاضى العامل مقابلاً للإتفاق بعدم المنافسة ؟
كانت المادة 953/ج من المشروع التمهيدي للقانون المدني توجب لصحة الإتفاق بعدم المنافسة "أن يقرر العقد للعامل تعويضاً عن هذا القيد الوارد على حريته في العمل يتناسب مع مدى هذا القيد".
إلا أن هذا النص حذف في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ وعللت هذا الحذف .
ترك الحكم الوارد فيه للقواعد العامة والعدالة والإتفاق .
ومقتضى القواعد العامة والعدالة أن يكون لهذا الإلتزام مقابل، إلا أنه لا يتعين أن يحدد المقابل في العقد صراحة، ذلك أن الإلتزام بعدم المنافسة يكون مع عقد العمل كلاً لا يتجزأ بحيث يجد العامل فيما يحصل عليه من العقد عوضاً عنه على تقدير زيادة الأجر المتفق عليه عما يستحقه العامل عن العمل الذي يؤديه، بحيث تعتبر هذه الزيادة مقابلاً لإلتزامه بعدم المنافسة الذي يلتزم به بعد إنقضاء العقد .
عبء إثبات توافر المصلحة المشروعة في شرط عدم المنافسة :
رأينا فيما تقدم أنه يجب لصحة شرط عدم المنافسة أن تكون هناك مصلحة مشروعة لصاحب العمل في هذا الشرط.
وقد ثار الخلف فيمن يجب عليه إقامة الدليل على هذه المصلحة، هل هو صاحب العمل؟ أم يقع على العامل عبء إثبات انتفائها بإقامة الدليل على أن العمل الذي يؤديه لا يسمح له بالإتصال بعملاء المشروع ولا يكشف له عن أسراره؟
فقد ذهب البعض استناداً إلى الظروف الخاصة بإدراج هذا الشرط وقوامه نزول العامل مقدماً عن حرية عامة إلى إلقاء عبء الإثبات على صاحب العمل، لاسيما وأن وضع العامل في المشروع قد يتغير أثناء قيام علاقات العمل بانتقاله إلى وظيفة بعيدة عن عملائه وعن أسراره فتنتفي مصلحة العامل فيه بعد أن كانت قائمة وقت إدراجه .
إثبات مخالفة الإتفاق على عدم المنافسة :
يجوز لصاحب العمل إثبات مخالفة الإتفاق على عدم المنافسة بكافة طرق الإثبات - بما فيها شهادة الشهود والقرائن - ولو كانت هذه المخالفة هي إبرام العامل عقد عمل مع منافس له. ذلك أن محل الإثبات ينصب على واقعة مادية بالنسبة لصاحب العمل الأول .
ويراعى أنه لا يعتبر نزولاً من جانب صاحب العمل أن يذكر في خطاب فصل العامل أو في شهادة نهاية الخدمة أنه (خال من كل إلتزام) لأن هذه الجملة لعموم عبارتها إذا انطبقت على إلتزامات العامل في أثناء سريان العقد فإنها لعدم تحديدها لا تكفي للدلالة على نزول صاحب العمل عن إلتزام ألقي على عاتق العامل بعد إنقضاء العقد .
تفسير شرط عدم المنافسة :
يخالف شرط عدم المنافسة، مبدأ حرية العمل أو حرية التجارة والصناعة، ومن ثم فإن له صفة إستثنائية توجب التضييق في تفسيره، بما هو أصلح للعامل طبقاً لقواعد التفسير المرعية في قانون العمل، وتمشياً مع مبدأ الشك يفسر لصالح المدين" والعامل هو المدين بهذا الإلتزام".
ويترتب على ذلك أنه إذا قام شك حول عبارة معينة في العقد وثار التساؤل عما إذا كانت تتضمن إلتزاماً على العامل بعدم المنافسة أو تتضمن إباحة هذه المنافسة فإنه يجب صرف العبارة إلى الإباحة .
و أخذاً بقاعدة التفسير هذه، فإن الإلتزام بالإمتناع عن إنشاء معمل للتحاليل الطبية في بلدة معينة لا يمنع فتح صيدلية في ذات البلدة.
والإلتزام بالإمتناع عن إدارة محل تجاري له طبيعة محل صاحب العمل أو يمكن أن ينافسه، لا يمنع المدين به من العمل مديراً فنياً في محل تجاري.
والإلتزام بالإمتناع عن العمل في المنطقة التي كان المستخدم يروج فيها للمشروع خلال مدة خدمته فيه، لا يمنع هذا الأخير من العمل في منطقة وقف عن الترويج فيها خلال أكثر من سنتين سابقتين على استقالته .
على أن قاعدة التفسير الضيق لا تتنافى مع وجوب تفسير الشرط على هذه النية المشتركة لطرفيه، فلا يعتبر البند عاماً في المكان، لمجرد إغفال تحديد نطاق جغرافي له فيه، متى ظهر في خطاب الإستخدام، أنه محصور وفقاً للنية المشتركة في المنطقة التي يمارس فيها المستخدم وظيفته . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن ،الصفحة/ 639 )
أعاد المشرع تنظيم الأحكام التي تضمنتها المادة 688 من القانون المدني بنص خاص هو المادة الثامنة من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الإختراع والرسوم والنماذج الصناعية، وبإعتبار النص الأخير خاصاً فهو يقيد النص العام . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/562 )
كان ينظم براءات إختراع القانون رقم 132 لسنة 1949 ببراءات الإختراع والرسوم والنماذج الصناعية المعدل بالقوانين رقم 543 لسنة 1953، رقم 650 لسنة 1955 ، رقم 47 لسنة 1981 ، رقم 46 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية الصادر بالقرار الوزاري رقم 230 لسنة 1951 المعدل. وقد ألغي هذا القانون وحل محله القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية الملكية الفكرية، وصدرت لائحته التنفيذية الكتب الأول والثاني والرابع من القانون بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1366 لسنة 2003 .
المقصود بالإختراع
تنص المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية الملكية الفكرية على أن :
"تمنح براءة إختراع طبقاً لأحكام هذا القانون عن كل إختراع قابل للتطبيق الصناعي، يكون جديداً، ويمثل خطوة إبداعية، سواء كان الإختراع متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق صناعية مستحدثة، أو بتطبيق جديد لطرق صناعية معروفة.
كما تمنح البراءة إستقلالاً، عن كل تعديل أو تحسين أو إضافة ترد على إختراع سبق أن منحت عنه براءة، إذا توافرت فيه شروط الجدة والإبداع والقابلية للتطبيق الصناعي على النحو المبين في الفقرة السابقة، ويكون منح البراءة لصاحب التعديل أو التحسين أو الإضافة وفقاً لأحكام هذا القانون".
كما تنص المادة الثانية من القانون على أن :
لا تمنح براءة إختراع لما يأتي :
1- الإختراعات التي يكون من شأن إستغلالها المساس بالأمن القومي أو الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو الأضرار الجسيمة بالبيئة أو الإضرار بحياة أو صحة الإنسان أو الحيوان أو النبات.
2- الإكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات.
3- طرق تشخيص وعلاج وجراحة الإنسان أو الحيوان.
4- النباتات والحيوانات أيا كانت درجة ندرتها أو غرابتها وكذلك الطرق التي تكون في أساسها بيولوجية لإنتاج النباتات أو الحيوانات، عدا الكائنات الدقيقة والطرق غير البيولوجية والبيولوجية الدقيقة لإنتاج النباتات أو الحيوانات.
5- الأعضاء والأنسجة والخلايا الحية والمواد البيولوجية الطبيعية والحمض النووي والجينوم .
كما تنص المادة الثالثة على أن : لا يعتبر الإختراع جديداً كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين :
1- إذا كان قد سبق طلب إصدار براءة إختراع أو صدرت براءة عنه أو عن جزء منه في جمهورية مصر العربية أو في الخارج قبل تاريخ تقديم طلب البراءة.
2- إذا كان قد سبق إستعمال الإختراع أو إستغلاله في جمهورية مصر العربية أو في الخارج بصفة علنية أو كان قد أفصح عن وصفه على نحو يمكن ذوي الخبرة من إستغلاله قبل تقديم طلب البراءة.
ولا يعد إفصاحاً في حكم البند السابق الكشف عن الإختراع في المعارض الوطنية أو الدولية خلال الستة الأشهر السابقة على تاريخ التقدم بطلب البراءة.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون أوضاع وإجراءات الكشف عن الإختراع".
وكانت المحكمة الإدارية العليا - في ظل القانون رقم 132 لسنة 1949 (المعدل) ببراءات الإختراع والرسوم والنماذج الصناعية (الملغي) قد عرفت الإختراع في حكمها الصادر بتاريخ 14 / 5 / 1966 في الطعن رقم 1582 لسنة 7ق بقولها :
"المقصود بالإختراع هو تقديم شيء جديد للمجتمع أو إيجاد شيء لم يكن موجوداً من قبل وقوامه أو مميزه أن يكون ثمة فكرة إبتكارية أو نشاط إبتكاري يتجاوز الفن الصناعي القائم فلا يعد من قبيل المخترعات التنقيحات أو التحسينات التي لا تضيف إلى الفن الصناعي القائم أو التعديلات الجزئية غير الجوهرية التي لا تغيب عن رجل الصناعة المتخصص في حدود المعلومات الجارية والتي هي وليدة المهارة الحرفية وحدها ومثل هذه الصور تدخل في نطاق الصناعة لا في نطاق الإختراع".
حقوق العامل فى إختراعاته :
لحق الإختراع جانبان : جانب أدبي وجانب مالي نعرض لهما على التوالى.
الجانب الأدبي للإختراع :
يتمثل الجانب الأدبي للإختراع في حق المخترع في نسبة الإختراع إليه وذلك بأن يذكر إسمه في براءة الإختراع، وفي سلطة المخترع في التغيير والتبديل فيه.
وهذا الجانب الأدبي يثبت للعامل المخترع في كافة الحالات لأنه من الحقوق اللصيقة بالشخصية ولا يجوز التنازل عنها.
الجانب المالي للإختراع :
يتمثل الجانب المالي لإختراع العامل في سلطة إستغلال هذا الإختراع فله التصرف فيه بالبيع أو الرهن أو الهبة. وفي هذه الحالة ينتقل الحق في البراءة إلى المشتري أو المرتهن الموهوب له وتصدر بإسمه وفي حالة الوفاة تصدر البراءة بإسم الورثة.
وهذا الجانب المالي لا يثبت للعامل في كافة الحالات.
فقد يثبت لرب العمل في بعض الحالات، وقد يكون لكل منهما نصيب فيه في بعض آخر.
وقد جرى فقه العمل - في هذا الشأن - على التمييز بين ثلاثة أنواع من الإختراعات هي :
الإختراع الحر - إختراع الخدمة – الإختراع العرضي . ونعرض لهذه الأنواع على التوالى .
(1) الإختراعات الحرة :
الإختراعات الحرة هي الإختراعات التي يتوصل إليها العامل، وتكون منقطعة الصلة تماماً بالعمل الذي يقوم به العامل بمقتضى العقد وبنشاط المشروع الذي يعمل فيه على السواء.
وواضح - أن هذه الإختراعات لا تتصل بالعمل زمانياً أو مكانياً، ولم يستعن العامل للوصول إليها بأية أدوات أو مواد مملوكة لصاحب العمل. ولا يغير من الأمر أن تكون الخبرة التي اكتسبها العامل عن عمله هذا هي التي هيأت له الوصول إلى الإختراع.
وهذا النوع من الإختراعات يكون من حق العامل وحده، فيبقى للعامل عليها الحق الأدبي والحق المالي على السواء.
وهذا يتفق مع نص الفقرة الأولى من المادة 6 من قانون براءات الإختراع التي تقضي بأن : "يكون الحق في البراءة للمخترع أو لمن آلت إليه حقوقه".
فإذا تضمن عقد العمل شرطاً يعطى لرب العمل حقوقاً على مخترعات العامل الحرة، فمثل هذا الشرط يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعارضه مع النظام العام لأن من شأنه أن يثنى العامل عن الإختراع مادام أنه لن يستطيع توجيه إختراعه وإستغلاله بالصورة التي يفضلها .
غير أن هذا التنازل يكون حائزاً إذا كان نظير مقابل خاص .
(2) إختراعات الخدمة :
وهي الإختراعات التي يتوصل إليها العامل خلال عمل يقتضي منه إفراغ جهده في الإختراع والإبتداع، فهى إختراعات توصل إليها عامل مكلف من قبل صاحب العمل بأن يعمل بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة في البحث والإختراع ويتقاضى أجره مقابل هذا العمل، وصاحب العمل هو الذي يمول البحث ويقدم للعامل المعامل والآلات والمواد والمعاونين الذين يحتاج إليهم للقيام به وتقديم البحوث والتجارب السابقة ويتحمل النفقات اللازمة لمواصلة البحث والتجربة.
وهذا النوع من الإختراعات يثبت الحق المالي فيه لرب العمل لا لذات العامل المخترع.
وقد نصت على ذلك المادة 688 / 2 مدني بقولها: "إن ما يستنبطه العامل من إختراعات في أثناء عمله يكون من حق رب العمل، إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تقتضي منه إفراغ جهده في الإبداع"، وكما نصت عليه أيضا الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون براءات الإختراع بقولها : لصاحب العمل جميع الحقوق المترتبة على الإختراعات التي يستحدثها العامل أو المستخدم أثناء قيام رابطة العمل أو الإستخدام، متى كان الإختراع في نطاق العقد أو رابطة العمل أو الإستخدام".
ولكن تقرير الحق المالي لصاحب العمل في هذه الحالة لا يعني حرمان العامل كلياً من أي مقابل مالي عن إختراعه، فإذا لم يتفق رب العمل مع العامل على أجر يتقاضاه عن إختراعه، كان للعامل الحق في تعويض عادل ممن كلفه الكشف عن الإختراع أو من صاحب العمل.
وهذا التعويض يراعى فيه القيمة الإقتصادية للإختراع ومدى الجهد الذي بذله العامل في سبيل التوصل إليه.
وتفصيل ذلك، أن الفقرة الثالثة من المادة 688 /3 مدني كانت تنص على أنه :
"وإذا كان الإختراع ذا أهمية اقتصادية جديدة جاز للعامل في الحالات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة. ويراعى في تقدير هذا المقابل مقدار المعونة التي قدمها رب العمل وما استخدم في هذا السبيل من منشآته"، وبعد ذلك صدر القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الإختراع (الملغى) ونص في الفقرة الثانية من المادة السابعة على أن العامل "أجره على إختراعه في جميع الحالات، فإذا لم يتفق على هذا الأجر كان له الحق في تعويض عادل ممن كلفه الكشف عن الإختراع أو من صاحب العمل"، ولم تشترط الفقرة الأخيرة لتقاضي العامل تعويضاً عن إختراعه أن يكون الإختراع ذا أهمية اقتصادية جديدة، أي أنها أجازت له تقاضي هذا التعويض بصرف النظر عن أهمية الإختراع، وإن كانت أهمية الإختراع دون شك لها دخل في مقدار التعويض، ولما كان قانون براءات الإختراعات لاحق في صدوره والعمل به للتقنين المدني، وقد نظمت من جديد الفقرة الثانية من المادة السابعة منه موضوع الفقرة الثالثة من المادة 688 مدني، فإن الفقرة الأخيرة تكون ألغيت ضمناً، ويتعين إعمال نص الفقرة الثانية من المادة السابعة من قانون براءات الإختراع .
(3) الإختراعات العرضية :
وهي الإختراعات التي يوفق إليها العامل في أثناء خدمة رب العمل وبمناسبة هذه الخدمة، دون أن يكون لها علاقة بنوع العمل الذي يؤديه في المنشأة، بمعنى أن عمله في المنشأة لا يقتضي منه البحث للتوصل إلى هذه الإختراعات، والحق المالى للإختراع في هذه الحالة يكون للعامل دون صاحب العمل.
وعلى هذا نصت الفقرة الأولى من المادة 688 مدني بقولها : "إذا وفق العامل إلى إختراع جديد في أثناء خدمة رب العمل فلا يكون لهذا أي حق في ذلك الإختراع ولو كان العامل قد استنبطه بمناسبة ما قام به من أعمال في خدمة رب العمل". إلا أن الفقرة الثانية من المادة 688 مدني أجازت لرب العمل أن يشترط في العقد صراحة أن يكون له الحق في إستغلال هذا الإختراع، وأجازت الفقرة الثالثة للعامل إذا كان الإختراع ذا أهمية إقتصادية أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة. ويراعى في هذا المقابل مقدار المعونة التي قدمها رب العمل وما استخدم في هذا السبيل من منشآته.
كما أجازت المادة الثامنة من قانون براءات الإختراع الملغي لصاحب العمل رغم عدم وجود الشرط الصريح السابق، الخيار بين إستغلال الإختراع، أو شراء البراءة مقابل تعویض يدفعه للمخترع على أن يتم الإختيار في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار بمنح البراءة.
وهذا النص منتقد لأنه يتضمن قيداً على حرية العامل في إستغلال إختراعه بغير رضا رغم أنه لم يتلق أي عون من قبل صاحب العمل فيما توصل إليه من إختراع، ولعل المشرع قد أدخل في إعتباره عند تقرير هذا الحكم خطر إستعمال هذه الإختراعات في منافسة رب العمل إذا أعطى حق إستغلالها إلى غيره.
وقد تدارك المشرع ذلك في قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ، إذ نص في المادة السابعة منه - كما رأينا - على أن العامل المخترع يذكر إسمه في البراءة، وله أجره على إختراعه في جميع الحالات فإذا لم يتفق على هذا الأجر كان له الحق في تعويض عادل من صاحب العمل.
غير أنه كان يحسن الإعتراف للعامل بحقه في بيع البراءات أو إستغلال الإختراع إلى الغير مع إعطاء صاحب العمل حقاً في الإسترداد مقابل دفع الثمن الحقيقي الذي تم به البيع .
تعقيب إختراعات العامل بعد ترك الخدمة :
خشى المشرع وقوع غش من جانب العامل بأن يعمد إلى إخفاء خبر الإختراع الذي وفق إليه أثناء الخدمة حتى ما إذا ما انتهى عقده قام بتسجيل الإختراع بإسمه على أنه توصل إليه بعد إنتهاء الخدمة، أو بأن يعمد إلى ترك الخدمة إثر توصله إلى الإختراع ليقوم بتسجيله بإسمه . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن،الصفحة/ 650)
عند إعداد مشروع القانون المدني، تضمنت نصوصه المنظمة لعقد العمل الأصول العامة والأحكام التفصيلية لهذا العقد، إذ لم يكن قانون عقد العمل الفردي قد صدر في ذلك الوقت، وبعد صدوره متضمنا الأحكام التفصيلية لعقد العمل الفردي، رأى المشرع إضافة المادة 689 إلى مشروع القانون المدني، وأحال بموجبها إلى القوانين الخاصة بالعمل فيما تضمنته من الأحكام التفصيلية والتطبيقية فيما يتعلق بإلتزامات العامل، فأصبحت نصوص عقد العمل الواردة بالقانون المدني قاصرة على القواعد العامة المتعلقة بهذا العقد.
أما سائر الإلتزامات التي تضمنتها قوانين العمل والتي فرضت على العامل، فإنها تكون واجبة التطبيق بالإضافة إلى الإلتزامات التي نص عليها القانون المدني، وبالتالي فإن جميع العمال بمختلف طوائفهم وطبيعة عملهم يخضعون للإلتزامات التي تضمنها القانون المدني والقوانين الخاصة بالعمل، ويترتب على الإخلال بها ما يرتبه أي من هذه القوانين من جزاء .( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 564 )
وعلى ذلك فإنه يقع على عاتق العامل فضلاً عن قيامه بالإلتزامات المبينة في القانون المدني بالفصل الخاص بالعمل، أن يقوم بتنفيذ أي إلتزام أخر يرد في قانون خاص كقانون العمل رقم 12 لسنة 2003 إذا كان العامل يخضع لأحكام هذا القانون. ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 659 )
1ـ مفاد المادة 676من القانون المدني ، والمادة 57 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أنه لا يشترط لصحة عقد العمل أن يرتبط العامل بصاحب عمل واحد يستأثر بكل نشاطه وأن يعتمد اعتماداً كلياً في معيشته على ما يقبضه من أجر منه ، بل يجوز للعامل أن يعمل لحساب عدد من أصحاب الأعمال ويتقاضى من كل منهم أجراً شريطة ألا يكون في قيامه بهذا العمل ما يخل بحسن أدائه لعمله أو لا يتفق مع كرامة العمل أو يمكن الغير أو يساعده في التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل .
(الطعن رقم 11375 لسنة 88 جلسة 2019/6/26 )
2 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - انه يجوز لكل من المتعاقدين فى عقد العمل غير محدد المدة - وفقا لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدنى أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الاخر ويتعين لاستعمال أى من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقاً بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهرى وخمسه عشر يوماً بالنسبة للعمال الأخرين فاذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدى إلى الطرف الاخر تعويضاً مادياً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقى أو الجزء الباقى منها، ولا يغير من ذلك أن المشرع فى قانون العمل الجديد رقم 137 لسنة 1981 أغفل النص على هذه المهلة القانونية للإنذار إذ لا يمكن أنه يستفاد من هذا الإغفال إلغاء الحكم الوارد فى القانون المدنى والذى كان منصوصاً عليه صراحة فى قانون العمل الملغى ذلك لأنه لا يوجد فى الأعمال التحضيرية لقانون العمل الجديد ما يدل على إتجاه المشرع إلى تغيير الحكم المذكور، فضلاً عن أن المادة الثانية من مواد إصدار قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أن " يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق ....... ولم تتعرض مواد الإصدار لأحكام القانون المدنى الخاصة بعقد العمل والواردة فى المواد من 674 الى 698 ولذلك تظل هذه الأحكام قائمة تنظم ما خلا قانون العمل من تنظيمه وطالما لا تتعارض مع ما نص عليه صراحة لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقيه الطاعن فى بدل مهلة الانذار المطالب به تأسيساً على خلو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من النص عليه فإنه يكون فد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 1668 لسنة 60 جلسة 1996/11/28 س 47 ع 2 ص 1408 ق 257)
3 ـ مقتضى العلاقة التنظيمية التى تربط الموظف بالدولة أن ما يكتشفه أو يهتدى إليه من إختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً فى نطاق هذه الوظيفة تملكه الدولة دون الموظف الذى لا يكون له أى حق فيه . وهذا الذى تقتضيه علاقة الموظف بالدولة تقتضيه كذلك علاقة العامل برب العمل على ما بين العلاقتين من تباين وذلك إذا كانت طبيعة الأعمال التى تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده فى الكشف أو الإختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك . وهذه القاعدة التى تستمد أساسها من أصول القانون العام قد قننها المشرع فيما يتعلق بالإختراعات بما نص عليه فى المادة 281 من قانون موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 والمادة 2/688 من القانون المدنى . وإذ كان إكتشاف المطعون عليه معدن الكروميت أثناء إيفاده فى بعثة على نفقة شركة كانت قد استعارته من الحكومة لا يؤدى وحده إلى أن يكون هو صاحب الحق فى هذا الكشف ، إذ لو كانت هذه البعثة أوفدت خصيصاً لهذا الكشف وكان إستخدام المطعون عليه فى تلك الفترة لهذا الغرض فإنه وفقاً للقواعد المتقدمة يكون الحق فيما إهتدت إليه البعثة من كشف للشركة دون المطعون عليه ، وإذ غفل الحكم المطعون فيه عن القواعد المتقدمة ولم يعن ببحث العلاقة التى كانت تربط المطعون عليه بالشركة فى فترة الإعارة على ضوء هذه القواعد ولا أثر البعثة الثانية التى أفدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
(الطعن رقم 372 لسنة 28 جلسة 1963/11/21 س 14 ع 3 ص 1067 ق 152)
4 ـ إذ كانت هيئة التأمينات الإجتماعية - المطعون ضدها - تستند فى مطالبة الطاعن بالمبلغ الذى طلب إعفائه منه إلى ما تفرضه فى جانبه أحكام التأمينات الإجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 من إلتزامات بإعتباره رب العمل ، وكانت هذه الإلتزامات ناشئة عن ذلك القانون مباشرة وليس مصدرها عقد العمل وكان التقادم المنصوص عليه فى المادة 688 من القانون المدنى هو تقادم خاص بالدعاوى الناشئة عن عقد العمل راعى المشرع فيه ملاءمة إستقرار الأوضاع المترتبة على هذا العقد والمؤدية إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل و العامل على السواء ، فلا يسرى على تلك الإلتزامات وإنما تسرى فى شأن تقادمها القواعد العامة للتقادم . فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بالتقادم المستند إلى تلك المادة لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه .
(الطعن رقم 121 لسنة 44 جلسة 1977/06/11 س 28 ع 1 ص 1420 ق 245)
5 ـ متى كانت محكمة الموضوع قد إقتنعت بما جاء بتقريرى الخبيرين المقدمين فى الدعوى من أن ما أدخله الطاعن على الماكينة هو مجرد تحسينات ولا يعتبر إختراعاً ، فلا عليها إن هى رتبت على هذا النظر قضاءها برفض دعواه ، لأن مناط إستحقاق المقابل الخاص المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة688 من القانون المدنى أن يوفق العامل إلى إختراع ذى أهمية إقتصادية . كما أن الأصل فى هذا الصدد أنه لا يجوز للعامل فى غير هذه الحالة الرجوع على رب العمل بدعوى الإثراء بلا سبب لوجود رابطة عقدية بينهما تمنع من تطبيق هذه القاعدة .
(الطعن رقم 445 لسنة 36 جلسة 1972/12/16 س 23 ع 3 ص 1409 ق 219)
أما المحظورات فقد وردت في نص المادة (57) حيث حظرت قيام العامل بنفسه أو بواسطة غيره بالأعمال الآتية :
1- الاحتفاظ بأصل أي ورقة أو مستند خاص بالعمل.
2- العمل للغير سواء بأجر أو بدون أجر إذا كان في ذلك مايخل بحسن أدائه لعمله أو يمكن الغير من التعرف على أسرار المنشأة.
3- ممارسة نشاط مماثل لصاحب العمل أثناء سريان عقده.
4- الاقتراض من عملاء صاحب العمل.
5- قبول هدايا أو مكافآت وعمولات بمناسبة قيامه بواجباته بغير رضاء صاحب العمل.
6- جمع نقود أو تبرعات أو منشورات أو توقيعات أو تنظيم اجتماعات بدون موافقة صاحب العمل مع مراعاة ما تقضي به القواعد المنظمة للنقابات العالية. (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 230)
النصوص المقابلة :
حكم هذه المادة مستحدث وقد نقلت بعض فقراتها مما سبق أن نصت عليه المادة (71) من قانون العمل الملغي رقم 91/ 59 كانت تجيز فصل العامل إذا ارتكب أي من الأخطاء المشار إليها فيها على سبيل الحصر وقد أورد النص بياناً بالأعمال والتصرفات التي يحظر على العامل أن يقوم بها وقد استعان في ذلك بما ورد في القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام ، كما استحدث النص بعض الواجبات واستبقى واجبات أخرى وردت في القانون رقم 137 لسنة 1981 مع إعادة صياغتها ويؤخذ على النص أنه كرر ما سبق أن نصت عليه المواد السابقة كما أورد تزيداً لا لزوم له عند سرد هذه التصرفات المحظورة على العامل والتي مكانها في لائحة العمل والجزاءات وليس في صلب القانون فقد حظر الإحتفاظ من جانب العامل بأصل أية ورقة أو مستند خاص بالعمل وهذا الحظر هو نفسه الإلتزام الوارد بالمادة (56) فقرة (د) سالفة الشرح ، كما حظر على العامل القيام بعمل للغير بأجر أو بدون أجر إذا كان من شأن ذلك إتاحة التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل - وهذا هو نفسه الإلتزام الوارد بالمادة (56) فقرة (ج) سالفة الشرح (3) أما حظر الإقتراض من عملاء صاحب العمل وحظر جمع النقود والتبرعات فهي التزامات منصوص عليها بلائحة العمل النموذجية الصادرة بقرار وزير القوى العاملة رقم 33 لسنة 1982 المنفذ للمادة (59) من القانون السابق (2) (بنود 50 و 51 و 52).
وهكذا يتضح أن النص الراهن ينطوي على تزيد وتكرار وهو ما يلاحظ في مواضع متفرقة من القانون وكان الأجدر بالمشرع أن يتجنبه .
ولعل المشرع قد أراد من هذا التكرار التأكيد على هذه المحظورات حتى لا يمكن للعامل حال مخالفتها التذرع بأي مبرر ينفي المسئولية والمشرع في هذه المحظورات قد رأى بالتكرار مصلحة العامل ورب العمل في وقت واحد وربما مصلحة رب العمل لأن مخالفة هذه الإلتزامات سوف تضر بالمنشأة التي يعمل بها العامل أكثر من الضرر الذي قد يقع للعامل والذي سوف ينتهي بالمساءلة التأديبية . (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 27)
موقف المشرع في المادة 57/ب من قانون العمل :
- تحظر المادة 57/ب على العامل أن يعمل لدى الغير سواء بأجر أو بدون أجر إذا كان في قيامه بهذا العمل ما يخل بحسن أدائه لعمله، أو لا يتفق مع كرامة العمل، أو يمكن الغير أو يساعده على التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل .
وقبل أن نتناول النص بالشرح يجب التساؤل عما إذا كان الأصل هو عدم اشتغال العامل لدى صاحب عمل آخر في نفس الوقت، أم أن هذا الحظر قد جاء على سبيل الاستثناء، حيث يكون الأصل حرية العمل .
يتنازع هذه المسألة مبدأن، الأول مبدأ حرية العمل، الثاني التزام العامل بالإخلاص تجاه صاحب العمل .
فمبدأ حرية العمل يقتضي أن يكون للعامل الحرية في أن يعمل لحساب أصحاب عمل آخرين، فالجمع بين أكثر من عمل ليس محظورة وإنما يعتبر ممارسة الحرية العمل .
وفي مواجهة ذلك يوجد التزام العامل بالإخلاص لصاحب العمل، وهذا يقتضي تقييد حرية العامل في العمل لدى صاحب عمل آخر في نفس الوقت متى ، كان ذلك ينطوي على أي تعارض مع التزامات العامل وحقوق صاحب العمل .
- وإمعان النظر في المادة 57/ب يفيد أن الأصل هو حرية العمل والاستثناء هو تقييد تلك الحرية إعمالاً للالتزام بالإخلاص، فالأصل حرية العمل لدى الغير فالمادة 57/ب لا تحظر ذلك إلا في حالات محددة تنطوي جميعاً على إخلال العامل بالتزامه بالإخلاص .
الحالة الأولى: أن يكون العمل لدى صاحب عمل آخر من شأنه الإخلال بحسن أداء العمل، فلو كان العامل يقوم بالعمل خلال ساعات عمله كاملاً مما يجعله في حاجة للراحة بعد انتهاء العمل الاستئناف عمله على وجه كامل في اليوم التالي، فإن ذلك يعتبر إخلالاً من جانب العامل بحسن أداء عمله، أما إذا كان العامل يعمل بعض الوقت لدى صاحب العمل، فإنه لا تعارض مع حسن أداء العمل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر بعض الوقت كذلك .
الحالة الثانية: إذا كان العمل الذي يلتحق به العامل لا يتفق مع كرامة العمل، والحقيقة أن هذه الحالة تثير التساؤل حول كيف أن يكون العمل المشروع من شأنه المساس بكرامة العمل وصاحب العمل الأول، ويقصد بهذه الحالة في الواقع الالتحاق بعمل وأن كان لا ينطوي على منافسة لصاحب العمل إلا أنه يثير الشبهات حول العامل كأن يلتحق موظف بالبنك بالعمل لدى أي العملاء الذين لهم مصالح قوية مع البنك، فالعامل إذا وضع نفسه موضع الشبهات فإن ذلك يؤثر على حياده في عمله في البنك مثلاً .
ونرى ضرورة التضييق في فكرة كرامة العمل بحيث يكون العمل من شأنه أن يضع العامل موضع الشبهات ويثير الشبهات حول حسن سير العمل وانضباطه لدى صاحب العمل الأول، فلا يجب إغفال أن العمل لدى صاحب عمل آخر لا يكون غالباً إلا لسبب مادي، ويجدر بصاحب العمل الأول أن يكفل الأجر المناسب العامل ليكفيه مشقة العمل لدى صاحب آخر في نفس الوقت.
الحالة الثالثة: إذا كان العمل لدى الغير من شأنه أن يمكن الغير أو يساعده على التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل.
وهذه الحالة تنطوي علی صورتين: الأولى إذا كان العمل لدى الغير من شأنه أن يتعرف على أسرار المنشأة حتى لو كان هذا الغير لا يقوم بعمل منافس، فالحفاظ على أسرار العمل يعتبر باعثاً مشروعاً يبرر حظر العمل لدى الغير، وقد يهتم الغير بمعرفة هذه الأسرار لينقلها إلى شخص منافس أو للإساءة لصاحب العمل بصورة أو بأخرى.
والصورة الثانية وهي أن يكون الالتحاق بالعمل لدى الغير المنافس، فالالتزام بالإخلاص يستوجب بادىء ذي بدء عدم الإضرار بصاحب العمل عن طريق تقديم يد العون للمنافس وليس بنقل الأسرار وإنما بوضع العامل لخبرته تحت تصرف مشروع منافس، فالإخلاص لصاحب العمل ومساعدة المنافس يتعارضان.
- وفي خارج إطار الحالات الثلاثة السابقة يستبقى العامل حريته في العمل لدى الغير، وتعتبر هذه الحالات قد وردت على سبيل الحصر، كما أنها تتعلق بالنظام العام بحيث يبطل أي شرط عقدي يحظر على العامل العمل لدى الغير في غير الحالات الواردة في المادة 57/ب، فلا يجب إغفال أن الأصل هو حرية العمل لدى لغير إعمالاً لمبدأ حري العمل ، ولكن صاحب العمل يمكنه أن يتعلل بسهولة بأن العمل لدى الغير يخل بحسن أدائه لعمله والمساس بكرامة العمل.
ولكن هذه الحالات من السعة بحيث تستوعب معظم الشروط العقدية التي تحظر العمل لدى الغير، ومع هذا فإن ذلك لا يخل بأن القيود الواردة في المادة 57/ب لا تتعلق بالنظام العام لأنها وردت استثناء على الأصل وهو حرية العمل، ولكن صاحب العمل يمكنه أن يتحلل بسهولة بأن العمل لدى الغير يخل بحسن أدائه لعمله والمساس بكرامة العمل. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 485)
يجوز لرب العمل أن يضمن عقد العمل وقت تحريره أو ملحق لهذا العقد شرطاً يحظر على العامل منافسته بعد إنهاء العقد، ويشترط لصحة هذا الشرط :
1- أن يكون العمل الموكول للعامل يسمح له بمعرفة عملاء رب العمل أو بالإطلاع على سر أعماله، كما لو كان مندوب توزيع أو مندوب مشتريات أو فنی أحاطه رب العمل بكيفية تكوين وصنع المادة الخام التي تستعمل في الإنتاج. ولا يلزم أن يكون العامل منوطا به ذلك في عقد العمل، إذ يكفي أن يتحقق له ذلك أثناء مباشرة العمل.
2- أن تتوافر أهلية العامل ببلوغه سن الرشد وقت إبرام العقد، فلا يكفي أن يكون قد بلغ الثامنة عشرة من عمره، أو يكون مأذونا له بالادارة، لأن المنع من العمل يمس الحرية الشخصية وبالتالي يجب أن يكون الشخص كامل الأهلية وقت التزامه بذلك. فإن كان في ذلك الوقت ناقص الأهلية، جاز له التمسك ببطلان الشرط حتى لو كان قد إكتمل الأهلية وقت التمسك بالبطلان، والبطلان المترتب على ذلك غير متعلق بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها، ولكن يجوز للعامل التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
والعبرة بوقت التزام العامل بعدم المنافسة، فإن كان ذلك قد تضمنه ملحق عقد العمل، وجب أن يكون في ذلك الوقت قد بلغ رشده، حتى لو كان وقت إبرام عقد العمل لم يبلغ سن الرشد، إذ يكون قد التزم بعدم المنافسة وقت إبرام ملحق عقد العمل ولم يلتزم بذلك وقت إبرام عقد العمل.
3- يجب أن يكون الحظر مقصورا على مدة معقولة، نرى. ألا يتجاوز سنة واحدة من تاريخ إنهاء علاقة العمل، وأن ينحصر في المنطقة التي يباشر رب العمل نشاطه فيها وفقا لطبيعة هذا العمل، فلا يمتد إلى ما يجاوزها، وأن يتعلق بذات العمل الذي يباشره رب العمل أو بمثيله الذي تتحقق به المنافسة.
4- ألا يكون إنهاء العقد راجعا الى تقصير من العامل، كما لو كان الفسخ يرجع إلى إخلال رب العمل بالتزاماته أو لرفضه تجديد العقد.
5- أن يتضمن عقد العمل أو ملحقه التزام العامل بعدم المنافسة، فمصدر هذا الالتزام هو العقد وليس القانون، وبالتالي إن لم يتم الاتفاق على الحظر، جاز للعامل منافسة رب العمل . (راجع المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 559)
إذا تضمن عقد العمل التزام العامل بعدم منافسة رب العمل، ثم أخل بهذا الإلتزام، كان مسئولاً عن تعويض رب العمل عن الأضرار التي لحقته بسبب هذا الخطأ، ويقدر التعويض وفقاً للقواعد العامة بما فات رب العمل من کسب وما لحقه من خسارة .
فإن تضمن العقد أيضاً تعويضاً إتفاقياً تمثل في شرط جزائي، فإن المحكمة تلتزم بالفصل في الدعوى بالنظر لهذا الشرط وحده ، فإن تبين لها أنه غير مبالغ فيه، قضت بالتعويض الذي تضمنه الشرط، أما إن تبين لها أن الشرط الجزائي مبالغ فيه، فليس لها تخفيضه حسبما تقضى به القواعد العامة، وإنما يجب عليها أن تقضى ولو من تلقاء نفسها ببطلانه وبطلان شرط عدم المنافسة لتعلقه بحرية العمل ذات الإتصال بالنظام العام . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 561 )
المقرر أن العامل يلتزم أداء عمله في المواعيد المتفق عليها أو المحددة في القانون، وبعد إنتهاء عمله تكون له الحرية الكاملة في الإستفادة بأوقات فراغه.
فللعامل أن يقضي أوقات فراغه على أي وجه، سواء في الراحة، أو في مباشرة هواية أو ممارسة رياضة.
كما أن له أن يقوم بالعمل لحسابه الخاص أو لحساب صاحب عمل آخر، وليس لصاحب العمل الأول أن يعترض على ذلك مادام العامل يقوم بما يكلفه به من أعمال على النحو المتفق عليه، وطالما لم يتفق عند التعاقد على منع العامل من القيام بأي عمل آخر في أوقات فراغه .
ولكن إذا كان العامل يعمل بعد إنتهاء مواعيد العمل سواء لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر إلا أنه لا يجوز له بعمله هذا أن ينافس صاحب العمل، وهذا أمر يقتضيه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد.
وعلى ذلك فالعامل الذي يشتغل في مصنع أحذية، لا يجوز له أن يعمل في وقت فراغه في صناعة أحذية يقوم هو ببيعها مباشرة إلى المستهلكين أو لحساب مصنع آخر للأحذية، ولكن يجوز لهذا العامل أن يقوم بأعمال النجارة لحسابه الخاص أو لحساب شخص آخر، ذلك أنه لا ينافس بذلك صاحب مصنع الأحذية .
كذلك إذا كان العمل الذي يقوم به العامل بعد إنتهاء مواعيد العمل يؤدي إلى إرهاقه وعدم حصول بدنه على الراحة اللازمة له مما يؤثر على عمله في اليوم التالي فإنه يمتنع عليه القيام بمثل هذا العمل.
ويعتبر هذا الإلتزام من الإلتزامات الجوهرية، ويضحى الإخلال به من قبيل الخطأ الجسيم الذي يبرر فصل العامل عملاً بالمادة 69 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 .
الإتفاق على عدم المنافسة بعد إنتهاء العقد :
رأينا فيما تقدم أن العامل يلتزم أثناء تنفيذ العقد بعدم منافسة رب العمل، أما بعد إنتهاء العقد فإن العامل يكون حراً في مزاولة العمل الذي يريده وأن ينافس رب العمل. فله أن يمارس ذات العمل الذي يمارسه رب العمل، وله أن يعمل لدى آخر يمارس العمل ذاته. وكل ما يلتزم به العامل قبل صاحب العمل بعد إنتهاء عقد العمل هو الإحتفاظ بأسرار صاحب العمل.
غير أنه في كثير من الحالات لا يكتفي رب العمل بهذا الإلتزام القانوني الذي يقع على عاتق العامل لأنه لا يحقق له الحماية الكاملة إذ من الممكن أن يستغل العامل هذه الأسرار لنفسه ولذلك يلجأ صاحب العمل إلى طريق آخر أكثر فاعلية يضمن له حماية أكبر، ويتحقق ذلك فيما يسمى بشرط الإتفاق بعدم المنافسة، ويكثر هذا الشرط في العقود الخاصة بالصناعات الكيماوية وبالنسبة للوسطاء التجاريين وكبار العاملين في الأعمال المصرفية.
ولاشك أن الشرط المذكور يعتبر قيداً على حرية العامل في العمل وهي متعلقة بالنظام العام، ولهذا على الشارع في القانون المدني بتنظيم أحكامه في المادتين 686، 687 منه.
الشروط اللازمة لصحة الإتفاق بعدم المنافسة :
يشترط لصحة الإتفاق بعدم المنافسة توافر الشروط الآتية :
(1) أن يكون العامل بالغاً سن الرشد وقت إبرام العقد :
فلا يكفي لصحة هذا الشرط أن يتوافر لدى العامل الأهلية اللازمة لإبرام العقد، أو أن يقبله وليه أو وصيه نيابة عنه إذا كان قاصراً، وإنما يلزم لصحته أهلية خاصة هي بلوغه سن الرشد.
وبناء على ذلك إذا كان العامل قد بلغ الرابعة عشرة من عمره ولكنه لم يبلغ الحادية والعشرين وأبرم عقد عمل وضمنه شرطاً بعدم المنافسة فإن العقد يكون صحيحاً ويقع شرط عدم المنافسة باطلاً.
والحكمة في تشدد الشارع بتطلب الأهلية الكاملة لصحة الشرط، هي خطورة هذا الشرط على حرية العامل التي تعد متعلقة بالنظام العام وحتى يكون العامل على بينة من أمره مدركا للنتائج التي تترتب على هذا الإتفاق.
2- أن يكون العمل الموكول إلى العامل يسمح له بمعرفة عملاء رب العمل أو الإطلاع على سر عمله :
ذلك أن معرفة العامل لعملاء صاحب العمل أو لأسراره هي التي يخشى معها من منافسة العامل لصاحب العمل بعد إنقضاء العقد، وتجعل لصاحب العمل مصلحة مشروعة في هذا الشرط ، أما إذا لم يكن العمل المكلف به العامل يسمح له بمعرفة هؤلاء العملاء ويكشف أسرار صاحب العمل، فلا يخشى منه شيئاً بعد تركه العمل، وتكون منافسته لصاحب العمل كمنافسة أي شخص أجنبي لم يقم أبداً بالعمل لحسابه، وبالتالي لا تتوافر لدى صاحب العمل مصلحة مشروعة في هذا الشرط.
فإذا كان العمل الموكول إلى العامل هو تنظيف أرضية مصنع من المصانع فلا يجوز لصاحب العمل أن يشترط في عقده مع هذا العامل، منعه من منافسته بعد إنقضاء العقد، لأن أعمال النظافة في المصنع لا تسمح للعامل بمعرفة عملاء صاحب المصنع أو بالإطلاع على أسراره الصناعية أو التجارية، فإذا اتفق على عدم المنافسة في مثل هذه الحالة كان الإتفاق باطلاً .
3- أن يكون شرط المنع من المنافسة نسبياً :
ويقصد بذلك على ما نصت عليه المادة 686 مدنی صراحة أن يكون مقصوراً من حيث الزمان والمكان ونوع العمل على القدر الضروري لحماية مصلحة رب العمل المشروعة.
فيجب أن يكون نسبياً من حيث الزمان، بأن يكون محدداً بمدة زمنية معقولة، وهي المدة الضرورية لحماية مصالح رب العمل المشروعة.
ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن يكون المنع من المنافسة مؤبداً، ويعادل التأبيد الإتفاق على شرط المنع من المنافسة مدة حياة العامل، لأن المنع المطلق من المنافسة يتضمن إهداراً كاملاً لحرية العامل وهو أمر مخالف للنظام العام، فضلاً عن أنه لا ضرورة له، لأنه بعد فترة من الزمن يتغير العملاء ولا يستطيع المنافس الجديد أن يستأثر بمعرفتهم .
وتقدير ما إذا كانت المدة المتفق عليها معقولة أم لا، من المسائل الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع في ضوء الظروف والملابسات التي تحيط بالعمل.
ويجب أن يكون المنع نسبياً من حيث المكان.
وهذا يقتضي أن يكون الشرط محدداً بنطاق مكان معين. فلا يجوز الإتفاق على منع العامل من المنافسة مطلقاً في أي مكان، إنما يجب أن يكون المنع قاصراً على المكان الضروري الذي يحقق مصالح رب العمل المشروعة، بأن يكون قاصراً على مكان معين بذاته هو غالباً المكان الذي يمتد إليه نشاط رب العمل إذ لا مصلحة مشروعة لرب العمل في منع العامل من منافسته في مكان لا يمتد إليه نشاطه .
غير أنه يمكن تصور المنع المطلق من حيث المكان في حالة ما إذا كان نشاط صاحب العمل ممتداً إلى الدولة أو العالم جميعه .
ويجب أن يكون المنع نسبياً من حيث نوع العمل، فيتعين أن يكون المنع قاصراً على المهنة أو الحرفة أو النشاط الذي يباشره صاحب العمل وهو القدر الضروري اللازم لحماية مصلحة رب العمل المشروعة.
ويكون المنع مشروعاً إذا اقتصر على ذات العمل أو النشاط الذي يمارسه رب العمل، وكذلك إذا انصرف المنع إلى عمل آخر يرتبط بالعمل أو النشاط الأصلي لرب العمل طالما أن الأخير مصلحة مشروعة في اشتراط منع المنافسة في شأنه .
ويبني على ذلك أنه لا يجوز الإتفاق على منع العامل من مباشرة أي عمل، وإلا وقع هذا الشرط باطلاً .
(4) يجب ألا يقترن الإتفاق بعدم المنافسة بشرط جزائي مغالى فيه :
والقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 223 مدني تقضي بأنه إذا تضمن الإتفاق على المنع من المنافسة شرطاً جزائياً يوقع على العامل في حالة إخلاله بهذا الإلتزام فإن الإتفاق يكون صحيحاً.
غير أن المشرع خشي أن يبالغ صاحب العمل في التعويض المتفق عليه ليتخذ من الشرط الجزائي وسيلة لإجبار العامل على البقاء في خدمته مدة طويلة تجاوز المدة المتفق عليها، وهو ما يتضمن إهداراً كبيراً لحرية العامل، فرأى الشارع إمعاناً في حماية العامل النص على بطلان الشرط الجزائي في هذه الحالة وانسحاب البطلان إلى شرط عدم المنافسة أيضاً إذ نصت المادة 687 مدني على أنه: "إذا اتفق على شرط جزائي في حالة الإخلال بالإمتناع عن المنافسة وكان في الشرط مبالغة تجعله وسيلة لإجبار العامل على البقاء في صناعة رب العمل مدة أطول من المدة المتفق عليها، كان هذا الشرط باطلاً وينسحب بطلانه أيضاً إلى شرط عدم المنافسة في جملته".
وفي هذا النص خروج على القواعد العامة من ناحيتين : الأولى : أن المبالغة في الشرط الجزائي تخول القاضي سلطة تخفيض التعويض المتفق عليه فقط (م 224 / 2 مدنى ) .
دون أن تؤدي إلى بطلان الشرط .
الثانية : أن المشرع نص على إنسحاب بطلان الشرط الجزائي إلى شرط عدم المنافسة ذاته، بينما تقضى القواعد العامة ببقاء الإتفاق الأصلى صحيحاً بالرغم من بطلان شرط من الشروط التي تضمنها .
أثر الإتفاق على عدم المنافسة :
إذا انعقد الإتفاق على عدم المنافسة صحيحاً، كان هذا الإتفاق ملزماً للعامل، ويرتب في ذمته التزاماً بإمتناع عن عمل: الإمتناع عن الخدمة أو عن إقامة صناعة أو تجارة وذلك في الحدود الواردة بالإتفاق. وإذا أخل العامل بإلتزامه، جاز لصاحب العمل الرجوع عليه بالتعويض، ويقدر هذا التعويض وفقاً للقواعد العامة على أساس المسئولية العقدية.
كما يجوز لصاحب العمل طلب التنفيذ العيني متى كان ممكناً، كأن يطلب إغلاق المحل التجاري أو المصنع الذي أقامه العامل على خلاف هذا الإتفاق.
ويجوز اللجوء إلى التهديد المالي لقهر العامل على الكف عن المخالفة بإنهاء عقد العمل الذي أبرمه خلافاً لتعهده، وإذا إلتحق العامل بمنشأة أخرى بالمخالفة للإتفاق فإن صاحب العمل الثاني يكون مسئولاً قبل صاحب العمل الأول، إذا ثبت علمه بوجود هذا الإتفاق وقت إلتحاق العامل لديه، أو ثبت علمه به بعد إلتحاق العامل لديه ورغم ذلك استبقى العامل في خدمته.
ومسئولية صاحب العمل الثاني، مسئولية تقصيرية لأنه لا يربطه ثمة عقد بصاحب العمل الأول .
أما عقد العمل الذي يبرمه العامل إخلالاً منه بشرط عدم المنافسة فإنه يقع صحيحاً لأن جزاء إخلال صاحب العمل الثاني قاصر على التعويض النقدي.
وإذا كان الأصل - كما رأينا - هو إلتزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل تنفيذاً للإتفاق المبرم بينه وبين الأخير، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل حالتين، أجاز فيهما للعامل عدم التقيد بهذا الإتفاق ومنافسة صاحب العمل، وهاتان الحالتان :
1- إذا فسخ رب العمل العقد أو رفض تجديده دون أن يقع من العامل ما يبرر ذلك :
فإذا كان العقد محدد المدة وفسخه صاحب العمل قبل إنتهاء مدته دون أن يقع من العامل ما يبرر هذا الفسخ، أو إذا رفض صاحب العمل تجديد العقد بعد إنتهاء مدته دون أن يكون العامل قد ارتكب ما يبرر هذا الرفض، حتى لو كان لدى صاحب العمل مبرر مشروع لعدم تجديد العقد كسوء أحواله المالية الناتج عن الظروف الإقتصادية، فلا يجوز لصاحب العمل التمسك بشرط عدم المنافسة.
وكذلك إذا كان العقد غير محدد المدة وأنهاه صاحب العمل بإرادته المنفردة، فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن يتمسك بشرط عدم المنافسة ولو كان هذا الإنهاء مشروعاً لتوافر مبرراته مادام لم يقع من العامل ما يبرر هذا الإنهاء .
والحكمة في هذا الإستثناء هي حماية العامل، بعد إنتهاء العقد من قيد ثقيل على حريته في العمل لا يجد في الحقوق الناشئة له عن العقد نظراً لقصر مدته، مقابلاً كافياً فيصبح التزامه بعدم المنافسة غير مبني على سبب، وكذلك توقی غشاص محتملاً من جانب صاحب العمل الذي قد يستخدم عاملاً يخشى منافسته أو ليفيد من خبرته لمدة قصيرة، ويرهقه بعدها بالتزام ثقيل في ذمته .
2- إذا وقع من صاحب العمل ما يبرر فسخ العامل للعقد :
إذا وقع من صاحب العمل ما يبرر فسخ العامل للعقد، كما إذا كلف رب العمل العامل بأداء عمل غير العمل المتفق عليه في غير الحالتين المنصوص عليهما بالمادة 76 من قانون العمل فرغم أن العامل هو الذي ترك العمل بإرادته إلا أنه يتحلل من التزامه بعدم المنافسة لأن تركه العمل وليد خطأ إرتكبه صاحب العمل، فيكون إعفاء العامل من هذا الإلتزام جزاء لخطأ رب العمل.
وتوافر إحدى الحالتين السابقتين وإن كان يؤدي إلى تحلل العامل من الإلتزام بعدم المنافسة الذي سبق له الإتفاق عليه إلا أنه لا يعفيه من إلتزام آخر هو الإلتزام بالمحافظة على أسرار العمل لأن نص المادة 687 مدنی واضح في الإقتصار على منع رب العمل من التمسك بشرط عدم المنافسة، وهو في ذاته حكم له تأثيره على رب العمل .
إفادة الخلف الخاص لرب العمل من الإتفاق بعدم المنافسة :
القاعدة أن الخلف الخاص يخلف السلف في حقوقه والتزاماته الناشئة عن أى عقد من العقود إذا كانت من مستلزمات الشيء الذي ينتقل إليه وكان يعلم بها. وحق صاحب العمل في إقتضاء الوفاء بالإلتزام بعدم المنافسة من العامل حق مكمل للمحل الذي ينتقل إلى الخلف الخاص فيكون من مستلزماته ويظل لهذا إلتزام العامل بعدم منافسة رب العمل الأصلي مقيدا للعامل رغم إنتقال المحل إلى الخلف الخاص، خاصة وأن العامل يلتزم بعدم المنافسة تجاه المشروع وليس فقط تجاه صاحب العمل .
هل يجب تقاضى العامل مقابلاً للإتفاق بعدم المنافسة ؟
كانت المادة 953/ج من المشروع التمهيدي للقانون المدني توجب لصحة الإتفاق بعدم المنافسة "أن يقرر العقد للعامل تعويضاً عن هذا القيد الوارد على حريته في العمل يتناسب مع مدى هذا القيد".
إلا أن هذا النص حذف في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ وعللت هذا الحذف .
ترك الحكم الوارد فيه للقواعد العامة والعدالة والإتفاق .
ومقتضى القواعد العامة والعدالة أن يكون لهذا الإلتزام مقابل، إلا أنه لا يتعين أن يحدد المقابل في العقد صراحة، ذلك أن الإلتزام بعدم المنافسة يكون مع عقد العمل كلاً لا يتجزأ بحيث يجد العامل فيما يحصل عليه من العقد عوضاً عنه على تقدير زيادة الأجر المتفق عليه عما يستحقه العامل عن العمل الذي يؤديه، بحيث تعتبر هذه الزيادة مقابلاً لإلتزامه بعدم المنافسة الذي يلتزم به بعد إنقضاء العقد .
عبء إثبات توافر المصلحة المشروعة في شرط عدم المنافسة :
رأينا فيما تقدم أنه يجب لصحة شرط عدم المنافسة أن تكون هناك مصلحة مشروعة لصاحب العمل في هذا الشرط.
وقد ثار الخلف فيمن يجب عليه إقامة الدليل على هذه المصلحة، هل هو صاحب العمل؟ أم يقع على العامل عبء إثبات انتفائها بإقامة الدليل على أن العمل الذي يؤديه لا يسمح له بالإتصال بعملاء المشروع ولا يكشف له عن أسراره؟
فقد ذهب البعض استناداً إلى الظروف الخاصة بإدراج هذا الشرط وقوامه نزول العامل مقدماً عن حرية عامة إلى إلقاء عبء الإثبات على صاحب العمل، لاسيما وأن وضع العامل في المشروع قد يتغير أثناء قيام علاقات العمل بانتقاله إلى وظيفة بعيدة عن عملائه وعن أسراره فتنتفي مصلحة العامل فيه بعد أن كانت قائمة وقت إدراجه .
إثبات مخالفة الإتفاق على عدم المنافسة :
يجوز لصاحب العمل إثبات مخالفة الإتفاق على عدم المنافسة بكافة طرق الإثبات - بما فيها شهادة الشهود والقرائن - ولو كانت هذه المخالفة هي إبرام العامل عقد عمل مع منافس له. ذلك أن محل الإثبات ينصب على واقعة مادية بالنسبة لصاحب العمل الأول .
ويراعى أنه لا يعتبر نزولاً من جانب صاحب العمل أن يذكر في خطاب فصل العامل أو في شهادة نهاية الخدمة أنه (خال من كل إلتزام) لأن هذه الجملة لعموم عبارتها إذا انطبقت على إلتزامات العامل في أثناء سريان العقد فإنها لعدم تحديدها لا تكفي للدلالة على نزول صاحب العمل عن إلتزام ألقي على عاتق العامل بعد إنقضاء العقد .
تفسير شرط عدم المنافسة :
يخالف شرط عدم المنافسة، مبدأ حرية العمل أو حرية التجارة والصناعة، ومن ثم فإن له صفة إستثنائية توجب التضييق في تفسيره، بما هو أصلح للعامل طبقاً لقواعد التفسير المرعية في قانون العمل، وتمشياً مع مبدأ الشك يفسر لصالح المدين" والعامل هو المدين بهذا الإلتزام".
ويترتب على ذلك أنه إذا قام شك حول عبارة معينة في العقد وثار التساؤل عما إذا كانت تتضمن إلتزاماً على العامل بعدم المنافسة أو تتضمن إباحة هذه المنافسة فإنه يجب صرف العبارة إلى الإباحة .
و أخذاً بقاعدة التفسير هذه، فإن الإلتزام بالإمتناع عن إنشاء معمل للتحاليل الطبية في بلدة معينة لا يمنع فتح صيدلية في ذات البلدة.
والإلتزام بالإمتناع عن إدارة محل تجاري له طبيعة محل صاحب العمل أو يمكن أن ينافسه، لا يمنع المدين به من العمل مديراً فنياً في محل تجاري.
والإلتزام بالإمتناع عن العمل في المنطقة التي كان المستخدم يروج فيها للمشروع خلال مدة خدمته فيه، لا يمنع هذا الأخير من العمل في منطقة وقف عن الترويج فيها خلال أكثر من سنتين سابقتين على استقالته .
على أن قاعدة التفسير الضيق لا تتنافى مع وجوب تفسير الشرط على هذه النية المشتركة لطرفيه، فلا يعتبر البند عاماً في المكان، لمجرد إغفال تحديد نطاق جغرافي له فيه، متى ظهر في خطاب الإستخدام، أنه محصور وفقاً للنية المشتركة في المنطقة التي يمارس فيها المستخدم وظيفته . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن ،الصفحة/ 639 )
أعاد المشرع تنظيم الأحكام التي تضمنتها المادة 688 من القانون المدني بنص خاص هو المادة الثامنة من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الإختراع والرسوم والنماذج الصناعية، وبإعتبار النص الأخير خاصاً فهو يقيد النص العام . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/562 )
كان ينظم براءات إختراع القانون رقم 132 لسنة 1949 ببراءات الإختراع والرسوم والنماذج الصناعية المعدل بالقوانين رقم 543 لسنة 1953، رقم 650 لسنة 1955 ، رقم 47 لسنة 1981 ، رقم 46 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية الصادر بالقرار الوزاري رقم 230 لسنة 1951 المعدل. وقد ألغي هذا القانون وحل محله القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية الملكية الفكرية، وصدرت لائحته التنفيذية الكتب الأول والثاني والرابع من القانون بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1366 لسنة 2003 .
المقصود بالإختراع
تنص المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية الملكية الفكرية على أن :
"تمنح براءة إختراع طبقاً لأحكام هذا القانون عن كل إختراع قابل للتطبيق الصناعي، يكون جديداً، ويمثل خطوة إبداعية، سواء كان الإختراع متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق صناعية مستحدثة، أو بتطبيق جديد لطرق صناعية معروفة.
كما تمنح البراءة إستقلالاً، عن كل تعديل أو تحسين أو إضافة ترد على إختراع سبق أن منحت عنه براءة، إذا توافرت فيه شروط الجدة والإبداع والقابلية للتطبيق الصناعي على النحو المبين في الفقرة السابقة، ويكون منح البراءة لصاحب التعديل أو التحسين أو الإضافة وفقاً لأحكام هذا القانون".
كما تنص المادة الثانية من القانون على أن :
لا تمنح براءة إختراع لما يأتي :
1- الإختراعات التي يكون من شأن إستغلالها المساس بالأمن القومي أو الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو الأضرار الجسيمة بالبيئة أو الإضرار بحياة أو صحة الإنسان أو الحيوان أو النبات.
2- الإكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات.
3- طرق تشخيص وعلاج وجراحة الإنسان أو الحيوان.
4- النباتات والحيوانات أيا كانت درجة ندرتها أو غرابتها وكذلك الطرق التي تكون في أساسها بيولوجية لإنتاج النباتات أو الحيوانات، عدا الكائنات الدقيقة والطرق غير البيولوجية والبيولوجية الدقيقة لإنتاج النباتات أو الحيوانات.
5- الأعضاء والأنسجة والخلايا الحية والمواد البيولوجية الطبيعية والحمض النووي والجينوم .
كما تنص المادة الثالثة على أن : لا يعتبر الإختراع جديداً كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين :
1- إذا كان قد سبق طلب إصدار براءة إختراع أو صدرت براءة عنه أو عن جزء منه في جمهورية مصر العربية أو في الخارج قبل تاريخ تقديم طلب البراءة.
2- إذا كان قد سبق إستعمال الإختراع أو إستغلاله في جمهورية مصر العربية أو في الخارج بصفة علنية أو كان قد أفصح عن وصفه على نحو يمكن ذوي الخبرة من إستغلاله قبل تقديم طلب البراءة.
ولا يعد إفصاحاً في حكم البند السابق الكشف عن الإختراع في المعارض الوطنية أو الدولية خلال الستة الأشهر السابقة على تاريخ التقدم بطلب البراءة.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون أوضاع وإجراءات الكشف عن الإختراع".
وكانت المحكمة الإدارية العليا - في ظل القانون رقم 132 لسنة 1949 (المعدل) ببراءات الإختراع والرسوم والنماذج الصناعية (الملغي) قد عرفت الإختراع في حكمها الصادر بتاريخ 14 / 5 / 1966 في الطعن رقم 1582 لسنة 7ق بقولها :
"المقصود بالإختراع هو تقديم شيء جديد للمجتمع أو إيجاد شيء لم يكن موجوداً من قبل وقوامه أو مميزه أن يكون ثمة فكرة إبتكارية أو نشاط إبتكاري يتجاوز الفن الصناعي القائم فلا يعد من قبيل المخترعات التنقيحات أو التحسينات التي لا تضيف إلى الفن الصناعي القائم أو التعديلات الجزئية غير الجوهرية التي لا تغيب عن رجل الصناعة المتخصص في حدود المعلومات الجارية والتي هي وليدة المهارة الحرفية وحدها ومثل هذه الصور تدخل في نطاق الصناعة لا في نطاق الإختراع".
حقوق العامل فى إختراعاته :
لحق الإختراع جانبان : جانب أدبي وجانب مالي نعرض لهما على التوالى.
الجانب الأدبي للإختراع :
يتمثل الجانب الأدبي للإختراع في حق المخترع في نسبة الإختراع إليه وذلك بأن يذكر إسمه في براءة الإختراع، وفي سلطة المخترع في التغيير والتبديل فيه.
وهذا الجانب الأدبي يثبت للعامل المخترع في كافة الحالات لأنه من الحقوق اللصيقة بالشخصية ولا يجوز التنازل عنها.
الجانب المالي للإختراع :
يتمثل الجانب المالي لإختراع العامل في سلطة إستغلال هذا الإختراع فله التصرف فيه بالبيع أو الرهن أو الهبة. وفي هذه الحالة ينتقل الحق في البراءة إلى المشتري أو المرتهن الموهوب له وتصدر بإسمه وفي حالة الوفاة تصدر البراءة بإسم الورثة.
وهذا الجانب المالي لا يثبت للعامل في كافة الحالات.
فقد يثبت لرب العمل في بعض الحالات، وقد يكون لكل منهما نصيب فيه في بعض آخر.
وقد جرى فقه العمل - في هذا الشأن - على التمييز بين ثلاثة أنواع من الإختراعات هي :
الإختراع الحر - إختراع الخدمة – الإختراع العرضي . ونعرض لهذه الأنواع على التوالى .
(1) الإختراعات الحرة :
الإختراعات الحرة هي الإختراعات التي يتوصل إليها العامل، وتكون منقطعة الصلة تماماً بالعمل الذي يقوم به العامل بمقتضى العقد وبنشاط المشروع الذي يعمل فيه على السواء.
وواضح - أن هذه الإختراعات لا تتصل بالعمل زمانياً أو مكانياً، ولم يستعن العامل للوصول إليها بأية أدوات أو مواد مملوكة لصاحب العمل. ولا يغير من الأمر أن تكون الخبرة التي اكتسبها العامل عن عمله هذا هي التي هيأت له الوصول إلى الإختراع.
وهذا النوع من الإختراعات يكون من حق العامل وحده، فيبقى للعامل عليها الحق الأدبي والحق المالي على السواء.
وهذا يتفق مع نص الفقرة الأولى من المادة 6 من قانون براءات الإختراع التي تقضي بأن : "يكون الحق في البراءة للمخترع أو لمن آلت إليه حقوقه".
فإذا تضمن عقد العمل شرطاً يعطى لرب العمل حقوقاً على مخترعات العامل الحرة، فمثل هذا الشرط يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعارضه مع النظام العام لأن من شأنه أن يثنى العامل عن الإختراع مادام أنه لن يستطيع توجيه إختراعه وإستغلاله بالصورة التي يفضلها .
غير أن هذا التنازل يكون حائزاً إذا كان نظير مقابل خاص .
(2) إختراعات الخدمة :
وهي الإختراعات التي يتوصل إليها العامل خلال عمل يقتضي منه إفراغ جهده في الإختراع والإبتداع، فهى إختراعات توصل إليها عامل مكلف من قبل صاحب العمل بأن يعمل بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة في البحث والإختراع ويتقاضى أجره مقابل هذا العمل، وصاحب العمل هو الذي يمول البحث ويقدم للعامل المعامل والآلات والمواد والمعاونين الذين يحتاج إليهم للقيام به وتقديم البحوث والتجارب السابقة ويتحمل النفقات اللازمة لمواصلة البحث والتجربة.
وهذا النوع من الإختراعات يثبت الحق المالي فيه لرب العمل لا لذات العامل المخترع.
وقد نصت على ذلك المادة 688 / 2 مدني بقولها: "إن ما يستنبطه العامل من إختراعات في أثناء عمله يكون من حق رب العمل، إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تقتضي منه إفراغ جهده في الإبداع"، وكما نصت عليه أيضا الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون براءات الإختراع بقولها : لصاحب العمل جميع الحقوق المترتبة على الإختراعات التي يستحدثها العامل أو المستخدم أثناء قيام رابطة العمل أو الإستخدام، متى كان الإختراع في نطاق العقد أو رابطة العمل أو الإستخدام".
ولكن تقرير الحق المالي لصاحب العمل في هذه الحالة لا يعني حرمان العامل كلياً من أي مقابل مالي عن إختراعه، فإذا لم يتفق رب العمل مع العامل على أجر يتقاضاه عن إختراعه، كان للعامل الحق في تعويض عادل ممن كلفه الكشف عن الإختراع أو من صاحب العمل.
وهذا التعويض يراعى فيه القيمة الإقتصادية للإختراع ومدى الجهد الذي بذله العامل في سبيل التوصل إليه.
وتفصيل ذلك، أن الفقرة الثالثة من المادة 688 /3 مدني كانت تنص على أنه :
"وإذا كان الإختراع ذا أهمية اقتصادية جديدة جاز للعامل في الحالات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة. ويراعى في تقدير هذا المقابل مقدار المعونة التي قدمها رب العمل وما استخدم في هذا السبيل من منشآته"، وبعد ذلك صدر القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الإختراع (الملغى) ونص في الفقرة الثانية من المادة السابعة على أن العامل "أجره على إختراعه في جميع الحالات، فإذا لم يتفق على هذا الأجر كان له الحق في تعويض عادل ممن كلفه الكشف عن الإختراع أو من صاحب العمل"، ولم تشترط الفقرة الأخيرة لتقاضي العامل تعويضاً عن إختراعه أن يكون الإختراع ذا أهمية اقتصادية جديدة، أي أنها أجازت له تقاضي هذا التعويض بصرف النظر عن أهمية الإختراع، وإن كانت أهمية الإختراع دون شك لها دخل في مقدار التعويض، ولما كان قانون براءات الإختراعات لاحق في صدوره والعمل به للتقنين المدني، وقد نظمت من جديد الفقرة الثانية من المادة السابعة منه موضوع الفقرة الثالثة من المادة 688 مدني، فإن الفقرة الأخيرة تكون ألغيت ضمناً، ويتعين إعمال نص الفقرة الثانية من المادة السابعة من قانون براءات الإختراع .
(3) الإختراعات العرضية :
وهي الإختراعات التي يوفق إليها العامل في أثناء خدمة رب العمل وبمناسبة هذه الخدمة، دون أن يكون لها علاقة بنوع العمل الذي يؤديه في المنشأة، بمعنى أن عمله في المنشأة لا يقتضي منه البحث للتوصل إلى هذه الإختراعات، والحق المالى للإختراع في هذه الحالة يكون للعامل دون صاحب العمل.
وعلى هذا نصت الفقرة الأولى من المادة 688 مدني بقولها : "إذا وفق العامل إلى إختراع جديد في أثناء خدمة رب العمل فلا يكون لهذا أي حق في ذلك الإختراع ولو كان العامل قد استنبطه بمناسبة ما قام به من أعمال في خدمة رب العمل". إلا أن الفقرة الثانية من المادة 688 مدني أجازت لرب العمل أن يشترط في العقد صراحة أن يكون له الحق في إستغلال هذا الإختراع، وأجازت الفقرة الثالثة للعامل إذا كان الإختراع ذا أهمية إقتصادية أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة. ويراعى في هذا المقابل مقدار المعونة التي قدمها رب العمل وما استخدم في هذا السبيل من منشآته.
كما أجازت المادة الثامنة من قانون براءات الإختراع الملغي لصاحب العمل رغم عدم وجود الشرط الصريح السابق، الخيار بين إستغلال الإختراع، أو شراء البراءة مقابل تعویض يدفعه للمخترع على أن يتم الإختيار في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار بمنح البراءة.
وهذا النص منتقد لأنه يتضمن قيداً على حرية العامل في إستغلال إختراعه بغير رضا رغم أنه لم يتلق أي عون من قبل صاحب العمل فيما توصل إليه من إختراع، ولعل المشرع قد أدخل في إعتباره عند تقرير هذا الحكم خطر إستعمال هذه الإختراعات في منافسة رب العمل إذا أعطى حق إستغلالها إلى غيره.
وقد تدارك المشرع ذلك في قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ، إذ نص في المادة السابعة منه - كما رأينا - على أن العامل المخترع يذكر إسمه في البراءة، وله أجره على إختراعه في جميع الحالات فإذا لم يتفق على هذا الأجر كان له الحق في تعويض عادل من صاحب العمل.
غير أنه كان يحسن الإعتراف للعامل بحقه في بيع البراءات أو إستغلال الإختراع إلى الغير مع إعطاء صاحب العمل حقاً في الإسترداد مقابل دفع الثمن الحقيقي الذي تم به البيع .
تعقيب إختراعات العامل بعد ترك الخدمة :
خشى المشرع وقوع غش من جانب العامل بأن يعمد إلى إخفاء خبر الإختراع الذي وفق إليه أثناء الخدمة حتى ما إذا ما انتهى عقده قام بتسجيل الإختراع بإسمه على أنه توصل إليه بعد إنتهاء الخدمة، أو بأن يعمد إلى ترك الخدمة إثر توصله إلى الإختراع ليقوم بتسجيله بإسمه . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن،الصفحة/ 650)
عند إعداد مشروع القانون المدني، تضمنت نصوصه المنظمة لعقد العمل الأصول العامة والأحكام التفصيلية لهذا العقد، إذ لم يكن قانون عقد العمل الفردي قد صدر في ذلك الوقت، وبعد صدوره متضمنا الأحكام التفصيلية لعقد العمل الفردي، رأى المشرع إضافة المادة 689 إلى مشروع القانون المدني، وأحال بموجبها إلى القوانين الخاصة بالعمل فيما تضمنته من الأحكام التفصيلية والتطبيقية فيما يتعلق بإلتزامات العامل، فأصبحت نصوص عقد العمل الواردة بالقانون المدني قاصرة على القواعد العامة المتعلقة بهذا العقد.
أما سائر الإلتزامات التي تضمنتها قوانين العمل والتي فرضت على العامل، فإنها تكون واجبة التطبيق بالإضافة إلى الإلتزامات التي نص عليها القانون المدني، وبالتالي فإن جميع العمال بمختلف طوائفهم وطبيعة عملهم يخضعون للإلتزامات التي تضمنها القانون المدني والقوانين الخاصة بالعمل، ويترتب على الإخلال بها ما يرتبه أي من هذه القوانين من جزاء .( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 564 )
وعلى ذلك فإنه يقع على عاتق العامل فضلاً عن قيامه بالإلتزامات المبينة في القانون المدني بالفصل الخاص بالعمل، أن يقوم بتنفيذ أي إلتزام أخر يرد في قانون خاص كقانون العمل رقم 12 لسنة 2003 إذا كان العامل يخضع لأحكام هذا القانون. ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 659 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس عشر ، الصفحة / 212
ما يُشْترطُ في الْعامل:
قال الشّافعيّةُ: يُشْترطُ في الْعامل الْمُعيّن أهْليّتُهُ للْعمل بأنْ يكُون قادرًا عليْه، فلا يصحُّ الْعقْدُ منْ عاجزٍ عن الْعمل، كصغيرٍ، وضعيفٍ لا يقْدرُ عليْه، لأنّ منْفعتهُ معْدُومةٌ. أمّا إذا كان الْعاملُ غيْر مُعيّنٍ فيكْفي علْمُهُ بإعْلان الْجاعل، ولا يُشْترطُ قُدْرتُهُ على الْعمل أصْلاً، ويكْفي أنْ يأْذن أوْ يُوكّل منْ يعْملُ. ولا يُشْترطُ في الْعامل بنوْعيْه مُعيّنًا أوْ غيْر مُعيّنٍ بُلُوغٌ ولا عقْلٌ، ولا رُشْدٌ ولا حُرّيّةٌ، ولا إذْنُ وليٍّ أوْ سيّدٍ، فيصحُّ الْعقْدُ منْ صبيٍّ ومجْنُونٍ لهُ نوْعُ تمْييزٍ ومحْجُورٍ عليْه بسفهٍ، وعبْدٍ على الرّاجح.
وقال الْمالكيّةُ: كُلُّ ما كان شرْطًا في الْجاعل كان شرْطًا في الْعامل بزيادة الْعمل عليْه ولمْ نعْثُرْ للْحنابلة على شيْءٍ في هذه الْمسْألة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لاحكام الشريعة الإسلامية
) مادة 678 )
إذا اتفق على تعويض في حالة الإخلال بالإمتناع عن المنافسة، وكان في الشرط مبالغة تجعله وسيلة لإجبار العامل على البقاء لدى صاحب العمل مدة أطول من المدة المتفق عليها ، كان هذا الشرط باطلاً ، کما يشمل البطلان شرط عدم المنافسة .
هذه المادة تتفق مع المادة 687 من التقنين الحالي .
وقد أدخلت على هذه المادة تعديلات لفظية على النحو الوارد في المادة المقترحة . والمادة المقترحة تتفق مع المادة 911 / 2 من التقنين العراقي .
وتقابل المادة 819من التقنين الأردنی .
والأصل أن التعويض يكون بقدر الضرر، وذلك سواء في القانون الوضعي أو في الشرع الإسلامي ، فإذا كان التعويض الإتفاقي , (الشرط الجزائي ) مبالغاً فيه : جاز للقاضي أن يخفضه (م 233 / 2 من المشروع . ويعلل الشرط بالإمتناع عن المنافسة صحيحاً ، ولكن المشروع : كما هو الشأن في التقنين الحالي ، حرصاً منه على توفير حماية أكبر للعامل ، لم يكتف بهذه القواعد العامة ، بل قضى ببطلان الشرط الجزائي وكذلك الشرط الأصلي بالإمتناع من المنافسة . حيث قدر أنه بهذا يحمي مصلحة مشروعة للعامل ، وهو الطرف الضعيف في العقد ، الأمر الذي يتفق مع روح الشريعة ، ويملكه ولي الأمر ، إذ التصرف على الرعية منوط بالمصلحة (م 58 مجلة)
) مادة 679)
1- إذا وفق العامل إلى إختراع أثناء عمله ، فلا يكون لصاحب العمل أي حق في ذلك الإختراع ولو كان العامل قد استنبطه بمناسبة ما قام به من أعمال لدى صاحب العمل .
2- على أن ما يستنبطه العامل من إختراعات أثناء عمله يكون من حق صاحب العمل ، إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تقتضي منه إفراغ جهده في الإبتداع ، أو إذا كان صاحب العمل قد اشترط في العقد صراحة أن يكون له الحق فيما يهتدی إليه من الإختراعات .
3- وإذا كان الإختراع ذا أهمية اقتصادية جدية ، جاز للعامل في الحالتين المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة . ويراعى في تقدير هذا المقابل مقدار المعونة التي قدمها صاحب العمل وما استخدم في هذا السبيل من منشأته .
هذه المادة تطابق المادة 688 من التقنين الحالي ، مع بعض التعديلات اللفظية .
وتطابق المادة 912 من التقنين العراقي ، مع بعض الإختلافات اللفظية.
وتقابل المادة 820 من التقنين الأردنی.
والأصل الذي تقرره الفقرة الأولى من المادة المقترحة مسلم به سواء في القانون الوضعي أو في الشريعة الاسلامية . حيث أن المخترع ، كما هو الحكم في حق المؤلف ، يثبت له على إختراعه حق المؤلف بجانبيه المعنوي والمالي ، وذلك حتى لو كان يعمل لدى شخص آخر.
وإذا كان الحق المعنوي يظل على الدوام للعامل المخترع ، فإن الحق المالي على خلاف الأصل يثبت لصاحب العمل في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرة الثانية من المادة المقترحة . وسند هاتين الحالتين هو الإتفاق الصریح أو الضمني ، وهو إتفاق لا تأباه الشريعة. فالمسلمون عند شروطهم فيما لا يخالف حکماً قطعياً .
أما ما تقرره الفقرة الثالثة من المادة المقترحة فقد روعي فيه مصاحة كل من الطرفين . فهو يشجع العامل على الإبداع والإبتكار ، ويحمي مصلحة صاحب العمل الذي أنفق من ماله وقدم التسهيلات للعامل للوصول إلى إختراعه . والشريعة الاسلامية ترعى مثل هذه المصالح المشروعة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الأحكام العدلية
مادة (58) التصرف على الرعية
التصرف على الرعية منوط بالمصلحة .