(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)
واجبات العمال ومساءلتهم
يتضمن المشروع في المادة (56) منه النص على واجبات العمال مضيفاً بعض الواجبات إلى الواجبات الواردة في القانون القائم وبعض الواجبات الواردة في قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 م، ويشار في هذا الصدد إلى إلزام العامل باتباع النظم التي يضعها صاحب العمل لتنمية مهارته وخبراته علمياً وثقافياً أو لتأهيله للقيام بعمل يتماشى مع التطور التقني في المنشأة، تمشياً مع ما ورد بالمادة (76) والتي أجازت لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف يتماشى مع ذلك التطور .
ويحرص المشروع في المادة (57) منه على بيان ما يحظر على العامل إتيانه بنفسه أو بواسطة غيره، ويلاحظ أن أحكام هذه المادة مستقاة في مجموعها من أحكام المادة (79) من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه .
ويضيف المشروع في المادة (59) ضمانة جديدة إلى ضمانات التأديب، يشترط بموجبها في الفعل الذي يجوز مساءلة العامل عنه تأديبياً أن يكون ذا صلة بالعمل، كما يستحدث النص على أن تحدد لائحة الجزاءات المخالفات التي تستوجب توقيع جزاء من الجزاءات المبينة في المادة (60) بما يحقق تناسب الجزاء مع المخالفة، أخذاً با استقرت عليه أحكام القضاء واتفاقاً مع قواعد العدالة، كما تضيف الفقرة الثالثة من نفس المادة حكماً لا يجوز بمقتضاه توقيع جزاء تأديبي على العامل بعد تاریخ ثبوت المخالفة بأكثر من ثلاثين يوماً .
وتحدد المادة (60) الجزاءات التأديبية التي توقع على العامل دون غيرها حيث يرد النص على بيان الجزاءات التأديبية في صلب القانون وليس في قرار وزاري نظراً لخطورة ممارسة السلطة التأديبية من ناحية واستقراراً للقواعد الخاصة بها من ناحية أخرى .
ويتجه المشروع إلى زيادة عدد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العمال الذي يخلون بالتزاماتهم لتيسير تطبيق مبدأ تناسب الجزاء مع قدر جسامة المخالفة المرتكبة، ويستهدي المشروع في ذلك بما جاء بالمادة (82) من القانون رقم 48 لسنة 1978 في شأن العاملين بالقطاع العام، والقانون رقم 137 لسنة 1981 والقرارات الوزارية المنفذة له، وفي هذا الصدد رؤي استخدام عبارة " الخصم" بدلاً من " الغرامة "، وألغيت عقوبة الوقف عن العمل اکتفاء بعقوبة الخصم من الأجر، وذلك حسماً للخلاف الفقهي الذي أثير حول مضمون الجزاءين ومدی تعارضهما ومدى إمكانية تطبيقهما معاً، کما رؤي استبعاد الإنذار الكتابي بالفصل كجزاء مع الإبقاء عليه باعتباره إجراء من إجراءات الفصل وهو ما ينبغي أن يكون واضحاً في لائحة الجزاءات الخاصة بالمنشأة الصادرة تنفيذاً لأحكام المادة (58) .
ويلاحظ أخيراً من حيث الصياغة استخدام عبارة (الجزاء) بدلاً من عبارة (العقوبة) التي وردت ببعض النصوص في القوانين السابقة .
وتحظر المادة (61) على صاحب العمل أن يوقع على العامل عن المخالفة الواحدة جزاء الخصم الذي يزيد على أجر عشرة أيام وأن يقتطع من أجر العامل وفاءً للجزاءات التي يوقعها أكثر من أجر خمسة أيام في الشهر الواحد .
فإذا حدد الخصم بنسبة محددة من الأجر اعتبر أن المقصود بالأجر هو الأجر اليومي للعامل .
وتحدد المادة (63) حالات العود وتشديد الجزاء وتستبقي القواعد العامة الواردة في القرارات الوزارية بشأن اللائحة النموذجية لتنظيم العمل واللائحة النموذجية للجزاءات .
وتضيف المادة (64) حكماً جديداً يلزم صاحب العمل بأن يبدأ التحقيق مع العامل خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ اكتشاف المخالفة، كما يجيز للمنظمة النقابية التي يتبعها العامل أن تنيب ممثلاً عنها لحضور التحقيق ويقصد بممثل النقابة عضواً من أعضائها أو محام تنيبه عنها .
على أنه يجوز بالنسبة لجزاءي الإنذار والخصم من الأجر الذي لا يزيد مقداره على أجر ثلاثة أيام أن يكون التحقيق شفاهة مع إثبات مضمونه في القرار الذي يقتضي بتوقيع الجزاء، وذلك تيسيراً للإجراءات وتوفيراً للضمانات اللازمة للعامل في آن واحد .
وتستحدث المادة (65) من المشروع إجازة إجراء التحقيق بمعرفة صاحب العمل والذي يعهد به إلى إدارة الشئون القانونية بالمنشأة، أو إلى أي شخص آخر من ذوي الخبرة في هذا المجال، بشرط ألا يقل المستوى الوظيفي للمحقق عن مستوى العامل المنسوب إليه المخالفة، وتتسق هذه المادة مع حكم المادة (83) من القانون رقم 48 لسنة 1978 في شأن العاملين بالقطاع العام .
کما تستحدث المادة (66) حكماً يجيز لصاحب العمل أن يوقف العامل عن عمله مؤقتاً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك مع صرف أجره کاملاً، فإذا وقع على العامل جزاء الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقف، مع احتفاظه بما تقاضاه من أجر .
وتتضمن المادة (68) من المشروع ذات الأحكام الواردة في القرارات الوزارية بالنسبة لما تجيزه لصاحب العمل أو وكيله المفوض أو لعضو مجلس الإدارة المنتدب بشأن توقيع الجزاءات التأديبية، كما تجيز لمدير المنشأة توقيع جزاءي الإنذار والخصم من الأجر الذي لا يزيد مقداره على أجر ثلاثة أيام .
وتضيف المادة (69) حكماً يجيز لصاحب العمل فصل العامل إذا أخل بالأحكام الواردة بالباب الخامس من الكتاب الرابع .
(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)
حددت المادة (60) من المشروع الجزاءات التأديبية التي توقع على العامل والتي يمتنع توقيع جزاءات غيرها وهي تقابل حكم المادة م (60) من قانون العمل 137 لسنة 1981 مع بعض الإختلاف في الصياغة حيث رؤى أن يرد النص على بيان الجزاءات التأديبية وضمانات ممارسة السلطة التأديبية في صلب القانون وليس في قرار وزاري نظراً لخطورة هذه الممارسة من ناحية واستقراراً للقواعد الخاصة بها من ناحية أخرى .
وقد رؤی من ناحية ثانية زيادة عدد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العمال الذين يخلون بالتزاماتهم حتى يسهل تطبيق مبدأ تناسب الجزاء مع المخالفة المرتكبة واستهدي المشروع في ذلك بما جاء في المادة (82) من القانون 48 لسنة 1978 في شأن العاملين بالقطاع العام والقانون رقم 137 لسنة 1981 والقرارات الوزارية المنفذة له وفي هذا الصدد رؤى استخدام عبارة الخصم بدلاً من الغرامة وألغيت عقوبة الوقف عن العمل اكتفاء بعقوبة الخصم من الأجر وذلك حسماً الخلاف الفقهي الذي أثير حول مضمون العقوبتين ومدى تعارضهما ومدى إمكانية تطبيقهما معاً كما رؤى استبعاد الإنذار الكتابي بالفصل كجزاء مع الإبقاء عليه بإعتباره إجراء من إجراءات الفصل وهو ما ينبغي أن يكون واضحاً في لائحة الجزاءات الخاصة بالمنشاة الصادرة تنفيذاً لأحكام المادة 58 من المشروع ويلاحظ أخيراً من حيث الصياغة استخدام عبارة الجزاء بدلاً من عبارة العقوبة التي وردت ببعض النصوص في القوانين السابقة .
1 ـ مؤدى النص في المادة " 60 " من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أن المشرع حدد على سبيل الحصر في قانون العمل المشار إليه الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها علي العمال ومن هذه الجزاءات جزاء الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة دون اخلال بقيمة الأجر الذى كان يتقاضاه العامل ، ولم يحدد المشرع المخالفة التي تستوجب توقيع هذا الجزاء ، لذلك فإن صاحب العمل يستقل بتحديد هذه المخالفات بشرط أن يراعى تناسب الجزاء مع المخالفة وتدرجه في الشدة مع تدرج المخالفات في الجسامة فإذا تم مجازاة العامل بجزاء خفض الوظيفة يتعين عليه أن يتسلم مهام الوظيفة الأدنى ، فإذا امتنع عن استلام الوظيفة الأدنى وتغيب عن العمل اعتراضاً منه على هذا الجزاء كان تغيبه في هذه الحالة بدون مبرر ، ولا يحول ذلك بينه وبين حقه في اللجوء إلى القضاء للطعن على هذا الجزاء وإثبات عدم مشروعيته .
( الطعن رقم 7216 لسنة 86 ق - جلسة 8 / 11 / 2017 )
2 ـ تقدير قيام المبرر لفصل العامل - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يستقل به قاضى الموضوع . و إذا كانت محكمة الموضوع قد إنتهت في حدود سلطتها التقديرية و لما ساقته من تدليل سائغ إلى عدم تناسب جزاء الفصل الموقع على المطعون ضده مع ما بدره من إهمال مما يجعل فصله مشوباً بالتعسف ، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه هذا الشأن يكون على غير أساس .
(طعن رقم 554 لسنة 40 ق - جلسة 2/ 5/ 1976 )
الجزاءات التأديبية
تضمنت المادة 60 من قانون العمل تحديداً الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العامل وفقاً للوائح تنظيم العمل والجزاءات التأديبية :
1- الإنذار.
2 - الخصم من الأجر وهو اصطلاح بديل للغرامة.
3- تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
4 - الحرمان من جزء من العلاوة السنوية بما لا يجاوز نصفها.
5- تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنة .
6 - خفض الأجر بمقدار علاوة على الأكثر.
7- الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة دون الإخلال بقيمة الأجر الذي كان يتقاضاه.
8 - الفصل من الخدمة.
أولاً : العقوبات التأديبية محددة على سبيل الحصر
- ويثور التساؤل عما إذا كانت هذه الجزاءات قد وردت على سبيل الحصر أم على سبيل المثال؟ فهل يجوز توقيع جزاء آخر لم ينص عليه؟.
تقضى المبادئ العامة لقانون التأديب، أن الجزاءات التأديبية يجوز توقيعها دون وجود نص، فيستعصى القانون التأديبي على أعمال قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. فالمخالفات التأديبية قد تتمثل في عدم إطاعة أوامر صاحب العمل، أو قواعد العمل في المشروع، ومن ثم لا يمكن تحديدها بدقة مسبقاً .
أما محكمة النقض فقد قضت بأن العقوبات التأديبية قد وردت على سبيل الحصر، فلا يجوز لصاحب العمل النص على غيرها في لائحة الجزاءات، أو توقيع عقوبة على العامل غير واردة في لائحة الجزاءات، أو مخالفة القواعد والإجراءات التي نص عليها القانون بصدد تنظیم سلطته في تأديب العاملين لديه، وإلا كانت العقوبة باطلة، وحق للعامل اللجوء إلى القضاء للحكم بهذا البطلان، وبالتعويض إن كان له مقتضى.
والمادة 60 من القانون غير حاسمة أو غير صريحة في أن الجزاءات وردت على سبيل الحصر ، ولكن المادة 60 حددت من جهة هذه الجزاءات والمادة 3 من اللائحة تعتبر الجزاءات ممثلة للحد الأقصى، وهذا يفيد طبقاً لقواعد التفسير أنها جاءت حصرية. فغير هذه الجزاءات لا يجوز توقيعها، فإذا كان القانون قد حدد الجزاءات التي يجوز توقيعها، فإنه يستفاد من ذلك أنه لا يجوز توقيع غيرها، والا اتسم قرار صاحب العمل بالبطلان .
ولكن يجوز النص في لائحة الجزاءات على جزاء أخف من العقوبة المنصوص عليها في القانون، شريطة أن يكون هذا الجزاء مما نص عليه في قانون العمل، فيجوز أن يكون جزاء المخالفة الغرامة بدلاً من الفصل المنصوص عليه في القانون عند الإعتداء على الرؤساء .
وهذا الموقف التشريعي لا يخلو من النقد لأن صاحب العمل قد يضطر إزاء هذا الوضع إلى وضع عقوبة لا تتناسب مع جسامة المخالفة، فإما أن يوقع جزاء لا تتوافر فيه صفة الردع اللازمة، أو يضع جزاءاً أشد من مدى الخطأ مما قد يعرضه للرقابة القضائية، كما يلاحظ أن المشرع قد أغفل طائفة هامة من الجزاءات الحرفية مثل النقل وغيرها، وهي التي يجب أن تكون لها الأفضلية في قانون العمل. ولقد حرص المشرع في القانون الحالي على التخفيف من هذا النقد فتوسع في صور الجزاءات حتى تتلاءم مع المخالفات .
ومع هذا نرى أن الحصر قد ورد في الحقوق المقررة للعمال في قانون العمل، فإذا كانت اللائحة الداخلية تمنح العمال مزايا أفضل مما ورد في القانون، فلا مانع من أن يوقع جزاء ينطوي على الانتقاص أو الحرمان من الميزة .
- وبالإضافة إلى أن الجزاءات قد وردت على سبيل الحصر، فقد نص القرار الوزاري رقم 185 لسنة 2003 على أن الجزاءات الواردة باللائحة تمثل الحد الأقصى لما يجوز توقيعه ، وللإدارة النزول عن هذا الحق حسبما يتراءى لها من الظروف والملابسات .
والمقصود بذلك أن صاحب العمل يتقيد بما جاء في اللائحة التي وضعها وتم التصديق عليها من جزاءات، ولكن التقيد يعني عدم مجاوزة الحد الأقصى المحدد للمخالفة، ويجوز للجهة المختصة بتوقيع الجزاء أن تنزل عن ذلك الحد الأقصى، فالقيد قيد ذاتی إذ أن صاحب العمل هو الذي يضع اللائحة وعليه أن يلتزم بها. ولكن لا يلتزم صاحب العمل بأن تكون الجزاءات الواردة في اللائحة مطابقة لتلك الواردة في اللائحة النموذجية، لأن هذه اللائحة لم توضع إلا على سبيل الاسترشاد .
- ويجب التمييز بين الجزاء التأديبي وإجراءات التنظيم الداخلى للمنشأة. فالجزاء التأديبي يكون جزاء لارتكاب مخالفة لأوامر صاحب العمل أو الواجبات المفروضة على العامل. أما إجراءات التنظيم الداخلى للمنشأة وإعادة التنظيم فهي ليست جزاءات توقع على أحد وإنما هي إجراءات تدخل في إطار سلطة التنظيم وليس التأديب. فالإجراء التنظيمي يستهدف تنظيم العمل للوصول إلى الهدف المنشود للمشروع بأفضل السبل. ويتصل بتلك السلطة إدخال التعديلات المناسبة على المشروع ليتلاءم مع كافة الظروف. وقد يترتب على ممارسة السلطة التنظيمية المساس بمراكز أحد العمال سواء بنقله أو غير ذلك .
أما الجزاء التأديبي فهو يواجه مخالفة محددة ارتكبها العامل لتوقيع الجزاء عليه ولهذا فقد قضت محكمة النقض بأن لصاحب العمل السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتصنيف الوظائف فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحته، ولا وجه للحد من سلطة صاحب العمل في هذا الخصوص طالما كانت ممارسته لها مبراة عن قصد الإساءة.
وبناء عليه لا يعتبر جزاءاً تأديبياً بل يدخل في نطاق السلطة التنظيمية تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج، فعدم كفاءة العامل من الناحية المهنية لا يعتبر خطأ تأديبيا ومن ثم فإن نقله إلى المركز الملائم لا يعد جزاء تأديبياً وإنما هو إجراء تنظيمي. وقضى بأن تقدير كفاية العامل تخضع لرقابة القضاء أو الإجراءات التي رسمها القانون.
- وقضى بأن التزام صاحب العمل باتباع قواعد وإجراءات التأديب الواردة في القانون مقصور على حالة توقيع أحد الجزاءات المنصوص عليها فيه. فحرمان العامل من أجره عن مدة الإجازة في حالة عمله خلالها لحساب صاحب عمل آخر لا يعد جزاء تأديبياً يلزم بصدده أتباع قواعد وإجراءات التأديب وإنما يمثل عقوبة مدنية مناطها الإثراء بلا سبب، وكذلك فإن منح علاوة استثنائية غير مقررة بتشريع أو اتفاقاً أو اللائحة الداخلية، ودون توافر العمومية يجعلها من إطلاقات صاحب العمل فله أن يحرم منها العامل دون أن تعتبر جزاء تأديبياً.
وفي سبيل البحث عن معيار التفرقة بين الجزاء التأديبي والإجراء التنظيمي ذهب بعض الفقه إلى أن الباعث على الإجراء هو الذي يميز بينهما، فإذا كان الباعث هو ضرورات العمل كان الباعث تنظيمي، وإذا كان الباعث هو فكرة الردع كنا بصدد جزاء تأديبي. والواقع أن هذا المعيار، وأن كان يصلح في القانون الفرنسي، إلا أنه لا يصلح في القانون المصرى لأن الجزاءات التأديبية قد وردت على سبيل الحصر، ومن ثم فإن الجزاء التأديبي هو ما يرد فقط في لائحة الجزاءات، أما غير ذلك من الإجراءات فهو بالضرورة إجراء تنظيمي أو جزاء تأديبي غير منصوص عليه ويقع باطلاً، ودون إخلال بتقدير مشروعية الجزاء الذي وقع على العامل.
فالمعيار أصبح معياراً شكلياً بحتاً.
ثانياً: أنواع الجزاءات التأديبية
ونبين فيما يلى الجزاءات التي حددها قانون العمل.
أولاً: الجزاءات الأدبية :
- ويقصد بها الجزاءات التي لا تمس أجر العامل، ولقد حدد المشرع بأنها الإنذار عامة، والإنذار الكتابي بالفصل وهي أخف أنواع الجزاءات وتوقع عادة في حالة المخالفات البسيطة أو تمهيداً لتوقيع جزاء أشد.
1 ـ الإنذار :
- ويقصد به لفت نظر العامل إلى أن ما ارتكبه من فعل يستحق اللوم عليه، فالإنذار هو تحذير ينطوي على لوم في نفس الوقت بقصد المساس بعزة النفس.
والإنذار قد يكون جزاءاً مستقلاً عن ارتكاب مخالفة ما، وقد يكون توجيها إلى أن الفعل المرتكب يؤدي إلى جزاء أشد إن استمر أو تكرر، كالوقف أو الغرامة أو الفصل.
والإنذار قد يكون علنياً بإعلانه في مكان ظاهر من أمكنة العمل وقد يتم في غير علانية بتوجيهه كتابة أو شفاهة للعامل.
ويقع على عاتق صاحب العمل عبء إثبات توجيه الإنذار إلى العامل.
ويختص بتوقيع عقوبة الإنذار مدير المنشأة.
2 ـ الإنذار الكتابي :
يعتبر الإنذار الكتابي جزاءاً تمهيدياً لجزاء الفصل في بعض الحالات المنصوص عليها قانوناً أو لائحياً.
ويجب التنبيه إلى أنه من حيث المبدأ لا يشترط لتوقيع جزاء الفصل سبق إنذار العامل كتابة بفصله في حالة تكرار المخالفة فيجوز توقيع جزاء الفصل عند ارتكاب المخالفة لأول مرة.
ولكن المشرع نص على حالة واحدة على سبيل الاستثناء لا يجوز فيها توقيع جزاء الفصل إلا بعد الإنذار الكتابي بالفصل عند ارتكاب المخالفة، بحيث يكون الفصل جزاء الاستمرار فيها. فطبقاً للمادة 4/69 لا يجوز فصل العامل في حالة الغياب بدون سبب مشروع لأكثر من 20 يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية، إلا إذا سبق إنذاره بالفصل بعد غياب عشرة أيام في الحالة الأولى وخمسة أيام في الحالة الثانية.
فالفصل جزاء للاستمرار في المخالفة، أما مجرد الغياب فجزاؤه الإنذار، فإن عاد العامل للعمل فور تلقيه الإنذار تعذر فصله.
أما في غير تلك الحالة فيجوز لصاحب العمل أن يستلزم الإنذار الكتابي بالفصل في حالة ارتكاب مخالفة بحيث لا يوقع الفصل إلا عند التكرار. فقد جاء في اللائحة النموذجية للجزاءات التأديبية الإنذار الكتابي بالفصل في حالة عدم توريد النقود المحصلة دون مبرر عند ارتكاب المخالفة لأول مرة، وتوقع عقوبة الفصل في حالة التكرار، فنظراً لخطورة جزاء الفصل قد يكون من الملائم عدالة تنبيه العامل إلى أن ما ارتكبه من مخالفات تؤدي إلى فصله إذا عاد إلى ارتكابها.
ويجب أن يكون الإنذار كتابياً وإلا اعتبر كأن لم يكن، فإذا وقع الفصل بعد ذلك وقع بدوره باطلاً لأنه لم يسبقه الإنذار على الوجه المحدد قانوناً، ويجب أن يتضمن الإنذار التهديد بالفصل في حالة الاستمرار أو تكرار المخالفة.
ثانيا: الجزاءات المالية :
وتشمل الخصم من الأجر والحرمان من العلاوة السنوية كلياً أو جزئياً.
1- الخصم من الأجر:
- وكان المشرع يستعمل في قانون العمل السابق اصطلاح الغرامة وهي مبلغ من المال يؤخذ من العامل كجزاء لإخلاله بالتزاماته وعدم إطاعته الأوامر صاحب العمل، وتكون الغرامة مبلغاً محدداً من المال، أو مبلغاً مساوياً للأجر عن مدة معينة.
وترجع خطورة هذا الجزاء إلى أنه يمس دخل العامل ومصدر رزقه، ومن ثم ينعكس خارج حياته المهنية أو الحرفية إذ يؤثر في مستوى معيشته، ولهذا لا يتفق مع ما للأجر من طابع حيوى.
ويعيب هذا الجزاء أن صاحب العمل قد يستتر وراءه لحرمان العمال من جزء من أجرهم، وذلك بالمغالاة في قيمة الغرامة، وفي تعدد المخالفات التي تستتبع توقيع هذا الجزاء.
وحماية للعامل، ونظراً للطابع الحيوي للأجر فقد حرص المشرع على وضع ضوابط لتوقيع هذا الجزاء.
فلا يجوز لصاحب العمل أن يوقع عن المخالفة الواحدة غرامة عن مدة تزيد على أجر خمسة أيام، كما لا يجوز أن يقتطع من أجر العامل وفاء للغرامات التي توقع عليه أكثر من أجر خمسة أيام في الشهر الواحد، فإذا تعددت المخالفات في الشهر الواحد وتعدت في مجموعها خمسة أيام فإنها لابد وأن توزع على عدة أشهر.
وإذا حدد الخصم بنسبة محددة من اجر اعتبر أن المقصود بذلك هو الأجر الأساسي اليومي للعامل، ويقصد به الأجر الإجمالي شاملاً العلاوات.
- ولأحكام الرقابة على صاحب العمل فقد ألزمته المادة 75 من قانون العمل بأن يقيد الجزاءات المالية التي توقع على العمال في سجل خاص مع بيان سبب توقيعها واسم العامل ومقدار أجره وأن يفرد لها حساباً خاصاً.
وحتى لا تكون لصاحب العمل مصلحة في توقيع الجزاءات المالية غير مصلحة العمل، فإن المشرع قرر أيلولة مبلغ الغرامة بأكمله إلى عمال المنشأة في صورة تخصيصه في الأغراض الاجتماعية والثقافية الخاصة بهم وذلك وفقاً لأحكام القرار الوزاري رقم 123 سنة 2003، فلا يستفيد صاحب العمل مادياً من حصيلة الغرامة وعدم أيلولة مبالغ الغرامة لصاحب العمل أضفى على الغرامة طابعاً جزائياً بحتاً ابتعد بها عن أي أساس تعاقدي، واقترب بها من الجزاء الجنائي.
ولا يعتبر من قبيل الخصم من الأجر حرمان العامل من المكافأة التي يحصل عليها كملحقات للأجر، فلا مانع من أن يضع صاحب العمل شروطاً الاستحقاق المكافأة فإن لم تتوافر يحرم منها، ولا يعتبر ذلك غرامة.
والطابع التأديبي للخصم من الأجر يجعل منه عقوبة شخصية توقع على العامل ولا يمتد أثرها إلى ورثته، ويجوز توقيع الخصم من الأجر ولو لم يترتب الصاحب العمل أي ضرر وهذا ما يفرقها عن الشرط الجزائي، ويجوز الجمع بين الغرامة كعقوبة تأديبية وبين التعويض المدني لاختلاف طبيعتهما والهدف منهما.
والسلطة المختصة بتوقيع الغرامة تختلف بحسب مقدار الغرامة، فإذا كانت الغرامة لا تجاوز قيمتها أجر ثلاثة أيام فإن توقيعها يكون من سلطة مدير المنشأة، أما إذا كانت أكثر فلا يجوز توقيعها إلا من قبل صاحب العمل أو وكيله المفوض في المنشأة الفردية أو عضو مجلس الإدارة المنتدب في الشركات (المادة 68)
- وإذا وقع على العامل جزاء الغرامة ثم فسخ عقد العمل، فهل يخصم مبلغ الغرامة من أجره دون حدود أم يتم التقيد بقيد عدم الخصم إلا في حدود خمسة أيام في الشهر الواحد.
كانت هذه المسألة محلا لنص المادة 13 من القرار الوزاري الملغي رقم 96 لسنة 1962 حيث كانت تقرر أنه إذا ما فسخ العقد من جانب صاحب العمل (وتقصد الإنهاء) وكان على العامل غرامات فلا يجوز خصم أكثر من أجر خمسة أيام مما يكون مستحقاً للعامل من أجر.
ولم يرد نص مماثل في اللائحة النموذجية للجزاءات وتنظيم العمل الصادرة بالقرار الوزاري رقم 185 لسنة 2003 و انقسم الفقه حول الحل في ظل القانون الملغي فهناك من ذهب إلى أنه يجب التقيد بحد الخمسة أيام، فإن كان ذلك القيد يسرى أثناء سريان العقد إلا أنه من العمومية بحيث يمتد العمل به إلى ما بعد انتهاء العقد بالفسخ من جانب صاحب العمل فإذا زادت مدة الغرامة عن خمسة أيام سقط الزائد عن العامل، أما إذا كان الانتهاء من جانب العامل فإن القيد لا يسري، ويذهب اتجاه آخر، نرجحه إلى أن نص المادة 62 من قانون العمل لا يسري إلا في حالة سريان العقد ذلك أن تجزئة الجزاء المالي على الأشهر يفترض سريان العقد، أما إذا فسخ العقد فلا محل لإعمال القيد، فيجوز خصم الجزاءات المالية مما يكون مستحقاً للعامل لدى صاحب العمل مثل مكافأة نهاية الخدمة.
2- تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر :
- فلا يوجد حرمان من العلاوة السنوية وإنما تأجيل موعد استحقاقها مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، أي الحرمان من العلاوة مدة ثلاثة أشهر، ومدة الأشهر الثلاثة تمثل الحد الأقصى لتأجيل العلاوة ومن ثم يجوز أن يكون التأجيل لمدة أقل.
وتستحق العلاوة كاملة بانتهاء مدة التأجيل ودون أي إجراءات، وتبدأ مدة التأجيل من وقت استحقاق العلاوة التالية لصدور قرار توقيع الجزاء.
3 - الحرمان من جزء من العلاوة السنوية بما لا يجاوز نصفها :
- والجزاء يتمثل في الحرمان النهائي من قدر من العلاوة السنوية وليس مجرد تأجيل موعد الاستحقاق، والعلاوة السنوية هي تلك العلاوة التي تستحق سنوياً بصفة دورية وفقاً للقانون أو لائحة نظام العمل أو اتفاقيات العمل الجماعية، والجزاء يتعلق بعلاوة سنوية واحدة وهي تلك التالية لقرار توقيع الجزاء، ولا تمتد إلى أي علاوة أخرى لاحقة.
والحد الأقصى للحرمان هو نصف مقدار العلاوة، ويجوز أن يكون الحرمان لمدة أقل وفقاً لما تقرره اللائحة، فالجزاء الوارد في اللائحة يمثل الحد الأقصى ويجوز تخفيفه وليس زيادته.
فلما كان المشرع قد أقام نظاماً للعلاوات السنوية الدورية فقد تمثل الجزاء في الحرمان من جزء من العلاوة، ولكن لا يقتصر الحرمان من العلاوة على تلك الواردة في قانون العمل وإنما يمتد ليشمل العلاوة أياً كان مصدرها كتلك التي تقررها نظم العمل في المنشأة والتي عادة ما تكون أفضل من العلاوة المحددة قانوناً، فالعبرة بالعلاوة السنوية الفعلية للعامل أياً كان مصدرها.
4 - تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنة :
- وواضح من صياغة المادة أن مدة التأجيل تبدأ من تاريخ استحقاق العامل للترقية، بمعنى أنه لو لم يكن قد وقع عليه الجزاء لكان قد استحق الترقية في تاريخ معين، فإذا وقع عليه الجزاء كانت مدة تأجيل الترقية تبدأ من تاريخ استحقاق الترقية وليس من أي تاريخ آخر، فلو لم يكن بعد مستحقاً للترقية فإن الجزاء لا يوقع إلا من التاريخ الذي يستحق فيه الترقية، فالتأجيل يرد على ما هو مستحق لولا الجزاء. فالجزاء الذي يوقع لا تبدأ إعماله من تاريخ صدوره وإنما من تاريخ استحقاق الترقية والتأجيل لا تزيد مدته على سنة واحدة، ولكن يجوز أن تكون لمدة أقل.
وهذا الجزاء لم يكن منصوصاً عليه في قوانين العمل السابقة، ورؤى الأخذ به لما له من أثر رادع يتمثل في المساس بأقدمية العامل.
5 ـ خفض الأجر بمقدار علاوة على الأكثر :
- هذا الجزاء يمس مقدار الأجر الفعلي الذي يحصل عليه العامل في تاریخ توقيع الجزاء، ويتمثل المساس في الانتقاص من الأجر أي تخفيض عما هو عليه وقت توقيع الجزاء.
وخفض الأجر يتحدد مقداره بمقدار علاوة على الأكثر، فهو لا يحرم من علاوة مستقبلية، وإنما يخفض أجره بمقدار العلاوة المستحقة، فلو كان يستحق علاوة مقدارها مائة جنيه يخفض أجره عما هو عليه وقت توقيع الجزاء بمقدار مائة جنيه.
فالمشرع يجعل الجزاء متمثلاً في تخفيض الأجر المستحق وقت توقيع الجزاء، ولكنه حدد الخفض بما يعادل علاوة على الأكثر.
والعلاوة التي يخفض الأجر بمقدارها هي آخر علاوة حصل عليها العامل قبل الخفض، فالجزاء هو خفض الأجر القائم، وإذا استحق العامل علاوة بعد ذلك التاريخ فإنه يستحقها ولا يحرم منها، فالخفض لا يتصور إلا بالنسبة للأجر المستحق والقائم فعلا عند توقيع الجزاء، والعلاوة المقصودة هي العلاوة السنوية الدورية، أما العلاوة المستقبلة فهي لا تستحق إلا بتوافر أسباب استحقاقها ومن ثم لا يرتبط الخفض بها.
فقد حرص المشرع من جهة على أن يكون الجزاء هو خفض الأجر القائم، ومن جهة أخرى وضع ضابطاً للخفض وهو ما يعادل مقدار علاوة واحدة على الأكثر.
والخفض دائم وليس مؤقتاً بمدة معينة، والعلاوة هي العلاوة السنوية التي يستحقها العامل أياً كان مصدرها قانون العمل أو لائحة تنظيم العمل.
6 - الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة دون إخلال بقيمة الأجر الذي كان يتقاضاه :
- وهذا الجزاء يمس المركز الأدبي والوظيفي للعامل، وهذا الخفض لا يمس قيمة الأجر الذي كان يتقاضاه فعلاً قبل الخفض، أي تخفيض درجته إلى الأدنى مباشرة مع الاحتفاظ بكافة مستحقاته التي كان يتقاضاها.
وهذا الجزاء لا يخلو من الطابع المالي بالنسبة للأجر المستقبل إذ يعامل مالياً بالدرجة الأدنى الجديدة ولا يستحق المعاملة المالية التي كان يستحقها لو لم تخفض درجته، ولهذا فهو جزاء أدبي حال، وجزاء مالى مستتر في المستقبل باعتبار أن العامل يستمر في الدرجة الأدني.
انعكاسات الحد الأدنى للأجور والعلاوة السنوية على الجزاءات المالية التأديبية :
- أوضحنا فيما سبق الجزاءات المالية التأديبية ويتمثل بعضها في فض الأجر والحرمان من جزء من العلاوة السنوية، ويثور التساؤل عن كيفية إعمال هذه الجزاءات في ضوء الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى للعلاوة السنوية الإجبارية، فالحد الأدنى سواء للأجر أو العلاوة يستهدفان تحقيق التوازن بين المستوى العام للأسعار ومستويات المعيشة من جهة والأجور من جهة أخرى، فهما يستهدفان مواجهة غلاء المعيشة ويرتبطان بالتالي بالطابع الحيوي للأجر، ويتعلقان کذلك بالنظام العام.
ولهذا نرى أن الجزاءات المالية التأديبية تتقيد بعدم المساس بالحد الأدنى للأجور والحد الأدنى للعلاوة السنوية الإجبارية.
فإن كان العامل يتقاضى فقط الحد الأدنى للأجور وخفض الأجر يؤدي إلى النزول عن الحد الأدنى للأجور فهذا يخالف النظام العام، فمثل هذا العامل لا يجوز خفض أجره كجزاء حتى لا تتم مخالفة الحد الأدنى للأجور، وكذلك الحال بالنسبة للعلاوة السنوية الإجبارية التي لا تقل عن 7%، فتوقيع أي جزاء يمس العلاوة السنوية يجب ألا يمس إلا القدر الزائد عن الحد الإجباري الذي يحدده المجلس الأعلى للأجور أو 7%، ويكون الجزاء المالي فيما يزيد عن هذا الحد الأدنى من العلاوة ومن ثم يبطل الجزاء المالي التأديبي إذا كان يمس الحد الأدنى في صورتيه الأجر والعلاوة السنوية الإجبارية. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 421)
وحددت المادة 60 من القانون الجزاءات التأديبية التي توقع على العامل، والتي يمتنع توقيع جزاءات غيرها. وهي تقابل حكم المادة 60 من قانون العمل 137 لسنة 1981 مع بعض الإختلاف في الصياغة ، حيث اشتمل النص على بيان الجزاءات التأديبية وضمانات ممارسة السلطة التأديبية، في صلب القانون وليس في قرار وزاري، نظراً لخطورة هذه الممارسة من ناحية، واستقراراً للقواعد الخاصة بها من ناحية أخرى .
وقد تضمن النص زيادة عدد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العمال الذين يخلون بإلتزاماتهم ، حتى يسهل تطبيق مبدأ تناسب الجزاء مع المخالفة المرتكبة واستهدی المشرع في ذلك بما جاء في المادة 82 من القانون 48 لسنة 1978 في شأن العاملين بالقطاع العام ، وفي هذا الصدد تم استخدام عبارة الخصم بدلاً من الغرامة وألغيت عقوبة الوقف عن العمل اکتفاء بعقوبة الخصم من الأجر، وذلك حسين للخلاف الفقهي الذي أثير حول مضمون العقوبتين، ومدی تعارضهما، ومدى إمكانية تطبيقها معاً كما تم استبعاد الإنذار الكتابي بالفصل كجزاء ، مع الإبقاء عليه بإعتباره إجراء من إجراءات الفصل، وهو ما ينبغي أن يكون واضحاً في لائحة الجزاءات الخاصة بالمنشأة الصادرة تنفيذاً لأحكام المادة 58 من المشروع ويلاحظ أخيراً من حيث الصياغة استخدام عبارة الجزاء بدلاً من العقوبة التي وردت ببعض النصوص في القوانين السابقة . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 235)
النصوص المقابلة :
تقابل المادة (60) من قانون 137/ 1981 مع بعض الاختلاف في الصياغة حيث رؤى أن يرد النص على بيان الجزاءات التأديبية وضمانات ممارسة السلطة التأديبية في صلب القانون وليس في قرار وزاري نظراً لخطورة هذه الممارسة من ناحية واستقرار القواعد الخاصة بها من ناحية أخرى.
وقد استهدى المشرع في تحديد الجزاءات التأديبية بما جاء بالمادة (82) من القانون رقم 48 لسنة 1978 في شأن العاملين بالقطاع العام والقرارات الوزارية المنفذة لقانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 وفي هذا الصدد رؤى استخدام عبارة الخصم بدلاً من الغرامة وألغيت عقوبة الوقف عن العمل اكتفاء بعقوبة الخصم من الأجر وذلك حسماً للخلاف الفقهي الذي أثير حول مضمون العقوبتين ومدی تعارضهما ومدى إمكانية تطبيقهما معاً كما رؤى استبعاد الإنذار الكتابي بالفصل كجزاء مع الإبقاء عليه باعتباره إجراء من إجراءات الفصل وهو ما ينبغي أن يكون واضحاً في لائحة الجزاءات الخاصة بالمنشأة الصادرة تنفيذاً لأحكام المادة (58) من القانون ويلاحظ أخيراً من حيث الصياغة استخدام عبارة الجزاء بدلاً من عبارة العقوبة التي وردت ببعض نصوص القوانين السابقة.
وقد كانت الجزاءات التأديبية منصوصاً عليها في القرار الوزاري رقم 24 لسنة 1982 الصادر تنفيذاً للمادة (60) من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981.
وقد أضاف نص المادة (60) الراهنة بعض الجزاءات التأديبية وقام بحذف بعضها الآخر وفيما يلي نصوص هذا القرار الوزاري الذي يعتبر نافذاً إلى أن يصدر القرار الجديد. (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 78)
حصر الجزاءات التأديبية :
وردت هذه الجزاءات في المادة الأولي من قرار وزير القوي العاملة سالف الذكر وهي :
1) الإنذار.
2) الخصم من الأجر.
3) تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
4) الحرمان من جزء من العلاوة السنوية بما لا يجاوز نصفها.
5) تأجيل الترقية لمدة لا تزيد على سنة.
6) خفض الأجر بمقدار علاوة على الأكثر.
7) الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع بقاء الأجر كما هو.
8) الفصل من الخدمة وقفاً لأحكام القانون.
أولاً- الإنذار:
هو تحذير العامل فيما يختص بالإخلال بواجبات عمله كي لا يتعرض لتوقيع الجزاءات الأشد كما يعتبر زجراً للعامل لما إرتكبه من ذنب.
والإنذار Lavertissement نوعان، الأول ويعتبر عقوبة تأديبية مستقلة ويكون مضمونه توجيه اللوم للعامل الذي ارتكب المخالفة التي تستوجب الإنذار طبقاً للائحة العمل والجزاءات، ومن هذا القبيل، التأخير عن مواعيد الحضور لغاية ربع ساعة (البند رقم 1 من لائحة الجزاءات النموذجية. والنوع الثاني لم يكون بذاته في ظل القانون القديم يعتبر عقوبة تأديبية بل كان مقدمة لعقوبة أكبر غالباً ما تكون الفصل وهو بهذه المثابة كان يمثل شرطاً من شروط توقيعها ويمكن تعريفه بأنه تنبيه للعامل إلى خطورة نتائج المخالفة وبأن تكرارها سيعرضه للعقوبة الأشد وتوجيه نظره إلى ضرورة مراعاة الالتزامات التي فرضها القانون واللائحة والعقد حتى يتفادى مستقبلاً هذه العقاب الأشد ومثاله الإنذار بالفصل المشار إليه في البنود 50 و 51 و 52 من لائحة الجزاءات النموذجية، وفي ظل القانون الحالي فقد اعتبرته المادة 1/60 الراهنة عقوبة تأديبية مستقلة.
والإنذار بنوعية ليس له شكل خاص فقد يكون باستلام العامل الأصل وتوقيعه على صورة التي يحتفظ به صاحب العمل وهذا هو الأغلب وما يجري عليه العمل، وقد يرسل بكتاب موصي عليه وقد يرسل بإنذار على يد محضر.
والمهم هو إحاطة علم العامل بأية وسيلة بالإنذار.
الإنذار بوصفه جزاء مستقل لا يشترط أن يتم كتابه بل يجوز أن يكون مشافهة وإن كان يصعب حينئذ إثباته.
ثانياُ- الخصم من الأجر :
وهو عبارة عن خصم مبلغ من المال يقتطعه صاحب العمل من أجر العامل كأجر يوم أو نصف يوم أو ساعة أو نحو ذلك وفقاً لما تنص عليه لائحة العمل والجزاءات بالمنشأة.
ونظراً لأن الخصم من الأجر يشكل عقوبة مالية تؤثر في دخل العامل ومن يعولهم فقد نصت المادة 61 على ألا يزيد الخصم على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد، ومعنى ذلك أنه مهما تعددت المخالفات التي يرتكبها العامل فلا يجوز لصاحب العمل أن يخصم من أجره ما يزيد على خمسة أيام في الشهر حتى ولو بلغ مجموع الخصومات أكثر من ذلك وليس أمام رب العمل من سبيل حينئذ إلا أن يقوم بتقسيط هذه المبالغ بحيث لا تخصم في الشهر الواحد أكثر من أجر خمسة أيام.
والخصم يقتطع كقاعدة عامة من الأجر وملحقاته فقط فلا يجوز خصمه من مكافأة نهاية الخدمة أو أي مبالغ أخري مستحقة للعامل لا تتخذ صفة الأجر.
فالأجر الذي يتخذ أساساً للخصم هو الأجر الإجمالي أي كل ما يتقاضاه العامل لقاء عمله نقداً مضافاً إليه العلاوات. فإذا كان العامل يشتغل بالقطعة فإن أجره اليومي يحسب على أساس متوسط ما تناوله العامل عن أيام العمل الفعلية في السنة الأخيرة.
ونرى أن صاحب العمل إذا فصل العامل تأديبياً أو فسخ عقده في نطاق نظرية النسخ فإنه لا يجوز له أن يطالبه بالخصومات التي تكون في ذمة العامل عن مخالفات ارتكبها إثناء سريان رابطة العمل ذلك لأن الفصل كعقوبة يجب ما عداه من عقوبات كما أن الفسخ من جانب رب العمل ينهي علاقة العمل وبالتالي لا يسوغ له أن يخصم من الأجر المستحق للعامل سوى الخمسة أيام المنصوص عليها قانوناً ولو كانت على العامل مبالغ أكثر من ذلك ونري أن هذا النظر يتفق مع أحكام المادة 60 الراهنة والمادة 61 بشأن قواعد وإجراءات التأديب حيث أن المشرع قد أطلق على هذه العقوبة (الخصم من الأجر) وهو التعبير الأدق لأن لفظ الغرامة الذي كان منصوصاً عليه في النص الملغي حتى بمعناه الفرنسي يطلق في مجال العقوبات الجنائية أما في إطار العقوبات الإدارية فلا تعرف قوانين العاملين المدنيين بالدولة إلا عقوبة الخصم من المرتب وهي المقابل للغرامة.
ولكن يؤخذ على هذا النص الجديد أنه أطلق عبارة الخصم من الأجر دون تحديد حد أقصي وإن كان قد تدارك الأمر في المادة 61 التالية حين حظر أن يزيد الخصم على خمسة أيام في الشهر الواحد.
ثالثاً- تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر :
العلاوة Allawance هي زيادة في الأجر وتندمج فيه وتصبح جزءاً لا يتجزأ منه عملاً بحكم المادة 683 من القانون المدني والمادة 3/1 من قانون العمل الراهن والأصل أنه لا التزام على صاحب العمل بمنح العامل علاوة إلا إذا نص على ذلك في العقد الفردي أو الجماعي أو لائحة العمل أو صدر بها قانون وتستحق العلاوة السنوية بتحقيق شروط استحقاقها وأهمها حصول العامل على تقرير كفاية لا يقل عن المتوسط وقد أدرج النص الجديد تأجيل منح العلاوة كجزاء تأديبي وهنا لا يجوز لصاحب العمل أن يحرم العامل منها كلية فله فقط أن يؤجل منحها للعامل ولمدة حددها النص بما لا يزيد على ثلاثة أشهر.
وأخيراً يلاحظ أن التأجيل هنا ينصب على علاوة واحدة وهي العلاوة التالية لصدور قرار توقيع الجزاء وتصرف العلاوة التالية في موعدها الأصلي إلا إذا كان قد وقع على العامل نفس الجزاء مرة ثانية.
رابعاً- الحرمان من جزء من العلاوة السنوية بما لا يجاوز نصفها :
وهذا الجزاء التأديبي أشد من سابقة إذ أنه يتيح لصاحب العمل لا مجرد تأجيل صرف العلاوة للعامل بل حرمانه من جزء منها لا يزيد على النصف فلا يجوز حرمان العامل من كل العلاوة مهما كانت الجريمة التأديبية التي ارتكبها ولا شك أن صاحب العمل حين يحرم العامل من جزء من العلاوة السنوية فإنه لا يستولي عليها دائماً وإنما تودع في حساب أموال الغرامات الجزاءات التي توقع على صاحب العمل والتي حددت المادة 75 من القانون الحالي ضوابط خصمها وضوابط إنفاقها.
خامساً - تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنة :
يقصد بالترقية كل ما يغير مركز العامل الوظيفي وتقدمه بنقله من الفئة التي يشغلها إلى الفئة التي تعلوها بما يستتبع زيادة أجره فتتزايد تبعاته وسلطاته، ومتى كان العامل مرشحاً للترقية وحال دون ذلك توقيع عقوبة تأديبية مما نص عليه المشرع الأمر الذي يترتب عليه حرمانه من هذه الترقية الفترة التي حددها النص وضرورة انقضاء المدة المحددة ولا يجوز لصاحب العمل إلغاء الترقية نهائياً بل له فقط تأجيل استحقاقها ولمدة أقصاها سنة من تاريخ هذا الاستحقاق.
إن مدة السنة المقررة كحد أقصى لتأجيل الترقية ولذلك فإن القرار الصادر بتوقيع الجزاء يجوز أن يحدد مدة أقصر ولكنه لا يمكنه أن يحدد مدة أطول .
سادساً - خفض الأجر بمقدار علاوة على الأكثر :
أشارت المادة 82/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام إلى هذا الجزاء وقالت في مذكرتها الإيضاحية أن المشرع راعى التدريج في أنواع الجزاءات وخاصة ما تشكل عبئاً مالياً على العامل.
وخفض الأجر بمقدار علاوة يستوي مع الحرمان من العلاوة ففي الحالتين ينتقص أجر العامل بمقدار هذه العلاوة وجدير بالذكر أن أية مبالغ يقوم رب العمل بخصمها فإنه لا يستولي عليها لنفسه وإنما تودع في حساب أموال الجزاءات الموقعة على العمال وذلك طبقاً للنظام الذي أقرته المادة 75 من القانون.
سابعاً- الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع بقاء الأجر كما هو :
أشارت المادة 82/ 8 من قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 / 78 إلى هذا الجزاء وهو جزاء أدبي لأنه لا يترتب على خفض الوظيفة أي تأثير على الأجر إذ يظل كما هو دون نقصان، ولا يجوز الجمع بين هذا الجزاء وأي جزاء أخر حتى ولو لم يرد في بيان الجزاءات الواردة بالقانون على سبيل الحصر وقد اعتبرت المحكمة الإدارية العليا أن النقل من العمل يمكن أن يكون بذاته عقوبة تأديبية وبالتالي لا يجوز الجمع بينه وبين خفض الوظيفة فقضت بأنه يبين من مطالعة قرار نقل المطعون ضده إلى وظيفة مفتش إداري خارج إدارة الشئون القانونية أن السلطة المختصة قد أصدرت هذا القرار عقب إصدارها قرار مجازاته بخفض وظيفته إلى الفئة الرابعة بأيام معدودات كما إرتكنت في نقله إلى قرار خفض الفئة ويخلص من ذلك إلى أن قرار النقل كان يستهدف استكمال عقاب المطعون ضده بجزاء مبني على الجزاء الأول فجاء والحالة هذه مخالفاً لقواعد وأحكام الجزاءات التأديبية الواردة بنظام العاملين الذي حدد أنواع هذه الجزاءات على سبيل الحصر مما يعني أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهي إليه من إلغاء قرار النقل بإعتباره قراراً تأديبياً .
ثامناً - الفصل من الخدمة Le Conngediemment :
إن أهم ما يشغل بال المشرع في الدولة الحديثة هو تحقيق أفضل استقرار الروابط العمل سواء في نطاق المشروع الحر أو في مجال المشروعات المملوكة للدولة ، بإعتبار أن هذا الإستقرار غاية إجتماعية تحرص كافة الدول على بلوغها ولذلك فإن إيجاد الحلول الناجحة المشكلة فصل العمال بات هدفاً تسعى إلى تحقيقه الدول النامية والدول المتطورة على السواء فالإعتقاد بأن التقدم الإقتصادي يحل بصورة تلقائية مشكلة الفصل هو اعتقاد خاطئ ذلك لأن البلاد الأكثر تقدماً لم تستطع حتى الآن أن تقضي على البطالة الناجمة عن الإستغناء عن العمال في بعض فروع الإنتاج كما لم تتوصل بعد إلى إقامة استقرار تام لروابط العمل في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي ومتى كان الأمر بهذه الخطورة بالنسبة للدول المتقدمة فهو بلا شك أشد خطراً بالنسبة لدول العالم الثالث ويعتبر الفصل على رأس المشاكل التي تهتم بها منظمة العمل الدولية والتي أصدرت في شأنها العديد من التوصيات والإتفاقيات الدولية ، وحين نقول (فصل) فإننا نبادر بربط هذا اللفظ بنظام التأديب بالمنشأة وذلك يقتضي بالضرورة تحديد مدلول الفصل التأديبي ، ولئن كان يصعب من الناحية القانونية إعطاء تعاريف للألفاظ فإن السبب في ذلك يكمن في أن التصور مهما كان خصباً لا يستطيع أن يحل محل الحقائق الواقعة لكن التعاريف مع تلك تعد من الظواهر التي يهتم بها القانون وتشكل بالتالي المناهج الضرورية في نظامنا القانوني. ولفظ الفصل كثيراً ما يجري على لساننا مما يمكن معه فهم محتواه ومدلوله بسهولة لكن المشكلة تبرز حين نتصدى لتحديد مفهوم الكلمة من الناحية القانونية بصورة منضبطة. فالحقيقة أن لفظ (الفصل) لا يظهر في اللسان القانوني التقليدي إذ تفضل لغة القانون التقليدية تعبير الإنهاء بالإرادة المنفردة ولكن الكلمة لها مفهوم أكثر اتساعاً من مفهوم الإنهاء بالإرادة المنفردة لعقد العمل حين تكون المبادرة من جانب صاحب العمل .
وفي ضوء ما تقدم كله فإنه بوسعنا أن نضع تعريفاً للفصل التأديبي ولكن تجدر الإشارة قبل ذلك إلى بعض التعاريف التي ذكرها الشراح فقد ذهب رأي إلى أن الفصل هو التصرف الذي بمقتضاه يستطيع صاحب العمل وضع نهاية العلاقة التعاقد ، وهذا التعريف في رأينا يخلط بين الفصل وكل من الفسخ والإنهاء إذ أنهما يضعان نهاية العلاقة التعاقد فهو تعريف غير مانع وذهب رأي إلى أن الفصل هو التصرف الذي بمقتضاه ينهي صاحب العمل عقد العمل غير محدد المدة ، وهذا التعريف بدوره غير جامع لأن الفصل يرد على العقود المحددة المدة والغير محددة المدة على السواء واتجه رأي إلى أن الفصل التأديبي هو انتهاء العقد برفت العامل بسبب مخالفته لنظام العمل ، وهذا التعريف يرد الخلاف إلى خلاف إذ يعرف الفصل بالرفت وهذا الأخير في حاجة إلى التعريف فضلاً عن أن المعنى اللغوي للإثنين واحد وذهب رأي إلى أن الفصل التأديبي هو الفصل المستند إلى ذنب معاقب عليه طبقا للائحة الجزاءات وهذا الرأي يفترض وجود لائحة جزاءات بالمنشأة مع أن كثيراً من المنشآت ليس بها لوائح ولا ينكر أحد ما لأصحابها من سلطة التأديب على عمالهم .
وذهب رأي إلى أن الفصل هو التصرف الإرادي النابع من الإرادة المنفردة لصاحب العمل والذي يعني إنهاء عقد العمل كعقوبة العمل ارتكبه العامل أو الإخلال بالتزام مفروض عليه ، ويسند صاحب هذا الرأي تعريفه إلى الفقهيين الفرنسيين ريفيرو وسافاتييه ، والواقع أن الترجمة التي أوردها في مؤلفه لتعريف الفقهيين الفرنسيين ترجمة غير منضبطة لأن الفقيهين المذكورين تناولاً تلك الجزئية تحت عنوان (خصائص وشكل المهلة فقالاً أن ما يسمى بمهلة الفصل هو ذلك التصرف الذي يعلن فيه أحد الطرفين في عقد العمل غير محدد المدة بإرادته المنفردة وضع نهاية لهذا العقد وإن ألفاظ الفصل أو الاستغناء يفضل استعمالها في حالة فسخ عقد العمل من جانب صاحب العمل بينما الاستقالة تستعمل غالباً لتعيين مدلول الفسخ من جانب العامل.
واتجه رأي إلى القول بأننا إذا نظرنا إلى الفصل من الناحية التنظيمية فإنه يعتبر عقوبة تأديبية وإذا نظرنا إليه من الناحية العقدية فإنه يعد إما فسخاً للعقد أو إنهاء بإرادة واحدة ، وهذا التعريف ينطوي على مصادرة على المطلوب الذي هو تحديد مدلول الفصل ولا يصح تعليق هذا التحديد على معيار ذاتي يتمثل في الزاوية التي ننظر منها إلى الفصل لأن ذلك النظر يختلف من شخص لآخر فضلاً عن أن هذا التعريف ذهب إلى أوسع مدى من حيث الخلط بين الفصل التأديبي والوسائل الأخرى لإنهاء رابطة العمل .
وذهب رأي آخر إلى أن الفصل التأديبي هو الذي يستند إلى وقائع محددة مؤثمة تنطوي على جريمة تأديبية تصح أن تكون محلاً للمؤاخذة التأديبية وهذا الرأي رغم أنه أغفل المعيار الشكلي - إلا أنه أقرب في نظرنا لما نراه من تحديد إطار للفصل التأديبي يميزه عن سائر الطرق الأخرى لإنهاء العقد .
وفي ضوء ما تقدم كله فإنه بوسعنا أن نعرف الفصل التأديبي بأنه العقوبة المهنية التي تصيب العامل في عمله فتزول بها علاقة تبعيته الصاحب العمل وما يصاحب ذلك من زوال سلطتي الرقابة والإشراف على العامل ويكون توقيعها مقيداً بضوابط وإجراءات التأديب المقررة قانوناً عند ارتكاب العامة خطأ جسيماً . (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 85)