( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )
تشغيل الأطفال
يأخذ المشروع في تنظيم تشغيل الأطفال يجمل الأحكام الواردة بالقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم في شأن تشغيل الأحداث لاتفاقها مع مستويات العمل الدولية والعربية، وقد اقتصر التعديل على رفع سن من يعتبر طفلاً في تطبيق أحكام المشروع إلى أربع عشرة سنة أو تجاوز سن إتمام التعليم الأساسي دون بلوغ سبع عشرة سنة كاملة (المادة 98)، وذلك تمشياً مع اتفاقيات وتوصيات العمل الدولية والعربية واتساقاً مع سن التعليم الإلزامي، وقد استتبع ذلك الالتزام بهذا السن في تشغيل الأطفال من الإناث والذكور، فتحظر المادة 99 تشغيلهم قبل بلوغهم سن إتمام التعليم الأساسي أو الرابعة عشر أيهما أكبر، مع إجازة تدريبهم متى بلغت سنهم اثنتي عشرة سنة .
- بموجب نص المادة 99 يحظر على أصحاب الأعمال تشغيل الأطفال من الإناث والذكور قبل بلوغهم سن إتمام التعليم الأساسي أو 14 سنة أيهما أكبر .
- أجاز القانون تدريبهم متى بلغت سنهم اثنتي عشرة سنة وإن كان ذلك لا يتمشى مع الاتفاقية الدولية رقم 138 لسنة 1973 والتي صدقت عليها ج.م.ع وكان ينبغي رفع سن التدرج إلى 13 سنة إعمالاً لأحكام هذه الاتفاقية .
- حرص المشرع في نص المادة 248 من القانون على تشديد العقاب على مخالفة سن التشغيل للأطفال ، فبعد أن كان في القانون 137 لسنة 1981 بغرامة تتراوح ما بين عشرة جنيهات وعشرون جنيه وتتعدد بعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة جعلها في القانون الحالي من خمسمائة جنيه وحد أقصى ألف جنيه، وتتعدد لعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة وتضاعف في حالة العود . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 338 )
النصوص المقابلة :
تقابل المادة 144 من قانون العمل الملغي رقم 137/ 81 كما تقابل المادة 124 من القانون 91/ 59 التي كانت تمنع بتاتاً تشغيل الأحداث قبل إتمام سن الثانية عشرة أو مجرد تواجدهم في أماكن العمل. كما تقابل المادة 64 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 .
شرح وتعليق :
كان النص القديم يمنع حتى مجرد تدريب الصبية الذين بلغوا اثنتي عشرة سنة لكن النص الجديد وإن كان يمنع تشغيلهم إلا أنه لا يحظر تدريبهم وبالتالي يجوز تواجدهم في أماكن العمل بقصد التدريب أو التلمذة الصناعية .
هذا النص يتمشى مع الإعلان العالمي لحقوق العمل والذي ألزم الدول والأعضاء في منظمة العمل الدولية بالإلتزام بمعايير العمل الدولية الصادرة في هذا الشأن ومنها الاتفاقية رقم 138 لسنة 1973 .
والحكمة من عدم تشغيل الصبية الأقل من أربعة عشرة سنة هو رعاية النشء والحفاظ على سلامتهم لأن الأطفال في هذه السن لا يكونون قادرين بدنياً على أداء أي عمل وإن كان من الممكن انخراطهم في برامج التدريب حسب قدراتهم ولياقتهم البدنية والذهنية .
ويقصد بالسنة 365 يوماً طبقاً للمادة 2 من القانون .
وقد لوحظ أن الواقع عكس ذلك إذا كثيراً ما نشاهد أطفالاً أقل من 14 سنة يعملون بورش ومحال القطاع الخاص کورش سمكرة السيارات والدوكو وكهرباء وميكانيكا السيارات وورش الحدادة والبرادة والخراطة وغيرها فضلاً عن المحال الأخرى التي تؤدي خدمات للجمهور كمحال كي الملابس وغيرها، وهذا طبعاً غير جائز ولكن القانون شيء والواقع شيء آخر .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف أياً من أحكام المادة 99 والقرارات الوزارية المنفذة لها بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه .
وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 248) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني ، صفحة : 387 )
أهلية إبرام عقد العمل :
نبدأ بدراسة أهلية العامل ، ثم أهلية صاحب العمل .
- طبقاً للمادة 62 من قانون الولاية على المال القاصر أن يبرم عقد العمل الفردي وفقاً لأحكام القانون ، وللمحكمة بناء على طلب ذوى الشأن إنهاء العقد لمصلحة القاصر أو لمصلحة أخرى ظاهرة .
ومفاد ذلك أن الصبي المميز يكون أهلاً أهلية كاملة لإبرام عقد العمل، كما أنه طبقاً للمادة 64 من قانون الولاية على المال يعتبر القاصر المأذون من قبل وليه أو المحكمة أو نص القانون، كامل الأهلية فيما أذن له فيه .
أما قانون العمل فقد نص في المادة 98 على أنه يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم أربعة عشرة سنة كاملة أو سن إتمام التعليم الأساسي، وهذا النص يتعلق بأهلية الوجوب، فمن تقل سنه عن ذلك لا تتوافر لديه أهلية الوجوب للعمل، ومن لا تتوافر لديه أهلية الوجوب لا تتوافر لديه أهلية الأداء .
وبناء عليه فإن سن الأهلية يكون سبع سنوات لعقود العمل غير الخاضعة لقانون العمل، و14 سنة لتلك الخاضعة لقانون العمل .
- وبموجب القانون رقم 126 لسنة 2008 عدلت المادة 1/64 من قانون الطفل وجاء نصها كما يلى "مع عدم الإخلال بنص المادة 18 من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة، كما يحظر تدريبهم قبل بلوغهم سن ثلاث عشرة سنة ميلادية، ويجوز بقرار من المحافظ المختص، بعد موافقة وزير التعليم، الترخيص بتشغيل الأطفال من سن اثنتى عشر سنة على أربع عشرة سنة في أعمال موسمية لا تضر بصحتهم ولا تخل بمواظبتهم على الدراسة".
ولما كانت المادة 99 من قانون العمل والتي حددت سن التشغيل ب 14 سنة وسن التدريب ب 12 سنة قد صدرت بموجب قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ولما كان تعديل قانون الطفل لاحقاً لهذا التاريخ إذ صدر في سنة 2008 فإن الحكم الخاص اللاحق ينسخ الحكم الخاص السابق .
وبناء عليه فإن سن التشغيل للأطفال في قانون العمل أصبح 15 سنة، وكذلك فإن سن التدريب أصبح 13 سنة، وبعبارة أخرى فإن المادة 1/64 من قانون الطفل نسخت المادة 99 من قانون العمل .
كما أن التعديل لا يقتصر على المادة 99 من قانون العمل وإنما يمتد إلى المادة 98 من قانون العمل، فيعتبر طفلاً في تطبيق أحكام قانون العمل كل من بلغ سن 15 سنة، وليس 14 سنة، أو تجاوز سن التعليم، ولم يبلغ 18 سنة .
فلا يجوز تشغيل من يقل سنه عن 15 سنة، أما من يبلغ سن 15 سنة فهو بالرغم من أنه ما زال طفلاً إلا أنه يجوز تشغيله من حيث المبدأ وإن كان هناك ضوابط خاصة لتشغيله، أما من يبلغ سن 18 سنة فهو ليس بطفل في مفهوم قانون العمل وقانون الطفل على حد سواء ويخضع للقواعد العامة للتشغيل كل من تجاوز سن الطفولة .
وعلى هذا يجب أن يقرأ سن التشغيل أينما ورد في قانون العمل على أنه 15 سنة، وكذلك يقرأ سن التدريب والتدرج أينما ورد على أنه 13 سنة ميلادية .
- ويثور التساؤل عن الحكمة من نزول قانون الولاية على المال بأهلية إبرام عقد العمل إلى سن السابعة، حيث يكون الصبي المميز أهلاً أهلية كاملة لإبرام عقد العمل، يمكن تفسير ذلك بسهولة إذا رجعنا إلى القانون المقارن، فإذا كان الصبي المميز غير أهل لإبرام عقد العمل فإن ذلك يعني أنه يخضع في ذلك لنظام الولاية أو الوصاية، حيث يحق للنائب القانوني أن يبرم عقد العمل نيابة عن القاصر. والنيابة القانونية تعني فيما تعني استقلال النائب القانوني بإبرام العقد دون مساعدة الخاضع للولاية، واستقلال النائب بإبرام عقد العمل لم يلق قبولاً في الفقه المقارن الذي نادى بالأخذ بالمساعدة القضائية بدلاً من النيابة، فلا يجوز إطلاقاً أن يستقل النائب القانوني بإبرام عقد العمل ويجبر القاصر على تنفيذه، فعقد العمل يختلف عن العقود المالية البحتة من حيث أنه يمس شخص العامل، فالجهد الإنساني هو محل العقد، ولهذا لا يجوز أن نتجاهل موقف القاصر وضرورة الحصول على موافقته على إبرام العقد، فلابد من احترام تطلعات القاصر وحقه في اختيار طريق حياته وتحديد مستقبله، فلا يقبل أن تكون هناك ولاية إجبار في القيام بعمل معين، ولهذا استقر الفقه والقضاء في فرنسا على أن يحل نظام المساعدة القضائية محل النيابة القانونية في مجال إبرام عقد العمل للقاصر .
- أما المشرع المصرى وتفادياً لهذا الوضع فقد جعل أهلية إبرام عقد العمل سبع سنوات ومن ثم لا يخضع إبرام عقد العمل لنظام الولاية حيث يكون الصبي المميز أهلاً لإبرام العقد، فالعمل يرتبط بجسم الإنسان من حيث ملكاته الذهنية أو الجسمانية، ولهذا لا يجوز أن يكون التشغيل بإرادة شخص غير العامل، وإلا كان النائب سلطة على جسم القاصر .
ولكن نظراً لأنه لا يتوافر في تلك السن المبكرة النضج الكافي للقاصر، فقد قررت المادة 62 من قانون الولاية على المال أنه يجوز للمحكمة بناء على طلب الوصي أو ذوى الشأن إنهاء العقد لمصلحة القاصر أو لمصلحة أخرى ظاهرة، ويعتبر من ذوي الشأن الولى على النفس على وجه الخصوص .
فالتوازن يتم عن طريق النزول بالأهلية إلى سن السابعة من جهة، وإجازة إنهاء العقد من جهة أخرى .
والإنهاء يكون لمصلحة القاصر مثل ضرورة الاستمرار في التعليم أو اختیار عمل أفضل أو غير ذلك من الأسباب التي تقدرها المحكمة .
– وإذا كان سن الأهلية قد ارتفع في قانون العمل والطفل إلى 15 سنة ، فهل يجوز للمحكمة أن تنهي العقد بناء على طلب ذوى الشأن .
قد يبدو لأول وهلة أن المشرع قد أراد من رفع سن الأهلية الخروج على - كافة أحكام قانون الولاية على المال ومن ثم لا يجوز للقضاء إنهاء العقد .
ولكن بإمعان النظر في النصوص، أرى أن الأدق هو الفصل بين سن إبرام العقد، وسلطة القضاء في الإنهاء، فرفع سن الأهلية من السابعة إلى الخامسة عشر لا يحول دون حق القضاء في إنهاء العقد، فقد حرص المشرع على عدم إخضاع إبرام عقد العمل لنظام الولاية على المال، ورفع سن الأهلية إلى الخامسة عشر لا يمس هذه القاعدة، ومن جهة أخرى فإن سلطة القضاء في إنهاء العقد تسرى في حالة إبرام العقد قبل بلوغ سن الرشد، ولهذا فإن قانون العمل لا يمس سلطة القضاء في الإنهاء بالنسبة للعقد الذي يبرمه الطفل قبل بلوغ سن الرشد، يضاف لذلك أن سن 15 سنة مازالت سناً مبكرة يحتاج فيها الحدث الرقابة في صورة الإنهاء .
ومتى أبرم القاصر عقد عمل صحيح فإنه يتحمل كافة الالتزامات والحقوق الناشئة عن العقد دون أن يتمتع بمعاملة خاصة في غير ما ينص عليه القانون. ولهذا نصت المادة 46 من قانون العمل على أن يسلم صاحب العمل إلى عماله من الأطفال أجورهم أو مكافآتهم أو غير ذلك مما يستحقونه قانوناً، ويكون هذا التسليم مبرئاً لذمته .
- أما فيما يتعلق بأهلية صاحب العمل، فإن إبرام عقد العمل يعتبر من الأعمال الدائرة بين النفع والضرر، فصاحب العمل يحصل على العمل مقابل الأجر، والأهلية الكاملة لإبرام التصرفات الدائرة بين النفع والضرر هي 21 سنة ميلادية. ففي هذه السن يكون للشخص أن يتصرف كما يشاء في أمواله بما في ذلك ما يدفعه من أجر، وبناء عليه تتوافر لدى رب العمل الأهلية اللازمة لإبرام عقد العمل حيث يكون له أهلية التصرف في الأجر الذي يدفعه إلى العامل وتتوافر الأهلية لدى القاصر المأذون له بالإدارة أو بالتجارة إذا تعلقت عقود العمل بالإدارة أو التجارة . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 295 )
حظر تشغيل الطفل الذي يقل سنه عن خمس عشرة سنه :
تنص المادة 99 من قانون العمل على أنه يحظر تشغيل الأطفال من الإناث والذكور قبل بلوغهم سن التعليم الأساسي أو خمسة عشر سنة أيهما أكبر .
وهذه القاعدة متعلقة بالنظام العام ، وهي تستهدف من جهة إتاحة الوقت لنمو جسم الطفل وحماية صحته، ومن جهة أخرى إتاحة الفرصة للتعلم الأساسي أي نمو مدارك وملكات الطفل. فالتعليم يتيح الفرصة للنمو الشامل المتكامل روحياً وجسدياً .
والعقد الذي يبرم بالمخالفة لهذا الحظر يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لعدم مشروعية المحل وهو عمل من يقل سنه عن 15 سنة. فالحظر يتعلق بالنظام العام المتعلق بالمصلحة العامة، كما أن من لم يبلغ خمسة عشر لا تتوافر لديه أهلية الوجوب لإبرام عقد عمل .
أحكام تشغيل الأحداث
- حدد المشرع الحدث بأنه من بلغ سن 15 سنة ولم يتم بعد سن 18 سنة، ووضع قانون العمل أحكام تشغيل الأحداث، وأحال إلى وزير العمل لتحديد نظام وظروف وشروط أحوال تشغيل الأحداث .
ولقد حدد القرار الوزاري رقم 118 لسنة 2003 عدداً من المهن والأعمال لا يجوز ممارستها لمن يقل سنه عن 18 سنة، وحدد القرار الوزاري أعمالاً أخرى لا يجوز ممارستها لمن تقل سنه عن 16 سنة. وألزم القرار الوزاري من يقوم بتشغيل الحدث بالتأكد من لياقته الصحية للعمل الذي يقوم به وإلزامه بتقديم بعض أنواع الأغذية، وأن يحيط الطفل العامل لديه بمخاطر المهنة. أما قانون العمل فقد وضع قيوداً تتعلق بساعات تشغيل الأحداث والأجازات ندرسها فيما بعد .
يثور التساؤل عن جزاء مخالفة حظر تشغيل الطفل في أعمال معينة ذهبت محكمة النقض إلى أن الحظر يتعلق بالنظام العام الحمائي، فهو مقرر لمصلحة العامل وحده ولا يرتبط بالمصلحة العامة. فالعمل في هذه المهن يكون مشروعاً بطبيعته وحظره على فئات من الأحداث يستهدف حمايتهم، ومن ثم لا تؤثر مخالفة القرار الوزاري على صحة قيام عقد العمل ما لم يتمسك الحدث بالبطلان . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 322 )