loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )

انقضاء علاقة العمل

يستقي المشروع أحكامه الخاصة بانقضاء علاقة العمل من أحكام كل من القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم وتوصيات منظمة العمل الدولية . 

فتنص المادة (104) على أنه إذا كان عقد العمل محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته على أنه إذا أبرم العقد لمدة أكثر من خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، ومدة الخمس سنوات المذكورة مستقاة من المادة ( 678 / 2) من القانون المدني مع ملاحظة أن المشروع يعطي للعامل الحق في أن ينهي العقد وأن يوجه إخطار الإنهاء اعتباراً من أول الشهر العاشر في السنة الخامسة بحيث يجوز له أن يترك العمل في اليوم التالي لانقضاء السنوات الخمس. والهدف من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بتحسين ظروف حياته، مع الحفاظ على مقتضيات استقرار علاقات العمل باشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود محددة المدة، ومعنى ذلك أن إنهاء العقد بمضي خمس سنوات هو رخصة يستخدمها العامل إن شاء وإن عزف عنها استمر في تنفيذ العقد على أن يظل في إمكانه إنهاؤه في أي وقت بشرط مراعاة المدة المحددة . 

وتنظم المواد (105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109) على التوالي حالات انقضاء مدة العقد وجواز تجديده باتفاق الطرفين وحكم انتهاء العقد المبرم لعمل معين ، وذلك على التفصيل التالي :

أولاً : إذا استمر طرفا العقد في تنفيذه بعد انقضاء مدته المحددة اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة مع عدم سريان ذلك الحكم على عقود عمل الأجانب (المادة 105)، ويطابق هذا الحكم حكم المادة (679) من القانون المدني والمادة (71 / 1) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والمادة (72 / 1) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والمادة (3) من توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982م .

ثانياً : يجوز لطرفي العقد بعد انتهاء مدته أن يجدداه باتفاق جديد لمدة أو لمدد أخرى فإذا زادت مدد العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات جاز للعامل إنهاءه وفقاً لأحكام المادة (104).

ثالثاً : ينظم المشروع حالة انتهاء عقد العمل المبرم لإنجاز عمل معين بحيث لا يجوز للعامل أن يطلب إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز العمل (المادة 107). فإذا انتهى هذا العقد واستمر طرفاه في تنفيذه بعد إنجاز العمل اعتبر ذلك تجديداً منهما للعقد لمدة غير محددة (المادة 108) .

رابعاً : تنص المادة (109) على أنه في حالة انتهاء عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفي العمل أو لأعمال أخرى مماثلة على أنه إذا وزادت مدة إنجاز العمل الأصلي والأعمال التي جدد لها العقد على خمس سنوات فلا يجوز للعامل في هذه الحالة إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال . 

خامساً : وفيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير محدد المدة تنص المادة (110) على أنه في حالة ما إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف على النحو الوارد بالفقرتين الثانية والثالثة، وكل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (200)، ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة ( 694 / 2) من القانون المدني والمادة (72 / 1) من القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغي كما يتفق مع نص المادة (27) من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 م . 

سادساً : تنص المادة (111) على وجوب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل المتصلة لدى ذات صاحب العمل عشرة سنوات ، وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات والغاية من ذلك إتاحة مهلة أطول لصاحب العمل كلما ازدادت مدة خدمة العامل لديه لتدبير أمره ولتوفير البديل المناسب ، فإذا كان الإنتهاء من صاحب العمل، فإنه يحق للعامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة أطول للبحث عن عمل آخر مناسب . 

وتنظم المواد (112 ، 113، 114، 115) عملية الإخطار على نحو جدید ؛ أبرز ملامحه ما يأتي : 

أولاً : تحظر المادة (113) تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ على أن يبدأ سريان الإخطار من تاريخ تسلمه واحتساب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .

ثانياً : لا تجيز المادة (113) توجيه الإخطار للعامل خلال فترة إجازته مع عدم احتساب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة ووقف سريان مهلة الإخطار خلال إجازة العامل المرضية وبدء سريانها من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة ، وبذلك يظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (مادة 114) . 

ثالثاً : وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء لا تجيز المادة (115) اتفاق طرفي العقد على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، وتجيز الإتفاق على زيادة هذه المدة، کما تجيز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة قيام العامل بإنهاء عقد العمل من جانبه . 

رابعاً : مراعاة لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود تستحدث المادة (116) حكماً يعطي للعامل الحق في التغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات خلال الأسبوع للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره کاملاً عن مدة الغياب وذلك في حالة ما إذا كان الإخطار بالإنتهاء من جانب صاحب العمل ، وبحيث يكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل . 

خامساً : تجيز المادة (117) لصاحب العمل إعفاء العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع اعتبار مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة وما يترتب على ذلك من آثار ومنها استحقاق العامل عن أجره طوال مدة الإخطار . 

سادساً : تنص المادة (18) على أنه في حالة قيام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل دون إخطار العامل أو قبل انقضاء مهلة الإخطار يلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو ما تبقى منها، وعلى أن تحسب المدة في هذه الحالة أو الجزء المتبقي منها ضمن مدة خدمة العامل مع تحمل صاحب العمل بكافة الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك وهو ما يعد بمثابة تعویض للعامل عن إخلال صاحب العمل بالتزاماته فإذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت ترکه الفعلي للعمل وإعمالاً للقواعد العامة فإنه يحق لصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار . 

سابعاً : تستحدث المادة (119) حکماً يقضي بعدم الاعتداد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، ويعطى للعامل المستقبل الحق أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره لصاحب العمل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .

وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً واعياً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استشارته ، مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاریخ موافقة صاحب العمل . 

ونزولاً على توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 م تحرص المادة (120) على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعد مبررة كافية لإنهاء علاقة العمل ، وهي : 

1 - انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في غير ساعات العمل ، أو أثنائها . 

2- السعي إلى تمثيل العمل أو ممارسة أو سبق ممارسة هذا الحق . 

3- تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو اللوائح، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة . 

4- اللون ، أو الجنس ، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية ، أو الحمل ، أو الدين ، أو الرأي السياسي ، أو الأصل الإجتماعي .

5- توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل ، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .  

6- استخدام العامل لحقه في الإجازات . 

وتستحدث المادة (121) جواز قيام العامل بإنهاء عقد العمل إذا أخل صاحب العمل بأي من الإلتزامات الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة وكذا في حالة ما إذا وقع على العامل أو أي من ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من ممثليه وقد استقى هذا الحكم من حكم المادة (696) من القانون المدني وتطبيقاً للقواعد العامة إنه إذا أنهي أي من الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاني التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء ، وإذا كان الإنهاء دون مبرر صادراً من جانب صاحب العمل فلا يقل التعويض المستحق للعامل في هذه الحالة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة التي قضاها في خدمته (المادة 122) . 

كما ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكماً . 

ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لإعتبارات تتعلق بشخصه أو بنشاطه الذي انقطع بوفاته (المادة 123) . 

وتورد المادة (124) حالة أخرى من حالات إنهاء عقد العمل تتعلق بعجز العامل عن أداء عمله عجزاً كلياً أياً كان سببه ، ولا تجيز إنهاء العقد في حالة العجز الجزئي للعامل إلا إذا ثبت عدم وجود عمل آخر لدى ذات صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرضي ويكون إثبات وجود أو انتفاء العمل الآخر وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي فإذا ثبت وجود هذا العمل وجب على صاحب العمل وبطلب من العامل أن ينقله إليه وأن يؤدي إليه الأجر الذي يؤدي عادة لمن يقوم بمثل هذا العمل دون اشتراط أن يكون هذا الأجر مساوياً لأجره الذي كان يتقاضاه قبل الإصابة أو العجز، ذلك أن العامل سيحصل في هذه الحالة - علاوة على أجره المستحق عن عمله الجديد - على تعويض العجز الذي يثبت له بموجب أحكام قانون التأمين الإجتماعي .

وتقرر المادة (125) عدم جواز تحديد سن للتقاعد يقل عن ستين سنة ويجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل إذا بلغ سن الستين ، ما لم يكن العقد محدد المدة ، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الستين ، ففي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإنقضاء مدته ، وهذا الحكم يتفق مع ما تقرره القواعد العامة من عدم انتهاء العقد محدد المدة إلا بإنقضاء مدته . 

وفي جميع الأحوال يجب عدم الإخلال بأحكام التأمين الإجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش وبحق العامل في الاستمرار بالعمل بعد بلوغه هذا السن استكمالاً للمدة الموجبة لإستحقاق المعاش . 

ويأخذ المشروع في المادة (126) بحكم المادة (75) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والذي يقرر استحقاق العامل مكافأة عن مدة عمله بعد سن الستين بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية لها ، وذلك إذا لم تكن له حقوق عن هذه المدة وفقاً لأحكام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة المنصوص عليها في قوانين التأمين الإجتماعي وقد أطلق المشروع مدة استحقاق تلك المكافأة بعد بلوغ سن الستين ، بحيث لا يقتصر الإستحقاق على السنوات العشر التالية ، بل تمتد لكامل المدة أياً كانت . 

وتستحق تلك المكافأة عن سنوات الخدمة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشر وذلك للمتدرج والعامل عند بلوغ هذا السن وتحسب المكافأة على أساس آخر ما كان يتقاضاه . 

وتحظر المادة (127) على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل، وتستثنى من ذلك حالة استنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى استنفاذ متجمد إجازاته السنوية المستحقة له على أن يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة بأن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاذ إجازاته المشار إليها ، ولا يحق لصاحب العمل إنهاء العقد إذا ما شفي العامل قبل تمام الإخطار . 

وتمكيناً للمرأة العاملة من رعاية الأسرة تجيز لها المادة (138) إنهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة لأي من الأسباب الواردة بالمادة كالزواج أو الحمل أو الإنجاب مع استحقاقها جميع الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام القانون وأحكام قانون التأمين الإجتماعي على أن تخطر صاحب العمل كتابة برغبتها في الإنهاء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو ثبوت الحمل أو من تاريخ الوضع على حسب الأحوال . 

کما تجيز المادة (129) لصاحب العمل إنهاء العقد أياً كان نوعه إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ، ولا يتقيد صاحب العمل في استعمال هذا الحق بإتباع إجراءات خاصة ، إذ لا يعد هذا الإنهاء ممارسة لسلطته التأديبية ، كما لا يشترط أن تكون للجريمة صلة بالعمل .

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 162

مذكرة المشروع التمهيدي :

اقتبس المشروع الفقرة الأولى عن المادة 33 فقرة 2 من الكتاب الأول من تقنين العمل الفرنسي ( وقد أدخلها قانون 19 يوليه سنة 1928).

أما الفقرة الخامسة ، فهي تضع حداً لخلاف ثار في وقت ما في القضاء المصري. فقد قررت محكمة الإستئناف المختلطة بحكمها الصادر في 19 نوفمبر سنة 1929 (ب 42 ص 41) صحة الشرط الذي بمقتضاه يكون لأحد المتعاقدين الحق في إنهاء العقد في أي وقت يشاء بمجرد إخطار يرسله للأخر ، وذلك حتى لو كان الشرط في مصلحة رب العمل وضد العامل ، ولا يجوز مطلقاً القول بوجود إكراه أدنى على العامل الذي يقبل الشرط. على أن المحكمة قررت مع ذلك أنه لا يجوز لرب العمل أن يستفيد من هذا الشرط لمجرد الرغبة في إيذاء العامل والتحكم فيه والإنتقام عنه لأسباب غير مشروعة .

وقد أيدت المحكمة المبدأ السابق بحكم آخر في 28 ینایر سنة 1930 (ب 42 ص 231) ورد فيه أن ( الشرط الذي بمقتضاه يحتفظ رب العمل بالحق في فسخ العقد في أي وقت يشاء دون إنذار سابق هو شرط صحيح ، لكن لا يجوز إستعماله لمجرد الرغبة في إيذاء العامل ) .

على أن المحكمة عدلت عن هذا الرأي . واستقرت أحكامها منذ سنة 1931 على عدم جواز الإتفاق مطلقاً على إمكان الطرد في أي وقت دون حاجة لإنذار سابق بمدة معقولة ، لأن ذلك يتعلق بالنظام العام. ولا يجوز إذن الإتفاق مقدماً على تحديد مدة الإنذار السابق بشهر أو بخمسة عشر يوماً مثلاً أيا كانت مدة خدمة العامل . كذلك يكون باطلاً الإتفاق الذي بمقتضاه يتنازل العامل مقدماً عن حقه في التعويض بناء على الطرد في وقت غير لائق ( محكمة الإستئناف المختلطة 30 ديسمبر سنة 1931 ب 44 ص 94 - 11 يناير سنة 1933 ب 45 ص 122 - 29 مارس سنة 1933 ب 45 ص 221 - 27 يناير سنة 1937 ب 49 ص 85). والمشروع يدعم هذا القضاء ويؤكده .

الأحكام

 مؤدى نص المادتين 104 ، 106 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أن المشرع نص صراحةً على انتهاء عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته ، وأعطى العامل رخصة إنهاء العقد محدد المدة والتي تزيد مدته الأصلية والمجددة على خمس سنوات - أن ينهي عقده - بدون تعويض ؛ مستهدفاً من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يسمح له بتحسين ظروف حياته ، شريطة أن يقوم بإخطار صاحب العمل بعزمه على إنهاء العقد المحدد المدة قبل انتهائه بثلاثة أشهر ، وإذا ما التزم العامل بذلك يكون في حل عن أي تعويض لصاحب العمل حتى ولو أنهي عقده الأخير قبل انقضاء مدته ، وإن كان المشرع قد خص العامل بهذه الميزة إعمالاً لمبدأ حرية العمل ، إلا أن هذا لا يسلب حق صاحب العمل - بوصفه المسئول عن إدارة مشروعه والذى يجنى ثماره أو يتحمل نتيجة فشله – في أن ينهى عقد العمل عند انتهاء مدته حتى لو امتد أكثر من مرة أو عندما يتوافر لديه " مبرر جدى " أو " مصلحة مشروعة " ولا قيد عليه في هذا الشأن سوى التزامه بعدم التعسف في استعمال هذا الحق وإلا كان ملتزماً بالتعويض لتعذر التنفيذ العينى بإعادة العامل إلى عمله .

( الطعن رقم 15135 لسنة 87 ق - جلسة 4 / 12 / 2018 ) 

2- المقرر في قضاء محكمة النقض أن المواد 104 ، 105 ، 106 / 1 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 – والمنطبقة على الواقعة - تنص على أن " ينتهي عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته" ، وإذا انقضت مدة عقد العمل محدد المدة واستمر طرفاه في تنفيذه اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة ..." وإذا انتهى عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته جاز تجديده باتفاق صریح بين طرفيه، وذلك لمدة أو لمدد أخرى" يدل على أن العقد المحدد المدة ينتهي تلقائياً بانتهاء مدته، وقد أجاز المشرع لهما تجديد العقد مرة أخرى لمدة واحدة أو أكثر باتفاق صريح على ذلك، وينتهي العقد بانتهائها دون أن يتحول إلى عقد غير محدد المدة خلافاً لما كان عليه الوضع في قانون العمل السابق الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، إلا أنه إذا لم يتفق الطرفان على تجديد العقد لمدة معينة ولكنهما استمرا في تنفيذه بعد انتهاء مدته اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة .

( الطعن رقم 4849 لسنة 86 ق - جلسة 4 / 11 / 2018 ) 

3- مفاد النص فى المواد 1/104 ، 105 ، 1/106 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 يدل على أن العقد المحدد المدة ينتهى تلقائياً بانتهاء مدته ما لم يتفق الطرفان على أن يسبق الإنهاء إخطار بذلك للمدة التى يتفقان عليها ، وقد أجاز المشرع لهما تجديد العقد مرة أخرى لمدة واحدة أو أكثر باتفاق صريح على ذلك ينتهى العقد بانتهائها دون أن يتحول إلى عقد غير محدد المدة خلافاً لِما كان عليه الوضع فى قانون العمل السابق الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 ، إلا أنه إذا لم يتفق الطرفان على تجديد العقد لمدة معينة ولكنهما استمرا فى تنفيذه بعد انتهاء مدته اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من عقد العمل المحرر بين الطاعنة والمطعون ضده والمؤرخ 2003/12/8 أن المادة الرابعة منه نصت على أن " ...... مدة هذا العقد هى سنة واحدة تبدأ من 2003/12/8 وتنتهى فى 2004/12/7 وينتهى هذا العقد تلقائياً بمجرد انتهاء مدته دون حاجة إلى تنبيه " وكانت هذه المادة واضحة الدلالة على أن هذا العقد محدد المدة بسنة وأنه ينتهى بانتهاء مدته ، وكان الثابت أن الطاعنة أخطرت المطعون ضده بتاريخ 2004/11/4 بعدم رغبتها فى تجديد هذا العقد ، ومن ثم فإن إنهاء خدمتها له بانتهاء مدة السنة المحددة فى العقد لا يعتبر إنهاء غير مشروع ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بمقولة أن المطعون ضده تربطه بالطاعنة علاقة عمل بمقتضى عقود متلاحقة محددة المدة بدأت عام 1982 واستمر فى تجديدها بعقود متتالية آخرها العقد المؤرخ 2003/12/8 لمدة عام ينتهى فى 2004/12/7 وأنه إعمالاً لنص المادة 105 من القانون رقم 12 لسنة 2003 والمادة 679 من القانون المدنى فإن الاستمرار فى تنفيذ العقد المحدد المدة يؤدى إلى تجديد العقد ويصير عقداً غير محدد المدة بالرغم من أنه لم يثبت أن عقود العمل السابقة كان هناك استمراراً متصلاً لعلاقة العمل بموجبها ، ودون أن يفطن إلى أن عقد العمل موضوع النزاع قد تحرر بين الطرفين بإرادتهما بعد العمل بأحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الذى يُجيز إنهاء العقد المحدد المدة بانتهاء مدته حتى ولو امتد باتفاق صريح أكثر من مرة بما يُعد إنشاء لعلاقة عمل جديدة ومنفصلة عن العقود السابقة ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

( الطعن رقم 12561 لسنة 76 - جلسة 2007/03/04 - س 58 ص 244 ق 42 )

شرح خبراء القانون

إنهاء عقد العمل :

إذا كان العقد محدد المدة فلا يجوز إنهاءه قبل حلول الأجل إلا إذا إتفق الطرفان على ذلك وإلا إلتزم من أنهى بالتعويض إلا في حالة القوة القاهرة أو خطأ الطرف الآخر، فينحل العقد بالمرض الجسيم وتدخل السلطة العامة بوقف العمل أو بإبعاد العامل، أو إذا وقع حادث حال دون إستمرار العمل كحريق أو زلزال دمر مكان العمل. فإن كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من طرفيه إنهاءه بإخطار الطرف الآخر بالرغبة في الإنهاء، وبموجب المادة 72 / 1 من قانون العمل يجب الإخطار قبل الإنهاء بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة للعمال الآخرين .

وإن لم تحدد مدة العقد وفقاً لنوع العمل وما يتطلبه من وقت، أو وفقاً للغرض المراد تحقيقه من العمل، اعتبر العقد غير محدد المدة وجاز لكل من رب العمل والعامل أن يحدد المدة التي ينتهي فيها العقد ولو لم يكن العمل قد تم فيها، وفي هذه الحالة يتقيد طالب الإنهاء بالمدة المقررة للإخطار في قانون العمل والإجراء الذي يتم به الإخطار . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة /  585 )

ومفاد ذلك أنه إذا كان متفقاً على تاريخ معين لإنتهاء العقد أو على تحديده بمدة معينة، فإنه ينتهي بحلول هذا التاريخ أو إنقضاء هذه المدة، وإذا كان ميعاد إنتهائه محدداً بواقعة مستقبلة محققة الوقوع، فإنه ينتهي بمجرد تحقق هذه الواقعة، وإذا كان العقد قد أبرم لإنجاز عمل معين فإنه ينتهى فور إنجاز هذا العمل .

إنما لا يجوز لأي من الطرفين أن يستقل بإنهاء العقد قبل إنقضاء مدته ولو توافر لدى هذا الطرف ما يدعوه إلى ذلك .

والعقد ينتهي على النحو السابق من تلقاء نفسه دون حاجة إلى اتخاذ إجراء آخر، تابع  فلا يلتزم الراغب في الإنهاء إخطار الطرف الآخر بذلك، إذ لا مفاجأة في هذا الإنهاء لأن أجل العقد محدد مقدماً أو قابل للتحديد بعكس الحال في العقد غير محدد المدة كما سیلی.

كما لا يلتزم راغب الإنهاء إثبات مبرر مشروع لموقفه .

غير أنه إذا كان المتعاقدان قد اتفقا عند تحديد مدة العقد على أنه لا ينتهي بإنقضاء هذه المدة إلا إذا أخطر أحد المتعاقدين الأخر بتمسكه بهذا الإنهاء فإن عقد العمل محدد المدة لا ينتهي في هذه الحالة بمجرد انتهاء مدته، بل يجب على راغب الإنهاء مراعاة .

ما اتفق عليه من مهلة للإخطار، ولا يتحول العقد لهذا السبب إلى عقد عمل غير محدد المدة. ويكون تحديد مهلة الإخطار في هذا الشأن من سلطة الطرفين دون أن يتقيدا في ذلك بالميعاد الذي يستلزمه القانون للإخطار بالنسبة إلى عقد العمل غير محدد المدة .

ويجوز الإتفاق على مدة العقد العمل ينتهي بانقضائها دون حاجة إلى إخطار، ولكن ينص في العقد على أنه إذا أخطر رب العمل العامل قبل إنقضاء هذه المدة بفترة معينة برغبته في استمراره في العمل، فإن العقد لا ينتهي بل يستمر، وفي هذه الحالة نكون بصدد عقد عمل محدد المدة مقترن بوعد بإبرام عقد عمل من جانب العامل بحيث إنه إذا قبل الموعود له رب العمل هذا الوعد بإخطاره العامل في الموعد المحدد انقلب هذا الوعد إلى عقد عمل جديد يبدأ بعد إنتهاء العقد الأول . 

عدم الإخلال بأحكام المادتين 678 ، 679 مدنی :

بعد أن نصت الفقرة الأولى من المادة على أن ينتهي عقد العمل بانقضاء مدته أو بإنجاز العمل الذي أبرم من أجله: "وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادتين"678 ،679.

وهذا يعني مراعاة ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 678 من أنه: "إذا كان عقد العمل لمدة حياة العامل أو رب العمل أو لأكثر من خمس سنوات جاز للعامل بعد إنقضاء خمس سنوات أن يفسخ العقد دون تعويض على أن ينظر رب العمل إلى ستة أشهر".

وما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (679) من أنه إذا استمر طرفا العقد معين المدة في تنفيذ العقد بعد إنقضاء مدته اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير معينة".  ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثامن ، الصفحة/ 674 )

بالرغم من عدول المشرع عن فكرة العقود الأبدية إلا أنه عاد في المادة (105) وأشار إلى أنه مع مراعاة أحكام المادة (106) فإذا انقضت مدة عقد العمل محدد المدة «واستمر طرفاً في تنفيذه اعتبر ذلك تجديداً للعقد لمدة غير محددة». وذلك أخذاً بمبدأ الإرادة الضمنية . 

أما المادة 106 فقد أشارت إلى أنه "إذا انتهى عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته جاز تجديده باتفاق صریح بين طرفيه وذلك لمدد أخرى" أخذا بمبدأ الاتفاق الصریح، وهنا يظل العقد مؤقتاً . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 348 )

 ولكن يثار التساؤل أيضاً : هل يمكن تجديد العقد المحدد المدة لمدة أخرى دون أن يصبح عقداً دائماً أو أبدياً ؟ 

الإجابة : نعم .

فقد أخذ قانون العمل الجديد إلى جانب التجديد الضمني لعقد العمل المحدد المدة تجديداً آخر يعتمد على الاتفاق الصریح بين طرفي العقد وهو ما يطلق عليه تجديد العقد بالإدارة الصريحة. حيث نصت المادة (106/ عمل) على أنه «إذا انتهى عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته جاز تجديده باتفاق صریح بين طرفيه وذلك لمدة أو مدد اخرى، وهو نفس الحكم الذي رددته المادة (108/ عمل) بقولها «إذا انتهى عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح من طرفيه وذلك لعمل أو أعمال أخرى مماثلة .

ومن ثم يجوز لطرفي العقد الاحتفاظ للعقد بطبيعته أي أن يظل محدد المدة مني أفضى عن رغبتهما باتفاق صريح ومن ثم لا يجوز البحث عن الإرادة الضمنية في ظل وجود الاتفاق الصريح المعبر عن إرادة الطرفين . ( الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 367 )

 النصوص المقابلة :

تقابل المادة 72 من قانون العمل الملغي رقم 137/ 81 والسابق ذكرها وكذا المادة 71 من قانون العمل الأسبق رقم 91/ 1959 وفي هذا النص الجديد يؤكد المشرع على عدم الإبقاء على الفقرة الثانية من المادة 72 الملغاة والتي كانت تحمي العامل من تكرار إبرام عقود محددة المدة كل فترة لحرمانه من الحقوق المترتبة على العقود غير محددة المدة - وفي هذه المادة 106 الجديدة يقرر في فقرتها الثانية حقاً للعامل في الإنهاء إذا بلغت فترة العقود المجددة أكثر من خمس سنوات وهو من قبيل تحصيل الحاصل هذا إلى جانب أن القول بإعفاء العامل في هذه الحالة من مطالبته بالتعويض قول نظري إذ نادراً ما يحدث في العمل أن يرفع صاحب العمل دعوى على العامل لمطالبته بتعويض على إنهاء العقد دون إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني  )

التجديد الصريح للعقد محدد المدة بفترة زمنية : 

- جاءت المادة 106 بحكم جديد وهام يتعلق بتجديد العقد محدد المدة بفترة زمنية معينة، فإذا انتهى عقد العمل محدد المدة بانقضاء مدته جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفيه وذلك لمدة أو لمدد أخرى، وكررت المادة نفس الحكم بالنسبة للعقد المبرم لإنجاز عمل معين. وهذا الحكم يختلف عن حكم التجديد الضمني كما سنرى .

فإذا تجدد العقد تجديداً صريحاً جاز أن يكون التجديد لمدة أخرى مماثلة أو المدة أخرى أكبر أو أقل، فلم يعد من شأن التجديد أن يؤدي إلى إن يصبح العقد غير محدد المدة .

وبهذا فقد غلب المشرع إرادة الأطراف ، فالتجديد الصريح الذي يتم باتفاق الطرفين يكون حينئذ للمدة المتفق عليها ، فلم تنصرف نيتهما إطلاقاً إلى أن يصبح العقد غير محدد المدة بل انصرفت صراحة إلى العكس . 

ولقد عدل المشرع بذلك عن القرينة التي كان قد أقامها في قانون العمل السابق والتي مفادها أن تجديد العقد محدد المدة إلى مدة أخرى محددة يستهدف التحايل على القانون بإبرام عقد مدته قصيرة مما يفوت على العامل الحماية المقررة لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة .

فقد كانت تلك القرينة محل نقد لأنها تؤدي إلى استحالة تجديد العقد محدد المدة بنفس طبيعته السابقة أي لمدة محددة أخرى، وقد تكون للعامل مصلحة في تجديد العقد لمدة محددة أخرى خصوصاً إذا كانت مدته طويلة تضمن له قدراً من الاستقرار، فقد يحقق له استقرار لا يضمنه العقد غير محدد المدة حيث يجوز لصاحب العمل أن ينهيه متى توافر المبرر، أما العقد محدد المدة فلا ينتهي إلا بانتهاء مدته، والإنهاء المبتسر يعطى العامل حقاً قوياً في التعويض عن المدة الباقية .

كما أن الحماية التي أرادها المشرع قد تنقلب وبالاً على العامل أحياناً، فقد يفضل صاحب العمل عدم تجديد العقد حتى لا يتحول إلى عقد غير محدد المدة ويستخدم عاملاً آخر بعقد محدد المدة . 

ولقد أحسن المشرع صنعاً بأن فتح الباب أمام تجديد العقد محدد المدة دون أن يتحول إلى عقد غير محدد المدة، ولكن يجب أن يكون التجديد صريحاً . 

ولا خشية من التحايل إذ أن معيار العقد محدد المدة الحقيقي يظل عائقاً في وجه التحايل . 

- ولهذا فإنه يجب الحرص في صياغة التجديد الصريح، كما أنه لا يجب إغفال ضرورة الوقوف في وجه التحايل على القانون، فإذا ما حدد صاحب العمل مدة العقد بمدة قصيرة كيوم أو أسبوع مع الاتفاق على تجديده لمدة أخرى مماثلة، فإنه يكون من الواضح قصد صاحب العمل التهرب من أحكام إنهاء العقد غير محدد المدة، ويجب أن يرد عليه قصده حيث يصبح العقد غير محدد المدة منذ بدايته . 

وإزاء التفرقة التشريعية بين التجديد الصريح والتجديد الضمني، ومراعاة المعيار التمييز بين العقد محدد المدة والعقد غير محدد المدة ، فإن شرط المدة يجب أن تتم صياغته بدقة حتى لا يعتبر العقد عقداً غير محدد المدة . 

فيجب ألا يتضمن شرط المدة إمكانية إنهاء العقد قبل انتهاء مدته بإرادة الأطراف وإلا اعتبر عقداً غير محدد المدة . 

كما يجب تفادي النص على الإمتداد التلقائي للعقد لأن ذلك يجعل المدة غير محدده أو غير متوقعة منذ البداية، ومن ثم ينشأ العقد غير محدد المدة، وهذا يستوجب مراعاة الفارق بين الامتداد الاتفاقي والتجديد . 

كما أن استمرار العامل في العمل دون تجديد العقد يعتبر تجديداً ضمنياً ومن ثم يصبح العقد عقداً غير محدد المدة ، ولا يحول دون ذلك تحرير عقد محدد المدة بعد ذلك، لأن العقد قد تحول إلى عقد غير محدد المدة منذ انتهاء العقد وعدم تجديده صراحة. وترك العامل يعمل يعتبر تجديداً ضمنياً من استمرار العمل بالرغم من انتهاء المدة . 

التجديد الصريح يعني انقضاء مدة العقد السابق وإبرام عقد جديد، ولكن ليس معنى ذلك إبرام عقد منقطع الصلة تماماً بالعقد السابق، فالتجديد معناه استمرار ما كان موجوداً ولكن باتفاق جديد لانتهاء مدة الاتفاق السابق، والتجديد الصريح معناه تجديد مدة العقد بأحكام ونصوص جديدة أو بنفس النصوص والأحكام السابقة، واستمرار نفس الشروط والأحكام السابقة يعني أن التجديد يشمل بصفة أساسية المدة فقط، وللمتعاقدين الخيار بين تجديد العقد بنفس شروطه أو بشروط مختلفة خصوصاً مدة العقد التي قد تكون مختلفة أو مطابقة للمدة السابقة . 

- ولما كان التجديد صريحاً فيجوز أن يتضمن الاتفاق تنظيماً أو تسوية لحقوق العامل بالنظر إلى استمرارية العلاقة من خلال التجديد، فإن كان العامل لم يحصل على كامل أجازته السنوية قبل انتهاء العقد، فلا مانع من الاتفاق على الحصول على مدة الأجازة خلال العقد الجديد بدلاً من حصوله على المقابل النقدي وذلك بمراعاة ما سبق شرحه بالنسبة للأجازات السنوية . (شرح قانون العمل، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 750 )

مدى مسئولية صاحب العمل عن عدم تجديد العقد :

- إذا انتهت مدة العقد محدد المدة فالأصل أن للمتعاقدين حرية تجديده أو عدم تجديده، وعدم التجديد هو من قبيل رفض التعاقد . 

ورفض العامل التجديد لا يثير صعوبة لأن التجديد من عدمه بالنسبة للعامل هو ممارسة لحريته في العمل الذي يرتبط بكيانه وشخصه .

أما إذا كان الرفض من جانب صاحب العمل ، فنجد نص المادة 685 من القانون المدني بشأن شرط عدم المنافسة تنص على أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يتمسك بالشرط إذا رفض تجديد العقد دون أن يقع من العامل ما يبرر ذلك .

فالمشرع يعامل عدم التجديد معاملة الفسخ أو الإنهاء دون مبرر، فصاحب العمل يحرم من التمسك بالشرط عند عدم التجديد دون مبرر .

وهذا يضع في المحل موضوع مدى حرية صاحب العمل في عدم التجديد ، فإذا كان عدم التجديد دون مبرر يحرم صاحب العمل من التمسك بشرط عدم المنافسة فإن مؤدى ذلك أن التجديد من علمه ليس حرية مطلقة لصاحب العمل، وإنما يجب أن يكون عدم التجديد بمبرر وإلا تعرض صاحب العمل للمسئولية .

فهل يمكن أن نستخلص من ذلك مبدأ ضرورة أن يكون عدم التجديد بمبرر؟ وتبدو أهمية هذا التساؤل في ظل قانون العمل الجديد الذي أطلق حرية التجديد الصريح وعدم تحول العقد إلى عقد غير محدد المدة . 

ولقد أثيرت المسألة عملياً في مجال وكالة العقود وجاء في المادة 189 من قانون التجارة ، أنه إذا كان العقد محدد المدة ورأى الموكل عدم تجديده عند انتهاء أجله يكون للوكيل الحق في تعويض يقدره القاضي ولو وجد اتفاق يخالف ذلك، ولكن تشترط المادة أن يكون نشاط الوكيل قد أدى إلى نجاح ظاهر في ترويج السلعة أو في زيادة عدد العملاء، وهذا الشرط الأخير يبرز خلافاً بين عقد العمل ووكالة العقود . 

- وفي مجال قانون العمل الجديد فإن المسألة تثار بحده لأن القانون أجاز التجديد الصريح للعقد محدد المدة لمرة أو مرات لنفس المدة أو لمدد مختلفة، فإذا انتهى العقد ولم يجدده صاحب العمل فهل يمكن أن ينسب إليه التعسف في علم التجديد؟ 

يذهب الفقه المصري إلى " أن تكرار التجديد من شأنه أن يولد لدى أي من الطرفين الاعتقاد في أن علاقته بالآخر ستستمر إلى ما بعد الفترة المحددة في العقد، على أن تكرار الاتفاق على التجديد عدة مرات يكفي لتكوين هذا الاعتقاد لدى العامل على الأقل، فهذا التكرار يؤدي بالعامل إلى أن يطمئن إلى أن علاقته برب العمل ستظل باقية اعتماداً على أن العقد سيتكرر تجديده قياساً على الماضي، والطمأنينة التي يولدها هذا التكرار لا تقل قوة، إن لم تزد، عن تلك التي يولدها النص في العقد مقدماً على قابليته للتجدد، فيتعين في هذه الحالة تطبيق نظرية التعسف على رفض التجديد ويكون رب العمل مسئولاً إذا كان رفضه بغير مبرر مشروع، وفي قانون العمل تطبيقات تشريعية ينشأ فيها حق للعامل من مجرد اعتياد رب العمل على أسلوب معين، ويبرر الفقه ذلك ايضاً بالطابع الإنساني العقد العمل، حيث يعتبر العمل مورد رزق العامل وهو يرتب معيشته ليس فقط على أساس ما هو مقرر له في شروط العقد والتشريع وإنما كذلك على أساس ما يكون رب العمل قد اطرد على منحه إياه زيادة على الحقوق المقررة، وتقدير عدد مرات التجديد التي يجوز بعدها أن يتوقع العامل استمرار حصول التجديد قد يبرر تطبيق نظرية التعسف على الرفض وذلك من المسائل الموضوعية التي يقدرها القضاء . 

أما إذا نص في العقد على شرط الامتداد أو شرط التجديد، ورفض تعديل تكييف العقد من عقد محدد المدة إلى عقد غير محدد المدة أي ظل العقد محدد المدة فإن الشرط يدل على أن تعاقب تجدد العقد كان محل اعتبار المتعاقدين عند بداية التعاقد فقد توقع المتعاقد أن تستمر العلاقة بينهما إلى ما بعد المدة المحددة وتولدت في نفس العامل بوجه خاص طمأنينة نسبية على مورد رزقه وعول على تجدد العقد لمدد أخرى، ويكون صاحب العمل مسئولاً إذا رفض التجديد بلا مبرر لأن التجديد كان متوقعاً، والبحث عن المبرر لا يكون إلا عند انتهاء العقد ووقت التجديد المتوقع .  

ولكن إذا كان العقد محدد المدة وانقضت المدة ولم يجدد ، ودون وجود شرط بالتجديد فإنه لا محل لإعمال نظرية التعسف في استعمال الحق، وبعبارة أخرى إعمال نظرية التعسف لا يكون إلا في حالتين، الأولى وجود شرط بالامتداد أو التجديد، والثانية عدم وجود شرط ولكن حدث تجديد للعقد لمرات سابقة مما يفيد اعتياد التجديد . 

واستبقاء تكييف العقد بأنه محدد المدة مع إعمال نظرية التعسف في استعمال الحق يحقق مصلحة كبرى للعامل تفضل بكثير تحول العقد إلى عقد غير محدد المدة حيث يسود مبدأ حرية الإنهاء بمبرر. ففي ظل قانون التجارة إذا كانت الظروف الاقتصادية وما جناه الموكل من منافع نتيجة عمل الوكيل تجعل الموكل مسئولاً عن عدم التجديد، فإن الظروف الاجتماعية وحماية العامل تستوجب مسئولية صاحب العمل عن عدم التجديد . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 760 )

الفقه الإسلامي

 الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة /   293

انْقضاء إجارة الأْجير الْخاصّ :

 تنْقضي إجارة الأْجير الْخاصّ بالأْسْباب الْعامّة الّتي ذكرْناها. وإذا أكْرى الأْجير نفْسه، فهرب، فإنْ كانت الإْجارة على موْصوفٍ في الذّمّة اسْتؤْجر بدله منْ ماله، وإنْ لمْ يكنْ يثْبت للْمسْتأْجر الْخيار في الْفسْخ أو الانْتظار، وذلك كما لو اسْتأْجر سيّارةً بسائقها منْ غيْر أنْ يعيّن السّائق، أوْ جمالاً بقائدها دون تعْيينٍ، فهرب السّائق أو الْقائد، فإن انْتظر فإنّ الإْجارة تنْفسخ عنْ كلّ يوْمٍ يمْضي؛ لأنّ الْمنافع تتْلف بمضيّ الزّمن.

وإنْ كانت الإْجارة على عملٍ معيّنٍ لمْ ينْفسخْ لأنّه يمْكن اسْتيفاؤه إذا وجده .

___________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية

مادة (686)

1- إذا لم تعين مدة العقد بالإتفاق أو بنوع العمل أو بالغرض منه جاز لكل من المتعاقدين إنهاء العقد . ويجب في إستعمال هذا الحق أن يسبقه إخطار.

2- ومدة الإخطار تحددها القوانين الخاصة والا فيتبع في شأتها ما ينص عليه العقد أو يقضي به العرف الجاري في الجهة أو في المهنة فإن لم يوجد إتفاق أو عرف تولي القاضي تحديد مدة معقولة للإخطار في ضوء الظروف وخاصة طبيعة عمل العامل ومركزه ومدة خدمته.

3- وكل شرط في عقد العمل غير المعين المدة ، يعدل مواعيد الإخطار التي حددتها القوانين أو العرف ، يكون باطلاً ولا يعمل به إلا إذا كان في مصلحة العامل .

وفي الفقه الاسلامي يعتبر العقد غير معين المدة عقداً غير لازم فيكون كل من المتعاقدين إنهاؤه مع الأخطار . إذ القاعدة أن العقد لا ينتهي في هذه الحالة إلا بإعلام المتعاقد الآخر ، كما جاء في قواعد ابن رجب ( القاعدة رقم 62 ص 117 )

أما ما تقضى به الفقرة الثالثة من المادة المقترحة فيقصد به حماية مصلحة كل من الطرفين، وهو مقصد تهتم به الشريعة الإسلامية  .