loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)

تعرف المادة (152) اتفاقية العمل الجماعية، وتبين المادة (153) شروط هذه الإتفاقية فتوجب أن تكون مكتوبة باللغة العربية وأن يتم عرضها على مجلس إدارة النقابة العامة أو الاتحاد العام لنقابات العمال بحسب الأحوال وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ توقيعها وتستلزم أن تكون الموافقة عليها من أعضاء مجلس الإدارة بالأغلبية المطلقة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ توقيع الإتفاقية وترتب على تخلف أي شرط من الشروط السابقة بطلان الإتفاقية. 

(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

فالمادة 152من المشروع تقابل المادة 80 من القانون 137 لسنة 1981 ويجري حكمها على النحو التالي : " اتفاقية العمل الجماعية هي اتفاق يبرم بين منظمة نقابية أو أكثر من المنظمات العمالية وبين صاحب العمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال أو منظمة نقابية أو أكثر من منظماتهم ينظم شروط وظروف العمل وأحكام الإستخدام " بينما كان نص المادة 80 من القانون 137 لسنة 1981 يقرر أن " عقد العمل الجماعي هو اتفاق تنظم بمقتضاه شروط العمل وظروفه بين منظمة نقابية أو أكثر أو بين صاحب عمل أو أكثر أو من يستخدمون عمالًا ينتمون لتلك المنظمات أو منظمات أصحاب الأعمال بما يكفل شروطاً أو مزايا أو ظروفاً من المشروع " وهذا الحكم لم يكن يثير لبساً وهو لا يختلف كثيراً عن حكم المادة 152 من المشروع " إنما أتى اللبس في ظل القانون 137 لسنة 1981 من حكم الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 80 ، واللتان تقرران أنه " يجوز لصاحب العمل أن ينيب عنه في إبرام العقد اتحاد الصناعات أو الغرفة التجارية أو أي منظمة ينتمي إليها. 

كما يجوز لمنظمات أصحاب الأعمال إبرام هذا العقد ممثلين لأصحاب الأعمال ويتضح من نص الفقرتين المشار إليهما أنهما مأخوذتان من القانون 91 لسنة 1959 (المادة 89) ولكنهما يختلفان عن الحكم الوارد بالقانون 97 لسنة 1950 الذي ينظم أحكام عقد العمل المشترك فوفقاً للمادة الأولى من القانون الأخير كان الطرف المقابل النقابات العمال في عقد العمل المشترك هو صاحب عمل أو عدة أصحاب أعمال وإلى هنا يتفق القانون 97 لسنة 1950 مع القانون 91 لسنة 1959 والقانون 137 لسنة 1981 لكن الإختلاف ، يبدو فيما أجازه القانون القديم ، لصاحب العمل أو لأصحاب الأعمال في أن " ينيب عنه في إبرام العقد الغرفة التجارية والصناعية التي ينتمي إليها، فكانت الغرفة التجارية ، وفقاً لهذا النص " مجرد وكيل عن صاحب أو أصحاب الأعمال " فتسري على علاقتها بهؤلاء القواعد الخاصة بالوكالة ، وتظهر في العقد بصفتها وكيلاً لا أصيلاً لكن المشرع ، ذهب في القانون 91 لسنة 1959، أبعد من سابقه، فقد أبقى على الغرفة التجارية والصناعية، باعتبارها وكيلاً عن أصحاب الأعمال في إبرام عقد العمل المشترك ، وبذلك أجاز القانون 91 لسنة 1959 أن يكون هناك شخص اعتباري (الغرفة التجارية والصناعية) وكيلاً عن أصحاب الأعمال في إبرام العقد المشترك ، مثلما فعل القانون 97 لسنة 1950 ولكن المشرع في القانون 91 لسنة 1959 أجاز، بالإضافة إلى ذلك، أن تكون "المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال" طرفاً أصيلاً في العقد المشترك ، وأن لا يقتصر دورها على مجرد الوكالة . 

فأصبحت المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال طرفاً في عقد العمل المشترك ، ولا تقف مهمتها عند حدود الوكالة ، إلا إذا نص العقد صراحة على هذه الصفة التي لا تثبت لها إلا بتوكيل خاص وهي نفس الأحكام التي أخذ بها المشرع في القانون 137 لسنة 1981 (مادة 80). 

ولا شك أن التمثيل الجماعي لأصحاب الأعمال ، أمر مرغوب فيه ، حتى يشمل العقد ، المحال المختلفة المتنافسة ، مما يساعد على تقبل أصحاب الأعمال لشروط العقد ، أكثر مما لو أبرم مع كل على انفرادی ما دام العقد شاملاً للجميع ، فلا يخشى أحدهم الانفراد بآثار العقد ، وما قد يؤدي لتوحيد شروط العمل بالنسبة للعمال في المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة وتحقيق قاعدة المساواة ، بالإضافة لسهولة رقابة التنفيذ بسبب سريان العقد على جميع عمال المهن المتماثلة أو المرتبطة . 

وبالإضافة لهذه الملاحظة الأولية ، فإن نص المادة 80 من القانون 137 لسنة 1981 يدعو للقول مرة أخرى أن المشرع قد نقل أحكام القانون 97 لسنة 1950 دون تغيير إلى قانون العمل 91 لسنة 1959 ومنه إلى القانون 137 لسنة 1981 ، فجاءت أحكام عقد العمل الجماعي ، في هذا الأخير ، متناقضة مع أحكام قانون النقابات 35 لسنة 1976. 

ولذلك حرصت المادة 152 من المشروع على تحديد أطراف اتفاق العمل الجماعي على النحو الذي أتت به لإزالة كل لبس عند التطبيق ، ولنفس الهدف استبعد المشروع نص المادة 81 من القانون 137 لسنة 1981 والذي كان يجري حكمه على النحو التالي : 

" إذا تعددت المنظمات النقابية التي تكون طرفاً في عقد العمل الجماعي وجب أن تكون ممثلة لصناعات أو مهن متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض أو مشتركة في إنتاج واحد ". 

وتفصيل ذلك ، أن المادة 81 من قانون العمل 137 لسنة 1981 ، تطلبت في حالة تعدد النقابات التي تكون طرفاً في عقد العمل الجماعي، أن تكون هذه النقابات ممثلة لصناعات أو مهن متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض أو مشتركة في إنتاج واحد ". يفهم من ذلك أنه ، وحتی يطبق هذا النص ، إمكانية تعدد النقابات الممثلة لمهنة أو صناعة واحدة ، أو تعدد النقابات الممثلة لمهن أو صناعات ، متماثلة أو مرتبطة . 

ولقد كانت تلك النتيجة متصورة في ظل قانون النقابات 319 لسنة 1952 ، والذي كان يجيز تعدد النقابات الممثلة لعمال المهنة أو الصناعة الواحدة في إقليم الدولة ولم يمنع التعدد إلا في البلد الواحد " وكان يجوز، من ثم، أن تتعدد نقابات المهنة أو الصناعة الواحدة في البلاد المختلفة، وأن تتعدد في البلدة الواحدة، نقابات المهن أو الصناعات المتماثلة أو المرتبطة وأن تتعدد نتيجة لذلك، اتحادات النقابات أو الصناعة ، أو المهن أو الصناعات المتماثلة أو المرتبطة. 

لذلك نص قانون عقد العمل المشترك رقم 85 لسنة 1942 في مادته الثانية ، على وجوب أن تكون النقابات أو الإتحادات التي تدخل طرفا في العقد المشترك " ممثلة لصناعة أو لمهنة واحدة أو صناعات أو مهن أو حرف متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض ". 

وهذا الحكم لم يعد له محل، لا في ظل قانون النقابات 62 لسنة 1964، ولا في ظل قانون النقابات 35 لسنة 1976، حيث حظر المشرع في كلا التشريعين ، تكوين أكثر من نقابة واحدة لعمال المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة والتي تضمها مجموعة واحدة من المجموعات المحددة طبقاً لأحكام القانون . 

كذلك ، فإن المشرع ، لم يسمح إلا بتكوين " اتحاد عام لنقابات العمال " دون أن يسمح بتعدد الإتحادات. 

ينتج عن ذلك أن حكم المادة 81 من القانون 137 لسنة 1981 ، والتي تفترض إمكانية تعدد النقابات ، أصبح لغواً ولا محل من التطبيق ، حيث نقل هذا الحكم عن قانون عقد العمل المشترك الذي كان مطبقا في آن واحد، مع القانون 319 لسنة 1952 " المتعلق بالنقابات " وحيث كان من الممكن في ظل هذا الأخير تعدد النقابات الممثلة المهنة أو صناعة واحدة أو لمهن أو صناعات متماثلة أو مرتبطة "، فاستلزم المشرع من ثم ، في حالة تعدد النقابات " الطرف " في العقد المشترك أن تكون " ممثلة لصناعات أو مهن متماثلة أو مرتبطة حرصا على وحدة المصالح فيما بين هذه النقابات ، وعدم تشعب الأحكام التي ينظمها عقد العمل المشترك " التعلق بعضها بصناعة أو مهنة وتعلق البعض الآخر بصناعة أو مهنة مختلفة " وما قد يؤدي إليه ذلك من صعوبة في التطبيق والتفسير. 

ولكن تطبيق حكم المادة 81 ، المشار إليه، لم يعد متصوراً في ظل قانون النقابات 35 لسنة 1976 حيث لا يمكن أن تكون للمهن أو الصناعات المتماثلة أو المرتبطة إلا نقابة عامة واحدة ، تتولى تمثيلها في كل إقليم الدولة ، ولا يتصور إلا أن تكون هذه النقابة هي الطرف في العقد ، ولا يكون هناك أية فرصة " لتعدد النقابات " وإلا أدى هذا التعدد ، إلى تباين المهن والصناعات التي تمثلها كل نقابة واختلاف طبيعة الموضوعات التي يقوم اتفاق العمل الجماعي على تنظيمها وهو ما أراد المشرع تجنبه بحيث يترتب على إعمال النص، تحقيق نتيجة لم يقصدها المشرع بل أبعد من ذلك حرص المشرع على استبعادها. 

ولا يمكن القول في هذا الصدد، إن المقصود بعبارة " تعدد النقابات الواردة بالقانون هي تعدد اللجان النقابية " فهذه اللجان، لم يمنحها المشرع، الشخصية المعنوية ، إلا في حدود الاختصاصات التي توكل إليها بموجب لائحة النظام الأساسي ، وحظر المشرع عليها الانفراد بإبرام عقود العمل الجماعية ، وإلزامها بضرورة الاشتراك مع النقابة العامة " في إعداد مشروعات عقود العمل المشتركة " ، على أن تتولى النقابة ، إبرام العقد المشترك . 

وكذلك الأمر، بالنسبة لاتحادات النقابات ، فبالتنسيق بين أحكام قانون العمل ، وقانون النقابات العمالية ، يتضح أن الاتحاد العام للعمال، لا يمكنه أن يبرم عقد عمل مشترك ، فلقد أعطى القانون الحق للنقابات جميعاً أن تكون فيما بينها " اتحاداً عاماً للنقابات " ليقود الحركة النقابية ويرسم سياستها العامة ، فصار هذا الإتحاد بالضرورة، ممثلاً لمهن وصناعات متباينة ، بحيث لا يتوافر فيه شرط " تتمثل المهن أو الصناعات أو ترابطها "، الذي تتطلبه المادة 81 ليتسنى للإتحاد النقابي إبرام عقد عمل مشترك ومن ثم لا يتوافر للاتحاد العام، شرط من الشروط التي تتطلبها المادة 81 فيمن يجوز له الاشتراك في إبرام العقد المشترك ، وعلى الرغم من شذوذ هذه النتيجة إلا أنها النتيجة المنطقية لإعمال نصوص المواد أرقام 81 من القانون 137 لسنة 1981 و 16 و 17 من قانون النقابات 35 لسنة 1976، والتنسيق بين أحكام هذه المواد.

الأحكام

 1- مؤدى النص في المواد 152 ، 153 ، 158 ، 162 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أن اتفاقيات العمل الجماعية التي تعقد بين منظمات أصحاب الأعمال والمنظمات النقابية العمالية بشأن تحسين شروط وظروف العمل ، وبعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة أو الاتحاد العام لنقابات عمال مصر عليها ، ونشرها في الوقائع المصرية ملزمة لطرفيها ، ويتعين عليهما تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية .

( الطعن رقم 10508 لسنة 92 ق - جلسة 24 / 5 / 2023 )

2 ـ النص في المادة 152 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أن " اتفاقية العمل الجماعية هي اتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل، ويبرم بين منظمه أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية وبين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم." ومفاد ذلك أن هذه الاتفاقية تبرم برضاء أطرافها ولا يحتج بها إلا على من كان طرفا فيها.

( الطعن رقم 11580 لسنة 87 ق - جلسة 5/ 1 / 2020 )

 «عقد العمل المشترك ، هو إتفاق تنظم بمقتضاه شروط العمل بين نقابة أو أكثر من نقابات العمال . أو إتحاد نقابات العمال وبين واحد أو أكثر من أصحاب الأعمال الذين يستخدمون عمالاً ينتمون إلى تلك النقابات أو المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال ، و أنه يجب أن يكون بالكفاية و إلا كان باطلاً كما يجب أن يعرض على الجمعية العمومية للنقابة أو الإتحاد و أن يوافق عليه أغلبية الأعضاء ، و أنه لا يكون ملزماً إلا بعد تسجيله لدى الجهة الإدارية المختصة و نشر إعلان عن هذا التسجيل في الجريدة الرسمية يشتمل على ملخص لأحكام العقد ، و إذ كان بطلان العقد الذى يتقرر بنص قانونى إنما هو بطلان خاص يقرره الشارع لحكمة يتوخاها فيتبع في شأنه النص الذى قرره ، و لا يزال بإتفاق المتعاقدين على تعديل العقد طالما ظل سبب البطلان يلاحقه ، و إنما يبقى العقد الباطل على حاله و يبطل الإتفاق على تعديله ما إفتقد أحد شروط صحته كما أن إعتبار العقد ملزماً لعاقديه مرهون بحسب الأصل بإتجاه إرادتهما إلى إحداث أثر قانونى ، غير أنه إذا تطلب الشارع إلى جانب ذلك إجراء معيناً و لم يتوافر هذا الإجراء فإن العقد لا يكون ملزماً ». 

( الطعن رقم 715 لسنة 48 ق - جلسة 2/ 4/ 1984 )

4 ـ «تعتبر لائحة العمل الصحفى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عقد عمل مشترك وضعه مجلس النقابة بطريق التفويض من الشارع ذلك أن نقابة الصحفيين بحكم تكوينها الذى أضفاه عليها القانون رقم 10 لسنة 1941 الصادر بإنشائها قبل الغائه بالقانون رقم 185 لسنة 1955 كانت نقابة لها طابع مزدوج خاص لاتشاركها فيه أية نقابة أخرى إذ تجمع في تكوينها بين فريقى أصحاب الصحف ومحرريها وقد نظم المشرع طريقة إبرام العقد بينهما وشرط نفاذه - فإذا ما خول مجلس النقابة المكون من ممثلى الفريقين وضع قواعد عقد الاستخدام الصحفى وتم وضع هذا العقد فإنما يتم لا بوصفه تشريعا وإنما باعتباره عملاً إراديا صدر من فريقين بإرادة الممثل لهما - قدر الشارع أن هذا الممثل يهدف إلى رعاية صالحهما وهذا العمل الإرادى هو عقد مشترك بينهما وإن باشره ممثل واحد لهما بإرادة واحدة بما خوله الشارع له صراحة من سلطة النيابة عنهما . أما عبارة نص المادة 24 من القانون رقم 10 لسنة 1941 من أن "يضع مجلس النقابة لائحة بالقواعد الخاصة بعقد استخدام الصحفيين والتعويضات التى تستحق لهم عند فسخ العقد وفقا لأحكام القانون العام وكذلك القواعد التى يجب عليهم مزاولة مهنتهم طبقا لها وغير ذلك " فلا تتسع لأكثر من تخويل مجلس النقابة سلطة إبرام العقد بوضع أحكامه وشروطه وقواعده التى تسرى على جميع عقود الإستخدام الصحفى بحيث لايجوز الخروج عنها في العقود الفردية دون منح هذا المجلس سلطة التشريع والتقنين .» 

( الطعن رقم 324 لسنة 4 ق جلسة 29/ 1/ 1959 ) 

شرح خبراء القانون

لقد جاء النص أكثر دقة في الصياغة مما ورد في نص المادة 80 من القانون الملغى 137 لسنة 1981 حيث كانت تنص على الآتي: « أن عقد العمل الجماعي هو اتفاق تنظم بمقتضاه شروط العمل وظروفه بين منظمة نقابية أو أكثر او بين صاحب عمل أو أكثر أو من يستخدمون عمالاً ينتمون لتلك المنظمات أو منظمات أصحاب الأعمال بما يكفل شروطاً أو مزايا أو ظروفاً أفضل». 

وهذا الحكم لم يكن يثير لبساً وهو لا يختلف كثيراً عن حكم المادة 152 من القانون الحالي ، إنما يأتي اللبس في ظل القانون 137 لسنة 1981 من حكم الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 80 واللتان تقرران أنه يجوز لصاحب العمل أن ينيب عنه في إبرام العقد اتحاد الصناعات أو الغرفة التجارية أو أي منظمة ينتمي إليها، كما يجوز لمنظمات أصحاب الأعمال إبرام هذا العقد ممثلين لأصحاب الأعمال».   

ويتضح من نص الفقرتين المشار إليها أنها مأخوذتان من القانون 91 لسنة 1959 (المادة 89) ولكنهما يختلفان عن الحكم الوارد بالقانون 97 لسنة 1950 الذي ينظم أحكام عقد العمل المشترك: فوفقاً للمادة الأولى من القانون الأخير ، كان الطرف المقابل النقابات العمال في عقد العمل المشترك هو صاحب عمل أو عدة أصحاب أعمال وإلى هنا يتفق القانون 97 لسنة 1950 مع القانون 91 لسنة 1959 والقانون 137 لسنة 1981 ، لكن الإختلاف يبدو فيها أجازه القانون 137 لسنة 1981 م لصاحب العمل أو لأصحاب الأعمال في أن ينيب عنه في إبرام العقد الغرفة التجارية والصناعية التي ينتمي إليها ، فكانت الغرفة التجارية وفقاً لهذا النص مجرد وكيل عن صاحب أو أصحاب الأعمال فتسري على علاقتها بهؤلاء القواعد الخاصة بالوكالة ، وتظهر في العقد بصفتها وكيلاً لا أصيلاً لكن المشرع ذهب في القانون 91 لسنة 1959 أبعد من سابقه ، فقد أبقى على الغرفة التجارية والصناعية بإعتبارها وكيلاً عن أصحاب الأعمال في إبرام عقد العمل المشترك وبذلك أجاز القانون 91 لسنة 1959 أن يكون هناك شخصاً اعتبارياً (الغرفة التجارية والصناعية) وكيلاً عن أصحاب الأعمال في إبرام العقد المشترك ، مثلما فعل القانون 97 لسنة 1950 ، ولكن المشرع في القانون 91 لسنة 1959 أجاز - بالإضافة إلى ذلك - أن تكون المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال طرفاً أصيلاً في العقد المشترك ، وألا يقتصر دورها على مجرد الوكالة . 

فأصبحت المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال طرفة في عقد العمل المشترك ، ولا تقف مهمتها عند حدود الوكالة ، إلا إذا نص العقد صراحة على هذه الصفة التي لا تثبت لها إلا بتوكيل خاص ، وهي نفس الأحكام التي أخذ بها المشرع في القانون 137 لسنة 1981 (مادة 80). 

ولاشك أن التمثيل الجماعي لأصحاب الأعمال، أمر مرغوب فيه ، مما يساعد على تقبل أصحاب الأعمال لشروط العقد أكثر مما لو أبرم مع كل على انفراد ، مادام العقد شاملاً للجميع ، فلا يخشى أحدهم الانفراد بآثار العقد، وما قد يؤدي إليه من تأثير على تكاليف إنتاجه فضلاً عن أن المصلحة العامة تملي هذا التمثيل الجماعي ، حتی يؤدي التوحيد شروط العمل بالنسبة للعمال في المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة، وتحقيق قاعدة المساواة ، بالإضافة لسهولة رقابة التنفيذ بسبب سريان العقد على جميع عمال المهن المتماثلة أو المرتبطة . 

وبالإضافة لهذه الملاحظة الأولية، فإن نص المادة 80 من القانون 137 لسنة 1981 يدعو للقول مرة أخرى إن المشرع قد نقل أحكام القانون 97 لسنة 1950 دون تغيير إلى قانون العمل 91 لسنة 1959 ومنه إلى القانون 137 لسنة 1981 ، فجاءت أحكام عقد العمل الجماعي في هذا الأخير متناقضة مع أحكام قانون النقابات 35 لسنة 1976 م. 

ولذلك حرصت المادة 152 من القانون على تحديد أطراف اتفاق العمل الجماعي على النحو الذي أتت به لإزالة كل لبس عند التطبيق، ولنفس الهدف استبعد القانون نص المادة 81 من القانون 137 لسنة 1981 والذي كان يجري حكمه على النحو التالي: «إذا تعددت المنظمات النقابية التي تكون طرفاً في عقد العمل الجماعي وجب أن تكون ممثلة الصناعات أو مهن متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض أو مشتركة في إنتاج واحد) وهذا الحكم لم يعد له محل لا في ظل قانون النقابات 62 لسنة 1964 ولا في ظل قانون النقابات 35 لسنة 1976 حيث حظر المشرع في كلا التشريعين تكوين أكثر من نقابة واحدة لعمال المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة والتي تضمها مجموعة واحدة من المجموعات المحددة طبقاً لأحكام القانون كذلك فإن المشرع لم يسمح إلا بتكوين (اتحاد عام لنقابات العمال) دون أن يسمح بتعدد الإتحادات . 

ينتج عن ذلك أن حكم المادة 81 من القانون 137 لسنة 1981 الملغي والتي تفترض إمكانية تعدد النقابات؛ أصبح لغواً ولا محل له من التطبيق ، حيث نقل هذا الحكم عن قانون عقد العمل المشترك الذي كان مطبقاً في آن واحد مع القانون 319 لسنة  1952 المتعلق بالنقابات .

مفهوم اتفاق العمل الجماعي أو عقد العمل المشترك : 

لم يرد تعريف خاص لهذا الإتفاق في اتفاقية (حق التنظيم والمساواة الجماعية الدولية رقم 98 لسنة 1948 والتي أصدرتها منظمة العمل الدولية في عام 1949) ولكن أوضحت التوصية الدولية رقم 91 لسنة 1951 المقصود بالإتفاق المذكور بأنه : ” كل اتفاق تحریري بشأن ظروف العمل يبرم ما بين نقابة أو مجموعة نقابات عالية أو ممثلي العمال عند عدم وجود النقابات العالية وبين صاحب عمل أو أكثر أو منظماتهم وبشرط أن يكون الممثلون المنتخبون لهذا الغرض حاصلين على تفويض بإبرام هذا الإتفاق من العتال الناخبين المشمولين بالإتفاق وفقاً للتشريع الوطني وبشرط أن يكون هذا الإنتخاب حراً صحيحاً كما يجب أن تكون النقابات حرة غير خاضعة لأي قيود مالية أو غير مالية لأصحاب العمل“ .

كذلك لا يوجد في الإتفاقية العربية بشأن المفاوضات الجماعية رقم (11) لسنة 1979 تعریف أو تحديد لمعنی اتفاق العمل الجماعي . 

وبالرغم من أن تشريعات العمل الدولية أو العربية قد أشارت إلى اتفاق العمل الجماعي صراحة أو ضمناً من حيث الأهداف والنطاق والمضمون ولكنها اتفقت معظمها على أن الغرض الأساسي منه توطيد دعائم العلاقات الجماعية بين العمال وأصحاب العمل الحقيقيين أو الحكميين وإن اختلفت أحياناً من حيث المسمى التقليدي لهذا العقد فقد أطلق عليه في قانون العمل الموحد في مصر رقم (91) لسنة 1959م: [ عقد العمل المشترك ]، ثم في القانون رقم (12) لسنة 2003 م : [ عقود واتفاقيات العمل الجماعية ، وفي تونس [ عقد الشغل المشترك ] ، وفي المغرب [ الإتفاقية الجماعية للشغل ]، وفي موريتانيا [ اتفاق العمل الجماعي ]، وفي الجزائر [ الإتفاقية الجماعية للعمل ]، وفي العراق [ عقد العمل الجماعي ]. 

الحقيقة أن العبرة ليست بالألفاظ والمعاني ولكن العبرة بالمقاصد والمعاني، فإتفاقيات العمل الجماعية تبرم بين ممثلي شخص اعتباري غير رسمي عادة أسس لحماية المنتمين إليه من العمال وهو النقابة أو المنظمة النقابية وبين شخص حقیقی واحد أو أكثر من أصحاب العمل ، أو شخص حكمي أسس قبلهم لحماية مصالحهم أو شخص اعتباري رسمي كالإدارات والمؤسسات والمرافق الرسمية وشبه الرسمية أو الأشخاص المعنوية غير الرسمية كالشركات والجمعيات وغيرها ؛ من أجل رسم الخطوط الرئيسية للحقوق والواجبات المتبادلة بين العمال وأصحاب الأعمال الحقيقيين أو الحكميين حتى يسهل عليهم جميعاً تنظيم عقود العمل الفردية وحتى تزول أو تقل إلى أبعد الحدود منازعات العمل بسبب الإختلافات المحتملة على الأجور وأوقات العلم والراحة والأجازات وغيرها. 

ومن ثم فإن اتفاقات العمل الجماعية لا يمكن أن يوجد لها محل للتطبيق إلا على أساس إبرام وتطبيق عقود العمل الفردية ، ولا يمكن وجود مثل هذه العقود الفردية الرضائية الحرة والمبينة على أساس المساومة الفردية وقانون العرض والطلب في المجتمعات والمؤسسات الإشتراكية حيث لا يوجد عملية تناقض ما بين مصالح جميع العاملين فيها لأنهم جميعاً عمال يعملون بأجر لمصلحة المجتمع حقيقة أو حكماً . 

نخلص من ذلك إلى القول بأن مفهوم اتفاق العمل الجماعي بات واضحاً من حيث الأساس والعموم ، فإن هذا الإتفاق وإن اختلفت التشريعات الدولية في مدى تطبيقه وشموله و موضوعاته وحتى في بعض أهدافه أخذ ينتشر انتشاراً سريعاً في جميع المجتمعات والدول الصناعية الكبرى بل في الدول النامية في بعض الدول العربية.

 أطراف وموضوعات وتكوين اتفاق العمل الجماعي : 

إن الأطراف عادة هم : 

1) ممثلو النقابات العمالية سواء على صعيد المنشآت أو الصناعة أو المجتمع ككل.

2) ممثلو منظمات أصحاب الأعمال الموجودة أو صاحب عمل أو عدة أصحاب عمل. 

- ويتشرط لإبرام الإتفاق أن تتوفر في القائمين به الأهلية القانونية الكاملة اللازمة الصحة الإلتزام بها ينص عليه من التزامات وفق القواعد القانونية للعمل وأن يتم تمثيل طرفي الإتفاق أو أحدهما أحياناً وفق القواعد القانونية المقررة ، كما يشترط أن يوجد في القانون أو في النظام الداخلي للنقابات والمنظمات ذات العلاقة نص صريح أو ضمني بجواز إبرام مثل هذا الإتفاق أو يوجد تخويل الممثلي العتال وأصحاب العمل من الهيئات العامة المنظماتهم أو تجمعاتهم بإجراء وإبرام هذا الإتفاق بالنيابة عنهم. 

- يشترط أيضاً أن ينصب هذا الإتفاق على شروط وظروف العمل وتنظيم العلاقات والروابط المهنية العامة بين العمال وأصحاب العمل أو الجهة التي يعملون لها وكذلك كيفية تفسير الغموض في نصوصها وعدم اللجوء إلى الإضراب أو الغلق أثناء سريانها .

- کما یشترط ألا تكون الشروط في هذه الإتفاقيات مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة أو القوانين والأنظمة الوضعية إلا إذا كانت المخالفة لصالح العمل. 

- تتضمن عادة تشريعات العمل أحكاماً معينة لشكليات وإجراءات اتفاقيات العمل الجماعية ، من أهمها :

1- أن يكون الإتفاق تحريرية للتثبيت من الشروط المتفق عليها. 

2- عرض الإتفاق للموافقة عليه على الهيئات العامة أو مجالس إدارة النقابات أو الإتحادات بأغلبية معينة.

3- أن يقيد أو يسجل الإتفاق لدى جهة رسمية كدليل على المصادقة ولتثبيت مضمونه.

4- أن تحدد مدة معينة لهذا الإتفاق قابلة أو غير قابلة للتجديد بحسب التشريعات المختلفة وبحسب رغبة الأطراف حول ذلك ، ويمكن أن يحدد مدة الإتفاق بإنجاز مشروع معين وتتجه أغلب التشريعات على ضرورة تحديد مدة الإتفاق حتى يسهل المفاوضة حول شروط هذا الإتفاق في حالة تغير الظروف الإقتصادية والإجتماعية والتي على ضوئها إبرام هذا الإتفاق وإلا سوف تجدد منازعات العمل الجماعية في حالة عقد هذا الإتفاق لمدة غير محددة في ظل المتغيرات الإقتصادية والإجتماعية كتقلبات الأسعار وتكاليف المعيشة ووسائل ومواد العمل والراحة الصحة والسلامة المهنية. 

خصائص وطبيعة اتفاق العمل الجماعي : 

لقد دار نقاش حاد ومازال يدور مثله حول وصف هذا الإتفاق من أجل تحديد مركزه القانوني ومعرفة موقعه في مجال العائلة القانونية. واعتبر القانونيون هذا الإتفاق في بداية ظهوره في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين عقدة من العقود الخاصة وكان مبدأ انتشار لحرية التعاقد يدعم صحة هذا الرأي ولكن تبين بالبحث والتقصي لدى الآخرين بأن هذا الإتفاق يختلف عن العقد في كثير من الأمور التي تحدد خصائصه ، منها : 

1) أن هذا الإتفاق لا ينتج آثاره القانونية بعد إبرامه مباشرة كما هو الحال في العقود الخاصة. 

2) ليس هناك إلزام على عدم تنفيذ أحكام هذا الإتفاق مباشرة ، إذ ليست النقابة ملزمة بإجبار العمال على الاشتغال لدى أصحاب الأعمال المشمولين به كما لا يلزم أن يجبر أصحاب الأعمال بتشغيل العمال إذا كانوا جميعاً مشمولين بنصوصه ولكن يلزم العامل وصاحب العمل المشمولين بالإتفاق المذكور بالإلتزام بأحكامه في حالة إبرام عقد عمل فردي بينها بألا تخالف نصوص هذا العقد قواعد وأحكام هذا الإتفاق الجماعي ، ومعنى ذلك أن تنفيذ اتفاق العمل الجماعي لا يتحقق إلا عند إبرام عقود عمل فردية. 

3) يسري مفعول إتفاق العمل الجماعي على غير المتفقين أو حتى على غير المشمولين به حين الإتفاق وإنما قد يسري على آخرين وتتعدى آثاره إلى غيرهم بعد إبرامه في حالة الانضمام إلى دائرة شموله بإعلان الموافقة عليه والإلتزام بنصوصه أو الإنضمام إلى المنظمات النقابية المشمولة به وهذا ما يخالف مبدأ سريان العقود الخاصة ومنها الفردية ، إذ لا تسري هذه العقود عادة إلا على المتعاقدين ولا تتعدى آثارها غيرهم إعمالاً لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين .

4) حاول أنصار عقد العمل الجماعي التوفيق ما بين حصر سريان العقود على المتعاقدين وبين سعة شمول اتفاق العمل الجماعي لغير المتفقين أو المشمولين به ابتداء بمبررات عديدة ، أهمها : 

- قد يقال إن المنظمات المهنية هي وكيلة عن العمال الذين يشملهم الإتفاق ولكن هذه المنظمات تبرم اتفاقيات العمل الجماعية باسمها لا بحسب وكالتها عن أعضائها ، وتبقی مسئولة عن تنفيذ أحكامها ، ولها أن تقاضي من يخالفها في حين من المعروف اختفاء شخصية الوكيل بعد إبرام العقد - أي عند تنفيذه - الأمر الذي لا يصح معه القول بوجود الوكالة المزعومة . 

- قد يقال بأن النقابة حين تبرم هذا الإتفاق إنها تبرمه لصالحها وأعضائها ولصالح الغير أيضاً ، ولذا فتطبق على هذا الإتفاق بالنسبة لهذا الغير قواعد قد الإشتراط لمصلحة الغير ، ولكن يؤخذ على ذلك أن الاشتراط لمصلحة الغير يولد حقوقاً للغير فقط ، ولكن في اتفاق العمل الجماعي فإنه يولد حقوقاً للغير ويضع عليه واجبات في مجالا لشغل معاً ، ثم إن هذا الغير الذي أبرم عقد الإشتراط لمصلحته من حقه أن يرفض هذا الاشتراط لمصلحته طبقاً للقواعد العامة ، ولكن في اتفاق العمل الجماعي لا يستطيع المشترط لمصلحته أن يرفض تنفيذ هذا الإتفاق . 

- أن العقد يولد مرکزاً قانونياً شخصياً فردياً ، بينما الإتفاق الجماعي ولد مرکزاً قانونياً موضوعياً وجماعياً ، وأن له في الواقع صفة النظام الجماعي للمشمولين به .

- الأصل أن العقد تترتب آثاره مباشرة بعد إبرامه عادة ولأطرافه الحق في المطالبة بتنفيذه حالاً إذا لم يوجد شرط بخلاف ذلك ، بينما اتفاق العمل الجماعي لا تترتب آثاره عادة إلا بعد إبرام عقود العمل الفردية ولذا يرى كثير من الفقهاء بأن اتفاق العمل الجماعي ليس إلا نظام ينظم قواعد المهنة ، ويستدلون على ذلك بالآتي : 

  • أن النقابات الموقعة على هذه الإتفاقيات الجماعية هي ممثلة للمهنة ولمن يمارس النشاط الإقتصادي عادة في معنى القانون العام وليست وكيلة عنهم. 
  • يطبق الإتفاق الجماعي ويسري على غير أطرافه مما يؤید صفته الجماعية.

- أن عدم إمكان مخالفته بأقل مما جاء فيه من حقوق للعمال وبأكثر مما جاء فيه من واجبات عليهم يفسر بكونه من القواعد العامة الآمرة وليس من القواعد المدنية التي تحكم العقد الإعتيادي وبناء على ذلك يؤكد هؤلاء الصفة القانونية العامة الإتفاق العمل الجماعي لأنه نظام تنظيمي يخضع للقانون العام وأنه يشبه إلى حد و ما القانون بطريقة تكوينه عن طريق التمثيل العام وبطريقة أساس تكوينه عن طريق النص والتفويض وبطريقة تسجيله ونشره وبكونه يتضمن القواعد الآمرة التي لا يجوز الإتفاق على مخالفتها ، وهذه كلها أمور بعيدة كل البعد عن العقود الإعتيادية في مجال التعامل الفردي .

- ويوجد فقهاء آخرون - وفي مقدمتهم الفقيه (بول دوغان) من فقهاء قانون العمل وكان رئيس الجمعية الدولية لقانون العمل والضمان الإجتماعي - يعتقدون بأن هذا الإتفاق الجماعي صفة العقد وصفة النظام التنظيمي في آن واحد ولكنه ليس بعقد كله ولا بقانون المهنة جملة غير أنه يجمع بين الصفتين في آن واحد للأسباب الآتية :

1- أن من مقدماته المساومة والمفاوضة الجماعية التي ينظر منها إلى مصالح أصحاب العمل والعمال الفردية ، الأمر الذي يعتبر من أسس العقود الإعتيادية. 

2- صحيح أن تنظيم النشاط المهني هو أهم ما في مضمون الإتفاق الجماعي ولكن ليس هو كل شيء فيه ، وإنما توجد فيه حقوق والتزامات تترتب على عدم تنفيذها وآرائها المسئولية التعاقدية التي هي من النتائج الطبيعية للعقود الإعتيادية. 

3 - يسري مفعول الإتفاق الجماعي على الغير ، وأنه لا يمكن الإتفاق على ما يخافه وبذلك فإن أحكامه وقواعده تشبه قواعد وأحكام القوانين العامة الآمرة التي لا يمكن الإتفاق على مخالفتها . 

آثار اتفاق العمل الجماعي : 

أولاً : الآثار القانونية :

(1) أن اتفاق العمل الجماعي ملزم لأطرافه أولاً ، وقد وضعت التشريعات العالية جزاءً قانونياً على مخالفته ، إضافة لما في نفس الإتفاق من نصوص في هذا الشأن تعطي للمتضرر حق المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن مخالفة أي حكم من أحكامه أمام المحاكم المختصة. 

(2) يسري مفعول هذا الإتفاق بالإضافة إلى العمال وأصحاب الأعمال المشمولين به وقت إبرامه على عمال النقابات العمالية التي تنضم إليه لاحقاً ، وكذلك على أصحاب الأعمال الذين ينضمون إليه في وقت لاحق . 

(3) تنص بعض التشريعات العالية على أن يشمل هذا الإتفاق الجماعي جميع عمال المنشأة حتى غير المنضمين إلى النقابة العالية التي أبرمت هذا الإتفاق بشرط أن يبلغ عدد العمال المنضمين إلى هذه النقابة حداً معيناً، ومن هنا تبرز صفة الالتزام الآمرة في هذا الإتفاق منذ انعقاده . 

(4) أما من حيث انتهاء سريانه فإن هذا الإتفاق لا ينتهي مفعوله بتبديل أو موت صاحب العمل أو العامل أو تغيير أو حل المنظمة النقابية بل تبقى أحكامه سارية المفعول طوال مدته ، ولكن قد يوجد نص قانوني أو اتفاقي على جواز إنهائه أو تعديله بعد فترة معينة أو عند تبدل الظروف والأحوال مما يؤثر تأثيراً كبيراً على تنفيذه بنفس الأحكام الأصلية كإرتفاع الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة . 

(5) لا تنتهي عقود العمل الفردية النافذة بانتهاء مدة عقد العمل الجماعي بل تبقى نافذة المفعول إلى نهاية مدتها المشروطة إذا كانت لها مدة محددة ، أما إذا كانت غير محددة المدة وانتهى مفعول اتفاق العمل الجماعي الذي أبرمت هي على ضوئه فتبقى أيضاً نافذة المفعول بحسب القواعد القانونية العامة أو الخاصة إن وجدت . 

(6) عند مخالفة نصوص اتفاق العمل الجماعي يجوز للنقابات والمنظمات المهنية ذات العلاقة أن تقيم الدعاوى وتطالب المخالفين باسمها أمام الجهات الرسمية المختصة بالحقوق المترتبة قانوناً أو اتفاقاً على هذه المخالفة لمصلحة أعضائها المتضررین نیابة عنهم من دون حاجة إلى توكيل رسمي لأنها طرف في النزاع ونائبة عنهم حقيقة أو حكماً قبل ومنذ إبرام الإتفاق علماً بأنه يجوز قانوناً للأعضاء المتضررين أن يتدخلوا في نفس الدعاوی بعد إقامتها بشأن حقوقهم. 

ثانياً : الآثار الإجتماعية والإقتصادية : 

إن النقابات العمالية هي أقدر من غيرها على البحث والتحري عن مشاكل أعضائها وظروفهم وحاجاتهم ووضع الحلول والوسائل اللازمة لها ، ولذا يكون سعي النقابات في إبرام اتفاقات العمل الجماعية وفي تطبيقها سعياً مفيداً بصورة شاملة وعامة لأنه يضمن في معظم الأحيان تحقيق الكثير من المطالب للعمال أولاً ، ولأصحاب العمل ثانياً ، وللمجتمع ثالثاً .. ثم ترفع هذه المنظمات عن كاهل السلطات الرسمية أعباء الانشغال بالمشاكل العالية ويفسح لها المجال للإنصراف إلى تطوير وتحسين الشئون العامة الأخرى .. ولذلك فإن مدى ومضمون اتفاق العمل الجماعي يتقلص وينكمش كلما أسرف المشرع في وضع القواعد التفصيلية الكثيرة التي تحدد ظروف وواجبات وحقوق وشئون العمال وأصحاب العمل تجاه بعضهم البعض وتجاه المجتمع . 

إن اتفاقيات العمل الجماعية تضمن للعمال خاصة عن طريق منظماتهم الحماية المهنية في مجال ممارسة العمل لأن هذه المنظمات العالية تستطيع بقوتها الجماعية أن تقف وتصمد أمام أصحاب العمل الأقوياء اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً في المفاوضات والمساومات الجماعية ، وتحصل منهم لعيالها على الشروط والظروف الأفضل في ممارسة العمل والحياة العامة ، وبذلك يصبح هؤلاء العمال مطمئنين ومستقرين في حياتهم الإنتاجية .  

كما أن هذه الإتفاقات تقضي من ناحية ثانية على احتمال وجود المنافسة بين العمال أنفسهم عند البطالة نتيجة تزاحمهم على العمل و احتمال قبول العمل بشروط أدني وهي من باب آخر تحقق الإستقرار والاطمئنان في نفوس وقلوب أصحاب العمل وتقرب بينهم بإزالة أسباب المنافسة والمزاحمة على الأيدي العاملة حيث تكون علاقتهم مع العتال مبنية وقائمة على أسس وقواعد هذه الإتفاقات والتي تطبق على الجميع . 

إن استقرار علاقات العمل وانعدام المنازعات العالية سوف يؤدي إلى استقرار الأحوال والظروف في المجال الاقتصادي وإلى مضاعفة درجة التطوير وتحسين وسائله ثم التوسع في الإبداع والإبتكار وتوسيع مجالات الإستثمار والإستخدام ، مما يؤدي إلى رفاهية المجتمع .

الخلاصة :

أن لهذه الإتفاقيات الجماعية ضرورات ، كما أن لها فوائد نظراً لأهميتها وآثارها الإقتصادية والإجتماعية وحتى السياسية في المجتمعات المختلفة على اختلاف الأصعدة والمستويات لاسيما في المجتمعات النامية التي تتطلب تكاتف وتضامن جميع أفراد القوى العاملة في مجال النشاط الإقتصادي من أجل مضاعفة الإنتاج الوطني والدخل الوطني والفردي وتحقيق الرفاهية الإجتماعية قاطبة . 

المشاكل التطبيقية لإتفاق العمل الجماعي وتسوية المنازعات بشأنه :  

قد تحدث مشاكل طارئة بين العمال وأصحاب العمل أثناء تطبيق بنود اتفاق العمل الجماعي تثير بعض المنازعات بينهما، ومن أهم هذه المشاكل تقلبات الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة التي تختلف بسببها مستويات الأجور الحقيقية المتفق عليها ولغرض تلافي وحل هذه المشاكل تنص بعض الإتفاقيات على اتباع وسائل وإجراءات وطرق معينة عند حدوث هذه المشاكل عن طريق لجان مخصوصة تكون لهذا الغرض وإما عن طريق لجان التوفيق والمصالحة والتحكيم المنصوص عليها بقوانين العمل عادة لحسم منازعات العمل الجماعية . 

وقد تفرض قوانين العمل الجزاءات الرادعة على مخالفة أحكام هذا الإتفاق وربما يلجأ أحد الأطراف إلى الإضراب عند عدم وجود نصوص قانونية وتشريعية آمرة بإحالة النزاع إلى جهة معينة.. ولم يرد في الإتفاقية الدولية بخصوص المفاوضة الجماعية أي نص على أسلوب حسم النزاع ولكن نصت لجنة النقل الداخلي التابعة لمنظمة العمل الدولية في قرارها بشأن العلاقات الصناعية لسنة 1947 على أن : «كل المنازعات الفردية والجماعية الناشئة عن تفسير الإتفاقات الجماعية أو تطبيقها يجب أن تحال إلى هيئة مسئولة لدى الطرفين ويجب أن تكون هناك وسائل فعالة وناجزة للحصول بهذه الوسائل إلى نتيجة نهائية» .  

وقد نصت الإتفاقية العربية بشأن المفاوضة الجماعية رقم (11) لسنة 1979 على أنه : «مع عدم الإخلال باتفاقيات العمل الجماعية ؛ ينظم التشريع كيفية فض المنازعات الناشئة عن تفسيرها.. كما ينظم كيفية تعديلها أو تجديدها أو انقضائها». (راجع الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 463)

النصوص المقابلة: 

. تقابل المادتين 80 و 85 من القانون رقم 137 لسنة 1981كما تقابل المادتين 89/ 95 من قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959.

عرفت المادة (152) من قانون العمل الجديد اتفاقية العمل الجماعية بأنها «اتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل ويبرم بين منظمة أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية وبين صاحب عمل أو مجموعة أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم». 

فمن هذا التعريف التشريعي نستطيع أن نستخلص خصائص اتفاقية العمل الجماعية فمن الواضح أن لهذا الاتفاق طبيعة تعاقدية تقتضي توافق إرادات الأطراف المعنية (المنظمات النقابية العمالية وأصحاب الأعمال أو منظماتهم) فلهذا الإتفاق صبغة جماعية على الأقل من جانب العمال حيث يتم تمثيلهم عن طريق «منظمة أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية» بينما لا تتطلب الصفة الجماعية في جانب أصحاب الأعمال فيجوز لصاحب عمل واحد أن يبرم إتفاقية عمل جماعية مع عمال مؤسسة وإن كان ليس ثمة ما يمنع من أن تتوافر الصبغة الجماعية في جانب أصحاب الأعمال أيضاً إذا تم إبرام إتفاقية العمل الجماعية بواسطة «مجموعة أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم». 

أما عن موضوع اتفاقية العمل الجماعي فهو تنظيم علاقات العمل سواء ما تعلق بعقد العمل الفردي (كبيان الشروط الواجب توافرها واحترامها عند إبرام تلك العقود) أو ما يجاوز أحكام عقد العمل الفردي (كتعهد صاحب العمل بإدخال بعض الإصلاحات الصحية أو الاجتماعية في منشأة العمل أو تنظيم الإجراءات وبيان كيفية تشكيل اللجان المختصة بتسوية منازعات العمل). 

عدم جواز الإنابة في إبرام اتفاقية العمل الجماعية:

كان نص المادة 80 من القانون رقم 137/ 1981 قد أجاز لصاحب العمل أن ينيب عنه في إبرام عقد العمل المشترك (اتفاقية العمل الجماعية) إتحاد الصناعات أو الغرفة التجارية أو أية منظمة أخري ينتمي إليها، لما كانت تجيز لمنظمات أصحاب الأعمال إبرام هذا العقد بصفتهم ممثلين لأصحاب الأعمال. 

وقد أغفل النص الجديد هذه الأحكام عمداً وجاء في المذكرة الإيضاحية تبريراً لذلك أن تطبيق الفقرتين الأخيرتين من المادة 80 الملغاة كان مدعاة للبس عند التطبيق إذ يتضح من نص الفقرتين المشار إليهما أنهما مأخوذتان من القانون رقم 91 لسنة 1959 (المادة 89) ولكنهما يختلفان عن الأحكام الواردة بالقانون رقم 97 لسنة 1950 الذي ينظم أحكام عقد العمل المشترك. فوفقاً للمادة الأولى من القانون الأخير كان المقابل لنقابات العمال في عقد العمل هو صاحب عمل أو عدة أصحاب أعمال وإلى هنا يتفق القانون 97 لسنة 1950 مع القانون 91 لسنة 1959 والقانون 137 لسنة 1981 لكن الإختلاف، يبدو فيما أجازه القانون القديم، لصاحب العمل أو لأصحاب الأعمال في أن ينيب عنه في إبرام العقد الغرفة التجارية والصناعية التي ينتمي إليها» فكانت الغرفة التجارية، وفقاً لهذا النص «مجرد وكيل عن صاحب أو أصحاب الأعمال» فتسري على علاقتها بهؤلاء القواعد الخاصة بالوكالة، وتظهر في العقد بصفتها وكيلاً لا أصيلاً. لكن المشرع، ذهب في القانون 91 لسنة 1959. أبعد من سابقه. فقد أبقى على الغرفة التجارية الصناعية، باعتبارها وكيلاً عن أصحاب الأعمال في إبرام عقد العمل المشترك. وبذلك أجاز القانون 91 لسنة 1959 أن يكون هناك شخصاً إعتبارياً (الغرفة التجارية والصناعية) وكيلاً عن أصحاب الأعمال في إبرام العقد المشترك. مثلما فعل القانون 97 لسنة 1950، ولكن المشرع في القانون 91 لسنة 1959 أجاز، بالإضافة إلى ذلك، أن تكون «المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال» طرفاً أصيلاً في العقد المشترك، وأن لا يقتصر دورها على مجرد الوكالة. 

فأصبحت المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال طرفاً في عقد العمل المشترك. ولا تقف مهمتها عند حدود الوكالة، إلا إذا نص العقد صراحة على هذه الصفة التي لا تثبت لها إلا بتوكيل خاص، وهي نفس الأحكام التي أخذ بها المشرع في القانون رقم 137 لسنة 1981 (مادة 80). 

ولا شك أن التمثيل الجماعي لأصحاب الأعمال، أمر مرغوب فيه، حتى يشمل العقد، المحال المختلفة المتنافسة. مما يساعد على تقبل أصحاب الأعمال لشروط العقد، أكثر مما لو أبرم مع كلاً منهم على انفراد ما دام العقد شاملاً للجميع فلا يخشى أحدهم الانفراد بآثار العقد. وما قد يؤدي إليه من تأثير على تكاليف إنتاجه. فضلاً عن أن المصلحة العامة، تملي هذا التمثيل الجماعي، حتى يؤدي لتوحيد شروط العمل بالنسبة للعمال في المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة وتحقيق قاعدة المساواة بالإضافة لسهولة رقابة التنفيذ بسبب سريان العقد على جميع عمال المهن المتماثلة أو المرتبطة. 

وبالإضافة لهذه الملاحظة الأولية، فإن نص المادة 80 من القانون رقم 137 لسنة 1981 يدعو للقول مرة أخرى أن المشرع قد نقل أحكام القانون رقم 97 لسنة 1950 دون تغيير، إلى قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، ومنه إلى القانون رقم 137 لسنة 1981، فجاءت أحكام عقد العمل الجماعي، في هذا الأخير متناقضة مع أحكام قانون النقابات رقم 35 لسنة 1976. 

ولذلك حرصت المادة 152 من المشروع على تحديد أطراف اتفاق العمل الجماعي على النحو الذي أتت به لإزالة كل لبس عند التطبيق ولنفس الهدف استبعد المشرع نص المادة 81 من القانون رقم 137 لسنة 1981 والذي كان يجري على أنه إذا تعددت المنظمات النقابية التي تكون طرفاً في عقد العمل الجماعي وجب أن تكون ممثلة لصناعات أو مهن متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض مشتركة في إنتاج واحد.

وتفصيل ذلك، أن المادة 81 من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 تطلبت في حالة تعدد النقابات التي تكون طرفاً في عقد العمل الجماعي، «ممثلة لصناعات أو مهن متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض أو مشترك في إنتاج واحد، يفهم من ذلك، أنه، وحتى يطبق هذا النص، إمكانية تعدد النقابات الممثلة المهنة أو صناعة واحدة، أو تعدد النقابات الممثلة «لمهن أو صناعات متماثلة أو مرتبطة» ولقد كانت تلك النتيجة متصورة في ظل قانون النقابات رقم 319 لسنة 1952، والذي كان يجيز تعدد النقابات الممثلة لعمال «المهنة أو الصناعة الواحدة في إقليم الدولة» ولم يمنع التعدد إلا في البلد الواحد» وكان يجوز، من ثم، أن تتعدد نقابات المهنة أو الصناعة الواحدة في البلاد المختلفة وأن تتعدد في البلدة الواحدة، نقابات المهن أو الصناعات المتماثلة أو المرتبطة وأن تتعدد نتيجة لذلك، إتحادات النقابات أو الصناعة الواحدة، أو المهن أو الصناعات المتماثلة أو المرتبطة. 

لذلك نص قانون عقد العمل المشترك رقم 85 لسنة 1942 في مادته الثانية على وجوب أن تكون النقابات أو الإتحادات التي تدخل طرفا في العقد المشترك ممثلة لصناعة أو لمهنة واحدة أو صناعات أو مهن أو حرف متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض وهذا الحكم لم يعدله محل لا في ظل قانون النقابات رقم 62 لسنة 1964 ولا في ظل قانون النقابات رقم 35 لسنة 1976 حيث حظر المشرع في كلا التشريعين تكوين أكثر من نقابة واحدة لعمال المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة والتي تضمها مجموعة واحدة من المجموعات المحددة طبقاً لأحكام القانون .

العقد الجماعي والاتفاقية الجماعية: 

والعقد الجماعي والاتفاقية الجماعية بمعنى واحد، ويستعمل الفقه الفرنسي دائماً التعبير الأخير وبعض الشراح يستخدمون لفظ  أيضاً للدلالة على معنى العقد أو الإتفاقية المشتركة. 

والتشريع الفرنسي أشار إلى عقد العمل المشترك منذ صدور قانون 23 مارس 1919 ويعرفه بأنه الإتفاق الذي يبرم بين صاحب عمل أو منظمة أصحاب أعمال وبين نقابة أو أكثر من نقابات العمال بقصد تنظيم أو تطوير شروط العمل أو ظروفه. 

وعقد العمل المشترك هو وليد نظام المفاوضة الجماعية التي يكون لها أهداف قانونية  واقتصادية واجتماعية ويلاحظ أن التعريف الفرنسي وكذلك الأهداف الإجتماعية والإقتصادية والقانونية التي أشار إليها الفقه الفرنسي نفسها التي يؤكدها التشريع والفقه في مصر وذلك منذ صدور أول قانون يشير إلى عقد العمل المشترك وهو المرسوم 319 سنة 1952 بل ويمكن أن نضيف أيضاً هدفاً سياسياً من وراء المفاوضة الجماعية نظراً للارتباط الوثيق بين نشاط النقابات وكل من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. 

 الإتفاقية الجماعية وعقد العمل الفردي : 

تختلف الإتفاقية الجماعية عن عقد العمل الفردي من أن هذا الأخير يترتب عليه قيام علاقة بين صاحب العمل والعامل بموجبها يخضع العامل الأوامر صاحب العمل ويلتزم بأداء العمل ويتمتع صاحب العمل بسلطة التوجيه والإشراف (نتيجة قيام علاقة التبعية) ويلتزم بأداء الأجر أما إتفاقية العمل الجماعي فلا تقيم علاقة مباشرة بين صاحب العمل والعامل بل تبين القواعد التي على أساسها يتعين إبرام عقود العمل الفردية ومن هنا يتعين أن تخضع عقود العمل الفردية فيما تحويه من شروط للأحكام الواردة بإتفاقية العمل الجماعي ويجب إحترام التدرج القانوني بحيث يخضع المصدر القانوني الأدنى (عقد العمل الفردي) للمصدر القانوني الأعلى (إتفاقية العمل الجماعي) مع الأخذ في الإعتبار بالطبيعة الإجتماعي لقانون العمل والسماح بالخروج على إحترام هذا التدرج كلما كان في ذلك تحقيق لمصلحة العامل (الشرط الأكثر فائدة للعامل). 

الطبيعة القانونية لإتفاقية العمل الجماعي :  

إختلف في الطبيعة القانونية لعقد العمل المشترك نظراً للصيغة الجماعية التي يتميز بها، فذهب البعض إلى أنه يتم بتفويض ض مني من جانب العمال للمنظمة النقابية الممثلة لهم ولهذا فإن مصدر إلزامه بالنسبة للعمال هو تلك الوكالة الضمنية ، وقيل في نقد هذا الرأي أن الوكالة عقد يتم بإرادة طرفية ولا يمكن أن تفترض فضلاً عن أنه إذا جاز تطبيق العقد المشترك على العمال الموجودين بالخدمة طبقاً لهذه الوكالة المفترضة فإن ذلك لا يجوز بالنسبة لمن يعين مستقبلاً ، وذهب رأي إلى أن مصدر إلزام العقد المشترك للعمال الفكرة اللائحية فالعقد بمثابة لائحة أبرمتها المنظمة النقابية الممثلة للعمال وبالتالي فهي تصبح جزءاً متمماً لعقود العمال . 

وقيل في نقد هذا الرأي ما قيل في نقد النظرية اللائحية كأساس السلطة صاحب العمل في التأديب وقيل أن العقد المشترك ذو طبيعة خاصة فهو كالعقد الفردي ولكنه ينشئ نظاماً يوجب على العمال إتباعه ، وهذا الرأي لا يفسر من أين يستمد العقد مصدر إلزامه وقيل أن العقد المشترك مصدر إلزامه القانون نفسه وهذا القول غير مانع لأن مصدر إلزام العقد الفردي هو القانون أيضاً . 

لا يسعنا أن نؤيد أيا من الأراء السابقة ونرى أن يعرض العقد الجماعي على الجمعية العمومية للمنظمة النقابية (سواء كانت لجنة نقابية أو نقابة عامة أو الإتحاد العام لنقابات العمال) فإذا أقرته بأغلبية الثلثين أصبح مصدر الزامه عقد العمل الفردي أو علاقة العمل الشفوية التي إنخرط بمقتضاها العامل في المنشأة فإكتسيب صفة العامل وإكتسب نتيجة لذلك صفة العضوية بالجمعية العمومية للجنة النقابية ، أما بالنسبة للعمال الذين يعينون بعد إبرام العقد الجماعي فنرى ضرورة عرضه عليهم شأنه شأن لائحة العمل بحيث يكون توقيعهم على العقد الفردي قبولاً لهذا العقد المشترك أو الإتفاقية الجماعية تسري على الخلف لأي من طرفيه وهو ما أشارت إليه المادة 145 مدني ورددته المادة التاسعة الحالية فإذا صفيت المنظمة النقابية أو حلت فإن المنظمة التي آلت أموالها تصبح خلفة قانونية لها وتتحمل التزامات العقد الجماعي كما تتمتع بالحقوق الواردة فيه بالنسبة لأعضائها من العمال المكونين لجمعيتها العمومية . 

كذلك تسري أحكام العقد الجماعي بطريق الإذعان على العمال الذين لا يكونون وقت إبرامه منضمين للمنظمة النقابية التي أبرمته أو التي إنضمت إليه فيما بعد مع ملاحظة ما ذكرناه من ضرورة عرضه عليهم شأنه شأن لائحة العمل وسواء بالنسبة للعمال أعضاء الجمعية العمومية للمنظمة النقابية الذين كانوا في الخدمة وقت إبرام العقد الجماعي أو أولئك الذين عينوا بعد إبرامه فإن هؤلاء وأولئك تسري عليهم أحكامه حتى ولو إستقالوا من عضوية الجمعية العمومية أو إنسحبوا منها قبل إنتهاء مدة العقد . (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث، صفحة 36)

عقد العمل الجماعي أو اتفاقيات العمل الجماعية:

هو اتفاق تنظم بمقتضاه شروط العمل وظروفه وأحكام التشغيل بين منظمة نقابية عمالية أو أكثر وبين صاحب العمل أو أكثر أو ممن يستخدمون عمالاً ينتمون إلى تلك المنظمات أو منظمات أصحاب الأعمال.  

وبالرغم من أن عقود العمل الجماعية تقوم على أساس سلطان الإرادة وتعتبر اتفاقاً إلا أنها تعتبر مصدراً متميزاً، فهي لا تتم بين أفراد وإنما بين ممثلى العمال وأصحاب الأعمال ولكنها تعتبر ملزمة وسارية بالنسبة لكل عقد فردي على حدة، فالعبرة بالإرادة الجماعية، وبهذا نوجد بصدد قانون اتفاق إلى جانب القانون الصادر من سلطة الدولة، فهو قانون يقوم بناء على التفاوض بين ممثلي العمال وأصحاب الأعمال.

ولقد انتشرت في الوقت الحاضر هذه العقود، فأطراف العقد أقدر من غيرهم على التوصل إلى أفضل تنظيم لعلاقاتهم، فهي تفضل التشريع في أنها تتمتع بطابع واقعی ومتنوع بحسب الحرف والمناطق. . 

وتساهم هذه العقود في تكوين القانون الاجتماعي بصفة عامة، حيث تقرر حقوقاً لم يقررها المشرع العمال. 

أما لائحة تنظيم العمل والجزاءات التأديبية: فالمشرع يلزم صاحب العمل بإعدادها وإعلانها في مكان ظاهر، وهذه اللائحة تصدر بالإرادة المنفردة لصاحب العمل، وتتضمن اللائحة نظام العمل وقواعده ونظام السلامة المهنية وجزاء مخالفة هذه القواعد.

وتلعب هذه اللوائح دوراً هاماً في تحديد حقوق وواجبات العمال، فالفصل لا يسمح به المشرع إلا إذا ارتكب العامل خطأ جسيماً ومن قبيل ذلك الإخلال بالالتزامات الجوهرية، وتحديد هذه الالتزام الجوهرية يكون عادة بالرجوع إلى لائحة العمل حيث تتضمن بيانا لها.

ولقد أثير الخلاف حول طبيعة هذه الوسائل فبعض الفقه يعتبرها من مظاهر المصادر الحرفية لقانون العمل على أساس السلطة اللائحية للجهات التي تقوم بإصدارها، ويرى جانب آخر من الفقه والقضاء الفرنسي ربط هذه النظم بفكرة العقد لينكر وجود المصدر الحرفي المستقل، وسوف ندرس فيما بعد النظريات اللائحية والنظريات التعاقدية.

ويدخل في إطار القواعد الحرفية أحكام التحكيم: التي تصدر في المنازعات الجماعية، وهي المنازعات التي تتعلق بالعمل أو بشروطه وتقع بين واحد أو أكثر من أصحاب العمل ، وجميع عمالهم أو فريق منهم، فمن أهم المصادر التي تعتمد عليها هيئات التحكيم مبادىء العدالة، وفقاً للحالة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، واستنادها دائماً إلى العدالة ووجود عناصر حرفية في تكوين هيئة التحكيم، أدى لاعتبار أحكامها من قبيل المصادر الحرفية، ولقد لعبت أحكام هيئة التحكيم دوراً هاماً في العديد من المسائل في القانون المصري وخصوصاً في تحديد حقوق العامل عند التوقف عن العمل بسبب راجع إلى قوة قاهرة مثل انقطاع التيار الكهربائي. (راجع مؤلف شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 47 )