loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)

وتحظر المادة (193) على العمال الإضراب، وعلى منظماتهم النقابية الدعوى إليه خلال مراحل الوساطة والتحكيم أو بقصد تعديل اتفاقية العمل الجماعية أثناء مدة سريانها. 

(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث)

ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون الجديد بشأن حق الإضراب : 

وفيما يتعلق بالإضراب والإغلاق يعتبر المشروع قفزة كبيرة في نطاق التشريع المصري من حيث تنظيمه لحق الإضراب متلافياً بذلك ثغرة كبيرة في النظام التشريعي في مصر كانت دائما مثار نقد من جانب منظمة العمل الدولية . 

وليس أدل على ما نقول ، من موقف المشرع من حق الإضراب في القانون 137 لسنة 1981 ، فالمادة 107 منه تقرر «يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة للبت في طلبات المنشأت لوقف العمل كلياً أو جزئياً أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها بما قد يمس حجم العمالة بها ويحدد القرار اختصاصات هذه اللجنة والإجراءات الخاصة بها والوزارات والهيئات التي تمثل فيها ولا يجوز لأصحاب الأعمال وقف العمل كلياً أو جزئياً أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها إلا بعد الحصول على موافقة هذه اللجنة ، ويلغي كل حكم يخالف هذا النص».   

فالمشرع إذن ، أعطى لصاحب العمل الحق في إيقاف العمل في منشأته بعد الحصول على موافقة اللجنة المشار إليها ، ولكن القانون أغفل الكلام عن حق العمال في الإضراب ، رغم أن القانون الملغي 91 لسنة 1959 كان يقرر في المادة 76 منه أن من حق صاحب العمل وقف العامل إذا ارتكب (جنحة إضراب غير مشروع أي كان المشرع يعترف بأن الإضراب حق للعمال ولكنه لا يكون مشروعاً إذا لم يتبع العمال الأحكام المنظمة لإستخدامه ومن هذه الأحكام ما قررته المادة 1/209 منه بقولها «يحظر على العمال الإضراب أو الإمتناع عن العمل كلياً أو جزئية إذا ما قدم طلب التوفيق المنصوص عليه في المادة 189 أو أثناء السير في إجراءاته أمام الجهة الإدارية المختصة أو لجنة التوفيق أو هيئة التحكيم». فيفهم من هذه النصوص ، أن الإضراب كان حقا مشروعا للعمال، يظل بإمكانهم اللجوء إليه قبل تقديم طلب التوفيق والتحكيم ، بل يظل بإمكانهم استخدامه بعد صدور قرار هيئة التحكيم، أما إذا وقع في الفترة ما بين تقديم الطلب وقبل صدور القرار، كان غير مشروع . 

أما القانون 37 لسنة 1981 ، فقد جاء خلواً من أية إشارة إلى حق الإضراب وهو موقف يدعو للدهشة ، و إلى التساؤل : هل قصد المشرع بذلك أن العمال ليس لهم حق الإضراب؟ أم أن عدم ذكر (الإضراب) يعد من قبيل (السهو) التشريعي ! إن هذا القول الأخير لا يمكن التسليم به ، فلا يبقى أمامنا إلا فرض واحد هو اتجاه نية المشرع الحرمان العمال من حق الإضراب ، ويبدو أن ذلك هو القصد الحقيقي من وراء هذا (الإغفال) ، نتبينه بجلاء مما جاء في المذكرة الإيضاحية القانون 137 / 81 في هذا الخصوص: «وبالنسبة للتوقف والإضراب عن العمل فقد رؤى حذف النص الخاص بعدم جواز الإضراب إذا كان النزاع معروضة على التحكيم أو المفاوضة الجماعية تمشياً مع القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 (بشأن أمن الوطن والمواطن). إذا رؤى عدم النص على هذا الحق اكتفاء بترکه لحكم القواعد العامة لأن الإقتراح بمشروع القانون بصورته الراهنة قد استحدث من المبادئ ما يضمن حقوق العمال دون اللجوء إلى سلاح الإضراب». 

وكما يبدو من عبارات المذكرة الإيضاحية للقانون 137/ 81، فإن المشرع أعتقد أن أحكام القانون كاملة - لا يشوبها عيب أو نقص - تعطي العامل جميع حقوقه دون أدنى خلاف أو مشقة، بحيث أصبح العامل بغير حاجة إلى حق الإضراب. غير أن المذكرة الإيضاحية تقرر أن السبب الأساسي، هو قانون أمن الوطن والمواطن، ولكنها على كل حال، تترك الأمر للقواعد العامة وهذا هو «التخبط» التشريعي بعينه، إن القانون ينبغي عليه أن يكون واضحاً في تقرير الحقوق والواجبات حتى يتسنى تنظيم العلاقات الاجتماعية على نحو مرض. أما «أنصاف الحلول» و «المواراة» فلا طائل من ورائهما إلا تعقيد الأمور بدلاً من العمل على حله، إن حرمان العمال من حق الإضراب أمر غير مقصود في مصر لا من الناحية السياسية ولا القانونية ولا الإجتماعية. 

فعلى الصعيد السياسي، لا يتصور أن بلدة يتجه نحو الأخذ بنظم الديمقراطيات الغربية، التي تحرص كل الحرص على الحريات الفردية والجماعية، يحرم الطبقة العاملة من أحد الحقوق، التي كانت مكفولة - ولو من الناحية النظرية - في ظل نظام حكم سابق كان يتخذ من الديمقراطيات الاشتراكية نموذجاً له.

أما الناحية القانونية، فالأمر أكثر تعقيداً، ذلك أن مصر عضوا بمنظمة العمل الدولية، وملتزمة أيضاً بالإضافة إلى الميثاق. بأحكام المعاهدات التي صدقت عليها، وقد صدقت مصر على كل من الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم والاتفاقية رقم 98 لسنة 1949 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.

وبموجب هذه الاتفاقية فإن حق الإضراب مكفول للمنظمات العمالية ويمتنع على الدول الأعضاء اتخاذ أي إجراء من شأنه حرمان النقابات من ممارسة هذا الحق. وبتصديق مصر على هذه المعاهدات، تصبح أحكامها جزءاً من القانون الداخلي، ويلتزم المشرع باحترام هذه الأحكام حرصاً على سمعة مصر في العالم، وإلا اشتهر عنا عدم إحترامنا لتعهداتنا الدولية. 

أما القول بأن القرار بالقانون رقم 2 لسنة 1977 يمنع من الاعتراف بحق العمال في الإضراب، فهو قول خاطئ أيضاً، فلو افترضنا أن هذا القرار بقانون، يتعارض مع إقرار حق الإضراب، فلا شك أن المقصود بذلك هو الإضراب السياسي، وليس الإضراب المهني. فالإضراب الذي تشنه نقابات العمال يعني التوقف بصورة جماعية ومدبرة عن العمل لممارسة ضغط على صاحب العمل بقصد تحقيق هدف مهني، وهذا النوع من الإضراب، لا يتضمن أية خطورة ولا يمس أمن الوطن أو المواطن، والمبادئ المستقرة والمعمول بها فقها وقضاء، وهي المبادئ التي استقرت عليها لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية تفرق بين الإضراب السياسي والإضراب المهني، فتسمح للحكومة بمنع الأول، لكنها تلزم الحكومة بإحترام حق العمال في النوع الثاني، أي الإضراب المهني. 

والفقة والقضاء مستقران أيضاً على أنه ونظراً لتعدد صور الإضرابات المهنية، فلابد وأن يتم الإضراب وفقاً لقواعد محددة كإخطار السلطات العامة، وإدارة المؤسسة، واشتراط أن تسبق الإضراب مفاوضات تنتهي بالفشل، فحق الإضراب إذن يخضع لضوابط معينة، تنأى به عن أن يكون - بالنسبة لنقابات العمال - ذا طابع سياسي، أو فجائي بحيث يسبب خسائر فادحة لصاحب العمل. 

أما من الناحية الواقعية، فإن إغفال حق الإضراب قد يكون له عملاً عواقب وخيمة. 

فالإضراب وسيلة تعبير جماعية، إذا صادرها المشرع فلا يكون أمام العمال إلا التعبير عن غضبهم بإحدى وسيلتين: 

الأولى: أن يخضع العمال - خاصة في حالة ضعف التنظيم النقابي - فيحاول كل منهم التعبير عن سخطه بالتكاسل في الأداء أو الإهمال أو كثرة التغيب أو عدم مراعاة قواعد تنظيم العمال عموماً، وهی ظاهرة منتشرة بصفة عامة في دول العالم الثالث، وبصفة خاصة في مصر. 

أما الوسيلة الثانية: وهي لا تقل خطورة عن الأولى أن تتفجر الحركة العمالية في شكل إضرابات لا تنظمها قواعد محدد فيتحول الأمر من ممارسة لإحدى الحريات العامة، إلى فوضى وتخريب يتركان آثارهما، لا شك، على العلاقات الإجتماعية وعلى مستوى الإنتاج. 

ولعل مما يزيد من وجهة نظرنا حجة، أن حق الإضراب المقررلصالح العمال يقابله على الجانب الأخر حق صاحب العمل في وقف العمل (التوقف) ومن العجيب أن القانون 137 لسنة 1981 نظم ممارسة هذا الحق بموجب نص المادة 107، وصدر بالفعل قرار رئيس مجلس الوزراء المنفذ لهذه المادة (قرار رقم 301 لسنة 1982)، مما يجعلنا نتعجب كيف يعمل المشرع على تنظيم حق صاحب العمل في إيقاف العمل بمؤسسته، ويغفل حق العمال في الإضراب، بينما كلا الحقين متقابلين، كل منهما سلاح في يد أحد طرفي العلاقة الإجتماعية.

وفي ضوء الاعتبارات السالفة حرص المشروع على تنظيم حق الإضراب والإغلاق على النحو التالي: 

حق الإضراب: قررت المادة 192 من المشرع أن الإضراب إجراء سلمي وحق للعمال تمارسه منظماتهم النقابية للدفاع عن مصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية. 

ولكن المشرع تقديراً منه لحداثة العهد بتنظيم هذا الحق، ونظراً لأنه يأتي في وقت ظل فيه الإضراب محظوراً من الناحية الفعلية والقانونية قد حرص المشروع على أن يأتي هذا الحق بشكل متدرج وبحيث يكون الحق في الإضراب للمنظمات النقابية أو لجماعة العمال في حالة عدم وجود تنظيم نقابي، كما حرص أيضاً على تنظيم استخدام هذا الحق بما لا يضر بمصالح صاحب العمل ولا بالمصلحة العامة. لذلك قررت المادة 192 منه أنه يجب على اللجنة النقابية بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة بأغلبية ثلثي عدد أعضائه، إخطار كل من الجهة الإدارية المختصة وصاحب العمل بكتاب مسجل بعلم الوصول بعزم العمال على الإضراب قبل التاريخ المحدد لذلك بخمسة عشر يوماً على الأقل، فإذا كان عمال المنشأة غير منضمين التنظيم النقابي وجب أن يقدم الإخطار من النقابة العامة المعنية. 

وفي الحالتين يتعين أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب. 

ويلاحظ على نص (المادة 192) أن الحكم الوارد بها في حالة عدم وجود عمال منتمين إلى التنظيم النقابي يجعل الاختصاص بالأمر للنقابة العامة المعنية وهو المسلك الذي حرص عليه المشروع في كل الحالات المشابهة كما هو الحال بالنسبة لتقديم طلب تحريك إجراءات التحكيم وكما هو الحال بالنسبة لتشكيل هيئة التحكيم حيث تختص النقابة العامة المعنية بإختيار محكم عن التنظيم النقابي وهو نفس الحكم الذي يقرره نص (المادة 192) المشار إليها حين يتعلق الأمر بتقديم إخطار الإضراب.

ويحظر على العمال الإضراب، كما يحظر على منظماتهم النقابية الدعوة له، خلال مراحل الوساطة والتحكيم، كما يحظر عليهم القيام بالإضراب بقصد تعديل الاتفاقية الجماعية أثناء مدة سريانها.

كما حظرت المادة 194 الإضراب في منشأت الخدمات الحيوية للجمهور التي يؤدي توقفها إلى اضطراب في الحياة اليومية لجمهور المواطنين، والتي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء. 

كما حرصت المادة 194 على التأكيد على أن الإضراب يوقف عقد العمل ولا ينهيه، إلا في حالة الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل المضرب خلال فترة الإضراب.

وبالمقابل حرص المشرع أيضا على تنظيم حق الإغلاق باعتباره إجراء جائزاً قانوناً يلجأ إليه صاحب العمل لضرورات اقتصادية تبرره، ولم يكتف المشرع كما كان الأمر في ظل القانون 137 لسنة 1981 بمادة واحدة وهي المادة 107 لتنظيم هذا الحق، بل فصل قواعد استخدامه بحيث قرر أنه يجب على صاحب العمل الذي يستخدم عشرة عمال فأكثر أن يتقدم بطلب الإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها بما قد يمس حجم العمالة بها إلى لجنة تشكل لهذا الغرض.

 

الأحكام
شرح خبراء القانون

1- وفي إطار تنظيم ممارسة حق الإضراب حظر المشرع بمقتضى المادة (193) على العمال الإضراب بهدف تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانها، وكذلك خلال مرحلة الوساطة والتحكم . 

2- كما أنه حرصا على المصلحة العامة وعدم المساس بالأمن القومي وبالخدمات الأساسية التي تقوم للمواطنين فقد حظر الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الإستراتيجية التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 514)

وردت بعض أحكام هذه المادة 107 من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 وبعض أحكامها الأخرى مستحدثة. 

والغرض من حظر الإضراب بهدف تعديل اتفاقية عمل جماعية سارية هو إحترام العقود لأن الاتفاقية تبرم بناء على اتفاق بين منظمات العمال وأصحاب الأعمال ولا يجوز إستعمال وسيلة ضغط أشبه بالإرهاب لإلغاء اتفاق قبل إنتهاء مدته خصوصاً وأن القانون أتاح الوسيلة المشروعة لهذا الإلغاء وهو إعادة الدعوة لإجراء المفاوضة الجماعية واتخاذ إجراءات الوساطة إذا استلزم الأمر. 

كما أن حظر الإضراب أثناء مراحل الوساطة والتحكيم هو حظر منطقي إذ لا يجوز أن يتفاوض الأطراف أو يتوسط بينهم وسيط يمارس عمله تحت ضغط الإضراب أو التهديد به فهو هنا وسيلة غير مشروعة لا شك في ذلك وتبدو عدم مشروعيتها أكثر في حالة الإضراب أثناء إجراءات التحكيم إذ كيف يختار العمال محكماً بعد أن ارتضوا سلوك هذا الطريق ثم يقومون بالإضراب للضغط على المحكمين الأخرين بما يشبه ليّ الذراع فهذا أسلوب مرفوض وغير مشروع . (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث، صفحة 241)