loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)

وبالمقابل تجيز المادة (196) لصاحب العمل الحق في الإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها بها قد يمس حجم العمالة بها وذلك وفقاً للأوضاع وبالشروط المبينة في المواد من (197) وحتی (201) وذلك عند توافر ضرورات اقتصادية تبرر الإغلاق أو التقلص. 

(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

فيما يتعلق بالإضراب والإغلاق يعتبر المشروع قفزة كبيرة في نطاق التشريع المصري من حيث تنظيمه لحق الإضراب متلافياً بذلك ثغرة كبيرة في النظام التشريعي في مصر كانت دائما مثار نقد من جانب منظمة العمل الدولية. 

وليس أدل على ما نقول، من موقف المشرع من حق الإضراب في القانون 137 لسنة 1981، فالمادة 107 منه تقرر " يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة للبت في طلبات المنشآت لوقف العمل كلياً أو جزئياً أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها بما قد يمس حجم العمالة بها ويحدد القرار اختصاصات هذه اللجنة والإجراءات الخاصة بها والوزارات والهيئات التي تمثل فيها ولا يجوز لأصحاب الأعمال وقف العمل كلياً أو جزئياً أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها إلا بعد الحصول على موافقة هذه اللجنة ويلغي كل حكم يخالف هذا النص ". 

الأحكام

1- إذ كان المشرع اشترط لإغلاق المنشأة كلياً أو جزئياً بسبب الضرورات الاقتصادية بموجب المادتين 196 ، 197 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ، وجوب أن يقدم صاحب العمل طلبًا بإغلاق المنشأة إلى اللجنة المشار إليها بالمادة (197) سالفة الذكر ، وأن يصدر قرار عن هذه اللجنة بالموافقة على هذا الإغلاق ، وإذ لم يقدم الطاعن أمام محكمة الموضوع الدليل على صدور قرار من اللجنة المختصة بغلق منشأته في الفترة المشار إليها آنفًا وفقاً للإجراءات السالف بيانها ، فإن ادعائه بتوقفه عن النشاط أثناء تلك الفترة يكون بغير دليل ، وتنعقد بالتالي مسئوليته بالوفاء للمطعون ضده بكامل الأجر المستحق عن هذه المدة ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضده بباقي ما يستحقه من أجر عن تلك المدة لا يكون قد خالف القانون .

( الطعن رقم 10508 لسنة 92 ق - جلسة 24 / 5 / 2023 )

2 ـ إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن الصعوبات المالية والخسائر المادية التي تجاوزت رأس مال الشركة هي التي أدت بها إلى توقف نشاطها وتصفية أعمالها والاستغناء عن جميع العاملين بها ، مما ينفي عنها ركن الخطأ الموجب للمسئولية في إنهاء عقد عمل المطعون ضده الأول ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع واكتفي بالقول بأن الطاعنة لم تتبع الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 196 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، باللجوء إلى لجنة البت في طلب إغلاق المنشأة ، رغم أن اللجوء إلى هذه اللجنة لا يعدو أن يكون إجراء تنظيمياً ليس من شأن عدم اتخاذه أن يؤدي بطريق اللزوم إلى القول بثبوت التعسف في إنهاء عقد العمل ملتفتاً بذلك عن مواجهة دفاع الطاعنة المشار إليه وتحقيقه واستظهار حكم القانون فيه وهو ما يعيبه . 

( الطعن رقم 12809 لسنة 80 ق - جلسة 20/ 3 / 2018 )

3 ـ إذ كان من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها وإن أدي به ذلك إلى تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأي من ظروف العمل ما يدعو إليه ، بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف وسلطته في ذلك تقديريه لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها ، وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه .

( الطعن رقم 2420 لسنة 79 ق - جلسة 21 / 11 / 2017 والطعن رقم 1628 لسنة 74 ق- جلسة 22/ 2 / 2017 والطعن رقم 2104 لسنة 75 ق - جلسة 1/ 11/ 2016 والطعن رقم 1785 لسنة 74 ق - جلسة 3/ 5/ 2016 ) 

شرح خبراء القانون

انقضاء المنشأة وتدهور الظروف الاقتصادية وأثر ذلك على عقد العمل

- إذا لم تتوافر شروط القوة القاهرة الإغلاق المنشأة فإن عقد العمل لا ينفسخ ومن ثم فإن الإغلاق في حد ذاته لا يؤدي تلقائياً إلى انفساخ العقد . 

ويعتبر إنهاء العقد في هذه الحالة من قبيل إنهاء العقد بالإرادة المنفردة لصاحب العمل وتتحدد مسئوليته على أساس القواعد العامة في إنهاء العقد غير محدد المدة. والإغلاق غير الراجع لقوة قاهرة قد يكون راجعاً لاختيار صاحب العمل مثل الرغبة في اعتزال التجارة أو التقاعد، أو الحل الاختياري للشخص المعنوي، أو سوء الأوضاع المالية للمنشأة مما يقلل أرباحها دون أن تكون هناك قوة قاهرة تحول دون الاستمرار في النشاط . 

وقد لا يكون الإغلاق إرادياً وإنما يسأل عنه صاحب العمل، مثل إفلاس المنشأة. فالإفلاس يرجع غالباً إلى خطأ صاحب العمل أو يسأل عنه على الأقل، وقد يكون الغلق بحكم قضائي أو قرار إداري إذا كان على سبيل الجزاء لخطأ ارتكبه صاحب العمل مثل إلغاء ترخيص المنشأة لمخالفتها القوانين. 

وعلى هذا فإن الإغلاق غير الناشئ عن قوة قاهرة لا يؤدي إلى انفساخ العقد. 

ويرى الفقه أن القواعد العامة تقضي باستمرار العقد وعدم انفساخه بقوة القانون في حالات عدم توافر القاهرة، كما أنها تعتبر إغلاق المنشأة في هذه الحالة إنهاء للعقد من جانب صاحب العمل يتحمل بمسئوليته. 

- وكان قضاء النقض قد استقر في ظل القانون القديم على أنه لا معقب على تقدير صاحب العمل إذا رأي لأزمة اقتصادية ظهر أثرها عليه أو كارثة مالية توشك أن تنزل به، تضييق دائرة نشاطه، أو ضغط مصروفاته بما يجعل له الحرية تبعاً لذلك في اتخاذ ما يراه من الوسائل الكفيلة لتوقي الخطر الذي يتهدده والمحافظة على مصالحه. 

فيجوز الاستغناء عن خدمات العاملين في شركة سينمائية إذا ركدت تجارتها بسبب ظهور التليفزيون. فمن حق صاحب العمل تنظيم منشآته، فإذا اقتضى هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وينتفي عنه وصف التعسف. فيجوز استبدال عدة رؤساء صحيفة برئيس واحد ومن ثم فأن إنهاء عقد باقي الرؤساء يعتبر مشروعاً، ويجوز إغلاق المعهد بسبب ما صادفه من صعوبات مالية وفصل العاملين به، كما يحق لصاحب العمل تخفيض حجم العمالة بما يتلاءم مع الأوضاع المالية للمنشأة. 

وقضت محكمة النقض أنه إذا أغلقت أحد فروع المنشأة متى استدعت ذلك ظروف العمل، فإن صاحب العمل غير ملزم بأن يلحق العامل المفصول بعمل أخر. 

ووضعت المحكمة مبدأ هام مؤداه أن سلطة رب العمل في غلق المنشأة سلطة تقديرية له لا يجوز لقاضى الدعوى أن يحل محلة فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه. 

- وبدأ المشرع يتدخل رويداً رويداً لمواجهة أثر الصعوبات الاقتصادية على عقد العمل في غير حالة القوة القاهرة وتقييد سلطة صاحب العمل في غلق المنشأة وإنهاء العقود . 

و كانت المادة التاسعة من القانون رقم 137 لسنة 1981 تواجه هذه المسألة، وجاءت المادة التاسعة من القانون 12 لسنة 2003 فنظمت هذا الموضوع في صياغة مختلفة تماما عن الصياغة القديمة بحيث يجب الرجوع إلى المادة التاسعة من القانون الملغى لإجراء مقارنة بينها وبين ما ورد في القانون الجديد حتى يمكن أن نستشف قصد المشرع من التعديل في الصياغة .

فقد كانت تنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون العمل الملغى على أنه " فيما عدا حالات التصفية والإفلاس والإغلاق النهائي المرخص فيه يظل عقد استخدام عمال المنشأة قائماً.

وبصرف النظر عن الخلاف الفقهي الذي أثير حول ما إذا كان النص يعنى انقضاء عقد العمل في هذه الحالات الثلاثة بخطأ من صاحب العمل أو انه يعتبر مسئولاً عن الإنهاء، إلا أنه كان من المستقر أن هذه الحالات تؤدي إلى إنهاء عقد العمل بانقضاء العمل مع اختفاء المنشأة. 

أما المادة التاسعة من قانون العمل الحالي فقد جاء في فقرتها الأولى أنه " لا يمنع من الوفاء بجميع الالتزامات الناشئة طبقاً للقانون، حل المنشأة أو تصفيتها أو إغلاقها أو إفلاسها " . 

- ويتمثل الخلاف بين القانونين فيما يأتي : 

في القانون القديم تصدرت الفقرة الثانية من المادة التاسعة ما يفيد أن العقد لا يستمر في الحالات المنصوص عليها، مما يفيد انقضاء العقد، أما القانون الجديد فقد جاء خلوا من التعرض لانقضاء أو استمرار العقد وإنما يواجه الالتزامات الناشئة عن القانون حيث يوجب الوفاء بها . 

كما أن القانون القديم لم يشر إلا إلى حالات ثلاثة وهي التصفية، والإفلاس، والإغلاق النهائي المرخص به . 

أما القانون الجديد فقد اختلف من حيث عدد الحالات المنصوص عليها حيث أضاف الحل إلى التصفية والإفلاس والإغلاق . 

كما أن القانون الجديد اقتصر على الإغلاق دون أن يضيف الإغلاق النهائي المرخص به، ولقد كان استخدام القانون القديم لعبارة الإغلاق النهائي المرخص به من أقوى حجج اعتبار الإنهاء في هذه الحالات مشروعاً لا يستوجب مسئولية صاحب العمل . 

ويلاحظ أخيراً فارقاً هاماً بين القانونين، فقد كان القانون القديم يواجه حل المنشأة وتصفيتها وإغلاقها وإفلاسها من عده وجوه الأولى أن هذه الحالات لا تمنع من الوفاء بجميع الالتزامات الناشئة عن القانون، والثانية أن حالات التصفية والإفلاس والإغلاق المرخص به يؤدي إلى عدم استمرار عقد العمل. أما القانون الجديد فقد اغفل كما أوضحنا الفقرة الثانية وأبقى على الأولى التي تستوجب الوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد في هذه الحالات، ومن جهة ثالثة الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في القانون لا يقتصر على حالات الحل والتصفية والإفلاس والإغلاق المرخص وإنما امتد إلى الإدماج والانتقال بالإرث والوصية والهبة والبيع. أما القانون الجديد فقد فرق بين أمرين الالتزام بالوفاء بكل ما يفرضه القانون من التزامات وقصر ذلك على الحل والتصفية والإفلاس والإغلاق. وأفرد فقرة مستقلة لحالات استمرار العقد وحيث لا حاجة للنص على احترام الالتزامات الناشئة عن القانون لأن ذلك لا يحتاج إلى نص أمام وجود العقد واستمراره. وهكذا هناك حالات لاستمرار العقد وهي الواردة في الفقرة الثانية من القانون الجديد، وهناك حالات التقيد بالالتزامات الناشئة عن القانون وهي التي وردت في الفقرة الأولى ودون النص على استمرار العقد من عدمه . 

- وفي ضوء تلك المقارنة يثور التساؤل عما إذا كان العقد يستمر في حالات الحل والتصفية والإفلاس والإغلاق أم أن العقد ينقضي مع مراعاة الالتزامات التي يفرضها القانون في هذه الأحوال وفي ضوء ما إذا كان الإنهاء يسأل عنه صاحب العمل من عدمه. 

نرى انه ابسط قواعد المنطق تقتضي انقضاء عقد العمل في حالات الحل والتصفية والإفلاس والإغلاق. والواقع أن هذه الحالات جميعاً يجمعها في النهاية وبالضرورة إغلاق المنشأة . 

، كما أنه يجمعها أن وجود المنشأة وتوقفها عن النشاط يتم قانوناً. فالحل والتصفية والإفلاس والإغلاق وسائل نظمها المشرع للتوقف عن النشاط المدني أو التجاري أو غيره ويترتب عليه بالضرورة اختفاء المنشأة من الحياة القانونية ولا تستمر بعد ذلك في أي شكل آخر. 

فإذا اختفت المنشأة قانوناً وفعلاً واقتصادياً فإن العمل محل العقد يختفي بدوره فلا يمكن لصاحب العمل أن يقدم العامل العمل لاختفاء المنشأة ذاتها، وهذا يستوجب أن يختفي معه العقد وينقضي. 

ويؤكد هذا أن المشرع فصل حالات استمرار العقد باستمرار نشاط المنشأة عن حالات اختفاء النشاط ذاته بما يفيد المغايرة في الحكم، بحيث يكون زوال النشاط مؤدياً لانقضاء العقد مع مراعاة حقوق العامل أما في حالة استمرار النشاط فإن العقد يستمر، وبناء عليه فان انقضاء المنشأة وزوالها يؤدي بالضرورة إلى انقضاء عقد العمل . وقضت محكمة النقض بأن مفاد ما جاء في المادة التاسعة من القانون 37 لسنة 1981 أن إغلاق المنشأة نهائياً يستتبع إنهاء عقود العاملين بها.

ولكن انقضاء العقد في هذه الأحوال يكون السبب اقتصادی ومن ثم يدخل في إطار المادة 196، ولهذا لم ينص المشرع في المادة التاسعة الحالية على ما كان ينص عليه القانون السابق من عدم استمرار العقد في حالات الحل والتصفية والإفلاس . 

والإنهاء لسبب اقتصادي يتعلق بالعمالة وليس بشخص عامل معين. فسبب الإنهاء لا يرتبط بشخص العامل، أما إذا كان الإنهاء يتعلق بسلوك العامل وحالته الصحية فإن الإنهاء يكون لأسباب شخصية وليس اقتصادية.

وإذا تداخلت الأسباب الاقتصادية والأسباب الشخصية يجب البحث عن السبب الحاسم. 

- وفيما يتعلق بالإفلاس فهو يلحق صاحب العمل ونتيجة لذلك تفلس المنشأة ككل سواء كانت المنشأة فردية أو شركة وان كان إفلاس المنشأة لا يمنع من الوفاء بالالتزامات الناشئة عن قانون العمل لأن الالتزامات لا تنقضي بالإفلاس وإنما تنقل إلى أموال التفليسة، إلا أن الإفلاس يبرر إنهاء عقد العمل. فقد نصت المادة 625 من قانون التجارة على أنه إذا أفلس رب العمل وكان عقد العمل غير محدد المدة جاز للعامل وأمين التفليسة إنهاء العقد مع مراعاة الأحكام الواردة في قانون العمل، ولا يجوز للعامل أن يطالب التفليسة بالتعويض إلا إذا كان الإنهاء تعسفيا، أو بغير مراعاة مهنة الأخطار. وأن كان العقد محدد المدة فلا يجوز إنهاؤه إلا إذا تقرر عدم الاستمرار في التجارة و يجوز للعامل في هذه الحالة مطالبة التفليسة بالتعويض ونخلص من ذلك أن عدم الاستمرار في التجارة بسبب الإفلاس يبرر إنهاء العقد. 

- والرقابة على جدية المبررات من المسائل الموضوعية التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها. 

فصاحب العمل له حرية اختيار الوسيلة التي يواجه بها الأزمة التي يمر بها ولو كان ذلك عن طريق إغلاق المنشأة، أما القاضي فيقتصر على رقابة جدية المبررات التي دعت إلى ذلك. وليس له أن يقدر إمكان مواجهة هذه الظروف بوسيلة أخرى غير الغلق، فذلك من سلطة صاحب العمل فقط ولا يجوز له أن يحل - محله كما أوضحت محكمة النقض. أي أن المحكمة لها أن تراقب القرار من حيث مشروعيته فقط ولا تملك رقابة التناسب بين الظروف والقرار، فهذا من سلطة صاحب العمل فقط . 

فلا يوجد في نصوص القانون ما يجبر صاحب العمل بالإبقاء على نشاطه من أجل المحافظة على ثبات العمالة . (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 673)

إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة لصاحب العمل لأسباب اقتصادية 

حرص المشرع في قانون العمل على وضع تنظيم تفصيلي لإنهاء عقد العمل لأسباب اقتصادية . 

ويقوم هذا التنظيم على إخضاع إنهاء العقد لضرورة الحصول على موافقة مسبقة من لجنة إدارية ، ولهذا يختلف عن الإنهاء الأسباب شخصية والذي لا يخضع لرقابة مسبقة وإنما لرقابة قضائية لاحقة، ولكن في الحالتين ينتهى عقد العمل بالإرادة المنفردة لصاحب العمل تارة دون قيود أو رقابة مسبقة ، وتارة بعد استيفاء إجراءات وقيود وضوابط عديدة . 

والإنهاء لأسباب اقتصادية يتخذ طابعاً جماعياً وليس فردياً لأن السبب الإقتصادي يتعلق بالمشروع وليس بعامل معين ولهذا فإن الإنهاء يستوجب تدخل غير المتعاقدين أي جهة الإدارة ويجعل من الإنهاء الأسباب اقتصادية موضوعاً من موضوعات علاقات العمل الجماعية والحكمة الأساسية من وضع تنظيم خاص للإنهاء لأسباب اقتصادية ترجع إلى أن تلك الأمور تدخل في نطاق مخاطر المشروع ولا يجب أن يتحمل العامل تلك المخاطر إلا في الحدود التي ينظمها القانون . 

والإنهاء بذلك قد يكون لأسباب شخصية وقد يكون لأسباب اقتصادية ، ويخضع كل منهما لقواعد وإجراءات مختلفة .

وقواعد إنهاء عقد العمل، لأسباب اقتصادية جاءت تقييداً لسلطة صاحب العمل المطلقة في تنظيم منشأته فالإنهاء في إطار سلطة صاحب العمل يقع في نطاق القواعد العامة للإنهاء ما لم يكن لأسباب اقتصادية ، وندرس فيما يلي الشروط الموضوعية لإنهاء العقد لأسباب اقتصادية ثم إجراءات الانهاء ونبدأ ببيان مدى سريان الانهاء على العقد محدد المدة.

سريان أحكام الإنهاء لأسباب اقتصادية على عقد العمل المحدد المدة وعقد العمل غير محدد المدة : 

إمعان النظر في نصوص المواد من 196 إلى 201 بشأن إنهاء العقد لأسباب اقتصادية ، يفيد أن المشرع يواجه الموضوع من خلال الضرورات الإقتصادية التي تواجه المشروع وتتطلب اتخاذ إجراءات تمس المنشأة في وجودها أو حجمها ، وهذه المسائل تطال العمالة ككل دون تفرقة بين عامل متعاقد بعقد محدد المدة ، وآخر متعاقد بعقد غير محدد المدة فإذا تقرر غلق المنشأة والإستغناء عن العمال فإن ذلك يشمل جميع العمال دون تفرقة ، ولا يعقل استمرار من تعاقد بعقد محدد المدة بالرغم من إغلاق المنشأة . 

وقد يكون من معايير الاستغناء عن العمال في حالة تخفيض العمالة نتيجة تقليص نشاط أو حجم المنشأة ، طريقة تحديد مدة العقد . 

فالضرورة الإقتصادية سيف مسلط على جميع العمال بل على صاحب العمل الذي قد يغلق منشأته . 

وتبرز مرة أخرى أهمية التوازي بين العقد محدد المدة والعقد غير محدد المدة ، فالأول ليش استثناء على أصل عام بل هما صورتان متوازيتان لتحديد مدة  العقد ، فالعقد محدد المدة ليس استثناءاً يمثل وضعاً طارئاً وعرضياً مما يبعده عن نطاق الإنهاء لأسباب اقتصادية .  

والعقبة الأساسية أمام تطبيق الإنهاء الأسباب اقتصادية على العقد محدد المدة هو مبدأ القوة الملزمة للعقد. 

ولكن تلك العقبة كان يمكن أن يكون لها وزنها لو كان قرار الإغلاق أو تقليص المنشأة لأسباب اقتصادية بيد صاحب العمل وحده ، أما التنظيم القانوني في مصر فيجعل قرار الإنهاء بين الجهة الإدارية والرقابة المسبقة للقضاء في صورة الطعن في قرار اللجنة الإدارية أمام القضاء ، ولكن العقبة تعود للظهور إذا تم الإنهاء دون اتباع ضوابط الإنهاء الواردة في القانون وحيث يكون الإنهاء بيد صاحب العمل له من سلطة تنظيمية.  

كما أن المشرع استخدم اصطلاح الضرورة الإقتصادية ، وهي وإن كانت لا ترقى إلى حد القوة القاهرة ، إلا أن ذلك يبرز أن الوضع الإقتصادي للمنشأة لا يسمح بإستمرارها كسابق عهدها . 

ولا يجب إغفال البعد الاقتصادي فإذا كان المشروع متعثراً فلا طاقة له العمل واستخدام العمال فظروف المشروع وطبيعة علاقة العمل تستوجب أن يكون أثر السبب الًقتصادي على عقود العمل كافة دون تفرقة بحسب طريقة تحديد مدتها. 

فإن كانت القواعد العامة تعرف فكرة القوة القاهرة، ونظرية الظروف الطارئة ، فإن قانون العمل قد نظم في نصوصه الإنهاء للسبب الإقتصادي خروجاً على مبدأ القوة الملزمة للعقد ودون التقيد بأحكام القوة القاهرة أو نظرية الظروف الطارئة ، فالواقع الإقتصادي يفرض نفسه على القانون . 

وإذا كان العامل هو الذي ينهي العقد برفضه التعديلات الجوهرية التي يقررها صاحب العمل ، فإن المشرع يعفى العامل من مهلة الإخطار وهذا يفيد أن الأصل هو مراعاة مهلة الإخطار . 

وإذا أخذنا بمبدأ مراعاة مهلة الإخطار فإن ذلك يجب أن يسري على العقد محدد المدة كذلك لأنه ينهى في غير أجله مما يجعل الحاجة إلى مهلة أمر ضروری فعدم وجود المهلة يكون عند انتهاء العقد بانتهاء أجله . 

أولاً : الشروط الموضوعية لإنهاء العقد الأسباب اقتصادية 

التنظيم القانوني للإنهاء الأسباب اقتصادية يتم من خلال ثلاثة حلقات الأولى أن يتوافر ما يعتبر سبباً اقتصادياً للمنشأة وليس سبباً شخصياً للعامل ، وهذا السبب يستوجب تخفيض العمالة أو التخلص منها نهائياً وهذه هي الحلقة الثالثة أما الحلقة الثانية التي تصل بين الحلقتين الأولى والثالثة هي الإجراء الذي يتخذه صاحب العمل للتوصل إلى إلغاء العمالة أو تخفيضها نتيجة السبب أو الأسباب الاقتصادية التي طرأت فالإجراء الذي يتخذه صاحب العمل قد يكون الغلق كلياً أو جزئياً أو غير ذلك كما سنرى . 

والصلة بين هذه الحلقات تبدو من أن السبب الإقتصادي قد لا تكون مواجهته عن طريق تخفيض العمالة وحينئذ لا نكون في إطار الإنهاء الأسباب اقتصادية لأنه لا إنهاء أصلاً ، وإذا لم يتوافر السبب الاقتصادي فإن أي مبرر التخفيض العمالة يخرج عن نطاق الإنهاء الأسباب اقتصادية ويكون الإنهاء لأسباب شخصية ، وإذا توافر السبب الاقتصادي وكان من اللازم تخفيض العمالة فإن صاحب العمل يجب أن يتخذ القرار الذي يتوصل من خلاله إلى تخفيض العمالة فهو الذي يقرر الغلق الجزئي أو تخفيض النشاط وغير ذلك أي يتخذ قراراً يتعلق بالمنشأة ذاتها. 

ونبدأ بدراسة المقصود بالسبب الإقتصادي ، ثم قرار صاحب العمل لمواجهة الضرورات الإقتصادية وأخيرة حقوق والتزامات صاحب العمل عند توافر المبرر الاقتصادي لإنهاء العقد . 

1ـ المقصود بالأسباب الإقتصادية 

استخدم المشرع عبارتي الضرورات الإقتصادية ، والأسباب الإقتصادية ، ولم يعرف المشرع الضرورة الإقتصادية أو السبب الإقتصادي واستخدمهما كمترادفين ولفظ الضرورة يفيد أن يكون السبب على قدر من الأهمية تجعل من الضروري على المستوى الإقتصادي للمشروع اللجوء إلى إنهاء عقود بعض أو كل العمال أو إغلاق المنشأة كما يفهم من نص المادة 196 أنها تتعلق بحالات إرادية وليست قهرية ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة ، ولكن لا يمنع هذا من أن يكون القرار الإرادی متأثراً بظروف اقتصادية أملت على صاحب العمل اتخاذه مثل ظروف السوق فالضرورة الإقتصادية تؤدى الى اتخاذ قرار إرادي بالإغلاق كلياً أو جزئياً أما الظرف الذي يرقى إلى مرتبة القوة القاهرة فهو يبرر الإنهاء لإستحالة التنفيذ ، فالسبب غير الإرادي يستعصي على فكرة الإذن أو الترخيص المسبق . 

والسبب الإقتصادي قد يعرف تعريفاً سلبياً بأنه لا يكون متصلاً بشخص العامل ، ولكن الإنهاء يكون لسبب أو لأسباب اقتصادية . 

والسبب الذي يتصل بشخص العامل هو ما يتعلق بكفاءة العامل شخصياً ، فإستبقاء الوظيفة وعدم إجراء تعديل في تصنيفها وإنما الإنهاء بسبب عدم تكيف العامل مع تطور العمل ونظامه ، يعتبر إنهاء لسبب شخصي وليس لسبب اقتصادي ، فعدم قدرة العامل على مواجهة التطورات الي أدخلت بسبب الظروف الاقتصادية أو التكنولوجية يعتبر سبباً يمس كفاية العامل ولا يتصل بسبب اقتصادي مستقل عن شخص العامل طالما أن تخفيضاً للعمالة لم يحدث . 

ولا يعتبر سبباً اقتصادياً الإنهاء بسبب سن العامل ولو كان تحت ستار تجديد شباب العاملين ، ولا يختلط ذلك بالسن كمعيار لإختيار من سيتم الإستغناء عنهم بعد توافر السبب الإقتصادي . 

ويعتبر سبباً شخصياً الإستغناء عن عامل بسبب ارتفاع أجره خصوصاً إذا كان المركز الإقتصادي للمشروع يمكنه دون مشقة من أداء هذا الأجر ، فعدم وجود صعوبات اقتصادية في المشروع يجعل الإنهاء بسبب تخفيض النفقات والأعباء المالية سبباً شخصياً وليس اقتصادياً ، أما السبب الإقتصادي فيتوافر إذا رفض العامل تخفيضاً في الأجر سعياً من صاحب العمل لخفض النفقات تدعيماً لقدرة المشروع على المنافسة ومتى تم ذلك في إطار إعادة تنظيم المنشأة . 

وسعياً وراء تعريف إيجابي فإن السبب الإقتصادي يتمثل أساساً في الصعوبات المالية والإقتصادية التي تواجه المشروع مثل زيادة مديونيات المنشأة وتحقيقها لخسائر متتالية تنذر بإنهيارها مما يجعل عدم الإستمرار في النشاط ضرورة لوضع حل لهذه المشكلات .  

ولكن قد يتوافر السبب الاقتصادي في خارج الصعوبات المالية، ويتمثل ذلك أساساً في إعادة تنظيم المنشأة بهدف تحسين الأداء ، وتعظيم العائد ، وتقليل النفقات ، والحفاظ على قدرة المشروع على المنافسة ومواجهة متطلبات تطور السوق واحتياجاته. 

فالسبب الاقتصادي يكون في الإندفاع نحو الحفاظ وتدعيم القدرة الإقتصادية للمشروع ، فالهدف ليس مواجهة مشكلة اقتصادية وإنما التقدم الإقتصادي نحو الأفضل . 

وقد يتمثل السبب الإقتصادي في تطوير الإنتاج ونظام العمل بما يتلاءم مع التحولات التكنولوجية والتقنية الحديثة مثل إدخال نظم الحاسب الإلكتروني وتطوير الآلات وتحديثها .  

وأوضح الفقه الفرنسي أن الاسباب الاقتصادية ليست بالضرورة أسباب خارجية ومستقلة عن ارادة صاحب العمل فالأسباب الاقتصادية التي ترجع إلى تغيير الهيكل أو البنية الاقتصادية للمشروع مثل نقل النشاط والتخصص وعمليات التجمع ليست مستقلة عن ارادة صاحب العمل بل أن إرادته تلعب الدور الرئيسي في إجراء هذه التغيرات والتحولات .

ولا يجب أن يقتصر السبب الاقتصادي على حالات الصعوبات والضرورات الإقتصادية التي تستلزم غلق المشروع فلا يجب ربط السبب الإقتصادي بفكرة الإضطرار ، بل أن فكرة الرقابة الإدارية تكون أهم وأظهر إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى تفادي أسباب إنهاء العقد وحيث لا يكون هناك اضطرار ، ويعتبر من قبيل الأسباب الإقتصادية والأسباب المالية والفنية ، تحديث وتطوير المشروع ، أو اتباع وسائل جديدة في التصنيع حتى ولو كانت هذه التجديدات لا تؤدي الى زيادة في الأرباح ويتجه الفقه الفرنسي الى أن التعديل أو التغيير في حجم العمالة سواء بالنقصان أو بالإلغاء هو معيار الإنهاء الأسباب اقتصادية فالسبب الاقتصادي هو الذي يؤدي إلى التغيير في حجم العمالة بالنقصان مما يستوجب إنهاء عقود بعض العمال . 

ولقد أخذ المشرع المصري بهذا المعيار صراحة فإستلزام الحصول على موافقة اللجنة لا يرتبط بالتغيير في حد ذاته وإنما يرتبط بما يترتب عليه من المساس بحجم العمالة، وعلى هذا فالرقابة تستهدف حماية العمال أكثر مما تستهدف الرقابة من الناحية الإقتصادية على نشاط المشروعات فتغيير النشاط أو حجم المنشأة لا يخضع لموافقة اللجنة إلا اذا مس بحجم العمالة، أما التغيير الذي لا يمس بحجم العمالة فلا يخضع لموافقة اللجنة . 

وقضى في فرنسا بأنه يعتبر من قبيل الإنهاء لسبب اقتصادی يرتبط بهيكل المنشأة، نقل المشروع من باريس إلى ليون وذلك بالنسبة للعمال الذين يرفضون النقل ، ولا يلزم أن يكون السبب الاقتصادي راجعاً إلى ظروف خارجة عن المشروع بل يمكن أن يكون راجعاً إلى أمور داخلية طالما انها تمس هيكل المشروع مثل التغيير في طريقة استغلال المشروع من الإستغلال المباشر الى المشاركة مع الغير مما يستتبع إلغاء وظيفة العامل ، أي أن التغيير يتعلق بطريقة ممارسة النشاط ويتجه الفقه الفرنسي للتوسع في فكرة الإنهاء لسبب اقتصادي لأنها توفر للعامل حماية أكبر مما يوفره الإنهاء لسبب شخصي ، ولهذا اذا اختلط السبب الإقتصادي بالسبب الشخصي للإنهاء فإن القاضي الفرنسي يغلب السبب الإقتصادي أي أنه يستغرق السبب الشخصي فقد قضى بأنه إذا قام صاحب العمل بتعديل في نشاط المنشأة وألغي بعض الوظائف ثم انشأ في نفس الوقت وظائف أخرى بحيث ظل حجم العمالة الإجمالي بدون تغيير، فإن العمال الذين الغيت وظائفهم يكون انهاء عقودهم لأسباب اقتصادية ، بل يعتبر الانهاء لسبب اقتصادي اذا لم يقم صاحب العمل ، على أثر تحديث نظام العمل وتغيير هيكله ، بإنهاء عقود العمال بل أبقى عليهم وألحقهم بأعمال جديدة ليست لديهم أي خبرة في مجالها، ثم قام بعد فترة بإنهاء عقودهم لعدم الكفاية فقضت محكمة النقض الفرنسية أن السبب الأول للإنهاء في هذه الحالة هو تغيير العمل وعدم الكفاية ليس إلا نتيجة لذلك أما التغيير في حجم العمالة بالزيادة فلا تؤدى الى توافر السبب الاقتصادي فإذا قام صاحب العمل بتطوير نشاط منشأته وزيادة حجم العمالة ونقل أحد العمال الى مركز أعلى ولكنه رفض ذلك فإن الإنهاء لا يكون لسبب اقتصادی . 

ولتقدير مدى توافر الدوافع الاقتصادية لإنهاء عقد العمل لا يجب إغفال الصلة الإقتصادية بين الشركات الوليدة والشركة الأم ، فيجب على جهة الإدارة أن تأخذ في الإعتبار الموقف الإقتصادي العام داخل مجموعة الشركات . 

ولا يعتبر الانهاء لسبب اقتصادي اذا تعلق بإلغاء وظيفة انشأت خصيصا 

الخدمة صديق ودون أن تكون لها أي فائدة للمنشأة . 

ويكفي توافر السبب الإقتصادي دون بحث مدى مسئولية صاحب العمل عن السبب فقد يكون تراكم الديون وسوء الإدارة وراء التعثر الاقتصادي الذي لحق بالمشروع ، ولكن ذلك لا ينفي واقع التعثر الاقتصادي الذي يبرر غلق المنشأة فالإنهاء لا يرجع إلى القوة القاهرة وإنما إلى السبب أو الضرورة الاقتصادية دون بحث في أسبابها . 

2 ـ اتخاذ صاحب العمل لقرار يمس المنشأة 

إمعان النظر في المادة 196 من قانون العمل يفيد أن الضرورات الإقتصادية لا تؤدي بذاتها إلى الإستغناء عن العمالة وإنما يجب أن تكون كيفية مواجهة هذه الضرورات عن طريق إجراء يؤدي إلى المساس بالمنشأة وينعكس بعد ذلك على العمالة . 

ولقد تعرضت المادة 196 إلى تحديد الإجراءات التي يتخذها صاحب العمل لمواجهة الضرورات الاقتصادية والتي يكون من شأنها المساس بحجم العمالة . 

فنصت المادة 196 على أن يكون " لصاحب العمل ، لضرورات اقتصادية ، حق الإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطه.." 

فالإجراء يمس المنشأة بصفة أصلية ثم ينعكس بعد ذلك على العمالة . 

فالإجراء الذي يمس المنشأة ويوجه إليها أصلاً لمواجهة الظروف الإقتصادية هو الذي يضفي على الإنهاء الطابع الجماعي ، وهو الذي يمس بالتالى المصلحة العامة إلى جانب مساسه بمجموع العمال ومن ثم تكون له انعكاسات اجتماعية خطيرة .  

 فالمشرع لم يكتف بأن يكون الإستغناء عن العمال نتيجة ظروف اقتصادية تعرضت لها المنشأة ، وإنما أن يتخذ صاحب العمل قراراً يمس المنشأة ككل وينعكس بالتالي على حجم العمالة . 

فالسبب الاقتصادي تكون له انعكاسات على المشروع يحددها صاحب العمل قبل أن تظهر انعكاساته على عقد العمل. 

وأول قرار من شأنه أن يمس المنشأة هو الذي يمس وجودها أي غلق المنشأة كلياً ونهائياً فالإغلاق يعني انقضاء الوجود المادي و القانوني للمنشأة . 

والعبرة بأن يكون الإنهاء نتيجة الإغلاق لأسباب اقتصادية أما إذا كان الإغلاق بسبب آخر فلا تسري أحكام المواد 196 وما بعدها فإن كان الإغلاق بسبب حكم بإفلاس المنشأة وهو سبب غير إرادي بمعنى أنه قد يتم دون رغبة صاحب العمل الذي أشهر إفلاسه فتنص المادة 625 من قانون التجارة على أنه إذا أفلس رب العمل وكان عقد العمل غير محدد المدة جاز للعامل أو أمين التفليسة إنهاء العقد وإذا كان العقد محدد المدة فلا يجوز إنهاؤه إلا إذا تقرر عدم الاستمرار في التجارة فالإفلاس لا يؤدي بالضرورة إلى إنهاء عقد العمل والإدماج لا يؤدي أصلاً إلى الإغلاق وإنما البقاء تحت عباءة شكل قانوني جديد ، وطبقاً للمادة التاسعة من قانون العمل لا يترتب عليه إنهاء عقود عمال المنشأة . 

والغلق هو النتيجة أما وسيلة التوصل إلى الغلق أو الإجراء القانوني الذي يؤدي إلى الغلق فلا يؤخذ في الاعتبار. فإذا كان الغلق نتيجة تصفية الشركة لما يواجهها من صعوبات اقتصادية فإن المادة 196 تكون واجبة الأعمال ، ولهذا استخدم المشرع عبارة الغلق حتى لا تكون وسيلة التوصل إلى الغلق منتجة في هذا الشأن. 

وهناك الغلق الجزئي مثل غلق بعض الأنشطة أو بعض مراكز التوزيع فقد تغلق بعض الأنشطة التي تحقق خسائر تتحمل عبئها بعض الأنشطة الأخرى واستمرار نشاط المنشأة يستوجب إغلاق بعض الأنشطة أي الإغلاق الجزئي، وكذلك إغلاق بعض الفروع . 

والإغلاق الجزئي المقصود هو الذي يترتب عليه تخفيض حجم العمالة، أما الإغلاق الجزئي مع إعادة توزيع العمالة على باقي الأنشطة أو الفروع فهو لا يدخل في إطار الإنهاء لأسباب اقتصادية وإنما يعتبر من صميم سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته . 

وقد يلجأ صاحب العمل ، بدلاً من غلق المنشأة إلى تقليص حجمها ويفرق ذلك عن الغلق الجزئي من حيث أن تقليص حجمها يتم بون غلق المنشأة جزئياً ، بمعنى أن تستمر المنشأة في كافة أنشطتها مع تقليص حجمها مما يستوجب تخفيض العمالة بما يتلاءم مع ما تم من تقليص ، وتقليص الحجم يكون بتغيير مكان المنشأة إلى مكان أضيق مع استمرار نفس الأنشطة أو ضم بعض المراكز وتوسيع نطاق عملها توفيراً للنفقات فتقليص حجم المنشأة قد لا يمس حجم النشاط ، وإنما تقليص الحجم قد يستلزم أحياناً تقليص العمالة بالرغم من عدم تقليص النشاط فتقليص حجم المنشأة وعدم خفض النشاط مع خفض العمالة يحقق وفراً اقتصادياً للمنشأة يمكنها من مواجهة الصعوبات الاقتصادية . 

وتخفيض العمالة قد يكون ، وفقاً لما ورد في المادة 196 ، بتقليص نشاطها والمقصود أن يتم تقليص النشاط مثل تخفيض الإنتاج مع الإبقاء على حجم المنشأة كما هو ، فقد يتم تخفيض الإنتاج ليتناسب مع حالة الركود في السوق ، وعدم وجود منتجات راكدة قد تفسد وقد يرجع ذلك ليتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنشأة ولما كانت الأرباح ترتبط بحجم الإنتاج فإن تخفيض النشاط قد يستلزم تخفيض العمالة حتى لا تكون العمالة عبئاً يزيد تكلفة الإنتاج المخفض . 

وقد يكون نتيجة الظروف الاقتصادية اتخاذ صاحب العمل لأكثر من إجراء مثل تقليص حجم المنشأة وتقليص نشاطها كذلك .  

ويثور التساؤل عما إذا كانت الصور الواردة في المادة 196 قد وردت على سبيل الحصر أم المثال .   

يمكن من جهة القول بأنها قد وردت على سبيل المثال ، فإذا كان من شأن السبب الإقتصادي أن يمس حجم العمالة فإن المادة 196 تكون واجبة الأعمال حتى لو لم يكن من الإمكان رد تخفيض العماله إلى الغلق بنوعيه أو تقليص حجم أو نشاط المنشأة فالعبرة بتوافر السبب الاقتصادي ، والنتيجة وهي تخفيض العمالة . 

والراجح أنه بالرغم من الصور الواردة في المادة 196 تغطي كافة الأحوال التي تؤدي إلى المساس بحجم العمالة ، إلا أنها قد وردت على سبيل الإستثناء على سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته والإستثناء لا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه وقد يكون ذلك الاتجاه نظرياً أكثر منه عملياً إلا أنه يمثل صحيح القانون ، فالمشرع لم يكتف بأن يكون السبب الإقتصادي مؤدياً إلى تخفيض العمالة وإنما استلزم أن يكون تخفيض العمالة من خلال الغلق بنوعية وتقليص النشاط أو حجم المنشأة ويخلو النص مما يفيد أن تلك ورد على سبيل المثال أو على وجه الخصوص ، مما يستوجب الرجوع إلى القاعدة العامة في غير هذه الحالات والرجوع إلى القواعد العامة يعني حرية صاحب العمل في تنظيم منشأته دون التقيد بأحكام المواد 196 وما بعدها فالقيود التي ترد على حريته في تنظيم المنشأة يجب أن تمر من خلال القرار الذي يتخذه ويمس المنشأة ذاتها بطريقة من الطرق التي عددتها المادة 196 ، وهذا ما أخذت به محكمة النقض . 

ثانياً : حقوق والتزامات صاحب العمل عند توافر 

المبرر الاقتصادي لإنهاء العقد

(انعكاسات السبب الاقتصادي على عقد العمل) 

إذا توافر السبب الاقتصادي وتمت الإجراءات القانونية فإن الصاحب العمل أن ينهي عقد العمل بالإرادة المنفردة أو أن يعدل العقد تعديلاً جوهرياً بإرادته المنفردة فأثار أو انعكاسات السبب الاقتصادي على عقد العمل تكون إما بإنهائه أو تعديله .   

1 ـ حق صاحب العمل في إنهاء العقد بالإرادة المنفردة ، والتزاماته تجاه العمال 

إذا توافر السبب الاقتصادي فإن إنهاء عقد العمل لأسباب اقتصادية يعتبر إنهاء مشروعاً بمبرر ولكن علاقة العمل لا تنقضي من مجرد موافقة الجهات المختصة على طلب صاحب العمل ، وإنما يجب أن يتخذ صاحب العمل القرار التنفيذي بإنهاء عقود العمال كلياً أو جزئياً . 

فالإجراءات والضوابط قد رسمها القانون للتحقق من وجود السبب الإقتصادي الذي يبرر إنهاء عقود العمال ، فإن تمت الموافقة فإنها تتعلق بمبدأ أحقية صاحب العمل في الإنهاء ، أما الإنهاء فهو يصدر بعد ذلك بالإرادة المنفردة لصاحب العمل . 

والإنهاء يعتبر مشروعاً فلا يجوز للعامل الذي أنهى عقده أن يدعي أن الإنهاء تعسفياً أو عدم توافر المبرر الإقتصادي ، فهذه الأمور سبق حسمها في إطار جماعي ولا يجوز لكل عامل أن يثير مشروعية الإنهاء بصورة فردية . 

وعند مباشرة صاحب العمل لحقه في الإنهاء فإنه يتقيد بالقواعد العامة الواردة في المادة 110 من قانون العمل فيجب أن يخطر العامل كتابة بإنهاء عقده ، كما يجب أن يراعي مهلة الإخطار، فإتخاذ إجراءات لإنهاء الأسباب اقتصادية لا يعفى من مراعاة مهلة الإخطار ، فهذه الإجراءات غير موجهة إلى عامل معين وإنما تتم على مستوى جماعي ودون أن توجه إلى عامل معين ولهذا فإن المفاجأة بالإنهاء تظل قائمة على المستوى الفردي وتفادي ذلك يكون بمراعاة مهلة الإخطار .   

فيجب إعمال كافة قواعد إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بما لا يتعارض مع الأحكام الخاصة بالإنهاء الأسباب اقتصادية. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 845)

مدى اعتبار إنهاء العقد لأسباب اقتصادية دون إتباع الضوابط الواردة في القانون إنهاء تعسفياً 

- لو لجأ صاحب العمل إلى إنهاء عقود العمال بمجرد توافر الضرورات الاقتصادية ودون إتباع الإجراءات الواردة في المواد 196 وما بعدها، فهل يعتبر الإنهاء تعسفياً بالضرورة، دون حاجة للبحث في جدية سبب الإنهاء، ولا محل لتقدير القضاء مدى مشروعية الإنهاء بحيث يمتنع عليه اعتبار الإنهاء مشروعاً. 

وهذا يختلف عن سبب الإنهاء الحقيقي من حيث كونه الأسباب اقتصادية أو لأسباب شخصية، فإن ثار الخلاف حول سبب الإنهاء فإن القاضي هو الذي يحدد التكييف السليم للإنهاء من حيث كونه الأسباب اقتصادية من عدمه. 

فإن ثبت أن الإنهاء الأسباب اقتصادية، فهل يكتفي بالتحقق من إتباع الإجراءات الواردة في القانون بحيث يعتبر عدم اتباعها مؤدياً بالضرورة وبقوة القانون إلى أن يكون الإنهاء تعسفياً، وإن كان الإنهاء على خلاف تلك الإجراءات فما هو جزاء المخالفة.

وإمعان النظر في المواد 196 وما بعدها يفيد أن المشرع قد أعطى لصاحب العمل حق الاغلاق أو المساس بحجم العمالة وفقاً للشروط والإجراءات الواردة في القانون. 

فالمشرع لم يحظر الإنهاء على خلاف تلك القواعد، وإنما فتح الباب أمام الإنهاء الآمن اى الخاضع لرقابة إدارية ونقابية مسبقة. واتباع هذه الاجراءات يجعل قرار إنهاء العقد في مواجهة العمال إنهاء مبررا ومشروعا. ولم يرد في القانون ما يفيد أن الإنهاء المخالف لتلك القواعد يكون إنهاء غير مشروع. 

فهل إنهاء العقد - لأسباب اقتصادية - دون اتباع تلك الإجراءات يعني أن الإنهاء غير مشروع بالضرورة ؟ 

قضت محكمة النقض، في ظل القانون رقم 137 لسنة 1981، بأن اشتراط حصول صاحب العمل على موافقة اللجنة التي يصدر بتشكيلها قرار من رئيس الوزراء على وقف العمل كلياً أو جزئياً أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها بما قد يمس حجم العمالة بها طبقاً للمادة 107 من القانون 137 لسنة 1981، مجرد إجراء تنظیمی، وليس من شأن عدم اتخاذه أن يؤدي بطريق اللزوم إلى ثبوت التعسف في إنهاء عقد العمل. 

 

وطبقاً لهذا القضاء إذا لجأ صاحب العمل لإنهاء العقد مباشرة ودون إتباع الإجراءات فإن ذلك لا يعني بطريق اللزوم أن الفصل تعسفي، بل يختص القاضي في ضوء كافة الظروف والملابسات ببحث ما إذا كان الفصل تعسفياً من عدمه، فان تراءى له توافر المبررات وبالتالى انتفاء التعسف فان الإنهاء يقع صحيحاً ولا يلزم صاحب العمل بأي تعويض. ويمكن القول بعبارة أخرى أن عدم اللجوء إلى اللجان ينقل عبء تقدير مدى مشروعية الإنهاء إلى القضاء.

- وهل يسري هذا القضاء في ظل قانون العمل الجديد أم أن هناك أحكام جديدة في قانون العمل الجديد تستوجب المغايرة في الحكم أي أن يكون الإنهاء تعسفيا في حالة عدم إتباع الإجراءات الواردة في المواد 196 وما بعدها. 

ومما قد يؤيد ضرورة التقيد بضوابط الإنهاء لأسباب اقتصادية وإلا كان الإنهاء تعسفياً أن قانون العمل الجديد قد حدد بدقة وعلى سبيل الحصر أسباب إنهاء العقد بالإرادة المنفردة. فالمشرع لم يترك مشروعية الإنهاء رهناً بتوافر مبرر مشروع، وإنما يجب أن يكون هناك خطأ جسيم من جانب العامل أو عدم كفاءته أو للحكم بعقوبة مقيده للحرية. أما الإنهاء لسبب اقتصادی فلا يجوز إلا بعد إتباع التنظيم الخاص والذي ورد في الباب الرابع بشأن منازعات العمل الجماعية باعتبار أن الإنهاء يكون جماعيا وليس لعامل معين، فتوافر سبب الإنهاء المشروع لا يكون إلا من خلال ووفقاً للأسباب الواردة على سبيل الحصر. كما أن تنظيم الإنهاء الأسباب اقتصادية يتضمن تفصيلات لتحديد السبب الاقتصادي وإجراءات الموافقة وتحديد من ينهي عقدهم وحقوقهم المالية. فهذا التنظيم المتكامل يتعلق بالنظام العام لأنه يوفر الحماية اللازمة للعمال في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها المشروع. 

ومع هذا فاننا نرجح أن عدم اللجوء إلى اللجان الإدارية السابق الاشارة إليها ليس من شأنه أن يجعل الإنهاء بالضرورة تعسفياً أو غير مشروع ولكن يتعرض صاحب العمل للجزاء الجنائي وهو الغرامة. 

أما فيما يتعلق بمشروعية الإنهاء فإن الأمر يدخل في اختصاص القاضي عند رفع دعوى عمالية ممن أنهيت عقودهم. 

وصياغة المادة 196 من قانون العمل الجديد تتسع من باب أولى الاستمرار العمل بقضاء النقض. فالمادة 196 تعطى لصاحب العمل الحق في الإغلاق، بعكس المادة 107 من القانون القديم التي كانت تحظر في فقرتها الثانية على صاحب العمل إغلاق المنشأة إلا بعد الحصول على موافقة اللجنة. 

وقضت محكمة النقض بأنه مما يدخل في سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته إنهاء عقود بعض عماله متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إليه، ولا يجوز أن يحل القاضي محله في هذه السلطة، ويقتصر دور القضاء على التحقق من توافر المبررات الجدية التي دعت إليها. 

ولكن إذا انتهت المحكمة إلى أن الإنهاء دون مبرر قضت المحكمة بالتعويض طبقا للقواعد الواردة في قانون العمل خصوصا فيما يتعلق بالحد الأدنى التعويض. 

أما إذا انتهت المحكمة إلى أن الإنهاء بمبرر فيجب تطبيق أحكام المادة 201 وخصوصاً أحقية العامل في التعويض المنصوص عليه في هذه المادة. 

ويسري ذلك في حالتي عدم اللجوء أصلا إلى اللجنة، أو في حالة اللجوء إليها وإصرار صاحب العمل على إغلاق المنشأة أو تخفيض حجم العمالة وغيرها مما ورد في المادة 196. 

وهذا الحل الذي انتهينا إليه يوفق بين ما جاء من أحكام بهدف حماية العامل وعدم تمكين صاحب العمل من التهرب منها وبين أن القرار النهائي لتقدير التعسف من عدمه يكون بيد القضاء مع احترام سلطة صاحب العمل التنظيمية. يضاف لذلك أن اللجان لا تسلب القاضي سلطته في القول الفصل حول مشروعية الإنهاء، فهي مجرد إجراءات تنظيمية لكفالة أن يكون الإنهاء مشروعاً، ولكن ذلك كله يخضع لرقابة القضاء في نهاية الأمر. 

ويجب التأكيد على أن محكمة النقض لم ترى أن الإجراءات التنظيمية التي جاء في القانون تمثل قيداً على صاحب العمل في الإنهاء وإنما مجرد باب فتحه المشرع أمام صاحب العمل للتوصل إلى إنهاء مبرر للعقد قبل اتخاذ قرار الإنهاء أي الخضوع لرقابة مسبقة، ولكن ذلك لا يغلق الطريق الثاني وهو الإنهاء ثم الخضوع لرقابة قضائية لاحقة. فصاحب العمل أمامه طريقان له أن يسلك الطريق الذي يختاره . 

ولهذا حرصت محكمة النقض على التأكيد على أن من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إليه بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف، وسلطته في ذلك تقديرية لا يجوز لقاضى الدعوى أن يحل محله فيها، وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه، وكان ما نصت عليه المادة 107 من قانون العمل المشار إليه من عدم جواز وقف العمل كلياً أو جزئياً أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها بما قد يمس حجم العمالة بها إلا بعد حصول صاحب العمل على موافقة اللجنة التي يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء لا يعدو أن يكون إجراء تنظيمياً ليس من شأنه أن يؤدي بطريق اللزوم إلى ثبوت التعسف في إنهاء عقد العمل، عند عدم اتخاذه. فإذا كانت الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمشروع استوجبت إعادة تنظيم المنشأة وتقليص حجم العمالة فإن إنهاء عقود بعض العمال يكون بمبرر ودون تعسف. كما لا يتوافر التعسف إذا كان إنهاء عقود عمال النظافة راجعاً إلى قرار مجلس الإدارة بوقف قيامها بتلك الأعمال ذاتياً وإسنادها إلى شركات متخصصة في هذا المجال. فالتشغيل الذاتي أثبت أنه غير اقتصادی. فهذا كله يدخل في نطاق سلطة صاحب العمل في إدارة منشأته وتنظيمها. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 876)

جزاء المخالفة : 

- وقد نصت المادة (254) يعاقب صاحب العمل أو ممثله عن المنشأة عن مخالفة حكم المادة (196) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة وهذا النص في حالة قيام صاحب العمل بالإغلاق الكلي أو الجزئي دون التقدم بطلبه إلى اللجنة المشكلة لهذا الغرض. (راجع الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 519)

التوقف عن العمل : 

التوقف عن العمل Le lock out إجراء أقرته اتفاقيات العمل الجماعية ففي أثناء مرحلة المفاوضات في حل أنزعه العمل الجماعية هناك إلتزام أشبه بالميثاق pacte تلتزم به القوى المتنازعة - العمال من خلال ممثليهم وأصحاب الأعمال وتعتبر مرحلة المفاوضات في هذه الحالة بمثابة هدنة بين الطرفين يكون فيها السلاح الذي يلوح به العمال هو سلاح الإضراب في حين يكون سلاح رب العمل هو التوقف عن العمل .

وفي التوقف عن العمل يتوقف النشاط الإقتصادي للمنشأة وهو يتوقف في جزء من المشروع بناء على قرار من سلطات الإدارة بالمنشأة فيتعطل العمل وتغلق المؤسسة أبوابها في وجه العمال ، ونادراً ما يستخدم التوقف عن العمل كوسيلة ضغط تلقائية من جانب رب العمل وإنما يكون التوقف من الناحية العملة بمثابة رد فعل إنتقامي وسريع في مواجهة الإضراب .

ويخضع التوقف عن العمل في بعض الأحيان من حيث مدى مشروعيته لرقابة القضاء وخاصة محكمة النقض التي اعتبرته بمثابة دفع exeptio من جانب صاحب العمل يرد به على العمال المضربين في إطار القواعد الشرعية التي أقرها القانون .

العقوبة الجنائية : 

يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حکم المادة (196) بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه . 

وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة ، وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 254). (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث، صفحة 258)