loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)

وتنص المادة (199) على أنه في حالة الإغلاق الجزئي أو تقليص حجم المنشأة أو نشاطها - إذا لم تتضمن الإتفاقية الجماعية في المنشأة المعايير الموضوعية لإختيار من سيتم الإستغناء عنهم من العمال - يتعين على صاحب العمل أن يتشاور في ذلك مع المنظمة النقابية وذلك بعد صدور القرار وقبل التنفيذ مع مراعاة ألا يتجاوز التشاور بين المنظمة النقابية وصاحب العمل الموعد المحدد لتنفيذ قرار اللجنة وتعتبر الأقدمية والأعباء العائلية والسن والقدرات والمهارات المهنية للعمال من المعايير التي يمكن الإستئناس بها في هذا الشأن.

 

 (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث)

المذكرة الإيضاحية :  

إذا لم تتضمن الإتفاقية الجماعية السارية في المنشأة المعايير الموضوعية لإختيار من سيتم الإستغناء عنهم من العمال في حالة الإغلاق الجزئي أو تقليص حجم المنشأة أو نشاطها ، فإنه يتعين على صاحب العمل أن يتشاور في ذلك مع المنظمة النقابية وذلك بعد صدور القرار وقبل التنفيذ مع مراعاة ألا يتجاوز التشاور بين المنظمة النقابية وصاحب العمل الموعد المحدد لتنفيذ قرار اللجنة طبقاً لنص المادة ، وتعتبر الأقدمية والأعباء العائلية والسن والقدرات والمهارات المهنية للعمال من المعايير التي يمكن الاستئناس بها في هذا الشأن .   

ولا توجد عقوبة جنائية عند مخالفة هذه المادة . 

الأحكام

إذ كان من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها وإن أدي به ذلك إلى تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأي من ظروف العمل ما يدعو إليه ، بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف وسلطته في ذلك تقديريه لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها ، وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه .

(الطعن رقم 12809 لسنة 80 ق - جلسة 20/ 3 / 2018 والطعن رقم 2420 لسنة 79 ق - جلسة 21 / 11 / 2017 والطعن رقم 1628 لسنة 74 ق- جلسة 22/ 2 / 2017 والطعن رقم 2104 لسنة 75 ق - جلسة 1/ 11/ 2016 والطعن رقم 1785 لسنة 74 ق - جلسة 3/ 5/ 2016) 

شرح خبراء القانون

سلطة صاحب العمل في تحديد العمال الذين تنتهي عقودهم في حالة تخفيض حجم العمالة :

لا صعوبة في حالة الإغلاق الكلى حيث يتم إنهاء عقود جميع العمال ، أما في حالة الإغلاق الجزئي أو تقليص حجم المنشأة أو نشاطها مما يؤدي إلى تخفيض حجم العمالة فإن بعض العمال سيستغني عنهم وبعضهم الآخر يبقى في العمل فكيف يتم تحديد العمال الذين تنتهي عقودهم؟ . 

واجهت هذه المسألة المادة 199 من قانون العمل حيث وضعت بعض الضوابط . 

وقبل أن نتعرض بالشرح لهذه المادة فإن رغبة العمال يجب أن تكون لها الأولوية ، فيتم الاستغناء عن الذين يبدون رغبتهم في ترك العمل ، فهذا يؤدي إلى تفادي مشكلة اختيار أو تحديد من يظل ومن يترك العمل ، وقد تكون للعامل مصلحة في ترك العمل في ظل الإنهاء الأسباب اقتصادية ، ولا يجوز لرب العمل الإعتراض طالما أن العامل الذي أبدى رغبته يعمل في القطاع الذي يخفض نشاطه وسوف يستغني عن بعض العاملين به ، فترتيب أو نظام الإستغناء لا يثور أصلاً إذا وجد من العمال من يرغب في ترك العمل . 

يجب إتباع المعايير التي تتضمنها اتفاقية العمل الجماعية السارية في المنشأة وذلك متى ورد في هذه الاتفاقية تحديد لمعايير موضوعية لإختيار من سيتم الإستغناء عنهم من العمال ، فعمومية اتفاقية العمل تستوجب أن تكون المعايير الواردة بها موضوعية وليست شخصية . 

فإن لم تتضمن اتفاقية العمل الجماعية هذه المعايير فيجب أن يبدأ صاحب العمل بالتشاور في هذا الشأن مع المنظمات النقابية وحدد المشرع فترة التشاور بأنها تقع ما بين صدور القرار بالإغلاق الجزئي أو تخفيض حجم العمالة ، وقبل تنفيذ هذا القرار فالتشاور في خلال هذه الفترة يكون بقصد وضع المعايير التي يتم اتباعها عند الإستغناء عن بعض العمال والتشاور يتم على المستوى الفردي بمعنی ما بين صاحب العمل وليس أصحاب الأعمال ، والمنظمة النقابية المختصة ، فلا يتم التشاور في إطار المادة 145 من قانون العمل لأن هذه المادة تتعلق بوضع سياسات عامة مثل اقتراح الحلول المناسبة في الأزمات الإقتصادية التي تؤدي إلى توقف بعض المشروعات عن العمل كلياً أو جزئياً أما المادة 199 فهی تتعلق بالتشاور في شأن وضع معايير الاستغناء عن بعض العمال . 

والتشاور لا يعني التوصل إلى اتفاق بشأن المعايير وإنما مجرد تبادل الرأي ، وفي حالة عدم وجود اتفاق أو عدم وضع خطوط عريضة يتم الإستغناء في إطارها فإن صاحب العمل هو الذي يتخذ قرار الإنهاء وفقاً للمعايير الواردة في المادة 199 ، ويجب أن يصدر القرار بعد التشاور مع المنظمة النقابية ولا يشترط أن تصدر المنظمة قراراً بشأن المعايير وإنما يكفي العرض عليها . 

وتحديد العمال الذين يستغنى عنهم يتم وفقا لعدة معايير حددتها المادة 199 على سبيل الإسترشاد وهي الأقدمية والأعباء العائلية والسن والمهارات المهنية للعمال وإعمال هذه المعايير يجب أن يتم في إطار تحقيق التوازن بين مصلحة المنشأة ومصالح العمال . 

وتحديد المعايير تعني أن صاحب العمل ملزم أن يعلن تلك المعايير ويتم الاستغناء وفقاً لها ، فليس المقصود بالمعايير أن يأخذها صاحب العمل في اعتباره فقط عند الإستغناء عن كل عامل على حدة، بل يجب أن تمثل تلك المعايير الضوابط التي يعلن صاحب العمل الأخذ بها قبل إصدار قرارات الإنهاء وعلى أن يتم الإنهاء وفقاً لها، فالخطاب في وضع المعايير ليس موجها لصاحب العمل فقط وإنما للمنظمة النقابية التشاور فيما بينهما في القواعد الموضوعية التي يجب اتباعها، فالمعايير تكون موضوعية بمعنى أنه يضع قاعدة عامة تطبق على العمال عند الإستغناء عنهم ولا تكون بوضع أسماء المستغنى عنهم وصاحب العمل هو الذي يطبق تلك المعايير على العمال . 

والمعايير التي أشارت إليها المادة 199 تشمل في المقدمة الأقدمية وهو معيار موضوعی من حيث أنه يرتبط بمدة الخدمة مثل الإستغناء عن العامل الأحدث واستبقاء الأقدم ، أو استبقاء الأحدث مراعاة للأقدم الذي يستحق مكافأة تتناسب مع سنوات الخدمة . 

ومعيار الأعباء العائلية ويقصد به مراعاة الحاجة والوضع الإجتماعي للعامل ، فالعامل الذي يعول يفضل على من لا يعول ، ومن يعول عدداً أكبر من الأولاد يفضل على من يعول أقل ، بل ويمكن أن يقال في ظل سياسة الحد من النسل تفضيل من لا يتجاوز من يعولهم عدداً معيناً وموضوعية المعيار تستلزم ألا تؤخذ في الإعتبار سوى الأعباء العائلية دون القدرة المالية الشخصية والتي قد تختلف من شخص آخر بحسب مصادر دخله الأخرى كعمل الزوجة أو الأموال الموروثة . 

ومعيار السن يتصف بالموضوعية الواضحة وهو قد يؤخذ في الإعتبار للإستغناء عن الأكبر سناً الذي قارب سن التقاعد واستبقاء الأحدث أو الإستغناء عن الأصغر بإعتبار أن لديه فرصة للحصول على عمل آخر بخلاف من اقترب سنة من سن التقاعد . 

والمعيار الأخير الذي ورد في المادة 199 هو معيار المهارة الفنية ، وإذا كان صاحب العمل يستقل بتقدير كفاءة العامل إلا أن قرار صاحب العمل يجب أن يستند إلى معيار موضوعي مثل تقدير معين في التقارير السنوية فالمشرع يستلزم أن يكون المعيار موضوعياً ولا يكون على هوى صاحب العمل ، فهو يجب أن يمارس سلطته من خلال معايير موضوعية وفي إطار هذه المعايير يكون لصاحب العمل وحده سلطة تقدير كفاية العمال وتحديد الأكفأ منهم . 

والضوابط التي وردت في القانون جاءت على سبيل الاسترشاد والمثال ومن ثم يمكن إضافة معايير موضوعية أخرى وعلى صاحب العمل أن يبين المعايير الموضوعية التي استند إليها ، وقد يكون من المعايير الموضوعية المؤهلات العلمية للعامل وهو يختلف عن المهارة الفنية ، ولا يلتزم صاحب العمل بأن يأخذ في الإعتبار المعايير الواردة في القانون كحد أدنى، بل لقد جاءت على سبيل الإسترشاد المحض مما يعني أن له أن يأخذ بغيرها وهذا خلاف الوضع في القانون الفرنسي .  

 ولا يجوز أن يكون المعيار الوحيد قائماً على أساس عنصری مثل الاستغناء عن النساء، أو الاستغناء عن النساء الحاصلين على أجازة رعاية الطفولة، فالمعيار يجب أن يكون مشروعا في إطار القواعد العامة. 

- وفي جميع الأحوال يتعين أن تراعى تلك المعايير الموازنة بين مصالح المنشأة ومصلحة العمال. ومفاد ذلك أنه يجب التوفيق بينهما قدر الإمكان ولا يجوز التضحية بمصلحة أحدهما على حساب الآخر. ونرى أن الموازنة بين مصلحة العمال ومصلحة المنشأة التي تعاني من أزمة اقتصادية قد تقتضي تحديد المعيار في ضوء عدم تحميل المنشأة أعباء مالية كبيرة تتمثل في مبالغ المكافأة المقررة قانوناً. ويتداخل مع ذلك معيار الأقدمية مثل الاستغناء عمن تكون مدة خدمتهم قليلة حيث تقل مبالغ المكافأة لقلة عدد سنوات الخدمة، وكذلك الاستغناء عن من يكون مرتبه مرتفعاً في سبيل تقليل نفقات المنشأة. ومع هذا يذهب القضاء الفرنسي إلى عدم مشروعية المعيار الذي يقوم على عناصر مالية. 

والموازنة في الواقع هي بين الاعتبارات الاقتصادية التي تهم المنشأة، والاعتبارات الاجتماعية التي تهم العمال، وعلى صاحب العمل في تحديده للمعايير أن يوفق بين الاعتبارين ولا يقتصر على المعايير التي تحقق مصلحته الاقتصادية وحدها مثل المهارة الحرفية، ولهذا يرى بعض الفقه أن صاحب العمل لا يجب أن يقتصر على الأخذ بمعيار واحد فالمشرع يتطلب وضع معايير بالجمع وليس المفرد بمعنى أن يكون هناك أكثر من معیار بهدف الموازنة بين المصالح. 

- ويثور التساؤل عن جزاء مخالفة صاحب العمل للمعيار الموضوعي سواء بأعمال معيار شخصي أو عدم اتباع معايير الاستغناء التي وضعت أو عدم احترام تدرج المعايير التي حددها. 

من المستقر في القانون الفرنسي أن إنهاء عقد العامل بمخالفة معايير الاستغناء لا يمس صحة الإنهاء. فالمبرر القانوني للإنهاء هو الأسباب الاقتصادية التي تم التحقق من توافرها. ولكن يلتزم صاحب العمل بأن يقدم للقاضى المعايير الموضوعية التي استند إليها للاستغناء عن بعض العمال. ولكن إذا كان مخالفة قواعد الاستغناء من شأنها أن تسبب ضرراً للعامل فمن حقه أن يطلب تعويضاً طبقاً للقواعد العامة في المسئولية وليس على أساس الإنهاء التعسفي. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 858)