loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)

وتعرض المادة (201) للحالات التي يحق لصاحب العمل فيها إنهاء عقد العمل لمبررات اقتصادية ، وتجيز له بدلاً من استعمال هذا الحق أن يعدل من شروط العقد بصفة مؤقتة وعلى الأخص أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه ، ولو كان يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي. كما تجيز له أن ينقص أجر العامل بما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور. 

وعلى أن يكون للعامل الحق في حالة ما إذا قام صاحب العمل بتعديل شروط العقد وفقاً للأحكام المتقدمة أن ينهي العقد دون أن يلتزم بإخطار صاحب العمل بالإنهاء ويعتبر الإنهاء في هذه الحالة إنهاء مبرراً من جانب صاحب العمل وليس من قبيل الفصل التعسفي . 

وفي فقرتها الأخيرة تلزم المادة صاحب العمل عند إنهاء العقد لأسباب اقتصادية وفقاً للمواد (196 - 200) بأن يؤدي للعامل الذي أنهى عقده مكافأة تعادل أجر شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة. 

ويلاحظ مما سبق أن الإنهاء المبررات اقتصادية ؛ يعني أن يكون من حق صاحب العمل إنهاء عقد العمل إذا واجهت منشآته من الظروف ما يؤدي إلى إغلاقها أو تقليص نشاطها وهو مبرر - وإن لم يكن قد جرى النص عليه صراحة في القوانين السابقة - فإن الفقه والقضاء سلم) به بإعتباره من الأمور الطبيعية . 

وتأكيداً لذلك اتجهت أحكام محكمة النقض إلى أن سلطة صاحب العمل في تنظيم منشآته يعطيه الحق في تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته ، ویستتبع ذلك أن يكون له سلطة إنهاء عقود بعض العمال لهذا السبب، وينتفي عنه - في هذه الحالة - وصف التعسف ، ويقتصر دور المحكمة على التحقق من جدية المبررات . 

كذلك ، فإن إنهاء العقد بسبب وقوع صاحب العمل في خسارة مالية أدت به إلى ضرورة ضغط مصروفاته، يعد سبباً سائغاً يبرر الاستغناء عن بعض عماله غير أنه يشترط حتى تكون الأوضاع الاقتصادية مبرراً كافياً لإنهاء العقد أن تكون هذه الأوضاع قائمة ومستقرة وقت اتخاذ قرار الإنهاء ، لأنه لا يمكن تبرير الإنهاء بأوضاع غير مستقرة ، وفي الحسبان تخلفها مستقبلاً ، وعلى الرغم من ثبوت الحق لصاحب العمل في إنهاء العقد للمبررات الإقتصادية ، فإن المشروع مراعاة منه للأوضاع الإجتماعية في مصر وخاصة تفاقم مشكلة البطالة أراد أن يتجنب قدر الإمكان حالات إنهاء العقد لتلك الأسباب، لذلك جاء حكم هذه المادة مقررة أنه في الحالات التي يحق فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب اقتصادية يجوز له بدلاً من أن يلقي بعماله في صفوف البطالة مستخدمة حقه الثابت قانوناً أن يكتفي بتعديل شروط العقد وبصفة مؤقتة تحدد بتخطي الظروف الإقتصادية التي دعت إلى ذلك واستعادة المنشأة لتوازنها الإقتصادي بحيث يصبح من الممكن أن تعود العقود إلى سيرتها الأولى ، فيجوز لصاحب العمل في هذه الحالة مثلاً أن يكلف العامل بعمل آخر غير متفق عليه ولو كان يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي . 

أما إمكانية لجوء صاحب العمل إلى تخفيض الأجر؛ فعلى الرغم مما يبدو ظاهرياً من أنه ضد مصلحة العامل فهو في حقيقة الأمر حماية له من خطر أدهى وهو خطر البطالة ، ومن ثم فقد الأجر بأكمله ، بينما تقرر المادة (201) أنه حتى في هذه الحالة لا يجوز أن يقل الأجر المنقوص عن الحد الأدنى للأجور. 

وعلى الرغم من كافة هذه الضمانات فقد احتاط المشروع لفرض نادر الحدوث وهو الا يقبل العامل تخفيض أجره رغم الظروف الإقتصادية (التي قد لا تواجهها المنشاة وحدها بل قد تتعلق بالنشاط الاقتصادي بصفة عامة وتجعل من الصعب الحصول على فرصة عمل) لذلك تركت الفقرة الثانية من هذه المادة للعامل الحق في إنهاء العقد دون أن يلتزم بإخطار صاحب العمل واعتبرت الإنهاء في هذه الحالة إنهاءً مبرراً من جانب صاحب العمل .

وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن المشروع إذ نظم حق الإغلاق فإنه قد نظمه بإعتباره إجراءً اقتصادياً لمواجهة ظروف تبرره وليس، باعتباره سلاحاً بين يدي صاحب العمل يشهره في وجه العيال إذا استخدموا حقهم المشروع في الإضراب

الأحكام

1- مفاد المواد 47 ، 91 ، 94 ، 122 ، 126 ، 201  من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ، واجب التطبيق، أن المشرع اعتد بعدد سنوات الخدمة كمعيار يقدر على أساسه حقوق العامل لدى صاحب العمل، وقد جاءت عبارة "سنوات الخدمة" عامة بغير تخصيص مطلقة بغير قيد، فتنصرف إلى جملة المدة التي قضاها العامل في خدمة صاحب العمل، سواء استغرقها عقد عمل واحد أو أكثر، وبما مؤداه أن عقود العمل محددة المدة تعد بمثابة وحدة واحدة لا تتجزأ في مقام حساب أي من الحقوق التي كفلتها النصوص المتقدم بيانها، ويُحسب على أساسها حقوق العامل .

( الطعن رقم 20462 لسنة 88 ق - جلسة 20 / 11 / 2022 )

2 ـ إذ كان من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها وإن أدي به ذلك إلى تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأي من ظروف العمل ما يدعو إليه ، بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف وسلطته في ذلك تقديريه لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها ، وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه .

( الطعن رقم 12809 لسنة 80 ق - جلسة 20 /3 /2018 )

3 ـ مفاد النص في المادة 22 من قانون شركات قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 يدل على أن المشرع حدد المكافأة السنوية المستحقة للأعضاء المنتخبون من أعضاء مجلس إدارة شركة قطاع الأعمال العام التى يساهم في رأسمالها أفراد أو أشخاص اعتبارية من القطاع الخاص بما لا يجاوز الأجر السنوى الأساسى لكل عضو ، ومن ثم فإن مكافأة المطعون ضده الأول السنوية خلال السنوات التى انتخب فيها عضو مجلس إدارة بالشركة الطاعنة لا يجوز أن تتعدى أجره السنوى الأساسى عن كل سنة من هذه السنوات ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق حكم المادة 21 من القانون رقم 203 لسنة1991 السالف الذكر والتى تسرى على الشركات التى يملك رأسمالها بأكمله شركة قابضة بمفردها أو بالاشتراك مع شركات قابضة أخرى أو أشخاص عامة أو بنوك القطاع العام والتى يحصل أعضاء مجلس الإدارة المنتخبون فيها على مكافآتهم السنوية دون حد أقصى إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في هذا الشأن بمقولة إن الشهادات المقدمة من المطعون ضده الأول تفيد أن الشركة الطاعنة طوال فترة المطالبة من 1991 حتى عام 1996 تابعة للشركة القابضة المطعون ضدها الثانية وهى التى تمتلك رأسمالها وأنه اعتباراً من 11 / 6 / 1997 تم بيع أسهم الشركة القابضة بنسبة 93٪ وبقى لها 7٪ وأصبحت خاضعة للقانون الخاص اعتباراً من 27 / 7 / 1997 ، بالرغم من أن ما ورد بهذه الشهادات لا ينفى مشاركة القطاع الخاص في رأس مال الشركة الطاعنة ولا يتعارض مع النظام الأساسى لها والذى يفيد ذلك خلال فترة المطالبة وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.

( الطعن رقم 2456 لسنة 73 ق - جلسة 16 /1 /2005 )

شرح خبراء القانون

حق صاحب العمل في تعديل العقد تعديلاً جوهرياً كبديل لإنهاء العقد لأسباب اقتصادية 

- تنص المادة 201 من قانون العمل أنه في الحالات التي يحق فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب اقتصادية يجوز له بدلا من استخدام هذا الحق أن يعدل من شروط العقد بصفة مؤقتة، وله على الأخص أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه ولو كان يختلف عن عمله الأصلي، كما أن له أن ينقص أجر العامل بما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور.

1 - فهذه المادة تعطى صاحب العمل الحق في تعديل شروط العقد بصفة عامة، فلا يقتصر التعديل على شرط معين ، وإنما يستقل صاحب العمل بتقدير الشروط التي تعدل حتى يمكن الاستمرار في العمل بدلاً من إنهاء عقد العامل، فهذه المسألة لا تكون محل تفاوض بين العامل وصاحب العمل. فالتعديل يدخل في سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته في ضوء ما ثبت من توافر أسباب اقتصادية تبرر الإنهاء أو التعديل، والتعديل قد يلحق أي شرط حتى لو كان جوهرياً، فالعبرة أن يكون التعديل ملائماً لاستمرار المشروع.

2 - ولا يجوز للعامل الاعتراض على تعديل معين بحجة أن تعديل آخر يكون أفضل، أو أن يدعي أن التعديل لا يتناسب مع الضرورة الاقتصادية. فالفرض أن الضرورة الاقتصادية تستوجب إنهاء العقد، ولهذا تكون لصاحب العمل حرية تحديد التعديل الذي يغني عن الإنهاء، وليس معنى ذلك أن العامل يقف مكتوف الأيدي، وإنما قرر له المشرع المسلك الذي له أن يتخذه في حالة ما إذا تراءى عدم قبول التعديل لسبب أو لآخر. 

3 - نص المشرع على سبيل المثال على صورتين من صور التعديل التي يحق لصاحب العمل إدخالها على العقد. 

أ- لصاحب العمل أن يكلف العامل بعمل آخر غير المتفق عليه حتى لو كان التعديل جوهرياً، ويستفاد جواز التعديل. الجوهري من أنه يجوز تكليف العامل بعمل يختلف عن عمله الأصلي. 

ب - كما له أن ينقص أجر العامل أياً كان مقدر الإنقاص شريطة ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور، فصاحب العمل قد يقتصد في الأجور مما يساعد على الاستمرار في المنشأة دون أعباء وفي نفس الوقت قد تعود الأجور إلى سابق عهدها عندما يتجاوز المشروع المشكلات الاقتصادية التي قابلها. 

ولهذا يجوز لصاحب العمل تغییر محل العمل أو أوقات العمل. 

4 - ويجوز أن يتضمن التعديل أكثر من شرط أي تغيير العمل وتخفيض الأجر، فسلطة التعديل متروكة لتقدير صاحب العمل. كما له أن يعدل في مكان العمل أو غير ذلك.

5- والقيد الهام والغامض هو أن يكون التعديل مؤقتاً وليس دائماً فالتعديل مؤقت بمعنى أنه يزول بزوال الأسباب الاقتصادية التي استوجبت التعديل بدلاً من الإنهاء. فإذا زالت الأسباب عاد العقد إلى ما كان عليه قبل التعديل بكافة شروطه السابقة. 

أما الغموض فهو يتعلق بتحديد وقت استعادة المشروع لعافيته فالمشروع لا يتخطى العقبات بين يوم وليلة بل تدريجياً وقد يختلف الرأي حول انتهاء المشكلات. 

ونرى أن ذلك يترك كذلك لمطلق تقدير صاحب العمل دون معقب عليه. 

حقوق العامل في مواجهة ما يدخله صاحب العمل من تعديل على العقد كبديل للإنهاء

تنص الفقرة الثانية من المادة 201 على أنه إذا قام صاحب العمل بتعديل في شروط العقد كان للعامل أن ينهي عقد العمل دون أن يلتزم بالإخطار، ويعتبر الإنهاء في هذه الحالة مبرراً من جانب صاحب العمل ويستحق العامل المكافأة المنصوص عليها في الفقرة التالية. 

فإذا كان صاحب العمل يستقل بقرار التعديل الجوهري المؤقت، فإن للعامل في مواجهة ذلك أن يرفض التعديل وذلك بأن ينهي العقد بإرادته هو أي بالاستقالة. فالعامل لا يجبر على البقاء في العمل بعد تعديله بالإرادة المنفردة لصاحب العمل وخصوصاً أن التعديل يكون جوهرياً لمواجهة الضرورات الاقتصادية، وإذا كان العامل لا يقبل تلك التعديلات فليس أمامه سوى إنهاء العقد بالاستقالة.

 ولما كان الإنهاء بالاستقالة يقع بعد المرور بإجراءات الموافقة على الإنهاء، وبعد إدخال صاحب العمل لتعديلات يتوقع قبولها أو رفضها فإن استقالة العامل لا تنطوي على عنصر مفاجأة لصاحب العمل من جهة، كما أن الظروف تستوجب تخفيض العمالة، والاستقالة تؤدي إلى التخفيض ولهذا لا يضار صاحب العمل من الرفض الفوري التعديل عن طريق الاستقالة، وبناء عليه نصت المادة 201 على أن العامل ينهي العقد دون أن يلتزم بمراعاة مهلة الإخطار. 

ولما كانت الاستقالة تقع بسبب الضرورات الاقتصادية التي واجهت المشروع واضطرت صاحب العمل إلى تعديل العقد فإن الاستقالة تكون بسبب التصرفات المشروعة قانونا من جانب صاحب العمل، ولهذا فإن المادة 201 تنص على أن الإنهاء في الحالة يعتبر إنهاء مبرراً من جانب صاحب العمل، وفي غياب التعسف لا يستحق العامل أي تعويض عنه ، وإنما يستحق المكافأة المنصوص عليها في عجز المادة 201 في حالة الإنهاء المشروع لأسباب اقتصادية. فقد عامل المشرع الاستقالة التي تقع بسبب التعديل المشروع للعقد معاملة الإنهاء المشروع من جانب صاحب العمل وذلك باستحقاق العامل للمكافأة بالرغم من أنه هو الذي استقال رفضاً للتعديل ، والقول بغير ذلك من شأنه أن يحرم العامل الذي يرفض التعديل من تلك المكافأة إذا ما رأى صاحب العمل ، ولو تحايلا، اللجوء إلى التعديل وليس الإنهاء في حالة الضرورة الاقتصادية.

ولم يحدد المشرع مدة لطلب العامل إنهاء العقد، ويجب أن يتم ذلك في خلال مدة معقولة من إبلاغه بالتعديل، والسكوت يعتبر قبولاً بالتعديل في إطار تلك الظروف ويجوز لصاحب العمل أن يشترط مدة للرد وتحديد العامل لموقفه والتعديل الذي يقبله العامل يؤدي إلى استمرار العقد بالشروط الجديدة لفترة مؤقتة على أن تعود الشروط الأصلية بانتهاء الضرورات الاقتصادية التي استوجبت التعديل.

 

ولكن قد يتراءى للعامل أن فترة التعديل المؤقت قد انتهت ويجب العودة إلى الشروط الأصلية للعقد، وينازعه في ذلك صاحب العمل، وفي هذه الحالة نرى أن للعامل أن يستقيل ويعتبر ذلك بناء على التصرفات الجائرة من جانب صاحب العمل ومن ثم يقع عبء نفي التعسف على عاتق صاحب العمل. وهذا ما نص عليه القانون المدني في المادة 696/ 1 من أن مخالفة صاحب العمل لشروط العقد تجعل منه مسئولاً عن الإنهاء لأنه هو الذي دفع العامل إلى الاستقالة. فالاستمرار في إعمال الشروط المعدلة بعد زوال مبررها يعتبر عملا تعسفيا من جانب صاحب العمل، ويستحق العامل التعويض عن الإنهاء التعسفي طبقا للقواعد العامة، ولا يستحق مكافأة الإنهاء فهي لا تستحق إلا في الإنهاء المشروع. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 865)

هذا النص مستحدث وليس له نظير في التشريعات السابقة. 

ويلاحظ أن هذا النص يتعلق بحالة ما يكون من حق صاحب العمل أن ينهي عقد العامل المبررات إقتصادية ، والإنهاء لمبررات إقتصادية يعني أن يكون من حق صاحب العمل إنهاء عقد العمل إذا واجهت منشأته من الظروف ما يؤدي إلى إغلاقها أو تقليص لنشاطها وهو مبرر - وإن لم يكن قد جرى النص عليه صراحة في القوانين السابقة - فإن الفقة والقضاء سلما به باعتباره من الأمور الطبيعية .  

وتأكيداً لذلك ، قررت محكمة النقض ، «أن سلطة صاحب العمل له في تنظيم منشأته ، يعطيه الحق في تضييق دائرة نشاطه أو ضغط ما مصروفاته ، ويستتبع ذلك أن يكون له سلطة إنهاء عقود بعض العمال لهذا السبب ، وينتفي عنه - في هذه الحالة - وصف التعسف ، قمر ويقتصر دور المحكمة على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه وهو غير ملزم بأن يلحق للعامل المفصول بعمل آخره. 

(طعن رقم 44 لسنة 45 ق جلسة 17/ 5/ 1980) 

كذلك ، فإن إنهاء العقد بسبب وقوع صاحب العمل في خسارة مالية أدت به إلى ضرورة ضغط مصروفاته ، يعد سبباً سائغاً في توفير المبرر للإستغناء عن بعض عماله . 

غير أنه يشترط ، حتى تكون الأوضاع الإقتصادية ، مبرراً كافياً للإنهاء ، أن تكون هذه الأوضاع قائمة ومستقرة وقت اتخاذ قرار الإنهاء ، لأنه لا يمكن تبرير الإنهاء بأوضاع غير مستقرة ، وفي الحسبان تخلفها مستقبلاً ، على الرغم من ثبوت الحق لصاحب العمل في إنهاء العقد المبررات الإقتصادية فإن المشرع مراعاة منه للأوضاع الإجتماعية في مصر وخاصة تفاهم مشكلة البطالة أراد أن يتجنب بقدر الإمكان حالات إنهاء العقد لتلك الأسباب ، لذلك جاء حكم هذه المادة مقرراً أنه «في الحالات التي يحق فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب إقتصادية» يجوز له بدلاً من أن يلقي بعماله في صفوف البطالة مستخدمة حقه الثابت قانوناً أن يكتفي بتعديل شروط العقد وبصفة مؤقتة تتحدد بتخطي الظروف الإقتصادية التي دعت إلى ذلك واستعادة المنشأة لتوازنها الإقتصادي بحيث يصبح من الممكن أن تعود إلى سيرتها الأولى فيجوز لصاحب العمل في هذه الحالة مثلاً أن يكلف العامل بعمل أخر غير متفق عليه ولو كان يختلف إختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي ، وهذه الصورة من صور تغيير شروط العمل أقرتها من قبل هيئات التحكيم تطبيقاً لحكم المادة 54 من القانون 137 لسنة 1981 ، والظروف الإقتصادية لا تعدو أن تكون عارضاً من العوارض التي قضت بها هيئات التحكيم في تطبيقاتها للمادة سالفة الذكر. 

أما إمكانية لجوء صاحب العمل إلى تخفيض الأجر، فعلى الرغم مما يبدو ظاهرياً من أنه ضد مصلحة العامل فهو في حقيقة الأمر حماية له من خطر أدهى وهو خطر البطالة ومن ثم فقد الأجر بأكمله ، بينما تقرر المادة أنه حتى في هذه الحالة لا يجوز أن يقل الأجر المنقوض عن الحد الأدنى للأجور . 

وعلى الرغم من كافة هذه الضمانات فقد احتاط المشرع لفرض من الممكن أن يتصور حدوثه وهو ألا يقبل العامل تخفيض أجره رغم الظروف الإقتصادية التي قد لا تواجهها المنشأة وحدها بل قد تتعلق بالنشاط الإقتصادي بصفة عامة وتجعل من الصعب الحصول على فرصة عمل) لذلك تركت الفقرة الثانية من هذه المادة العامل الحق في إنهاء العقد إذا لم يرضه الحل المذكور دون أن يلتزم بإخطار صاحب العمل بل وإعتبرت الإنهاء في هذه الحالة إنهاء مبررة من جانب صاحب العمل . 

ضغط العمل بالمنشأة للظروف الإقتصادية : 

لا مراء أن صاحب العمل في المشروعات الحرة يرغب في إستمرار العمل بمنشأته بل ويتغير التوسع ويتمنى زيادة الإنتاج وبالتالي تشغيل عماله أكثر وزيادة الأجور والحوافز طالما أنه يربح نتيجة جهود عماله ، والأكثرية من أصحاب الأعمال لا يبتغون غلق منشأتهم أو تقليص العمل بها لكن قد تضطرهم الظروف الاقتصادية والكساد الإقتصادي إلى ذلك ، والمشرع وهو يعالج هذه الظواهر في هذه النصوص التشريعية المستحدثة إنما يقر في الحقيقة واقعاً يلمسه الكثيرون في هذه الأيام حيث أن كثيراً من أصحاب المشروعات الخاصة يعرضون على عمالهم حالة المنشأة ويكون العمال أنفسهم يلمسون ذلك وتكون المشكلة إما أن ينهي نشاطه كلياً أو يقلل الأجور بعض الشيء أو يتفق مع بعض العمال على إعطائهم مبالغ من المكافأة نظير الإستقالة إذ لا يتصور منطقياً أن تظل أعباء صاحب العمل كما هي رغم الكساد حتى يفلس وقد استجاب كثير من العمال في بعض منشآت القطاع الخاص وقبلوا إنقاص أجورهم بمقدار الربع أو الثلث تحسباً لمواجهة هذه الظروف الإقتصادية وأملاً في انصلاح الحال مستقبلاً وحدوث رواج وتتم هذه الإتفاقات بين أصحاب الأعمال وعمالهم في هدوء وقد قنن المشرع هذه الأعراف ووضع بعض الضوابط والقيود عند تقليص حجم العمال بالمنشأة أو إسناد أعمال للعمال تختلف إختلافاً جوهرياً عن أعمالهم المقررة بعقود العمل أو إنقاص الأجر فقرر أنه يتعين على صاحب العمل أن يخطر العمال والمنظمة النقابية المعنية بضغط العمل وتعديل بعض شروط العمل بما يسمح بإستمراره وفي حالة إنقاص الأجر فلابد ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور وهذا بطبيعة الحال أفضل من الإستغناء والتعرض اللبطالة خصوصاً وأن نظام التأمين ضد البطالة لازال نظاماً كسيحاً وأن إعانة البطالة مبالغ تافهة ويشترط في أدائها بمعرفة التأمينات الإجتماعية أن يكون العامل له مدة خدمة معينة أدي عنها إشتراك التأمين ضد البطالة وقد لا تتوافر في الكثيرين، وقد خيرت المادة 201 العامل الذي ينقل إلى عمل أخر أو ينقص أجره بأن ينهي عقد دون إخطار. 

 الفصل المشروع لوجود المبرر: 

واعتبرت المادة 201 عقود العمل للظروف الإقتصادية بعد أن يرفض العامل قبول عمل أخر بخلاف عمله الأصلي أو قبول النزول عن جزء من أجره إنهاء مبرراً من جانب صاحب العمل وهو في الواقع ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض. وقضاء التحكيم لأنه ليس من العدل أو المنطق إستمرار الضغط على رب العمل ومطالبته بإستمرار عقود العمل وحرمانه من تعديل شروط العمل وإجباره على الإستمرار في أداء الأجور والعلاوات في ظل كساد عام يستشعره العمال قبل صاحب العمل - ومع ذلك فقد قرر النص ميزة هامة للعامل في هذه الحالة وهي حصوله على مكافأة تعادل أجره الشامل لمدة شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس الأولى وتزداد إلى شهر ونصف عن السنوات التي تجاوز ذلك. 

ويلاحظ هنا أن وجه الميزة المستحدثة هي حصول العامل على المكافأة المقدرة بحسب أجره الشامل وليس الأساسي بمعنى أنه الأجر مضافاً إليه كافة العلاوات والمزايا العينية الأخرى والحوافز ولا نجاوز الواقع والحقيقة إذا قلنا أن المحاكم قد لا تحكم للعامل الذي يفصل بغير مبرر بأكثر من حصيلة هذه المكافأة فالخبراء لا يقدرون التعويض في أغلب الأحوال بأكثر من أجر شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة ومن هنا نستطيع أن نزعم أن النص الجديد في فقرته الأخيرة أعطى العامل الذي تنتهي خدمته للأسباب الإقتصادية أكثر مما تعطيه المحاكم بل إن بعض الأحكام رفضت الحكم بالتعويض في حالات فصل العامل بسبب الظروف الإقتصادية بعد أن تأكدت من توافرها.

اتفاقيات العمل الدولية في مجال عقود العمل المشتركة والتحكيم والتي صدقت عليها مصر: 

1)الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وكفالة الحق النقابي والتي صدرت عن منظمة العمل الدولية بتاريخ 9/ 7/ 1948 ودخلت دور التنفيذ في 4/ 7/ 1950 وصدقت عليها مصر بتاريخ 6/ 11/ 1957.

2) الاتفاقية رقم 89 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية والتي صدرت في 7/ 1949 ودخلت في دور التنفيذ منذ 18/ 7/ 1951 وصدقت عليها مصر في 3/ 7/ 1954 . (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث، صفحة 278)