loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

إعداد الدعوى للفصل فيها :

يلزم المشروع المدعي بأن يقدم لقلم كتاب المحكمة جميع المستندات المؤيدة لدعواه وذلك عند إيداع صحيفة الدعوى وأوجب على المدعى عليه الرد على المدعي بمذكرة مؤيدة بمستنداته إلى ما قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل (مادة 65 من المشروع) .

وضماناً لمراعاة هذه المواعيد نص المشروع على أنه إذا تقدم احد الخصوم في الجلسة الأولى بمستند كان في إمكانه تقديمه في الميعاد المحدد له وترتب على ذلك تأجيل نظر الدعوى حكمت عليه المحكمة بغرامة لا تقل عن ثلاثة جنيهات ولا تجاوز عشرين جنيهاً المادة 99 من المشروع) .

وعملاً على الإسراع في إعداد الدعوى للفصل فيها نص المشروع على عدم جواز تأجيل الدعوى أكثر من مرة لسبب واحد يرجع إلى الخصوم على ألا تجاوز فترة التأجيل ثلاثة أسابيع المادة 47 من المشروع).

ولتيسير سبيل الفصل في الدعوى أجاز المشروع للمحكمة أن تأمر الخصوم بإيداع مذكرة ختامية شاملة مع استبعاد ما سبق أن قدموه من مذكرات (المادة 99 من المشروع).

وتحقيقاً لذات الهدف نص المشروع على عدم جواز فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة للنطق بالحكم إلا لأسباب جدية تبين في القرار (مادة 173 من المشروع) .

أوجب المشروع في الفقرة الثانية من المادة 65 على المدعى عليه في جميع الدعاوى عدا المستعجلة والتي إنقضى ميعاد الحضور فيها أن يودع قلم الكتاب مذكرة بدفاعه يرفق بها مستنداته قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل حتى تتهيأ الدعوى لنظرها في الجلسة الأولى .

المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 18 لسنة 1999 :

جرى حكم المادة 65 من القانون القائم على إلزام المدعي بأن يرفق بصحيفة الدعوى عند تقديمها جميع المستندات المؤيدة لدعواه ومذكرة شارحة إلا أنه إزاء عدم تقرير جزاء على مخالفة ما أوجبه النص ، فقد عقب التراضي على تنفيذ هذه الالتزام وكان هذا التراضی سبباً في تعطيل الفصل في كثير من القضايا حتى أنه بات مألوفاً أن المدعي هو الذي يطالب بالأجل تلو الأجل من أجل تقديم مستندات أوجب القانون منذ اللحظة الأولى لرفعه دعواه.

- من أجل ذلك اتجه المشروع إلي وضع تنظيم متكامل لتحقيق فاعلية هذا الالتزام بأن يستبدل بنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 65 أحكاماً جديدة قامت على تخويل قلم كتاب المحكمة سلطة الامتناع عن قيد صحيفة الدعوى ما لم يكن مرفقاً بها جميع أصول المستندات المؤيدة الدعوى المدعى أو صور منها تحت مسئولية وبيان بما يركن إليه في الإثبات من أدلة. أخرى. إلي جانب ما يستلزم القانون القائم تقديمه بشأن ما يدل على سداد الرسوم المقررة قانوناً أو إعفاءه منها وصور من صحيفة الدعوى بقدر عدد المدعي عليهم وصورتين لقلم الكتاب ومذكرة شارحة أو إقرار باشتمال الصحيفة على شرح كامل للدعوى ، وقد أعيد ضبط صياغة جملة هذه الأحكام بما يتفق والجديد فيها المتعلق بسلطة قلم كتاب المحكمة في رفض قيد صحيفة الدعوى  .

وفي المقابل لتقرير هذه السلطة لقلم الكتاب فقد أجاز الحكم الجديد لمن رفض قيد دعواه أن يتظلم إلى قاضي الأمور الوقتية بطلب يفصل فيها نهائياً بعد سماع أقوال المتظلم ،وأقوال قلم الكتاب ، وذلك بتأييد الأخير في عدم قيد صحيفة الدعوى أو بالأمر بقيدها.  

واستحدث المشروع حكماً جديداً ضمن أحكام المادة 65 أوجب بمقتضاه على قلم الكتاب إخطار المدعى عليه بخطاب موصي عليه بعلم الوصول يتضمن أن هناك دعوى قيد قيدت واسم المدعي فيها وطلباته والجلسة المحددة لنظرها ويلتزم قلم الكتاب بأن يرفق بالخطاب صورة من المذكرة الشارحة المقدمة في الدعوى ، ويدعو المدعى عليه للإطلاع على ملف الدعوى وتقديم مستنداته ومذكرة بدفاعه إلى ما قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى أو تحضيرها بثلاثة أيام على الأقل .

وليس من شك أن هذا الحكم الجديد يوفر ضمانة للمتقاضين من شأنها أن تؤثر تأثيراً فعالاً على مسار كثير من الخصومات فالمقابل لعدم تحقق الإعلان الفعلي على يد المحضر أن المدعى عليه يفاجأ بصدور حكم لم يعلم شيئاً عن الدعوى التي صدر فيها بما يقود بالحتم إلى الطعن عليه والإستشكال في تنفيذه مع قيام كل الإحتمالات لضياع حقوق لو علم صاحب الشأن بأن طريق أن هناك دعوى تتعلق بها لما ضاعت لأنه كان في وسعه الدفاع عنها.

نص المادة 65 قبل تعديله بالقانون 18 لسنة 1999:

على المدعي عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدى الرسم كاملاً ، وأن يقدم لقلم كتاب المحكمة صوراً من هذه الصحيفة بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب. وعليه أن يرفق بصحيفة الدعوى جميع المستندات المؤيدة لدعواه ومذكرة شارحة.

وعلى المدعى عليه في جميع الدعاوى عدا المستعجلة والتي انقض ، ميعاد الحضور فيها أن يودع قلم الكتاب مذكرة بدفاعه يرفق بها مستنداته قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاث أيام على الأقل. 

ولا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أشهرت صحيفتها.

وهذه المادة تقابل المواد 175 و 71 و 108/2 من القانون السابق، وقد عدلت هذه المادة بالقانون رقم 6 لسنة 1991 ، بإضافة الفقرة الأخيرة إليها كما عملت المادة بالقانون 18 لسنة 1999).

الأحكام
 1- مفاد نص المادتين 10 ، 13 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية المُعدَّل والمادتين 63 ، 65 من قانون المرافعات يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الواقعة المنشئة لتقدير وتحصيل الرسوم القضائية هي رفع الدعوى التي تتم بإيداع صحيفتها قلم الكتاب فيُستحق ويُحصَّل عليها الرسم المعمول به قانونًا في تاريخ هذا الإيداع ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ولا يغير من هذا القول ما ورد في المادة 9 من قانون الرسوم القضائية سالف البيان من أنه لا تُحصَّل الرسوم النسبية على أكثر من ألف جنيه، فإذا حُكِم في الدعوى بأكثر من ذلك سوى الرسم على أساس ما حُكِم به، ذلك أن تراخي تسوية هذه الرسوم إلى ما بعد صدور الحكم لا شأن له بتحديد القانون الواجب التطبيق والذي يتحدد بالواقعة المنشئة للرسم، وإلا فقدت قواعد تنازع القوانين من حيث الزمان عموميتها وترك الأمر إلى قلم كتاب المحكمة لإجراء التسوية في الميعاد الذي يحقق أكبر فائدة له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيَّد أمري تقدير الرسوم عن الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 2011 تجاري دمياط الابتدائية محل المطالبة رقم .... لسنة 2015، 2016 محتسبًا سعر صرف الدولار بتاريخ 23 / 1 / 2016  لا على أساس قيمته في تاريخ رفع الدعوى، فإنه يكون معيبًا .
(  الطعن رقم 17732 لسنة 89 ق - جلسة 31 / 7 / 2024 )

2- إذ كانت المصاريف التى أشار إليها نص المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدخل فى مضمونها رسم الدعوى المرفوعة الذى يسدده المدعى لقلم الكتاب عملاً بالمادة 65 من قانون المرافعات وكذلك رسم التكليف بالوفاء وأمانة الخبير الذى تندبه المحكمة وفقاً لأحكام المرسوم رقم 90 لسنة 1944 وتعديلاته وهذه المصاريف معلومة سلفاً وثابت بأوراق الدعوى ما يفيد سداد المدعى بها ومن ثم يتعين سداد مقابلها حتى يتوقى المستأجر الحكم بالإخلاء وهى فى ذلك تختلف عن المصاريف الفعلية التى يتعين على المؤجر تقديم الدليل على ما تكبده منها ويخضع هذا الدليل لتقدير المحكمة كأتعاب المحامين والخبراء الاستشاريين . لما كان ذلك وكان البين من إنذار العرض المؤرخ 1992/7/8 أن المستأجر " المطعون ضده " قد عرض قيمة الأجرة المستحقة عن الفترة من 1986/4/1 حتى يوليو 1992 وقدرها 76 شهراً بواقع الإيجار الشهرى عشرة جنيهات بما جملته 760 " سبعمائه وستون جنيهاً " ودون أن يودع أى مبالغ أخرى من مصاريف أو نفقات فعلية وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بهذا الوفاء واعتبره مبرئاً لذمة المطعون ضده على سند من أن المؤجر لم يقدم دليلاً على النفقات الفعلية فيكون قد أغفل المصاريف الرسمية الثابتة بأوراق الدعوى وهى رسم الدعوى والتكليف بالوفاء والتمغات الرسمية ورسوم الميكروفيلم باعتبارها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها تدخل ضمن ماتكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية مما يعيبه بالقصور فىالتسبيب الذى أدى به إلى الخطأ فى تطبيق القانون .

( الطعن رقم 6139 لسنة 62 جلسة 1996/12/26 س 47 ع 2 ص 1643 ق 301 )

3- من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع أجاز فى الفقرة الثانية من المادة 65 من قانون المرافعات للمدعى عليه الذى أعلن بصحيفة إفتتاح الدعوى أن يودع مذكرة بدفاعه قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل دون إلزام عليه أو على قلم الكتاب بإعلانها أن إعلام خصمه بها.

(الطعن رقم 410 لسنة 56 جلسة 1991/12/12 س 42 ع 2 ص 1823 ق 287)

4- مفاد نص الفقرة الثالثة من المادة 65 من قانون المرافعات المستبدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999 والمادتين 103 / 2 ، 126 مكرر من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991 أن المشرع فرض على المدعى اتخاذ إجراء معين هو شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية أو أي طلب يستهدف الحكم بصحة التعاقد على حق من تلك الحقوق سواء اتخذ الطلب شكل دعوى مبتدأة أو قدم كطلب عارض من أحد طرفي الدعوى أو من طالب التدخل في دعوى قائمة أو كان طلب بإثبات اتفاق الخصوم على صحة التعاقد على حق من هذه الحقوق قدم كتابة أو ورد شفاهه وأثبت في محضر الجلسة ووضع جزاء على عدم اتخاذ هذا الإجراء وهو عدم قبول الدعوى .

( الطعن رقم 11817 لسنة 88 ق - جلسة 24 / 6 / 2024 )

5 ـ إذ كان الثابت فى الأوراق أن الأرض موضوع النزاع تقع بزمام قرية كفر الشيخ سليم مركز طنطا الخاضعة للسجل العينى بموجب القرار الوزارى رقم 2011 الصادر بتاريخ 1984/5/13 والسارى اعتباراً من 1988/6/1 ، وأن الطاعن أقام الدعوى رقم ...... لسنة 1993 بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 1989/9/27 مع إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى والتأشير بمضمون هذه الطلبات ، وقدم المستندات الدالة على اتخاذه الإجراء المنصوص عليه فى المادة 32 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى ، إذ قدم شهادتين بالتأشيرات أو القيود الواردة بالسجل العينى على الأرض موضوع النزاع فى الدعوى رقم ...... لسنة 1993 صادرين من مكتب السجل العينى بطنطا ومحررين بتاريخ 1993/7/20 ، وشهادتين مطابقة للتأشيرات أو القيود الواردة بالسجل العينى محررين فى 1993/7/20 ، ومن ثم فلا يشترط شهر صحيفة هذه الدعوى ولا محل لإعمال القيد الوارد فى الفقرة الثالثة من المادة 65 من قانون المرافعات عليها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى رقم ...... لسنة 1993 لعدم شهر صحيفتها إعمالاً للمادة 3/65 من قانون المرافعات ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق .

(الطعن رقم 8577 لسنة 65 جلسة 2007/06/12 س 58 ص 537 ق 93)

6 ـ المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قصد المشرع من النص فى المادة 3/58 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 الذى رفعت الدعوى فى ظله على أنه " وكذلك لا يجوز تقديم صحف الدعاوى وطلبات أوامر الأداء للمحاكم الابتدائية والإدارية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل " هو رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص فى ذات الوقت ذلك أن إشراف المحامى على تحرير صحف الدعاوى من شأنه مراعاة أحكام القانون فى تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التى كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوى الشأن ، وإذ حددت هذه الفقرة نطاق تطبيقها بصحف الدعاوى وأوامر الأداء فلا يسوغ تجاوز هذا النطاق إلى غير ذلك من أوراق المرافعات الأخرى للقول بالبطلان فى حالة عدم توقيع المحامى عليها ومن ثم فإنه لا يترتب البطلان على عدم توقيع أحد المحامين على أوراق إعادة إعلان صحيفة الدعوى أو إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ... وقد أوجبت المادة 65 من قانون المرافعات على المدعى أن يقدم إلى قلم الكتاب وقت تقديم صحيفة دعواه صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب فإن توقيع المحامى على أصل الصحيفة أو على إحدى صورها يتحقق به الغرض الذى قصده المشرع من هذا النص .

(الطعن رقم 4407 لسنة 61 جلسة 1997/06/14 س 48 ع 2 ص 891 ق 172)

7-  المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون يسري بأثر فوري مباشر فيحكم الوقائع اللاحقة لتاريخ العمل به دون السابقة عليه إلا بنص خاص.

(الطعن رقم 4422 لسنة 61 جلسة 1998/01/24 س 49 ع 1 ص 142 ق 33)

8 ـ اجراءات التقاضى من النظام العام و على المحكمة و قد طرحت عليها الطلبات المتعلقة بتقدير الرسم فى صورة دعوى عادية أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبولها .

(الطعن رقم 600 لسنة 53 جلسة 1988/04/21 س 39 ع 1 ص 681 ق 133)

شرح خبراء القانون

إيداع الصحيفة :

يقوم المدعى أو من ينوب عنه بايداع الصحيفة وصورها السابق بيانها قلم كتاب المحكمة طالباً منه قيد الدعوى . ويجب على المدعي عند هذا الإيداع (مادة 65 معدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999) :

1- أن يقدم ما يدل على أدائه الرسم المقرر على الدعوى كاملاً ، أو أن يقدم ما يفيد إعفاءه منه.

2- أن يرفق بالصحيفة : أ- أصول المستندات المؤيدة للدعوى أو صوراً عرفية منها تحت مسئوليته. 

ب - بياناً يحدد فيه أدلة الإثبات التي يستند إليها لإثبات دعواه . 

فإن كانت الأدلة كتابية فيكفي تقديم المستندات ، وإن كانت غير كتابية كما لو كانت شهادة شهود أو طلب ندب خبير فعليه أن يقدم هذا البيان ويحددها فيه.

ج - مذكرة شارحة للدعوى ، أو إقرار منه بإشتمال الصحيفة على شرح كامل للدعوى بما يغني عن المذكرة الشارحة . 

وعليه أن يقدم المذكرة أو الإقرار من أصل وعدد من الصور يقدر عدد المدعى عليهم.

(ج) قيد الدعوى : على المدعي عند إيداع صحيفة الدعوى أن يطلب قيدها . 

ولم يتطلب قانون المرافعات عند صدوره شكلاً معيناً في هذا الطلب.

فكان يتم ضمنياً بمجرد تقديم الصحيفة ومرفقاتها قلم كتاب المحكمة . ولكن القانون 18 لسنة 1999 تطلب في هذا الطلب أن يحمل تاريخ تقديمه ، إذ أنه نص على أن على قلم الكتاب إثبات تاريخ طلب القيد وهو ما يقتضي أن يقدم طلب القيد كتابة حتى يمكن لقلم الكتاب إثبات تاريخه.

وتوجب المادة 2/65 معدلة بالقانون 18 لسنة 1999 على قلم الكتاب إثبات تاريخ طلب القيد «في جميع الأحوال» ، أي سواء كان مستوفية مرفقاته أم لا. فإذا رأى قلم الكتاب أن الأوراق أو المستندات غير مستوفاه وقدر لذلك عدم قيد صحيفة الدعوى ، فإن تقديره ليس نهائياً ، بل يجب عليه من تلقاء نفسه أن يعرض إعتراضه على قاضي الأمور الوقتية . وعلى القاضي أن يفصل في الاعتراض فوراً ،وتنحصر سلطة القاضي في هذا الشأن في أحد أمرين إما أن يأمر بتكليف قلم الكتاب بقيد الدعوى إذا رأى أن امتناع قلم الكتاب عن قيد الدعوى ليس له ما يبرره ، أو أن يكلف المدعى طالب القيد باستيفاء ما نقص من مستندات أو أوراق . ويكون قرار القاضي في الحالين بعد سماع رأي قلم الكتاب وأقوال الطالب.

ويفهم من النص أن قلم الكتاب ، عندما يقدم إليه طلب القيد، يقوم بفحص الأوراق فوراً . فإن رأى مبرراً لعدم القيد فإنه يتوجه بصحبة المدعي أو وكيله لعرض الأمر على القاضي فوراً ، ليقرر ما يراه وفقاً لما تقدم .

وبعد قبول طلب القيد ، سواء من قلم الكتاب أو من القاضي ، على قلم الكتاب أن يثبت - في حضور المدعى أو من يمثله - تاريخ الجلسة التي يحددها لنظر الدعوى وذلك في أصل صحيفة الدعوى وصورها . ثم يقوم بقيد صحيفة الدعوى في السجل الخاص بالدعاوى في المحكمة . وعلى قلم الكتاب أن يقوم بإثبات تاريخ الجلسة ويقيد الصحيفة في نفس يوم تقديمها إليه ( 1/ 67) وتعتبر الدعوى مرفوعة من تاريخ قيد الصحيفة . 

فإن تراخي قلم الكتاب في هذا القيد سواء بغير مبرر ، أو بسبب عرضه الأمر على قاضي الأمور : الوقتية وفقاً لما تقدم ، وتم القيد في يوم تال لتاريخ تقديم طلب القيد ، إعتبرت الصحيفة مقيدة من تاريخ تقديم طلب القيد (مادة 2 / 65 مضافة بالقانون 18 لسنة 1999).

فالدعوى تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداعها ومستنداتها قلم الكتاب وتقديم  طلب بقيدها ، وليس من تاريخ القيد.

وجوب شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية ، أو قيدها في السجل العيني :

تنص الفقرة الثانية من المادة 65 مرافعات (مضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991) على أنه «ولا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أشهرت صحيفتها» . فأي طلب أمام القضاء يتعلق بحق عيني عقارى سواء قدم كطلب في دعوى مبتدأة أو كطلب عارض في دعوى قائمة ، أو كان طلباً بإثبات اتفاق الخصوم على صحة التعاقد على حق من هذه الحقوق ؛ وسواء قدم كتابة ، أو أبدی شفاهة كطلب عارض في الجلسة وأثبت في محضرها ، يجب أن يتم شهره وإلا كان غير مقبول شكلاً.

ويسري هذا النص على العقارات التي تقع في الجهات التي يطبق فيها نظام الشهر العقاري، دون الجهات التي يطبق فيها نظام السجل العيني . ففي هذه الجهات لا يلتزم المدعى بشهر صحيفة الدعوى ، وفقاً للمادة 65 مرافعات ، وإنما يجب عليه إعمالاً للمادة 32 من القانون رقم 142 لسنة 1964 الخاص بنظام السجل العيني - أن يقوم بقيد صحيفة الدعوى بالسجل المعد لذلك . ويجب أن تتضمن الطلبات في الصحيفة إجراء التغيير في بيانات السجل العيني وفقاً لهذه الطلبات ، وأن يتم التأشير في السجل العيني بمضمون هذه الطلبات . وعلى المدعي تقديم شهادة من السجل العيني تدل على حصول هذا التأشير . فإذا استوفى المدعي هذه الإجراءات كانت دعواه مقبولة.

وأخيراً فإن صيانة حق الدفاع لا يحول دون تنظيم المشرع لاستعماله . 

وقد حرص القانون المصري في هذا الشأن على وضع قواعد من شأنها عدم اضاعة وقت المحكمة عبثاً وعدم مباغتة الطرف الآخر فيضطر إلى طلب التأجيل مما يعطل نظر القضية . 

وهذه القواعد هي (مادة 3 / 65 مرافعات مضافة بالقانون 18 لسنة 1999) :

1- على قلم الكتاب أن يرسل كتاباً موصى عليه بعلم الوصول إلى المدعى عليه خلال ثلاثة أيام من قيد صحيفة المدعى بقلم كتاب المحكمة ، يخطره فيه بأن الدعوى قد قيدت وباسم المدعي وطلباته والجلسة المحددة لنظرها ، ويدعوه للاطلاع على ملف الدعوى وتقديم مستنداته ومذكرة بدفاعه . وعلى قلم الكتاب أن يرفق بهذا الكتاب صورة من صحيفة الدعوى ومن المذكرة الشارحة التي قدمها المدعي مرفقة بهذه الصحيفة أو من إقراره بأن الصحيفة تتضمن شرحاً كاملاً لها.

ويلاحظ أن هذا الإخطار لا يغني عن إعلان صحيفة الدعوى بواسطة المحضرين وفقاً لما سبق بيانه . كما يلاحظ أن القانون لم ينص على البطلان جزاءاً لعدم القيام بهذا الإخطار أو لوجود عيب فيه أو للقيام به بعد میعاد الثلاثة أيام وإنما تراعى المحكمة هذا الإخلال عند تطبيقها لنص المادة 97 التالي بيانه .

2- على المدعى عليه أن يودع قلم الكتاب قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل مذكرة بدفاعه . وعليه أن يرفق بهذه المذكرة جميع مستنداته المؤيدة لدفاعه فيها . ولا يعفى المدعى عليه من هذا الواجب إلا بالنسبة للدعاوى المستعجلة والدعاوى الموضوعية التي انقص ميعاد الحضور فيها ، وعلة هذا الاعفاء هو أن قصر ميعاد الحضور قد لا يمكن المدعى عليه من القيام بالإيداع قبل الجلسة بثلاثة أيام.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة :  22)

مرفقات صحيفة الدعوى:

المقرر عملاً بالمادة (63) من قانون المرافعات، أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، وعملاً بالمادة (65) من ذات القانون، يجب على قلم الكتاب إثبات تاريخ طلب قيد الدعوى في جميع الأحوال. حتى إذا قيدت الدعوى بعد ذلك، إعتبرت أنها رفعت اعتباراً من التاريخ الذي أثبته قلم الكتاب على طلب قيد الدعوى، وليس من تاريخ قيدها، لبدء الآثار المترتبة على رفع الدعوى كقطع التقادم وسريان الفوائد.

وإن كان قلم الكتاب يلتزم قانوناً بإثبات تاریخ طلب قيد الدعوى يوم تقديمه إليه ، إلا أنه لا يلتزم بقيد الدعوى بالجدول المعد لذلك إلا إذا كانت صحيفة الدعوي مصحوبة بما يلي:

(1) قسيمة سداد الرسوم المقررة قانوناً وفقاً لتقدير قلم الكتاب لها، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (184) فيما يلي، فإن كان المدعى معفياً من سداد الرسوم، وجب عليه أن يرفق ما يدل على ذلك كقرار الإعفاء ، أو دلیل صفته التي تقرر الإعفاء بموجبها كصفة العامل أو إحدى الهيئات المعنية من سداد الرسوم ويلتزم المدعى أو وكيله عند تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم الكتاب أن يتحقق من أن الموظف المختص قد قام بتقدير الرسوم القضائية المستحقة على الدعوى تقديراً صحيحاً يتفق وأحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بهذه الرسوم حتى یؤديها كاملة بحيث إذا تبين للمحكمة عند نظر الدعوى أن المدعي لم يدفع الرسوم كاملة، تعين عليها إستبعاد الدعوى من جدول الجلسة (رول الجلسة) ومن ثم يقوم المدعى بتكملة الرسوم ثم يعجل دعواه بإعلان المدعى عليه بالجلسة التي عجلت لها الدعوى، ولا يترتب على عدم سداد الرسوم كاملة بطلان الدعوى لما هو . مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بإجراء لا ينبني عليه بطلان هذا الإجراء ما لم ينص القانون على البطلان كجزاء عن تلك المخالفة مما مقتضاه أن تظل الدعوى صحيحة منتجة كافة آثارها القانونية منذ إيداع صحيفتها قلم الكتاب ولو لم تسدد الرسوم المستحقة عليها أو سددت ناقصة ولم تأمر المحكمة باستبعاد الدعوى من الرول وظلت في نظرها حتى صدور الحكم، وحينئذ يكون لقلم الكتاب تحصيل ما لم يسدد من الرسوم ولا يترتب على قعوده عن ذلك بطلان الحكم أو الإمتناع عن تنفيذه إن كان مشمولاً بالنفاذ المعجل أو إنتهائياً ، ويحق له في هذه الحالة تحصيله مباشرة من المحكوم عليه عملاً بالمادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 سالف الذكر (أنظر في هذا كله : مبادئ النقض التالية ؛ فتحي والي في الوسيط في قانون القضاء المدني، بند 261 وأحمد أبو الوفا في المرافعات وفي الدفوع بند 10 مكرراً ، 186 ويرى أن عدم سداد الرسم کاملاً يوقف آثار الدعوى حتى يتم السداد» ويبين من دلالة نص المادة (65) المائل أن المشرع لم يرتب البطلان على مخالفة المدعى لأي من الالتزامات التي تضمنها ويسرى ذلك على أداء الرسم وعلى تقديم صور من صحيفة الدعوى وعلى إرفاق جميع مستنداته ومذكرته الشارحة وإن كان قد حدد غرامة جزاء للالتزامات الأخيرة حسبما نصت عليه المادة (97) إلا أنه لم ينص على البطلان مما مقتضاه إعتبار الإجراء صحيحاً ومنتجاً لكافة آثاره القانونية من قطع التقادم وسريان الفوائد ورد الثمار وغيرها من الآثار المترتبة على رفع الدعوى، أو إعلانها، ويسرى ذلك أيضاً بالنسبة للطلبات العارضة.

وإذ تعلق نص المادة (65) من قانون المرافعات بالرسوم القضائية ومن ثم تعين تفسيره على هدى القانون المنظم لتلك الرسوم وهو القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 وقد فرق بين الدعاوى معلومة القيمة والدعاوی مجهولة القيمة.

فبالنسبة للدعاوى الأولى فقد فرق بين الدعاوى التي تجاوز قيمتها ألف جنيه والدعاوى التي لا تجاوز قيمتها ذلك، فإن كانت الدعوى تجاوز قيمتها ألف جنيه قام قلم الكتاب بتحصيل الرسم المستحق عن الألف جنيه الأولى فقط عند رفع الدعوى ثم يسوى الرسم بعد صدور الحكم إذا حكم بأكثر من ألف جنيه، مما مقتضاه عدم التزام المدعي عند تقديم صحيفة دعواه بأن يؤدي الرسم کاملاً إذا كانت الدعوى معلومة القيمة وتجاوز ألف جنيه.

وينحصر هذا الالتزام إذا كانت الدعوى معلومة القيمة ولا تتجاوز قیمتها ألف جنيه ، أو كانت مجهولة القيمة إذ يفرض على هذا النوع الأخير رسم ثابت يكون مستحقاً عند تقديم الصحيفة لقلم الكتاب.

وفي حالة الصلح أو انتهاء النزاع صلحاً أمام مجلس الصلح وما يترتب على ذلك بالنسبة لرسوم الدعوى. 

(2) أصل صحيفة الدعوى، وصورتين منها لقلم الكتاب ، وعدد من الصور بقدر عدد المدعى عليهم، ليتسلم كل مدعى عليه صورة عند إعلانه بالأصل، فإن لم يجد المحضر من يصح تسليم الصورة إليه أو امتنع من وجده عن التوقيع على الأصل بالاستلام أو عن استلام الصورة، وجب على المحضر تسليمها إلى جهة الإدارة، وبذلك يستنفد المحضر عدد الصور التي حددتها المادة (65) - سالفة البيان - ولما كانت الفقرة الثانية من المادة (11) من قانون المرافعات توجب على المحضر بعد تسليم الصورة لجهة الإدارة، أن يوجه إلى المعلن إليه كتاباً مسجلاً مرفقاً به صورة أخرى يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة ، ويترتب على مخالفة ذلك بطلان الإعلان، ومن ثم كان يجب أن تنص المادة (65) على أن يرفق بأصل الصحيفة صورتين لكل مدعى عليه ، وإذ اكتفت بصورة واحدة ، فلا يجوز لقلم الكتاب أن يمتنع عن قيد صحيفة الدعوى استناداً للفقرة الثانية من المادة (11) - سالفة البيان . على أن يلتزم المحضر بعمل صورة ثانية في حالة إرسال کتاب مسجل لترفق به. كذلك الحال بالنسبة للفقرة الثانية من المادة (65) التي توجب على قلم الكتاب إرسال صورة من الصحيفة للمدعى عليه بعد قيد الدعوى.

وتوجب المادة (65) على المدعى أن يقدم مع صحيفة الدعوى صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم. وصورتين لقلم الكتاب تودع ملف الدعوى وتبقى به عند تسليم الأصل والصور لقلم المحضرين للإعلان. ويراجع قلم الكتاب العدد المطلوب من الصور عند تقديم الصحيفة إليه لاستيفاء هذا العدد. فإن تبين بعد قبول الصحيفة نقص في عدد الصور، فلا يؤدي ذلك إلى بطلان الصحيفة وإنما يترتب عليه عدم إتمام إعلانها لبعض المدعى عليهم وفي الجلسة المحددة تكلف المحكمة المدعى بإتمام ذلك وتؤجل الدعوى لجلسة مقبلة، ويجب أن تكون جميع الصور مطابقة للأصل من حيث الوقائع والأسانيد ويترتب البطلان على مخالفة ذلك متى أدى إلى اللبس ومن ثم تعتبر الصورة التي أعلنت منبتة الصلة بالدعوى، فإذا لم تعلن الدعوى وفقاً لأصلها المودع خلال ثلاثة أشهر وتمسك المدعى عليه باعتبار الدعوى كأن لم تكن وجب القضاء بذلك إذ يكون عدم الإعلان راجعاً إلى فعل المدعى عملاً بالمادة (70).

(3) كما يجب على المدعى أن يرفق بصحيفة دعواه حافظة يضمنها أصول مستنداته أو صوراً منها تحت مسئوليته فإذا جحدها المدعى عليه بالجلسة وجب تقديم الأصول ، ويجب أن تتضمن تلك المستندات ما يركن إليه المدعي من أدلة لإثبات دعواه ، کسند الدين أو محضر إثبات الحالة أو تقریر خبير إثبات الحالة عدا المستندات التي تتطلب قراراً من المحكمة، فضلاً عن قسيمة سداد الرسوم القضائية أو قرار الإعفاء منها، ومذكرة شارحة ما لم تتضمن صحيفة الدعوى شرحاً كاملاً للوقائع وأدلة المدعى وأسانيده القانونية المؤيدة لطلباته، وفي الحالة الأخيرة، يجب أن يقدم اقراراً باشتمال الصحيفة على شرح كامل لها ، على أن يضمن حافظته صوراً من المذكرة أو الإقرار بقدر عدد المدعى عليهم.

 العرض على قاضي الأمور الوقتية:

عند تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب يرفق بها طلب لقيدها بالجدول يؤرخ بيوم تقديمها، ويلتزم قلم الكتاب بإثبات هذا التاريخ حتى لو رفض قيد الدعوى. ويرفض قلم الكتاب قيد صحيفة الدعوى بالجدول إذا تبين عدم استيفاء المستندات والأوراق المشار إليها فيما تقدم، وحينئذ يجب عليه عرض الأمر على قاضي الأمور الوقتية ليفصل فيها فوراً ، إما بتكليف قلم الكتاب بقيد الدعوى أو بتكليف الطالب باستيفاء مانقص، ويعرض الأمر على القاضي في نفس اليوم أو في اليوم التالي، ليصدر قراره يوم العرض أو في يوم لاحق يحدده ، فإن تبين عدم اكتمال المستندات والأوراق المقررة، وجب عليه أن يكلف المدعى بتقديمها، فإن كلف قلم الكتاب بقيد الدعوى بالرغم من ذلك، استقامت الدعوى أمام المحكمة، ولا يكون هناك محل للدفع ببطلان الإجراءات، باعتبار أن نص البند الرابع من المادة (65) برمته تنظيمياً لا يترتب البطلان على مخالفته كعدم تقديم مذكرة شارحة أو إقرار أو قيد صحيفة الدعوى رغم عدم استيفاء المستندات والأوراق المقررة، لأن الباعث على ذلك كله ، هو العمل على سرعة الفصل في القضايا، وتلك مسألة تنظيمية.

فإذا أصدر قاضي الأمور الوقتية قراراً بتكليف قلم الكتاب بقيد صحيفة الدعوى، اعتبرت مقيدة من تاريخ تقديم طلب القيد فتسري الآثار المترتبة على رفع الدعوى اعتباراً من هذا التاريخ، وتحتسب منه مواعيد سقوط الحق في رفعها، كما في دعوى الشفعة ودعاوى الحيازة فإن ثار خلاف بين المدعي وقلم الكتاب حول تاريخ تقديم طلب القيد، فصلت في ذلك المحكمة التي تنظر الدعوى، إذ لا ولاية لقاضي الأمور الوقتية في ذلك ، إذ يدور النزاع بين المدعي والمدعى عليه، وقلم الكتاب عندما يدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى.

وإذا أصدر القاضي قراراً بتكليف الطالب باستيفاء ما نقص، فإن قيد الدعوى بعد ذلك يرتد أثره إلى تاريخ تقديم طلب القيد.

إخطار المدعى عليه بقيد الدعوى:

متى تم قيد صحيفة الدعوى بالجدول، يرسل قلم الكتاب إلى المدعي عليه خلال ثلاثة أيام كتاباً موصى عليه بعلم الوصول، مرفقاً به صورة من صحيفة الدعوى ومن المذكرة الشارحة أو الإقرار، يخطره فيه بقيد الدعوى واسم المدعى وطلباته والجلسة المحددة لنظرها، ويدعوه للإطلاع على ملف الدعوى وتقديم مستنداته ومذكرة بدفاعه ، ولا يغني هذا الإخطار عن إعلان الصحيفة، فلا تنعقد الخصومة به حتى لو تسلمه المدعى عليه شخصياً وقدم مستنداته ومذكرة بدفاعه، فقد تخلى المشرع في قانون المرافعات عن إجراء الإعلان بطريق البريد وأوجب إجراؤه على يد محضر، ولذلك لا تنعقد الخصومة إلا بإعلان المدعى عليه أو بحضوره أمام المحكمة بجلسة المرافعة، ومتى تم الإخطار، وجب على المدعى عليه في جميع الدعاوى عدا المستعجلة والتي أنقص ميعاد الحضور فيها، أن يودع قلم الكتاب مذكرة بدفاعه يرفق بها جميع مستنداته أو صوراً منها تحت مسئوليته قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل.

فإن قدمت المستندات بجلسة المرافعة وأدى ذلك إلى تأجيل الدعوى، وجب توقيع الغرامة التي نصت عليها المادة (97) من قانون المرافعات.

ونصت المادة (97) على الإجراء المترتب على مخالفة المدعى أو المدعى عليه لما أوجبته المادة (65) عليهما متعلقاً بإيداع مستنداتهما.

وجاء نص المادة (65) متضمناً استثناء من حكم المادة (168 ) التي تحظر على الخصم تقديم أوراق أو مستندات دون إطلاع الخصم عليها، ولما كان المقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره ومن ثم يتعين حصر الاستثناء الذي أوردته المادة (65) في المستندات والمذكرات التي يودعها المدعی قلم الكتاب عند تقديم صحيفة الدعوى مرفقة بها دون ما يودعه منها بعد ذلك وحصره بالنسبة للمدعى عليه - ومن في حكمه کالمستأنف عليه - فيما يودعه منها قلم الكتاب قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل، فإن أودعها لأقل من ثلاثة أيام من تاريخ الجلسة الأولى المحددة بمعرفة قلم الكتاب بصحيفة الدعوى، أو أودعها بعد حلول هذه الجلسة دون أن يقدمها للمحكمة أثناء إنعقاد أي من الجلسات، فإنه يتعين على المحكمة ألا تقبلها أو تعتد بها عملاً بالقاعدة العامة التي أوردتها المادة (168) .

شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد:

إعمالاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة (65) المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991 لا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أشهرت صحيفتها، مفاد ذلك أن شهر صحيفة الدعوى المشار إليها أصبح شرطاً لقبولها بحيث إذا تبين للمحكمة عدم شهرها قضت ومن تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها دون أن تكون ملزمة بالتأجيل لإجراء هذا الشهر، لكن إذا تمكن المدعي من شهرها ولو بعد رفعها، تحقق موجب قبولها وتعين على المحكمة الحكم في موضوعها سواء بعدم القبول إذا توافر سبب آخر لذلك ، أو بالرفض أو بصحة ونفاذ العقد، فإذا تقدم الخصوم بعقد صلح في الدعوى وطلبوا إلحاقه بمحضر الجلسة، أو أثبتوا ما اتفقوا عليه بهذا المحضر وطلبوا إلحاق. ما اتفقوا عليه بمحضر الجلسة، امتنع على المحكمة الحكم بذلك إلا إذا كان عقد الصلح أو صورة رسمية من محضر الجلسة مشهراً على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (103). كما لا يقبل الطلب العارض أو طلب التدخل إذا كان محله صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا تم شهر صحيفة هذا الطلب أو صورة رسمية من محضر الجلسة الذي أثبت فيه، وذلك عملاً بالمادة (126) مكرراً من قانون المرافعات ، على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة الأخيرة.

وينحصر نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) في قبول دعوى صحة التعاقد، فلا تقبل إلا إذا كانت صحيفتها مشهرة وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 6 لسنة 1991 الذي أضاف تلك الفقرة ، أما دعاوی صحة التعاقد التي رفعت قبل ذلك فتظل مقبولة ولو لم تكن قد أشهرت اعتباراً بأن الإجراء الذي تم صحيحاً في ظل نص سابق يظل كذلك في ظل النص الجديد ما لم ينص على غير ذلك، طالما بقيت للإجراء آثاره، أما إذا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن، فلا تقبل إذا رفعت من جديد إلا إذا أشهرت صحيفتها، وكذلك الحال إذا قضى بسقوط الخصومة بمضي المدة إذ يترتب على ذلك زوال صحيفة افتتاح الدعوى.

ولم تمس الفقرة الأخيرة سالفة البيان القواعد المتعلقة بنقل الملكية التي أوردها قانون الشهر العقاري، ومن ثم فإن الملكية الواردة على حق من الحقوق العينية لا تنتقل بموجب دعوى صحة التعاقد إلا بشهر صحيفتها ثم التأشير على هامش هذا الشهر بمنطوق الحكم الصادر فيها، أو بتسجيل هذا الحكم، ومفاد ذلك أن صحيفة الدعوى إن لم تكن قد أشهرت قبل العمل بالقانون رقم 6 لسنة 1991 فإن الملكية لا تنتقل إلا بشهر الحكم الصادر بصحة التعاقد ، فإن كانت قد أشهرت فلا تنتقل الملكية إلا بالتأشير بمنطوق الحكم في هامش شهر الصحيفة، كما لا تنتقل الملكية بعد العمل بهذا القانون إلا بعد التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد في هامش شهر صحيفة الدعوى ، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بكتابنا في الشهر العقاري والمفاضلة بين التصرفات».  

كما لم تمس هذه الفقرة الدعاوى التي ترفع بتنفيذ التزامات المتبايعين حتى لو تطلب الفصل فيها التحقق من صحة ونفاذ عقد البيع كمسألة أولية لازمة للفصل في الدعوى ، كدعوى تسليم العقار المبيع ودعوى تنفيذ التزام البائع بضمان التعرض عندما يخل بهذا الالتزام، وهو ما يتطلب الوقوف على صحة ونفاذ عقد البيع، تمهيداً للقضاء بإلزام البائع بتنفيذ التزامه بضمان عدم التعرض، وليس للقضاء بصحة ونفاذ عقد البيع.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الثاني ، الصفحة : 263)

نقدنا لنص المادة 65 مرافعات المعدل بالقانون 18 لسنة 1999 فيما يتعلق بمنح قلم الكتاب سلطة رفض قيد الدعوى :

نصت الفقرة الثانية من البند الرابع من المادة 65 على أنه " رأی قلم الكتاب عدم قيد صحيفة الدعوى - لعدم استيفاء المستندات والأوراق المبينة بالفترة الأولى - قام بعرض الأمر على قاضي الأمور الوقتية ليفصل فيه فوراً " . وبهذا النص منع المشرع لقلم الكتاب سلطة رفض قيد الدعوى، ولم يكن ذلك جائزاً في النص قبل تعديله ، ولا شك أن هذه السلطة التحكمية للجهاز الإداري بالمحكمة سوف تعوق العمل، خاصة وأن بعضاً من العاملين بأقلام الكتاب غير مؤهلين لممارسة هذه السلطة ، مما سوف يعطل الفصل في الدعوى الأصلية بإثارة منازعة بين قلم الكتاب والمدعي تتطلب الفصل فيها أولاً بمعرفة قاضي الأمور الوقتية ، ومن المتوقع عملاً أن تكثر المنازعات بين المتقاضين وأقلام الكتاب عند تطبيق هذا النص، مما يؤدي إلى بطء التقاضي وإعاقة سير العدالة .

أوجبت المادة 65 محل التعليق على قلم الكتاب أن يقيد صحيفة الدعوى إذا كانت مصحوبة بما يدل على سداد الرسوم المقررة قانوناً أو إعفاء المدعي منها ، وصور من الصحيفة بقدر عدد المدعي عليهم فضلاً عن صورتين لقلم الكتاب ، وأصول المستندات المؤيدة للدعوى أو صور منها تحت مسئولية المدعي ، وما يركن إليه من أدلة لإثبات دعواه، ومذكرة شارحة للدعوى أو إقرار باشتمال صحيفة الدعوى على شرح كامل لها . وصورة من المذكرة أو الإقرار بقدر عدد المدعي عليهم ، وأوجبت على قلم الكتاب إثبات تاريخ طلب القيد في جميع الأحوال.

ويلاحظ أنه إذا كان أحد المدعى عليهم له موطن معلوم في الخارج مما يوجب تسليم الصورة الخاصة به إلى النيابة لترسلها إلى وزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية ، فإنه إلى النيابة لترسلها إلى وزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية ، فإنه لا يشترط أن تكون هذه الصورة بلغة البلد الذي يقيم فيه ذلك الشخص (نقض 1986/1/5 ۔ سنة 19 - ص 132)، كما أوجبت المادة على المدعى عليه في جميع الدعاوي عدا المستعجلة والتي أنقص ميعاد - الحضور فيها أن يودع قلم الكتاب مذكرة بدفاعه يرفق بها جميع مستنداته أو صور منها تحت مسئوليته قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل، والهدف من ذلك أن تتهيأ الدعوى لنظرها في الجلسة الأولى، وميعاد الثلاثة أيام تنظيمي لا يترتب على مخالفته البطلان.

وإيداع المستندات والمذكرات قبل الجلسة على النحو السالف يسرى أيضاً أمام محكمة ثاني درجة بالنسبة للمستأنف عليه وبنفس الشروط آنفة البيان عملاً بالمادة 240 مرافعات التي نصت على أنه تسري على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو الأحكام مالم يقض القانون بغير ذلك. (رابع تفصيلات ذلك: مؤلفنا - الطعن بالاستئناف ).

ويلاحظ أنه إذا أودعت الصحيفة قلم الكتاب دون أداء الرسم المطلوب ، فإنها لا تنتج أي أثر قانوني . ومن ناحية أخرى إذا دفع الرسم القانوني دون إبداع الصحيفة ، فإن هذا الإجراء (أي مجرد دفع الرسم) لا ينتج في ذاته أي أثر قانوني . وإنما العبرة أن تودع الصحيفة قلم الكتاب بعد أداء كل الرسم القانوني أو ما يدل على إعفاء المدعي منه ، وعندئذ ومن هذا الوقت تسری آثار رفع الدعوى من قطع التقادم و سريان الفوائد التأخيرية . وغير ذلك من الآثار. 

والدفع باستكمال الرسم القانوني هو من الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع رقم 10 مکرر والتعليق - ص 399).

ولا تسري آثار رفع الدعوى إلا من تاريخ استكمال الرسم القانوني، وللمدعي تكملة الرسم، وعندئذ لا تسري آثار رفع الدعوى إلا من الوقت الذي يستكمل فيه الرسم (انظر المذكرة التفسيرية عن القانون رقم 100 لسنة 1962).

وقد قضت محكمة النقض بعدم ترتب البطلان جزاء عدم أداء الرسم المستحق على الدعوى، لأن المخالفة المالية في القيام بعمل ما لا ينبني عليها بطلان هذا العمل، ما لم ينص القانون على البطلان على هذه المخالفة ، وينص قانون الرسوم القضائية (رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964) بأن تستبعد المحكمة القضية من الجدول دون أن ينص على البطلان، وبالتالي فلا يجوز الحكم به (نقض 6/2/1973  لسنة 24 ص 145 نقض 11/4/1973  سنة 23 ص686 ، نقض 22/5/1976  - في الطعن 808 لسنة 43 قضائية).

إذ تنص المادة 13 من القانون رقم 90 لسنة 1944، الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية على أن تستبعد القضية من رول المحكمة إذا لم تسدد الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها، وقد قضى بأنه يتعين على المحكمة أن تقضى بهذا الجزاء (نقض مدنى 28/5/1970  - سنة 20 ص 933)، ويلاحظ ما سبق أن أوردناه في التعليق على المادة 20 في الجزء الأول من هذا المؤلف، ومن المقرر أنه يمتنع إعمال أحكام البطلان، حيث ينص المشرع على جزاء آخر، ومن ثم فإنه وإن كان يجب استبعاد القضية من الرول كجزاء على عدم سداد الرسوم المستحقة إلا أن عدم سداد الرسم لايترتب عليه بطلان الصحيفة كما ذكرنا آنفاً، غير أنه يكون للمدعى عليه مصلحة في التمسك باستبعاد القضية من الرول إذ من تاريخ هذا الاستبعاد تسري على الدعوى مواعيد سقوط الخصومة وإنقضائها. (نقض 22/6/1976 ، في الطعن 252 لسنة 42 ).

إذن عدم سداد رسوم الدعوى لايترتب عليه البطلان وكل ما للمحكمة أن تقرر إستبعاد الدعوى، فإذا قام المدعي بسداد الرسوم لقلم الكتاب جدد بجلسة لنظر الدعوى وتبدأ من حيث انتهت إجراءاتها قبل . استبعادها، فإذا فات المحكمة استبعاد الدعوى واستمرت في نظرها حتى صدور الحكم فيها فلا بطلان، وإنما يحق لقلم الكتاب مطالبة المدعي بسدادها بالطريق الذي رسمه القانون، وإذا أبدى المدعى عليه طلباً عارضاً بالجلسة، فإنه يتعين على المحكمة إثباته بمحضر الجلسة وتكليفه بسداد الرسم فإن أبی استبعدته المحكمة، فإن فاتها وقضت فيه فلا بطلان، وإذا تدخل شخص ثالث في الدعوى تدخلاً هجومياً أثناء نظرها كلفته المحكمة بسداد الرسم، فإن رفض استبعدت طلبه فإن فات عليها وقضت في الدعوى فلا بطلان ولقلم الكتاب مطالبته بالرسم.

وقد كانت الفقرة الأولى من المادة قبل تعديلها بالقانون 18 لسنة 1999 ، تلزم المدعي بأن يقدم لقلم الكتاب ما يدل على سداد الرسوم المقررة فأضاف المشرع إلى ذلك تكليفه، بأن يقدم أيضاً دلیل إعفائه من الرسوم القضائية إن كان قد أعفى منها، وذلك كما إذا حصل على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائه منها، أما إذا كان الإعفاء بنص في القانون، كما هو الحال بالنسبة لإعفاء العامل من رسوم الدعوى العمالية، أو كما إذا كانت رافعة الدعوى إحدى الجهات أو الهيئات الحكومية، فإن رافع الدعوى لايكلف في هذه الحالة بتقديم دليل الإعفاء من الرسوم لأنه مقرر بنص القانون ونص القانون معلوم للكافة لا يقدم عليه دليل.

وكانت الفقرة الأولى من المادة قبل تعديلها تلزم أيضاً المدعي بأن يرفق بصحيفة الدعوى صورة من الصحيفة لقلم الكتاب، وقد أوجب المشرع بعد التعديل في البند الثاني من المادة المدعي تقديم صورتين منها.

ويلاحظ أن الفقرة الثانية من المادة ينقصها الدقة، لأنها ألزمت المدعى بأن يقدم لقلم الكتاب صوراً من الصحيفة بقدر عدد المدعى عليهم والفرض أن يقدم المدعي صوراً تعادل ثلاثة أضعاف المدعى عليهم وتظهر أهمية ذلك في أن قلم الكتاب ملزم عنده قيد الدعوى بإرسال صورة من صحيفة الدعوى لكل من المدعى عليهم وعلى المحضر أن يسلم كلاً من المدعى عليهم صورة عند إعلانه إلا أنه إذا لم يجد الخضر المطلوب إعلانه أو من يجوز له الاستلام عنه قانوناً أو امتنع هذا الأخير عن الاستلام أو وجد المسكن مغلقاً ، ففي جميع هذه الحالات يتعين على المحضر عملاً بالمادة 11/2  مرافعات معدلة كذلك بالقانون رقم 18 لسنة 1999 ، أن يسلم صورة الإعلان لرجل الإدارة بعد أن يوقع على الأصل ثم بعد ذلك يرسل نسخة ثالثة من الصحيفة للمدعى عليه داخل خطاب مسجل بعلم وصول، وبذلك تكون الصورة التي تقدم لقلم الكتاب عند قيد الدعوى بخلاف الأصلين ثلاث صور عن كل من المدعى عليهم ، وقد لايحتاج المحضر للصورة الثالثة إلا أن احتياجه إليها احتمال قائم. لذلك كان يتعين على المشرع أن يحتاط لهذا الاحتمال ويلزم المدعى عليه بتقديم صورة للصحيفة ثلاثة أضعاف عدد المدعى عليهم. (الدناصوري وعكاز - التعليق على القانون 18 لسنة 1999 ، ص 28 و ص 29).

وقد كان النص قبل تعديله يلزم المدعي في الفقرة الأولى منه بأن يقدم لقلم الكتاب مذكرة شارحة للدعوى، فأضاف المشرع إلى ذلك في التعديل في البند الرابع من المادة مما يوجب على المدعي إذا لم يقدم المذكرة أن يقدم إقراراً باشتمال صحيفة الدعوى على شرح كامل لها واستهدف الشرع من ذلك ألا يكون للمدعي حجة في طلب تأجيل الدعوى لتقديم مذكرة .

ويلاحظ أنه سواء قدم المدعى المذكرة الشارحة أو الإقرار باشتمال صحيفة الدعوى على شرح كامل لها، فإن ذلك لا يحرمه من تقديم مذكرات أخرى لمواجهة ما يقدمه خصومه من مستندات ودفاع ودفوع، ونرى أن ذلك لايحرم المدعي من أن يقدم أيضاً أثناء نظر الدعوى مذكرة تكميلية بما عساه أن يراه مكملاً لدفاعه حتى لو لم يجد جديداً في الدعوى.

ولم يكن النص السابق يبيح للمدعي تقديم صور من المستندات عند تقديم صحيفة الدعوى فأجاز له النص الجديد في البند الثالث منه تقديم صور منها تحت مسئوليته.

ولاشك في أن صور المستندات التي يجوز للخصوم أن يتقدموا بها بدلاً من الأصول يجب أن تكون صورة رسمية ويجوز تقديم صور ضوئية بدلاً منها بشرط عدم منازعة خصم من قدمها أثناء نظر الدعوى فى مطابقتها للأصل. (الدناصورى وعكاز - ص 29 و ص 30)

وقد أعطى المشرع في الفقرة الثانية من البند الرابع من المادة المعدلة لقلم الكتاب سلطة رفض قيد الدعوى ولم يكن ذلك جائزاً في النص قبل تعديله، وقد قصر المشرع هذه السلطة على حالة واحدة فقط هي عدم استيفاء المستندات والأوراق المبينة بالفقرة الأولى من المادة ولم يجعل قراره في هذا الشان نهائياً ، بل أوجب عليه من تلقاء نفسه عرض هذا الأمر على قاضي الأمور الوقتية ليفصل فيه فوراً وخول للقاضي إما أن يكلف قلم الكتاب بقيد الدعوى وإما بتكليف المدعى باستيفاء ما نقص ولا يجوز له أن يقضي بغير أحد هذين الأمرين وذلك بعد سماع أقوال المدعي، ورأى قلم الكتاب وينبغي أن يكون ذلك في محضر يحرره الكاتب ويرفق بملف الدعوى.

وقرار قاضي الأمور الوقتية بتكليف المدعى استيفاء ما نقص من الأوراق هو قرار ذو طابع ولائي يقبل الطعن، وذلك لأن المشرع لم ينص على أن قراره في هذا الشأن نهائي، وبذلك يتعين الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الشأن خاصة بالطعن في الأمر الولائي  .

وفي حالة ما إذا أمر قاضي الأمور الوقتية بقيد الصحيفة، فإنها تعتبر مقيدة من تاريخ تقديمها لقلم الكتاب عملاً بالفقرة الثانية من البند الرابع من المادة، ويترتب على هذا القيد جميع الآثار التي تترتب على قيد الصحيفة وأهمها قطع التقادم. (الدناصوری و عکاز ص 31).

وقد أضاف المشرع بمقتضى التعديل الجديد إلى الفقرة الثالثة من البند الرابع من المادة إلزام قلم الكتاب أن يرسل للمدعى عليه خلال ثلاثة أيام من تاريخ قيد الدعوى خطاباً موصي عليه بعلم الوصول يرفق به صورة من صحيفة الدعوى، ومن المذكرة الشارحة أو من الإقرار إن كان المدعي لم يتقدم بمذكرة يخطره فيها بأن الدعوى قد قيدت وباسم المدعي وطلباته والجلسة المحددة لنظرها ويدعوه للاطلاع على ملف الدعوى وتقديم مستنداته ومذكرة بدفاعه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل.

ومخالفة الفقرة الثالثة من المادة وإن كان لايترتب عليه ثمة بطلان، سواء بالنسبة لعدم إخطار قلم الكتاب المدعى عليه أو التراخي في الإخطار عن الموعد المحدد، ما دام أن المدعى عليه قد حضر أثناء نظر الدعوى، إلا أنه يجعل استجابة المحكمة للتأجيل الذي يطلبه المدعى عليها أمراً واجباً . (الدناصوری وعكاز ص 32).

وفي حالة ما إذا لم يرسل قلم كتاب محكمة أول درجة إلى المدعى عليه الكتاب الموصى عليه المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة رغم عدم حضور المدعى عليه ولم تتنبه المحكمة لذلك، ثم صدر الحكم وأستأنفة المدعى عليه ودفع ببطلانه لعدم إخطاره بالكتاب الموصى عليه سالف الذكر.

وإنه يتعين في هذه الحالة التفرقة بين حالتين: الأولى: أن يكون المستأنف قد أعلن أمام محكمة أول درجة بصحيفة الدعوى مع شخصه، وفي هذه الحالة لا يكون ثمة بطلان لأن قصد المشرع من إرسال الكتاب وهو إخطار المدعى عليه بقيام الدعوى حتى لا يفاجأ بصدور حكم لم يعلم شيئاً عن الدعوى التي صدر، فيها يكون قد تحقق، وبذلك يكون قد ثبت تحقق الغاية من الإجراء فلا بحكم بالبطلان عملاً بالمادة 20/2 مرافعات.

والحالة الثانية ألا يكون المستأنف قد أعلن أمام محكمة أول درجة بصحيفة الدعوى مع شخصه، وبذلك فإن الغاية من الإجراء لم تتحقق وهو إجراء فيه ضمانة أساسية للتقاضي يترتب على مخالفة البطلان، غير أنه يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تتصدى لموضوع الدعوى ولاتعيدها لمحكمة أول درجة لأن محكمة أول درجة استنفدت ولايتها في نظر النزاع. (الدناصورى وعكاز . ص 35)

إشهار صحيفة دعوى صحة التعاقد وهجرة المتعاقدين . لهذه الدعوى في الحياة العملية ولجوئهم لدعوى صحة التوقيع:

تم تعديل المادة 65 بالقانون رقم 6 لسنة 1991 ، الذي عمل به اعتباراً من 14 مارس سنة 1991، وذلك بإضافة الفقرة الأخيرة إليها.

ووفقاً لهذه الفقرة المضافة للمادة  65 - محل التعليق - فإنه في حالة ما إذا رفعت دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية وكان المدعي لم يشهر صحيفتها، فإن الدعوى تكون غير مقبولة، فإذا أقام المدعي دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع أرض زراعية أو أرض فضاء أو منزل أو بأي حق عقارى آخر من الحقوق العينية العقارية المنصوص عليها في القانون المدني، فإنه يتعين عليه شهر صحيفتها قبل تقديمها فإن لم يفعل تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبولها. 

ويلاحظ أن الخطاب موجه للمحكمة، وليس موجها لقلم الكتاب، ولذلك فإنه لا يجوز أن يمتنع عن قبول صحيفة دعوى محتجاً في ذلك بعدم شهرها، وإلا كان لمقدمها أن يتقدم بشكوى ضده للمستشار رئيس المحكمة، باعتباره الرئيس الإداري له، الذي يتعين عليه أن يصدر إليه أمراً بقبول صحيفة الدعوى .

والجزاء المقرر في هذه المادة تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، إذ يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم القبول حتى ولو لم يدفع به أحد من الخصوم لأنه أمر اعتبره الشارع متعلقاً بالنظام العام، وبالتالي فلا يشترط أن يتمسك به أحد من الخصوم (الدنا صوری وعكاز - ص 438 و ص 439 ).

وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية بشأن هذا التعديل أنه :

استشرت ظاهرة إحجام أغلب المتعاملين في الحقوق العينية العقارية. وخاصة عقود بيع العقارات، عن تسجيل الحقوق التي تلقوها كما يوجب لذلك قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، واستعاضوا عن ذلك برفع دعاوی صحة ونفاذ للعقود المبرمة بشأن هذه التصرفات، بما أدى تضخم إعداد هذا النوع من القضايا، حتى بلغت وفقاً لإحصائيات عديد من المحاكم تجاوزت نسبة الى 50% من مجموع القضايا المنظور أمامها.

وفضلاً عن الأثر السلبي لتزايد عدد القضايا على هذا النحو أمام المحاكم فيما لايمثل في أغلبه خصومة حقيقية يتعين على القضاء الفصل فيها، فإن إتباع هذا الطريق يؤدي إلى عدم تسجيل هذه التصرفات مما يترتب عليه ضياع الرسوم الواجبة على الدولة، بالإضافة إلى ما يشبعه عدم تسجيل هذه التصرفات من زعزعة في أسس الملكية العقارية التي استهدف المشرع بموجب قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، تدعيم أركانها وتوفير الاستقرار لها.

ويشترط لإعمال الفقرة الأخيرة من المادة 65 توافر أربعة شروط :

أولها : أن يكون المطلوب الحكم بصحة تعاقد، فلا يسرى النص إذا كان المطلوب الحكم بصحة عمل من أعمال الإرادة المنفردة التي تصدر من جانب واحد کالوصية، كما لا يسرى النص إذا كان المطلوب. الحكم بفسخ العقد أو بطلانه أو إبطاله أو عدم نفاذه أو إنقضائه، إذ النص صريح في - إشتراط أن يكون المطلوب الحكم بصحة التعاقد دون الحكم بإنحلاله. ویستوى بعد ذلك نوع التعاقد فقد يكون عقد بيع، أو عقد شركة، أو عقد صلح أو غير ذلك من العقود متى توافرت فيه باقي الشروط.

وثانيها : أن يكون محل العقد المطلوب الحكم بصحته، حقاً عينياً ، سواء كان حق الملكية، أو أحد الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية كحق الانتفاع أو حق السكني والاستعمال أو حق الحكر أو حقوق الإرتفاق، أو كان حقاً عينياً تبعياً كالرهن الحيازی ولكن يستوي بعد ذلك أن يكون العقد قد تضمن الاتفاق على نقل أحد هذه الحقوق أو إنشائه أو أن يكون قد تضمن الاتفاق على إنقضائه، كما لو إتفق أصحاب الشأن في العقد على إنهاء حق إرتفاق، أو التفاسخ من عقد بيع عقار سبق تسجيله أو على إنهاء حق انتفاع قبل إنتهاء مدته، إذ كل هذه العقود وإن تضمنت الإتفاق على انقضاء أخذ الحقوق العينية لا تنتج أثرها سواء بين طرفيها وبالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل عملاً بنص المادة التاسعة من قانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 ،التي تنص على أن جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية الأصلية أو نقله أو تغيره أو زواله والأحكام المثبتة بشئ من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل، ويترتب على عدم التسجيل أنها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم. ولكن يلاحظ في هذا الصدد أنه إذا كان الحق الذي تضمن العقد المطلوب الحكم بصحته الإتفاق على انقضائه، مصدره العقد، فإنه يتعين أن يكون هذا العقد قد سجل قبل إبرام العقد الذي تضمن الإتفاق على انقضائه، إن في هذه الحالة يكون محل العقد الأخير حقاً عينياً عقارياً فيخضع لحكم النص، أما إذا كان العقد السابق لم يسجل بعد، فإنه وفقاً لنص المادة التاسعة من قانون الشهر العقاري لا ينشأ عنه سوى حق شخصي، أو من ثم فإن الاتفاق اللاحق على انقضاء هذا الحق أو التناسخ من العقد الذي تضمن الاتفاق على نقله أو إنشائه لا يكون محله حقاً عينياً عقارياً، فلا يخضع لحكم النص، وعلى ذلك إذا رفعت الدعوى بطلب الحكم بصحة التعاقد الذي تضمن الإتفاق على التفاسخ من عقله بيع معرفي، فإن هذه الدعوى لا تخضع لحكم النص المستحدث، ويسرى هذا النص على طلب الحكم بصحة عقد القسمة الاتفاقية العقارية باعتبارها كاشفة لحق عيني عقارى ولكن النص لا يسرى على طلب الحكم بصحة التعاقد على إنشاء أو نقل أو إنقضاء حق شخصی ولو كان محله عقاراً ولو كان مما يجب تسجيله كعقد وفقاً لحكم المادة 11 من قانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946، كعقد إيجار عقار مدة تجاوز تسع سنوات. (كمال عبد العزيز - ص 475 و ص 476) .

وثالثها: أن يكون المال . محل الحق العينی موضوع التعاقد المطلوب الحكم بصحته عقاراً فلا يسرى النص على طلب الحكم بصحة التعاقد على إنشاء أو نقل أو إنقضاء حق عيني أصلي أو تبعي على منقول كعقد بيع أو رهن سيارة أو محل تجاري ليس من بين عناصره عقار .

ورابعها : أن يكون هناك طلب مقدم إلى المحكمة بالطريق القانوني بطلب الحكم بصحة التعاقد الذي تتوافر فيه الشروط السالفة، سواء أبدى هذا الطلب بصفة أصلية في صورة دعوى مبتدأة، أو أبدی بصحتة فرعية في صورة إبداء طلب عارض فني دعوى قائمة من المدعي أو المدعى عليه فيها أو من طالب تدخل هجومی فيها، أما إذا لم يقدم إلى المحكمة طلب أصلي و فرعي بطلب الحكم بصحة التعاقد، فلا يكون هناك محل لإعمال النص حتى ولو اقتضى الفصل في الطلب المطروح التعرض لمسألة صحة العقد كمسألة أولية كما لو رفع المشتري لعقار بعقد عرفي دعوى ضد البائع بطلب إلزامه بتسليم العقار فثار نزاع حول صحة العقد ما استلزم أن تعرض للمحكمة لصحة العقد باعتبار صحته مسألة أولية لازمة للفصل في طلب التنفيذ العيني لإلتزام ناشئ عنه، ففي هذه الحالة لا يلزم تسجيل صحيفة دعوى طلب تسليم المبيع ولو كان عقاراً، ذلك أنه لا شبهة في أن نص الفقرة المستحدثة نص إستثنائی، فلا يجوز التوسع في تفسيره، وقد اقتصر النص على دعوى صحة التعاقد، أي الدعوى التي ترفع بطلب الحكم بصحة التعاقد، فضلاً عن أن المادة 15 من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1941، أجازت تسجيل صحف دعاوى صحة التعاقد على حقوق عقارية وأوجبت المادة 16 منه على التأشير (بمنطوق الحكم النهائي الصادر فيها على هامش تسجيل الصحيفة، وقضاء المحكمة في المسألة الأولية لا يرد في المنطوق، إلا إذا كان أحد طرفي الدعوى قد قدم في هذا الشأن طلباً عارضاً. (كمال عبد العزيز - ص 476 و ص 477). 

وإعمالاً لتعديل المادة 65 مرافعات به محل التعليق - وتنفيذاً لهنا التعديل أضاف المشرع بمقتضى القانون رقم 6 لسنة 1991، إلى القرار بقانون 70 لسنة 1964 ، بشأن رسوم التوثيق والشهر العقارى المادة 24 مکرراً وتنص على تحصيل مؤقتاً - عند شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية، أو عند شهر طلب عارض او طلب تدخل أو طلب إثبات إتفاق نضمن صحة التعاقد على حق من هذه الحقوق - أمانة قضائية تورد لخزينة المحكمة المختصة على ذمة شهر الحكم الذي يصدر في الدعوى أو الطلب مقدارها 25 % من قيمة الرسم النسبي الذي يستحق على شهر الحكم طبقاً للقواعد الواردة بالمادة 21 من هذا القانون، وتخصم قيمة هذه الأمانة من الرسم النسبى المستحق عن ذلك الشهرة .

وفي حالة القضاء نهائياً برفض الدعوى أو عدم قبولها أو إعتبارها كأن لم تكن أو تركها أو سقوط الخصومة فيها أو في حالة عدم شهر الحكم لتخلف أحد الشروط اللازمة قانوناً لشهرة والتي لا دخل لإرادة طالب الشهر فيها،  حالة ما تم من شهر، ويعتبر كأن لم يكن، وترد الأمانة بغير رسوم .

ووفقاً لهذه المادة فإنه يتعين علي من يرفع دعوي صحة تعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية، أو التقدم بطلب عارض، أو طلب تدخل أو إثبات التصالح في حق من الحقوق المرفوعة به الدعوى أن يسدد الشهر العقارى أمانة قضائية مقدارها 25 % من قيمة الرسم النسبي الذي يستحق على شهر الحكم أو الطلب على أن تخصم قيمة هذه الأمانة من الرسم النسبى المستحق على ذلك الشهر، إلا أن الأمانة ترد عن دفعها في. الحالات الآتية :

1- إذا قضى برفض الدعوى أو بعدم قبولها

2- إذا قضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن

3- إذا قضى بترك الخصومة في الدعوى.

4- إذا قضی بسقوط الخصومة في الدعوى

5- إذا لم يتم شهر المحرر لتخلف أحد الشروط اللازمة قانوناً لشهره والتي لا دخل لإدارة طالب الشهر فيها.

ويلاحظ أنه يشترط لاسترداد الأمانة في الحالات الأربعة الأولى أن يصبح الحكم نهائياً ، سواء لأنه أستفدت فيه طرق الطعن العادية أو لأنه نهائي بطبيعته، أو لفوات مواعيد الطعن دون طعن عليه. أما في الحالة الخامسة فلا ترد. الأمانة إلا إذا لم يتم شهر المحرر بسبب تخلف شرط من الشروط التي يتطلبها القانون لشهرة، ولم يكن هناك دخل لإدارة طالب الشهر فيها، كما إذا تبين أن البائع لا يملك البيع وكان المشتري قد خفى عليه ذلك، أما إذا كان يعلم فلا يسترد الأمانة، وفي جميع الحالات المتقدمة فإن لطالب الشهر أن يسترد الأمانة فقط، أما الرسوم فلا يرد له شيء منها.

والملاحظ في الحياة العملية أنه بعد تعديل المادة 65 بما أوجبته من تسجيل صحيفة صحة التعاقد وإلا قضت المحكمة بعدم قبولها، فإن كثيراً من المتعاقدين هجروا هذه الدعوى ولجؤوا إلى دعوى صحة التوقيع إعتقاداً منهم بأنها تغني عن دعوى صحة التعاقد وذلك حتى يتفادوا دفع ربع رسوم هذه الدعوى الأخيرة وهذا الإعتقاد غير صحيح، لأن الحكم بصحة التوقيع يقتصر أثره على أن توقيع البائع على العقد صحيح ولا يتعداه إلى غيره على خلاف الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد - حتى في حالة عدم تسجيل الحكم - فإنها تثبت أن البيع صحيح ونافذ وصدر من مالك مسبوق لجميع أركانه القانونية، فضلاً عن ذلك فإنه يجوز للمشتري أن يطلب فيها طلبات أخرى، ومنها طلب تسليم المبيع إذا كان البائع قد نكل عن تنفيذ إلتزامه (الديناصوری وعكاز . ص 440)، ولا شك في أن المبالغة في رسوم تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد، هو : العامل الرئيسي الذي يدفع بالمتعاقدين إلى هجرة هذه الدعوى، ومن الأفضل لو أن المشرع خفف من قيمة هذه الرسوم وهذا التخفيف سوف يحقق الغرض المالي الذي يسعى المشرع إليه، كما أنه سوف يحقق صالح الأفراد في نفس الوقت.

تطبيق نظام التوثيق الميكروفيلمي على أوراق الدعاوی ومستنداتها ومدى قانونيته:

صدرت تعليمات من وزارة العدل إلى المحاكم، بتطبيق نظام التوثيق الميكروفيلمي على جميع المستندات والأوراق التي تقدم في الدعاوی .

وأصدر رؤساء المحاكم قرارات بذلك إلا أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت بجلسة 19/1/1991 حكماً في الدعوى 3748 لسنة 32 ق قضت فيه بأن القرار الصادر من السيد المستشار رئيس محكمة الجيزة الإبتدائية بعدم قبول أية مستندات أو أوراق في الدعوى إلا بعد التحقق من تصويرها ميكروفيلمياً وختمها بالختم الخاص بذلك قد تضمن إضافة قيد على رفع الدعاوي لم يرد في القانون وهو لذلك قرار معيب غصب سلطة المشرع الأمر الذي ينحدر له إلى درجة العدم .

ومن ناحية أخرى أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 30/1/1997 حكماً في الدعوى رقم 991 لسنة 50 قضائية قضت في الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من المستشار رئيس محكمة إسكندرية الابتدائية بشأن العمل بنظام الميكروفيلم بمحكمة إسكندرية الابتدائية وجزئياتها. وبذلك أصبح نظام التوثيق الميكروفيلمي غير ملزم للخصوم في هاتين المحكمتين، فمن شاء منهم اتبعه ومن شاء لم يتبعه إلا أنه يحسن بالخصوم أن يوثقوا مستنداتهم الهامة حتى يحتالوا لفقدها ويتجنبوا العبث بها خصوصا في هذه الأيام التي كثر فيها الغش والتزوير. (الدناصورى وعكاز ص 726  وص 728) .

دعاوى النفقات معفاة من الرسوم القضائية إعمالاً للقانون 1 لسنة 2000 :

لقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 3 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 على أن تعفی دعاوى النفقات وما في حكمها من الأجور والمصروفات بجميع أنواعها من كافة الرسوم القضائية في كل مراحل التقاضی ومؤدى ذلك أن رافعي هذه الدعاوى لايؤدون رسوماً . عن هذه الدعاوی عند تقديم الصحيفة أمام المحاكم على إختلاف درجاتها، سواء كانت محكمة جزئية أو إبتدائية أو استئنافية أو محكمة النقض . 

جواز شهر الصحيفة في تاريخ لاحق على رفع الدعوى» :

إجراء الشهر المنصوص عليه في المواد 65/3 ، 103/2 ، 126 مکرراً مرافعات. ماهيته. انتفاء صلته بالصفة أو المصلحة في الدعوى وعدم تعلقه بالحق في رفعها. مؤداه . اعتباره دفعاً شكلياً. خروجه من نطاق الدفع بعدم القبول المنصوص عليه في المادة 115 مرافعات  .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الثاني  ، الصفحة : 397)

هذه المادة عدلت أولاً بالقانون 6 لسنة 1991 ، بإضافة الفقرة الأخيرة إليها ثم عدلت ثانياً بالقانون 18 سنة 1999 إذ كانت الفقرة الأولى من المادة قبل تعديلها بالقانون الأخير تلزم المدعي بأن يقدم لقلم الكتاب ما يدل على سداد الرسوم المقررة فأضاف المشرع إلى ذلك تكليفه بأن يقدم أيضاً دليل إعفائه من الرسوم القضائية إن كان قد أعفي منها وذلك كما إذا حصل على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائه منها ، أما إذا كان الإعفاء بنص في القانون كما هو الحال بالنسبة لإعفاء العامل من رسوم الدعوى العمالية أو كما إذا كانت رافعة الدعوى إحدى الجهات أو الهيئات الحكومية فإن رافع الدعوى لا يكلف في هذه الحالة بتقديم دليل الإعفاء من الرسوم لأنه مقرر بنص القانون ونص القانون معلوم للكافة لا يقدم عليه دليل.

وكانت الفقرة الأولى من المادة قبل تعديلها تلزم أيضاً المدعي بأن يرفق بصحيفة الدعوى صورة من الصحيفة القلم الكتاب وقد ألزم المشرع بعد التعديل في البند الثاني من المادة المدعي تقديم صورتين منها . والفقرة الثانية من المادة ينقصها الدقة لأنها ألزمت المدعي بأن يقدم لقلم الكتاب صوراً من الصحيفة بقدر عدد المدعي عليهم والفرض أن يقدم المدعي صوراً تعادلاً ثلاثة أضعاف المدعى عليهم وتظهر أهمية ذلك في أن قلم الكتاب ملزم عند قيد الدعوى بإرسال صورة من صحيفة الدعوى لكل من المدعى عليهم وعلى المحضر أن يسلم كلا من المدعي عليهم صورة عند إعلانه إلا أنه إذا لم يجد المحضر المطلوب إعلانه أو من يجوز له الاستلام عنه قانوناً أو امتنع هذا الأخير عن الاستلام أو وجد المسكن مغلقاً ، ففي جميع هذه الحالات يتعين على المحضر عملاً بالمادة 11/ 2 مرافعات معدلة كذلك بالقانون رقم 18 لسنة 1999 أن يسلم صورة الإعلان لرجل الإدارة بعد أن يستوقعه على الأصل ثم بعد ذلك يرسل نسخة ثالثة من الصحيفة للمدعى عليه داخل خطاب مسجل بعلم وصول وبذلك تكون الصور التي تقدم لقلم الكتاب عند قيد الدعوى بخلاف الأصلين ثلاث صور عن كل من المدعى عليهم وقد لا يحتاج المحضر للصورة الثالثة إلا أن إحتياجه إليها احتمال قائم . لذلك كان يتعين على المشرع أن يحتاط لهذا الإحتمال ويلزم المدعى عليه بتقديم صور للصحيفة ثلاثة أضعاف عدد المدعي عليهم .

وكان النص قبل تعديله يلزم المدعي في الفقرة الأولى منه بأن يقدم لقلم الكتاب مذكرة شارحة للدعوى فأضاف إلى ذلك في التعديل في البند الرابع من المادة ما يوجب على المدعي إذا لم يقدم المذكرة أن يقدم إقراراً باشتمال صحيفة الدعوى علي شرح كامل لها واستهدف المشرع من ذلك ألا يكون للمدعي حجة في طلب تأجيل الدعوى لتقديم مذكرة .

وغني عن البيان انه سواء قدم المدعي المذكرة الشارحة أو الإقرار باشتمال صحيفة الدعوى على شرح كامل لها فإن ذلك لا يحرمه من تقديم مذكرات أخرى لمواجهة ما يقدمه خصومه من مستندات ودفاع ودفوع. ونرى أن ذلك لا يحرم المدعي من أن يقدم أيضا أثناء نظر الدعوى مذكرة تكميلية بما عساه أن يراه مكملاً لدفاعه حتى لو لم يجد جديد في الدعوى .

ولم يكن النص السابق يبيح للمدعي تقديم صور من المستندات عند تمام صحيفة الدعوى فأجاز له النص الجديد في البند الثالث منه تقديم صور منها تحت مسئوليته.

ولا جدال في أن صور المستندات التي يجوز للخصوم أن يتقدموا بها بدلاً من الأصول يجب أن تكون صوراً رسمية ويجوز تقديم صورة ضوئية بدلاً منها بشرط عدم منازعة خصم من قدمها أثناء نظر الدعوى في مطابقتها للأصل .

وقد أعطى المشرع في الفقرة الثانية من البند الرابع من المادة المعدلة لقلم الكتاب سلطة رفض قيد الدعوى ولم يكن ذلك جائزاً في النص قبل تعديله وقد قصر المشرع هذه السلطة على حالة واحدة فقط هي عدم إستيفاء المستندات والأوراق المبينة بالفقرة الأولى من المادة ولم يجعل قراره في هذا الشأن نهائياً بل أوجب عليه من تلقاء نفسه عرض هذا الأمر على قاضي الأمور الوقتية ليفصل فيه فوراً وخول للقاضي إما أن يكلف قلم الكتاب بقيد الدعوى وإما بتكليف المدعى باستيفاء ما نقص ولا يجوز له أن يقضي بغير أحد هذين الأمرين وذلك بعد سماع أقوال المدعي ورأى قلم الكتاب ونرى أن يكون ذلك في محضر يحرره الكاتب ويرفق بملف الدعوى.

كما نرى أن قرار قاضي الأمور الوقتية بتكليف المدعى استيفاء ما نقص من الأوراق هو قرار ولائي يقبل الطعن وذلك لأن المشرع لم ينص على أن قراره في هذا الشأن نهائي وبذلك يتعين الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الشأن خاصة بالطعن في الأمر الولائي .

وفي حالة ما إذا أمر قاضي الأمور الوقتية بقيد الصحيفة فإنها تعتبر مقيدة من تاريخ تقديمها لقلم الكتاب عملاً بالفقرة الثانية من البند الرابع من المادة ويترتب على هذا القيد جميع الآثار التي تترتب على قيد الصحيفة وأهمها قطع التقادم .

وأضاف المشرع بمقتضى التعديل الجديد إلى الفقرة الثالثة من البند الرابع من المادة إلزام قلم الكتاب أن يرسل للمدعي عليه خلال ثلاثة أيام من تاريخ قيد الدعوى خطاباً موصي عليه بعلم الوصول يرفق به صورة من صحيفة الدعوى ومن المذكرة الشارحة أو من الإقرار إن كان المدعي لم يتقدم بمذكرة يخطره فيه بأن الدعوى قد قيدت وباسم المدعي وطلباته والجلسة المحددة لنظرها ويدعوه للاطلاع على ملف الدعوى وتقديم مستنداته ومذكرة بدفاعه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل .

ونرى أن مخالفة الفقرة الثالثة من المادة وإن كان لا يترتب عليه ثمة بطلان سواء بالنسبة لعدم إخطار قلم الكتاب المدعى عليه أو التراخي في الإخطار عن الموعد المحدد ، مادام أن المدعى عليه قد حضر أثناء نظر الدعوى إلا أنه يجعل استجابة المحكمة للتأجيل الذي يطلبه المدعي عليه أمراً واجباً .

ومؤدي التعديل الأول الذي أدخل على المادة أنه في حالة ما إذا رفعت دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية، وكان المدعي لم يشهر صحيفتها فإن الدعوى تكون غير مقبولة ، فإذا أقام المدعي دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع أرض زراعية أو أرض فضاء أو منزل أو بأي حق عقاري أخر من الحقوق العينية العقارية المنصوص عليها في القانون المدني ، فإنه يتعين عليه شهر صحيفتها قبل تقديمها فإن لم يفعل تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبولها .

ومما هو جدير بالذكر، أن الخطاب موجه للمحكمة ، وليس موجهاً لقلم الكتاب ، وعلى ذلك فإنه لا يجوز أن يمتنع عن قبول صحيفة دعوى محتجاً في ذلك بعدم شهرها ، وإلا كان لمقدمها أن يتقدم بشكوى ضده للمستشار رئيس المحكمة باعتباره الرئيس الإداري له الذي يتعين عليه أن يصدر إليه أمراً بقبول صحيفة الدعوى.

ويدور البحث عما إذا كان الجزاء المقرر في هذه المادة تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها أم لابد من أن يدفع به الخصوم ؟

في تقديرنا أنه يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم القبول حتى ولو لم يدفع به احد الخصوم لأنه أمر اعتبره الشارع متعلقاً بالنظام العام وبالتالي فلا يشترط أن يتمسك به أحد من الخصوم .

وتطبيقاً للأثر الفوري لقانون المرافعات فإن الدعوى التي رفعت ابتداء من 1991/3/14 تكون غير مقبولة إذا لم تشهر صحيفتها ، أما الدعاوي التي رفعت قبل ذلك تكون مقبولة ، وتقضي فيها المحكمة حتى لو صدر الحكم بعد سريان هذا القانون ، مع ملاحظة أن الدعوى تعتبر مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم الكتاب .

وتنفيذاً لهذا المادة أضاف المشرع بمقتضى القانون رقم 6 لسنة 1991 إلى القرار بقانون 70 لسنة 1964 بشأن رسم التوثيق والشهر العقاري المادة 24 مكرراً ، وتنص على أن " تحصل مؤقتاً - عند شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية أو عند شهر طلب عارض أو طلب تدخل أو طلب إثبات إتفاق يتضمن صحة التعاقد على حق من هذه الحقوق - أمانة قضائية تورد خزينة المحكمة المختصة على ذبة شهر الحكم الذي يصدر في الدعوى أو الطلب مقدارها 25% من قيمة الرسم النسبي الذي يستحق على شهر الحكم طبقاً للقواعد الواردة بالمادة 31 من هذا القانون، وتخصم قيمة هذه الأمانة من الرسم النسبى المستحق عن ذلك الشهر.

وفي حالة القضاء نهائيا برفض الدعوى أو عدم قبولها أو إعتبارها كأن لم تكن أو تركها أو سقوط الخصومة فيها أو في حالة عدم شهر الحكم لتخلف أحد الشروط اللازمة قانوناً لشهرها والتي لا دخل لإدارة طالب الشهر فيها ، يمحي ما تم من شهر ويعتبر كأن لم يكن ، وترد الأمانة بغير رسوم .

ومقتضى هذه المادة أنه يتعين على من يرفع دعوى صحة تعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية أو التقدم بطلب عارض أو طلب تدخل أو إثبات التصالح في حق من الحقوق المرفوعة به الدعوى أن يسدد للشهر العقاري أمانة قضائية مقدارها 25% من قيمة الرسم النسبي الذي يستحق على شهر الحكم أو الطلب على أن تخصم قيمة هذه الأمانة من الرسم النسبى المستحق على ذلك الشهر.

ومن المقرر أن شهر الصحيفة المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة لا يسري على طلب الحكم بصحة التعاقد على إنشاء أو نقل أو إنقضاء حق عيني أصلي أو تبعي على منقول كعقد بيع أو رهن سيارة أو محل تجاري ليس من بين عناصرها عقار لأنه يشترط أن يكون المال محل الحق العيني موضوع التعاقد المطلوب الحكم بصحته عقار، كما لا يسري على طلب الحكم بصحة التعاقد على إنشاء أو نقل أو انقضاء حق شخصي ولو كان محله عقار ولو كان مما يجب تسجيله كعقد كما هو الشأن فيما تنص عليه المادة 11 من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 من وجوب تسجيل عقد إيجار العقار لمدة تزيد على تسع سنوات .

ويرى الأستاذ كمال عبد العزيز بأن النص يسري على حق الملكية وكذلك على الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية كحق الانتفاع أو حق السكنى والاستعمال أو حق الحكر أو حقوق الارتفاق كما يسري على الحقوق العينية التبعية كالرهن الحيازي (مرافعاته الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 474).

وطبقاً لهذا الرأي فإن دعوى تثبيت الملكية إذا كان محلها عقدا طلب الحكم بصحته يتعين شهر صحيفتها .

وإذا لم يقدم إلى المحكمة طلب أصلي أو فرعي بطلب الحكم بصحة التعاقد فلا يكون هناك محل لإعمال النص حتى لو اقتضى الفصل في الطلب المطروح التعرض لمسألة صحة العقد كمسألة أولية كمنا إذا رفع مشتري العقار بعقد عرفي دعوى ضد البائع بطلب إلزامه بتسليم العقار فثار نزاع حول صحة العقد واقتضى ذلك أن تعرض المحكمة له باعتباره. مسألة أولية ففي هذه الحالة لا يلزم تسجيل صحيفة دعوى طلب تسليم المبيع لأن النص نص استثنائي مستحدث فلا يجوز التوسع في تفسيره . (المرجع السابق ص 476).

ومن المقرر أن الأمانة ترد لمن دفعها في الحالات الآتية :

1- إذا قضى برفض الدعوى أو بعدم قبولها .

2- إذا قضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن .

3- إذا قضى بترك الخصومة في الدعوى .

4 - إذا قضى بسقوط الخصومة في الدعوى.

5 - إذا لم يتم شهر المحرر التخلف أحد الشروط اللازمة قانوناً لشهره ، والتي لا دخل لإرادة طالب الشهر فيها.

ويشترط لإسترداد الأمانة في الحالات الأربعة الأولى أن يصبح الحكم نهائياً ، سواء لأنه استنفدت فيه طرق الطعن العادية أو لأنه نهائي بطبيعته ، أو لفوات مواعيد الطعن دون طعن عليه . أنما في الحالة الخامسة فلا ترد الأمانة إلا إذا لم يتم شهر المحرر بسبب تخلف شرط من الشروط التي يتطلبها القانون لشهره ، ولم يكن هناك دخل لإرادة طالب الشهر فيها ، كما إذا تبين أن البائع لا يملك المبيع وكان المشتري قد خفي عليه ذلك ، أما إذا كان يعلم فلا يسترد الأمانة ، وفي جميع الحالات المتقدمة فإن لطالب الشهر أن يسترد الأمانة فقط ، أما الرسوم فلا يرد له شيء منها . ويبدو أن مشروع القانون الذي قدم لمجلس الشعب كان يحدد الأمانة القضائية التي تورد لخزينة المحكمة المختصة على ذمة شهر الحكم الذي يصدر في الدعوى أو الطلب بنسبة 50% متضمنة الرسم النسبي الذي يستحق على شهر الحكم طبقاً للقواعد الواردة في المادة 21 من قانون التوثيق والشهر إلا أن المجلس عدلها إلى 25 % وهذا يبين من مقارنة ما جاء بالمذكرة الإيضاحية عن النص الذي وافق عليه المجلس لذلك يتعين لفت النظر إلى هذا الأمر الهام عند قراءة المذكرة الإيضاحية ونصها الآتي :

" استشرت ظاهرة أحجام أغلب المتعاملين في الحقوق العينية العقارية، وخاصة عقود بيع العقارات، عن تسجيل الحقوق التي تلقوها كما يوجب لذلك قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، واستعاضوا عن ذلك برفع دعاوي صحة نفاذ للعقود المبرمة بشأن هذه التصرفات ، بما أدى إلى تضخم أعداد هذا النوع من القضايا ، حتى بلغت وفقاً لإحصائيات عديد من المحاكم نسبة تجاوز الـ 50 % من مجموع القضايا المنظور أمامها .

وفضلاً عن الأثر السلبي لتزايد عدد القضايا على هذا النحو أمام المحاكم فيما لا يمثل في أغلبه خصومة يتعين على القضاء الفصل فيها ، فإن إتباع هذا الطريق يؤدي إلى عدم تسجيل هذه التصرفات مما يترتب عليه ضياع الرسوم الواجبة على الدولة ، بالإضافة إلى ما يشيعه عدم تسجيل هذه التصرفات من زعزعة في أسس الملكية العقارية التي استهدف المشرع بموجب قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 تدعيم أركانها وتوفير الاستقرار لها " .

وقد نصت المادة 126 مكرر مرافعات على أن لا يقبل الطلب العارض وطلب التدخل إذا كان محله صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا تم شهر صحيفة هذا الطلب أو صورة رسمية من محضر الجلسة الذي أثبت فيه.

وتأسيساً على ذلك إذا رفع البائع دعوى يطالب فيها بثمن بيع العقار أو جزء منه ثم قدم المشتري طلباً عارضاً بصحة ونفاذ عقد البيع وهو طلب جائز قانوناً مادام أن له مصلحة فيه تعين عليه شهر هذا الطلب وإلا كان غير مقبول، وبديهي أنه لكي يستطيع شهره بسهولة يتعين عليه أن يبديه بصحيفة فإن أبداه في الجلسة وأثبته بمحضرها تعين عليه شهره . وإذا أقام المشتري دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع عقار أو عقد يتعلق بأي حق عيني عقاري قبل العمل بالقانون 6 لسنة 1991 كانت دعواه مقبولة.

دعوى صحة التوقيع تافهة الأثر بشأن عقد بيع :

لاحظنا أنه بعد أن تم تعديل هذه المادة بما أوجبته من تسجيل صحيفة صحة التعاقد وإلا قضت المحكمة بعدم قبولها على النحو الذي بيناه في شرحها فإن كثيرا من المشترين هجروا هذه الدعوى ولجأوا إلى دعوى صحة التوقيع إعتقاداً منهم بأنها تغني عن دعوى صحة التعاقد وذلك حتى يتفادوا دفع ربع رسوم هذه الدعوى الأخيرة وهذا الإعتقاد غير صحيح على الإطلاق ، ذلك أن الحكم بصحة لتوقيع يقتصر أثره على أن توقيع البائع على العقد صحيح ولا يتعداه إلى غيره على خلاف الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد - حتى في حالة عدم تسجيل الحكم - فإنها تثبت أن البيع صحيح ونافذ وصدر مستوف لجميع أركانه القانونية فضلاً عن ذلك فإنه يجوز للمشتري أن يطلب فيها طلبات أخرى كثيرة بيناها في هذا المؤلف ومنها طلب تسليم المبيع إذا كان البائع قد نكل عن تنفيذ التزامه لذلك نلفت النظر لهذا الأمر الهام .

عدم سداد رسوم الدعوى لا يؤدي على البطلان :

ومن المقرر أن عدم سداد رسوم الدعوى لا يترتب عليه بطلان الصحيفة وكل ما للمحكمة أن تقرر استبعاد الدعوى من قائمة الجلسة فإذا قام المدعي بسداد الرسوم القلم الكتاب حدد جلسة لنظر الدعوى وتبدأ من حيث إنتهت إجراءاتها قبل استبعادها فإذا فات المحكمة إستبعاد الدعوى واستمرت في نظرها حتى صدور الحكم فيها فلا بطلان وإنما يحق لقلم الكتاب مطالبة المدعي بسدادها بالطريق الذي رسمه القانون وإذا أبدى المدعى عليه طلباً عارضاً بالجلسة فإنه يتعين على المحكمة إثباته بمحضر الجلسة وتكليفه بسداد الرسم فإنه أبدی ۔ استبعدته المحكمة فإن فاتها وقضت فيه فلا بطلان وإذا تدخل شخص ثالث في الدعوى تدخلاً هجومياً أثناء نظرها كلفته المحكمة بسداد الرسم فإن رفض استبعدت طلبه فإن فات عليها وقضت في الدعوى فلا بطلان.

ومن المقرر وفقاً لنص المادة 13/ 1 من قانون الرسوم القضائية والتوثيق في المواد المدنية أنه يتعين على المحكمة أن تستبعد الدعوى من قائمة الجلسة إذا لم يسدد الرسم كله أو بعضه.

وقد كان العمل يجري في أقلام كتاب المحاكم على عدم إعطاء المدعي صورة تنفيذية من الحكم الصادر لصالحه إلا بعد أن يسدد الرسوم الملزم بها المدعى عليه وذلك عملاً بالمادة 14 من القانون 90 لسنة 1994 إلا أن المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية هذا النص وبذلك أصبح يجوز للمدعي الحصول على صورة تنفيذية من الحكم دون أن يسدد شيئاً من الرسوم الملزم بها المدعى عليه المحكوم عليه.

ويجوز للمدعي عليه أن يطلب من المحكمة استبعاد الدعوى من قائمة الجلسة لأن له مصلحة في ذلك إذ من تاريخ هذا الاستبعاد تسري على الدعوى مواعيد سقوط الخصومة وإنقضائها .

ومن المقرر أن الرسم الخاص بصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية يأخذ حكم الرسوم فيسري ما يسري عليها .

وقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة على المدعى عليه في كافة الدعاوى عدا المستعجلة أن يودع قلم الكتاب مذكرة بدفاعه يرفق بها مستنداته قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل وأجاز المشرع هذا الإيداع في الميعاد المذكور دون إعلان الخصم به طالما أن الدعوى لم تطرح لنظرها أمام المحكمة أما بعد أن تجري المرافعة في أول جلسة فإنها تخرج عن نطاق تطبيق الفقرة الثانية من المادة 65 فلا يجوز للخصم أن يودع مستندات أو مذكرات - في غير جلسة - دون أن يعلم أو يعلن بذلك الخصم الأخر إذ أن هذا أصل من أصول المرافعات وضع لكفالة عدالة التقاضي وعدم تجهيل الخصومة على من - كان طرفاً فيها فإذا أودع الخصم مستنداً أو مذكرة في غير الحالة المنصوص عليها في هذه المادة دون أن يعلن خصمه بها أو يطلعه عليها واستند الحكم في قضائه إليها فإنه يكون باطلاً لإخلاله بحق الدفاع .

وإيداع المستندات والمذكرات قبل الجلسة على النحو السالف يسري أيضاً أمام محكمة ثاني درجة بالنسبة للمستأنف عليه وبنفس الشروط أنفة البيان عملاً بالمادة 240 مرافعات التي نصت على أنه " تسري على الإستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو الأحكام ما لم يقض القانون بغير ذلك " .

وميعاد الثلاثة أيام المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة سواء أكان بالنسبة للمدعي عليه أمام محكمة أول درجة أم بالنسبة للمستأنف عليه أمام محكمة ثاني درجة تنظيمي لا يترتب على مخالفته البطلان .

دعاوى النفقات معفاة من الرسوم القضائية :

نصت الفقرة الأخيرة من المادة 3 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن " تعفي دعاوى النفقات وما في حكمها من الأجور والمصروفات بجميع أنواعها من كافة الرسوم القضائية في كل مراحل التقاضي " ومؤدي ذلك أن رافعي هذه الدعاوي لا يؤدون رسوماً عن هذه الدعاوي عند تقديم الصحيفة أمام المحاكم على إختلاف درجاتها سواء كانت محكمة جزئية أو إبتدائية أو إستئنافية أو نقض.

تطبيق نظام التوثيق الميكروفيلمي على أوراق الدعاوي ومستنداتها ومدى قانونيته : صدرت تعليمات من وزارة العدل إلى المحاكم بتطبيق نظام التوثيق الميكروفيلمي على جميع المستندات والأوراق التي تقدم في الدعاوي وأصدر رؤساء المحاكم قرارات بذلك إلا أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت بجلسة 1991/1/19 حكماً في الدعوى 2748 لسنة 32 ق قضت فيه بأن القرار الصادر من السيد المستشار رئيس محكمة الجيزة الابتدائية بعدم قبول أية مستندات أو أوراق في الدعوى إلا بعد التحقق من تصويرها ميكروفيلمياً وختمها بالختم الخاص بذلك قد تضمن إضافة قيد على رفع الدعاوي لم يرد في القانون وهو لذلك قرار معيب بعيب غصب سلطة المشرع الأمر الذي ينحدر به إلى درجة العدم.

ومن ناحية أخرى أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 1997/1/30 حكماً في الدعوى رقم 991 لسنة 50 قضائية قضت في الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من المستشار رئيس محكمة إسكندرية الابتدائية بشأن العمل بنظام الميكروفيلم بمحكمة إسكندرية الابتدائية وجزئياتها . وبذلك أصبح نظام التوثيق الميكروفيلمي غير ملزم للخصوم في هاتين المحكمتين فمن شاء منهم أتبعه ومن شاء لم يتبعه إلا أنه يحسن بالخصوم أن يوثقوا مستنداتهم الهامة حتى يحتاطون لفقدها و يتجنبوا العبث بها خصوصاً في هذه الأيام التي كثر فيها الغش والتزوير.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : الثاني ،  الثاني : 815)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العشرون ، الصفحة / 313

- الْجَوَابُ عَلَى الدَّعْوَى:

إِذَا اسْتَوْفَى الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ جَمِيعَ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ لِصِحَّتِهَا تَرَتَّبَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الإْجَابَةُ عَنْهَا.

وَالْجَوَابُ عَنِ الدَّعْوَى بِاعْتِبَارِهِ تَصَرُّفًا شَرْعِيًّا، لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِشُرُوطٍ، وَهِيَ:

أ - أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا بِصِيغَةٍ جَازِمَةٍ، فَلاَ يُقْبَلُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فِي الْجَوَابِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي: (مَا أَظُنُّ لَهُ عِنْدِي شَيْئًا).

ب - أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِلدَّعْوَى، وَذَلِكَ بِأَنْ يُجِيبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَمِيعِ طَلَبَاتِ الْمُدَّعِي، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَنِ الإْجَابَةِ عَنْ جُزْءٍ مِنْهَا. بَلْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْجَوَابَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ عُمُومِيَّةً مِنَ الدَّعْوَى، بِأَنْ يَعُمَّهَا وَيَعُمَّ غَيْرَهَا، كَمَا لَوْ أَجَابَ بِقَوْلِهِ: (لاَ حَقَّ لَكَ قِبَلِي) وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْجَوَابِ مَقْبُولٌ، لأِنَّ  قَوْلَهُ: (لاَ حَقَّ لَكَ) نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتُفِيدُ الْعُمُومَ.

وَكَذَلِكَ قَالُوا: لاَ يَكْفِي فِي الْجَوَابِ عَلَى الدَّعْوَى بِمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلاً أَنْ يَقُولَ: (لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ مِائَةٌ) حَتَّى يَقُولَ: (وَلاَ شَيْءَ مِنْهَا)، لأِنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ مِائَةٍ عَلَيْهِ، وَلاَ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ الأْقَلِّ، وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَيْهِ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمِائَةِ، فَلاَ يَكُونُ فِي جَوَابِهِ مُسْتَغْرِقًا لِجَمِيعِ طَلَبَاتِ الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا لِجُزْءٍ مِنْهَا، وَيَظَلُّ مُتَوَقِّفًا عَنِ الْجَوَابِ فِي حَقِّ بَاقِي الأْجْزَاءِ.

بَلْ ذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ نَصًّا، فَلَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ دِينَارًا، فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لاَ يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ فَلْسًا، لاَ يُقْبَلُ الْجَوَابُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِنَفْيِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الدِّينَارِ.

وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى خِلاَفِ هَذَا، لأِنَّ  مِثْلَ هَذَا الْجَوَابِ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ الْجُزْءِ الأْصْغَرِ نَصًّا، وَيَتَضَمَّنُ نَفْيَ الْبَاقِي مِنْ طَرِيقِ الْفَحْوَى أَوِ الدَّلاَلَةِ.

أَوْجُهُ الْجَوَابِ:

جَوَابُ الدَّعْوَى الَّذِي يَصْدُرُ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ أَحَدِ الأْوْجُهِ الآْتِيَةِ:

أَنْ يَكُونَ إِقْرَارًا بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى: وَيُقْصَدُ بِالإِْقْرَارِ إِخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ لآِخَرَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ يَكُونُ الإْقْرَارُ تَامًّا بِأَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ نَاقِصًا بِأَنْ يُقِرَّ بِبَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُنْكِرَ الْبَاقِيَ: فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْمُدَّعَى بِهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَامِلَ الأْهْلِيَّةِ مُخْتَارًا، فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِمُقْتَضَى إِقْرَارِهِ.

وَالإْقْرَارُ بِالْمُدَّعَى قِسْمَانِ: صَرِيحٌ وَضِمْنِيٌّ.

وَالأْوَّلُ وَاضِحٌ، وَالضِّمْنِيُّ يَكُونُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ الَّتِي يَدْفَعُ فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى خَصْمِهِ، فَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الدَّفْعِ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَصْلِ الدَّعْوَى، وَذَلِكَ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ مَالاً، فَيَقُولَ فِي الْجَوَابِ: لَقَدْ أَبْرَأَنِيَ الْمُدَّعِي عَنْ هَذَا الْمَالِ، فَيَكُونَ هَذَا الدَّفْعُ مُتَضَمِّنًا لِلإِْقْرَارِ بِالْمُدَّعِي. وَلِلإْقْرَارِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِهِ.

أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ إِنْكَارًا لِلْحَقِّ الْمُدَّعَى: وَالإِْنْكَارُ قَدْ يَكُونُ كُلِّيًّا فَيَسْرِي حُكْمُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ جُزْئِيًّا، فَيَسْرِي حُكْمُهُ عَلَى الْجُزْءِ الْمُنْكَرِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي الإْنْكَارِ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا وَبِصِيغَةِ الْجَزْمِ، فَلاَ يَصِحُّ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (مَا أَظُنُّ لَهُ عِنْدِي شَيْئًا). وَيَسْتَلْزِمُ هَذَا الشَّرْطُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الإْنْكَارُ الْحَقَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الدَّعْوَى، فَلاَ يَصِحُّ إِذَا كَانَ يَتَنَاوَلُ حَقًّا آخَرَ لَمْ تَقْتَضِهِ الدَّعْوَى، فَفِي جَوَابِ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ مَثَلاً يُقْبَلُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: (لَمْ تُودِعْنِي، أَوْ لاَ تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا)، فَلَوْ قَالَ: (لاَ يَلْزَمُنِي دَفْعُ شَيْءٍ أَوْ تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ)، لَمْ يَكُنْ هَذَا إِنْكَارًا لِلدَّعْوَى، لأِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةِ، فَهُوَ قَدْ نَفَى حَقًّا لَمْ يَدَّعِهِ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي، فَلاَ يُعْتَبَرُ إِنْكَارًا لِدَعْوَى الْوَدِيعَةِ.

وَفِي دَعْوَى الطَّلاَقِ لاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فِي إِنْكَارِهَا: (لَمْ أُطَلِّقْ)، وَإِنَّمَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: (أَنْتِ زَوْجَتِي)، وَفِي دَعْوَى النِّكَاحِ يَكْفِي فِي إِنْكَارِهَا أَنْ يَقُولَ: (لَيْسَتْ زَوْجَتِي).

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الإْنْكَارِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُدَّعِي بَيْنَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ تَحْلِيفِهِ.

وَقَدْ لاَ يَكُونُ الْجَوَابُ إِقْرَارًا وَلاَ إِنْكَارًا، بِأَنْ يَسْكُتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلاَ يَتَكَلَّمُ بِإِقْرَارٍ وَلاَ إِنْكَارٍ، أَوْ يَقُولُ: (لاَ أُقِرُّ وَلاَ أُنْكِرُ). وَحُكْمُ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُعْرَفَ إِنْ كَانَ سُكُوتُهُ مُتَعَمَّدًا أَوْ نَاتِجًا عَنْ عَاهَةٍ أَوْ دَهْشَةٍ أَوْ غَبَاوَةٍ، فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لاَ عَاهَةَ بِهِ وَأَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُنْكِرِ وَيَأْخُذُ حُكْمَهُ.

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ السَّاكِتَ لاَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُنْكِرِ بِحَالٍ مِنَ الأْحْوَالِ، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى الْجَوَابِ، بِالأْدَبِ الْمُنَاسِبِ.

وَقَدْ يُجِيبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَوَابٍ غَيْرِ صَحِيحٍ، فَيُنَبَّهُ إِلَيْهِ، فَلاَ يُصَحِّحُهُ، كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ طَلَبِ الْجَوَابِ مِنْهُ: فَلْيُثْبِتِ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ، فَلاَ يَكُونُ هَذَا جَوَابًا صَحِيحًا، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَيْهِ اعْتُبِرَ فِي حُكْمِ الْمُمْتَنِعِ عَنِ الْجَوَابِ، لأِنَّ  طَلَبَ الإْثْبَاتِ لاَ يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافًا وَلاَ إِنْكَارًا.

وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الصَّدَدِ أَنَّ مَنِ اعْتَرَفَ بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لاَ يَكْفِيهِ فِي نَفْيِ مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ السَّبَبُ أَنْ يُجِيبَ بِمَا هُوَ عَامٌّ يَشْمَلُ الْحَقَّ وَغَيْرَهُ، وَلَكِنْ لاَ بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ عَدَمِ مَا أَوْجَبَهُ ذَلِكَ السَّبَبُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ، مِثَالُ ذَلِكَ: لَوِ ادَّعَتِ امْرَأَةٌ عَلَى مَنْ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَهْرَ، فَقَالَ الزَّوْجُ فِي الْجَوَابِ عَلَيْهَا: (لاَ تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا)، لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْجَوَابُ، وَاعْتُبِرَ مُقِرًّا بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، فَيَلْزَمُهُ، لأِنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ إِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِسْقَاطِ الْمَهْرِ.

وَقَدْ يَكُونُ الْجَوَابُ دَفْعًا لِلدَّعْوَى: الدَّفْعُ - كَمَا يُسْتَخْلَصُ مِنْ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ - دَعْوَى مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقْصِدُ بِهَا دَفْعَ الْخُصُومَةِ عَنْهُ، أَوْ إِبْطَالَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّفْعَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ نَوْعَانِ:

الأْوَّلُ: الدَّفْعُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ إِبْطَالُ دَعْوَى الْمُدَّعِي نَفْسِهَا، وَمِثَالُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا، أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا، أَوْ أَيَّ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ لاِنْتِقَالِهَا إِلَى يَدِهِ.

الثَّانِي: الدَّفْعُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ دَفْعُ الْخُصُومَةِ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي أَوْ كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ، وَهُوَ مَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ بِدَفْعِ الْخُصُومَةِ، وَمِثَالُهُ: أَنْ يَدْفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ بِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الشَّيْءِ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ، وَإِنَّمَا يَدُ حِفْظٍ، كَأَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ لِهَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ لَهَا، أَوْ أَنَّهَا مُودَعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ مَرْهُونَةٌ لَدَيْهِ، فَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنَّ الْخُصُومَةَ تَنْدَفِعُ عَنْهُ.

وَمَحَلُّ هَذَا الدَّفْعِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَى خَصْمِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي عَلَيْهِ فِعْلاً، كَغَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مَا تَقَدَّمَ، لأِنَّ  الْخَصْمَ فِي دَعْوَى الْفِعْلِ هُوَ الَّذِي يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ، وَلاَ يُنْظَرُ إِلَى يَدِهِ.

وَمِنْ صُوَرِ دَفْعِ الْخُصُومَةِ أَنْ يَدْفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنَ الدَّعْوَى أَوْ مِنَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ هَذَا الإْبْرَاءَ، فَإِنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ يَدْفَعُ الْخُصُومَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَثِّرَ عَلَى الْحَقِّ ذَاتِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الدَّفْعَ بِالإْبْرَاءِ مِنَ الدَّعْوَى لاَ يَتَضَمَّنُ إِقْرَارًا بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى، حَتَّى لَوْ عَجَزَ الدَّافِعُ عَنْ إِثْبَاتِ دَفْعِهِ جَازَ لَهُ دَفْعُ الدَّعْوَى بِأَيِّ دَفْعٍ آخَرَ مِنْ إِبْرَاءٍ مِنَ الْحَقِّ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ وَنَحْوِهِ. وَهَذَا الدَّفْعُ أَجَازَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى بُطْلاَنِهِ.

وَمِنْ صُوَرِهِ أَيْضًا دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ أَهْلِيَّتِهِ أَوْ بِنُقْصَانِ أَهْلِيَّةِ خَصْمِهِ الْمُدَّعِي، فَلَوْ رُفِعَتِ الدَّعْوَى عَلَى نَاقِصِ الأْهْلِيَّةِ فَقَالَ: أَنَا صَبِيٌّ، وَقَفَتِ الْخُصُومَةُ حَتَّى يَبْلُغَ.

وَالنَّوْعُ الأْوَّلُ مِنَ الدُّفُوعِ يَصِحُّ إِيرَادُهُ فِي أَيَّةِ مَرْحَلَةٍ تَكُونُ عَلَيْهَا الدَّعْوَى قَبْلَ إِصْدَارِ الْحُكْمِ بِلاَ خِلاَفٍ، فَيَصِحُّ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ، كَمَا يَصِحُّ بَعْدَهَا. وَأَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى صِحَّتِهِ إِذَا تَضَمَّنَ إِبْطَالَ الْحُكْمِ. وَلَمْ يُمْكِنِ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّعْوَى الأْصْلِيَّةِ. وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْبَلُ مِنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَيُّ دَفْعٍ بَعْدَ فَصْلِ الدَّعْوَى، وَلَكِنَّ لَهُ أَنْ يَطْعَنَ بِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاضِي عَدَاوَةً، فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ فَسْخُ الْحُكْمِ، وَإِعَادَةُ الْمُحَاكَمَةِ.

وَأَمَّا دَفْعُ الْخُصُومَةِ فَيَجُوزُ إِبْدَاؤُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلاَ يَصِحُّ بَعْدَهُ، لأِنَّ  تَأَخُّرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى مَا بَعْدَ الْحُكْمِ يَجْعَلُ الدَّعْوَى صَحِيحَةً فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِهَا، لأِنَّهَا قَامَتْ عَلَى خَصْمٍ حَسَبَ الظَّاهِرِ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ قَدْ صَدَرَ صَحِيحًا، فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدْفَعَ بِأَنَّ يَدَهُ مَثَلاً كَانَتْ يَدَ حِفْظٍ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي، إِذْ يَغْدُو بِمَثَابَةِ أَجْنَبِيٍّ يُرِيدُ إِثْبَاتَ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ، فَلَمْ تَتَضَمَّنْ دَعْوَاهُ إِبْطَالَ الْقَضَاءِ السَّابِقِ.

وَالشَّافِعِيَّةُ لاَ يَرَوْنَ صِحَّةَ دَفْعِ الْخُصُومَةِ إِلاَّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنَ الْمُدَّعِي، قَالَ الْقَفَّالُ: إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا عَلَى مِلْكِيَّتِهِ لِلْعَيْنِ، ثُمَّ قَبْلَ إِكْمَالِ الشَّهَادَةِ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ مِلْكَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ لِزَوْجَتِهِ مَثَلاً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ هَذَا الدَّفْعُ، وَطُلِبَ مِنَ الْمُدَّعِي إِكْمَالُ الشَّهَادَةِ، حَتَّى إِذَا أَتَمَّهَا بِشُرُوطِهَا قُضِيَ لَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ، وَلِلزَّوْجَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَرْفَعَ دَعْوَى عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ الَّتِي قُضِيَ لَهُ بِهَا، فَمُنِعَ مِنْ إِبْدَاءِ الدَّفْعِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، لأِنَّهُ مُقَصِّرٌ لِسُكُوتِهِ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ.

وَالأْصْلُ فِي الدَّفْعِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى الأْصْلِيَّةِ أَمْ كَانَ فِي دَفْعِهَا، إِذْ مِنَ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الدَّفْعَ نَفْسَهُ دَعْوَى يُصْبِحُ فِيهَا الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى الأْصْلِيَّةِ مُدَّعِيًا فِي الدَّفْعِ، فَيَكُونُ لِلْمُدَّعِي الَّذِي انْقَلَبَ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ أَنْ يَدْفَعَ الدَّفْعَ الْمُوَجَّهَ إِلَيْهِ.

وَلَكِنَّهُ يَسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا تَعَدَّى إِلَيْهِ الْحُكْمُ عَلَى فَرْضِ صُدُورِهِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى مُورِثٍ وَخَاصَمَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، كَانَ لِغَيْرِ الْمُخَاصِمِ مِنَ الْوَرَثَةِ دَفْعُ هَذِهِ الدَّعْوَى، لأِنَّ  أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنِ الْجَمِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّرِكَةِ، فَالْحُكْمُ يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِ الْوَارِثِ الْمُخَاصِمِ، فَيَكُونُ لَهُ الْحَقُّ فِي دَفْعِهِ.

هَذَا، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّفْعِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى، لأِنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الآْثَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، فَإِذَا عَجَزَ الدَّافِعُ عَنْ إِثْبَاتِ دَفْعِهِ بِوَسَائِلِ الإْثْبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي حَلَفَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ نَكَلَ هَذَا عَنِ الْيَمِينِ ثَبَتَ الدَّفْعُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالنُّكُولِ، وَأَمَّا عِنْدَ الآْخَرِينَ فَيَحْلِفُ الدَّافِعُ يَمِينَ الرَّدِّ، فَإِنْ فَعَلَ ثَبَتَ الدَّفْعُ وَانْدَفَعَتِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي عَادَتْ دَعْوَاهُ الأْصْلِيَّةُ. ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَبِيعَةِ الدَّفْعِ، فَقَدْ يَكُونُ مُتَضَمِّنًا لِلإْقْرَارِ بِالْمُدَّعَى بِهِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ مُعَيَّنٍ، فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلاً: إِنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ أَبْرَأَنِي مِنَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ، وَعَجَزَ عَنْ إِثْبَاتِ الإْبْرَاءِ، وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِهِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِي يَسْتَحِقُّ مَا ادَّعَى بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلَّفَ بَيِّنَةً أُخْرَى، لأِنَّ  الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ مَدِينًا بِالْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى، وَالأْصْلُ بَقَاءُ اشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَثْبُتَ الْعَكْسُ، وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ، فَيُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِالْمَبْلَغِ الَّذِي يُطَالِبُ بِهِ.

وَقَدْ لاَ يَكُونُ الدَّفْعُ مُتَضَمِّنًا إِقْرَارَ الدَّافِعِ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى، كَمَا فِي صُوَرِ دَفْعِ الْخُصُومَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَعْضُهَا.

وَتَفْصِيلُهُ فِي: (إِقْرَارٌ، وَإِنْكَارٌ، وَنُكُولٌ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والعشرون ، الصفحة / 22

دَلِيلٌ

التَّعْرِيفُ:

الدَّلِيلُ لُغَةً: هُوَ الْمُرْشِدُ وَالْكَاشِفُ، مِنْ دَلَلْتُ عَلَى الشَّيْءِ وَدَلَلْتُ إِلَيْهِ.

وَالْمَصْدَرُ دُلُولَةٌ وَدَلاَلَةٌ، بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا. وَالدَّالُّ وَصْفٌ لِلْفَاعِلِ.

وَالدَّلِيلُ مَا يُتَوَصَّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى الْعِلْمِ بِمَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ وَلَوْ ظَنًّا، وَقَدْ يَخُصُّهُ بَعْضُهُمْ بِالْقَطْعِيِّ.

وَلِذَلِكَ كَانَ تَعْرِيفُ أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ «أَدِلَّةُ الْفِقْهِ» جَارِيًا عَلَى الرَّأْيِ الأَْوَّلِ الْقَائِلِ بِالتَّعْمِيمِ فِي تَعْرِيفِ الدَّلِيلِ بِمَا يَشْمَلُ الظَّنِّيَّ؛ لأَِنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةِ تَشْمَلُ مَا هُوَ قَطْعِيٌّ، كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَمَا هُوَ ظَنِّيٌّ كَالْعُمُومَاتِ وَأَخْبَارِ الآْحَادِ وَالْقِيَاسِ وَالاِسْتِصْحَابِ. وَمِنْ هُنَا عَرَّفَهُ فِي الْمَحْصُولِ وَفِي الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّهُ: «طُرُقُ الْفِقْهِ»؛ لِيَشْمَلَ الْقَطْعِيَّ وَالظَّنِّيَّ.

الأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الأْمَارَةُ:

الأْمَارَةُ فِي اللُّغَةِ: الْعَلاَمَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى - كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ - وَهِيَ عِنْدَ الأْصُولِيِّينَ: مَا أَوْصَلَ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ ظَنِّيٍّ.

وَلَمْ يُفَرِّقِ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الأَْمَارَةِ وَالدَّلِيلِ. وَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ: الأَْمَارَةُ مَا يُؤَدِّي النَّظَرُ الصَّحِيحُ فِيهِ إِلَى الظَّنِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَقْلِيًّا أَمْ شَرْعِيًّا. أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَالأَْمَارَاتُ الْعَقْلِيَّةُ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ كَذَلِكَ.

ب - الْبُرْهَانُ:

الْبُرْهَانُ: الْحُجَّةُ وَالدَّلاَلَةُ، وَيُطْلَقُ خَاصَّةً عَلَى مَا يَقْتَضِي الصِّدْقَ لاَ مَحَالَةَ. وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مَا فَصَلَ الْحَقَّ عَنِ الْبَاطِلِ، وَمَيَّزَ الصَّحِيحَ مِنَ الْفَاسِدِ بِالْبَيَانِ الَّذِي فِيهِ.

ج - الْحُجَّةُ:

الْحُجَّةُ: الْبُرْهَانُ الْيَقِينِيُّ، وَهُوَ مَا تَثْبُتُ بِهِ الدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ الْغَلَبَةُ عَلَى الْخَصْمِ.

وَالْحُجَّةُ الإِْقْنَاعِيَّةُ، هِيَ الَّتِي تُفِيدُ الْقَانِعِينَ الْقَاصِرِينَ عَنْ تَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ بِالْبَرَاهِينِ الْقَطْعِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَرُبَّمَا تُفْضِي إِلَى الْيَقِينِ بِالاِسْتِكْثَارِ.

الأَْدِلَّةُ الْمُثْبِتَةُ لِلأَْحْكَامِ:

الأَْدِلَّةُ الْمُثْبِتَةُ لِلأَْحْكَامِ نَوْعَانِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، الَّتِي تَرْجِعُ إِلَيْهَا أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةُ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَثِيرٌ جَمَعَهَا الْقَرَافِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ الذَّخِيرَةِ، مِنْهَا: الاِسْتِحْسَانُ، وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ، وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ، وَالْعُرْفُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَالاِسْتِصْحَابُ، وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَغَيْرِهَا وَيُقْصَدُ بِالأَْحْكَامِ: الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الْخَمْسَةُ: الْوُجُوبُ، وَالنَّدْبُ، وَالإِْبَاحَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْحُرْمَةُ. وَالأَْحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ: كَالشَّرْطِ، وَالْمَانِعِ، وَالسَّبَبِ وَنَحْوِهَا.

الدَّلِيلُ الإِْجْمَالِيُّ وَالدَّلِيلُ التَّفْصِيلِيُّ:

عَرَّفَ الأُْصُولِيُّونَ أُصُولَ الْفِقْهِ لَقَبًا بِأَنَّهُ «أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةُ» مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَوْضُوعَهُ الأَْدِلَّةُ الإِْجْمَالِيَّةُ، وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَهِيَ الأَْدِلَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ أَدِلَّةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا إِلاَّ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الأَْرْبَعَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الاِسْتِحْسَانُ، وَالاِسْتِصْحَابُ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَالاِسْتِصْلاَحُ. وَعِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ يَبْحَثُ فِي إِثْبَاتِ حُجِّيَّةِ الأَْدِلَّةِ وَطُرُقِ دَلاَلَتِهَا عَلَى الأَْحْكَامِ.

وَالدَّلِيلُ إِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ كَانَ دَلِيلاً إِجْمَالِيًّا، وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ كَانَ دَلِيلاً تَفْصِيلِيًّا. وَمِثَالُ ذَلِكَ قوله تعالي وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ. فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ، وَأَنَّ الأَْمْرَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ، كَانَ دَلِيلاً إِجْمَالِيًّا.

وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِوُجُوبِ الصَّلاَةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ كَانَ دَلِيلاً تَفْصِيلِيًّا.

الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ وَالدَّلِيلُ الظَّنِّيُّ:

تَنْقَسِمُ الأَْدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ وَالدَّلاَلَةُ:

قَطْعِيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلاَلَةِ، كَبَعْضِ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)

وَقَطْعِيُّ الثُّبُوتِ ظَنِّيُّ الدَّلاَلَةِ، كَبَعْضِ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي يُخْتَلَفُ فِي تَأْوِيلِهَا.

وَظَنِّيُّ الثُّبُوتِ قَطْعِيُّ الدَّلاَلَةِ، كَأَخْبَارِ الآْحَادِ ذَاتِ الْمَفْهُومِ الْقَطْعِيِّ.

وَظَنِّيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلاَلَةِ، كَأَخْبَارِ الآْحَادِ الَّتِي مَفْهُومُهَا ظَنِّيٌّ.

وَرَتَّبَ أُصُولِيُّو الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِقَدْرِ دَلِيلِهِ:

فَبِالْقِسْمِ الأَْوَّلِ يَثْبُتُ الْفَرْضُ، وَبِالْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ، وَبِالْقِسْمِ الرَّابِعِ يَثْبُتُ الاِسْتِحْبَابُ وَالسُّنِّيَّةُ.

وَهَذَا التَّقْسِيمُ جَارٍ عَلَى اصْطِلاَحِ الْحَنَفِيَّةِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، خِلاَفًا لِلْجُمْهُورِ. وَيُنْظَرُ فِي تَفْصِيلِ مَا تَقَدَّمَ: الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ فِي مَوَاضِعِهِ. وَكَذَلِكَ مُصْطَلَحُ: «اسْتِدْلاَل» «وَتَرْجِيح.