loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

 جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون السابق تعليقاً على المادة 85 منه المطابقة للمادة 77 من القانون الحالي أنه إذا تعدد الوكلاء بالخصومة أجاز: «لأحدهم .الانفراد بالعمل في القضية ولو لم يكن مأذوناً بالانفراد المادة (85)، وذلك كي لا يتعطل سير القضية بحجة عدم حضور الوكلاء كلهم أو أن الحاضر عنهم غير مأذون في الانفراد. وهذا الحكم الذي هو استثناء من أحكام الوكالة المدنية مقتبس من المادة 171 من القانون الصيني والمادة 64 من القانون الترکی.

الأحكام

متى كان التوكيل الصادر من الطاعن قد صدر لعدة محامين فإنه يجوز انفراد أحدهم بالتقرير بالطعن لأن قانون المرافعات قد خرج فى الوكالة بالخصومة عن القاعدة العامة التى قررتها المادة 707 من القانون المدنى فنص فى المادة 85 من قانون المرافعات (۷۷ جدید وهي مطابقة) على أنه إذا تعدد الوكلاء جاز لأحدهم الانفراد بالعمل فى القضية مالم يكن ممنوعا من ذلك بنص التوكيل و لا محل لتخصيص عموم نص هذه المادة و قصره على السير فى الدعوى بعد إقامتها .

(الطعن رقم 351 لسنة 23 جلسة 1958/03/27 س 9 ع 1 ص 230 ق 30)

 

شرح خبراء القانون

على أن المحامي يحتفظ بحريته في تكييف الدعوى الموكل فيها وفي عرض الأساليب القانونية طبقاً لأصول الفهم القانوني السليم (72 قانون المحاماة)، وللمحامي - سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في دعوى - أن ينيب عنه في الحضور أو في المرافعة أو في أي إجراء من إجراءات الخصومة محامياً آخر - تحت مسئوليته - دون توكيل . وذلك ما لم يكن في سند توكيل المحامي ما يمنعه من توكيل غيره (مادة 78 مرافعات و56 محاماة) فإذا تعدد الوكلاء بالخصومة، جاز لأي منهم الانفراد بالعمل في القضية ما لم يكن ممنوعاً من ذلك، بنص في التوكيل (مادة 77 مرافعات)، هذا ولو كانوا قد عينوا في عقد وكالة واحدة. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 708)

تعدد الوكلاء بالخصومة :

إذا تضمن سند الوكالة أكثر من وكيل فتعدد بذلك الوكلاء بالخصومة جاز لأحدهم الانفراد بالعمل إلا إذا كان الموكل قد أوجب أن يعمل الوكلاء مجتمعين فحينئذ لا يجوز لأحدهم أن ينفرد بالعمل، لكن إذا انفرد أحدهم رغم هذا الحظر فانه يكون قد جاوز حدود الوكالة فلا ينفذ العمل في حق الموكل إلا إذا أقره الأخير أو أقره باقي الوكلاء صراحة أو ضمناً. فان تعلق العمل برفع دعوى وكان الموكل قد أوجب أن يعمل الوكلاء مجتمعين، تعين أن يوقع هؤلاء جميعاً علي صحيفتها، فان وقع عليها أحدهم فقط ولم يقرها الموكل أو باقي الوكلاء تعين علي الموكل الحضور أمام المحكمة ويقرر بترك الخصومة، فان حضر هو أو باقي الوكلاء وتكلموا في الموضوع كان ذلك إجازة للعمل، ويكفي لاعتبار العمل صادراً من الوكلاء مجتمعين أن يصدر من أحدهم في حضور الجميع دون أن يعترض عليه أحد منهم، فان اعترض أحدهم تعين العدول عن العمل لعدم الإجماع عليه.

أما إذا تعدد الوكلاء بالخصومة في سند الوكالة ولم يتضمن منعاً لأحدهم بالانفراد بالعمل، جاز لكل وكيل أن يعمل على انفراد ويكون عمله نافذاً في حق الموكل.

وإذا تعددت سندات الوكالة وتضمن كل سند أكثر من وكيل وكان أحدها فقط متضمناً حظر عمل أحد الوكلاء فيه منفرداً، فإن الحظر يقتصر علي الوكلاء في هذا السند وحده دون أن يمتد لباقي السندات، إذ ينصرف نص المادة 77 مرافعات إلى التعدد الوارد بسند وكالة واحد بحيث إن تعددت السندات كان لكل وكيل الانفراد بالعمل مطلقاً.

وإذا تم توقيع صحيفة الدعوى أو الطعن من أكثر من محام، وتبين عدم توافر الشروط اللازمة في أحدهم للتوقيع عليها، فان ذلك لا يؤدي إلى بطلانها طالما توافرت في أحد الموقعين ولو لم يكن موكلاً من الأصيل، مع مراعاة أن صحيفة الطعن بالنقض لا تكون صحيحة إلا إذا كان المحامي الموقع عليها مقبولاً للمرافعة أمام محكمة النقض وموكلاً عن الأصيل بسند وكالة مودع ضمن مستندات الطعن، وأن كان المحامي الموكل غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض، وجب أن يكون مفوضاً في سند وكالته بتوكيل الغير، وأن يوكل محامياً مقبولاً لدى محكمة النقض وأن يتضمن الطعن سند وكالته وسند الوكالة الصادر منه للمحامي المقبول. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 407)

هذا النص يقرر استثناء من أحكام الوكالة المدنية التي تشترط في المادة 702/ 2 من القانون المدني اجتماع الوكلاء في العمل إذا تعددوا وقد أملي هذا الاستثناء الرغبة في عدم تعطيل سير القضية بحجة عدم حضور الوكلاء كلهم أو أن الحاضر عنهم غير مأذون في الانفراد ( مرافعات أبو الوفاء ص 655). (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ،  الصفحة :931)

حالة تعدد الوكلاء بالخصومة: في حالة ما إذا تضمن عقد الوكالة بالخصومة أكثر من وكيل، فإنه وفقاً للمادة 77- محل التعليق - يجوز لأحدهم الانفراد بالعمل في القضية ، وذلك ما لم يكن ممنوعاً من هذا الانفراد بنص في التوكيل، ويسرى حكم نص المادة 77 سواء عند رفع الدعوى ابتداء أو في السير فيها بعد رفعها. (نقض 27/2/1958  سنة 9 ص 230)، ويقرر نص المادة 77 استثناء من أحكام الوكالة المدنية التي تشترط في المادة 702/2 من القانون المدني. اجتماع الوكلاء في العمل إذا تعددوا، وقد أملي هذا الاستثناء الرغبة في عدم تعطيل سير القضية بحجة عدم حضور الوكلاء كلهم، أو أن الحاضر عنهم غير مأذون في الانفراد (أحمد أبوالوفا- المرافعات ص 655، والمذكرة الإيضاحية للقانون السابق المشار إليها آنفاً). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني، الصفحة : 585)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 78

تَعَدُّدُ الْوُكَلاَءِ

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُوَكِّلَ أَكْثَرَ مِنْ وَكِيلٍ لِلْقِيَامِ بِتَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ عَدَا الْخُصُومَةِ.

أَمَّا فِي غَيْرِ الْخُصُومَةِ فَإِنَّهُ إِذَا وَكَّلَهُمْ بِكَلاَمٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِ الْوُكَلاَءِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمُفْرَدِهِ فِي مَحَلِّ الْوَكَالَةِ دُونَ اجْتِمَاعِ الآْخَرِينَ مَعَهُ مَا لَمْ يَجُزْ لأِحَدِهِمُ  التَّصَرُّفُ بِمُفْرَدِهِ، فَإِنْ أَجَازَهُ فَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمُفْرَدِهِ .

وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَطَ الْمُوَكِّلُ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِهِمُ الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ .

وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ مَحَلَّ الْوَكَالَةِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، لأِنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لاَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا، إِذْ لاَ يَنَالُ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا مَا يَنَالُ بِرَأْيِهِمَا.

وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى إِطْلاَقِ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ .

وَعَلَى ذَلِكَ فَالْوَكِيلاَنِ بِالْبَيْعِ لاَ يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا التَّصَرُّفَ بِدُونِ صَاحِبِهِ، وَإِذَا فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُجِيزَ صَاحِبُهُ أَوِ الْمُوَكِّلُ، لأِنَّ الْبَيْعَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ، وَالْمُوَكِّلُ إِنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لاَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا، وَاجْتِمَاعُهُمَا عَلَى ذَلِكَ مُمْكِنٌ فَلَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فَلاَ يَنْفُذُ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ الْوَكِيلاَنِ بِالشِّرَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى أَمْ لَمْ يَكُنْ، لأِنَّ الْبَدَلَ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا وَلَكِنَّ التَّقْدِيرَ لاَ يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ الآْخَرُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا.

غَيْرَ أَنَّهُ فِي الشِّرَاءِ إِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِدُونِ صَاحِبِهِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلاَ يَقِفُ عَلَى الإْجَازَةِ، وَفِي الْبَيْعِ يَقِفُ عَلَى الإْجَازَةِ .

وَكَذَلِكَ الْوَكِيلاَنِ بِالنِّكَاحِ، وَالطَّلاَقِ عَلَى مَالٍ، وَالْخُلْعِ، وَكُلُّ عَقْدٍ فِيهِ بَدَلٌ هُوَ مَالٌ، لأِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الرَّأْيِ، وَالْمُوَكِّلُ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّمْلِيكِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: جَعَلَتُ أَمَرَ امْرَأَتِي بِيَدِكُمَا، أَوْ قَالَ لَهُمَا: طَلِّقَا امْرَأَتِي إِنْ شِئْتُمَا، لاَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّطْلِيقِ، لأِنَّهُ جَعَلَ أَمْرَ الْيَدِ تَمْلِيكًا، وَالتَّمْلِيكُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَشْرُوطٌ بِالْمَشِيئَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: طَلِّقَا امْرَأَتِي إِنْ شِئْتُمَا . وَكَذَا الْوَكِيلاَنِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لاَ يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْبِضَ دُونَ صَاحِبِهِ، لأِنَّ قَبْضَ الدَّيْنِ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى الرَّأْيِ وَالأْمَانَةِ، وَقَدْ فَوَّضَ الرَّأْيَ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا لاَ إِلَى أَحَدِهِمَا وَرَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا جَمِيعًا لاَ بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُبَرِّئْهُ الْغَرِيمُ حَتَّى يَصِلَ مَا قَبَضَهُ إِلَى صَاحِبِهِ فَيَقَعَ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا أَوَ يَصِلَ إِلَى الْمُوَكِّلِ، لأِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْمَقْبُوضُ إِلَى صَاحِبِهِ أَوْ إِلَى الْمُوَكِّلِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا قَبَضَاهُ جَمِيعًا ابْتِدَاءً .

وَكَذَلِكَ الْوَكِيلاَنِ بِحِفْظِ الْوَدِيعَةِ لاَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا. لأِنَّ حِفْظَ الاِثْنَيْنِ أَنْفَعُ فَلَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا بِدُونِ إِذْنِ الآْخَرِ ضَمِنَ .

وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ مَحَلَّ الْوَكَالَةِ مِمَّا لاَ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى رَأْيٍ وَمَشُورَةٍ كَتَسْلِيمِ الْهِبَةِ وَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنَ الْوُكَلاَءِ الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، لأِنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِمَّا لاَ تَحْتَاجُ إِلَى رَأْيٍ فَكَانَ إِضَافَةُ التَّوْكِيلِ إِلَى الْوُكَلاَءِ تَفْوِيضًا لِلتَّصَرُّفِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمُفْرَدِهِ .

أَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) فَإِنَّ إِطْلاَقَ عِبَارَاتِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِ الْوُكَلاَءِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ .

أَمَّا إِذَا وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَيْنِ بِكَلاَمَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ كَمَا إِذَا وَكَّلَ أَحَدَهُمَا بِتَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ بِالتَّصَرُّفِ نَفْسِهِ أَيْضًا فَأَيُّهُمَا تَصَرَّفَ جَازَ، لأِنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الاِنْفِرَادِ حَيْثُ وَكَّلَهُمَا مُتَعَاقِبًا.

وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ.

وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْحُكْمِ بَيْنَ مَا إِذَا وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَيْنِ بِكَلاَمٍ أَوْ كَلاَمَيْنِ حَيْثُ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ إِلاَّ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمَا ذَلِكَ .

أَمَّا الْوَكِيلاَنِ بِالْخُصُومَةِ فَلِكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - عَدَا زُفَرَ - وَالْحَنَابِلَةِ فِي قَوْلٍ - قَالَ عَنْهُ الْمِرْدَاوِيُّ: هُوَ الصَّوَابُ - وَالشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِلِ الأْصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا رَضِيَ بِهِمَا الْخَصْمُ وَتَرَتَّبَا . لأِنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْخُصُومَةِ إِعْلاَمُ الْقَاضِي بِمَا يَمْلِكُهُ الْمُخَاصِمُ وَاسْتِمَاعُهُ، وَاجْتِمَاعُ الْوَكِيلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ يُخِلُّ بِالإْعْلاَمِ وَالاِسْتِمَاعِ، لأِنَّ ازْدِحَامَ الْكَلاَمِ يُخِلُّ بِالْفَهْمِ فَكَانَ إِضَافَةُ التَّوْكِيلِ إِلَيْهِمَا تَفْوِيضًا لِلْخُصُومَةِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَيُّهُمَا خَاصَمَ كَانَ تَمْثِيلاً، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الْقَبْضَ دُونَ صَاحِبِهِ، لأِنَّ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْقَبْضِ مُمْكِنٌ فَلاَ يَكُونُ رَاضِيًا بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، وَالرَّأْيُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَابِقًا لِتَقْوِيمِ الْخُصُومَةِ .

وَذَهَبَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِالْخُصُومَةِ، وَعَلَّلَ زُفَرُ هَذَا الْحُكْمَ بِأَنَّ الْخُصُومَةَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ، وَالْمُوَكِّلُ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَلاَ يَمْلِكُهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ.

وَهَذَا رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا رَضِيَ الْخَصْمُ بِهِمَا وَلَمْ يَتَرَتَّبَا فَقَدْ قَالُوا: جَازَ تَوْكِيلُ وَاحِدٍ لاَ أَكْثَرَ.