إذا كان الوكيل الذي اختاره الخصم يعمل قاضياً أو من رجال النيابة أو العاملين في المحاكم، فلا تصح الوكالة إلا إذا كان الموكل زوجه أو من أصوله أو فروعه إلى الدرجة الثانية (مادة 2 / 81 مرافعات).
هذا ولو كانت الدعوى محل الوكالة أمام محكمة غير التي يعمل بها. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 704)
مناط حظر الوكالة بالخصومة علي القضاة والعاملين بالمحاكم:
لا يجوز لرجل القضاء والنيابة العامة بمختلف درجاتهم ولا لأحد من العاملين بالمحاكم أن يقبلوا الوكالة بالخصومة في الحضور أو المرافعة بالمشافهة أم بالكتابة أم بالإفتاء ولو كانت الدعوى مقامة أمام محكمة غير التي يتبعها، وبذلك يكون المشرع قد حظر على هؤلاء الوكالة بالخصومة وما تتطلبه من إجراءات تتعلق بالحضور أمام المحكمة أياً ما كان سبب هذا الحضور وسواء. كان بصحبة الموكل أم علي انفراد، أو تتعلق بالمرافعة التي تنطوي على إبداء الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع مؤيدة بالأسانيد الواقعية والقانونية أم غير مؤيدة بها، مشافهة أو كتابة بتقديم مذكرة موقع عليها من أحد هؤلاء، أو تقديم فتوى مكتوبة موقعاً عليها من أحدهم.
والبطلان المطلق هو الجزاء على مخالفة هذا الحظر لاتصاله بالتنظيم القضائي ولغايات قدرها المشرع، ويمتد هذا البطلان إلى كل عمل باشره أحد هؤلاء يندرج في أعمال الوكالة بالخصومة، وقد خص المشرع الحضور والمرافعة والإفتاء، ومن ثم تتصدى المحكمة الأبطال هذه الأعمال من تلقاء نفسها ولأي من الخصوم الدفع به في أي حالة تكون عليها الدعوى، فتنقضي ببطلان العمل وترتب في قضائها كافة الآثار المترتبة علي ذلك، ولأي من الخصوم التمسك بهذه الآثار، فإذا أبطلت المحكمة الحضور ولم تكن الدعوى مهيأة للفصل فيها قررت شطبها متى كان الموكل هو المدعي، فإن كان الموكل هو المدعي عليه ولم يكن قد أعلن لشخصه، تعين إعادة إعلانه. وإذا أبطلت المرافعة، طرحت كل ما تضمنته من طلبات ودفوع وأوجه دفاع واعتبرتها كأن لم تكن، وتبدأ المحكمة في نظر الدعوى من جديد بعد أن أبطلت الحضور والمرافعة، فإن ترتب علي ذلك انقضاء المواعيد التي اتخذ خلالها العمل الذي أبطل، سقط حق الخصم في العودة إليه، ولا ينتج العمل الأثر الذي رتبه القانون على العمل الصحيح، فلا ينتج العرض الفعلي أثره حتى لو قبله الخصم لبطلان هذا العرض بطلاناً مطلقاً، فإن كان من شأن هذا العرض والقبول توقي دعوى الإخلاء، طرحته المحكمة وقضت بالإخلاء وذلك ترتيباً على بطلان الوكالة بالخصومة.
ويبطل العمل كذلك إذا حرر أحد المذكورين مذكرة أو فتوى ونسب صدورها لأحد المحامين باستعارة اسم الأخير وهو من قبيل الصورية النسبية، بحيث أن تمكن الخصم الآخر من إثبات هذه السورية، قضت المحكمة ببطلان العمل.
ويستثنى مما تقدم الدعاوى المتعلقة بمن يمثله أحد هؤلاء قانوناً كما لو كان ولياً أو وصياً أو قيماً علي أحد الخصوم، والدعاوى المتعلقة بالأزواج والأصول وأن علوا كالأب والجلد، والدعاوى المتعلقة بالفروع إلى الدرجة الثانية كالابن وأولاده أو البنت وأولادها. ويخرج هذا الاستثناء من نطاق المادة 72 مرافعات فيما يتعلق بالأقارب والأصهار، ومن ثم لا يجوز لمن عددتهم المادة 81 أن يكونوا وكلاء بالخصومة عن أقاربهم وأصهارهم وإلا كان العمل باطلاً.
ولأي من المذكورين في النص الإدلاء بشهادته في أي من الدعاوى المدنية أو التجارية أو الأحوال الشخصية متى كانت شهادته مقبولة قانوناً إذا لم يمتد الحظر إلى الشهادة، كذلك الحال إذا كان خصماً أصلياً في الدعوى.
ولتعلق البطلان بالنظام العام فإنه يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض بشرط أن تكون عناصره الواقعية مطروحة أمام محكمة الموضوع، كما لو كانت محررة وموقعة باسم أي من هؤلاء أو تضمن محضر الجلسة حضوره ومرافعته مع بيان وظيفته.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 427)
حظر الوكالة بالخصومة على القضاة وأعضاء النيابة العامة والعاملين بالمحاكم ونطاق ذلك: وفقاً للمادة 81 محل التعليق - للقضاة ولا لأعضاء النيابة العامة بمختلف درجاتهم ولا لأحد من العاملين بالمحاكم أن يقبلوا الوكالة بالخصومة في الحضور أو المرافعة بالمشافهة أم بالكتابة أم بالإفتاء، ولو كانت الدعوى مقامة أمام محكمة غير التي يتبعها، وهؤلاء ليسوا من المحامين فلا يجوز لهم طبقاً للأصل العام في التشريع أن يحضروا جلسات الحاكم نيابة عن الخصوم، وجزاء مخالفة هذا الحظر هو البطلان المطلق وهو بطلان متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وحكمة هذا الحظر تفادي الجمع بين الوظيفة القضائية وهي تقتضي من الموظف القضائي أن يلتزم موقف الحيدة بين الخصوم، وبين النيابة عن الخصوم، وهي تقتضي رعاية مصلحة الخصم الذي ينوب عنه الوكيل بالخصومة.
ولكن ليس ثمة ما يمنع أن يكون أحد المذكورين في المادة 81 شاهداً في أية قضية أمام أية محكمة، ما لم ينص القانون على غير ذلك.
وقد أباح المشرع في الفقرة الثانية للمذكورين في المادة 81 أن ينوبوا أمام القضاء سواء في الحضور أو المرافعة بالنسبة لزوجاتهم وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية وبالنسبة لمن يمثلونهم قانوناً كما لو كان أحدهم ولياً شرعياً أو وصياً أو قيماً أو وكيلاً عن غائب ولم يتعرض النص للوكالة عن الإصهار، ومن ثم فلا يجوز له الحضور لأن التصريح الوارد في المادة هو استثناء من الأصل الوارد فيها وهو المنع أحمد أبوالوفا - التعليق - الطبعة الخامسة ص414) .
ولا شبهة في أنه يجوز للقضاة وأعضاء النيابة العامة والعاملين بالمحاكم أن يترافعوا عن أنفسهم إذا كانوا خصوماً في الدعوى، لأن المنع طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 81 إنما هو منع من النيابة عن غيرهم ولأنه إذا كان يجوز لهم المرافعة عن غيرهم ممن يمثلونهم قانوناً وعن أزواجهم وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية، فإنه يجوز من باب أولى أن يترافعوا عن أنفسهم. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني ، الصفحة : 599)
أشار النص الجديد صراحة إلي أن البطلان يترتب على مخالفة أحكامه وهذا المبدأ كان مقرراً في ظل القانون القديم وهو بطلان متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وفيما عدا ذلك فلا خلاف في الأحكام بين المادتين.
وقد أجاز النص لمن عددهم في المادة الحضور عمن يمثلونهم قانوناً كما لو كان أحدهم ولياً شرعياً أو وصياً أو قيماً أو وكيلاً عن غائب ولم يتعرض النص للوكالة عن الأصهار ومن ثم فلا يجوز له الحضور لأن التصريح الوارد في المادة هو استثناء من الأصل الوارد فيه وهو المنع. ( التعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 414 ).
ومما هو جدير بالذكر أن ما أجازته الفقرة الثانية - لمن عددتهم الفقرة الأولى - قاصر علي أن يكونوا وكلاء عن أزواجهم وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية في الحضور أو المرافعة ولكنها لم تجز لهم التوقيع علي صحف الدعاوى أو الطعون أو رفعها ومن ثم فلا يحق لهم ذلك.
وواضح من نص الفقرة الثانية أنه اقتصر علي تعدد الأزواج والأصول والفروع حتى الدرجة الثانية فلا تمتد الإجازة إلي الأقارب حتى الدرجة الثانية من غير الأصول والفروع كالأخوة والأخوات كما لا تمتد إلى قرابة المصاهرة. (مرافعات كمال عبد العزيز طبعة سنة 1995 الجزء الأول ص 545) .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني، الصفحة : 939)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م
الجزء / الحادي عشر ، الصفحة / 357
التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي التَّقَاضِي:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَالْخِطَابِ، وَاللَّحْظِ، وَاللَّفْظِ، وَالإْشَارَةِ، وَالإْقْبَالِ، وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَالإْنْصَاتِ إِلَيْهِمَا، وَالاِسْتِمَاعِ مِنْهُمَا، وَالْقِيَامِ لَهُمَا، وَرَدِّ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِمَا، وَطَلاَقَةِ الْوَجْهِ لَهُمَا؛ لِلأْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِنْهَا:
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَفْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ، وَلاَ يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا لاَ يَرْفَعُهُ عَلَى الآْخَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي النَّظَرِ وَالْمَجْلِسِ وَالإْشَارَةِ»
وَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى الأْشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنْ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَمَجْلِسِكَ، حَتَّى لاَ يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ، وَلاَ يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ.
وَلأِنَّ مُخَالَفَةَ ذَلِكَ يُوهِمُ الْخَصْمَ الآْخَرَ مَيْلَ الْقَاضِي إِلَى خَصْمِهِ، فَيُضْعِفُهُ ذَلِكَ عَنِ الْقِيَامِ بِحُجَّتِهِ، وَلاَ يُسَارُّ أَحَدَهُمَا دُونَ الآْخَرِ، وَلاَ يُلَقِّنُهُ حُجَّتَهُ، وَلاَ يَضْحَكُ فِي وَجْهِهِ؛ لأِنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُخَالَفَةً لِلْمُسَاوَاةِ الْمَطْلُوبَةِ.
وَيَشْمَلُ هَذَا الشَّرِيفَ وَالْوَضِيعَ وَالأْبَ وَالاِبْنَ، وَالصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَقْدِيمِ الأْوَّلِ فَالأْوَّلِ، إِذَا حَضَرَ الْقَاضِي خُصُومٌ وَازْدَحَمُوا؛ لأِنَّ الْحَقَّ لِلسَّابِقِ، فَإِنْ جَهِلَ الأْسْبَقَ مِنْهُمْ، أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَقَدَّمَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ؛ إِذْ لاَ مُرَجِّحَ إِلاَّ بِهَا. فَإِنْ حَضَرَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ: فَإِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ قَلِيلاً، بِحَيْثُ لاَ يَضُرُّ تَقْدِيمُهُمْ عَلَى الْمُقِيمِينَ قَدَّمَهُمْ؛ لأِنَّهُمْ عَلَى جَنَاحِ السَّفَرِ؛ وَلِئَلاَّ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ. وَكَذَلِكَ النِّسْوَةُ يُقَدَّمْنَ عَلَى الرِّجَالِ طَلَبًا لِسَتْرِهِنَّ مَا لَمْ يَكْثُرْ عَدَدُهُنَّ أَيْضًا.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَسْوِيَةِ الْمُسْلِمِ مَعَ خَصْمِهِ الْكَافِرِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى وُجُوبِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ الأْمُورِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا؛ لأِنَّ تَفْضِيلَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَرَفْعَهُ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ كَسْرٌ لِقَلْبِهِ، وَتَرْكٌ لِلْعَدْلِ الْوَاجِبِ التَّطْبِيقِ بَيْنَ النَّاسِ جَمِيعًا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى جَوَازِ رَفْعِ الْمُسْلِمِ عَلَى خَصْمِهِ الْكَافِرِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِنْ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى السُّوقِ، فَوَجَدَ دِرْعَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ، فَعَرَفَهَا فَقَالَ: دِرْعِي سَقَطَتْ وَقْتَ كَذَا فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: دِرْعِي وَفِي يَدَيَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ. فَارْتَفَعَا إِلَى شُرَيْحٍ رضي الله عنه، فَلَمَّا رَآهُ شُرَيْحٌ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَأَجْلَسَهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَجَلَسَ مَعَ الْيَهُودِيِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ
عَلِيٌّ: إِنَّ خَصْمِيَ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْكَ،وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ يَا شُرَيْحٌ.
وَلِحَدِيثِ: «الإْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى»
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م
الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 309
- وَاجِبُ الْقَاضِي تِجَاهَ الْخُصُومِ:
- يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الْجُلُوسِ، فَيُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لاَ عَنْ يَمِينِهِ وَلاَ عَنْ يَسَارِهِ؛ لأِنَّهُ لَوْ فَعَلَ فَقَدْ قَرَّبَ أَحَدَهُمَا فِي مَجْلِسِهِ، وَلأِنَّ لِلْيَمِينِ فَضْلاً عَنِ الْيَسَارِ، وَأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي النَّظَرِ وَالنُّطْقِ وَالْخَلْوَةِ فَلاَ يَنْطَلِقَ بِوَجْهِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَلاَ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا، وَلاَ يَخْلُوَ بِأَحَدِهِمَا فِي مَنْزِلِهِ، وَلاَ يُضَيِّفَ أَحَدَهُمَا، فَيَعْدِلَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي هَذَا كُلِّهِ، لِمَا فِي تَرْكِ الْعَدْلِ فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ الآْخَرِ، وَيُتَّهَمُ الْقَاضِي بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ فِي الْخُصُومَاتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْتَجِبَ إِلاَّ فِي أَوْقَاتِ الاِسْتِرَاحَةِ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لأِحَدٍ مِنْ وَالِدَيْهِ وَلاَ مِنْ مَوْلُودِيهِ لأِجْلِ التُّهْمَةِ، وَيَحْكُمَ عَلَيْهِمْ لاِرْتِفَاعِهَا، وَيَحْكُمَ لِعَدُوِّهِ، وَلاَ يَحْكُمَ عَلَيْهِ.