loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1 ـ النص فى المادة 105 من قانون المرافعات على أن "للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات" يدل على أن مناط إعمال المحكمة للرخصة الواردة بها، أن ترد تلك العبارات فى مذكرات الخصوم وأوراق مرافعاتهم التي يقدمون فيها بين يدي المحكمة ما يعن لهم من أوجه الدفاع، فلا تستطيل هذه الرخصة إلى الحكم القضائي الذي حدد القانون طرق تصحيحه، والطعن فيه على سبيل الحصر، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن طلب الطاعنين محو عبارات بالحكم الابتدائي، لا يكون معيباً بالقصور أو الخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 2972 لسنة 69 جلسة 2000/03/01 س 51 ع 1 ص 380 ق 69)

2 ـ إذ كانت المحكمة فيما أمرت به من محو بعض العبارات الواردة بمذكرة الطاعن لما رأته فيها من خروج على الآداب قد استعملت حقاً خوله القانون لها فى المادة 105 من قانون المرافعات فليس للطاعن بعد ذلك أن يعيب عليها استعمال هذه الرخصة و لو تضمنت هذه العبارات دفاعاً له .

(الطعن رقم 685 لسنة 45 جلسة 1980/05/28 س 31 ع 2 ص 1531 ق 288)

شرح خبراء القانون

ولهذا فإن للمحكمة أن تنبه الخصم أو محاميه إلى عدم استعمال عبارات جارحة أو مخالفة للآداب أو النظام العام في مرافعته، فإن لم ينتبه كان لها منعه من الاسترسال في المرافعة مع الأمر بمحو ما يكون قد اثبت من هذه العبارات في محضر الجلسة ولها - إعمالاً لنفس السلطة - الأمر بمحو أية عبارة من هذه العبارات إذا كانت قد وردت في ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات .(مادة 105 مرافعات) ولها هذه السلطة ولو تضمنت هذه العبارات دفاعاً للخصم. وهي تأمر بالمحو سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصم الأخر، على أن الأمر يدخل في سلطتها التقديرية فلا معقب عليها من محكمة النقض إذا هي أغفلت هذا الطلب أو لم تبين سبباً لرفضه. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة :  280)

محو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب:

تنصرف المرافعة الشفوية أو المكتوبة إلى الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع و الأسانيد الواقعية والقانونية التي تؤيدها، وغالباً ما تنحصر العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام في الأسانيد الواقعية التي يطرحها الخصم أو محاميه على المحكمة تأييداً لطلباته وأوجه دفاعه، وتعتبر المرافعة مشروعة طالما لم تخرج عن هذا النطاق بأن تكون العبارات التي تتضمنها ذات اتصال وثيق بالأسانيد الواقعية، فإن انتفى هذا الاتصال كانت العبارات زائدة عن حاجة المرافعة، ومن ثم يتوافر بها ركن الخطأ إذا انطوت على عبارات سب أو قذف وكان لمن وجهت إليه أن يطلب من المحكمة محوها خلافاً لما إذا كانت لازمة باعتبارها من الأسانيد الواقعية فلا تنطوي حينئذ على خطأ تقصيري ولا يجوز لمن وجهت إليه أن يطلب محوها باعتبارها من أوجه الدفاع التي تمحصها لمحكمة دون أن يكون لها الحق في محوها ما لم تكن مخالفة للآداب.

وينحصر نص المادة (105) في العبارات التي لا تعد من الأسانيد الواقعية بل تعتبر خارجة عن هذا النطاق ومن ثم يكون للخصم الذي وجهت إليه أن يطلب محوها وللمحكمة ذلك من تلقاء نفسها. ولها إجابة المحو أو الالتفات عنه باعتباره جوازاً، لكن إذا كانت العبارة من الأسانيد الواقعية وخالفت الآداب العامة فلا يترتب عليها أية مسئولية ولكن يتعين على المحكمة أن تأمر بمحوها.

وتعتبر من أوراق المرافعات، صحف الدعاوى والمذكرات والمستندات والإعلانات والطلبات العارضة وصحف التجديد والتعجيل وكل ورقة تقدم في الدعوى ولو تمثلت في وجه حافظة المستندات.

واعتبار العبارة جارحة أو مخالفة للنظام العام أو الآداب من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وإذ كانت العبارة تنطوي على دفاع، فإن محوه يمتد إليه ولو كان جوهرياً طالما تعذر التصدي لهذا الدفاع دون ذکر العبارة أما إن أمكن ذلك، وجب التصدي له.

فإن امتد المحو إلى الدفاع ولو كان جوهرياً، فإن الحكم لا يكون مشوباً بالقصور.

وعندما تقرر المحكمة محو إحدى العبارات فإنها تحدد موضعها بالمذكرة، فتقرر محو العبارة الواردة بمذكرة المدعى - أو المدعى عليه - المقدمة بجلسة ... بصفحة ... ابتداء من كلمة... الواردة بالسطر... حتى كلمة... الواردة بالسطر فيقوم قلم الكتاب بتنفيذ ذلك بأن يضع العبارة بين قوسين ويؤشر قرينها بالهامش بالمداد الأحمر، بمحو العبارة الواردة بين القوسين بموجب قرار المحكمة، فلا ينفذ قرار المحو بطمس العبارة أو نزع جزء الورقة الواردة به وإعدامه، فقد قصد المشرع بالمحو المعنى الذي خلصنا إليه عندما نص على محو القيود الخاصة بالحقوق العينية التبعية حفاظاً على الكيان المادي للعبارة وحتى يمكن تفسيرها في حالة الرجوع بالمسئولية التقصيرية. إذ طالما قصد المشرع تنفيذ عبارة معينة على نحو معين، فإن هذا التنفيذ يكون هو الواجب الاتباع لذات العبارة أينما وجدت.

ونصت المادة (47) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 بأن للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجحة طبقاً لأصول المهنة في الدفاع عن موكله ولا يكون مسئولاً عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكراته المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع، مما مفاده أن العبارات تكون مشروعة ولو كانت جارحة طالما استلزمها حق الدفاع تأييداً لهذا الحق.

عدم امتداد بمحو العبارات للأحكام:

مفاد نص المادة (105) من قانون المرافعات أن محو العبارات الجارحة أو المخالفة للنظام العام أو الآداب ينحصر في أوراق المرافعات المستندات والمذكرات المنسوب صدورها من الخصم، فإن كانت صادرة من غيره كمحاضر التحقيق والأحكام القضائية، فلا يجوز طلب محو أية عبارة فيها حتى لو كانت جارحة أو مخالفة للنظام العام أو الآداب. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 610)

أراد المشرع بهذه المادة الحد من الطعن في شرف الخصوم وفي كرامة الغير وذلك بشطب العبارات التي تثبت في محاضر الجلسات أو في الأوراق والمذكرات التي تقدم المحكمة وتسترشد المحكمة في ذلك بآداب الكتابة وبأصول المناظرة وبنزاهة القلم وعفة اللسان ذلك أن أدب الدين والدنيا قد اتفقا علي أن خير الجدل ما أعتف عن اللذعات الجارية في الذمة وفي الشرف وفي العرض وفي الكرامة ولا يحول ذلك دون حرية المحامي في الدفاع الذي يوجب عليه أن يقول في صراحة تامة ما يعتقد أن فيه تأييد لحق موكله وتفنيداً لباطل خصمه وحقه في ذلك مقدس لا يمكن لأحد أن يقيد أو يحد منه ولذلك أباح القانون اتهام الخصم بما يخدش الشرف أو السمعة إذا استلزمت ذلك حالة الدعوى أو برره الدفاع عن مصالح الموكل إلا أنه يتعين علي المحامي أن يحترم ذمم الناس وشخصيات الخصوم ومركز القضاة فلا يطلق لسانه ولا قلمه بالطعن يميناً وشمالاً والقذف والتجريح دون حكمة أو روية وعلى المحامي أن يمتنع عن سب خصم موكله أو ذكر الأمور الشخصية التي تسئ إليه أو اتهامه بما يمس شرفه أو كرامته ما لم تستلزم ذلك حالة الدعوى أو ضرورة الدفاع عن مصالح موكله. (راجع رسالة الأستاذ جميع خانكي في شطب العبارات الجارحة ) . (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني، الصفحة : 1070)

سلطة المحكمة في محو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام: استهدف المشرع من المادة 105 المحافظة على كرامة الخصوم والغير، فأباح للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للأداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات، ولا شك في أن للخصم أن يطلب من الحكمة محو مثل هذه العبارات التي وجهت إليه، ويعتبر حق المحكمة في محو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام. رخصة أطلق المشرع لها الخيار في استعمالها أو إهمالها على مقتضى ما نراه دون معقب ودون أن تلتزم بيان الاعتبارات التي اعتمدت عليها، ومن ثم فإن إغفالها الرد على طلب المحو لا يعد قصوراً مبطلاً للحكم .(نقض 24/ 5/ 1962 سنة 13 ص 676)، وهي تملك المحو ولو تضمنت العبارات دفاعاً للخصم.

(نقض 5 / 4/ 1962 سنة 13 ص 414).

ويتعين ملاحظة أن المادة 47 من قانون المحاماة رقم 47 لسنة 1983 تنص على أن للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجحة طبقاً لأصول المهنة في الدفاع عن موكله ولا يكون مسئولاً عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكراته المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات.

ولذلك ينبغي أن تكون عبارات المحامي لائقة وذات اتصال وثيق بالأسانيد الواقعية في الدعوى. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني، الصفحة : 864)