لما كان القانون رقم 100 لسنة 1962 قد ألغى المادة 141 من قانون المرافعات بما تضمنه من أحكام ومنها الحكم الوارد في العبارة الاخيرة من هذه المادة الذي يقضي بأن جميع وجوه البطلان في الورقة يجب إبداؤها معا وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ولم يقصد واضع القانون رقم 100 لسنة 1962 إلغاء هذا الحكم ويخشى أن يقول حذفه إلى القول بإنه أريد الأخذ بحكم مخالف لذلك أضاف المشروع للنص الوارد في المادة 108 منه فقرة أخيرة لتحل محل الحكم المحذوف وعممها على جميع الدفوع الشكلية لقيام نفس علة الحكم بالنسبة لها.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 49 من قانون المرافعات على أن " يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ٠٠٠٠" مفاده أن الأصل في الاختصاص المحلي هو للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم يحدد القانون محكمة أخرى لنظر النزاع، كما أن الدفع بعدم الاختصاص المحلي وفقاً للمادة 108 من قانون المرافعات من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، ويتعين على المتمسك به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه، كما يجوز النزول الضمني عنه، وأن استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص قد بني على أسباب سائغة، ولا يعتبر تخلُّف المدعى عليه عن الحضور أمام محكمة أول درجة نزولاً ضمنياً عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً أو اتفاقاً ضمنياً على مخالفة قواعد الاختصاص المحلي .
( الطعن رقم 14444 لسنة 88 ق - جلسة 25 / 2 / 2024 )
2ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام وبالتالى فلا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء ذاتها ، وإنما يجب على الخصم الذى تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به باعتباره من الدفوع الشكلية وذلك قبل التعرض للموضوع وفقاً لما تقضى به المادة 108 من قانون المرافعات وإلا أسقط الحق فى التمسك به .
(الطعن رقم 720 لسنة 70 جلسة 2006/04/11 س 57 ص 340 ق 70)
3 ـ الجزاء الوارد بالمادة 70 من قانون المرافعات هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه خلال الميعاد إعلاناً صحيحاً وعليه إن أراد التمسك به وإيقاع الجزاء المترتب عليه أن يبديه قبل التعرض للموضوع باعتباره من قبيل الدفوع الشكلية المتعلقة بالإجراءات وإلا سقط حقه فى ذلك عملاً بنص المادة 108 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 952 لسنة 71 جلسة 2003/01/12 س 54 ع 1 ص 153 ق 26)
4 ـ إذ كان الثابت فى الأوراق أن محكمة أول درجة لم تنظر موضوع التظلم وإنما وقفت عند حد تأييد الأمر برفض الطلب المقدم على عريضة إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة للإذن ببيع ورهن المحال التجارية وذلك لصدوره من قاض غير مختص محليا بنظره وهو قضاء منها فى دفع شكلي وفقا لمفهوم المادة 108 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء هذا الحكم وتصدى للفصل فى الموضوع دون أن يعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فى موضوعها يكون معيبا.
(الطعن رقم 421 لسنة 71 جلسة 2002/05/28 س 53 ع 2 ص 715 ق 140)
5 ـ إن ما يسقط الحق فى التمسك بالدفوع الشكلية وهي التي تتعلق بالإجراءات وتستهدف الطعن فى صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها ومنها الدفع بسقوط الخصومة هو - وعلى ما أفصحت عنه المادة 108 من قانون المرافعات - التكلم فى الموضوع وهو ما يكون بإبداء طلب أو دفاع فى الدعوى يمس موضوعها أو مسألة فرعية فيها أو ينطوي على التسليم بصحتها سواء أبدى كتابة أو شفاهة سواء قصد به النزول عن الدفوع أو لم يقصد أو لم يتنبه صاحبها إلى حقه فيها وذلك بتقدير أن تعرض صاحب الدفع لموضوع الدعوى يفصح عن تنازله الضمني عنه.
(الطعن رقم 2832 لسنة 59 جلسة 1998/06/04 س 49 ع 2 ص 480 ق 116)
6 ـ الدفع بعدم الاختصاص المحلي وكذلك الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها, كل منهما مختلف فى جوهره عن الأخر وكلاهما من الدفوع الشكلية التي يتعين إبداؤها معاً قبل التعرض للموضوع و إلا سقط الحق فيما لم يبد منها طبقاً لنص المادة 108 من قانون المرافعات.
(الطعن رقم 3241 لسنة 60 جلسة 1998/06/01 س 49 ع 2 ص 474 ق 114)
7 ـ النص فى المادة 108 من قانون المرافعات يدل على أن المشرع حدد الحالات التى يسقط فيها الحق فى إبداء الدفوع الشكلية بحيث لا تسقط فى غيرها مالم يتنازل صاحب الحق فيها عنها صراحة أو ضمنا وذلك بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على قصد التنازل ولا يعتبر مجرد التأخير فى إبداء الدفع تنازلا عنه ما لم تلا بسه أمور أخرى .
(الطعن رقم 98 لسنة 57 جلسة 1994/06/07 س 45 ع 2 ص 965 ق 182)
8 ـ بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان بطلان نسبى قرر لمصلحة من شرع لحمايته و ليس متعلقاً بالنظام العام و بالتالى فإنه يجب على الخصم الذى تقرر البطلان لمصلحته أن يتمسك به قبل التعرض للموضوع و إلا سقط حقه فى إبدائه عملاً بنصالمادة 108 من قانون المرافعات يستوى فى ذلك أن يكون التعرض للموضوع قد تم أمام المحكمةالمرفوع أمامها الدعوى أو المحكمة المختصة المحال إليها الدعوى و ذلك لإتصال الخصومة أمام محكمة أول درجة فى الحالتين و إتحاد علة السقوط فيها فى هذه الحالة .
(الطعن رقم 550 لسنة 54 جلسة 1989/12/20 س 40 ع 3 ص 389 ق 383)
9 ـ مفاد نص المادة 108 من قانون المرافعات يدل على أن سائر الدفوع الشكلية - عدا تلك المتعلقة بالنظام العام . يسقط حق الخصم فى التمسك بها متى أبدى أى طلب أو دفاع فى الدعوى يمس موضوعها ، و إذ كان الدفع بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن لعدم تجديده من الشطب خلال الميعاد المقرر قانوناً هو من الدفوع الشكلية المتعلقة بالإجراءات و غير متعلق بالنظام العام و كان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بهذا الدفع بعد طلبه إحالة الإستئناف رقم " ...... " للإرتباط ، و إذ كان الهدف من هذا الطلب هو نظر الإستئنافين معاً لما بين موضوعهما من إرتباط فإنه يعد تعرضاً لموضوع النزاع مسقطاً لحق الطاعن فى إبداء لحق الطالعن فى إبداء الدفع المذكور و إذ إلتزام الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 497 لسنة 51 جلسة 1989/01/25 س 40 ع 1 ص 272 ق 57)
10 ـ لئن كان بطلان إجراءات الخصومة لنقص أهلية أحد أطرافها هو مما يقع بحكم القانون ، إلا أنه بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع الإنقطاع لحمايته ، فيصحح بنزوله عنه صراحة أو ضمناً . كما يسقط الحق فى التمسك به إذ لم يبده للطاعن فى صحيفة طعنه عملاً بنص المادة 108 من قانون المرافعات و لا يكون لمن نزل عنه أو أسقط حقه فى التمسك به أن يعود للتمسك به ، كما لا يكون للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها .
(الطعن رقم 834 لسنة 53 جلسة 1987/01/13 س 38 ع 1 ص 95 ق 25)
11 ـ بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته و ليس متعلقاً بالنظام العام و بالتالى فإنه يجب على الخصم الذى تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به قبل التعرض للموضوع و إلا سقط حقه فى إبدائه عملاً بنص المادة 108 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 108 لسنة 52 جلسة 1983/04/28 س 34 ع 1 ص 1073 ق 216)
12ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى و كذلك الدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن كل منهما مختلف فى جوهره عن الآخر و كلاهما من الدفوع الشكلية التى يتعين إبداؤها معاً قبل التعرض للموضوع و إلا سقط الحق فيما لم يبد منها ، كما أنه يتعين وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 108 من قانون المرافعات إبداء جميع الوجوه التى يبنى عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً و إلا سقط الحق فيما يبد منها ، و لما كانت المطعون ضدها عندما أبدت الدفع بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن فى أول جلسة حضرتها أمام محكمة الإستئناف قد أقامتة على أن صحيفتة أعلنت لها بعد الميعاد القانونى ثم عادت فى جلسة أخرى و تمسكت بذات الدفع مؤسسة أياه على بطلان إعلانها بصحيفة الإستئناف لأن المحضر لم يثبت غيابها عند مخاطبته لإبنتها وقت إجراء الإعلان و لم تكن قد أبدت هذا الوجه من البطلان عند إبداء الدفع بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن فى الجلسة الأولى التى حضرتها فإن حقها فى إبدائه يكون قد سقط و لا يكون هناك محل بعد ذلك للقضاء بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن تأسيساً على بطلان الإعلان وإذ خالف الحكم المطعون فيه النظر فإنه يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 392 لسنة 46 جلسة 1979/04/25 س 30 ع 2 ص 187 ق 219)
13 ـ الخصومة لا تقوم إلا بين طرفين من الأحياء ، فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة و إلا كانت معدومة لا ترتب أثراً و لا يصححها إجراء لاحق ، و على من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير فى الصفة قبل إختصامهم و من ثم فإن الدفع المتعلق بإنعقاد الخصومة بين أطرافها الواجب إختصامهم قانوناً لا يعتبر بذلك من الدفوع المنصوص عليه فى المادة 108 من قانون المرافعات التى يسقط حق الطاعن فيها إذا لم يبدهما فى صحيفة الطعن .
(الطعن رقم 1017 لسنة 48 جلسة 1979/02/14 س 30 ع 1 ص 520 ق 100)
عدم الاختصاص والإحالة وتنازع الاختصاص
الحكم في الاختصاص :
إذا رفعت دعوى إلى محكمة ، ولم تكن مختصة بها، حكمت - من تلقاء نفسها أو بناء على دفع - بعدم الاختصاص والأصل أن لكل محكمة سلطة تقرير اختصاصها أو عدم اختصاصها بالدعوى المرفوعة إليها، فكل محكمة مختصة بمسألة اختصاصها .
ومن المنطقي أن تنظر المحكمة أولا في مسألة اختصاصها بالدعوى قبل فصلها في الدعوى ذلك أنها لا سلطة لها في الفصل في الدعوى قبل أن تتأكد من اختصاصها بها على أنه إذا كانت القضية جاهزة فلا يوجد ما يمنع من الفصل في مسألة الاختصاص وفي الموضوع معا. ومما يحبذ هذا الاتجاه أن مسألة الاختصاص قد تقتضي مبدئياً إجراء بحث في الموضوع لمعرفة ما إذا كان يدخل في اختصاص المحكمة. وبهذا تنص المادة 108 / 2 مرافعات «يحكم في هذه الدفوع (ومنها الدفع بعدم الاختصاص المحلى) على استقلال ما لم تأمر المحكمة بضمها إلى الموضوع» ويلاحظ أنه رغم اشارة هذه المادة إلى الاختصاص المحلى، فلا شك في انطباق حكمها على غيرها من أنواع الاختصاص. كما يلاحظ أن فصل القاضي في مسألة الاختصاص وفي موضوع الدعوى معا إنما يعني الفصل فيهما في وقت واحد وفي حكم واحد، ولكنه لا يعني أن يفصل فيهما بقرار واحد. فالحكم الصادر فيهما يتضمن في الواقع قرارين : قرار يتعلق بالاختصاص، وآخر يفصل في الدعوى (108/ 2). ولهذا فإن كلا من القرارين يجب أن يتضمن أسبابه المتعلقة به. على أنه إذا كان عدم الاختصاص متعلقاً بالنظام العام، فإن مسألة الاختصاص تكون مطروحة على المحكمة دون دفع، ولهذا فإنه إذا لم يتمسك أحد من ذوى الشأن بعدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام، ورأت المحكمة أنها مختصة بالدعوى، فإنها تصدر قراراً في الموضوع . ويعتبر هذا القرار منطوياً على قرار ضمني باختصاصها بالدعوى.
ولا حاجة بها لإصدار قرار منفصل مسبب بالنسبة لمسألة الاختصاص .
ومن ناحية أخرى، فإنه إذا قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى، فإن هذا القضاء يحتوي ضمناً على قضاء بعدم اختصاصها بالدعوى.
ويلاحظ أن الدفع بالاحالة أمام محكمة ثاني درجة متصور رغم النص في المادة 108 على وجوب إبداء هذا الدفع قبل الكلام في الموضوع في حالة ما إذا تغيب المدعى عليه أمام أول درجة ، واستأنف الحكم، إذ له التمسك به لأول مرة في الاستئناف على أنه يجب عندئذ إبداء الدفع في صحيفة الاستئناف (مادة 108) . (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 633)
الدفوع الشكلية الإجرائية
فكرة الدفع الشكلي :
يعتبر الدفع شكلياً، أي إجرائياً أو - بتعبير المادة 108 - متعلقاً بالإجراءات ، إذا كان يرمي إلى تعطيل نظر موضوع القضية أو منعه لسبب يتعلق باختصاص المحكمة أو بإجراءات الخصومة وقد نص القانون على بعض هذه الدفوع كالدفع بعدم الاختصاص أو الدفع ببطلان صحيفة الدعوى أو الدفع بالإحالة، ونظم أحكامها ولكن الرأي الغالب والذي يسير عليه القضاء هو أن الدفوع الشكلية لم ترد في القانون على سبيل الحصر. فلا يوجد ما يثبت أن المشرع قد قصد مثل هذا التحديد، فضلاً عن أنه إذا وجدت وسيلة معينة لها صفات الدفع الشكلي فمن المجافاة للمنطق عدم اعتبارها كذلك بزعم أن القانون لم يعطها هذا التكييف. ويكون الأمر كذلك أيا كانت التسمية التي يطلقها المشرع عليها .
حيث يتعلق الأمر بإجراء أوجب القانون اتخاذه حتى تستقيم الخصومة فإن الدفع المبني على تخلف هذا الإجراء يعد دفعاً شكلياً، ولهذا فإن الدفع بعدم قيد عقد الإيجار المفروش لدى الوحدة المحلية الذي اشترطته المادة 42 من قانون 49 لسنة 1977 بعد دفعاً شكلياً.
أحكامه :
تخضع الدفوع الشكلية للأحكام العامة في الدفوع و أهمها أنه يجوز التنازل عنها صراحة أو ضمناً ولكن تبدو أهمية تمييز الدفع الشكلي في أنه يخضع لأحكام خاصة به هي :
أولاً : وجوب إبداء الدفوع الشكلية قبل الكلام في الموضوع أو إبداء دفع بعدم القبول (108 مرافعات) . فإذا أبدى طلب أو دفاع موضوعي أو دفع بعدم القبول من المدعى عليه سقط حقه في إبداء دفوع شكلية. وعلة هذه القاعدة هي أن إتاحة الفرصة للخصوم لإبداء الدفوع الشكلية في أية حالة كانت عليها الخصومة يشجع الخصم على الانتظار إلى قرب نهاية الإجراءات للتمسك بالدفع الشكلي، فيضيع الوقت والجهد والنفقات دون فائدة، ويضطر المدعي إلى بدء الخصومة من جديد بعد أن تكون قد قطعت شوطاً كبيراً.
وأساس هذه القاعدة ليس هو النزول الضمني عن الدفع، بالكلام في الموضوع. ذلك أن النزول عن الحق لا يفترض. وإنما أساس هذه القاعدة هو تحديد واقعة معينة هي الكلام في الموضوع يترتب على تحققها سقوط الحق في الدفع، ويترتب على هذا التكييف أنه يجب تفسير القاعدة تفسيراً ضيقاً، و أن تحقق الواقعة القانونية يؤدي إلى السقوط بصرف النظر عن إرادة صاحب الدفع، فيترتب السقوط ولو لم يعلم بحقه فيه أو بالسبب المنشئ لهذا الحق.
ويعتبر أي طلب أو دفاع من المدعى عليه مما يتعلق بالموضوع مسقطاً للحق في الدفوع الشكلية، سواء أبدى الطلب أو الدفاع شفاهة أو في مذكرة مكتوبة، وسواء تضمن اعتراضاً على إدعاء المدعي أم لا. ولهذا إذا فرض المدعى عليه الأمر للمحكمة، فليس له بعد ذلك التمسك بدفع شكلي غير أنه لا يعتبر كلاماً في الموضوع مسقطاً للدفع الشكلي مجرد التعرض للموضوع بصفة عامة غير محددة بعبارات ذات طابع شكلي محض، كالقول بأن «الإدعاء لا أساس له على أية حال» إذ لا يعتبر هذا إبداء لأي طلب أو دفاع أو دخولاً في موضوع القضية بالمعنى الصحيح، خاصة أنه يجب اتباع التفسير الضيق بالنسبة للوقائع القانونية المسقطة للحق.
أما بالنسبة لطلب الخصم تأجيل الجلسة فإنه يجب التفرقة بين نوعين من الطلبات : طلب التأجيل المقدم بصفة عامة، سواء لتقديم مستندات ومذكرات أو للاطلاع على المستندات أو للاستعداد، فلا يعتبر تعرضاً للموضوع. لأن الطلب بهذه الصورة قد يكون الهدف منه هو التمهيد لإبداء الدفع، فلا يعني بذاته الكلام في الموضوع طلب التأجيل الذي يتعلق بالموضوع . كما هو الحال بالنسبة لطلب التأجيل لإدخال ضامن أو طلب التأجيل للصلح، فإنه يسقط الحق في إبداء الدفوع الشكلية.
وإذا تمسك الخصم بدفع شكلي فإن هذا الدفع لا يسقط بكلامه في الموضوع بعد ذلك كما لا يسقط لمجرد كلامه في الموضوع فى نفس الورقة التي أبدى فيها الدفع، ولو كان كلامه في الموضوع سابقاً على إبداء الدفع في ترتيبه في الورقة، أو كان مع إبدائه الدفع، قد تكلم في الموضوع على سبيل الاحتياط على أنه يلاحظ أنه إذا تكلم الخصم في الموضوع محتفظاً بحقه في التمسك بالدفع فيما بعد، فإنه لا يحفظ بهذا حقه في إبداء الدفع سواء كان تحفظه يعتبر من التحفظات الصريحة المحددة أو من تلك العامة الشائعة ذلك أن التحفظ ولو كان محدداً لا يمكن أن يعتبر تمسكاً بالدفع، ولا يؤدي بالتالي إلى تحقيق الهدف من القاعدة محل البحث وهو التخلص من المسائل الإجرائية قبل مناقشة الموضوع وعلى أية حال، فإن تكييف ما إذا كان ما صدر من الخصم يعتبر كلاماً في الموضوع أم لا يعتبر مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
أما المقصود بالدفع بعدم القبول الذي يجب أن تبدي الدفوع الشكلية قبله فهو الدفع بعدم القبول الموضوع، فلا تنطبق القاعدة على عدم القبول المتعلق بالإجراءات.
ثانياً : وجوب إبداء الدفوع الشكلية معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها:
تنص المادة 108 مرافعات على أن الدفوع الشكلية «يجب إبداؤها معا قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى»، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منه وعلى هذا لا يستطيع المدعى عليه أن يبدي دفعاً بعدم الاختصاص ثم بعد ذلك دفعاً ببطلان صحيفة الدعوى وعلة هذه القاعدة هي الرغبة في تصفية المشاكل المتعلقة بالإجراءات معا.
ثالثاً : وجوب إبداء جميع الوجوه التى يبنى عليها الدفع الشكلي معا، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها (مادة 108 فقرة أخيرة) . وعلى هذا إذا أبدى المدعى عليه دفعاً ببطلان صحيفة الدعوى لرفعها من ناقص أهلية لم يمثل تمثيلاً قانونياً صحيحاً، فلا يستطيع أن يدفع بعد ذلك ببطلان نفس الصحيفة بسبب عيب شكلى فيها. وإذا دفع المستأنف ضده باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأن صحيفته قد أعلنت بعد الميعاد القانوني، فليس له أن يعود في جلسة أخرى ويتمسك بذات الدفع استناداً إلى بطلان الإعلان لأن المحضر لم يثبت غيابه عند مخاطبته لابنته وقت إجراء الإعلان، إذا لم يكن قد أبدى هذا الوجه من البطلان عند إبداء الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن في الجلسة الأولى، إذ حقه في إبداء هذا الوجه يكون قد سقط.
وقد أراد المشرع بهذا النص حسم أي خلاف حول ما إذا كان التمسك بوجه جديد يعتبر تمسكاً بدفع جديد لا يجوز إبداؤه منفصلاً أم أنه يعتبر إبداء لنفس الدفع الذي أبدى قبل ذلك وبالتالي يمكن إبداؤه دون الاعتراض عليه بقاعدة وجوب إبداء جميع الدفوع معاً ويلاحظ أن عدم جواز إبداء دفع جديد أو وجه جديد واجب الاحترام ولو لم يكن قد سبق الكلام في الموضوع كما يلاحظ أن الوجه الجديد لا يجوز إبداؤه - تماماً كما هو الحال بالنسبة للدفع الجديد - ولو لم يكن قد سبقه حكم في الوجه أو الدفع الذي أبدى قبل ذلك.
رابعاً : وجوب إبداء الدفوع الشكلية في صحيفة الطعن، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها : وتطبيقاً لهذا إذا كان ميعاد الطعن في الحكم يبدأ بإعلان الحكم وكان هذا الإعلان باطلاً، وطعن المحكوم عليه في الحكم دون أن يتمسك ببطلان الإعلان، سقط حقه في الدفع به فليس له التمسك به بعد هذا؛ وأن التمسك بسقوط أمر الأداء لعدم إعلانه خلال ثلاثة أشهر من صدوره يجب التمسك به في صحيفة التظلم من أمر الأداء وإلا سقط الحق في التمسك به ويلاحظ أن هذه القاعدة مستقلة عن قاعدة وجوب إبداء الدفع قبل الكلام في الموضوع ولهذا فإن الحق في الدفع الإجرائي يسقط بعدم إبدائه في صحيفة الطعن، ولو فرض وكان الطاعن لم يتكلم في هذه الصحيفة في الموضوع.
دفوع شكلية لا تخضع لهذه القواعد :
تسري هذه القواعد الأربع على جميع الدفوع الشكلية (أو الأوجه المتعلقة بها) باستثناء نوعين منها :
(أ) الدفوع الشكلية - أو الأوجه - المتعلقة بالنظام العام ومثالها الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو القيمي أو الدفع بانتفاء الولاية أو الدفع ببطلان عمل إجرائي لمخالفة مقتضى يتعلق بالنظام العام والواقع أن تمسك المدعى عليه بالدفع في هذه الحالة إنما يتعلق بعيب في الولاية أو في الإختصاص أو في الإجراءات مما يتعين على القاضي أخذه في اعتباره من تلقاء نفسه ، فلا يعدو تمسك المدعى عليه بالعيب أن يكون تنبيها للقاضى للقيام بواجبه فلا يتصور أن يخضع لقيود التي تتضمنها القواعد السابقة.
(ب) الدفع الذي ينشأ سببه بعد إبداء الدفوع الشكلية الأخرى أو إبداء وجه آخر أو بعد الكلام في الموضوع أو تقديم صحيفة الطعن وهذا منطقی إذ لم يكن المدعى عليه يستطيع التمسك بالدفع في ذلك الوقت فلم يكن له حق في إبدائه، ولا يمكن لحق أن يسقط قبل نشأته. ولهذا فإن المدعى عليه الذي تكلم في الموضوع أن يتمسك ببطلان طلب إضافي قدم بعد ذلك من المدعي أو ببطلان تقرير قدم بعد ذلك من الخبير.
ويحدث التمسك بسقوط الحق في الدفع الشكلي، أمام المحكمة التي يبدي أمامها الدفع فإذا قبلت المحكمة الدفع فإنه يجوز التمسك بسقوط الحق فيه عند الطعن في الحكم الصادر في الدفع أما إذا أصبح هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن فيه، فإنه يمتنع بعد هذا التمسك بسقوط الحق في الدفع.
الحكم في الدفع الشكلي :
الأصل أن تفصل المحكمة في الدفع الشكلي قبل نظر الموضوع، ذلك أن هذا الفصل قد يغنيها عن نظر الموضوع والحكم فيه، كما لو قضت المحكمة ببطلان صحيفة الدعوى أو بعدم اختصاصها بالدعوى على أن المشرع قدر أن المحكمة قد تكون بحاجة إلى نظر الموضوع لكي تفصل في الدفع الشكلي، ولهذا تقرر المادة 108 / 2 مرافعات أن للمحكمة الأمر بضم الدفع إلى الموضوع وتفصل فيهما معاً. غير أن هذا مشروط بشرطين هما : 1- ألا يتعارض الضم مع ما لطرفي الخصومة من حق الدفاع . فإذا لم يكن الخصوم قد أبدوا دفاعهم في الموضوع أو لم تكن المحكمة قد نبهتهم للتكلم فيه، فإن حكمها في الدفع والموضوع معا يكون باطلاً لإخلاله بحق الخصوم في الدفاع.
2- أن تبين المحكمة ما حكمت به في كل من الدفع والموضوع، ذلك أن الفصل فيهما معاً لا يعني أن الأمر يتعلق بقرار واحد، بل الأمر يتعلق بقرارين يجب أن ينبني كل قرار منهما على أسبابه المتعلقة به.
ويلاحظ أن ضم الدفع إلى الموضوع ليس حقاً لأي من الخصوم، إذ لا مصلحة لأي منهم فيه. فالمسألة تدخل في السلطة التقديرية الكاملة للمحكمة.
ومن ناحية أخرى، فإن قرار الضم لا يعني وجوب الفصل في كل من الدفع والموضوع، فقد تأمر المحكمة بالضم ثم تصدر قراراً في الدفع وحده يغني عن الفصل في الموضوع كما لو حكمت - في الدفع - بعدم اختصاص المحكمة.
ولا يعتبر الحكم في الدفع الشكلي فصلاً في الدعوى ولا يحوز حجية الأمر المقضي. ولهذا إذا قررت المحكمة قبول دفع شكلي كما لو حكمت بعدم الاختصاص أو ببطلان صحيفة الدعوى، أو قررت رفضه، فإن قرارها في الدفع الشكلي لا يعتبر فصلاً في الدعوى ولا يحوز حجية الأمر المقضي. ونتيجة لهذا، فإنه إذا ترتب على الفصل في الدفع انتهاء الخصومة فإن للمدعي أن يبدأ خصومة جديدة رافعاً نفس الدعوى، ما لم تكن دعواه قد انقضت بالتقادم . ومن ناحية أخرى فإنه إذا طعن في الحكم في الدفع بالاستئناف، وألغت المحكمة الاستئنافية هذا الحكم، فإنها لا تنظر موضوع الدعوى وإنما تعيد القضية إلى محكمة أول درجة لنظرها، ذلك أن محكمة أول درجة لم تكن - بحكمها في الدفع - قد فصلت في الموضوع . فنظر المحكمة الاستئنافية للموضوع يعتبر مخالفاً لمبدأ التقاضي على درجتين. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 89)
الدفوع الموضوعية والشكلية:
قرر المشرع لكل حق دعوى تحميه، وحدد للمدعى عليه. سبل دفاعه، فأوجب البدء بالتمسك بالدفوع المتعلقة بإجراءات التقاضي كعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى أو بإحالتها إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط وكذلك الدفع بالبطلان وبسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات، وإن ثبت له الحق في أكثر من دفع منها، وجب عليه التمسك بها معاً في وقت واحد وبيان وجه كل منها قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط حقه فيما لم يبد منها، باعتبارها دفوعاً شكلية متعلقة بالإجراءات. إن لم يتم التمسك بها على هذا النحو، اعتبر ذلك إجابة على الدعوى بما يفيد صحة إجراءاتها.
وبعد أن يبدي المدعى عليه هذه الدفوع، ينتقل إلى التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى على نحو ما أوضحناه بالمادة (115).
وتكون الدفوع الموضوعية هي السبيل الأخير الذي يواجه المدعى عليه عن طريقها دعوى المدعي، وتتساوى مع الدفع بعدم القبول من ناحية جواز التمسك بها في أية حالة تكون عليها الدعوى، وأن التمسك بأحدهما لا يسقط الحق في التمسك بالآخر فقد يدفع المدعى عليه بالتقادم ثم بعدم قبول الدعوى.
ولتكييف الدفع لإعمال القواعد الخاصة به، يجب الوقوف على مرماه، فإن كان يرمي إلى حسم النزاع المتعلق بالحق المطالب به في الدعوى، كان دفعاً موضوعياً، كالدفع بعدم القبول لانتفاء الصفة أو المصلحة في الدعوى، إذ يتطلب التصدي لهذا الدفع بحث الحق المطالب به وما إذا كان للمدعى صلة به من عدمه، فإن تبين للمحكمة توافر تلك الصلة، تحققت للمدعي الصفة والمصلحة في الدعوى، فتقضي برفض الدفع وتستمر في نظر الدعوى، أما إن تبين لها تخلف هذه الصلة، انتفت صفة ومصلحة المدعي، فتقبل الدفع وتقضي بعدم قبول الدعوى، وهي بذلك تكون قد حسمت النزاع لما يتضمنه قضاؤها من أن المدعي لا حق له فيما يدعيه.
وأيضاً الدفع بسقوط حق المدعي في الدعوى، إذ يترتب على هذا الدفع أن تتصدى المحكمة أولاً للحق الذي يطلبه المدعي وهل التزم ما يوجبه عليه القانون لحماية هذا الحق أم أنه أخل بهذا الالتزام مما يؤدي إلى توقيع الجزاء الذي رتبه القانون متمثلاً في سقوط حقه في الحماية التي قررها القانون. وبذلك فإن التصدي لهذا الدفع يتطلب بحث الحق الذي تحميه الدعوى، ويترتب على القضاء بسقوط الحق في رفع الدعوى أن يزول الحق الذي كان يطالب به.
مثال ذلك، الدفع بسقوط الحق في رفع دعوى الشفعة، إذ يتطلب من المحكمة أن تتصدى أولاً لما إذا كان للشفيع الحق في أخذ العقار المبيع بالشفعة أم لا، ومن ثم تبحث ملكيته للعقار المشفوع به وما إذا كان قد توافرت لديه حالة من حالات الأخذ بالشفعة ومدى التزامه بشروطها تمهيداً للفصل في الدفع، فإن تبين لها أن كل ما يتطلبه القانون قد توافر في الدعوى، قضت برفض الدفع وبأحقية الشفيع في أخذ العقار بالشفعة. أما إن تبين لها توافر صفة الشفيع وأن له مصلحة في الدعوى إلا أنه قام برفعها بعد الميعاد الذي حدده القانون، قبلت الدفع وبسقوط حق الشفيع في رفع الدعوى، وفي الحالتين تتناول المحكمة بحث الموضوع برمته، ويكون في قضائها استنفاد لولايتها.
كذلك الدفع بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم، فإن المحكمة تتصدى لموضوع الدعوى بكل ما يحيط به من أوجه دفاع وأدلة إثبات، وقد تسمع شهود الطرفين أو تندب خبيراً لتحقيق عناصر النزاع، ويترتب على قضائها حسم النزاع و تستنفد به ولايتها.
الدفوع الشكلية:
يقصد بالدفوع الشكلية، الدفوع المتعلقة بالإجراءات التي اتخذها المدعي ضد المدعى عليه، كالإنذار السابق على رفع الدعوى، وتحرير صحيفة الدعوى و إيداعها قلم الكتاب وإعلانها لانعقاد الخصومة. وكل دفع يستند إلى وجه تحقق أثناء سير الدعوى ولو بعد إبداء المدعى عليه طلباته وأوجه دفاعه ويرمي إلى منع المحكمة من التصدي لموضوع الدعوى .
الدفع الشكلي بعدم القبول لتخلف الإعذار:
متي توافرت أركان المسئولية العقدية، ولم يتضمن العقد شرطاً بالإعفاء منها وفقاً للمادة 217 من القانون المدني، جاز للدائن الرجوع على المدين بدعوى التعويض لإخلال الأخير بالتزامه العقدي.
ويشترط لقبول هذه الدعوى، أن يكون الدائن قد أعذر المدين بإنذاره علي يد محضر بالوفاء بالتزامه والأصل أن يتم تنفيذ الالتزام فور تمام الأعذار، لكن يجوز للدائن أرجاء آثار الأعذار إذا طلب أن يتم التنفيذ خلال أجل يحدده له، فإن لم يكن قد أعذره، ولكن تضمنت صحيفة دعوى التعويض هذا التكليف بالوفاء، فانها تعتبر إعذاراً إذا أعلنت للمدين إذ تضمنت تكليفاً للمدين بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً بحيث إن أخل به، ثبت الخطأ العقدي في جانبه بعد أن وضعه الاعذار موضع المقصر، وطالما ترتب على ذلك ضرر للدائن، استحق تعويضاً وهو ما طلبه في صحيفة دعواه، وحينئذ يكتفي الدائن بالاعذار في إثبات الخطأ العقدي، فلا يكلف باثباته وإنما باثبات الضرر وعناصر التعويض، فقد جرى نص المادة 203 من القانون المدني علي أن يجبر المدين بعد إعذاره علي تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ممكناً، فإن كان مرهقاً جاز أن يتم التنفيذ بطريق التعويض. كما يجوز طلب التعويض للإخلال بالتنفيذ. فإن لم تكن الدعوي قد أعلنت ومع ذلك حضر المدين بالجلسة المحددة لنظرها، فإن الخصومة تنعقد دون حاجة إلي إعلان صحيفة الدعوى أو تسلیم صورتها للمدين بالجلسة، ومن ثم يجوز للمدين الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إعذاره، ولا ينال من هذا الدفع أن يكون قد تسلم بالجلسة صورة من تلك الصحيفة، إذ لا يعتبر ذلك إعذاراً، لما يتطلبه القانون من أن يكون الإعذار بإنذار رسمي علي يد محضر، وبالتالي يتخلف الإعذار حتى لو قام القاضي بتسليم المدين صورة من صحيفة الدعوى وكانت متضمنه تكليفاً بالوفاء.
فإن لم يدفع المدين بعدم قبول الدعوى رغم عدم اعذاره وعدم تضمين صحيفتها تكليفاً له بالوفاء بالتزامه، فليس للمحكمة أن تتصدى من تلقاء نفسها لتخلف الأعذار وتقضي تبعاً لذلك بعدم قبول الدعوى، وإنما يتعين عليها أن تستمر في نظرها، باعتبار أن الأعذار غیر متعلق بالنظام العام ومقرر لمصلحة المدين ومن ثم يجوز له التنازل عنه صراحة أو ضمناً، وله وحده الدفع بعدم قبول الدعوى، فلا يمتد هذا الحق للدائن.
والدفع بعدم قبول دعوى التعويض التخلف الأعذار، ليس دفعاً بعدم القبول الذي عنته المادة 115 من قانون المرافعات، وبالتالي لا تستنفده محكمة الدرجة الأولى ولايتها، وهو يؤدي الي القضاء بعدم قبول الدعوى بحالتها أو رفضها بحالتها حتي لو انحصر قضاء الحكم في «رفض الدعوى» إذ ينصرف ذلك إلى رفض الدعوى بحالتها. بحيث إذا قام الدائن بعد الحكم باعذار المدين ثم رفع دعوى جديدة ، كانت جائزة ومقبولة وبمنأي عن الدفع بعدم جواز نظرها.
ولما كان الدفع سالف البيان ليس دفعاً موضوعياً، باعتبار أن الدفع الموضوعي الذي عنته المادة 115 من قانون المرافعات، هو الذي يتطلب من المحكمة بحث الموضوع للفصل في الدفع، كالدفع بانتفاء الصفة أو المصلحة مما يتطلب بحث الموضوع لمعرفة ما إذا كانت هناك صلة للمدعي بالحق المتنازع عليه من عدمه، وبذلك تستنفد المحكمة ولايتها بالفصل فيه، خلافاً للدفع بعدم قبول الدعوي التخلف الأعذار، إذا لا يتطلب من المحكمة بحث موضوع الدعوى، وإنما تنظر فيما إذا كانت المستندات تضمنت ورقة الأعذار من عدمه فإن تبين عدم وجودها، رجعت إلى صحيفة الدعوى المعلنة للتحقق ما إذا كانت قد تضمنت تكليفاً بالوفاء من عدمه، فإن فصلت في الدفع بعد ذلك، فإن قضاءها ينحصر في توافر الشكل الواجب لقبول الدعوى، وبالتالي يكون دفعاً شكلياً متعلقاً بالإجراءات، ويترتب على ذلك، أن المدين إذا حضر وتكلم في الموضوع، سقط حقه في التمسك بالدفع بعد ذلك، فإن لم يحضر وصدر الحكم ضده، وجب عليه التمسك به في صحيفة الاستئناف وإلا سقط حقه فيه، وامتنع عليه التمسك به أثناء نظر الاستئناف.
فإذا تضمنت صحيفة الاستئناف نعياً بتخلف الأعذار، فإن المحكمة الاستئنافية تقضي بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم قبول الدعوى بحالتها.
ويتوافر الأعذار بصحيفة الدعوى ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة، وبمحضر الحجز التحفظي إذ يتوافر به مقومات الأعذار باعتباره ورقة رسمية يتضمن تكليفاً بالوفاء، أو بورقة.
والدفع بعدم قبول الدعوى لعدم توافر الإعذار، لا يتصل بصفة الخصوم أو بمصلحة المدعي في رفع الدعوى، أو بالحق في رفع الدعوى، إذ حدد المشرع هذا الحق، وهو حق اللجوء إلى القضاء، ونص على الحالات التي ينقضي بها، کسبق الصلح فيه أو انقضاء المدة التي يسقط بعدها، وليس الدفع الماثل من هذه الحالات.
الدفع الشكلي بعدم القبول لتوافر شروط أمر الأداء في الدين:
متى توافر في الدين الشروط التي نصت عليها المادة (201) من قانون المرافعات، وجب على الدائن أن يسلك طريق أمر الأداء باعتبار طريقاً وجوبياً في هذه الحالة متعلقاً بالتنظيم القضائي الذي قرره المشرع تحديداً لإجراءات الالتجاء إلى القضاء، وهو ما يتصل بالنظام العام ويترتب على مخالفته عدم قبول الإجراء الذي يرفع بغير الطريق الذي حدده القانون التزاماً بمقتضيات هذا النظام، ومفاد ذلك أن طلب الأداء إذا قدم بدين لا تتوافر فيه الشروط اللازمة لاستصداره كان غير مقبول ويلتزم القاضي بالامتناع عن إصداره وتحديد جلسة لنظر الموضوع، وأيضاً إذا رفعت الدعوى بدین تتوافر فيه الشروط اللازمة لاستصدار أمر الأداء، وجب على المحكمة ومن تلقاء نفسها القضاء بعدم قبول الدعوى والوقوف عند هذا الحد، ويكون المدعي وشأنه في اتخاذ إجراءات أمر الأداء، ويعتبر الدفع مطروحاً على المحكمة بحكم القانون دون حاجة إلى تمسك أحد الخصوم به كما يمتنع عليهم الاتفاق على ما يخالف الطريق الذي حدده المشرع لاقتضاء الحق وإلا كان الاتفاق باطلاً.
وثار الخلف بالنسبة لطبيعة عدم القبول، وذهب رأي، وهو ما استقر عليه قضاء النقض حتى الآن، إلى أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء هو في حقيقته دفع ببطلان الاجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون الاقتضاء دينه، وبالتالي يكون هذا الدفع موجهاً لإجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (115) من قانون المرافعات، وإذ قضت محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الدعوى لهذا السبب ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم ورفض الدفع المبدي بعدم القبول، وجب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها لأنها لم تقل كلمتها فيه، ولا تملك محكمة الاستئناف التصدي لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم.
وذهب فريق من الفقه إلى أن الدفع المتعلق بالشروط اللازمة لاستصدار أمر الأداء، هو دفع موضوعي تستنفد به محكمة الدرجة الأولى ولايتها في نظر الدعوى بحيث إذا قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف، فإنها تتصدى للموضوع. وهو ما يقرره أبو الوفا في التعليق وفي التنفيذ بند (82) استناداً إلى تعلق الدفع بأصل الحق.
ومفاد الرأي المتقدم، أن الدفع بعدم القبول الذي تستنفد به محكمة الدرجة الأولى ولايتها هو ما يتناول بحث الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى وهو حق مستقل عن الحق الذي رفعت به الدعوى، وأن الشروط الواجب توافرها لاستصدار أمر بالأداء تتمثل في أن يكون الحق مبلغاً من النقود أو منقول معين بنوعه ومقداره وأن يكون حال الأداء، بحيث إذا خلصت المحكمة إلى توافر هذه الشروط قضت ولو من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى، وهذا البحث يقتضي منها الوقوف على مدى الحق في الطلب القضائي المطروح عليها بتصديها لكل من هذه الشروط بحيث إذا خلصت إلى توافرها - أو عدم توافرها - انتفى بذلك الحق في طلب الدين بطريق الدعوى، وهو ما يمس أصل الحق، وأن القاضي إذا امتنع عن إصدار الأمر، دل ذلك على تخلف الشروط اللازمة لذلك، ويكون أمر الرفض بمثابة رفض الدعوى بحالتها ولا يحول بين القاضي ونظر الموضوع عند تحديد جلسة لذلك، ولا تعارض بين إصدار حكم في الموضوع وبين أمر الرفض إن صدر الحكم استناداً إلى ذات السند الذي قدم في أمر الرفض.
وما استقر عليه قضاء النقض هو ما يتفق والنظام الذي وضعه المشرع لأوامر الأداء، ذلك لأنه إذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بدین تتوافر فيه شروط أمر الأداء، فتقدم الطالب لاستصدار هذا الأمر، فامتنع القاضي عن إصداره، ولا معقب عليه في ذلك إذ لا يجوز التظلم من هذا الرفض سواء إلى نفس القاضي الأمر أو إلى المحكمة المختصة، كما لا يجوز الطعن في أمر الرفض بالاستئناف وحينئذ يطرح أمر الرفض على المحكمة بالجلسة المحددة به لنظر الموضوع، غالباً ما تكون هي نفس المحكمة التي سبق لها القضاء بعدم القبول، ولما كان هذا القضاء مبني على دفع شكلي فلا تستنفد به المحكمة ولايتها وتلتزم بالفصل في الموضوع ولا يكون في ذلك تعارض مع قضائها السابق، فإن لم تلتزم بذلك وقضت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وطعن في حكمها بالاستئناف، وجب على محكمة الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في موضوعها، باعتبار أن عدم القبول أساسه الدفع الشكلي.
أما إذا اعتبرنا أن عدم القبول أساسه الدفع الموضوعي، كان لمحكمة الدرجة الأولى الالتزام به ويؤدي إلى استنفاد ولايتها ويكون قضاؤها بعدم جواز نظر الدعوى في الحالة سالفة البيان صحيحاً، فلا يستطيع الدائن اقتضاء حقه إذ يمتنع عليه استصدار أمر جديد أو رفع دعوى أخرى.
ولا يحول التزام المحكمة بأمر الرفض دون القضاء بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة المختصة التي تلتزم بنظرها والفصل في موضوعها ولا يجوز لها هي الأخرى القضاء بعدم قبولها ما لم يستند ذلك إلى سبب آخر لا يتعلق بتوافر شروط أمر الأداء.
إذ خلص إلى أن قبول الدفع تستنفذ به محكمة أول درجة ولايتها وهو حكم محل نظر، ذلك لأن المقصود بالدفع بعدم القبول الذي تعينه المادة 115 من قانون المرافعات هو الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتبارها حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره كإنعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيها أو لإنقضاء المدة المحددة في القانون لرفعها كما في دعوى الشفعة ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ولا الدفع المتعلقة بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخري. فالمقصود إذن هو عدم القبول الموضوعي الذي يترتب على قبول الدفع به أن تستنفذ محكمة أول درجة ولايتها، ومن ثم لا تنطبق القاعدة الواردة بالمادة 115 مرافعات على الدفع الشكلي الذي يتخذ اسم عدم القبول أو عدم السماع لأن العبرة بحقيقة الدفع ومرماه لا بالتسمية التي تطلق عليه.
الدفع الشكلي بعدم القبول لوجود شرط التحكيم :
المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - المقابل لنص المادة 60 من القانون رقم 60 لسنة 1971 بشأن المؤسسات العامة والقطاع العام - على أن «يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخري عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون » مؤداه أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر كل نزاع بين الجهات سالفة البيان - لأنه لا يقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في القطاع الخاص بل تنتهي جميعها في نتيجتها إلي جهة واحدة هي الدولة، وإن هذا الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته ولا تصحح هذه المخالفة إجازة ولا يرد عليها قبول.
فكان الاختصاص بهذه المنازعات ينعقد لهيئات التحكيم دون سواها، وهو اختصاص ولائي يتعلق بالنظام العام تقضي به المحاكم من تلقاء نفسها و تأمر بإحالة الدعاوى إلى هذه الهيئات.
وإذ ألغى القانون رقم 97 لسنة 1983 سالف البيان، بالقانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام، ونص على أن تؤسس الشركة القابضة في شكل شركة مساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص، وأنه يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد وطنين أو أجانب. كما نص على أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات.
مفاده، أن القانون رقم 97 لسنة 1983 يكون قد ألغى التحكيم الإجباري الذي كان ينص عليه القانون رقم 97 لسنة 1983، وبالتالى إلغاء هيئات التحكيم التي كانت قائمة تنفيذا له، ويعود الاختصاص بالمنازعات سالفة البيان للقواعد العامة في الاختصاص، بحسب نوع وطبيعة المنازعة وأطرافها، ما لم ينص في عقد النزاع على شرط التحكيم، وإذا ألغى الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات الخاص بالتحكيم، وكان القانون رقم 203 لسنة 1991 قد أحال إلى هذا الباب إحالة مطلقة، فإن هذه الإحالة تنصرف إلى قواعد التحكيم التي تضمنها القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، الذي نص على إلغاء الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات الخاص بالتحكيم، ويكون القانون رقم 203 لسنة 1991 سالف البيان، قد حل محل الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات، بموجب إحالة القانون رقم 203 لسنة 1991 المطلقة.
ذلك أن المقرر أنه حينما يحدد القانون نطاق بعض أحكامه بالإحالة إلى بیان محدد بعينه في قانون آخر، فإنه يكون قد ألحق هذا البيان ضمن أحكامه، فیضحی جزءاً منه يسرى بسريانه دون توقف على استمرار القانون الآخر الذي ورد به ذلك البيان أصلاً خلافاً لما إذا كانت الإحالة مطلقة إلى ما يبينه أو يقرره قانون آخر، فإن مؤدى ذلك أن القانون المحيل لم يعن بتضمين أحكامه أمراً محدداً في خصوص ما أحال به. وإنما ترك ذلك للقانون المحال إليه بما في . ذلك ما قد يطرأ عليه من تعديل أو تغيير.
مفاد ما تقدم، أنه بصدور القانون رقم 203 لسنة 1991 لم تعد هناك هیأت تحكيم وبالتالي لا تثار مسألة الاختصاص إذا دفع بوجود شرط التحكيم، إذ ينصرف هذا الدفع إلى عدم سماع الدعوى، وهو بمثابة دفع شكلي بعدم قبول الدعوى مقرر لمصلحة المدعى عليه، ومن ثم يجوز له التنازل عنه صراحة أو ضمناً ويسقط حقه فيه إذا تكلم في الموضوع، وحينئذ يزول شرط التحكيم وتتصدى المحكمة للموضوع.
الدفع الشكلي بعدم الاختصاص
من الدفوع الشكلية، الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ويراد به منع المحكمة من نظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة أخرى.
الدفع الشكلي بالإحالة للارتباط:
الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو الارتباط الدعوى بأخرى، ولا محل لهذا الدفع إذا كان الارتباط بين دعويين أمام دائرتين في محكمة واحدة ويكتفي في هذه الحالة بإبداء طلب بالإحالة ولا يسقط الحق فيه ولو تناول الخصوم الموضوع في الدعويين ويجوز إبداؤه في أي وقت إلى ما قبل حجز الدعوى للحكم ويتعين إجابته لحسن سير العدالة، ومنها من تعارض الأحكام. (قارن أبو الوفا في الدفوع رقم 76 ويرى أن طلب المدعى عليه ضم الدعوى إلى أخرى يسقط حقه في التمسك بالدفع الشكلي إذا كانت القضيتان أمام دائرتين في محكمة واحدة ويضيف أن التمسك بالضم في هذه الحالة لا يعتبر دفعاً بالإحالة) وقد تناولنا الدفع بالإحالة تفصيلاً بالمادة (112) فنحيل إليها بصدده.
الدفع الشكلي بعدم القبول لعدم اللجوء للجان التوفيق :
تنص المادة (11) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات على أن لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول. ولما كان عدم القبول في هذه المنازعات من الدفوع الشكلية المتعلقة بالتنظيم القضائي وبالتالي بالنظام العام، ومن ثم تتصدى له المحكمة ولو من تلقاء نفسها، ولا يحول القضاء بعدم القبول دون رفع الدعوى من جديد بعد تقديم طلب التوفيق ما لم يكن هناك ميعاد لرفعها قد انقضى.
الدفع الشكلي ببطلان صحيفة الدعوى:
البيانات الواجب أن تتضمنها صحيفة الدعوى، وأن خلوها من أي منها لا يؤدي إلى بطلانها إلا إذا كان جوهرياً، كما يجب أن يوقع عليها محام وإلا كانت باطلة.
التمسك بالدفوع الشكلية :
كانت المادة (132) من قانون المرافعات السابق تحصر الدفوع الشكلية في الدفع بعدم اختصاص المحكمة والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى والدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور وتوجب التمسك بها وفقاً لهذا الترتيب وإلا سقط الحق في الدفع السابق على الدفع الذي تم التمسك به، ولم ينهج المشرع هذا النهج في القانون الجديد وأوجب التمسك بكل الدفوع الشكلية معاً دون ترتيب معين ويسقط الدفع الذي لم يتم التمسك به مع سائر الدفوع الشكلية في وقت واحد، على أن يقترن كل دفع بالوجه الذي يبنى عليه.
والدفع الشكلي الذي يسقط هو الذي يتحقق سببه قبل التكلم في الموضوع بحيث إذا تكلم المدعى عليه في الموضوع ثم وجد بعد ذلك سبب للتمسك بدفع شكلي، كان للمدعى عليه التمسك به رغم سبق تكلمه في الموضوع، مثال ذلك أن يتناول المدعى عليه الموضوع ثم تقرر المحكمة شطب الدعوى ولم يجددها المدعي في الميعاد مما يحق معه للمدعى عليه الدفع باعتبارها كأن لم تكن، ذلك أن سبب هذا الدفع وهو عدم تجديد الدعوى من الشطب في الميعاد تحقق بعد تناول المدعى عليه الموضوع ومن ثم لا يسقط حقه في التمسك به لأن مناط هذا السقوط أن يتناول المدعى عليه الموضوع بعد تحقق سبب أو وجه الدفع.
ولا يعتبر تكلماً في الموضوع وبالتالي لا يسقط الحق في الدفع طلب المدعى عليه أجلاً للاطلاع والاستعداد أو لتقديم صورة الإعلان المسلمة له متضمنة وجه البطلان الذي يستند إليه في دفعه أو تقديم طلب تقصير الجلسة وتعجيل نظرها بإعلان طلب التقصير، أو طلب التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد باعتبار أن طلب الرد يجب أن يتخذ قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه عملاً بالفقرة الأولى من المادة (151).
وإذا تعلق الدفع ببطلان الإجراء ولكن تحققت الغاية منه، فلا يجوز إبداؤه، فإن لم تتحقق الغاية منه، وجب التمسك بالدفع قبل ابداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيه طالما كان البطلان غیر متعلق بالنظام العام، فإن تعلق به كخلو ورقة الإعلان من توقيع المحضر، جاز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى وللمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها.
وقد يتعلق الدفع الشكلي بالنظام العام، وحينئذ تتصدى له المحكمة ولو من تلقاء نفسها ولا يسقط بالتعرض للموضوع، كالدفع باستبعاد الدعوى من جدول الجلسة لعدم سداد الرسوم القضائية عملاً بالمادة (65) والدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً أو ولائياً.
ويكفي التمسك بالدفع قبل التكلم في الموضوع، سواء تم ذلك شفاهة وأثبت بمحضر الجلسة، أو تضمنته مذكرة، وينتج هذا التمسك أثره فور إبداء الدفع دون حاجة إلى التمسك به بعد ذلك في كل جلسة تؤجل إليها الدعوى، فقد حفظ المدعى عليه حقه فيه في مرافعته الأولى.
وإذا تعدد محامو المدعى عليه، فيكفي أن يتمسك أولهم بالدفع قبل التكلم في الموضوع ليحفظه للباقين من السقوط.
سقوط الحق في الدفوع الشكلية
توجب المادة (108) من قانون المرافعات على المدعى عليه ابداء جميع الدفوع الشكلية وجميع الوجوه أو الأسباب التي تبني عليها معا قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها.
ومفاد ذلك، أن المدعى عليه إذا عن له ابداء دفوع شكلية، وجب عليه أن يبديها معاً وفي جلسة واحدة مبيناً لكل دفع وجهه أو سببه، بحيث إذا أبدی بعض هذه الدفوع في جلسة، وأبدى البعض الآخر في جلسة تالية، سقط الحق في الدفوع الأخيرة حتى لو كانت قد أبديت قبل إبداء أي طلب أو دفاع التزاماً بإرادة المشرع الذي أوجب إبداء جميع الدفوع الشكلية معاً، ويعتبر تجزئة للدفوع الشكلية إذا أبدى المدعى عليه دفعاً منها استناداً إلى وجه معين ثم تمسك بذات الدفع في جلسة تالية استناداً إلى وجه آخر، مثال ذلك أن يدفع المدعى عليه باعتبار الدعوى كأن لم تكن لإعلانه بها بعد الأجل المقرر، وفي جلسة تالية يتمسك بذات الدفع لبطلان إعلانه بالدعوى، فإذا تبين للمحكمة أن الإعلان تم في الميعاد رفضت الدفع الذي أبدى أولاً وقضت بسقوط حق المدعى عليه في الدفع الثاني لعدم إبدائه مع الدفع الأول ولاختلاف كل دفع عن الآخر في جوهره، ذلك أن الدفع ببطلان إعلان صحيفة الدعوى والدفع باعتبار الدعوى کأن لم تكن، كل منهما يختلف في جوهره عن الآخر وكلاهما من الدفوع الشكلية التي يتعين التمسك بها معا وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها. وإذا أبدى الدفع دون بيان سببه سقط الحق فيه وفي جميع الدفوع الشكلية التي تقدم بعد ذلك حتى لو بين الدافع هذا السبب في جلسة ثانية أو كان يمكن للمحكمة الوقوف على هذا السبب إذ ليس لها التصدي من تلقاء نفسها للدفع أو للسبب الذي يستند إليه.
وإذا تقدم المدعى عليه بعدة دفوع شكلية في وقت واحد، ولم يبين وجه كل منها في نفس الوقت، سقط حقه فيها جميعاً، أما إذا أغفل وجه أحدها فقط، سقط هذا الدفع وحده.
ويسقط حق المدعى عليه في إبداء الدفوع الشكلية إذا أبدی طلباً أو دفاعاً أو دفعاً بعدم قبول الدعوى على نحو ما أوضحناه بالمادة (115)، إذ يكون قد تعرض للموضوع مما يدل على تنازله ضمنياً عن الدفوع الشكلية بعد أن ثبت له الحق فيها. ويكون قد أجاب على الدعوى باعتبار أن إجراءاتها صحيحة.
ويعتبر تعرضاً للموضوع طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير أو الطعن بالإنكار أو الجهالة أو التزوير أو طلب إدخال خصم لتقديم مستندات تحت يده تثبت عدم أحقية المدعى في دعواه أو إدخال ضامن في الدعوى أو طلب ضم شكوى، فتلك طلبات تأجيلية تتصل بموضوع الدعوى ويتوافر بها التعرض للموضوع، أو إبداء دفع موضوعي أو تقديم مذكرة بدفاعه الموضوعي دون أن يضمنها الدفع الشكلي، فإذا ضمنها هذا الدفع فيلزم أن يتقدم على أي طلب أو دفع موضوعي وإلا سقط الحق فيه .
وإذا اضطرت للنظر في بعض عناصر الموضوع تحقيقاً لأي دفع فإن هذا لا يكتسب حجية عند التصدي للموضوع، ولا تتصدى المحكمة للدفوع إلا إذا كانت مختصة بنظر الموضوع مما يوجب عليه الفصل في الدفع بعدم اختصاصها أولاً بحيث إذا كان مرفوضاً استمرت في نظر باقي الدفوع فقد انعقد الاختصاص لها، أما إذا قبلت الدفع التزمت بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة التي تتولى الفصل في باقي الدفوع.
فإن لم تقرر المحكمة حجز الدعوى للحكم في الدفوع الشكلية على استقلال، فإن حجزها الدعوى للحكم دون الإفصاح عن ذلك، ينصرف إلى ضم الدفوع للموضوع ولا يلزم النص على ذلك في قرارها باعتبار أن الأصل هو حجز الدعوى للحكم برمتها، وإذا صرحت بمذكرات تعين أن تتناول الدفوع والموضوع، وتبدأ المحكمة بالتصدي للدفع بعدم الاختصاص فإن رفضته تصدت لباقي الدفوع كل على حدة، فإن قبلت إحداها قضت بذلك ووقفت عند هذا الحد فلا تتعرض للموضوع إلا إذا رفضت جميع الدفوع المبداه، وبذلك تكون المحكمة قد بينت ما حكمت به في كل منها على حدة.
ولا يترتب على الحكم بقبول الدفع الشكلي استنفاد محكمة الدرجة الأولى ولايتها إذا قضت المحكمة الاستئنافية بالغائه مما يوجب على المحكمة الأخيرة ألا تتصدى لموضوع الدعوى وإنما تعيدها لمحكمة الدرجة الأولى للفصل في الموضوع الذي حال قبول الدفع دون نظره، خلافاً لما إذا رفضته فإنها تستمر وتنظر الموضوع على نحو ما تقدم وحينئذ إذا طعن في حكمها بالاستئناف - بعد صدور الحكم المنهي للخصومة، فإن المحكمة الاستئنافية تتصدى للدعوى برمتها في حدود ما رفع عنه الاستئناف ما لم يتعلق الدفع بالنظام العام، فتتصدى له من تلقاء نفسها ولو لم تتضمنه صحيفة الاستئناف أو كان المدعى عليه قد تكلم في الموضوع إذ لا يسقط بذلك كالدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي، متى كان لا يوجد سند من القانون يؤيد الدفع الذي رفضته المحكمة واستمرت في نظر الموضوع، أما إن قبلت الدفع قضت بإلغاء الحكم المستأنف وباعمال ما يوجبه ذلك كإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة إذا تعلق الدفع بعدم الاختصاص فإن تعلق ببطلان إجراء بنی عليه الحكم قضت ببطلان الحكم دون حاجة للتصدي للموضوع.
وإذا حجزت المحكمة الدعوى وصرحت بتقديم مذكرات، فيجب البدء فيها بالدفوع الشكلية قبل تناول الدفوع وأوجه الدفاع الموضوعية وإلا سقط الحق فيها.
الدفوع المتعلقة بإجراءات الإثبات:
تتمثل إجراءات الإثبات في التحقيق والاستجواب وإلزام خصم بتقديم ورقة تحت يده وضم الأوراق وإنكار التوقيع والدفع بالجهالة وتوجيه اليمين الحاسمة وإجراء المعاينة وأعمال الخبراء .
ومفاد المادة السابعة من قانون الإثبات هو وجوب عرض المسائل العارضة الخاصة بالإثبات على القاضي المنتدب للتحقيق حتى ما كان منها من اختصاص المحكمة بهيئتها الكاملة وإلا سقط الحق في عرضها سواء كانت هذه المسألة متعلقة بموضوع الدليل وكونه مقبولاً أو غير مقبول أو متعلقة بإجراءات تقديم الدليل وتحقيقه وما يجب أن يراعى فيها من مواعيد وأوضاع، مما مفاده أن الخصم الذي يريد إبداء دفع متعلق بإجراءات التحقيق كعدم إخطاره به أو فوات الأجل المحدد لإجرائه أو صدور حكم التحقيق في مسألة ثابتة بالكتابة، يجب عليه التمسك بذلك أمام القاضي المنتدب للتحقيق ولو بعد إجرائه ولا يسقط الحق في إبداء هذه الدفوع أمام المحكمة بهيئتها الكاملة بالتعرض للموضوع وإنما الذي يسقط هذا الحق هو عدم إبداء هذه الدفوع أمام القاضي المنتدب للتحقيق، ويبين من ذلك اختلاف الحكم الذي أوردته هذه المادة عن الحكم المقرر للدفوع الشكلية التي نص عليها قانون المرافعات، وجاء نص المادة السابعة من قانون الإثبات قاصراً على التحقيق، فلم يرد نص مماثل بالنسبة لباقي إجراءات الإثبات التي تظل خاضعة للقاعدة العامة الواردة في قانون المرافعات و مؤداها أن للخصم الذي يثبت له الحق في التمسك ببطلان الإجراء النزول عنه صراحة أو ضمناً فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام، ولما كانت إجراءات الإثبات لا تتعلق بالنظام العام ومن ثم فإن البطلان الذي يشوبها يجب التمسك به قبل التعرض للموضوع وإلا سقط الحق في الدفع به عملاً بالمادة (108) من قانون المرافعات، مثال ذلك أن يشوب البطلان تقرير الخبير لعدم دعوة الخصم أو لعدم حلف اليمين عملا بالمادة (139) من قانون الإثبات ، وبعد إيداع التقرير يعترض عليه الخصم من الناحية الموضوعية سواء في مرافعته الشفوية أو المكتوبة دون أن يدفع ببطلانه مما يفيد نزوله عن حقه في التمسك بالبطلان وبالتالى سقوط حقه في الدفع، أما إذا تمسك بهذا البطلان في مرافعته الشفوية ولو لم يبدأ بالدفاع حفظ بذلك. حقه من السقوط، وكذلك بالنسبة للمرافعة المكتوبة، أما إذا قدم مذكرة ضمنها اعتراضاته على التقرير من الناحية الموضوعية فقط، فإن حقه في الدفع يسقط حتى لو تقدم بمذكرة أخرى في جلسة تالية وتمسك فيها بالدفع.
ويسرى ما تقدم بالنسبة للبطلان الذي يشوب سائر إجراءات الإثبات فيما عدا البطلان المتعلق بإجراءات التحقيق إذ خصه المشرع بحكم خاص على نحو ما تقدم عندما يندب لإجرائه أحد أعضاء الدائرة، أما إن قامت المحكمة بإجرائه بهيئتها الكاملة وفقاً لنص المادة (72) من قانون الإثبات، تعين على الخصم التمسك بأوجه البطلان أمام المحكمة قبل سماع شهوده وإلا سقط حقه في الدفع بالبطلان بعد ذلك.
دفوع شكلية أخرى:
والدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى أو بالمدعى به أو الخلوها من بیان جوهري، والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من متعددين لا رابطة بينهم، والدفع باعتبار المدعى تارکاً دعواه، والدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لخلوها من الأسباب، والدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، و الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن، والدفع بسقوط الخصومة أو بانقضائها، والدفع ببطلان أي إجراء أو ببطلان أوراق التكليف بالحضور وفقاً للمادة (114) والدفع بسقوط أمر الأداء لعدم إعلانه في الميعاد و الدفع بسقوط الخصومة.
الدفوع وأوجه الدفاع الموضوعية:
يرکن المدعى عليه في مجابهة المدعى إلى وسائل الدفاع التي يسعى من ورائها إلى عدم القضاء للمدعى بطلباته التي تضمنتها صحيفة الدعوى أو ما قدمه من طلبات عارضة، وتتمثل هذه الوسائل في الدفوع وأوجه الدفاع.
ونكون بصدد أوجه دفاع، إذا وجه المدعى عليه دفاعاً إلى الحق الذي يطلب المدعي تقريره، فيتمسك بإنكار هذا الحق ويكون على المدعى عبء إثباته بالطرق التي تتناسب مع طلباته وللمدعى عليه نفي ذلك بحيث إذا عجز المدعي عن هذا الإثبات قضت المحكمة برفض الدعوى، وقد يقر المدعى عليه بسبق وجود الحق ولكنه يدفع بانقضائه بالوفاء أو بالمقاصة القانونية أو بالتقادم، ويتحمل عبء إثبات هذا الانقضاء بالطرق التي تتناسب مع هذا الدفاع، فإن تعلق الدفاع بانقضاء الحق بالوفاء أو بالإبراء، وكانت قيمته تجاوز نصاب البينة تعين الإثبات بالكتابة أو ما يقوم مقامها، أما إن تعلق الدفع بواقعة مادية كالتقادم كان الإثبات بكافة الطرق المقررة قانوناً، ووفقاً لما تتطلبه القواعد العامة في الإثبات.
وقد يلجأ المدعى عليه إلى الدفوع الموضوعية، فيدفع بانتفاء صفة ومصلحة المدعى في الدعوى، أو بسقوط حقه في رفع الدعوى، وهي دفوع يترتب على إجابتها ألا يقضي للمدعى بطلباته، إذ تقف المحكمة عند القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة ومصلحة المدعي، أو بسقوط حقه في رفع الدعوى، فلا تتصدى للموضوع، ويمتنع على المدعى رفع دعوى جديدة بذات الطلبات وضد نفس الخصوم وإلا قضت المحكمة ومن تلقاء نفسها بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالدعوى الأولى.
وتستنفد المحكمة ولايتها بالفصل في الدفوع وأوجه الدفاع الموضوعية، بحيث إذا قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء القضاء الصادر من محكمة الدرجة الأولى، وجب عليها أن تتصدى للموضوع، فلا تعيد الدعوى للمحكمة الأخيرة وإلا كان قضاؤها مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ويرجع بالنسبة للدفوع الموضوعية للقانون الذي ينظم الحق الذي يرد عليه الدفع، لبيان أحكامها وشروطها، فإن خلت من ذلك كان الرجوع للقواعد العامة التي تنظم الدفوع الموضوعية والتي تضمنها القانون المدني .
خطأ المحكمة الاستئنافية في التصدي أو الإحالة لأول درجة:
قررنا فيما تقدم، أن محكمة الدرجة الأولى، إذا قبلت الدفع الشكلي، فإنها تقضي بذلك وتقف عند هذا الحد، فلا تتصدى للموضوع، وبالتالي لا تستنفد ولايتها في الفصل في الدعوى، بحيث إذا طعن في قضائها بالاستئناف، وقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف، وجب عليها إعادة الدعوى المحكمة الدرجة الأولى للفصل فيها حتى تنظر الدعوى على درجتين، وتلك مسألة متعلقة بالتنظيم القضائي وبالتالي بالنظام العام، فإن لم تلتزم ذلك وتصدت للموضوع، كان قضاؤها مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
فإن كان الدفع موضوعياً، وقبلته محكمة الدرجة الأولى، فإنها بذلك تكون قد تناولت الموضوع واستنفدت ولايتها، بحيث إذا طعن في قضائها بالاستئناف، وقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى، فإنه يتعين عليها الفصل في الدعوى، لأن محكمة الدرجة الأولى عندما قبلت الدفع، تكون قد ألمت بموضوع الدعوى مما يمتنع معه على تلك المحكمة أن تتصدى له بعد أن قبلت الدفع وانتقلت الولاية بالتالي إلى المحكمة الاستئنافية، فإذا أعادت هذه المحكمة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فيها، كان قضاؤها بالإعادة مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
فإن كان الحكم صادراً من محكمة الاستئناف، وجب الطعن فيه بالنقض، فإن لم يطعن فيه ، صار باتاً حائزاً قوة الأمر المقضي، وأصبح عنواناً للحقيقة، فإن كان صادراً بإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فيها، التزمت هذا القضاء وفصلت في الدعوى، وإن كانت محكمة الاستئناف قد تصدت للدعوى، كان قضاؤها واجب التنفيذ.
أما إن كان الحكم صادراً من محكمة ابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية، فإنه بدوره يكون باتاً حائزاً قوة الأمر المقضي فور صدوره، إذ يمتنع الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة (249) من قانون المرافعات التي يجري نصها بأن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. ولما كان المقرر أن الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى تقف حجيته فور الطعن فيه بالاستئناف، وأن الحكم الاستئنافي هو الذي يحوز الحجية إذا ما قضى بإلغاء الحكم المستأنف، لذلك لا تتوافر شروط المادة (249) من قانون المرافعات، ويصبح الحكم الاستئنافي باتاً واجب التنفيذ.
كما لا يجوز الطعن في هذه الأحكام بالتماس إعادة النظر وفقاً للمادة 241 من قانون المرافعات لعدم توافر أي من حالاتها.
ولما كان الفصل في الدعوى على درجة واحدة أمر مخالف للنظام العام، إلا أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات هذا النظام. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 617)
1-يطلق اصطلاح الدفع بمعناه الخاص في اصطلاح قانون المرافعات علي الوسائل التي يستعين بها الخصم ويطعن بمقتضاها في صحة إجراءات الخصومة دون أن يتعرض لأصل الحق الذي يزعمه فيتفادى مؤقتاً الحكم عليه.
بمطلوب خصمه كأن يجيب بأن الدعوى قد رفعت إلي محكمة غير مختصة أو رفعت بإجراء باطل، ووسائل الدفاع هذه تعرف بالدفوع الشكلية أو الدفوع المتعلقة بالإجراءات وهي التي يعبر عنها بالدفوع الجائز إبداؤها قبل التعرض لموضوع الدعوى أما وسائل الدفاع المتعلقة بأصل الحق أي التي توجه إلي ذات الحق المدعى به كأن ينكر وجوده أو يزعم انقضاءه فهي تعرف بالدفوع الموضوعية وأما وسائل الدفاع التي ينكر بها الخصم سلطة خصمه في استعمال الدعوى كأن يزعم انتفاء صفة الخصم أو سبق صدور حكم في الموضوع فهي تعرف بالدفوع بعدم القبول.
2 - الدفع بعدم الاختصاص المحلي هو الذي يقصد به منع المحكمة من الفصل في الدعوى المعروضة أمامها لخروجها عن حدود اختصاصها طبقاً لقواعد الاختصاص المحلي وطبقاً لنص المادة 108 فهو ليس متعلقاً بالنظام العام وبناء على ذلك يصح اتفاق الخصوم علي مخالفته ويكون هذا الاتفاق ملزماً لهم والذي يحق إبداء هذا الدفع هو المدعى عليه وحده ويجب أن يبديه مع سائر الدفوع الشكلية وقبل التكلم في الموضوع وقبل إبداء أي طلب وإلا سقط الحق في الإدلاء به، ولا يجوز للنيابة إذا حضرت ممثلة في الدعوى كطرف منضم أن تتمسك بعدم الاختصاص المحلي كما أنه ليس للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها اختصاصاً محلياً.
3- الدفع بإحالة الدعوى إلي محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها هو الدفع الذي يقصد به منع المحكمة من الفصل في الدعوى المطروحة عليها وإحالتها إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمام المحكمة الأخرى فأجاز القانون عند قيام قضيتين عن دعوى واحدة طلب إحالة القضية الثانية إلي المحكمة المرفوعة أمامها القضية الأولي ويشترط لذلك ثلاثة شروط أولها أن تكون القضيتان دعوى واحدة مما يقتضي وحدة السبب والموضوع والخصوم في كل منها ولا يمنع من توفر شرط وحدة الموضوع أن يختلف المطلوب في أحدى القضيتين عن المطلوب في الأخرى إذا كان المطلوب في أحدهما بعض المطلوب في الأخرى كما لا يمنع من اعتبار القضيتين دعوى واحدة أن تكون إحداهما قد رفعت بطلب أصلي والأخرى رفعت بطلب عارض والشرط الثاني أن تكون القضيتان قائمتين فعلاً أمام المحكمتين عند إبداء الدفع فإن كانت الخصومة في إحداهما قد زالت فلا محل للدفع بالإحالة والشرط الثالث أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى من جميع الوجوه لأنه لا محل للإحالة إلي محكمة غير مختصة.
اقتصرت المادة 108 على إجازة إبداء الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لارتباطها بدعوى أخرى مقامة أمامها، والارتباط صلة وثيقة بين دعويين يبرر جمعهما أمام محكمة واحدة لتحققهما وتحكم فيهما معاً منها من صدور أحكام لا توافق بينها. وتبدو صلة الارتباط واضحة إذا كان الحكم في إحدى الدعويين يؤثر في الأخرى. وللارتباط درجات تبدأ من الارتباط البسيط وتبلغ أحياناً مبلغ عدم التجزئة وهو أقوى صور الارتباط فيه الصلة بين الدعويين إلى الحد الذي يحتمل معه صدور حكمين متناقضين لا يمكن تنفيذهما معاً ومثله دعوى البائع على المشتري بطلب الثمن ودعوى المشتري على البائع يفسخ العقد ومن أمثلة الارتباط طلب أحد العاقدين تنفيذ عقد وطلب العاقد الأخر بطلانه أو فسخه وطلب الفسخ من كل من العاقدين على الآخر وطلب العاقدين كل منهما الآخر تنفيذ العقد وطلبا التعويض اللذان يوجههما كل من الطرفين للأخر وطلب الضمان والطلب الذي ترتب ليه الالتزام بالضمان ويشترط للإحالة أربعة شروط أولها وجود الارتباط لأنه المبرر للإحالة والشرط الثاني أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة منها مختصة بالدعوى القائمة أمامها اختصاصها متعلقاً بالوظيفة ونوعياً وقيمياً ومحلياً ومع ذلك إذا لم يعترض على عدم اختصاصها المحلي في الوقت المناسب ثبت لها هذا الاختصاص والشرط الثالث هو أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى المطلوب إحالتها اختصاصاً متعلق بالوظيفة ونوعيا وقيميا والشرط الرابع أن تكون المحكمتان من درجة واحدة فلا إحالة من محكمة أول درجة إلي محكمة ثاني درجة ولا إحالة من محكمة ثاني درجة إلي محكمة من محاكم أول درجة لأن في ذلك إخلال بدرجات التقاضي.
5- تراجع التعليق على المواد 19 إلى 26.
6- هناك قواعد عامة تطبق على كل الدفوع الشكلية وتتميز بها عن الدفوع الموضوعية التي تطبق عليها قواعد أخرى ومن بين هذه القواعد العامة أولاً يجب إبداء الدفوع الشكلية قبل إبداء أي دفع بعدم القبول أو التكلم في الموضوع أي في بدء الخصومة وإلا سقط الحق فيها ومقتضى هذه القاعدة أن المتمسك بدفع شكلي أمام محكمة المعارضة والاستئناف يجب عليه أن يبدي الدفع في صحيفة المعارضة أو في صحيفة الاستئناف والمقصود بالصحيفة هي الصحيفة التي تودع قلم الكتاب فلو أغفل إثبات الدفع في الصحيفة المودعة قلم الكتاب سقط الحق فيه حتى ولو أورده بعد ذلك في الصحيفة المعلنة " إذا لم يكن حقه في إبدائه قد سقط قبل ذلك " أما إذا كان سبب الدفع قد نشأ بعد الكلام في موضوع الدعوى فلا يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي ومثال الدفوع الشكلية التي قد تنشأ بعد التكلم في الموضوع من جديد الدفع بسقوط الخصومة بسبب وقف السير فيها مدة تزيد علي سنة أو الدفع باعتبار الخصومة كأن لم تكن إذا لم تجدد خلال ستين يوماً من تاريخ شطبها ويعتبر تكلماً في الموضوع إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس الموضوع أو مسألة فرعية فيها أو ينطوي على التسليم بصحتها سواء أبداه كتابة أو شفاهة، وسواء قصد إلي النزول عن الدفوع أو لم يقصد أو لم ينتبه إلي حقه فيها.
وعلى ذلك يسقط الحق في التمسك بتلك الدفوع طلب رفض طلبات الخصم أو مجرد مناقشتها أو عرض أدائها أو بعضها أو تفويض الأمر للمحكمة في شأنها أو إبداء طلب عارض أو طلب التأجيل لإدخال ضامن أو تقديم مستند لإثبات براءة الذمة أو للإطلاع علي مستندات متعلقة بالموضوع أو للصلح، أو لتقديم مستندات وتتعلق بالموضوع، أو طلب ضم وقف الدعوى اتفاقاً أو طلب وقفها الحين الفصل في مسألة أولية ، أو طلب ضم الدعوى لدعوي أخرى أو طلب ضم شكوى أو إبداء أي طلب من شأنه وزوال الخصومة كطلب إسقاطها أو انقضائها أو اعتبارها كأن لم تكن أو وجوب عرضها علي محكمين . والدفع بعدم القبول يسقط الحق كذلك في الدفع الشكلي سواء أكان دفعاً يتعلق بالموضوع أو يتعلق بالإجراءات لاتخاذها بعد الميعاد أو المناسبة التي حددها المشرع لرفعها أو لسبق الفصل في الموضوع ويستثني من هذه القاعدة الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام كالدفع بعدم الاختصاص النوعي أما الدفوع الموضوعية فيجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى.
7- كان قانون المرافعات القديم قبل تعديله بالقانون 100 لسنة 1962 ينص على ترتيب معين للدفوع الشكلية تجب مراعاته وإلا سقط الحق فيما تأخر إبداؤه عن ترتيبه الذي نص عليه القانون إلا أن القانون 100 لسنة 1962 والقانون القائم أوجب إبداء الدفوع الشكلية معا قبل التكلم في الموضوع وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها فلم يعد هناك محل لترتيب يراعي بين الدفوع الشكلية، ولكن الدفوع الموضوعية لا يشترط إبداؤها معا فيجوز للخصم أن يتمسك بدفع موضوعي ثم يتمسك في جلسة أخرى بدفع موضوعي أخر.
ويجب توافر المصلحة أو الصفة في الدفع الموضوعي أما الدفع الشكلي فيفترض فيه توافر المصلحة والصفة دائماً لأن المشرع حدد سلفاً شكل الإجراءات لتحقيق مصالح معينة قدر أنها ستضار بمجرد الإخلال بالقواعد التي تنظم الإجراءات.
8 - الحكم بقبول الدفع الموضوعي يعتبر حكما في موضوع الدعوى منهيا للنزاع على أصل الحق الذي رفعت به الدعوى ولذلك يجوز الحكم حجية من حيث موضوع الدعوي تمنع من تجديد النزاع أمام القضاء أما الحكم بقبول الدفع الشكلي فلا يعتبر حكما في موضوع الدعوى ولذلك لا يمنع من تجديد النزاع أمام القضاء بإجراءات مصححة.
9- إذا قدم دفع شكلي فالأصل أن المحكمة تقضي فيه أو لا قبل الفصل في موضوع الدعوى فقد يغنيها الفصل في الدفع الشكلي عن التعرض لموضوع الدعوي وإنما للمحكمة أن تضم الدفع وتحكم فيهما معا وبشرط أن تنبه الخصوم لذلك .
10- إذا قدم دفع شكلي وحكمت المحكمة فيه بقبوله أولاً قبل الحكم في الموضوع و استؤنف حكمها وكان جائزاً استئنافه فإن سلطة المحكمة الاستئنافية تقتصر على الحكم في الدفوع ولا يجوز لها أن تتصدي لموضوع الدعوى، وهذا خلافاً لحالة ما إذا قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم الصادر من أول درجة بقبول الدفع الموضوعي فإنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تتصدى الموضوع الإستئناف.
ومما هو جدير بالذكر أن الدفع الشكلي لا يسقط الحق في التمسك به لمجرد طلب تأجيل الدعوى للاستعداد وذلك على تقدير أن الخصم إنما يطلب التأجيل هو أو محاميه من الإلمام بكل ما يتعلق بالخصومة سواء حيث الشكل أو من حيث الموضوع كما أنه يجوز التمسك بدفع شكلي بعد التمسك بتأجيل الدعوى لتقديم سند معين أو الإطلاع عليه إذا كان الغرض من ذلك إثبات صحة الدفع الشكلي أما التمسك بالتأجيل الذي يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي فهو ذلك الذي يقصد به الاستعداد لمواجهة إجراء معين باشره الخصم مما يشف عن التسليم بصحة انعقاد الخصومة أو ذلك الذي يقصد به الاستعداد لمواجهة موضوع الدعوى وعلى ذلك لا يسقط الحق في الدفع الشكلي طلب التأجيل لتقديم شهادة ببيان تاريخ صحيفة الاستئناف لقلم المحضرين لمعرفة إن كان قد رفع في الميعاد إذ أن ذلك لا يعتبر دفعاً بعدم القبول أو إعلان تحديد جلسة دون مناقشة الموضوع أو طلب الإطلاع علي الأوراق التي تتعلق بالدفع المراد إبداؤه أو الطعن بالتزوير في العمل الإجرائي بقصد إثبات تعيبه توصلاً إلي التمسك ببطلانه أو التكلم في الموضوع على سبيل الاحتياط بعد التمسك بالدفع علي نحو واضح أو طلب رد القاضي أو المنازعة في صفة الوكيل في الحضور عن الخصم.
كما أن التعرض للموضوع يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي ولو تم في عمل باطل. (راجع في كل ما تقدم مرافعات الدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة من بند 323 حتى بند 332، ومرافعات الدكتور أبو الوفا الطبعة الثانية عشرة بند 203 وما بعده ونظرية الدفوع لنفس المؤلف الطبعة الثالثة بندي 19 ، 76 والتعليق لنفس المؤلف طبعة سنة 1990 ص 452 وما بعدها ومرافعات العشماوي بندي 725، 73 ومرافعات الشرقاوي بند 76 والدكتور إبراهيم نجيب سعد في القانون القضائي الخاص بند 258 ونظرية البطلان للدكتور فتحي والي بند 315 ومرافعات الأستاذ كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 642 وما بعدها ).
11-ومن المقرر أن مبدي الدفع هو المكلف بإثبات دفعه وإقامة الدليل عليه لأنه يدعي خلاف الظاهر.
12-إذا ضمت المحكمة الدفع للموضوعي فإن عليها أن تبين في حكمها أولا ما قضت فيه بالنسبة للدفع ومن البديهي أنها إذا قبلت الدفع الشكلي فلن تتعرض الموضوع أما إذا قضت برفض الدفع فعليها أن تبين حكمها في موضوع الدعوي.
هذا ويلاحظ أن الدفوع المتعلقة بالإجراءات هي من الدفوع الشكلية.
13-إذا خرج النزاع من ولاية جهة المحاكم إما بسبب خروجه من ولاية القضاء الوطني بصفة خاصة أو خروجه من ولاية جهة المحاكم ودخوله في ولاية جهة قضاء أخرى أو محكمة استثنائية في الدولة فإن هذا يعبر عنه بانتفاء ولاية تلك الجهة غير أنه قد يكون من المسلم به دخول الدعوى في ولاية القضاء المصري ويثور الخلاف حول معرفة الجهة المختصة بذات الولاية كما إذا ثار تنازع في الولاية بين جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري أو بين إحدى الجهتين وهيئة استثنائية لا تندرج تحت أيهما فتنكر كل جهة ولايتها بالدعوى أو تتمسك كل جهة بولايتها، وهذا ما يسمى بتنازع الولاية وقد يؤدي هذا الوضع إلى إصدار أحكام متناقضة في الدعوى لذلك حرص المشرع على حل هذا التنازع بقانون المحكمة الدستورية رقم 408 سنة 1979 غير أنه يشترط توافر شرطين للقول بوجود تنازع ولاية، أولهما أن تكون هناك دعوى واحدة مرفوعة أمام جهتين قضائيتين ولذلك يتعين أن يتوافر فيهما وحدة الخصوم والموضوع والسبب، وهذا ما نص عليه قانون إجراءات المحكمة الدستورية، وثانيهما أن تكون الدعوى قد رفعت أمام جهتين قضائيتين مختلفتين وعلى ذلك لا يوجد تنازع في الولاية إذا كان التنازع بين جهة قضائية وجهة ليس لها اختصاص قضائي أو رفع لتقضي فيه بالطريق الإداري أو إذا كان التنازع بين محاكم قضائية تتبع جهة واحدة سواء أكانت هي جهة القضاء العادي أو جهة القضاء الإداري أو إذا كان التنازع بين دائرتين تتبعان محكمة واحدة.
والتنازع على الولاية قد يكون تنازعاً إيجابياً وقد يكون تنازعاً سلبياً فالتنازع الإيجابي له صورتان : أولهما أن ترفع دعوى واحدة أمام جهتين قضائيتين ولا تتخلي إحداهما عن نظرها ويشترط لقبول دعوى التنازع على الاختصاص ثلاثة شروط : أولها أن يكون موضوع الدعوى أمام الجهتين القضائيتين واحداً، وأن تظل الخصومة قائمة أمام الجهتين إلي وقت رفع طلب الفصل في التنازع، فإذا كانت الخصومة أمام إحدى الجهتين قد انتهت بحكم نهائي يزيل الخصومة أو بحكم نهائي في موضوعها فلا يقبل طلب الفصل في التنازع لأنه لا يكون هناك ثمة تنازع علي الاختصاص، وثالثها أن تتمسك كل من الجهتين بولايتها في الدعوى وذلك بأن تكون كل جهة رفضت دفع بانتفاء ولايتها فإذا كان الدفع أو قدم ولم يفصل فيه بعد يغني عن طلب الولاية، تقديم به دفع بانتفاء الولاية لهذه الجهة تقضي بقبوله.
والصورة الثانية للتنازع الإيجابي صدور حكمين نهائيين متناقضين ويشترط القبول طلب الفصل في التنازع في هذه الصورة ستة شروط : أولها أن يكون هناك حكمان من الأحكام القضائية التي لها حجية الشيء المحكوم فيه، أما ما عدا الأحكام الأوامر علي العرائض فلا يبرر رفع طلب الفصل في التنازع ولا يكفي لقبول الطلب، وثانيها أن يكون الحكمان صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، فإذا كانا صادرين من محكمتين مختلفتين تابعتين لجهة قضائية واحدة كالمحاكم العادية مثلاً فلا يقبل طلب الفصل في التنازع وإنما يحل في هذه الحالة بالطعن في الحكم بالطريق المناسب، وثالثها أن يوجد تناقض بين الحكمين ويوجد التناقض بينهما إذا كان قد فصلا في موضوع دعوى واحدة على نحو مختلف بحيث يكون هناك صعوبة أو استحالة في تنفيذهما معا أو بحيث يكون أحدهما متعارضة مع ما للآخر من حجية ولهذا لا يوجد تنازع إذا صدر حكم قبل الفصل في الموضوع من إحدى الجهتين وحكم قبل الفصل في الموضوع من جهة أخرى أو إذا صدر حكم في الموضوع من جهة وحكم وقتي من جهة أخرى فإذا لم يكن الحكمان متناقضين فلا يقبل طلب تعيين الولاية ولو كان الحكمان صادرين من جهتين مختلفتين، ورابعها أن يبقى الحكمان إلى حين تقديم طلب حل التنازع فإذا كان أحد الحكمين قد ألغي من الجهة التي صدر منها صراحة أو ضمناً فلا يبقي سوى حكم واحد وخامسها أن يكون الحكمان عند تقديم طلب حل التنازع نهائيين فإذا كان أحد الحكمين في هذا الوقت يقبل الطعن بالاستئناف، فيجب استنفاد طرق الطعن لأنه قد يلغي الحكم وينعدم التنازع، وسادسها شرط آخر إضافته المحكمة العليا في حكم حديث لها هو ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ، فإذا كان أحدهما نفذ انتفي قيام النزاع بين الحكمين، ولا يقبل طلب حل تنازع بينهما لهذا السبب ( الدعوي رقم 1 سنة 7 قضائية).
أما التنازع السلبي فصورته أن ترفع دعوي واحدة أمام جهتي القضاء وتتخلي كلتاهما عن نظر الدعوى ويشترط لقبول الطلب في هذه الصورة أن يصدر من کل جهتي التقاضي التي رفعت إليها الدعوى حكم بعدم اختصاصها حتى يمكن أن يقل أن كلتيهما قد تخلت عن الدعوى وأن يكون الحكمان نهائيين، فإذا كان أحدهما غير نهائي وجب أن يصبح نهائياً قبل تقديم طلب التنازع.
(راجع فيما تقدم رمزي سيف في وسط المرافعات الطبعة الثامنة ص 201 والوسيط في قانون القضاء المدني للدكتور فتحي والي طبعة سنة 1993 ص 201).
المحكمة المختصة بحل التنازع :
أصبحت المحكمة الدستورية وكما سبق أن ذكرنا في الاختصاص النوعي ووفقا لقانونها 48 لسنة 1979 المعمول به ابتداء من 13 / 9 / 1980 المختصة بحل التنازع، ويقدم الطلب إليها لتفصل فيه غير أنه يجب التفرقة بين صورتين: الأولي في حالة قيام الدعوى أمام جهتي قضاء مختلفتين فإنه يترتب على مجرد تقديم الطلب وقف السير في الدعوى أمام الجهتين حتى يفصل في الطلب وذلك عملاً بالمواد 2 / 25 ، 30، 31، 32 ويتم هذا الوقف عملاً بأن يطلب أحد أطراف الدعوى وهو عادة من قدم طلب حل التنازع من المحكمة التي تنظر الدعوى وقف نظرها كنتيجة حتمية للطلب الأخير وعلى المحكمة أن تجيبه إلى طلب الوقف إذ هو لا يعدو إعلام المحكمة بواقعة يؤدي تحققها إلى وقف الدعوى ويكون قرار المحكمة في هذا الشأن مجرد تقرير لتحقيق هذا الأثر ولهذا تعتبر الدعوى موقوفة من لحظة تقديم طلب حل التنازع (مرافعات العشماوي الجزء الأول ص 548 وما بعدها). والصورة الثانية هي حالة التناقض بين حكمين فلا يترتب الوقف بقوة القانون كأثر طلب حل التنازع وإنما بنص القانون في المادتين 31، 32 على أن الرئيس المحكمة العليا أن يأمر ولو من تلقاء نفسه بوقف تنفيذ الحكمين أو احداهما غير أنه لا يجوز لرئيس المحكمة أن يقضي بالوقف إلا إذا كان الظاهر يدل على احتمال التناقض بين الحكمين.
والتناقض يتمثل في حالتين :
الأولى : أن تقضي كل من المحكمتين باختصاصها بنظر الدعوى ولا يشترط أن تقضي كل من المحكمتين صراحة بذلك بل يكفي أن تصدر في ذلك حكماً ضمنياً كما إذا قضت في موضوعه.
والثانية : أن تقضي كلا المحكمتين بعدم اختصاصها.
ويشترط لقيام التنازع أن يكون الحكمان سواء كانا بالاختصاص أو بعدمه نهائيين وإذا كان أحدهما يقبل الطعن فلا يقوم التناقض كما يشترط في النزاع موضوع الدعويين توافر وحدة الموضوع والخصوم والسبب إما إذا اختلف أحدهما في إحدى الدعويين عن الأخرى فلا يعد هناك تنازع علي الاختصاص.
وإذا أصدرت المحكمة الدستورية حكما بتجديد جهة قضاء معينة كالقضاء العادي أو الإداري أو محكمة القيم بنظر دعوى معينة فإن هذا الحكم لا يكون ملزماً إلا في خصوص هذه الدعاوي فقط وبالتالي لا يصح اعتباره مبدأ يسري علي الدعاوى المماثلة ولو كانت من نفس النوع والعلة في ذلك أن المحكمة الدستورية تحدد الاختصاص في كل دعوى على حدة. ( حكم النقض رقم 97).
كانت المادة 31/ج من القانون 52 لسنة 1999 تنص على أنه يجوز للمؤجر إخلاء المستأجر من العين المؤجرة إذا توافر شرط الضرر وحينما صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 الذي عمل به ابتداء من 31 / 7 / 1981 نصت المادة 18 منه على عدم جواز الحكم بالإخلاء في هذه الحالة إلا إذا ثبت بحكم قضائى نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة ضارة بسلامة المهني وقد ثار الخلاف حول سريان هذا النص من ناحية الزمان فأصدرت كثير من المحاكم أحكاماً قضت بأن هذا النص يسري على جميع الدعاوى أمام جميع درجات المحاكم حتى تلك التي رفعت قبل العمل به ما دام أنه لم يصدر فيها حكم بعد وحجتهم في ذلك أن أحكام قانون المساكن متعلقة بالنظام العام وبالتالي يتعين تطبيق نص المادة 18 إعمالاً للأثر الفوري حتى على القضايا التي رفعت قبل العمل به وقد سایرت محكمة النقض في مبدأ الأمر هذا الرأي في حكمين لها صدرا في أوائل 1983 ولم ينشرا إلا أنها سرعان ما عملت عن هذا الاتجاه واستقرت أحكامها على أن الشرط المنصوص عليه في المادة 18 شرط لقبول الدعوى ومن ثم فإن الدعاوى التي رفعت قبل العمل به - استناداً للتغير الذي تم في ظل المادة 5 / 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والتي لم تكن تستلزم قبل رفع الدعوى ضرورة استصدار حكم - عن مقولة (الحكم رقم 13).
ومن المقرر أنه إذا تبين للمحكمة قيام دعويين أمامها بينهما ارتباط فإنه يتعين عليها ضمهما والعمل فيها معاً بحكم واحد مني تبين لها أن ذلك من حسن سير العدالة. وتقدير وجود الارتباط مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض.
قضاء المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت صفة مباشر الإجراء في تمثيل الخصم لا يمنع الأصيل من رفع دعوى جديدة ولو كان سند الصفة سابقة على الحكم:
من المقرر أن النائب عن أي من الخصوم في مباشرة الدعوى أو الطعن أو أي إجراء من إجراءات الخصومة لا يعتبر طرفاً في النزاع الذي يدور حول الحق المدعى به إلا أنه إذا ثبتت صلاحيته لتمثيل أي من الخصوم فإن ذلك كاف لتوافر الصفة الإجرائية اللازمة لصحة شكل الخصومة فإذا رفع هذا النائب دعوى باسم الأصل في حدود نيابته إلا أن المحكمة أخطأت وقضت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة جاز للأصيل أن يرفع دعوى جديدة بذات الحق حتى لو كان التوكيل الصادر منه لنائبه - والذي لم يعتد به الحكم خطأ - سابقاً على ذلك الحكم لأن الحكم الصادر بعدم القبول في هذه الحالة قضاء في الشكل تنحصر حجيته في إجراءات الخصومة في ذات الدعوى دون غيرها وغني عن البيان أن النائب يجوز له أيضاً الطعن علي هذا الحكم إذا كان سند وكالته يبيح له ذلك.
إذا قصر الخصم دفاعه بعدم قبول الدعوى فليس هناك ما يمنع المحكمة من أن تقضي في الدفع والموضوع معا :
في حالة ما إذا قصر الخصم دفاعه في الدعوى على الدفع بعدم قبولها فلا جناح على المحكمة إن هي قضت في الدفع والموضوع معاً بحكم واحد إذا ليس هناك ما يلزمها أن تقضي في الدفع أولاً وفي حالة رفضه تعيد الدعوى المرافعة لا بداء الدفاع في الموضوع فإذا دفع المدعى عليه الدعوى بدفع من دفوع عدم القبول على النحو الذي سبق أن وضحناه ووقف عند هذا الحد ولم يبد دفاعه في موضوع الدعوى فليس ما يمنع المحكمة إن هي قضت برفض الدفع أن تقضي في الموضوع لذلك يجدر بالمدعى عليه الحريص علي دعواه في موضوع الدعوى كطلب احتياطي حتى لا يفاجأ بالحكم في الموضوع لغير صالحة وقد يكون لديه دفاع هام لو أبدى كان من المحتمل أن يغير الرأي في الدعوى.
لا يجوز الالتجاء للقضاء بخصوص المنازعات الناشئة عن قانون التأمين الاجتماعي قبل عرضها على اللجان المشار إليها بهذا القانون وإلا كان مصير دعواه الحكم بعدم القبول :
نصت المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أنه " تنشأ بالهيئة المختصة لجان لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون يصدر بتشكيلها وإجراءات عملها ... قرار من الوزير المختص وعلى أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين قبل اللجوء إلي القضاء تقديم طلب إلى الهيئة المختصة لعرض النزاع على اللجان المشار إليها لتسويتها بالطرق الودية... " ثم أصدر بعد ذلك وزير التأمينات القرار رقم 360 لسنة 1976 بتشكيل هذه اللجان ومؤدي ذلك أن نص المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي قد نظم إجراءات رفع الدعاوى الخاصة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه وبالتالي لا يجوز أقامتها أمام المحاكم قبل تقديم صاحب الشأن طلب إلى الهيئة لعرض منازعته على اللجان المشار إليها وإلا كان مصير دعواه الحكم بعدم القبول.
إذا أنهت محكمة أول درجة الدعوى بدفع شكلي وألغت محكمة ثاني درجة الحكم تعين عليها أن تعيد الدعوى المحكمة أول درجة لنظر موضوعها :
في حالة ما إذا أنهت محكمة أول درجة الخصومة في الدعوى بدفع شكلي كالحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد أو الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم اتخاذ إجراء معين قبل رفعها أو الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن عملاً بالمادة 70 مرافعات وغير ذلك من الدفوع الشكلية العديدة واستؤنف الحكم ورأت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم تعين عليها أن تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل فيها لأنها لم تستنفد ولايتها على موضوع الدعوى. (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث، الصفحة : 4)
التعريف بالدفوع وانواعها: الدفع هو ما يجيب به الخصم على دعوى خصمه، والدفوع بهذا المعنى العام كثيرة ومختلفة باختلاف الغرض منها، والأثر الذي يترتب على قبولها.
فإذا رفع شخص دعوى على آخر يطالبه بمبلغ معين باعتباره ثمناً لعين اشتراها المدعى عليه، فإن المدعى عليه قد يدفع هذه الدعوى منازعاً في الحق الذي يدعيه المدعى بأن ينكر واقعة الشراء كلية أو يزعم بطلان البيع لأنه شابه سبب من الأسباب المبطلة له، وقد لا ينكر نشوء الحق في ذمته صحيحاً ولكنه يزعم انقضاءه بسبب من الأسباب التي تنتهي بها الحقوق بعد نشوئها كالوفاء أو المقاصة أو التقادم.
قد يدفع المدعى عليه الدعوى دون أن ينازع في الحق المدعى به، ولكنه بدفعها بدفع يطعن به على صحة الخصومة، كما لو دفع الدعوى بأنها رفعت إلى محكمة غير مختصة أو أن الإجراء الذي رفعت به باطل.
وقد بدفع الدعوى بدفع لا يتعرض به للحق المدعى به من حيث نشوئه أو من حيث صحته أو من حيث بقائه. قائماً حتى رفع الدعوى، ولا يطعن به على صحة الخصومة، وإنما يدفعها بدفع بنازع به في حق المدعي في رفع الدعوى كان يزعم المدعى عليه إلا مصلحة للمدعي في الدعوى فلا حق له في رفعها، أو أن يزعم الا حق له في رفع الدعوى القوات الميعاد الذي كان يجب أن ترفع فيه كفوات ميعاد السنة الذي يجب أن ترفع فيه دعوى الحيازة أو فوات الميعاد الذي يجب أن يرفع فيه الطعن في الحكم رمزي سيف بند 323 ص 377).
ويطلق اصطلاح الدفع بمعناه العام على جميع وسائل الدفاع التي يجوز للخصم أن يستعين بها ليجيب على دعوى خصمه، بقصد تفادي الحكم لخصمه بما يدعيه، سواء أكانت هذه الوسائل موجهة إلى الخصومة أو بعض إجراءاتها، أو موجهة إلى أصل الحق المدعى به، أي إلى سلطة الخصم في استعمال دعواه منكراً إياها.
ويطلق التعبير، بمعناه الخاص في اصطلاح قانون المرافعات على الوسائل التي يستعين بها الخصم ويطعن بمقتضاها في صحة إجراءات الخصومة دون أن يتعرض لأصل الحق الذي يزعمه خصمه فيتفادى بها مؤقتاً الحكم عليه بمطلوب خصمه كان يجيب بأن الدعوى قد رفعت إلي محكمة غير مختصة أو رفعت بإجراء باطل، ووسائل الدفاع هذه تعرف بالدفوع الشكلية.
أما وسائل الدفاع المتعلقة بأصل الحق، أي التي توجه إلى ذات الحق المدعى به كان ينكر وجوده، أو يزعم انقضاؤه فهي تعرف بالدفوع الموضوعية .
أما وسائل الدفاع التي ينكر بها الخصم سلطة خصبة في استعمال الدعوى كأن يزعم مثلاً انتفاء صفة الخصم أو سبق صدور حكم في الموضوع، فهي نعرف بالدفوع بعدم القبول.
و أنواع الدفوع ثلاثة :
1 النوع الأول: الدفوع الموضوعية: وهي دفوع ينازع بها في الحق المدعى به في الدعوى أي في موضوع الدعوى.
2 النوع الثاني: دفوع شكلية: وهي دفوع يطعن بها على صحة الخصومة أو شكلها.
3 النوع الثالث: دفوع بعدم القبول: وهي دفوع ينازع بها في الحق رافع الدعوى في رفعها، أي في قبول الدعوى أي تتعلق بشروط قبول الدعوى.
فعندما يلجأ المدعي إلى القضاء يتعين عليه أن يتخذ الإجراءات الشكلية الصحيحة التي نص عليها قانون المرافعات، وذلك حتى تنعقد الخصومة ويتعين عليه أن يستند إلى حق، وأن تكون له دعوى أي أن يكون المشرع قد أجاز له الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق الذي يدعيه، فإن لم تستكمل هذه الشروط فللمدعى عليه أن يجيب على ما يدعيه خصمه بدفع لا يتصور أن يوجه إلا للخصومة فيكون شكلياً أو لأصل الحق الذي يدعيه خصمه فيكون موضوعياً أو للدعوى فيكون دفعاً بعدم القبول (أحمد أبو الوفا التعليق ص 466).
المقصود بالدفوع الشكلية وتمييزها عن الدفوع الموضوعية الدفع الشكلي هو كل دفع يتعلق بالإجراءات، فالدفع الشكلي بمقتضاه يدفع الخصم دعوى خصمه بقصد تفادي الحكم عليه مؤقتاً بما يدعيه، ويطعن به في إجراءات الخصومة، إما لأنها رفعت إلى محكمة غير مختصة أو رفعت بإجراء باطل، أو يتعين وقف إجراءاتها لمدة معينة أو حتى يستوفي إجراء من الإجراءات وذلك كله من غير المساس بأصل الحق المدعى به لا بالمنازعة فيه ولا بالتسليم به، فهذا الدفع إذن لا يوجه إلى أهل الحق المدعي به وإنما يوجه إلى الإجراءات التي اتخذت في سبيل الحصول عليه.
فالدفوع الشكلية لا تواجه موضوع الخصومة أو الحق المدعى به وإنما تستهدف الطعن في صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها ومن ثم لا تقتصر على الدفوع التي أوردتها المادة، بل تشتمل سائر الدفوع التي تستهدف الإجراءات كالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها مباشرة عن بين تتوافر فيه شروط استصدار أمر بالآراء (نقض 9/ 6/ 1975 في الطعن 710 لسنة 40، ونقض 23/ 5/ 1972 سنة 23 ص 983) والدفع ببطلان الإجراءات لنقص الأهلية (نقض 16/ 3/ 1977 في الطعن 517 لسنة 43)، والدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتسجيل بالمدعى (نقض 23/ 12/ 1969 سنة 30 ص 1296)، أو ببطلان صحيفة الاستئناف لخلوها من الأسباب نقض 28/ 6/ 1976. في الطعن 102 لسنة 40)، أو الدفع بسقوط أمر الأداء لعدم إعلانه في الميعاد (نقض 16/ 5/ 1977 في الطعن 34 لسنة 44)، أو الدفع ببطلان أوراق المرافعات الأخرى غير أوراق التكليف بالحضور والدفع باعتبار الخصومة كأن لم تكن أو سقوطها أو بانقضائها وغير ذلك من الدفوع التي تستهدف المنازعة في الحق المدعى به، أو الحق في رفع الدعوي وإنما توجه إلى إجراءات الخصومة (إبراهيم سعد بند 257) .
ويختلف الدفع الشكلي عن الدفع الموضوعي الذي يرد به المدعى عليه علي طلب المدعي فينكره أو يدعى زواله أو سقوطه أو انقضاءه، فهو وسيلة الدفاع التي يلجأ إليها المدعى عليه ليثبت أن ادعاء خصمه على غير أساس، والدفع الموضوعي هو الوجه المقابل للطلب الموضوعي ومن ثم فهو يخضع لذات الشروط التي تخضع لها الطلب الموضوعي من حيث : وجوب توافر المصلحة والصفة حسبما أشارت المادة الثالثة (إبراهيم سعد بند 255)، أما الدفع الشكلي فيفترض فيه توافر المصلحة والصفة دائماً لأن المشرع حدد سلفاً شكل الإجراءات لتحقيق مصالح معينة قدر أنها ستضار بمجرد الإخلال بالقواعد التي تنظم الإجراءات، ولذلك لا يلزم لمن يتمسك بالدفع الشكلي. أن يثبت وقوع ضرر أو وجود مصلحة لأنهما مفترضان (إبراهيم سعد بند 257 محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 725، أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع بند 19، كمال عبد العزيز ص 251 وص 252، نقض 12/ 4/ 1962 ، سنة 93، ص 451) .
وتشترك الدفوع الشكلية في صفات خاصة تتميز بها عن الدفوع الموضوعية، وفيما يلي ما تتميز به الدفوع الشكلية:
أولاً: إنها تبدي قبل التكلم في موضوع الدعوى، أي في بدء النزاع. وإلا سقط الحق في الإدلاء بها على اعتبار أن صاحب الحق فيها قد تنازل عنها، وهذه القاعدة تتمشي مع المنطق السليم، إذ من الطبيعي ألا يسمح للمدعي عليه بالتراخي في إبداء هذه الدفوع التي لا تمس أصل الحق بعد التكلم في الموضوع، وذلك منعاً من تأخير الفصل في الدعوى هذا بالنسبة للدفوع التي لا تتعلق بالنظام العام، أما الدفوع المتعلقة بالنظام العام فيجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى، كالدفع بعدم اختصاص المحكمة المتعلق بالوظيفة أو بنوع القضية.
ثانياً: أن المشرع يوجب إبداء جميع الدفوع الشكلية معاً وبأسبابها قبل التكلم في الموضوع وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ما لم يتصل بالنظام العام، وعلى ذلك يعتبر تنازلاً عن الدفع الشكلي مجرد تقدیم دفع آخر عليه، أما في الدفوع الموضوعية فلا يعتبر تنازلاً عن الدفع الموضوعي مجرد تقديم دفع آخر عليه.
ثالثاً: إن المحكمة، كقاعدة عامة تقضي في الدفع الشكلي قبل البحث في الموضوع لأن الفصل في الدفع الشكلي قد يغنيها عن التعرض للموضوع، إذ يترتب على قبوله انقضاء الخصومة أمامها (عدم مراعاة هذا الترتيب لا يعيب الحكم نقض 18 / 3/ 1971، سنة 22 ص 352). ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تضم الدفع إلى الموضوع إذا رأت أن الفصل في الدفع يستلزم بحث الموضوع. وفي هذه الحالة تصدر فيهما حكماً واحداً بشرط أن تبين في حكمها ما قضت به كل منهما (أحمد أبو الوفا التعليق ص 466 وص 467).
رابعاً: إن الحكم الصادر بقبول الدفع الشكل لا يمس أصل العتق وبالتالي لا يترتب عليه إنهاء النزاع وإنما يترتب عليه انقضاء الخصومة أمام المحكمة كما هو الحال بالنسبة للحكم الصادر بقبول الدفع بعدم الاختصاص أو ببطلان ورقة التكليف بالحضور، ويجوز تجدید الخصومة بمراعاة الإجراءات الصحيحة إذا لم يكن الحق قد سقط لسبب من الأسباب.
أما الحكم الصادر بقبول الدفع الموضوعي فيترتب عليه إنهاء النزاع على أصل الحق المدعى به، وهذا الحكم يحوز حجية الشيء المحكوم به فلا يجوز تجديد النزاع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم أو أمام أية محكمة أخرى.
خامساً: إن استئناف الحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي لا يطرح على محكمة الدرجة الثانية إلا الخصومة في الدفع، وبعبارة أخرى ولاية المحكمة الاستئنافية تقتصر على مجرد إعادة النظر في الدفع، ولا يجوز لها أن تقضي في موضوع الدعوى إن هي ألغت الحكم المستأنف، بل يتعين إعادة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل في موضوعها، وذلك لأن هذه المحكمة لم تستنفد ولايتها بالنسبة للموضوع، لأن القاعدة أن الاستئناف لا يطرح على محكمة الدرجة الثانية إلا ما رفع عنه الاستئناف من قضاء محكمة الدرجة الأولى.
أما إبداء الدفع الموضوعي فهو تعرض الموضوع، والحكم فيه يعتبر صادراً في موضوع الدعوى، واستئنافه يعيد طرح الموضوع على المحكمة الاستئنافية، مما يتعين عليها إن هي ألغت الحكم الابتدائي أن تقضي من جديد في موضوع الدعوى.
سادساً: الحكم الصادر في الدفع الشكلي يعد حكماً فرعياً أو إجرائياً أو يعد حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع، بينما الحكم الصادر في الدفع الموضوعي يعد حكماً موضوعياً (أحمد أبوالوفا التعليق ص 467 وص 468).
سابعاً: إنه يجب توافر المصلحة والصفة في الدفع الموضوعي، أما الدفع الشكلي فيفترض فيه توافر المصلحة والصفة دائماً لأن المشرع حدد سلفاً شكل الإجراءات لتحقيق مصالح معينة قدر أنها ستضار بمجرد الإخلال بالقواعد التي تنظم الإجراءات.
وجوب إبداء الدفوع الشكلية معا وقبل التكلم في الموضوع وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها : نصت الفقرة الأولى من المادة 108 محل التعليق على أن سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها معا قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها .
وبهذا النص أوجب المشرع ضرورة تقديم الدفوع الشكلية معاً، والحكمة من هذه القاعدة تفادى تراخي الفصل في الدعوى بسبب إبداء دفوع شكلية متتالية في مناسبات متعددة، فلا يجوز لمن تمسك في جلسة بدفع شكلى أن يعود في جلسة تالية فيبدي دفعاً شكلياً آخر، كذلك لا يجوز لمن أبدى دفعاً شكلياً في مذكرة، أن يتمسك في مذكرات تالية بدفع شكلي آخر ما لم يكن الدفع متعلقاً بالنظام العام، ويتعين ملاحظة ما مضت الإشارة إليه من أن الدفوع الموضوعية لا يشترط إبداؤها معا فيجوز للخصم أن يتمسك في جلسة بدفع موضوعي، ثم يتمسك في جلسة أخرى بدفع موضوعی آخر .
وإذا قدمت جميع الدفوع الشكلية معاً في مذكرة أو صحيفة أو مشافهة فيستوي بطبيعة الحال أن يتقدم بعضها الآخر، فلا يشترط المشرع ترتيباً معيناً، وكل ما يتطلبه القانون أن يدلى بها الخصم معاً في مناسبة واحدة، بمعنى أنه لا يجوز له أن يقتصر على إبداء دفع في مذكرة ويدلي بآخر في مذكرة أخرى، أو أن يقتصر في مرافعته الشفوية على إبداء دفع ثم في جلسة أخرى بیدی دفعاً آخر، وإنما يملك إبداء دفع في أول مرافعته الشفوية، ويملك إبداء آخر في آخرها (أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع رقم 74).
ويجب إبداء جميع أوجه الدفوع معاً، بمعنى أنه لا يجوز للمدعى عليه أن يتمسك ببطلان صحيفة الدعوى لانها تجهل بالمطلوب، ثم في جلسة أخرى يتمسك ببطلانها لأنها تجهل بالمدعي مثلاً.
وإنما إذا تمسك ببطلان صحيفة الدعوى بصورة عامة وطلبت منه المحكمة مذكرة بشرح دفاعها جاز أن يدلى في المذكرة بكل ما يعن له من وجوه الدفع وأسبابه. ولا يملك بعدئذ الإضافة إليها.
والمقصود من نص المادة 108 محل التعليق أن يدلى الخصم بكل دفوعه الشكلية معاً وبكل أسبابها أيضاً معاً، وقبل التكلم في الموضوع بقصد سرعة إنجاز الفصل في الدعوى، وإذن من مصلحة الخصم أن يدلي بها وبأسبابها كلها مفصلة معاً قبل التكلم في الموضوع (أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع رقم 78 وما يليه، وأيضاً نقض 1 / 5/ 1947 - مجموعة القواعد القانونية 5 ص 424، وتعليق محمد حامد فهي عليه).
ومجرد إبداء أي دفع شكلى يسقط الحق في التمسك بسائر الدفوع الشكلية الأخرى، ولو كان الدفع الشكلي الذي تم الإدلاء به من النظام العام.
كذلك التمسك بانعدام الإجراء يسقط الحق في التمسك ببطلانه بعدئذ، فإن تمسك الخصم بانعدام الإجراء ثم قضت المحكمة بصحته امتنع عليه التمسك ببطلانه بعدئذ لأي سبب من الأسباب، لأن المادة 108 توجب إبداء سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات معاً، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها.
وإنما التمسك برد القاضي لا يسقط الحق في التمسك بالدفوع الشكلية عملاً بصريح المادة 151 مرافعات، ولأن الطبيعي أن يبدأ الخصم برد القاضي أو التمسك بعدم صلاحيته لنظر الدعوى قبل أن يتمسك أمامه بأي دفع شكلى يطلب منه الحكم فيه.
وإنما مجرد التمسك بالتأجيل للاستعداد أو للاطلاع على صحيفة الدعوى لا يسقط الحق في التمسك بالدفوع الشكلية على النحو الذي قدمناه.
كذلك لا يسقط الحق في الدفوع الشكلية التمسك بتأجيل الدعوى حتى ينقضي الميعاد المحدد في قانون بلد المختصم، عملاً بالمادة الرابعة من قانون المرافعات.
وإذا أدلي المدعى عليه بدفوعه ودفاعه في مذكرة مكتوبة، أو في مرافعة شفوية فيستوي أن يبدأ في ذات المذكرة أو ذات الجلسة بتناول الموضوع أو بالتمسك بالدفع الشكلي، ما دام يتضح في ظروف. الحال أنه يقصد بإجراء واحد - وهو مرافعة شفوية واحدة مستمرة غير منقطعة أو مذكرة واحدة الإدلاء بكل ما لديه من دفوع ودفاع في الموضوع (أحمد أبو الوفا التعليق : ص 477).
ويتعين ملاحظة أن هناك دفوعاً شكلية تبدي ولو بعد التكلم في الموضوع وهي :
أولاً: الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام تبدى فى أية حالة تكون عليها الإجراءات ولو لأول مرة في النقض كالدفع بعدم الاختصاص النوع أو الوظيفي أو القيمي.
ثانياً: الدفوع الشكلية التي ينشأ الحق في التمسك بها بعد التكلم في الموضوع تبدي أثناء نظر الدعوى، وإنما قبل التكلم في الموضوع من جديد كالدفع بإسقاط الخصومة بسبب وقف السير فيها مدة سنة، أو الدفع باعتبار الخصومة كأن لم تكن بسبب بقائها مشطوبة ستين يوماً (مادة 82 مرافعات).
ثالثاً: التمسك بانعدام الإجراء يبدى في أية حالة تكون عليها الإجراءات لأن المعدوم لا تلحقه أية حصانة ولو بالرد على الإجراء بما يدل على اعتباره صحيحاً لأن المعدوم لا يرتب أي أثر قانوني. ومن أمثلة ذلك الدفع بانعدام الخصومة لإقامتها على متوفى، ومن الجائز التمسك بهذا الانعدام في أية حالة تكون عليها الإجراءات.
نقض 14 / 2 / 1979، طعن رقم 1017 لسنة 48 قضائية، أحمد أبو الوفا ۔ التعليق ص 464)
رابعاً: يجوز التمسك بعدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى في أية حالة تكون عليها الإجراءات.
كما يتعين ملاحظة أنه يجب إبداء جميع الدفوع الشكلية معا قبل التكلم في الموضوع أمام المحكمة التي يرفع إليها النزاع أولاً، ولو أحيلت الدعوى بعدئذ إلى محكمة أخرى، فالقاعدة كما ذكرنا أن على المدعى عليه التمسك بسائر الدفوع الشكلية قبل الكلام في الموضوع أمام المحكمة التي يرفع إليها النزاع أولاً بحيث إذا أحيلت الدعوى بعدئذ إلى محكمة أخرى فلا يملك إلا التمسك بالدفوع التي ينشأ الحق في الإدلاء بها بعد الكلام في الموضوع، وذلك لأن مقتضى الإحالة أن تنتقل الدعوى بحالتها إلى المحكمة المحال إليها الدعوى، وبما اشتملت عليه من.دفوع وطلبات، وفقاً للمادة 110 مرافعات.
ومن ثم إذا قضت محكمة جزئية بعدم اختصاصها مخليا وإحالة الدعوى إلى محكمة جزئية أخرى، فإنه لا يجوز التمسك رولز قبل التكلم في الموضوع أمام هذه المحكمة المحال إليها الدعوى بعدم اختصاص المحكمة اختصاصا محلياً لسبب آخر، لأن محل هذا التمسك يكون أمام المحكمة التي قضت بعدم الاختصاص محلياً، ويكون مع التمسك بعدم الاختصاص المحلي، إذ القاعدة في وجوب إبداء سائر الدفوع الشكلية معا أيا كانت أسبابها أو وجوبها ولا يسقط الحق فيما لم يبد منها ما لم يتصل بالنظام العام، أو ينشأ الحق في الإدلاء بعد التكلم في الموضوع أحمد أبوالوفا التعليق ص 479).
وجوب إبداء وجوه الدفع الشكلي وأسبابه معا قبل التكلم في الموضوع وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها: نصت الفقرة الأخيرة من المادة 108 محل التعليق على أنه «يجب إبداء جميع الوجوه التى يبنى عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها».
فقد قصد المشرع أن يلزم الخصوم بإبداء سائر الدفوع الشكلية معا قبل التكلم في الموضوع، وذلك بقصد سرعة إنجاز الفصل في الدعوى، وهذا يقتضي حتماً أن يدلى الخصم بسائر وجوه الدفع الشكلي وأسبابه معاً قبل التكلم في الموضوع، ومن ثم إذا تمسك المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة، وطلبت منه ان يشرح دفعه كتابة أو مشافهة وجب عليه أن يدلى على الفور بسائر وجوه الدفع وأسبابه، ولا يملك بعد أن يتمسك مثلاً بعدم الاختصاص المحلي في مرافعته الشفوية لسبب ما أن يتمسك بعدئذ في مذكرته بعدم الاختصاص المحلى لسبب آخر. كذلك الحال بالنسبة للدفع ببطلان ورقة التكليف بالحضور أو أية ورقة أخرى فمن المحتم أن يدلي بسائر وجوه هذا الدفع معاً، وإلا سقط الحق فيما لم يبد به منها.
و تطبيقاً للفقرة الأخيرة من المادة 108 - محل التعليق .. فإنه إذا دفع خصم ببطلان صحيفة الدعوى، وكان لهذا البطلان أكثر من سبب وجب عليه أن يبدى هذه الأسباب معاً وإلا سقط حقه فيما لم بيده منها ، فلا يجوز لمن دفع ببطلان إجراء بناء على سبب معين أن يدفع ببطلان ذات الإجراء بناء على سبب آخر، إذ كان يجب عليه عند إبداء الدفع أولاً أن يتمسك بكل وجوه البطلان.
وينبغي ملاحظة أن نص المادة 108 هو نص عام يسرى بالنسبة السائر الدفوع الشكلية، سواء أكانت متعلقة بعدم اختصاص المحكمة، أو ببطلان صحيفة الدعوى أو ببطلان أي إجراء من إجراءات الخصومة، أو ببطلان إجراء من إجراءات الإثبات كتقرير الخبير، ففي جميع هذه الأحوال - وغيرها - يتعين الإدلاء بسائر أوجه الدفع. الشكلي وأسبابه معاً، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها (أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 478).
وجوب إبداء جميع الدفوع الشكلية في صحيفة الطعن وإلا يسقط الحق فيما لم يبد منها: وفقاً للمادة 108 - محل التعليق - يسقط حق الطاعن في الدفوع الشكلية إذا لم يبدها في صحيفة الطعن.
فإذا تخلف المدعى عليه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر القضية، وطعن في الحكم الصادر فيها بالاستئناف وشاء أن يتمسك بدفع شکلی موجه إلى الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى، وجب عليه أن يبديه في صحيفة الاستئناف وإلا سقط الحق في الإدلاء به ، وحكمه هذه القاعدة أن المستأنف يتعين عليه أن يبدى أسباب الطعن في صحيفته وإلا كانت باطلة، فإذا لم يبد الدفع في الصحيفة بكون قد تعرض حتماً للموضوع قبل إبداء الدفع، وبالتالي يسقط حقه في التمسك به. وغنى عن البيان أن الخصم لا يسقط حقه في التمسك بالدفع الشكلي إذا تعرض في الصحيفة الموضوع الطعن قبل الإشارة إلى الدفع.
ويستوجب المشرع إبداء سائر الدفوع الشكلية في صحيفة الطعن سواء أكان قد نشأ سببها وقت رفع الدعوى أم نشأ بعد رفعها، فعليه إذا عن له أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة وبالإحالة وببطلان صحيفة الدعوى أو باعتبارها كأن لم تكن لأي سبب من الأسباب وعليه أن يتمسك ببطلان الحكم إن كان ما لم يتعلق الدفع بالنظام العام فعندئذ يجوز الإدلاء به في أية حالة تكون عليها الإجراءات (أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 476 و ص 477).
الحكم في الدفوع الشكلية : طبقاً للمادة 108 - محل التعليق تحكم المحكمة في الدفوع الشكلية على استقلال ما لم تأمر المحكمة بضمها إلى الموضوع، وعندئذ تبين المحكمة ما حكمت به في كل منها على حدة.
فالأصل أن تقضي المحكمة في الدفع الشكلي، قبل، بحث الموضوع لأن الفصل في الدفع قد يغنيها عن التعرض للموضوع، إذ يترتب على قبوله انقضاء الخصومة أمامها. وإنما يحدث أن تقضي المحكمة بضم الدفع إلى الموضوع وتصدر فيهما حكماً واحداً، وذلك إذا كان الفصل في الدفع يقتضي بحث الموضوع.
والقاعدة أن على الحكمة وهي بسبيل الفصل في أمور اختصاصها بنظر الدعوى أن تبحث في أية مسألة تهديها في هذا السبيل ولو اقتضى الأمر نظر ذاته موضوع الدعوى، إذ هي تنظر إليه باعتباره مسألة أولية يتعين الفصل فيها قبل الحكم في الاختصاص، ويوجب القانون في المادة 108 على المحكمة إن هي ضمت أي دفع شكلي إلى الموضوع أن تبين ماقضت به في كل منهما على حدة.
فإذا قدم دفع شكلى فالأصل أن المحكمة تقضي فيه أولاً قبل الفصل في موضوع الدعوى فقد يغنيها الفصل في الدفع الشكلي عن التعرض لموضوع الدعوى. فإذا دفعت دعوى بعدم اختصاص المحكمة التي تنظرها فقد تحكم فيه، بعدم اختصاصها، فلا تكون هناك ثمة حاجة لبحث موضوع الدعوى، وإنما للمحكمة، بدلاً من الفصل في الدفع أولاً، أن تضم الدفع الموضوع وتحكم فيهما معاً، كما إذا كان الفصل في الدفع يقتضي بحث موضوع الدعوى، وذلك يكون من الطبيعي أن تضم المحكمة الدفع للموضوع لتستنير بالكلام في الموضوع عند الحكم في الدفع، ويشترط الضم الفصل في الدفع الشكلي للموضوع أن تنبه الخصوم إلى أنها أمرت بضم الدفع للموضوع، وأن تمكنهم من الكلام في الموضوع وإلا كان في عملها إخلال بحق الدفاع.
كما يشترط أن تبين المحكمة في حكمها ما قضت به في الدفع وما قضت به في الموضوع عند الاقتضاء، فقد لا تحتاج المحكمة بالرغم من ضم الدفع للموضوع للحكم في الموضوع، كما إذا ضمت المحكمة الدفع بعدم الاختصاص للموضوع ثم حكمت بعدم اختصاصها (رمزی سیف - ص 383).
والحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي لا يترتب عليه إنهاء النزاع على أصل الحق فهو يفصل في مسألة أولية دون أن يمس موضوع النزاع، هذا لو اضطر القاضي، وهو بسبيل الحكم في الدفع الشكلي، إلى فحص موضوع النزاع الأصلي، لأن فحص الموضوع في هذا الصدد أو الإشارة إليه في أسباب الحكم لا يؤثر في تكييفه، إذ العبرة بالقضاء الوارد بالمنطوق. وإذن فالحكم الصادر في الدفع الشكلي هو من الأحكام الفرعية - أي الصادرة قبل الفصل في الموضوع.
واستئناف الحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي لا يطرح على المحكمة الاستئنافية إلا الخصومة في الدفع لأن القاعدة أن الاستئناف لا يطرح على محكمة الدرجة الثانية إلا ما رفع عنه الاستئناف من قضاء محكمة الدرجة الأولى، وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تقضي في الموضوع إن هي ألغت الحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي، وذلك حتى لا تفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي، كما أن الاستئناف هو تجريح لقضاء محكمة الدرجة الأولى وتظلم من قضائها، ولا يتصور ثمة خطا ينسب إلى هذا القضاء إذا لم تكن المحكمة قد تناولت الموضوع من قبل.
أما إذا قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدفع الشكلي، ثم قضت في الموضوع فإن استئناف الحكم في الموضوع يطرح الخصومة برمتها أمام محكمة الدرجة الثانية (أحمد أبو الوفا التعليق - ص 480 وص 481).
ويلاحظ أن استئناف الحكم بسبب بطلانه أو بسبب بنائه على إجراءات باطلة يطرح الخصومة برمتها في الاستئناف، بحيث يكون لمحكمة الدرجة الثانية إن هي ألغت الحكم أن تتناول الموضوع للفصل فيه.
وقد قضت محكمة النقض تأييداً لذلك بأنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الدرجة الثانية أن الحكم باطل لعيب في الإجراءات (إذ لم تتدخل النيابة في مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية بالنسبة للأجانب) فإن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة الدرجة الثانية ولا يجوز لها التخلي عن الفصل في موضوعها.
(نقض 26 / 3/ 1953، المحاماة 35 ص 11، والقاهرة الابتدائية في 3 / 12/ 1957، المحاماة سنة 38 ص 935، ونقض 27/ 6/ 1957، السنة 8 - ص 660).
تعريف الدفع بعدم الاختصاص: هو الدفع الذي ينكر به الخصم على المحكمة سلطة نظر الدعوى لخروجها من حدود الاختصاص الذي قرره القانون لها، فبهذا الدفع ينكر الخصم على المحكمة ولايتها بنظر الدعوى كما حددها القانون ويطلب به الا تفصل فيها، فالهدف من هذا الدفع منع المحكمة من الفصل في الدعوى المعروضة أمامها لخروجها عن حدود ولايتها طبقاً لقواعد الاختصاص (موريل - المرافعات - بند 294 ص 249، رمزى سيف - بند 327 ص 385، أحمد أبو الوفا ۔ المرافعات طبعة 1990 - بند 212 ص 240 و نظرية الدفوع طبعة 1988 - بند 85 ص 190، إبراهيم سعد - ج 1 - بند 212 ص 521).
ومن المعروف أن الدفع هو ما يجيب به الخصم على دعوى خصمه، إذ يطلق اصطلاح الدفع بمعناه العام على جميع وسائل الدفاع التي يجوز للخصم أن يستعين بها ليجيب على دعوى خصمه، بقصد تفادي الحكم الخصمه بما يدعيه، سواء أكانت هذه الوسائل موجهة إلى الخصومة أو بعض إجراءاتها، أو موجهة إلى أصل الحق المدعى به أو إلى سلطة الخصم في استعمال دعواه منكراً إياها (أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - ص 456).
الدفع بعدم الاختصاص دفع شكلي: الدفع بعدم الاختصاص هو دفع شكلي، فمن المعلوم أن الدفوع تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الأول: دفوع موضوعية وبها ينازع في الحق المدعى به في الدعوى أي في موضوع الدعوى، والثاني: دفوع شكلية وبها ينازع في صحة الخصومة أو شكلها وإجراءاتها ومنها الدفع بعدم الاختصاص والدفع بالإحالة، والثالث: دفوع بعدم القبول وهي دفوع ينازع بها في حق رافع الدعوى في رفعها أي قبول الدعوى.
الدفع بعدم الاختصاص المحلى لا يتعلق بالنظام العام: سبق أن أوضحنا فيما مضى في الجزء الأول من هذا المؤلف عند تعليقنا على المادة 62 مرافعات أن الاختصاص المحلي. لا يتعلق بالنظام العام لأن المشرع يراعي في معظم قواعده بمصلحة خاصة في مصلحة المدعى عليه، وقد عبرت الفقرة الأولى من المادة 62 التي سبق لنا التعليق عليها عن عدم تعلق الاختصاص المحلي بالنظام العام بقولها أنه «إذا اتفق على اختصاص محكمة معينة يكون الاختصاص لهذه المحكمة أو للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، كما يستفاد عدم تعلق قواعد الاختصاص المحلي من نص المادة 108 - محل التعليق - والتي سوف يقتصر تعليقنا عليها على ما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص فقط دون غيره من الدفوع الشكلية، التي لن يتسع المقام للتعرض لها.
ولكن ينبغي ملاحظة . وكما مضت الإشارة تفصيلاً عند تعليقنا على المادة 62 - أن المشرع يطبق في بعض الحالات على عدم الاختصاص المحلى بعض أو كل أحكام عدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام، ويفعل المشرع ذلك بالنسبة لما يلي :
(أ) الاختصاص المحلي المقرر تطبيقاً لقاعدة خاصة على خلاف القاعدة العامة (أي قاعدة رفع الدعوى أمام محكمة المدعى عليه) إذ طبقاً للفقرة الثانية من المادة 62 لا يجوز الاتفاق مقدماً على ما يخالف هذا الاختصاص، وعدم جواز الاتفاق مقدماً على مخالفة الاختصاص هو إحدى سمات الاختصاص المتعلق بالنظام العام، كما مضت الإشارة إلى ذلك.
(ب) الاختصاص المحلي الذي يرتبط بوظيفة الحكمة بالنسبة لقضية معينة، إذ يترتب على مخالفته عدم اختصاص متعلق بالنظام العام بكل قواعده، ومن أمثلة ذلك تحديد المحكمة الاستئنافية المختصة باستئناف حكم معين باعتبارها المحكمة التي تتبعها محكمة أول درجة التي أصدرت الحكم المطعون فيه (موريل - المرافعات - بند 271 ص 232، فتحى والى - بند 185 ص 278)، ومن ذلك أيضاً ما ينص عليه القانون من اختصاص المحكمة التي أعلنت الإفلاس بالدعاوى الناشئة عنه (انظر : حكم محكمة القاهرة الابتدائية - 13/ 4/ 1961 - منشور في المجموعة الرسمية سنة 60 ص 1100 رقم 143، فتحى والي - الإشارة السابقة وراجع تعليقنا على المادة 54 مرافعات فيما مضى)، ومن ذلك أيضاً اختصاص للمحكمة التي تجرى التنفيذ بالمنازعات المتعلقة به (مادة 275 مرافعات) .
الدفع بعدم الاختصاص المحلي غير المتعلق بالنظام العام يجب إبداؤه مع سائر الدفوع الشكلية وقبل التكلم في الموضوع وإلا سقط الحق في الإدلاء به :
وفقاً للمادة 108 مرافعات - محل. التعليق - يجب على الخصم أن يدلی بكل دفوعه الشكلية معاً وبكل أسبابها أيضاً معاً وقبل التكلم في الموضوع، والهدف من ذلك سرعة إنجاز الفصل في الدعوى، كما أنه ليس من حسن سير القضاء أن يسمع للخصم، بعد الكلام في موضوع الدعوى، بإبداء دفع شكلي متعلق بالإجراءات قد يترتب عليه زوال الخصومة دون الحكم في موضوعها بعد أن تكون المحكمة قد قطعت شوطاً كبيراً في نظرها وتحقيقها وأوشكت على الانتهاء منها، ومقتضى هذه القاعدة الواردة في المادة 108 أن المتمسك بدفع شكلي أمام المحكمة التي يطعن في الحكم أمامها (إذا لم يكن حقه في إبدائه قد سقط قبل ذلك) يجب عليه أن يبدى الدفع في صحيفة الطعن وإلا سقط حقه في إبدائه، لأن صحيفة الطعن يجب أن تتضمن أسباب الطعن في الحكم (انظر نص المادة 230 بالنسبة للاستئناف، والمادة 243 بالنسبة للالتماس والمادة 253 بالنسبة للطعن بالنقض)، مما يعتبر تعرضاً للموضوع مسقطاً للحق في التمسك بالدفع الشكلي (رمزی سیف - بند 326 ص 379 ص 380).
ويلاحظ أن الذي يدلي بالدفع بعدم الاختصاص المحلي هو المدعى عليه وحده، وبالتالي فمن تدخل تدخلاً اختصامياً لا يجوز له الإدلاء بالدفع بعدم الاختصاص المحلى لأنه يعتبر في حكم المدعي، والمدعي لا يجوز له أن يتمسك بهذا الدفع ولأن تدخله بعد قبولاً منه لاختصاص المحكمة المحلي، والمدعي الأصلي لا يجوز له أن يدفع بعدم اختصاص المحكمة اختصاصاً محلياً بالنسبة للطلبات العارضة التي يدلي بها المدعى عليه في مواجهته (دعاوى المدعى عليه) مادة 60 مرافعات.
وكذلك من يختصم في دعوى قائمة بناء على طلب أحد الخصوم أو بأمر من المحكمة لا يجوز له أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة اختصاصاً محلياً، وتستثني الحالة المشار إليها في المادة 60، وهي تنص على أنه يجوز للمدعى عليه في طلب الضمان أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة إذا ثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته، وصورة هذه الحالة أن يرفع مشترى منقولات مثلاً دعوی على الوسيط الذي تم البيع بواسطته بقصد فسخ عقد البيع، فيطلب الوسيط إدخال البائع ضامناً فإذا اثبت أن الوسيط لا شأن له بالنزاع، وإنما رفعت الدعوى عليه بقصد جلبه البائع أمام محكمة غير محكمته فللأخير أن يدفع بعدم اختصاص المحكمة اختصاصاً محلياً (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - ص 191).
ولا يجوز لمن تدخل منضماً إلى المدعى عليه أن يدفع بعدم اختصاص المحكمة اختصاصاً محلياً إذا كان حق المدعى عليه في الإدلاء بالدفع قد سقط، لأنه يتدخل في الخصومة بالحالة التي هي عليها وقت تدخله (جلاسون - المرافعات - بند 264 ص 680)، وإنما يجوز له أن يدفع بعدم اختصاص المحكمة اختصاصاً محلياً إذا لم يكن قد سقط حق المدعى عليه في الإدلاء به لأنه يعتبر في حكم المدعى عليه - (موريل - المرافعات - بند 369 ص 303، أحمد أبو الوفا- نظرية الدفوع - ص 192 - حكم محكمة الفيوم الجزئية 15/ 10/ 1930- منشور في المحاماة سنة 11 ص 465).
وينبغي على المدعى عليه أن يبدى الدفع بعدم الاختصاص المحلى مع سائر الدفوع الشكلية وقبل التكلم في الموضوع وقبل إبداء أي طلب وإلا سقط الحق في الإدلاء به ما لم يتصل بالنظام العام. كما هو الشأن في الحالات الاستثنائية التي سبق لنا ذكرها، ولذلك يعتبر تنازلاً عن الدفع بعدم الاختصاص المحلي غير المتعلق بالنظام العلم مجرد تقديم دفع آخر عليه لأن الدفوع الشكلية يجب أن تبدي معاً، ولكن يتعين ملاحظة أنها إذا قدمت جميع الدفوع الشكلية معاً في مذكرة أو صحيفة أو مشافهة فیستوى بطبيعة الحال أن يتقدم بعضها الآخر، وكل ما يتطلبه القانون أن يدلي بها الخصم معاً في مناسبة واحدة، بمعنى أنه لا يجوز له أن ينتصر على إبداء دفع في مذكرة ويدلي بآخر في مذكرة أخرى، أو أن يقتصر في مرافعته الشفوية على إبداء دفع، ثم في جلسة أخرى يبدي دفعاً أخر، وإنما يملك إبداء دفع في أول مرافعته الشفوية، ويملك إبداء آخر في آخرها. (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 74 والتعليق ص 409).
والتكلم في الموضوع الذي يؤدي إلى سقوط الحق في إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلى غير المتعلق بالنظام العام وسائر الدفوع الشكلية الأخرى، غير المتعلق بالنظام العام يكون بإبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس الموضوع أو مسألة فرعية فيها أو ينطوي على التسليم بصحتها، سواء أبداه ذو الشأن كتابة أو شفاهة، وسواء قصد إلى النزول عن الدفوع أو لم يقصد أو لم يتنبه إلى حقه فيها، وبناء علي ذلك يسقط الحق في التمسك بتلك الدفوع بطلب رفض طلبات الخصم أو مجرد مناقشتها أو عرض أدائها أو بعضها أو تفويض الأمر للمحكمة في شأنها أو إبداء طلب عارض أو طلب التأجيل لإدخال ضامن أو تقديم مستند لإثبات براءة الذمة أو للاطلاع على مستندات متعلقة بالموضوع أو الصلح، أو لتقديم مستندات تتعلق بالموضوع، أو طلب وقف الدعوى اتفاقاً أو طلب وقفها لحين الفصل في مسألة أولية: أو طلب ضم الدعوي الدعوى أخرى أو طلب ضم شكوى أو إبداء أي طلب من شأنه زوال الخصومة كطلب إسقاطها أو انقضائها أو اعتبارها كأن لم تكن أو وجوب عرضها على محكمين (أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 76)، ويسقط الحق في الدفع كذلك بإبداء الدفع بعدم القبول سواء كان دفعاً يتعلق بالموضوع أو يتعلق بالإجراءات لاتخاذها بعد الميعاد أو المناسبة التي حددها المشرع أو لرفعها من غير ذي صفة أو لسبق الفصل في الموضوع (أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 76 - والتعليق ص 461 وما بعدها، إبراهيم سعد - ج 1 - بند 258، كمال عبدالعزيز ص 253) .
وعلى العكس من ذلك فإن الحق في الدفع لا يسقط بمجرد طلب التأجيل للإطلاع والاستعداد أو لتقديم مستندات دون بيان لمضمون هذه المستندات أو لتقديم شهادة بيان تاريخ تقديم صحيفة الاستئناف لقلم المحضرين لمعرفة إن كان قد رفع في الميعاد. إذ أن ذلك لا يعتبر دفعاً بعدم القبول.
(نقض 27/ 4/ 1971 - السنة 22 ص 508، فتحی والی نظرية البطلان بند 315، محمد وعبد الوهاب العشماوي - جـ 1 - بند 730، كمال عبدالعزيز ص253)، أو إعلان تحديد جلسة دون مناقشة الموضوع أو طلب الاطلاع على الأوراق التي تتعلق بالدفع المراد إبداؤه، أو الطعن بالتزوير في العمل الإجرائي بقصد إثبات تعيبه توصلاً إلى التمسك ببطلانه، ولا إبداء الدفاع في الصحيفة التي تتضمن التمسك بالدفع ولا التكلم في الموضوع على سبيل الاحتياط بعد التمسك بالدفع على نحو واضح يمكن الخصم من إبداء دفاعه فيه، ويمكن القاضي من الفصل فيه بتبين أسسه، أو طلب التأجيل لتقديم مستند يتعلق بالدفع أو الطلب رد القاضي، أو المنازعة في بسلطة الوكيل في الحضور عن الخصم أحمد أبوالوفا - التعليق ص 466 وما بعدها، ونظرية الدفوع - بند 76).
ولكن يجب الحذر من الخلط بين المنازعة في سلطة الوكيل في الحضور عن الخصم وبين المنازعة في الصفة، إذ الأولى لا تسقط حقه في التمسك بالدفع الشكلي بينما الثانية تسقطه، فإذا بادر خصم في المنازعة في سلطة الوكيل في الحضور عن خصمه فإن حقه في التمسك بالدفوع الشكلية لا يسقط، وذلك لأن صحة التمثيل هي أول ما يجب على القاضي التحقق منه وأول ما يجب على الخصم مراعاته حتى لا تهدد الإجراءات بالتنصل من جانب الخصم الآخر، ولأن الإدلاء بالدفوع الشكلية لا يصح إلا في مواجهة الخصم صاحب الشأن، ومن ثم حتى إذا عن للخصم الحاضر التمسك بالدفوع الشكلية فهو لا يملك الإدلاء بها إلا في مواجهة خصمه أو وكيله الذي له سلطة الحضور منه، فتعد منازعة في سلطة الوكيل في الحضور عن خصمه بمثابة تمهيد للتمسك بعدئذ بالدفوع الشكلية في مواجهة خصمه أو من يمثله تمثيلاً صحيحاً (أحمد أبو الوفا التعليق ص 467 والمرافعات - بند 267).
ويلاحظ أن التعرض للموضوع على النحو السالف الذكر يسقط الحق في التمسك بالدفع بعدم الاختصاص المحلي غير المتعلق بالنظام العام، وفي أي دفع شكلى غير متعلق بالنظام العام حتى ولو تم في عمل باطل، كما أنه يؤدي إلى ذلك، ولو صحبته تحفظات عامة لا تتعلق بطريقة محددة بالتمسك بالدفع، غير أن ذلك قاصر على الخصم الذي يتمسك بالدفع بمعنى أن تعرض أحد الخصوم للموضوع لا يسقط حق غيره في التمسك بالدفوع، بل إن تعرض الخصم للموضوع في مواجهة خصم معين لا يسقط حقه في التمسك بالدفوع في مواجهة خصم ثالث (أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 464 ، كمال عبدالعزيز ص 253 رص 254).
فلا يلزم في الإجراء أو التصرف الذي يؤدي إلى إسقاط الحق في التمسك بالدفع الشكلي أن يمس موضوع الدعوى بل يكفي أن يتعلق بأية مسالة فرعية، إنما يتعين أن يصدر من ذات الخصم المتمسك به، وعلى ذلك فالتعرض للموضوع من جانب خصم لا يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي من جانب خصم آخر، كما ذكرنا.
كما أن مجرد حضور الخصم إلى المحكمة لا يسقط حقه في التمسك بالدفوع الشكلية ما لم ينص القانون على ما يخالف ذلك (أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة).
ويتعين ملاحظة أن لقاضي الموضوع تكييف ما يبديه الخصم قبل الدفوع الشكلية لمعرفة إن كان يعد تعرضاً لموضوع يسقط حقه في هذه الدفوع، والقاضي في ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض (نقض 27 / 4/ 1971 - السنة 22 ص 558) مع ملاحظة أن قبول الدفع يعتبر قضاء ضمنياً بعدم سقوط الحق فيه (حكم النقض السالف الذكر، كمال عبدالعزيز ص 254)، كما أن إغفال الفصل في الدفع الشكلي مع الفصل في الموضوع يعتبر رفضاً له (نقض 25 / 5/ 1977، في الطعن 164 لسنة 41)، وإذا كان الترتيب المنطقي أن تفصل الحكمة في الدفع الشكلي أو لا ثم في الموضوع إلا أن دعم اتباع هذا الترتيب لا يعيب الحكم لأن كل ما تستلزمه المادة هو بيان ما قضى به في كل من الأمرين .
(نقض 18/ 3/ 1971- لسنة 22 ص 353).
ويلاحظ أيضاً أنه وفقاً للمادة 108 محل التعليق - يسقط حق الطاعن في الدفع بعدم الاختصاص المحلی، وسائر الدفوع الشكلية الأخرى، إذا لم يبدها في صحيفة الطعن، وقد مضت الإشارة إلى ذلك فيما تقدم.
ومن البديهي أن الكلام في موضوع الدعوى بإبداء أي طلب أو دفاع أو الدفع بعدم القبول، الذي يسقط حق الخصم في التمسك بالدفع الشكلي هو الكلام في موضوع الدعوى بعد نشوء سبب الدفع، أما إذا كان سبب الدفع قد نشأ بعد الكلام في موضوع الدعوى فلا يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي.
وجوب إبداء الأوجه التي يبنى عليها الدفع بعدم الاختصاص المحلي غير المتعلق بالنظام العام معاً قبل التكلم في الموضوع، وإلا سقط الحق في التمسك بالوجه الذي لم يبد منها: وفقاً الفقرة الأخيرة من المادة 108 - محل التعليق - لا يكفي وجوب إبداء كافة الدفوع المتعلقة بالإجراءات معاً قبل التكلم في الموضوع أو إبداء دفع بعدم القبول، وإلا سقط الحق في إبداء ما لم يبد منها، وإنما يلزم إبداء جميع الأوجه التي يقوم عليها كل دفع وإلا سقط الحق في التمسك بالوجه الذي لم يبد منها، إذ ينبغي أن يدلى الخصم بسائر وجوه الدفع الشكلي وأسبابه معاً قبل التكلم في الموضوع، ومن ثم إذا تمسك المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة، وطلبت منه أن يشرح دفعه كتابة أو مشافهة وجب عليه أن يدلي على الفور بسائر وجوه الدفع وأسبابه، ولا يملك بعد أن يتمسك مثلاً بعدم الاختصاص المحلي في مرافعته الشفوية لسبب ما أن يتمسك بعدئذ في مذكرته بعدم الاختصاص المحلي لسبب آخر كذلك الحال بالنسبة للدفع ببطلان ورقة التكليف بالحضور أو أية ورقة أخرى فمن المحتم أن يدلي بسائر وجوه هذا الدفع معاً. وإلا سقط الحق فيما لم يبد به منها، هذا مع ملاحظة أن نص المادة 108- محل التعليق - هو نص عام يسرى بالنسبة لسائر الدفوع الشكلية سواء أكانت متعلقة بعدم اختصاص المحكمة، أو ببطلان صحيفة الدعوى، أو ببطلان أي إجراء من إجراءات الخصومة أو ببطلان إجراء من إجراءات الإثبات كتقرير الخبير ففي جميع هذه الأحوال - وغيرها يتعين الإدلاء بسائر أوجه الدفع الشكلي وأسبابه معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها، ويلاحظ أن نص الفقرة الأخيرة من المادة 108 - محل التعليق - لا يضيف حكماً جديداً، لأن النص على إبداء الدفوع الشكلية معاً يقتضيه، فإذا كان من الواجب إبداء جميع الدفوع الشكلية المختلفة معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها فإنه يجب من باب أولى إبداء جميع الأوجه التي يبني عليها دفع شكلى واحد وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها (رمزی سیف ص 381).
إذن يتضح لنا مما تقدم أن كافة الأسباب التي يبنى عليها الدفع بعدم الاختصاص المحلى غير المتعلق بالنظام العام يجب أن تبدي معاً قبل التكلم في الموضوع، وإلا سقط الحق في التمسك بالسبب الذي لم يبد منها.
للمحكمة أن تأمر بضم الدفع بعدم الاختصاص إلى الموضوع وعندئذ تبين ما حكمت به في كل منهما على حدة: إذا قدم للمحكمة دفع بعدم الاختصاص أو أي دفع شكلى آخر، فالأصل أن تقضي فيه أولا قبل الفصل في موضوع الدعوى، فقد يغنيها الفصل في الدفع الشكلي عن التعرض لموضوع الدعوى، فمثلاً إذا رفعت دعوى بعدم اختصاص المحكمة التي تنظرها فقد نحكم فيه بعد اختصاصها، فلا تكون هناك ثمة حاجة لبحث موضوع الدعوى.
ولكن أحياناً يقتضي الفصل في الدفع بحث موضوع الدعوى، ولذلك يكون من الطبيعي أن تضم المحكمة الدفع للموضوع لتستنير بالكلام في الموضوع عند الحكم في الدفع، فإذا ما اقتضى الفصل في الدفع بحث الموضوع، فإن للمحكمة في هذه الحالة نظر الموضوع، لا لذاته، وإنما باعتباره مسألة أولية بتعين بحثها أولاً وقبل الفصل في مسألة الاختصاص (جلاسون المرافعات جـ 1 - بند 268 ص 693، أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 88 ص 204). مثال ذلك أن ترفع دعوى مستعجلة فتضطر المحكمة إلى بحث موضوع الدعوى لتحديد ما إذا كان الأمر يقتضي الاستعجال، وما إذا كان الحكم فيه بعد إجراء وقتياً أم أنه يؤثر على أصل الحق.
ولذلك أجاز المشرع في المادة 108 - محل التعليق - للمحكمة أن تأمر بضم الدفع للموضوع، وتحكم فيهما بحكم واحد (انظر تطبيقاً لذلك: نقض 18 / 3/ 1971 - لسنة 22 ص 353، وفيه قررت محكمة النقض أن عدم اتباع الترتيب الطبيعي في الفصل في الاختصاص قبل الموضوع لا يعيب الحكم)، ولكن يشترط لهذا الضم ما يلى :
(أ) أن تنبه المحكمة الخصوم إلى أنها أمرت بضم الدفع للموضوع، وأن تمكنهم من الكلام في الموضوع، وإلا كان في عملها إخلال بحق الدفاع، إذ قد يخشى الخصوم التعرض للموضوع خوفاً من سقوط حقهم في التمسك بالدفع، ولذلك ينبغي على المحكمة أن تنبههم بأنها أمرت بالضم حتى يتمكنوا من التكلم في الموضوع ومناقشته.
إذن يشترط لضم الدفع للموضوع أن يكون الخصوم قد أبدوا طلباتهم في موضوع الدعوى، أو أن تكون المحكمة أمرتهم بذلك، وألا تكون قد أخلت بحقوق الدفاع، فإذا لم يترافع الخصوم في موضوع الدعوى ولم تكلفهم بذلك فلا يكون لها أن قضت باختصاصها. منظر الدعوى أن تحكم في موضوعها بل يجب عليها أن تمكن الخصوم من المرافعة في موضوعها، وألا تكون قد أخلت بحقوق الدفاع أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - ص 205 رمزي سيف - بند 326 ص 383، إبراهيم سعد ج 1 - بند 258 ص 648).
(ب) أن تبين المحكمة في حكمها ما قضت به في الدفع، وما قضت به في الموضوع عند الاقتضاء فقد لا تحتاج المحكمة بالرغم من ضم الدفع للموضوع، للحكم في الموضوع، كما إذا ضمت المحكمة الدفع بعدم الاختصاص للموضوع، ثم حكمت بعدم اختصاصها .
وقد نصت المادة 108 - محل التعليق - على أنه إذا قضت المحكمة في الدفع مع الموضوع وجب عليها أن تبين ما حكمت به كل منهما على حدة ولم ترد هذه المادة بخصوص الدفع بعدم الاختصاص وحده، وإنما وردت بشأن سائر الدفوع الشكلية، وقصد بها الشرع تأكيد استقلال الدفع عن موضوع الدعوى، ولكن ينبغي ملاحظة أن الحكم الصادر في الموضوع يعتبر مشتملاً على قضاء ضمني في الاختصاص، كلما كانت مسألة الاختصاص قائمة في الخصومة، سواء أثارها الخصوم أنفسهم في الوقت المناسب أم كان الاختصاص من النظام العام، وبعبارة أخرى، لم نضع المادة 108 جزاء على مخالفة حكمها، فلا تبطل الإجراءات إذا قضت المحكمة بحكم واحد في الدفع والموضوع، أو إذا قضت في الموضوع وحده دون الإشارة إلى الدفع - بشرط ألا تكون قد أخلت بحقوق الدفاع كما ذكرنا - إنما هذا لا يمنع من جواز الطعن في حكمها بالنسبة للاختصاص إذا خلا من الأسباب التي تؤيده (أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع ص 205).
ولا شك في أنه من المفيد للخصوم في حالة ضم المحكمة للدفع مع الموضوع والحكم فيهما بحكم واحد، أن تبيين في حكمها قضاءها في الدفع على حدة وقضاءها في الموضوع على حدة عند الاقتضاء، إذ بذلك يتمكن الخصم من مناقشة الأسباب التي استندت إليها المحكمة في كل شق من قضائها، وذلك عند طعنه في الحكم الصادر من الحكمة الذي يتضمن قضاء في الدفع وقضاء في الموضوع في آن واحد.
لا يجوز الالتجاء للقضاء بخصوص المنازعات الناشئة عن قانون التأمين الاجتماعي قبل عرضها على اللجان المشار إليها بهذا القانون وإلا كان مصير دعواه الحكم بعدم القبول:
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن النص في المادة 157 من القانون رقم 79 لسنة 1975، بإصدار قانون التأمين الإجتماعي المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 على أنه : «تنشأ بالهيئة المختصة لجان فحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون يصدر بتشكيلها وإجراءات عملها .. قرار من الوزير المختص وعلى أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة المختصة لعرض النزاع على اللجان المشار إليها لتسويته بالطرق الودية ..»، وكان قرار وزير التأمينات رقم 360 لسنة 1976، قد صدر بتشكيل هذه اللجان ونشر بالوقائع المصرية في 9/ 1/ 1977، مما مفاده وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن نص المادة 157 من القانون المشار إليه قد نظم إجراءات رفع الدعاوى الخاصة بالمنازعات الناشئة من تطبيق أحكامه وجعل المناط في ذلك أن تكون المنازعة ناشئة فعلاً من تطبيق أحكام ذلك القانون، فلا يجوز لصاحب العمل أو المطالب بالاشتراكات، والمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين اللجوء إلى القضاء قبل تقديم طلب إلى الهيئة العرض منازعته على اللجان المشار إليها، سواء كانت منازعته في حساب الاشتراكات ام في أساس الالتزام. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه الماثلة بطلب التعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة لإصابته، وما تخلف لديه عنها من عاهة مستديمة نتيجة خطأ من جانب الشركة الطاعنة يرتب مسئوليتها الذاتية طبقاً لأحكام القانون المدني في شأن المسئولية التقصيرية، ومن ثم فإنها لاتكون ناشئة عن تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي سالف الذكر، ويحق له رفعها مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان أنفة البيان. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر. ورفض الدفع البدي من الطاعنة بعدم قبول الدعوى، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس.
إذا أنهت محكمة أول درجة الدعوى بدفع شلی والفت محكمة ثاني درجة الحكم تعين عليها أن تعيد الدعوى المحكمة أول درجة لنظر موضوعها : (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 872)