loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

إحالة الدعوى من جهة قضاء إلى جهة قضاء أخرى:

أوجب المشروع على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها وعلى ذلك تجب الإحالة إذا صدر حكم بعدم الاختصاص من جهة قضاء إلى جهة قضاء اخرى.

أما في ظل القانون القائم فقد استقر القضاء على عدم جواز الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص إذا كان ذلك راجعاً الى سبب متعلق بالوظيفة ولم تكن على ذلك إلا على أساس فكرة استقلال الجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر وهي فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة وبعد أن عمد المشرع منذ قيام الثورة إلى توحيد جهات القضاء في مواد الأحوال الشخصية.

استحدث المشروع في المادتين 110 نصاً مؤداه أن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان الاختصاص متعلقاً بالولاية بعد أن كان القضاء قد استقر في ظل القانون القائم على عدم جواز الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص إذا كان ذلك راجعاً إلى سبب متعلق بالوظيفة وكان مبنى هذا القضاء فكرة استقلال الجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر وهي فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة.

لم يبق المشروع على الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية إذا كان الحكم صادراً في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم بعد أن فقدت مسائل الاختصاص المتعلق بالولاية ما كان لها من أهمية وخطر تبعاً لما نصت عليه المادة 110 من المشروع من أن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر باحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان الاختصاص متعلقاً بالولاية.

الأحكام
1-  المُقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنَّ المُشـرعَ لم يُرتب البُطلان جزاءً على رفع الاستئناف إلى محكمة غير مُختصة، بل إنَّه لم يعرض لهذه المسألة بنصٍ خاص؛ ومِن ثَمَّ تنطبق عليها القواعد المُقررة بخُصوصها أمام محكمة الدرجة الأُولى، عملًا بالمادة 240 من قانون المُرافعات. وأنَّ مفاد المادة 110 من هذا القانون أنَّه إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وجب عليها إحالتها إلى المحكمة المُختصة، وتلتزم المحكمة المُحال إليها الدعوى بالإحالة، سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت فيها أو من طبقة أعلى أو أدنى منها .
 
                                                                                                          ( الطعن رقم 4291 لسنة 86 ق - جلسة 5 / 1 / 2023 )
 

2 ـ إذ كان النزاع الماثل يدور فى أساسه حول أحقية الطاعن فى الحصول على المقابل النقدي لرصيد إجازته غير المستنفدة قبل الخروج إلى المعاش بتاریخ 1/12/۲۰۰۳ وقبل صدور قرار رئيس الجمهورية رقم ۱۳۰ لسنة 2004 بإنشاء شركة قابضة لمياه الشرب والصرف الصحى والشركات التابعة لها والمنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ ۲۹ أبريل عام 2004 والمعمول به من اليوم التالي لتاريخ نشره و الذي نص فى المادة الأولى منه على أن " تؤسس شركة قابضة تسمى الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي ..... تخضع لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام .... " ونص فى مادته الثالثة على أن " تحول إلى شركات تابعة للشركة القابضة المنصوص عليها فى المادة الأولى الهيئات العامة الاقتصادية لمياه الشرب والصرف الصحي فى بعض المحافظات وشركات القطاع العام الآتية ..... الهيئة العامة لمرفق مياه الغربية ..... " ونفاذا لهذا القرار تحولت الهيئة العامة لمرفق مياه الغربية اعتباراً من تاريخ 30/4/2004 إلى شركة تابعة للشركة القابضة السالفة الذكر ومؤدى ذلك أن الطاعن وقت خروجه إلى المعاش بتاريخ 1/12/2003 كان من العاملين بالهيئة العامة لمرفق مياه الغربية وعلاقته بها علاقة تنظيمية بوصفه من الموظفين العموميين مما ينعقد معه الاختصاص بنظر النزاع إلى محكمة القضاء الإداري، إلا أنه ولما كانت المحكمة الأخيرة قد قضت بعدم اختصاصها و إحالته إلى المحكمة الابتدائية و كان قضاؤها فى هذا الشأن قد حاز الحجية و تلتزم به المحكمة المحال إليها عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات، وكانت هذه العلاقة التنظيمية (علاقة الموظف بجهة عمله) لا شأن لها بأحكام قانون العمل والقانون المدني فمن ثم يكون الطاعن غير مخاطب بنص المادة 698 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حق الطاعن فى إقامة الدعوى بالتقادم الحولي مما حجبه عن بحث ما إذا كان سبب عدم حصول الطاعن على المقابل النقدي لرصيد إجازته المتبقي لسبب يرجع إلى المطعون ضدها من عدمه فإنه يكون معيبا.

(الطعن رقم 4881 لسنة 80 جلسة 2018/05/06)

3 ـ أن النص فى المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 الخاص بتنظيم الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية " فيما عدا الأحكام الصادرة فى مواد الجنايات والجنح والأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لا يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية بطريق النقض .... " ، بما مفاده أن الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية القابلة للطعن بالنقض هى التى تصدر ابتداء من الدوائر الاستئنافية أما الدعاوى التى تنظر أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون الفصل فى الطعن عليها أمام المحكمة – بهيئة استئنافية – فلا يجوز الطعن عليها بطريق النقض – دون الإخلال بحكم المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية – إلا أن مناط إعمال هذه القاعدة القانونية التى اختص بها المشرع الدعاوى أمام المحاكم الاقتصادية وهى استثناء على القواعد العامة عند تحديد الاختصاص النهائى للمحاكم ألا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى التى رسمها القانون وألا تخرج صراحة أو ضمناً على ما كان من تلك القواعد متعلقاً بالنظام العام ، وأن يحترم مبدأ حجية الأحكام إذ إن هذه الحجية تسمو على اعتبارات النظام العام فإنه طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها سواء كانت الإحالة بحكم أو قرار يعنى التزامها وجوباً بالفصل فى الدعوى ذلك أن المشرع استهدف من ذلك حسم المنازعات ووضع حد لها ، فلا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة لأخرى وفى ذلك مضيعة للوقت فقد بات ممتنعاً على المحكمة التى تحال إليها الدعوى بحكم بعدم الاختصاص من المحكمة المحيلة أن تعاود بحث فى موضوع الاختصاص طالما أن الحكم التزم القواعد القانونية الآمرة سالفة البيان فإن وقع الحكم مخالفاً لتلك القواعد فلا يحصنه من الطعن عليه أمام محكمة النقض وبالتالى إن خرجت المحاكم الاقتصادية على هذه المبادئ القانونية فلا يكون ثمة محل للقول بأن يفلت هذا الحكم المخالف من رقابة محكمة الطعن بحجة أن الحكم صدر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية بصفتها محكمة درجة ثانية والقول بغير ذلك يعد مخالفاً لتحقيق العدالة والتى لا يتعين إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى الأنزعة الاقتصادية .

(الطعن رقم 6955 لسنة 80 جلسة 2014/05/21)

4 ـ إيداع الطاعنة صحيفة الطعن المطروح ( بشأن الطعن على التظلم من قرارات لجنة القيد فى نقابة المهن التعليمية ) قلم كتاب محكمة غير مختصة هى محكمة القضاء الإدارى ، بدلاً من قلم كتاب محكمة النقض المختصة بنظرة كمحكمة موضوع . لا يؤدى إلى القضاء بعدم قبوله ، وهو ما يؤيده أن المشرع فى المادة 110 من قانون المرافعات لم يرتب سوى جزاء مالى جوازى على إقامة الدعوى أمام محكمة غير مختصة ، كما أن النص فيها على التزام المحكمة عند القضاء بعدم الاختصاص بنظر الدعوى ولو كان متعلقاً بالولاية بإحالتها إلى المحكمة المختصة ، والتزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها ، استوجبته حكمة تشريعية هى عدم تحمل رافع الدعوى عبء الاضطرار إلى تجديدها بدعوى مبتدأة . وذلك على نحو ما نصت عليه المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات القديم رقم 77 لسنة 1949 فى التعليق على المادة 135 – المقابلة جزئياً للمادة 110 – وهو ما لازمه كأصل عام ترتيب إيداع صحيفة الدعوى لآثاره قانوناً ولو كان ذلك أمام محكمة غير مختصة . مما يتعين معه القضاء برفض الدفع .

(الطعن رقم 20 لسنة 82 جلسة 2012/06/12 س 63 ص 888 ق 138)

5 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن النص فى المادة 110 من قانون المرافعات ، مفاد مفهوم مخالفته ، أن المحكمة إذا كانت غير مختصة بنظر النزاع موضوع الدعوى ، لخروجه عن ولايتها ، ومع ذلك قضت باختصاصها بنظره ، ولم يطعن الخصوم فى هذا الحكم بطرق الطعن المقررة قانوناً ، فإن قضاءها فى هذا الشأن يعتبر حائزاً قوة الأمر المقضى ، ويتعين عليها التصدى لنظر هذا النزاع ، وذلك لما هو مقرر ، من أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام .

(الطعن رقم 3018 لسنة 71 جلسة 2012/04/02 س 63 ص 559 ق 83)

6 ـ مؤدى نص المادة 110 من قانون المرافعات أن الإحالة تكون فى الاختصاص الداخلي أي الاختصاص بالمنازعات الوطنية البحتة فإذا تعلق الأمر بإختصاص دولي فلا تتم الإحالة، وترتيباً على ذلك إذا رفعت الدعوى إلى المحكمة المصرية وحكمت بعدم الاختصاص بنظر الدعوى دولياً، فإنها لا تحكم بإحالتها إلى المحكمة المختصة، ذلك لأن قواعد الاختصاص الدولي قواعد منفردة تحدد ما إذا كانت المحاكم المصرية مختصة بالدعوى أم لا دون أن تحدد المحكمة المختصة دولياً.

(الطعن رقم 8810 لسنة 64 جلسة 2001/11/26 س 52 ع 2 ص 1155 ق 226)

7 ـ إن تشكيل لجنة ذات اختصاص قضائى طبقاً لنص المادة 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 مكونة من خمسة أعضاء واختصاصها دون غيرها بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل المُشار إليه لا يجعل منها دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية ومن ثم فلا تُعتبر إحالة الدعوى إليها من إحدى دوائر المحكمة مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها وإنما هو فى حقيقته قضاء ضمنى بعدم اختصاص تلك المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى اللجنة المشار إليها باعتبارها المختصة بنظرها ، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن دعوى المطعون ضدهم قد رُفعت ابتداءً أمام محكمة العمال الجزئية ببورسعيد التى قررت إحالتها إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي المنصوص عليها فى المادة 71 من قانون العمل سالف البيان فإن الإحالة وإن اتخذت شكل القرار إلا أنها فى حقيقتها حكم قضى ضمناً بعدم اختصاص المحكمة المذكورة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي المختصة بنظرها ، ومؤدى ذلك أن تلتزم اللجنة المُحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 110 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 6019 لسنة 75 جلسة 2006/08/28 س 57 ص 667 ق 126)

8 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن قرار المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة لا يعتبر قراراً إدارياً وإنما هو فى حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ويخرج به النزاع من ولايتها وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون المرافعات .

                                                                                          (الطعن رقم 940 لسنة 67 جلسة 2000/05/08 س 51 ع 2 ص 650 ق 119)

9 ـ لما كانت إجراءات التقاضي من النظام العام . وكان النص فى الفقرة الأولى من المادة 84 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة ترفع بعريضة تودع قلم كتاب محكمة النقض وتتضمن - عدا البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحال إقامتهم - موضوع الطلب وبياناً كافياً عن الدعوى" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتم الإيداع بحضور الطالب أو من ينيبه قانوناً أمام الموظف المختص بقلم كتاب محكمة النقض فإن لم يتم الإيداع على هذا النحو فلا يعد الطلب قد رفع بالأوضاع التي رسمها القانون . لما كان ذلك، وكان الطالب لم يسلك هذا الطريق وإنما أقام الدعوى أمام جهة القضاء الإداري فإن الطلب يكون غير مقبول . و لا يغير من ذلك أن تكون محكمة القضاء الإداري قد قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هذه المحكمة عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات لأن قانون السلطة القضائية قانون خاص يحكم القضايا التي تدخل فى ولاية هذه المحكمة ويحدد الإجراءات التي ترفع بها فلا يجوز اللجوء إلى سواه .

(الطعن رقم 19 لسنة 68 جلسة 2000/01/11 س 51 ع 1 ص 46 ق 2)

10 ـ النص فى المادة 46 من قانون المرافعات على أنه " لا تختص محكمة المواد الجزائية بالحكم فى الطلب العارض أو الطلب المرتبط بالطلب الأصلى إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل فى اختصاصها . وإذا عٌرض عليها طلب من هذا القبيل جاز لها أن تحكم فى الطلب الأصلى وحده إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعن " إنما تفيد عبارته ودلالته على أن المحكمة الجزئية إذا ما استقامت لديها دعوى من اختصاصها فإنه يكون لها وهى بصدد طلب عارض يبدى أمامها ولا يدخل فى اختصاصها القيمى أو النوعى أن تقتصر على نظر الطلب الأصلى وحده الداخل فى اختصاصها وتحكم من تلقاء ذاتها بعدم اختصاصها بالطلب العارض وبإحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة به وفقاً للمادة 110 من قانون المرافعات وليس على مقتضى المادة 46 آنفة البيان ، وذلك إذا كان الأمر لا يؤدى إلى الإضرار بسير العدالة ، وتخضع الإحالة فى هذه الحالة لقواعد الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص والتى تقضى بقابلية الحكم للطعن وفقاً للقواعد العامة ، أما إذا كان الفصل بين الطلبين يؤدى إلى الإضرار بسير العدالة تعين على المحكمة الجزئية أن تحيل الطلبين معاً _ الأصلى والعارض_ إلى المحكمة الابتدائية المختصة بحكم غير قابل للطعن حسبما ورد فى عجز المادة المشار إليها .

(الطعن رقم 4337 لسنة 62 جلسة 1997/12/25 س 48 ع 2 ص 1536 ق 287) 

11 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - ان الحكم النهائى له قوة الامر المقضى التى تعلو على اعتبارات النظام العام، وكان الثابت من الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمجلس الدولة، ان المحكمة قضت فى 1987/6/27 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها الى محكمة دمنهور الابتدائية، بعد ان قطعت فى اسباب حكمها والمرتبطة بمنطوقه ان القرار الصادر بانهاء خدمة الطاعن وهو من العاملين بالقطاع العام بسبب العمل بدون اذن لدى جهة اجنبية او للانقطاع عن العمل لا يعد جزاء تأديبيا بالفصل من الخدمة، وكان هذا القضاء قد اصبح نهائيا بعدم الطعن عليه، وكانت المحكمة المحال اليها تلتزم بنظرها تطبيقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات، فانه يمتنع على الطاعن العودة الى المجادلة فى طبيعة القرار الصادر من المطعون ضده او اعادة طرح مسألة الاختصاص الولائى بنظر الطعن عنه، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فان النعى عليه بهذين السببين يكون على غير اساس .

(الطعن رقم 2691 لسنة 60 جلسة 1996/12/01 س 47 ع 2 ص 1444 ق 262)

12 ـ مفاد النص فى المادة 109 من قانون المرافعات ان الدفع بعدم الاختصاص النوعى أو القيمى من النظام العام وتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها فى اية حالة كانت عليها الدعوى، ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً على قضاء ضمنى فى شأن الاختصاص، وكان المطعون ضده قد أقام دعواه أمام محكمة طنطا الابتدائية للاحوال الشخصية بطلب الحكم بثبوت نشوز زوجته الطاعنة وعدم استحقاقها النفقة عليه وذلك مما يندرج فى اختصاص المحاكم الجزئية النوعى ويخرج عن اختصاص المحكمة الابتدائية مما كان يتعين معه على محكمة أول درجه القضاء من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واحالتها الى المحكمة الجزئية المختصة عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات، وإذ قضى الحكم الابتدائى فى موضوع الدعوى وايده الحكم المطعون فيه فانه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 274 لسنة 62 جلسة 1996/07/08 س 47 ع 2 ص 1109 ق 208)

13 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض _أن قاضى الأمور المستجعلة يختص وفقا للمادة 45 من قانون المرافعات بالحكم بصف مؤقتة _ ومع عدم المساس بأصل الحق _ فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت فأساس اختصاصه أن يكون المطلوب الأمر بإتخاذ قرار عاجل وألا يمس هذا القرار أصل الحق الذى يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعى _ وإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلاً أو يمس أصل الحق حكم بعدم اختصاصه بنظر الطلب ويعتبر حكمه هذا منهياً للنزاع المطروح عليه بحيث لا يبقى منه ما تصح إحالته لمحكمة الموضوع _ أما إذا تبين أن المطلوب منه بحسب الطلبات الأصلية أو المعدلة فصل فى أصل الحق فيتعين عليه أن يتخلى عن الفصل فى الدعوى ويحكم بعدم اختصاصه بنظرها ويحليها لمحكمة الموضوع المختصة بالطلب المعروض عملاً بالمادتين 109 ، 110 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 5901 لسنة 64 جلسة 1995/12/13 س 46 ع 2 ص 1374 ق 270)
(الطعن رقم 1678 لسنة 52 جلسة 1989/03/27 س 40 ع 1 ص 857 ق 149)

14 ـ النص فى المادة 269 من قانون المرافعات - لم يلزم محكمة النقض بتحديد جلسة لنظر الإستئناف عند النقض والإحالة أو أن تأمر قلم كتابى محكمة الإستئناف بتحديد تلك الجلسة كما هو الحال فى المادة 110 من قانون المرافعات أمام درجتى التقاضى ولا محل لإعمال هذا النص الأخير عند الطعن بالنقض الذى تحكمه نصوص خاصة وما جاء بسبب النعى هو إدعاء بوجود قصور فى التشريع والمطالبة بتعديله ولم يعب الحكم فى شىء ولا يصلح ذلك لأن يكون سببا للطعن بالنقض إذ يخرج عن نطاق المادتين 248،249 من قانون المرافعات والتى تستهدف محاكمة الحكم المطعون فيه إذا ما خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه أو تأويله أو إذا وقع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم أو فصل فى النزاع على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى ومن ثم يكون النعى غير مقبول .

(الطعن رقم 425 لسنة 61 جلسة 1994/06/16 س 45 ع 2 ص 1032 ق 196)

15 ـ إذ أوجبت المادة 110 من قانون المرافعات على المحكمة إذا قضت بعدم إختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة و لو كان الإختصاص متعلقاً بالولاية، و كانت المعارضة فى صلاحية المطعون ضدهم و بحسب الغاية منها هى ببطلان تشكيل المحكمة المعروض عليها فى الدعوى الجنائية المتهم فيها مورث الطاعنتين الأولى و الثانية و أوجبت المادة 62 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 تقديمها إلى ذات المحكمة قبل إبداء أى دفع أو دفاع فيها و إثبات ذلك فى محضر الجلسة و رتبت جزاء السقوط على مخالفة ذلك ، و إذ كان البين من أوراق الطعن أن التقرير برد المطعون ضدهم بقلم كتاب محكمة إستئناف القاهرة و هى غير مختصة بنظره قد تم بعد حجز الدعوى الجنائية للحكم و سقوط حق الطاعنين فيه و قد صدر الحكم المطعون فيه بعد صدور الحكم المنهى الدعوى الجنائية فى 1977/11/30 و إنتهاء ولاية المحكمة العسكرية التى أصدرته و المشكلة من المطعون ضدهم و المختصة بالفصل فى طلب الرد عملاً بأحكام القانون سالف الذكر و من ثم يضحى النعى أياً كان وجه الرأى فيه غير منتج .

(الطعن رقم 860 لسنة 49 جلسة 1990/04/18 س 41 ع 1 ص 1029 ق 168)

16- إذ كان البين من الواقع المطروح بالأوراق - وبلا منازعة من طرفى الخصومة - أن عقد الإيجار المؤرخ 1/12/1984 محله شقة بعقار الطاعن الكائن بعزبة بدران النواوي التابعة إدارياً لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، ومن ثم فإن المنازعات الناشئة عن هذا العقد تحكمها قواعد القانون المدنى دون قواعد قانون إيجار الأماكن الاستثنائية التى ينحسر سريانها عن العزب التابعة للقرى حتى ولو كانت القرية قد صدر من وزير الإسكان قرار بتطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على العلاقات الإيجارية المبرمة عن أماكن فيها، ولا يجوز للمحافظ المختص ولا لوزير الإسكان بوصفهما ممثلين للسلطة التنفيذية ولا للمحاكم باختلاف درجاتها أن تمد نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن على العزب باعتبار أن ذلك كله من اختصاص السلطة التشريعية، وكان الحكم الابتدائى بعد الإحالة قد أسس قضاءه برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أن العقار الكائنة به شقة النزاع يقع فى عزبة بدارن النواوى التابعة لقرية كفر حجازى، وأن القرية خاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار وزير الإسكان رقم 91 لسنة 1983 المنشور بالجريدة الرسمية فى 4/2/1984، دون أن يفطن إلى أن العزب خارج النطاق المكانى لتطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن مطلقاً حتى ولو كانت تابعة إدارياً لقرية من القرى التى خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن، وكان الطاعن قد أقام الدعوى ابتداءً أمام المحكمة الجزئية بطلب الحكم بالطرد مستنداً إلى أن عقد الإيجار تحكمه القواعد العامة فى القانون المدنى دون قواعد وأحكام قانون إيجار الأماكن باعتبار أن عين النزاع فى عقار كائن بعزبة بدارن التابعة لقرية كفر حجازى، وإذ قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً ونوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية دون أن تتطرق فى أسباب حكمها لسبب الدعوى إيراداً ورداً مجتزئة القول أن قرية كفر حجازى قد خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار من وزير الإسكان، ومن ثم فإن حكمها لا تكون له حجية فى المسألة القانونية سبب الدعوى، بل تقتصر حجيته - بعد صيرورته نهائياً - على إلزام المحكمة المُحال إليها بالفصل فى موضوع الدعوى عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات، ودون أن تتقيد بالتقريرات الواردة بأسباب حكم الإحالة لورودها خارج نطاق سبب الدعوى، وإذ قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى على ذات أسباب حكم الإحالة بما كان يوجب على محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع أن تبسط رقابتها على أسباب الحكم الابتدائى، وأن تُقيِّم جنوحه واعوجاج أسبابه بالتصدى لسبب الدعوى، والفصل فى المسألة القانونية السالف ذكرها، وصولاً إلى مدى أحقية الطاعن فى طلب الطرد المؤسس على سبب الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الاستئناف مُتدثراً بما اعتقده من أن حكم الإحالة الصادر من المحكمة الجزئية قد حاز حجية لعدم الطعن عليه بالاستئناف على الرغم من أن حجيته قاصرة على عدم اختصاصها بنظر الدعوى قيمياً سواء كان عقد الإيجار قد انتهى بانتهاء مدته أو كان ممتداً بقوة القانون، وأن التقريرات الخاطئة الزائدة عن سبب عدم الاختصاص القيمى لا تحوز حجية، بما يُعيب الحكم المطعون فيه .

( الطعن رقم 13263 لسنة 81 ق - جلسة 1 / 12 / 2018 )

شرح خبراء القاون

وسيلة الجمع بين الدعاوى المرتبطة أمام المحكمة المختصة بها :

(أ) طلبان أصليان : لا مشكلة إذا رفع الطلبان في صحيفة واحدة، إذ الجمع يتم عندئذ ابتداء بواسطة المدعى أو المدعين ولكن المشكلة تثور إذا كان الطلبان قد رفعا بصحيفتين مختلفتين، سواء إلى نفس المحكمة أو إلى محكمتين مختلفتين:

أمام نفس المحكمة ضم الدعاوى :

يتم جمع الطلبين في خصومة واحدة بقرار بالضم يصدر بناء على طلب أي من الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة ويتم الضم سواء كان الطلبان المرتبطان أمام نفس الدائرة أو أمام دائرتين مختلفتين. ويدخل قرار الضم في السلطة التقديرية للمحكمة، فلها أن ترفض الضم ولو توافر الارتباط بين الدعويين إذا قدرت أن هذا الضم لا يساعد على تيسير الفصل في الدعويين ولا رقابة في هذا المحكمة النقض على أنه يلاحظ أن ضم الطلبين لا يفقد كلا منهما استقلاله من الناحية الإجرائية فلا يؤثر تعيب أحدهما في صحة الآخر، وذلك ما لم يتحد الطلبان أشخاصاً ومحلاً وسبباً، إذ يتعلق الأمر عندئذ بدعوى واحدة فيندمج الطلبان - بضمهما - ليكونان طلباً واحداً.

والفرض في الضم أن تكون كل دعوى قد رفعت إلى المحكمة المختصة بها على استقلال ولهذا لا يثير الضم أية مشكلة متعلقة بالاختصاص المحلي أو النوعى  ولكن قد تثور مشكلة اختصاص قيمى إذا كان الطلبان قد قدما إلى المحكمة الجزئية وكانا يستندان إلى سبب قانوني واحد بحيث يؤدي ضمهما إلى عدم اختصاص المحكمة الجزئية بهما مجتمعين، رغم اختصاصها بكل منهما على حدة قبل الجمع وعندئذ إذا قدرت المحكمة ضرورة الضم فعليها أن تحكم - ولو من تلقاء نفسها - بعدم اختصاصها وبإحالة القضية إلى المحكمة الابتدائية (110 مرافعات) .

(أ) أن تنظر الطلب الأصلى وحده، وتحكم ولو من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بالطلب العارض وبإحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة به وفقاً للمادة 110 مرافعات . وذلك مع مراعاة قواعد الاختصاص المحلي ويشترط للفصل بين الطلبين ألا يؤدي هذا الفصل إلى الإضرار بسير العدالة، أي ألا يكون الفصل بين الطلبين من شأنه أن يؤثر في قدرة الخصم على الإثبات أو قدرة القاضي على تحقيق الطلب أو القضاء فيه وفقاً للقانون فلا يكفي لمنع الفصل بين الطلبين وجود صلة الارتباط ، إذ هذه مفترضة دائماً.

إحالة الدعوى بعد الحكم بعدم الاختصاص :

وفقاً للمادة 110 مرافعات، على المحكمة عندما تحكم بعدم اختصاصها، أن تحدد - من تلقاء نفسها - المحكمة المختصة بالدعوى ، وتحيل الدعوى إليها ويستوي في هذا أن تكون المحكمة قد قضت بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها أو بناء على دفع، فالإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص هي دائماً واجب على المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها ويعود هذا النظام الذي يأخذ به المشرع المصري إلى حرصه على ألا يتحمل المدعي بعد الحكم بعدم الاختصاص أو إنعدام الولاية مشقة إعادة رفع الدعوى من جديد أمام المحكمة المختصة بها أو الجهة ذات الولاية بها، ومشقة إعادة الإجراءات التي تمت في الخصومة من جديد، وقد تكون مسألة الولاية أو الاختصاص من الصعوبة بحيث يكون المدعی معذوراً في خطئه بشأنها.

والحكم بالإحالة وفقاً للمادة 110 يلزم المحكمة المحال إليها بنظر الدعوى ويقوم هذا الالتزام ولو كان تحديد الاختصاص قد بني على قاعدة قانونية غير سليمة أو خالف نصاً قانونياً صريحاً أو خالف حجية حكم سابق لها ولا يغير من ذلك عدول المدعي عن طلبه الأصلي إلى طلب آخر يعتبر تعديلاً له ويمتنع على الخصوم إعادة الجدل في هذا التحديد والمقصود بهذا الالتزام أن المحكمة المحال إليها الدعوى تلتزم بالتحديد الصادر من المحكمة المحيلة لمسألة اختصاصها التي ثارت أمامها ولا تلتزم المحكمة المحال إليها فقط بمسألة اختصاصها بل هي تلتزم أيضاً باحترام حكم الإحالة فيما كان الفصل فيه لازماً للقضاء بعدم الاختصاص، ولو ورد هذا الفصل ضمنياً في أسباب الحكم، ما دامت هذه الأسباب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذا المنطوق بحيث لا تقوم له قائمة بدونها.

على أن المحكمة المحال إليها لا تلتزم بغير ذلك، فهي تستطيع - رغم الإحالة – أن تقضي بعدم قبول نظر الدعوى لأي سبب ومن ناحية أخرى، فإن الخصوم يحتفظون بحقهم في التمسك أمامها بما كانوا يستطيعون التمسك به من دفوع أمام المحكمة المحيلة  فالدعوى تحال وفقاً للمادة 110 حالتها» . وهو ما يعني أيضاً أن ما تم صحيحاً من أعمال الخصومة قبل الاحالة يبقى صحيحاً، بما في ذلك صحيفة الدعوى وتتابع الدعوى سيرها أمام المحكمة المحالة إليها الدعوى من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي احالتها ولهذا فإن على هذه المحكمة عند حكمها بالاحالة أن تحدد للخصوم جلسة يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى.

ولأن الحكم الذي يقضي بعدم الاختصاص والاحالة يعتبر بصريح نص المادة 212 مرافعات (معدلة بالقانون 23 لسنة 1992) حكماً لا تنتهى به الخصومة، فإنه، وفقاً للمادة 174 مكرراً المضافة بهذا القانون، يعتبر النطق به إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم فلا يلزم إعلان الخصوم بهذا الحكم إلا إذا انقطع تسلسل الجلسات أمام المحكمة المحيلة بعد الحضور أو تقديم المذكرة.

وينطبق نص المادة 110 بعمومه ولو كانت المحكمة المحال إليها أعلى درجة من المحكمة المحيلة، كما ينطبق أمام كل من محكمة أول درجة ومحكمة ثاني درجة وذلك أياً كانت طبقة المحكمة أو تخصصها ولذلك فإن على المحكمة الجزئية بعد الحكم بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة وعلى المحكمة الابتدائية بعد الحكم بعدم اختصاصها إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة بها سواء كانت المحكمة الجزئية أو محكمة التنفيذ المختصة، أو أي محكمة متخصصة كمحكمة العمال أو المحكمة الاقتصادية كما أن على المحكمة الاستئنافية أن تحيل الاستئناف إلى المحكمة الاستئنافية المختصة التي كان يجب رفع الاستئناف أمامها ويجب الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص من محكمة الأمور المستعجلة أو محكمة العمال الجزئية أو المحكمة التجارية الجزئية إلى محكمة أخرى.

وإذا رفعت دعوى أمام الدائرة الاقتصادية لا تدخل في اختصاص المحكمة الاقتصادية، سواء بدائرتها الابتدائية أو بدائرتها الاستئنافية، فإن الدائرة يجب أن تحكم بعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية» بها وتحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة بها فإن نظرتها، كان الحكم باطلاً لصدوره من محكمة غير مختصة  ونفس الأمر إذا كانت الدعوى من اختصاص محكمة اقتصادية غير المحكمة الاقتصادية التي تتبعها المحكمة التي رفعت إليها الدعوى.

وإذا رفعت الدعوى أمام دائرة اقتصادية ابتدائية وكانت تدخل في نطاق عمل الدائرة الاستئنافية التي تتبع نفس المحكمة الاقتصادية، أو رفعت أمام الدائرة الاقتصادية الاستئنافية وكانت تدخل في نطاق عمل الدائرة الاقتصادية الابتدائية التي تتبع نفس المحكمة الاقتصادية، فإن الدائرة التي رفعت إليها الدعوى تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى الدائرة التي تدخل الدعوى فى نطاق عملها.

إذا أحيلت الدعوى من محكمة إلى أخرى ، ولم يتم الطعن في حكم الإحالة فأصبح نهائياً أو باتاً ، فإن المحكمة المحال إليها تلتزم بحكم الإحالة طبقاً للمادة 110 مرافعات، احتراماً لقوة الأمر المقضى لحكم الإحالة فإذا لم تحترم هذا الحكم وأحالته إلى المحكمة المحيلة أو أي محكمة أخرى، فانه يجوز الطعن في هذا الحكم، ولو نص القانون على عدم جواز الطعن فيه، وذلك احتراماً لقوة الأمر المقضى التي تعلو على اعتبارات النظام العام.

وينطبق النص بعمومه بين محاكم جهة القضاء العادي كما ينطبق بين محاكم القضاء الإداري، ولو كانت الإحالة إلى محكمة أعلى وتطبيقاً لهذا قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه إذا رفعت دعوى إلى محكمة القضاء الإداري وتبين أنها تدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا كمحكمة موضوع، فإن على محكمة القضاء الإداري أن تحكم بعدم اختصاصها، وإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا.

وتجب الإحالة ولو كانت الدعوى تدخل في ولاية محكمة استثنائية كما هو الحال بالنسبة للجنة ذات اختصاص قضائي. ذلك أن المادة 110 توجب الإحالة، ولو تعلق الأمر بانتفاء الولاية، فضلاً عن أن اللجنة في الواقع تعتبر - وهي تباشر اختصاصها القضائي - محكمة وأن لم تدخل في التشكيل العادي لجهة المحاكم والقول بغير هذا يتنافى مع المحكمة من المادة 110 وهي استقرار الدعوى في المحكمة ذات الولاية والاختصاص بها وتفادي ما يقع فيه المدعي من حرج البحث عن محكمة تنظر دعواه.

ومن ناحية أخرى، ينطبق نص المادة 110 على الاحالة من جهة المحاكم إلى جهة القضاء الإداري أو من هذه الجهة إلى جهة المحاكم.

فإذا كانت الجهة المحالة إليها الدعوى قد سبق لها الحكم بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى فإن قضاءها هذا يحوز الحجية، ويمتنع عليها نظر الدعوى، ذلك أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام.

والإحالة التي تنظمها المادة 110 هي الاحالة بعد حكم المحكمة بعدم اختصاصها ونتيجة لهذا :

(أ) لا تخضع لهذه المادة الحالة القضية من دائرة إلى أخرى. فهذه الإحالة لا تلزم الدائرة المحالة إليها القضية بنظرها ولا تمنعها من الحكم بعدم اختصاص المحكمة.

(ب) إذا رفعت أمام قاضي الأمور المستعجلة دعوى وقتية لم يتوافر، فيها شرط الاستعجال، فإن القاضي لا يحكم بإحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع، إذ أن عدم توافر الاستعجال، لا يؤدي - كما قدمنا - إلى حكم بعدم الاختصاص وهو المفترض اللازم للاحالة وإنما يؤدى إلى حكم برفض الدعوى وعلى العكس إذا رفعت أمامه دعوى موضوعية فإنه يحكم بعدم اختصاصه بها وبإحالتها إلى محكمة الموضوع المختصة، كما أن علي قاضي الأمور المستعجلة إذا حكم بعدم الاختصاص المحلي أن يحيل الدعوى المستعجلة إلى المحكمة المختصة محلياً بهذه الدعوى.

(ج) إذا حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أو بأي قضاء آخر مانع من نظر الدعوى، فلا يتصور بعده إحالة إلى محكمة أخرى.

(د) إذا استؤنف حكم أول درجة أمام المحكمة الاستئنافية المختصة بالاستئناف أي إلى المحكمة الاستئنافية التي تقع محكمة أول درجة في اختصاصها المكاني، وتبين للمحكمة أن حكم أول درجة قد صدر من محكمة غير مختصة، فإن عليها أن تحكم ببطلان حكم أول درجة لصدوره من محكمة غير مختصة وتنتهي سلطتها عند هذا فليس لها أن تحكم بإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة المختصة بها، وفقاً للمادة 110 مرافعات ذلك أن هذه المادة تنظم الإحالة من المحكمة بعد أن تحكم بعدم اختصاصها وليس بعد الحكم بعدم اختصاص محكمة غيرها، والفرض أن المحكمة الاستئنافية مختصة بالاستئناف المرفوع إليها فإن قضت المحكمة الاستئنافية بالإحالة إلى محكمة أول درجة المختصة فإن هذه الإحالة لا تخضع للمادة 110 مرافعات ولهذا فإن ما يكون قد طرح من دفاع أو دفوع أمام محكمة الاستئناف المحيلة لا يعتبر مطروحاً على المحكمة المحال إليها الدعوى فالدعوى لا تحال بالحالة التي كانت عليها أمام المحكمة المحيلة.

لا ينطبق نص المادة 110 عند الحكم بعدم الاختصاص الدولى، فلا تقرر المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في الخارج ذلك أن قواعد الاختصاص الدولي التي ينص عليها قانون المرافعات المصري تحدد ما إذا كانت المحاكم المصرية مختصة بالدعوى أم لا، دون أن تحدد المحكمة المختصة دولياً.

ولعل من النادر عملاً رفع نفس الدعوى مرتين ولكن المشكلة ممكنة الحدوث فقد يرفع شخص دعوى ، ثم يتوفى، فيرفع ورثته نفس الدعوى - جاهلين سبق رفع الدعوى من مورثهم - أمام محكمة أخرى مختصة بها. ويستوي أن ترفع الدعوى الأولى أو الثانية كطلب أصلي أو كطلب عارض.

ويشترط للتمسك بالدفع بالإحالة للارتباط :

(أ) أن يتعلق الأمر بنفس الدعوى ويكون الأمر كذلك إذا توافرت بین الطلبين وحدة الخصوم والمحل والسبب ويعتبر المحل واحداً أيضاً ولو كان محل الدعوى الأولى يستغرق محل الدعوى الثانية.

(ب) أن تقوم الدعوى أمام محكمتين تابعتين لجهة قضائية مصرية واحدة ولهذا لا يقبل الدفع إذا سبق رفع الدعوى أمام نفس المحكمة، ولو أمام دائرة أخرى ومن ناحية أخرى، إذا رفعت الدعوى إلى جهة قضائية  ثم رفعت نفس الدعوى أمام جهة أخرى، فلا يجوز التمسك بالدفع بالإحالة لسبق رفع الدعوى وكذلك فإن هذا الدفع لا يقبل بالنسبة للدعوى التي يسبق رفعها إلى هيئة محكمين ففي هذه الحالة إذا رفعت الدعوى إلى المحكمة فإن المدعى عليه يمكنه التمسك بالاتفاق على التحكيم وهو دفع يختلف عن الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين  وأخيراً فإنه إذا رفعت الدعوى أمام محكمة أجنبية ثم رفعت أمام محكمة مصرية، فلا يجوز التمسك بالدفع بالإحالة، فالدعوى أمام المحكمة الأجنبية لا تمنع من تولى القضاء الوطني لولايته، إلا إذا كانت قد انتهت بحكم.

(ج) أن تكون الدعوى لازالت قائمة أمام المحكمة التي رفعت إليها أولاً فإذا كانت الخصومة قد انتهت أمام هذه المحكمة لأي سبب من أسباب انتهاء الخصومة، فلا يمكن التمسك أمام المحكمة التي ترفع إليها الدعوى ثانية بقيام النزاع أمام محكمتين ولهذا فإن من سلطة المحكمة التي ترفع إليها الدعوى ثانية أن تتحقق - قبل الحكم بالإحالة – من أن الدعوى لا زالت قائمة أمام المحكمة الأولى على أن مجرد وقف الخصومة لا يمنع من الاحالة.

ولكن ما الحل إذا كانت الدعوى قائمة أمام محكمتي ثاني درجة أو أمام محكمة أول درجة ومحكمة ثاني درجة ؟ نرى التفرقة التالية : 1- إذا كانت الدعوى المرفوعة أولاً أمام محكمة أول درجة، والمرفوعة ثانية أمام محكمة ثاني درجة عندئذ لا يقبل الدفع بالإحالة، إذ هو يعني - لو قبل - أن تحال إلى محكمة أول درجة نفس الدعوى التي سبق نظرها من محكمة أول درجة وطعن في حكمها بالاستئناف وتكون الوسيلة هنا هي التمسك أمام محكمة أول درجة (وهي التي رفعت إليها الدعوى أولاً) بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها . 2- إذا كانت الدعوى المرفوعة أولاً أمام محكمة ثاني درجة ، والمرفوعة ثانية أمام محكمة أول درجة . فعندئذ يمكن التمسك أمام هذه الأخيرة إما بالدفع بالاحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين، أو التمسك بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل في الدعوى. 3- إذا كانت الدعوى قائمة أمام محكمتي ثاني درجة، فهنا يمكن التمسك بالإحالة أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ثانية.

تنازع الاختصاص :

على خلاف الصورة السابقة التي تفترض قيام ذات الدعوى أمام محكمتين مختصتين أصلاً بها ، قد يحدث أن تقام الدعوى أمام محكمتين إحداهما مختصة والأخرى غير مختصة، ويقوم التنازع بينهما على الاختصاص وهذا التنازع - كما هو الحال بالنسبة للتنازع على الولاية - قد يكون إيجابياً بأن تقرر كل من المحكمتين اختصاصها بنفس الدعوى، وقد يكون سلبياً بأن تقرر كل من المحكمتين عدم اختصاصها وقد يصل التنازع الايجابي إلى حد صدور حكمين متناقضين في نفس الدعوى ويفترض تنازع - الاختصاص أن نكون بصدد نفس الدعوى، وأن يكون الحكمان صادرين من محكمتين تتبعان جهة المحاكم فلا يكفي صدورهما من دائرتين تابعتين لنفس المحكمة ومن ناحية أخرى، فإن التنازع بين محكمتين تتبعان جهتين مختلفتين يعتبر تنازعاً في الولاية وليس تنازعاً في الاختصاص .

ولم يضع المشرع المصرى تنظيماً خاصاً لحل تنازع الاختصاص، فترك أمره لقواعد الطعن في الحكم الصادر بالاختصاص أو بعدم الاختصاص، أو في الحكم الصادر على خلاف حكم سابق وفي هذا الصدد يجب ملاحظة أن الحكم الصادر بالاختصاص أو بعدم الاختصاص لا حجية له أمام محكمة أخرى، ولهذا فإنه لا يمنعها من الحكم بما يخالف الحكم السابق. فلا مانع من صدور حكم من المحكمة باختصاصها بدعوى معينة، ثم صدور حكم تال من محكمة أخرى باختصاصها بنفس الدعوى ولا يستثنى من هذا إلا حالة صدور حكم من المحكمة بعدم اختصاصها وبالإحالة إلى المحكمة المختصة، وفقاً للمادة 110 فالمحكمة المحالة إليها الدعوى تلتزم - وفقاً لنص هذه المادة - بالحكم الصادر باختصاصها . وهو ما يؤدي إلى ندرة حالات التنازع السلبي للاختصاص في العمل. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 622)

الطعن بالاستئناف :

أجاز قانون المحاكم الاقتصادية الطعن في الحكم الصادر من الدائرة الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية التي تتبعها تلك المحكمة (مادة 10).

ولم يحدد القانون نصاباً معيناً للاستئناف، ولهذا فإنه تطبيقاً للمادة الرابعة من قانون إصدار قانون المحاكم الاقتصادية يجب تطبيق النصاب الذي ينص عليه قانون المرافعات بالنسبة لاستئناف أحكام المحاكم الابتدائية العادية والتي تعتبر نهائية، أي لا تقبل الطعن بالاستئناف، «إذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز أربعين ألف جنيه» (مادة 47 مرافعات معدلة بالقانون 76 لسنة 2007 ) .

ومن ناحية أخرى، فإن الأحكام الصادرة من الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية، باعتبارها محكمة درجة أولى، وهي الأحكام التي تصدر في الدعاوى المحددة في المادة (6) من قانون المحاكم الإقتصادية التي تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه أو تكون غير قابلة للتقدير، لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف وعلة هذا أنها صادرة من دائرة استئنافية وحكم الاستئناف لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف.

ووفقاً للمادة (10) لا يجوز الطعن في أحكام الدوائر الابتدائية إلا أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة التي تتبعها هذه الدوائر ومن باب أولى، لا يجوز الطعن فيها أمام محكمة الاستئناف العادية وإذا صدر الحكم المستعجل في دعوى مستعجلة مرفوعة تبعاً لدعوى موضوعية أمام الدائرة الاقتصادية، فيطعن فيه أمام الدائرة الاستئنافية بذات المحكمة.

فإذا رفع الاستئناف إلى دائرة استئنافية في غير المحكمة الإقتصادية التي أصدرت دائرة ابتدائية بها الحكم، أو أمام محكمة استئناف عالى ولو كانت في نفس المدينة التي بها الدائرة الاستئنافية الاقتصادية التي تتبعها الدائرة الابتدائية المستأنف حكمها، فإن على الدائرة الاستئنافية، أو محكمة الاستئناف، أن تحكم بعدم اختصاصها بالدعوى وتحيل الاستئناف إلى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية التي تتبعها الدائرة الابتدائية مصدرة الحكم . وذلك تطبيقاً للمادة 110 من قانون المرافعات. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة :796)

عدم الاختصاص والإحالة:

أوضحنا فيما تقدم الدفوع بعدم الاختصاص المحلي والنوعي والولائي، وأن الاختصاص المحلي مقرر لمصلحة المدعى عليه ومن ثم يقتصر عليه وحده التمسك به، أما الاختصاص النوعي والولائي فيتعلقان بالنظام العام ويكون لكل ذي مصلحة التمسك بهما وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تتصدى لهما وتقضي بعدم اختصاصها والإحالة إلى المحكمة المختصة.

وإذ قضت المحكمة بعدم الاختصاص وأغفلت الإحالة وكان المدعى يضار إذا رفع دعوى جديدة أمام المحكمة المختصة إذ يترتب على ذلك زوال كافة الآثار القانونية التي ترتبت على رفع الدعوى الأولى فقد تكون مدة تقادم الحق قد اكتملت عند رفع الدعوى الجديدة بينما ترتب على رفع الدعوى الأولى انقطاعها ويظل هذا الانقطاع حتى يصدر حكم موضوعي نهائي مما يحتم على المدعى عدم التخلي عن دعواه الأولى، وأن المستفيد من هذا القضاء الخاطئ هو المدعى عليه وفي الغالب يكون هو الذي أبدى الدفع، ولما كان الحكم بعدم الاختصاص من الأحكام القطعية التي يجوز استئنافها على استقلال ومن ثم يجب على المدعي الطعن في الحكم طالباً تعديله بإضافة الإحالة إلى المحكمة المختصة لمنطوقه. (انظر بهذا المعنى نقض 1978 / 4 / 13، ويراعى أن الحكم الذي لا يجوز الطعن فيه على استقلال هو الذي يصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها كالحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص.

الإحالة القانونية

إحالة الدعاوى بموجب نص في القانون:

عندما يصدر المشرع قانوناً بتعديل الاختصاص القضائي، سواء بين محاكم جهة واحدة، كجهة القضاء العادي، أو بين محاكم الجهات القضائية، بنقل اختصاص المحاكم العادية إلى جهة قضائية أخرى، كالقضاء الإداري أو هيئة تحكيم، فإنه ينص في القانون على مصير الدعاوى القائمة والتي تناولها التعديل في الاختصاص، وبهذا النص تلتزم المحاكم، فإن جاء النص مطلقاً، أخذ على إطلاقه، فتحال جميع الدعاوى القائمة إلى المحكمة التي انعقد الاختصاص لها دون أية سلطة تقديرية للمحاكم، فلا يحاج المشرع حينئذ بأية اعتبارات أو حقوق مكتسبة، أما إن جاء النص مقيداً، التزمت المحاكم بهذا القيد، ومادام واضحاً جلياً فلا تملك المحاكم تأويله.

فإذا صدر قانون بتعديل الاختصاص القيمي، برفع قيمة الدعاوى التي تنظر أمام محكمة المواد الجزئية، وبذلك يدخل في هذا النصاب الدعاوى التي كانت تنظر أمام المحكمة الابتدائية والتي قدرت قيمتها وقت رفعها بالقيمة التي أصبحت تندرج في الاختصاص القيمي لمحكمة المواد الجزئية، وحينئذ تخضع هذه الدعاوى للنص الذي ينتظمها في القانون الجديد، فإن سكت عن تنظيمها، وكان متعلقاً بالنظام العام، كما لو كان قانوناً معدلاً للاختصاص القيمي أو النوعي أو الولائي، فيسرى بأثر فوري مباشر اعتباراً من يوم العمل به، وإذ تناول بالتعديل قاعدة موضوعية آمرة، فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على جميع الدعاوى القائمة وقت نفاذه، وبالتالي تلتزم المحاكم بإحالة الدعاوى جميعها التي أصبحت من اختصاص محاكم أخرى طالما لم تنقض بحكم بات حائز قوة الأمر المقضي. أما الدعاوى التي انقضت بصدور حكم بات، فتخرج عن نطاق القانون. وبذلك تلتزم جميع المحاكم بالإحالة بما في ذلك محكمة النقض.

أما إذا تضمن القانون تنظيماً للدعاوى التي أصبحت من اختصاص محاكم أخرى، فإنه يجب الالتزام بذلك، فقد يوجب القانون على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى، فإن وقف النص عند هذا الحد، التزمت المحاكم بإحالة جميع الدعاوى القائمة لديها، أيا ما كانت درجاتها، لأن الدعوى تظل قائمة حتى تنقضي بصدور حكم بات، أما قبل صدوره، فتعتبر قائمة ويتعين إحالتها أيا ما كانت المحكمة التي تنظرها حتى لو كانت محكمة النقض. أما إذا لم يقف القانون عند هذا الحد، وإنما استثنى من الإحالة الدعاوى المحكوم فيها قطعياً والمؤجلة للنطق بالحكم فإن تلك الدعاوى تخرج عن نطاق القانون فلا ترد عليها الإحالة، وبالتالي تستثنى الدعاوى التي حجزتها المحكمة للحكم، ولو لم يكن باب المرافعة قد أقفل فيها، كما لو كانت المحكمة قد حجزت الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات أو مستندات، وقبل انقضاء الأجل المحدد لذلك صدر القانون، والمقرر أن باب المرافعة في هذه الحالة يقفل بانقضاء الأجل الذي حددته المحكمة لتقديم المذكرات أو المستندات، وإذا انحصر الاستثناء في حجز الدعوى للحكم ومن ثم تعين الالتزام بهذا النطاق دون التوسع في تفسيره. كما تستثنى الدعاوى التي صدر فيها أو في شق منها حكم قطعي، فقد يقضي في دعوى التعويض بمسئولية المدعى عليه، وهذا قضاء قطعي في شق من الدعوى، ثم تحيل المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصر الضرر، فإن صدر قانون يعدل الاختصاص بعد صدور الشق القطعي، فلا تخضع له الدعوى وتستمر ذات المحكمة في نظرها، ويخضع قضاؤها للاستئناف أمام المحكمة التي يطعن أمامها في القضاء الصادر من تلك المحكمة.

فإن أعادت المحكمة الدعوى للمرافعة، وجب عليها أن تضمن قرارها إحالتها إلى المحكمة المختصة، بشرط ألا تكون قد أصدرت فيها حكماً قطعياً، فحينئذ يظل الاختصاص منعقداً لها فتستمر في نظر الدعوى حتى تصدر حكماً ينهي الخصومة كلها.

وتتم الإحالة بموجب قرار تصدره المحكمة دون حاجة لإصدار حكم بذلك.

وإذا كانت الدعوى سبق إحالتها إلى المحكمة بموجب حكم بعدم الاختصاص والإحالة قبل صدور القانون، وحاز الحكم قوة الأمر المقضي ثم صدر القانون وجعل الاختصاص بذات الدعوى للمحكمة المحيلة، فإن المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى لا تحاج بحجية الحكم السابق فتأمر بإحالة الدعوى للمحكمة التي رفعت إليها من قبل، لأن عدم الاعتداد بالحجية في هذه الحالة تستند إلى إرادة المشرع الذي لا يحاج بالأحكام ولا بالحقوق المكتسبة.

الإحالة القضائية

الإحالة دون التقيد بدرجات المحاكم أو نوعها:

يجب أن يقترن الحكم بعدم الاختصاص بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة دون التقيد في ذلك بدرجات المحاكم، ومن ثم يجوز للمحكمة الجزئية الإحالة للمحكمة الابتدائية أو العكس، وللمحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية الإحالة لمحكمة الاستئناف أو العكس، مثال ذلك أن يرفع استئناف عن حكم صادر من قاضي التنفيذ في منازعة موضوعية إلى المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية في حين أن محكمة الاستئناف هي المختصة به فتقضي المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الاستئناف وتأمر بإحالته إلى محكمة الاستئناف. وقد يرفع استئناف عن حكم صدر من قاضي التنفيذ في منازعة وقتية في التنفيذ أمام محكمة الاستئناف في حين أنه يجب رفعه أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية، فتقضي محكمة الاستئناف بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الاستئناف وإحالته إلى المحكمة الابتدائية، وللمحكمة الاستئنافية إذ ألغت الحكم الذي رفض الدفع بعدم الاختصاص أن تحيل  جدار الدعوى للمحكمة المختصة.

أن الاستئناف إذا رفع بطريق الخطأ، وجب على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها نوعياً بنظره وإحالته إلى المحكمة - الاستئنافية المختصة، وأن الدعوى ومثلها الطعن بالاستئناف، إذا رفع إلى المحكمة الاستئنافية المختصة، ثم صدر قانون بتعديل الاختصاص القيمي وبالتالى تعديل نصاب الاستئناف، فإن طعون الاستئناف المطروحة على المحكمة الاستئنافية تخضع للنصاب الجديد، مما يوجب على المحكمة الاستئنافية أن تأمر ومن تلقاء نفسها بإحالة الطعون التي لم تعد تختص بها إلى المحكمة الاستئنافية التي أصبحت مختصة بها، مثال ذلك أن يصدر حكم في ظل القانون رقم 23 لسنة 1992 من المحكمة الابتدائية في دعوى تجاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه وتقل القيمة عن عشرة آلاف جنيه، وحينئذ يرفع الاستئناف إلى محكمة الاستئناف، وقبل أن تصدر حكماً قطعاً في الموضوع أو في شق منه، أو قبل حجزه للحكم، يصدر قانون برفع اختصاص محكمة المواد الجزئية إلى عشرة آلاف جنيه، أي أن الدعاوى التي لا تجاوز هذا المبلغ أصبح الاختصاص بنظرها للمحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية، أي أن الطعن المطروح أمام محكمة الاستئناف يدخل في حدود هذا النصاب، أصبح من اختصاص المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية، مما يوجب على محكمة الاستئناف إحالة الطعون الداخلة في هذا النصاب إلى المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية.

أما إن كان الاستئناف قد صدر فيه أو في شق منه حكم قطعي، وفقاً لما أوضحناه فيما تقدم، أو كانت المحكمة قد حجزته للحكم، فتستمر في نظره إذ يخرج بذلك عن نطاق القانون الذي نص على الإحالة. فإن أعادت المحكمة الاستئناف للمرافعة، فإنها تضمن قرارها، بإحالته إلى المحكمة المختصة بشرط ألا يكون قد صدر فيه حكم قطعي.

ولا تقتصر الإحالة على محاكم الدرجة الأولى بل تمتد إلى محاكم الدرجة الثانية، ذلك لأن المشرع إذا نهج نهجاً في قانون معين، دل ذلك على ما قصد إليه في قوانين أخرى مماثلة. فقد صدر القانون رقم 91 لسنة 1980 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 وبعد أن نص في المادة الأولى على رفع نصاب محكمة المواد الجزئية من مائتي وخمسين جنيها إلى خمسمائة جنيه، نص في المادة الثانية منه على أن لا تسري أحكام المادة الأولى على الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم الابتدائية أو محاكم المواد الجزئية قبل تاريخ العمل بهذا القانون ولا على الأحكام الصادرة أو التي صدرت من المحاكم المذكورة. مفاده أن هذا القانون يسري على الدعاوى والطعون التي ترفع بعد العمل به، ولو كانت الإحالة تنحصر في الدعاوى التي ترفع أمام محاكم الدرجة الأولى دون الطعون التي ترفع عن الأحكام التي صدرت في هذه الدعاوى، كان المشرع استبعد الطعون من نص المادة الثانية من القانون رقم 91 لسنة 1980.

ومع ذلك قضت محكمة النقض بأنه إذ كان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي صدر من محكمة بورسعيد الابتدائية بتاريخ 1991 / 1 / 27 فإن النعي عليه بالاستئناف يكون أمام محكمة الاستئناف وتكون هذه المحكمة الأخيرة هي المختصة بنظره، ولا محل لإعمال التعديل الوارد بالقانون 23 لسنة 1992 برفع الاختصاص القيمي للمحكمة الجزئية بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تتجاوز قيمتها (خمسة آلاف جنيه بدلاً من (خمسمائة جنيه) والمعمول به من 1992 / 10 / 1 لأن هذا التعديل ينصرف - بداهة - إلى محاكم الدرجة الأولى فقط، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقضى بإحالة الاستئناف إلى محكمة بورسعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) استنادا إلى التعديل الوارد بالقانون 23 لسنة 1992 المشار إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. (نقض 2004 / 7 / 12 طعن 5894 س 64 ق).

قصر الإحالة فيما بين المحاكم الوطنية:

تتضمن قواعد الاختصاص الدولي للمحاكم، تحديد ما إذا كانت المحاكم المصرية مختصة بنظر الدعوى أم لا، فإن كانت مختصة طبقت قانون الدولة التي تشير إليه قاعدة الإسناد التي تضمنها القانون المدني، كقاعدة أن المنازعات العقارية تخضع لقانون موقع العقار، وحينئذ تفصل المحكمة في النزاع وفقاً لأحكام هذا القانون، أما إذا تبين للمحكمة أن الاختصاص ينعقد لمحكمة دولة أخرى، فإنها تقضي بعدم اختصاصها وتقف عند هذا الحد دون إحالة.

الإحالة بين القضاء العادي والإداري:

يدل نص المادة (110) من قانون المرافعات على أن المحكمة إذا قضت - بعدم اختصاصها تعين عليها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة ولو تعلق الاختصاص بالولاية، مفاده أن الدعوى إذا رفعت أمام القضاء العادي وتبين أن القضاء الإداري هو الذي يختص بها، وجب القضاء بعدم اختصاص القضاء العادي بنظرها وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري والعکس.

 الإحالة بين الهيئات القضائية والمحاكم دون اللجان الإدارية:

لا يلزم أن تكون الإحالة بين محكمتين، وإنما يجوز بين محكمة وهيئة ذات اختصاص قضائي أسبغ القانون على الأحكام التي تصدرها ذات الحجية المقررة للأحكام القضائية كهيئات التحكيم قبل العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991، أو بين هيئة قضائية ومحكمة، ويخرج عن هذا النطاق اللجان الإدارية کلجان الطعون الضريبية التي يتعين أن يطرح الممول طعنه أمامها قبل رفع دعواه إلى المحكمة بحيث إذا رفعها مباشرة إلى المحكمة فإنها لا تقضي بعدم اختصاصها وإحالتها إلى لجنة الطعن الضريبي وإنما تقضي بعدم قبول الدعوى، ومثل لجنة الطعن الضريبي لجنة التعويضات عن نزع الملكية للمنفعة العامة واللجان المختصة بتسوية المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون التأمين الاجتماعي.

امتناع الإحالة لمحكمة النقض:

تضمن قانون المرافعات إجراءات التقاضي أمام محكمة النقض، فأوجب رفع الطعن بصحيفة تتضمن بيانات محددة وأن يوقع عليها من محام مقبول أمامها، ومتى أعلنت الصحيفة يتعين على المطعون ضده تقديم مذكرة رداً على أسباب الطعن ترفق بها حافظة بمستنداته وأن يتم ذلك خلال مدة محددة وإلا سقط حقه في أن ينيب عنه محام بجلسة المرافعة، وإذا التزم الميعاد، جاز للطاعن أن يتقدم بمذكرة تعقيباً على مذكرة المطعون ضده ، الذي يثبت له الحق في الرد، وبعد أن تقدم النيابة مذكرتها، تنظر المحكمة الطعن بغرفة المشورة ، فإن لم تجده متوافقاً مع القانون، أصدرت قراراً في شأنه فلا ينظر بالتالي في جلسة علنية ولا يصدر فيه حكم.

ويدل ذلك على أنه لا يجوز إحالة أي طعن أو دعوى إلى محكمة النقض لما يتضمنه حكم الإحالة من تحديد جلسة لنظر الطعن أو الدعوى وهو ما ينال من الحق المقرر لمحكمة النقض من إنهاء الطعن بقرار تصدره في غرفة المشورة، ويفرض عليها سماع مرافعة محامي المطعون ضده بالمخالفة للشروط التي تطلبها قانون المرافعات.

مناط تصدي محكمة النقض للاختصاص والإحالة:

جرى نص المادة (110) مرافعات بأن «على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها فقد رأى المشرع تبسيطاً للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فيها بعدم اختصاصها بنظرها ولو كان القضاء بعدم الاختصاص متعلقاً بالولاية. (نقض 1981 / 12 / 30 طعن 820 س 46 ق).

 وإذ كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، فقد قضت محكمة النقض بإحالة الدعوى إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.

نظر الدعوى أمام المحكمة المحال إليها

اكتساب الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص قوة الأمر المقضي

ويدل نص المادة (110) على أن الحكم متى صدر بعدم الاختصاص من جهة ذات اختصاص قضائي، يكون قد استوفى مقوماته ووجوده حتى لو خالف قواعد الاختصاص الولائي، مما مؤداه حيازته حجية الأمر المقضي أمام محاكم الجهة التي أصدرته وأيضاً أمام جميع الجهات الأخرى ذات الاختصاص القضائي ولو كانت هي الجهة التي كانت تختص ولائياً بالنزاع الذي صدر فيه الحكم.

 وقف الدعوى المحالة حتى يفصل في الطعن :

إذ تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها والحكم فيها عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة (110) من قانون المرافعات، إلا أن ذلك الالتزام مقيد بما أدخله المشرع على المادة (212) من ذات القانون من تعديل يوجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن المرفوع عن الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، مما مفاده أن المحكمة المحال إليها الدعوى أصبحت ملتزمة بنظر الدعوى عندما يحوز الحكم سالف البيان قوة الأمر المقضي، وذلك بعدم الطعن فيه أو بتأييده في حالة رفع الطعن، ولا تلتزم بالفصل في الدعوى طالما ظل ميعاد الطعن مفتوحاً، وعلى مدى الفترة التي ينظر فيها الطعن.

نظر الدعوى أمام المحكمة المحال إليها :

إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها بناء على دفع أو من تلقاء نفسها فإنها تضمن هذا القضاء إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة محلياً أو نوعياً أو ولائياً، وحينئذ تلتزم المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى بنظرها وتعتد بكافة الإجراءات التي اتخذت قبل صدور حكم الإحالة وأن تستكمل الإجراءات التي لم تتم وتنفيذ الأحكام الفرعية التي أصدرتها المحكمة المحيلة دون حاجة لإصدار أحكام فرعية جديدة، فإذا صدر حكم تحقيق أو استجواب أو إلزام الخصم بتقديم مستند تحت يده أو توجيه اليمين الحاسمة، قامت المحكمة الحال إليها بتنفيذ ما لم ينفذ منها، أما إن كانت قد نفذت اعتدت بها عند الحكم في الموضوع كما لو كانت الدعوى قد نظرت أمام محكمة واحدة وإذا كان المدعى عليه قد أبدى طلباً أو دفاعاً في الدعوى قبل إحالتها، مما يسقط حقه في الدفوع الشكلية التي كانت أسبابها قائمة قبل إبداء الطلب أو الدفاع، فلا يجوز له إبداء أي دفع شكلي بعد الإحالة إن كان سببه نشأ قبل إبداء الطلب أو الدفاع، أما الدفوع الشكلية التي تنشأ أسبابها بعد ذلك فيحق له التمسك بها، مثال ذلك أن تشطب الدعوى بعد الإحالة ولا تجدد في الميعاد فيتمسك المدعى عليه باعتبارها كأن لم تكن، أو انقضت مدة سقوط الدعوى فيتمسك المدعى عليه بذلك.

لكن إذا لم يحضر المدعى عليه أي من الجلسات أمام المحكمة المحيلة، فقضي ضده، وكانت عناصر الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن قد توافرت بالنسبة له، جاز له أن يستأنف الحكم ويتمسك بصحيفة الاستئناف بهذا الدفع ليحفظ حقه فيه أمام المحكمة الاستئنافية. فإن تبين لهذه المحكمة أن الحكم المستأنف خالف قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، قضت بإلغاء الحكم وأحالت الدعوى إلى المحكمة المختصة. وحينئذ تلتزم هذه المحكمة بكل الدفوع وأوجه الدفاع التي كانت مطروحة على المحكمة المستأنف حكمها، أما الدفوع التي لم تتضمنها أوراق الدعوى، فلا شأن لها بها. ومثل ذلك الدفع الذي تضمنته صحيفة الاستئناف، إذ لا تعد هذه الصحيفة من أوراق الدعوى، وبالتالي يجب التمسك بالدفع من جديد أمام المحكمة التي أحالت إليها المحكمة الاستئنافية الدعوى حتى يعتبر مطروحاً عليها، وإلا فلا تثريب عليها إن هي التفتت عنه.

أما إذا كان قد حضر أمام المحكمة التي استأنف حكمها، وتمسك بالدفع بأن أثبته بمحضر الجلسة أو بمذكرة، فإن الدفع تتضمنه أوراق الدعوى، ويلزم أن يتمسك به أيضا بصحيفة الاستئناف ، فإن قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة التي أصدرته وأحالت الدعوى للمحكمة المختصة، فإن الدفع في هذه الحالة يعتبر مطروحاً على هذه المحكمة. أما إن كان قد أسقط حقه فيه أمام المحكمة الأولى، امتنع عليه التمسك به أمام المحكمة المحال إليها، لأن الساقط لا يعود.

وتلتزم المحكمة المحال إليها بكل الإجراءات التي تمت أمام المحكمة المحيلة على نحو ما تقدم دون حاجة لإعادتها طالما تمت صحيحة ، فإن تبين لها بطلان أي منها انحصرت الإعادة فيما شابه البطلان لتقيم قضاءها على إجراءات صحيحة وعليها نظر الدعوى كما لو كانت قد رفعت إليها ابتداء، فلها أن تتخذ كافة إجراءات الإثبات التي لم يسبق اتخاذها، وأن توقف الدعوى جزاء وأن تقضي باعتبارها كأن لم تكن، وأن تقرر شطبها.

تغريم المدعى

القضاء بتغريم المدعى:

إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة على نحو ما تقدم، جاز لها في هذه الحالة أن تحكم على المدعي بغرامة لا تجاوز أربعمائة جنيه. وتقضي المحكمة بها إذا تبين لها أن المدعي كان متعنتاً عند رفع دعواه لإجبار خصمه على المثول أمام محكمة غير مختصة رغم وضوح عدم اختصاصها خاصة إذا كان عدم الاختصاص غیر متعلق بالنظام العام مما يتطلب حضور المدعى عليه والتمسك بذلك. كما يجوز للمحكمة القضاء بالغرامة إذا قضت من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص ولو لم يحضر المدعى عليه.

ويعتبر رفع الدعوى على نحو ما تقدم، سلوك غير مألوف مما يتوافر به ركن الخطأ في جانب المدعي سواء قضت المحكمة بتغريمه أو لم تقض بذلك، مما يجوز للمدعى عليه الرجوع عليه بالتعويض وفقاً للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 681)

أوجب القانون علي المحكمة المحال إليها الدعوى أن تلتزم بحكم الإحالة وأن تنظر الدعوى المحالة إليها ولو أخطأ الحكم الصادر بالإحالة غير أن هذا لا يمنع المحكوم ضده من أن يستأنف الحكم الصادر بالإحالة أو الطعن عليه بالنقض.

ويلاحظ أنه وإن كان حكم الإحالة ملزم للمحكمة المحال إليها بمعني أنه يتعين عليها أن تفصل في الدعوى المحال إليها إلا أن هذا الالتزام محدود بالأسباب التي بني عليها حكم الاختصاص والإحالة فإذا رأت أنها غير مختصة بسبب آخر قضت بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إلي المحكمة المختصة فإذا كانت المحكمة المحلية قد قضت بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة التي رأت اختصاصها بها محلياً التزمت هذه المحكمة بهذا القضاء لكنها إذا رأت أنها لا تختص بالدعوى نوعياً أو قيمياً قضت بعدم اختصاصها وبإحالتها إلى المحكمة المختصة بها نوعياً أو قيمياً. وتمتد حجية حكم الإحالة إلي الأساس التي بنيت عليه الإحالة فإذا كانت قد بنيت على أساس تقدير قيمة الدعوى بقيمة معينة تقيدت المحكمة المحال إليها بهذا التقدير ولو كان خاطئاً مادام لم يطعن فيه.

وإذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن النزاع يتعين طرحه أولاً على جهة معينة ثم يكون الطعن فيه أو التظلم منه أمام المحكمة كما هو الشأن في تقدير أجرة المساكن إذا ينبغي صدور قرار من لجنة تحديد الأجرة ثم يطعن فيها أمام المحكمة أو كما هو الشأن بالنسبة للطعن على تقدير الضريبة أمام لجنة الطعن بمصلحة الضرائب ثم الطعن على تقدير اللجنة بعلم ذلك أمام المحكمة وكذلك الطعن على تقدير المساحة عن نزع الملكية للمنفعة العامة إذا يتحتم عرض النزاع أولاً علي لجنة إدارية ثم الطعن عليه أمام المحكمة ففي كل هذه الحالات إذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجوب عرض النزاع أولاً علي أحد اللجان السابقة فإن المحكمة تقف عند الحكم بعدم القبول دون أن تحيل الدعوى إلي أحدي تلك اللجان.

وقد ذهبت رأي إلي أن نص المادة أوجب الإحالة ولو كان القضاء بعدم الاختصاص بسبب الولاية وان نصه في هذا الشأن عام مطلق غير مخصص وأنه إن كانت المذكرة الإيضاحية تشير إلي جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري إلا أنها لا تقوم حجة في هذا الشأن لما هو مقرر في قواعد التفسير من بقاء النص المطلق على إطلاقه إلى أن يخصص بأداة مماثلة له في القانون وينتهي هذا الرأي إلي وجوب إعمال حكم النص كلما تعلق الاختصاص بعدم الولاية كما لو قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا لدخول الدعوى في اختصاص لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي تنفرد بنظر النزاع فإنه عليها إحالة الدعوى إلي هذه اللجنة وعليها أن تلتزم بقرار الإحالة وبالمثل فإن هذه اللجان إذا قضت بعدم اختصاصها بنظر النزاع أن تحليه إلي المحاكم العادية (كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 699، وفتحي والي قانون القضاء المدني طبعة سنة 1933 ص 287 و القانون القضائي الخاص لإبراهيم نجيب بند 213) واتجه رأي آخر بأنه لا يجوز أن تحيل المحكمة عند قضائها بعدم الاختصاص الدعوى إلي لجنة التحكيم أو اللجان القضائية الأخرى كما لا يجوز لتلك اللجان إذا قضت بعدم اختصاصها أن تحليل النزاع المرفوع إليها  إلي المحاكم العادية أو الإدارية وإن صدر حكم أو قرار بالإحالة على خلاف ذلك كان غير ملزم للجهة المحال إليها، ذلك أن نص المادة صریح موجه إلي المحاكم وليس إلي اللجان وأن الإحالة لا تكون إلا إلي المحكمة وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية هذا فضلا عن أن إجراءات رفع الطلب أو الشكوى أمام الهيئات القضائية التي لا تعتبر محاكم يختلف عن إجراءات رفع الدعوى أمام المحاكم (من هذا الرأي للدكتور أبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 485). إلا أن محكمة النقض قد حسمت هذا الخلاف بالرأي الأول .

وإذا استؤنف الحكم الصادر بالإحالة ورأت محكمة الاستئناف أن المحكمة المحال إليها الدعوى غير مختصة تعين عليها أن تلغي الحكم وتحيل الدعوى إلي المحكمة المختصة وإذا قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم الاختصاص وقضت في الموضوع ثم استؤنف الحكم وتبين لمحكمة الاستئناف أن المحكمة التي أصدرت الحكم غير مختصة فإن الرأي الذي أعتنقناه ونادينا به في الطبعة السابقة مؤداه أن عليها إلغاء الحكم وإحالة الدعوى إلي المحكمة المختصة إلا أن الرأي الغالب في الفقه يرى أن تقضي المحكمة الاستئنافية ببطلان حكم أول درجة لصدوره من محكمة غير مختصة وتنتهي سلطتها عند هذا الحد فليس لها تحكم بإحالة الدعوى إلي محكمة أول درجة المختصة بها وفقاً للمادة 110 مرافعات وحجته في ذلك أن هذه المادة تنظم الإحالة من المحكمة بعد أن تحكم بعدم اختصاصها وليس بعد الحكم بعدم اختصاص محكمة غيرها (فتحي والي في قانون القضاء المدني طبعة سنة 1993 ص 286 ودكتور وجدي راغب مبادئ القضاء المدني سنة 1987 ص 293 وأمنية النمر قوانين المرافعات الكتاب الأول ص 683).

وفي تقديرنا أن هذا الرأي تخصيص للنص بغير مخصص .

وإذا قضت محكمة الاستئناف بعدم اختصاصها بالاستئناف نوعياً أو قيمياً أو محلياً تعين عليها أن تحيل الدعوى إلي محكمة الاستئناف المختصة كما إذا رفعت منازعة أمام قاضي التنفيذ وكيفها أحد الخصوم علي أنها منازعة وقتية واستئنافها أمام المحكمة الابتدائية منعقده بهيئة استئنافية و تبين للمحكمة الابتدائية أنها منازعة تنفيذ موضوعية وتزيد قيمتها علي 10000 جنيه فإنه يتعين علي المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وإحالتها لأحدي دوائر محكمة الاستئناف والعكس صحيح كما إذا رفعت منازعة لقاضي التنفيذ وكيفها أحد الخصوم خطأ بأن قيمتها تزيد على 10000 جنيه و استئنافها أمام محكمة الاستئناف فإنه يتعين علي محكمة الاستئناف في هذه الحالة إحالة الدعوى للمحكمة الابتدائية وكذلك الحال فيما إذا أخطأ الخصم واستأنف الدعوى أمام محكمة استئناف غير مختصة محلياً بنظر الاستئناف، فإنه يتعين عليها أن تقضي بعدم اختصاصها محلياً وإحالة الدعوى للمحكمة المختصة وقد ثار الخلاف فيما إذا كان رفع الاستئناف إلى محكمة غير مختصة ينتج أثره وقد أوضحنا ذلك في التعليق على المادة 230.

وإذا حكمت المحكمة المحال إليها الدعوى بعدم الاختصاص لسبب آخر غير السبب الذي من أجله أصدرت المحكمة حكمها بعدم الاختصاص والإحالة كما في الحالات التي سبق الإشارة إليها فإنه لا يجوز الطعن علي هذا الحكم بالنقض أو الاستئناف بحجة صدوره مخالفاً لحكم آخر وفقاً لنص المادتين 249 ، 222 مرافعات لأن مبنى الحكم بعدم الاختصاص في هذه الحالة من المحكمة المحال إليها مختلف عن مبنى صدور الحكم بعدم الاختصاص والإحالة من المحكمة المحيلة كما أن هذا الوضع لا يمثل تنازعاً سلبياً في الاختصاص ( الدكتورة أمينة النمر في قوانين المرافعات الكتاب الأول ص 631 وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأي في أحكامها الحديثة.

وإذا رفع إشكال في التنفيذ وقضت فيه المحكمة بعدم الاختصاص والإحالة إلي المحكمة المختصة فإنه لا يترتب على هذا الحكم أنهاء الخصومة في الإشكال وليس من شأنه أن يزيل صحيفته وإنما هو ينقل الدعوى إلى المحكمة المحال إليها التي يتعين عليها أن تنظرها بحالتها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي احالتها ويعتبر صحيحاً أمامها ما تم إجراءات من قبل الإحالة بما في ذلك صحيفة الإشكال وأثرها الواقف التنفيذ لأن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا ينهي الخصومة في الإشكال .

يتعين على محكمة الاستئناف إذا ألغت الحكم المستأنف لعدم اختصاص المحكمة التي أصدرته أن تحيل الدعوى للمحكمة المختصة :

ذهب رأي في الفقه إلى أن الإحالة إلى المحكمة المختصة لا يكون إلا إذا صدر الحكم بعدم الاختصاص من محكمة أول درجة : أما إذا ألغت محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة لأنه صدر من محكمة غير مختصة فإن على محكمة الاستئناف أن تقف عند هذا الحد ولا تحيل الدعوى للمحكمة المختصة ويكون على المدعي أن يرفع دعواه ابتداء أمام المحكمة المختصة، وهذا الرأي يفتقر إلى سنده القانوني بعد تعديل المادة 110 بالقانون رقم 23 سنة 1992 ذلك أن نص المادة جاء عاماً فنص على المحكمة وهو لفظ ينصرف إلى محكمة أول درجة وإلى محكمة الاستئناف، كما أن نص المادة 240 من قانون المرافعات جرى على أن تسري على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى، سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام ما لم يقض القانون بغير ذلك ، وإعمالاً لهذا النص فإن ما ينظمه المشرع بالمادة 110 من وجوب أمر محكمة أول درجة بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة إذا قضت بعدم اختصاصها يسري على الاستئناف، ولو أخذ بالرأي السابق من أن محكمة الاستئناف تقف عند الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة فإن محكمة الاستئناف بذلك تكون قد أهدرت صحيفة الدعوى التي لم يشبها أي شائبة تبطلها وألغت ما ترتبه تلك الصحيفة من آثار ومنها قطع التقادم، وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأي في أحدث أحكامها. (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثالث ،  الصفحة : 176)

تعريف الإحالة وحكمتها: الإحالة في نقل الدعوى من المحكمة المرفوعة إليها ابتداء إلى محكمة أخرى، ولذا لا يعد من قبيل الإحالة القضائية بالمعنى الفني نقل الدعوى من دائرة إلى أخرى، ويطلق على نقل الدعوى من دائرة إلى أخرى لمخالفة قرار الجمعية العمومية بالتوزيع الداخلى للعمل إحالة إدارية أو داخلية، أما نقل الدعوى إلى دائرة أخرى مرفوعة أمامها ذات الدعوى، أو بسبب الارتباط فيسمى (ضماً)، ولا يجوز نقل الدعوى من دائرة إلى أخرى بناء على اتفاق الخصوم (وجدي راغب - مبادئ القضاء المدني - ص 291 وهامشها)، وينظم القانون أربعة أسباب للإحالة: وهي الإحالة بسبب عدم الاختصاص والإحالة بسبب اتفاق الخصوم، والإحالة بسبب وحدة الدعوى أمام محكمتين، والإحالة بسبب الارتباط.

والحكمة من الإحالة الاقتصاد في الوقت وفي الإجراءات والنفقات حتى لا يتحمل المدعي أعباء رفع دعوى جديدة، فإمعانا في التيسير قرر المشرع في المادة 110 - محل التعليق - قاعدة مؤداها أنه إذا رفعت دعوى إلى محكمة غير مختصة وقضت بعدم اختصاصها سواء على أساس تمسك الخصم بذلك أو على أساس أن عدم الاختصاص من النظام العام، فإنه يتعين على المحكمة أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة، فقد حرص المشرع ألا يتحمل المدعي بعد الحكم بعدم الاختصاص أو انتفاء الولاية مشقة إعادة رفع الدعوى من جديد أمام المحكمة المختصة بها أو الجهة ذات الولاية بها، ومشقة إعادة الإجراءات التي تمت في الخصومة من جديد، وقد تكون مسألة الولاية أو الاختصاص من الصعوبة بحيث يكون المدعى معذوراً في خطئه بشأنها، فقد يقع المدعى عند رفع الدعوى في خطأ مغتفر بسبب دقة وتعقيد قواعد الاختصاص (رمزی سيف - بند 329 ص 388 وص 389، فتحی والی - بند 188 ص 281 ص 282، إبراهيم سعد ج 1 بند 212 ص 524 وهامشها)، فإن لم يكن للمدعي عذر في رفع الدعوى خطأ، جاز للمحكمة وفقاً للمادة 110 إلزامه بغرامة لا تتجاوز أربعمائة جنيه.

الإحالة وجوبية وإلزامية: كانت الحالة في القانون الأسبق جوازية فجعلها المشرع وجوبية وقرر من جهة أخرى في المادة 110 أنه يتعين على المحكمة التي تحال إليها الدعوى أن تحترم قرار الإحالة وتلتزم به بمعنى أنه لا يجوز لها أن تقضي بعدم اختصاصها بل يجب أن تمضي في نظر الدعوى موضوعياً، ويستوي في ذلك أن تكون المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى من نفس طبقة المحكمة المحيلة أو من طبقة أعلى أو أدني (عبد الباسط جمیعی - ص 116)، فالإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص هي دائماً واجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، سواء قضت المحكمة بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها أو بناء على دفع، وسواء كان عدم اختصاصها متعلقاً بالنظام العام من عدمه. وهكذا فإن الإحالة وجوبية من ناحية، وإلزامية من ناحية أخرى فهي واجبة على المحكمة التي تقضي بعدم اختصاصها، وهي ملزمة للمحكمة التي أحيلت إليها الدعوى، وسوف نوضح تفصيلات ذلك لأن في البنود التالية .

- فالحكم بعدم الاختصاص والإحالة يقيد كلا من المحكمتين، وذلك تبسيطاً للإجراءات ورعاية لمصلحة الخصوم حتى لا تتردد الدعوى بين المحكمة التي أحالتها وبين المحكمة المحال إليها، مما يؤدى إلى حرمان صاحب الحق من الحصول على الحماية القضائية (رمزي سیف - بند 329 ص 394، ابراهيم سعد جـ 1 ص 525).

وتكون الإحالة في جميع حالات الحكم بعدم الاختصاص أي حتى لو كان عدم الاختصاص متعلقاً بولاية المحاكم، وقد تضمنت على ذلك المادة 110 - محل التعليق : مستحدثة بذلك حكماً هاماً في القانون الحالي، وذلك لأن الإحالة في القانون السابق لم تكن تجوز من جهة قضائية إلى جهة قضائية أخرى، أي في حالة عدم الاختصاص الوظيفي .

فقد أصبحت الإحالة واجبة على المحكمة سواء قضت بعدم اختصاصها محلياً أو قيمياً أو نوعياً أو وظيفياً، وإنما إذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، لوجوب عرضها مثلاً على لجنة تقدير القيمة الإيجارية أولاً أو لجنة الطعن بمصلحة الضرائب، فإنها لا تقضى الإحالة.

(نقض 17/ 4/ 1974 ، لسنة 25 ص 698).

- وترى عدم تطبيق نص المادة 110 - محل التعليق - على المحاكم الخاصة التي يدخل في تشكيلها عناصر غير قضائية وأيضاً عدم تطبيقه على اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي (راجع تفصيلات ذلك: للمؤلف - اختصاص المحاكم الولائي والدولي - دار النهضة العربية - بند 73 ص 132 وما بعدها)، فيطبق النص على محاكم جهة القضاء المدني وجهة القضاء الإداري والمحاكم الخاصة المنصوص عليها في صلب الدستور، أو التي تنشأ بمقتضى قانون بشرط أن يكون تشكيل هذه المحاكم الخاصة من قضاة ولا يدخل في تشكيلها أي عنصر غير قضائي، ولا يطبق النص على اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي، لأن المشرع يخاطب بنص المادة 110 المحاكم وحدها، بل إن المذكرة الإيضاحية أشارت إلى محاكم جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري فقط، كما أن اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي (وكذلك بعض المحاكم الخاصة) قد لا يتوافر في تشكيلها العنصر القضائي الذي يدرك وحده تحديد وتعيين المحكمة التي سوف تحال القضية إليها والمختصة بها محلياً ونوعياً، أضف إلى ذلك أن إجراءات رفع الطلب أو الشكوى أمام اللجنة الإدارية ذات الاختصاص القضائي تختلف عن إجراءات رفع الدعوى أمام المحاكم وفقاً لقانون المرافعات، وإذا كان رفع الطلب إلى اللجنة الإدارية ذات الاختصاص القضائي بالصورة المقررة في نص استثنائي، فإن ذلك لا يكون إلا في الحالات الاستثنائية التي تختص بها تلك اللجان، ومن ثم لا يجوز رفع طلب لا تختص به إليها، ولا يجوز لها أن تحيله إلى المحاكم وإلا معنى هذا أن يرفع طلب إلى المحاكم العادية بغير الطريق المقرر في قانون المرافعات وهذا أمر يتعلق بالنظام العام (قرب أحمد أبو الوفا - التعليق - الطبعة الخامسة سنة 1987 - ص 482 - 483، ويرى أن نص المادة 110 ينطبق فقط على محاكم جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري ولا تطبق على اللجان أو الهيئات القضائية الأخرى، وانظر أيضاً نقض مدنی 17/ 4/ 1974 المشار إليه آنفاً، وقارن عكس ذلك فتحی والی - الوسيط طبعة 1986 - ص 285، حيث يرى أنه تجب الإحالة ولو كانت الدعوى تدخل في ولاية لجنة ذات اختصاص قضائي على أساس أن المادة 110 توجب الإحالة ولو تعلق الأمر بانتفاء الولاية وعلى أساس أن اللجنة تعتبر - وهي تباشر اختصاصها القضائي - محكمة . ومن هذا الرأي أيضاً كمال عبد العزيز - ص 257، حيث يرى أن نص المادة 110 جاء عاماً مطلقاً بغير مخصص)، ونعتقد أن الحق أنه يصعب القول بأن اللجنة الإدارية ذات الاختصاص القضائي تعتبر محكمة خاصة، إذ أن تشكيلها يتضمن عناصر غير قضائية والإجراءات أمامها تختلف في كثير من الأحوال عن الإجراءات أمام المحاكم، كما أن الاحتجاج بأن نص المادة 110 مرافعات جاء عاماً مطلقاً، لا يسعف في هذا الصدد لأن النص جاء عاماً بالنسبة للمحاكم، ويتحدث المشرع في هذا النص عن الإحالة من محكمة مختصة إلى محكمة غير مختصة وليس من لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي أو إليها (راجع تفصيلات ذلك - مؤلفنا: اختصاص المحاكم الولائي والدولي المشار إليه آنفاً ص 132 وص 134 وص 135).

إلتزام مجلس الدولة بالفصل في القضايا المحالة إليه من جهة القضاء العادي: ويطبق نص المادة 110 محل التعليق - بالنسبة لمحاكم القضاء الإداري، إذ تلتزم جهة القضاء الإداري بإعمال المادة 110 مرافعات، كما يجوز لها أن تحكم بالغرامة عملاً بها (أحمد أبو الوفا ۔ التعليق - ص 480 وص 483) إذ تنص المادة 3 من قانون إصدار كل من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، والقانون رقم 47 لسنة 1972، على وجوب تطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة، ولما كان هذا القانون خالياً من أية إجراءات خاصة بالإحالة، فمن الواجب على المحاكم الإدارية إعمال المادة 110 مرافعات.

ولما كان من المقرر - عملاً بصريح نص المادة 110 مرافعات، إن المحكمة المحال إليها الدعوى تلتزم بنظرها ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتأسيساً على ذلك إذا قضت جهة القضاء العادي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى القضاء الإدارى فعلی محاكم تلك الجهة أن تلتزم بنظرها والفصل فيها دون أن تعاود البحث في مسألة الاختصاص الولائي لها، إذ من شأن التزام جهتى القضاء العادي والإداري بذلك القضاء على حالات التنازع السلبي للاختصاص ولازم ذلك أنه يمتنع على القضاء الإداري في هذه الحالة أن يحكم بعدم الاختصاص .

ويطبق نص المادة 110 مرافعات - محل التعليق - أمام كل من محكمة الدرجة الأولى ومحكمة ثاني درجة، وذلك أياً كانت طبقة المحكمة أو تخصصها، ولذلك فإن على المحكمة الجزئية بعد الحكم بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة، وعلى المحكمة الابتدائية بعد الحكم بعدم اختصاصها إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة بها سواء كانت المحكمة الجزئية أو محكمة التنفيذ المختصة نقض 10 /2/ 1976 - منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة سنة 1978 - العدد الأول - بند 14 ص 161)، أو أي محكمة متخصصة كمحكمة العمال (فتحى والى - ص 284 و ص 285).  

وتجب الإحالة من محكمة الاستئناف إلى محكمة استئناف أخرى إذا قضت بعدم اختصاصها محلياً، كما يجب على محكمة الاستئناف الحكم بالإحالة إلى محكمة الدرجة الأولى المختصة، إذا قضت بعدم اختصاص محكمة الدرجة الأولى، وإلغاء الحكم الصادر منها، وذلك لأن حكمة النص متوافرة سواء قضت المحكمة بعدم اختصاصها هي، أم قضت بإلغاء حكم صادر باختصاص محكمة أخرى، وإذا كانت الإحالة بمقتضى القانون الحالى جائزة من جهة قضاء إلى أخرى، فإنها تجوز من محكمة الدرجة الثانية التي قضت بإلغاء حكم محكمة الدرجة الأولى لعدم اختصاصها بنظر النزاع، وعندئذ تحيل إلى محكمة الدرجة الأولى التي تراها بنظر النزاع، وإذا كان يجب على محكمة الدرجة الأولى إذا قضت بعدم اختصاصها بنظر  دعوى معينة أن تحيلها إلى المحكمة التي تراها مختصة، فإنه من باب أولى يكون على محكمة الدرجة الثانية إذا قالت كلمتها أن تحيل الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى المختصة أن هي ألغت حكماً صادراً من محكمة غير مختصة (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 144 من 284 وص 285)، وقد قضت محكمة النقض بأن قضاء محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف باعتبار أنه صادر من قاضي التنفيذ في منازعة وقتية يوجب القضاء بإحالة الاستئناف إلى المحكمة الابتدائية المختصة (نقض 13/ 4/ 1978، الطعن رقم 81 سنة 45 قضائية)، وقارن مع ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق الصادر سنة 1949، وأيضاً إبراهيم سعد ج 1 ص 525 و 526 وهامشها، حيث يرى أنه إذا استؤنف حكم صادر من محكمة أول درجة على أساس أنها كانت غير مختصة، وحكمت محكمة الاستئناف ببطلان هذا الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة فإنها لا تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة، إذ أن حكمها هنا ينطوي على تقرير عدم اختصاص محكمة أخرى ولا يتعلق باختصاصها الذاتي، فنص المادة 110 يطبق فقط على محكمة الاستئناف إذا حكمت بعدم اختصاصها هي فعليها أن تحيل الدعوى إلى محكمة الاستئناف المختصة، ومثال ذلك إذا رفع الطعن إلى محكمة استئناف طنطا وكانت غير مختصة بنظر الطعن في هذا الحكم لصدوره من محكمة تتبع دائرة محكمة استئناف الإسكندرية فإنها تحكم بعدم اختصاصها، وبإحالة الدعوى إلى هذه المحكمة الأخيرة. أما إذا رفع الطعن إلى محكمة استئناف الإسكندرية أصلاً، وقضت ببطلان الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة، فإنها لاتحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة (إبراهيم سعد - الإشارة السابقة).

ويلاحظ أن هناك اتجاها في القضاء إلى عدم إعمال نص المادة 110 التي تلتزم بالإحالة في حالة ما إذا كانت الدعوى من اختصاص محكمة النقض فقد قررت محكمة النقض أن الطلبات التي يرفعها رجال القضاء وفقاً للمادة 8 من قانون السلطة القضائية يجب أن ترفع إلى محكمة النقض، فإن رفعت إلى المحكمة الابتدائية فإن الطلب يكون غير مقبول، وليس لهذه المحكمة أن تحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى محكمة النقض، بالالتجاء إلى محكمة النقض لا يكون بطريق الإحالة، وإنما وفقاً للإجراءات التي حددها القانون للإلتجاء إليها (نقض 2/ 3/ 1983 ، في الطلب رقم 229 ق رجال القضاء، و 9/ 2/ 1981، في الطلب رقم 274 لسنة 51 قضائية رجال القضاء، نقض مدني 25 / 12/ 1975 -  مجموعة النقض سنة 26 ص 98 رقم 27).

كما قضت محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة بأن المادة 35 من قانون 480 لسنة 1969، رسم طريق الطعن في انتخابات رئيس وأعضاء نقابة الأطباء البيطريين أمام محكمة النقض. فإذا رفع أمام قاضي الأمور المستعجلة فعلى المحكمة الحكم بعدم اختصاصها، ولكن دون إحالة إلى محكمة النقض الأمور المستعجلة 21/ 7/ 1977  - المحاماة 58 - العددان 1 و 2 ص 84).

- ويعمل بنص المادة 110 - محل التعليق - أمام القضاء المستعجل متى قضى بعدم اختصاصه محلياً بنظر الدعوى (فتحی والی ۔ ص 284، أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 148 ص 293، أحمد مسلم - بند 234، كمال عبد العزيز - ص 258)، ويلاحظ أن القاضي المستعجل لا يملك الإحالة عملاً بالمادة 110 إلا إذا حكم بعدم اختصاصه محلياً، وذلك لأن حكم الإحالة عملاً بالمادة 110 هو حكم بفرض الاختصاص على المحكمة المحال إليها الدعوى، وهذا مما لا يملكه القاضي. المستعجل لمساسه بالموضوع، وإن كان يملكه بصدد الاختصاص المحلي للدعوى المستعجلة (أحمد أبو الوفا : نظرية الدفوع بند 148 ص 293 والتعليق - ص 484 وص 485).

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا حكم القاضى المستعجل بعدم اختصاصه بنظر الدعوى لعدم توافر الاستعجال أو المساس بأصل الحق، فإن هذا القضاء ينهى الخصومة أمامه ولا يبقى منها ما يجوز إحالته لمحكمة الموضوع طبقاً للمادة 110 مرافعات، أولاً لأن هذا القضاء يتضمن رفضاً للدعوى لعدم توافر الشرطين اللازمين لقبولها وهما الاستعجال وعدم المساس بالحق، وثانياً لأن المدعی طلب في الدعوى الأمر باتخاذ إجراء وقتي وهذا الطلب لا تختص به استقلالاً محكمة الموضوع، ولا تملك المحكمة تحويره من طلب وقتي إلى طلب موضوعی، لأن المدعي هو الذي يحدد طلباته في الدعوى (نقض 21/ 12/ 1977، الطعن رقم 295 لسنة 43 قضائية، ونقض 22/ 6/ 1977، الطعن رقم 772 لسنة 43 قضائية).وانظر أيضا نقض 18/ 2/ 1986 ، الطعن رقم 1360 سنة 51 قضائية، وانظر في أنه إذا رفعت أمام قاضي الأمور المستعجلة دعوى موضوعية، فإنه يحكم بعدم اختصاصه بها وبإحالتها إلى محكمة الموضوع المختصة - فتحی والی ص 284 ، وقارن أيضاً: أمينة النمر - مناط الاختصاص والحكم في الدعوى المستعجلة - بند 146، حيث ترى جواز الإحالة في جميع الأحوال.

الإحالة غير ملزمة للخصوم : رغم أن الحكم بعدم الاختصاص وبالإحالة يلزم المحكمة المحال إليها بنظر الدعوى، إلا أنه لا يلزم الخصوم ولا يخل بحقهم في الطعن عليه بمعنى أنه إذا قضت المحكمة التي رفعت إليها الدعوى بعدم اختصاصها وبإحالة القضية إلى المحكمة التي تراها مختصة، فإنه يجوز لمن يتضرر من ذلك من الخصوم أن يطعن في هذا الحكم، ولا يعتبر تعرضه للموضوع أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى رضاء منه بالإحالة مانعاً من الطعن في الحكم الصادر بها، ويرى البعض أن هذه ثغرة في التشريع قد تؤدي إلى نتائج غير مستحبة، إذ أن المحكمة التي تحال إليها الدعوى ستمضي في نظرها موضوعياً، في حين أن الحكم بعدم الاختصاص يكون مستأنفاً، وقد يحكم استئنافياً بإلغائه مما يقتضى إعادة نظر الدعوى موضوعياً أمام المحكمة الأولى التي قضت بعدم اختصاصها وبالإحالة، وقد يحدث ذلك بعد أن تكون المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى قد قطعت مرحلة طويلة في نظرها موضوعياً او حكمت فعلاً في موضوعها، مما يقتضي استئناف حكمها الموضوعي وإلغائه على أساس صدوره من محكمة تبين أنها غير مختصة (عبد الباسط جمیعی - ص 116 وص 117).

وحل هذه المشكلة لا يتأتى إلا إذا قضت المحكمة التي أحببت إليها الدعوى بإيقافها لحين الفصل في استئناف الحكم الصادر بالإحالة على أساس عدم الاختصاص - وهذا أمر تملكه الحكمة متى قدرت أن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل أولاً في مسألة الاختصاص - فإذا لم تر المحكمة إيقاف الدعوى، فإنه يجدر بها على الأقل أن تتريث في نظر الدعوى فتؤجلها بقدر الاستطاعة إلى أن يمضي ميعاد الاستئناف بالنسبة لحكم عدم الاختصاص أو إلى أن يقتضي في الاستئناف المرفوع عن حكم الإحالة، وهذا أمر متروك على كل حالة لحكمة القضاء وفطنته (عبد الباسط جميعي - الإشارة السابقة).

ومن المتصور أن يتجاهل المدعي حكم الإحالة، ويقيم الدعوى من جديد أمام المحكمة التي يراها هو مختصة بنظر النزاع، وعندئذ يتحمل مغبة تصرفه، مع وجوب مراعاة . إقامتها في الميعاد قبل سقوطها بالتقادم، كما إذا أقامها أمام جهة قضائية أخرى غير الجهة التي صدر منها الحكم بعدم الاختصاص والإحالة (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - ص 289).

 - لا مجال للإحالة في بعض الحالات: هناك بعض الحالات تقتصر فيها المحكمة على الحكم بعدم اختصاصها دون الإحالة، ومن ذلك حالة ما إذا كانت جميع المحاكم لاتختص بنظر النزاع، كما هو الحال بالنسبة إلى المنازعات المتعلقة بأعمال السيادة، وإذا كانت هذه المنازعات لاتقبل أيضاً بسبب انتفاء سلطة الخصم بصددها في الإلتجاء إلى القضاء، إلا أن المحكمة عليها أولاً النظر في اختصاصها بنظر الدعوى أو عدم اختصاصها بنظرها، وبالتالي في تحكم أولاً في اختصاصها بنظرها، ثم تتدرج بعدئذ إلى النظر في قبولها أو عدم قبولها في حالة اختصاصها بنظرها، فجميع المنازعات التي لا تختص بها جميع القضاء تقتصر فيها المحكمة على الحكم بعدم اختصاصها بنظرها أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 44 مكرراً ص 285 ص 286).

وحالة ما إذا كانت جميع محاكم الجمهورية لا تختص بالدعوى بسبب اختصاص محكمة أو محاكم أجنبية بنظرها، كالدعاوى العقارية المتعلقة بعقار في الخارج (مادة 28 مرافعات)، وحالة ما إذا كانت جميع المحاكم لا تختص بنظر النزاع، وإنما تختص به لجنة إدارية، أو لجنة ذات اختصاص قضائى كما مضت الإشارة، فإن المحكمة المرفوع إليها النزاع تقتصر على الحكم بعدم اختصاصها بنظره (أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة، وانظر أيضاً للمؤلف - اختصاص المحاكم الولائي والدولي - المرجع السالف الذكر (بند 73 ص 132 وما بعدها).

وكذلك لا تتصور الإحالة في حالة إذا حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها (نقض 17/ 4/ 1974 - السنة 25 ص 698)، أو بأي قضاء آخر مانع من نظر الدعوى (فتحی والی - بند 188 ص 285)، فلا يتصور بعده إحالة إلى محكمة أخرى، لأنه ليس قضاء بعدم الاختصاص، كما أنه لا مجال للإحالة بعده من الناحية المنطقية لأنه مانع من نظر الدعوى.

عدم خضوع إحالة القضية من دائرة إلى أخرى للمادة 110 - محل التعليق: لاتخضع لحكم هذه المادة إحالة القضية من دائرة إلى أخرى، وقد مضت الإشارة إلى ذلك فيما تقدم عند تعريفنا للإحالة ولاتلزم هذه الإحالة الدائرة المحال إليها القضية بنظرها ولاتمنعها من الحكم بعدم اختصاص المحكمة، كما أنه هذه الإحالة لا يسرى عليها ما تنص عليه المادة 113 من تحديد جلسة أمام المحكمة المحال إليها الدعوى ووجوب قيام قلم الكتاب بإخبار الغائبين من الخصوم بها.

نقض 8/ 11/ 1981 - في الطعن رقم 769 لسنة 48 قضائية، نقض 2/ 12/ 1964 السنة 15 ص 1087، فتحی والی - بند 188 ص 283).

المقصود بكلمة «بحالتها» الواردة في نص المادة 110 : وفقاً للمادة 110 محل التعليق - إذا حكمت المحكمة بعدم اختصاصها أمرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، والمقصود بكلمة بحالتها الواردة في النص، أي أن الدعوى تحال بما اشتملت عليه من إجراءات وأحكام فرعية وما تم أمام المحكمة المحلية صحيحاً يبقى صحيحاً أمام المحكمة المحال إليها الدعوى ويجوز للخصوم التمسك به، وتتابع الدعوى سيرها أمام هذه المحكمة الأخيرة على الحالة التي وقفت عليها أمام المحكمة التي احالتها.

(نقض 20/ 6/ 1963 - السنة 14 رقم 896)

ويجوز للخصوم أن يبدوا ما يرونه من أوجه دفاع وطلبات لم تبد أمام المحكمة الأولى، ما لم يكن قد سقط حقهم في ذلك، كلما حكمت المحكمة بالإحالة كان عليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى، وعلى قلم أخبار الغائبين من الخصوم بذلك بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول ( مادة 113 مرافعات ) .

إذن طبقاً للمادة 110 تحال الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، إلى أن ما تم صحيحاً من أعمال الخصومة قبل الإحالة يبقى صحيحاً، بما في ذلك صحيفة الدعوى، وتتابع الدعوى سيرها أمام المحكمة المحال إليها الدعوى من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي احالتها. (نقض 16/ 3/ 1977 في الطعن رقم 668 لسنة 42 قضائية ) ويمكن للمحكمة المحال إليها الدعوى الأخذ بتقرير خبير منتدب من المحكمة المحلية. (نقض إيجارات 22/ 2/ 1982، في الطعن رقم 616 لسنة 47 قضائية )، وإذا ما تمت تهيئة الدعوى للمرافعة بإجراءات صحيحة أمام المحكمة المحيلة فلا يقتضى الأمر من المحكمة المحال إليها اتخاذ إجراءات جديدة. (نقض - إيجارات 10/ 12/ 1984، في الطعن رقم 1188 لسنة 49 قضائية).

ويلاحظ أنه إذا كانت الإحالة قد تمت نتيجة لحكم من محكمة الطعن بإلغاء الحكم المطعون فيه لصدوره من محكمة غير مختصة وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة بها، فعندئذ تحال الدعوى إلى المحكمة المختصة بحالتها التي انتهت بها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ولا يكون ما طرح أمام محكمة الطعن من دفاع أو دفوع مطروحاً على المحكمة المحال إليها الدعوى. (نقض مدنى 19/ 12/ 1982، في الطعن رقم 1203 لسنة 51 قضائية، فتحی والی - بند 188 ص 282 و ص 283 وهامشها ).

وتحال الدعوى بما تم فيها من إجراءات اثبات، وقد قضت محكمة النقض بأن صدور أحكام متعلقة بالتحقيق لايمنع من الإحالة.

( نقض 10/ 2/ 1955، المحاماة، السنة 36 ص 517، ونقض 16/ 6/ 1955 السنة 6 ص 125)، ويعتد بسبق حضور المدعى عليه أمام المحكمة قبل إحالة الدعوى عملاً بالمادة 110 التي تقرر إن إحالة الدعوى تتم بحالتها، بحيث إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة المحال إليها الدعوى جاز لها نظرها ..مادامت قد تحققت من صحة إعلانه بالحضور - في حالة انقطاع تسلسل الجلسات، كما يعتد أمام المحكمة المحال إليها الدعوى بما تم من إجراءات الإثبات أمام المحكمة الأولى، ولو كانت الإحالة من جهة قضائية إلى جهة اخرى وذلك عملاً بصريح نص المادة 110، ويلاحظ أن الإحالة لا تحيي الدفوع التي سقطت بالتكلم في الموضوع أمام المحكمة التي قضت أن بالإحالة، كما يكون على المحكمة المحال إليها الدعوى الفصل في دفوع المدعى عليه التي تمسك بها الوقت المناسب أمام المحكمة الأولى، كما إذا كان قد تمسك ببطلان مصنفة الدعوى أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 145 ص 286)

ويتعين ملاحظة أن الخصومة تمتد إلى المحكمة المحال إليها الدعوى، مع الاعتداد بالإجراءات المتخذة صحيحة أمام المحكمة التي قضت بالإحالة انظر في أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها عملاً بالمادة 110 مرافعات مفاده الاعتداد بما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة ومتابعة الدعوى سيرها أمام المحكمة التي أحيلت إليها حيث انتهت إجراءاتها أمام الحكمة التي احالتها - نقض 28/ 5/ 1986، الطعن رقم 1485 لسنة 52 قضائية، ونقض 4/ 12/ 1985 الطعن رقم 1483 سنة 52 قضائية) - كما مضت الإشارة إلى ذلك أنفاً ونتيجة لذلك فإنه من الجائز الحكم بإسقاط الخصومة أمام المحكمة المحال إليها الدعوى، وتبدأ مدة السقوط من تاريخ آخر إجراء صحيح ثم في الخصومة، سواء أمام المحكمة الأولى أم الثانية، وتتبع على وجه العموم سائر القواعد المقررة بصدد سقوط الخصومة، سواء من ناحية الإجراء الذي يقطع مدة السقوط، أم من ناحية آثار السقوط، ولما كان سقوط الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى يترتب عليه زوالها واعتبارها كأن لم تكن، إنما لا تسقط الأحكام القطعية ( ولو كانت فرعية ) الصادرة فيها ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام (مادة 137)، فإن الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة - وهو حكم قطعی فرعی بعده اختصاص المحكمة التي أقيمت إليها الدعوى وباختصاص المحكمة المحال إليها الدعوى - هذا الحكم يكون بمنأى عن سقوط هو والإجراءات السابقة عليه، ومنها صحيفة افتتاح الدعوى وما ترتب عليها من آثار، وعندئذ لا يسقط هذه الحكم إلا بمضى خمس عشرة سنة، ولو كان الحق الذي أقيمت به الدعوى من الحقوق التي تنقضي بمدة التقادم القصير، أو بمدة من مدد السقوط. وللمدعي أن يقيم دعوى جديدة أمام ذات المحكمة التي قضت بسقوط الخصومة وتستكمل الإجراءات من بعد الحكم القطعي الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، وشأن هذه الحالة شأن صدور أي حكم قطعی موضوعي أعقبه حكم بسقوط الخصومة أمام المحكمة، وتختلف هذه الحالة عن حالة صدور حكم بات بعدم الاختصاص، إذ بتاريخ صدوره تبدأ مدة جديدة للتقادم عملاً بالأصل العام في التشريع وتطبيقاً للمادة 383 من القانون المدني (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - ص 288 ص 289).

ويتعين ملاحظة أن طلبات الخصم أو دفوعه لا تعتبر مثارة أمام محكمة الإحالة إلا بإثارتها بالفعل أمامها، ولو تضمنتها صحيفة دعواه الأصلية أو صحيفة استئنافه أو مذكراته السابقة على الإحالة.

(نقض 19/ 12/ 1982، الطعن رقم 1213 لسنة 51 قضائية).

كما أنه إذا قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى، وكلفت قلم كتاب هذه المحكمة بتحديد جلسة يعلن بها الخصوم إدارياً (وفقاً للمادة 113)، فإن هذا لا يعفى المدعي من موالاة السير في خصومته بحيث إذا وقف السير فيها مدة ستة أشهر، تبدأ من تاريخ الحكم بالإحالة جاز التمسك باسقاطها عملاً بالمادة 134 (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 152 ص 296).

ويلاحظ أنه إذا رفع إشكال في التنفيذ وقضت فيه المحكمة بعدم الاختصاص في الإحالة إلى المحكمة المختصة، فإنه لا يترتب على هذا الحكم إنهاء الخصومة في الإشكال وليس من شأنه أن يزيل صحيفته، وإنما هو بنقل الدعوى إلى المحكمة المحال إليها التي يتعين عليها أن تنظرها بحالتها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي احالتها، ويعتبر صحيحاً أمامها ما تم من إجراءات قبل الإحالة بما في ذلك صحيفة الإشكال واثرها الواقف للتنفيذ، لأن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا ينهي الخصومة في الإشكال.

(نقض 8/ 1/ 1980 - سنة 31 - الجزء الأول - ص 98 ).

عدم التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة إلا في حدود الأسباب التي بني عليها حكم عدم الاختصاص والإحالة: رغم أن حكم الإحالة ملزم للمحكمة المحال إليها كما سوف نوضح ذلك بعد قليل بمعنى أنه يتعين عليها أن تفصل في الدعوى المحال إليها (نقض 29/ 3/ 1976، في الطعن 499 سنة 41، ونقض 21/ 2/ 1976، في الطعن 563 سنة 40)، إلا أن هذا الإلزام محدود بالأسباب التي بني عليها حكم عدم الاختصاص والإحالة، فإذا رأت أنها غير مختصة بسبب آخر قضت بعدم اختصاصها. وبإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، فإذا كانت المحكمة المحيلة قد قضت بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة التي رأت اختصاصها بها محلياً التزمت هذه المحكمة بهذا القضاء، ولكنها إذا رأت أنها لا تختص بالدعوى نوعياً أو قيمياً قضت بعدم اختصاصها. وبإحالتها إلى المحكمة المختصة بها نوعياً أو قيمياً (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 146 ص 289، إبراهيم سعد - بند 213 ص 255، كمال عبد العزيز ص 257)، وتمتد حجية حكم الإحالة إلى الأساس الذي بنيت عليه الإحالة، فإذا كانت قد بنيت على أساس تقدير قيمة الدعوى بقيمة معينة تقيدت المحكمة المحال إليها بهذا التقدير ولو كان خاطئاً ما دام لم يطعن فيه.

نقض 9/ 5/ 1972 - السنة 23 ص 828 ونقض 5/ 3/ 1964 - لسنة 15 ص 311).

إذن المحكمة المحال إليها الدعوى تلتزم بقرار الإحالة في حدود الأسباب التي بنى عليها عدم الاختصاص والإحالة، بمعنى أنه إذا رأت هذه المحكمة أنها غير مختصة لأي سبب آخر خلاف السبب الذي أحيلت الدعوى من أجله، قضت بدورها بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، وتطبيقها لذلك إذا أحيلت الدعوى من محكمة جزئية غير مختصة محلياً إلى محكمة جزئية أخرى، ورأت الأخيرة عدم اختصاصها نوعياً فهى تملك عندئذ إحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة، وهذة إذا رأت مثلاً عدم اختصاصها اختصاصاً متعلقاً بالوظيفة، فإنما تملك عندئذ إحالتها إلى الجهة المختصة.

فالمحكمة المحال إليها الدعوى تلتزم بالتحديد الصادر من المحكمة المحيلة لمسألة اختصاصها التي ثارت أمامها، فهي تستطيع - رغم الإحالة - أن تقضي بعدم قبول نظر الدعوى لأي سبب، كما أن الخصوم يحتفظون بحقهم في التمسك أمامها بما كانوا يستطيعون التمسك به من دفوع أمام المحكمة المحيلة (فتحي والي - ص 282 وهامشها). وهو ما يتصور معه إمكان إثارة نوع من الاختصاص غير الذي فصلت فيه المحكمة المحيلة حكمها، كما مضت الإشارة آنفاً، فمثلاً إذا دفع أمام المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها المحلي، فحكمت بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية المختصة محلياً بالدعوى، فإن هذا الحكم لا يمنع من التمسك أمام المحكمة المحال إليها بعدم اختصاصها القيمي أو النوعي أو بانتفاء ولايتها (فتحى والى - الإشارة السابقة).

ويلاحظ أنه إذا حكمت المحكمة المحال إليها الدعوى بعدم الاختصاص السبب آخر غير السبب من أجله أصدرت المحكمة المحلية حكمها بعدم الاختصاص والإحالة كما في الحالات التي سبق الإشارة إليها، فإنه لا يجوز الطعن على هذا الحكم بالنقض أو الاستئناف بحجة صدوره مخالفاً لحكم آخر وفقاً لنص المادتين 249، 222 مرافعات أن مبنى الحكم بعدم الاختصاص في هذه الحالة من المحكمة المحال إليها مختلف عن مبنى صدور الحكم بعدم الاختصاص والإحالة من المحكمة المحلية، كما أن هذا الوضع لا يمثل تنازعاً سلبياً في الاختصاص أمينة النمر - قوانين المرافعات - الكتاب الأول ص 631).

- التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها: وفقاً للمادة 110 - محل التعليق - فإن الحكم بالإحالة يلزم المحكمة المحال إليها بنظر الدعوى ويقوم هذا الالتزام ولو كان تحديد الاختصاص قد بني على قاعدة قانونية غير سليمة (نقض 29/ 11/ 1977 في الطعن رقم 592 لسنة 44 قضائية). أو قد خالف نصاً قانونياً صريحاً (فتحی والی به بند 188 ص 282)، و يمتنع على الخصوم إعادة الجدل في هذا التحديد (نقض 31/ 5/ 1981، في الطعن رقم 408 لسنة 44 قضائية)، وعلة هذا الالتزام ان تحقيق الإحالة غايتها في التيسير والتبسيط بحيث يتفادى المدعی مشقة رفع دعوى جديدة أمام المحكمة المختصة وإعادة إجراءات تكون قد تمت صحيحة أمام المحكمة قبل الحكم بعدم اختصاصها.

ولكن ينبغي ملاحظة أنه إذا كان القانون قد أوجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن تلتزم بحكم الإحالة، وأن تنظر الدعوى المحالة إليها ولو أخطا الحكم الصادر بالإحالة، إلا أن هذا لا يخل بحق الخصم في الطعن في الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة بطريق الطعن المناسب بعد صدور الحكم المنهي للخصومة عملاً بالمادة 212، كما أن تعرض الخصوم للموضوع امام المحكمة المحال إليها الدعوى لا يعد رضاء بالإحالة مانعاً من الطعن في الحكم الصادر بها، كما ينبغي أيضاً ملاحظة أن المحكمة المحال إليها الدعوى لا تلتزم بالإحالة إلا في حدود الأسباب التي بني عليها حكم عدم الاختصاص والإحالة على نحو ما أوضحناه آنفاً في البند السابق.

والتزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، أصبح هو القاعدة العامة في الإحالة أياً كان النص الذي يقرر الإحالة، وأياً كان نوع الإحالة، وأياً كانت المحكمة التي قضت بها، أو المحكمة التي تلتزم بها (أحمد أبو الوفا۔ نظرية الدفوع - بند 145 ص 287).

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قضت محكمة ما بعدم اختصاصها اختصاصاً قيمياً وبإحالتها إلى محكمة أخرى، فإن هذه الأخيرة تتقيد بقيمة الدعوى المحدودة في حكم الإحالة، ولو بني هذا الحكم على قاعدة غير صحيحة.

 نقض 9/ 5/ 1972 - السنة 23 ص 828).

ومن البديهي أنه لا تعتبر الإحالة قد تمت إلا إذا عينت المحكمة التي قضت بها المحكمة التي تحال إليها الدعوى، فلا تتصور ثمة إحالة إذا قضت محكمة إدارية بإحالة الدعوى مثلاً إلى جهة القضاء المدنى دون تحديد محكمة ما، فالمادة 113 تقول «كلما حكمت المحكمة بالإحالة كان عليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى، وعلى قلم الكتاب إخبار الغائبين من الخصوم بذلك بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول»، ومجرد الإحالة إلى جهة قضائية دون تحديد المحكمة التي تحال إليها الدعوى، يترتب عليه مجرد انقضاء الخصومة أمام المحكمة التي قضت بعدم اختصاصها، وإنما يترتب عليه انتقالها إلى محكمة ما، وبالتالي لا تتصور ثمة إحالة، ويكون على الخصم صاحب المصلحة أن يقيم دعوى جديدة أمام المحكمة التي يراها مختصة نوعياً ومحلياً أمام الجهة القضائية التي عينتها المحكمة التي قضت بعدم اختصاصها، وتبدأ مدة تقادم جديدة للحق المرفوعة به الدعوى من وقت صدور الحكم البات (أي الذي لا يقبل أي طعن) بعدم الاختصاص (انظر المادة 383 من القانون المدني)، والأصل أن الحكم بفرض الاختصاص على محاكم جهة ما لا يصدر إلا من محكمة تنازع الاختصاص، والأصل أن المادة 110 إنما تلزم محكمة الإحالة على أن تحيل دعوى معينة أمام محكمة معينة في الجهة القضائية الأخرى، ومع ذلك فهذه المحكمة من المتصور أن تقضي بعدم اختصاصها لسبب آخر.. وتحيل الدعوى بدورها إلى محكمة أخرى - داخل نطاق الجهة القضائية التابعة لها . وعندئذ يفرض على هذه المحكمة الأخيرة كل من حكم الإحالة الأول والثاني، إذن حكيم الإحالة إلى جهة قضائية ما بمقتضى المادة 110 هو قضاء يفرض الاختصاص على كل محاكم هذه الجهة (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 145 ص 287 و 88.

ورغم انطباق نص المادة 110 على الإحالة من جهة المحاكم الی جهة القضاء الإداري، أو من هذه الجهة إلى جهة المحاكم (نقض عمال 11 / 1 / 1981  - في الطعن رقم 52 لسنة 50 قضائية) إلا أن البعض يرى أنه على الجهة غير المختصة أن تقتصر على الإحالة المختصة دون أن تحدد المحكمة التي تختص بالدعوی داخل هذه الجهة، فإن هي تجاوزت تحديد الجهة إلى تحديد المحكمة، فإنها تكون قد تجاوزت سلطتها المخولة بها وفقاً للمادة 110 مرافعات، ولا يكون حكمها في هذا الصدد ملزماً الجهة المحالة إليها الدعوى (فتحی والی - بند 188 ص 826).

جواز الحكم بالغرامة على رافع الدعوى عند الحكم بعدم الاختصاص :

ووفقاً للمادة 110 - محل التعليق - إذا حكمت المحكمة بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى للمحكمة المختصة، فإنه يجوز لها عندئذ أن تحكم على المدعي الذي رفع الدعوى خطأ بغرامة لا تتجاوز أربعمائة جنيه ويجوز للمحكمة طبقاً للقواعد العامة في المسئولية أن تحكم للمدعى عليه بالتعويض أياً كان مقداره وذلك بناء على طلبه إذا كان خصمه قد قصد الكيد في رفع دعواه إلى محكمة غير مختصة، وبعبارة أخرى، إلغاء النص الذي كان يجيز منح الغرامة كلها أو بعضها للخصم الآخر على سبيل التعويض عملاً بالمادة 135 من القانون السابق، لا يمنع من الحكم بالتعويض على النحو المتقدم، وإن كان بمنع بطبيعة الحال من منح ذات الغرامة كلها أو بعضها للمدعى عليه (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 150، ص 296).

ويلاحظ أن المشرع أدخل بمقتضى القانون 23 لسنة 1992، تعديلاً على الفقرة الأولى من المادة أجاز لها بمقتضاه - عند الحكم بعدم الاختصاص - أن تحكم بغرامة قدرها مائة جنيه بعد أن كانت قبل ذلك عشرة جنيهات، وبذلك يكون المشرع قد زاد الغرامة إلى عشرة أمثالها.

وقد استهدف المشرع من هذا التعديل حث المدعي على التدقيق في بحث المحكمة المختصة بنظر دعواه قبل أن يرفعها بدلاً من تعجلة برفعها إلى محكمة غير مختصة فيشغل المحكمة وأجهزتها المساعدة من كتبه ومحضرين بأمور كان من الممكن تداركها لو دقق في الأمر، كما أن المشرع أدخل في اعتباره انخفاض سعر العملة انخفاضاً ملحوظاً عما كانت عليه عند صدور قانون المرافعات سنة 1968، الأمر الذي دعاه لزيادة الغرامات في معظم مواد قانون المرافعات، وبمقتضى القانون 18 لسنة 1999، رفع المشرع قسيمة الغرامة إلى الضعف فأصبحت مائتى جنيه بدلاً من مائة جنيه، ثم رفعها بالقانون 76 لسنة 2007 إلى أربعمائة جنيه.

ومما هو جدير بالذكر أن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا يقبل الطعن المباشر عملاً بالمادة 212 أيا كان نوع الاختصاص وأيا كان نوع الطعن، وأيا كان نوع المحكمة المحال إليها الدعوى (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 151 ص 296)، فوفقا للمادة 212 مرافعات لا يجوز كقاعدة عامة - الطعن فوراً في الحكم غير المنهي للخصومة، بل يمكن الطعن فيه فقط مع الحكم المنهى للخصومة أو بعده، والمقصود بالحكم المنهى للخصومة في هذا الصدد هو الحكم المنهي للخصومة الأصلية كلها فليس المقصود الحكم المنهي لأية مسالة فرعية. ثارت أثناء الخصومة الأصلية: (نقض 1/ 2/ 1968 - السنة 19 - ص 184، نقض 13/ 2/ 1984 - في الطعن رقم 1390 لسنة 49 قضائية والحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا يعتبر منهياً للخصومة، حقيقة أنه قد أنهى الخصومة أمام المحكمة التي أصدرته، ولكن إجراءات الخصومة تبقى مستمرة أمام المحكمة المحال إليها الخصومة، والدليل على أن الأمر يتعلق بنفس الخصومة أنها تنتقل إلى المحكمة المحال إليه بحالتها، ولهذا فإن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا يقبل الطعن فوراً (فتحى والی - بند 249 ص 668 وص 669 وهامش رقم 2 بها)، ولا يمكن القول بقابليته للطعن على أساس أنه حكم قطعی، فهنا القول إن صح في ظل القانون السابق الملغي (انظر: نقض 6 / 4/ 1972 - السنة 22 ص 657) لا يصح في ظل القانون الحالي إذ لا يقبل الطعن الفوري كقاعدة إلا الحكم المنهى للخصومة كلها (فتحي والي - الإشارة السابقة، نقض 20 / 1/ 1979، في الطعن رقم 898 لسنة 43 قضائية، وقد جاء به أن الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة المختصة لا يعتبر منهياً للخصومة كلها، ذلك أنه لئن كان يتضمن قضاء بعدم اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى فهو فقط ينهي الخصومة أمامها بيد أنه يتضمن أيضاً قضاء بالإحالة وباختصاص المحكمة المحال إليها الدعوى يترتب عليه استبقاء ذات الخصومة أمام هذه المحكمة الأخيرة وامتدادها لديها، ذلك أن الخصومة ذاتها تنتقل امام هذه المحكمة المحال إليها بحالتها).

إذن يتضح لنا من كل ما تقدم أن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا يقبل الطعن المباشر، فلايجوز الطعن فوراً فيه، وإنما يجوز الطعن فيه فقط مع الحكم المنهى للخصومة أو بعده.

- مدى التزام محكمة الإستئناف بنص المادة 110 وإحالتها للدعوى للمحكمة المختصة عند إلغائها للحكم المستأنف بسبب عدم الاختصاص ونقدنا لقضاء النقض في هذا الصدد: إذا استؤنف الحكم الصادر بالإحالة ورأت محكمة الاستئناف أن المحكمة المحال إليها الدعوى غير مختصة تعين عليها أن تلغى الحكم وتحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة، وإذا قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم الاختصاص وقضت في الموضوع ثم استؤنف الحكم وتبين لمحكمة الاستئناف أن المحكمة التي أصدرت الحكم غير مختصة.

فإن الفقه يرى أن تقضي المحكمة الاستئنافية ببطلان حكم أول درجة لصدوره من محكمة غير مختصة، وتنتهي سلطتها عند هذا الحد فليس لها أن تحكم بإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة المختصة بها وفقاً للمادة 110 مرافعات وحجته في ذلك أن المادة 110 تنظم الإحالة من المحكمة بعد أن تحكم اختصاصها وليس بعد الحكم بعدم اختصاص محكمة غيرها (فتحي والي - قانون القضاء المدنى طبعة سنة 1993 ص 289، وجدي راغب مبادئ القضاء المدني، طبعة سنة 1987 ص 293، وأمنية النمر قوانین المرافعات الكتاب الأول ص 638، رمزی سيف. الوسيط - سنة 1970 - ص 391، إبراهيم سعد - جـ 1 ص 525 وص 526).

إذن وفقاً لهذا الرأي إذا استؤنف حكم أول درجة أمام المحكمة الاستئنافية المختصة بالاستئناف، وتبين للمحكمة أن حكم أول درجة قد صدر من محكمة غير مختصة، فإن عليها أن تحكم ببطلان حكم أول درجة لصدوره من محكمة غير مختصة وتنتهي سلطتها عند هذا، فليس لها أن تحكم بإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة المختصة بها، وفقاً للمادة 110 مرافعات، ذلك أن هذه المادة تنظم الإحالة من المحكمة بعد أن تحكم بعدم اختصاصها وليس بعد الحكم بعدم اختصاص محكمة غيرها. والفرض أن المحكمة الاستئنافية. مختصة بالاستئناف المرفوع إليها فتحی والی - ص 286)

فإن قضت المحكمة الاستئنافية بالإحالة إلى محكمة أول درجة المختصة، فإن هذه الإحالة لا تخضع للمادة 110 مرافعات، ولهذا فإن ما يكون قد طرح من دفاع أو دفوع أمام محكمة الطعن المحيلة لا يكون مطروحاً على المحكمة المحال إليها الدعوى. فالدعوى لا تحال بالحالة التي كانت عليها أمام المحكمة المحيلة.

(نقض 19/ 12/ 1982 - طعن رقم 1203 لسنة 51 قضائية).

يبد أن محكمة النقض لم تأخذ باتجاه الفقه سالف الذكر، وقضت بأن محكمة الطعن عندما تحكم بعدم اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه فإنها تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة تطبيقاً للمادة 110 مرافعات .

(نقض 11/ 12/ 1988، في الطعن 1064 لسنة 51 قضائية).

ولكننا لا نؤيد قضاء النقض في هذا الصدد، لأن المادة 110 تنظم الإحالة من المحكمة بعد أن نحكم بعدم اختصاصها وليس بعد الحكم بعدم اختصاص محكمة غيرها، فمحكمة الاستئناف ينبغي أن تطبق الإحالة وفقاً للمادة 110 على نفسها في أي عند حكمها بعدم اختصاصها كمحكمة استئناف ولا تطبقه على اختصاص المحكمة المطعون في حكمها، كما أن قضاء النقض سالف الذكر يثير مشكلة وهي صعوبة تطبيق نص المادة 110 التي توجب إحالة الدعوى بحالتها، ومعنى ذلك فإنه وفقاً لقضاء النقض. فإن محكمة الاستئناف تحيل الدعوى المحكمة أول درجة المختصة بحالتها، أي بما يكون قد طرح من دفاع ودفوع أمام المحكمة الاستئنافية، وهو أمر غير منطقي، ولذلك نرى أنه من الأفضل أن تقف محكمة الاستئناف عند إلغاء الحكم المستأنف بسبب عدم الاختصاص دون احالة.  (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثاني  ، الصفحة : 984)