عدل المشروع من حكم المادة 136 من القانون القائم التي كانت تقضي بأنه إذا إتفق الخصوم على التداعي أمام محكمة غير المحكمة المرفوعة إليها الدعوى أمرت هذه المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة التي إتفقوا عليها وقد رأى المشروع أن يجعل الأمر في هذه الحالة جوازياً للمحكمة المرفوعة إليها الدعوى م 111 من المشروع إذ قد ترى المحكمة الإستمرار في نظر الدعوى والحكم فيها رغم إتفاق الخصوم إذا إقتضى ذلك حسن سير العدالة كما إذا كانت المحكمة قد قطعت شوطاً طويلاً في تحقيق الدعوى .
جرى قضاء هذه المحكمة على أن إختصاص القضاء المستعجل يقف عند إتخاذ إجراء وقتى مبناه ظاهر الأوراق و لا يمس أصل الحق و أنه لا يجوز الإتفاق على إسباغ إختصاص له يجاوز هذا الحد ، و من ثم فإن إلتجاء الطاعنة إلى القضاء المستعجل و حصولها منه على حكم موقوت بطرد المستأجر - المطعون عليه - لا يحول دون حقه فى الإلتجاء إلى محكمة الموضوع للفصل فى أصل النزاع بإعتبارها صاحبة الولاية العامة فى المنازعات المدنية و التجارية التى أولاها المشرع الإختصاص فى الأنزعة الناشئة عن تطبيق قانون إيجار الأماكن .
(الطعن رقم 1434 لسنة 47 جلسة 1978/11/18 س 29 ع 2 ص 1713 ق 329)
الإحالة إلى المحكمة المتفق على إختصاصها :
حيث يكون الإتفاق على الإختصاص المحلى جائزاً ، وتم هذا الإتفاق بعد رفع الدعوى إلى محكمة غير المحكمة المتفق على إختصاصها ، فإن المحكمة تحيل الدعوى إلى المحكمة المتفق عليها . ووفقاً لنص المادة 111 مرافعات تكون الإحالة جوازياً ، فللمحكمة المرفوع إليها الدعوى إذا قدرت أنها قد قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق القضية ألا تتخلى عن نظرها وترفض طلب الإحالة . على أنه رغم عموم نص المادة 111 ، فإن هذه السلطة التقديرية لا تكون للمحكمة إلا حيث تكون هي مختصة - قبل الإتفاق - بنظر الدعوى . أما حيث تكون غير مختصة بنظرها ، وفقاً لقواعد الإختصاص المحلى ، وحدث التمسك بعدم الاختصاص ، فإن على المحكمة أن تقضي بعدم الإختصاص وبالإحالة وفقاً للمادة 110 مرافعات التالي بيانها . والإحالة وفقاً للمادة 111 لا تكون من تلقاء نفس المحكمة وإنما بناء على دفع من أحد الخصوم متضمناً الإتفاق على إختصاص محكمة أخرى ، ولأن المحكمة لا تحيل بناء على إتفاق الخصوم إلا حيث يكون الإتفاق على الإختصاص جائزاً ، فإن المحكمة المحال إليها الدعوى لا تلتزم بنظر الدعوى المحالة إليها إلا حيث يجوز هذا الإتفاق . فمصدر إلتزامها ليس هو قرار الإحالة ، ولكن إتفاق الخصوم على إختصاصها بالدعوى .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 642)
ويجب للإحالة أن يجمع الخصوم عليها، ويعتبر خصماً كل من مثل في الدعوى ولو كان مدخلاً أو متدخلاً أو خصم مواجهة حتى لا يتحمل أي منهم مشقة الإنتقال إلى مقر المحكمة المطلوب إحالة الدعوى إليها، وأن يستمر هذا الإجماع حتى صدور حکم الإحالة بحيث إذا عدل أحد الخصوم عن الإحالة أمتنع على المحكمة القضاء بها وإلا كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون مما يجوز الطعن فيه على إستقلال باعتباره منهياً للخصومة أمام المحكمة التي أصدرته. وإذا كان الإختصاص المحلي محدداً بنص في القانون على خلاف القاعدة العامة الواردة بالمادة (49) فلا يعتد بالإتفاق الذي يبرم قبل رفع الدعوى وذلك عملاً بالمادة (12) وحينئذ لا يجوز لأي من الخصوم أن يتمسك أمام المحكمة بهذا الإتفاق لإحالة الدعوى للمحكمة التي إتفق مع خصمه عليها، فإن لم يكن الإختصاص المحلي محدداً بنص في القانون جاز للخصم أن ينفرد بالدفع بعدم الإختصاص المحلي للمحكمة إستناداً للإتفاق السابق ، ويفترض نص المادة (111) عدم وجود مثل هذا الإتفاق وتخضع الإحالة للإتفاق اللاحق لرفع الدعوى.
ويجب أن تكون المحكمة المطلوب إحالة الدعوى إليها مختصة ولائياً ونوعياً بنظرها فلا يجوز الإتفاق على إحالة دعوى جزئية إلى المحكمة الإبتدائية أو العكس، كما لا يجوز الإتفاق على إحالة دعوى موضوعية إلى قاضي الأمور المستعجلة أو إحالة دعوى مما يختص بها القضاء العادي إلى القضاء الإداري المخالفة ذلك للنظام العام ومن ثم يبطل الإتفاق ويكون للمحكمة المحال إليها أن تقضي بعدم إختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها ولو للمحكمة المحيلة ويجوز الإتفاق على إحالة دعوى جزئية إلى محكمة جزئية أخرى أو دعوى إبتدائية إلى محكمة إبتدائية أخرى وهو ما يعني أن الإختصاص لم يخالف بموجب هذا الإتفاق إلا بالنسبة للإختصاص المحلي وهو مقرر لمصلحة المدعى عليه ومن ثم يكون له التنازل عن الدفع بعدم الإختصاص في حالة رفع الدعوى المحكمة غير مختصة لعدم تعلقه بالنظام العام.
ويمتنع الإتفاق إذا كانت الدعوى قد أحيلت إلى المحكمة التي أبدی أمامها الدفع بالإحالة بموجب حكم بعدم الإختصاص المحلي إذ تلتزم بنظر الدعوى دون إحالتها إلى محكمة أخرى، وألا تكون المحكمة المحال إليها قد سبق لها القضاء بعدم إختصاصها.
وإذا قضت المحكمة بالإحالة ، ورأت المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى أنها غير مختصة ولائياً أو نوعياً بنظرها تعين عليها القضاء بعدم إختصاصها وإحالتها إلى المحكمة المختصة دون أن تتقيد في ذلك بالإحالة التي تمت بموجب إتفاق الخصوم.
ويترتب على الإحالة أن تعتد المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى بكافة الإجراءات التي تمت أمام المحكمة المحيلة ثم تستكمل ما لم يتخذ منها.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثاني ، الصفحة : 719)
يشترط لإعمال حكم هذه المادة أن تكون المحكمة التي رفعت إليها الدعوى مختصة بنظر النزاع وإلا أعملت حكم المادة 110 ولا يشترط أن تكون المحكمة المحال إليها الدعوى مختصة محلياً بنظر النزاع وإن كان يتعين أن تكون مختصة قيمياً ونوعياً بنظره وإلا فإن الأمر بالإحالة لا يقيدها ويتعين عليها أن تقضي بعدم إختصاصها إذا كان عدم الإختصاص متعلقاً بالنظام العام وتحيل الدعوى بدورها إلى المحكمة المختصة عملاً بالمادة 110 مرافعات.
كما يشترط للإحالة بمقتضى هذه المادة إتفاق الخصوم جميعاً ولا يكفي أن يطلب الإحالة أحد الخصوم . والإتفاق على الإحالة جائز في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو كانت المحكمة قد تعرضت للموضوع أو أصدرت أحكامها تمهيدية لأن النص لا يمنع ذلك . وتحال القضية بالإحالة التي هي عليها فيعتمد أمامها بما تم من إجراءات الإثبات أمام المحكمة الأولى .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الثالث ، الصفحة : 111)
يجوز للخصوم في الحالات التي يكون فيها الإختصاص متعلقاً بالنظام العام أن يتفقوا بعد رفع الدعوى إلى المحكمة إحالتها إلى محكمة أخرى، ويكون هذا الإتفاق ملزماً للخصوم، ولذا يجوز لأحد الخصوم أن يتمسك به أمام المحكمة المختصة في صورة الدفع بالإحالة ، بسبب الاتفاق، ولكنه ليس ملزماً للمحكمة المختصة، فيجوز لها أن تأمر بالإحالة إلى المحكمة المتفق عليها، كما يجوز لها أن ترفض الإحالة إذا رأت أنها قطعت شوطاً كبيراً في نظرها، وإذا حكمت المحكمة بالإحالة فإن المحكمة المحال إليها الدعوى لا تلتزم بنظرها إلا حيث بدون الإتفاق جائزاً وصحيحاً لأن هذا الإتفاق هو مصدر إختصاصها. (وجدي راغب مبادئ القضاء المدني ص 295).
فالإحالة وفقاً للمادة 111 لا تكون من تلقاء نفس المحكمة، وإنما بناء على دفع من أحد الخصمين متضمناً الإتفاق على إختصاص محكمة أخرى، ولأن المحكمة لا تحيل بناء على إتفاق الخصوم إلا حيث يكون الإتفاق على الإختصاص جائزاً ، فإن المحكمة المحال إليها الدعوى لا تلتزم بنظر الدعوى المحالة إليها إلا حيث يجوز هذا الإتفاق ، فمصدر إلتزامها ليس هو قرار الإحالة، ولكن إتفاق الخصوم على إختصاصها بالدعوى فتحي والي الوسيط بند 187 ص 281).
ويلزم لإعمال نص المادة 111 محل التعليق ألا تكون الحكمة المرفوعة إليها الدعوى قد قضت بعدم إختصاصها، لأنه في هذه الحالة يكون الحكم بالإحالة وجوبياً وفقاً لنص المادة 110 مرافعات التي سبق لنا التعليق عليها، كما يشترط لإعمال المادة 111 محل التعليق أن يكون إتفاق الخصوم على الإحالة غير مخالف لقاعدة من قواعد الإختصاص المتعلقة بالنظام العام.
ويشترط أيضاً للإحالة بمقتضى المادة 111 إتفاق الخصوم جميعاً ولا يكفي أن يطلب الإحالة أحد الخصوم منفرداً.
ولا يفترض نص المادة 111 محل التعليق أن تكون المحكمة مختصة وحدها بنظر النزاع إختصاصاً متعلقاً بالنظام العام، وإلا فإنها تستمد رفض الإحالة من إختصاصها بنظر الدعوى إختصاصاً متعلقاً بالنظام العام، وإنما النص يفترض أن تكون المحكمة مختصة بنظر النزاع إختصاصاً يتعلق بالنظام العام، ويتفق الخصوم على إختصاص محكمة أخرى من درجتها قد تكون مختصة محلياً بنظر النزاع، وقد لا تكون، وقد تكون هي محكمة موطن المدعى عليه، وقد لا تكون (أنظر المادة 62/ 2 و تعليقنا عليها)، وقلما تتمسك محكمة ما بنظر الدعوى في هذه الصورة، إذ معناه أن تفرض إختصاصها عليهم بعد أن إتفقوا أمامها على إحالة النزاع إلى محكمة أخرى تيسيراً لهم (أحمد أبو الوفا التعليق ص 488)
ويجب الإعمال المادة 111 محل التعليق أن تكون المحكمة المرفوع إليها الدعوى مختصة بنظرها، وإلا وجب أعمال حكم المادة 110 كما ذكرنا، فظاهر من نص المادة 111 محل التعليق أنه يعمل به إلا إذا كانت المحكمة المرفوعة إليها الدعوى مختصة بنظرها، أما إذا كانت هذه المحكمة غير مختصة بنظرها، فلن تكون هناك فرصة لإعماله، لأن نص المادة 110 الذي يوجب على المحكمة الإحالة مع جواز الحكم بغرامة على المدعى يغرى المدعى عليه بعدم قبول الإتفاق على الإحالة ليترك للمحكمة فرصة إعمال النص الأخير.
والحكم بالإحالة بسبب إتفاق الخصوم وفقاً للمادة 111 لا يفيد المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى، بل لها أن تحكم بعدم اختصاصها إذا كان عدم إختصاصها مما لا يؤثر فيه اتفاق الخصوم، وإنما هي تتقيد بالإحالة، ولو كانت في الأصل غير مختصة بالدعوى محلياً (أحمد أبوالوفا المرافعات بند 219 ص 252 و ص 253، والتعليق ص 488)، فالحكم بالإحالة لا يفيد المحكمة المحال إليها الدعوى إذا كان يتعارض مع النظام العام، فمثلاً إذا رأت أنها غير مختصة نوعياً أو قيمياً أو ولائياً وجب عليها الحكم بعدم الإختصاص، وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي تراها مختصة بنظر الدعوى.
ويلاحظ أن الإتفاق على الإحالة جائز في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو بعد التعرض للموضوع، وتحال الدعوى بحالتها فيعتمد أمام المحكمة المحال إليها بالإجراءات التي تمت أمام المحكمة المحيلة، وما أصدرته من أحكام فرعية تمهيدية.
ومما هو جدير بالذكر والملاحظة أنه بينما الإتفاق على الإختصاص قبل رفع الدعوى متى كان جائزاً أو صحيحاً کونه ملزماً للمحكمة وفقاً للمادة 62 مرافعات، فإن الإتفاق على الإختصاص بعد رفعها لا يكون ملزماً لها وفقاً للمادة 111 محل التعليق لأن الإحالة من المحكمة المرفوع إليها الدعوى تكون جوازية، فقد رأى المشرع في المادة 111 أن يجعل الإحالة جوازية للمحكمة المرفوعة إليها الدعوى، فقد ترى هذه المحكمة الإستمرار في نظر الدعوى، والحكم فيها رغم إتفاق الخصوم إذا أقتضى ذلك حسن سير العدالة كما إذا كانت قد قطعت شوطاً طويلاً في تحقيق الدعوى المذكرة الإيضاحية للقانون مشار إليه آنفا) .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثاني ، الصفحة : 1032 )