جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون السابق بشأن المادة 152 المطابقة للمادة 125 من القانون الحالى ما يلي: «أما فيما يتعلق بالطلبات العارضة التي يبديها المدعى عليه، فإنه ينبغي إلا يحمل المدعى عليه على التزام موقف الدفاع في كل الأحوال، فقد يعرضه ذلك لضرر يلحقه أو منفعة تفوت عليه.. ومع التسليم بأن إتاحة الفرصة للمدعى عليه لإبداء طلباته قبل المدعي للحكم له بها فيها اقتصاد للوقت والنفقات واحتياط من تضارب الأحكام ومن إعسار الخصم، إلا أن ما يترتب على تقديمها من عرض قضيتين أو قضايا من خصومة واحدة، وتجمع المسائل التي يطلب من المحكمة حلها، ونقل الاختصاص إلى محكمة ليست مختصة في الأصل، كل ذلك فيه من التقصير والتعطيل ما يوجب تقييد ما يسمح للمدعي عليه بإبدائه من الطلبات بصفة عارضة، والرأي المعول عليه في الفقه الحديث أن ثمة حالات يتحتم فيها على القاضي قبول طلبات المدعى عليه، وذلك حين يطلب المقاصة القضائية، وحين يكون الطلب دفاعاُ عن القضية الأصلية، وحين يكون الطلب تعويضاً عن ضرر أصاب المدعى عليه من الدعوى أو من إجراء فيها، وأن ثمة حالات يجوز فيها للقاضي قبول هذه الطلبات أو تكليف المدعى عليه برفعها بصفة أصلية، وذلك حين يكون المبرر لتقديمها هو مجرد الارتباط، وقد أخذت المادة 152 من القانون الجديد بعموم هذه المعاني فقضت بأنه يجوز للمدعى عليه أن يقدم من الطلبات العارضة (1) طلب المقاصة القضائية وطلب الحكم له بتضمينات عن ضرر لحقه عن الدعوى أو من إجراء فيها. (2) أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه مثل طلب فسخ العقد أو بطلانه رداً على طلب تنفيذه، وكدفع تكاليف البناء للمدعى عليه إذا كانت الدعوى مرفوعة عليه من المدني بملكية الأرض المقام عليها البناء. (3) أي طلب يكون متصلاً بالدعوى الأصلية بصلة لا تقبل التجزئة كما لو طلب المدعي ملكية عين، وطلب المدعى عليه ملكيتها. (4) ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطاً بالدعوى الأصلية. وغني عن البيان أن هذا كله مقصور على الدعوى في الدرجة الابتدائية، ولا يجري حكمه على القضية في الاستئناف .
1 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المقاصة القضائية لا تكون إلا بدعوى أصليه أو فى صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه طبقاً للمادة 125 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 4862 لسنة 73 جلسة 2005/02/22 س 56 ص 201 ق 36)
2 ـ للمدعى عليه طبقاً للفقرتين "1" ، "2" من المادة 125 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة طلب المقاصة القضائية بين ما يطالبه به المدعى و ما يدعى إستحقاقه بذمته أو أى طلب يترتب عليه إجابته إلا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها فإذا لم يتقدم بهذه الطلبات العارضة فلا تملك المحكمة إثارتها من تلقاء نفسها و الفصل فيها
(الطعن رقم 754 لسنة 40 جلسة 1978/01/25 س 29 ع 1 ص 309 ق 63)
3 ـ إذ كانت الطلبات العارضة التى وجهتها الطاعنة على المطعون ضدها على ما أورده الحكم المطعون فيه بشأنها تنطوى على طلب الحكم لها ببراءة ذمتها عن الفترة من عام 1984 حتى 1 مارس 1990 وتعتبر دفاعاً فى الدعوى الأصلية التى أقامتها المطعون ضدها طالبة إلزام الطاعنة بما أسفر عنه الحساب عن تلك المدة سالفة البيان وترمى إلى تفادى الحكم بطلبات المطعون ضدها فإن هذا الطلب يدخل فى نطاق الطلبات العارضة التى نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 125 من قانون المرافعات وكانت الطاعنة قد تقدمت بطلباتها العارضة إلى المحكمة بالإجراءات التى نصت عليها المادة 123 من قانون المرافعات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائى فى قضائه برفضها بمقولة إنها ليست من الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلى يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 2044 لسنة 79 جلسة 2010/03/23 س 61 ص 424 ق 69)
4 ـ مؤدى نص المادة 207 من قانون المرافعات أن للمتظلم الحق فى أن يبدي فى تظلمه طلبات عارضة وأن يدخل ضامنا فى الدعوى، كما يكون للمتظلم ضده كذلك أن يوجه للمتظلم طلبات إضافية لم يسبق تقديمها من قبل فى طلب أمر الأداء ولو كانت تتضمن تعديلا للطلبات أو كانت الطلبات المضافة مما تتوافر فيها شرائط الديون الثابتة بالكتابة التي يصح استيفاؤها بطريق أمر الأداء ذلك أن المشرع لم يشترط سلوك هذا الطريق إلا بالنسبة لما يطالب به الدائن ابتداء. لما كان ذلك وكان الثابت فى الأوراق أن الطاعنة المتظلم ضدها لم تخالف هذا النظر ووجهت طلبها العارض بإلزام المطعون ضده بأداء المبلغ الذي يمثل باقي المديونية المستحقة عليه. ذلك أثناء نظر دعوى التظلم من أمر الأداء طبقا للمادة 125 من قانون المرافعاتفإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الطلب العارض - الدعوى الفرعية - المقام من الطاعنة على المطعون ضده لعدم سلوك طريق أمر الأداء بشأنه فإنه يكون خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 3533 لسنة 62 جلسة 2002/01/08 س 53 ع 1 ص 118 ق 18)
5 ـ المقرر أن المتدخل هجوميا يعد فى مركز المدعى بالنسبة لما يبديه من طلبات ، وبالتالى فإنه يكون للمدعى عليه فى هذه الطلبات أن يقدم ما يشاء من الطلبات العارضة عليها طبقا لنص المادة 125 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنة بعد أن الطاعنة بعد أن أقامت دعواها رقم 581 لسنة 1982 مدنى كلى الجيزة بطلب إلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى لها قيمة الأجرة المتأخرة والمستحقة لها عن استئجاره الشقة محل النزاع أضافت طلبا آخر بإخلاء العين لتكرار الامتناع عن الوفاء بالأجرة، وإذ تدخل المطعون ضده الثانى هجوميا فى الدعوى طالبا رفض طلب الاخلاء تأسيسا على مشاركته للمطعون ضده الأول فى النشاط الذى يباشره بالعين محل النزاع أضافت الطاعنة سببا جديدا لطلبها الاخلاء هو تنازل المطعون ضده الأول عن الاجاره لصالح المطعون ضده الثانى دون أذن منها لما كان ما تقدم وكان طلب الاخلاء فى سببه الأول يعد من قبيل الطلبات العارضة المترتبة على الطلب الأصلى بقيمة الأجرة المتأخرة والمتصلة به اتصالا لا يقبل التجزئة فى معنى الفقرة الثانية من المادة 124 من قانون المرافعات باعتبار أن طلب الاخلاء لتكرار امتناع المستأجر أو تأخره فى الوفاء بالأجرة يطرح على محكمة الموضوع وبطريق اللزوم بحث هذا التأخير أو الامتناع كمسألة أولية للإخلاء ، وكان هذا الطلب فى سببه الثانى يعد ردا من الطاعنة على طلبات المطعون ضده الثانى المتدخل هجوميا فى الدعوى ويتصل بهذه الطلبات اتصالا لا يقبل التجزئة ويرمى إلى تفادى الحكم له بطلباته والقضاء للطاعنة بطلباتها ومن ثم فإنه يدخل فى نطاق الطلبات العارضة التى نصت عليها الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 125 من قانون المرافعات ويتحتم على المحكمة الفصل فيه أيضا . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول طلب الطاعنة الاخلاء فى سببيه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وحجب نفسه بهذا النظر عن الفصل فيه.
(الطعن رقم 135 لسنة 56 جلسة 1992/05/27 س 43 ع 1 ص 737 ق 154)
(الطعن رقم 1406 لسنة 54 جلسة 1987/12/29 س 38 ع 2 ص 1200 ق 251)
6 ـ المقرر - و علي ما جري به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان طالب التدخل لم يبغ من وراء تدخله سوي الإنضمام فى طلب رفض الدعوى و قدم وجه دفاع لتأييد هذا الطلب و لم يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه فى مواجهة طرفي الخصومة فإن تدخله علي هذا النحو أياً كانت مصلحته فيه لا يعد تدخلاً هجومياً و إنما هو تدخل إنضمامى يجوز طلبه و لو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف ، و يتم التدخل عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 125 من قانون المرافعات بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بتقديمه شفاهه بها فى حضور الخصوم و يثبت فى محضرها .
(الطعن رقم 76 لسنة 56 جلسة 1990/05/02 س 41 ع 2 ص 21 ق 174)
7 ـ المقاصة القضائية لا تكون إلا بدعوى أصلية أو فى صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه طبقاً للمادة 125 من قانون المرافعات ، و إذ لم يعد الطاعن طلب المقاصة القضائية بين ما هو مستحق عليه من ريع للمطعون عليه و بين ما هو مستحق له عنده إلا أمام محكمة الإستئناف فإنه لو إعتبر هذا الطلب منه عارضاً يكون - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير مقبول لإبدائه لأول مرة أمام محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 257 لسنة 58 جلسة 1990/02/25 س 41 ع 1 ص 591 ق 100)
8 ـ لئن كان للمدعى عليه أن يقدم من الطالبات العارضة ما هو منصوص عليه فى المادة 125 من قانون المرافعات سواء كان تقديمها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً فى الجلسة فى حضور الخصم و يثبت فى محضرها طبقاً لنص المادة 123 من هذا القانون ، إلا أنه يتعين لقبوله أن تكون الخصومة الأصلية لازالت قائمة.
(الطعن رقم 235 لسنة 55 جلسة 1985/12/17 س 36 ع 2 ص 1132 ق 233)
9 ـ للمدعى عليه وفقاً لنص المادة 125 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة أى طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه . فاذا طرحت على المحكمة طلبات عارضة تعين عليها أن تحكم فى موضوعها مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك ، و إلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه ، و ذلك إعمالاً لنص المادة 127 من القانون سالف البيان .
(الطعن رقم 74 لسنة 47 جلسة 1980/05/19 س 31 ع 2 ص 1424 ق 270)
10 ـ إذ كان يبين من الأوراق أن الطاعن - وزير التأمينات الإجتماعية بصفته و إن أبدى الدفع بعدم قبول الإستئناف بالنسبة له أمام المحكمة الإستئنافية إلا أنه ما كان يستهدف من دفعه المنازعة فى صحة إختصامه فى الطعن بالإستئناف بل أفصح عن قوام هذا الدفع و هو إنتفاء تمثيله هيئة التأمينات الإجتماعية المقصودة بالخصومة فى النزاع المطروح فى الدعوى لأن ممثلها هو رئيس مجلس إدارتها ، و من ثم فإن الدفع لا يكون دفعاً متصلاً بالشرائط الشكلية للطعن بالإستئناف إذ لا ينطوى على المنازعة فى كون من إختصم فى الطعن لم يكن خصماً أمام محكمة أول درجة بل يعد فى حقيقته و حسب مرماه دفعاً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة و هو وقع موضوعى مما يجوز إبداؤه فى أية حالة كانت عليها الدعوى عملاً بالمادة 125 من قانون المرافعات فلا يحول دون التمسك به عدم إبدائه أمام محكمة أول درجة لما للخصم من حق إبداء ما له من دفوع و أوجه دفاع جديدة أمام محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 318 لسنة 48 جلسة 1980/01/10 س 31 ع 1 ص 125 ق 28)
11 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن للمدعى عليه وفقاً لنص المادة 125 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة أى طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه فإذا طرحت على المحكمة طلبات عارضة تعين عليها أن تحكم فى موضوعها مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك ، وإلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه ، وذلك إعمالاً لنص المادة 127 من القانون سالف البيان .
(الطعن رقم 2044 لسنة 79 جلسة 2010/03/23 س 61 ص 424 ق 69)
12 ـ إذ كان الواقع فى الدعوى أن المطعون عليه أقامها أصلاً أمام المحكمة الإبتدائية بالمطالبة بأجرة أرض زراعية يستأجرها منه الطاعن ، و هى دعوى تدخل فى إختصاص المحكمة الإبتدائية طبقاً لقواعد الإختصاص القيمى ، كما أنها تندرج ضمن الإختصاص المشترك بين القضاء العادى و بين لجان الفصل فى المنازعات الزراعية ، و أنه و أن كانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل فى المنازعات الزراعية و قبل إلغائه بالقانون رقم 67 لسنة 1975 قد جعلت المنازعة فى مساحة الأرض الزراعية المؤجرة تدخل ضمن الإختصاص الإنفرادى للجان الفصل فى المنازعات الزراعية و تخرج بالتالى عن ولاية القضاء العادى بحيث يمتنع على المحاكم التصدى لأية منازعة أستأثرت اللجان دون سواها الإختصاص بها ، و لئن كان تصدى محكمة الإستئناف لهذا النزاع و ندب خبير لتحقيقه و الفصل فيه يعيب حكمها بمخالفة القانون ، إلا أنه لما كان القانون رقم 67 لسنة 1975 المعمول به فى 31 من يوليو 1975 أضاف إلى قانون الإصلاح الزراعى المادة 39 مكرراً التى ألغت لجان الفصل فى المنازعات الزراعية و جعلت المحكمة الجزئية مختصة بنظر المنازعات المتعلقة بالأراضى الزراعية مهما كانت قيمة الدعوى ، و قضت بإحالة جميع المنازعات المنظورة أمام اللجان إلى المحاكم و كانت المنازعة فى مساحة العين المؤجرة فى دعوى المطالبة بالأجرة تمثل طلباً عارضاً مرتبطاً كل الإرتباط بالطلب الأصلى فى معنى المادتين 123 ، 125 من قانون المرافعات و تختص به المحكمة الإبتدائية مهما كانت قيمته حتى و لو كانت المحكمة الجزئية تختص به إختصاصاً نوعياً عملاً بالمادة 3/47 من ذات القانون ، و كانت محكمة الإستئناف التى عرضت للنزاع بمناسبة الطعن على الحكم بعدم قبول الدعوى أمامها قد تصدت للمسألة العارضة و فصلت فيها بإعتبارها مطروحة عليها تبعاً لإستئناف حكم محكمة أول درجة فإن النعى بفرض صحته و ما يترتب عليه من نقض الحكم فى خصوصه لا يحقق للطاعن سوى مصلحه نظرية بحته لا تصلح لقبول الطعن بما يجعله غير منتج .
(الطعن رقم 625 لسنة 42 جلسة 1977/11/02 س 28 ع 2 ص 1597 ق 276)
13- وفقًا لنص المادة 125 من قانون المرافعات – أن يقدم من الطلبات العارضة أى طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها ، أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه ، فإذا طرحت على المحكمة طلبات عارضة تعين عليها أن تحكم فى موضوعها مع الدعوى الأصلية كلما أمكن وألا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه وذلك إعمالاً لنص المادة 127 من القانون سالف الإشارة ولما كان ذلك وكانت الدعوى الفرعية التى وجهتها الشركة الطاعنة إلى المطعون ضدها الأولى على ما أورده الحكم المطعون فيه - هى طلب بإلزامها بأداء مبلغ 1455774.19 جنيهًا تمثل اقساط التمويل المستحقة عليها وغرامة التأخير والمصاريف الإدارية ، وكان هذا الطلب منها يُعد دفعًا فى الدعوى الأصلية التى أقامتها المطعون ضدها الأولى طالبة التقرير ببطلان عقد التمويل العقارى وإلزام الشركة الطاعنة بأن ترد لها ما قامت بسداده من الأقساط وترمى إلى تفادى الحكم بطلبات المطعون ضدها الأولى فإن هذا الطلب يدخل فى نطاق الطلبات العارضة التى نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 125 من قانون المرافعات وإذ أقامت الطاعنة دعواها الفرعية بالإجراءات المنصوص عليها فى المادة 123 من القانون ذاته فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول دعوى الطاعنة الفرعية بمقولة أنها لا ترتبط بالدعوى الأصلية وحجب نفسه عن فحص مستنداتها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يعيبه ويوجب نقضه فى هذا الخصوص دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن .
(الطعن رقم 3362 لسنة 87 ق - جلسة 26/ 2 / 2023)
(الطعن رقم 8273 لسنة 85 ق - جلسة 14 / 12 / 2021 )
الطلبات المقابلة :
الطلب المقابل هو طلب عارض مقدم من المدعى عليه في مواجهة المدعي، يرمي به إلى الحصول على حكم ضد المدعى أكثر من مجرد رفض طلبه فهو به لا يقتصر على الدفاع، بل يلجأ إلى الهجوم وهو بموجب الطلب المقابل يخرج من نطاق الدعوى التي يثير وجودها طلب المدعي، لكي يثير وجود دعوى أخرى له في مواجهة المدعى فيه وفي نطاقه، يصبح المدعى عليه مدعياً والمدعي مدعياً عليه ولهذا يسمى الطلب بدعوى المدعي عليه ومن أمثلته أن يطلب المدعي الحكم بإلزام المدعى عليه بتنفيذ التزام تعاقدي معين، فيطلب المدعى عليه (كطلب مقابل) الحكم ببطلان هذا العقد أو بفسخه أو يطلب المدعى إلزام المدعى عليه بدين معين، فيطلب المدعى عليه تقرير حق له في ذمة المدعى وإجراء المقاصة القضائية.
وتلاحظ التفرقة بين الطلب المقابل والدفع الموضوعي، فالدفع لا يرمي إلا إلى رفض طلب المدعي، لهذا يكون له نفس نطاق هذا الطلب، في حين أن الطلب العارض له نطاق مختلف عن طلب المدعي، وهو إن أدى في بعض الأحوال - بطريق غير مباشر - إلى رفض طلب المدعي، فقد يتصور أحياناً قبول كل من الطلبين كما هو الحال بالنسبة لطلب المقاصة القضائية.
ولإمكان تقديم طلب مقابل من المدعى عليه كثير من المزايا فالسماح به يمكن المحكمة من إعطاء نظرة كاملة للمركز القانوني للطرفين فتتفادى إصدار أحكام متناقضة أو أحكام يصعب التوفيق بينها، كما أنه يؤدي إلى نظر دعويين أو أكثر في خصومة واحدة مما يوفر في الوقت والجهد والنفقات، ويعتبر اعمالاً لمبدأ الاقتصاد في الإجراءات وأخيراً فإن طلب المقاصة القضائية باعتباره أهم الطلبات المقابلة يمكن المدعى عليه من توقي خطر إعسار المدعي في حالة ما إذا حكم عليه بالدين واضطر إلى مقاضاة المدعي في خصومة مستقلة.
وقد فرق القانون ، بالنسبة للطلبات المقابلة، بين مجموعتين من الحالات (مادة 125 مرافعات) :
(أ) حالات محددة أفترض فيها القانون وجود ارتباط بين الطلب الأصلي والطلب المقابل ، فلا يكون للقاضي سلطة في تقدير وجوده، بل على القاضي الحكم في الطلب المقابل وهذه هي :
1- طلب المقاصة القضائية : فإذا رفع المدعي دعوى دائنيه ضد المدعى عليه، فإن للمدعى عليه أن يرفع دعوى دائنيه له في مواجهة المدعي بوسيلة الطلب المقابل ، ويطلب من المحكمة إجراء المقاصة القضائية بينهما ولا يشترط الإرتباط بين الدينين فيمكن أن يكون سببهما مختلفاً.
2- دعوى تعويض المدعى عليه عن الضرر الذي أصابه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها.
3- دعوى التقرير الفرعية : وصورة هذه الدعوى أن يقوم المدعى عليه بإنكار وجود رابطة قانونية أوسع من تلك التي يتمسك المدعي بوجودها تستند هذه الأخيرة إليها، ومثالها أن يرفع المدعى دعوى مطالباً المدعى عليه بالأجرة، فلا يدفع المدعى عليه الدعوى بسبق الوفاء بالأجرة وإنما يتمسك ببطلان عقد الإيجار أو يقوم المدعى عليه بالتمسك برابطة قانونية تعتبر متعارضة مع تلك التي يتمسك بها المدعي، كأن يطلب المدعي استرداد العقار باعتباره مالكه فيتمسك المدعى عليه بأن له رهناً حيازياً على العقار يخوله الاحتفاظ به ويشير القانون المصري إلى دعوى التقرير الفرعية بالنص على أن للمدعي أن يقدم أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها. ( 2 / 125).
4- أي طلب يترتب على إجابته أن يحكم للمدعى بطلباته مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه ومثاله أن تكون الدعوى باستحقاق العقار، فيطلب المدعى عليه تقرير حق ارتفاق عليها.
5- أي طلب يكون متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة ومثاله أن تكون الدعوى بالتعويض عن حادثة تصادم، فيطلب المدعى عليه تعويضه هو عن نفس الحادثة . أو أن تكون الدعوى بطلب امتداد العلاقة الإيجارية عن الشقة فيطلب المدعى عليه إخلاء الشقة.
(ب) وإلى جانب هذه الطلبات، أجاز القانون للمدعى عليه تقدیم أي طلب يكون مرتبطا بالدعوى الأصلية على أنه يجب عندئذ توافر الإرتباط الذي يخضع لتقدير قاضي الموضوع، كما يجب أن تأذن المحكمة بتقديم الطلب.
ومن المسلم أن للمدعي الأصلي - بالنسبة للطلب المقابل - تقديم ما للمدعى عليه تقديمه من دفوع، ولكن اختلف الفقه حول جواز تقديمه طلباً مقابلاً رداً على الطلب المقابل من المدعى عليه وقد كانت القاعدة التقليدية في القانون الفرنسي القديم هي عدم جواز مثل هذا الطلب ويسلم الفقه الفرنسي بهذه القاعدة كمبدأ عام، على أن الاتجاه الحديث هو أنه لا يوجد ما يمنع من قبول طلب مقابل من المدعي، ذلك أن المدعى عليه عند تقديمه طلباً مقابلاً يعتبر مدعياً، ويكون المدعي الأصلي في مركز المدعى عليه فله - بهذه الصفة - تقديم طلب مقابل الدعوى المدعى عليه.
الدفاع الموضوعي والدفع الموضوعي :
قد يقوم المدعى عليه في سبيل الحصول على حكم برفض الدعوى بما يأتي :
(أ) إنكار الوقائع المنشئة التي تمسك بها المدعى كأساس لطلبه ، أو انكار الآثار القانونية التي ينسبها المدعي إلى هذه الوقائع كما لو أنكر المدعى عليه - في دعوى دائنيه - العقد مصدر الإلتزام ، أو أنكر أنه يلتزم - كما هو مدعی به - وفقا لهذا العقد .
(ب) التمسك بواقعة معاصرة لنشأة الواقعة التي يتمسك بها المدعي من شأنها منع هذه الواقعة الأخيرة من انتاج كل أو بعض آثارها القانونية . كما لو تمسك المدعى عليه بصورية العقد أو بابطاله للغلط .
(ج) التمسك بواقعة منهية من شأنها إنهاء آثار الواقعة المنشئة التي تمسك بها المدعي ، كما لو تمسك المدعى عليه بالوفاء .
ويطلق فقه المرافعات المصري اصطلاح الدفوع الموضوعية على هذه الصور الثلاث فالدفع الموضوعي عندهم هو كل ما يعترض به المدعى عليه على الحق المطلوب حمايته من المدعي وهو بهذا يطابق اصطلاح الدفاع الموضوعي في الفقه الفرنسي.
والواقع أن مجرد انكار الوقائع المنشئة أو انكار آثارها لا يمكن أن يعتبر دفعا بالمعنى الصحيح، ذلك أن القاضي لا يحكم بمقتضى هذه الوقائع المنشئة إلا بعد إثباتها من المدعي، كما أنه يجري عليها آثارها القانونية من تلقاء نفسه فلا يعدو انکار المدعى عليه للواقعة أو انكار آثارها أكثر من تنبيه القاضي إلى واجبه بالنسبة لها ولهذا فإن اصطلاح الدفع الموضوعي يجب قصره على ما يقوم به المدعى عليه من تأكيد لواقعة مانعة أو منهية ترمي إلى رفض الدعوى فبهذا التأكيد يدخل المدعى عليه في القضية وقائع غير تلك التي أكدتها الطلبات، يقع عليه عبء إثباتها.
على أن لاصطلاح الدفع الموضوعي معنى آخر ضيق، ذلك أن الوقائع المانعة أو المنهية التي يتمسك المدعى عليه بها تنقسم إلى طائفتين :
(أ) وقائع على القاضي أخذها في اعتباره من تلقاء نفسه مادامت قد قدمت إليه ضمن مستندات القضية سواء من المدعى أو المدعى عليه ولو لم يتمسك بها المدعى عليه ومثالها واقعة عدم مشروعية السبب أو واقعة الوفاء بالدين، وعندئذ يكون التمسك بالواقعة من جانب المدعى عليه هو مجرد تقديم واقعة للقاضي لم تقدم إليه أو مجرد لفت انتباهه إلى واجبه في الخصومة ولا تكون هناك حاجة - من الناحية القانونية لفكرة الدفع.
(ب) وقائع ليس لها أثر في حكم القاضى إلا إذا تمسك بها المدعى عليه بقصد رفض الدعوى ومثالها واقعة الغلط أو التدليس أو نقص الأهلية. فإذا تمسك بها المدعى عليه حكم القاضي برفض الدعوى فرفض الدعوى عندئذ يكون نتيجة لاستعمال حق محدد للمدعى عليه وهذا هو الدفع الموضوعي بالمعنى الضيق فالدفع الموضوعي يتميز بأنه يتعلق بواقعة ليس للقاضى إعمال آثارها من تلقاء نفسه، وهو بهذا يقابل حق الدعوى، إذ ليس للقاضي إعماله بغير طلب من المدعي.
وعلى هذا يمكن تعريف الدفع الموضوعي - بالمعنى الضيق - بأنه سلطة للمدعى عليه في تأكيد واقعة مانعة أو منهية للواقعة المنشئة التي أكدها, المدعي ليس من شأنها رفض الدعوى ما لم يتمسك بها المدعى عليه.
ولكن كيف نميز هذه الوقائع المانعة أو المنهية عن تلك التي على القاضى أعمال أثرها من تلقاء نفسه أحياناً ينص التشريع عليها، كما هو الحال بالنسبة لواقعة المقاصة إذ تنص المادة 365 مدني على أن المقاصة لا تقع إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها فإذا سكت المشرع فإن القاضي يحدد الواقعة التي يجب التمسك بها بواسطة دفع من المدعى عليه بأنها تلك التي يمكن أن تكون محلاً لدعوى مستقلة من جانبه إذ كما أن للمدعي وحده سلطة إثارتها بواسطة الدعوى، تكون للمدعى عليه وحده سلطة إثارتها بواسطة الدفع.
وللتفرقة بين الدفع الموضوعي بالمعنى الضيق وغيره من وسائل الدفاع الموضوعي عدة نتائج أهمها.
(أ) الدفع الموضوعي شأنه شأن أي دفع آخر يقبل التنازل عنه صراحة أو ضمناً، وبهذا لا تنتج الواقعة أثرها ، أما وسائل الدفاع الأخرى فان التنازل عنها لا يمنع القاضي من أن يأخذ في اعتباره ما تضمنته من وقائع . ولهذا يمكن الاتفاق على التنازل عن دفع من الدفوع الموضوعية كالدفع بنقص الأهلية ، ولكن لا يجوز الاتفاق على النزول عن التمسك بواقعة من الوقائع الأخرى التي لا يعتبر التمسك بها دفعا بالمعنى الضيق، كواقعة عدم مشروعية السبب .
(ب) الدفع بالمعنى الضيق - باعتباره حقاً - يقبل التقادم شأنه شأن الدعوى، أما الدفاع الذي لا يعتبر كذلك فإنه لا يقبل التقادم إذ هو يرمي إلى بیان عدم وجود الحق الموضوعي. ولهذا فإنه بالنسبة لوسائل الدفاع هذه، تسري قاعدة أن «الدفوع لا تتقادم»، فإنكار الواقعة المنشئة أو التمسك بالوفاء أو بالصورية يمكن أن يبقى كوسيلة دفاع مادام هناك طلب على أساس وجود الحق ، وعلى العكس إذا تمسك المدعى عليه بالدفع بإبطال العقد للغلط ، فإن دفعه هذا - إذ هو دفع بالمعنى الضيق - يتقادم ، كدعوى الإبطال تماماً.
على أن وسائل الدفاع الموضوعي - سواء تعلق الأمر بدفع موضوعي أم لا - تخضع لقواعد إجرائية تميزها هي :
(أ) أنها ليست واردة على سبيل الحصر، ولم ينص القانون على ترتيب بينها أو على وجوب ابدائها معاً فيمكن للمدعى عليه التمسك بها معاً أو تباعاً وفقاً لمصلحته في الدفاع ولا يؤدي تأخير إحداها إلى سقوط الحق فيها .
(ب) يمكن التمسك بها في أية حالة كانت عليها الخصومة ولو لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية.
(جـ) إذا بحثت المحكمة دفاعاً موضوعياً ورفضت الدعوى أو قبلتها، ثم ألغي الحكم من المحكمة الاستئنافية، فليس على هذه المحكمة إعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظرها من جديد، بل تقوم هي بنظر الدعوى والحكم فيها. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني، الصفحة : 78)
الطلبات العارضة التي تقدم من المدعى عليه :
(1) طلب المقاصة:
المقاصة:
المقاصة، أداة وفاء وأداة ضمان، إذ بموجبها يقضي الدينان بقدر الأقل منهما، كما أن الدائن يستوفي، بموجبها أيضاً، حقه المستحق في ذمة مدينة متقدماً على سائر الدائنين باعتبار أن الدين الذي في ذمته مخصصاً للوفاء بحقه مع مراعاة أحكام المادة 367 و 368 وتقع المقاصة متى توافرت شروطها - أياً ما كان سبب الدين أي مصدره، سواء كان هذا السبب تصرفاً قانونياً أو واقعة مادية كالفعل غير المشروع فإن كان سبب أحد الدينين عقداً وسبب الدين الآخر عمل غير مشروع، وقعت المقاصة بمجرد توافر شروطها وفقاً للمادة 364 من القانون المدني، وقد نظم المشرع المقاصة القانونية تاركاً المقاصة الاتفاقية والقضائية فلم يورد نصوصاً بشأنهما، وسوف نتناول أنواع المقاصة الثلاثة موضحين أحكام كل منها على أننا سوف نتناول النوعين الأخيرين بعد الانتهاء من النصوص المتعلقة بالمقاصة القانونية.
والمقاصة واقعة مادية وليست تصرفاً قانونياً، ومن ثم لا يلزم للتمسك بها ما يلزم لإبرام تلك التصرفات. إذ يقاص الدينان بحكم القانون فور طلبها.
أولا : المقاصة القانونية
شروط المقاصة القانونية
إذا تمسك بالمقاصة من له مصلحة فيها وفقاً للمادة 365 فانه يتعين علي المحكمة أن تجيبه إلى طلبه فتقضي الدين الذي له بالدين الذي عليه بقدر الأقل منهما متى توافرت الشروط التالية :
(1) أن يكون كل من طرفي المقاصة مسئولاً شخصياً عن الدين الذي في ذمته للآخر وفي ذات الوقت صاحب الحق المطالب به شخصياً، أي أن يكون الدينان متقابلين. فلا تجوز المقاصة إذا كان أحد الطرفين مديناً للآخر أو دائناً له، لا بشخصه بل بصفته، كالوكيل والولي والوصي والقيم والحارس والوارث، فإن كان أحد هؤلاء مديناً لدائن من يمثله أو دائنا المدين من يمثله ، فلا تقع المقاصة لعدم تقابل الدينين، وكذلك أمر الشريك بالنسبة لدائن الشركة أو مدينها إذ لكل منهما شخصية مستقلة وذمة منفصلة، ويسري ذات الحكم بالنسبة للكفيل غير المتضامن بالنسبة للدائن فلا يجوز للمدين أن ما يتمسك بالمقاصة في مواجهة دائنة، بين دين له عليه وآخر للكفيلة ولكن إذا رجع الدائن على الكفيل فللأخير أن يتمسك بالمقاصة قبل الدائن سواء بالنسبة الحق له في ذمة الدائن أو بالنسبة لحق للمدين في ذمة الدائن، وإذا حول الدائن دينه إلى الغير وبعد ذلك أصبح المدين دائناً للدائن، فان المقاصة لا تقع لأن الغير المحال له هو الذي أصبح دائناً.
(2) أن يكون الدينان متماثلين في المحل، كنقود أو أشياء مثلية متساوية في الجودة ، فإن كان للدائن في ذمة المدين مائة أردب قمح هندي من درجة متوسطة ثم أصبح مديناً لمدينه بنفس هذا المحل، برئت ذمتيهما بالمقاصة، ومثل القمح الأدوات الكهربائية ذات الماركة الواحدة المتماثلة والاقلام والكتب وكافة المثليات مادام كل من الدينين التزاماً بنقل ملكية فيخرج الالتزام بعمل أو بامتناع عن عمل ولا تجوز المقاصة أن كان أحد الالتزامين تخييرياً أو بدلياً حتى لو تماثلت أحد محال الالتزام التخييري أو البدلي مع محل التزام الطرف الآخر حتى لا يحرم صاحب الاختيار من اختياره، ولكن متى تم الاختيار أصبح المحل واحداً وجازت المقاصة وأن كان أحد الدينين أو كلاهما متضمناً شرطاً جزائياً، فإن ذلك لا يحول دون المقاصة.
ومتى اختلف المحل امتنعت المقاصة القانونية، وأمكن إعمال المقاصة الاختيارية.
(3) صلاحية كل من الدينين للمطالبة به قضائياً، فلا مقاصة بين التزام طبيعي والتزام مدني، فالالتزام الطبيعي بالحق الذي سقط بالتقادم، لا يجوز أن يقاص بالتزام مدني، ولا يصبح الالتزام طبيعياً في حالة التقادم إلا إذا تمسك المدين بالتقادم عند مطالبته قضائياً بالدين أما قبل هذا التمسك فتكون المقاصة جائزة يتنازل المدين عن الدفع بالتقادم بعد أن ثبت الحق فيه، ويخالف السنهوري ذلك مقرراً عدم جواز المقاصة أن كان أحد الدينين أو كلاهما انقضت عليه مدة التقادم حتى قبل أن يتمسك الدين بالتقادم. ولا يشترط أن يتساوى الدينان قوة، فتجوز المقاصة بين دين مضمون بتأمين وبين دين لا تأمين له، أو بين دين ينتج فوائد وآخر لا ينتج فوائد، أو بين دین ثابت بسند تنفيذي وأخر ثابت بسند عرفي أو غير ثابت بسند إن أقر المدين به أمام المحكمة، أو بين دین قابل للفسخ أو الإبطال وآخر غير قابل لذلك علي أنه اذا فسخ أو أبطل اعتبرت المقاصة كأن لم تكن.
(4) أن يكون كل من الدينين خالياً من النزاع، بأن يكون محققاً ومعلوم المقدار ويجب أن يكون النزاع جدياً، وإلا إعتبر الدين خال من النزاع، والعبرة بواقع الحال وفقاً لما يراه قاضي الموضوع لا بما يثيره المدين، ولا يشترط لتوفر المنازعة أن ترفع بها دعوى، ولا يحول دون المقاصة أن يكون أحد الدينين معلقاً علي شرط فاسخ إذ يعتبر الدين محققاً، ولكن إذا تحقق الشرط اعتبرت المقاصة كأن لم تكن أما الدين المعلق علي شرط واقف، فهو دين غير محقق، إذ قد يوجد وقد لا يوجد، ولهذا لا يقاص بدين آخر، وإذا كان الدين متنازعاً فيه، فلا يحسم ويصبح محققاً إلا بصدور حكم نهائي.
فإن كان النزاع جدياً، فلا تقع المقاصة، ولكن يجوز لصاحب الدين محل النزاع حتى يحول دون صدور حكم بإلزامه بالدين الذي في ذمته لخصمه، أن يوقع حجزاً تحت يد نفسه ثم يطلب تثبيت هذا الحجز وإجراء المقاصة القضائية، كما له المطالبة بهذه المقاصة برفع دعوى فرعية بها ويكون من شأن هذه الدعوى حسم النزاع الذي أثير حول الدين، وتقع المقاصة أو لا تقع، وفقاً لما تسفر عنه الدعوي الفرعية، فان ثبت حق المدعي فيها وقعت المقاصة أما إن كان غير محق رفضت الدعوى الفرعية وإلزام رافعها بما في ذمته للخصم الآخر، ويجب النظر الدعوى الفرعية ألا تكون إجراءات تحقيق الذين تتطلب وقتاً طويلاً بأن تكون مستندات المديونية مما يتطلب ندب أهل الخبرة أو اجراء تحقيق، وفي هذه الحالة تفصل المحكمة في الدعوى الأصلية وتقضي بعدم قبول الدعوى الفرعية ولا يكون لرافعها إلا إقامة دعوى أصلية بحقه ومتي قضي له به وأصبح الحكم نهائياً، وتمسك بالمقاصة إن لم يكن قد تم الفصل في دعوى خصمه أو أثناء التنفيذ عليه بالحكم الصادر لخصمه اعتبرت المقاصة واقعة من تاريخ صدور الحكم الذي إنحسم به النزاع.
كما يجب أن يكون الدين معلوم المقدار، ويعتبر كذلك إذا كان يمكن تقدير الدين بعملية حسابية بسيطة أو كانت عناصر الدين ثابتة أمام المحكمة بمستندات أو إقرارات لا خلاف فيها كتوريد مائة أردب من القمح بسعر الأردب عشرة جنيهات و كأجرة محل لعدد محدد من الشهور، وإن كان جزء من الدين غير متنازع فيه والجزء الآخر متنازع فيه، فيجوز للقاضي أعمال المقاصة بالنسبة للجزء غير المتنازع فيه، كما يمكن للمدين في هذه الحالة أن يوقع حجزا تحت يد نفسه بالدين الذي له وهو الدين المتنازع فيه ثم يرفع دعوى بتقدير الدين وتثبيت الحجز، ومتى تم التقدير أصبح الدين خالياً من النزاع ووقعت المقاصة، أما أن كان تقدير الدين يتطلب مسائل حسابية معقدة تتطلب اللجوء لأهل الخبرة بصددها، فإن الدين لا يكون في هذه الحالة معلوم المقدار فلا تقع المقاصة إلا بعد الحكم في تقدير الدين. كذلك لا يعتبر الدين معلوم المقدار اذا كان سببه فعل غير مشروع ولم يقدر التعويض النهائي عنه بعد، ولا المصروفات القضائية التي لم يصدر أمر نهائي بتقديرها قبل رفع الدعوى ويلحق بتلك المصروفات وأتعاب المحاماة .
فإن كانت هناك فوائد، تعين تحديد الدين الذي تجري به المقاصة في التاريخ المعتبر مبدأ لتنفيذها مضافاً إليه الفوائد السابقة علي هذا التاريخ دون اللاحقة عليه.
(5) أن يكون كل دين مستحق الأداء، فالذين المضاف إلى أجل واقف لا تجوز فيه المقاصة لأنه غير مستحق الأداء وذلك إلى أن يحل الأجل، فيتلاقي اعتباراً من هذا الوقت مع الدين الآخر المستحق وتقع المقاصة، فإن كان الدين مستحقاً في 1/ 1/ 2001 ثم أصبح المدين دائناً لدائنه بشئ مماثل مستحقاً في 1/ 7/ 2001 فإن الدينان يتلاقيان في التاريخ الأخير وتقع المقاصة، ويسقط الأجل بإفلاس المدين أو باعساره وبأضعاف التأمينات م 273 ولكن لا تجوز المقاصة في حالتي الإفلاس أو الإعسار باعتبارها وفاء محظور على المفلس أو المعسر.
وأن حل أجل الدين، ولكن القاضي منح المدين أجلا للوفاء وفقاً لما تنص عليه المادة 346 أو منح الدائن أجلا للمدين للوفاء بالدين، فإن ذلك لا يجعل الدين غير مستحق الأداء بالنسبة لوقوع المقاصة، إذ لا يحول دون وقوعها أن يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضي أو تبرع بها الدائن.
وأيضاً إذا رسا المزاد علي الدائن المرتهن وكان مقدما على سائر الدائنين ، فان الثمن کدين يكون حالاً في ذمة الدائن المرتهن وقت النطق بحكم مرسى المزاد، فتقع المقاصة القانونية بين الثمن وبين حقه المكفول بالرهن، ولا يكون الدائن المرتهن في حاجة إلي إدراج إسمه في قائمة التوزيع إذ يقاص الدينان من وقت تلاقيهما أي من وقت النطق بحكم مرسى المزاد، وله أن يتمسك بالمقاصة بأن يعارض في قائمة التوزيع النهائي فيستنزل قاضي التوزيع منها الثمن الذي انقضى بالمقاصة.
ويجوز التمسك بالمقاصة القانونية في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام الاستئناف خلافا للمقاصة القضائية إذ لا يجوز اثارتها لأول مرة أمام الاستئناف.
(6) أن يكون كل من الدينين قابلاً للحجز، وهذا الشرط نصت عليه المادة 364 فإن كان الدائن ملتزماً لمدينه بدین نفقة فليس له أن يوقع المقاصة بين هذا الدين ودين آخر له في ذمة مدينه، إذ لا يجوز الحجز على دين النفقة ومثل النفقة المعاش والقدر من المرتب الغير قابل للحجز، وذلك أن المقاصة تنطوي علي وفاء جبري فتأخذ حكم الحجز.
ومتى توافرت هذه الشروط، وقعت المقاصة. فيقضي الدينان بقدر الأقل منهما بعد إضافة الفوائد أن وجدت على نحو ما أوضحناه بالشرط الرابع فيما تقدم. ولما كانت المقاصة واقعة مادية، فلا يشترط لوقوعها توفر أهلية الوفاء أو أهلية الاستيفاء في أحد الطرفين أو كليهما مثلما يشترط في التصرفات القانونية.
وإن كانت المقاصة القانونية تقع بقوة القانون منذ توافر شروطها، فليس معنى ذلك أن تتصدي لها المحكمة من تلقاء نفسها، وإنما تلتزم بايقاعها إذا تمسك بها من له مصلحة فيها عملاً بالمادة 365 من القانون المدني، وبالتالي يكون للخصم الآخر أن يتمسك بدوره بالدفوع التي تحول دون إيقاع المقاصة، و كان قضاء حق طالب المقاصة بالتقادم. فإن لم يتمسك بهذا الدفع فلا يجوز للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها وحينئذ يتعين عليها أن توقع المقاصة.
التمسك بالمقاصة :
تقع المقاصة القانونية بمجرد توافر شروطها، وبحكم القانون ومن الوقت الذي يتلاقي فيه الدينان ولو تم التمسك بها بعد ذلك، ولكونها غير متعلقة بالنظام العام فلا يجوز للقاضي أن يقضي بها من تلقاء نفسه مهما كانت مستندات الدعوى قاطعة في وقوعها، بل يتعين أن يتمسك بها ذو المصلحة فيها كالمدين والمدين المتضامنين والكفيل وحائز العقار م 287، وذلك في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام الاستئناف ولكن لا يجوز ذلك أما محكمة النقض، إذ أن المقاصة القانونية تعتبر واقعة مادية متوفرة أمام محكمة أول درجة وأن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها أمام محكمة أول درجة إلى محكمة الاستئناف ومن ثم فإن التمسك بالمقاصة القانونية أمام الاستئناف لا يعتبر طلباً جديداً خلافاً للمقاصة القضائية، إذ تنص الفقرة الأولي من المادة 125 مرافعات على إعتبار المقاصة القضائية طلباً عارضاً، وتنص المادة 123 مرافعات على أن الطلبات العارضة تقدم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة وتثبت في محضرها، ومن ثم فان المقاصة القضائية تعتبر طلباً معروضاً على محكمة أول درجة إذا قدم على نحو ما تقدم، ويترتب على ذلك عدم قبول هذه المقاصة لأول مرة أمام الاستئناف باعتبارها طلباً جديداً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبوله وفقاً للمادة 235 مرافعات ولو بعد التعرض للموضوع لتعلق ذلك بالنظام العام.
علي أنه في المقاصة القانونية، إذا لم يتمسك بها ذو المصلحة فيها، ولم يكن قد نزل عنها صراحة أو ضمناً، فإنه يجوز أن يتمسك بها عند تنفيذ الحكم الصادر ضده بأن يستشكل في تنفيذه طالباً الحكم بوقف إجراءات التنفيذ حتى تفصل محكمة الموضوع بوقوع المقاصة ومتى تبين قاضي التنفيذ، من ظاهر الأوراق، توافر شروط المقاصة القانونية، حتى بعد صدور الحكم النهائي، فإنه يقضي بوقف تنفيذه، ولا يحتج على ذلك بالنسبة للمقاصة التي توافرت شروطها قبل صدور الحكم لاشتراط أن يكون السبب الذي يستند إليه المستشكل لاحقاً علي صدور الحكم، ذلك أن هذا الاشتراط لا يكون مجدياً إلا في الحالات التي يجوز للمحكمة أن تفصل من تلقاء نفسها في الواقعة التي استند المستشكل إليها بحيث يقال أنها فصلت فيها ضمناً، أما إن كانت المحكمة محظور عليها التعرض لتلك الواقعة من تلقاء نفسها فإن حكمها لا يكون قد تعرض لها، ومن ثم فإن التمسك بالمقاصة بعد صدور الحكم وبصدد إشكال في التنفيذ يكون بمثابة سبب جديد لم يكن مطروحاً على المحكمة.
التمسك بالمقاصة أمام النقض :
مناط المقاصة رغم إكتمال مدة تقادم الدين :
متي توافرت شروط المقاصة وقعت بحكم القانون، ووقوع المقاصة غير التمسك بها، فالمقاصة تقع بتوافر شروطها ولكن آثارها لا تتحقق إلا بالتمسك بها من صاحب المصلحة فيها، فينقضي الدينان بالتمسك بالمقاصة بقدر الأقل منهما، ولكن يتحقق هذا الانقضاء بأثر رجعي من وقت تلاقي الدينين.
فان توافرت شروط المقاصة، ولكن عند التمسك بها بعد ذلك، كان أحد الدينين قد مضت عليه مدة تقادمه، فإن ذلك لا يحول دون تحقق أثرها عند التمسك بها، لأن الدينين كانا قد إنقضيا بالمقاصة قبل اكتمال مدة التقادم ولأن التمسك بالمقاصة يؤدي إلي إظهار أثرها منذ توافر شروطها وفي هذا الوقت لم يكن الدين قد مضت عليه مدة التقادم.
أما إن تمسك الخصم بالتقادم، ولم يتمسك الخصم الآخر بالمقاصة رغم توافر شروطها، فان المحكمة حينئذ لا تقضي بالمقاصة من تلقاء نفسها وإنما تلتزم بالحكم برفض الدعوى لانقضاء الدين بالتقادم. إذ يجوز لمن له الحق في التمسك بالمقاصة أن يتنازل عنها ولو ضمناً، فإن لم تكن إرادته قد انصرفت إلى التنازل وإنما لم يفطن إلى التمسك بالمقاصة. فإنه يستطيع التمسك بها عن طريق الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر برفض الدعوى ثم التمسك بالمقاصة وحينئذ تقضى المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف و بحصول المقاصة بقدر الأقل من الدينين، أما إن أصبح الحكم برفض الدعوى نهائياً لعدم استئنافه في الميعاد، فإنه يحول دون التمسك بالمقاصة عند رجوع الخصم الآخر بدينه.
أما إن كان الدين قد انقضت مدة تقادمه قبل أن يتلاقى مع الدين الآخر، فإن الدفع بتقادمه يقضيه دون أن يكون لصاحبه التمسك بالمقاصة لأن الدينين لم يتلاقيا إذ كان أحدهما قد اكتملت مدة تقادمه وتمسك الخصم بهذا التقادم، أما إن لم يتمسك المدين بالتقادم رغم ثبوت حقه فيه، وكان قد أراد تنازلاً عنه فإن الدينين يتلاقیان من وقت استحقاق الدين اللاحق وتقع المقاصة.
فإن كان الدينان قد انقضت عليهما مدة التقادم، جاز لكل خصم إما إن يتمسك بالتقادم وإما بالمقاصة، فان انقضى الدين بالتقادم تخلف عنه التزام طبيعي، أما إن انقضى بالمقاصة لم يتخلف التزام طبيعي باعتبار المقاصة وفاء.
وقضت محكمة النقض بأنه إذا كان أحد الدينين قد استحق في 30 نوفمبر سنة 1915 والآخر في آخر ديسمبر سنة 1928 فإنه في هذا الوقت الأخير لم يكن الدين الأول قد سقط الحق في المطالبة به بمضي المدة فيتقابل الدينان فيه وتقع المقاصة بقدر أقلهما. نقض 14/ 12/ 1936 ج 1 في 25 سنة ص 282.
ولا يمنع من حصول هذه المقاصة أن يكون قد طلبها صاحب الدين الأول بعد دعوى خصمه صاحب الدين الثاني عليه مهما استطالت المدة ، لأن المقاصة تقع حتماً وبقوة القانون، فالتمسك بها بعد رفع دعوى الخصم إنما هو تمسك بأمر وقع فعلاً بقوة القانون.
أثر المقامة بالنسبة للغير:
المقاصة كما هي أداة وفاء، فهي أداة ضمان، إذ يكون للمدين عندما يصبح دائناً لدائنه، ويستوفي الدينان شروط المقاصة، قبل أن يتعلق للغير حق في هذا الدين، أن يتمسك بالمقاصة فيقضي بذلك دينه قصاصاً حتي لو تعلق للغير حق بهذا الدين طالما كان هذا بعد أن تحققت شروط المقاصة.
فاذا أصبح المدين دائناً لدائنه، ثم أوقع الغير حجزاً تحت يد المدين فإن هذا الحجز يتوقف على ما إذا كان قد وقع قبل تحقق شروط المقاصة أو بعد ذلك، فإن كان قبل تحقق شروط المقاصة، تعلق حق الدائن الحاجز بالدين وامنعت المقاصة لما فيها من أضرار بحقوق الحاجز، ولكن يجوز للمدين في هذه الحالة أن يوقع حجزا تحت يد نفسه فيشارك الحاجز الأول عند توزيع الدين وفقاً لقسمة الغرماء. أما إن كان الحجز بعد تحقق شروط المقاصة، فان المقاصة تكون قد وقعت فعلاً وانقضى الدين الوارد عليه الحجز ولا يكون هناك محل له فيقع باطلا ومن ثم لا يحول دون تمسك المحجوز لديه بالمقاصة، إذ ليس في ذلك إضرار بحقوق الغير.
ويقع عبء إثبات توافر شروط المقاصة على عاتق أي من طرفيها كما يكون للحاجز إثبات عدم توافرها.
وينعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ، فيقوم ببحث شروط المقاصة فإن وجد أنها توافرت قبل توقيع الحجز، قضى بانقضاء الدينين بالمقاصة وببطلان الحجز إن كان الدينان متساويين، فإن كان الدين المحجوز عليه أكثر من الدين المقابل، قضي بالمقاصة بقدر الدين الأخير وبقصر الحجز علي الباقي من الدين المحجوز عليه ، أما أن كان الدين الأخير أقل من الدين المقابل، قضي بالمقاصة بقدر الدين المحجوز عليه وببطلان الحجر.
عدم تمسك المدين بالمقاصة بعد حوالة الحق :
تنفذ الحوالة في حق المدين بقبوله لها أو إعلانه بها، ويختلف تبعاً لذلك مدي أحقيته في التمسك بالمقاصة. فإن كانت الحوالة نفذت في حق المدين بقبوله لها، ولم يتحفظ بأن صدر منه هذا القبول دون أن يشترط قضاء الدين الذي في ذمته للدائن بقدر الدين الذي له في ذمة الأخير ثم حوالة ما يجاوز ذلك، فإنه لا يستطيع بعد ذلك أن يتمسك بالمقاصة قبل الدائن المحيل إذ لم يعد دائناً له ولا قبل المحال له لأنه ليس مديناً له، ويعتبر قبول الحوالة دون تحفظ تنازلاً عن التمسك بالمقاصة بعد أن ثبت الحق فيها، ويكون للمدين في هذه الحالة الرجوع على الدائن بما كان له في ذمته، ويظل للمقاصة أثرها بالنسبة للتقادم، فإن كانت شروط المقاصة قد توافرت قبل انقضاء حق المحال عليه بالتقادم، ثم قبل الأخير الحوالة، وعند رجوعه علي المحيل كانت مدة تقادم حقه قد اكتملت، فإن هذا لا يحول دون مطالبته بحقه ويمتنع علي المحيل أن يتمسك في مواجهة دائنه المحال عليه بالتقادم.
ومتى قبل المحال عليه الحوالة، امتنع عليه التمسك بالمقاصة سواء كان عالماً بتوافر شروطها أو لم يكن عالماً بذلك، أما أن تحفظ وقت قبوله علي نحو ما تقدم ، كان له أن يتمسك بها عند الرجوع عليه، وكذلك يجوز للمدين التمسك بالمقاصة رغم قبوله للحوالة دون تحفظ، إذا كان الحق الذي يتمسك به والدين المحال أو المحجوز عليه تحت يده مصدرهما واحد، ففي عقد البيع، يلتزم المشتري بالثمن ويلتزم البائع بضمان العيوب الخفية، فإن قام البائع بتحويل الثمن الي الغير أو أوقع دائن البائع حجزاً تحفظياً علي الثمن تحت يد المشتري، وقبل المشتري الحوالة، ثم تحقق ضمان البائع، كان للمشتري أن يتمسك بالمقاصة بين الثمن والمبلغ المستحق له عن العيب، فلا يلتزم بالوفاء إلا بالمبلغ الذي يتبقي من الثمن بعد استنزال قيمة العيب.
أما بالنسبة للتأمينات التي كانت ضامنة لحق المدين، فإنها لا تعود إذا كان المدين وقت قبوله الحوالة عالماً بوقوع المقاصة، أما أن لم یکن عالماً بذلك فإن التأمينات تبقي عند رجوعه علي المحيل.
فان نفذت الحوالة في حق المدين بإعلانه بها، وكانت شروط المقاصة قد توافرت قبل هذا الإعلان، فان المقاصة تكون قد وقعت وتكون الحوالة وردت على محل غیر موجود فتقع باطلة ولا يحول الإعلان دون تمسك المدين بالمقاصة عند الرجوع عليه من المحيل أو من المحال له. أما أن توافرت شروط المقاصة بعد إعلان الحوالة، فان ذلك يحول دون المدين وتمسكه بالمقاصة لأن الدين الذي في ذمته إنتقل إلى المحال له قبل أن يصبح حقه صالحاً للقصاص.
إنقضاء التأمينات بعدم تمسك المدين بالمقاصة :
تقع المقاصة بحكم القانون بمجرد توافر شروطها، ولكن لا ينقضي الدين قصاصاً إلا بالتمسك بها، فان لم يتمسك المدين بالمقاصة رغم ثبوت حقه فيها، فلا يحكم بها القاضي من تلقاء نفسه لعدم تعلقها بالنظام العام، وقد يكون المدين قد تنازل عنها، وسواء كان التنازل صريحاً أو ضمنياً، فإن المقاصة لا تقع فيما بين الدائن والمدين، أما الغير الذي له مصلحة فيها، فيجوز له أن يتمسك بها رغم تنازل المدين عنها، فللكفيل الشخصي أو العيني والمدين التضامن وحائز العقار أن يتمسك بالمقاصة.
فان تنازل المدين عن التمسك بالمقاصة، وقام بالوفاء بما في ذمته رغم علمه وقت الوفاء بأن له حق في ذمة دائنه تجوز فيه المقاصة، كان له الرجوع على الدائن بحقه الذي في ذمته والذي لم يتمسك بشأنه بالمقاصة، ولكن لا . يجوز له أن يتمسك بالتأمينات التي كانت تكفل الدين ومن ثم لا يجوز له الرجوع على الكفيل أو المدين المتضامن أو حائز العقار المرهون، وأيضاً لا يجوز له التمسك بالتأمينات العينية التي كانت تكفل الدين كالرهن أو الامتياز إضراراً بالدائنين التاليين له في المرتبة، ذلك أن المقاصة تنتج أثرها فور تحقق شروطها بالنسبة للغير ولو تنازل المدين عن التمسك بها، ومؤدي ذلك إنقضاء الدين قصاصاً وتتبعه تأميناته فلا يجوز التمسك بها بعد إنقضائها تبعاً للدين بالمقاصة.
أما إن قام المدين بالوفاء وهو يجهل أن له حق في المقاصة، كان له الرجوع على الدائن بالحق الذي له في ذمته وتظل لهذا الحق تأميناته التي كانت تكفله ومن ثم يجوز الرجوع على الكفيل الشخصي أو العيني وعلي المدين المتضامن وحائز العقار المرهون لانتفاء مظنة التنازل عن التمسك بالمقاصة.
ويعتبر الوفاء قرينة على تنازل المدين عن المقاصة، وتلك قرينة بسيطة يجوز للمدين نفيها باثبات أن عذراً حقيقياً حال بينه وبين العلم بتوافر شروط المقاصة وقت الوفاء.
وللمدين إن لم يرجع بحقه على نحو ما تقدم، أن يرجع بدعوى استرداد ما دفع بغير حق إن كان الدائن سئ النية أي كان يعلم بالمقاصة عندما استوفي حقه إذ في هذه الحالة يرجع بالفوائد أيضاً وفقاً للقواعد العامة، كذلك يجوز اللدائن إن استوفي حقه وهو يجهل وقوع المقاصة، أن يرد ما استوفاه ويتمسك بالمقاصة أن كانت له مصلحة في ذلك .
ثانيا: المقاصة الاختيارية
وقوع المقاصة الاختيارية:
المقاصة غير متعلقة بالنظام العام، ولذلك لا يتقيد أطرافها بالنصوص المتعلقة بالمقاصة القانونية، فيجوز رغم عدم توافر شروط المقاصة القانونية وتلك وحدها التي نظمها المشرع اللجوء إلى المقاصة الاختيارية فيما عدا الحالات التي حظرها المشرع بنصوص آمرة، فلا تجوز المقاصة الاختيارية ولا القانونية بين أجر العامل وین دین عليه لرب العمل، ولا تجوز أيضاً أثناء فترة الريبة وحتى شهر الإفلاس.
والمقاصة الاختيارية، تقع بالارادة المنفردة أو باتفاق الطرفين، فإن كان لأحد الطرفين مصلحة في عدم وقوع المقاصة، جاز له التنازل عن هذه المصلحة فتقع المقاصة بإعلان رغبته فيها إلى الطرف الآخر، مثال ذلك أن يكون للمدين كفيل ويكون هذا الكفيل دائنا لدائن الدين، فان المقاصة القانونية تكون غير جائزة بين دين الدين وبين الدين الذي في ذمة الدائن للكفيل وذلك تحقيقاً لمصلحة الكفيل، ولكن يجوز للكفيل أن يتنازل عن هذه المصلحة ويتمسك بالمقاصة بإعلان إرادته للدائن، فتقع المقاصة، كذلك إذا كان أحد الدينين غير صالح للمطالبة به كما لو كان التزاماً طبيعياً أو مضافاً إلى أجل أو معلقاً علي شرط واقف، ففي هذه الحالات لا تجوز المقاصة تحقيقا المصلحة صاحب هذا الدين، إلا أنه يجوز له التنازل عن هذه المصلحة ويتمسك بالمقاصة بإعلان إرادته للطرف الآخر. وأيضاً أن كان أحد الدينين غير قابل للحجز کدین نفقة أو كان مما لا تجوز فيه المقاصة كما في الشئ المنزوع أو المودع أو المعار، فإن صاحب هذا الدين والذي امتنعت المقاصة تحقيقاً لمصلحته يمكنه التنازل عن هذه المصلحة ويتمسك بالمقاصة الاختيارية بإعلان إرادته للطرف الآخر.
فإن كانت المقاصة القانونية ممنوعة تحقيقاً لمصلحة الطرفين معاً، كما اذا كان أجل الدينين لم يحل وكان الأجل لمصلحة الطرفين معاً، أو كان محل الدين يختلف عن محل الدين المقابل، أو كان أحد الدينين غير معلوم المقدار أو كان محلا لنزاع، فان المقاصة الاختيارية لا تقع إلا باتفاق الطرفين على وقوعها بالتنازل عن الاجل أو بالقصاص بين المحلين المختلفين مع تقدير معدل أن كان أحد المحلين يجاوز المحل الآخر في القيمة ، أو بالاتفاق علي تقدير الدين أو فض النزاع المتعلق به.
فالمقاصة الاختيارية، تقع على نحو ما تقدم عندما لا تتوافر شروط المقاصة القانونية. ويترتب عليها ما يترتب على المقاصة القانونية، إلا أن أثرها لا يتحقق إلا من الوقت الذي يعلن فيه صاحب المصلحة إرادته في وقوعها، سواء كانت ارادة طرف واحد أو إرادة الطرفين، فليس للمقاصة الاختيارية أثر رجعي خلافا للمقاصة القانونية التي يرجع أثرها الي وقت تلاقي الدينين.
فينقضي الدينان بقدر الأقل منها من تاريخ إعلان الارادة على نحو ما تقدم ويتبعه إنقضاء التأمينات وعدم سريان الفوائد، ومتى وقعت المقاصة امتنع الرجوع فيها إلا باتفاق الطرفين وفقا للقواعد العامة على ألا يترتب على هذا الرجوع الإضرار بالغير، وتمتنع المقاصة الاختيارية إذا كانت تؤدي إلى وفاء جزئي اذ لا يجبر الدائن على هذا الوفاء.
فإن وقع نزاع في صحة المقاصة الاختيارية ، فصل القاضي في هذا النزاع وتبقي المقاصة اختيارية دون أن تنقلب إلى مقاصة قضائية ويجوز التمسك بالمقاصة الاختيارية أما باعلان الإرادة وإما بابداء طلبها الي المحكمة شفاهة أو بمذكرة دون حاجة إلى رفع دعوى فرعية خلافاً للمقاصة القضائية.
ثالثا: المقاصة القضائية
وقوع المقاصة القضائية :
إذا لم تتوافر شروط المقاصة القانونية ، إمتنع وقوعها، فإن كان الشرط الذي تخلف تقرر لمصلحة الطرفين ورفض أحدهما التنازل عن هذا الشرط ، امتنعت كذلك المقاصة الاختيارية، ولم يبق أمام الطرف الآخر إلا اللجوء إلى المقاصة القضائية فيطلب من القاضي إنهاء النزاع المتعلق بحقه أو تقدير هذا الحق إن لم يكن مقدراً، ويكون ذلك عن طريق دعوى عارضة يرفعها كدفع يرد به على الدعوى الأصلية المرفوعة عليه بالدين الذي في ذمته للدائن، وقد تطلب المقاصة القضائية عن طريق دعوى أصلية يرفعها المدين لاستصدار حكم بوقوع المقاصة وانقضاء دينه بها، ويحسن في هذه الحالة الأخيرة، أن يوقع المدين حجزاً تحفظياً تحت يده حتي يتفادي حوالة الدين الذي في ذمته.
فلا يجوز اللجوء إلى المقاصة القضائية إلا إذا كان الدين متنازعاً فيه أو كان غير معلوم المقدار أو كان متنازعاً فيه وفي الوقت نفسه غير معلوم المقدار. ومن ثم لا يجوز اللجوء إليها إذا كان الدينان غیر متقابلين كأن يكون أحد الدينين في ذمة الدائن للكفيل أو الأجنبي وليس في ذمة المدين، أو كان أحد الدينين غير قابل للحجز أو للمطالبة القضائية أو كان غير مستحق أو كان محل أحد الدينين يختلف عن محل الدين الآخر وفي الحالة الأخيرة لا تقع المقاصة ولكن يقضي بالدينين، على أنه يجوز للقاضي إن كان حق طالب المقاصة، متى طلبت بدعوى عارضة لم يحل بعد، أن يمنحها نظرة ميسرة إلى الوقت الذي يحل فيه حقه فيتقابل الدينان ويوقع المقاصة. وفي حالة الخطأ المشترك، فلا تقع المقاصة بين التعويض المستحق لكل مضرور على نحو ما أوضحنا بالمادة 216 .
وتنص المادة 125 من قانون المرافعات علي أن «للمدعي عليه أن يقدم من الطلبات العارضة :1- طلب المقاصة القضائية..» كما تنص المادة 127 من ذات القانون علي أن «تحكم المحكمة في كل نزاع يتعلق بقبول الطلبات العارضة أو التدخل ولا يترتب على الطلبات العارضة أو التدخل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم، وتحكم المحكمة في موضوع الطلبات العارضة أو في طلبات التدخل مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا إستبقت الطلب العارض أو طلب التدخل للحكم فيه بعد تحقيقه».
ومفاد ذلك، أن يكون للقاضي سلطة تقدير طلب المقاصة أن رفعت بدعوي عارضة، فان وجد کیدیته رفض نظرة وفصل في الدعوى الأصلية، أما إن وجد جديته تناول بحثه والفصل فيه مع الدعوى الأصلية إن تيسر ذلك، أما إن كان في حاجة الي الاستعانة بأهل الخبرة أو الي ضم مستندات ليس من السهل ضمها جاز له الفصل في الدعوى الأصلية و إرجاء الفصل في الطلب العارض إلى ما بعد ذلك أو تركه للمدعى عليه ليرفع به دعوى مستقلة.
ويترتب على المقاصة القضائية ما يترتب على المقاصة القانونية مع مراعاة التأشير بانقضاء التأمينات لتسري في حق الغير، وتقع المقاصة من وقت صدور الحكم لا من وقت طلبها ويري البعض وقوعها من وقت طلبها لا من وقت صدور الحكم.
(2) طلب التعويض عن رفع الدعوى أو إجراء فيها :
المقرر قانوناً أن حق. التقاضي والدفع في الدعوى من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة بالأصالة أو بالوكالة، فلا يسأل من ولج أبواب القضاء تمسكاً بحق أو ذوا عنه، إلا أنه إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالمدعى عليه بسبب إساءة استعمال حق التقاضي، ومتى تقدم الأخير بطلب عارض بالتعويض عن رفع الدعوى أو اتخاذ المدعى أي إجراء فيها ولم يقصد من ذلك إلا إعانات المدعى عليه بانتفاء كل مصلحة للمدعى انتفاء جلياً واضحاً وفقاً لمعيار الشخص العادي تحقق بذلك التعسف والغلو في استعمال هذا الحق وينقلب بذلك إلى مخبئة ويتوافر ركن الخطأ التقصيري الذي يرتب إضراراً للمدعى عليه مما يوجب على المحكمة القضاء له بالتعويض وفقاً للعناصر التي تثبت لها.
وقد يتحقق الخطأ التقصيري في جانب المدعى أو في جانب وكيله بموجب أي من إجراءات التقاضي التي تتخذ في الدعوى، مثل الإعلانات أو المذكرات أو المرافعة الشفوية متی تضمنت خروجاً عن نطاق الدفاع المباح، مثل عبارات القذف والسب وغير ذلك مما يتحقق به الخطأ التقصيري، ولا يتوافر هذا الخطأ إلا إذا كانت هي أو الإجراء خارجاً عن نطاق الدفاع وإلا كان عملاً مباحاً، مثال ذلك الدعوى التي يرفعها الموكل على وكيله بإلزامه برد المبالغ التي حصل عليها أثناء الوكالة وضمن صحيفتها أن المدعى عليه «مبدد وخائن للأمانة» لأن هذا الوصف هو أساس دعوى الرجوع عليه إذا قامت الدلائل على سبق مطالبته ودياً أو بمكاتبات ولم يمتثل لذلك، أما إذا انتفت هذه الدلائل، فإن المدعي يكون قد ارتكب خطأ تقصيرياً تضمنته صحيفة الدعوى وإعلانها كإجراء في الدعوى وتعين مساءلته، ونصت المادة (69) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أن يمتنع المحامي عن ذكر أمور شخصية تسيء لخصم موكله أو اتهامه بما يمس شرفه أو كرامته ما لم تستلزم ذلك ضرورة الدفاع.
ولما كانت الطلبات العارضة قد وردت في القانون على سبيل الحصر مما يحول دون تقرير ما يجاوز هذا الحصر، ومن ثم يقتصر الطلب العارض بالتعويض عن رفع الدعوى أو اتخاذ إجراء فيها على المدعى عليه ومن تدخل أو أدخل في الدعوى منضماً إليه، فلا يمتد إلى المدعي بحيث إذا توافر الخطأ التقصيري في إجراء اتخذه المدعى عليه أو في مرافعته، فإن المدعي لا يجوز له الرجوع عليه بالتعويض عن طريق الطلب العارض إنما عن طريق الدعوى المبتدأة.
(3) أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه :
ينصرف ذلك إلى الطلبات العارضة التي تترتب عليها تلك الآثار، فلا يمتد إلى الدفوع الموضوعية التي قد ترتب ذات الآثار ذلك أن مؤدى الطلب العارض وهو بمثابة دعوی يجوز رفعها على استقلال أن يطلب المدعى عليه الحكم له على المدعى بحق يدعيه، خلافاً للدفع الموضوعي الذي يجحد بموجبه حق المدعي.
فإذا رفع المؤجر دعوى إخلاء وتسليمه العين المؤجرة خالية مما يشغلها للتنازل عن الإيجار بغير إذن منه، فتقدم المدعى عليه بطلب عارض بثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين المؤجر، وأثبت المدعى عليه قيام هذه العلاقة أجابته المحكمة إلى طلبه وترتب على ذلك ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها، كذلك الدعوى التي يرفعها المدعي بصحة ونفاذ عقد أو تنفيذه فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بفسخه أو بطلانه، وقد يترتب على إجابة الطلب العارض ألا يحكم للمدعي ببعض طلباته، كالدعوى التي ترفع بطرد المدعى عليه من عيني النزاع للغصب، فيتقدم الأخير بطلب عارض بثبوت أحقيته في إحداها.
وقد يترتب على إجابة الطلب العارض أن يحكم للمدعي بطلباته مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه، مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوی ثبوت ملكيته بعين النزاع، فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بتقرير حق ارتفاق له عليه، فيحكم للمدعي بثبوت ملكيته و بتقرير حق ارتفاق عليه لمصلحة المدعى عليه ، وقد يرفع المدعي دعوی ثبوت ملكيته للمباني المقدمة على أرضه بالالتصاق، فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بتكاليف البناء وبحقه في حبس البناء حتى يتم الوفاء له.
(4) أي طلب يكون متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة :
قد تتصل الدعوى الفرعية المتمثلة في الطلب العارض بالدعوى الأصلية اتصالاً وثيقاً لا يقبل التجزئة ما يجب أن تفصل فيهما محكمة واحدة بحکم واحد لحسن سير العدالة وتفاديا لتضارب الأحكام، مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى بانكار حق الارتفاق فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بتقرير هذا الحق، أو يرفع المدعى دعوى بثبوت ملكيته لعين النزاع فيتقدم المدعى عليه، بطلب عارض بثبوت ملكيته هو لذات العين.
فإن كان الطلب العارض متصلا بالدعوى الأصلية مما يقبل التجزئة، أو لم يكن متصلا بها، فلا يكون جائزا إلا إذا اندرج تحت إحدى الحالات التي نصت عليها المادة (125)، فإذا توافرت الصلة أو الارتباط مما يقبل التجزئة، فإنه يشترط لجواز الطلب العارض أن تأذن المحكمة للمدعى عليه بتقديمه وفقاً للبند التالي، أما إذا انتفى الاتصال ولم يندرج الطلب تحت إحدى الحالات المشار إليها، تعين الحكم بعدم جواز تقديم الطلب العارض، ولا يكون أمام المدعى عليه إلا رفع دعواه مبتدأة بهذا الطلب الذي يصبح طلباً أصلياً لا يحول دون الحكم فيه سبق القضاء بعدم جواز تقديمه لعدم امتداد هذا القضاء لموضوعة.
(5) ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالدعوى الأصلية:
أوضحنا هذه الحالة تفصيلاً بالمادة السابقة فنحيل إليها، ومن الأمثلة عليها أن يرفع المدعي دعوى بإلزام المدعى عليه باقي الثمن فيتقدم الأخير بطلب عارض بإلزامه بتنفيذ التزامه بنقل الملكية وتسليم المبيع، والدعوى التي يرفعها المؤجر بطلب الأجرة فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بإلزامه بتمكينه من الانتفاع بالعين وفقاً للغرض المتفق عليه.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثالث /الصفحة 250)
طلبات المدعى عليه العارضة هي التي يتقدم بها رداً على دعوى المدعى وهي تشبه الدفع الموضوعي وتدق التفرقة بينهما في الحالات التي يترتب على إجابة المدعى عليه فيها إلي طلبه العارض ألا يحكم للمدعى بطلباته لأنها في هذه الحالات تؤدي إلى نفس النتيجة التي يؤديها إليها الدفع ولكن هذا الشبه لا بنفي وجود الفارق بينهما ففي دعوى المدعى عليه يزعم المدعى عليه حقاً يعرضه على القضاء ويطلب الحكم به على المدعي وقد يترتب علي الحكم له به ألا يحكم للمدعي بطلبه أما في الدفع الموضوعي فإن المدعى عليه يقتصر علي إنكار حق المدعي فهو وسيلة دفاع بحتة بينما دعوى المدعى عليه وسيلة هجوم هذا الفارق بين التمسك بالمقاصة القانونية والتمسك بالمقاصة القضائية فالتمسك بالأولي دفع موضوع لأن المدعى عليه دفع بانتهاء دين المدعي بحكم القانون بغير حكم من القضاء إذا توافرت شروطها التي نص عليها القانون أما التمسك بالمقاصة القضائية فهو طلب عارض من المدعى عليه أو دعوى من المدعي عليه إذ الفرض فيها أن شروط المقاصة القانونية غير متوافرة فيطلب المدعي من المحكمة أن تحكم له بدينه بعد حسم النزاع علي وجوده أو في مقداره ليصبح صالحاً لإجراء المقاصة بينه وبين دين المدعى ( الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 342).
لا يشترط لقبول طلب المقاصة القضائية أن يكون هناك ارتباط بين الدينين كما أنه لا يهم أن يكون دين المدعي عليه أكبر أو أصغر من دين المدعي فالمقاصة القضائية تقع بحكم من القضاء يصدر بناءاً على طلب أحد الخصمين بعد تقرير حقوق كل منهما وقد استقر قضاء محكمة النقض علي أنه يشترط الإجراء المقاصة القضائية أن ترفع بطلبها دعوى أصلية أو أن تطلب في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية وأنه يشترط القبول الطلب العارض أن يقدم إلي المحكمة بصحيفة تعلن للخصم قبل يوم الجلسة، أو يبدي شفاها بالجلسة فى حضور الخصم ويثبت في محضرها ولا يجوز طلب هذه المقاصة في صورة دفع الدعوى الخصم . (راجع أحكام النقض التي وردت في نهاية المادة والوسيط للدكتور السنهوري ج 3 ص 940).
أجاز المشرع في الفقرة الأولي للمدعى عليه أن يطالب المدعي بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب تعسفه في مخاصمته، وطريقة السلوك فيها.
مثال ما نصت عليه الفقرة الثانية طلب فسخ عقد أو بطلانه إذا كانت الدعوى الأصلية بتنفيذه وكالطالبة بدفع تكاليف بناء إذا كانت الدعوى الأصلية مرفوعة بملكية الأرض المقام عليها البناء وطلب البائع الذي رفعت عليه دعوی صحة تعاقد أن يطالب بتكاليف إعداد المبيع للتسليم، وكطلب المدعى عليه الحكم برد وبطلان محرر استند إليه المدعي في دعواه لأنه يترتب على إجابة المدعى عليه إلى طلبه أن يفقد المدعي أحد أدلته ويؤدي ذلك إلي رفض الدعوى إن كان هو دليله الوحيد ولم يعتصم بدليل آخر وكذلك الشأن إذا أقام المدعي دعواه بصحة ونفاذ عقده فتقدم المدعي بطلب عارض بتثبيت ملكيته للعقار تأسيساً على أن تملكه بالتقادم.
ومثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى يطلب فيها إخلاء المستأجر من العين المؤجرة على سند من أنه تأخر في سداد الأجرة عن فترة معينة فيقيم المدعى عليه طلباً عارضاً يطلب فيه إلزام المدعى برد ما قبضه من أجرة لأنه لم ينتفع بالعين المؤجرة نتيجة تعرض قانوني صدر من الغير منعه من الانتفاع بها .
وكذلك الشأن إذا أقام شخص دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع على ورشة البائع فيقيمون طلباً عارضاً بتقرير أن البيع في حقيقته وصية وأن البائع عدل عنها قبل وفاته .
كذلك إذا أقام المدعي دعوى طالباً طرد المدعى عليه للغصب على سند من أنه المالك له فقام المدعي عليه طلباً عارضاً يطلب فيه تثبيت ملكيته للعقار باعتبار أنه المالك الحقيقي .
وإذا أقام المدعي دعواه طالاً الحكم بإنهاء عقد الإيجار لانتهاء مدته فأقام المدعي عليه طلباً عارضاً بامتداد العقد طبقاً للتشريع الاستثنائي .
ومن الأمثلة على ذلك إذا أقام المشتري دعوى على البائع بصحة ونفاذ عقده فتقدم المدعى عليه بطلب عارض بالحكم ببطلان العقد لسبب من أسباب البطلان.
وكذلك الشأن إذا أقام المدعي دعوى بفسخ عقد معين بسبب عدم قيام المدعى عليه بتنفيذ التزامه إلا أن المدعى عليه يقيم طلباً عارضاً يطلب فيه بدوره الفسخ الإخلاء المدعي بالتزام فرضه عليه العقد ففي هذه الحالة لا يكون التفاسخ باتفاق الطرفين لأن سند كل منهما في الفسخ يغاير سند الآخر وبالتالي فلا تطابق بين إيجاب وقبول.
ومثال ذلك أيضاً أن يرفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع المصادر له بالنسبة لجزء من العقار المبيع على سند من أن الجزء الباقي ليس مملوكاً للبائع فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض يطلب فيه الحكم بصحة ونفاذ العقد بالنسبة للمبيع بأكمله تأسيساً على أنه مالك للمبيع جميعاً.
ومن الأمثلة علي ذلك أيضاً أن يطلب المدعي الحكم على المدعى عليهما متضامنين بالدين فيتقدم المدعى عليهما أو أحدهما بطلب عارض بأن يكون الحكم عليهما بالتضامم لا بالتضامن.
- ويتعين ملاحظة أن هناك من الدفوع الموضوعية ما يصلح لأن يكون طلب عارضاً كما في بعض الأمثلة المتقدمة إلا أن المدعى عليه بالخيار إن شاء أبداها كدفع موضوعي مكتفياً بطلب رفض الدعوى وإن شاء أبداها كطلب عارض إلا أن هناك من الطلبات العارضة ما لا يمكن إبداؤه كدفع موضوعي مثال ذلك طلب رد الأجرة التي دفعها المستأجر لعدم انتفاعه بالعين رداً علي طلب المدعي إخلائه من العين المؤجرة لعدم سداده الأجرة.
ومثال ما نصت عليه الفقرة الثالثة إذا طلب المدعي في دعوى الأصلية الحكم له بملكية عين فلم يكتف المدعى عليه بإنكار دعوى المدعي وإنما طلب الحكم له بالملكية وكما إذا رفعت دعوى بنفي حق ارتفاق فرد عليها المدعي بطلب الحكم له بتقرير حق الارتفاق.
ومثال ذلك أيضاً أن يطلب الموكل إلزام الوكيل بتقديم كشف حساب فيقيم الوكيل طلباً عارضاً بإلزامه بالأجرة وكذلك الشأن إذا أقام المدعي دعوى بصحة ونفاذ عقد فأقام المدعي عليه طلباً عارضاً بفسخ العقد لتحقق الشرط الصريح الفاسخ.
كذلك فإن من أمثلة الطلب العارض المتصل الأصلي اتصالاً لا يقبل التجزئة.
1- الطلب الأصلي من المؤجر بالمطالبة بأجرة الأرض الزراعية والطلب العارض من المستأجر بالمنازعة في مساحة العين المؤجرة.
2 - الطلب الأصلي من المدعي بالمطالبة بقيمة سند أذني فيواجه المدعي عليه هذا الطلب بسقوطه بالتقادم فيرد المدعي على ذلك بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه بأنه أوفي الدين فهذا الطلب العارض من المدعي متصل بالطلب الأصلي اتصالاً لا يقبل التجزئة. ( النظرية العامة للطلبات العارضة للدكتور محمد إبراهيم ص 191 وما بعدها ).
3- وفقاً لما نصت عليه الفقرة الأخيرة فإنه يشترط لقبول الطلب العارض في هذه الحالة أن يكون متصلاً بصلة ارتباط بالطلب الأصلي كأن يرفع بائع دعوی برد ثمن البيع فيرد عليه المشتري بطلب الحكم له بتسليم العين المبيعة كما يشترط أيضا أن تأذن المحكمة للمدعي عليه بتقديم طلبه العارض. ( مرافعات الدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 339 وما بعدها ، مرافعات الدكتور أبو الوفا الطبعة الثانية عشر ص 179).
ويكفي لقبول الطلب العارض في هذه الحالة أن يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي ولو كان مغايراً له في سببه وموضوعه مثال ذلك أن يطلب المدعي صحة ونفاذ عقد بیع منصب على عقار صادر له من المدعى عليه ثم يعدل طلباته إلي طلب الحكم بثبوت ملكيته للعقار لتملكه بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة الملكية فهذا الطلب يغاير الطلب الأصلي سبباً وموضوعاً إذ أن السبب في الطلب الأصلي كان العقد أما في دعوى ثبوت الملكيه فللسبب الأصلي هو الحيازة كما أن موضوع دعوى الصحة والنفاذ هو عقد البيع أما هنا فالطلب هو ثبوت ملكية العقار ومع ذلك فهناك ارتباط بين الطلبين إذ أن هدف المدعي في الدعويين هو التوصل الملكية العقار.
ومن المقرر أن تقدير توافر الارتباط من سلطة محكمة الموضوع بشرط أن يكون ما خلصت إليه في خصوصه سائغاً.
4- وإذا قيم الخصم طلبه العارض بمذكرة دون توافر شروطه ودون أن تأذن به المحكمة مسبقاً فنري أن للمحكمة أن تلفن به بعد تقديمه بشرط أن يكون خصمه قد أطلع عليه وكانت لديه فرصة الرد عليه.
وكان الرأي السائد في الفقه أن الطلبات العارضة التي يصح تقديمها في الدعوى سواء من المدعي أو المدعى عليه حددها المشرع وبالتالي لا يجوز اتفاق الطرفين على قبول طلبات غير تلك التي أوردها النص. ( العشماوى بند 801 وكمال عبد العزيز في الجزء الأول من مرافعاته ص 777 ). وقد أقرت محكمة النقض هذا الرأي في مبدأ جديد أرسته في حكم من أحدث أحكامها (حكم النقض رقم 13) ولا يقدح في هذا الرأي ما أجازته الفقرة الخامسة من المادة 124 مرافعات المحكمة من تصريحها بتقديم طلبات عارضة لا تتوافر فيها الشروط التي نصت عليه المادة لأن هذه الرخصة منوطة بالمحكمة وحدها ولا يجوز للخصوم أن يستعملوها دون إذن منها.
ذا تقدم البائع في دعوى صحة التعاقد التي أقامها المشتري بطلب عارض بإلزام المشتري بنفقات إعداد المبيع للتسليم فإن هذا الطلب المختلف عن الطلب في الدعوى الأصلية من حيث سببه وموضوعه وبذلك فإنه يجوز للمحكمة أن ترفضه وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 125 إلا أنه يجوز لها أن تقبل هذا الطلب وفق ما تقضي به الفقرة الأخيرة من نفس المادة لأن الأمر متروك لتقديرها فلها أن تقبله ولها أن ترفض قبوله ذلك أن المدعي لا يملك بغير إذن من المحكمة أن يؤسس دعواه الفرعية علي طلب يغير فيه عنصري الدعوى، الموضوع والسبب لأنه في هذه الحالة يخرج علي نطاق ماله من دعاوی فرعية إلى دعاوى أصلية، غير أنه يجوز له - بغير إذن من المحكمة - أن يغير في السبب أو الموضوع فقط.
وإذا أقام البائع دعوى يطالب فيها المشتري بسداد الثمن كله أو بعضه جاز للمشتري أن يبدي طلباً عارضاً بإلزام لبائع بأن يسلمه العين المبيعة بشرط أن تأذن المحكمة بتقديم هذا الطلب وفق ما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة 125 مرافعات، غير أن الأمر متروك لتقدير المحكمة فلها أن تقبله ولها أن ترفض قبوله وفي هذه الحالة لا مناص من أن يرفع المشتري دعوى مستقلة بهذا الطلب.
ومثال ذلك أيضاً أن يقيم المشتري دعوى بصحة ونفاذ العقد فيقيم البائع طالباً عارضاً بإلزام المشتري بباقي الثمن .
5-ومن المقرر أن قبول الطلبات العارضة من المدعى عليه وفقاً للقواعد المتقدمة قاصر على إبدائها في الاستئناف .
6- على أنه بالنسبة للطلبات المبينة بالفقرات الثلاثة الأولى فإنها يتعين على المحكمة قبولها والفصل فيها أما بالنسبة للطلبات المبينة بالفقرة الأخيرة فإنه جوازي للمحكمة ومتروك لتقديرها فلها أن تقبلها ولها أن ترفض قبولها.
7- ويتعين التفرقة بين الطلبات العارضة والدفوع وأوجه الدفاع الموضوعية فالتمسك بالمقاصة القضائية طلب عارض يتعين إبداؤه بالطريق الذي رسمه القانون لإبداء الطلبات العارضة أما إذا رفع المدعي دعوى يطالب فيها المدعي عليه بالريع تأسيساً على أنه وضع يده على الأطيان واستولي بغير حق على ثمارها فدفع المدعى عليه بأن المدعي عندما تسلم منه الأطيان قد استلم محاصيل منفصلة ناتجة منها وزراعة قائمة عليها وطلب خصم قيمة تلك المحاصيل ونفقات هذه الزراعة من الريع فإنه دفاع موضوعي لأنه ينطوي علي دفع منه بتنفيذ جزء من التزامه تنفيذاً عينياً وبعدم جواز الحكم بتعويض نقدي عما تم تنفيذه بهذا الطريق ومن فلا يلزم إبداؤه بطلب عارض.
8- ومما هو جدير بالذكر أن هناك فرق شاسع بين الطلب العارض من المدعى عليه بطلب معين والدفع الموضوعي بتحقق هذا الأمر مثال ذلك الطلب من المدعي عليه بفسخ العقد والدفع الموضوعي بتحقق الشرط الصريح الفاسخ ويتمثل هذا الفارق فيما يلي :
أ- أن الطلب العارض يبدي بالإجراءات المقررة لإبدائه بالمادة 125 مرافعات أما الدفع بتحقق الشرط الفاسخ الصريح فهو دفع موضوعي يبدي كأي دفاع في الدعوى.
ب - أن الطلب العارض لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية بخلاف الدفع الموضوعي الذي يجوز أمام محكمة الدرجة الثانية.
ج- أنه إذا قضت المحكمة برفض الطلب العارض فإنه يتعين عليها أن تنص علي ذلك في منطوق الحكم أما بالنسبة للدفع الموضوعي فإنه يكفيها أن تضمن ذلك أسبابها وإذا كان هناك من مثل واضح يضرب للتدليل على اختلاف الأمرين عن بعضهما فهو دعوى صحة التعاقد فإنه يجوز للبائع أن يتقدم بطلب عارض طالباً الحكم بفسخ عقد البيع سواء لتحقيق الشرط الفاسخ الصريح المنصوص عليه في العقد أو لغيره من الأسباب الأخرى ومنها عدم قيام المشتري بتنفيذ أي من التزاماته كما يجوز له أيضاً أن يبدي دفعاً موضوعياً يتحقق الشرط الفاسخ الصريح طالباً رفض دعوى صحة التعاقد.
9- ويعتبر المتدخل هجومياً في مركز المدعي بالنسبة لما يبديه من طلبات وبالتالي يجوز للمدعي عليه أن يقدم ما يشاء من الطلبات العارضة عليها .
- وكما لا يجوز قبول الطلب العارض من المدعي إلا إذا كانت الخصومة الأصلية قائمة فكذلك الشأن بالنسبة للمدعي عليه فإذا انتهت المحكمة إلى عدم قيام الخصومة الأصلية لأي سبب فإنه يتعين عليها عدم قبول الطلب العارض المقدم من المدعى عليه.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 320)
الطلبات العارضة من المدعى عليه (الطلبات المقابلة دعاوى المدعى عليه): طلبات المدعى عليه العارضة هي الطلبات التي يتقدم بها المدعى عليه رداً على دعوى المدعي، وتشبه دعوى المدعى عليه الدفع الموضوعي، و تدق التفرقة بينهما في الحالات التي يترتب على إجابة المدعى عليه فيها إلى طلبه العارض ألا يحكم للمدعى بطلباته، لأنها في هذه الحالات تؤدي إلى نفس النتيجة التي يؤدي إليها الدفع. ولكن هذا الشبه لا ينفي وجود الفارق بينهما ففي دعوى المدعى عليه يزعم المدعي عليه حقاً يعرضه على القضاء. ويطلب الحكم به على المدعي، وقد يترتب على الحكم له به ألا يحكم للمدعى بطلبه، أما في الدفع الموضوعي فإن المدعى عليه يقتصر على إنكار حق المدعي فهو وسيلة دفاع بحتة، بينما دعوى المدعى عليه وسيلة هجوم. ويبدو هذا الفارق في المقارنة بين التمسك بالمقاصة القانونية، والتمسك بالمقاصة القضائية، إذ يتبين الفرق بين الدفع الموضوعي، ودعوى المدعى عليه من الفرق بين الدفع بالمقاصة القانونية والمطالبة بإجراء المقاصة القضائية (محمد حامد فهمي المرافعات بند 479)، فالتمسك بالمقاصة القانونية دفع موضوعي لأن المدعى عليه يدفع بانتهاء دين المدعي بحكم القانون بغير حكم القضاء إذا توفرت شروط المقاصة التي ينص عليها القانون بأن كان كل من الدينين نقوداً أو مثليات متحدة النوع والجودة، وكان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء (مادة 362 من القانون المدنى).
أما التمسك بالمقاصة القضائية فهو طلب عارض من المدعى عليه أو دعوى من المدعى عليه إذ الفرض فيها أن شروط المقاصة القانونية غير متوفرة كما لو كان دين المدعى عليه ليس خالياً من النزاع بأن كان متنازعاً في وجوده أو في مقداره، فالمدعى عليه يطلب من المحكمة أن تحكم له بدينه بعد حسم النزاع على وجوده أو في مقداره ليصبح صالحاً لإجراء المقاصة بينه وبين دين المدعى (رمزی سيف بند 294 ص 344 وص 345).
ويستلزم حسن سير القضاء من ناحية وحرية الدفاع من ناحية أخرى، الترخص في قبول الطلبات العارضة من المدعى عليه، لما قد يكون بين الطلب العارض من المدعى عليه، والطلب الأصلي من ارتباط، فضلاً عن أن من الطلبات العارضة التي يبديها المدعى عليه ما يكون من شأن إجابته منع الحكم عليه بطلبات المدعي كلها أو بعضها.
وتسمى طلبات المدعى عليه العارضة بالطلبات المقابلة، فالطلب المقابل هو طلب عارض مقدم من المدعى عليه في مواجهة المدعى، يرمى به إلى الحصول على حكم ضد المدعى أكثر من مجرد رفض طلبه (فتحی والی ۔ بند 274 ص 462)، فهو به لايقتصر على الدفاع، بل يلجأ إلى الهجوم على أساس أن الهجوم هو خير وسائل الدفاع، وهو بموجب الطلب المقابل يخرج من نطاق الدعوى التي يثير وجودها طلب المدعي، لكي يثير وجود دعوى أخرى له في مواجهة المدعى فيه، وفي نطاقه، يصبح المدعى عليه مدعياً والمدعى مدعى عليه. ولهذا يسمى الطلب بدعوى المدعي عليه، ومن أمثلته أن يطلب المدعي الحكم بإلزام المدعى عليه بتنفيذ التزام تعاقدي معين، فيطلب المدعى عليه (كطلب مقابل)، الحكم ببطلان هذا العقد أو بفسخه، أو بطلب المدعي إلزام المدعى عليه بدين معين، فيطلب المدعى عليه تقرير حق له في ذمة المدعي، وإجراء المقاصة القضائية، وتلاحظ التفرقة بين الطلب المقابل، والدفع الموضوعي، فالدفع لا يرمي إلا إلى رفض طلب المدعي، لهذا يكون له نفس نطاق هذا الطلب، في حين أن الطلب العارض له نطاق مختلف عن طلب المدعي، وهو إن أدى في بعض الأحوال بطريق غير مباشر إلى رفض طلب المدعي، فقد يتصور أحياناً قبول كل من الطلبين كما هو الحال بالنسبة لطلب المقامة القضائية (فتحی والی ۔ بند 274 ص 462 وص 463)
وهناك مزايا لإمكان تقديم طلب مقابل من المدعى عليه كما ذكرنا آنفا، فالسماح به يمكن الحكمة من إعطاء نظرة كاملة للمركز القانوني للطرفين فتتفادى إصدار أحكام متناقضة أو إحكام يصعب التوفيق بينها، كما أنه يؤدي إلى نظر دعويين أو أكثر في خصومة واحدة مما يوفر في الوقت والجهد والنفقات ويعتبر إعمالاً لمبدأ الاقتصاد في الإجراءات، وأخيراً فإن طلب المقاصة القضائية باعتباره أهم الطلبات المقابلة يمكن المدعى عليه من توقى خطر إعسار المدعي في حالة ما إذا حكم عليه بالدين، واضطر إلى مقاضاة المدعى في خصومة مستقلة (فتحى والى بند 274 ص 462 وص 463)
وفي المادة 125 محل التعليق فرق المشرع بين طائفتين من الحالات التي للمدعى عليه أن يقدم فيها طلبات عارضة، الطائفة الأولى حالات محددة افترض فيها القانون وجود ارتباط بين الطلب الأصلي، والطلب المقابل، فلا يكون للقاضي سلطة في تقدير وجوده، بل على القاضي الحكم في الطلب المقابل (نقض 25/ 6/ 1959، سنة 10 ص 519)، وهي الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأولى والثانية والثالثة من المادة 125، أما الطائفة الثانية من الحالات فهي المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 125 محل التعليق وفي هذه الحالات أجاز القانون للمدعى عليه تقديم أي طلب يكون مرتبطاً بالدعوى الأصلية، على أنه يجب عندئذ توافر الارتباط الذي يخضع لتقدير قاضي الموضوع، كما يجب أن تأذن المحكمة بتقديم الطلب.
ويلاحظ أن هناك فرقاً بين الطلب العارض من المدعى عليه بطلب معين، والدفع الموضوعی به بتحقيق هذا الأمر مثال ذلك الطلب من المدعى عليه بفسخ العقد، والدفع الموضوعي بتحقيق الشرط الصريح الفاسخ، ويتمثل هذا الفارق في أن الطلب العارض يبدى بالإجراءات المقررة لإبدائه المادة 125 مرافعات، أما الدفع بتحقق الشرط الفاسخ الصريح فهو دفع موضوعى يبدی کأی دفاع في الدعوى، كما أن الطلب العارض لايجوز إبداؤه لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية بخلاف الدفع الموضوعي الذي يجوز إبداؤه أمام محكمة الدرجة الثانية، كذلك فإنه إذا قضت المحكمة برفض الطلب العارض فإنه يتعين عليها أن تنص على ذلك في منطوق الحكم، أما بالنسبة للدفع الموضوعي فإنه يكفيها أن تضمن ذلك أسبابهاء وإذا كان هناك من مثل واضح يضرب للتدليل على اختلاف الأمرين عن بعضهم فهو دعوى صحة التعاقد فإنه يجوز للبائع أن يتقدم بطلب عارض طالباً الحكم بفسخ عقد البيع سواء لتحقق الشرط الفاسخ الصريح المنصوص عليه في العقد أو لغيره من الأسباب الأخرى. ومنها عدم قيام المشتري بتنفيذ أي من التزاماته، كما يجوز له أيضاً أن يبدی دفعاً موضوعياً بتحقق الشرط الفاسخ الصريح طالباً رفض دعوى صحة التعاقد .
كما يلاحظ أن المتدخل هجومياً يعتبر في مركز المدعي بالنسبة لما يبديه من طلبات، وبالتالي يجوز للمدعى عليه أن يقدم ما يشاء من الطلبات العارضة عليها، وكما لا يجوز قبول الطلب العارض من المدعي إلا إذا كانت الخصومة الأصلية قائمة، فكذلك الشأن بالنسبة للمدعى عليه فإذا انتهت المحكمة إلى عدم قيام الخصومة الأصلية لأي سبب فإنه يتعين عليها عدم قبول الطلب العارض المقدم من المدعى عليه (الدناصورى وعكاز ص 704).
وسوف نوضح تفصيلاً الحالات التي للمدعى عليه أن يقدم فيها طلبات عارضة فيما يلي:
أولاً: طلب المقامة القضائية: من المعروف أن المقاصة بين دينين قد تكون قانونية، وقد تكون قضائية، فتكون قانونية إذا كان موضوع كل منهما نقوداً او مثليات متحدة في النوع والجودة، وكان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء (مادة 362 مدنی)، ويترتب عليها انقضاء الدينين، وهي تتم بقوة القانون وبغير حاجة إلى طلبها، بل يكفي إبداء الدفع بحصولها، وهو دفع موضوعی.
أما إذا تخلف شرط من شروط المقاصة القانونية، كأن يكون دين المدعى عليه متنازعاً في وجوده أو مقداره، كدين التعويض الناشئ عن عمل ضار، فلا يسقط الدينان بالمقاصة ولا يجدى المدعى عليه دفعه الدعوى بل يجب عليه أن يطالب هو الآخر بدينه، حتى إذا ما قضت به المحكمة أمكن عندئذ حصول المقاصة بينه وبين دين المدعي، فالمقاصة القضائية تقع بحكم من القضاء يصدر بناء على طلب أحد الخصمين بعد تقرير حقوق كل منهما.
ولقد أجاز المشرع في الفقرة الأولى من المادة 125 محل التعليق - للمدعى عليه طلب المقاصة القضائية بصورة عارضة حتى يتفادى ما قد يعود عليه من ضرر إذا اضطر إلى دفع دعوى أصلية بطلب دينه، وعسر المدعي الأصلي بعد تنفيذ الحكم الصادر له بالدين قبل حصول المدعى عليه على حكم في دعواه (استئناف مصر 8/ 4/ 1947 منشور في المحاماة سنة 31 ص 352، أحمد أبوالوفا المرافعات ص 197 و 198).
ويبني قبول طلب المقاصة القضائية من المدعى عليه كطلب عارض على أنه من مقتضيات حق الدفاع لأنه يرمي إلى تفادي الحكم للمدعي بطلبه على المدعى عليه، ولذلك لا يشترط لقبول طلب المقاصة أن يكون هناك ارتباط بين الدينين، كما أنه لا يهم أن يكون بين المدعى عليه أكثر أو أصغر من دين المدعی .
وفائدة المدعى عليه من التمسك بالمقاصة القضائية هي كما ذكرنا آنفا تفادي ما يعود عليه من ضرر بسبب إعسار المدعى بعد أن يحصل على حكم على المدعى عليه، وينفذه قبل أن يتمكن المدعى عليه من الحصول على حكم بدينه لو أنه رفع به دعوى أصلية، وقد قضت محكمة النقض بأنه يجب إبداء المقاصة القضائية بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض، ولا يجوز طلبها في صورة دفع الدعوى الخصم.
(نقض 3/ 2/ 1966، السنة 17 ص 247).
ثانياً: طلب الحكم للمدعى عليه بالتعويضات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها: أجاز المشرع للمدعى عليه أن يطالب المدعي بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب تعسفه في مخاصمته أو طريقة السلوك فيها (المادتان 188 و 224 مرافعات)، ولما كانت المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية هي أقدر من غيرها على تحقيق هذا الطلب، والفصل فيه، أجاز المشرع للمدعى عليه أن يتقدم إليها به بصفة عارضة، فعلة قبول الطلب العارض في هذه الحالة أن محكمة الدعوى الأصلية هي أقدر المحاكم، وأصلحها لتقدير الضرر الذي أصاب المدعى عليه من دعوى رفعت إلى هذه المحكمة أو إجراء اتخذ أمامها.
ثالثاً: أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه: كطلب فسخ عقد أو بطلانه إذا كانت الدعوى الأصلية بتنفيذه، وكالمطالبة بدفع تكاليف بناء إذا كانت الدعوى الأصلية مرفوعة بملكية الأرض المقام عليها البناء (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق)، وكطلب تقرير حق ارتفاق لمصلحة المدعى عليه على العقار الذي رفع المدعي الدعوى الأصلية بطلب ملكيته فهذا الطلب يترتب على إجابته أن يحكم للمدعي بطلبات مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه، فالدعوى تكون باستحقاق العقار فيطلب المدعى عليه تقرير حق ارتفاق، وفي ذلك قيد لصالح المدعى عليه.
وأساس جواز الطلبات العارضة في هذه الحالة أنها من مقتضيات حق الدفاع لأنها تنطوي على وسائل دفاع تؤدي إذا أجيبت إلى تجنب الحكم على المدعى عليه، ولكنها أبعد أثراً من مجرد الدفع، فإذا رفع بائع دعوی على مشتر بطلب ثمن المبيع فرد عليه المشتري بطلب فسخ البيع، فإن إجابة المشتري إلى طلبه سيترتب عليها عدم الحكم للبائع بالثمن فضلاً عن انفصام الرابطة التعاقدية بين البائع والمشترى بحيث يمتنع بعد ذلك رفع أي دعوى يوجهها أحد العاقدين إلى الأخر بناء على العقد الذي حكم بفسخه (رمزی سيف بند 297 ص 346 ص 347).
والطلب الذي يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها يسمى بدعوى التقرير الفرعية وصورة هذه الدعوى أن يقوم المدعى عليه بإنكار وجود رابطة قانونية أوسع من تلك التي يتمسك المدعي بوجودها تستند هذه الأخيرة إليها، ومثالها أن يرفع المدعي دعوى مطالباً المدعى عليه بالأجرة، فلا يدفع المدعى عليه الدعوى بسبق الوفاء بالأجرة، وإنما يتمسك ببطلان عقد الإيجار. أو يقوم المدعى عليه بالتمسك برابطة قانونية تعتبر متعارضة مع تلك التي يتمسك بها المداعي، كأن يطلب المدعي استرداد العقار باعتباره مالكه فيتمسك المدعى عليه بأن له رهناً حيازياً على العقار بخوله الاحتفاظ به، ويشير القانون إلى دعوی التقرير الفرعية بالنص في الفقرة الثانية من المادة 125 على أن للمدعي أن يقدم أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها (فتحی والی بند 274 ص 463 وص 465).
رابعاً: أي طلب يكون متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة: ومثاله أن تكون الدعوى بالتعويض عن حادثة تصادم، فيطلب المدعى عليه تعويضه هو عن نفس الحادثة. أو أن تكون الدعوى بطلب امتداد العلاقة الإيجارية عن الشقة خالية فيطلب المدعى عليه إخلاء الشقة (نقض إيجارات 14/ 12/ 1989 في الطعن 1250، لسنة 54 قضائية)، ومن أمثلة ذلك أيضاً حالة إذا رفعت دعوى بنفی حق ارتفاق فيرد عليها المدعى عليه بطلب الحكم له بتقرير حق ارتفاق، ومن أمثلة ذلك أيضاً أن يطلب شخص ملكية عين فيطالب خصمه بالملكية لنفسه، أو كأن يطلب المدعي منع التعرض فيدعى المدعى عليه بالحيازة، ويطالب هو الآخر بمنع تعرض المدعى له فيها، أو كان يطلب المدعي تعريض الضرر الذي أصابه من جراء حادثة معينة فيطالب المدعى عليه بالتعويض بمناسبة نفس الحادثة، ويقصد من قبول هذه الطلبات بصورة عارضة تفادي تناقض الأحكام في المنازعات المرتبطة بعضها ببعض.
خامساً: ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطاً بالدعوى الأصلية: ويشترط لقبول الطلب العارض أن يكون متصلاً بصلة ارتباط بالطلب الأصلي كان يرفع بائع دعوى بطلب ثمن المبيع فيرد عليه المشتري بطلب الحكم له بتسليم العين المباعة.
وكان يطالب الموكل الوكيل بتقديم حساب بمناسبة الوكالة ويطالبه الوكيل بمصاريفه وأتعابه، كما يشترط أيضاً أن تأذن المحكمة للمدعي عليه بتقديم طلبه العارض حتى لا يتخذ المدعى عليه من إبداء الطلبات العارضة وسيلة لإعنات خصمه وتعطيل الحكم في الدعوى الأصلية فيشترط إذن لقبول الطلب العارض من المدعى عليه في هذه الحالة شرطان أن يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي، وأن تأذن به المحكمة.
ويلاحظ أنه يكفي لقبول الطلب العارض في هذه الحالة أن يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي، ولو كان مغايراً له في سببه وموضوعه. مثال ذلك أن يطلب المدعى صحة ونفاذ عقد بیع منصب على عقار صادر له من المدعى عليه ثم يدل طلباته إلى طلب الحكم بثبوت ملكيته للعقار لتملكه بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فهذا الطلب يغاير الطلب الأصلي سبباً وموضوعاً، إذ أن السبب في الطلب الأصلي كان العقد، أما في دعوى ثبوت الملكية فالسبب الأصلي هو الحيازة. كما أن موضوع دعوى الصحة والنفاذ هو عقد البيع، أما هنا فالطلب هو ثبوت ملكية العقار ومع ذلك فهناك ارتباط بين الطلبين، إذ أن هدف المدعي في الدعويين هو التوصل الملكية العقار.
ومن المقرر أن تقدير توافر الارتباط من سلطة محكمة الموضوع بشرط أن يكون ما خلصت إليه في خصومه سائغاً.
وإذا قدم الخصم طلبه العارض بمذكرة دون توافر شروطه، ودون أن تأذن به المحكمة مسبقاًً فإن للمحكمة أن تأذن به بعد تقديمه بشرط أن يكون خصمه قد اطلع عليه، وكانت لديه فرصة الرد عليه.
وإذا تقدم البائع في دعوى صحة التعاقد التي أقامها المشتري بطلب عارض بإلزام المشترى بنفقات إعداد البيع للتسليم فإن هذا الطلب المختلف عن الطلب في الدعوى الأصلية من حيث سببه وموضوعه وبذلك فإنه يجوز للمحكمة أن ترفضه وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 125 إلا أنه يجوز لها أن تقبل هذا الطلب وفق ما تقضي به الفقرة الأخيرة من نفس المادة، لأن الأمر متروك لتقديرها فلها أن تقبله، ولها أن ترفض قبوله، ذلك أن المدعي لا يملك بغير إذن من المحكمة أن يؤسس دعواه الفرعية على طلب بغير فيه عنصري الدعوى، الموضوع والسبب لأنه في هذه الحالة يخرج على نطاق ماله من دعاوى فرعية إلى دعاوى أصلية، غير أنه يجوز له بغير إذن من المحكمة أن يغير في السبب أو الموضوع فقط.
وإذا أقام البائع دعوى يطالب فيها المشتري بسداد الثمن كله أو بعضه جاز للمشترى أن يبدي طلباً عارفاً بإلزام البائع بأن يسلمه العين المبيعة بشرط أن تأذن المحكمة بتقديم هذا الطلب وفق ما تقضي به الفترة الأخيرة من المادة 125 لمرافعات، غير أن الأمر متروك لتقدير المحكمة فلها أن تقبله، ولها أن ترفض قبوله، وفي هذه الحالة لا مناص من أن يرفع المشتري دعوى مستقلة بهذا الطلب.
ومثال ذلك أيضاً أن يقيم المشترى دعوى بصحة ونفاذ العقد فيقيم البائع طلباً عارضاً بإلزام المشترى بباقي الثمن (الدناصورى وعكاز ص 702 وص 703)
ويتعين ملاحظة أن الطلبات العارضة الخاصة المنصوص عليها في الفقرات الثلاثة الأولى لا يخضع قبولها لتقدير المحكمة في حين أن قبول الطلبات المشار إليها في الفقرة الأخيرة خاضع لتقدير المحكمة (وجدي راغب ص 267، كمال عبدالعزيز ص 282)، كما يلاحظ التفرقة بين الطلبات العارضة، وبين الدفوع وأوجه الدفاع الموضوعية، فالتمسك بالمقاصة القانونية هو دفع موضوعي في حين أن طلب إجراء المقاصة القضائية هو طلب عارض، ونتيجة لهذه التفرقة فإن ما يعتبر طلباً عارضاً يتعين التمسك به بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض فلا يجوز التمسك به في صورة دفع الدعوى المدعي، وإلا وجب الالتفات عنه، وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد عليه (انظر في هذا المعنى بالنسبة إلى طلب المقاصة القضائية نقض 5/ 5/ 1976، في الطعن 313 سنة 42 ونقض 3/ 2/ 1966، سنة 17 ص 247، كمال عبدالعزيز الإشارة السابقة).
ومن المقرر أن قبول الطلبات العارضة من المدعى عليه وفقاً للقواعد المتقدمة قاصر على إبدائه أمام محكمة الدرجة الأولى، ولايقبل إبداؤه في الاستئناف لأول مرة.
وقبول الطلب العارض من المدعى عليه أو عدم قبوله مسألة تتعلق بالنظام العام فليس للخصوم الاتفاق على تقديم طلبات خارج النطاق الذي حددته المادة (محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 810).
مدى جواز تقديم طلبات عارضة من المدعي رداً على طلبات المدعى عليه من المقرر أن للمدعي بالنسبة للطلب العارض تقديم ما للمدعى عليه تقديمه من دفوع، ولكن اختلف الفقه حول جواز تقديم المدعی طلباً عارضاً رداً على الطلب العارض من المدعى عليه، يرى البعض في الفقه عدم جواز ذلك كقاعدة حتى لا يزيد تشعب الخصومة بعد أن اتسع نطاقها بما أبداه المدعى عليه من طلبات عارضة، فهم يطبقون قاعدة من قواعد القانون الفرنسي القديم. مؤداها أنه لا يقبل طلب عارض رداً على طلب عارض، وإنما يستثنون من ذلك حالة ما إذا كان طلب المدعي العارض يستند إلى نفس السبب الذي تستند إليه دعوى المدعى عليه (موريل المرافعات بند 240)، فيجوز للمدعي أن يدلي بطلبات عارضة رداً على دعوى المدعى عليه إذا كانت هذه الطلبات ناشئة عن نفس السند الذي أقيمت به دعوى المدعى عليه ای طلبه العارض (أحمد أبو الوفا المرافعات بند 179 ص 199، محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 809).
وينتقد البعض هذه القاعدة ويرون أنه ليس في القانون نص يمنع المدعي من الرد بطلب عارض على دعوى المدعى عليه، ويؤيدون رأيهم بأن للمدعي إن كان طلبه العارض مرتبطاً بدعوى المدعى عليه، أن يرفع طلبه بدعوى أصلية أمام المحكمة المختصة ثم بطلب إحالتها إلى المحكمة التي رفعت إليها دعوى المدعى عليه، وينتهي القائلون بذلك إلى أنه كما يجوز للمدعى عليه أن بیدی طلباً عارضاً، كذلك يجوز للمدعي أن يرد على دعوى المدعى عليه بطلب عارض (جلاسون المرافعات ج 1 بند 240)
فالاتجاه الحديث هو أنه لا يوجد ما يمنع من قبول طلب مقابل من المدعي، ذلك أن المدعى عليه عند تقديمه طلباً عارضاً يعتبر مدعياً، ويكون المدعي الأصلي في مركز المدعى عليه، فله بهذه الصفة تقديم طلب عارض لدعوى المدعى عليه (فتحى والي بند 274 ص 464 وص 465).
ولاشك أن هذا الاتجاه الحديث جدير بالتأييد، فالمدعي بتحول مركزه إلى مركز المدعى عليه بالنسبة للمطالب العارض المقدم من المدعى عليه، ولذلك فليس ثمة ما يمنع من أن يقدم المدعي طلباً عارضاً رداً على طلب المدعى عليه، على أن يكون ذلك وفقاً للضوابط المنصوص عليها قانوناً التي أوضحناها آنفاً، فهذه الضوابط تمنع تشعب الخصومة. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث، الصفحة : 150)