جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون السابق بشأن المادة 292 منه المطابقة للمادة 128 من القانون الحالى أنه "وتجرى المادة 292 التي صدر بها هذا الفصل بأن الدعوى يجوز إيقافها بناء على اتفاق الخصوم. ولاشك في أن هذا الإيقاف يختلف عن الإيقاف الذي يحصل بحكم القانون أو بحكم من المحكمة. وقد اقتبست قواعده من المادتين 189 و 190 من القانون الصيني وقد حدا على وضعه أن الخصوم قد تعرض لهم أسباب تدعو إلى إرجاء نظر الدعوى مدة كافية تبيح لهم تحقيق مشروع صلح أو إحالة على تحكيم أو غرض آخر مشترك، فبدلاً من تكرار التأجيل الذي قد لا يوافقهم القاضي على منحة أو على أمده، قد روی تخويلهم حق إيقاف الدعوى بالاتفاق لمدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم دون أن يكون لهذا الإيقاف أثر في أي ميعاد من المواعيد الحتمية التي حددها القانون لإجراء من الإجراءات. فإذا مضت ولم تعجل الدعوى من جانب الخصوم في الثمانية أيام التالية لنهاية الأجل اعتبر المدعى تارکاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه. وقد رؤي في النص على هذا الجزاء الحازم لكيلا يساء استعمال هذه الرخصة فنصبح وسيلة تعطيل وإطالة".
ملاحظة :ـ عدلت مدة الستة شهور الى ثلاثة شهور بموجب القانون رقم 18لسنة 1999
1 ـ النص فى المادة 99 من قانون المرافعات _ قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 _ على أن " تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأى اجراء من إجراءات المرافعات فى الميعاد الذى حددته المحكمة بغرامة لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات _.. ، ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على المدعى بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز سته أشهر ___، وإذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعى ما أمرت به جاز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن " يدل على أن الوقف المنصوص عليه فى هذه المادة هو جزاء جعل المشرع الأمر فى اعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالاً له _ بعد مضى مدة الوقف _ جوازياً للمحكمة ومشروطاً بأن تكون المحكمة قد حددت مدة الوقف ولم ينفذ المدعى ما امرته به وأوقفت الدعوى جزاء على عدم تنفيذه ومن ثم فلا يسرى عليه الجزاء المقرر بالمادة 128 من قانون المرافعات والتى تقضى بوجوب تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لنهاية الأجل وإلا إعتبر المدعى تاركاً لدعواه والمستأنف تاركاً لاستئنافه لأن مناط إعمال حكم هذه المادة أن يتم وقف الخصومة بناء على أتفاق طرفيها أياً كان سببه.
(الطعن رقم 170 لسنة 58 جلسة 1995/04/30 س 46 ع 1 ص 756 ق 148)
2 ـ النص فى المادة 99 من قانون المرافعات على أن : " تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إبداع المستندات أو عن القيام بآى إجراء من إجراءات المرافعات فى الميعاد الذى حددته المحكمة بغرامة لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات _. ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المدعى بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز ستة أشهر وذلك بعد سماع أقوال المدعى عليه وإذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعى ما أمرت به المحكمة جاز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن " يدل على أن للمحكمة أن توقف الدعوى لمدة ستة أشهر إذا تخلف المدعى عن إيداع مستنداته أو عن تنفيذ أى إجراء كلفته به المحكمة وهذا الوقف له شروطه وأوضاعه الخاصة والمتميزة وبالتالى يختلف فى مناطه وفى نطاقه عن أحكام الوقف الاتفاقى المقررة فى المادة 128 من قانون المرافعات فلا يسرى عليه ما تقضى به تلك المادة من وجوب تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لنهاية الأجل ، وإنما يخضع التراخى فى تعجيلها - بعد إنقضاء مدة الوقف - لسريان ميعاد سقوط الخصومة من هذا التاريخ.
(الطعن رقم 1349 لسنة 54 جلسة 1992/06/22 س 43 ع 1 ص 837 ق 174)
3 ـ تعجيل الدعوى بعد وقفها طبقاً لنص المادة 128 من قانون المرافعات يقتضى اتخاذ إجراءين هما تحديد جلسة جديدة لنظرها حتى تستأنف القضية سيرها أمام المحكمة وإعلان الخصم بهذه الجلسة ويشترط أن يتم الإعلان قبل إنتهاء ميعاد الثمانية أيام المحددة فى نص المادة سالفة الذكر إعمالاً لنص المادة الخامسة من قانون المرافعات التى جرى نصها بأنه " إذا نص القانون على ميعاد حتمى لاتخاذ إجراء يحصل بإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله " ولا ينال من ذلك ما قضت به المادة 63 من قانون المرافعات من أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك ، فلئن كان هذا النص قد أدخل تعديلاً فى طريقة رفع الدعوى إلا أنه - وقد جاء فى الكتاب الأول فى بابه الثانى الخاص برفع الدعوى وقيدها استثناء من حكم المادة الخامسة آنفة الذكر التى وردت ضمن الأحكام العامة يُعد قاصراً على صحيفة إفتتاح الدعوى أو الطعن أو الإجراءات الأخرى التى أحال فيها المشرع على أحكام الباب الثانى من الكتاب الأول فلا يتعداها إلى غيرها ويظل أثر نص المادة الخامسة سالفة البيان سارياً بالنسبة لما عدا ذلك من الإجراءات التى تحصل بالإعلان ومن بينها تعجيل الدعوى بعد وقفها بإتفاق الخصوم، مما مفاده أن الفقرة الثانية من المادة 67 من قانون المرافعات لا تكون هى النص الواجب التطبيق ، فلا يلتزم قلم الكتاب أن يسلم صحيفة التعجيل إلى قلم المحضرين و إنما يكون على صاحب الشأن بعد تقديم الصحيفة المشار إليها إلى قلم الكتاب لتحديد الجلسة أن يتسلمها لتقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها خلال الموعد المحدد ، كما أن متابعة إعلانها - فى ذلك الموعد - أمر تفرضه طبيعة الأجل القانونى القصير الذى حدده المشرع والجزاء الذى رتبه على تجاوزه دون إعلان خصمه.
(الطعن رقم 1228 لسنة 58 جلسة 1991/03/06 س 42 ع 1 ص 664 ق 105)
4 ـ إذ كانت مسئولية المطعون ضدهم عن تعويض الطاعن عن إصابته الناشئة عن حادث وقع من السيارة المملوكة للمطعون ضدهما الثالث و الرابع بقيادة المطعون ضده الثانى هى نفسها موضوع التأمين المعقود بين المطعون ضده الأول المؤمن لديه و المطعون ضدهما الثانى و الثالث كمؤمن لهما تأميناً يغطى هذه المسئولية مما يجعل الموضوع المحكوم عليهم فيه بالحكم الإبتدائى موضوعاً واحداً لا يقبل التجزئة ، فإن قعود المطعون ضدهم من الثانى إلى الرابع عن إستئنافه و فوات ميعاد الإستئناف بالنسبة لهم ، لا يؤثر على شكل الإستئناف المرفوع صحيحاً من المطعون ضدها الأولى ، و لما كانت هذه الأخيرة قد إختصمت فيه المطعون ضدهم المذكورين فإنهم يعتبرون أطرافاً فيه و يستفيدون من الحكم الصادر لزميلتهم المطعون ضدها الأولى ، كما و أن الفقرة الأخيرة من المادة 128 من قانون المرافعات سالفة الذكر صريحة فى أن كلا من الضامن و طالب الضمان يستفيد من الطعن المرفوع من أيهما فى الدعوى الأصلية إذا إتحد دفاعهما فيها ، و لما كانت المطعون ضدها الأولى ضامنة بالتأمين للمطعون ضدهما الثانى و الثالث فى مسئوليتهما عن الحادث و هما بدورهما متضامنان مع المطعون ضده الأخير فى الإلتزام بها ، فإن المطعون ضدهما الثانى و الثالث يستفيدان من الحكم الصادر المطعون ضدها الأولى و المطعون ضده الأخير يستفيد منه طالما أن دفاع الجميع فيه واحد و هو تخفيض التعويض إلى الحد المناسب .
(الطعن رقم 1309 لسنة 49 جلسة 1983/02/27 س 34 ع 1 ص 588 ق 125)
5 ـ إذا ما عجلت الدعوى بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 1/128 من قانون المرافعات و تمسك أصحاب الشأن باعمال الجزاء المنصوص عليه فيها فإنه يتعين على المحكمة اعمال الجزاء لأن سلطتها فى أعماله ليست تقديرية و مؤدى ذلك أنه إذا إنتهت مدة الوقف كان على المحكمة أن تتقيد بحكم الوقف حتى لا تمس حجية الأمر المقضى .
(الطعن رقم 416 لسنة 52 جلسة 1983/02/13 س 34 ع 1 ص 465 ق 102)
6 ـ تعجيل الدعوى بعد وقفها طبقاً لنص المادة 128 من قانون المرافعات يتطلب - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إتخاذ إجراءين جوهريين هما تحديد جلسة جديدة لنظرها حتى تستأنف القضية سيرها أمام المحكمة ، و إعلان الخصم بهذه الجلسة و بشرط أن يتم الإعلان قبل أنتهاء ميعاد الثمانية أيام المحدد فى نص المادة 128 سالفة الذكر ، و ذلك إعمالاً لنص المادة الخامسة من قانون المرافعات التى جرى نصها بأنه " إذا نص القانون على ميعاد حتمى لإتخاذ إجراء يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعيا إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله " و لا ينال من ذلك ما قضت به المادة 63 من قانون المرافعات من أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك ، ذلك أن هذا النص و إن كان قد أدخل تعديلا فى طريقة رفع الدعوى ، إلا أنه - و قد جاء فى الكتاب الأول فى بابه الثانى الخاص برفع الدعوى و قيدها إستثناء من حكم المادة الخامسة آنفه الذكر التى وردت ضمن الأحكام العامة - يعد قاصراً على صحيفة أفتتاح الدعوى أو الطعن أو الإجراءات الأخرى التى أحال فيها المشرع على أحكام الباب الثانى من الكتاب الأول فلا يتعداها إلى غيرها و يظل أثر نص المادة الخامسة سالفة الذكر سارياً بالنسبة لما عدا ذلك من الإجراءات التى تحصل بالإعلان و من بينها تعجيل الدعوى بعد وقفها بإتفاق الخصوم ، فلا يعتبر الميعاد المنصوص عليه فى المادة 128 من قانون المرافعات مرعيا إلا إذا تم إعلان التعجيل خلال الثمانية أيام التالية لنهاية أجل الوقف .
(الطعن رقم 797 لسنة 49 جلسة 1983/02/09 س 34 ع 1 ص 457 ق 100)
7 ـ وقف الدعوى إعمالاً لحكم المادة 129 من قانون المرافعات لا يخضع لإدارة الخصوم و إنما هو جوازى متروك لمطلق تقدير المحكمة لمدى جدية منازعة الخصوم فى المسألة الأولية التى يكون الفصل فيها لازماً للحكم فى الدعوى و إذا قضت به المحكمة لا تحدد للوقف أجلاً معيناً بل تظل الخصومة فى الدعوى موقوفة حتى يفصل نهائياً فى تلك المسألة الأولية بينما الوقف المنصوص عليه فى المادة 128 من ذات القانون منوط أصلاً بإتفاق الخصوم و طلبهم و إن إشترط المشرع إقرار المحكمة لهذا الإتفاق على ألا يزيد مدة الوقف المتفق عليها عن ستة أشهر ، لما كان ذلك . و كان أحد من الخصوم لم يدفع بأن الحكم فى الاستئناف متوقف على الفصل فيما أحيل من طلبات إلى مجلس الدولة و إنما الثابت بمحضر جلسة ... ... ... أن الخصوم اتفقوا على وقف السير فى الدعوى لمدة ستة أشهر حتى ترد المفردات من مجلس الدولة فأقرت المحكمة اتفاقهم فان هذا الوقف هكذا يكون اتفاقياً يخضع لحكم المادة 128 مرافعات ، و لما كان الحكم المطعون قد التزم هذا النظر الصحيح فى القانون و إعتبر الوقف اتفاقياً و رتب على ذلك قضاءه باعتبار الطاعنة تاركة لاستئنافها لعدم قيامها بتعجيله فى الأجل المحدد فى المادة 128 من قانون المرافعات فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 332 لسنة 48 جلسة 1980/06/02 س 31 ع 2 ص 1646 ق 306)
8 ـ مدة وقف الدعوى بناء على اتفاق الخصوم إعمالاً لنص المادة 128 من قانون المرافعات لا يعتبر ميعاداً من قبيل المواعيد التي عالجها المشرع فى المادة 15 من قانون المرافعات بقوله "إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً ..." فالميعاد الذي عناه الشارع فيها هو ذلك الذي يعينه القانون للحضور أو لحصول الإجراء، وإذ كانت مدة الوقف الاتفاقي يحددها الخصوم أنفسهم حسبما يتراءى لهم وليس فى تدخل المشرع بوضع حد أقصى لها ما يضفي عليها وصف الميعاد فإنما هدفه من ذلك ألا يصبح الوقف وسيلة تعطيل وإطالة، وقد أكد هذا النظر حينما عبر عن مدة الوقف فى الفقرة الثانية من المادة 128 بكلمة "الأجل" كما يؤكده ما هو مقرر من أن قرار الوقف باتفاق الخصوم لا يجوز حجية فيجوز لأي من الخصوم تعجيل الدعوى قبل انتهاء أجله دون أن يكون للطرف الآخر حق الاعتراض فإن ميعاد الثمانية أيام الذي حدده المشرع لتعجيل الدعوى يبدأ من نهاية أجل الوقف ولو صادف عطلة رسمية.
(الطعن رقم 223 لسنة 45 جلسة 1978/06/28 س 29 ع 1 ص 1588 ق 307)
9 ـ مجرد سكوت المستأنف ضده عن إبداء الدفع بإعتبار المستأنف تاركاً لإستئنافه - فى الجلسة الأولى بعد تعجيل الدعوى - لا يعتبر تنازلاً ضمنياً عن الدفع مسقطاً لحقه فى التمسك به فى الجلسة التالية متى كانت الدعوى قد تأجلت لإتمام إعلان باقى المستأنف ضدهم دون أى تكلم فى الموضوع من المستأنف ضده الحاضر .
(الطعن رقم 207 لسنة 32 جلسة 1966/12/06 س 17 ع 4 ص 1775 ق 256)
تقصير تاريخ الجلسة:
إذا وجد أحد الطرفين أن الجلسة التي حددت لنظر الدعوى أو التي أجلت إليها بعيدة، فإنه يمكنه أن يقدم طلباً إلى رئيس الدائرة لتقصير هذا الأجل ويدخل التقصير في السلطة التقديرية للمحكمة ولا يقبل قرارها بالتقصير أو برفضه التظلم أو الطعن وإذا صدر قرار بتقصير أجل الجلسة، فيجب أن يقوم طالب التقصير بإعلان الجلسة المعجلة إلى خصمه حتى يحضر فيها ويتم الإعلان بواسطة المحضر وفقاً للقواعد العامة ، ولا يجب إعادة إعلان التقصير.
تعجيل نظر الدعوى :
قد يرد على نظر الدعوى عارض من العوارض كأن يتم شطبها أو يوقف أو ينقطع سير الخصومة فيها وعندئذ يلزم تعجيل نظر الدعوى خلال الميعاد الذي يحدده القانون، على النحو الذي ندرسه تفصيلاً بالنسبة لكل حالة على حدة.
ويتم التعجيل بإعلان الطرف الآخر بنظر الدعوى وفقاً لقواعد إعلان أوراق المحضرين، ولا يلزم قيد صحيفة التعجيل في قلم كتاب المحكمة ولا يجب إعادة إعلان التعجيل ويضاف إلى الميعاد المحدد قانون لإعلان صحيفة التعجيل ميعاد مسافة بين مقر المحكمة التي قدمت إليها الصحيفة ومحل من يراد إعلانه بها، وذلك دون النظر إلى موطن طالب الإعلان .
والأصل أن يرتب التعجيل أثره بالنسبة للدعوى التي يتعلق بها، على أنه إذا تقرر ضم دعويين لوحدة موضوع الطلب بينهما، فإنهما يعتبران دعوی واحدة فتفقد كل منهما ذاتيتها واستقلالها عن الأخرى، ولهذا يرد عليها ما يلحق الأخرى من عارض. وإذا عجلت إحداهما، فإنه يترتب عليه بقوة القانون موالاة السير في الدعوى الأخرى ولو إقتصرت صحيفة التعجيل على إحداهما فقط، وذلك حتى يتسنى نظرهما معاً والفصل فيهما بحكم واحد منعاً لتناقض الأحكام في النزاع الواحد.
وقف الخصومة
تعريفه :
وقف الخصومة هو عدم سيرها لسبب أجنبي عن المركز القانوني لأطرافها، حتى يزول هذا السبب أو تنقضى المهلة التي حددها قرار الوقف وتنظم قواعده المادتان 128 و 129 مرافعات ويتميز الوقف بالمعنى الصحيح بأنه إذا تقرر فإن الخصومة - وإن ظلت قائمة - تدخل في حالة ركود تستبعد أي نشاط فيها حتى ينتهي الوقف .
ولهذا إذا حدث أن بدأت مرحلة في نفس الخصومة، فتوقف النشاط في المراحل الأخرى حتى تنتهي هذه المرحلة، فإن هذا لا يعتبر وقفاً للخصومة بالمعنى الصحيح ويكون الأمر كذلك ولو كانت هذه المرحلية تستمر أمام محكمة أخرى غير التي تنظر الدعوى، إذ ما دامت مرحلة من نفس الخصومة، فإنه لا يمكن القول أن الخصومة قد وقفت والذي يميزها كمرحلة في نفس الخصومة الأصلية أنها ترتبط بها ولا تصلح في ذاتها لتكوين خصومة مستقلة ومثالها حالة ما إذا ندبت المحكمة قاضي محكمة المواد الجزئية التي يقع المكان الواجب إجراء الإثبات في دائرتها لإجراء هذا الإثبات وأهمية هذا التمييز أنه إذا وقفت الخصومة بالمعنى الصحيح للوقف، فلا يتصور أن تسقط أثناء الوقف بسبب عدم قيام الخصم بنشاط فيها، في حين أنه إذا وقفت انتظاراً لإنتهاء مرحلة فيها فإنها يمكن أن تسقط بسبب عدم قيام الخصم بنشاطه أثناء هذه المرحلة.
وقف الخصومة بإتفاق الأطراف :
قد يرغب الأطراف في وقف الخصومة فترة من الوقت يحاولون أثناءها إنهاء نزاعهم ودياً، فأجاز لهم القانون الاتفاق على هذا الوقف.
ولا يجوز الاتفاق على وقف الخصومة إلا بالنسبة لخصومة الدعوى الموضوعية، إذ الإتفاق على وقف خصومة الدعوى المستعجلة يتنافى مع طبيعتها.
ويجب لوقف الخصومة بناء على هذا الإتفاق أن يتم الإتفاق بين جميع أطراف الخصومة، سواء كانوا أطرافاً أصليين أم متدخلين وأياً كان نوع تدخلهم فلا تقف الخصومة بناء على اتفاق بعض المدعين مع بعض المدعى عليهم ولو كان موضوع الدعوى يقبل التجزئة.
كما يجب أن يوافق القاضي على هذا الإتفاق وتتم موافقة القاضي بناء على طلب يقدم إليه من جميع الخصوم ويمكن أن يقدم الطلب من المحامي الوكيل في الخصومة دون حاجة لتوكيل خاص ويمكن أن يقدم الطلب كتابة أو شفوياً. ولا يجب أن يتضمن الطلب تحديد سبب رغبة الخصوم في وقف الخصومة فالأمر متروك للخصوم الذين لهم الاتفاق على الوقف أياً كان السبب .
وللقاضي سلطة تقديرية في إقرار هذا الاتفاق فله أن يرفض إقراره إذا تبين له أن الطلب أنما يرمي إلى إطالة أمد الخصومة على أنه يجب على القاضي ألا يرفض إقرار الاتفاق على الوقف إلا لأسباب هامة ومن ناحية أخرى، فإنه إذا وافق القاضي على الوقف الاتفاقى، فإن قراره لا يقبل الطعن بأي طريق على أن للقاضي - لأسباب تبرر ذلك - أن يرجع عن قراره.
ويجب ألا تزيد مدة الوقف المتفق عليها عن ثلاثة أشهر (مادة 128 مرافعات معدلة بالقانون 18 لسنة 1999) حتى لا يؤدى الوقف الاتفاقي إلى إطالة بقاء القضية في المحكمة دون نظرها وتبدأ هذه المدة من تاريخ إقرار المحكمة للاتفاق فإن اتفق الخصوم على مدة أطول، وجب على المحكمة إنقاصها إلى المدة القانونية على أنه يمكن - بعد تعجيل الخصومة - تكرار الإتفاق بين الخصوم على الوقف .
آثار الوقف وانتهاؤه :
يترتب على وقف الخصومة أثران هامان :
1- أن الخصومة - رغم الوقف - تعتبر قائمة ولهذا، فإن آثار المطالبة القضائية تظل كما هي، وبصفة خاصة الآثار الإجرائية فإذا رفعت نفس الدعوى مرة أخرى، فإنه يمكن التمسك في الخصومة الجديدة بالدفع بالإحالة إلى المحكمة الأولى.
2- أن الخصومة - رغم قيامها - تعتبر راكدة وهذا الركود يعنی منع أي نشاط فيها فلا يجوز القيام بأي عمل من أي شخص وإذا تم مثل هذا العمل فإنه يعتبر باطلاً وإذا حدث سبب من أسباب إنقطاع الخصومة أثناء الوقف، فإنه لا يرتب أثره إلا بعد زوال الوقف وإذا كانت هناك مواعيد إجرائية لم تبدأ فإنها لا تبدأ أثناء الوقف وإذا كان الميعاد قد بدأ قبل الوقف ولم ينته، فإنه يقف ويستأنف سريانه بعد انتهاء الوقف على أن أثر الوقف بالنسبة للمواعيد لا يترتب بالنسبة للوقف الإتفاقی، فوفقاً للمادة 138 لا يترتب على هذا الوقف أي أثر في أي ميعاد حتمى يكون القانون قد حدده لإجراء ما والمقصود بالميعاد الحتمي الميعاد الذي يترتب على مخالفته جزاء السقوط.
وينتهي الوقف بزوال سببه، مثلاً إذا وقفت الخصومة للحصول على حكم نهائي في مسألة أولية من محكمة أخرى، فإن الوقف يزول بصدور هذا الحكم ويمكن أن يحدد قرار الوقف الجلسة التي يعاد فيها نظر القضية ويتصور هذا بصفة خاصة في الوقف الاتفاقي فإذا لم تحدد هذه الجلسة، فإن القضية يعاد نظرها في جلسة تحدد بعد زوال سبب الوقف بناء على طلب أي من الخصوم.
على أنه بالنسبة للوقف الإتفاقی، يمكن للأطراف الاتفاق على إنهاء الوقف قبل انتهاء مدته وعندئذ يجب أن يتم الإتفاق بين جميع الخصوم.
وخشية من أن يكون الخصوم الذين اتفقوا على الوقف قد أنهوا النزاع بينهم ودياً، تحدد المادة 128 ميعاد ثمانية أيام من انتهاء الوقف الاتفاقي للقيام بتعجيل الخصومة ويبدأ ميعاد التعجيل من نهاية أجل الوقف ولو صادف عطلة رسمية ، ولكن يضاف إليه ميعاد مسافة ويجب إعلان التعجيل خلال هذا الميعاد ولا يقبل هذا الميعاد وقفاً ولا إنقطاعاَ ولا عبرة بتاريخ تقديم الصحيفة لقلم الكتاب لتحديد الجلسة فالتعجيل لا يحدث إلا بالإعلان الذي يجب أن يتم في الميعاد المحدد له وإلا أعتبر الميعاد غير مرعى ولا تستأنف الخصومة سيرها أمام المحكمة ولهذا لا ينطبق نص المادة 63 مرافعات الذي يقضي بأن الدعوى تعتبر مرفوعة بإيداع صحيفة قلم الكتاب ولا ينطبق نص المادة 67/ 2 مرافعات ، فلا يلتزم قلم الكتاب بتسليم صحيفة التعجيل إلى قلم المحضرين وإنما يكون على صاحب الشأن بعد تقديم الصحيفة المشار إليها إلى قلم الكتاب لتحديد الجلسة أن يتسلمها لتقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها خلال المدة المحددة وعلى صاحب الشأن متابعة إعلانها في الميعاد وإذا تعدد المدعون، وعجلها البعض، فإن الوقف يزول بالنسبة لجميع الخصوم ولو كان الموضوع يقبل التجزئة فتستأنف الخصومة سيرها بالنسبة لجميع أطرافها.
ولا يلزم أن يوقع صحيفة التعجيل محام، وإذا كان التعجيل للخصومة أمام محكمة الاستئناف، فلا يلزم توقيع محامى استئناف عليها.
فإذا لم يقم أي من الطرفين خلال هذا الميعاد بإعلان الطرف الآخر بالحضور أمام المحكمة الاستئناف نظر القضية، «اعتبر المدعى تارکاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه» ( 128/ 2 مرافعات) . بمعنى أن الخصومة تنتهي، فتزول المطالبة القضائية وما ترتب عليها من آثار، كما تزول أعمال الخصومة التي تمت قبل الوقف، ويعتبر ترك المدعي لدعواه مقبولاً مقدماً من المدعى عليه بعدم تعجيل هذا الأخير للخصومة في الميعاد الذي حدده القانون ولهذا فإن الترك الذي تنص عليه المادة 128 يترتب بمجرد انتهاء ميعاد الثمانية أيام دون تعجيل ولا يقبل من المدعى أو المدعى عليه تعجيل الخصومة بعد انقضاء هذا الميعاد فإن حدث، فللطرف الآخر الدفع بانتهاء الخصومة نتيجة للترك .
على أن هذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام ، ولهذا يجب التمسك به قبل الكلام في الموضوع، وليس للمحكمة أثارته من تلقاء نفسها. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 271)
الوقف الاتفاقي:
وقف الدعوى، إما أن يكون اتفاقياً عندما تتجه إرادة الخصوم إليه، وإما أن يكون تعليقاً وفقاً لنص المادة (129) أو جزائياً عملاً بالمادة (99)، ويخضع كل نوع للنص الذي حدد أحكامه وشروطه، وقد يوقف القاضي الدعوى إعمالاً لحسن سير العدالة منها من صدور أحكام متناقضة وسلطته في ذلك مطلقة، فقد تنتفي شروط الارتباط ويمتنع الوقف التعليقي.
فالوقت الاتفاقي يتحقق عندما يطلب الخصوم وقف الدعوى للمدة التي يتفقون على تحديدها بحيث لا تزيد على ثلاثة أشهر تبدأ ليس من تاريخ اتفاقهم على الوقف وإنما من التاريخ الذي يصدر فيه قرار المحكمة بالوقف، فقد يطلب الخصوم الوقف وترى المحكمة تنفيذ إجراء معين تحدد له جلسة مقبلة، وبعد تنفيذه تقرر وقف الدعوي.
ويعتبر الوقف من إجراءات التقاضي التي يجوز للخصوم اتخاذها إذا اجتمع اتفاق الخصوم عليها، ولما كانت مباشرة تلك الإجراءات يكفي فيها الوكالة العامة، وبالتالي يجوز للمحامي الموكل أو من يحضر عنه من المحامين، طلب وقف الدعوى دون وكالة خاصة، ويطرح الطلب باتخاذ هذا الإجراء على المحكمة إذا وافق عليه باقي الخصوم.
وللمحكمة سلطة تقديرية لإصدار قرار بوقف الدعوى وتتقيد بالمدة التي توقف فيها طالما لم تزد عن ثلاثة أشهر، فإن زادت، تعين عليها إنقاصها إلى أقصى مدة مقررة للوقف وهي ثلاثة أشهر التزاما بنص المادة (128) وتحقيقاً لإرادة الخصوم التي اتجهت إلى تحديد حد أقصى مدة يقرها القانون إعمالاً لقواعد التفسير، ويبين من ذلك أن شروط الوقف الاتفاقي تنحصر في اتفاق الخصوم والمدة التي توقف فيها الدعوى.
شروط الوقف الاتفاقي :
الشرط الأول: اتفاق الخصوم على وقف الدعوى:
يجب أن يتفق الخصوم على وقف الدعوى اتفاقاً صريحاً يبدى أمام المحكمة ويثبت في محضر الجلسة وأن يصروا عليه حتى صدور القرار بالوقف، بحيث إذا أبدى الخصوم طلباً بوقف الدعوى، ولم تجبهم المحكمة إليه في الجلسة التي أبدى فيها وتأجلت الدعوى لجلسة تالية لتنفيذ إجراء معين، وفي هذه الجلسة عدل أحدهم عن طلبه أو تقدم بمذكرة تمسك فيها بطلبات أخرى دون أن يضمنها طلب الوقف، كان ذلك بمثابة عدول عنه وتعين على المحكمة طرحه والاستمرار في نظر الدعوى، وإذا طلب بعض الخصوم وقف الدعوى وسكت الباقون، فلا يعتبر سكوتهم قبولاً ضمنياً إنما رفضاً للوقف.
وينصرف نص المادة (128) إلى الخصوم في الدعوى، من تضمنتهم صحيفتها ومن تدخلوا وأدخلوا فيها، والعبرة بالخصوم الحقيقيين ، فلا يعتد بالخصم غير الحقيقي، كالخصم الذي يختصم لصدور الحكم في مواجهته ويقف من الخصومة موقفاً سلبياً في جميع مراحلها، ومن ثم إذا اتفق الخصوم الحقيقيون على وقف الدعوى التزمت المحكمة بهذا الاتفاق ولو لم يطلب ذلك الخصم غير الحقيقي أو حتى لو اعترض على الوقف ولا يخرجه هذا الاعتراض عن موقفه السلبي إذ لا يعتبر دفعاً أو دفاعاً في الدعوى، ولما كان الخصم المنضم ليست له طلبات مستقلة ومن ثم تنفذ في حقه طلبات الخصم الذي انضم إليه ومنها طلب وقف الدعوى مما يحول دونه، والاعتراض على طلب الوقف.
وإذا تعدد أطراف الخصومة، كما لو تعدد المدعون أو المدعى عليهم، فالعبرة باتفاقهم جميعاً على الوقف، سواء كان موضوع الدعوى مما يقبل التجزئة أو لا يقبل ذلك، فقد يتعدد المدعى عليهم ويتفق المدعي مع أحدهم على وقف الدعوى بالنسبة له، وحينئذ يتعين على المحكمة رفض طلبهما بالوقف ولو كان موضوع الدعوى مما يقبل التجزئة التزاماً منها بحسن سير العدالة وحفاظاً على جهدها ووقتها ومنها من تكدس القضايا أمامها بتعطيل الفصل في الدعوى، ويتحقق ذلك كله عندما يرفع المدعي دعوى ضد مدعی عليهم بطلب تثبيت ملكيته أو بطلب آخر، وتوقف المحكمة الدعوى بالنسبة لأحد المدعى عليهم ثم تصدر حكماً بإجراء من إجراءات الإثبات ويتم تنفيذه في مواجهة باقي المدعى عليهم مما يحول دون الاحتجاج بدليل الإثبات المستمد منه في مواجهة المدعى عليه الذي أوقفت الدعوى بالنسبة له فإذا ما قام بتعجيلها، التزمت المحكمة بإصدار حكم جديد بذات الإجراء، وتوجب قواعد العدالة إصدار حكم واحد في موضوع الدعوى في مواجهة جميع المدعى عليهم وقد تكون الدعوى قد تهيأت للحكم فيها بالنسبة لباقي المدعى عليهم وحينئذ ترجئ الفصل فيها حتى استكمال الأدلة، وإذا ما رفضت المحكمة طلب الوقف فلا تثريب عليها باعتباره جوازاً لها، ويكون الرفض صريحاً أو ضمناً بالالتفات عنه والاستمرار في نظر الدعوى.
ولما كان وقف الدعوى إجراء من إجراءات التقاضي ولا ينصرف إلى حق التقاضي نفسه، ومن ثم يجوز لوكيل الخصومة الاتفاق عليه حتى لو ترتب عليه اعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، إذ يترتب هذا، الأثر على نص في القانون وليس على اتفاق الوكيل بالخصومة. ويكفي فيه التوكيل العام ولا يتطلب توكيلاً خاصاً شأنه شأن سائر إجراءات التقاضي.
الشرط الثاني: مدة الوقف الاتفاقي:
إذا اتفق الخصوم أو وكلاؤهم على وقف الدعوى - أو الاستئناف - وجب ألا يتضمن هذا الاتفاق مدة تزيد على ثلاثة أشهر، فتلك أقصى مدة افترض المشرع أن للخصوم حسم نزاعهم خلالها، ويخضع تحديد المدة لتقدير الخصوم أنفسهم، فقد يكتفون بشهرين أو ثلاثة، وحينئذ تقبل المحكمة الاتفاق أو ترفضه على هذا الأساس إذ ليس للمحكمة التدخل بإنقاص هذه المدة أو زيادتها طالما كانت في نطاق عدد الأشهر التي جاء بها نص المادة (128) وتنحصر سلطة المحكمة في التدخل في هذا الشأن عندما يتضمن الاتفاق مدة تزيد على ثلاثة أشهر، بحيث إذا أقرت الاتفاق انقصت المدة إلى ثلاثة أشهر التزاماً بهذا النص وبإرادة الخصوم التي كانت قد اتجهت إلى تحديد مدة يتمكنون خلالها من التفاوض لحسم نزاعهم صلحاً ومن ثم فإن منحهم أقصى مدة مقررة قانوناً يكون متفقاً مع إرادتهم وليس في ذلك تسلط من المحكمة.
فإذا انقضت المدة وعجلت الدعوى، واتفق الخصوم على وقفها مرة أخرى، كان ذلك من حقهم دون التزام عليهم بإبداء أسباب لاتفاقهم ولو استنفدوا المدة كاملة في الوقف السابق، إذ يجب أن يتم التعجيل في الميعاد ولو كانت إجراءات الصلح لم تتم بعد ويظل للمحكمة السلطة المطلقة في إقرار هذا الاتفاق أو رفضه دون معقب عليها في ذلك.
وتبدأ مدة الوقف من تاريخ إقرار المحكمة للاتفاق وليس من تاريخ هذا الاتفاق، فقد يتفق الخصوم على وقف الدعوى ويثبتون ذلك بمحضر الجلسة، فتقرر المحكمة التأجيل لجلسة تالية لتنفيذ إجراء معين، ثم تقر الاتفاق بالجلسة التي تأجلت إليها الدعوى، وحينئذ تبدأ مدة الوقفي من تاريخ الجلسة الأخيرة وليس من تاريخ الجلسة الأولى.
ولا يترتب على وقف الدعوى، وقف المواعيد الحتمية المتعلقة بأي من الإجراءات المتصلة بها، ومتى بدأت هذه المواعيد في السريان فإنها تستمر في سريانها إلى أن تنقضي مرتبة كافة آثارها القانونية وفقاً للأحكام المقررة لها من حيث الوقف أو الانقطاع، مثال ذلك أن يصدر حكم قطعي في شق من النزاع مما يجوز الطعن فيه على استقلال، فيبدأ ميعاد الطعن وهو ميعاد حتمي يوجب القانون رفع الطعن خلاله وإلا سقط الحق فيه، وأثناء سريانه يتفق الخصوم على وقف الدعوى وتقر المحكمة هذا الاتفاق، وعملاً بالمادة (128) لا يكون لهذا الوقف أثر في الميعاد الذي حدده القانون لرفع الاستئناف، وهو ما يوجب على المحكوم عليه في الشق القطعي الطعن فيه خلال الميعاد دون انتظار لتعجيل الدعوى، فإذا انقضى ميعاد الطعن خلال مدة الوقف دون رفع الطعن سقط الحق فيه ما لم يوقف ميعاد الطعن عملاً بالمادة (216) أو لقوة قاهرة.
الشرط الثالث: عدم تعلق موضوع الدعوى بالنظام العام:
يهدف الخصوم من اتفاقهم على وفق الدعوى إلى حسم النزاع الناشئ بينهم بعيداً عن رقابة القضاء، بحيث إذا تم الصلح بينهم خلال المدة المحددة للوقف - انتهى النزاع صلحاً وهو ما ينطوي على ترك المدعي دعواه والمستأنف استئنافه وقبول الخصم ذلك دون حاجة إلى تعجيل الدعوى أو الاستئناف لإثبات هذا الترك، وقد اعتد المشرع بإرادة الخصوم التي اتجهت إلى إحداث هذا الأثر، فأقام قرينة قانونية قاطعة تدل على اعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه إذا انقضت ثمانية أيام على انقضاء أجل الوقف دون إعلان صحيفة التعجيل، ورتب على ذلك كافة آثار الترك مما مقتضاه إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى دون أن يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوى فيظل على ما كان عليه قبل رفع الدعوى دون انتقاصه، ولا ضرر في ذلك إذا كان ثبوت هذا الحق لا مخالفة فيه للنظام العام، أما إذا كانت تلك الآثار تمس النظام العام، وجب على المحكمة ألا تترك أمرها الإرادة الخصوم فقد يتفقون على حسم النزاع بعيداً عن رقابة القضاء رغم مخالفته للنظام العام وحينئذ يعتبر المدعى تارکاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه بانقضاء مدة التأجيل، ومن ثم يجب لإقرار الخصوم على اتفاقهم بوقف الدعوى ألا يكون موضوعها متعلقا بالنظام العام أو مخالفاً له، وفي هذه الحالات ترفض المحكمة طلب الوقف وتستمر في نظر الموضوع فإن كانت قد أوقفت الدعوى بالرغم من ذلك سهواً، كان ذلك مبرراً لعدولها عن قرار الوقف من تلقاء نفسها، مثال ذلك الدعوى التي ترفع على الأجنبي ببطلان التصرف العقاري الصادر له، والدعوى التي ترفع ببطلان الزيادة في أجرة العين الخاضعة لقانون إيجار الأماكن، والدعوى بطلب حقوق للعامل ناشئة عن عقد العمل، وهكذا.
قرار وقف الدعوى :
متى تحققت الشروط سالفة البيان، جاز للمحكمة أن تقر ما اتفق عليه الخصوم فتقرر وقف الدعوى المدة التي تضمنها الاتفاق، وهي بذلك لا تصدر حكماً إنما تصدق على ما اتفق عليه الخصوم، ومن ثم لا يكتسب قرارها الحجية التي تكتسبها الأحكام القضائية سواء بالنسبة للمحكمة أو بالنسبة للخصوم، وهو ما يجيز لها العدول عن قرارها كما يجوز لأي من الخصوم الذين اتفقوا على الوقف العدول عنه خلال الأجل المحدد للوقف، فقد تفشل مفاوضات الصلح ولا تكون هناك فائدة من تكملة الأجل، وحينئذ يعدل أي من الخصوم عن قرار الوقف بتعجيل الدعوى طالما كان طرفاً في الاتفاق، أما إن لم يكن طرفاً فيه، وكان يجب موافقته لتقرر المحكمة وقف الدعوى إلا أنها أغفلت هذه الموافقة، فإن قرارها يكون مشوباً بمخالفة القانون ويكون السبيل إلى تصحيح هذا العيب ليس بالطعن فيه، لأنه لم يفصل في خصومة وإنما أقر اتفاقاً، ومن ثم وجب على الخصم الذي أغفلته المحكمة أن يرجع إليها بطلب على عريضة لتعدل عن قرار الوقف، فإذا ما تبين لها صحته أصدرت أمراً على العريضة بالعدول عن الوقف وتكلف هذا الخصم بتعجيل الدعوى ولو لم يكن أجل الوقف قد انقضى، ويجوز للخصم الذي أغفلته المحكمة أن يعجل الدعوى من تلقاء نفسه قبل أن تقرر المحكمة العدول عن قرار الوقف وفي هذه الحالة نعتد بالتعجيل وذلك كله على التفصيل الذي أوردناه بالبند التالي. ويرى أبو الوفا في التعليق أن الأصل أن قرار الوقف عمل ولائي لا يقبل الطعن وإنما إذا أخطأت المحكمة وقررته في غير حالته كأن قررته استجابة الرغبة أحد طرفي الخصومة دون موافقة الطرف الآخر فإنه يقبل الطعن.
ويترتب على الوقف، وقف جميع الإجراءات القضائية اعتباراً من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاق الخصوم، وتكون الإجراءات التي اتخذت قبل ذلك صحيحة حتى لو تمت بعد اتفاق الخصوم على الوقف إذ لا ينتج الوقف آثاره إلا من تاريخ إقرار المحكمة له، وتنتهي هذه الآثار بإعلان صحيفة التعجيل وليس من تاريخ إيداعها قلم الكتاب، بشرط أن يكون إعلان التعجيل قد تم صحيحاً فإن شابه بطلان ظلت الدعوى موقوفة وبطلت كافة الإجراءات التي اتخذت في الفترة من إجراء الإعلان حتى القضاء ببطلانه ، وقد يترتب على هذا البطلان القضاء باعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه وفقاً لما أوضحناه ببند «تعجيل الدعوى» فيما يلي.
ولا ينال قرار الوقف من الخصومة، فتظل قائمة منتجة آثارها ما لم يقضي باعتبار المدعى تارکاً دعواه ، فتزول الخصومة وما ترتب عليها من آثار.
تعجيل الدعوى من الوقف:
إذا اتفق الخصوم على وقف الدعوى وأقرت المحكمة اتفاقهم، تم الوقف سعياً من الخصوم إلى حسم النزاع بعيداً عن القضاء خلال المدة التي أقرتها المحكمة باعتبارها أقصى مدة تمكنهم من ذلك، وهي مقررة لمصلحتهم جميعاً لتحقيق غرض معين، ومن ثم لا يجوز لأحدهم حرمان خصمه من هذا الأجل بإرادته المنفردة طالما كان احتمال المفاوضة لحسم النزاع قائماً، أما إذا ظهرت بوضوح إرادة الطرفين على تعذر استمرارها، كان ذلك كافياً لعدم الاستمرار في ميعاد الوقف ويحق لأي من الخصوم وبإرادته المنفردة تعجيل الدعوى خلال ميعاد الوقف وفقاً للإرادة الضمنية التي انصرفت إلى ذلك بالنسبة لهم جميعاً والمستمدة من تعذر الاتفاق. (انظر بهذا المعنى: نقض 28/ 6/ 1978 فيما تقدم؛ وأبو الوفا في التعليق؛ وقارن فتحي والي ويذهب إلى وجوب اتفاق جميع الخصوم على إنهاء الوقف ويمتنع على أي منهم إنهاء الوقف بإرادته المنفردة، إذ التعجيل قبل انتهاء ميعاد الوقف المتفق عليه يعتبر تعديلاً لاتفاق تم بين الخصوم لا يجوز نقضه بإرادة منفردة من أحدهما وإن كان للمحكمة العدول عن قرارها بالوقف بناء على تعجيل أحد الطرفين قبل الميعاد ويظل الأمر خاضعاً لسلطتها التقديرية فلها أن ترفض استئناف سير الدعوى قبل انتهاء ميعاد الوقف المتفق عليه».
وليس للمحكمة العدول عن قرار الوقف من تلقاء نفسها إلا إذا توافر السبب الذي يبرر لها ذلك، فقد يتبين لها تعلق موضوع الدعوى بالنظام العام أو توافر مخالفة هذا النظام على التفصيل الذي أوضحناه بصدد الشرط الثالث للوقف فيما تقدم مما كان يحول دون إقرار اتفاق الخصوم بالوقف، وحينئذ تعدل ومن تلقاء نفسها عن قرار الوقف وتكلف قلم الكتاب بإعلان الخصوم للجلسة التي تحددها وبذلك يتوافر المبرر لعدول المحكمة عن قرار الوقف، وقد يشوب قرارها بالوقف عيب يبطله كما إذا أقرت الاتفاق بالوقف بينما لم ينضم إليه أحد الخصوم، وفي هذه الحالة يكون السبيل لتدارك ذلك بعدول المحكمة عن قرار الوقف باعتبار أن قرار الوقف مما يتعلق بسير الخصومة، كما يجوز للطالب تعجيل الدعوى من الوقف وحينئذ تقره عليه وتنظر الدعوى ويعتبر ذلك عدولاً ضمنياً منها عن قرار الوقف.
ومتى تم التعجيل فإن الدعوى تستأنف سيرها من حيث توقفت وماتم صحيحاً من إجراءات يظل صحيحاً وتستكمل الإجراءات التي يتطلبها السير في الدعوى ، فإن كان الأجل المحدد لتنفيذ إجراء قد انقضى وجب تجديده.
الإجراء الذي يتم به التعجيل :
يرد التعجيل على دعوى قائمة انعقدت الخصومة فيها واتفق جميع الخصوم على وقفها، وبإقرار المحكمة لهذا الاتفاق، تقف الدعوى بما يعني وقف جميع الإجراءات المتعلقة بها واستبعادها من رول الجلسة ويقع باطلاً كل إجراء يتخذ فيها خلال مدة الوقف، ويتفق هذا الحكم مع الحكم المتعلق بانقطاع الخصومة المنصوص عليه في المادة (133) مع اتحاد العلة في الحكمين والمتمثلة في وقف الإجراءات، وبذلك يكون الإعلان هو الإجراء الذي يتم به تعجيل الدعوى من الوقف قياساً على تعجيل الدعوى من الانقطاع، ووفقاً للنهج الذي انتهجه المشرع في استئناف الدعوى سيرها بعد توقف إجراءاتها، على ما أوضحناه بالمادة سالفة البيان.
ويتطلب التعجيل تقديم صحيفة التعجيل لقلم الكتاب من أصل وعدد من الصور بقدر عدد الخصوم وذلك لتحديد جلسة وسداد الرسم، ثم يقوم الطالب بتسليم الأصل والصور لقلم المحضرين لإعلانها، ولا يتم التعجيل إلا بإعلان الخصوم بالصحيفة إعلاناً صحيحاً خلال الثمانية أيام التالية لنهاية أجل الوقف دون اعتداد بتاريخ تقديم الصحيفة لقلم المحضرين، بحيث إذا شاب الإعلان البطلان ولم تتحقق الغاية منه، كان التعجيل باطلاً، فإذا تمسك المدعى عليه بهذا البطلان في جلسة تالية للجلسة التي تضمنها الإعلان الباطل، فإن الغاية لا تكون قد تحققت، وتقضي المحكمة بالبطلان وبإعادة الدعوى إلى الوقف ما لم يكن ميعاد التعجيل قد تقضي وتمسك المدعى عليه مع البطلان باعتبار المدعي تاركاً دعواه وحينئذ تقضى المحكمة ببطلان التعجيل، واعتبار المدعى تارکاً دعواه، أما إذا حضر المدعى عليه بالجلسة التي تضمنها الإعلان الباطل، تحققت الغاية من الإجراء ورفضت الدفع بالبطلان والدفع باعتبار المدعى تارکاً دعواه. وإذا أعلن المدعى عليه بالتعجيل بعد انقضاء الثمانية أيام المشار إليها، اعتبر المدعى تارکاً دعواه إذا تمسك المدعى عليه بذلك.
وإذا أبطل التعجيل الذي تم خلال المدة المحددة للوقف ولم تتحقق الغاية منه، اقتصر الحكم على البطلان وإعادة الدعوى إلى الوقف، إذ لا يعتبر المدعی تارکاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه إلا إذا تم التعجيل بعد ثمانية أيام من انتهاء المدة المحدد للوقف أو تم التعجيل خلالها ولكن قضى ببطلانه، وطالما أن تلك المدة لم تكن قد انقضت، كان للمدعى القيام بتعجيل آخر مستوف موجبات صحته بل له الانتظار حتى انتهاء المدة المحددة للوقف ثم تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام المشار إليها.
لأي خصم تعجيل الدعوى من الوقف:
أوضحنا فيما تقدم أن إقرار المحكمة لاتفاق الخصوم بوقف الدعوى لمدة محددة لا يحول دون أي من الخصوم و تعجيل السير فيها قبل انقضاء هذه المدة إذا تعذر حسم النزاع إعمالاً لإرادتهم الضمنية، فإذا ظلت الدعوى موقوفة حتى انقضت مدة الوقف ولم يعجلها أحد من الخصوم خلال الثمانية أيام التالية لانقضاء مدة الوقف، قامت قرينة قانونية قاطعة باعتبار المدعى تاركاً دعواه - والمستأنف تاركاً استئنافه - وتترتب آثار الترك بحكم القانون بإلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى، ومقتضى هذه القرينة إعفاء من يتمسك بهذه الآثار من إقامة الدليل عليها وتحول دون الخصم الآخر من إثبات ما يناقضها، وحينئذ تلتزم المحكمة بدلالتها، فقد افترض المشرع أن عدم تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لمدة الوقف يدل على وجود اتفاق ولو ضمنياً على ترك المدعي دعواه وقبول المدعى عليه لهذا الترك ، ولم تعد هناك خصومة قائمة أو دعوى فقد ألغيت جميع الإجراءات التي كانت قد اتخذت بانقضاء اليوم الثامن، مما مفاده أنه إذا قام أحد الخصوم بتعجيل الدعوى بعد هذا اليوم، فلا يكون ثمة محل يرد عليه هذا التعجيل، فإن كان المدعي هو الذي قام بالتعجيل، وتمسك المدعى عليه بالقرينة وجب القضاء باعتبار المدعى تاركاً دعواه، وإن كان المدعي هو الذي تمسك بها وجب القضاء بعدم جواز التعجيل، وإلغاء الإجراءات على نحو ما تقدم معلق على تمسك أي من الخصوم بالدفع.
وإن كان الأثر المتقدم يقع بقوة القانون فور تحقق سببه ولكن التمسك به غیر متعلق بالنظام العام ويقصد منه عدم السير في الدعوى ومن ثم فهو دفع شكلي يجب التمسك به قبل التعرض للموضوع وإلا سقط الحق فيه، فإذا تم تعجيل الدعوى بعد اليوم الثامن من انقضاء مدة الوقف وتمسك الخصم الآخر بالأثر المترتب على ذلك، التزمت المحكمة بالقضاء بما تمسك به هذا الخصم دون أن يكون له سلطة تقديرية في هذا الصدد لأن الأثر يقع بقوة القانون وإذا تمسك الخصم بالدفع باعتبار المدعى تارکاً دعواه بعد تعرضه للموضوع تعين على المحكمة القضاء بسقوط حقه في الدفع وتستمر في نظر الموضوع، أما إذا قبل التعجيل صراحة أو ضمناً امتنع على المحكمة التصدي للدفع من تلقاء نفسها. (انظر بهذا المعنى: رمزي سيف صفحة (461 ؛ فتحي والي صفحة 646؛ وقارن أبو الوفا في التعليق ويذهب إلى أنه يجوز للمدعى عليه تعجيل الدعوى ولو بعد الثمانية أيام إذا رأى أن مصلحته تقتضي السير في الدعوى ولا يملك المدعى حينئذ التمسك باعتباره تاركاً دعواه إذ عليه في هذه الحالة أن يتركها وفقاً لقواعد الترك).
ويرى الدكتور رمزي سيف أن الدفع يتعلق بالنظام العام إذا كان تعجيل الدعوى تم بعد انتهاء النهاية القصوى للمدة التي يجوز اتفاق الخصوم على وقف الدعوى فيها وهي ثلاثة أشهر لأن عدم تمسك أي من الخصوم بانتهاء الخصومة يعتبر بمثابة اتفاق ضمني على مد مدة الوقف المتفق عليها وهو لا يجوز فيما زاد على النهاية القصوى التي حددها القانون. أما إذا كان التعجيل بالرغم من حصوله بعد مضي الثمانية أيام على انتهاء المدة المتفق على وقف الدعوى فيها، إلا أنه حصل قبل مضي النهاية القصوى وهي ثلاثة شهور فلا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بالجزاء لأن سكوت الخصوم عن التمسك بالجزاء يعتبر بمثابة اتفاق ضمني على مد مدة الوقف بحيث لا تجاوز النهاية القصوى ومثل هذا الاتفاق جائز.
ويرى أبو الوفا (المرافعات صفحة 537) أنه إذا تعدد المدعون وعجل البعض الدعوى دون البعض الآخر فالخصومة تنقضي بالنسبة لهؤلاء لأنها تقبل التجزئة عملاً بقواعد ترك الخصومة ونرى لصحة التعجيل توجيهه لباقي المدعيين ولجميع المدعى عليهم وإلا كان باطلاً وأدى ذلك إلى اعتبار المدعيين جميعاً تاركين دعواهم إذا كانت مدة التعجيل قد انقضت وتمسك بذلك المدعى عليهم أو أحدهم.
ميعاد التعجيل:
يجب أن يتم تعجيل الدعوى أو الاستئناف من الوقف خلال الثمانية أيام التالية لنهاية الأجل المحدد لوقف الدعوى، ولا يتم التعجيل إلا بإعلان صحيفته ولا يكفي إيداعها قلم الكتاب خلاله على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، والثمانية أيام سالفة البيان ميعاد ناقص ومن ثم يجب أن يتم الإعلان بالتعجيل خلاله، وتبدأ بانقضاء اليوم الأخير من الأجل المحدد لوقف الدعوى حتى لو صادف هذا اليوم عطلة رسمية أو امتدت العطلة الرسمية إلى الأيام الأولى من الميعاد المقرر للتعجيل أو إذا بدأ هذا الميعاد بعطلة رسمية وكانت المدة الباقية تكفي لاتخاذ إجراءات التعجيل، فإن لم تكن كافية وجب على المحكمة منح طالب التعجيل الأجل الذي يمكنه من إتمام الإجراءات ولو جاوزت بذلك الثمانية أيام سالفة البيان، مثال ذلك أن تبدأ تلك الأيام يوم جمعة ويكون السبت وقفة عيد الأضحى وتبدأ إجازة العيد يوم الأحد وتنتهي يوم الأربعاء ويصادف يوم الخميس عطلة رسمية بمناسبة قومية ويكون اليوم التالي عطلة رسمية باعتباره يوم جمعة، وبذلك تنقضي الأيام الثمانية ويستحيل على الطالب تعجيل الدعوى خلالها، وهو ما تتوافر به عناصر القوة القاهرة التي من شأنها تخويل المحكمة الحق في منح الطالب أجلاً يمكنه من إتمام إجراءات التعجيل وفقاً لتقديرها لهذا الأجل ولا تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، كذلك الحال إذا لم يبق من الميعاد إلا يوم واحد تعمل فيه المحاكم وقد افترض المشرع كفاية الثمانية أيام لتقديم صحيفة التعجيل وإعلانها.
وإذا صادف اليوم الأخير من الثمانية أيام عطلة رسمية، امتد الميعاد إلى أول يوم عمل يلي هذه العطلة، ولا تملك المحكمة في هذه الحالة منح الطالب أجلا يجاوز اليوم الأول التالي للعطلة ولو لم يكن كافياً لإتمام الإجراءات، فقد كان أمامه فسحة من الوقت منذ بدء الميعاد دون اتخاذ الإجراءات.
ويضاف للثمانية أيام ميعاد مسافة على نحو ما أوضحناه بالمادتين (16)، (17).
تضمين صحيفة التعجيل طلباً عارضاً أو تصحيحاً لشكل الدعوى :
لا تتفق إجراءات تعجيل الدعوى مع إجراءات تقديم الطلبات العارضة عندما يقدم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ومع إجراءات تصحيح شكل الدعوى بإدخال خصم لم يكن مختصماً من قبل أو استبعاد خصم، إذ يتم ذلك بموجب صحيفة تحرر من أصلين وعدد من الصور بقدر عدد المراد إعلانهم، وتقدم لقلم الكتاب لقيدها والتأشير بها ثم تسلم للطالب - إذا رغب في ذلك - لتقديمها لقلم المحضرين لإعلان الصور بموجب أحد الأصلين الذي يقدم للمحكمة أو لقلم الكتاب كدليل على إجراء الإعلان.
ومفاد ذلك أنه لا يجوز أن تتضمن صحيفة التعجيل طلباً عارضاً أو تصحيحاً لشكل الدعوى وتسرى حينئذ القواعد المتعلقة بذلك، مما مقتضاه أن الطلب العارض لا يجوز أن تتضمنه صحيفة التعجيل، فإذا قضت المحكمة باعتبار المدعى تاركاً دعواه، فإنها لا تعتد بالطلب العارض الذي تضمنته صحيفة التعجيل لزوال الدعوى. وحينئذ لا يمتد هذا القضاء للطلب العارض فيظل لمن تقدم به الحق في رفع دعوى مبتدأة به متى لو كان الحق في رفع الدعوى السابقة قد سقط إذ لا تمتد حجية الحكم الصادر فيها إلى الدعوى الجديدة.
التعجيل في حالة ضم الدعاوى :
إذا ضمت دعوى لأخرى للارتباط و ليصدر فيهما حكم واحد، ولم يترتب على الضم فقد كل منهما لذاتيتها، بل ظلت كل منهما مستقلة عن الأخرى، ثم اتفق الخصوم فيهما على وقفهما، فإن مؤدى انفصال الاتفاق في الأولى عنه في الثانية رغم صدور قرار الوقف في الدعوى الأصلية، وتظل كل منهما على استقلالها خلال فترة الوقف بحيث إذا تم تعجيل إحداهما اقتصر التعجيل عليها دون أن يمتد إلى الأخرى ولو كانت التي عجلت هي الدعوى المنضمة فتستأنف وحدها مسيرتها أمام المحكمة، وإذا عجلت إحداهما خلال الثمانية أيام التالية لمدة الوقف بينما عجلت الأخرى بعدها اعتبر المدعى في الدعوى الأخيرة تاركاً دعواه واستأنفت الدعوى الأولى وحدها مسيرتها، فإن كانت الدعوى التي اعتبر المدعى تارکها تمثل دفاعاً له في الدعوى الأخرى ولم تخضع لميعاد معين لرفعها، جاز له رفعها من جديد أو طرحها على المحكمة في الدعوى المنظورة بموجب طلب عارض باعتبار أن الأثر المترتب على اعتبار المدعي تارکاً دعواه ينحصر في إلغاء إجراءات الخصومة بما فيها رفع الدعوى دون أن يمتد للحق محل الدعوى، مثال ذلك أن يرفع الشفيع دعوى شفعة فيواجه ببيع لاحق للبيع الذي يشفع فيه، فيرفع دعوى مستقلة بالصورية المطلقة للبيع اللاحق وتقرر المحكمة ضمها لدعوى الشفعة ثم تأمر بوقفهما، فيعجل الشفيع دعوى الشفعة في الميعاد بينما يعجل دعوى الصورية بعده فيدفع المدعى عليه فيها باعتبار الشفيع تارکاً دعواه ويترتب على القضاء بذلك زوال إجراءات الخصومة فيها بما في ذلك رفع الدعوى، وحينئذ يجوز للشفيع أن يدخل المدعى عليه في دعوى الصورية خصماً في دعوى الشفعة ويوجه إليه ذات الطلبات التي كانت موجهة إليه في دعوى الصورية إذ لا يتقيد الشفيع بميعاد معين عند إدخال المشتري الصوري في دعوى الشفعة طالما ظلت منظورة.
أما إذا ترتب على الضم زوال ذاتية كل من الدعويين، فإنهما يصبحان دعوى واحدة لا انفصام بينهما، ويترتب على تعجيل إحداهما تعجیل الأخرى بطريق اللزوم وحينئذ يجب على من يقوم بالتعجيل إعلان جميع الخصوم في الدعويين. فإن قام المدعي في إحداهما بذلك، وجب عليه إعلان صحيفة التعجيل لكل من المدعى عليه في دعواه والمدعيين والمدعى عليهم في الدعوى الأخرى وإلا كان التعجيل باطلاً لإغفال بعض الخصوم، وهو بطلان نسبي مقرر لمصلحة من تم إغفاله.
اعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه :
قررنا فيما تقدم، أنه يجوز للخصوم الاتفاق على عدم السير في الدعوى مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ومتي أقرتهم المحكمة، وجب تعجيل الدعوى من الوقف في الثمانية أيام التالية لنهاية المدة التي تضمنها قرار الوقف، فإن كانت مدة الوقف ثلاثة أشهر بدأت الثمانية أيام اعتباراً من اليوم التالي لانقضاء هذه الأشهر، فإن صادف آخر يوم عطلة رسمية، وجب أن يتم الإعلان في أول يوم عمل تال لهذه العطلة، وإذ تنص المادة (16) من قانون المرافعات على أنه إذا كان الميعاد معيناً في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه أضيف إليه ميعاد مسافة يوم لكل خمسين كيلو متراً على ألا يجاوز أربعة أيام، ولما كان التعجيل يتم بالإعلان، فإن ميعاد الثمانية أيام المعين في المادة (128) من قانون المرافعات المباشرة الإعلان، يضاف إليه ميعاد مسافة، يعتبر هو والثمانية أيام ميعاداً واحداً، إذا صادف اليوم الأخير فيه عطلة رسمية امتد الميعاد لأول يوم عمل تال لهذه العطلة، ويعتد في هذه الحالة بالميعاد بعد ضم ميعاد المسافة إليه، فإن كان ميعاد المسافة أربعة أيام، فيصبح الميعاد أثنى عشر يوماً، فإن صادف اليوم الثاني عشر عطلة، امتد الميعاد لأول يوم عمل تال له.
فإذا لم يلتزم الخصوم بهذا الميعاد، ولم تعجل الدعوى في الثمانية أيام التالية لمدة الوقف، جاز للمدعى عليه أو المستأنف عليه الدفع باعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، وحينئذ يقع هذا الجزاء بقوة القانون، فتلتزم المحكمة بالقضاء به دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك، بشرط أن يكون التمسك بهذا الدفع قد تم قبل التكلم في الموضوع بعد التعجيل، فلا يحول دون التمسك بالدفع أن يكون المدعى عليه أو المستأنف عليه قد تكلم في الموضوع قبل الاتفاق على الوقف، لأن سبب الدفع تحقق بعد ذلك، على التفصيل الذي تناولناه بصدد الدفوع الشكلية فيما تقدم .
ولما كان الدفع سالف البيان من الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العام، وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، ويجب التمسك به في صحيفة الطعن وإلا سقط الحق فيه، وإذا قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم القاضي باعتبار المدعى تارکاً دعواه، وجب عليها إعادة الدعوى المحكمة الدرجة الأولى للفصل في الموضوع، إذ لم تستنفد ولايتها فيه بفصلها في الدفع الشكلي. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثالث /الصفحة 335)
أباح القانون لطرفي الخصومة أن يتفقوا على وقف الدعوى مدة معينة ويتعين على المحكمة أن تقر اتفاقهم إذا توافرت الشروط التي نص عليها القانون ويشترط لذلك :
اتفاق جميع الخصوم فلا يجوز الوقف بإرادة أحد الخصوم دون الآخرين فإذا تعدد الخصوم كما لو تعدد المدعون أو تعدد المدعي عليهم فليس ثمة ما يمنع من اتفاق أحد المدعين مع المدعي عليه أو أحد المدعى عليهم مع المدعي وفي هذه الحالة تقف الدعوى بالنسبة لمن حصل الاتفاق بينهم مادام موضوع الخصومة يقبل التجزئة أما إذا كان موضوع الخصومة لا يقبل التجزئة فلا يجوز وقف الخصومة إلا بناء على اتفاق جميع الخصوم مدعين ومدعى عليهم ويذهب رأي آخر إلى أنه إذا تعدد الخصوم في الدعوى وجب أن يكون الوقف باتفاقهم جميعاً سواء كانت الدعوى تقبل التجزئة أو لا تقبله وذلك أخذاً بإطلاق النص واشتراطه اتفاق الخصوم على عدم السير في الدعوى.
ولأنه ليس من حسن سير العدالة في شيء أن تقطع أوصال الخصومة ( راجع في تأييد الرأي الأول الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف الطبعة الثامنة بند 480 والمرافعات للدكتور أبو الوفا الطبعة الثانية عشر بند 458 وفي تأييد الرأي الثاني مرافعات العشماوى الجزء الثاني ص 379 والدكتور فتحي والي في الخصومة القضائية بند 94).
وفي تقديرنا أن الرأي الثاني هو الصحيح.
والشرط الثاني لوقف الدعوى ألا تزيد مدة الوقف على ثلاثة أشهر تبدأ من وقت إقرار المحكمة لاتفاقهم فإن اتفق الخصوم على مدة تزيد على ثلاثة أشهر كان على المحكمة أن تنقص المدة إلى ثلاثة أشهر.
والقرار الصادر من المحكمة بوقف الدعوى اتفاقاً لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن وذهب رأي إلى أنه لا يحوز حجية الشيء المحكوم به فإذا اتفق الخصوم أثناء مدة الوقف على تعجيل الدعوى لفشلهم في تحقيق الصلح مثلا جاز للمحكمة أن تفصل في موضوع الدعوى قبل انقضاء هذه المدة وإذا عجل المدعى دعواه في أثناء الوقف لفشل الصلح مثلاً فلا يجوز لخصمه الاعتراض على هذا التعجيل. (مرافعات أبو الوفا الطبعة الثانية عشر بند 459) بينما نادي رأي أخر بعدم جواز التعجيل قبل انتهاء مدة الوقف إلا باتفاق الطرفين وللمحكمة في هذه الحالة سلطة تقديرية في إنهاء الوقف أو رفض ذلك راغب ص 403 ووالي هامش بند 416 وكمال عبد العزيز طبعة ثالثة جزء أول ص 796).
وقد أخذت محكمة النقض بالرأي الأول.
2- لا يؤثر القرار بالوقف في أي ميعاد حتمي يكون القانون قد حدده لإجراء ما بل يتعين اتخاذ الإجراء في ميعاده فمثلاً إذا صدر حكم في شق من موضوع الدعوى ثم أوقفت الدعوى بناء على طلب الخصوم فلا تأثير لهذا الوقف علي سريان ميعاد الطعن في ذلك الحكم، إذ يقتصر أثر الوقف علي وقف الإجراءات التي لم يحدد لها القانون ميعاداً حتمياً ولا يجوز خلال مدة الوقف اتخاذ أي إجراء وإلا كان باطلاً، غير أن الخصومة تعتبر قائمة منتجة لكل آثارها، فإذا انتهت حالة الوقف استأنفت الخصومة سيرها من النقطة التي وقفت عندها مع الاعتداد بكل الإجراءات السابقة (كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 795 وما بعدها ).
3- وصحيفة التعجيل لا تقدم لقلم الكتاب وإنما تقدم لقلم المحضرين مباشرة وهو إجراء يقع على صاحب الشأن وحده.
4 - يوجب القانون على الخصم تعجيل الدعوى خلال ثمانية الأيام التالية لنهاية الأجل المتفق عليه ويجوز الإعلان بالتعجيل في الموطن المختار وهو الذي اتخذه أحد الخصوم في صحيفة دعواه أو طعنه أو في مذكرة دفاعه أو تحدد بموطن وكيله الذي حضر بإحدى الجلسات.
ويرتب القانون جزاء خطيراً على عدم مراعاة التعجيل وهو اعتبار المدعي تاركاً لدعواه والمستأنف تاركاً لاستئنافه ونرى أن تعجيل الدعوى لا يتم بتقديم صحيفة التعجيل إلي قلم المحضرين خلال الثمانية أيام المحددة بل يشترط أن يتم الإعلان خلال هذه المدة ولا يقبل هذا الميعاد الوقف أو الانقطاع إلا لقوة قاهرة ومفاوضات الصلح لا تعد قوة قاهرة، ولكن هذا الميعاد يضاف إليه ميعاد مسافة وإذا تعدد المدعون وعجل بعضهم الدعوى دون البعض الآخر فإن الدعوى لا تستأنف سيرها إلا بالنسبة لمن عجلها فقط مادام موضوعها يقبل التجزئة أما إذا كان موضوعها لا يقبل التجزئة وعجلها أحد المدعين فقط فإن الدعوى تستأنف سيرها بالنسبة لجميع الخصوم إلا أنه يتعين علي المحكمة في هذه الحالة أن تكلف معجلها بإعلان باقي المدعين وإذا أمرت المحكمة بضم دعويين لارتباطهما وليصدر فيهما حكم واحد واتفق طرفا الخصومة في كل من الدعويين على الوقف واستجابت المحكمة لطلبهما وعجل المدعي في إحداهما دعواه في الميعاد ولم يعجل الثاني دعواه إلا بعد الميعاد فإن المدعي في الدعوى الأخيرة يعتبر تاركاً الدعوى وتقضي المحكمة بذلك إذا أبدي هذا الدفع أما الدعوى التي عجلت في الميعاد فتلتزم المحكمة بالفصل فيها وذلك ما لم يكن موضوع الدعويين واحد وعجلت إحداهما فإن التعجيل يعتبر شاملاً للدعويين ويتعين على المحكمة أن تقضي فيهما معاً وذلك كما إذا صدر حكم بالتعويض واستأنفه طرفا الخصومة أحدهما يبغي رفعه والآخر يبغي إنقاصه . ( راجع نقض 10 / 6 / 1969 الذي ورد في التعليق على المادة 133 مرافعات ).
ومراعاة ميعاد التعجيل واجب على المدعي كما هو واجب على المدعى عليه فلا يجوز للمدعي عليه أن يعجل الدعوى بعد مضي ثمانية الأيام التالية لانقضاء مدة الوقف المتفق عليها فإن فعل كان للمدعي أن يعترض علي التعجيل وأن يتمسك بزوال الخصومة فكما أن سكوت المدعى عن تعجيل الدعوى في الميعاد يعتبر بحكم القانون نزولاً منه عنها فكذلك سكوت المدعي عليه عن تعجيلها في الميعاد يعتبر قبولاً لترك الخصومة بحكم القانون.
وإذا عجلت الدعوى بعد انقضاء الثمانية أيام كان لكل من الخصمين أن يطلب من المحكمة باعتبار المدعي تاركاً لدعواه والمستأنف تاركاً استئنافه وقد تبين لنا من الممارسة العملية أن كثيراً من الخصوم لا يعجلون دعاواهم إلا قبل انقضاء مدة الوقف بفترة قصيرة لا تكفي للإعلان لذلك يجدر بهم أن يضعوا في اعتبارهم فترة الإعلان واحتمال ألا يتم الإعلان في المرة الأولى.
وقد ثار الخلاف بين الشراح فيما إذا كان يتعين على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها باعتبار المدعي تاركاً لدعواه، والمستأنف تاركاً استئنافه إذا عجلت بعد الميعاد المقرر فذهب رأي إلي أن المحكمة تقضي من تلقاء نفسها بزوال الخصومة لأن عدم تمسك أي من الخصوم بانتهاء الخصومة يعتبر بمثابة اتفاق ضمني على مد مدة الوقف المتفق عليها وهو لا يجوز فيما يزيد على النهاية القصوى التي حددها القانون أما إذا كان التعجيل بالرغم من حصوله بعد مضى ثمانية أيام على انتهاء الأجل المتفق على وقف الدعوى فيه إلا أنه حصل قبل مضى النهاية القصوى التي يجوز الاتفاق على الوقف فيها وهي ثلاثة شهور فلا يجوز أن تقضي من تلقاء نفسها بالجزاء لأن سكوت الخصم على التمسك بالجزاء يعتبر اتفاقاً ضمنياً على مد مدة الوقف بما لا يجاوز الحد الأقصى الذي قرره القانون ومثل هذا الاتفاق جائز وذهب الرأي الراجح الذي استقر عليه قضاء النقض أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم باعتبار المدعي تارکاً دعواه من تلقاء نفسها لأن نص المادة لا يتعلق بالنظام العام وإنما المقصود به مراعاة مصلحة المدعي عليه حتى لا يترك مهدداً بدعوى خصمه فإذا لم يعترض على تعجيلها في الوقت المناسب دل ذلك على رغبته في السير فيها وكذلك الحال إذا قام هو بتعجيلها (راجع الرأي الأول الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 566، 567 وفي الرأي الثاني التعليق للدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 579 والمرافعات للعشماوي الجزء الثاني ص 378).
وطلب وقف الخصومة أو الموافقة عليه لا يستلزم تفويضاً خاصاً ويجوز لوكلاء الخصوم بعد تعجيل الدعوى من الوقف الاتفاق مرة ثانية على وقفها بذات الشروط المنصوص عليها في المادة ويرى الدكتور أبو الوفا أن قرار الوقف عمل ولائي لا يقبل الطعن فيه أصلاً وإننا إذا أخطأت المحكمة وقررته في غير حالاته كان قررته استجابة لرغبة أحد طرفي الخصومة دون موافقة الطرف الآخر فإنه يقبل الطعن (التعليق ص 578) إلا أننا نرى أن حكم الوقف لا يقبل الطعن فيه وإنما يكون لمن أضير من الوقف الذي صدر دون موافقته أن يعجل الدعوى دون التقيد بميعاد الوقف طالباً من المحكمة أن تعدل من قرارها بالوقف الذي لا يحوز حجية وتفصل في الدعوى مادام أن الوقف صدر باعتباره وقفاً اتفاقياً .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 353)
التعريف بوقف الخصومة والتفرقة بينه وبين التأجيل: يقصد بوقف الخصومة عدم السير فيها خلال مدة معينة، بناء على اتفاق الأطراف أو حكم المحكمة أو نص القانون، وذلك رغم وجود وصلاحية أطرافها (فنسان - المرافعات - بند 159 ص 858، وجدي راغب ص 321 وص 332)، وقد تتحدد مدة الوقف مقدماً، وقد يكون تحديدها مرهوناً بإتمام إجراء معين، ويشبه وقف الخصومة تأجيلها، إذ كلاهما مبناه قيام أسباب موجبة لعدم الفصل فيها، ولكن يختلفان من عدة نواح (احمد أبوالوفا - المرافعات - بند 458 ص 531 وحاشية رقم 2)، فالقرار الصادر بالتأجيل يجب أن يتحدد فيه تاريخ الجلسة التي تؤجل إليها، أما الوقف ففي الغالب لا تتحدد مدته ومن ثم لا يعرف تاريخ الجلسة التي سوف تنظر فيها الخصومة الموقوفة، كما أن التاجيل لا يتم إلا بقرار من المحكمة بينما الوقف قد يحدث تلقائياً بغير حكم يقضي به، كما أن الخصومة تؤجل كلما اقتضت الظروف ذلك وفقاً لتقدير المحكمة بينما لا توقف الخصومة إلا لأسباب محددة على سبيل الحصر، ويختلف الوقف عن التأجيل من حيث الأثر، فالتأجيل لا يؤدي إلى ركود الخصومة كما سبق أن أوضحنا فيما مضى بينما يؤدى الوقف إلى ركود الخصومة، فلا يجوز خلال مدة الوقف اتخاذ أي إجراء فيها.
الوقف الاتفاقي : وقف الخصومة بناء على اتفاق الأطراف:
أجاز المشرع في المادة 128 محل التعليق للخصوم الاتفاق على وقف السير في الخصومة لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم (مادة 128 مرافعات)، وتكون هذه الفترة بمثابة هدنة» تتوقف خلالها الإجراءات (عبدالباسط جميعی - مبادىء المرافعات - ص 307)، ويسمي هذا الوقف بالوقف الاتفاقي لأنه يتم بناء على اتفاق الخصوم، ويعتبر هذا الوقف مظهراً لسلطان الإرادة في شأن سیر الخصومة، وقد استهدف المشرع من منح هذه الرخصة للخصوم أنه قد تعرض لهم أسباب تدعو إلى إرجاء نظر الدعوى مدة معينة، كرغبتهم في الصلح في حالة لا يكون فيها التأجيل كافياً، فقد يرفض القاضي التأجيل أو يؤجل لفترة قصيرة وقد تستغرق مفاوضات الصلح مدة طويلة، أو رغبتهم في سلوك سبيل التحكيم وعرض النزاع على محكمين أو غير ذلك، ويشترط لوقف الخصومة في هذه الحالة ما يلي:
أولاً: الشرط الأول: اتفاق الخصوم على الإيقاف: إذ يجب أن يتم الوقف بناء على اتفاق طرفي الخصومة، لأن المشرع أجاز هذا الوقف لأجل تحقيق غرض مشترك للخصوم، ولذلك لا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف الخصومة بناء على رغبة طرف واحد فقط دون موافقة الطرف الآخر، لأن هذا الوقف سوف يؤدي إلى الإضرار به وإلى عدم استقرار مركزه القانوني (أحمد أبوالوفا - المرافعات - بند 459 ص 533).
ويعتبر هذا الاتفاق تصرفاً قانونياً إجرائياً يعتد فيه القانون بإرادة الخصوم (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 332)، ويتم هذا الاتفاق بين الخصوم سواء كانوا أطرافاً أصليين أم متدخلين وأياً كان نوع تدخلهم (أحمد مسلم - أصول المرافعات - ص 535، فتحی والی - بند 312 ص 658، إبراهيم سعد - بند 343 ص 107)، وكما يصح أن يتم الاتفاق على الوقف بين الخصوم أنفسهم، بصح أن يتم أيضاً بين وكلائهم وهم المحامون الحاضرون عنهم دون حاجة إلى توكيل خاص، لأن الاتفاق على الوقف يدخل في إجراءات التقاضي العادية التي يشملها نص المادة 75 مرافعات، ولا يدخل في عداد الحالات التي استلزمت المادة 76 مرافعات الحصول على تفويض خاص بها، ومن ثم يصح ممن ناب من المحامين عن المحامي الأصلي، إذ يخوله قانون المحاماة إنابة غيره من المحامين في الحضور والمرافعة ما لم يمنعه نص في التوكيل.
(نقض 17/ 3/ 1955 ، سنة 6 ص 846).
ولم يشترط المشرع باعثاً معيناً لصحة اتفاق الخصوم على الوقف، إذ لا أهمية للبواعث التي تدفع الخصوم إلى هذا الاتفاق (عبدالباسط جميعي - ص 307، نقض 31/ 1/ 1962 ، السنة 13 ص 141 ، وأيضاً حكمها نقض 11/ 4/ 1962 - مجموعة الأحكام - سنة 13 ص 431)، بل إن المشرع لم يتطلب ذكر الباعث على الاتفاق على الوقف، ولكن وفقاً للقواعد العامة يجب أن يكون هذا الباعث مشروعاً (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 332).
كما لم يشترط المشرع شكلاً معيناً لطلب الوقف، إذ يمكن أن يقدم هذا الطلب إلى المحكمة كتابة أو شفوياً (فتحی والی - بند 312 ص 658، إبراهيم سعد - بند 343 ص 107)، وإذا تعدد الخصوم فإنه يجب اتفاقهم جميعاً على الوقف (محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي - الجزء الثاني - بند 846 ص 376، فتحي والى - الإشارة السابقة وجدي راغب - مبادىء ص 332) إلا أن البعض (أحمد أبوالوفا - المرافعات - ص 533 هامش رقم 2، رمزى سيف - بند 427 ص 504) يرى جواز وقف الخصومة وقفاً جزئياً وذلك في حالة تعدد الخصوم متى كانت الخصومة قابلة للتجزئة بطبيعتها، فيجوز أن يتفق أحد المدعين مع المدعي عليه، أو أن يتفق المدعي مع أحد المدعى عليهم، وذلك ما لم ينص المشرع على ما يخالف ذلك، ويستند هذا الراي إلى أنه ينبغي ألا تتقيد حرية الخصوم في تسيير دعواهم، وإلى أن المذكرة الإيضاحية للقانون تفصح عن أن الوقف الاتفاقي قصد به تحقيق مصالح مشتركة للخصوم بدلاً من تكرار التأجيل الذي قد لا يوافق القاضي على منحه لهم، وكما قد تتوافر هذه المصالح المشتركة بين جميع الخصوم قد تتوافر أيضاً بين المدعي وأحد المدعى عليهم فقط، وفي هذه الحالة يكون من المغالاة في التمسك بالشكليات حرمان هؤلاء من وقف الدعوى بصورة جزئية بحجة ضرورة اتفاق جميع الخصوم على الوقف، كما يستند هذا الرأي أيضاً إلى أن ذلك يتفق مع القواعد الخاصة بترك الخصومة، فالخصومة تقبل التجزئة بالنسبة لأطرافها حتى ولو كان موضوعها غير قابل للتجزئة وذلك في حالة الترك، ولا يتصور أن تقبل الخصومة التجزئة بالنسبة لقواعد الترك ولا تقبله عند إعمال المادة 128 الخاصة بالوقف الاتفاقي فليس هناك علة تبرر التفرقة بين الحالتين، كما أن القانون في الحالتين لا يمنع هذه التجزئة لا بصورة صريحة ولا بصورة ضمنية (أحمد أبوالوفا - المرافعات ص 533).
الشوط الثاني إلا تزيد مدة الوقف على ثلاثة أشهر: وهذا هو الحد الأقصى للمدة التي حددها المشرع في المادة 128 مرافعات، وحكمة هذا التحديد ألا يؤدي الوقف الاتفاقي إلى إطالة بقاء القضية في المحكمة دون نظرها، ومن ثم تتراكم القضايا أمام المحاكم دون أن يفصل فيها، ولذا ينبغي ألا تزيد المدة المتفق على وقف الخصومة خلالها على ثلاثة أشهر، فإذا اتفق الخصوم على مدة تزيد على ثلاثة أشهر وجب على المحكمة أن تنقصها إلى هذا القدر، ونبدأ مدة الثلاثة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة للاتفاق، ولكن يجوز بعد سير الخصومة إيقافها مرة أخرى (عبدالباسط جمیعی - مباديء المرافعات ص 309) إذ ليس ثمة ما يمنع الخصوم من الاتفاق على وقف الخصومة مرة أخرى بعد تعجيلها، ويشترط فقط ألا تزيد المدة الجديدة على ثلاثة أشهر، وألا تتصل مدد الوقف الاتفاقي، بحيث يتم الاتفاق على الوقف من جديد بعد تعجيل الخصومة.
ويلاحظ أنه ليس هناك ما يمنع من الوقف الاتفاقي بعد التعجيل من وقف تم بحكم القانون مثل الوقف للصلح في قضايا الضرائب.
(نقض 10/ 4/ 1963 - مجموعة الأحكام - السنة 14 ص 504).
ثالثاً: الشرط الثالث: إقرار المحكمة للاتفاق: إذ يجب أن يعرض اتفاق الخصوم على وقف الدعوى على المحكمة لإقراره، ولا يشترط أن يتضمن الطلب الذي يقدمه الخصوم للمحكمة سبب رغبتهم في وقف الخصومة كما أسلفنا، ولا تملك المحكمة رفض وقف الخصومة (عبدالباسط جميعی - مباديء المرافعات - ص 307 و ص 308 ، وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 333)، لأن الدعوى لا تزال ملكاً لأطرافها فالقانون يستلزم عرض الاتفاق على الوقف على المحكمة وهو بمثابة تصرف إجرائي ملزم لأطرافه لكي تقره المحكمة وتراقب صحته ومدته وتتحقق من ذلك قبل الوقف، ولكن ليس لها أن تتجاوز ذلك برفض الوقف، إذ للخصوم أن يتفقوا على الوقف وفقاً لظروفهم وفي الإطار الذي رسمه لهم القانون الإجرائي، ويكفي تدخل المشرع بتحديد الحد الأقصى للمدة التي يجوز الاتفاق على وقف الخصومة خلالها.
ومع ذلك يرى البعض (فتحى والي - الوسيط - بند 312 ص 659) أن للمحكمة سلطة تقديرية في إقرار الاتفاق على الوقف، فلها أن ترفض إقراره إذا تبين لها أن طلب الوقف إنما يرمي إلى إطالة أمد الخصومة على أنه يشترط لرفض طلب الوقف أن يكون لأسباب هامة، كما أنه إذا وافق القاضي على الوقف الاتفاقي فإن له أن يرجع عن قراره إذا كانت هناك أسباب تبرر ذلك.
ونظراً لكون القرار الصادر من المحكمة بوقف الخصومة إنما يصدر بناء على اتفاق الخصوم، فإنه لا يجوز الطعن فيه من جانبهم بأي طريق من طرق الطعن (محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي - قواعد المرافعات - جزء ثان - بند 848 ص 380، أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 459 ص 524، إبراهيم سعد - الجزء الثاني - بند 343 ص 108) وذلك ما لم يكن هذا القرار قد شابه خطأ في تطبيق القانون كأن لم يحصل اتفاق بين الخصوم ،أو إذا زادت مدة الوقف على ثلاثة أشهر، أو أخطأت المحكمة وقررت الوقف استجابة لرغبة أحد طرفي الخصومة دون موافقة الطرف الآخر، فإنه في هذه الحالة ووفقاً للمادة 212 مرافعات يكون للخصم أن يطعن في الحكم فور صدوره ودون انتظار الفصل في الموضوع.
كما أن قرار المحكمة الصادر بوقف الخصومة بناء على طلب الخصوم لا يحوز حجية الشيء المحكوم به (أحمد أبوالوفا - المرافعات - بند 459 ص 524)، ولذلك إذا حدث واتفق الخصوم أثناء مدة الوقف على تعجيل الدعوى لفشلهم مثلاً في تحقيق الصلح أو لزوال سبب الوقف أياً كان هذا السبب، فإنه يجوز للمحكمة أن تفصل في موضوع الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف.
الآثار المترتبة على وقف الخصومة أياً كان سببه: يترتب على وقف الخصومة أياً كان سببه أثران:
الأثر الأول: أن الخصومة تعتبر قائمة رغم وقفها: إذ بالرغم من أن الوقف يؤدى إلى ركود الخصومة إلا أنها مع ذلك تعتبر قائمة منتجة لكافة الآثار القانونية المترتبة على إيداع صحيفتها، سواء كانت هذه الآثار إجرائية او موضوعية، كما تبقى جميع الأعمال الإجرائية اللاحقة على إيداع الصحيفة قائمة منتجة لآثارها، فكافة الإجراءات اللاحقة للمطالبة القضائية والتي اتخذت في الخصومة قبل أن تتحقق حالة الوقف تعتبر صحيحة، وإذا انتهت حالة الوقف بسير الخصومة، فإنها تعود للسير من النقطة التي وقفت عندها مع الاعتداد. بكل الإجراءات السابقة (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 336)، وإذا رفعت نفس الدعوى مرة أخرى فإنه يمكن التمسك في الخصومة الجديدة بالدفع بالإحالة إلى المحكمة الأولى (فتحى والى - الوسيط - بند 312 - ص 659)، كما يجوز طلب ضم دعوى إلى الدعوى الموقوفة لوجود ارتباط وثيق بينهما.
الأثر الثاني: إن الخصومة تعتبر راكدة رغم قيامها: وهذا يعني استبعاد أي نشاط إجرائي في الخصومة، ولا يجوز القيام بأي إجراء من إجراءاتها من أي شخص فيها، إذ يؤدي ركود الخصومة إلى بطلان أي إجراء يتخذ فيها قبل انقضاء مدة الوقف أو زوال سببه.
ويلاحظ أن البطلان في هذه الحالة يخضع لمعيار الغاية وفقاً للمادة 20 مرافعات، فلا يقضى بالبطلان إذا لم تؤد المخالفة إلى فوات الغاية من الوقف (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 336 حاشية رقم 12) وقد قضى بأنه إذا اتفق الطرفان على وقف الدعوى مدة معينة للصلح ثم حركها المدعي خلال تلك المدة، فإنه لا يصح للمدعى عليه طلب بطلان إعلان التعجيل في الوقت الذي لا فائدة تعود عليه قانوناً من هذا الطلب - انظر حكم محكمة قنا الابتدائية الصادر في 10/ 1/ 1951- المنشور في المحاماة 32 ص 682).
ولكن لا يحول الوقف دون اتخاذ إجراءات وقتية مستعجلة في الخصومة (أمينة النمر - مناط الاختصاص والحكم في الدعاوی المستعجلة - رسالة للدكتوراه بند 236 ص 385، وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 336 وحاشية رقم 13، محمد إبراهيم - الوجيز في المرافعات - ص 798)، إذ يجوز تقديم الطلب المستعجل بصفة أصلية إلى قاضي الأمور المستعجلة أثناء وقف الخصومة الأصلية في الموضوع، ويجوز أيضاً تقديمه لذات محكمة الموضوع أثناء وقف الخصومة لأن الوقف لا ينفي قيام الدعوى أمامها، فالوقف لا يرد بالنسبة للدعاوى المستعجلة.
كذلك فإن من مظاهر الركود وقف المواعيد الإجرائية، إذ لا تسرى المواعيد الإجرائية أثناء مدة الوقف، فإذا كان الميعاد قد بدأ قبل الوقف ولم ينته بعد، فإنه يقف ويستأنف سيره بعد انقضاء مدة الوقف و باستئناف سير الخصومة (فتحي والي - الوسيط - بند 312 ص 660)، ولكن يستثنى من ذلك الوقف الاتفاقي حيث تنص المادة 128 - محل التعليق - على أنه لا يكون لهذا الوقف أي أثر في ميعاد حتمى يكون القانون قد حدده لإجراء ما، أي أنه يتعين اتخاذ الإجراء في الميعاد الذي حدده القانون، ويقصد بالميعاد الحتمي الميعاد الذي يترتب على مخالفته سقوط الحق في اتخاذ الإجراء، وهذا يعني أن القانون يقصر أثر الوقف الاتفاقي فقط على الإجراءات التي لم يحدد لها القانون ميعاداً حتمياً، أما الإجراءات التي يحددها القانون ميعاداً حتمياً، مثل إعلان صحيفة الدعوى (ميعاد التكليف) فإنه يجب القيام به رغم الوقف الاتفاقي (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 336 )، ومن أمثلة ذلك أيضاً حالة إذا ما صدر حكم في شق من موضوع الدعوى مما يقبل الطعن المباشر وأعلن ثم وقفت الدعوى باتفاق الخصوم، فلا تأثير لهذا الوقف على سريان ميعاد الطعن في ذلك الحكم (أحمد أبوالوفا - المرافعات - بند 459 - ص 535 وص 536، إبراهيم سعد - جزء ثان - بند 345 ص 121).
انتهاء ركود الخصومة الموقوفة أياً كان سبب الوقف بالتعجيل أو الانقضاء: ينتهى ركود الخصومة الموقوفة إما بالسير فيها من جديد بعد تعجيلها، فيستعيد الخصوم والقاضي وأعوانه نشاطهم فيها، وإما بانقضائها انقضاء مبتسراً دون حكم في موضوعها.
ويتم تعجيل الخصومة بناء على طلب من أحد الخصوم بتحديد جلسة لنظر الدعوى يعلن بها الخصم الآخر بتكليف بالحضور، وقد يتم التعجيل من المدعي وهذا هو الغالب لأن عليه عبء تسيير الخصومة، ويجوز أن يتم التعجيل بمعرفة المدعى عليه ولا تقدم صحيفة التعجيل لقلم الكتاب، وإنما تقدم لقلم المحضرين مباشرة وهو إجراء يقع على عاتق الخصم.
وسواء كان التعجيل من المدعي أو المدعى عليه فإنه يجب أن يتم بعد انتهاء مدة الوقف في حالة الوقف الاتفاقي والوقف الجزائي، أو بعد زوال سببه في حالة الوقف التعليقي والوقف بحكم القانون، بأن يكون قد تم الفصل نهائياً في المسألة التي تم الوقف بسببها، ولكن يجوز للخصوم أن يتفقوا على انتهاء الوقف الاتفاقي قبل فوات مدته (فتحي والي - الوسيط - بند 313 ص 660، وجدي راغب - مبادئ الخصومة ص337)، ويعتبر هذا الاتفاق الجديد معدلاً للاتفاق الذي تم إبرامه بينهم من قبل.
وإذا لم تعجل الخصومة الموقوفة بعد انتهاء مدة الوقف أو زوال سببه فإنها تنقضي دون حكم ما في موضوعها، ولم يحدد المشرع بصفة عامة ميعاداً معيناً يجب تعجيل الخصومة خلاله وإلا انقضت، أي زالت كلية وأصبحت غير موجودة أمام القضاء، ونظراً لعدم تحديد القانون لميعاد معين يجب التعجيل خلاله، فإن الخصومة تخضع في انقضائها للقواعد العامة في سقوط الخصومة وانقضائها بمضي المدة، وتؤدي هذه القواعد إلى سقوطها بشروط معينة إذا لم تعجل خلال سنة وإلا انقضت بمرور ثلاث سنوات.
وإذا كان المشرع لم يحدد بصفة عامة ميعاداً معيناً ينبغي تعجيل الخصومة خلاله، فإنه أفرد حكماً خاصاً بالنسبة للوقف الاتفاقي، فهو قد أعطى الخصوم رخصة الاتفاق على وقف الخصومة مدة لا تزيد على ستة أشهر إلا أنه لم يشأ من ناحية أخرى أن يعجل هذه الرخصة وسيلة لتعطيل وإطالة الخصومة (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق - مشار إليها آنفاً). ولذلك أوجب تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لانتهاء هذه المدة ورتب على عدم تعجيلها خلال هذا الميعاد واعتبار المدعى تاركاً. دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه (مادة 128 / 2 مرافعات)، فإذا ما انتهت مدة الوقف الاتفاقي يجب العودة إلى المحكمة لمتابعة السير في الدعوى، وقد حدد الشارع ميعاداً للمثول أمام القضاء بعد انتهاء مدة الوقف، ورتب على مخالفة هذا الميعاد جزاء صارماً وهو اعتبار المدعي تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، وهذا الجزاء يقع على المدعي أو المستأنف لأنه هو صاحب الدعوى ابتداء وإن كان بتعجيل السير في الخصومة يصح من أي من طرفيها، ولا يحول دون توقيع ذلك الجزاء .أن يكون الوقف قد حصل بناء على اقتراح المدعى مادام قد وافقه عليه المدعي عليه، ولا أن يكون الاقتراح بالوقف قد صدر من محاميه دون الرجوع إليه لأن ذلك يدخل في السلطة العادية للمحامي (نقض مدنى 17/ 3/ 1955 - مجموعة المكتب الفني - السنة 6 ص 846)، كما لا يمنع من أعمال هذا الجزاء قيام مفاوضات الصلح بين طرفي النزاع. نقض 29/ 11/ 1961، السنة 12 ص 721).
ورغم أن المشرع قد عبر عن سبب انقضاء الخصومة في هذه الحالة باعتبار المدعى تارکاً دعواه أی بافتراض تنازله عن الخصومة، إلا أنه في حقيقته جزاء (أحمد مسلم - التأصيل المنطقي لأحوال انقضاء الخصومة - بند 29 ص 93 ، وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص338). يوقع على المدعي لعدم تسجيل الخصومة في. ميعاد الثمانية أيام الذي حدده الشارع.
فإذا لم يتم تعجيل الدعوى في الميعاد فإنه يعتبر المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، فتنقضي الخصومة بقوة القانون (محمد وعبد الوهاب العشماوي - جزء ثان - بند 847 ص 378)، وتنتهي دون حكم فاصل فيها، فتزول المطالبة القضائية وما يترتب عليها من آثار مثل - قطع التقادم، كما تزول أعمال الخصومة التي تمت قبل الوقفة وبصفة عامة تطبق على هذه الحالة كافة أثار ترك الخصومة، ولا يشترط قبوله المدعى عليه، ذلك، إذ يعتبر الترك مقبولاً مقدماً منه بعدم تعجيله للخصومة في الميعاد الذي حدده القانون (فتحي والي - الوسيط - بند 313 ص 661)، ولكن هذا الانقضاء لا يمس أصل الحق موضوع المطالبة القضائية، فيجوز رفع دعوى جديدة به (عبدالباسط جميعی - مبادئ المرافعات - ص 309)، إذا كان ذلك الحق لا يزال قائماً ولم يسقط بعد.
مدى جواز الحكم بزوال الخصومة الموقوفة وقفاً اتفاقياً من تلقاء نفس المحكمة إذا لم تعجل خلال ثمانية أيام من تاريخ انتهاء مدة الوقف: سبق أن ذكرنا أن المشرع أفرد حكماً خاصاً بالنسبة للوقف الاتفاقي، فقد أوجب تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لانتهاء مدة الوقف، ورتب على عدم تعجيلها خلال هذا الميعاد اعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، وذلك وفقاً للمادة 128/ 2 مرافعات - محل التعليق .
ويتجه رأى في الفقه والقضاء (فتحي والي - الوسيط . بند 313. ص 661 ، عبدالباسط جمیعی - مبادىء - ص 308، أحمد أبو الوفا۔ المرافعات - بند 459 - ص 537، وأيضاً نقض مدنى 6/ 12/ 1966 - مجموعة المكتب الفني - السنة 17 ص 1775) إلى أن الجزاء المتمثل في اعتبار المدعى تارکاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، هو جزاء مقرر لمصلحة المدعى عليه، فإذا عجلت الدعوى بعد مضي ميعاد الثمانية أيام فإن للمدعى عليه أن يطلب من المحكمة الحكم باعتبار المدعى تارکاً دعواه، إذ للمدعي عليه وحده التمسك بهذا الجزاء قبل الكلام في الموضوع، ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، لأنه غير متعلق بالنظام العام.
بينما ذهب رأي آخر (رمزی سیف بند 455 - ص 572 وص 573) إلى التفرقة ما بين حالتين، الأولى : هي حالة ما إذا كان تعجيل الدعوى بعد انتهاء النهاية القصوى للمدة التي يجوز اتفاق الخصوم على وقف الدعوى فيها وهي ثلاثة أشهر، فإن المحكمة تقضي من تلقاء نفسها بزوال الخصومة، لأن عدم تمسك أي من الخصوم بانتهاء الخصومة يعتبر بمثابة اتفاق ضمني على مد مدة الوقف المتفق عليها، وهو لا يجوز فيما لا يزيد على النهاية القصوى التي حددها القانون، والثانية: هي حالة ما إذا كان التعجيل بالرغم من حصوله بعد مضي ثمانية أيام على انتهاء الأجل المتفق على وقف الدعوى فيه، إلا أنه حصل قبل مضى النهاية القصوى التي يجوز الاتفاق فيها وهي ثلاثة أشهر، كما لو كان الخصوم قد اتفقوا على وقف الدعوى مدة شهر وعجلها أحدهم بعد مضي عشرين يوماً من انتهاء مدة الوقف المتفق عليها، فإنه لا يجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تقضي من نفسها بالجزاء، لأن سكوت الخصوم على التمسك بالجزاء يعتبر بمثابة اتفاق ضمني على مد مدة الوقف بما لا يجاوز الحد الأقصى الذي قرره القانون، ومثل هذا الاتفاق جائز لأنه كان في إمكان الخصوم من أول الأمر أن يتفقوا على وقف الخصومة مدة ثلاثة أشهر، ومعنى ذلك أن المحكمة تقضى من تلقاء نفسها باعتبار المدعى تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه إلا إذا كان تعجيل الدعوى بعد أن مضى على إقرار المحكمة لاتفاقها على الوقف ثلاثة أشهر وثمانية أيام.
واتجه رای آخر (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 338 إبراهيم سعد - جزء ثان - بند 343 - ص 110، محمد إبراهيم - الوجيز - ص 802 وص 803) - جدير بالتأييد - إلى أن للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بزوال الخصومة إن عجلت بعد فوات الميعاد القانوني، فالجزاء في هذه الحالة متعلق بالنظام العام، ولو كان الجزاء غير متعلق بالنظام العام لكان من الجائز الاتفاق على خلافه، وهذا يعني جواز الاتفاق على إبقاء الخصومة موقوفة بعد انتهاء مدتها دون تقيد بالمدة القانونية أو بإقرار المحكمة، ولكن حدد المشرع ميعاداً قصيراً للتعجيل وهو ثمانية أيام منعاً لتحايل الخصوم على الحد الأقصى لمدة الوقف، بإبقاء الخصومة موقوفة دون تعجيل بعد انقضاء مدة الوقف.
فمن سلطة المحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا تمت مخالفة القيد المنصوص عليه في المادة 128 مرافعات - محل التعليق - بعدم تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لانتهاء مدة الوقف، وذلك سواء كان الإيقاف للمدة القصوى أو دونها، طالما أن الخصوم طلبوه، إذ لا يجوز لهم بعد ذلك صراحة أو ضمناً. الاستفادة مرة أخرى من باقي الأجل، وليس لهم أن يستخدموا الرخصة الممنوحة لهم بجواز الاتفاق على الوقف كوسيلة لإطالة الخصومة وتعطيل الفصل فيها ومن ثم تنتفي الحكمة التي ابتغاها الشارع من منحهم هذه الرخصة.
- مدى جواز إنهاء الوقف الاتفاقي قبل انتهاء مدته بالإرادة المنفردة: ثار خلاف في الفقه بشأن جواز تعجيل الدعوى بمعرفة المدعی أثناء مدة الوقف الاتفاقي، فذهب رأی (محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي - جزء ثان - بند 846 ص 377، أحمد أبو الوفا - المرافعات - ص 534 وص 535 هامش رقم 2، وأيضاً حكم محكمة الإسكندرية الابتدائية في 27/ 12/ 1954 - مجلة التشريع والقضاء - السنة 17 ۔ عدد 24 ص 72) إلى أن المدعي أن يعجل بإرادته المنفردة الدعوى قبل انتهاء المدة المتفق عليها، وحجة هذا الرأي أن المدعي هو صاحب المصلحة الأولى في السير في الدعوى وأن المدعي إذ يعجل دعواه لا يضر بمصلحة ما لخصمه، بل هو على العكس يبتغي التعجيل بإنهاء الحالة القانونية الناشئة عن مباشرة الدعوى حتى يفصل في الدعوى ويمنع بذلك تكدس القضايا أمام المحاكم، فضلاً عما يرتبه ذلك من استقرار في المراكز القانونية، كما أن الأصل هو التعجيل بالفصل في الخصومات، ولا يكون للمدعى عليه أن يعترض على تسجيل المدعي للدعوى بإرادته المنفردة، لأن القانون لم يقصد باشتراط الحصول على موافقة المدعى عليه أو اتفاقه مع المدعي على الوقف، أن يرتب له حقاً في تعطيل سير الدعوى مدة الثلاثة أشهر بأكملها مع ما بدا من رغبة المدعي في السير فيها وعدم استمرارية وقفها.
ولكننا نرى أنه لا يجوز للمدعى أن ينهي الوقف بإرادته المنفردة، وهذا ما يذهب إليه البعض في الفقه (أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 496 - ص 528، رمزي سيف - الوسيط - بند 453 ص 570، فتحي والي ۔ الوسيط بند 313 ص 660 وحاشية رقم 4، إبراهيم سعد - جزء ثان - بند 343 ص 111)، لأن التعجيل المنفرد قد يفوت على المدعى عليه تحقيق الغرض من الوقف، فبقاء الخصومة موقوفة يهيئ الجو للصلح بينما تعجيل الدعوى بمعرفة المدعي لا يساعد البتة على تهيئة النفوس لقبول الصلح، كما أن الاتفاق على الوقف تم بإرادة الطرفين، ومن ثم لا يجوز لأحد منهما أن ينهي هذا الاتفاق بإرادته المنفردة ما لم يوجد شرط خاص يفيد ذلك، وإذا لم يوجد هذا الشرط فإن ما تم الاتفاق عليه بين طرفين لا ينقضي، بإرادة منفردة .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث، الصفحة : 205)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني ، الصفحة / 19
الأْجَلُ الاِتِّفَاقِيُّ
يُقْصَدُ بِهِ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقِلَّةُ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الْمُلْتَزِمُ لِلْوَفَاءِ بِالْتِزَامِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الاِلْتِزَامُ يُقَابِلُهُ الْتِزَامٌ مِنْ آخَرَ أَوْ لاَ يُقَابِلُهُ، أَوْ يُحَدِّدُهَا لإِنْهَاءِ هَذَا الاِلْتِزَامِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 318
انْتِهَاءُ الدَّعْوَى:
تَنْتَهِي الدَّعْوَى غَالِبًا بِصُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِهَا يَحْسِمُ النِّزَاعَ، بِحَيْثُ لاَ تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِثَارَتُهُ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَنْتَهِي بِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ يَضَعُ حَدًّا لِلْخُصُومَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ.
أَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ: أَنْ تَتَقَدَّمَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى صَحِيحَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الإْلْزَامِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاضِحًا بِحَيْثُ يُعَيَّنُ فِيهِ مَا يُحْكَمُ بِهِ وَمَنْ يُحْكَمُ لَهُ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ، وَشُرُوطٌ أُخْرَى مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الْحُكْمِ وَأَثَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءٌ).
وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَنْتَهِي الدَّعْوَى قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِيهَا، فَإِنَّهُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يُعْنَوْا بِحَصْرِهَا، إِلاَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِنْتَاجُهَا مِنَ الْقَوَاعِدِ وَالأْصُولِ الَّتِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهَا فِي التَّقَاضِي وَنَظَرِ الدَّعَاوِي، وَمِنْ بَعْضِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:
أ - بِنَاءً عَلَى تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَنْ إِذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الدَّعْوَى تَنْتَهِي بِتَنَازُلِ الْمُدَّعِي عَنْهَا بِإِرَادَتِهِ، قَالَ الْبَاجُورِيُّ: (إِنَّ مَشِيئَةَ الْمُدَّعِي لاَ تَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلَهُ إِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الأَبَدِ بَلْ لَهُ الاِنْصِرَافُ وَتَرْكُ الْخُصُومَةِ بِالْكُلِّيَّةِ).
ب - وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا تَنْتَهِي إِذَا طَرَأَ مَا يَجْعَلُ بَعْضَ تِلْكَ الشُّرُوطِ مُتَخَلِّفًا، كَمَا لَوْ أَضْحَى الْمُدَّعِي لاَ مَصْلَحَةَ لَهُ فِي مُتَابَعَةِ السَّيْرِ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَ الدَّعْوَى مُفِيدَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَيُمْكِنُ حُدُوثُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْهَا: أَنْ يُتَوَفَّى الصَّغِيرُ الْمُتَنَازَعُ عَلَى حَضَانَتِهِ، فَيُصْبِحُ الاِسْتِمْرَارُ فِي الدَّعْوَى غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُدَّعِي، وَمِنْهَا أَنْ يُتَوَفَّى الزَّوْجُ الَّذِي تَطْلُبُ الزَّوْجَةُ الْحُكْمَ بِتَطْلِيقِهَا مِنْهُ، حَيْثُ تَنْتَفِي الْمَصْلَحَةُ فِي اسْتِمْرَارِ نَظَرِ الدَّعْوَى.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجْدُرُ بِالْمُلاَحَظَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الأْصْلِيَّ فِي الدَّعْوَى قَدْ يُصْبِحُ فِي مَرْكَزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا تَقَدَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الأْصْلِيُّ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ لِلدَّعْوَى الأَْصْلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي أَنْ لاَ يُسْمَحَ لِلْمُدَّعِي الأْصْلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَاهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَبْدَى دَفْعًا لِهَذِهِ الدَّعْوَى إِلاَّ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ تَنْتَهِي الدَّعْوَى إِذَا انْتَهَى التَّنَازُعُ فِي الْحَقِّ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِ الدَّعْوَى، كَمَا لَوْ تَصَالَحَ الْخُصُومُ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى.