1 ـ إن النص فى المادة 129 من قانون المرافعات على أنه " فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم 000 " مفاده أنه يتعين للوقف أن يكون الفصل فى المسألة الأخرى ضرورياً للفصل فى الدعوى مما لازمه أنه يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتصفية كل نزاع يقوم على أى عنصرمن عناصرالدعوى يتوقف الفصل فيه .
(الطعن رقم 726 لسنة 71 جلسة 2003/01/16 س 54 ع 1 ص 190 ق 33)
2 ـ المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مناط الحكم بوقف السيـر فى الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات أن تكون المسألة الأولية التى يثيرها أحد الخصوم خارجة عن اختصاص المحكمة الوظيفى أو النوعى بما مؤداه أنه يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتصفية كل نزاع يقوم على أى عنصر من عناصر الدعوى يتوقف الفصـل فيها على الفصل فيه وليس لها أن توقف الدعوى حتى يفصل فى ذلك النزاع فى دعوى أخرى طالما كان هذا النزاع داخلا فى اختصاصها .
(الطعن رقم 3596 لسنة 79 جلسة 2017/01/08)
(الطعن رقم 83 لسنة 60 جلسة 1994/12/07 س 45 ع 2 ص 1549 ق 291)
3 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن وقف الدعوى تعليقاً طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات أمر جوازى للمحكمة ومتروك لمطلق تقديرها حسبما تستبينه من جدية المنازعة فى المسألة الأولية أو عدم جديتها دون معقب من محكمة النقض فلا يجوز الطعن فى حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة .
(الطعن رقم 1459 لسنة 83 جلسة 2015/04/23)
(الطعن رقم 345 لسنة 67 جلسة 2007/06/18 س 58 ص 578 ق 99)
(الطعن رقم 2632 لسنة 60 جلسة 1994/11/20 س 45 ع 2 ص 1423 ق 269)
4 ـ إن مناط الحكم بوقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات عند إثارة أحد الخصوم مسألة يكون الفصل فيها أمراً لازماً للفصل فى الدعوى ، أن تكون هذه المسألة التى يثيرها خارجة عن اختصاص المحكمة المتعلق بالوظيفة أو الاختصاص النوعى .
(الطعن رقم 1938 لسنة 67 جلسة 2011/01/09 س 62 ص 69 )
5 ـ العلة التى هدف إليها نص المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية الذى اشترط لوجوب وقف الدعوى المدنية إقامة الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير فى الدعوى المدنية تفادياً لصدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية تنتفى وفى جميع الأحوال بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائى فيها أو لانقضائها لأى سبب آخر من أسباب الانقضاء ومنذ هذا التاريخ يزول المانع القانونى الذى أوقفت الدعوى المدنية من أجله وهو الأمر الذى يتسق مع عجز المادة 129 من قانون المرافعات فيما نصت عليه من أن الدعوى الموقوفة تستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بحيث إذا لم يعلن المدعى خصمه بموالاة السير فيها ومضت مدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح وكان ذلك بفعل المدعى أو امتناعه جاز للمدعى عليه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة سواء كان عدم السير راجعاً الى قيام حالة من حالات الوقف أو الانقطاع التى نص عليها القانون أو أى أسباب أخرى ، ذلك أن نص المادة 134 من قانون المرافعات جاء عاماً يشمل جميع الحالات التى يقف فيها سير الدعوى بفعل المدعى أو امتناعه ، إذ أن سقوط الخصومة جزاء فرضه المشرع على المدعى الذى يتسبب فى عدم السير فى الدعوى بفعله أو امتناعه مدة ستة أشهر إذا طلب صاحب المصلحة إعمال ذلك الجزاء على أن تحسب المدة من اليوم التالى للحكم بالوقف متى كان عدم السير فى الدعوى راجعاً الى امتناع المدعى عن القيام بفعل كان يتعين عليه القيام به .
(الطعن رقم 6590 لسنة 72 جلسة 2004/03/14 س 55 ع 1 ص 294 ق 56)
6 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن الوقف التعليقى للدعوى طبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازى متروك لمطلق تقدير المحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة فى المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها أو عدم جديته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حَّصل أن موضوع الدعوى رقم ..... لسنة 2001 كلى بورسعيد هو دعوى حساب مقامة من الطاعن ضد المطعون ضده الأول ، خلص الخبير فيها إلى إنشغال ذمة الطاعن بمبلغ 264605,25 دولارًا ومبلغ 2753161 جنيها ورتب على ذلك أن الفصل فى الدعوى المطروحة لا يتوقف على الحكم فى الدعوى المشار إليها ، وكان ذلك بأسباب سائغة وله معينه الثابت بالأوراق كافياً لحمل قضائه فإن النعى على الحكم بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً فى سلطة محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم فهو غير مقبول .
(الطعن رقم 822 لسنة 74 جلسة 2017/02/26)
(الطعن رقم 435 لسنة 66 جلسة 2000/03/21 س 51 ع 1 ص 443 ق 79)
(الطعن رقم 4929 لسنة 61 جلسة 1997/06/08 س 48 ع 2 ص 859 ق 167)
7 ـ مفاد النص فى المادة 129 من قانون المرافعات _ أنه يتعين للوقف أن يكون الفصل فى المسألة الأخرى ضرورياً للفصل فى الدعوى مما لازمة أنه يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتصفيه كل نزاع يقوم على أى عنصر من عناصر الدعوى يتوقف فيها على الفصل فيه وليس لها ان توقف الدعوى حتى يفصل فى ذلك النزاع فى الدعوى أخرى متى كان هذا النزاع داخلاً اختصاصها.
(الطعن رقم 2427 لسنة 62 جلسة 1995/12/17 س 46 ع 2 ص 1401 ق 275)
8 ـ لما كان الطاعن فى الشق الثانى من طعنه أمام محكمة استئناف القاهرة قد طلب إلغاء قرار لجنه القبول فيما تضمنه من رفض قيده بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام المحكمة الابتدائية وهو مما تختص هذه المحكمة بالفصل فيه وكان الفصل فى هذا الشق مترتب على الفصل فى الشق الأول بإعادة قيده فى الجدول العام للمحامين المشتغلين كمسألة أولية وهو ما لا تختص به محكمة استئناف القاهرة على نحو ما سلف مما يتعين معه عليها أن توقف السير فيه لحين الفصل فيه من الدائرة الجنائية بمحكمة النقض المختصة عملاً بالمادة 129 من قانون المرافعات وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون .
(الطعن رقم 7838 لسنة 63 جلسة 1995/02/01 س 46 ع 1 ص 305 ق 60)
9 ـ لما كانت المادة 1/129 من قانون المرافعات تنص على أنه ( فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم ) وتنص المادة 16 فقرة أولى من القرار بقانون 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أنه ( إذا دفعت قضية مرفوعة للمحكمة بدفع يثير نزاعا تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل فى الدفع قبل الحكم فى الموضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة فإن لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت فى الموضوع الدعوى ) ومفاد ذلك أن مناط الحكم بوقف الدعوى وفقاً للمادتين سالفتى الذكر أن ترى المحكمة تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم ، وأن تكون هذه المسألة خارجة عن إختصاص المحكمة الوظيفى أو النوعي .
(الطعن رقم 2964 لسنة 61 جلسة 1992/12/28 س 43 ع 2 ص 1436 ق 291)
10 ـ مفاد النص فى المادتين 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن تنظيم مجلس الدولة - يدل على أن محاكم مجلس الدولة تختص دون غيرها بالفصل فى كافة منازعات الجنسية أياً كانت صورتها أى سواءاً كانت فى صورة دعوى أصلية بالجنسية، أم فى صورة طعن فى قرار إدارى صادر فى الجنسية، أم فى صورة مسألة أولية فى دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على الفصل فى تلك المسألة ولو كانت الدعوى الأصلية قائمة أمام القضاء العادى وفى حدود اختصاصه وأثير نزاع فى الجنسية ، وكان الفصل فيها يتوقف على الفصل فى الدعوى، إذ يتعين على المحكمة فى هذه الحالة أن توقف الدعوى وتحدد للخصوم ميعاداً يستصدرون فيه حكماً نهائياً من مجلس الدولة فى مسألة الجنسية، وإذا قصر الخصوم فى استصدار هذا الحكم فى تلك المسألة فى المدة المحددة كان ذلك للمحكمة أن تفصل فى الدعوى بحالتها، أما إذا رأت المحكمة أن وجه المسألة فى الجنسية ظاهر بحيث لا يحتاج الأمر للفصل فيه من المحكمة المختصة أغفلت المسألة وحكمت فى موضوع الدعوى على أساس ما ثبت لديها من وقائعها فى شأن الجنسية، وذلك عولاً بالمادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 فى شأن السلطة القضائية والمادة 129 من قانون المرافعات.
(الطعن رقم 1626 لسنة 55 جلسة 1991/03/28 س 42 ع 1 ص 844 ق 134)
11 ـ وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازى للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة فى المسألة الأولية الخارجة عن إختصاصها أو عدم جديتها .
(الطعن رقم 574 لسنة 57 جلسة 1990/06/21 س 41 ع 2 ص 337 ق 231)
(الطعن رقم 311 لسنة 52 جلسة 1989/01/26 س 40 ع 1 ص 301 ق 61)
(الطعن رقم 1314 لسنة 52 جلسة 1984/12/10 س 35 ع 2 ص 2036 ق 385)
12 ـ مناط الحكم بوقف السير فى الدعوى طبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات أن يكون الفصل فى المسألة الأولية لازماً للحكم فى الدعوى وأن تكون هذه المسألة مما يخرج عن الاختصاص النوعى أو الوظيفى للمحكمة . فإذا إشتملت الدعوى على عدة طلبات يتوقف الحكم فى بعضها على الفصل فى المسألة الأولية ، فإن الوقف يتم بالنسبة لهذه الطلبات وحدها و تستمر المحكمة فى نظر الطلبات الأخرى إلا إذا كان هناك إرتباط وثيق بين مختلف الطلبات بحيث يتعذر معه الحكم فى بعضها فتوقف الدعوى بأكملها .
(الطعن رقم 354 لسنة 52 جلسة 1986/11/17 س 37 ع 2 ص 854 ق 175)
13 ـ مناط الحكم بوقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات أن تكون المسألة الأولية التى يثيرها أحد الخصوم خارجة عن إختصاص المحكمة المتعلق بالوظيفة أو النوعى ، و لما كان الثابت من مدونات الحكم أن محكمة الدرجة الأولى المختصة بنظر كل من دعوى الملكية و الريع عن ذات العقار - أمرت بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد - و إذ كان الفصل فى دعوى الريع متوقفاً على الفصل فى دعوى الملكية - حتى تتحقق المحكمة من صحة و تحديد النصيب المطالب به فقد إنتهت المحكمة لذلك إلى إرجاء السير فى دعوى الريع لحين الفصل فى دعوى الملكية ، و إذ تهيأت دعوى الملكية للفصل فيها على ضوء تقرير الخبير المقدم و قد تناضل الطرفان فى مذكراتهما المقدمة فى دعوى الريع و من ثم فقد مضت المحكمة فى نظرها على ضوء دفاع الطرفين فيها و هو ما صادف محله من الحكم الإبتدائى ، و إذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحه فلا يعيبه ما يكون قد إستطرد إليه فى شأن الرد على ما أثاره الطاعن من عدم تجديد الدعوى من الإيقاف قبل الحكم فيها من محكمة الدرجة الأولى .
(الطعن رقم 838 لسنة 49 جلسة 1984/03/13 س 35 ع 1 ص 665 ق 125)
14 ـ لنص فى المادة1/140 من قانون المرافعات على أنه فى جميع الأحوال تنقضى الخصومة بمضى ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها ، مؤداه أن الخصومة تنقضى بمضى المدة أياً كان سبب إنقطاعها أو وقفها ما لم يصدر من صاحب المصلحة فى الدعوى إجراء صحيح فى الخصومة تنقطع به المدة ، و قصد المشرع من هذا النص وضع حد لتراكم القضايا و تعليقها بالمحاكم و لأن أحكام سقوط الخصومة لا تغنى عن حكم هذا النص و لا تحقق الغاية المرجوه منه بالسعة و الشمول الملحوظين فيه ، و ثمة حالات منها الوقف إعمالاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات تكون الخصومة بمنجى من السقوط المقرر بنص المادة 134 من قانون المرافعات و ليست كذلك فى حكم المادة 1/140 المذكورة و الذى يكون حافزاً للخصوم على تحريك القضايا المرفوعة .
(الطعن رقم 1820 لسنة 50 جلسة 1984/02/26 س 35 ع 1 ص 545 ق 104)
15 ـ مناط الحكم بوقف الدعوى وفقاً للمادتين 129 من قانون المرافعات ، 1/16 من القانون 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية أن ترى المحكمة تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم ، و أن تكون هذه المسألة خارجة عن إختصاص المحكمة الوظيفى أو النوعى ، و إذ كانت دعوى الفسخ تدخل فى الإختصاص الولائى للقاضى العادى المختص ولائياً بدعوى الشفعة و لا تخرج عن الإختصاص النوعى لها ، و كانت الشفعة جائزة فى البيع المعلق على الشرط الصريح الفاسخ لأن البيع فى هذه الحالة يكون موجوداً و نافذاً من وقت إبرامه ، و على الشفيع أن يراعى مواعيد إجراءات الأخذ بالشفعة فيه ، فإن هو فوتها سقط حقه فى الأخذ بها ، و لا تبدأ مواعيد جديدة بتخلف هذا الشرط ، لما كان ذلك و كان لا إلزام على محكمة الشفعة أن تجيب الطاعنين - البائعين - إلى طلب وقف الدعوى بعد أن رأت فى حدود سلطتها التقديرية أنه لا محل لوقفها حتى يفصل فى دعوى الفسخ تأسيساً على أن الشفعة جائزة فى البيع المعلق على شرط فاسخ طالما ظل البيع قائماً ، فإن النعى على الحكم بهذا السبب يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 281 لسنة 49 جلسة 1981/03/12 س 32 ع 1 ص 786 ق 147)
16 ـ وقف الدعوى إعمالاً لحكم المادة 129 من قانون المرافعات لا يخضع لإدارة الخصوم و إنما هو جوازى متروك لمطلق تقدير المحكمة لمدى جدية منازعة الخصوم فى المسألة الأولية التى يكون الفصل فيها لازماً للحكم فى الدعوى و إذا قضت به المحكمة لا تحدد للوقف أجلاً معيناً بل تظل الخصومة فى الدعوى موقوفة حتى يفصل نهائياً فى تلك المسألة الأولية بينما الوقف المنصوص عليه فى المادة 128 من ذات القانون منوط أصلاً بإتفاق الخصوم و طلبهم و إن إشترط المشرع إقرار المحكمة لهذا الإتفاق على ألا يزيد مدة الوقف المتفق عليها عن ستة أشهر ، لما كان ذلك . و كان أحد من الخصوم لم يدفع بأن الحكم فى الاستئناف متوقف على الفصل فيما أحيل من طلبات إلى مجلس الدولة و إنما الثابت بمحضر جلسة ... ... ... أن الخصوم اتفقوا على وقف السير فى الدعوى لمدة ستة أشهر حتى ترد المفردات من مجلس الدولة فأقرت المحكمة اتفاقهم فان هذا الوقف هكذا يكون اتفاقياً يخضع لحكم المادة 128 مرافعات ، و لما كان الحكم المطعون قد التزم هذا النظر الصحيح فى القانون و إعتبر الوقف اتفاقياً و رتب على ذلك قضاءه باعتبار الطاعنة تاركة لاستئنافها لعدم قيامها بتعجيله فى الأجل المحدد فى المادة 128 من قانون المرافعات فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 332 لسنة 48 جلسة 1980/06/02 س 31 ع 2 ص 1646 ق 306)
17 ـ إبداء الإدعاء بالتزوير - بطريق الطلب العارض أو بطريق الدعوى الأصلية - كاف لقيام الإدعاء و تحقق آثاره لحين الفصل فيه و مقتضى ذلك هو عدم جواز البت فى موضوع المحرر ووجوب وقف الخصومة الأصلية فيه لحين البت فى أمر تزويره ، ذلك أنه و إن كان المشرع لم ير فى صدد تناوله لنصوص الإدعاء بالتزوير فى قانون الإثبات داعياً للنص على وقف الدعوى بسبب الإدعاء فيها بالتزوير بإعتبار أنه و على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور - لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ذات موضوع الدعوى و أن السير فى تحقيقه هو من قبيل المضى فى إجراءات الخصومة الأصلية شأنه فى ذلك شأن أية مسألة عارضة أو أية منازعة فى واقعة من وقائعها يحتاج إثباتها إلى تحقيق و يتوقف عليها الحكم ، إلا أن وقف الفصل فى الموضوع الذى يجرى الإستناد فيه إلى المحرر بسبب قيام الإدعاء بتزويره مقرر بحكم المادة 129 من قانون المرافعات التى تقضى بأنه " فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم " ذلك أن الفصل فى الإدعاء بالتزوير يعتبر مسألة أولية لازمة للحكم فى الدعوى مطروح أمرها على محكمة أخرى مختصة بها كأن يكون أمر التزوير مطروحاً من قبل أمام محكمة أخرى بدعوى تزوير أصلية أو بدعوى جنائية إذ يتعين فى هذه الأحوال وقف دعوى الإحتجاج بالمحرر لحين الفصل فى أمر تزويره . لما كان ما تقدم و كان الثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن رفق طعنه إنه تمسك فى دفاعه بصحيفة الإستئناف و أمام المحكمة الإستئنافية بسبق إدعائه بتزوير عقد الإيجار سند الدعوى الماثلة و ذلك بدعوى الجنحة المباشرة رقم ... و بدعوى التزوير الأصلية رقم ... المرفوعتين منه فى هذا الشأن ضد المطعون عليه - المستأجر - قبل قيام الأخير برفع دعواه الموضوعية الماثلة و أن هذا الإدعاء ما زال منظوراً و لم يفصل فيه بعد بأى من الدعويين بين السالفتين و كان من مقتضى ذلك الدفاع لو صح - و جوب وقف الإستئناف لحين الفصل فى أمر التزوير من المحكمة التى تنظره .
(الطعن رقم 530 لسنة 49 جلسة 1979/12/15 س 30 ع 3 ص 293 ق 392)
18 ـ إذ كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى النتيجة الصحيحة فى القانون و قضى برفض الدفع بعدم الإختصاص الولائى ، فإنه لا تثريب عليه إن إلتفت عن طلب وقف الدعوى حتى يفصل فى مدى مشروعية القرار من جهة القضاء الإدارى ، طالما أن الأوراق خالية من وجود مثل هذا القرار ، و طالما إنطباق للقانون رقم 132 لسنة 1962 - بشأن التأميم - و طالما أن الفصل فى المنازعة يدخل فى إختصاص القضاء العادى ، لأن مناط الحكم بوقف السير فى الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات عند إثارة أحد الخصوم دفعاً يكون الفصل فيه لازماً للفصل فى الدعوى ، أن تكون المسألة التى يثيرها الدفع خارجة عن إختصاص المحكمة المتعلق بالوظيفة أو الإختصاص النوعى الأمر المفتقد فى النزاع الماثل .
(الطعن رقم 380 لسنة 43 جلسة 1977/03/30 س 28 ع 1 ص 837 ق 148)
19 ـ إذ كانت المادة 129 من قانون المرافعات التى إستند إليها الطاعن فى طلب وقف السير فى الإاستئناف قد جعلت الأمر فى الوقف جوازياً للمحكمة و متروكاً لمطلق تقديرها فلا يجوز الطعن فى حكمها لعدم إستعمال هذه الرخصة .
(الطعن رقم 131 لسنة 40 جلسة 1976/02/25 س 27 ع 1 ص 494 ق 102)
20 ـ يشترط فى حالة الوقف إعمالاً لحكم المادة 129 من قانون المرافعات أن تدفع الدعوى بدفع يثير مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم فى الدعوى . و لما كانت دعوى البطلان التى أقامها الطاعن - بطلان حكم المحكمين -- لا توجب وقف الدعوى الحالية بالنسبة لطلب صحة و نفاذ العقد الصادر من الطاعن إلى المطعون عليه الأول ، و كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية رأت أنه لا محل لإجابة طلب الوقف حتى يفصل فى دعوى البطلان تأسيساً على أسباب سائغة تبرر رفض طلب الوقف ، لما كان ذلك ، فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون و القصور يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 176 لسنة 40 جلسة 1976/02/24 س 27 ع 1 ص 488 ق 101)
21 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 129 من قانون المرافعات على أنه "في غير الأحوال التي نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم ..." مفاده أنه يتعين للوقف أن يكون الفصل في المسألة الأخرى ضرورياً للفصل في الدعوى مما لازمه أنه يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتصفية كل نزاع يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى يتوقف الفصل فيها على الفصل فيه وكان القانون سداً منه لكل ذريعة تؤدي إلى قيام تناقض بين الأحكام وتنافي مفهوم العدالة تبعاً لذلك فقد أورد من النصوص ما يتيح للمحاكم توقي وقوعها في هذا التناقض مما يفرض على المحاكم - كلما بدا لها احتمال وقوع ذلك التناقض - أن تدرأه بما يسره لها القانون من سبل سواء بوقف الدعوى أو بضمها إلى دعوى أخرى مرتبطة أو بإحالتها إلى محكمة أخرى مطروح عليها نزاع مرتبط.
(الطعن رقم 15945 لسنة 40 ق - جلسة 16 / 3 / 2023 )
(الطعن رقم 8378 لسنة 87 ق - جلسة 27 / 2 / 2023 )
23- العلة التي هدف إليها نص المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية الذى اشترط لوجوب وقف الدعوى المدنية إقامة الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية تفادياً لصدور حكمين مُختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية تنتفي وفى جميع الأحوال بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حُكم نهائي فيها أو لانقضائها لأى سبب آخر من أسباب الانقضاء، ومُنذ هذا التاريخ يزول المانع القانوني الذى أوقفت الدعوى المدنية من أجله، وهو الأمر الذى يتسق مع عجز المادة 129 من قانون المُرافعات فيما نصت عليه من أن الدعوى الموقوفة تستأنف سيرها بمُجرد زوال سبب الوقف بحيث إذا لم يُعلن المدعي خصمه بموالاة السير فيها ومضت مُدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح وكان ذلك بفعل المدعي أو امتناعه جاز للمدعي عليه أن يطلب الحُكم بسقوط الخصومة سواء كان عدم السير راجعاً إلى قيام حالة من حالات الوقف أو الانقطاع التي نص عليها القانون أو أي أسباب أخرى ذلك أن نص المادة 134 من قانون المُرافعات جاء عاماً يشمل جميع الحالات التي يقف فيها سير الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه، إذ أن سقوط الخصومة جزاء فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مُدة ستة أشهر إذا طلب صاحب المصلحة إعمال ذلك الجزاء على أن تُحسب المُدة من اليوم التالي للحُكم بالوقف متى كان عدم السير في الدعوى راجعاً إلى امتناع المدعي عن القيام بفعل كان يتعين عليه القيام به .
( الطعن رقم 1579 لسنة 90 ق - جلسة 25 / 9 / 2024 )
24- الأصل في القضاء بالوقف التعليقي – الجوازي- إعمالًا للمادة 129 / 1 من قانون المرافعات أنه لا يعدو إلا أن يكون استخدامًا من قاضي الموضوع لترخيصٍ تشريعيٍ يخضع لتقديره، خوله المشرع إياه كي يعينه به على حسن سير العدالة، فيتلافى بموجبه صدور أحكام متعارضة آثارها، ولا يرتب الاحتكام إليه لزوم القضاء بنتيجة بعينها، بما لا صحة معه قانونًا لقالة الطاعنين بأن القضاء بالوقف التعليقي ينشئ قضاء ضمنيًا بصحة ما سبقه من إجراءات في خصومة التداعي، وهو ما يضحى معه النعي الماثل برمته مقامًا على غير أساس قانوني صحيح .
( الطعن رقم 15666 لسنة 89 ق - جلسة 4 / 11 / 2024 )
وقف الخصومة
وقف الخصومة هو عدم سيرها لسبب أجنبي عن المركز القانوني لأطرافها، حتى يزول هذا السبب أو تنقضى المهلة التي حددها قرار الوقف وتنظم قواعده المادتان 128 و 129 مرافعات ويتميز الوقف بالمعنى الصحيح بأنه إذا تقرر فإن الخصومة - وإن ظلت قائمة - تدخل في حالة ركود تستبعد أي نشاط فيها حتى ينتهي الوقف .
ولهذا إذا حدث أن بدأت مرحلة في نفس الخصومة، فتوقف النشاط في المراحل الأخرى حتى تنتهي هذه المرحلة، فإن هذا لا يعتبر وقفاً للخصومة بالمعنى الصحيح ويكون الأمر كذلك ولو كانت هذه المرحلية تستمر أمام محكمة أخرى غير التي تنظر الدعوى، إذ ما دامت مرحلة من نفس الخصومة، فإنه لا يمكن القول أن الخصومة قد وقفت والذي يميزها كمرحلة في نفس الخصومة الأصلية أنها ترتبط بها ولا تصلح في ذاتها لتكوين خصومة مستقلة ومثالها حالة ما إذا ندبت المحكمة قاضي محكمة المواد الجزئية التي يقع المكان الواجب إجراء الإثبات في دائرتها لإجراء هذا الإثبات وأهمية هذا التمييز أنه إذا وقفت الخصومة بالمعنى الصحيح للوقف، فلا يتصور أن تسقط أثناء الوقف بسبب عدم قيام الخصم بنشاط فيها، في حين أنه إذا وقفت انتظاراً لإنتهاء مرحلة فيها فإنها يمكن أن تسقط بسبب عدم قيام الخصم بنشاطه أثناء هذه المرحلة.
وقف الخصومة إلى حين الفصل في مسألة أولية:
قد تنشأ الروابط والمراكز القانونية في الحياة العملية مرتبطة بروابط أو مراكز أخرى، ولهذا قد يحدث أن تعرض إحدى الروابط القانونية على القضاء فتثور أمامه منازعة في رابطة أو مركز قانونی آخر يعتبر وجوده مفترضاً للأولى وبهذا يكون الفصل في هذه المنازعة مفترضاً ضرورياً للفصل في القضية.
والأصل كما قدمنا أن الفصل في المسألة الأولية يكون من اختصاص المحكمة التي تنظر الخصومة الأصلية، ولكن قد تعرض هذه المسالة في صورة دعوى تقريرية لا يجيز القانون للمحكمة التي تنظر القضية الفصل فيها ويحدث هذا إذا كانت الدعوى الأصلية أمام المحكمة الجزئية والدعوي التقريرية المتضمنة لمسألة أولية من اختصاص المحكمة الابتدائية، أو إذا كانت المسألة الأولية تخرج من ولاية القضاء المدني لتدخل في ولاية القضاء الإداري أو الجنائي أو قضاء المحكمة الدستورية العليا فعندئذ تأمر المحكمة بوقف الخصومة الأصلية إلى حين الفصل في المسألة الأولية من المحكمة المختصة بها.
ويستوي أن تكون الدعوى بالمسألة الأولية مرفوعة فعلاً أمام المحكمة المختصة بها أم لم ترفع بعد.
وتأمر المحكمة بالوقف إلى حين الفصل في مسألة أولية، سواء بناء على دفع من الخصم أو من تلقاء نفسها وللمحكمة أن توقف الفصل في الدعوى إلى حين الفصل في هذه المسألة بحكم نهائي، أو بحكم بات.
ويلاحظ أن المادة 129 مرافعات لا تخول للمحكمة وقف الدعوى لمجرد أن دعوى أخرى مرفوعة أمام محكمة أخرى مرتبطة بالدعوى التي تنظرها مما يحتمل معه وقوع تناقض بين الحكمين، إذ عندئذ يكون لها فقط إحالة الدعوى إلى المحكمة الأخرى للارتباط على أنه إذا كان الوقف لازماً لمنع تناقض الأحكام، فإن على المحكمة وقف الخصومة أمامها إلى حين الفصل في الدعوى الأخرى إذا لم تستطع اتقاء هذا التناقض المحتمل بإحدى الوسائل القانونية الأخرى التي ينص عليها القانون كالإحالة للإرتباط .
ومن ناحية أخرى، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف الخصومة إلى حين الفصل في مسألة معروضة أمام نفس المحكمة وإنما يكون للمحكمة أن تأمر بضم الدعويين معاً وفقاً لقواعد ضم الدعاوى المرتبطة.
وإذا قررت المحكمة وقف الخصومة إلى حين الفصل في مسألة أولية فإن قرارها هذا يتضمن حكماً قطعياً بعدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل الفصل في المسألة الأولية.
وتظل الخصومة الأصلية موقوفة حتى يزول سبب الوقف، فيكون لأي من الخصوم سواء المدعى أو المدعى عليه تعجيلها (مادة 129/ 2) . فلا يجوز تعجيل الخصومة قبل زوال سبب الوقف، أي قبل الفصل في المسألة الأولية.
تطبيق خاص : الوقف لعدم اختصاص المحكمة ولائياً بالمسألة الأولية:
تنص المادة (16) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أنه «1- إذا دفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضائية أخرى، وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة وان لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت في موضوع الدعوى. 2- إذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها» .
وهذا النص يعتبر تطبيقاً خاصاً للمادة 129 مرافعات، التي تعتبر النص العام بالنسبة للوقف إلى حين الفصل في مسألة أولية وينطبق نص المادة (16) سلطة قضائية على حالة ما إذا كانت المسألة الأولية تخرج عن ولاية المحكمة التي تنظر الدعوى أو تدخل في ولاية جهة قضائية أخرى فبالنسبة لهذا النطاق ينطبق نص المادة 129 مرافعات باعتباره نصاً عاماً، وينطبق نص المادة (16) سلطة قضائية فيما تضمنه من أحكام خاصة لم ترد في النص العام.
وبالنظر إلى نص المادة (16) سلطة قضائية يتضح أنه يتضمن أحكاماً ثلاثة لا تنص عليهما المادة 129 مرافعات وهما : 1- أنها تلزم المحكمة بتحديد ميعاد للخصم الموجه إليه الدفع لكي يستصدر فيه حكماً من الجهة ذات الولاية، وتوجب أن يكون الوقف إلى حين صدور حكم نهائي، فلا يجوز الوقف إلى حين صدور حكم بات.
وعلى هذا، فإنه إذا لم تكن الدعوى بالمسألة الأولية مرفوعة أمام المحكمة المختصة بها قبل الحكم بالوقف، وجب على المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية إذا حكمت بالوقف أن تحدد ميعاداً للخصم لرفع الدعوى بالمسألة الأولية أمام تلك المحكمة.
2- أنها تنص على أنه إذا قصر الخصم المكلف برفع الدعوى بالمسألة الأولية، كما لو تخلف هذا الخصم عن رفعها، أو رفعها وترك الخصومة - فيها، فانقضت المدة المحددة دون استصدار حكم نهائي في الدفع، فإن للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها أي أن تفصل في موضوع الدعوى دون نظر إلى الدفع الذي أثار المسألة الأولية أمامها ويعتبر هذا استثناء من قاعدة قطعية الحكم بالوقف بالنسبة لمسألة عدم جواز الفصل في الدعوى الأصلية قبل الفصل في المسألة الأولية وهو استثناءاً يجب عدم التوسع فيه فيقتصر على حالة تقصير الخصم في استصدار حكم في المسألة الأولية.
وقف الدعوى إلى حين الفصل في الدفع بعدم الدستورية :
تنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 على أنه «... أ- إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الإختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة. ب- إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الإختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن».
والفقرة الثانية من المادة 18 هي تطبيق لنص المادة 16 من قانون السلطة القضائية.
فإذا دفع أمام المحكمة بعدم دستورية نص تشريعي يحكم واقعة النزاع، ورأت المحكمة أن الدفع يقوم على أسباب جدية فإنها تمنح الخصم الذي أثار الدفع أجلاً لرفع دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا ويدخل في سلطة محكمة الموضوع تقدير مدى جدية الدفع فإذا قدرت هذه الجدية فإنها تلتزم بتأجيل نظر الدعوى الموضوعية وبتحديد أجل لرفع الدعوى الدستورية في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر فإن رفعت الدعوى في الميعاد المحدد، فإن محكمة الموضوع تلتزم بأن تترقب قضاء المحكمة الدستورية العليا باعتباره كاشفاً عن النصوص القانونية التي ينبغي تطبيقها في الدعوى الموضوعية ولا يجوز لمحكمة الموضوع أن تفصل في الدعوى الموضوعية إلا إذا تنازل مبدى الدفع عن دفعه بعدم الدستورية أو اعتبر الدفع كأن لم يكن لعدم رفع الدعوى الدستورية في الميعاد المحدد. وفيما عدا هاتين الحالتين تلتزم محكمة الموضوع بقضائها بجدية الدفع فلا تملك الحكم في الدعوى قبل الفصل في الدفع فإن تم الفصل في الدعوى الدستورية، فإن محكمة الموضوع تلتزم بأعمال آثار حكم المحكمة الدستورية العليا.
على أن هذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام، ولهذا يجب التمسك به قبل الكلام في الموضوع، وليس للمحكمة أثارته من تلقاء نفسها. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 271)
الوقف التعليقي:
يتقرر الوقف التعليقي عندما ترفع الدعوى وتعترضها أثناء سيرها مسألة يتوقف عليها الحكم في الدعوى، مما يوجب على المحكمة حسم هذه المسألة أولاً تمهيداً للحكم في الدعوى، فإن كانت تلك المسألة مما تختص به قضت فيها مع قضائها في الموضوع دون أن توقف الدعوى، مثال ذلك أن ترفع دعوى بصحة ونفاذ عقد فيتدخل خصم فيها طالباً رفضها استناداً إلى ملكيته للعقار محل الدعوى، فحينئذ يكون طلب المتدخل مسألة أولية يجب على المحكمة الفصل فيها أولاً وعلى هدى هذا القضاء يكون قضاؤها في الدعوى، فإن خلصت إلى أن المتدخل هو المالك، قضت برفض الدعوى الأصلية وتثبيت ملكية المتدخل لعقار النزاع، أما إن خلصت إلى أنه غير مالك قضت بصحة ونفاذ العقد ورفض طلبه، إذ تلتزم المحكمة بتصفية كل نزاع يطرح في الدعوى، فإن كان مما تختص به فصلت فيه، أما إن لم يكن كذلك أوقفت الدعوى حتى تصفيته من المحكمة المختصة.
وعندما تكون المحكمة غير مختصة ولائياً أو نوعياً بنظر المسألة الأولية التي اعترضت سير الخصومة مع ضرورة الفصل فيها لتقضي في الدعوى على هدي الحكم الصادر في هذه المسألة، وهو اختصاص متعلق بالنظام العام مما تتصدى له من تلقاء نفسها، ومن ثم أجاز لها القانون أن تحكم ولو من تلقاء نفسها بوقف الدعوى حتى يصدر حكم نهائي من المحكمة المختصة وعلى هديه تقضي في الدعوى، وإذا طلب الخصم وقف الدعوى حتى يستصدر هذا الحكم جاز لها إجابته إليه متى كان مستوفياً للشروط التي تطلبها القانون.
و الوقف التعليقي يكون وجوبياً أو جوازیاً، ويتحقق الوقف التعليقي الوجوبي عندما يرد نص في القانون يوجب وقف الدعوى إذا توافر سبب معين مما يسلب المحكمة كل سلطة تقديرية في الحكم بالوقف، أما الوقف التعليقي الجوازي فإنه يتحقق عندما ينص القانون على جواز الوقف، كما يكون الوقف جوازياً عندما تتوافر شروط المادة (129) وذلك على النحو التالي .
فإن كانت المسألة الأولية التي توجب وقف الدعوى تعليقاً عليها ظاهرة بحيث لا يحتاج الأمر للفصل فيه من الجهة المختصة، وجب على المحكمة إغفالها وحكمت في الدعوى على أساس ما ثبت لديها في شأن هذه المسألة، كما لو تعلقت المسألة الأولية بجنسية الخصم وكانت وقائع ومستندات الدعوى - تدل على ثبوتها، اكتفت المحكمة بذلك دون حاجة لوقف الدعوى.
طبيعة حكم الوقف التعليقي:
أوضحنا فيما يلي أن حكم الوقف يتكون من شقين، الشق الأول قطعي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً أو نوعياً بنظر المسألة الأولية ومؤداه أنه لا يجوز لها الفصل في تلك المسألة لخروجها عن اختصاصها، إذ تلتزم بتصفية كل نزاع يثار أمامها، فإن كان من اختصاصها حسمته وإن كان من اختصاص جهة أخرى أوقفت الدعوى حتى تقوم تلك الجهة بحسمه بحكم نهائي، وبذلك تكون الدعوى أمامها معدة للفصل في موضوعها على هدي الحكم الصادر في المسألة الأولية، بحيث إن تعذر حسم تلك المسألة، فإن موضوع الدعوى يقضي فيه بالحالة التي كان عليها قبل إثارة تلك المسألة ودون اعتداد بها طالما أن حكم الوقف تعذر تنفيذه، وتلتزم المحكمة في هذه الحالة بعدم التصدي للمسألة الأولية فقد قطعت بعدم اختصاصها بنظرها وأن قضاءها يوجب عليها ألا تعدل عنه باعتباره قضاء قطعياً، وإنما تنظر الدعوى بحالتها، أي باعتبار الخصم المكلف باستصدار الحكم في تلك المسألة قد عجز عن دحض دفاع أو دفع خصمه.
تحديد ميعاد للوقف وعدول المحكمة عن حكم الوقف:
إذا توافرت شروط الوقف، وقضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يصدر حكم نهائي في المسألة الأولية، وكان هذا الوقف يخضع لنص المادتين (129) من قانون المرافعات و (16) من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية الذي يجري بأنه «إذا دفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة . الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة فإن لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت في موضوع الدعوى» كما جرى نص الفقرة الثانية منه بأنه «وإذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها».
وقد تؤدى قواعد التفسير إلى القول باعتبار نص المادة (16) سالف البيان نصاً خاصاً فيما يتعلق بإجراءات التقاضي لاحقاً لنص المادة (129) من قانون المرافعات وهو نص عام في هذا الصدد ما مقتضاه أن المحكمة تلتزم عندما تقضي بالوقف في أي من الدعاوى أن تحدد ميعاداً للوقف وتكلف الخصم الموجه إليه الدفع باستصدار حكم نهائي في المسألة الأولية من الجهة المختصة بحيث إذا انقضى دون استصداره وكان ذلك راجعاً إلى تقصير منه، كان للخصم الآخر تعجيل الدعوى للفصل فيها بحالتها أي باعتبار الخصم الموجه إليه الدفع قد عجز عن إقامة الدليل الذي من شأنه دحض دفع أو دفاع خصمه، فإن تمثل الدفع في عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لانتفاء صفة الوارث عن المدعي، ولم يستصدر الأخير حكماً نهائياً باعتباره وارثاً خلال المدة المحددة، وتم تعجيل الدعوى، نظرتها المحكمة بحالتها، أي باعتبار المدعي قد عجز عن إقامة الدليل الذي يدحض به الدفع المبدى من المدعى عليه، وهو ما يؤدي إلى صحة الدفع وحينئذ تقضى بعدم قبول الدعوى.
أما إن لم يصدر الحكم النهائي في الميعاد المحدد، دون أن يرجع ذلك إلى تقصیر من الخصم انتفي تقصيره مما يحول دون خصمه وتعجيل الدعوى من الوقف، فإن فعل قضت المحكمة ببطلان التعجيل لإجرائه خلال فترة الوقف ويترتب على هذا القضاء إعادة الدعوى إلى الوقف وهي الحالة التي كانت عليها قبل التعجيل، دون اعتداد بانقضاء الميعاد المحدد للوقف، لأن التعجيل بسبب هذا الانقضاء معلق على اعتبار الخصم مقصراً وهو ما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، وتقبل التعجيل ولو ضمنياً بالتصدي لموضوع الدعوى إذا خلصت إلى توافر التقصير أو برفضه إذا خلصت إلى عدم توافره، وإن كان عبء إثبات هذا التقصير يقع على عاتق الخصم الذي قام بالتعجيل، إلا أن الأدلة المقدمة منه تخضع لتقدير المحكمة دون معقب عليها طالما أقامت قضاءها، على أسباب سائغة.
وتعجيل الخصم للدعوى قبل صدور حكم نهائي في المسألة الأولية، لا يمس النظام العام ومن ثم لا تقضي المحكمة ببطلانه من تلقاء نفسها إذا رأت انتفاء تقصير الخصم الآخر مما يجعل التعجيل باطلاً لإجرائه خلال فترة الوقف، فإن لم يتم التمسك بالبطلان نظرت المحكمة الدعوى على أساس أن الخصم المكلف باستصدار الحكم في المسألة الأولية قد عجز عن إقامة الدليل الذي يدحض دفع أو دفاع خصمه لأنه لو كان يمكنه تقديمه لتمسك ببطلان التعجيل، ولا تملك المحكمة حينئذ التصدي لتلك المسألة التزاماً منها بحكمها القطعي الذي تضمن خروج تلك المسألة من اختصاصها.
فإن أوقفت المحكمة الدعوى ولم تحدد ميعاداً لاستصدار حكم نهائي في المسألة الأولية، سهواً منها رغم نص المادة (16) على تحديده فإن هذا لا ينال من الحكم ولا يجوز الطعن فيه لهذا السبب، وتعتمد المحكمة في هذه الحالة بالميعاد المناسب الذي يكفي لاستصداره مراعية في ذلك طبيعة المنازعة وما تتطلبه من إجراءات إثبات ومدی تراكم القضايا أمام الجهة المختصة وهو ما يدخل في سلطتها التقديرية باعتبار أن الشق من الحكم المتعلق باستصدار هذا الحكم في وقت معين هو شق تمهيدي يجوز للمحكمة العدول عنه في أي وقت، فإذا قام الخصم بتعجيل الدعوى ولم يكن الحكم في المسألة الأولية قد صدر، ورأت انقضاء الوقت المناسب لاستصداره وأن الخصم المكلف بذلك كان مقصراً، قبلت التعجيل ونظرت الدعوى بحالتها، أما إذا تبين عدم انقضاء الوقت المناسب وتمسك الخصم ببطلان التعجيل قضت بهذا البطلان وبإعادة الدعوى إلى الوقف.
وعندما تفصل المحكمة في الدعوى بحالتها لعدم استصدار حكم نهائي في المسألة الأولية، فإنها لا تستند في ذلك إلى اعتبار الخصم المكلف باستصداره قد سلم بدفاع خصمه، وإنما استناداً إلى أنه قد عجز عن إثبات ما يدحض به دفاع هذا الخصم (انظر: نقض 24/ 12/ 1985 ؛ نقض 17/ 4/ 1974 في شقه الأخير فيما يلي؛ وقارن أبو الوفا في الدفوع صفحة 737 ويرى أن المادة (16) من قانون السلطة القضائية تضع قرينة قانونية مؤداها أن إهمال الخصم في استصدار الحكم في المسألة الأولية يفصح عن تسليمه بما ادعاه خصمه متعلقاً بها».
أما إذا كانت المسألة الأولية مما تختص به المحاكم العادية، فإن المادة (129) من قانون المرافعات تكون هي واجبة التطبيق، ووفقاً لدلالتها الظاهرة لا تكون المحكمة ملزمة بتحديد ميعاد للوقف ليستصدر خلاله الخصم حكماً نهائياً من الجهة المختصة، وأنه إذا قصر في استصداره لا يجوز لخصمه تعجيل الدعوى من الوقف، لخلو هذا النص من تحديد ميعاد ومن تعجيل الدعوى في حالة التقصير.
ونرى عدم التقيد في تفسير هذه المادة بالدلالة الظاهرة وإنما يتعين الأخذ بفحوى النص، ونذهب في إيضاح ذلك إلى أن المحكمة عندما تقبل الوقف فإنها تقضي بوقف الدعوى حتى يستصدر الخصم حكماً نهائياً في المسألة الأولية التي أثيرت، ويكون هذا الحكم قد تضمن شقين، الشق الأول وقطعت فيه المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً أو نوعياً في المسألة الأولية، فيكون الحكم قطعياً في هذا الصدد مما يحول دون المحكمة والعدول عنه، أما الشق الثاني فيتمثل في استصدار حكم نهائي في المسألة الأولية من الجهة المختصة، وهو شق يمهد للحكم في الدعوى الموقوفة سواء حددت المحكمة ميعاداً لذلك أم لم تحدد، فيكون الحكم تمهيداً في هذا الشق، مما يجيز للمحكمة وفقاً للقواعد العامة المتعلقة بالأحكام التمهيدية أن تحدد ميعاداً لتنفيذه، فإن حددت میعاداً التزمت به باعتباره الميعاد المناسب لذلك ما لم يتضح لها من ظروف الدعوى عدم الجدوى من اكتماله وحينئذ يجوز لها العدول عن الحكم التمهيدي ونظر الدعوى، فإن لم تحدد ميعاداً، فإن الخصم لا يكون طليقاً في أن يستصدر الحكم في أي وقت يشاء، إنما يكون مقيداً باستصداره في الوقت المناسب، فإن قصر في ذلك، بعدم رفع الدعوى أصلاً أو تراخي في رفعها ثم سلك فيها مسلكاً من شأنه أن يؤدي إلى إطالة أمد التقاضي بإبداء دفوع أو طلبات أو أوجه دفاع غير جدية أو امتنع بدون مبرر عن تنفيذ قرارات المحكمة، كان لخصمه تعجيل الدعوى من الوقف طالباً الفصل فيها بحالتها على أن يقدم الدليل على هذا التقصير إن كانت الدعوى قد استغرقت أمام الجهة التي تنظر المسألة الأولية الوقت المناسب أو كانت لم ترفع، فإذا تحققت المحكمة من ذلك قبلت التعجيل وعدلت عن الشق التمهيدي من الحكم ونظرت الدعوى بحالتها دون معقب عليها طالما استندت إلى أسباب مبررة، أما إن كان الميعاد المناسب قد انقضى دون أن تصدر تلك الجهة حكمها في المسألة الأولية، ولم يرجع ذلك إلى تقصير أو تعسف من الخصم، فلا يكون ثمة مبرر للعدول عن الشق التمهيدي، بحيث إذا عجل الخصم الآخر الدعوى، وتمسك خصمه ببطلان التعجيل كإجراء اتخذ خلال فترة الوقف، تعين على المحكمة القضاء بذلك وإعادة الدعوى إلى الوقف.
الآثار المترتبة على الوقف التعليقي:
يترتب على صدور الحكم بوقف الدعوى، وقف جميع إجراءات التقاضي المتعلقة بها من تاريخ هذا الحكم، وحتي يصدر الحكم في المسألة الأولية ويصبح نهائياً بعدم الطعن فيه خلال الميعاد أو بعد صدور الحكم في الطعن الذي يرفع عنه، مما مقتضاه أن كل إجراء يتخذ خلال فترة الوقف يقع باطلاً ويمتد ذلك إلى الطلبات العارضة التي تقدم بالطريق المعتاد لرفع الدعوى أياً ما كان موضوعها بما فيه التدخل للانضمام أو للاختصام أو إدخال خصم في الدعوى، أو تنفيذ قرارات كانت المحكمة قد أمرت به قبل الوقف أو رفع دعوى تزوير أصلية عن محرر مقدم في الدعوى الموقوفة إذ يجب الطعن فيه بدعوى التزوير الفرعية بعد تعجيل الدعوى الأصلية، ولكن لا يحول الوقف دون اتخاذ الإجراءات التحفظية والعاجلة التي يخشى عليها من مرور الوقت، ومن ثم يجوز رفع الدعاوى المستعجلة بإثبات الحالة وبالتصريح ببيع الأشياء التي يخشى عليها من التلف وبسماع شاهد قد يتعذر سماع شهادته عند تعجيل الدعوى.
فإن لم يصدر حكم بالوقف رغم وجوبه واستمرت المحكمة في نظر الدعوى وأصدرت حكماً أنهى الخصومة، فإن قضاءها لا يكون مشوباً بالبطلان إذ لم يصدر في فترة وقف الدعوى، وإنما تكون قد جاوزت اختصاصها بالتصدي للمسألة الأولية وخالفت بذلك القانون.
وإذا تم التعجيل قبل صيرورة الحكم نهائياً كان باطلاً وقضت المحكمة بعدم قبوله وإعادة الدعوى إلى الوقف، لكن إذا أصبح الحكم نهائياً قبل القضاء بذلك، استقامت الدعوى واستمرت المحكمة في نظرها، على أن يتمسك الخصم بهذا البطلان وفقاً لما تقدم.
ومتی عجلت الدعوى، استأنفت سيرها من حيث انتهت، فما تم من إجراءات يبقى قائماً وما تتطلبه الدعوى منها بعد التعجيل يتعين اتخاذه.
الطعن في حكم الوقف التعليقي:
الأصل وفقاً للمادة (212) من قانون المرافعات، أنه لا يجوز الطعن في - الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وقد استثنت تلك المادة الأحكام الصادرة بوقف الدعوى مما مقتضاه أنه يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى، سواء صدر من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب أحد الخصوم، على أن يتم الطعن في الميعاد المحدد له وفقاً لما إذا كان طعناً بالاستئناف أو بالنقض، ويبدأ الميعاد على نحو ما أوضحناه بالمادة (213) ويعتبر محكوماً عليه الخصم المكلف باستصدار الحكم النهائي في المسألة الأولية إن كان مدعياً عليه، كذلك المدعى لما يترتب على حكم الوقف من عدم السير في دعواه وتعطيل الفصل فيها.
فإن طلب الخصم وقف الدعوى ورفضت المحكمة هذا الطلب، فإن هذا القضاء لا يكون قد أنهى الخصومة ولم يتضمن وقفاً للدعوى، ومن ثم لا يجوز الطعن فيه على استقلال، وإنما يجوز الطعن فيه مع الطعن في الحكم الذي أنهى الخصومة كلها مع مراعاة أن الوقف وفقاً للمادة (129) جوازي للمحكمة ومن إطلاقاتها دون معقب عليها طالما استندت إلى أسباب سائغة.
تعجيل الدعوى:
يجوز لأي من الخصوم تعجيل الدعوى بمجرد زوال سبب الوقف، سواء صدر الحكم النهائي في المسألة الأولية من الجهة المختصة، أو امتنع الخصم المكلف باستصداره عن رفع الدعوى في الوقت المناسب أو رفعها ولكنه سلك فيها إجراءات من شأنها إطالة أمد التقاضي.
ويتم التعجيل من الوقف التعليقي بإعلان صحيفته لباقي الخصوم .
ولم يحدد القانون ميعاداً لهذا التعجيل، إلا أن ميعاد سقوط الخصومة يبدأ من تاريخ صدور حكم الوقف إذا كان المدعي هو المكلف باستصدار الحكم في المسألة الأولية وانقضت ستة أشهر دون رفع الدعوى، أما إن رفعها قبل ذلك فلا تسرى في مدة السقوط، فإن كان المدعى عليه هو المكلف بذلك ولم ترفع الدعوى خلال ستة أشهر، فلا تسقط الدعوى لأن مناط السقوط هو وقف السير في الدعوى بفعل المدعى أو امتناعه وليس بفعل المدعى عليه أو امتناعه عملاً بالمادة (134).
الوقف التعليقي للدعوى المدنية يحول دون سقوطها أو انقضائها :
إذ تنص المادة 134 من قانون المرافعات على سقوط الخصومة لعدم السير فيها بفعل المدعي أو امتناعه متى انقضت ستة أشهر من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي يدل على أن مناط سقوط الخصومة أن يكون للمدعي الحق في السير فيها إلا أنه لم يستعمل هذا الحق أو يمتنع عن إستعماله مما يتعين معه توقيع الجزاء المترتب على ذلك وهو سقوط الخصومة متى تمسك به صاحب الحق فيه.
ومتي حدد القانون الشروط اللازمة للسير في الخصومة، فإن هذه الشروط تكون من عناصر الحق الذي يخول للمدعي السير فيها، بحيث إن توافرت إستكمل هذا الحق عناصره وتعين على المدعي تعجيل دعواه خلال ستة أشهر من تحقق الإجراء الذي أوقفت الدعوى تعليقاً عليه، فإن تمثل الإجراء في صدور حكم بات أو صيرورة الحكم باتاً، فإن مدة السقوط تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم أو من تاريخ صيرورته باتاً، ولا تبدأ من تاريخ صدور حكم الوقف إلا في حالة عدم رفع الدعوى محل الحكم المراد إستصداره وإنقضاء ستة أشهر من تاريخ صدور حكم الوقف دون رفع تلك الدعوى باعتبار أن هذا الحكم هو آخر إجراء صحيح.
وباعتبار حكم الوقف التعليقي حكماً قطعياً يحول دون المحكمة المدنية ونظر دعوى التعويض قبل صدور حكم جنائي بات، فإن تعجيل الدعوى المدنية قبل تحقق هذا الشرط يجعل التعجيل غير منتج إذ يوجب القانون على المحكمة أن تعيد الدعوى إلى الوقف لعدم توافر عناصر الحق في التعجيل وهو ما يتوافر به المانع القانوني الذي يحول دون المدعي والسير في دعواه مما يترتب عليه وقف مواعيد السقوط والانقضاء، إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده للمدعي.
وكان الخلف قد ساد دوائر محكمة النقض، إذ قضت بعض الدوائر استناداً إلى ما تضمنته المذكرة الإيضاحية للمادة (140) من قانون المرافعات، بانقضاء الخصومة فور انقضاء المدة المحددة بتلك المادة ولو كانت الدعوى قد أوقف السير فيها تعليقاً طالما لم يتخذ فيها إجراء قاطع لمدة الانقضاء كتعجيل الدعوى من الوقف.
بينما قضت دوائر أخرى بعدم انقضاء الدعوى لوجود مانع قانوني يحول دون سريان مدة الانقضاء يتمثل في حظر التعجيل إلا بعد تحقق الأمر الذي علق عليه الوقف وقد أخذت الهيئة العامة لمحكمة النقض بالرأي الأخير.
وما يسرى على انقضاء الخصومة في هذا الصدد يسرى على سقوطها، ونوه إلى عدم الاعتداد بأحكام النقض السابق صدورها بالمخالفة لحكم الهيئة العامة إذ تعتبر قد عدل عنها وبالتالي لا يجوز الاستناد إليها في الخصومات القائمة والتي أدركها هذا الحكم قبل صدور حكم نهائي فيها.
وقضت محكمة النقض بأن سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة (سنة)، فمناط إعمال هذا الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الإمتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير فيها حائل، فإذا قام مانع قانوني أو أوقفت المدة حتي يزول المانع، إذ لا يكون ثمت إهمال يصح إسناده إلى المدعي، كذلك فإن إنقضاء الخصومة المنصوص عليه في المادة 140 من قانون المرافعات هو تقادم مسقط للخصومة يخضع في سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة والسير في إجراءاتها. نقض 2/ 3/ 1988 طعن 960 س 59 ق. «هيئة عامة».
الوقف التعليقي الوجوبي
حالات الوقف التعليقي الوجوبي :
الوقف التعليقي يكون وجوبياً إذا قرره نص في القانون، وحينئذ يجب على المحكمة أن تقضي بوقف الدعوى دون أن يكون لها سلطة تقديرية في هذا الصدد، وتكلف الخصم باستصدار حكم نهائي في المسألة الأولية التي وردت في النص والتي تخرج عن اختصاصها الوظيفي أو النوعي وتحدد له أجلاً لذلك.
وقف الدعوى تعليقاً على الفصل بعدم الدستورية :
تنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا على أنه إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية.
وإذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن.
فوقف الدعوى تعليقاً على الفصل في مسألة دستورية، لا يتم إلا إذا كانت المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي هي التي أثارت تلك المسألة، ومن ثم توقف الدعوى وتحيل الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، أما إذا كان أحد الخصوم هو الذي أثار المسألة الدستورية بموجب دفع، ورأت المحكمة أو الهيئة جديته، فإنها لا توقف الدعوى تعليقاً على الفصل في الدفع من المحكمة الدستورية العليا، وإنما تبقى الدعوي متداولة، فلا ينقطع بالتالي تسلسل الجلسات، وتؤجل الدعوى لجلسة مناسبة، قد تكون بعد ستة أشهر، ويتضمن قرار التأجيل تحديد ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في هذا الميعاد اعتبر الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، ويقع هذا الجزاء بقوة القانون، بحيث لو نظرت الدعوى بالجلسة التي تأجلت إليها، دون تقديم الدليل على رفع الدعوى الدستورية، نظرت المحكمة الدعوى على أساس دستورية النص الذي كان محلاً للدفع.
فإذا أخطأت المحكمة وقضت بوقف الدعوى دون تأجيلها، كان قضاؤها مشوباً بمخالفة القانون وجاز الطعن فيه على استقلال، فإن لم يطعن فيه، حاز قوة الأمر المقضي، وتعين الالتزام به، وباعتباره قضاء قطعياً فلا تملك المحكمة العدول عنه، ويتعين اتخاذ إجراءات التعجيل بعد صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا، وإلا خضعت الدعوى بعد ذلك للسقوط والانقضاء.
وإذا أبدى الدفع، فلا تلتزم المحكمة بالتصدي له في ذات الجلسة، وإنما تؤجل الدعوى لجلسة مقبلة للقرار في الدفع، ولها السلطة التقديرية في قبوله أو رفضه وتخضع في ذلك لرقابة المحكمة الاستئنافية.
وقف دعوى القسمة تعليقاً على الفصل في الملكية:
تختص المحكمة الجزئية، مهما كانت قيمة الدعوى، بالفصل في المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص، كما إذا طعن أحد الشركاء على تقرير الخبير بأن الحصص غير متساوية أو أن المعدل أكثر أو أقل مما يجب وتفصل المحكمة في ذلك مراعية قيمة المال وقت القسمة لا وقت نشوء الشيوع أو رفع دعوى القسمة، وقد تنطوي المنازعة على وجود طريقة للقسمة أفضل من الطريقة التي اتبعها الخبير، كما تختص بالمنازعات المتعلقة بتجنيب الانصبة، كما إذا أدعي أحد الشركاء أن النصيب الذي جنبه الخبير له أقل مما يستحق، ويكون الحكم الصادر في هذه الحالات قابلاً للطعن فيه أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية.
وقد تتعلق المنازعة بأن أحد الشركاء قد تصرف في حصته شائعة بعقد مسجل مما يستدعي إخراجه من دعوى القسمة وقبول طالب التدخل خصماً فيها أو عدم قبول دعوى القسمة بالنسبة لهذا الشريك، مما يوجب على المحكمة أن تقضي بقبول التدخل وعدم قبول الدعوى بالنسبة للشريك البائع وندب خبير للفرز والتجنيب.
والأصل في إجراءات القسمة، أن يكون الخبر الحصص علي أساس أصغر نصيب ، فاذا تعذرت القسمة علي هذا الأساس، جاز للخبير أن يجنب لكل شريك حصته، فإن أدي هذا التجنيب إلي الأضرار بأحد الشركاء ضرراً كبيراً، كما لو كان الجزء الذي جنب له ضئيلاً يتعذر الانتفاع به، مما كان يتعين على الخبير طرح ذلك على المحكمة لتجري القسمة بطريق التصفية ببيع المال الشائع جميعه بالمزاد، ومتى تحققت المحكمة من هذا الدفاع فإنها تستبعد تقریر الخبير وتقضي ببيع المال بالمزاد على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 841 من القانون المدني فيما يلي :
فالاختصاص الاستثنائي للمحكمة الجزئية، ينحصر في النزاعات التي تثار بشأن إجراءات القسمة.
ودعوى القسمة دعوى عقارية ينعقد الاختصاص المحلي بها للمحكمة الجزئية الكائن بدائرتها العقار أو أكبر العقارات قيمة. فإن تعلقت بقسمة منقول أو مجموع من المال يشتمل على عقار ومنقول، إنعقد الاختصاص للمحكمة الجزئية الكائن بدائرتها موطن أي من المدعى عليهم، إذ يأخذ هذا المجموع حكم المنقول عند تحديد الاختصاص المحلي.
ويظل الاختصاص منعقداً للمحكمة الجزئية دون غيرها حتى لو كان طلب القسمة مرتبطاً بطلبات أخرى تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية، ويترتب على ذلك أن المحكمة الجزئية إذا طرح عليها مثل هذا النزاع، وجب عليها أن تقضي بوقف دعوى القسمة وتحيل الخصوم إلى المحكمة المختصة لتفصل في النزاع الخارج عن نطاق القسمة، فإن أحالت النزاع برمته بما فيه طلب القسمة، كان حكمها معيباً مما يوجب الطعن فيه بالاستئناف، فإن لم يطعن فيه وحاز قوة الأمر المقضي، التزمت المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى بالفصل فيها برمتها بما في ذلك دعوى القسمة، إذ تعلو حجية الأحكام على إعتبارات النظام العام، وإذا رفع الاستئناف، وجب على المحكمة المحال إليها أن توقف الدعوى برمتها حتى يتم الفصل فيه، فان لم يرفع استئناف، فإن المحكمة المحال إليها لا تنظر الدعوى إلا بعد انقضاء ميعاد الاستئناف .
وأيضاً إذا فصلت المحكمة الجزئية في منازعة لا تختص بها نوعياً، وجب الطعن في قضائها بالاستئناف أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية أياً كانت قيمة هذه المنازعة، فإن لم يطعن وحاز الحكم قوة الأمر المقضي، ثبتت له الحجية واستقرت به مراكز الخصوم في تلك المسألة وامتنع عليهم إعادة مناقشتها، إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات النظام العام.
وللمحكمة الجزائية تقدير مدى جدية المنازعة التي تثار عند نظر دعوى القسمة، سواء كانت مما تختص به أو كانت خارجة عن اختصاصها النوعي، حتى تقضي بوقف دعوى القسمة، أو أنها ليست جدية فتطرحها جانباً دون حاجة إلى إصدار حكم في شأنها، وتستمر في نظر دعوى القسمة. فإن كانت المنازعة جدية وطرحتها المحكمة وقضت في دعوى القسمة، فإن هذا القضاء يتضمن رفضاً ضمنياً للمنازعة وليس إغفالاً لها، مما كان يوجب وقف دعوى القسمة تعليقاً على الفصل في المنازعة، ويتعين لذلك استئناف حكم القسمة وطلب إلغائه ووقف دعوى القسمة، والفصل في المنازعة أن كانت مما يختص بها القاضي الجزئي، إذ ينقل الاستئناف الدعوى إلي المحكمة الاستئنافية، التي يتعين عليها إجراء القسمة بعد قضائها في المنازعة فإن كانت المنازعة تختص بها المحكمة الابتدائية، طلب المستأنف إحالتها لهذه المحكمة منعقدة بهيئة إبتدائية، فلا تملك المحكمة التي تنظر الاستئناف التصدي لها طالما أنها منعقدة بهيئة استئنافية.
فإن خرجت المنازعة عن نطاق تكوين الحصص أو التجنيب، خضعت للقواعد العامة في الاختصاص بحسب قيمة المنازعة، كأن ينازع شريك في مقدار حصة شريك أخر أو في أصل ملكيته ومتى تحققت المحكمة من جدية المنازعة أوقفت الدعوى وأحالت المنازعة للمحكمة الابتدائية إذا تجاوزت نصاب القاضي الجزئي، وإلا فصلت فيها دون أن توقف دعوى القسمة لأن مناط الوقف هو عدم اختصاصها بنظر المنازعة وفي حالة الاحالة تحدد المحكمة جلسة أو تعهد بتحديدها إلي قلم كتاب المحكمة المحال إليها، وتظل دعوى القسمة موقوفة حتى تفصل المحكمة الابتدائية في المنازعة وتنقضي مواعيد الطعن في هذا الحكم أو يفصل فيه استئنافياً حتى يكون نهائياً فإن كانت المنازعة من اختصاص المحكمة الجزئية بحسب القيمة، تعين على هذه المحكمة الفصل في المنازعة. فالمنازعات التي تخضع للقواعد العامة في الاختصاص، هي التي تثور حول القسمة ولا تدخل في إجراءاتها.
ومتى خلصت محكمة المواد الجزئية إلى جدية المنازعة، تعين عليها أن تقضي ومن تلقاء نفسها بوقف دعوى القسمة تعليقاً على الفصل نهائياً في المنازعة من المحكمة الإبتدائية وتضمن حكمها إحالة النزاع لتلك المحكمة على نحو ما تقدم، فإن أغفلت الإحالة، جاز الرجوع إليها لإصدار أمر علي عريضة بتلك الإحالة.
ويجوز إثارة كافة المنازعات المتعلقة بالملكية في دعوى القسمة، سواء من الخصوم أنفسهم بطريق الطلبات العارضة، أو من الغير بطريق التدخل الهجومي في دعوى القسمة وتعتبر الطلبات المقدمة من أي من الخصوم أو من المتدخل هجومياً، طلبات قضائية رفعت إلى المحكمة بالطريق الذي رسمه القانون، وبالتالي تلتزم بالفصل فيها إن كانت مختصة بها، أو إحالتها إلي المحكمة المختصة إن لم تكن مختصة بها، وتلتزم المحكمة المحال إليها بنظر الطلبات المحالة إليها عملاً بالمادة 110 من قانون المرافعات وينطوي الحكم بالوقف والإحالة على قضاء ضمني بعدم الاختصاص مما يجوز الطعن فيه على استقلال.
وإذ لا تلتزم المحكمة الجزئية بوقف دعوى القسمة عندما تكون مختصة بنظر المنازعة المتعلقة بالملكية أو بغيرها مما يخرج عن إجراءات القسمة فإنه يتعين عليها حجز الدعوى للحكم ثم تقضي في المنازعة وفي دعوى القسمة بحكم واحد.
فإذا قضت بوقف دعوى القسمة وفي نفس المنطوق فصلت في المنازعة، كان حكمها معيباً، يجوز الطعن فيه بالاستئناف وفقاً للقواعد العامة، فإن لم يطعن فيه حاز قوة الأمر المقضي، وتعين تعجيل دعوي القسمة وفقاً للقواعد التي قررها قانون المرافعات.
ويترتب علي تقديم المنازعة المتعلقة بالملكية من أحد الخصوم أو من المتدخل، أن توقف المحكمة الجزئية دعوى القسمة تعليقاً على الفصل في تلك المنازعة وتحيل المنازعة إلى المحكمة الابتدائية على نحو ما تقدم.
ولا يلزم لوقف دعوى القسمة أن يثير المتدخل نزاعاً أمام المحكمة الجزئية، وإنما يكفي أن يتدخل هجومياً ويطلب وقف دعوى القسمة تعليقاً على الفصل في دعوى الملكية التي قام برفعها ضد نفس الخصوم ومتى قدم صورة رسمية من صحيفة تلك الدعوى، استندت إليها المحكمة الجزئية في القضاء بوقف دعوى القسمة، فإن قضى نهائياً برفض دعوى الملكية، قام أي من الخصوم في دعوى القسمة بتعجيل السير فيها وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات.
وإذا أثير نزاع يتعلق بحقوق والتزامات شخصية متولدة عن عقد بيع غير مسجل، وجب وقف دعوى القسمة حتى تفصل المحكمة المختصة في هذا النزاع. فقد يبيع المورث عقاراً بموجب عقد غير مسجل، وبتسلمه المشتري، وبعد وفاة المورث تنتقل ملكية التركة بما فيها هذا العقار إلى الورثة، فيرفع أحدهم دعوي قسمة أموال التركة، فيتدخل المشتري طالباً استبعاد العقار محل عقد البيع من نطاق الدعوى وعدم تعرض الورثة له فيه، فتوقف المحكمة دعوى القسمة تعليقاً على الفصل في تلك المنازعة. وقد يتدخل أيضاً الغير طالباً استحقاقه لذات العقار استناداً إلى عقد مسجل صادر له من المورث عن ذات العقار، فتفصل المحكمة المختصة في النزاع برمته.
أما إذا تدخل شخص هجومياً وقدم عقد مسجل عن عقار في التركة مبرم بينه وبين أحد الورثة وطلب القضاء بثبوت ملكيته له، فإن هذا الطلب لا يؤدي إلي وقف دعوى القسمة رغم تعلقه بالملكية، لأن تصرف أحد الشركاء في جزء مفرز لا يحاج به باقي الشركاء ولا يوجب اختصام المتصرف إليه في دعوى القسمة، وأن تلك الدعوي يستمر السير فيها رغم هذا التصرف، إذ يتوقف مصيره علي ما تنتهي إليه القسمة، فإن اختص الشريك المتصرف بالجزء المفرز الذي تصرف فيه، إستقرت ملكيته للمتصرف إليه، أما إن اختص الشريك بجزء مفرز آخر، إنتقل حق المتصرف اليه إلي هذا الجزء وفقاً لقاعدة الحلول العيني.
ولا تستقر الملكية العقارية للوارث إلا إذا قام بشهر حق الإرث دون أن يؤشر دائن التركة بحقه في هامش هذا الشهر خلال المدة المحددة لذلك على نحو ما أوضحناه بالمادة 914 من القانون المدني.
وقد يتقدم أحد الورثة بعقد بيع صادر له من المورث عن عقار مفرز، فيدفع المدعي في دعوى القسمة بصورته المطلقة وانطوائه على وصية، فيفصل في تلك المنازعة وفقاً للمادتين 916 أو 917 من القانون المدني بحسب وجه الدفع.
ومتي صدر حكم نهائي من المحكمة المختصة، وتم تعجيل دعوي القسمة، التزمت به محكمة القسمة فإن تضمن أحقية المتصرف إليه في الانتفاع بالجزء المفرز محل العقد العرفي، وجب استبعاد هذا الجزء من القسمة.
وقف الدعوى تعليقاً على الفصل في طلب الرد :
يترتب على تقديم طلب رد القاضي وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائياً وفقاً لنص المادة (162) من قانون المرافعات، وتحيل إليها في هذا الصدد.
وقف الدعوى تعليقاً على الفصل في تزوير المحرر:
قد ترفع جنحة بتزوير محرر أو ترفع به دعوى تزوير أصلية ثم يقدم في دعوى أخرى كدليل فيها، وحينئذ يجب على المحكمة وقف الدعوى حتى يفصل في جنحة التزوير أو في دعوى التزوير الأصلية، أما إذا طعن بالتزوير أمامها ولم يسبق رفع أي من الدعويين سالفتي الذكر، كان ذلك دفاعاً في الدعوى تتولى المحكمة تحقيقه دون حاجة لوقفها.
وقف الدعوى تعليقاً على الفصل في نزاع إداري :
وأيضاً قد ترفع دعوى مدنية وتثار فيها مسألة ينعقد الاختصاص فيها لمحاكم مجلس الدولة، وحينئذ تقضى المحكمة بوقف الدعوى حتى يصدر حكم نهائي في تلك المسألة.
وقف الدعوى المدنية تعليقاً على صدور حكم جنائي بات:
الوقف التعليقي على صدور حكم جنائي بات:
يترتب على قاعدة «أن الجنائي يوقف المدني» أن المحكمة المدنية التي تنظر دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع الذي رفعت به الدعوى الجنائية، تلتزم بوقف الدعوى المدنية تعليقاً على صدور حكم جنائي بات، والحكم الجنائي لا يكون باتاً إلا إذا صدر حضورياً ولم يطعن فيه بالاستئناف، فإن كان قد طعن فيه بالاستئناف، فإن الحكم الاستئنافي يصبح باتاً إن لم يطعن فيه بالنقض، فإن كان قد طعن فيه بهذا الطريق، فإنه يتعين لصيرورته باتاً، أن تقضي محكمة النقض في الطعن.
فإن كان الحكم الصادر من المحكمة الجزئية قد صدر غيابياً أو حضورياً إعتبارياً أو حضورياً بتوكيل في جريمة عقوبتها الحبس مع النفاذ أو باعتبار المعارضة كأن لم تكن، فإن جميع هذه الأحكام هي أحكام غيابية، وتعتبر بمثابة إجراءات قاطعة للتقادم، فلا تحوز حجية الأحكام القضائية إلا إذا أعلنت وانقضت مواعيد الطعن فيها دون رفع طعن وحينئذ تصبح باته.
فإن تبين للمحكمة أن الحكم لم يصبح باتاً، وجب عليها - إن كانت محكمة جزئية أن توقف دعوى التعويض تعليقاً على صدور حكم بات، فإن لم تتنبه لذلك وقضت في الموضوع، ورفع استئناف عن الحكم الصادر بالتعويض من المضرور لعدم الحكم له بكل طلباته، فإن المحكمة الاستئنافية لا يجوز لها التصدي لبيتوتة الحكم الجنائي لأنها لو فعلت تكون قد أضرت المستأنف باستئنافه، لأنه لو لم يكن قد استأنف، فإن الحكم كان قد حاز قوة الأمر المقضي وهي تعلو على اعتبارات النظام العام، وبالتالي لا يكون أمامها إلا تأييد الحكم أو زيادة التعويض كما لو كان الحكم الجنائي قد صدر باتاً.
فإن كان استئناف حكم التعويض قد رفع من المضرور أو المسئول أو شركة التأمين، فإنه يتعين على المحكمة الاستئنافية، ولو من تلقاء نفسها، التصدي لبيتوتة الحكم الجنائي باعتباره شرطاً لنظر الدعوى المدنية، فإن تبين لها أن الحكم الجنائي مازال قائماً، سواء أمام المحكمة التي أصدرته لنظر المعارضة التي رفعت إليها، أو أمام المحكمة الاستئنافية أو محكمة النقض، أو أنه صدر غيابياً ولم تنقض عليه ثلاث سنوات ولم يعلن بعد، فإنها تقضي بوقف الاستئناف تعليقاً على صيرورة الحكم الجنائي باتاً، وبصيرورته باتاً، تلتزم المحكمة بحجيته عند التصدي للموضوع.
أما إن تبين أن الحكم الجنائي صدر غيابياً، ولم يعلن خلال ثلاث سنوات، فإنه يفقد صفته كحكم ويكون مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، وبالتالي لن يكتسب البيتوتة المقررة للأحكام وحينئذ لا يكون ثمة محل لوقف الدعوى، وإنما تتصدى لها المحكمة، دون أن تتقيد بالحكم الجنائي السابق صدوره غيابياً بعد أن فقد صفة الحكم، وتتولي تحقيق الواقعة للوقوف على أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية وعناصر التعويض لتقديره والقضاء به ، ولها أن تستند في ذلك إلى أوراق الدعوى إن كانت كافية لاستخلاص هذه المسائل، وبسقوط الحكم الجنائي الغيابي وفقاً لما سلف، فلا محل لوقف الدعوى المدنية تعليق علي صيرورة هذا الحكم باتاً، إذ لن يتحقق ذلك حتي لو أعلن الحكم، إذ يرد الإعلان علي غير محل بعد أن انقضت الدعوى الجنائية، كما لا يرد على دعوى التعويض الدفع بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان، إذ يتطلب هذا الدفع أن يكون الحكم الجنائي مازال قائماً ولم يسقط، وإذا تبين أن الحكم الجنائي مازال قائماً، وكان المقرر أن الجنائي يوقف المدني، فإن الدفع سالف البيان يكون في حقيقة مرماه منصرفاً إلى الوقف التعليقي وهو ما يجب القضاء به حتى لا يتكبد المضرور مصروفات قضائية جديدة.
وطلب الوقف التعليقي، هو في حقيقته من أوجه الدفاع، بحيث إذا أغفلته المحكمة، كان ذلك رفضاً له ضمنياً، ومن ثم تتصدى له المحكمة الإستئنافية سواء تحقق سبب الوقف أمامها أو كان قد تحقق أمام محكمة الدرجة الأولى.
وإذا تبين أن الحكم الجنائي قد صدر غيابياً وانقضي عليه أكثر من ثلاث سنوات، فإن المحكمة المدنية لا تستخلص من ذلك إنقضاء الدعوى الجنائية - وبالتالي سقوط هذا الحكم وعدم الإلتزام به إلا إذا قام الدليل لديها على عدم إعلانه خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، إذ لو ثبت إعلانه وإنقضاء مواعيد الطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف بالنسبة للحكم الجزئي، أو إنقضاء مواعيد الطعن بالنقض بالنسبة للحكم الاستئنافي، فإن الحكم رغم صدوره غيابياً إلا أنه قد صار باتاً بإعلانه وإنقضاء مواعيد الطعن فيه، وبالتالي تتقيد به المحكمة المدنية، وهو ما يوجب عليها أن تتحقق من أن الحكم الغيابي قد أعلن أو أنه لم يعلن خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدوره لتقرر ما إذا كانت تتقيد به أم لا، وأيضاً إذا كانت مدة تقادم دعوى التعويض قد اكتملت بعد صدور الحكم الجنائي الغيابي، فإن المحكمة لا تفصل في الدفع المتعلق بذلك إلا بعد التحقق من إعلان الحكم الغيابي أو عدم إعلانه، لأنه لو كان قد أعلن ولم يطعن فيه صار باتاً وحينئذ تنقضي به الدعوى الجنائية ويبدأ تقادم دعوى التعويض من اليوم التالي لصدور هذا الحكم الغيابي الذي أصبح باتاً، فإن لم يكن قد أعلن وقام الدليل على ذلك فإنه يكون مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، على نحو ما تقدم ومفاد ذلك، أن المحكمة إن لم يقدم لها الدليل على أن الحكم الغيابي قد أعلن، وجب عليها عدم التصدي للدفع بتقادم دعوى التعويض وان توقف الدعوى تعليقاً علي تقديم الدليل علي إعلانه.
تعليق الوقف على طعن بالنقض لم يرفع :
إذ كان الواقع في الدعوى أنها أوقفت بتاریخ 24/ 1/ 1985 حتى الفصل في الطعن بالنقض المرفوع في الجنحة رقم 5558 لسنة 1980 أبو قرقاص وكان الطاعن قد عجل نظر الدعوى بصحيفة أعلنت إلى المطعون ضده الأول بتاریخ 12/ 1/ 1987 على سند من استحالة تنفيذ ما علقت عليه المحكمة أمر الفصل في الدعوى وذلك لما تبين له من أن الحكم الصادر المشار إليه لم يطعن عليه بالنقض وأصبح باتاً فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من سقوط الخصومة لتعجيلها بعد أكثر من سنة محتسباً بداية مدة السقوط من تاريخ الحكم بوقف الدعوى دون أن يعني ببحث تاریخ علم الطاعن بعدم وجود طعن بالنقض على الحكم الصادر في الجنحة 5558 لسنة 80 جنح أبو قرقاص يكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون. نقض 23/ 12/ 1993 طعن 2978 س 59 ق)
وقف الدعوى المدنية تعليقاً على زوال المانع من نظرها :
يترتب على رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها، وقف الدعوى المدنية حتى تنقضي الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها أو بإنقضائها بأي سبب آخر كتقادم أو حفظ أو وفاة المتهم، لذلك يتعين على المحكمة المدنية أن تقضي «بوقف الدعوى تعليقاً على زوال المانع من نظرها» فإن قضت بوقفها تعليق علي صدور حكم بات في الدعوى الجنائية، انصرف هذا القضاء إلى «زوال المانع» بحيث إذا انقضت تلك الدعوى بغير حكم بات، تعين تعجيلها من الوقف بعد أن زال المانع، ويتعين على المحكمة نظرها غير متقيدة بمنطوق حكمها إذ طالما انقضت الدعوى بغير حكم بات، فإن المانع من نظرها يكون قد زال، واستحال صدور الحكم الذي علقت عليه المحكمة قضاءها، وهو ما يجيز للمدعي تعجيل دعواه من الوقف، وذلك عملاً بالمادة 129 من قانون المرافعات.
بیتوتة الحكم عند رفع الطعن بالنقض من أحد المتهمين :
المقرر أن الجنائي يوقف المدني، ويظل هذا الوقف حتى تنقضي الدعوي الجنائية بأي سبب من أسباب الانقضاء، كصدور قرار بألا وجه أو بوفاة المتهم أو بتقادم الدعوى الجنائية أو بصدور حكم بات فيها، وحينئذ تستأنف الدعوى المدنية سيرها إن كانت قد رفعت وقضي بوقفها تعليقاً على انقضاء الدعوى الجنائية، فإن لم تكن قد رفعت، جاز للمضرور رفعها.
ويصبح الحكم الجنائي باتاً بفوات مواعيد الطعن فيه، فإن كان ابتدائياً وفوت المتهم ميعاد الطعن فيه بالاستئناف، أصبح باتاً، وإن كان استئنافياً وفوت المتهم ميعاد الطعن فيه بالنقض، أصبح باتاً، فإن طعن فيه بالنقض، فلا يصبح باتاً إلا بصدور حكم النقض.
وتسري هذه القواعد عندما يصدر الحكم الجنائي ضد متهم واحد أما إذا صدر ضد أكثر من متهم، وطعن البعض دون البعض الآخر، فإن الحكم لا يصبح باتاً بالنسبة لجميع المتهمين إلا بصدور الحكم في الطعن وانغلاق أي طريق آخر للطعن فيه، فإن تعلق الطعن بالاستئناف ثم رفع طعن بالنقض، فلا يصبح الحكم باتاً بالنسبة لجميع المتهمين - من رفع الطعن ومن لم يرفعه - إلا بصدور حكم النقض.
صيرورة الحكم باتاً من تاريخ انتهاء ميعاد الطعن :
المقرر أن الجنائي يوقف المدني، وهو ما يوجب على القاضي المدني وقف دعوى التعويض المستندة إلى جريمة حتى تنقضي الدعوي الجنائية بأي طريق من طرق انقضائها، فإن كانت الدعوى قد رفعت، فإنها تنقضي بصدور حكم بات فيها، ومن تاريخ هذا الانقضاء، تبدأ الدعوى المدنية في التقادم، مما يوجب رفعها خلال ثلاث سنوات من تاريخ إنقضاء الدعوى الجنائية، فإن صدر حكم جنائي، ولم يطعن فيه، فإنه يصبح باتاً من تاريخ انتهاء ميعاد الطعن فيه، وليس من تاريخ صدوره، باعتبار أن الدعوى الجنائية تنقضي من اليوم الذي أصبح الحكم فيه باتاً، وبالتالي يبدأ تقادم دعوى التعويض من هذا اليوم وليس من يوم صدور الحكم.
بیتوتة الحكم في حالة رفع الاستئناف بعد الميعاد :
إذا قضت المحكمة الجنائية بإدانة المتهم، فطعن بالاستئناف خلال الميعاد، فإن حجية الحكم تقف إلى أن تفصل المحكمة الاستئنافية في الاستئناف، بحيث إذا قضت بتأییده استرد حجيته وحاز قوة الأمر المقضي، أما إن قضت بالغائه زالت الحجية عنه، ومن تاريخ هذا القضاء تنقضي الدعوى الجنائية متى صدر حضورياً ويبدأ تقادم دعوى التعويض في السريان، أما أن صدر غيابياً، فيكون مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، فيبدأ تقادم هذه الدعوى في السريان وباكتمال مدته، يبدأ تقادم دعوى التعويض في السريان، إذ كانت الدعوى الجنائية قائمة لم تنقض قبل رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها.
أما إذا صدر الحكم الجنائي من المحكمة الجزئية حضورياً، فإنه يتعين رفع استئناف عنه خلال الميعاد بحيث إذا انقضى الميعاد دون رفعه، أصبح الحكم باتاً حائزاً قوة الأمر المقضي حتى لو وصفته المحكمة بإنه غيابياً أو حضورياً اعتبارياً، لأن العبرة بواقع الحال وليس بما تصف به المحكمة حكمها، فإذا ما رفع استئناف عن هذا الحكم، بعد الميعاد، وجب على محكمة الجنح المستأنفة أن تقضي ولو من تلقاء نفسها بعدم قبول الاستئناف، فإن قضت بذلك حضورياً أو غيابياً، ترتب على هذا القضاء، انقضاء الدعوى الجنائية لتعلق الحكم الاستئنافي بالشكل مما تنقضي به تلك الدعوى حتى لو صدر الحكم الاستئنافي غيابياً، وبالتالي يبدأ تقادم الدعوى الجنائية من تاريخ صدور الحكم الاستئنافي، إذ طالما رفع الاستئناف، ولو بعد الميعاد، طرحت الدعوى الجنائية على المحكمة الاستئنافية لنظرها بما يقدم فيها من دفوع وأوجه دفاع. ويعتبر رفع الاستئناف إجراء قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للدعوى المدنية، فلا تسقط هذه الدعوى إلا بانقضاء الدعوى الجنائية، بصدور الحكم من المحكمة الاستئنافية وفقاً للقواعد المتقدمة.
ولما كانت محكمة الجنح المستأنفة هي وحدها صاحبة الولاية في التصدي للاستئناف شكلاً وموضوعاً، ومن ثم تعين الالتزام بقضائها حتى لو قبل الاستئناف رغم رفعه بعد الميعاد طالما لم يطعن فيه بالنقض، بحيث أن قبلت الاستئناف شكلاً وتصدت للموضوع، فلا يساغ القول بأن الدعوى الجنائية قد انقضت بالحكم المستأنف الذي صدر حضورياً وانقضت مواعيد استئنافه، إذ طالما رفع عنه استئناف ولو بعد الميعاد، وقفت حجيته، ومن ثم لا تنقضي الدعوى الجنائية إلا بصدور الحكم الاستئنافي.
بيتوتة الحكم في حالة رفع النقض بعد الميعاد :
البيتوتة في حالة صدور حكم غيابي :
يعتبر الحكم الجنائي الغيابي، ولوتضمن قضاء بتعويض مؤقت أو نهائي، مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، وبه يبدأ سريان تقادم جديد لتلك الدعوى، ولا تستقر به المراكز القانونية إلا إذا أعلن لشخص المحكوم عليه أو بموطنه أو لجهة الإدارة إذا امتنع المخاطب معه بهذا الموطن عن تسلم صورة الإعلان أو إذا أمتنع عن التوقيع على الأصل بما يفيد إستلام الصورة، فإذا أعلن وانقضت مواعيد الطعن فيه سواء بالمعارضة أو الاستئناف حاز قوة الأمر المقضي وصار باتاً. أما إذا طعن فيه بالمعارضة وقضي برفضها ولم يطعن في الحكم الصادر في المعارضة بالاستئناف، حاز أيضاً قوة الأمر المقضي، فإذا طعن فيه بالاستئناف، وقضي حضورياً بتأييده، حاز على الفور قوة الأمر المقضي، ولكنه لا يصبح باتاً إلا بانقضاء مواعيد الطعن فيه بالنقض أو برفض الطعن في حالة الطعن فيه، وبهذه البيتوته تستقر مراكز الخصوم، ويصبح الحكم باتاً في شقيه الجنائي والمدني ويكون الحكم التعويض المؤقت حجية تحول دون بحث أركان المسئولية أمام المحكمة المدنية عند رفع دعوى تكملة التعويض رغم أن هذا الحكم لم يحدد الضرر في مداه والتعويض في مقداره الا أنه أرسى دین التعويض في أصله ومبناه وتستقر به المسئولية ويكون للمضرور رفع دعوى بتكملة التعويض استكمالاً له وتعييناً لمقداره الذي يتناسب مع ما لحقه من أضرار.
أما إن لم يعلن الحكم الغيابي، سواء كان ابتدائياً أو استئنافياً فيظل إجراء قاطعاً لتقادم الدعوى الجنائية، وتبدأ من اليوم التالي لصدوره مدة جديدة لتقادم الدعوى الجنائية، بحيث إذا اكتملت تلك المدة، انقضت الدعوى الجنائية بالتقادم وزالت آثار الحكم كإجراء قاطع للتقادم، بكل ما اشتمل عليه من قضاء، سواء في الدعوى الجنائية أو في الدعوي المدنية، وبانقضاء الدعوى الجنائية، يبدأ تقادم الدعوى المدنية، فإذا ما رفعت خلال الثلاث سنوات التالية لانقضاء الدعوى الجنائية، فإن المحكمة المدنية تبحث أركان المسئولية المدنية كاملة من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإذا خلصت إلي توافرها قضت بالتعويض، ولها الاستناد في هذا البحث إلي محضر الضبط وسائر مستندات الدعوى، ولا تتقيد بالحكم الجنائي الغيابي بعد أن سقط كإجراء قاطع للتقادم، باعتبار أن هذه الحكم لا يحوز حجية الأمر المقضي إلا إذا أعلن، وتتحول هذه الحجية إلي قوة الأمر المقضي إذا أعلن ولم يطعن فيه خلال الميعاد أو طعن فيه بالاستئناف وتأيد.
فإن كان محضر الضبط قد دشت أو تعذر ضمه، وكانت الصورة الضوئية المتعلقة به قد جحدت، تعين على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المضرور أركان المسئولية، وعلى هدي هذا التحقيق تقضي في الدعوى.
ومفاد ذلك، أن الحكم الجنائي الغيابي يخضع لقاعدتين، الأولي قبل إعلانه، وحينئذ يكون مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، سواء كان صادرة من محكمة الدرجة الأولي أو من المحكمة الاستئنافية، والعبرة في تحديد وصف الحكم بصدوره غيابياً من المحكمة التي أصدرته، فيعتبر غيابياً إذا صدر من المحكمة الاستئنافية في غيبة المتهم حتى لو كان قد صدر حضورياً من محكمة أول درجة، لاستقلال كل درجة من درجات التقاضي عن الأخرى فيما يتعلق بإصدار الحكم، وأن كان الحكم الحضوري الصادر من محكمة أول درجة يحوز حجية الأمر المقضي، فإن هذه الحجية تقف فور الطعن فيه بالاستئناف، ويكون الاستئناف هو الذي يحاج به المتهم، فإن صدر غيابياً، اعتبر مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، فإن لم يعلن انقضت الدعوى الجنائية باكتمال مدة تقادمها، ثم يبدأ تقادم الدعوى المدنية. أما القاعدة الثانية، والتي تترتب على إعلان الحكم الجنائي الغيابي، فإنه يجوز بهذا الاعلان حجية الأمر المقضي، بحيث إذا طعن فيه، سواء بالمعارضة أو بالاستئناف، ورفضت المعارضة فتظل تلك الحجية ثابتة له إلي أن يطعن في الحكم الصادر في المعارضة بالاستئناف، فإن تأيد أو عدل استئنافياً حضورياً، حاز قوة الأمر المقضي فإن إلغي ولو غيابياً، زالت حجيته، أما إن تأيد أو عدل استئنافياً غيابياً، زال الحكم الحضوري الابتدائي، وظل الحكم الاستئنافي الغيابي قائماً، ويعتد به کاجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، ولا يكتسب صفة الحكم إلا إذا أعلن للمتهم، وحينئذ تسري مواعيد الطعن فيه بالمعارضة الاستئنافية ثم بالنقض، فإن فوت مواعيد الطعن أصبح باتاً، أما إن لم يعلن، وانقضي علي صدوره ثلاث سنوات، سقطت الدعوى الجنائية بالتقادم، ومن تاريخ اكتمال تقادم تلك الدعوى، يبدأ تقادم دعوى التعويض.
وإذ كان الحكم الجنائي الغيابي الذي لم يعلن، يعتبر مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، فإن للقاضي المدني أن يتصدى لهذا الإجراء ومن تلقاء نفسه إذا ما دفع أمامه بتقادم الدعوى المدنية، إذ يتعين عليه عند التصدي لهذا الدفع بحث أسباب الوقف والانقطاع ولو من تلقاء نفسه، ولو تعلق هذا البحث بتقادم الدعوى الجنائية تمهيداً لاحتساب مدة تقادم الدعوى المدنية باعتبار أن هذا التقادم الأخير يبدأ من يوم انقضاء الدعوى الجنائية بأي سبب من أسباب انقضائها ومنها اكتمال مدة تقادمها وما اعترى تلك المدة من وقف وانقطاع.
وإذا صدر الحكم الجنائي حضورياً من محكمة الجنح، ثم تغيب المتهم أمام المحكمة الاستئنافية فقضت بإدانته غيابياً، فإن العبرة تكون بالحكم الاستئنافي، فإن لم يعلن خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، انقضت الدعوى الجنائية بالتقادم ومن تاریخ انقضائها يبدأ تقادم الدعوى المدنية بمدته العادية وهي ثلاث سنوات في السريان إذ تقف حجية الحكم الجنائي الحضوري بالطعن فيه بالاستئناف، ثم يعتد بالحكم الاستئنافي، فإن صدر غيابياً ولم يعلن خلال ثلاث سنوات، اعتبر مجرد إجراء قاطع للتقادم على التفصيل المتقدم.
ويتعين في الحالة الأخيرة أن يكون الاستئناف قد رفع في الميعاد، إذ لا تقف حجية الحكم الابتدائي إلا إذا كان استئنافه قد رفع في الميعاد، فإن كان قد رفع بعد الميعاد، فإن الحق في الاستئناف يكون قد سقط بقوة القانون وبالتالي استقرت الحجية للحكم الابتدائي مما يحول دون مخالفته حتي لو طعن فيه بالاستئناف مما يوجب على المحكمة الاستئنافية أن تقضي بسقوط الحق فيه، فإن لم تدرك ذلك وقضت بما يتعارض مع حجية هذا الحكم، بأن قبلت الاستئناف شكلاً ثم تصدت للموضوع، فإن قضاءها رغم مخالفته للقانون، يكون ملزماً للقاضي المدني، إذ أن محكمة الطعن هي وحدها صاحبة الولاية في تقرير صحة الأحكام أو خطأها، وهي وحدها صاحبة الولاية في تقرير صحة الطعن أو بطلانه أو سقوط الحق فيه بحيث إن قضت بقبول الاستئناف وحاز حكمها قوة الأمر المقضي بفوات ميعاد الطعن فيه، التزمت به المحاكم المدنية بعد أن تحصن وصار باتاً، إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات النظام العام.
حق المضرور في إعلان الحكم الجنائي الغيابي ولو لم يتضمن قضاء بالتعويض :
حق المضرور في إعلان الحكم الجنائي الغيابي المتضمن قضاء بالتعويض :
إذا استتبع الفعل غير المشروع قيام دعوى جنائية، وادعي المضرور مدنياً فيها بطلب تعويض نهائي أو مؤقت، فصدر الحكم غيابياً بإدانة المتهم وإلزامه بدفع تعويض للمضرور. فإن هذا القضاء لا يحوز حجية الأمر المقضي، سواء في شقه الجنائي أو المدني، ويكون بمثابة إجراء من إجراءات التقاضي التي يترتب عليها قطع تقادم الدعوى الجنائية، ويجب حتي يحوز حجية الأمر المقضي أن يعلن للمتهم ويترتب على هذا الإعلان حفظ الحكم من السقوط وتحوله إلى حكم قضائي بعد أن كان مجرد إجراء قاطع للتقادم.
ولم يقصر المشرع الحق في إعلان الحكم الجنائي الغيابي، سواء انحصر قضاؤه في الدعوي الجنائية أم امتد للدعوى المدنية المرفوعة تبعاً للدعوى الأولي، على النيابة العامة، وإنما أجاز للمضرور والمجني عليه القيام بهذا الإعلان فإن تضمن الحكم تعویض مدنياً فضلاً عن العقوبة الجنائية، وقام المضرور أو المجني عليه بإعلان الحكم بشقيه إلى المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية إن وجد، فإن الشق المدني يخضع لقانون المرافعات، وبالتالي يبدأ ميعاد استئناف الحكم أمام محكمة الجنح المستأنفة أياً ما كان مقدار التعويض المقضي به، بحيث إذا انقضى ميعاد الاستئناف المقرر للحكم القاضي بالشقين دون رفع إستئناف عنه، حاز قوة الأمر المقضي في الشقين مع متى تم الإعلان لشخص المتهم، أما إن لم يعلن لشخصه، فإن ميعاد المعارضة بالنسبة له فيما يختص بالعقوبة الجنائية يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وإلا كانت المعارضة جائزة حتى تسقط الدعوى الجنائية بمضي المدة، مفاد ذلك، أن شق الحكم الجنائي الغيابي المتعلق بالدعوى الجنائية ينفصل عن شقه المتعلق بالدعوى المدنية فيما يتعلق بإعلان الحكم ونطاق الطعن في كل شق، وانحصر الأثر المترتب على الإعلان المتعلق بالشق الجنائي في القاعدة المتقدمة، أما الأثر المترتب علي الإعلان المتعلق بالشق المدني، فإنه يخضع للأصل العام المقرر بالمادة 213 من قانون المرافعات، ويترتب على ذلك، بدء ميعاد الطعن بإستئناف الشق المدني من تاريخ الإعلان بحيث إذا انقضى هذا الميعاد دون رفع الطعن، حاز الحكم في هذا الشق قوة الأمر المقضي دون توقف على مصير الشق الجنائي.
إعلان الأحكام الغيابية الصادرة من القضاء العسكري :
صيرورة الأحكام الصادرة من القضاء العسكري باتة :
وفقاً لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 82 لسنة 1968 لا يجوز الادعاء مدنياً أمام القضاء العسكري، مما يتعين معه رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، ويشترط لذلك أن يصبح الحكم الصادر من القضاء العسكري باتاً وذلك بفوات ميعاد الطعن فيه بالتماس إعادة النظر، وعملاً بالمادة 114 منه فإن الالتماس يقدم كتابة في ظرف خمسة عشر يوماً، ويبدأ هذا الميعاد بالنسبة للحكم الحضوري المصدق عليه، من تاريخ النطق به. وبالنسبة للحكم الغيابي من تاريخ إعلان الحكم بعد التصديق عليه أو من تاريخ القبض علي المحكوم عليه أيهما أقرب، بحيث إذا أعلن الحكم الغيابي بعد التصديق عليه، فإن ميعاد الطعن فيه بالالتماس يبدأ من تاريخ هذا الإعلان ولو تم القبض على المحكوم عليه قبل انقضاء هذا الميعاد، وحينئذ لا يبدأ ميعاد جدید من تاريخ القبض وإنما يجري الميعاد الذي بدأ بالإعلان.
فإن لم يعلن الحكم الغيابي ولم يتم القبض علي المتهم وانقضت ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، انقضت الدعوى الجنائية العسكرية، وبدأ تقادم دعوى التعويض، فإن كانت محكمة الدرجة الأولي المدنية قضت بالتعويض بالرغم من هذا الانقضاء، كان للمحكمة الاستئنافية تدارك ذلك أن كان الاستئناف مرفوعاً من المسئول استناداً إلى ذلك، فإن لم يطلب هذا الانقضاء وطلب وقف الدعوى تعليقاً على صيرورة الحكم باتاً، وهو الأمر المتعذر السقوط الحكم الغيابي، فإن المحكمة تتصدى للموضوع من واقع أوراق الدعوى لاستخلاص أركان المسئولية وعناصر الضرر، على ما أوضحناه ببند الوقف التعليقي على صدور حكم جنائي بات، فيما يلي.
تنفيذ الحكم الغيابي لا يجعله باتاً:
المقرر عملاً بالمادة 172 من القانون المدني أن دعوى التعويض الناشئة عن جريمة تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ سقوط الدعوى الجنائية، مما مفاده أن الدعوى الاخيرة طالما ظلت قائمة فلا تسقط الدعوى المدنية.
ولما كان الحكم الجنائي الغيابي، ويأخذ حكمة الحكم الحضوري الاعتباري، ليس إلا إجراء من الإجراءات القاطعة لتقادم الدعوى الجنائية ما لم يعلم للمتهم إذ يكسبه هذا الاعلان طبيعة الأحكام القضائية وبه يتحول من مجرد إجراء قاطع للتقادم إلي حكم قضائي، بحيث إن لم يطعن فيه بالمعارضة أو بالاستئناف خلال المواعيد المحددة لذلك، حاز قوة الأمر المقضي وأصبح باتاً والتزمت به المحكمة المدنية عند نظرها لدعوي التعويض المترتبة على الجريمة التي فصل فيها هذا الحكم.
فمناط إكتساب الحكم الجنائي الغيابي للحجية أن يكون قد أعلن، وبالاعلان وحده يكتسب صفة الأحكام القضائية، فإن لم يعلن ظل إجراء قاطعاً للتقادم حتي لو تم تنفيذه كما لو كان صادراً بالغرامة وتم تحصيلها من المتهم بحيث إذا انقضى علي صدوره ثلاث سنوات، سقطت الدعوى الجنائية بالتقادم دون إعتداد بتاريخ تنفيذه إذ لا تعتبر إجراءات التنفيذ قاطعة لتقادم الدعوى الجنائية، ومن ثم تسقط دعوى التعويض بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من سقوط الدعوى الجنائية وتلك تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الجنائي الغيابي.
التمسك بعدم إعلان الحكم الغيابي :
إذا صدر حكم غيابياً أو حضورياً إعتباریاً، فيعتبر مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية، بحيث إذا انقضت ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، انقضت تلك الدعوى ما لم يعلن الحكم خلالها.
وبانقضاء الدعوى الجنائية، يبدأ تقادم الدعوى المدنية، سواء بالنسبة للمتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية أو شركة التأمين، وبالتالي يكون لأي منهم التمسك بهذا التقادم لتوافر مصلحتهم فيه ويكون تمسكهم بعدم الإعلان دفاعاً لإثبات هذا التقادم مما يوجب على المحكمة التصدي له للفصل في تقادم دعوى التعويض.
الحكم الصادر في المعارضة :
أن الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنف يصبح باتاً إذا كان حضورياً بانقضاء ستين يوماً من تاريخ صدوره، فإن كان غيابياً، فيعتبر مجرد إجراء قاطع لتقادم الدعوى الجنائية وبالتالي لا يجوز الطعن فيه بالنقض لحصر الطعن في الأحكام دون الإجراءات، فإن انقضى عليه ثلاث سنوات، سقطت الدعوى الجنائية بالتقادم باكتمال هذه المدة، وبدأت مدة تقادم دعوى التعويض.
أما إذا عارض المتهم في الحكم الغيابي، فإن الحكم المعارض فيه يصبح باتاً بانقضاء ستين يوماً من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة، سواء تصدی للموضوع أو صدر باعتبار المعارضة الاستئنافية كأن لم تكن فإن كان المتهم قد أعلن بالحكم الجنائي الغيابي، فإن هذا الحكم يصبح باتاً لعدم رفع معارضة استئنافية خلال ستين يوماً من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة.
فإن كان الحكم صادراً من محكمة الجنح الجزئية، فيكون استئنافه في ظرف عشرة أيام من تاريخ النطق به، إن كان حضورياً، فإن كان غيابياً، فيبدأ ميعاد استئنافه من تاريخ إعلانه أو من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة سواء تصدى للموضوع أو قضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن، وذلك عملاً بالمادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية.
وبانقضاء ميعاد الاستئناف، دون رفعه ، يصبح الحكم باتاً، أما إن رفع الاستئناف، فإن الحكم يصبح باتاً على التفصيل المتقدم.
فإن طعن بالنقض في الحكم الاستئنافي فإنه يصبح باتاً بصدور حكم النقض برفض الطعن.
ويعتبر الحكم حضورياً ويبدأ ميعاد الطعن فيه اعتباراً من تاريخ صدوره وليس من تاريخ إعلانه، أياً ما كانت العقوبة المقضي بها.
إعتبار الحكم الحضوري الاعتباري حكماً غيابياً :
إذا قضت المحكمة الجنائية، سواء كانت هي محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية، حضورياً اعتبارياً بإدانة المتهم، فإن هذا الحكم يكون حكماً غيابياً في معنى المادة 172 من القانون المدني، وبالتالي يخضع لكل ما قررناه فيما تقدم بصدد الحكم الجنائي الغيابي، سواء باعتباره إجراء قاطعاً لتقادم الدعوى الجنائية يبدأ من تاريخ صدوره سريان تقادم جديد للدعوى الجنائية، وباكتمال مدة التقادم، يزول المانع من رفع دعوى التعويض وبالتالي يبدأ سريان تقادم تلك الدعوي، أما إذا أعلن حاز حجية الأمر المقضي.
مخالفة المحكمة للوقف التعليقي الوجوبي :
وقد لا يتحقق الوقف التعليقي الوجوبي إلا بصدور حكم من المحكمة، وحينئذ لا تترتب آثار الوقف إلا بصدور هذا الحكم، فإن لم يصدر وأغفلت المحكمة وقف الدعوى رغم وجوبه، فإن قضاءها لا يكون مشوباً بالبطلان وإنما بمخالفة القانون، ذلك لأن البطلان لا يتحقق إلا إذا صدر حكم بالوقف، إذ تعد الدعوى حينئذ في ركود ولا يجوز اتخاذ إجراء فيها إلا بعد تعجيل السير فيها وإلا كان باطلاً، وحينئذ تسرى القواعد التي قررناها بصدد بطلان الأحكام.
أما إذا تم تعجيل السير في الدعوى دون صدور حكم نهائي في المسألة الأولية التي كانت محلاً للوقف فإن الحكم الذي يصدر بعد ذلك في الموضوع يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون وليس مشوباً بالبطلان فقد صدر بعد السير في الدعوى، ومن ثم فإذا طعن في قضائها لمخالفته القانون وتجاوزها اختصاصها، تعين على محكمة الطعن أن تتدارك الخطأ الذي شاب الحكم المستأنف دون إعادة الدعوى لمحكمة الدرجة الأولى فقد استنفدت ولايتها، ودون القضاء بإلغاء الحكم المستأنف إلا بعد صدور الحكم في المسألة الأولية من المحكمة المختصة أن كان مؤداه يتعارض مع الحكم المستأنف، أما إذا انتفى هذا التعارض، تعين تأييد الحكم، فإن كان الحكم المستأنف صادر من محكمة جزئية في دعوى قسمة المال الشائع وأثير فيها نزاع يخرج عن اختصاصها القيمي ومع ذلك تصدت له وأجرت القسمة، وطعن في قضائها بالاستئناف أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية، تعين عليها أن تقضي بقبول الاستئناف شكلاً متى كان مستوفياً أوضاعه القانونية وبإلغاء الحكم المستأنف في الشق المتعلق بالنزاع الخارج عن اختصاص المحكمة الجزئية قيماً وإحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة وبوقف دعوى القسمة حتى يصدر حكم نهائي في هذا النزاع، وعلى هديه تقضي المحكمة الاستئنافية في شق الحكم المتعلق بالقسمة إما بالتأييد أو التعديل أو الإلغاء.
وإذا كانت هناك دعوى جنائية متعلقة بجريمة وكان الفصل فيها يقيد القاضي المدني عندما يفصل في الدعوى المدنية المطروحة عليه، واستمر في نظرها حتى أصدر الحكم، وطعن فيه بالاستئناف استناداً إلى أن المحكمة المدنية لم توقف الدعوى المدنية تعليقاً على صدور الحكم البات في الدعوى الجنائية، فإن المحكمة الاستئنافية تقضي بقبول الاستئناف شكلاً متى كان مستوفياً أوضاعه القانونية وبوقف الدعوى حتى صدور حكم بات في الدعوى الجنائية، وعلى هديه تقضي في الموضوع إما بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه وتلتزم ذلك إذا كان الحكم الجنائي قد صدر ولم يصبح باتاً بعد، أما إن كان قد أصبح باتاً، قضت في الموضوع على هدیه، إما بتأييد الحكم المستأنف أو بإلغائه.
ولما كان مناط وقف الدعوى المدنية حتى يفصل في الدعوى الجنائية هو استقرار نسبة الخطأ إلى المتهم أو نفيه عنه، وهو ما يتطلب صيرورة الحكم الجنائي باتاً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن أو كان قد استنفدها، ومن ثم لا يجوز للقاضي المدني أن يتصدى للدعوى المدنية إذا كان الحكم الجنائي قابلاً للطعن فيه سواء بالمعارضة أو الاستئناف أو النقض أو كان - قد صدر غيابياً في جناية لسقوطه واعتباره كأن لم يكن بقوة القانون فور القبض على المحكوم عليه حتى لو كان قد تضمن القضاء بالتعويض المدني الارتباط الشق المدني بالشق الجنائي وتبعيته له بحيث إذا سقط الشق الأخير تبعه في السقوط الشق الأول، وإن كان التعويض به مؤقتاً، امتنع رفع دعوى أمام المحكمة المدنية بتكملة التعويض وإلا قضت هذه المحكمة بوقفها تعليقاً على صدور حكم بات أو لحين سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة وفي الحالة الأخيرة يسترد القاضي المدني سلطته كاملة في الفصل في الدعوى المدنية كما لو لم توجد دعوى جنائية.
ولما كان الحكم الغيابي الصادر في جناية أو جنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة تقادم هذه الدعوى طبقاً للمادة (15)، (17) من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإنه إذا لم يعلن الحكم الصادر في الجنحة ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، وإذا لم يتم ضبط المحكوم عليه في الجناية، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم الدعوى المدنية مما يوجب رفعها خلال ثلاث سنوات من تاريخ زوال المانع، ومتى رفعت تصدى لها القاضي المدني متى قدمت له شهادة بعدم حصول طعن في الجنحة أو بعدم ضبط المحكوم عليه في الجناية ، ولما كان تقادم الدعوى الجنائية من النظام العام ويقع بقوة القانون دون حاجة إلى التمسك به، فإن القاضي المدني يكفيه للتصدي للدعوى المدنية أن يتحقق من انقضاء مدة التقادم دون انقطاع، وتظل سلطته مطلقة في ذلك حتى لو ضبط المحكوم عليه في الجناية أو عارض في الجنحة، فقد زالت الدعوى الجنائية بقوة القانون وزال بذلك القيد الذي كان يوجب على القاضي المدني وقف الدعوى المدنية.
فإن كانت الدعوى الجنائية مما يجوز إصدار أمر جنائي فيها، وصدر هذا الأمر، فإن القاضي المدني لا يتقيد به إلا بعد صيرورته نهائياً وباتاً، ولا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو كالحكم الغيابي لا يعدو إلا أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة تقادمها.
وإذا قضت محكمة الجنح ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية، واستأنف المدعي بالحق المدني الشق المتعلق بالدعوى المدنية بينما لم تستأنف النيابة الشق الجنائي فأصبح نهائياً، وقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وألزمت المتهم بدفع التعويض المؤقت، كأن للمدعي بالحق المدني رفع دعوى مدنية بتكملة التعويض استناداً للحكم الاستئنافي الذي أثبت توافر الخطأ ولا يكون للشق الجنائي حجية أمام القاضي المدني.
ولا يكفي لوقف الدعوى بسبب وجود دعوى جنائية التمسك بذلك، إنما يجب تقديم ما يدل على رفعها بالفعل بحيث إن لم يقدم هذا الدليل كان للمحكمة أن تستمر في نظر الدعوى المدنية دون أن تلتزم بالتحقق من وجود دعوى جنائية وإذا أصدرت حكماً وأصبح نهائياً كانت له حجيته حتى ولو صدر حكم في الدعوى الجنائية يتعارض معه باعتبار أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، لكن إن كان قد طعن فيه وقدم الدليل إلى المحكمة الاستئنافية تعين عليها التصدي له وفقاً لما تقدم.
التصدي للدعوى المدنية رغم عدم انقضاء الدعوى الجنائية :
المقرر أن الدعوى الجنائية توقف الدعوى المدنية، لكن إذا استمرت المحكمة المدنية في نظر الدعوى المدنية رغم رفع الدعوى الجنائية وأصدرت حكماً فيها، كان مشوباً بمخالفة القانون ويتعين الطعن فيه، فإن لم يطعن فيه وحاز قوة الأمر المقضي أعتبر صحيحاً منذ صدوره باعتباره عنواناً للحقيقة ولا يجوز إهدار حجيته بعد ذلك سواء بطريق الدفع أو الدعوي كما يمتنع الاشكال في تنفيذه لهذا السبب، وذلك في نطاق الادعاء المدني فقط، ولكنه لا يجوز تلك الحجية في الدعوى الجنائية وبالتالي يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضي في الدعوى الجنائية على خلاف قضائه، ولا تكون بذلك قد خالفت حجية حكم سابق حاز قوة الأمر المقضي.
الوقف التعليقي الجوازي :
أوضحنا فيما تقدم أن وقف الدعوى قد يكون وجوبياً بنص في القانون وحينئذ لا يكون للمحكمة أية سلطة تقديرية في القضاء به إنما يجب عليها وقف الدعوى فور توافر السبب الذي اعتد به النص. وقد ينص القانون على حالات معينة ويجيز للمحكمة عند توافرها أن تقضي بالوقف إذا رأت مبرراً لذلك، ويكون الوقف في هذه الحالات إعمالاً لنص في القانون.
وفي غير الحالات المتقدمة يجوز للمحكمة أن تقضي بوقف الدعوى کلما رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم وكانت خارجة عن اختصاصها الولائي أو النوعي، ويكون لها ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصم الذي يتمسك بتلك المسألة.
وإن جاء النص خلواً من الوقف، فلا تلتزم المحكمة بالوقف وإنما يجوز لها ذلك إذا توافرت شروط المادة (129)، فقد ترفع دعوى تعيين الحدود وفقاً للمادة (813) من القانون المدني وهي ما تختص به المحكمة الجزئية، وتثار فيها مسألة تتعلق بالملكية تختص بها المحكمة الابتدائية بحسب قيمتها، وحينئذ تقضى المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى برمتها وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة (43) من قانون المرافعات - ولا محل لوقف دعوى تعيين الحدود حتى يفصل في المسألة التي اعترضتها، ويجب على المحكمة الابتدائية أن تفصل في تلك المسألة المتعلقة بالملكية وعلى هدي ذلك تفصل في دعوى تعيين الحدود ويكون حكمها برمته خاضعاً للطعن وفقاً للقواعد العامة ونحيل للمادة (46) فيما يتعلق بهذه الإحالة.
فالوقف الوجوبي يتحقق عندما يتضمن النص ما يفيد وقف الدعوى، أما الوقف الجوازي فيتحقق في حالتين: الأولى عندما ينص القانون على جواز الوقف. والثانية عندما تتوافر شروط المادة (129) من قانون المرافعات.
ومتى تحقق موجب الوقف الوجوبي قضت المحكمة بالوقف دون حاجة بها إلى بحث شروط الوقف الجوازي لأن مناط هذا البحث عدم تحقق موجب الوقف الوجوبي وإلا كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ويبين من ذلك أن المحكمة لا تقضي بالوقف التعليقي في الحالة الأخيرة إلا إذا توافرت الشروط التالية :
شروط الوقف التعليقي الجوازي :
(1) إثارة مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً الحكم في الدعوى:
متى أثيرت هذه المسألة فإن المحكمة لا يمكنها إصدار حكم في الدعوى إلا على هدى ما استقرت عليه تلك المسألة وهو ما يوجب الفصل فيها قبل الفصل في الدعوى، وتقدير توافر هذا الشرط متروك لمطلق تقدير المحكمة بلا معقب عليها مادام تقديرها مبنياً على أسباب سائغة، وهي في سبيل هذا التقدير تبحث مدى الارتباط بين الدعوى والمسألة الأولية التي أثيرت أمامها، فإن توافر هذا الارتباط وكان من شأنه امتناع الفصل في الدعوى إلا بعد حسم المسألة الأولية، وخلصت المحكمة إلى ذلك، فإن تقديرها يكون سائغاً أما إذا أوقفت الدعوى لمجرد وجود ارتباط ولم يكن من شأنه أن يحول دون الفصل في تلك المسألة، فإن استخلاصها يكون غير سائغ باعتبار أن الفصل في المسألة التي أثيرت لم يكن لازماً للحكم في الدعوى.
وتقدير وجود الارتباط على نحو ما تقدم هو من مسائل القانون التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض، ولا تقضي المحكمة بوقف الدعوى إذا ما توافر الارتباط على نحو ما تقدم إلا بعد تصفية كل نزاع يدخل في اختصاصها يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى يتوقف الحكم فيها على الفصل فيه وليس لها أن توقف الدعوى حتى يفصل في ذلك بدعوى أخرى سواء كانت تلك الدعوى قد رفعت بالفعل أم لم ترفع أصلاً، ومتی قامت بهذه التصفية ولم يعترضها نزاع يخرج عن اختصاصها الولائي والنوعي، قضت في موضوع الدعوى، أما إذا اعترضها نزاع من هذا القبيل فلا شأن لها به أو تصفيته باعتبار ذلك تصدياً لمسألة أولية خارجة عن اختصاصها، مما يجيز لها أن توقف الدعوى تعليقاً على صدور حكم نهائي بتصفية تلك المسألة باعتبارها لازمة للحكم في الدعوى وتستوي في ذلك محاكم الدرجة الأولى والمحاكم الاستئنافية، فقد ترفع دعوى بطرد الغاصب من أرض زراعية وهو ما تختص به المحاكم وفقاً لقانون المرافعات، ويصدر الحكم بالطرد، وعند الطعن فيه يستند المستأنف إلى أنه يضع يده على تلك الأرض بموجب عقد إيجار شفوي، وبذلك يثير مسألة أولية يلزم الفصل فيها أولاً قبل الحكم في موضوع الاستئناف، وهي مسألة تخرج عن الاختصاص النوعي المقرر بقانون المرافعات، وينعقد الاختصاص بها للمحكمة الجزئية مما يوجب على المحكمة الاستئنافية القضاء بقبول الاستئناف شكلاً إذا كان قد استوفی أوضاعه المقررة ويوقف الاستئناف إلى أن يصدر حكم نهائي من المحكمة المختصة، متى اتضح للمحكمة الاستئنافية جدية هذا النزاع، أما إن تبين لها أن التمسك بهذا الدفاع لم يقصد منه إلا إطالة أمد التقاضي، طرحته بعد بيان الأسباب المؤدية إلى ذلك وقضت في الموضوع حتى لو كان المستأنف قد رفع الدعوى بالفعل أمام المحكمة الجزئية.
أما إذا أثيرت مسألة أمام المحكمة الاستئنافية مرتبطة بموضوع الاستئناف کوجه دفاع فيه ولم يكن الفصل فيها لازماً للحكم في هذا الموضوع، فليس للمحكمة أن توقف الاستئناف حتى لو كانت هذه المسألة قد رفعت بها دعوى أمام المحكمة الابتدائية، لأن الحكم الصادر من المحكمة الأخيرة لا يقيد المحكمة الاستئنافية، والعكس هو الصحيح بصيرورة الحكم الاستئنافي انتهائياً حائزاً قوة الأمر المقضي، ومع ذلك يجوز لها وقف الاستئناف لحسن سير العدالة حتى إذا صدر الحكم من المحكمة الابتدائية وطعن فيه ضم الاستئنافان للارتباط و ليصدر فيهما حكم واحد.
(2) أن تكون المحكمة غير مختصة بالمسألة الأولية ولائياً أو نوعياً :
مناط الحكم بوقف السير في الدعوى عند إثارة أحد الخصوم دفعاً أو تمسكه بدفاع يكون مرتبطاً بموضوع الدعوى ويلزم الفصل فيه حتى يمكن الحكم فيها، أن تكون المسألة التي يثيرها ذلك الدفع أو هذا الدفاع خارجة عن اختصاص المحكمة ولائياً أو نوعياً، لأن الأصل التزام المحكمة بالتصدي لأي دفع أو دفاع وتصفيته بالقبول أو الرفض طالما كانت مختصة به وفقاً لقواعد الاختصاص ولو بطريق التبعية للطلب الأصلي حتى لو لم تكن تختص به نوعياً في الأصل، فقد ترفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية ويقدم فيها طلب عارض يدخل في اختصاص محكمة المواد الجزئية ويكون الفصل فيه لازماً للحكم في الدعوى الأصلية، وحينئذ لا تقضي المحكمة الابتدائية بوقف الدعوى تعليقاً على الفصل في المسألة الأولية التي تضمنها الطلب العارض کدفاع في الدعوى، وإنما يتعين على المحكمة تصفية هذا النزاع لدخوله في اختصاصها باعتباره تابعاً للطلب الأصلي المطروح عليها عملاً بالفقرة الثالثة من المادة (47) من قانون المرافعات، وحينئذ تقضي في هذه المسألة وفي موضوع الدعوى بحكم واحد كلما أمكن ذلك.
أما إذا كانت المسألة التي يثيرها الدفع أو الدفاع خارجة عن اختصاص المحكمة الولائي أو النوعي، امتنع عليها التصدي لها بقصد الحكم فيها، إنما يكون لها بحث عناصر هذه المسألة بقصد تكييفها وبيان ما إذا كانت مما تختص به ولائياً أو نوعياً فتفصل فيها أم أنها خارجة عن نطاق هذا الاختصاص فتقضي بوقف الدعوى تعليقاً على الفصل في هذه المسألة، وهي بذلك تكون قد استعملت حقها في تصفية كل نزاع يثار أمامها. فقد ترفع أمام المحكمة المدنية دعوى تعويض عن أضرار ناتجة عن تنفيذ قرار صادر من جهة الإدارة، أو ترفع دعوى منع تعرض للمدعي في عين استولت عليها تلك الجهة بموجب هذا القرار بالرغم من وجود عقد إيجار بين المدعي وجهة الإدارة مما يجعل الاختصاص النوعي منعقداً للمحاكم المدنية بالمنازعات المترتبة على هذا العقد، وتتمسك جهة الإدارة بأن التصدي للنزاع يمس القرار الإداري بالتأويل أو الإلغاء وهو ما يخرج عن الاختصاص الولائي لهذه المحاكم وينعقد الاختصاص لمحكمة القضاء الإداري مما يتطلب وقف الدعوى المدنية حتى يفصل في صحة أو بطلان القرار الإداري، وأمام هذا الدفاع تقوم المحكمة بحث عناصره وفقاً لوقائع الدعوى ومستنداتها لتصفيته، وهي لا تقوم بذلك للفصل في تلك المسألة أو تأويلاً للقرار الإداري، وإنما لتستخلص توافر عناصر هذا القرار أو عدم توافرها، فإن تبين لها توافرها أوقفت الدعوى تعليقاً على صدور حكم من القضاء الإداري، أما إذا تبين لها عدم توافرها كان هذا القرار بمثابة عقبة مادية منطوياً على اعتداء على السلطة القضائية صاحبة الولاية العامة مما يوجب على المحكمة إهداره والحكم في موضوع الدعوى على هذا الأساس دون أن تأمر بوقفها، كما أن المحكمة لا تأمر بذلك إذا أبدی دفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى طالما رفضت هذا الدفع وكان هذا الرفض على سند صحيح من القانون كما هو الحال في المثال المتقدم ولا تلتزم المحكمة بوقف الدعوى إذا كانت مختصة بالمسألة الأولية حتى لو رفعت دعوى مستقلة بهذه المسألة، وضمت للدعوى الأولى، وحينئذ تقرر المحكمة التأجيل حتى تستكمل عناصر الدعويين معاً دون حاجة لوقف الدعوى الأولى، مثال ذلك أن ترفع دعوى ريع استناداً إلى الملكية، كما ترفع دعوى بالمنازعة في ملكية المدعى في دعوى الريع، وتأمر المحكمة بضم الدعويين وتندب خبيراً أو تحيل دعوى الملكية للتحقيق لإثبات ونفي عناصرها، فتظل دعوى الريع مؤجلة مع دعوى الملكية حتى تتم إجراءات الإثبات دون حاجة لوقفها، ثم يصدر حكم واحد في دعوى الملكية وفي دعوى الريع على هدي الدليل المستمد من إجراءات الإثبات، بحيث إذا قضى ملكية المدعى في دعوى الريع قضى له في ذات الحكم بالريع. وإذا قضى بأنه غير مالك رفضت دعوى الريع، ومثال ذلك أيضاً أن ترفع دعوى بالمطالبة بحصة أرباح في شركة، ويثار نزاع حول الحساب مما يتوقف عليه الحكم في دعوى المطالبة، وهو ما يوجب على المحكمة تصفية النزاع المتعلق بالحساب وعلى هدي ذلك تقضي في الدعوى.
(3) يجب أن تكون المنازعة جدية:
إذا أثيرت مسألة أولية تخرج عن اختصاص المحكمة الولائي أو النوعي، فإن المحكمة لا تقضي بوقف الدعوى إلا إذا تحققت من جدية المنازعة في هذه المسألة، أما إذا تبين لها عدم جديتها وأن الغرض من إثارتها لا سند له ویرمی إلى إطالة أمد التقاضي، رفضت طلب الوقف، ولا يتطلب ذلك أن تصدر حكماً مستقلاً بهذا الرفض وإنما تضمن حكمها المنهي للخصومة الأسباب التي استندت إليها في ذلك، سواء قضت بالرفض في الأسباب أو المنطوق، ومن ثم فإن رفض الوقف يجب أن يكون صريحاً فلا يصح أن يكون ضمنياً إذ لا يتطلب الرفض الضمني تسبباً وإنما يستدل عليه من طرحه دون الإشارة إليه والاستمرار في نظر الدعوى، فإن خالفت المحكمة ذلك وطرحت طلب الوقف دون الرد عليه بأسباب سائغة كان حكمها مشوباً بالقصور، ولها رفض الطلب بالحكم التمهيدي الذي تصدره قبل الحكم المنهي للخصومة.
ويكفي أن تقيم قضاءها بالرفض على قرينة مستمدة من وقائع الدعوى أو من مستنداتها، مثال ذلك أن يرفع أحد الورثة دعوى ضد المصفي للتركة فيدفعها الأخير بعدم القبول لرفعها من غير ذي صفة منكراً على المدعى صفته كوارث ويطلب وقف الدعوى حتى يستصدر المدعي حكماً باعتباره وارثاً، ويتبين للمحكمة عدم جدية هذا الدفع من واقع المستندات غير المجحودة المقدمة في الدعوى أو من سبق تعامل المصفي مع المدعى على أساس أنه وارث، وحينئذ تستند في قضائها برفض طلب الوقف إلى أي من هذه الأسباب وهي سائغة.
أما إن تبين للمحكمة جدية المنازعة وارتباطها بموضوع الدعوى وأن الفصل فيها يخرج عن اختصاصها الولائي أو النوعي رغم أن هذا الفصل ضروري للحكم في الدعوى. فإن شروط الوقف تكون قد توافرت، وحينئذ يجوز لها أن تقضي بوقفها حتى يتم الفصل في تلك المسألة بحكم نهائي أو بات بحسب الأحوال، وللمحكمة سلطة مطلقة في وقف الدعوى أو رفض وقفها باعتباره جوازاً ولا ينال من هذه السلطة التزامها تسبيب قضائها برفض طلب الوقف، ومتى كان سائغاً، فلا معقب عليها فيه، وإن كان مقتضى حسن سير العدالة قد يقتضي الوقف حتى لا تتناقض الأحكام خاصة إذا أبدى الطلب أمام محكمة الاستئناف لطرح نزاع مرتبط بموضوع الطعن على المحكمة الابتدائية مما يحول دون الضم. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثالث /الصفحة 359)
حذف المشرع في المادة 129 من القانون الجديد ما كانت تنص عليه المادة 293 من القانون القديم من أن الدعوى تستأنف سيرها بقوة القانون بمجرد زوال سبب الوقف، كما أنه في القانون الجديد ألقي على عاتق الخصوم تعجيل الدعوى بدلاً من قلم الكتاب كما كان نص القانون القديم .
1-هناك حالات أوجب القانون فيها بمقتضى - نص أو قاعدة مقررة - على المحكمة أن تأمر بوقف الدعوى إلي حين الفصل في مسألة متعلقة بالدعوى أو طارئة ومن هذه الحالات رد القضاة المنصوص عليها في المادة 162 من قانون المرافعات إذ يترتب على الرد وقف الدعوى الأصلية إلي أن يفصل في طلب الرد بحكم نهائي وكذلك يتعين وفقاً لنص المادة 456 إجراءات جنائية وقف السير في الدعوى المدنية عند رفع الدعوى الجنائية عن ذات الفعل حتى يقضي في الدعوى الجنائية.
2-يحدث أثناء نظر الدعوى أن يبدي أحد الخصوم دفعاً يثير موضوعاً لا تختص به المحكمة المعروض عليها النزاع اختصاصاً متعلقاً بالوظيفة أو اختصاصاً نوعياً ويكون الفصل في ذلك الدفع أمراً لازماً حتى تتمكن المحكمة من الحكم في الدعوى كما إذا أثير أمام المحكمة الجزئية نزاع حول ملكية العقار في دعوى قسمة أو دعوی تعيين حدود ذلك أنه من المقرر أن القاضي الجزئي يختص بدعوى القسمة ودعوى تعيين الحدود أياً كانت قيمتها إلا أنه إذا أثيرت منازعة في إحداها تخرج عن اختصاصه كما إذا كانت الحصص موضوع القسمة متنازع فيها وأن الفصل فيها من اختصاص المحكمة الابتدائية فإنه يتعين علي القاضي الجزئي في هذه الحالة أن يوقف دعوى القسمة ويحيل هذه المنازعة إلي المحكمة الابتدائية المختصة وفي هذه الحالة فإن الدعوى بشأنها تعتبر مرفوعة أمامه استثناء من المبدأ العام المقرر في المادة 93 دون ما حاجة لإتباع الطريق العادي الذي أوجبته هذه المادة.
فالقاعدة إذن أنه يجب على المحكمة أن تأمر بوقف الدعوى كلما تقدم أحد الخصوم بدفع يثير مسألة أولية يجب الفصل فيها أولاً لكي يمكن الحكم في الدعوى الأصلية بشرط أن تخرج هذه المسألة عن اختصاص المحكمة المتعلقة بالوظيفة النوعي أو القيمي غير أنه لا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى إذا كان من الممكن أن يؤخذ الحكم في المسألة الأولية من عناصر الدعوى نفسها لأن عليها أن تعرض لتصفية كل نزاع يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى يتوقف الحكم فيها على الفصل فيه، ويتعين أن يكون الفصل في المسألة الأخرى ضرورياً للفصل في الدعوى فلا يكفي وجود الارتباط كما يتعين أن يكون النزاع حول هذه المسألة يقوم على سند من الجد وتقدير جديته مسألة موضوعية تخضع لتقدير المحكمة وإذا قضت المحكمة برفض طلب الوقف فإن هذا الحكم لا يجوز الطعن فيه استقلالاً بل أن مجال الطعن فيه إنما يكون مع الحكم الصادر في الموضوع أما الحكم الصادر بالوقف فيجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بالمادة 212 مرافعات وهو حكم قطعي يحوز حجية الأمر المقضي فلا يجوز للمحكمة أن تنظر الدعوى حتى يقدم إليها الدليل علي الفصل في المسألة التي أوقفت الدعوى بسببها.
وإذا قضى في الدعوى بسقوط الخصومة أو بانقضائها بمضي المدة فإن أثر ذلك لا يمتد إلي حكم الوقف وذلك تطبيقاً لنص المادة 137 مرافعات من أن سقوط الخصومة لا يسقط الحق في الأحكام القطعية الصادرة فيها.
3-وإذا رفعت دعوى جنائية قبل الدعوى المدنية المرفوعة عن الفعل ذاته أو أثناء السير فيها فإنه يتعين علي المحكمة المدنية وقف السير في الدعوى المنظورة أمامها لحين الفصل في الدعوى الجنائية، وهذا الأمر متعلق بالنظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى كما يجوز التمسك به أمام محكمة النقض لأول مرة بشرط أن تكون عناصره مطروحة على المحكمة وأساس ذلك أن الدعوى الجنائية تمثل مانعاً قانونياً من متابعة السير في الدعوى المدنية التي يجمعهما أساس مشترك وذلك عملاً بالمواد 256 / 1 ، 456 إجراءات جنائية ، 102 من قانون الإثبات غير أنه يتعين على المحكمة المدنية في هذه الحالة أن تبين في حكم الوقف الأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وأن تفصح عن المصدر الذي استقت منه تحريك الدعوى الأخيرة بالفعل ( حكم النقض رقم 81).
وكانت محكمة النقض توجب على المحكمة المدنية أن توقف الدعوى المنظورة أمامها لحين الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية إلا أنها في أحدث حكم لها قضت بأنه يتعين على المحكمة المدنية أن توقف دعواها لحين صدور حكم بات في الدعوى الجنائية ( الحكم رقم 84).
وإذا ارتكب قائد سيارة فعلاً غير مشروع نتج عنه جنحة قتل خطأ أو إصابة خطأ، وكان هذا الفعل قد أحدث تلفاً بسيارة أخرى ورفعت الدعوى الجنائية علي قائد السيارة وفي الوقت ذاته أقام مالك السيارة التي أصابها التلف دعوى تعويض أمام المحكمة المدنية علي مالك السيارة التي ارتكب بها الحادث فإنه يتعين علي المحكمة المدنية أن تقضي بوقف دعوى التعويض حتى يقضي في الدعوى الجنائية باعتبار أن الخطأ مسألة مشتركة في الدعويين ولازماً للفصل في كليهما ( حكم النقض رقم 15 ) وهذا المبدأ يسري حتى ولو كانت الدعوى الجنائية مرفوعة علي التابع وكانت الدعوى المدنية مرفوعة على المتبوع لما هو مقرر في القانون المدني من أن الحكم على التابع حجة على المتبوع.
4 - نصت المادة 6 (أ) من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972 على أنه " إذا دفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى، وجب علي المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة وإن لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت في موضوع الدعوى " وتنص الفقرة الثانية على أنه " إذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها " وهذه المادة تختلف عن المادة 129 في أنها توجب على المحكمة عند القضاء بالوقف التعليقي أن تحدد للخصم ميعاداً يستصدر فيه الحكم النهائي من الجهة المختصة، وفي أنها لا تكفي للقول بتقصير هذا الخصم بمجرد مضى الميعاد الذي حددته دون استصدار الحكم النهائي بل تستلزم أن يكون ذلك راجعاً لتقصيره وفي أنها تجيز عند المخالفة الفصل في الدعوى بحالتها دون انتظار صدور ذلك الحكم بما يتيح للطرف الأخر تعجيل الدعوى بعد انتهاء مدة الوقف ويطلب الفصل فيها بحالتها لمضي الأجل دون صدور الحكم بتقصير من خصمه وهذا الجزاء وإن لم تنص عليه المادة 129 إلا أنه يتفق والقواعد العامة وكان الأستاذ كمال عبد العزيز يرى في طبعته السابقة عدم إتباع المادة 129 في الأمرين جميعاً بتقدير أن العمل بقانون السلطة القضائية تال للعمل بقانون المرافعات وبالتالي يتعين علي المحكمة عند القضاء بالوقف التعليقي أن تحدد للخصم ميعاداً يستصدر خلاله الحكم النهائي المطلوب بحيث يكون الطرف الأخر عند مضي هذا الأجل أن يعجل الدعوى ويطلب الحكم فيها بحالتها ( الطبعة الثانية ص 291) إلا أننا عارضنا هذا الرأي وقلنا أن لكل من المادتين مجالها بمعني أن المادة 16 من القانون 46 لسنة 1972 لا تنطبق إلا إذا كان النزاع الذي أثير أمام المحكمة تختص به جهة قضاء أخرى كما إذا كان النزاع مطروحاً علي جهة قضاء عادي أو دفع أمامها بدفع يدخل في اختصاص المحكمة الدستورية كعدم دستورية القانون المطبق أو دفع أمامها بدفع يدخل في اختصاص القضاء الإداري أما إذا كان النزاع الذي دفعت به الدعوى يدخل في اختصاص جهة القضاء التابعة لها المحكمة ولكنها من اختصاص محكمة أخرى كما إذا رفعت دعوى القسمة أمام محكمة جزئية وأثير فيها نزاع على الملكية وكانت قيمة الدعوى تزيد علي 10000 جنيه فإن نص المادة 129 مرافعات هو الذي يطبق وقد أخذت محكمة النقض بوجهة نظرنا.
ولم يورد الأستاذ كمال عبد العزيز في الطبعة الأخيرة هذا الرأي الذي كان قد اعتنقه مما يدل على أنه قد عدل عنه.
5-ويتعين مراعاة أن المحكمة الابتدائية هي المحكمة ذات الاختصاص العام وتختص بموضوع الدفع ولو كانت قيمته لا تزيد على 10000 جنيه مع مراعاة أحكام المادة 46 التي تجيز للمحكمة الجزئية إحالة الدعوى والطلب العارض إلى المحكمة الابتدائية.
6-وإذا لم تر المحكمة حاجة إلي وقف الدعوى فمن الواجب أن تبين عند الرفض أن الفصل في الدعوى الأصلية لا يقتضى هذا الوقف وإلا كان هناك قصور في تسبيب الحكم الصادر في الوقف. ( التعليق الدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 582).
7-إذا رأت المحكمة أن الفصل في الدعوى يتوقف على مسألة أولية ليست من اختصاصها ولائياً أو قيمياً أو نوعياً وقضت بوقف الدعوى مع تكليف الخصم باستصدار حكم بشأن هذه المسألة الأولية من المحكمة المختصة إلا أنه تخلف عن ذلك فإنه يتعين علي المحكمة أن تقضى في الدعوى بحالتها غير أنه لا يجوز لها أن تعتبر نكول الخصم عن رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة تسليماً منه بدفاع خصمه.
8-وفقاً للمادة 39 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعى 178 سنة 1952 المضافة بالقانون 67 سنة 1975 أصبح القاضي الجزئي وحده هو المختص بنظر جميع المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية بين مستأجر الأرض الزراعية ومالكها أياً كانت قيمة الدعوى واختصاصه في هذه الحالة استثنائي ونوعي من النظام العام فإذا رفعت دعوى طرد للغصب أمام المحكمة الابتدائية ودفع المدعى عليه بأنه يستأجر العين وتبين للمحكمة أن منازعته جدية فقد ذهبنا في الطبعة السابعة أن يتعين عليها في هذه الحالة أن توقف الدعوى وتكلف المدعى عليه بالالتجاء إلى القاضي الجزئي للحصول علي حكم بثبوت هذه العلاقة الإيجارية وأضفنا أنه من باب أولي يتعين علي المحكمة وقف دعوى الطرد للغصب إذا كانت دعوى ثبوت العلاقة الإيجارية منظورة أمام القاضي الجزئي إلا أن هذا الرأي يصطدم بالأحكام الحديثة التي رددتها محكمة النقض ومؤداها أنه متى كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالنظر في طلب ما فإن اختصاصها هذا يمتد إلي ما عساه أن يكون مرتبطاً به من طلبات أخرى ولو كانت مما يدخل في الاختصاص النوعي للقاضي الجزئي لذلك فقد عدلنا عن هذا الرأي في الطبعة الثامنة وينبني علي ذلك أنه إذا أثيرت أمام المحكمة الابتدائية منازعة زراعية مما يختص بها القاضي الجزئي وفقاً للمادة 39 مكرراً سالفة البيان فإن المحكمة الابتدائية لا توقف الدعوى وإنما تتصدى للفصل فيها باعتبار أن اختصاصها يمتد إلي الطلبات المرتبطة.
9-وإذا قضت محكمة أول درجة في شق من النزاع وكان هذا الحكم غير منه للخصومة فإنه لا يجوز استئنافه إلا مع الحكم المنهي للخصومة برمتها عملاً بالمادة 212 مرافعات، غير أنه إذا استأنفه الصادر ضده على خلاف ما يقضي به القانون فقد أصدرت محكمة النقض حكماً قضت فيه أنه لا يجوز للمحكمة الاستئنافية في هذه الحالة أن تقضي في الاستئناف بل يتعين عليها أن توقف السير فيه حتى صدور الحكم المنهي للخصومة برمتها أو بعد فوات ميعاد الاستئناف دون استئنافه ( الحكم رقم 28) وهذا الحكم في تقديرنا محل نظر ويفتقر إلي سنده القانوني لأنه لا يندرج تحت أية حالة من حالات الوقف التي نص عليها القانون .
10-وإذا رفعت دعويان أمام محكمتين مختلفتين كل منهما مختصة بنظر النزاع وتحققت فيهما وحدة الخصوم والموضوع والسبب فإنه لا يجوز الدفع أمام إحداهما بوقف الدعوى حتى يفصل في الثانية مادام أن كلا منهما مختصة بنظر النزاع ومثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى فيدفعها المدعي عليه بدفع أو دفاع موضوعي يكون موضوعاً لدعوى أخرى مستقلة منظورة كأن يرفع المؤجر دعوى يطالب فيها المستأجر بإخلاء العين المؤجرة تأسيساً على أن عقد إيجاره المفروش قد انتهى أجله فيدفع المستأجر بأن العين سلمت إليه خالية وأن ما ورد بالعقد المكتوب تحايل على القانون وفي الوقت نفسه يقيم دعوى أمام محكمة أخرى بثبوت العلاقة الإيجارية باعتبار أن استأجر العين خالية أو يقيم دعوى بثبوت العلاقة الإيجارية فيقيم المؤجر دعوى بالإخلاء أمام محكمة أخرى وفي هذه الحالة لا يجوز للمحكمة أن توقف إحدى الدعويين حتى يقضى في الأخرى ما دام أن كلا من المحكمتين مختصة بنظر الدعوى إلا أنه يجوز الدفع بإحالة الدعوى التي رفعت أخيراً لنظرها أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى في أول الأمر وينبغي على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بالإحالة عملاً بالمادة 112 مرافعات.
11-وفي حالة ما إذا دفع أحد الخصوم في الدعوى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل وتبين للمحكمة أن الحكم السابق وإن توافرت فيه شروط الحجية من اتحاد الخصوم والموضوع والسبب إلا أنه لم يكتسب بعد قوة الأمر المقضي كما إذا كان لم يصبح نهائياً فإنه يتعين عليها وقف الدعوى المنظورة حتى يصبح الحكم الصادر في الدعوى الأخرى نهائياً فإن خالفت ذلك وقضت في الدعوى كان حكمها مشوباً بالقصور جديراً بالنقض ( حكم النقض رقم 63).
12-ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بوقف الفصل في موضوع الدعوى لحين الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها هذا الفصل إلا بعد أن يتحقق لها أن الدعوى استقامت من حيث شكلها أما إذا تبين لها غير ذلك امتنع عليها أن تقضى بالوقف كما إذا كانت الخصومة لم تنعقد أصلاً لعدم إعلان المدعي عليه أو كانت منعدمة لرفعها على ميت لأن الحكم بالوقف في هذه الحالة هو بمثابة قضاء ضمني بصحة شكل الدعوى فإذا خالفت المحكمة ذلك وطعن عليه الخصم المتضرر منه بالاستئناف تعين على المحكمة الاستئنافية أن تبحث في انعقاد الخصومة أو عدمها ولها أن تقضي ببطلان حكم الوقف في حالة عدم انعقادها أو انعدامها.
13- وهناك حالة فريدة في نوعها إلا أنها على أية حال عرضت على المحاكم وملخصها أن الدعوى كانت معروضة على المحكمة الاستئنافية وطعن أحد الخصوم بالتزوير لأول مرة أمامها على سند مقدم في الدعوى واتخذ إجراءات دعوى التزوير الفرعية وتبين للمحكمة أن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في صحة السند أو تزويره إلا أنه أتضح لها من ناحية أخرى أن هناك أشخاص آخرون ممن يفيدون من المحرر ويتعين أن يكونوا ممثلين أثناء نظر تزويره، ونظراً لأنه لا يجوز اختصامهم لأول مرة أمامها فإن الحل الوحيد أمامها في هذه الحالة أن توقف الدعوى وأن تكلف الطاعن برفع دعوى تزوير أصلية لهذا المستند ومن الطبيعي أن يتسنى له في هذه الحالة أن يختصم أولئك الذين يفيدون من المحرر ولو يكونوا ممثلين في النزاع الأصلي.
وتظل الدعوى موقوفة حتى يفصل في دعوى التزوير الأصلية بحكم له قوة الأمر المقضى.
14- كان اختصاص المحاكم الشرعية والعملية بنظر دعاوى الأحوال الشخصية والوقف قبل العمل بالقانون 463 لسنة 1955 نوعي ومن النظام العام أما بعد العمل بهذا القانون فقد أصبحت هذه الدعاوى من اختصاص المحاكم الوطنية العادية فإذا عرضت على المحكمة الابتدائية دعوى أثير فيها نزاع يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية كما إذا نوزع في تحديد ورثة المورث فإنه يتعين على المحكمة الابتدائية أن تتصدي لبحث هذه المسألة وتقول كلمتها فيها ولا يقدح في ذلك أن هناك دوائر معينة مخصصة لنظر دعاوى الأحوال الشخصية لأن تحديد اختصاص هذه الدوائر يدخل في نطاق التنظيم الداخلي ولا يتعلق بالاختصاص النوعي.
أما إذا كانت المسألة الأولية قد أثيرت أمام المحكمة الجزئية وكانت غير مختصة بها كما في المثل السابق فإنه يتعين عليها إحالة الدعوى إلي المحكمة الابتدائية لتفصل في هذا النزاع جميعه عملاً بالمادة 46 مرافعات.
15- وإذا أوقفت المحكمة الدعوى إلي أن يفصل في مسألة أخرى بحكم نهائي ولم يقدم الخصم صاحب المصلحة ما يدل على رفع دعوى و صدور حكم نهائي فيها كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها.
16-وفي حالة ما إذا دفع أحد الخصوم بعدم دستورية القانون الذي يحكم النزاع طالباً وقف الدعوى حتى يرفع دعوى أمام المحكمة الدستورية المختصة وحدها بذلك وفقاً للمادة 375 من الدستور، 29 من القانون 48 لسنة 1979 فإنه يتعين لإجابته لطلبه أن يتضح للمحكمة أن طلب الوقف يتسم بالجدية ولا يكفي مجرد القول من طالبه بعدم دستورية القانون وهذا يقتضي أن يبين في طلبه سبب عدم الدستورية من وجهة نظره، وللمحكمة أن تستوضحه فيما غمض منه أو فيما يزيده جلاء ووضوحاً، فإذا تبين للمحكمة أن هذا الدفع يقوم على سند من الجد فإنها توقف الدعوى، أما إذا تبين لها أنه ظاهر الفساد فإنها تلتفت عنه وتستمر في نظر الدعوى، غير أنه يتعين عليها عندما تصدر حكماً في الدعوى أن تشير إلى هذا الطلب وسبب عدم إجابته دون أن تتعمق في بحث ما يدعيه الخصم من عدم الدستورية.
يجوز للمدعي الذي أوقفت دعواه المدنية حتى الفصل في الدعوى الجنائية أن يعلن خصمه بالحكم الجنائي الغيابي حتى ولو لم يكن قد ادعى مدنياً :
في حالة ما إذا قضت المحكمة بوقف الدعوى المدنية حتى يفصل في الدعوى الجنائية لأن العمل غير المشروع المنسوب للمتهم يكون الأساس المشترك الدعويين المدنية والجنائية فإنه يجوز للمدعي في الدعوى المدنية وهو المجني عليه في الدعوى الجنائية أن يعلن المتهم بالحكم الصادر في الدعوى الأخيرة حتى ولو لم يكن قد ادعى مدنياً وذلك حتى يتوصل إلى أن يصبح الحكم الجنائي نهائياً تمهيداً لأن تستأنف دعواه المدنية سيرها.
الحكم الصادر بوقف الدعوى وقفاً تعليقياً حكم قطعي :
من المقرر أنه إذا قضت المحكمة بوقف الدعوى المنظورة أمامها حتى يتم الفصل في دعوى أخرى فإن هذا الحكم قطعي فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه، فإذا أقيمت أمام المحكمة دعوى يطالب فيها المضرور بالتعويض عن حادث قتل أو إصابة خطأ فقضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يفصل في دعوى تقرير المسئولية التي أقيمت عن نفس الحادثة فإنه يمتنع على المحكمة معاودة نظر الدعوى الموقوفة قبل أن يثبت لها تنفيذ ما قضى به .
قضاء المحكمة الجزئية بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية من اختصاص المحكمة الابتدائية أو بإحالة الدعوى للمحكمة الابتدائية لاختصاصها قيمياً تكون له قوة الأمر المقضي :
من المقرر أنه إذا قضت المحكمة الجزئية بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية من اختصاص المحكمة الابتدائية كما لو رفعت دعوى ريع قيمتها أقل من عشرة آلاف جنيه أمام المحكمة الجزئية إلا أنه أثير فيها نزع جدي على الملكية وتبين لها أن قيمتها تزيد على عشرة ألاف جنيه وأمرت المحكمة بوقف دعوى الريع حتى يفصل في دعوى الملكية فإن هذا الحكم تكون له قوة الأمر المقضى ولا يجوز لها العدول عنه كذلك الشأن إذا رفعت دعوى أمام المحكمة الجزئية وتبين لها أنها من اختصاص المحكمة الابتدائية وأحالتها إليها فإن هذا الحكم تكون له حجية الأمر المقضي .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 364)
الوقف التعليقي:
قد ترفع الدعوى بطلب أو طلبات محددة، وقد يتوقف الفصل فيها لا على تحقيق وقائعها أو تحديد حكم القانون بالنسبة لها فقط، وإنما يتوقف قبل ذلك على الحكم بثبوت حق أو ادعاء معين، صادر من أحد الخصوم في الدعوى الأصلية وموجه إلى الخصم الأخر، ويكون هذا الحق أو الادعاء خارجاً بطبيعته أو بحكم القانون عن اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، ولكن يتوقف على الفصل فيه مصير الدعوى الأصلية (أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 501 ص 539)، وتسمى تلك المسألة التي يتوقف الحكم في الدعوى الأصلية على الفصل فيها بالمسألة الأولية، إذن يجب أن تعفي هذه المسألة أولاً حتى يتسنى الحكم في الدعوى الأصلية بعد ذلك على أساسها، ومعنى ذلك أن الحكم في القضية يصبح معلقاً عليها، فهي إذن مسألة مبدئية أو أساسية يجب البت فيها أولاً قبل الفصل في الدعوى، ومن هنا جاء وصف هذه المسألة بأنها مسألة أولية، ووصف الإيقاف في هذه الحالة بأنه تعليقي (عبد الباسط جمیعی مبادي المرافعات ص 314)
وقد نص المشرع في المادة 129 محل التعليق على الوقف التعليقي، ويتضح من نصها أنه يشترط لحصول الوقف التعلیقی توافر الشروط الآتية :
الشرط الأول: أن تثار مسالة أولية: إذ يجب حتى تقف الخصومة وقفاً تعليقياً أن تثار فيها مسألة أولية (نقض مدنى 1/ 11/ 1962 - مجموعة الأحكام السنة 13 ص 968، ونقض مدني 5/ 3/ 1968 مجموعة الأحكام، السنة 19 ص 510)، وهي تلك المسألة التي يتوقف على الحكم فيها الفصل في الخصومة الأصلية كما أسلفنا فالفصل في المسألة الأولية يعتبر إذن مفترضاً ضرورياً للفصل في الخصومة الأصلية (فتحي والي الوسيط بند 312 ص 655، محمود هاشم ج 2 بند 202 ص 322)، ولا يكفي للحكم بوقف الدعوى مجرد قیام ارتباط بين موضوعها والفصل في دعوى أخرى، طالما أن هذا الارتباط ليس من شأنه عدم إمكانية الفصل في الدعوى التي تنظرها المحكمة إلا إذا فصل في الدعوى الأخرى.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بوقف الدعوى في مرحلة الاستئناف، على قيام ارتباط موضوع الاستئناف والفصل في دعوى أخرى ارتباط لزوم، دون أن يعني بتمحيص وقائع هذا الارتباط أو تحقيق دفاع الطاعن (المدعي) بعدم دخول الأطيان التي يطلب تثبيت ملكيته لها ضمن الأراضي المتنازع عليها في الدعوى الأخرى، وبتمسكه بأن طلبه الحكم بملكية ما يدعيه بسبب مستقل آخر هو وضع اليد المدة الطويلة، لا يتوقف على وجه الفصل في الدعوى الأخرى، فإن الحكم بالوقف يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه (انظر حكمها الصادر في 1/ 11/ 1962 مشار إليه آنفاً سنة 13 ص 968).
ومن أمثلة ما يعتبر من قبيل المسائل الأولية، النزاع حول الملكية في دعوى القسمة، فالمحكمة المختصة بدعوى القسمة هي المحكمة الجزئية ولكن إذا تنازع الخصوم بمناسبة القسمة على الملكية، وكانت قيمة الأموال تزيد على نصاب اختصاص المحكمة الجزئية، فإنه ينبغي الفصل في النزاع على الملكية من المحكمة الكلية المختصة قبل إمكان الفصل في دعوى القسمة، من المحكمة الجزئية، ولذلك ينبغي وقف الخصومة في الدعوى القسمة حتى يفصل في الملكية من المحكمة المختصة (مادة 838 من القانون المدنى).
ومن أمثلة ذلك أيضاً النزاع حول دستورية القانون المراد تطبيقه في الخصومة الأصلية، وقد أجاز قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، في المادة 29 منه فقرة (أ) لای محكمة دون ما دفع أو طلب، إذا تراءى لها عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أن توقف الدعوى وتحيل الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية للفصل فى المسألة الدستورية.
كما تنص المادة 29/ ب من هذا القانون على أنه إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى، بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم نرفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن ومن أمثلة المسائل الأولية أيضاً النزاع بشأن النسب في دعوى النفقة ومن ذلك أيضاً أن تكون هناك دعوى جنائية، ثم تقام دعوى أمام المحكمة المدنية بطلب التعويض يتوقف الفصل فيها على الفصل في الدعوى الجنائية، فينبغي إيقاف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية ويعبر عن ذلك بأن الجنائي بوقف المدني (انظر حكم محكمة النقض الصادر في 2 / 12 / 1973 مجموعة الأحكام، السنة 24 ص 1206، وقد قضت المحكمة في هذا الحكم بأن مؤدى نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئولیتان جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية، سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها، يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وهذا الحكم متعلق بالنظام العام، ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية).
ومن أمثلة ذلك أيضاً حالة ما إذا ثار نزاع يتعلق بأمر إداري بمناسبة دعوى مدنية (نقض 17 / 4 / 1974 سنة 25 ص 698)، فإنه يجب على المحكمة المدنية إذا ما رأت أن الفصل في النزاع المدني يتوقف على الفصل في صحة الأمر الإداري مثلاً أن نوقف الخصومة في الدعوى المدنية حتى يستصدر ذو الشأن حكماً في المنازعة الإدارية من الجهة القضائية المختصة، وذلك إعمالاً للمادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، التي تنص على أنه «إذا رفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة .. بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى، وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل. في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة، فإن لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت في موضوع الدعوى، وإذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها.
وينبغي ملاحظة أن هذه المادة تختلف عن المادة 129 مرافعات السالفة الذكر، في أنها توجب على المحكمة عند القضاء بالوقف التعليقي أن تحدد للخصم ميعاداً يستصدر فيه الحكم النهائي من الجهة المختصة، كما تختلف عنها في أنها لا تكتفي للقول بتقصير هذا الخصم بمجرد مضى الميعاد الذي حددته دون استصدار الحكم النهائي، بل تستلزم أن يكون ذلك راجعاً لتقصيره، وفي أنها تجيز عند المخالفة الفصل في الدعوى بحالتها دون انتظار صدور ذلك الحكم بما يتيح للطرف الآخر تعجيل الدعوى بعد انتهاء مدة الوقف، ويطلب الفصل فيها بحالتها لمضی الأجل دون صدور الحكم بتقصير من خصمه، ولكن من الواضح أن هذا الجزاء وإن لم تنص عليه المادة 129 إلا أنه يتفق والقواعد العامة. (كمال عبدالعزيز تقنين المرافعات ص 291).
ونذهب مع جانب من الفقه إلى وجوب اتباع المادة 129 في الأمرين جميعاً على أساس أن العمل بقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1974 تال للعمل بقانون المرافعات، ومن ثم يتعين على المحكمة عند القضاء بالوقف التعليقي أن تحدد للخصم المعنى ميعاداً يستصدر خلاله الحكم النهائي المطلوب بحيث يكون للطرف الآخر عند مضى هذا الأجل أن يعجل الدعوى، ويطلب الحكم فيها بحالتها (كمال عبد العزيز ص 291، محمد إبراهيم الوجيز ص 795 وص 796).
الشرط الثاني : أن تخرج المسألة الأولية عن ولاية أو اختصاص المحكمة : لا شك أن المحكمة التي تنظر الطلبات الأصلية تختص بالفصل في طلب أو دفع يرتبط بها، ومع ذلك فإنه رغم وجود الارتباط بين الدعوى الأصلية والمنازعة الأخرى فإن المحكمة لا تفصل فيها إلا إذا كانت هذه المنازعة تندرج أصلاً في اختصاص المحكمة، ولذلك إذا كانت المسألة الأولية تخرج عن اختصاص المحكمة، وقررت المحكمة عدم إمكان الفصل في الدعوى الأصلية إلا بعد الفصل في هذه المسألة، فإنه يجب عليها أن تحكم بوقف الدعوى ولو من تلقاء نفسها، لحين الفصل في المسألة الأولية بمعرفة المحكمة المختصة. فشرط وقف الدعوى عندما تثار مسألة أولية أن تكون هذه المسألة من اختصاص محكمة أخرى غير المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، أما إذا كانت المسألة الأولية المثارة مما يدخل في اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، فإنه يجب عليها أن تفصل فيها، لكونها ملزمة بتصفية كل نزاع يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى يتوقف الحكم فيها على الفصل فيه، فليس لها أن توقف الدعوى حتى يفصل في ذلك النزاع في دعوى أخرى .
نقض 16/ 12/ 1954 سنة 6 ص 315، نقض 6/ 1/ 1949 منشور في مجموعة عمر ج 5 ص 696، نقض 6/ 3/ 1968 سنة 19 ص 522 ، نقض 30/ 3/ 1977 سنة 28 ص 840، نقض 21/ 6/ 1979 ، طعن رقم 243 لسنة 46 قضائية).
وتوضيحاً لذلك فإنه ينبغي التمييز بين ما يسمى بالمسائل الأولية العامة وبين المسائل الأولية الخاصة (انظر في ذلك : كورني وفوييه ص 136. ص 138، فیزیوز رقم 5 ص 187، وما بعدها، فنسان بند 319، وما بعده ص 312، وما بعدها، إبراهيم سعد الجزء الثاني بند 344 ص 116 ص 118)، ويقصد بالسائل الأولية العامة تلك المسائل التي تخرج من ولاية القضاء المدني لتدخل في ولاية القضاء الجنائي أو جهة قضائية أخرى مثل جهة القضاء الإداري أو المحاكم الخاصة، وهي تسمی مسائل أولية عامة لأنها تقيد كافة محاكم القضاء المدني مهما كان نوعها أو درجتها، بينما المسائل الأولية الخاصة يقصد، بها المسائل التي تخرج عن اختصاص محكمة من محاكم القضاء المدني التدخل في اختصاص محكمة أخرى تابعة لنفس جهة القضاء المدني.
وينتج عن هذا التميز أنه إذا أثيرت مسألة من المسائل الأولية العامة، فإنه يجب حتماً وقف الدعوى المدنية، وذلك إذا ما قدر القاضى ضرورة الفصل فيها قبل الفصل في الدعوى الأصلية، لأن هذه المسألة تخرج عن ولاية القضاء المدني، ومن ثم لا يجوز للقاضي المدني أن يتعرض لها ويفصل فيها، ومثال ذلك المسألة الأولية التي تدخل في ولاية القضاء الجنائي، فإنه ينبغي على المحكمة المدنية التي ترفع أمامها الدعوى أن توقف السير فيها حتى يفضل نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها (مادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية). ومثال ذلك أيضاً المسألة الأولية التي تدخل في ولاية جهة القضاء الإداري، ومن هذا القبيل أيضاً المسألة الأولية المتعلقة بدستورية القانون المراد تطبيقه في الدعوى الأصلية، فهذه المسألة تدخل في اختصاص المحكمة الدستورية العليا، وهي هيئة قضائية مستقلة عن القضاء المدني.
أما بالنسبة للمسائل الأولية الخاصة، فإن هذه المسائل تدخل في ولاية القضاء المدني، وإن كانت تخرج عن اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى، وينبغي التفرقة بين حالة ما إذا أثيرت هذه المسألة أمام المحكمة الابتدائية، وبين حالة ما إذا دفع بها أمام محكمة جزئية (إبراهيم سعد جزء ثان بند 344 ص 118)، فإذا أثيرت هذه المسألة أمام المحكمة الابتدائية، فإن هذه المحكمة تختص بنظرها رغم خروجها عن ولايتها أنها محكمة ذات اختصاص عام في النظام القضائي المدني، ولذلك لا تحكم المحكمة الابتدائية بوقف الدعوى، ولو كانت المسألة الأولية تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية أصلاً (نقض 16/ 3/ 1967 مجموعة الأحكام المكتب الفني السنة 18 ص 672)، بينما إذا أثيرت مسألة أولية أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة الجزئية، وكانت هذه المسالة تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية، فإنه يجب على المحكمة الجزئية وقف الدعوى إن قررت جدية المنازعة وضرورة الفصل فيها أولاً قبل الفصل في الدعوى الأصلية.
ويتضح من ذلك أن المحكمة الابتدائية لا تحكم بوقف الخصومة إلا إذا أثيرت أمامها مسألة أولية عامة، بينما تلتزم المحكمة الجزئية بعدم السير في الدعوى كلما عرض عليها مسالة أولية أياً كان نوعها، أي سواء كانت مسألة أولية عامة أو خاصة.
ويجب ملاحظة أن المحكمة الابتدائية هي المحكمة ذات الاختصاص العام وتختص بموضوع الدفع، ولو كانت قيمته لا تزيد على 5000 جنيه مع مراعاة أحكام المادة 46 التي تجيز للمحكمة الجزئية إحالة الدعوى والطلب العارض إلى المحكمة الابتدائية.
وإذا أثيرت أمام المحكمة الابتدائية منازعة زراعية مما يختص بها القاضي الجزئي وفقاً للمادة 39 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعى 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون 67 لسنة 1975، فإن المحكمة الابتدائية لا توقف الدعوى، وإنما تتصدى للفصل فيها باعتبار أن اختصاصها يمتد إلى الطلبات المرتبطة.
وإذا رفعت دعويان أمام محكمتين مختلفتين كل منهما مختصة بنظر النزاع وتحققت فيهما وحدة الخصوم والموضوع والسبب، فإنه لا يجوز الدفع أمام إحداهما بوقف الدعوى حتى يفصل في الثانية مادام أن كلا منهما مختصة بنظر النزاع، ومثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى فيدفعها المدعى عليه بدفع أو دفاع موضوعى يكون موضوعاً لدعوى أخرى مستقلة منظورة، كأن يرفع المؤجر دعوى يطالب فيها المستأجر بإخلاء العين المؤجرة تأسيساً على أن عقد إيجاره المفروش قد انتهى أجله فيدفع المستأجر بأن العين سلمت إليه خالية وإن ما ورد بالعقد المكتوب تحايل على القانون، وفي الوقت نفسه يقيم دعوى أمام محكمة أخرى بثبوت العلاقة الإيجارية باعتبار أنه استأجر العين خالية أو يقيم دعوى بثبوت العلاقة الإيجارية، فيقيم المؤجر بدوره دعوى بالإخلاء أمام محكمة أخرى، وفي هذه الحالة لا يجوز للمحكمة أن توقف إحدى الدعويين حتى يقضي في الأخرى مادام أن كلا من المحكمتين مختصة بنظر الدعوى إلا أنه يجوز الدفع بإحالة الدعوى التي رفعت أخيراً لنظرها أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى في أول الأمر وينبغي على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بالإحالة عملاً بالمادة 112 مرافعات، إذ لا يجوز الإحالة من محكمة الدرجة الأولى إلى محكمة الدرجة الثانية (الدناصوري و عکاز ص 728 و 729 ).
الشرط الثالث : أن تأمر المحكمة بوقف الخصومة الأصلية : لا يؤدي مجرد دفع الخصومة الأصلية بمسألة أولية تخرج عن اختصاص أو ولاية المحكمة التي تنظرها إلى الوقف بقوة القانون، بل يجب لكى يتحقق الوقف أن تأمر به المحكمة، وهو ما يخضع لتقديرها ويستثنى من ذلك الحالات التي ينص فيها القانون على وجوب الأمر بالوقف صراحة مثل وقف الدعوى المدنية بسبب رفع الدعوى الجنائية (مادة 265 إجراءات جنائية)، فالوقف في هذه الحالة يكون وجوبياً وهو متعلق بالنظام العام انظر حكم محكمة النقض الصادر في 26/ 12/ 1973 مجموعة الأحكام السنة 24 ص 1206)، حسبما تستبينه من جسدية المنازعة حول المسألة الأولية، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأن لمحكمة الموضوع إذا ما أثير أمامها نزاع في الملك وهي بصدد علاقة بين مؤجر ومستأجر سواء من المدعي أو من شخص خارج عن الخصومة ألا تعتد بهذا النزاع، وأن تمضي في نظر الدعوى متى استبان لها عدم الجد فيه (نقض مدني في 27/ 10/ 1955 مجموعة النقض في 25 سنة ص 631 قاعدة رقم 60، وأيضاً نقض مدني في 1/ 1/ 1959 مجموعة الأحكام السنة 10 ص 25).
كما قضت بأنه لا تثريب على المحكمة إن هي لم توقف دعوی حساب من ريع عين من الأعيان يدعى المدعى عليه أن العين ملكه وأنه لا وجه لإلزامه بتقديم الحساب متى كانت قد رأت بأسباب سائغة، أن الادعاء بالملكية على غير أساس، وأنه بذلك لا يصح أن يكون سبباً لوقف دعوى الحساب أو رفضها (نقض مدنى في 16/ 12/ 1953 مجموعة النقض في 25 سنة ص 631 قاعدة رقم 62).
كما قضت بأن لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت المنازعة في القسمة جدية ومؤثرة على الدعوى حتى توقف السير فيها أو أنها ليست كذلك فتطرحها جانباً وتسير فيها (نقض 31/ 5/ 1956 مجموعة الأحكام المكتب الفني السنة 7 ص 622).
كما قضت بأنه إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة رأت أن دعوى الحساب التي رفعها الطاعن على موروث المطعون عليها تخرج عن نطاق الدعوى الحالية مما لا محل معه لوقفيها حتى يفصل في تلك الدعوى، لأن سند مورث المطعون عليها في دعواه الحالية هو ما قام بدفعه عن الطاعن بصفته ضامناً متضامناً له في الديون المستحقة عليه للبنوك وهي أسباب سائغة تبرر رفض طلب الوقف، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بأن المحكمة لم توقف الدعوى الحالية حتى يتم الفصل في دعوى الحساب يكون في غير محله.
(نقض 4/ 2/ 1975 مجموعة الأحكام السنة 26 ص 323).
وقضت أيضاً بأن إقامة المدين التاجر دعوى مباشرة باتهام الدائن بالاعتماد على الإقراض بالربا الفاحش وطعنه بالتزوير على سند الدين لا محل لوقف دعوى الإفلاس لهذا السبب علة ذلك أن للمحكمة استخلاص مدى جدية المنازعة في الدين.
(نقض 25/ 12/ 1978 الطعن رقم 270 لسنة 45 قضائية).
وللمحكمة سلطة كاملة في تقدير جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها ولا تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، فإذا رأت عدم جدية المنازعة حول المسألة الأولية لا تحكم بالوقف، أما إذا رأت جدية المنازعة حول المسالة الأولية فإنها تحكم به، ويقتضي تقدير جدية المنازعة حتماً بحث أوجه المنازعة ووزن أسانيدها لا للفصل في موضوعها، وإنما للوصول إلى قرار بتأخير الفصل في الدعوى الأصلية أو الاستمرار في نظرها، إذ لا يصح تأخير الفصل في الدعوى الأصلية بإثارة منازعة أياً كان سببها أو دليلها أو الصورة التي اتخذت لإثارتها سواء أكان ذلك بطريق الدفع أو الدعوى (نقض مدنى 24/ 11/ 1955 مجموعة الأحكام السنة 6 ص 1527، وأيضاً نقض مدنى 20/ 6/ 1963 مجموعة أبو شادى ص 540)، فقد يكون الهدف من إثارة هذه المنازعة مجرد تأخير الفصل في الدعوى والكيد للخصم.
وإذا قضت المحكمة بالوقف فإن حكمها يعتبر حكماً قطعياً، فلا يجوز لها أن تعدل عنه مادامت ظروف الدعوى لم تتغير عما كانت عليه حين قضت بالوقف (نقض مدنى 22/ 6/ 1933 مجموعة النقض في 25 سنة ص 631 رقم 57)، فليس لها أن تعود إلى حكمها هذا بإلغائه وتفصل في الخصومة الأصلية قبل الفصل في المسألة الأولية، كما أن حكمها من ناحية أخرى يكون قطعيا في أن الفصل في المسألة الأولية إنما يخرج عن اختصاصها أو ولايتها، الأمر الذي تمتنع معه أن تعود لتفصل في هذه المسألة مرة أخرى.
(نقض 17/ 4/ 1974 مجموعة الأحكام السنة 25 ص 698).
ويلاحظ أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بوقف الفصل في موضوع الدعوى لحين الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها هذا الفصل إلا بعد أن يتحقق لها أن الدعوى استقامت من حيث شكلها، أما إذا تبين لها غير ذلك امتنع عليها أن تقضي بالوقف، كما إذا كانت الخصومة لم تنعقد أصلاً لعدم إعلان المدعى عليه أو كانت منعدمة لرفعها على ميت لأن الحكم بالوقف في هذه الحالة هو بمثابة قضاء ضمني بصحة شكل الدعوى، فإذا خالفت المحكمة ذلك، وطعن عليه الخصم المتضرر منه بالاستئناف تعين على المحكمة الاستئنافية أن تبحث في انعقاد الخصومة أو عدمها، ولها أن تقضي ببطلان حكم الوقف في حالة عدم انعقادها أو انعدامها (الدناصورى وعكاز ص 729).
وإذا أوقفت المحكمة الدعوى إلى أن يفصل في مسالة أخرى بحكم نهائي، ولم يقدم الخصم صاحب المصلحة ما يدل على رفع دعوى وصدور حكم نهائي فيها كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها.
وفي حالة ما إذا دفع أحد الخصوم بعدم دستورية القانون الذي يحكم النزاع طالباً وقف الدعوى حتى يرفع دعوى أمام المحكمة الدستورية المختصة وحدها بذلك وفقاً للمادة 375 من الدستور، والمادة 29 من القانون 48 لسنة 1979 المشار إليه آنفاً، فإنه يتعين أن يتضح للمحكمة أن طلب الوقف يتسم بالجدية ولا يكفي مجرد القول من طالبه بعدم دستورية القانون وهذا يقتضي أن يبين في طلبه سبب عدم الدستورية من وجهة نظره، وللمحكمة أن تستوضحه فيما غمض منه أو فيما يزيده جلاء ووضوحاً، فإذا تبين للمحكمة أن هذا الدفع يقوم على سند من الجد فإنها توقف الدعوى، أما إذا تبين لها أنه ظاهر الفساد فإنها تلتفت عنه ونستمر في نظر الدعوى غير أنه يتعين عليها عندما تصدر حكماً في الدعوى أن نشير إلى هذا الطلب وسبب عدم إجابته دون أن تتعمق في بحث ما يدعيه الخصم من عدم الدستورية (الدناصورى وعكاز ص 730)
وجدير بالذكر أنه إذا اشتملت الدعوى على عدة طلبات، وكان بعض هذه الطلبات يتوقف الحكم فيها على الفصل في المسألة الأولية، فإن الوقف يتم بالنسبة لهذه المسائل إذا كان الفصل فيها يخرج من اختصاصها وقد تستمر المحكمة في نظر الطلبات الأخرى إلا إذا كان هناك ارتباط وثيق بين مختلف الطلبات، مما يجعل من الصعب الفصل في بعضها دون الأخرى، فيجب عندئذ أن توقف الدعوى بأكملها (فزيوز رقم 5 ص 189، رقم 1245، إبراهيم نجيب سعد جزء ثان بند 344 ص 115).
وفي حالة ما إذا لم تر المحكمة حاجة إلى وقف الدعوى، فإنه يجب عليها عند رفض طلب الوقف أن تبين أن الفصل في الدعوى الأصلية لا يقتضى هذا الوقف.
وإلا كان هناك قصور في تسبب الحكم الصادر برفض طلب الوقف ( أحمد أبو الوفا - التعليق - جزء أول - ص 475، وانظر أمثلة لعدم جدية طلب الوقف: نقض مدنى 27/ 10/ 1955 مجموعة الأحكام السنة 6 ص 1397، ونقض مدني 24/ 11/ 1955 مجموعة الأحكام لسنة 6 ص 157، ونقض مدني 11/ 11/ 1965 مجموعة الأحكام السنة 16 ص 1009).
وللمحكمة أن تأمر بوقف الخصومة الأصلية من تلقاء نفسها، ولو بغير دفع من الخصم بالمسألة الأولية إذ نص المادة 129 قاطع الدلالة في ذلك فهي تنص على أن «للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت ......... ».
وليس للوقف مدة قصوى، فلم يحدد المشرع مدة معينة للوقف التعليقي، ولذلك تظل الخصومة في حالة ركود لحين زوال سبب الوقف وهو الفصل في المسألة الأولية من المحكمة المختصة، وبعد زوال هذا السبب يكون لأي من الخصوم تعجيل الخصومة وفقاً للمادة 129/ 2 محل التعليق ولا يجوز لهم التعجيل قبل ذلك، أما في حالة ما إذا كانت المحكمة المرفوع إليها الدعوى الأصلية، فقد حددت عند الأمر بالوقف ميعاداً للخصم لرفع الدعوى بالمسألة الأولية أمام المحكمة المختصة أو الجهة ذات الولاية إذا لم تكن الدعوى بها مرفوعة من قبل وقصر الخصم في ذلك، فإن للمحكمة أن تفصل في الدعوى الأصلية بحالتها أي دون نظر إلى موضوع المسألة الأولية (مادة 16 من قانون السلطة القضائية) لا على أساس أن إهمال الخصم يؤدي إلى اعتباره مسلماً بادعاء خصمه بالمسالة، كما ذهب إلى ذلك البعض أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 246 ص 274)، وإنما على أساس أن ذلك يعتبر جزاء يوقعه المشرع على الخصم المهمل (فتحى والي الوسيط بند 312 ص 657، نقض 17/ 4/ 1974 سنة 25 ص 698)، ويعتبر ذلك استثناء من قاعدة قطعية الحكم بالوقف بالنسبة لمسألة عدم جواز الفصل في الدعوى الأصلية قبل الفصل في المسألة الأولية، فقد أجاز المشرع الفصل في الخصومة الأصلية بحالتها بدون الفصل في المسألة الأولية رغم أن المحكمة قررت بحكمها القطعي بالوقف عدم صلاحية الخصومة للفصل فيها قبل الفصل في المسألة الأولية، وقد قصد المشرع من هذا الاستثناء ألا يؤدي تقصير الخصم المكلف برفع الدعوى بالمسألة الأولية إلى عدم زوال سبب الوقف، ولكن ذلك يعتبر على أية حال استثناء يجب عدم التوسع فيه، فيقتصر على حالة تقصير الخصم في استصدار حكم في المسألة الأولية وجدي راغب مبادئ الخصومة - ص 335 حاشية رقم 11، فتحی والی الوسيط بند 312 ص 358، محمود هاشم جزء ثان بند 202 ص 324 حاشية رقم 68)، وينبغى انحصاره في ذلك فحسب.
ونظراً لكون الحكم الصادر بالوقف حكماً قطعياً يحوز حجية الأمر المقضي التي تمنع المحكمة من نظر الدعوى دون أن يقدم لها الدليل على البت في المسألة التي أوقفت الدعوى لحين الفصل فيها كما أسلفنا فإنه ينتج عن ذلك أنه إذا ما حكم في الدعوى بسقوط الخصومة أو بانقضائها بمضي المدة، فإن أثر هذا الحكم لا يمتد إلى حكم الوقف، لما هو مقرر من أن الأحكام القطعية وما سبقها من إجراءات لا تسقط بسقوط الخصومة أو بانقضائها.
(نقض 24/ 2/ 1970 مجموعة أحكام النقض السنة 21 ص 312).
وينبغي ملاحظة دقة الآثار التي تترتب على ذلك، إذ في الوقت الذي يقضي فيه بسقوط الخصومة أو انقضائها بما يفيد بالضرورة عدم إمكان العودة إلى المحكمة من خلالها، فإن حكم الوقف التعليقي يبقى قائماً بما يخول صاحب الشأن عند صدور الحكم النهائي في المسألة المعلق عليها تعجيل الدعوى لتستأنف سيرها إعمالاً لحجية هذا الحكم ومن ناحية أخرى فإنه بينما يكون مفاد الحكم بسقوط الخصومة، وانقضائها في الاستئناف صيرورة حكم محكمة أول درجة نهائياً، فإن بقاء حكم الوقف التعليقي وما سبقه من إجراءات وفيها صحيفة الاستئناف يعني قيام الطعن في حكم أول درجة وعدم الفصل فيه وتعليق هذا الفصل على المسألة الأخرى، وهذا يعني عدم صيرورة حكم أول درجة نهائياً (محمد كمال عبد العزيز - تقنين المرافعات ص 292).
ويلاحظ أن الحكم بوقف الدعوى حكم قطعی فرعي، فيجوز استئنافه على استقلال عملاً بالمادة 212 مرافعات (نقض 20/ 3/ 1986 ، طعن 1632، سنة 52 قضائية سنة 37 ص 343)، وهو ينطوي على قضاء ضمني بصحة شكل الخصومة، فيجوز في استئنافه النعي عليه فيما قضى به في شكل الدعوى کصدوره في خصومة منعدمة.
(نقض 20 / 3/ 1986، طعن 1632 سنة 52 قضائية سنة 37، ص 343، 17/ 1/ 1974 سنة 25 ص 698 ، كمال عبد العزيز ص 802) .
وتعجيل الدعوى من الوقف لا يتم إلا بإجراءين، أولهما : تحديد جلسة لنظرها، وثانيهما: إعلان الخصم بهذه الجلسة قبل انقضاء سنة من تاريخ صدور الحكم النهائي في المسالة التي أوقفت الدعوى إلى حين الفصل فيها، ولا عبرة بتاريخ إيداع صحيفة التعجيل قلم الكتاب، وإنما يتعين أن يتم إعلانها إعلاناً صحيحاً خلال الميعاد.
(نقض 27/ 3/ 1989، طعن 2075 - 2212 سنة 53 قضائية).
وقد ذهب رأى إلى جواز العدول عن حكم الوقف أي قبول التعجيل متى كان التعليق على الفصل من جهة تبين أنها لا وجود لها (محمد وعبدالوهاب العشماوي - هامش ص 384).
وتترتب على الوقف التعليقي ذات آثار الوقف الاتفاقي مع وقف جميع المواعيد الإجرائية ولو كانت حتمية، إذ يعتبر عذراً مانعاً من مباشرة خصومة الدعوى بما مؤداه وقف تقادم الخصومة بمضي المدة وفقاً للمادة 140 مرافعات.
(نقض 17/ 5/ 1984، طعن 1921 سنة 50 قضائية . سنة 35 ص 1347).
ولا تحتسب مدة الوقف التعليقي في مدة سقوط الخصومة المنصوص عليها في المادة 134 مرافعات (نقض 6/ 3/ 1986 ، طعن 320 سنة 51 قضائية) ، كما لا تحتسب تلك المدة في مدة انقضاء الخصومة المنصوص عليها في المادة 140 مرافعات (نقض 17/ 5/ 1984 ، طعن 1821 سنة 50 قضائية سنة 35 ص 1347)، وفي ذلك تقول محكمة النقض انقضاء الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها طبقاً للمادة 140 مرافعات هو تقادم مسقط، وبالتالى يرد عليه أسباب الوقف والانقطاع وتعليق أمر الفصل في الدعوى حتى تحسم مسألة أخرى، والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب من شأنه وقف سريان مدة انقضاء الخصومة حتى زوال السبب الذي من أجله وقف نظر الدعوى.
(نقض 16/ 5/ 1985، طعن 993 سنة 51 قضائية، وحكم الهيئة العامة الصادر بجلسة 12/ 3/ 1988 ، طعن 960 سنة 56 قضائية . سنة 35 ص 26).
وقف الخصومة بقوة القانون : بمناسبة حديثنا عن الوقف فإننا سوف نوضح هنا نوعاً آخر منه وهو وقف الخصومة بقوة القانون، إذ بنص القانون في بعض الأحوال على وقف الخصومة إذا قام سبب من الأسباب التي ينص عليها، وفي هذه الأحوال يتحقق الوقف بمجرد توافر سببه دون حاجة إلى حكم أو قرار به من المحكمة.
ومن الناحية العملية يحدث إذا قام سبب من أسباب الوقف التي نص عليها القانون أن تقرر الحكمة وقف الخصومة، ويكون حكمها في هذه الحالة كاشفاً ومقرراً لواقع ثم بحكم القانون، وليس منشئاً له، إذ ليس للمحكمة أية سلطة تقديرية بشأن هذا الوقف (رمزى سيف بند 448 ص 565، أحمد مسلم بند 501 ص 540، فتحی والی بند 312 ص 653)، ولذلك يبدأ الوقف منذ تحقق سببه، وليس منذ قرار المحكمة به، فالخصومة تعتبر موقوفة لا من يوم الحكم بالوقف، وإنما من يوم قیام السبب الواقف لسير الخصومة بقوة القانون.
ومن أمثلة هذا الوقف ما تنص عليه المادة 162 من قانون المرافعات من أنه يترتب على تقديم طلب رد القاضي عن نظر الدعوى وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه، ومع ذلك يجوز لرئيس المحكمة ندب قاض بدلاً ممن طلب رده.
ويلاحظ أن المشرع قد أورد تحفظاً في نص المادة 162 مرافعات بمقتضاه يجوز لرئيس المحكمة ندب قاض أخر بدلاً من القاضي المطلوب رده، وذلك حتى لا يتحايل الخصم لتأخير الفصل في الدعوى إضراراً بخصمه عن طريق تقديم طلب الرد، وفي هذه الحالة يزول الوقف قبل الفصل في طلب الرد نهائياً.
ومن أمثلة وقف الخصومة بقوة القانون أيضاً، ما تنص عليه المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، بأنه لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى في حالة ما إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث ، الصفحة : 228)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العاشر ، الصفحة / 32
التَّعْلِيقُ:
التَّعْلِيقُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ - كَمَا قَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ -: رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى.
وَفَسَّرَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّهُ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ سَيُوجَدُ، بِإِنْ أَوْ إِحْدَى أَدَوَاتِ الشَّرْطِ الأُْخْرَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ: أَنَّ التَّأْقِيتَ تَثْبُتُ فِيهِ التَّصَرُّفَاتُ فِي الْحَالِ، فَلاَ يَمْنَعُ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ، بِخِلاَفِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْمُعَلَّقَ عَنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحُكْمِ فِي الْحَالِ. ر: (تَعْلِيقٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني عشر ، الصفحة / 298
تَعْلِيقٌ
التَّعْرِيفُ :
التَّعْلِيقُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَلَّقَ، يُقَالُ: عَلَّقَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ، وَمِنْهُ، وَعَلَيْهِ تَعْلِيقًا: نَاطَهُ بِهِ وَالتَّعْلِيقُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى. وَيُسَمَّى يَمِينًا مَجَازًا، لأِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ كَالْيَمِينِ وَالتَّعْلِيقُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ: حَذْفُ رَاوٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنِ ابْتِدَاءِ السَّنَدِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).