1 ـ البطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام المادة 133 من قانون المرافعات فيما أوجبه من إعلان تعجيل الخصومة بعد انقطاعها لجميع ورثة المتوفى حتى تستأنف سيرها, هو بطلان نسبي لا يجوز لغير من شرع الانقطاع لحمايته - وهم الورثة - التمسك به.
(الطعن رقم 4194 لسنة 61 جلسة 1998/01/10 س 49 ع 1 ص 75 ق 16)
(الطعن رقم 89 لسنة 41 جلسة 1976/06/09 س 27 ع 1 ص 1307 ق 249)
2 ـ مفاد النص فى المواد 130 ، 132 ، 133 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أنه يترتب على قيام سب إنقطاع سير الخصومة بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهليته أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من الغائبين انقطاع الخصومة بقوة القانون إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم فى موضوعها ودون حاجة الى صدور حكم بذلك فيقف سيرها عند آخر إجراء صحيح سابق على حدوث سبب الانقطاع وتقف جميع المواعيد والإجراءات ولا تستأنف الدعوى أو الاستئناف سيرهما على نحو صحيح الا بعد تعجيل السير فيها وفقاً للمادة 133 مرافعات بإعلان صحيفة التعجيل إلى ورثة المتوفى أو من يقوم مقام تغيرت أهليته أو تغيرت صفته أو بحضورهم ويترتب على ذلك أن كافة ما يتخذ خلال مدة الانقطاع أى خلال المدة من تاريخ تحقق سبب الانقطاع حتى تاريخ موالاة السير فيها ومنها ما يكون قد صدر فيها من أحكام يقع كله باطلاً بطلاناً نسبياً مقرر لمصلحة من حل محل من قام فيه سبب الانقطاع وذلك حتى لا تتخذ هذه الإجراءات دون علمهم ويصدر الحكم فى الدعوى فى غفلة منهم .
(الطعن رقم 2286 لسنة 63 جلسة 1997/03/06 س 48 ع 1 ص 444 ق 85)
3 ـ المقرر وفقاً لنص المادة 133 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إنقطاع سير الخصومة لا يؤثر فى أى إجراء من إجراءاتها التى تمت و تعتبر الإجراءات التى تحصل بعد تعجيل السير فيها مكملة للإجراءات السابقة و أن الدعوى تستأنف سيرها بعد الإنقطاع بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام من زالت دون حاجة إلى إعادة الإعلان لأن الخصومة متى إستأنفت سيرها تعود إلى الحالة التى كانت عليها عند وقوفها وقت حدوث سبب الإنقطاع .
(الطعن رقم 806 لسنة 57 جلسة 1989/06/08 س 40 ع 2 ص 562 ق 254)
4 ـ مؤدى نص المادة 117 من قانون المرافعات أن للخصم أن يدخل فى الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها على أن يكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة مع مراعاة حكم المادة 66 و هو ما يستلزم ضرورة إيداع صحيفة الادخال قلم كتاب المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى المراد إدخال الخصم فيها ثم قيام قلم المحضرين بإعلانها بعد ذلك ، بحيث إذا لم يتم ذلك كان إجراء الإدخال باطلا لا يرتب أثراً لمخالفته أوضاع التقاضى الأساسية ، و فى هذا تختلف إجراءات إدخال خصم جديد فى الدعوى عن إجراءات تصحيح شكل الدعوى الوارده أحكامها فى المادة 133 من قانون المرافعات و التى تفترض قيام خصومة صحيحة بين الخصوم الحقيقيين ذوى الصفة ثم حدوث سبب من أسباب الانقطاع الوارده فى المادة 130 من قانون المرافعات بما يستلزم تصحيح شكلها على النحو الوارد فى المادة 133 من قانون المرافعات آنفة الذكر .
(الطعن رقم 950 لسنة 53 جلسة 1988/02/28 س 39 ع 1 ص 332 ق 67)
5 ـ قرر وفقاً لنص المادة 133 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء النقض - أن إنقطاع سير الخصومة لا يؤثر فى أى إجراء من إجراءاتها السابقة و أن الدعوى تستأنف سيرها بعد الانقطاع بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام من زالت صفته .
(الطعن رقم 2036 لسنة 50 جلسة 1985/02/05 س 36 ع 1 ص 210 ق 49)
6 ـ النص فى المادة 133 من قانون المرافعات السابق - المنطبق على إجراءات الدعوى - إذ نصت على وجوب إبداء الدفع بعدم الإختصاص المحلى قبل الدفع ببطلان ورقة التكليف بالحضور و قبل إبداء أى طلب أو دفاع فى الدعوى و إلا سقط الحق فيه فقد دلت على أن هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام و إنما يتعين التمسك به قبل غيره من الدفوع و قبل التكلم فى موضوع الدعوى و إلا سقط الحق فيه كما يجوز النزول عن التمسك به صراحة أو ضمناً . لما كان ذلك و كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن ساق فى صحيفة تظلمه من أمر الحجز أسباباً من بينها الدفع بعدم إختصاص محكمة القاهرة الإبتدائية محلياً بإصدار أمر الحجز ثم تقرر فى حضوره إحالة التظلم إلى الدائرة الذى تنظر أمامها الدعوى الموضوعية فقررت بجلسة تالية ضم الدعويين للإرتباط و فى جلسة أخرى دفع الطاعن ببطلان إجراءات الحجز لعدم إعلانه به إعلاناً "و كان الحكم المطعون فيه قد إعتبر إبداء هذا الدفع دفاعاً موضوعياً ينطوى على نزول الطاعن عن التمسك بالدفع بعدم الإختصاص المحلى الذى أورده بصحيفة التظلم و كان هذا الإستخلاص سائغاً و له أصله الثابت فى أوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بهذا السبب من تناقض و مخالفة الثابت بالأوراق و فساد فى الإستدلال يكون على غير أساس .
د(الطعن رقم 443 لسنة 45 جلسة 1984/02/27 س 35 ع 1 ص 551 ق 105)
7 ـ البطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام المادة 133 من قانون المرافعات فيما أوجبته من إعلان تعجيل الخصومة بعد إنقطاعها حتى تستأنف الدعوى سيرها - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو بطلان نسبى قرره القانون لمن شرع الانقطاع لحمايتهم و هم فى الطعن الماثل ورثة المتوفى الذين لم يختصموا عند تعجيل السير فى الإستئناف بعد الإنقطاع فلهؤلاء وحدهم التمسك بهذا البطلان و إذ كان قد قضى و على ما سلف بيانه بعدم قبول الطعن المقام منهم فإنه لا يجوز لباقى الطاعنين و قد تم إعلانهم بتعجيل السير فى الإستئناف أن يتمسكوا بهذا البطلان .
(الطعن رقم 108 لسنة 52 جلسة 1983/04/28 س 34 ع 1 ص 1073 ق 216)
8 ـ القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية نص فى مادته الأولى على أن تكون لهذه الهيئة شخصية اعتبارية و أسند إليها فى المادتين الثانية و الخامسة تولى إدارة أموال الأوقاف و إستثمارها و التصرف فيها ، و استناداً إلى هذا القانون قضت محكمة الاستئناف بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة وزير الأوقاف فى تمثيل جهات الوقف و إذ كان الثابت أن الخصومة إستأنفت سيرها بصحيفة تعجيل وجهها الطاعنون إلى المطعون ضده الأول و مدير هيئة الأوقاف المصرية فسلمت صورة الإعلان لإدارة قضايا الحكومة و أبانوا فى هذه الصحيفة أن هيئة الأوقاف المصرية هى التى حلت محل وزير الأوقاف فى اختصاصاته و فى تمثيل جهة الوقف محل التداعى ، و كان من المقرر على ما تقضى به المادة 133 من قانون المرافعات أن الخصومة تستأنف سيرها بتكليف بالحضور يعلن إلى من قام مقام الخصم الذى تحقق فيه سبب الإنقطاع ، فإن فى هذه الصحيفة المعلنة مما يكفى للإفصاح عن أن هيئة الأوقاف ذات الشخصية الاعتبارية هى الآصلية المقصودة بذاتها فى تعجيل سير الخصومة بإعتبارها الجهة التى عينها القانون لتقوم مقام وزير الأوقاف الذى زالت صفته فى النيابة عن جهات الوقف فيكون هذا الإعلان عملاً إجرائياً صحيحاً منتجاً لآثاره قبل هيئة الأوقاف ، و لا يؤثر فى سلامة هذا الإجراء ما ورد بالإعلان من عيب فى ذكر أن مدير الهيئة هو ممثلها فى التقاضى طبقاً لنص المادة التاسعة من القرار الجمهورى رقم 1141 لسنة 1972 إلا أن للهيئة مدير و هو عضو بالمجلس المشكل لإدارتها على ما جاء بنص المادة الثانية من هذا القرار ، الأمر الذى يكون معه العيب لذى شاب الإعلان فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون خطأ فى بيان شخص الممثل الذى عينه القانون لتمثيل الهيئة ليس من شأنه التجهيل بأن هيئة ذاتها كشخص إعتبارى هى المعنية بتعجيل سير الخصومة و أنها صاحبة الصفة فى الإختصام بديلاً عن وزير الأوقاف الذى زالت عنه الصفة فى النيابة عن جهة الوقف . لما كان ذلك كذلك ، و كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر إذا لم يعتد بإعلان صحيفة تعجيل سير الخصومة كإجراء يمتنع معه سقوط الخصومة قبل الهيئة المطعون ضدها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 527 لسنة 46 جلسة 1980/06/19 س 31 ع 2 ص 1782 ق 332)
9 ـ المقرر - وفقاً للمادة 133 من قانون المرافعات - أن الدعوى تستأنف سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته بناء على طلب الطرف الآخر أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك ، و لا يؤثر فى صحة الإعلان عدم نظر الدعوى فى الجلسة المحددة ، و توقيع الجزاء بسقوط الخصومة مناطه عدم السير فى الدعوى بفعل المدعى أو إمتناعه مدة سنة من تاريخ آخر إجراء صحيح فيها ، إذ أن سقوط الخصومة جزاء فرضه المشرع على المدعى الذى يتسبب فى عدم السير فى الدعوى بفعله أو إمتناعه إذا طلب صاحب المصلحة ذلك .
(الطعن رقم 600 لسنة 49 جلسة 1980/04/03 س 31 ع 1 ص 1027 ق 200)
10 ـ حددت المادة 87 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بشأن المحاماة نطاق تطبيقها بصحف الإستئناف و الدعاوى و أوامر الآداء و من ثم فلا يسوغ تجاوز هذا النطاق إلى غير ذلك من إجراءات المرافعات للقول بالبطلان فى حالة عدم توقيع المحامى عليها و من ثم فإنه لا يترتب البطلان على عدم توقيع هذه الأوراق الأخرى من أحد المحامين ، كما أنه من المقرر فى قضاء النقض أن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 87 من قانون المحاماه سالف الذكر أن المشرع قصد من إشتراط توقيع المحامى على صحف الدعاوى رعاية الصالح العام و تحقيق الصالح الخاص فى ذات الوقت لأن إشراف المحامى على تحرير صحف الإستئناف و الدعاوى و العقود ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون فى تحرير الأوراق و بذلك تنقطع المنازعات التى كثيراً ما تنشب بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية بما تعود بالضرر من ذوى الشأن ، لما كان ذلك و كانت المادة 133 مرافعات تنص على أن تستأنف الدعوى سيرها بعد الإنقطاع أو الوقف بصحيفة تعلن لذوى الشأن ، فإن مؤدى هذه النصوص جميعها أنه ليس فى القانون ما يستلزم توقيع أحد المحامين على صحيفة تجديد السير فى الدعوى بعد القضاء بإنقطاع سير الخصومة فيها أو وقفها أو تجديدها بعد النقض لأول مرة ، و ذلك لإنتفاء العلة التى أجلها إشترط المشرع توقيع المحامى فى الحالات المشار إليها فيما تقدم .
(الطعن رقم 2420 لسنة 52 جلسة 1983/06/30 س 34 ع 2 ص 1514 ق 295)
تعجيل نظر الدعوى :
قد يرد على نظر الدعوى عارض من العوارض كأن يتم شطبها أو يوقف أو ينقطع سير الخصومة فيها . وعندئذ يلزم تعجيل نظر الدعوى خلال الميعاد الذي يحدده القانون ، على النحو الذي ندرسه تفصيلاً بالنسبة لكل حالة على حدة .
ويتم التعجيل بإعلان الطرف الآخر بنظر الدعوى وفقاً لقواعد إعلان أوراق المحضرين ، ولا يلزم قيد صحيفة التعجيل في قلم كتاب المحكمة ولا يجب إعادة إعلان التعجيل . ويضاف إلى الميعاد المحدد قانون لإعلان صحيفة التعجيل ميعاد مسافة بين مقر المحكمة التي قدمت إليها الصحيفة ومحل من يراد إعلانه بها ، وذلك دون النظر إلى موطن طالب الإعلان .
والأصل أن يرتب التعجيل أثره بالنسبة للدعوى التي يتعلق بها ، على أنه إذا تقرر ضم دعويين لوحدة موضوع الطلب بينهما ، فإنهما يعتبران دعوی واحدة فتفقد كل منهما ذاتيتها وإستقلالها عن الأخرى ، ولهذا يرد عليها ما يلحق الأخرى من عارض . وإذا عجلت إحداهما ، فإنه يترتب عليه بقوة القانون موالاة السير في الدعوى الأخرى ولو إقتصرت صحيفة التعجيل على إحداهما فقط ، وذلك حتى يتسنى نظرهما معاً والفصل فيهما بحكم واحد منعا لتناقض الأحكام في النزاع الواحد.
إنقطاع الخصومة
تعريف الانقطاع :
تأكيداً لمبدأ المواجهة بين الخصوم ، إذا حدثت - بعد بدء الخصومة - واقعة من شأنها منع مشاركة الخصم في الدفاع عن مصالحه ، فإن الخصومة تقف بقوة القانون حتى يتم ما يلزم لإعادة الفاعلية لهذا المبدأ . وهذه الصورة الخاصة من صور الوقف تسمى في الإصطلاح القانوني : إنقطاع الخصومة . فالمقصود بإنقطاع الخصومة هو «وقف إجراءاتها بقوة القانون السبب من الأسباب التي حددها القانون يقوم في أحد أطرافها و يؤدي بطبيعته إلى تعطيل مبدأ المواجهة» . فإنقطاع الخصومة يتميز بأن الخصومة تقف لسبب يرجع إلى المركز القانوني لأحد أطرافها - أو من يمثله قانوناً - مما يعطل إعمال مبدأ المواجهة . وتنظم إنقطاع الخصومة المواد من 130 إلى 133 مرافعات ، وهو نظام يسري على الخصومة الموضوعية والخصومة المستعجلة ، أمام أول درجة وأمام الاستئناف .
ولأن الغرض من نظام إنقطاع الخصومة هو إحترام مبدأ المواجهة بين الخصوم ، ولا تكون ثمة مواجهة إلا بعد بدء الخصومة ، فإنه يجب الإعمال أحكام إنقطاع الخصومة أن يكون سبب الإنقطاع تالياً لبدء الخصومة ، أي تالياً لإيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة . فإذا تحقق سبب الإنقطاع في تاريخ سابق لإيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة ، فإن قواعد الإنقطاع لا تكون لها محل، وإنما تنطبق قواعد أخرى . فإذا رفعت الدعوى على شخص توفي قبل إيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة ، فإن الحكم الصادر فيها يكون منعدماً .
وإذا تعدد الخصوم ، وقام سبب الإنقطاع في أحدهم فقط، وكأن الموضوع لا يقبل التجزئة ، فإن الإنقطاع يحدث بالنسبة لهم جميعاً . أما إذا كان الموضوع يقبل التجزئة فلا تنقطع الخصومة إلا بالنسبة للخصم الذي قام بالنسبة له سبب الإنقطاع .
آثار الانقطاع وزواله :
يتحقق الإنقطاع بقوة القانون بمجرد توافر سببه ، بصرف النظر عن علم الخصم الأخر بهذا السبب ، ودون حاجة لصدور حكم بالإنقطاع فإذا صدر حكم بالإنقطاع ، فإنه يكون تقريراً لحكم القانون الذي ترتب على مجرد تحقق سببه . ولهذا ، فإنه إذا تبين للمحكمة عدم تحقق سبب الإنقطاع الذي حكمت به ، كما لو كان هو وفاة الخصم ثم اتضح أنه لازال على قيد الحياة ، فإن لها أن تعدل عن حكمها بالإنقطاع لهذا السبب.
ويعتبر الإنقطاع وقفة للخصومة بقوة القانون يترتب عليه نفس آثار هذا الوقف ولهذا ، فانه بمجرد قيام سبب الإنقطاع تقف الخصومة عند آخر إجراء حصل قبل قيام سبب الإنقطاع ، فتقف المواعيد السارية ولا تبدأ مواعيد جديدة ، ولا يجوز القيام بأي عمل إجرائي أثناء فترة الإنقطاع قبل أن تستأنف الخصومة سيرها بالطريق الذي رسمه القانون . وكل عمل يتم في تلك الفترة - بما في ذلك الحكم في الدعوى - يعتبر باطلاً.
على أنه يلاحظ أن هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام فهو مقرر لمن شرع الإنقطاع لحمايتهم ، وهم خلفاء المتوفى أو من فقد أهليته أو من قام مقام من تغيرت صفته . فلهؤلاء وحدهم التمسك بهذا البطلان، ولهم النزول عنه صراحة أو ضمناً ويكون تمسكهم بالبطلان بطريق الطعن الذي يقبله الحكم . فإن كان الحكم غير قابل للطعن أو إنقضت مواعيد الطعن فيه ، فلا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلانه لإهدار حجيته فإذا لم يكن قد صدر حكم في الدعوى ، فإنه يمكن التمسك بالبطلان أمام المحكمة التي تنظر الدعوى بعد تعجيلها ، بدفع شكلي يخضع لقواعد الدفوع الشكلية.
ويقع على مدعى البطلان عبء إثبات توافر سبب الإنقطاع ، وأن الحكم قد صدر بعد تحقق سبب الانقطاع وقبل أن تتهيأ الدعوى للفصل في موضوعها أو قبل قفل باب المرافعة فيها ، ولا تثبت الوفاة إلا بصورة رسمية من شهادة الوفاة أو إعلام الوراثة ، فلا تكفي الصورة العرفية ، ولا يقبل بشأن إثبات الوفاة إستجواب .
ولا يزول الإنقطاع إلا إذا حدث نشاط من أحد الخصمين لإعادة المواجهة بينهما . وهو ما يسمى بتعجيل الدعوى . وهذا التعجيل يمكن أن يتم من الخصم الذي قام به سبب الإنقطاع ، أو من الخصم الآخر وإذا ضمت دعويان متحدتان خصومة وموضوعة فإن تعجيل إحداهما من الإنقطاع يؤدي إلى إعتبار الدعوى الأخرى معجلة ووفقاً للمادة 133 ، يتم تعجيل الدعوى وتستأنف الخصومة سيرها بعد الإنقطاع إما بإعلان صحيفة إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفي أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته بناء على طلب الخصم الآخر ، أو بإعلان صحيفة إلى هذا الخصم بناء على طلب الآخرين . والمقصود بإعلان صحيفة ليس إعلان صحيفة دعوی بكافة بياناتها بالإعلان سبق قيام الخصومة التي إعتراها الإنقطاع وتكليف باقي الخصوم الحضور بالجلسة التي حددت مجدداً لإستئناف سير ذات الخصومة ولأن الأمر لا يتعلق بإعلان صحيفة الدعوى ، فإنه لا حاجة عند عدم حضور المعلن إليه لإعادة الإعلان. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية ، الجزء : الثاني ، الصفحة : 271)
الطريق الأول للتعجيل : إعلان صحيفة التعجيل :
ويتمثل الطريق الأول، بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته بناء على طلب الطرف الآخر، أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك، وإذا وقع إعلان صحيفة التعجيل باطلاً ولم تتحقق الغاية منه بعدم حضور من وجه إليه ، فإن الدعوى تظل في حالة الإنقطاع والتوقف ولا يبعثها هذا الإعلان من مرقدها ويلحق البطلان كل إجراء يتخذ بعده بما في ذلك الحكم الذي يصدر في الدعوى، ويكون الطعن فيه هو السبيل إلى تصحيح هذا البطلان.
أما إذا تحققت الغاية من إعلان صحيفة التعجيل وهو بمثابة تكليف بالحضور، أدى ذلك إلى تصحيح البطلان، ويكفي لذلك حضور من تقرر البطلان لمصلحته، أي من جلسات المرافعة التالية للإعلان ولو لم تكن هي الجلسة المحددة به، بإعتبار أن الحضور في ذاته أحد الطريقين اللذين تستأنف بهما الدعوى سيرها، مما يؤدي إلى إنتفاء مصلحته في التمسك بالإنقطاع.
ويترتب على هذا الحضور، أن تستأنف الخصومة سيرها بقوة القانون، وبه يزول الإنقطاع، وهو ما يحول دون الحاضر وطلب القضاء بإنقطاع سير الخصومة، ولما كان هذا الطلب ظاهر الفساد، فإن إغفال الرد عليه لا يعيب الحكم، وإذا قضى برفضه كان الحكم قد صادف صحيح القانون.
وإن كانت الخصومة قد إنعقدت قبل الانقطاع ، فإن هذا الانعقاد نزول بالإنقطاع، وحينئذ يجب إنعقادها مرة أخرى، شأنها في ذلك شأن الخصومة المبتدأة، ويتم الانعقاد في الحالتين بأحد إجراءين، الإعلان أو الحضور، فإن لم تنعقد الخصومة ، فقد إنقسم قضاء النقض بالنسبة للدعوى المبتدأة، فقضت بعض الدوائر بإنعدام الحكم الذي يصدر، بينما قضت دوائر أخرى ببطلان الحكم.
أما في حالة إنقطاع سير الخصومة ، فقضاء النقض مستقر على بطلان الحكم، وإن كان قد تعرض للإنعدام وقضى بعدم تحققه عندما يمثل من ينوب عن الخصم الذي تحقق فى شأنه سبب الإنقطاع، قبل وبعد تحقق هذا السبب دون أن ينبه المحكمة إلى تحقق هذا السبب دون أن تتصدى للحالة التي لم يتم فيها الإعلان أو الحضور.
إلا أن محكمة النقض قد خلصت إلى البطلان دون الانعدام، إذ قضت بأنه إذا صدر حكم على خصم توفي أثناء سير الدعوى ولم توقف الإجراءات لوفاته، كان لورثته - إذا أرادوا التمسك ببطلان الإجراءات - أن يطعنوا على الحكم بالطرق التي رسمها القانون، لا بدعوى بطلان مبتدأة. (نقض 1956/4/19 طعن 360 س 22 ق) لأن تلك الدعوى لا تكون مقبولة إلا إذا كان المورث قد اختصم بعد وفاته، فتكون الإجراءات معدومة بما فيها الحكم. (نقض 1990/7/25 طعن 112 س 60 ق).
وصحيفة التعجيل ورقة من أوراق المحضرين يجب إشتمالها على البيانات المقررة لهذه الأوراق و المنوه عنها بالمادة التاسعة وإلا كانت باطلة، فضلاً عن وقائع النزاع بسبق قيام الخصومة التي إعتراها الإنقطاع وتكليف الخصم بالحضور بالجلسة المحددة بها لإستئناف سير ذات الخصومة أمام ذات المحكمة والدائرة التي قضت بالإنقطاع وإن لم تكن مختصة بنظرها ولائياً أو نوعياً ، فإن لم تكن مختصة محلياً ، تعين على المدعى عليه إن كان هو القائم بالتعجيل التمسك بعدم إختصاص المحكمة وذلك بالصحيفة إن لم يكن حقه في هذا الدفع قد سقط قبل الإنقطاع بحيث إذا قام بالتعجيل إستئنافاً لسير الخصومة دون أن يدفع بعدم الاختصاص المحلي للمحكمة، سقط حقه في الدفع، باعتبار أن ما تضمنته الصحيفة يعتبر تعرضا للموضوع، كما يترتب على ذلك سقوط كل دفع شکلي ما لم يكن قد تمسك به في الصحيفة، فإن تمسك به على هذا النحو، كان له التعرض بعد ذلك للموضوع دون سقوط حقه في الدفع الذي حفظه قبل التعرض للموضوع.
ولما كان التعجيل بصحيفة تعلن ويتم ذلك بتقديمها إلى قلم المحضرين وإعلانها، فإن قدمت إلى قلم الكتاب وسدد الرسم کاملاً عنها وقيدت لديه دون أن تتضمن إشارة إلى الدعوى التي إنقطع فيها سير الخصومة ، كانت دعوى مستقلة عن الدعوى المشار إليها في إجراءاتها وآثارها، فلا يترتب عليها أن تستأنف الدعوى السابقة سيرها فتظل في حالة إنقطاع خاضعة لكافة الآثار المترتبة على ذلك، فإن كانت قد شطبت قبل الإنقطاع وإنقضت المدة المنصوص عليها في المادة (82) جاز التمسك باعتبارها كأن لم تكن وحينئذ يزول كل أثر يترتب على رفعها، وقد يؤدي ذلك إلى سقوط الحق محل الطلب في الدعويين، عندما يعود التقادم إلى السير بعد أن كان قد إنقطع بالدعوى السابقة التي قضى باعتبارها كأن لم تكن، وتكون مدته قد إكتملت عند إيداع صحيفة الدعوى الثانية قلم الكتاب.
لكن إذا أودعت الصحيفة قلم الكتاب ، مع عدم ضرورة ذلك، وقيدت برقم مستقل وسددت الرسوم كاملة عنها، إلا أنها تضمنت ما يدل على أنها إستئناف لسير الدعوى السابقة، فإنه يترتب على إعلانها تعجيل هذه الدعوى من الإنقطاع ولا ينال هذا الإيداع من صحتها بإعتبارها إجراء زائد عن إجراءات التعجيل التي إكتملت بتقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين وإعلانها.
وإذا قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة مقبلة وقبل حلولها، تحقق سبب من أسباب الإنقطاع، جاز إعلان صحيفة التعجيل خلال فترة التأجيل ودون حاجة لتصريح من المحكمة، بحيث إذا تم الإعلان، امتنع على المحكمة أن تقضي بالإنقطاع ولو لم يحضر المعلن إليه متى كانت إجراءات الدعوى مستوفاة قبل الإنقطاع وإلا وجب استيفاؤها وفقاً لما يلي وتلتزم بالاستمرار في نظر الدعوى، أما إن حلت الجلسة ولم يكن الإعلان قد تم ، جاز للخصم أن يطلب أجل لإعلان من قام مقام الخصم الذي تحقق فى شأنه سبب الإنقطاع على نحو ما أوضحناه بالمادة (130) ويحول حضوره دون طلب إنقطاع سير الخصومة.
فإن رجع سبب الإنقطاع إلى وفاة الخصم، وجب إعلان الصحيفة إلى كل وارث من ورثته لشخصه أو بموطنه، ولا يجوز إعلان الورثة جملة دون بيان لصفاتهم أو أسمائهم بآخر موطن كان لمورثهم وإلا كان التعجيل باطلاً .
وإذا أعلن البعض فقط كان التعجيل باطلا بالنسبة للبعض الآخر الذي لم يعلن، وهو بطلان نسبي يقتصر التمسك به على هؤلاء الورثة وحدهم.
وإذا ضمت دعويان وإندمجا بحيث فقدت كل منهما استقلالها، فإن إنقطاع سير الخصومة في إحداها يمتد إلى الأخرى ، كذلك الحال بالنسبة للتعجيل.
لا يلزم توقيع صحيفة التعجيل من مهام :
تطلب قانون المحاماة توقيع أحد المحامين على صحف الدعاوى والطعون وإلا كانت باطلة، على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (63) فيما تقدم، ولم يتطلب القانون توقيع محام على صحف تعجيل الدعاوى والطعون، طالما استقامت الدعاوى أو الطعون بهذا التوقيع عند إيداع الصحيفة، وبالتالي تكون صحيفة التعجيل صحيحة ولو لم يوقعها محام، فإن وقعها كان بياناً زائداً.
الطريق الثاني للتعجيل : الحضور:
كما يتم التعجيل بإعلان ورثة الخصم الذي توفي أو من حل محل : الخصم الذي فقد أهليته للخصومة أو زالت صفة من ينوب عنه، فإنه يتم كذلك بحضور أي من هؤلاء، فقد يتحقق سبب الإنقطاع خلال فترة تأجيل الدعوى وعند حلول الجلسة يحضر ورثة الخصم الذي توفي أو من حل محل الخصم الذي فقد أهليته أو زالت صفته ، وتتم المواجهة بهذا الحضور وحينئذ لا تنقطع الخصومة وتستمر المحكمة في نظرها، وإن كانت الخصومة لم تنعقد عند تحقق سبب الإنقطاع، فإن حضور الورثة أو من في حكمهم بالجلسة المحددة يكفي لإنعقادها، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (68).
ولا تستأنف الدعوى سيرها في حالة الوفاة إلا بحضور جميع الورثة، وتتحقق المحكمة من ذلك بإطلاعها على إعلام الوراثة، فإذا تبين لها تخلف بعض الورثة عن الحضور ولم يتم إعلانهم بالتعجيل، قضت بإنقطاع سير الخصومة ، ولا يقوم مقام إعلام الوراثة أو الحكم المثبت لذلك أي دليل آخر، ومن ثم لا تأخذ المحكمة بالإقرار في هذا الصدد، وإن لم يقدم إعلام الوراثة، تعين القضاء بإنقطاع سير الخصومة دون تأجيلها إيقافاً للدعوى ومنعاً من تداولها بالجلسات، وفي هذه الحالة لا تستأنف سيرها إلا بالإعلان إذ يتعذر إستئنافها بالحضور لإقتصار ذلك على الحالة التي تؤجل فيها الدعوى ويتحقق سبب الانقطاع خلال فترة التأجيل فيتم الحضور بالجلسة عند حلولها.
وإن لم تتحقق المحكمة من حصر الورثة عند حضور من قرروا أنهم ورثة المتوفي ثم تبين وجود ورثة آخرين، ترتب على ذلك عدم إستئناف الدعوى سيرها بالنسبة لمن لم يحضر منهم وبطلان الإجراءات التي إتخذت خلال فترة الإنقطاع بما في ذلك الحكم المنهي للخصومة بالنسبة لهؤلاء فقط دون غيرهم من ورثة أو خصوم متى كان الموضوع ما يقبل التجزئة، فإن كان لا يقبل التجزئة ، إمتد البطلان للحكم برمته كما في دعوى الشفعة عند وفاة البائع أو المشتري متى تمسك بالبطلان من تقرر البطلان لمصلحته.
وقد يحضر وارث واحد منتصباً نائباً عن باقي الورثة، ويكفي في ذلك إقراره بإنتصابه عنهم دون حاجة لوكالة إتفاقية إكتفاء بالوكالة القانونية متی مثل في الخصومة طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها، فإن طالب بحصته فقط لم يكن نائباً عن باقي الورثة واستأنفت الدعوى سيرها بالنسبة له فقط.
ويجب في حالة حضور من قام مقام الخصم الذي فقد أهليته أو زالت صفته أن يقدم الدليل على ذلك مثل قرار القوامة بالنسبة لمن قام مقام من فقد أهليته أو السند الذي تتوفر به الصفة في حالة تحقق سبب الإنقطاع بزوال صفة من كان ينوب عن الخصم كعقد تعديل الشركة ولو لم يكن مشهراً ، فإن لم يقدم قضت المحكمة بالإنقطاع وفقاً لما أوضحناه بالمادة (130) وحينئذ لا تستأنف الدعوى سيرها إلا بإعلان صحيفة التعجيل من أي من أطراف الدعوى إلى الطرف الآخر.
وإذا لم يتم الحضور في الجلسة التالية لتحقق سبب الإنقطاع، وتم في جلسة أخرى من جلسات المرافعة، حال ذلك أيضاً دون انقطاع سير الخصومة وإستمرت المحكمة في نظر الدعوى وتنتفي مصلحة الحاضر في التمسك بالإنقطاع.
الآثار المترتبة على تعجيل الدعوى :
متى إستأنفت الدعوى سيرها على نحو ما تقدم، سواء بالإعلان أو الحضور، إتصلت المحكمة بها قانوناً وإستمرت في نظرها من حيث توقفت الإجراءات ودون حاجة لإعادة ما تم منها ما لم تكن مقيدة بمدة محددة إنقضت قبل التعجيل كالحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق إذا كانت المدة المحددة لتنفيذه تبدأ إعتباراً من تاريخ صدوره وكانت قد انقضت قبل التعجيل، أما إن كانت المدة المحددة لتنفيذه تبدأ من تاريخ البدء في التحقيق ولم يكن قد بدء في تنفيذه فإن حكم التحقيق يبقى كإجراء تم صحيحاً قبل الإنقطاع ويترتب على زوال الإنقطاع إستئناف السير فيه بتحديد جلسة تحقيق يعلن بها الخصوم . متى كانت الدعوى منظورة أمام القاضي الجزئي، فإن كانت منظورة أمام إحدى الدوائر كان لرئيسها أن يندب أحد الأعضاء للتحقيق أو يخص بها نفسه، فتعود الدعوى بذلك إلى التحقيق، وإذا تحقق سبب الإنقطاع أثناء تداول الدعوى في التحقيق فإن العضو المنتدب يثبت ذلك بمحضر التحقيق ويعيد الدعوى للمرافعة لتقضي المحكمة بكامل هيئتها بإنقطاع سير الخصومة ، ويجوز إعلان صحيفة التعجيل قبل حلول تلك الجلسة، وحينئذ يصدر رئیس الدائرة قراراً بإعادة الدعوى إلى التحقيق وندب نفس العضو، أما إذا تحقق سبب الإنقطاع أثناء التحقيق الذي يجريه القاضي الجزئي قضى بالإنقطاع، وإذا حضر بالجلسة المحددة للتحقيق ورثة المتوفى أو من قام مقام من فقد أهلية الخصومة أو زالت صفته ، إستمر التحقيق كما لو لم يقع إنقطاع، أما إذا كان قد بدء في تنفيذ حكم التحقيق بسماع شهود الإثبات قبل الإنقطاع ، وإنقضت المدة المحددة له ، تعين إصدار حكم جديد يقتصر على شهود النفي.
وإذا أعلن المدعى عليه لشخصه، أو لم يكن قد أعلن لشخصه ثم أعيد إعلانه أو كان قد حضر بجلسة المرافعة ، ثم توفي أو فقد أهليته أو زالت صفة من كان ينوب عنه ، وقضت المحكمة بإنقطاع سير الخصومة ، فإن الدعوى تستأنف سيرها بمجرد إعلان صحيفة التعجيل، بإعتبار أن من حل محل الخصم الذي تحقق فى شأنه سبب الإنقطاع، إنما يقوم مقامه ويعتبر إمتداداً له فلا تعاد الإجراءات التي تمت صحيحة في مواجهة سلفه وكل ما يتطلبه القانون في هذه الحالة هو إعلان صحيفة التعجيل لتستأنف الدعوى سيرها.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثالث ، الصفحة : 535)
هناك طريقتان لإستئناف السير في الدعوى التي انقطعت فيها الخصومة أولها أن تستأنف سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفي أو فقد أهلية الخصومة أو زالت صفته بناء على طلب الطرف الأخر أو تكليف يعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب من قام مقام الخصم الذي حدث الإنقطاع بسببه وثانيهما إذا حصل الإنقطاع أثناء تأجيل الدعوى ثم حضر في الجلسة المحددة لنظرها وارث المتوفى أو من يقوم مقام من فقد الأهلية أو من زالت عنه الصفة وباشر الدعوى، ومتى إستأنفت الخصومة سيرها فإنها تعود إلى الحالة التي كانت عليها عند وقفها وقت حدوث سبب الإنقطاع لأن الإنقطاع لا يؤثر فيما اتخذ من إجراءات وما تم من مواعيد قبل حصوله ويرى الدكتوران أبو الوفا ورمزي سيف أن الإنقطاع في تعبير إنقطاع الخصومة ليس إنقطاعها بالمعنى المعروف في القانون المدني وإنما هو صورة خاصة من صور الوقف عبر فيه المشرع بتعبير الإنقطاع تميزاً لها عن صور الوقف الأخرى وإنه ينبني على ذلك أنه إذا كانت الخصومة معتبرة حضورية قبل الإنقطاع فإنها تستأنف سيرها بعد الاتصال بهذه الصفة فإذا رفعت دعوى على شخص فحضر المدعي عليه بعض الجلسات ثم توفي فانقطعت الخصومة ثم إستأنف سيرها في مواجهة الوارث فإن الحكم الذي يصدر فيها يعتبر حضورياً ولو لم يحضر الوارث في أية جلسة من الجلسات لأن الخصومة كانت معتبرة حضورية قبل حصول الإنقطاع . ( الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف الطبعة الثامنة ص 579 والتعليق للدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 596) وكنا قد عارضنا هذا الرأي في الطبعات قبل السابقة و استندنا فيه إلى حكم محكمة النقض الذي قضت فيه بأن الأصل في الخصومة أن تقوم بين طرفيها من الأحياء فإن أدرك الموت أحدهم وكانت الدعوى لم تتهيأ بعد الحكم وقفت الإجراءات بحكم القانون لأن الدعوى تكون قد فقدت بذلك ركن من أركانها الأساسية بمجرد قيام سبب الوقف ولا تستأنف سيرها إلا بإعلان جديد إلى ورثة المتوفي لأن الغاية من الوقف إنما هي المحافظة على مصلحة هؤلاء الورثة دون غيرهم وتمكيناً لهم من الدفاع عن حقوقهم التي آلت إليهم بسبب الوفاة ولذلك فقد افترض القانون جهلهم بالدعوى المرفوعة على مورثهم فأوجب إيقافها بمجرد الوفاة ومن ثم فلا يؤثر حضور مورثهم في الدعوى قبل وقفها على حقهم في المعارضة في الحكم الذي يصدر في غيبتهم . ( نقض 55/3/10 مجموعة النقض في 25 سنة الجزء الأول ص 633 قاعدة رقم 71) ، ورتبنا على هذا الحكم أنه إذا لم يعلن الورثة أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته لشخصه وجب إعادة إعلانه حتى ولو كان المتوفي الذي إنقطعت الخصومة بسببه قد حضر الجلسة قبل الإنقطاع وذلك عملاً بالمادة 83 مرافعات . إلا أن محكمة النقض قد أصدرت بعد ذلك عدة أحكام آخرها ذلك الذي أصدرته في سنة 1989 وقضت فيه في صراحة ووضوح بأن إنقطاع سير الخصومة لا يؤثر في إجراءاتها التي تمت قبله وأن الإجراءات التي تحصل بعد تعجيل السير فيها تعتبر مكملة للإجراءات السابقة. ( الحكم رقم 16) . وإذا لم يحضر ورثة المتوفي أو من قام مقام الخصم الذي زالت صفته بالجلسة بعد تعجيل الدعوى أو بإحدى الجلسات التالية أو لم يقدموا مذكرة بدفاعهم فإن ميعاد الطعن في الحكم لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانهم بالحكم وقد اعتبرت محكمة النقض الحكم الذي يصدر ضد ورثة الخصم بعد تعجيلها دون حضورهم أو إعادة إعلانهم حكماً غيابياً دائماً ولو كان مورثهم قد سبق حضوره قبل إنقطاع الخصومة . ( نقض 1955/3/10 طعن 19 سنة 22 قضائية). وقد اعتبر الأستاذ كمال عبد العزيز - في صفحة 827 من الطبعة الثالثة من مؤلفه - هذا الحكم مناقض للأحكام الأخرى التي قضت بأن الدعوى تستأنف سيرها بعد الإنقطاع بتكليف بالحضور يعلن إلى من قام مقام الخصم الذي تحقق فيه بسبب الإنقطاع دون ما حاجة إلى إعادة الإعلان متى كان الثابت أن مورث الطاعنين قد مثل في الدعوى قبل الإنقطاع .( نقض 1982/1/28 طعن رقم 735 لسنة 47 ق ، نقض 1989/6/8 طعن 806 لسنة 57 ق)
إلا أننا نرى أنه لا يوجد ثمة تعارض بين المبدأ الذي ورد في الحكم الأول وبين ما ورد في الحكمين الأخيرين ذلك أن انقطاع سير الخصومة يترتب عليه إنقطاع تسلسل الجلسات ولا يفترض علم من قام مقام المتوفى أو من زالت صفته بالخصومة والحكم فيها ومن ثم لا يبدأ ميعاد الطعن بالنسبة له إلا من تاريخ إعلانه . ( راجع التعليق على المادة 213 من هذا المؤلف ).
وإذا كانت الدعوى مؤجلة أو لم تنظر بعد وحدث سبب من أسباب الإنقطاع فإنه يجوز للخصم أن يعلن من قام مقام الخصم الذي توفي أو فقد أهليته أو زالت صفته قبل الموعد المحدد للجلسة ودون إنتظار صدور حكم من المحكمة بالإنقطاع لأن الانقطاع يقع بقوة القانون ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة بعد أن استأنفت الدعوى سيرها بالإعلان الجديد أن تقضي بالانقطاع.
وإذا رفعت دعوى على شخص تبين أنه كان قد توفي قبل إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب فلا يجوز الحكم بإنقطاع سير الخصومة في هذه الحالة لأنه كما سبق أن ذكرنا في التعليق على المادة 130 أنه يشترط للحكم بإنقطاع سير الخصومة أن يتحقق سبب الانقطاع بعد بدء الخصومة غير أنه إذا فات المحكمة ذلك وقضت خطأ بالانقطاع فلا يجوز للخصوم تعجيل الدعوى وإنما يتعين عليهم رفع دعوى جديدة أما إذا عجلوها وأختصموا الورثة فإن هذا التعجيل يعتبر كما قالت محكمة النقض عديم الأثر وليس من شأنه تصحيح الخصومة المعدومة.
وإذا قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة واستأنفت الدعوى سيرها بصحيفة أعلنت إلى من قام مقام الخصم الذي توفي أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته وحددت جلسة معينة بصحيفة التعجيل إلا أن الدعوى لم تنظر بتلك الجلسة المحددة لسبب أو لآخر كأن يكون اليوم الذي تحدد لنظر الدعوى ليس من أيام الجلسات فإن ذلك لا يؤثر على صحة الإعلان.
وإذا توفي أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى وحضر أحد ورثته بالجلسة وكان للمتوفى ورثة آخرون فلا يجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تقضى بإنقطاع سير الخصومة وعليها أن تكلف أي طرف من أطراف الدعوى بإعلان باقي الورثة الذين لم يحضروا بأن الدعوى أستأنفت سيرها وبالطلبات الموجهة في الدعوى. وإذا توفي المدين التاجر أثناء نظر دعوى إشهار إفلاسه فلا يلزم إعلان الورثة وإن كان يجوز تدخلهم في الدعوى دفاعاً عن ذكرى مورثهم .
حضور المدعى عليه بعد تعجيل السير في الدعوى يترتب عليه انعقاد الخصومة دون حاجة لإعلانه حتى لو لم يكن قد أعلن بأصل الصحيفة :
من المقرر - كما سبق أن ذكرنا - عملاً بالمادة 68 مرافعات أن مجرد حضور المدعى عليه أمام المحكمة كاف وحده لإنعقاد الخصومة حتى ولو لم يكن قد أعلن بصحيفتها أو كان الإعلان باطلاً ويسري هذا المبدأ أيضاً في حالة ما إذا كانت الخصومة قد إنقطعت لوفاة أحد الخصوم أو أوقفت جزاء أو قانوناً ثم عجلت بعد ذلك وحضر المدعي عليه دون إعلانه حتى لو كانت سبب الوقف الجزائي عدم الإعلان أو عدم تقديم أصل الصحيفة .
وجدير بالذكر أن حضور المدعى عليه الذي تنعقد به الخصومة هو ذلك الذي حدث بعد العمل بالقانون 23 لسنة 1992 أي إبتداء من 1992/10/1 أما الحضور السابق عليه فلا تنعقد به الخصومة.
وغني عن البيان أن حضور المدعي عليه أو المستأنف عليه وإن كان كافياً الإنعقاد الخصومة إلا أنه لا يمنع المحكمة من أن تقضي باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا تحققت شروطه .
لا يشترط في صحيفة استئناف الدعوى لسيرها بعد إنقطاع الخصومة فيها أن يوقعها محام :
حينما إشترط المشرع في المادة 253 من قانون المرافعات ، 58 من قانون المحاماة توقيع محام على بعض الأوراق القضائية ورتب البطلان جزاء عدم إتباع هذا الإجراء فقد وضع في إعتباره أن هذه الأوراق يجمع بينها أنها تحوي الإجراء المفتتح للخصومة القضائية أمام المحكمة التي يقدم إليها سواء كانت صحيفة الدعوى لا تقل قيمتها عن خمسين جنيهاً أو طلب أمر أداء بذلك أو صحيفة طعن وأورد المشرع هذه الأوراق على سبيل الحصر ومن ثم فلا يسري على غيرها من الأوراق بما في ذلك صحيفة إستئناف الدعوى لسيرها الذي نصت عليه المادة 133 مرافعات بعد أن كانت المحكمة في قضت بإنقطاع سير الخصومة عملاً بالمادة 130 مرافعات.(التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 434 )
إنتهاء ركود الخصومة المنقطعة بالتعجيل أو الإنقضاء :
تنتهي حالة الركود التي تصيب الخصومة بسبب الإنقطاع، إما بمعاودة لما السير فيها عن طريق الحضور أو التعجيل، وإما بإنقضائها دون حكم فاصل في موضوعها، ويعاود السير في الخصومة بأحد طريقين :
الطريق الأول : الحضور: فتستأنف الخصومة الراكدة بسبب الإنقطاع سيرها، إذا حضر الجلسة التي كانت محددة لنظرها وارث المتوفي، أو من يقوم مقام من فقد الأهلية الإجرائية، أو من زالت صفته الإجرائية، وباشر . السير فيها (مادة 2/133 مرافعات ) محل التعليق وبديهي أن هذا يفترض أن سبب الإنقطاع قد تحقق في الفترة الواقعة بين جلستين، فإذا ما حضر من يقوم مقام الخصم المعيب الجلسة التالية مباشرة لتحقق سبب الإنقطاع عادت الخصومة المنقطعة للسير من جديد إذ بهذا الحضور يتأكد علم الورثة أو من يقوم مقام من فقد أهلية الخصومة أو مقام من زالت عنه الصفة بالخصومة، ويتأكد أيضاً إحترام مبدأ المواجهة بين الخصوم ( فتحى والى الوسيط بند 324 ص 665).
الطريق الثاني : إعلان صحيفة التعجيل : كما تعاود الخصومة سيرها أيضاً بتعجيل أحد الخصيتهم لها ، سواء كان الشخص الذي قام مقام من تحقق به سبب الإنقطاع أو من الخصم الآخر ، ويكون التعجيل بإعلان صحيفته إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفي او فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته ، بناء على طلب الخصم الآخر ، أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك ( مادة 1/133 مرافعات محل التعليق ) ، ويقصد بالصحيفة هنا مجرد إعلان صحيفة تضمن أخباراً بسبق قيام الخصومة التي إعتراها الإنقطاع وتاريخ الجلسة المحددة لنظرها ، وتكليف المعلن إليهم بالحضور إليها، ولا يشترط أن يتم التعجيل بإعلان صحيفة الدعوى كاملة بكافة بياناتها ، لأن الغرض أنها كانت قد أعلنت إعلاناً صحيحاً ، للخصم قبل تحقق بسبب الإنقطاع ( كمال عبد العزيز تقنين المرافعات و ص 295، فتحي والي الإشارة السابقة ، محمود هاشم جزء ثان بند 209 ص 235، وعكس ذلك وجدي راغب مبادئ الخصومة ص 344، حيث يرى أن نص المادة 133 يوجب إعلان من يقوم مقام الخصم بصحيفة الدعوى ، فلا يكفي إعلانه بورقة تكليف بالحضور، وذلك بغرض تمكين من يقوم مقام الخصم المعيب من الإحاطة بالدعوى وإعداد دفاعه فيها ، ولذا يكون إجراء تعجيل الخصومة باطلاً إذا اقتصر الإعلان على ورقة التكليف بالحضور من هذا الرای أيضاً : إبراهيم سعد جزء ثان بند 349 ص 131 حاشية رقم 193) ولا يغني عن إعلان الصحيفة بالمعنى السابق قيام الخصم بإيداع صحيفة افتتاح دعوی قلم كتاب الحكمة دون أن تتضمن هذه الصحيفة أية إشارة إلى الدعوى السابقة، فإقامة المدعين دعوى أخرى بذات الطلبات ضد نفس الخصوم ودون الإشارة إلى الدعوى السابقة لايعد تعجيلاً لها.
(نقض مدنى 1980/1/31 في الطعن رقم 1451 لسنة 48 قضائية).
ويلاحظ أنه إذا كانت الخصومة تضم دعويين متحدتين، خصوماً وموضوعاً وسبباً ، فإن تعجيل إحداهما من الإنقطاع يعتبر تعجيلاً الثانية أيضاً .
نقض مدنى 10/ 1/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 898).
وإذا أغفلت صحيفة التعجيل إختصام أحد ورثة الخصم الذي توفي فإنه لا يجوز لغيره أن يتمسك ببطلان الإجراءات، لأن البطلان هنا نسبي.
(نقض مدني 1976/6/9 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 1307).
وإذا ما تم تسجيل الخصومة المنقطعة، فإنها تستأنف سيرها بالحالة التي كانت عليها وقت الإنقطاع، فالخصومة المنقطعة رغم أنها راكدة، إلا أنها تظل قائمة كما سبق أن أوضحنا، ولذلك تعتبر الإجراءات الجديدة التي تحصل بعد التعجيل مكملة للإجراءات السابقة للإنقطاع (موریل بند 525 ص 422، أحمد أبو الوفا التعليق جزء أول ص 485، محمد وعبد الوهاب العشماوي جزء ثان بند 856 ص 294، إبراهيم سعد جزء ثان بند 349 ص 131)، ويصدر الحكم على موجب جميع هذه الإجراءات، أي السابقة للإنقطاع واللاحقة له بعد التسجيل، ولذا لا يلزم المدعى بإعادة ما سبق إعلانه من أوراق المرافعات لأن الإجراءات السابقة على الإنقطاع تكمل التالية له (إستئناف مختلط 1896/1/2 - مجلة التشريع والقضاء 8 ص 60)، كما تحتسب المواعيد السابقة على الإنقطاع ، فإذا إنقطعت الخصومة أثناء سريان ميعاد معين وجب إحتساب المدة السابقة للإنقطاع وتضم إليها مدة تبدأ من يوم التعجيل بحيث يتكون من مجموعها الميعاد المقرر (أحمد أبو الوفا المرافعات بند 465 ص 551 ابراهيم سعد جزء ثان بند 349 ص 132)، إذ أن الإنقطاع في تعبير إنقطاع الخصومة ليس إنقطاعاً بالمعنى المعروف في القانون المدني، وإنما هو صوة خاصة من صور وقف الخصوبة (رمزي سيف بند 460 ص 580 و ص 581)، فهو وقف لأسباب تتعلق بالمركز القانوني لأحد أطرافها كما أسلفنا .
وإذا لم تعاود الخصومة المنقطعة سيرها من جديد عن طريق الحضور أو التعجيل، فإنها تظل في حالة ركود، ويقودها هذا الركود إلى الانقضاء، فتطبق عليها قواعد تنفرط الخصومة وإنقضائها بمضي المدة، مما يؤدي إلى إنقضائها دون حكم فاصل في موضوعها، إذا لم تعجل خلال سنة، وإلا فإنها تنقضي بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث ، الصفحة : 333)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والعشرون ، الصفحة / 275
- الأَْهْلِيَّةُ:
- الأَْهْلِيَّةُ هِيَ مَصْدَرٌ صِنَاعِيٌّ لِكَلِمَةِ أَهْلٍ، وَمَعْنَاهَا لُغَةً كَمَا فِي أُصُولِ الْبَزْدَوِيِّ: الصَّلاَحِيَّةُ وَيَتَّضِحُ تَعْرِيفُ الأَْهْلِيَّةِ فِي الاِصْطِلاَحِ مِنْ خِلاَلِ تَعْرِيفِ نَوْعَيْهَا: أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ وَأَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ، فَأَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ هِيَ صَلاَحِيَّةُ الإِْنْسَانِ لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ الْمَشْرُوعَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَأَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ هِيَ صَلاَحِيَّةُ الإِْنْسَانِ لِصُدُورِ الْفِعْلِ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا.
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الذِّمَّةِ وَالأَْهْلِيَّةِ أَنَّ الأَْهْلِيَّةَ أَثَرٌ لِوُجُودِ الذِّمَّةِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ فِي الإِْنْسَانِ ذَاتُ عُنْصُرَيْنِ: -
أَحَدُهُمَا: قَابِلِيَّتُهُ لِثُبُوتِ الْحُقُوقِ لَهُ أَيْ صَلاَحِيَّتُهُ لِلإِْلْزَامِ.
الثَّانِي: قَابِلِيَّتُهُ لِثُبُوتِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ أَيْ صَلاَحِيَّتُهُ لِلاِلْتِزَامِ.
فَالْعُنْصُرُ الأَْوَّلُ يَثْبُتُ لِلشَّخْصِ مُنْذُ كَوْنِهِ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ وَلاَ يَسْتَدْعِي وُجُوبَ ذِمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ فِي شَخْصِهِ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُ لاَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا نَاحِيَةُ الاِلْتِزَامِ أَيْ نَاحِيَةُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعُنْصُرُ الثَّانِي مِنْ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَابِلِيَّةُ التَّحَمُّلِ بِأَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ وَهَذَا لاَ يَتَحَقَّقُ إِلاَّ بَعْدَ الْوِلاَدَةِ.
وَالثَّانِي: الذِّمَّةُ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الشَّخْصِ مَحَلٌّ مُقَدَّرٌ لاِسْتِقْرَارِ تِلْكَ الْحُقُوقِ فِيهِ بِحَيْثُ تَشْغَلُهُ تِلْكَ الْحُقُوقُ حَالَ ثُبُوتِهَا وَيَفْرُغُ مِنْهَا حَالَ سُقُوطِهَا.
وَهَذَانِ الأَْمْرَانِ اللَّذَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا تَصَوُّرُ الاِلْتِزَامِ هُمَا مُتَلاَزِمَانِ فِي الْوُجُودِ مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّخْصِ أَهْلاً لِتَحَمُّلِ الْحُقُوقِ أَنْ يَكُونَ فِي شَخْصِهِ مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ لَهَا وَبِالْعَكْسِ، فَمَتَى اعْتُبِرَتْ لِلشَّخْصِ أَهْلِيَّةُ التَّحَمُّلِ شَرْعًا اعْتُبِرَتْ لَهُ ذِمَّةٌ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ تِلْكَ الأَْهْلِيَّةُ هِيَ الذِّمَّةَ نَفْسَهَا، بَلْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ مَا بَيْنَ مَعْنَى الْقَابِلِيَّةِ وَمَعْنَى الْمَحَلِّ.
ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ فِي الْعَلاَقَةِ بَيْنَ الذِّمَّةِ وَأَهْلِيَّةِ الْمُعَامَلَةِ أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ، فَهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْحُرِّ الْبَالِغِ الْكَامِلِ الأَْهْلِيَّةِ فَيُقَالُ: هُوَ ذُو ذِمَّةٍ وَذُو أَهْلِيَّةٍ، وَتَنْفَرِدُ الذِّمَّةُ فِي الْعَبْدِ فَهُوَ ذُو ذِمَّةٍ وَلاَ أَهْلِيَّةَ لَهُ، وَتَنْفَرِدُ الأَْهْلِيَّةُ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فَيُقَالُ هُوَ ذُو أَهْلِيَّةٍ وَلاَ ذِمَّةَ مُسْتَقِلَّةً لَهُ.