المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق :
جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بشأن المادة 304 منه المقابلة للمادة 137 من القانون الحالي أنه «تلطيفاً لآثار سقوط الخصومة أخذ القانون الجديد بفكرة مشروع قانون المرافعات الفرنسي الذي وضع في سنة 1888، فأجاز لطرفي الخصومة أن يتمسكا بكل إجراءات التحقيق وإعمال الخبراء التي تمت في الخصومة قبل سقوطها بشرط ألا تكون باطلة في ذاتها. وهذه فكرة ظاهرة السداد لأنه قد يحدث أن يتوفى الشهود الذين سمعوا أو تزول المعالم التي أثبتها الخبراء، فإذا منع الاحتجاج بشهادة الشهود أو بتقارير الخبراء عند تجديد الدعوى بعد الحكم بسقوطها ، عاد ذلك على الخصومة بضرر غير معقول في تشريع يبيح، كما أباح القانون الجديد الإلتجاء إلى القضاء للمحافظة على الدليل قبل رفع الدعوى بالموضوع إلى المحكمة .
1 ـ المقرر - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - أن إعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب فى الميعاد القانونى ولم يطلب المدعى السير فيها وفقاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات، وكذلك سقوط الخصومة فى حالة عدم السير فى الدعوى بفعل المدعى أو إمتناعه المنصوص عليه فى المادة 134 من القانون سالف الذكر لونان من ألوان الجزاء قررهما المشرع لحكمة واحدة وهى تقصير المدعى فى موالاة السير فى الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم، الأمر الذى يقتضى توحيد الأثر المترتب بالنسبة للجزائين، ولم اكان المشرع قد رتب فى المادة 137 من قانون المرافعات على الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما فى ذلك صحيفة الدعوى إلا أنه مع ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام، وأجاز للخصوم التمسك بها ما لم تكن باطلة فى ذاتها، فإن هذه الأحكام تسرى بدورها فى حالة إعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ ليس فى نصوص قانون المرافعات ما يمنع من تطبيقها أو يدل على أن المشرع أراد أن يرتب على إعتبار الدعوى كأن لم تكن أثاراً أشد من الآثار التى رتبها على سقوط الخصومة كما أن الحكمة التى أملت على المشرع تقرير هذه الأحكام بالنسبة لسقوط الخصومة تتحقق كذلك فى حالة إعتبار الدعوى كأن لم تكن التى وإن يترتب عليها إلغاء إجراءاتها إلا أنه لا يسقط الحق فى الأحكام القطعية الصادرة فيها - والحكم القطعى هو الذى يضع حداً للنزاع فى جملته أو جزء منه أو فى مسألة فرعية عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التى أصدرته، ومفاد نص المادة 138 من القانون سالف البيان أنه متى حكم بسقوط الخصومة فى إلتماس إعادة النظر قبل الحكم بقبول الإلتماس يترتب عليه سقوط الإلتماس ذاته أما بعد الحكم بقبول الإلتماس فتسرى القواعد السالفة الذكر.
(الطعن رقم 3327 لسنة 60 جلسة 1991/07/24 س 42 ع 2 ص 1482 ق 230)
2 ـ إعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب فى الميعاد القانونى و لم يطلب المدعى السير فيها وفقاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات ، و كذلك سقوط الخصومة فى حالة عدم السير فى الدعوى بفعل المدعى أو إمتناعه المنصوص عليه فى المادة 134 من القانون السابق لونان من ألوان الجزاء قدرها المشرع لحكمة واحدة و هى : تقصير المدعى فى موالاة السير فى الدعوى و حثه على متابعة إجراءاتها حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم ، الأمر الذى يقتضى توحيد الأثر المترتب على كلا الجزائين ؛ و لما كان المشرع قد رتب فى المادة 137 من قانون المرافعات على الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما فى ذلك صحيفة الدعوى ، إلا أنه مع ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها ، و لا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام ، و أجاز للخصوم التمسك بها ما لم تكن باطلة فى ذاتها فإن هذه الأحكام تسرى بدورها فى حالة إعتبار الدعوى كأن لم تكن ، إذ ليس فى نصوص قانون المرافعات ما يمنع تطبيقها أو يدل على أن المشرع أراد أن يرتب على إعتبار الدعوى كأن لم تكن آثار أشد من الآثار التى رتبها على سقوط الخصومة ، كما أن الحكمة التى أملت على المشرع تقرير هذه الأحكام بالنسبة لسقوط الخصومة - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - و هى إحتمال زوال معالم الإثبات عند إعادة رفع الدعوى يتحقق كذلك فى حالة إعتبار الدعوى كأن لم تكن التى و إن يترتب عليها إلغاء إجراءاتها إلا أنه لا يسقط الحق فى الأحكام القطعية الصادرة فيها .
(الطعن رقم 1175 لسنة 50 جلسة 1984/05/20 س 35 ع 1 ص 1365 ق 262)
3 ـ من المقرر - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم القطعى هو الذى يضع حداً للنزاع فى جملته أو فى جزء منه أو فى مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التى أصدرته ، و مفاد نص المادة 304 من قانون المرافعات السابق- المقابلة للمادة 137 من قانون المرافعات الحالى أنه إذا صدر حكم قطعى فى الدعوى فإن هذا الحكم لا يسقط بسقوط الخصومة و لو كان صادراً فى مسألة متعلقة بسير الخصومة ، كما أن الإجراءات السابقة عليه تظل قائمة و بمنأى عن السقوط و من ذلك صحف الدعاوى و الإستئناف .
(الطعن رقم 694 لسنة 47 جلسة 1981/03/31 س 32 ع 1 ص 999 ق 185)
4 ـ الدعوى هى حق الإلتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به . أما الخصومة فهى وسيلة ، ذلك أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التى يطرح بها هذا الإدعاء على القضاء و يتم بها تحقيقه و الفصل فيه . و القانون المدنى هو الذى ينظم قواعد سقوط و إنقضاء الدعاوى و الحقوق بمضى المدة . بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط و إنقضاء الخصومة . و قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إنقضاء الخصومة لا يترتب عليه أى مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى بل يبقى خاضعاً فى إنقضائه للقواعد المقررة فى القانون المدنى .
(الطعن رقم 1451 لسنة 48 جلسة 1980/01/31 س 31 ع 1 ص 266 ق 73)
سقوط الخصومة
تعريفه ونطاقه :
سقوط الخصومة هو زوالها وإعتبارها كأن لم تكن بسبب عدم قيام المدعي بنشاطه اللازم لسيرها ، فهو جزاء يوقعه القانون على المدعي نتيجة لإهماله في مباشرة نشاطه في الخصومة ويعود الأخذ بنظام سقوط الخصومة إلى أن المدعي الذي لا يقوم بنشاط في الخصومة مدة طويلة يعتبر مهملاً لا يستحق إنشغال المحاكم بقضيته ، وقد يعني إبقاؤه للخصومة رغبته في اطالة أمد النزاع نكاية بخصمه . ومن ناحية أخرى فإن تقرير نظام سقوط الخصومة يؤدي إلى دفع المدعى إلى الإسراع في تسيير الخصومة خوفاً من سقوطها.
وينطبق هذا النظام على كل خصومة كما يسرى في مواجهة كل شخص .
(أ) فمن ناحية ينطبق على الخصومة أمام أول درجة أو أمام الإستئناف ، حضورية أم غيابية ، كما أنه ينطبق ولو كان الحق المطالب به من الحقوق التي لا يجوز التصرف فيها أو تلك التي لا تتقادم ، أو كانت تتعلق - على أي وجه - بالنظام العام أو الآداب العامة . وتعتبر خصومة الإستئناف خصومة مستقلة عن خصومة أول درجة بالنسبة لإجراءاتها . ولهذا ، فإنه إذا صدر حكم جزئي من محكمة أول درجة ، وطعن فيه بالإستئناف حيث يجيز القانون ذلك ، وتحقق سبب لسقوط الخصومة في الإستئناف ، فإن خصومة الإستئناف تسقط ولو إستمرت الإجراءات أمام أول درجة.
(ب) ومن ناحية أخرى ، يسري السقوط في مواجهة جميع الأشخاص ولو كانوا عديمي الأهلية أو ناقصيها» (مادة 138 مرافعات) . ويسرى للزوج أو الزوجة في مواجهة الأخر دون إعتبار إلى أن التقادم لا يسري بينهما . وليس للأطراف ، سواء قبل بدء الخصومة أو بعد بدئها ، الإتفاق على أن عدم نشاطهم في الخصومة لا يؤدى إلى سقوطها.
آثار سقوط الخصومة:
يعتبر الحكم بسقوط الخصومة حكماً تقريرياً وليس حكماً منشئاً ولهذا فان آثار السقوط ترتد إلى اللحظة التي تحققت فيها شروطه . فإذا تم عمل في الفترة بين تحقق السقوط وبين تقريره فإنه يكون باطلاً إذ يكون قد تم بعد إنتهاء الخصومة وآثار السقوط هي :
1- تزول الخصومة بما تضمنته من أعمال وما أنتجته من آثار ، سواء كانت آثاراً موضوعية أم آثاراً إجرائية . ولهذا فإن التقادم يعتبر كأنه لم ينقطع ، والفوائد كأنها لم تجر ، ولا تعد هناك مطالبة قضائية فلا يجوز بعد سقوط الخصومة التمسك بالإحالة لسبق رفع الدعوى . ويقتصر الزوال علی أعمال الخصومة دون الإجراءات السابقة عليها ، ولهذا فإن الإعذار الذي وجهه البائع إلى المشتري في تاريخ سابق على رفع الدعوى التي قضى بسقوط الخصومة فيها يظل صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية .
على أنه إستثناء من هذا الزوال ، ينص القانون على الإبقاء على بعض أعمال الخصومة وأدلة الإثبات المقدمة فيها رغم سقوطها (مادة 137 مرافعات) . وأساس هذه الإستثناءات هو مبدأ الإقتصاد في الخصومة . فهذا المبدأ يوصي بانقاذ بعض أعمال الخصومة التي سقطت ، وذلك لإستخدامها خارجها . وعلى هذا ، فإنه رغم سقوط الخصومة تبقى الأعمال التالية :
(أ) الأحكام القطعية الصادرة في الخصومة : والمقصود تلك التي تصدر أثناء الخصومة والتي تحسم بعض طلبات الخصوم وتحوز الحجية، أو تلك التي تصدر في أحد الطلبات حاسمة نقطة من نقط النزاع ولو لم تحز الحجية بالمعنى الصحيح ويقتصر الإستثناء على الأحكام القطعية ، فلا يسرى على الأحكام الوقتية التي تصدر متفرعة عن الخصومة فهذه تسقط بسقوط الخصومة وقد أراد المشرع أن يحتفظ بالحكم القطعي وبآثاره خارج الخصومة التي صدر فيها رغم أنه تطبيق للقواعد العامة لا يرتب الحكم - إذا لم يكن له حجية الأمر المقضي - أثراً خارج الخصومة التي صدر فيها .
وإذا بقى الحكم القطعي محتفظاً بأثاره ، فان مؤدى هذا - منطقياً - ألا تسقط الأعمال الإجرائية السابقة عليه والتي يعتمد عليها الحكم (مادة 137 مرافعات) . على أن عدم سقوط هذه الأعمال ليس له أهمية إلا كضرورة منطقية لإمكان القول ببقاء الحكم الذي إعتمد عليها ، فلا يكون لهذه الأعمال أي أثر إلا بإعتبارها مفترضاً لهذا الحكم .
(ب) الإقرارات الصادرة من الخصوم والأيمان التي حلفوها : ويحتفظ الإقرار واليمين في الخصومة الجديدة بقوته في الإثبات التي له في الخصومة السابقة ولهذا يكون للإقرار قوة الإقرار القضائي.
(ج) إجراءات التحقيق وأعمال الخبرة التي تمت : فهذه الإجراءات أو الأعمال يمكن التمسك بها في الخصومة ما لم تكن في ذاتها باطلة . وعلة هذا أنه يمكن إعتبارها في ذاتها إجراءات مستقلة عن إجراءات الخصومة الأصلية ، بدليل أنها يمكن أن تتم في خصومة مستقلة على أنه يلاحظ أن تقدیر شهادة الشهود أو تقدير رأي الخبير يبقى من سلطة المحكمة التي تجري أمامها الخصومة الجديدة .
2- لا أثر للسقوط على الحق الموضوعي المطلوب حمايته ، ولا على الحق في الدعوى . ولهذا يمكن للمدعي - ولو سقطت الخصومة - أن يبدأ خصومة جديدة للحصول على حكم لصالحه فى الدعوى . على أن السقوط قد يؤثر في الدعوى بطريق غير مباشر إذا حدث وكان الحق في الدعوى قد تقادم ، ذلك أن السقوط يؤدي إلى زوال الأثر القاطع للتقادم الناشىء عن رفع الدعوى ، فيعتبر التقادم كأنه لم ينقطع مما يعرض الدعوى للإنقضاء بالتقادم قبل رفعها من جديد.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 340)
الآثار المترتبة على سقوط الخصومة :
ترفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب وبهذا الإيداع تبدأ الخصومة وتتحقق كافة الآثار المترتبة على المطالبة القضائية دون توقف على إعلان الصحيفة، فتسري الفوائد القانونية وينقطع تقادم الحق الذي تحميه الدعوى ويصبح واضع اليد سيء النية منذ إعلانه بها وتظل هذه الآثار نافذة بإستمرار المدعي في مباشرة الإجراءات القضائية التي يتطلبها القانون في كل مرحلة من مراحل الخصومة ، فعند إيداع الصحيفة يجب عليه أن يكون قد سدد الرسوم القضائية، فإن لم يفعل قررت المحكمة إستبعاد القضية من جدول الجلسة، فإذا إنقضت ستة أشهر على هذا الإستبعاد كان للمدعى عليه طلب سقوط الخصومة، وإن سدد الرسوم وأودع الصحيفة، وجب عليه إعلانها خلال ثلاثة أشهر وإلا جاز للمدعى عليه طلب الحكم بإعتبار الدعوى كأن لم تكن. وإذا تخلف عن الحضور وقررت المحكمة شطب الدعوى، تعين عليه تجديدها خلال ثلاثين يوماً ، وإلا جاز للمدعى عليه أن يطلب الحكم بإعتبارها كأن لم تكن، ويترتب على هذا الحكم ذات الآثار التي تترتب على الحكم بسقوط الخصومة ، وإذا وقف السير فيها بفعله أو إمتناعه لمدة ستة أشهر كان للمدعي عليه أن يطلب الحكم بهذا السقوط.
ومتى قضى بسقوط الخصومة وأصبح الحكم نهائياً جائزاً لقوة الأمر المقضي، سقطت الأحكام التي سبق صدورها بإجراء من إجراءات الإثبات وألغيت جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى وتشمل الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات، الأحكام الصادرة بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو باستجواب الخصوم أو بإلزام خصم بتقديم ورقة تحت يده أو بضم الأوراق أو بتوجيه اليمين الحاسمة أو يمين عدم العلم في حالة الإنكار والدفع بالجهالة أو الإنتقال للمعاينة أو ندب الخبراء.
ويقتصر السقوط على تلك الأحكام بإعتبارها من الإجراءات التي اتخذت قبل سقوط الخصومة وإنصرفت إلى تحقيق أدلة الإثبات وإنحصرت في هذا النطاق، فإن تعدت ذلك وفصلت في شق من النزاع، تضمنت مع إجراء الإثبات قضاءً قطعياً مما يخرجها من عداد الأحكام الصادرة بإجراء الإثبات وبالتالي لا تخضع للسقوط، وقد ينصرف الشق القطعي إلى تقرير حق لأحد الخصوم أو نفي هذا الحق أو تكييف العلاقة بين الخصوم دون أن يطعن في هذا الشق فيحوز قوة الأمر المقضي وحينئذ لا يسقط إلا بانقضاء خمس عشرة سنة أياً ما كان الحق أو الدعوى التي صدر فيها وبالتالي لا يلحقه السقوط أو الإنقضاء اللذان يردان على الخصومة عملاً بالمادتين (137)، (140). ولما كانت الأحكام الوقتية تحدد مراكز الخصوم تحديداً مؤقتاً إلى أن يتم الفصل في الموضوع فلا تكون أحكاما قطعية وبالتالي تسقط بسقوط الخصومة.
ولما كان سقوط الخصومة يمتد إلى الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات. فإن هذا السقوط لا يلحق الأدلة أو القرائن التي أسفر عنها تنفيذ هذه الأحكام بإعتبار أن هذا التنفيذ إجراء مستقل عن الأحكام التي تم بموجبها، ويترتب على ذلك أن يكون للخصوم عند رفع دعوى جديدة الحق في التمسك بالتحقيق الذي أجرته المحكمة في الخصومة التي قضى بسقوطها أو بالاستجواب أو الإقرار ويظل الإقرار قضائياً له قوة مطلقة في الإثبات بالرغم من صدوره في دعوى أخرى وذلك وفقاً لدلالة نص المادة (137) ولما كانت الآثار المترتبة على سقوط الخصومة تسری كذلك في حالة الترك المنصوص عليها بالمادة (143)، فإن الإقرار الصادر من الخصم في الدعوى التي تركت الخصومة فيها بالنسبة له، يظل قائما منتجاً لكافة آثاره بإعتباره دليلاً قدم في الدعوى ، وكذلك المستندات المقدمة من هذا الخصم طالما إقتصر الترك عليه وحده دون باقي المدعى عليهم، إذ لا يترتب على الترك زوال أدلة الدعوى وللمحكمة الإستناد إليها في قضائها طالما كانت منتجة بالنسبة لباقي الخصوم أو لبعضهم .
كما يجوز للخصوم التمسك بما تضمنته الورقة التي قدمها أحد الخصوم إن كانت لم تزل مرفقة بالدعوى التي قضى بسقوط الخصومة فيها فإن كانت قد سحبت دون أن يثبت مضمونها بمحضر الجلسة سقط الحكم الصادر في شأنها ومثل ذلك الحكم الصادر بضم الأوراق، أما حلف اليمين والإنتقال للمعاينة فإن تنفيذ الحكم الصادر في شأنها يثبت بمحضر تحرره المحكمة ويعتبر من مرفقات الدعوى وتلتزم المحكمة بما تضمنه ، وقد يتم حلف اليمين دون أن يصدر حكم بالحلف عندما يحضر الخصوم ويوجه أحدهما اليمين إلى الآخر فيحلف أو يرد، وفي هذه الحالة لا يسقط اليمين، ويظل منتجاً لأثره بالرغم من سقوط الخصومة التي تضمنت الحلف. وإذا قام الخبير المنتدب بتنفيذ الحكم الصادر بندبه وأودع تقريره، كان للخصوم للتمسك بما يتضمنه ولا يلحقه السقوط.
فإن كان الحكم الصادر بإجراءات الإثبات لم ينفذ، ولكنه كان مرتبطاً بالشق القطعي إرتباطاً لا يقبل التجزئة ، فإنه يتبع الشق القطعي ويحفظه هذا الشق من السقوط وتلتزم المحكمة بتنفيذه .
ولا يقتصر أثر سقوط الخصومة على الأحكام الصادرة فيها بإجراء الإثبات، وإنما يمتد إلى جميع إجراءات الخصومة التي إتخذت فيها إبتداء ً من رفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب انتهاء بأخر إجراء تم قبل الحكم بالسقوط، فيمتد إلى رفع الدعوى وإعلان صحيفتها وإعادة الإعلان وتبادل المذكرات وتعديل الطلبات وتقديم طلبات عارضة وهو ما ينصرف إلى الدعاوي الفرعية وإبداء الدفاع وإصدار أحكام بإجراء الإثبات، ويترتب على سقوط الخصومة إلغاءً جميع هذه الإجراءات وإعتبارها كأن لم تكن بحيث إذا رفع المدعي دعوى جديدة تعين عليه إعادة كل إجراء يريد التمسك به دون أن يكون له الإحالة إلى ما سبق له التمسك به في الدعوى السابقة حتى لو ضمت الدعوى الجديدة الإستقلال كل منهما عن الأخرى ولأن المحكمة لا تلتزم إلا بالدفاع الذي يبدي في الدعوى المطروحة بصورة واضحة وعلى وجه القطع واليقين.
وإذا ترتب على سقوط الخصومة ، سقوط الحق في رفع الدعوى من جديد كما لو كانت الدعوى السابقة دعوى شفعة مما يوجب القانون رفعها في مدة محددة وإلا سقط الحق فيها، وكان المدعي قد رفع الدعوى ووقف السير فيها مدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح فيها ولم يعجلها خشية التمسك بسقوط الخصومة فيها ثم قام برفع دعوى جديدة بذات الطلبات أمام نفس المحكمة، كان عليها أن تقضي بسقوط الحق في الدعوى دون حاجة للتصدي السقوط الخصومة حتى لو تمسك المدعى عليه بذلك لتعلق سقوط الحق في الدعوى بالنظام العام.
وقد يترتب على سقوط الخصومة سقوط أصل الحق بالتقادم، كما لو تعلقت الدعوى بطلب تثبيت ملكية عقار ورفعت قبل اكتمال مدة التقادم الساري لمصلحة المدعى عليه، فترتب على ذلك قطع هذا التقادم، ولم يعجل المدعي دعواه خشية التمسك بسقوط الخصومة مما يترتب عليه زوال الأساس الذي يستند إليه ، وبرفع دعوى جديدة بذات الطلبات، فإن رفعت إلى ذات المحكمة ، كان للمدعى عليه ضم الدعوى السابقة ويطلب سقوط الخصومة في الدعوى الجديدة إذ يترتب على الضم في هذه الحالة إندماج الدعويين لإتحاد الخصوم والموضوع والسبب ومن ثم يصدر فيهما حكم واحد.
أما إذا رفعت الدعوى إلى محكمة أخرى بذات الطلبات التي أبديت في الدعوى السابقة، ولم تكن مختصة محلياً بنظرها وتمسك المدعى عليه بذلك وبسقوط الخصومة، كان له عند إحالتها إلى المحكمة التي كانت تنظر الدعوى السابقة أن يطلب ضم الدعوى الأخيرة والقضاء بسقوط الخصومة على نحو ما تقدم، فإن كانت المحكمة التي رفعت إليها الدعوى الجديدة مختصة بنظرها وفقاً لأي من قواعد الإختصاص المحلي أو أصبحت مختصة بها لسقوط الحق في الدفع بعدم الإختصاص، وجب على المدعى عليه التمسك بسقوط الخصومة وأن يطلب ضم الدعوى السابقة، ومتى ضمت إندمجت الدعويان لاتحاد الخصوم والموضوع والسبب وأصبحت دعوى واحدة وحينئذ تقضي المحكمة بسقوط الخصومة ، ولا يحول دون ذلك أن يكون المدعى قد طلب في الدعوى الجديدة جزء من الحق الذي كان قد طلبه في الدعوى السابقة إذ يسري على الجزء حكم الكل، فإن كان العكس وطلب في الدعوى الجديدة نفس الحق السابق وأضاف إليه بعضاً من ذات جنسه كإضافة مساحة أخرى للأرض محل الدعوى السابقة، تعين القضاء بسقوط الخصومة في حدود الطلب المشترك.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثالث ، الصفحة 627)
يترتب على سقوط الخصومة زوالها وإلغاء إجراءاتها وما يترتب عليها من آثار ويتحمل المدعي مصاريف الدعوى كذلك يزول قطع التقادم الذي يترتب على تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب لا بإعتباره أثراً من آثار رفع الدعوى وإنما نتيجة لزوال إعلان الصحيفة عملاً بالمادة 720 من القانون ولكن سقوط الخصومة لا يؤثر في الحق المدعي به فيجوز للمدعي أن يطالب به بإجراءات جديدة ما لم يسقط بسبب آخر كإنقضائه بالتقادم ، كما لو رفعت الدعوى ولم يكن باقياً على انقضاء الحق بالتقادم إلا سنة فإنه بتقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب بقطع التقادم ، ولكن بسقوط الخصومة يزول قطع التقادم فيسقط الحق المدعي به بالتقادم ولا يجوز تجديد الدعوى للمطالبة به ، فالحكم بسقوط الخصومة يكون خطراً شديداً كلما كانت الدعوى المحكوم بسقوط الخصومة فيها قد رفعت قبيل إنقضاء الحق المدعى به بالتقادم ولكن سقوط الخصومة لا يلغي الأحكام القطعية التي صدرت في الدعوى ولا الإجراءات السابقة عليها بما فيها صحيفة الدعوى لأن الأحكام القطعية إنما تبني على هذه الإجراءات فالخصومة بالنسبة لسقوطها تنقسم إلى عدة مراحل مستقلة ينتهي كل منها بحكم قطعي يعصمها من السقوط ونظرا لأن الحكم القطعي موضوعياً كان أم فرعياً لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة فيكون من الجائز رفع الخصومة أمام ذات المحكمة التي قضت بإسقاطها في خلال الميعاد المتقدم أياً كانت مدة سقوط الحق الذي أقيمت به الدعوى ، وتستأنف الدعوى سيرها إعتداداً بذلك الحكم القطعي ، لأنه يحمي صحيفة الدعوى من السقوط ويحمي جميع الآثار القانونية المترتبة علي هذه الصحيفة ومنها قطع مدة التقادم.
والأحكام غير القطعية كالأحكام غير المتعلقة بالإثبات تسقط بسقوط الخصومة وسقوط الخصومة لا يلغي الأيمان التي حلفها الخصوم إذ يجوز لخصومهم أن يتمسكوا بها كما لا يلغي أعمال التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت في الدعوى قبل سقوطها بشرط ألا تكون باطلة في ذاتها بحيث يجوز للخصوم أن يتمسكوا بها والنص على عدم سقوط إجراءات التحقيق التي تمت في الدعوى قصد به تفادي ما قد يعود من ضرر علي الخصوم لأنه قد تستحيل إعادة التحقيق بسبب وفاة الشهود الذين سمعوا أو زوال المعالم التي أثبتها الخبراء . ( رمزي سيف ص 592). بالنسبة للأحكام الوقتية فإنها تسقط بسقوط الخصومة أما الإقرارات القضائية للخصوم فلا يتناولها السقوط ومن ثم فليس هناك ما يمنع المحكمة من الأخذ بإقرار صدر في دعوى أخرى قضى بسقوط الخصومة فيها كما أن الأعذار الذي وجهه أحد الخصوم إلي الآخر قبل رفع الدعوى يظل صحيحاً ومنتجاً لأثاره رغم الحكم بسقوط الخصومة.
وسقوط الخصومة قابل للتجزئة عند تعدد المدعي عليهم ما لم يكن موضوعها غير قابل للتجزئة.
وفي حالة ما إذا قضت المحكمة بسقوط الخصومة فإنها لا تتعرض لموضوع الدعوى.
الفرق بين سقوط الدعوى وسقوط الحق :
أن سقوط الخصومة أو إنقضاءها بالتقادم يرد على إجراءات التقاضي أمام المحكمة وينهي الدعوى أمامها إلا أنه لا ينهي الحق في موضوع الدعوى ولا يسقطه بل يظل قائماً ويحق لصاحبه أن يطالب به مالم يكن هذا الحق نفسه قد سقط.
أما سقوط الحق فقد بينه القانون المدني في المواد 374 منه وما بعدها وفي القوانين الأخرى الموضوعية المتعلقة بهذا الحق في مواد متفرقة بين في كل جزئية شروطه ومدته ومن أمثلته سقوط أي دين بالتقادم الطويل ، وسقوط التعويض الناشئ عن فعل الضار ، وسقوط الحق في المطالبة بالأوراق التجارية و سقوط حقوق العمال الناشئة عن عقد العمل ، وسقوط الحق في إقامة دعوى الشفعة ، وسقوط الحق في تحريك الدعوى الجنائية.(التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 480)
آثار سقوط الخصومة : نظم المشرع آثار الحكم بسقوط الخصومة في المادة 137 محل التعليق وأيضاً في المادة 138 بالنسبة الخصومة الإستئناف والخصومة أمام محكمة الالتماس، ويرى البعض في الفقه بحق - أن الحكم بسقوط الخصومة يعتبر حكماً تقريرياً وليس حكماً منشئاً ولهذا فإن آثار السقوط ترتد إلى اللحظة التي تحققت فيها شروطه، فإذا تم عمل في الفترة بين تحقق السقوط وبين تقريره فإنه يكون باطلاً إذ يكون قد تم بعد انتهاء الخصومة (فتحی والی - بند 323 ص 605 وهامش رقم 2 بها). ويترتب على سقوط الخصومة زوالها وإلغاء إجراءاتها بما في ذلك رفع الدعوى وما ترتب عليه من آثار، و يتحمل المدعي مصاريف الدعوى.
فينتج عن الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة افتتاحها فتعتبر كأن لم تكن، وتزول كافة الآثار التي نشأت عن إعلانها فتعود. العلاقة بين الخصوم إلى ما كانت عليه قبل رفع الدعوى، ویستتبع سقوط الخصومة سقوط جميع الطلبات العارضة التي تقدم بها الخصومة أثناء نظر الدعوى. و بسقوط الخصومة تسقط الأحكام الوقتية فيها (نقض 1/ 5/ 1958 ۔ سنة 9 ص 282 أحمد أبو الوفا - المرافعات هامش بند 470، محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 866، نقض 9/ 3/ 1967 - سنة 18 ص 599)، كما تسقط الأحكام التمهيدية والتحضيرية كالحكم بالإحالة على التحقيق (نقض 1/ 5/ 1958 ۔ سنة 9 ص 382)، كما تسقط أيضاً الأحكام الصادرة بجزاءات مالية بصفة تهديدية (مصر الابتدائية الأهلية - 3/ 11/ 1943 - منشور في مجلة المحاماة، سنة 24 ص 222). فبسقوط الخصومة تسقط الأحكام غير القطعية كالأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات، فبالسقوط تزول الخصومة بما تضمنته من أعمال وما أنتجته من آثار سواء كانت آثاراً موضوعية أم آثاراً إجرائية، ولذلك فإن التقادم. يعتبر كأنه لم ينقطع أی یزول قطع التقادم الذي ترتب على تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب. ولكن ينبغي ملاحظة أن الزوال المترتب على سقوط الخصومة يقتصر على إعمال الخصومة انها من الإجراءات السابقة على رفعها، كقرار لجنة المساعدة القضائية، كما لا تأثر بالسقوط الإجراءات التي لا تتعلق بالخصومة كالإشارات الإنذار الذي وجهه أحد الخصوم إلى الآخر قبل رفع الدعوى بظل صحيحاً ومنتجاً لآثاره رغم الحكم بسقوط الخصومة، وقد قضت محكمة النقض بأن الإنذار الذي وجهه البائع إلى المشتري في تاريخ سابق على رفع الدعوى التي قضى بسقوط الخصومة فيها يظل صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية. (نقض 7 / 7/ 1964 - مجموعة النقض سنة 5 ص 947)، كما لا يتناول السقوط إجراءات التنفيذ التي لم تنشأ عنها خصومة قضائية (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 863 وهامشه).
تحصين بعض الأعمال الإجرائية من السقوط : رغم أنه بسقوط الخصومة فإنها تزول وتعتبر كأن لم تكن، إلا أن القانون نص في المادة 137 - محل التعليق - على الإبقاء على بعض أعمال الخصومة، وأدلة الإثبات المقدمة فيها رغم سقوطها، وأساس هذه الإستثناءات هو : مبدأ الإقتصاد في الخصومة (فتحى والى - بند 323 ص 605 و ص 606)، فهذا المبدأ يوحي بإنقاذ بعض أعمال الخصومة التي سقطت وذلك لإستخدامهما خارجها، وهذه الإستثناءات أي الأعمال التي تبقى رغم سقوط الخصومة هي على النحو التالي :
أولاً لا أثر لسقوط الخصومة على الأحكام القطعية التي صدرت في الدعوى ولا على الإجراءات السابقة عليها : ويقصد بالأحكام القطعية التي تصدر أثناء الخصومة وتبقى رغم سقوط الخصومة نفسها، الأحكام التي تحسم بعض طلبات الخصوم وتحوز الحجية، أو تلك التي تصدر في أحد الطلبات حاسمة نقطة من نقط النزاع ولو لم تحز الحجية بالمعنى الصحيح (نقض 24 / 2/ 1970 - سنة 21 ص 312). فقد أراد المشرع أن يحتفظ بالحكم القطعي، وبآثاره خارج الخصومة التي صدر فيها رغم أنه تطبيقا للقواعد العامة لا يرتب - إذا لم يكن له حجية الأمر المقضي - أثراً خارج الخصومة التي صدر فيها، وإذا بقي الحكم القطعي محتفظاً بأثاره، فإن مؤدى هذا - منطقياً - ألا تسقط الأعمال الإجرائية السابقة عليه، والتي يعتمد عليها الحكم، وقد نصت المادة 137 مرافعات على ذلك، على أن عدم سقوط هذه الأعمال ليس له أهمية إلا كضرورة منطقية لإمكان القول ببقاء الحكم الذي اعتمد عليها، فلا يكون لهذه الأعمال أي أثر إلا باعتبارها مفترضاً لهذا الحكم (فتحى والي - بند 323 ص 606) .
إذن إذا صدر حکم قطعي وحکم بسقوط الخصومة فتكون صحيفة الدعوى بمنجى من السقوط ولا تزول الآثار القانونية المترتبة على إعلانها، ولا تسقط هذه الأحكام القطعية ولو كانت صادرة في مسألة متفرعة عن الخصومة كما إذا تعلقت بسيرها أو بإثباتها، لأن الخصومة بالنسبة للسقوط تنقسم إلى عدة مراحل مستقلة ينتهي كل منها بحكم قطعي يعصمها من السقوط (رمزي سیف - بند 468 ص 592) إنما تسقط الأحكام التمهيدية والتحضيرية كالحكم بالإحالة على التحقيق والأحكام القطنية والأحكام الصادرة بجزاءات مالية بصفة تهديدية وقد مضت الإشارة إلى ذلك أنفا.و
والحكم الصادر بعدم الإختصاص والإحالة عملا بالمادة 110 مرافعات فهو لا يسقط بإسقاط الخصومة، ويحمي صحيفة الدعوى من السقوط.
ولما كان الحكم القطعي موضوعيا كان أم فرعياً لا يسقط إلا بمضى خمس عشرة سنة، فيكون من الجائز تجديد الخصومة أمام ذات المحكمة التي قضت بإسقاطها في خلال الميعاد المتقدم، أيا كانت مدة سقوط الحق الذي أقيمت به الدعوى، و تستأنف الدعوى سيرها إعتداداً بذلك الحكم القطعي، لأنه يحمي صحيفة الدعوى من السقوط ويحمى جميع الآثار القانونية المترتبة على هذه الصحيفة ومنها قطع مدة التقادم، ويظل هذا الأثر ما بقي الحكم قائماً ، بصريح نص المادة 137 التي تقول أن السقوط لا يلحق الأحكام القطعية ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 625).
ويلاحظ أنه إذا كان الحكم قائماً على شق قطعي نجا جميعه من السقوط.
(نقض30 / 3 1944 - سنة 297 ص 579، محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 864).
ثانياً : لا أثر لسقوط الخصومة على الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الأيمان التي حلفوها : وفقاً لنص المادة 137 مرافعات - محل التعليق - لا يؤثر سقوط الخصومة على الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الأيمان التي حلفوها، وإنما تبقى، ويحتفظ الإقرار واليمين في الخصومة الجديدة بقوته في الإثبات التي له في الخصومة السابقة، ولهذا يكون للإنزار قوة الإقرار القضائي، إذ لا يتناول السقوط إقرارات الخصوم وأيمانهم بما يتيح للمحكمة الاعتماد على ما صدر من الخصوم من إقرارات وإيمان في دعوى أخرى قضى بسقوط الخصومة فيها.
(نقض 19/ 3/ 1967 - سنة 18 ص 599).
ثالثاً : لا أثر لسقوط الخصومة على إجراءات التحقيق وأعمال الخبرة التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها : تنص المادة 137 - محل التعليق . في فقرتها الأخيرة على أن السقوط لا يمنع الخصوم من أن يتمسكوا بإجراءات التحقيق وأعمال الخبرة التي تمت ما لم تكن باطلة في نانها، وهذا النص على عدم سقوط إجراءات التحقيق التي تمت في الدعوى قصد به تفادي ما قد يعود من ضرر على الخصوم، فقد تستحيل إعادة التحقيق بسبب وفاة الشهود الذين سمعوا، أو زوال المعالم التي أثبتها الخبراء، هذا فضلا عن أن القول بسقوط ما تم من أعمال التحقيق يجافي روح التشريع في قانون المرافعات الحالي الذي يبيح الالتجاء إلى القضاء المحافظة على الدليل قبل رفع الدعوى الموضوعية إلى المحكمة (رمزي سیف - بند - 469 - ص 594) إذن ما تم من إجراءات التحقيق وأعمال الخبرة يمكن التمسك به ما لم يكن باطلا في ذاته، وحكمة ذلك أنه يمكن اعتبارها في ذاتها إجراءات مستقلة عن إجراءات الخصومة الأصلية، بدليل أنها يمكن أن تتم في خصومة مستقلة، على أنه بلاحظ أن تقدير شهادة الشهود أو تقديم رأي الخبير يبقى من سلطة المحكمة التي تجري أمامها الخصومة الجديدة . (فتحى ولى - بند: 323 ص 607) .
بقاء الحق الموضوعي محل الدعوى، وكذلك الحق في الدعوى رغم سقوط الخصومة : لا يتأثر الحق الموضوعي المطلوب حمايته قضائيا بسقوط الخصومة، إذ سقوط الخصومة أو انقضائها بالتقادم يرد على إجراءات التقاضي أمام المحكمة، وينهى الدعوى أمامها إلا أنه لا ينهي الحق موضوع الدعوى ولا يسقطه، بل يظل قائما ويحق لصاحبه أن يطالب به ما لم يكن هذا الحق نفسه قد سقط لسبب آخر. وسقوط الحق الموضوعي بينه المشرع في القانون المدني في المواد 374 منه وما بعدها وفي القوانين الأخرى الموضوعية المتعلقة بهذا الحق في مواد متفرقة بين كل من جزئية شروطه ومدته ومن أمثلته سقوط أی دين بالتقادم الطويل، وسقوط التعويض الناشئ عن الفعل الضار، وسقوط الحق في المطالبة بالأوراق التجارية وسقوط حقوق المال الناشئة عن عقد العمل، وسقوط الحق في إقامة دعوى الشفعة، وسقوط الحق في تحريك الدعوى الجنائية وغير ذلك.
إذن سقوط الخصومة لا يؤثر في الحق المدعى به فيجوز للمدعى أن يطالب به بإجراءات جديدة ما لم يسقط بسبب آخر كانقضائه بالتقادم، كما لو رفعت الدعوى ولم يكن باقيا على انقضاء الحق بالتقادم إلا سنة فإنه بتقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب ينقطع التقادم، ولكن بسقوط الخصومة بزول قطع التقادم فيسقط الحق المدعى به بالتقادم ولا يجوز تجديد الدعوى للمطالبة به فالحكم بسقوط الخصومة يكون خطرا شديدا كلما كانت الدعوى المحكوم بسقوط الخصومة فيها قد رفعت قبيل انقضاء الحق المدعى به بالتقادم بوقت قصير. فلا يترتب على سقوط الخصومة أي مساس بأصل الحق الذي رفعت به الدعوى ويكون للمدعي الحق في تجديد دعواه ما لم يكن حقه قد سقط بسبب من أسباب السقوط، أو سقط بالتقادم، إنما إذا كان الحق الذي رفعت به الدعوى من الحقوق التي تسقط بمضي سنة واحدة أو أقل سقط بسقوط الخصومة لأن قطع التقادم الذي ترتب بإقامة الدعوى يزول ويبطل بسقوطها. كذلك لا أثر لسقوط الخصومة على الحق في الدعوى، ولهذا يمكن للمدعي - ولو سقطت الخصومة - أن يبدأ خصومة جديدة للحصول على حكم لصالحه فى الدعوى، على أن السقوط قد يؤثر في الدعوى بطريق غير مباشر إذا حدث وكان الحق في الدعوى قد تقادم. ذلك أن السقوط يؤدي إلى زوال الأثر القاطع للتقادم الناشئ عن صحيفة الدعوى، فيعتبر التقادم كأنه لم ينقطع مما يعرض الدعوى للانقضاء بالتقادم قبل رفعها من جديد (فتحی والی - بند 323 - ص 605).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث ، الصفحة : 424 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).