1- إذا كان الثابت فى الأوراق أن وكيل المصرف الطاعن مثل أمام هذه المحكمة بجلسة 21/2/2024 وأبدى طلبه شفوياً بتنازله عن الخصومة فى الطعن وتم إثباته فى محضر الجلسة وقدم توكيلاً رسمياً عاماً رقم 10 ج سنة 2018 توثيق بنوك صادراً من المصرف الطاعن إليه والذى يبيح له الترك والتنازل عن الطعن بالنقض، بما تتحقق معه إحدى الطرق التى تتطلبها المادة 141 من قانون المرافعات فى شأن ترك الخصومة، وإذ كان التنازل عن الطعن قد تم بعد انقضاء ميعاد الطعن بالنقض فقد أصبح ملزماً للطاعن بغير حاجة إلى قبول يصدر من المطعون ضدهم، ومن ثم يتعين الحكم بإثبات هذا التنازل مع إلزام الطاعن مصروفات الطعن دون الحكم بمصادرة الكفالة إذ لا يُحكم بمصادرتها حسبما يفصح عنه نص المادة 270 / 1 من قانون المرافعات إلا فى حالة الحكم بعدم قبول الطعن أو برفضه أو بعدم جواز نظره .
( الطعن رقم 13105 لسنة 88 ق - جلسة 6 / 3 / 2024 )
2 ـ يجرى نص المادة 141 من قانون المرافعات على أن يكون ترك الخصومة بإعلان التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح فى مذكرة موقعه من التارك أو من وكيله مع إطلاع محضر عليها أو بإبدائه شفوياً بالجلسة و إثباته فى المحضر ، و يجرى نص المادة 142 من ذات القانون على أنه لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله و مع ذلك لا يلتفت لإعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم إختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضى فى سماع الدعوى و المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا حاجة لقبول الخصم الآخر ترك الخصومة عند إنتفاء مصلحته المشروعة فى إستمرار الخصومة .
(الطعن رقم 2342 لسنة 51 جلسة 1984/12/16 س 35 ع 2 ص 2114 ق 401)
3 ـ إذ كانت المادة 141 من قانون المرافعات تجيز إبداء ترك الخصومة ببيان صريح من التارك فى مذكرة موقع عليها منه مع إطلاع خصمه عليها و كان الإقرار المكتوب الموقع عليه من الطاعنة الثالثة و الذى صدق عليها بمكتب توثيق دمنهور قد تضمن بياناً صريحاً بتركها الخصومة فى هذا الطعن فإن هذا الإقرار الذى قدم إلى المحكمة و أطلع عليه الخصوم يقوم مقام المذكرة الموقع عليها من هذه الطاعنة ، و من ثم يتعين القضاء بقبول ترك الطاعنة الثالثة الخصومة فى الطعن .
(الطعن رقم 2090 لسنة 54 جلسة 1990/12/13 س 41 ع 2 ص 868 ق 312)
4 ـ إذ كان الثابت من الإقرار الموثق المقدم من الطاعن أنه تضمن إقراراً صريحاً لا غموض فيه بتنازله عن طعنه وترك الخصومة فيه وكان تقديم هذا الإقرار بالترك والتنازل للمحكمة من الطاعن يقوم مقام المذكرة الموقعة عليها منه بما يتحقق به إحدى الطرق التى تتطلبها المادة 141 من قانون المرافعات فى شأن ترك الخصومة وكان الإقرار بالترك قد تم بعد ميعاد الطعن بالنقض ومن ثم أصبح ملزماً للطاعن بغير ما حاجة إلى قبول يصدر من المطعون ضده وإذ كان موضوع الدعوى لا يتعلق بالنظام العام بما مفاد ذلك جميعه أنه قد توافرت كافة الشرائط اللازمة لقبول ترك الطاعن للخصومة فى الطعن .
(الطعن رقم 2762 لسنة 58 جلسة 1993/01/28 س 44 ع 1 ص 338 ق 62)
5 ـ إذا كان الثابت أن عقد الصلح الذى طلبت المطعون ضدها أخذ الطاعن به يعد بيانا كتابيا صريحاً موقعا من الطرفين يقرر فيه الطاعن ترك الخصومة فى هذا الطعن ، على نحو تتحقق به إحدى الطرق التى تتطلبها المادة 141 من قانون المرافعاتفى شأن ترك الخصومة . و كان الطاعن قد قرر فى عقد الصلح نزوله عن الطعن بعد أن كان ميعاد الطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه قد إنقضى وقت إقراره بهذا النزول ، و لما كان الطاعن قد أقام دعوى بطلب فسخ عقد الصلح فإن النزول عن الطعن - أو ترك الخصومة فيه حسب تعبير قانون المرافعات - متى حصل بعد إنقضاء ميعاد الطعن فإنه يتضمن بالضرورة نزولا من الطاعن عن حقه فى الطعن ، و إذ كان النزول عن الحق فى الطعن يتم و تتحقق آثاره بمجرد حصوله بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر ، و لا يملك المتنازل أن يعود فيما أسقط حقه فيه ، فإن ترك الخصومة بعد فوات ميعاد الطعن لا يجوز الرجوع إليه ، إعتبارا بأنه يتضمن تنازلا عن الحق فى الطعن ملزما لصاحبه بغير حاجة إلى قبول يصدر من المتنازل إليه ، لما كان ذلك ، و كان ترك الطاعن الخصومة فى الطعن قد تم و إنتج أثره فلا يغير منه إقامة التارك بعد ذلك الدعوى بطلب فسخ عقد الصلح ، و من ثم فانه يتعين الحكم بقبول هذا الترك .
(الطعن رقم 1052 لسنة 45 جلسة 1979/05/05 س 30 ع 2 ص 287 ق 237)
6 ـ إذ كان نص المادة 141 من قانون المرافعات الذى أجاز ترك الخصومة نصاً عاماً لم يخصصها بنوع معين من الدعاوى التى يختص القضاء المدنى بنظرها و كانت المواد 146 و ما بعدها من قانون المرافعات فى شأن عدم صلاحية القضاه و ردهم و تنحيتهم لم تنص على عدم جواز التنازل عن طلب الرد و كانت طبيعة طلب الرد لا تتجافى مع التنازل عنه ، و كان الشارع عندما أصدر أخيراً القانون رقم 95 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية و التجارية رقم 13 لسنة 1968 قد أضاف مادة جديدة رقم 162 مكرر تنص على أنه " إذا قضى برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه ، لا يترتب على تقديم أى طلب آخر وقف الدعوى الأصلية " و عدل المادة 159 من قانون المرافعات فأضاف فترة جديدة تنص على أنه " و فى حالة التنازل عن طلب الرد تحكم المحكمة بمصادرة الكفالة " مما يؤكد أن القانون لا يمنع التنازل عن طلب الرد شأنه شأن أى طلب آخر لصاحبه التمسك به أو التنازل عنه ، و لا يحول دون ذلك ما نصت عليه المادة 1/142 من قانون المرافعات من أن الترك لا يتم بعد إبداء المدعى طلباته إلا بقوله ، لأن القاضى ليس طرفاً ذا مصلحة شخصية فى الخصومة فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن التنازل عن طلب الرد يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 967 لسنة 44 جلسة 1978/01/05 س 29 ع 1 ص 96 ق 26)
7 ـ إذ كانت المادة 141 من قانون المرافعات تجيز إبداء ترك الخصومة ببيان صريح من التارك فى مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها و كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول فى قضائه بإثبات ترك الطاعن الخصومة فى الإستئناف على أن الإقرار المقدم من المطعون عليه و المصدق عليه بمكتب توثيق شمال القاهرة يحمل توقيع الطاعن و يتضمن بياناً صريحاً منه بتنازله عن إجراءات السير فى الإستئناف و أنه بهذه المثابة يقوم مقام المذكرة الموقع عليها منه ، و كان ما أورده الحكم فى هذا الخصوص صحيح فى القانون إذا لم يستلزم الشارع شكلاً معيناً للمذكرات التى يقدمها الخصوم فى الدعوى أو يحدد طريقاً معيناً لتقديمها إلى المحكمة و إنما ما أوجبه أن تكون موقعة من التارك أو وكيله و أن يكون بيان الترك صريحاً لا غموض فيه و أن يطلع عليها الخصم و هو ما توافر فى الإقرار الصادر من الطاعن على النحو المتقدم بيانه ، لما كان ما تقدم فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون و القصور و الفساد فى الإستدلال يكون على غيرأساس.
(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص 1649 ق 304)
(الطعن رقم 675 لسنة 42 جلسة 1976/03/03 س 27 ع 1 ص 562 ق 113)
8- المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز الترك في أية حالة كانت عليها الدعوى مادام لم يقفل باب المرافعة فيها، ويجوز الترك في الطعن بالنقض أن النزول عن الطعن أو ترك الخصومة فيه حسب تعبير قانون المرافعات متى حصل بعد انقضاء ميعاد الطعن فإنه يتضمن بالضرورة نزولًا من الطاعن عن حقه في الطعن إذ هو لا يستطيع ممارسة هذا الحق مادام ميعاد الطعن قد انقضى، وإذ كان النزول عن الحق في الطعن يتم وتتحقق آثاره بمجرد حصوله بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر عند انتفاء مصلحته المشروعة في استمرار الخصومة، ولا يملك المتنازل أن يعود فيما أسقط حقه فيه، فإن ترك الخصومة بعد فوات ميعاد الطعن لا يجوز الرجوع فيه باعتبار أنه يتضمن تنازلًا عن الحق في الطعن ملزمًا لصاحبه بغير حاجة إلى قبول يصدر من المتنازل إليه. وكان مفاد نصوص المواد 141 و 142 و 143 من قانون المرافعات أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها وتتحقق أثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي القاضي في الحكم بإثبات الترك إذ هذا الحكم ليس قضاء في خصومة بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده من الدعوى، وأن ترك الخصومة لا يمتد أثره إلا بالنسبة للخصم الذي أبدى طلب الترك والخصم الذي وجه إليه هذا الطلب دون بقية الخصوم، مما مؤداه اعتبار الخصومة غير قائمة بالنسبة لمن حصل ترك الخصومة قبله إذا كانت قابلة للتجزئة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن وكيل الطاعنين من الأول للسادس- دون الطاعنة الثانية والذي لم يقدم التوكيل رقم 1242 ق لسنة 2021 توثيق مدينة نصر الصادر منها إلى الطاعن الأخير الذي وكل المحامي مقدم الطلب قد مثل بالجلسات وأبدى طلبًا بالترك والتنازل عن الطعن وتم إثباته في محضر الجلسة وقدم التوكيل الخاص رقم 1086 ص لسنة 2023 توثيق نادي الشمس الذي يبيح له الترك والتنازل عن الطعن بالنقض- بما تتحقق معه إحدى الطرق التي تتطلبها المادة ١٤١، 142 ، 143 من قانون المرافعات في شأن ترك الخصومة، وإذ كان التنازل عن الطعن قد تم بعد انقضاء ميعاد الطعن بالنقض فقد أصبح ملزمًا للطاعنين – عدا الثانية - بغير حاجة إلى قبول يصدر من المطعون ضدها، ومن ثم يتعين الحكم بإثبات هذا الترك قبلهم جميعاً – عدا الطاعنة الثانية لعدم تقديم سند الوكالة الذي يبيح ذلك.
(الطعن رقم18795 لسنة 89 ق - جلسة 18 / 10 / 2023)
ترك الخصومة
تعريفه : ترك الخصومة هو إعلان المدعي إرادته في إنهاء الخصومة بغير حكم في موضوع الدعوى وقد يجد المدعي ، رغم أنه هو الذي بدأ الخصومة ، أن من مصلحته إنهائها دون حكم في الدعوى . من هذا مثلاً أن يكون قد أخطأ فرفع الدعوى بإجراءات معيبة أو أمام محكمة غير مختصة ، فيكون من مصلحته - إقتصاد في الوقت والمصاريف - أن يترك هذه الخصومة ليبدأ خصومة جديدة بإجراءات صحيحة أو أمام المحكمة المختصة . أو أن يكون قد تسرع في رفع الدعوى قبل أن يعد أدلة الإثبات الكافية ، فيترك الخصومة حتى يتسنى له رفع الدعوى من جديد بعد أن يكون قد أعد أدلته.
وللمدعى أو الطاعن ترك الخصومة ، ولو كانت الدعوى غير مقبولة أو كان الطعن غير جائز ، ذلك أن الترك يرد على الخصومة بصرف النظر عن صحة إجراءاتها أو توافر شروط قبول رفع الدعوى أو الطعن . على أن الحكم بترك الخصومة يفترض أن تكون المحكمة مختصة بالدعوى. فإذا تبين لها أنها غير مختصة بالدعوى ، وكان عدم إختصاصها متعلقاً بالنظام العام ، فإنها يجب أن تقضي بعدم إختصاصها والإحالة إلى المحكمة المختصة . ونفس الأمر إذا كان عدم الإختصاص لا يتعلق بالنظام العام ، وتمسك المدعى عليه به في الوقت المناسب . ويكون الفصل في طلب المدعى ترك الخصومة من سلطة المحكمة المحال إليها .
شروطه :
لكي يصح الترك وينتج آثاره يجب :
(1) أن يصدر من المدعي . فهو الذي بدأ الخصومة ، فله وحده أن يتركها . فإذا تعلق الترك بخصومة الطعن ، فإن للطاعن وحده ترکها. وإذا تعدد المدعون (أو الطاعنون) ، فإنه يجوز أن يبدي الترك من بعض المدعين دون البعض الآخر . وعندئذ يرتب الترك آثاره فقط بالنسبة لمن أبداه ، وتبقى الخصومة بالنسبة للباقين . وذلك إلا إذا كان موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة، فعندئذ يرتب الترك - ولو صدر فقط من بعض المدعين - آثاره بالنسبة الجميع المدعين .
(2) أن تتوافر لدى التارك الأهلية الإجرائية اللازمة لبدء الخصومة وليس للوكيل بالخصومة أن يترك - بموجب توكيله العام - الخصومة ، بل تلزم لذلك وكالة خاصة.
(3) أن يتم الترك في الشكل الذي ينص عليه القانون . ووفقاً للقانون المصري يجب أن يتم الترك إما بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها ، أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في محضرها (مادة 141 مرافعات) . ويقوم مقام المذكرة الموقعة من الخصم ، إقراره الموثق في الشهر العقاري والذي يتضمن بياناً صريحاً بترك الخصومة ، ذلك أن القانون لم يتضمن شكلاً معيناً المذكرة أو يحدد ميعادة معينة لتقديمها . وأيا كان شكل الترك ، فإنه يجب أن يكون صريحاً فلا يستفاد ضمناً. على أنه يمكن أن يتم في أية حالة كانت عليها القضية أمام المحكمة ولو بعد قفل باب المرافعة .
(4) أن يتضمن تحديد الخصومة التي يشملها الترك وألا يكون معلقاً على شرط أو متضمناً أي تحفظ . فليس للمدعي أن يترك الخصومة مشترطاً مثلا ألا يرتب الترك أثراً معيناً من آثاره أو يشترط أن ينفذ الأثر بعد وقت معين.
(5) أن يقبله المدعى عليه . وعلة هذا الشرط أن تقديم المطالبة القضائية ينشىء للمدعى عليه الحق في صدور حكم من المحكمة برفض الدعوى ولو كان المدعي على إستعداد لترك الخصومة .
النزول عن عمل من أعمال الخصومة : ترك الخصومة يعني النزول عن الخصومة برمتها . فإذا نزل الخصم عن عمل فقط من أعمال الخصومة فإن هذا العمل وحده يعتبر كأن لم يكن (مادة 144 مرافعات) دون أن يؤثر ذلك في بقاء الخصومة . ومثاله أن ينزل الخصم عن طلبه الإستشهاد بشهود أو عن أحد دفوعه في الدعوى . و إذا نزل الخصم عن عمل فإنه لا يملك الرجوع فيما نزل عنه . ومن المسلم إختلاف أحكام هذا النزول عن أحكام ترك الخصومة فيما يلي :
1- ترك الخصومة يجب أن يكون بإعلان صريح (مادة 141 مرافعات) في حين أن النزول عن عمل إجرائي يمكن أن يكون صريحاً أو ضمنياً (مادة 144 مرافعات) .
2- يحتاج ترك الخصومة إلى وكالة خاصة ، أما النزول عن عمل إجرائي فيمكن أن يتم بواسطة الوكيل بالخصومة دون توكيل خاص .
3- ترك الخصومة لا يكون إلا من المدعي ، أما النزول عن عمل إجرائي فيمكن أن يتم من المدعي ، أو من المدعى عليه ، أو من الخصم المتدخل أو الخصم المدخل .
4- لا يتم الترك - كقاعدة - إلا بقبول المدعى عليه ، أما النزول عن عمل إجرائي فإنه يتم بمجرد التقرير به دون حاجة لقبول من الطرف الآخر.
5- يترتب على الترك زوال الخصومة برمتها ، أما النزول عن عمل إجرائي فانه لا يؤدي إلا إلى اعتبار هذا العمل كأن لم يكن . على أنه يلاحظ أنه إذا كان هناك عمل إجرائي يعتمد على العمل الذي حدث النزول عنه ، فإنه يعتبر هو الآخر كأن لم يكن . ومن ناحية أخرى ، لأن حجية الحكم تتعلق بالنظام العام ، فإن من صدر لمصلحته الحكم لا يستطيع النزول عنه ورفع الدعوى من جديد للحصول على حكم آخر . ولهذا فانه إذا نزل المحكوم له عن الحكم ، فإن هذا النزول «يستتبع النزول عن الحق الثابت فيه» (مادة 145 مرافعات) سواء نص على ذلك في ورقة التنازل أم لم ينص . فلا يستطيع المطالبة به من جديد، ويصبح الحكم غير قائم ولهذا لا يقبل الطعن فيه. ولهذا يجب للنزول عن الحكم توافر صلاحية النزول عن الحق الثابت فيه .
النزول عن الحق في الدعوى : النزول عن الحق في الدعوى هو إعلان من المدعي بأن طلبه أمام القضاء لا يقوم على أساس . وبه ينقضي الحق في الدعوى . وتختلف أحكام النزول عن الدعوى عن أحكام ترك الخصومة فيما يلى :
1- يكفي بالنسبة لترك الخصومة الأهلية الإجرائية ، أما النزول عن الدعوى ، فتشترط فيه أهلية التصرف .
2- لا يتم ترك الخصومة - كقاعدة - إلا بقبول المدعى عليه ، أما النزول عن الدعوى ، فلا حاجة فيه لقبول المدعى عليه ، ذلك أنه يتم المحض مصلحة هذا الأخير .
3- يترتب على ترك الخصومة انتهاؤها ، أما النزول عن الدعوى فإنه لا ينهي الخصومة إلا إذا لم يكن المدعى عليه قد تقدم بطلب عارض بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى إذ عندئذ تبقى الخصومة حتى يفصل في هذا الطلب ، ما لم ينزل المدعى عليه عنه .
4 - ترك الخصومة عمل إجرائي لا يتم إلا في الخصومة - أما النزول عن الدعوى فانه يمكن أن يتم قبل نشأة الخصومة أو بعد قيامها ، أمام القضاء أو خارج مجلسه . ولهذا فإن النزول عن الدعوى يعتبر تصرفاً قانونياً من القانون الخاص يخضع لقواعد هذا القانون .
5- من ترك الخصومة له رفع الدعوى من جديد . ولا يجوز ذلك لمن نزل عن حقه في الدعوى .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 358)
ترك الخصومة:
يقصد بترك الخصومة التنازل عنها والتخلي عن الإجراءات التي تمت فيها، ويقدم طلب الترك من المدعى أو من الطاعن بصفة صريحة قاطعة في الدلالة على انصراف قصده إلى ذلك، ولا يلزم النص على ترك الخصومة حتى تقضي المحكمة بإثبات الترك ، وإنما يكفي أن يتضمن الطلب ما يدل على إنصراف قصد المدعى إلى تركه الخصومة ، فقد يطلب إلى المحكمة إثبات تنازله عن الدعوى وحينئذ ينصرف ذلك التعبير الصريح إلى ترك الخصومة ، فتقضي المحكمة بإثبات ترك المدعى للخصومة، ولا تثريب عليها إذا قضت بإثبات تنازله عن الدعوى إذ ينصرف ذلك إلى تركه الخصومة ، ما لم يوجد نص يفرق بين التنازل والترك كما في النص المتعلق برد القضاة على نحو ما يلي .
ولا تبحث المحكمة الأسباب التي أدت بالمدعى إلى ترك الخصومة وإنما يقتصر بحثها في مدى توافر الشروط اللازمة لذلك، فإذا تبين لها توافرها قضت بإثبات ترك المدعى - أوالطاعن - للخصومة وإلا طرحت هذا الطلب ولو ضمنا كما إذا ثبت لديها انتفاء الشروط اللازمة لذلك فتصدت لموضوع الدعوى وقضت فيه وهو ما ينطوي على قضاء ضمني برفض طلب ، الترك ولا تلتزم في هذه الحالة بالرد عليه ولكن يخضع قضاؤها للطعن إذا كانت شروط الترك متوافرة، وحينئذ تقضى المحكمة الإستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف و بإثبات ترك المدعي للخصومة.
وللمدعي ترك الخصومة في أية حالة تكون عليها الدعوى ولم يقيده المشرع بوقت معين لإبداء هذا الطلب ومن ثم يجوز له إبداؤه بعد صدور حکم تمهيدي في الدعوى ولو بعد تنفيذه. فإذا أبدى قبل ذلك أمام عضو الدائرة المنتدب للتحقيق، وجب إثبات ذلك في محضر التحقيق، فإن لم يكن المدعي عليه قد أبدى طلباً في الدعوى تعين على المحقق إعادة الدعوى للمرافعة حتى تنظر المحكمة بكامل هيئتها في طلب الترك والقضاء بإثبات ترك المدعى للخصومة ، ولما كان إبداء طلب الترك في الحالة التي لم يكن المدعى عليه قد تقدم بطلب يعتبر إسقاطاً من المدعي لحقه في الإستمرار في الخصومة ومن ثم ينتج الترك أثره فور إبداء الطلب دون حاجة لصدور حكم بإثبات الترك مما يترتب عليه بطلان الإجراءات التي تتخذ بعد ذلك ومنها سماع أقوال الشهود، وهو بطلان نسبي لا يجوز التمسك به إلا من تقرر لمصلحته أما إذا و تبين للمحقق سبق إبداء المدعى عليه لأحد الطلبات ، كان له الاستمرار في سماع الشهود دون أن يتصدى لطلب الترك اكتفاء بإثباته بمحضر التحقيق، وإذا أبدى الطلب أمام الخبير، أثبته في محضر أعماله وأعاد الأوراق للمحكمة للفصل في طلب الترك ، إما بإثباته أو برفضه وإعادة الدعوى للخبير لمباشرتها وفقاً للحكم التمهيدي السابق كما لا يحول دون الترك إصدار حكم قطعي في شق من النزاع وفي هذه الحالة لا يمتد الترك إلى هذا الشق إلا وفقاً للمادة (145).
وإذ يترتب على إبداء المدعى طلبه بترك الخصومة دون أن يكون المدعى عليه قد تقدم بطلبات عارضة ، أن تنقضي الخصومة حتماً وبقوة القانون دون حاجة لصدور حكم، وبالتالي لا توجد بعد تقديم الطلب خصومة تكون محلا الحكم قضائي إذ تنحسر ولاية القاضي عن التصدي للخصومة المنقضية، بحيث إن صدر حكم فيها، كان منعدماً لفقد ركن أساسي يتمثل في الفصل في خصومة. وقد إعتبرت محكمة النقض الحكم الذي يصدره القاضي في دعوى أوقفت بقوة القانون بسبب طلب رده هو حكم منعدم لإنحسار ولايته عنها .
وإذ يترتب على وفاة أحد الخصوم قبل أن تتهيأ الدعوى للحكم في موضوعها إنقطاع سير الخصومة بقوة القانون بغير حاجة لصدور حکم به دون توقف على علم الخصم الآخر بحصول هذه الوفاة، وهو ما يترتب عليه وقف الدعوى ، وقد إستقر القضاء على بطلان الإجراءات والأحكام التي تصدر خلال فترة الإنقطاع دون إنعدامها.
وللمدعي إبداء طلب ترك الخصومة خلال فترة حجز الدعوى للحكم وذلك بإعلان منه للمدعى عليه على يد محضر أو بيان صريح في مذكرة موقعة منه أو من وكيله بشرط إطلاع خصمه عليه، وحينئذ تقضى المحكمة بإثبات الترك ولو لم تكن قد صرحت بتقديم مذكرات أو مستندات طالما ثبت لها أن المدعى عليه لم يبد طلباته أثناء نظر الدعوى، ويعتبر طلب الترك في هذه الحالة إسقاطاً من المدعي لحقه في الاستمرار في إجراءات الخصومة مانعاً من إصدار حكم في الموضوع بحيث إن صدر کان منعدماً لصدوره في خصومة منقضية. أما إذا تبين أن المدعى عليه أبدى طلباته، طرحت المحكمة طلب الترك ما لم يكن قد أثبت بالمذكرة عند إطلاعه عليها أو بالإعلان قبوله للترك.
وترك الخصومة تصرف إرادي يجب أن يكون صادرا عن إرادة صحيحة ، ويقع باطلاً إذا شابها عيب من العيوب المفسدة لها وفقاً للقواعد العامة المقررة في القانون المدني، كما يبطل إذا بني على غش باعتبار أن الغش يبطل التصرفات ولو لم يجر نص بذلك.
وإذا كانت الدعوى لا تستقيم إلا بإختصام خصم معين تمكيناً له من مواجهة المدعى فيها، فلا يجوز للأخير ترك الخصومة بالنسبة له، مثال ذلك أن الدعاوى التي ترفع بهدم عقار، يجب أن يختصم فيها الجهة القائمة على أعمال التنظيم، ومتى مثلت في الدعوى، فلا يجوز للمدعي ترك الخصومة بالنسبة لها.
كما يمتنع ترك الخصومة إذا تعلقت بالنظام العام، كدعوى بطلان البيع الصادر الأجنبي، إذ يوجب القانون على المحكمة أن تتصدى لمثل هذه الدعاوی من تلقاء نفسها، وبالتالي تلتفت عن طلب ترك الخصومة فيها.
ويجب التصدي المحكمة لطلب الترك أن تكون الخصومة مقبولة وجائزة. بإعتبار أن هذا الطلب يرد على خصومة بسطت المحكمة ولايتها عليها وحال دونها والحكم فيها، وهو مالا يتحقق إذا كانت الدعوى غير مقبولة أو كان الطعن غير جائز، وحينئذ تلتفت المحكمة عن طلب الترك وتقضي بعدم قبول الدعوى أو الطعن أو بعدم جواز أي منهما.
الإجراء الذي يتم به الترك:
حدد المشرع تحديد حصر الإجراءات أو الوسائل التي يتخذها المدعى أو الطاعن لترك دعواه أو طعنه بما نص عليه في المادة (141) سالفة البيان، ولا يكفي مجرد اتخاذ أي من هذه الإجراءات للقضاء بإثبات الترك ، وإنما يجب أن يتضمن الإجراء اللفظ الصريح الذي يقرع سمع المحكمة ويدل دلالة واضحة على أن المدعي يقصد ترك دعواه ، ولا يشترط أن يكون ذلك بلفظ «ترك الخصومة» وإنما يكفي في هذا الصدد أن يتضمن الإجراء لفظاً يدل بوضوح على إتجاه إرادة المدعى إلى ذلك، مثال ذلك أن يقرر المدعى أنه يتنازل عن دعواه ، أو عن مخاصمة أحد المدعى عليهم، أو يقرر أنه يتخلى عن دعواه ، أو يطلب عدم استمراره فيها، وما إلى ذلك من ألفاظ صريحة تدل بوضوح على إنصراف قصد المدعى إلى ترك دعواه. فإن غم اللفظ وثار الشك في المراد منه، فلا ينصرف إلى الترك وتلتزم المحكمة حينئذ بالاستمرار في نظر الدعوى ما لم يتقدم المدعى بطلب جديد يفصح فيه عن حقيقة قصده.
ومفاد ما تقدم أن الترك لا يفترض ولا يجوز للمحكمة أن تستخلصه من وقانع وإجراءات الدعوى ولا يستثنى من ذلك إلا الحالة التي نصت عليها المادة (128) على التفصيل الذي أوضحناه بصددها. ونتناول فيما يلي الإجراءات أو الوسائل التي حددها المشرع ليسلكها المدعى إفصاحاً عن إرادته في ترك الخصومة.
(أ) الإعلان على يد محضر :
يجب على المدعي إذا رغب في ترك الخصومة ، أن يعلن هذه الرغبة إلى المدعى عليه بإعلان رسمي على يد محضر بموجب ورقة من أوراق المحضرین متضمنة البيانات المقررة في هذا الصدد و بأن الطالب يقصد من إعلانه إبلاغ ترکه لدعواه، وينتج هذا الإعلان أثره فور وصوله إلى المعلن إليه مما يحول دون المدعي والرجوع في الترك، ولكن هذا الإعلان لا يلزم المعلن إليه إذا كان له حق في الإعتراض على الترك بأن كان قد أبدى طلباته قبل إعلانه أو كانت الدعوى تمس النظام العام أو المصلحة العامة.
وإذا شاب الإعلان البطلان وتحققت الغاية منه بحضور المعلن إليه الجلسة المحددة وقبوله الترك أو إعتراضه عليه أو إذا تخلف عن الحضور، اعتبر الإعلان صحيحاً مرتباً لآثاره إذ تسرى في شأنه كافة الأحكام المتعلقة بإعلان أوراق المحضرين والمنصوص عليها بالمادة التاسعة وما يليها والمادة (20).
ويجب خلو الإعلان من التجهيل بالخصومة الوارد عليها وإلا كان باطلاً ، فإذا تعددت الدعاوى المرددة بين المدعي والمدعى عليه، وجب أن يتضمن الإعلان رقم الدعوى وموضوعها والمحكمة التي تنظرها وبيان الدائرة المطروحة عليها بما ينفي التجهيل، فإن لم توجد إلا دعوی واحدة كان كافياً أن يتضمن الإعلان ترك المدعى الدعوى القائمة بينه وبين المدعى عليه ولو لم يذكر رقمها.
ويجب أن يقوم بالإعلان أحد المحضرين استيفاء للشكل الذي يتطلبه القانون في الإجراء الذي يتم الترك بموجبه بحيث إذا قام به غيره، كما لو قام بالإعلان أحد رجال الإرادة، انتفى عن الإجراء طبيعته والشكل المقرر له مما يوجب على المحكمة عدم الاعتداد به في ترك الخصومة ولو من تلقاء نفسها إعمالاً لنص المادة (141) التي توجب أن يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر، كذلك لا يجوز أن يكون الترك بإعلان موجه بالبريد أو بخطاب مسجل أو غير مسجل أو بإبدائه شفاهة خارج مجلس القضاء.
(ب) بيان صريح في مذكرة:
ويتم الترك أيضا ببيان صريح فى مذكرة مقدمة للمحكمة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها، يستوي أن تقدم أثناء نظر الدعوى وفي حضور المدعى عليه على أن يتسلم الأخير صورة منها وهو ما يتحقق به الاطلاع ويحق له أن يطلب أجلا للرد على ما جاء بها، فإن لم يطلبه كان للمحكمة أن تكتفي بذلك وتقضي بإثبات الترك ، فإن لم يكن المدعى عليه حاضرا وقدمت المذكرة، فإن المحكمة لا تقضي بإثبات الترك إلا بعد اطلاعه عليها حقيقة بتقديمها إليه وإثبات تسليمه صورتها أو إطلاعه عليها، أو حكما بإعلانه بها على يد محضر، ويجب أن تكون المذكرة موقعة من التارك أو وكيله فإن خلت من هذا التوقيع انتفى عنها الشكل الذي تطلبه القانون لإمكان الإستناد إليها في القضاء بإثبات الترك.
ويقوم مقام المذاكرة، الإقرار الموقع من التارك بترك الخصومة متی قدم إلى المحكمة ولو عن طريق المدعى عليه، ولا يكفي الإقرار بذلك ولو تم أمام الموثق ما لم تقدم صورة رسمية منه للمحكمة.
(ج) إبداء الترك شفوياً في الجلسة:
كذلك يتم الترك بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في محضرها، فإذا كان المدعى عليه حاضراً وقبل الترك إن كان قد أبدى طلباته، أو لم يكن له الحق في الإعتراض على الترك، قضت المحكمة بإثباته ، أما إن لم يكن حاضرا ولم يكن قد أبدى طلبات ، قضت كذلك بإثبات ترك المدعى لدعواه ، فإن كان قد أبدى طلبات في جلسة سابقة، قضت بعدم قبول الترك ويرد الترك على خصومة قائمة ولو لم تنعقد، وتقوم الخصومة بإيداع صحيفة الدعوى بقلم الكتاب.
الترك في حالة تعدد الخصوم:
إذا تعدد المدعى عليهم في موضوع مما يقبل التجزئة ولم يتطلب القانون إختصام أشخاص معينين فيه، كان للمدعى ترك الدعوى بالنسبة لبعضهم دون أن ينال ذلك من حقه إذ يجوز له رفع دعوى جديدة ضد من سبق أن ترك خصومته إذا رغب في ذلك.
فإن كان الموضوع مما لا يقبل التجزئة أو الإنقسام، وترك الخصومة بالنسبة للبعض، فإن هذا البعض لا يحاج بالحكم فلا يجوز تنفيذه بالنسبة له ولا بالنسبة لمن صدر ضدهم باعتبار أن الموضوع لا يقبل الإنقسام، مما يضطر المدعي معه إلى رفع دعوى جديدة ضد من ترك الخصومة بالنسبة له إن كان حقه في ذلك لم يسقط.
وإن كانت الدعوى مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها، کدعوى الشفعة الواجب رفعها على البائع والمشتري وإن تعددوا، وترك المدعي الدعوى بالنسبة لأحد المدعى عليهم، أثبتت المحكمة ذلك وقضت بعدم قبول الدعوى لعدم إختصام من يوجد إختصامه فيها، وهو ما يحول دون رفع دعوى جديدة إذ غالباً ما يكون الميعاد المحدد لذلك قد إنقضى.
وتختلف الدعوى المتعلقة بإلتزام بالتضامن، إذ يجيز القانون للدائن أن يرفع دعواه على جميع المدينين المتضامنين أو على بعضهم أو أحدهم، فإذا رفعها عليهم جميعاً ، ثم تركها بالنسبة لبعضهم، فإن الحكم الصادر فيها يجوز تنفيذه كاملاً على المحكوم عليه.
ومتی رفعت الدعوى في الحالات السابقة، في موضوع مما لا يقبل التجزئة أو في التزام بالتضامن أو كانت الدعوى مما يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها، وإختصم المدعى جميع خصومه حتى صدر الحكم ضدهم، فإن الطعن في الحكم لا يستقيم إلا إذا تردد بين نفس الخصوم الذين شملهم الحكم المطعون فيه ، فإن كان الطعن قد رفع من أحد المحكوم عليهم، كان للباقي منهم التدخل في الطعن منضماً للطاعن في طلباته ولو كان قد قبل الحكم أو فوت ميعاد الطعن، فإن لم يتدخل، إلتزمت المحكمة بتكليف الطاعن بإدخاله حتى يستقيم الطعن، ومقتضى ذلك، أنه إذا تعدد المستأنف عليهم، إمتنع على الطاعن ترك الخصومة بالنسبة لأحدهم، لأنه لو لم يكن قد إختصمة، ألزمته المحكمة بإختصامه فإن تعدد المدعين في تلك الحالة، وجب إبداء طلب الترك منهم جميعاً وإلا إمتنعت المحكمة عن إثباته.
ويقتصر ترك الخصومة بالنسبة لأحد المدعى عليهم، على من كان مختصماً منهم عند رفع الدعوى و تضمنته صحيفة افتتاحها، أما بالنسبة لمن إختصم بعد ذلك فسبيل إخراجه من الخصومة يكون بتنازل المدعي عن الإجراء الذي تم إدخال الخصم بموجبه متمثلا في صحيفة الإدخال عملا بالمادة (144). فإن لم يسلك المدعى هذا الطريق وطلب ترك الخصومة بالنسبة لهذا الخصم وإجابته المحكمة لهذا الطلب ، فلا تثريب عليها وينتج التنازل أثره فور إبدائه دون توقف على قبول الخصم باعتباره إسقاطاً للحق في الإجراء ما لم يكن قد أبدى طلباً.
إنصراف قصر الدعوى إلي تركها لباقي الخصوم :
يحدد المدعى عند رفع دعواه نطاق الخصومة من حيث الطلبات فيها والخصوم ولا يلتزم بهذا النطاق عند تداول الدعوى بالجلسات ، إذ يكون له الحق في تقديم الطلبات العارضة التي يخرج بها عن هذا النطاق، فيعدل طلباته وفقا لما يراه مطابقا لأدلته ، ويختصم من لم يكن قد ضمنه صحيفة دعواه ممن كان يجوز له إختصامه عند رفع الدعوى ، وله ترك الخصومة برمتها أو تركها بالنسبة لبعض الخصوم وقصرها على الباقين. ويكفي في ذلك أن يطلب قصر الخصومة على بعض المدعى عليهم. وهو ما يعني ترکها إلى الباقين ولو لم يتضمن الطلب ذلك صراحة، ويترتب على ذلك كل الآثار التي يرتبها القانون على ترك الخصومة بالنسبة لمن خرج عن نطاقها.
نطاق ترك الخصومة:
تبدأ الخصومة بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب ، ولذلك فإن المدعى هو الذي ينشئ الخصومة ، ومقتضى ذلك أن يكون له الحق في إنهائها بأن يطلب إلى المحكمة إثبات ترکه لها بالنسبة لجميع المدعى عليهم أو لبعضهم، ويثبت له هذا الحق في كافة الدعاوى على إختلاف أنواعها سواء كانت مدنية أو تجارية أو أحوال شخصية.
وإن كان هذا هو الأصل، فقد يحول دون إعماله مقتضيات النظام العام أو الصالح العام، وحينئذ تطرح المحكمة طلب الترك حتى لو قبله المدعى عليه وذلك تعليقا منها لمصلحة الجماعة.
فقد يرفع المدعي دعواه ويكون موضوعها ماساً بالنظام العام، كما لو تصرف في عقاره لأجنبي بالمخالفة للقانون الذي يحظر هذا التصرف وخلص من دعواه إلى طلب إبطاله، وحينئذ تلتزم المحكمة بالإستمرار في نظر الدعوى وإصدار حكم فيها حتى ولو طلب المدعي إثبات تركه للخصومة ووافقه المدعى عليه ، وأيضاً إذا رفع الدائن دعوى بإشهار إفلاس مدينه التاجر، وهي من الدعاوى الماسة بالنظام العام مما لا يعتد فيها بترك الخصومة.
وقد تتعلق الدعوى بالمصلحة العامة ، كالدعوى المتعلقة بالمنشآت الآيلة للسقوط إذ يوجب القانون أن يختصم فيها الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم، ومن ثم لا يجوز للمدعى التنازل عن مخاصمتها أو ترك الدعوى بالنسبة لها كما لا يجوز لمن ينوب عنها أن يطلب إخراجها من الدعوى ، وتلتفت المحكمة عن هذه الطلبات إذ تتطلب المصلحة العامة إستمرار إجراءات التقاضي في مواجهة تلك الجهة تمكيناً لها من الدفاع عن القرارات الصادرة منها، أما إذا انتفت هذه المصلحة أنتج الترك أثره حتى لو كان القانون يوجب إختصام أشخاص معينة في الدعوى، ولو أدى ذلك إلى عدم قبول الدعوى ، كما في دعوى الشفعة على التفصيل الوارد فيما بعد.
ومن الدعاوى التي تتعلق بالمصلحة العامة أيضا، دعاوى رد القضاة ومخاصمتهم لتعلقها بطمأنينة المتقاضين وإحاطة القاضي بسياج من الضمانات التي تصونه من إفك يرمى به أو باطل يزج إليه ، مما لازمه أن يستمر القضاء في نظر دعوى الرد أو المخاصمة صوناً له وقطعاً لدابر ما يثار حول رجاله وليصدر حكما يكون عنوانا للحقيقة، ومن ثم فلا يقبل طلب ترك الخصومة ولا تقضي المحكمة بشطب دعوى الرد أو المخاصمة إذ لا يحسم النزاع بذلك وتظل الحقيقة معلقة ويظل للمدعي الحق في رفع دعوى جديدة في حالة إثبات ترکه للخصومة ، أو تجديد دعواه من الشطب ، ويختلف الترك على هذا النحو عن التنازل عن طلب الرد أو عن دعوى المخاصمة، إذ يترتب على التنازل إسقاط حق المدعي في العودة إلى دعواه اعتبارا بأن الساقط لا يعود، وهو ما يحسم النزاع ويدل على تسليم المدعي بعدم صحة ما ادعاه في دعوى الرد أو المخاصمة.
وقد استقر قضاء النقض على ذلك فيما يتعلق بدعوى الرد ونرى أن دعوى المخاصمة تقاس عليها، ومع ذلك ذهب العشماوي وأيدته إحدى دوائر محكمة النقض إلى أن نص المادة التي تنظم الترك جاء عاماً مطلقاً ولم يخصصه المشرع بنوع معين من الدعاوى ولم يستثن دعوى المخاصمة من حكمه مما مفاده أنه يجوز ترك الخصومة فيها. (نقض 9/ 12/ 1980 طعن 42 س 49 ق) وكان يترتب على هذا المبدأ إمكان ترك المدعي دعواه إطلاقاً وفي جميع الحالات ولو تعلق موضوعها بالنظام العام أو كان يمس مصلحة عامة ويمتد ذلك إلى دعوى الرد بالمخالفة لما إستقر عليه قضاء النقض، وهو ما أدى إلى طرح هذا المبدأ وعدم نشره ومن ثم يجب عدم الإعتداد به واكتفينا بالتنويه إليه منها للبس.
عدم اقتران الترك بتحفظات:
متى أبدى المدعى طلب ترك الخصومة بأي من الإجراءات السابقة ولم يقترن هذا الطلب بأي من التحفظات أو الشروط التي يعلق عليها القضاة بإثبات ترك الخصومة ، قضت المحكمة بإثباته، أما إذا اقترن الطلب بتحفظ أو شرط ، ووقف منه المدعى عليه موقفاً سلبياً أو رفضه ، تعين عدم قبول الترك.
أما إذا قبله وأثبت ذلك في محضر الجلسة، كان بمثابة صلح اتفق عليه الخصمان وإلتزماً به، فيقرر المدعى ترك دعواه لقاء تنفيذ المدعى عليه ما تضمنه التحفظ أو الشرط، وقد يبرم الخصمان صلح متضمناً ذلك ويتقدمان به إلى المحكمة لإثباته في محضر الجلسة، وهو ما يتوافر به البيان الكتابي ويعد بمثابة مذكرة موقعة من الطرفين تتحقق به أحد الإجراءات المبينة بالمادة (141).
وإذا تعلق الترك بتحفظ يمس أدلة الدعوى ، امتنع إثبات الترك، مثال ذلك أن يصدر إقرار قضائي من أحد المدعى عليهم من شأنه التأثير على الحق الذي رفعت به الدعوى، فيطلب المدعي إثبات ترك دعواه بالنسبة لهذا الخصم . واستبعاد الإقرار الصادر منه ، فإن لم يبد هذا التحفظ أثبتت المحكمة التركي وظل الإقرار قائما.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثالث , صفحة : 662)
ترك الخصومة معناه نزول المدعي عن الخصومة القائمة مع احتفاظه بأصل الحق المدعى به حيث يجوز له تجديد المطالبة به وطرق الترك حددها المشرع على سبيل الحصر حتى لا يكون ترك الخصومة مثاراً لنزاع يتفرع من النزاع الذي رفعت به الدعوى.
وليس لترك الخصومة ميعاد معين فهو جانز في أية حالة تكون عليها الدعوى مادام أنه لم يقفل فيها باب المرافعة ، وعلى ذلك يجوز إبداؤه أمام جميع درجات التقاضي بما فيها محكمة النقض سواء كانت تنظر الطعن للمرة الأولي أم الثانية.
ويجب علي المحكمة أن تقبل الترك حتى لو كانت غير مختصة أصلا بنظر النزاع أياً كان سبب عدم إختصاصها .
ويتعين أن يتم الترك بإحدى الطرق التي حددها النص غير أن البطلان الناشئ عن ذلك لا يتعلق بالنظام العام بل يقتصر التمسك به على من شرع لمصلحته ويعتبر تركا للخصومة تقديم المدعي عليه أو المستأنف ضده إقراراً موقعاً من المدعي أو المستأنف بالترك إذ يقوم مقام المذكرة الموقعة من التارك وتقديمه من المدعى عليه أو المستأنف ضده بعد قبولا منه لترك ويعتبر ترك الخصومة تصرفاً من التارك فلا يقبل إلا من التارك نفسه أو من وكيله المفوض في ذلك بتفويض خاص ولا يقبل من الوكيل الذي فوض بتوكيل عام.
ويبطل الترك إذا شابه عيب من عيوب الرضا.
وإذا تعدد المدعون في خصومة جاز لبعضهم تركها فتنقضي بالنسبة إليهم وتظل قائمة بالنسبة إلى البعض الأخر وإذا تعدد المدعي عليهم فلا يتم الترك إلا بالنسبة لمن قبله منهم وتظل الدعوى قائمة بالنسبة لمن لم يقبل الترك بشرط أن تكون الدعوى قابلة للتجزئة في موضوعها .
وترك الخصومة يقبل التجزئة .
وإذا تدخل شخص في دعوى تدخلاً إختصامياً مطالباً لنفسه بحق مرتبط بالدعوى الأصلية فإن دعواه لا تتأثر بالترك في الدعوى الأصلية بشرط أن تكون المحكمة مختصة بنظر طلب المتدخل تدخل إختصام ويظل أطراف الدعوى خصوم في هذا التدخل إلي أن يفصل فيه أما في حالة التدخل الإنضمامي فإن ترك الدعوى الأصلية يترتب عليه ترك طلب الخصم المنضم.
ويجوز التارك أن يعدل عما سبق أن طلبه من ترك الخصومة إذا كان خصمه لم يقبل الترك ومادامت المحكمة لم تفصل فيه بعد ولا يجوز أن يكون الترك مقروناً بأي تحفظ بل يجب أن يكون خالياً من أية شروط تهدف إلي تمسك التارك بصحة الخصومة أو بأي أثر من الآثار المترتبة على قيامها.
وينبغي التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن الحق إذ أن ترك الخصومة هو التنازل عما تم في الدعوى من إجراءات دون أن يؤثر ذلك في الحق نفسه الذي يظل قائماً ما لم يكن قد سقط بالتقادم ويجوز لصاحب الحق أن يرفع دعوی جديدة يطالب بحقه ، أما النزول عن الحق فهو بمثابة إبراء ولا يجوز له بعد ذلك أن يعود للمطالبة به ما لم يكن قد شاب إرادته عيب من العيوب المبطلة تأسيساً على أن التنازل عن الحق عمل من أعمال التصرف الذي يشترط فيه أهلية التصرف فضلاً عن خلوه من عيوب الرضا، ولا يرد الترك على الدعاوى التي يتعلق موضوعها بالنظام العام وينبني علي ذلك أنه لا يجوز قبول الترك إذا كان بناء على تنازل العامل عن حقوقه المقررة في القانون لأنه تنازل باطل (راجع فيما تقدم مرافعات رمزي سيف الطبعة الثامنة ص 600 والخصومة القضائية لفتحي والي بند 108 وكمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 857 والتعليق لأبو الوفا الطبعة الثانية ص 507) .
يجوز لمحامي هيئة قضايا الدولة ترك الخصومة :
من المقرر أنه لا يوجد قيد على نيابة هيئة قضايا الدولة عن الأصيل في طلب ترك الخصومة في الدعوى أو الطعن ومن ثم يحق لمحاميها ترك الخصومة بإحدى الطرق المقررة بالمادة ولا يشترط صدور تفويض له من الأصيل بذلك .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار الطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 505)
تعريف ترك الخصومة:
يقصد بترك الخصومة نزول المدعي عن الخصومة القائمة مع إحتفاظه بأصل الحق المدعى به بحيث يجوز له تجديد المطالبة به.
والمدعي هو الذي أقام الخصومة وتحمل نفقاتها فهو صاحب المصلحة الأولى في بقائها والحكم في موضوعها، ولكن قد يطرأ للمدعي بعد رفع الدعوى ما يجعل له مصلحة في النزول عنها، كما إذا تبين له بعد رفعها أنه رفعها قبل أن يعد لها أدلتها فيتركها ليجدد المطالبة بها بعد أن يستكمل أدلته، فإن هذا خير له من السير فيها والحكم في موضوعها برفضها فيمتنع عليه تجديد المطالبة بحقه.
كذلك قد يرفع المدعي الدعوى أمام محكمة ثم تبين بعد رفعها أنها غير مختصة وأن مالها أن يحكم فيها بعدم الإختصاص فيترك الخصومة لكي يجددها أمام المحكمة المختصة. (رمزي سیف بند 478 ص 602).
وقد يخطيء : المدعي فيرفع الدعوى بإجراءات. معيبة، وإقتصاداً في الوقت والمصاريف يكون من مصلحته أن يترك هذه الخصومة ليبدأ خصومة جديدة بإجراءات صحيحة، كما أن المدعي قد يرفع الدعوى بدين لم يحل أجل الوفاء به فيكون من مصلحته ترك هذه الخصومة ليبدأ خصومة جديدة بعد حلول ميعاد الدين .
التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن الحق محل الدعوى :
يجب التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن الحق محل الدعوى إذ أن ترك الخصومة هو التنازل عما تم في الدعوى من إجراءات دون أن يؤثر ذلك في الحق نفسه الذي يظل قائماً ما لم يكن قد سقط بالتقادم، ويجوز الصاحب الحق أن يرفع دعوى جديدة يطالب بحقة، أما النزول من الحق فهو بمثابة إبراء ولايجوز له بعد ذلك أن يعود للمطالبة به ما لم يكن قد شاب إرادته عيب من العيوب المبطلة تأسيساً على أن التنازل عن الحق عمل من أعمال التصرف الذي يشترط فيه أهلية التصرف فضلاً عن خلوه بن عيوب الرضا.
التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن عمل من أعمال الخصومة: ترك الخصومة يعنى النزول من الخصومة برمتها. فإذا نزل الخصم عن عمل. فقط من أعمال الخصومة فإن هذا العمل وحده يعتبر كأن لم يكن (مادة 144) دون أن يؤثر ذلك في بقاء الخصومة، ومثاله أن ينزل الخصم عن طلبه الإستشهاد. بشهود أو عن أحد دفوعه في الدعوى، ومن المسلم إختلاف أحكام هذا النزول عن أحكام ترك الخصومة فيما یاتی:
أ- ترك الخصومة يجب أن يكون بإعلان صريح (مادة 141 مرافعات) في حين أن النزول عن عمل إجرائي يمكن أن يكون صريحاً أو ضمنياً مادة 144 مرافعات).
ب - بحناج ترك الخصومة إلى وكالة خاصة، أما النزول عن عمل إجرائي فيمكن أن يتم بواسطة الوكيل بالخصومة دون توکیل خاص.
ج- ترك الخصومة لا يكون إلا من المدعي، أما النزول عن عمل إجرائي فيمكن أن يتم من المدعي، أو من المدعى عليه.
د- لا يتم الترك - كقاعدة - إلا بقبول المدعى عليه. أما النزول عن عمل إجرائي فإنه يتم دون حاجة لقبول من الطرف الآخر .
هـ - يترتب على الترك زوال الخصومة برمتها، أما النزول عن عمل إجرائي فإنه لايؤدي إلا إلى إعتبار هذا العمل كأن لم يكن. ولكن يلاحظ أنه إذا كان هناك عمل إجرائي يعتمد على العمل الذي حدث النزول عنه، فإنه ينزل هو الآخر كأن لم يكن. ومن ناحية أخرى، لأن حجية الحكم تعلق بالنظام العام، فإن من صدر لمصلحته الحكم لا يستطيع النزول عنه ورفع الدعوى من جديد للحصول على حكم آخر. ولهذا فإنه إذا نزل المحكوم له عن الحكم، فإن هذا النزول يستتبع النزول عن الحق الثابت فيه (مادة 145). فلا يستطيع المطالبة به من جديد. ولهذا يجب للنزول عن الحكم توافر صلاحية النزول عن الحق الثابت فيه. (فتحی والی - بند 328 ص 614).
التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن الحق في الدعوى:
النزول عن الحق في الدعوى هو إعلان من المدعي بأن طلبه أمام القضاء الأيقوم على أساس وبه ينقضي الحق في الدعوى، وتختلف أحكام النزول عن الدعوى عن أحكام ترك الخصومة فيما يأتي :
أ- يكفي بالنسبة لترك الخصومة الأهلية الإجرائية. أما النزول عن الدعوى فتشترط فيه أهلية التصرف.
ب- لا يتم ترك الخصومة - كقاعدة - إلا بقبول المدعى عليه، أما النزول عن الدعوى، فلا حاجة فيه لقبول المدعى عليه، ذلك أنه يتم لحض مصلحة هذا الأخير.
ج- يترتب على ترك الخصومة إنتهاؤها. أما النزول من الدعوى فإنه لاينهي الخصومة إلا إذا لم يكن المدعى عليه قد تقدم بطلب عارض. إذ عندئذ تبقي الخصومة حتى يفصل في هذا الطلب، ما لم ينزل عن المدعى عليه عنه.
د- يعتبر ترك الخصومة عملاً إجرائياً لا يتم إلا في الخصومة، أما النزول عن الدعوى، فإنه يمكن أن يتم قبل نشأة الخصومة أو بعد قيامها. أمام القضاء أو خارج مجلسه. ولهذا فإن النزول عن الدعوى يعتبر تصرفاً قانونياً من القانون الخاص يخضع للطعن بوسائل هذا القانون .
هـ - من ترك الخصومة له رفع الدعوى من جديد. ولا يجوز ذلك لبن نزل عن حقه في الدعوى. (فتحى والى - بند 328 ص 614 وص 615).
للمدعي وحده ترك الخصومة وقابلية الخصومة للتجزئة بالنسبة للترك: يصدر الترك من المدعى ، لأنه هو الذي يبدأ الخصومة وله وحده تركها، وإذا انصب الترك على خصومة الطعن فإنه يكون للطاعن وحده ترکها، فالترك يكون من المدعى أو الطاعن فقط (نقض 9/ 12/ 1980، طعن 42 لسنة 49 ق ) ويعتبر ترك الخصومة تصرفاً من التارك فلا يقبل إلا من التارك نفسه أو من وكيله المفوض في ذلك بتفويض خاص، ولا يقبل من الوكيل الذي فوض بتوكيل عام .( نقض 6 / 4/ 1976 طعن رقم 90 لسنة 35 ق )، وترك الخصومة تصرف إرادي فیبطل إذا شابه عيب من العيوب المفسدة للرضا .( نقض 24/ 11/ 1976 في الطعن 32 لسنة 45 قضائية ) .
فينبغي أن يحصل الترك من شخص أهل للتقاضي . وترك الخصومة بقبل التجزئة ، فإذا تعدد المدعون في خصومة جاز لبعضهم تركها فتنقضي بالنسبة إليهم، وتظل قائمة بالنسبة إلى البعض الآخر ، فالخصومة بالنسبة للترك تقبل التجزئة متى كان موضوعها قابلا للتجزئة بطبيعته . هذا على خلاف سقوط الخصومة لأن عدم تجزئتها يحقق أحد الأغراض المقصودة من السقوط، وهو التخلص من القضايا التي يتقادم عليها العهد.
وعلى ذلك إذا تدخل شخص تدخلاً إختصامياً مطالباً لنفسه بحق مرتبط بالدعوى الأصلية في مواجهة طرفيها ، وترك المدعي دعواه ، فإن هذا الترك لا يعفيه من ضرورة البقاء في الخصومة باعتباره مدعى عليه للمتدخل ، هذا إذا كانت المحكمة مختصة بطلب التدخل من جميع الوجوه. وفي حالة التدخل الإنضمامي فإن ترك الدعاوى الأصلية يترتب عليه ترك الخصم المنضم. كما يجوز للمدعي - عند تعدد المدعى عليهم - أن يتنزل عن الخصومة بالنسبة إلى بعضهم دون البعض الآخر ، وإذا تعدد المدعى عليهم فلا يتم الترك إلا بالنسبة لمن قبله منهم وتظل الدعوى قائمة بالنسبة لمن لم يقبل الترك بشرط أن تكون الدعوى قابلة للتجزئة في موضوعها ، ومع ملاحظة ما تنص عليه المادة 142 مرافعات التي سوف نعلق عليها بعد قليل .
ثلاث طرق لترك الخصومة وليس للترك ميعاد معين : بين المشرع في المادة 141 مرافعات - محل التعليق - الطرق التي يمكن بها للمدعى أن يترك الخصومة ، وهذا البيان وارد على سبيل الحصر حتى لا يكون ترك الخصومة مثاراً لنزاع يتفرع من النزاع الذي رفعت به الدعوى. وهذه الطرق ثلاث وهي:
أ- الطريقة الأولى : إعلان على يد محضر من المدعي التارك لخصمه.
ب - الطريقة الثانية : بیان صريح في مذكرة موقع عليها التارك أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها. ولا يستلزم المشرع شكلا لمذكرة الترك وإنما يجب أن تكون موقعة من التارك أو وكيله وأن يكون بیان الترك واضحاً صريحاً لا غموض فيه وأن يطلع عليها الخصم، وهو ما يتوافر في الإقرار الصادر من الخصم.
(نقض 24/ 11/ 1976 رقم 23 سنة 45 ق) .
ج - الطريقة الثالثة : إبداء الترك شفوياً في الجلسة وإثباته في الحضر . وليس لترك الخصومة ميعاد معين ، فهو جائز في أية حالة تكون عليها الدعوى، ما دام لم يقفل باب المرافعة فيها ولذلك يجوز إبداء الترك أمام جميع درجات التقاضي بما فيها محكمة النقض سواء كانت تنظر الطعن للمرة الأولى أم الثانية في الحالات الإستثنائية التي يجوز لها ذلك ويجب على المحكمة أن تقبل الترك إذا توافرت شروطه حتى ولو كانت غير مختصة أصلاً بنظر النزاع أياً كان سبب عدم إختصاصها .
ويجوز للتارك أن يعدل عن طلب الترك مادام خصمه لم بقبله أو يحكم بقبوله وذلك على عكس ما إذا كان الترك منصباً على إجراء من الإجراءات لا الدعوى برمتها ، فإنه ينتج أثره بمجرد التصريح به (وجدې راغب ص 424).
ويترتب على مخالفة نص المادة 141 محل التعليق الخاصة بإجراءات وطرق ترك الخصومة البطلان ، ولكنه بطلان قاصر على من شرع لمصلحته وهو من تركت مخاصمته على خلاف ما تقضي به المادة 141. ( رمزي سیف ص 603) البطلان الناشئ عن مخالفة نص المادة 141 لا يتعلق بالنظام العام، بل يقتصر التمسك به على من شرع لمصلحته.
ونتيجة لذلك فإنه إذا نزل المدعي عن مخاصمة أحد المدعى عليهم دون أن يراعي أحكام المادة 141 ، فليس للمدعى عليهم الآخرين أن يتمسكوا ببطلان ترك الخصومة.
( نقض 23/ 3/ 1956 ، منشور في المحاماة سنة 37 ص 443).
إذن يتعين أن يتم الترك بإحدى الطرق التي حددها نص المادة 241 محل التعليق ، غنيز أنه يكفي أن يقدم المدعى عليه أو المستانف ضده إقرارا موقعا من المدعي أو المستانف بالترك، إذ أن هذا الإقرار يقوم مقام المذكرة الموقعة من التارك كما أن تقديمه من المدعى عليه أو المستانف ضده بعد قبولاً منه للترك.
الترك أمام محكمة النقض: لما كان الثابت بالأوراق أن ... وكيل الطاعنة بموجب التوكيل رقم ... لسنة .. رسمی عام .. تقدم في 17/ 4/ 1990 بتنازل عن الطعن بالنقض التام منها إلى المطعون ضده، وكان التوكيل المشار إليه يبيح له إجراء هذا التنازل لما كان ذلك وكان ميعاد الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه قد انقضى وقت إقرار الطاعن بترك الخصومة في الطعن المال وكان النزول عن الطعن أو ترك الخصومة فيه حسب تعبير قانون المرافعات متى حصل بعد إنقضاء ميعاد الطعن فإنه يتضمن بالضرورة نزولاً من الطاعن عن حقه في الطعن وإذ كان النزول عن الحق في الطعن يتم وتتحقق آثاره بمجرد حصوله بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر ولا يملك التنازل أن يعود فيما أسقط حقه فيه فإن ترك الخصومة بعد فوات ميعاد الطعن لا يجوز الرجوع فيه ولكن ترك الطاعنة الخصومة في الطعن قد تم وأنتج أثره، فإنه يتبين الحكم بقبول هذا الترك.
(الطعن رقم 1662 لسنة 60 ق. جلسة 3/ 3/ 1991) .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث ، الصفحة : 468)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 318
انْتِهَاءُ الدَّعْوَى:
تَنْتَهِي الدَّعْوَى غَالِبًا بِصُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِهَا يَحْسِمُ النِّزَاعَ، بِحَيْثُ لاَ تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِثَارَتُهُ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَنْتَهِي بِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ يَضَعُ حَدًّا لِلْخُصُومَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ.
أَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ: أَنْ تَتَقَدَّمَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى صَحِيحَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الإْلْزَامِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاضِحًا بِحَيْثُ يُعَيَّنُ فِيهِ مَا يُحْكَمُ بِهِ وَمَنْ يُحْكَمُ لَهُ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ، وَشُرُوطٌ أُخْرَى مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الْحُكْمِ وَأَثَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءٌ).
وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَنْتَهِي الدَّعْوَى قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِيهَا، فَإِنَّهُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يُعْنَوْا بِحَصْرِهَا، إِلاَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِنْتَاجُهَا مِنَ الْقَوَاعِدِ وَالأْصُولِ الَّتِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهَا فِي التَّقَاضِي وَنَظَرِ الدَّعَاوِي، وَمِنْ بَعْضِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:
أ - بِنَاءً عَلَى تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَنْ إِذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الدَّعْوَى تَنْتَهِي بِتَنَازُلِ الْمُدَّعِي عَنْهَا بِإِرَادَتِهِ، قَالَ الْبَاجُورِيُّ: (إِنَّ مَشِيئَةَ الْمُدَّعِي لاَ تَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلَهُ إِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الأَبَدِ بَلْ لَهُ الاِنْصِرَافُ وَتَرْكُ الْخُصُومَةِ بِالْكُلِّيَّةِ).
ب - وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا تَنْتَهِي إِذَا طَرَأَ مَا يَجْعَلُ بَعْضَ تِلْكَ الشُّرُوطِ مُتَخَلِّفًا، كَمَا لَوْ أَضْحَى الْمُدَّعِي لاَ مَصْلَحَةَ لَهُ فِي مُتَابَعَةِ السَّيْرِ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَ الدَّعْوَى مُفِيدَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَيُمْكِنُ حُدُوثُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْهَا: أَنْ يُتَوَفَّى الصَّغِيرُ الْمُتَنَازَعُ عَلَى حَضَانَتِهِ، فَيُصْبِحُ الاِسْتِمْرَارُ فِي الدَّعْوَى غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُدَّعِي، وَمِنْهَا أَنْ يُتَوَفَّى الزَّوْجُ الَّذِي تَطْلُبُ الزَّوْجَةُ الْحُكْمَ بِتَطْلِيقِهَا مِنْهُ، حَيْثُ تَنْتَفِي الْمَصْلَحَةُ فِي اسْتِمْرَارِ نَظَرِ الدَّعْوَى.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجْدُرُ بِالْمُلاَحَظَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الأْصْلِيَّ فِي الدَّعْوَى قَدْ يُصْبِحُ فِي مَرْكَزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا تَقَدَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الأْصْلِيُّ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ لِلدَّعْوَى الأَْصْلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي أَنْ لاَ يُسْمَحَ لِلْمُدَّعِي الأْصْلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَاهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَبْدَى دَفْعًا لِهَذِهِ الدَّعْوَى إِلاَّ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ تَنْتَهِي الدَّعْوَى إِذَا انْتَهَى التَّنَازُعُ فِي الْحَقِّ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِ الدَّعْوَى، كَمَا لَوْ تَصَالَحَ الْخُصُومُ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى.