جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بشأن المادة 309 المطابقة للمادة 142 من القانون الحالي أنه :
لم يجعل ترك الخصومة معلقاً على محض إرادة المدعي . وذلك ليتفادي ما قد يضار به المدعى عليه الذي قد تكون مصلحته معلقة بالفصل في الدعوى. وقد أملي هذا الحكم ما لوحظ من أن النص الموجود في القانون القديم الذي لا يجوز للمدعى عليه أن يعترض على الترك إلا إذا كان قد أقام على المدعي دعوى فرعية لايكفل له حمايته من تصرف المدعي في دعواه بالترك ، مما جعل القضاء المصري يميل إلى تقييد حق المدعي في ذلك ، وإلى أن يقيس على الصورة التي أجيز فيها للمدعى عليه الإعتراض على كل صورة يكون فيها للمدعى عليه مصلحة مشروعة في إستمرار الخصومة ، والحكم بعد مأخوذ فيه بما هو مقرر في القانون الفرنسي من عدم جواز ترك الخصومة إلا بقبول المدعى عليه ، فيما هو مقرر في فقه هذا القانون من عدم الاعتداد بإعتراض المدعى عليه إذا لم تكن له من ذلك مصلحة معتبرة، وقد وضع القانون الجديد مناط هذه المصلحة على وفق ما هو متبع في فرنسا، فنص على أن الترك لا يتم بعد إبداء المدعى عليه طلباته في الدعوى إلا بقبوله (المادة 309) إعتباراً بأن . مصلحته في الإصرار على حسم النزاع لا تظهر إلا بعد أن يتحدد موقفه فيه بإبداء الطلبات في موضوعه.
وإذا كان الملحوظ في تعليق الترك على قبول المدعى عليه هو ما قد يكون له من مصلحة من المضي في الدعوى رفضها بحكم فاصل في موضوعها، فإنه كلما كانت هذه المصلحة منتفية لا يصح الإلتفات إلى إعتراضه على الترك، كما إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة الدعوى على محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو ما أشبه ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى، فإنه في هذه الصور يكون ترك المدعى الخصومة هو في واقع الأمر تسلیم منه بطلب المدعى عليه، وتحقيق من جهته للغرض الذي يرمي إليه وهو التخلص من الخصومة بدون حكم في موضوعها.
1- المشرع قد غاير في الحكم بين ترك الخصومة في المرحلة الابتدائية للدعوى، وبين تركها في مرحلة الاستئناف فنص على الحالة الأولى في المادة 142 من قانون المرافعات التي تقضى بأنه "لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله ..."، وذلك مراعاة لصالح المدعي عليه حتى يتسنى له حسم النزاع ولا يبقى مهددًا بخصومة جديدة، أما في مرحلة الاستئناف فقد نصت المادة 238 من قانون المرافعات على أن "تحكم المحكمة في جميع الأحوال بقبول ترك الخصومة في الاستئناف إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك"، ففي هاتين الحالتين لا يتوقف القضاء بقبول ترك الخصومة في الاستئناف على قبول المستأنف عليه، ولو كان قد أبدى طلباته في الاستئناف أو أقام استئنافًا فرعيًا إذ لا مصلحة له في الاعتراض على الترك بعد أن أصبح في مأمن من إقامة استئناف جديد لنزول المستأنف عن حقه في الاستئناف أو لانقضاء وقت ميعاد الاستئناف وقت الترك .
( الطعن رقم 9778 لسنة 90 ق - جلسة 1 / 8 / 2024 )
2 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض أن النص فى المادة 142 من قانون المرافعات أن المشرع لم يعلق ترك الخصومة فى الدعوى على محض إرادة المدعى ، لتفادى ما قد يضار به المدعى عليه الذى قد تتصل مصلحته بالفصل فيها ، وجعل مناط المصلحة فى الأصل مرتبطاً بإبداء المدعى عليه طلباته فى موضوع الدعوى ، اعتباراً بأن الإصرار على حسم النزاع لا يظهر إلا بعد أن يتحدد موقفه فيه .
(الطعن رقم 308 لسنة 73 جلسة 2012/07/10 س 63 ص 1004 ق 157)
3 ـ مؤدى نص المادة 142 من قانون المرافعات ، أن المشرع لم يعلق ترك الخصومة على محض إرادة المدعى ، لتفادى ما قد يضار به المدعى عليه الذى قد تتصل مصلحته بالفصل فيها ، و جعل مناط المصلحة فى الأصل مرتبطاً بإبداء المدعى عليه طلباته فى موضوع الدعوى ، إعتباراً بأن الإصرار على حسم النزاع لا يظهر إلا بعد أن يتحدد موقفه فيه ، و إتخذ فى ذات الموقف من إبداء هذا الأخير أى طلب يكون القصد منه منع المحكمة من سماع الدعوى قرين على إنتفاء مصلحته ، فلا يصح معه الإلتفات إلى إعتراضة على الترك و عدم قبوله له ، لما قدره من أن ترك المدعى للخصومة فى الأحوال التى حددتها المادة و ما شابها - و على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً على المادة 309 المقابلة من قانون المرافعات السابق - هو واقع الأمر تسليم منه بطلب المدعى عليه و تحقيق من جانبه للغرض الذى يرمى إليه و هو التخلص من الخصومة بغير حكم فى موضوعها ، مما مفاد أن المادة تضع قاعدة عامة مقتضاها عدم الإعتداد بإعتراض المدعى عليه على ترك الخصومة طالما لم تكن له مصلحة مشروعه فى الإبقاء عليها ، فإذا تنافر ما يبغيه المدعى عليه من دفعه و ما يستهدفه المدعى من تركه فلا محل لقيام القرينة ، وإذا إتخذ الترك سبيلاً للكيد أو للإضرار بمصلحة المدعى عليه لم يعد هناك مجال لقبوله و اطراح الإعتراض عليه حتى و لو سبق للمدعى عليه إبداء طلب من قبيل ما أشارت إليه المادة .
(الطعن رقم 714 لسنة 48 جلسة 1979/03/07 س 30 ع 1 ص 747 ق 137)
4 ـ مفاد نصوص المواد 141 ، 142 من قانون المرافعات أن لصاحب الدعوى الحق فى أن ينزل عن دعواه إلى ما قبل صدور حكم فاصل للنزاع فيها متى توافرت له مصلحة فى التنازل على أن يتم ذلك بإحدى الطرق التى أوردتها المادة 141 على سبيل الحصر و بشرط قبول خصمه إن جاء التنازل بعد إبدائه طلباته فى الدعوى أو دون موافقته عند إنتفاء مصلحته المشروعة فى إستمرار نظرها . و يترتب على هذا التنازل إلى إلغاء جميع إجراءات الخصومة و كافة الآثار القانونية المترتبة على قيامها إنما لا يمس الحق المرفوعة به الدعوى .
(الطعن رقم 854 لسنة 45 جلسة 1978/05/11 س 29 ع 1 ص 1235 ق 242)
5 ـ إذ كان نص المادة 141 من قانون المرافعات الذى أجاز ترك الخصومة نصاً عاماً لم يخصصها بنوع معين من الدعاوى التى يختص القضاء المدنى بنظرها و كانت المواد 146 و ما بعدها من قانون المرافعات فى شأن عدم صلاحية القضاه و ردهم و تنحيتهم لم تنص على عدم جواز التنازل عن طلب الرد و كانت طبيعة طلب الرد لا تتجافى مع التنازل عنه ، و كان الشارع عندما أصدر أخيراً القانون رقم 95 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية و التجارية رقم 13 لسنة 1968 قد أضاف مادة جديدة رقم 162 مكرر تنص على أنه " إذا قضى برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه ، لا يترتب على تقديم أى طلب آخر وقف الدعوى الأصلية " و عدل المادة 159 من قانون المرافعات فأضاف فترة جديدة تنص على أنه " و فى حالة التنازل عن طلب الرد تحكم المحكمة بمصادرة الكفالة " مما يؤكد أن القانون لا يمنع التنازل عن طلب الرد شأنه شأن أى طلب آخر لصاحبه التمسك به أو التنازل عنه ، و لا يحول دون ذلك ما نصت عليه المادة 1/142 من قانون المرافعات من أن الترك لا يتم بعد إبداء المدعى طلباته إلا بقوله ، لأن القاضى ليس طرفاً ذا مصلحة شخصية فى الخصومة فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن التنازل عن طلب الرد يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 967 لسنة 44 جلسة 1978/01/05 س 29 ع 1 ص 96 ق 26)
6 ـ أنه و إن كان ترك الخصومة جائز فى كل الأحوال متى تنازل المدعى عن خصومته بغير تحفظ متخذاً الشكل الذى يقضى به القانون و متى قبل المدعى عليه هذا الترك أو لم يكن فى ميسوره الإعتراض عليه طالما لم تكن له مصلحة قانونية فى المضى فى الدعوى إلا أنه يرد على هذا الأصل إستثناء لم يتضمنه به نص المادة142 من قانون المرافعات قوامه عدم إجازة الترك إذا تعلق موضوع الدعوى بالنظام العام ، إعتبار بأن الحقوق المتصلة به ينبغى ألا يجعل مصيرها متوقفاً علىإتفاقات متروك مصيرها لإرادة الأفراد ، لما كان ذلك و كان قبول المحكمة حلول الطاعن محل المدعية الأصلية عقب و فاتها مؤسساً على أن له مصلحة محتملة بالنسبة لما يترتب على دعوى الطلاق من آثار مالية تختلف بإختلاف الإبقاء علىعروة الزوجية أو فصمها ، و كان الإقرار الصادر من الطاعن - بترك الخصومة - ينطوى على قبول للحكم الصادر من محكمة أول درجة بمل يندرج فيه لزوماً من أحقية المطعون عليه - الزوج - لإستحقاق الميراث فى تركة الزوجية المتوفرة ، و كان الإقرار بهذه المثابة لا يتضمن أى مساس بالنظام العام و إنما ينصب على الحقوق المالية البحتة و التى إرتضى الطاعن أحقية المطعون عليه بها ، فإن من الجائز إثبات الترك الوارد به دون عائق من قواعد النظام العام ، و لا تثريبب على الحكم إذا هو أغفل الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص.
(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص 1649 ق 304)
7- المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز الترك في أية حالة كانت عليها الدعوى مادام لم يقفل باب المرافعة فيها، ويجوز الترك في الطعن بالنقض أن النزول عن الطعن أو ترك الخصومة فيه حسب تعبير قانون المرافعات متى حصل بعد انقضاء ميعاد الطعن فإنه يتضمن بالضرورة نزولًا من الطاعن عن حقه في الطعن إذ هو لا يستطيع ممارسة هذا الحق مادام ميعاد الطعن قد انقضى، وإذ كان النزول عن الحق في الطعن يتم وتتحقق آثاره بمجرد حصوله بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر عند انتفاء مصلحته المشروعة في استمرار الخصومة، ولا يملك المتنازل أن يعود فيما أسقط حقه فيه، فإن ترك الخصومة بعد فوات ميعاد الطعن لا يجوز الرجوع فيه باعتبار أنه يتضمن تنازلًا عن الحق في الطعن ملزمًا لصاحبه بغير حاجة إلى قبول يصدر من المتنازل إليه. وكان مفاد نصوص المواد 141 و 142 و 143 من قانون المرافعات أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها وتتحقق أثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي القاضي في الحكم بإثبات الترك إذ هذا الحكم ليس قضاء في خصومة بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده من الدعوى، وأن ترك الخصومة لا يمتد أثره إلا بالنسبة للخصم الذي أبدى طلب الترك والخصم الذي وجه إليه هذا الطلب دون بقية الخصوم، مما مؤداه اعتبار الخصومة غير قائمة بالنسبة لمن حصل ترك الخصومة قبله إذا كانت قابلة للتجزئة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن وكيل الطاعنين من الأول للسادس- دون الطاعنة الثانية والذي لم يقدم التوكيل رقم 1242 ق لسنة 2021 توثيق مدينة نصر الصادر منها إلى الطاعن الأخير الذي وكل المحامي مقدم الطلب قد مثل بالجلسات وأبدى طلبًا بالترك والتنازل عن الطعن وتم إثباته في محضر الجلسة وقدم التوكيل الخاص رقم 1086 ص لسنة 2023 توثيق نادي الشمس الذي يبيح له الترك والتنازل عن الطعن بالنقض- بما تتحقق معه إحدى الطرق التي تتطلبها المادة ١٤١، 142 ، 143 من قانون المرافعات في شأن ترك الخصومة، وإذ كان التنازل عن الطعن قد تم بعد انقضاء ميعاد الطعن بالنقض فقد أصبح ملزمًا للطاعنين – عدا الثانية - بغير حاجة إلى قبول يصدر من المطعون ضدها، ومن ثم يتعين الحكم بإثبات هذا الترك قبلهم جميعاً – عدا الطاعنة الثانية لعدم تقديم سند الوكالة الذي يبيح ذلك.
(الطعن رقم18795 لسنة 89 ق - جلسة 18 / 10 / 2023)
ترك الخصومة :
تعريفه : ترك الخصومة هو إعلان المدعي إرادته في إنهاء الخصومة بغير حكم في موضوع الدعوى وقد يجد المدعي ، رغم أنه هو الذي بدأ الخصومة ، أن من مصلحته إنهائها دون حكم في الدعوى . من هذا مثلا أن يكون قد أخطأ فرفع الدعوى بإجراءات معيبة أو أمام محكمة غير مختصة ، فيكون من مصلحته - إقتصاد في الوقت والمصاريف - أن يترك هذه الخصومة ليبدأ خصومة جديدة بإجراءات صحيحة أو أمام المحكمة المختصة . أو أن يكون قد تسرع في رفع الدعوى قبل أن يعد أدلة الإثبات الكافية ، فيترك الخصومة حتى يتسنى له رفع الدعوى من جديد بعد أن يكون قد أعد أدلته.
وللمدعى أو الطاعن ترك الخصومة ، ولو كانت الدعوى غير مقبولة أو كان الطعن غير جائز ، ذلك أن الترك يرد على الخصومة بصرف النظر عن صحة إجراءاتها أو توافر شروط قبول رفع الدعوى أو الطعن . على أن الحكم بترك الخصومة يفترض أن تكون المحكمة مختصة بالدعوى. فإذا تبين لها أنها غير مختصة بالدعوى ، وكان عدم إختصاصها متعلقاً بالنظام العام ، فإنها يجب أن تقضي بعدم إختصاصها والإحالة إلى المحكمة المختصة . ونفس الأمر إذا كان عدم الإختصاص لا يتعلق بالنظام العام ، وتمسك المدعى عليه به في الوقت المناسب . ويكون الفصل في طلب المدعى ترك الخصومة من سلطة المحكمة المحال إليها .
على أن الترك يتم دون حاجة لقبول المدعى عليه في حالتين :
1- إذا لم يكن المدعى عليه قد أبدى طلباً أو دفاعاً موضوعياً في الدعوى . إذ عندئذ لا تظهر مصلحته في بقاء الخصومة ، فمناط هذه المصلحة مرتبط بإبدائه طلباته أو أوجه دفاعه الموضوعية.
2- إذا كان المدعى عليه قد أبدى رغبته صراحة أو ضمنا في عدم صدور حكم في موضوع الدعوى ، أو لم تكن له مصلحة مشروعة في رفض القبول. ذلك أن رفضه القبول عندئذ يعتبر تعسفاً في إستعمال الحق . ولهذا لا أثر لإعتراض المدعى عليه إذا كان قد طلب إخراجه من الخصومة أو تقدم بدفع إجرائي يرمي إلى إنهاء الخصومة بغير حكم في الدعوى كما لو دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى (مادة 142 مرافعات) . كما أنه لا حاجة لقبول المستأنف ضده إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر كلياً لمصلحته ، وكان ميعاد الطعن قد إنقضى عند الترك ، إذ عندئذ يكون ترك الطاعن للطعن لمحض مصلحة المطعون ضده لأن الحكم يصبح بترك الطعن حائزاً لقوة الأمر المقضى. هذا فضلاً عن أنه وفقاً لقضاء النقض يتضمن ترك الخصومة في الطعن بعد فوات ميعاد الطعن بالضرورة نزولاً عن الحق في الطعن إذ لا يستطيع التارك ممارسة حقه بعد الميعاد . ولما كان النزول عن حق الطعن لا يتطلب قبول الطرف الأخر ، فإن ترك الخصومة في الطعن بعد الميعاد لا يحتاج إلى قبول ويرتب آثاره بمجرد حصوله.
وعلى العكس ، فإن للمدعى عليه الإعتراض على الترك ، ويجب الإعتداد بإعتراضه ، إذا كانت له مصلحة مشروعة في الإبقاء على الخصومة ، ولو كان قد سبق له إبداء ما ينم عن رغبته في عدم صدور حكم في موضوع الدعوى ، أو لم يكن قد أبدى دفاعاً أو طلباً موضوعياً .
وحيث يلزم القبول ، وتعدد المدعى عليهم وتركت الخصومة في مواجهتهم ، فإنه يجب قبولهم جميعاً . فإذا لم يوافق أحدهم إستمرت الخصومة فقط بالنسبة له . فإذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة ، تكون الدعوى غير مقبولة لعدم إختصام من يجب إختصامه في الدعوى . أما إذا كان الموضوع يقبل التجزئة فإن الترك لا يرتب أثره إلا بالنسبة لمن قبل . وإذا حيث الترك من خصم أصلي وقيل من الطرف الأصلى الآخر ولم يقبل من المتدخل ، فإن الخصومة تستمر في مواجهة المتدخل وحده إذا كان متدخلاً إختصامياً أو متدخلاً إنضمامياً مستقلاً ، ولكنها تنتهي في مواجهة المتدخل الإنضمامي البسيط ولو لم يقبل الترك.
وإذا تم القبول ، فإنه يترتب عليه عدم جواز الرجوع في الترك. أما إذا لم يقبل المدعى عليه الترك - حيث يجب قبوله - فإن الترك لا ينتج أثره ، وتستمر الخصومة في سيرها دون أن يحدث عليها أي تغيير لا في هيكلها ولا في أعباء الخصوم فيها .
وبقبول الترك ، يتم إتفاق إجرائي بين طرفي الخصومة يؤدي إلى إنهاء الخصومة .
وللمدعي الرجوع عن ترك الخصومة صراحة أو ضمنا ، ولكن يشترط لذلك أن يكون الرجوع قبل قبول المدعى عليه للترك أو حكم القاضي باعتماده . فإذا كان الترك يتم دون حاجة لقبول الطرف الآخر ، فإنه ليس للتارك العدول عن الترك .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة :358)
إعتراض المدعى عليه على ترك الخصومة :
الأصل أن المدعي طالما أقام الدعوى بمحض إختياره فيكون من حقه أن - يعود إلى الحالة التي كان عليها قبل إقامتها دون إعتراض من المدعى عليه ، " لكن إذا تعذر هذا الرجوع، بأن تعلق بالدعوى حق للمدعى عليه أو من في حكمه المتدخل فيها للإختصام، أو أصبحت له مصلحة قانونية في الفصل فيها حسماً للنزاع الذي يرجح أن يكون لصالحه بما تشهد به الأدلة التي سعت المحكمة إلى تحقيقها أو لإحتمال النكول عن اليمين الحاسمة التي طلب المدعى عليه توجيهها للمدعي نفسه أو لمن أحال إليه الدين محل الدعوى، وقد يتقدم المدعى عليه بطلبات عارضة يوجهها ضد المدعي إستناداً لأدلة يرجح معها إجابة هذه الطلبات ورفض الدعوى الأصلية ولو جزئياً ، وقد يصدر حكم بندب خبير تحقيقاً للأدلة التي إستند المدعى إليها ثم يمتنع عن سداد الأمانة مما يستشف معه عدول المحكمة عن الحكم التمهيدي ورفض الدعوى فيبادر بطلب ترك الخصومة وحينئذ يكون للمدعى عليه الإعتراض على الترك حتى لا يعود المدعى إلى دعواه ، ففي هذه الحالات يتعلق بالدعوى حق للمدعي عليه ويمتنع على المدعى إهداره للعودة إلى الحالة التي كان عليها قبل إقامتها وقت أن كان هذا الحق ساكناً لم يتمسك به المدعى عليه ، بحيث يكون للأخير الإعتراض على ترك المدعى للخصومة وحينئذ لا تقبل المحكمة طلب الترك وتستمر في نظر الدعوى ، وهذا الإعتراض حق للمدعى عليه إن لم يشأ يستعمله كان له ذلك فتقضي المحكمة بإثبات ترك المدعى للخصومة.
وينصرف عدم الإعتراض إلى قبول المدعى عليه ترك الخصومة ، بالتصريح بذلك شفاهة في الجلسة وإثباته في محضرها ، أو تضمينه مذكرة موقعة منه أو من وكيله المفوض بهذا القبول، أو تقديمه إقراراً موقعاً من المدعى متضمناً ترك الأخير للخصومة لما يدل عليه ذلك من قبوله للترك ، وإذا قام المدعى بإعلان الترك للمدعى عليه على يد محضر، كان للمدعى عليه الرد عليه بإعلان آخر بقبول الترك ، وقد يكون الرد بخطاب مسجل أو غير مسجل على أن يتحمل عبء إثباته.
و متى التقت الإرادتان تحقق الترك ويمتنع على المدعي الرجوع فيه بإرادته المنفردة، وتلزم المحكمة بإثباته، وتترتب كافة آثاره من وقت هذا الإلتقاء، وإن وصلت إرادة المدعى إلى المدعى عليه، ظل الأول ملتزماً بها خلال المدة التي تراها المحكمة مناسبة ليظهر الثاني إرادته، فإذا انقضت دون إظهار، كان للمدعي الرجوع في الترك بذات الطريقة التي أبدى بها طلب الترك أو بإبداء ذلك شفاهة في الجلسة وإثباته في محضرها، فإذا نازع المدعى عليه حسمت المحكمة هذه المنازعة، وتكون المنازعة صحيحة إذا أبديت في أول الجلسة بعد إعلان المدعى عليه بالترك وأراد المدعي الرجوع عنه في تلك الجلسة، وتكون غير صحيحة إذا أبديت بعد الجلسة التالية لإعلان الترك.
فإن كان المدعى عليه أبدى طلبات، وتقدم المدعى بطلب ترك الخصومة، ولم يصدر من الأول قبول صریح ولم يعترض كذلك على الترك صراحة ، وجب إعمال نص المادة (142) المقررة لإرادته في هذه الحالة، فلا يتم الترك إلا بقبوله الذي يجب أن يفصح عنه صراحة فإن لم يبد طلباته كان للمدعى ترك دعواه على نحو ما تقدم.
طلبات المدعى عليه التي تحول دون الترك:
يمتنع على المدعي طلب ترك دعواه متى أبدى المدعى عليه طلباته، وتنصرف هذه الطلبات إلى كل وجه من أوجه الدفاع التي تحول دون القضاء للمدعى بكل طلباته أو بعضها، فتشمل الطلبات العارضة والدفوع الموضوعية وهي التي يجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى کالدفع بالتقادم، ويخرج عن هذا النطاق، الدفوع المتعلقة بالإجراءات والدفع بالبطلان أو بالإحالة أو بعدم قبول الدعوى أو بعدم جواز نظرها أو بعدم سماعها أو بدفع آخر مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى، ذلك لأن المدعى عليه وقد أبدی دفعاً من هذا القبيل يكون قد قصد إلى إنهاء الدعوى قبل النظر في موضوعها وهو ما يحققه ترك الخصومة ومن ثم يسقط حقه في الإعتراض على هذا الترك.
دفوع المدعى عليه التي تحول دون اعتراضه على الترك :
لا يلتفت لاعتراض المدعى عليه على ترك الخصومة إذا كان قد تمسك بأي من الدفوع التالية والتي تظهر قصده في منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى والتصدي لموضوعها، وهو ما يحققه ترك المدعى للخصومة، ويجب لذلك أن يبدي المدعى طلب الترك بعد إبداء المدعى عليه لدفعه، ويظل حق المدعي قائماً طالما لم يتنازل المدعى عليه عن دفعه، فإن تنازل عنه، ولم يبد طلبات، ظر هذا الحق قائماً ، أما إن تنازل وأبدى طلبات قبل أن يبد المدعى طلب الترك ، امتنع إثبات الترك إذا ما طلبه المدعي، وإذا تنازل وقبل أن يبدي طلبات ، طلب المدعي إثبات تمر السومة . وبعد ذلك أبدى المدعى عليه طلبات و إعتراض على الترك، التفتت المحكمة عن إعتراضه وأثبتت الراء لأن مناط الإعتراض أن تكون الطلبات قد أبديت قبل طلب الترك.
وإذ جاء نص المادة (142) صريحا في أنه لا يلتفت لإعتراض المدعى عليه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة مما مفاده عدم جواز مخالفة هذا المعنى الظاهر استناداً إلى التطور التشريعي لنص المادة (110) وهو ما ذهب إليه أبو الوفا في الدفوع بند 409 مقرراً أنه يعتد بالإعتراض على الترك ولو كان المدعى عليه قد تمسك بعدم إختصاص المحكمة إذا كانت الإحالة بعد الحكم بعدم الإختصاص جوازية في ظل قانون المرافعات السابق الذي تمتصياغة المادة (142) في ظله ولم تكن المحكمة المحال إليها تلتزم بحكم الإحالة خلافاً للحكم الذي أوردته المادة (110) وبالتالي أخذ الدفع بعدم الإختصاص معنى غير المعنى الذي كان له عند صياغة المادة (142) ولم يعد هذا الدفع مقصودا به منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى وإنما إحالتها إلى المحكمة المختصة.
(2) الدفع بإحالة القضية إلى محكمة أخرى: يرمى المدعى عليه بالدفع بإحالة القضية إلى محكمة أخرى لنظرها مع قضية مرتبطة إلى منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى ومن ثم لا يلتفت إلى إعتراضه إذا أبدى المدعی طلباً بإثبات ترك الخصومة ، وتقضي المحكمة بإثبات هذا الترك ، ويقتصر ذلك على المحكمة التي أبدى أمامها الدفع، بحيث إذا أبدى ولم يطلب المدعى أمام ذات المحكمة إثبات ترك الخصومة فقررت إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لنظرها مع دعوی مرتبطة، فإن الأثر الذي رتبته المادة (142) من الإلتفات عن الإعتراض ينقضي بحيث إذا أبدى المدعى عليه طلبات عند نظر الدعوى أمام المحكمة المحال إليها ثم طلب المدعي إثبات تركه للخصومة كان للمدعى عليه الإعتراض على هذا الترك وحينئذ يمتنع على المحكمة إثباته، أما إذا أبدى المدعي طلب الترك قبل أن يبدي المدعي عليه طلباته، قضت المحكمة بإثبات الترك ، فإن ترتب على الإحالة والضم فقد كل من الدعويين ذاتيتهما، فإنهما تندمجان معاً وتصبحان دعوى واحدة يرد الترك عليهما ما إن كان المدعى فيهما واحدا، أما إن كان إحداهما وجها آخر للدعوى جاز أن يرد الترك على أي منهما كدعوی صحة ونفاذ العقد التي يرفعها المشتري ودعوى فسخه وبطلانه التي يرفعها البائع.
وقد يبدى المدعى عليه طلباته ثم يدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لنظرها مع دعوى مرتبطة ، بالرغم من عدم جواز هذا الدفع قانوناً لإبدائه بعد التعرض للموضوع عملاً بالمادة (108)، فإذا ما قررت المحكمة الإحالة ، نظرت الدعوى أمام المحكمة المحال إليها بحالتها التي كانت عليها قبل الإحالة متضمنة طلبات المدعى عليه مما يحق معه للأخير الإعتراض على طلب المدعى بترك الخصومة.
وقد يبدى المدعى عليه الدفع بالإحالة ولكن لا تجيبه المحكمة إليه، وتستمر في نظر الدعوى وحينئذ يعود المدعى عليه إلى ما كان عليه قبل إبدائه بحيث إذا تقدم بطلبات كان له الإعتراض على ترك الدعوى إذا طلبة المدعى بعد ذلك ولا يحول سبق الدفع إلى الإلتفات عن الإعتراض لأن مناط ذلك ألا تكون المحكمة قد رفضت الدفع وقد رفضته فلا يترتب عليه منعها من سماع الدعوى.
(3) الدفع ببطلان صحيفة الدعوى ، ويقصد المدعى عليه به منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى، بحيث إذا أبدى المدعي طلباً بترك الخصومة كان للمحكمة إثباته والإلتفات عن إعتراض المدعى عليه، وإذا أبدى الدفع ولم يطلب المدعى ترك الخصومة ثم رفضته المحكمة فتقدم المدعى عليه بطلبات وحينئذ يكون له الإعتراض على الترك ولا يحول دون ذلك سبق إبداء الدفع ببطلان صحيفة الدعوى طالما رفضته المحكمة إذ يترتب على هذا الرفض إستمرارها في سماع الدعوى بما يقدم فيها من طلبات ودفوع وأوجه دفاع. فإن لم يتقدم المدعى عليه بطلبات ولم يتعلق موضوع الدعوى بالنظام العام أو بمصلحة عامة كان للمدعي أن يطلب ترك الخصومة.
وإذا دفع المدعى عليه بهذا البطلان وقبل أن يطلب المدعى ترك الخصومة تنازل عن دفعه وأبدى طلباته، كان له الإعتراض على الترك إذ يعتبر الدفع كأن لم يكن بالتنازل عنه. وانظر رقم 7 فيما يلي.
(4) الدفع بسقوط الخصومة : عندما يكون المدعى عليه قد أبدى طلباته ووقف السير في الدعوى بفعل المدعى أو إمتناعه مدة (ستة أشهر) من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، إذ يقصد بهذا الدفع منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى عند تعجيلها، بحيث إذا ترك المدعي دعواه أثبتته المحكمة دون إعتداد بإعتراض المدعى عليه.
وإذا رفعت دعوى مبتدأة بسقوط الخصومة وضمت للدعوى الأصلية بعد تعجيلها ثم طلب المدعي في الدعوى الأخيرة ترك الخصومة ، أجابته المحكمة إليه دون إعتداد باعتراض المدعى عليه ويمتد الترك إلى دعوى السقوط.
فإن أبدى الدفع بالسقوط ولم يتقدم المدعى بطلب الترك، وقضت المحكمة برفض الدفع مما مفاده إستمرارها في سماع الدعوى، ومن ثم يجوز للمدعى عليه إبداء طلبات فيها وحينئذ يجوز له الإعتراض على الخصومة. وانظر : رقم 7 فيما يلي.
(5) الدفع بإنقضاء الخصومة بمضي المدة : ويقصد المدعى عليه بإبدائه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى وذلك عندما تنقضي سنتان من آخر إجراء صحيح فيها على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (140) ويحول ذلك دون المدعى عليه والإعتراض على ترك الخصومة حتى لو كان قد أبدى طلبات قبل وقف الدعوى لتعارض الدفع وما يرمي إليه مع إعتراضه، وفضلاً عن ذلك فإن المدعى عليه لا تكون له مصلحة في الدفع، إذ يترتب على ترك الخصومة وفقا للمادة (143) نفس الآثار التي يرتبها القانون على الحكم بانقضاء الخصومة على التفصيل الذي أوضحناه بالمادتين (137)، (140) والمقرر أن المصلحة هي مناط قبول الدعوى أو الدفع، وانظر: رقم 7 فيما يلي.
(6) الدفع بعدم قبول الدعوى : ويقصد به المدعى عليه من المحكمة من المضي في سماع الدعوى، ويلحق به الدفع بعدم سماع الدعوى ، فإذا أبدی الدفع وتعلق بإنتفاء صفة المدعى عليه وأعقبه المدعى بطلب ترك الخصومة ، تعين على المحكمة إثبات الترك دون حاجة إلى تأجيل الدعوى لإعلان ذى الصفة عملاً بالمادة (115) لأن مناط هذا التأجيل ألا يكون المدعي طلب ترك الخصومة ، وحينئذ تلتفت المحكمة عن اعتراض المدعى عليه على الترك إذا أبداه.
(7) الدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن، بحيث إذا أبداه أحد المدعى عليهم في موضوع لا يقبل التجزئة امتد إلى الدعوى برمتها وامتنع على المدعي ترك دعواه بالنسبة للدافع وحده ، ويمتد ذلك إلى سائر الدفوع التي تتفق في طبيعتها مع ذلك، لكن إن طلب المدعى ترك دعواه بالنسبة لجميع المدعى عليهم فلا يعتد بإعتراضهم على الترك.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثالث ، الصفحة : 685)
إشترط القانون قبول المدعى عليه لترك الخصومة متى تبينت له مصلحة مشروعة في الإستمرار في نظر الدعوى والحكم في موضوعها أما حيث لا تبين هذه المصلحة أو تنتفي فلا يتوقف الترك علي رضا المدعي عليه وعلى هذا الأساس لا يشترط قبول المدعى عليه إذا لم يكن قد أبدي طلباته لأنه في هذه الحالة تكون الخصومة ملكاً للمدعي وحده كذلك لا يشترط قبول المدعى عليه إذا نزل المدعي عن أصل الحق الذي يدعيه ، أو كان ترك الخصومة مؤدية إلى تركي أصل الحق المدعي به أما إذا كان المدعى عليه قد أبدي طلباته فلا يتم الترك إلا بقبوله والمقصود في هذا المقام أقوال المدعى عليه فيما يتعلق بموضوع الدعوى كما إذا كان قد أبدي دفعا موضوعياً لا يشترط قبول المدعى عليه إذا كان غرضه إنتهاء الخصومة بغير حكم في موضوعها كما إذا كان قد دفع الدعوى بعدم إختصاص المحكمة قيمياً أو نوعياً أو بإعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بعدم قبولها أو بعدم سماعها لعدم توافر شرط شكلي أوجبه القانون أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون الغرض منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى أما الدفع بعدم القبول الموضوعي فيشترك للحكم بالترك قبول المدعى عليه للترك فيما عدا الحالتين المتقدمتين يشترك قبول المدعى عليه لأن له مصلحة ظاهرة ومشروعة في الاستمرار في الدعوى والحكم فيها وينبني علي ذلك أن للتارك أن يتحلل من إيجابه وأن يرجع عن نزوله طالما لم يصدر قبول من جانب المدعى عليه .
ووفقاً لنص المادة 338 مرافعات لا يعلق الترك على قبول المستأنف عليه إذا كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى وقت الترك.
والعدول عن الترك قبل قبول المدعى عليه قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً .
ودعاوى رد القضاة قابلة للترك وفقاً لنص المادة 159 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 1976 ثم القانون 23 لسنة 1992 .
تنازل الطاعن عن طعنه وترك الخصومة فيه بعد إنقضاء ميعاد الطعن يتم بغير حاجة إلي قبول الخصوم الآخر ولا يجوز الرجوع فيه :
من المقرر أن نزول الطاعن عنه طعنه أو بمعني أدق ترك الخصومة فيه بعد إنقضاء مواعيد الطعن يتضمن بالضرورة نزولا من الطاعن عن حقه في الطعن إذ هو لا يستطيع ممارسة هذا الحق مادام أن ميعاد الطعن قد إنقضي، وفي هذه الحالة فإنه يتم وتتحقق آثاره بمجرد إبدائه بغير حاجة إلي قبول الخصم الآخر ، ولا يجوز الرجوع فيه بإعتبار أنه يتضمن تنازلاً عن الحق في الطعن ملزماً ًلصاحبه .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 515)
شروط ترك الخصومة ومدى أهمية قبول المدعى عليه للترك :
أوضحنا فيما تقدم عند تعليقنا على المادة 141 شروطا أربعة للترك وهي :
الشرط الأول : أن يصدر الترك من المدعى أو الطاعن بالنسبة لخصومة الطعن.
والشرط الثاني : أن تتوافر في التارك الأهلية الإجرائية وألا تكون إرادته معيبة بأي عيب من عيوب الإرادة، وأنه ليس للوكيل بالخصومة بموجب توكيل عام أن يترك الخصومة وإنما الترك يحتاج إلى وكالة خاصة .
والشرط الثالث : أن يتم الترك بأحد الطرق الثلاث المنصوص عليها في المادة 141 مرافعات.
والشرط الرابع : ألا يكون الترك معلقاً على شرط أو متضمناً أي تحفظ، ونوضح الأن الشرط الخامس للترك وهو المنصوص عليه في المادة 142 محل التعليق وهو شرط موافقة المدعى عليه على الترك إن كان قد أبدى طلباته، فقد إشترط المشرع قبول المدعى عليه لترك الخصومة متى تبينت له مصلحة مشروعة في الإستمرار في نظر الدعوى والحكم في موضوعها، أما حيث لا تتبين هذه المصلحة أو تنتفی فلا يتوقف الترك على رضا المدعى عليه، وعلى هذا الأساس لا يشترط قبول المدعى عليه للترك في حالتين
1- الحالة الأولى : لا يشترط قبول المدعى عليه إذا لم يكن قد أبدى طلباته، وتستفاد هذه القاعدة بمفهوم المخالفة من نص المادة 142 لأنه إذا لم يكن المدعى عليه قد أبدى طلباته، فإن الخصومة لم تنعقد بينه وبين المدعي فلم تستبن بعد مصلحته في الإستمرار في نظر الدعوى والحكم فيها، أما إذا كان المدعى عليه قد أبدى طلباته فلا يتم ترك الخصومة إلا بقبوله، والمقصود بالطلبات في هذا المقام التي بتعين بإبدائها ضرورة قبول المدعى عليه لترك الخصومة أقوال المدعى عليه فيما يتعلق بموضوع الدعوى، فلا يشترط لإستلزام قبل المدعي عليه أن يكون قد أبدى طلبات بالمعنى الصحيح وجهها للمدعي وطلب الحكم بها عليه، وإنما يكفي أن يكون قد أبدى دفعاً موضوعياً.
2- الحالة الثانية : لا يشترط قبول المدعى عليه إذا كان قد دفع الدعوى بعدم إختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون الغرض منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى، وذلك إعمالاً لنص المادة 142 محل التعليق، لأن ترك الخصومة من جانب المدعي في هذه الحالات يحقق الغرض الذي يؤدي إليه قبول الدفع الذي أبداه المدعى عليه وهو إنتهاء الخصومة بغير حكم في موضوعها، ولذلك يكون إعتراض المدعى عليه على ترك الخصومة وتمسكه بالحكم فيها ضرباً من التعسف في الحق، لأنه لا يقوم على مصلحة مشروعة فلا يلتفت إليه (رمزي سيف - بند 480 ص 604 ص 605، ص 606).
كذلك لا حاجة لقبول المستأنف ضده إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر كلياً لمصلحته، وكان ميعاد الطعن قد انقضى عند الترك، إذ عندئذ يكون ترك الطاعن للطعن لمحض مصلحة المطعون ضده لأن الحكم بصبح بترك الطعن حائزاً لقوة الأمر المقضي (نقض مدنى 27 / 2 / 1973 مجموعة النقض - سنة 24 ص 336). وذلك بما لم يكن هناك طعن آخر بالإستئناف رفع من نفس الطاعن في ميعاد الإستئناف. (فتحی والي ص 611 وهامشها).
وقد قضت محكمة النقض بأن ترك الخصومة في الطعن بعد فوات ميعاد الطعن يتضمن بالضرورة نزولا عن الحق في الطعن، إذ لا يستطيع التارك ممارسة حقه بعد الميعاد. ولما كان النزول عن حق الطعن لا يتطلب قبول الطرف الآخر، فإن ترك الخصومة في الطعن بعد الميعاد لا يحتاج إلى قبول .
(نقض عمال 25/ 2/ 1990 ، في الطعن 2311 لسنة 56 ق).
إذن لا يشترط قبول المدعى عليه إذا كان غرضه انتهاء الخصومة بغير حكم في موضوعها كما إذا كان قد دفع الدعوى بعدم إختصاص المحكمة قيمياً أو نوعياً أو بإعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بعدم قبولها أو بعدم سماعها لعدم توافر شرط شكلى أوجبه القانون أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون الغرض منه منع. المحكمة من المضي في سماع الدعوى، أما الدفع بعدم القبول الموضوعي فيشترط للحكم بالترك قبول المدعى عليه للترك.
وفيما عدا الحالتين المتقدمتين لا يتم ترك الخصومة إلا بقبول المدعي عليه، لأنه في غير هاتين الحالتين تكون للمدعى عليه مصلحة ظاهرة ومشروعة في الإستمرار في الدعوى والحكم فيها، مصلحة إستبانت بما أبداه في الدعوى من أقوال، وينبني على ذلك أنه فيما عدا الحالتين المتقدمتين، فإن للتارك أن يتحلل من إيجابه وأن يرجع عن نزوله طالما لم يصدر قبول من جانب المدعى عليه (حكم محكمة المنيا الإبتدائية في 23 /9 / 1954 - منشور في المحاماة سنة 35 ص 1766).
ويلاحظ أن القواعد المتقدمة الواردة في المادة 142 قواعد عامة تطبق على الخصومة أمام محكمة أول درجة كما تطبق عليها في الإستئناف، وإذا كان المشرع قد أورد نما خاصا بترك الخصومة في الإستئناف فلا يعني هذا . عدم تطبيق القواعد العامة التي سبق بيانها، وإنما يطبق النص الخاص في الصور التي ورد بشأنها، وفيما عداها تطبق القواعد العامة السابق بيانها على ترك الخصومة في الإستئناف، فوفقاً لنص المادة 238 مرافعات لا يعلق الترك على قبول المستأنف عليه إذا كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى وقت الترك، فيوجب نص المادة 142 محل التعليق. قبول المدعى عليه أو المستأنف ضده إذا كان الترك بعد إبدائه طلبانه غير أنه لا لزوم لقبول المستأنف ضده ولو كان قد أبدى طلباته أو أقام إستئنافاً فرعياً إذا كان ترك المستأنف إستئنافه بعد مضي مواعيد الإستئناف (نقض 29/ 11/ 1976 في الطعن 845 لسنة 43)، كما لا يلزم قبول المطعون ضده في النقض. إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
(نقض 1977/4/5 ، في الطعن 37 لسنة 43 وفي الطعن 36 لسنة 43).
وحيث يلزم القبول، و تعدد المدعى عليهم وتركت الخصومة في مواجهتهم. رحب قبولهم جميعاً، فإذا لم يوافق أحدهم إستمرت الخصومة بالنسبة له، . فإذا حدث الترك من خصم أصلي وقبل من الطرف الأصلي الآخر ولم يقبل من المتدخل، فإن الخصومة تستمر في مواجهة التدخل وحده إذا كان متدخلاً إنضمامياً مستقلاً ، ولكنها تنتهي في مواجهة المتدخل الإنضمامي البسيط ولو لم يقبل الترك، وإذا تم القبول، فإنه يترتب عليه عدم جواز الرجوع في الترك (نقض 11/ 5/ 1978 ، في الطعن رقم 854 لسنة 45 قضائية). أما إذا لم يقبل المدعى عليه الترك - حيث يجب قبوله - فإن الترك لا ينتج أثره، وتستمر الخصومة في سيرها. دون أن يحدث عليها أي تغيير لا في هيكلها ولا في أعباء الخصوم فيها.
وبقبول الترك، يتم اتفاق إجرائي بين طرفي الخصومة يؤدي إلى إنهاء الخصومة. (استئناف الإسكندرية 31/ 5/ 1959 منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة 3 عدد 3 ص 259، فتحي والي - بند 326 ص 611، ص 612).
الرجوع في الترك : إذا كان الترك غير معلق على قبول المدعى عليه فلا يملك المدعي الرجوع فيه، لأن هذا الترك بعد إسقاطاً أو تنازلاً تتحقق آثاره القانونية بمجرد التصريح به دون حاجة إلى قبول الخصم الآخر. (نقض 6 / 3/ 1952 - سنة 3 ص 577).
أما النزول عن إجراء من إجراءات الخصومة لا يتطلب موافقة الخصم الآخر. وإذن، التنازل ينتج أثره بمجرد التصريح به ولا يملك المتنازل العودة إلى ما أسقط حقه فيه. (نقض 11 / 5/ 1978، الطعن رقم 854 لسنة 45 ق).
وإذا كان الترك معلقاً على قبول المدعى عليه، فإن للمدعي الرجوع عن ترك الخصومة صراحة أو ضمنا، ولكن يشترط لذلك أن يكون الرجوع قبل قبول المدعى عليه للترك أو حكم القاضي بإعتماده، فجواز رجوع الخصم عن ترك الخصومة صراحة أو ضمنا، شرطه. أن يكون الرجوع قبل قبول الخصم الآخر للترك، أو حكم القاضي بإعتماده.
(نقض 11/ 5/ 1978 ، طعن رقم 854 لسنة 45 قضائية). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث ، الصفحة : 496)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 318
انْتِهَاءُ الدَّعْوَى:
تَنْتَهِي الدَّعْوَى غَالِبًا بِصُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِهَا يَحْسِمُ النِّزَاعَ، بِحَيْثُ لاَ تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِثَارَتُهُ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَنْتَهِي بِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ يَضَعُ حَدًّا لِلْخُصُومَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ.
أَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ: أَنْ تَتَقَدَّمَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى صَحِيحَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الإْلْزَامِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاضِحًا بِحَيْثُ يُعَيَّنُ فِيهِ مَا يُحْكَمُ بِهِ وَمَنْ يُحْكَمُ لَهُ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ، وَشُرُوطٌ أُخْرَى مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الْحُكْمِ وَأَثَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءٌ).
وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَنْتَهِي الدَّعْوَى قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِيهَا، فَإِنَّهُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يُعْنَوْا بِحَصْرِهَا، إِلاَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِنْتَاجُهَا مِنَ الْقَوَاعِدِ وَالأْصُولِ الَّتِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهَا فِي التَّقَاضِي وَنَظَرِ الدَّعَاوِي، وَمِنْ بَعْضِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:
أ - بِنَاءً عَلَى تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَنْ إِذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الدَّعْوَى تَنْتَهِي بِتَنَازُلِ الْمُدَّعِي عَنْهَا بِإِرَادَتِهِ، قَالَ الْبَاجُورِيُّ: (إِنَّ مَشِيئَةَ الْمُدَّعِي لاَ تَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلَهُ إِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الأَبَدِ بَلْ لَهُ الاِنْصِرَافُ وَتَرْكُ الْخُصُومَةِ بِالْكُلِّيَّةِ).
ب - وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا تَنْتَهِي إِذَا طَرَأَ مَا يَجْعَلُ بَعْضَ تِلْكَ الشُّرُوطِ مُتَخَلِّفًا، كَمَا لَوْ أَضْحَى الْمُدَّعِي لاَ مَصْلَحَةَ لَهُ فِي مُتَابَعَةِ السَّيْرِ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَ الدَّعْوَى مُفِيدَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَيُمْكِنُ حُدُوثُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْهَا: أَنْ يُتَوَفَّى الصَّغِيرُ الْمُتَنَازَعُ عَلَى حَضَانَتِهِ، فَيُصْبِحُ الاِسْتِمْرَارُ فِي الدَّعْوَى غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُدَّعِي، وَمِنْهَا أَنْ يُتَوَفَّى الزَّوْجُ الَّذِي تَطْلُبُ الزَّوْجَةُ الْحُكْمَ بِتَطْلِيقِهَا مِنْهُ، حَيْثُ تَنْتَفِي الْمَصْلَحَةُ فِي اسْتِمْرَارِ نَظَرِ الدَّعْوَى.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجْدُرُ بِالْمُلاَحَظَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الأْصْلِيَّ فِي الدَّعْوَى قَدْ يُصْبِحُ فِي مَرْكَزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا تَقَدَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الأْصْلِيُّ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ لِلدَّعْوَى الأَْصْلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي أَنْ لاَ يُسْمَحَ لِلْمُدَّعِي الأْصْلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَاهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَبْدَى دَفْعًا لِهَذِهِ الدَّعْوَى إِلاَّ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ تَنْتَهِي الدَّعْوَى إِذَا انْتَهَى التَّنَازُعُ فِي الْحَقِّ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِ الدَّعْوَى، كَمَا لَوْ تَصَالَحَ الْخُصُومُ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى.