1- إذ كان البيِّن من الأوراق أن وكيل الطاعن مَثُلَ بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة وقرر بترك الخصومة في الطعن رقم ... لسنة 92 ق، واستبان من مطالعة توكيله الموثَّق أنه يُبيح الترك ، كما قرر وكيل الطاعن الأول – عدا الطاعن الثاني - في الطعن رقم ... لسنة 92 ق بدوره بترك الخصومة في طعنه، واستبان من مطالعة التوكيل الصادر منه إليه أنه يُبيح ذلك، ولَمَّا كان هذا التنازل وذاك قد حصل بعد انقضاء ميعاد الطعن فإنه يتضمَّن بالضرورة نزولًا من كل من الطرفين عن حقه في طعنه ويُعد ذلك مُلزمًا لصاحبه، ومن ثم يتعيَّن الحكم بإثبات ترك الخصومة في الطعن رقم ... لسنة 92 ق، وترك الخصومة بالنسبة للطاعن الأول في الطعن رقم ... لسنة 92 ق مع إلزام كل طرف بمصروفاته إعمالًا للمادة 143 من قانون المرافعات دون الحكم بمصادرة الكفالة في الطعن الأول؛ إذ لا يُحكم بمصادرتها حسب نص المادة 270 / 1 من ذات القانون إلا في حالة الحكم بعدم قبول الطعن أو برفضه أو بعدم جوازه .
( الطعن رقم 24430 لسنة 92 ق - جلسة 15 / 8 / 2024 )
2 ـ مؤدى نصوص المواد 184 ، 185 ، 186 من قانون المرافعات أن المشرع نظم بهذه النصوص القواعد التى تحكم تحديد الخصم الذى يتحمل الرسوم القضائية والمصاريف الرسمية التى استلزمها رفع الدعوى فلا تسرى هذه النصوص فى حالة انتهاء الخصومة بغير حكم فى الدعوى ، وكان هذا الانتهاء يرجع إلى أسباب مختلفة نظم قانون المرافعات فى بعضها الخصم الذى يتحمل مصروفات الدعوى كما كان فى حالة ترك الخصومة ولم ينظم البعض الآخر كما فى حالة انتهاء الخصومة فى الاستئناف بغير حكم بسبب تنازل المدعى المحكوم له عن الحكم المستأنف أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المحكوم ضده إذ يترتب على هذا التنازل أن يصبح الحكم المطعون فيه غير قائم وتنقضى الخصومة فى الاستئناف بقوة القانون وكان إغفال هذا التنظيم يُعد نقصاً تشريعياً يوجب على القاضى تكملته بالالتجاء إلى المصادر التى نصت عليها المادة الأولى من القانون المدنى ومنها قواعد العدالة ، فإن الحل العادل فى الحالة سالفة البيان هو تحمل المتنازل عن الحكم المستأنف جميع المصاريف الناشئة منج الخصومة لأنه قد حال بتنازله بين المحكمة والمضى فى نظر الدعوى والفصل فى موضوعها وبيان وجه الحق فيها ، وهو ما يتساوى مع ترك الخصومة الذى يترتب عليه الحكم على التارك بجميع المصاريف التى نشأت عنها طبقاً لنص المادة143 من قانون المرافعات . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بالمصاريف برغم أن تنازل المطعون ضدها عن الحكم المستأنف الصادر فى غيبة الطاعنة يتساوى مع ترك الخصومة بما يوجب تحملها جميع المصاريف الناشئة عنها فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه
(الطعن رقم 11508 لسنة 82 جلسة 2014/12/01)
3 ـ إذ كان ترك الخصومة وعلى ما يبين من نص المادة 143 من قانون المرافعات معناه التنازل عنها دون حكم فى موضوعها فلا تأثير له فى الحق موضوع الدعوى إذ يقتصر هدفه وأثره على إجراءات الخصومة فيؤدى إلى محوها واعتبارها ملغاة ، مع إبقاء الحق الموضوعى الذى رفعت به الدعوى على حاله محكوماً بالقواعد المتعلقة به فى القانون الموضوعى . لما كان ذلك ، فإن حكم محكمة أول درجة الخاطئ بإثبات ترك المدعية لدعواها هو حكم بانتهاء الخصومة بغير النظر فى موضوعها والحكم فيه لا تكون قد استنفذت به ولايتها فى نظر موضوع الدعوى بما لازمه إعادة الدعوى إليها لنظر موضوعها ، حتى لا تفوت على الخصوم إحدى درجات التقاضى باعتبار أن مبدأ التقاضى على درجتين من المبادئ الأساسية للنظام القضائي .
(الطعن رقم 308 لسنة 73 جلسة 2012/07/10 س 63 ص 1004 ق 157)
4 ـ ترك الخصومة يترتب على إلغاء جميع إجراءتها بما فى ذلك صحيفة الدعوى أو الطعن طبقاً لنص المادتين 143، 238 من قانون المرافعات و يزيل بالتالى كل ما يترتب على ذلك من آثار ، فيعود الخصوم إلى الحالة التى كانوا عليها قبل الدعوى و تتماحى جميع الطلبات الصادرة منهم و الدفوع التى تقدم بها المدعى أو المدعى عليه أثناء نظر الدعوى .
(الطعن رقم 619 لسنة 43 جلسة 1980/01/29 س 31 ع 1 ص 333 ق 67)
5 ـ ترك الخصومة يترتب عليه وفقاً للمادة 143 من قانون المرافعات إلغاء جميع إجراءاتها بما فى ذلك صحيفة الدعوى ويعود الخصوم الى الحالة التى كانوا عليها قبل رفع الدعوى ويعتبر المدعى عليه الذى قضى بإثبات تنازل المدعى عن مخاصمته خارجاً عن نطاق الخصومة ويترتب عليه زوال رفع الدعوى فى قطع التقادم ، وتتحقق آثار الترك بمجرد إيذائه دون توقف على صدور حكم به فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخى القاضى فى الحكم بإثبات الترك إذ أن هذا الحكم ليس قضاء فى خصومة بل هو مجرد إعلان من القاضى ينفض يده من الدعوى .
(الطعن رقم 3075 لسنة 65 جلسة 1997/05/28 س 48 ع 1 ص 835 ق 163)
6 ـ مفاد نصوص المواد 141 ، 142 ، 143 من قانون المرافعات أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها وتتحقق آثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخى القاضى فى الحكم بإثبات الترك ، إذ أن هذا الحكم ليس قضاء فى خصومة بل هو مجرد إعلان من القاضى بنفض يده من الدعوى .
(الطعن رقم 3438 لسنة 65 جلسة 1996/06/23 س 47 ع 2 ص 996 ق 187)
7 ـ لما كان الحق من المشترى للعين المشفوع فيها - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا تتجزأ عليه الصفقة فإذا تعدد الشفعاء من طبقة واحدة و لم يطلب كل منهم الشفعة فى كل العين المشفوع فيها و سقط حق أحدهما لسبب يتعلق بالمواعيد أو بغيرها من إجراءات الشفعة تفرقت الصفة على المشترى و صارت بذلك دعوى الشفعة غير مقبولة . و كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة كذلك أنه ليس لمن طلب الشفعة فى جزء من العين المبيعة أن يعدل إلى طلب الشفعة فى العين برمتها ما دام قد فوت على نفسه المواعيد المقررة للأخذ بالشفعة لأن إجراءات الشفعة المنصوص عليها فى المواد من 940 إلى 943 من القانون المدنى و مواعيدها مرتبطه بعضها ببعض إرتباطاً وثيقاً و ماساً بذات الحق و يوجب القانون إتباعها و إلا سقط الحق فى الشفعة ذاته ، لما كان ذلك ، و كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما الأول و الثانية - و هما شفيعان من طبقة واحدة - لم يطلب إحدهما أخذ العين المشفع فيها برمتها و إنما طلبا ذلك سوياً و أودعا ثمناً واحداً لها ، و كان إقرار المطعون ضدها الثانية أمام محكمة أول درجة بترك الخصومة من شأنه إلغاء كافة إجراءات الشفعة بالنسبة لها بما فى ذلك صحيفة الدعوى فيما تضمنته من طلبات تخصها و ذلك عملاً بنص المادة 143 من قانون المرافعات مما يجزء الصفقة على المشترين " الطاعنين " الأمر الممتنع قانوناً .
(الطعن رقم 73 لسنة 56 جلسة 1988/11/29 س 39 ع 2 ص 1254 ق 213)
8 ـ مفاد نصوص المواد 141 ، 142 ، 143 من قانون المرافعات أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها و تتحقق آثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخى القاضى فى الحكم بإثبات الترك إذ هذا الحكم ليس قضاء فى خصومة بل هو مجرد إعلان من القاضى بنفض يده من الدعوى .. و إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثالث قد أبدى دعواه الفرعية بطلب الحكم بطرد الطاعنين من أطيان النزاع بعد أن كانوا قد قرروا بترك الخصومة فى دعواهم الأصلية بجلسة 1983/10/17 و من ثم فإن محكمة أول درجة إذ إنتهت إلى القضاء بإثبات ذلك الترك و إعتبرت أن الدعوى الفرعية ما زالت قائمة رغم ذلك و تصدت للفصل فيها و حكمت بطرد الطاعنين من أطيان النزاع ، فإن الحكم المطعون فيه إذ سايرها فى هذا النظر الخاطئ و قضى بتأييد الحكم المستأنف ، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 235 لسنة 55 جلسة 1985/12/17 س 36 ع 2 ص 1132 ق 233)
9 ـ إذ كان الثابت أن المرحوم . . . زوج المطعون ضدها الثالثة كان قد طالب بالتعويض عن الضرر الأدبى الذى لحقه بوفاة شقيقه المجنى عليه فى الجنحة رقم 3143 لسنة 1967 روض الفرج إبان نظرها أمام المحكمة الجنائية ، فإنه إذ توفى من بعد ذلك إنتقل حقه فى التعويض إلى ورثته و ضمنهم زوجته المذكورة دون أن ينال منه قضاء المحكمة الجنائية بإعتباره تاركاً لدعواه المدنية ذلك أن المورث قد تمسك بحقه فى التعويض قبل وفاته و القضاء بالترك - بصريح نص المادة 143 من قانون المرافعات - سواء السابق أو الحالى - لا يمس الحق المرفوعة به الدعوى و لا يمنع من رفع الدعوى به من جديد .
(الطعن رقم 703 لسنة 43 جلسة 1981/04/01 س 32 ع 1 ص 1023 ق 189)
10- المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز الترك في أية حالة كانت عليها الدعوى مادام لم يقفل باب المرافعة فيها، ويجوز الترك في الطعن بالنقض أن النزول عن الطعن أو ترك الخصومة فيه حسب تعبير قانون المرافعات متى حصل بعد انقضاء ميعاد الطعن فإنه يتضمن بالضرورة نزولًا من الطاعن عن حقه في الطعن إذ هو لا يستطيع ممارسة هذا الحق مادام ميعاد الطعن قد انقضى، وإذ كان النزول عن الحق في الطعن يتم وتتحقق آثاره بمجرد حصوله بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر عند انتفاء مصلحته المشروعة في استمرار الخصومة، ولا يملك المتنازل أن يعود فيما أسقط حقه فيه، فإن ترك الخصومة بعد فوات ميعاد الطعن لا يجوز الرجوع فيه باعتبار أنه يتضمن تنازلًا عن الحق في الطعن ملزمًا لصاحبه بغير حاجة إلى قبول يصدر من المتنازل إليه. وكان مفاد نصوص المواد 141 و 142 و 143 من قانون المرافعات أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها وتتحقق أثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي القاضي في الحكم بإثبات الترك إذ هذا الحكم ليس قضاء في خصومة بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده من الدعوى، وأن ترك الخصومة لا يمتد أثره إلا بالنسبة للخصم الذي أبدى طلب الترك والخصم الذي وجه إليه هذا الطلب دون بقية الخصوم، مما مؤداه اعتبار الخصومة غير قائمة بالنسبة لمن حصل ترك الخصومة قبله إذا كانت قابلة للتجزئة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن وكيل الطاعنين من الأول للسادس- دون الطاعنة الثانية والذي لم يقدم التوكيل رقم 1242 ق لسنة 2021 توثيق مدينة نصر الصادر منها إلى الطاعن الأخير الذي وكل المحامي مقدم الطلب قد مثل بالجلسات وأبدى طلبًا بالترك والتنازل عن الطعن وتم إثباته في محضر الجلسة وقدم التوكيل الخاص رقم 1086 ص لسنة 2023 توثيق نادي الشمس الذي يبيح له الترك والتنازل عن الطعن بالنقض- بما تتحقق معه إحدى الطرق التي تتطلبها المادة ١٤١، 142 ، 143 من قانون المرافعات في شأن ترك الخصومة، وإذ كان التنازل عن الطعن قد تم بعد انقضاء ميعاد الطعن بالنقض فقد أصبح ملزمًا للطاعنين – عدا الثانية - بغير حاجة إلى قبول يصدر من المطعون ضدها، ومن ثم يتعين الحكم بإثبات هذا الترك قبلهم جميعاً – عدا الطاعنة الثانية لعدم تقديم سند الوكالة الذي يبيح ذلك.
(الطعن رقم18795 لسنة 89 ق - جلسة 18 / 10 / 2023)
ترك الخصومة :
تعريفه : ترك الخصومة هو إعلان المدعي إرادته في إنهاء الخصومة بغير حكم في موضوع الدعوى وقد يجد المدعي ، رغم أنه هو الذي بدأ الخصومة ، أن من مصلحته إنهائها دون حكم في الدعوى . من هذا مثلاً أن يكون قد أخطأ فرفع الدعوى بإجراءات معيبة أو أمام محكمة غير مختصة ، فيكون من مصلحته - إقتصاد في الوقت والمصاريف - أن يترك هذه الخصومة ليبدأ خصومة جديدة بإجراءات صحيحة أو أمام المحكمة المختصة . أو أن يكون قد تسرع في رفع الدعوى قبل أن يعد أدلة الإثبات الكافية ، فيترك الخصومة حتى يتسنى له رفع الدعوى من جديد بعد أن يكون قد أعد أدلته.
وللمدعى أو الطاعن ترك الخصومة ، ولو كانت الدعوى غير مقبولة أو كان الطعن غير جائز ، ذلك أن الترك يرد على الخصومة بصرف النظر عن صحة إجراءاتها أو توافر شروط قبول رفع الدعوى أو الطعن . على أن الحكم بترك الخصومة يفترض أن تكون المحكمة مختصة بالدعوى. فإذا تبين لها أنها غير مختصة بالدعوى ، وكان عدم إختصاصها متعلقاً بالنظام العام ، فإنها يجب أن تقضي بعدم إختصاصها والإحالة إلى المحكمة المختصة . ونفس الأمر إذا كان عدم الإختصاص لا يتعلق بالنظام العام ، وتمسك المدعى عليه به في الوقت المناسب . ويكون الفصل في طلب المدعى ترك الخصومة من سلطة المحكمة المحال إليها .
آثار الترك :
بعد أن تتأكد المحكمة من توافر الشروط اللازمة في الترك ، تقرر إنتهاء الخصومة. وقرارها هذا ليس منشئة إنما له صفة تقريرية. ونتيجة لهذه الصفة فإن الترك ينتج آثاره منذ تمامه (بإعلان من التارك أو بقبوله من المدعي عليه إن لزم هذا القبول) . ولهذا إذا حدث وتدخل شخص من الغير في الفترة بين تمام الترك وبين قرار القاضي ، فإن التدخل لا يقبل .
ويترتب على الترك الآثار التالية (مادة 143 مرافعات) :
(1) انتهاء الخصومة بجميع إجراءاتها ومراكزها القانونية وآثارها، سواء كانت إجرائية أم موضوعية . فيعود الخصوم إلى الحال التي كانوا عليها قبل بدء الخصومة ، وتزول جميع الطلبات والدفوع المقدمة منهم ، وجميع الآثار التي ترتبت عليها. ولهذا فإن التقادم الذي يكون قد انقطع بالمطالبة القضائية يعتبر أنه لم ينقطع ، كذلك فإنه لا يجوز بعد ترك الخصومة التمسك بالدفع بالإحالة لسبق رفع الدعوى على أساس قيامها . على أن التمسك بأى بطلان ناشئ عن ترك الخصومة لا يتعلق بالنظام العام ، فيقتصر التمسك به على من تركت مخاصمته دون غيره.
ورغم أن المادة 143 لم تستثن أي من هذه الإجراءات كما فعلت المادة 137 مرافعات بالنسبة لآثار سقوط الخصومة ، فإنه يجب القول بتطبيق هذه الإستثناءات أيضاً بالنسبة للترك لأن المشرع لم يرتب على الترك آثارة أشد من الآثار التي يرتبها على سقوط الخصومة . ولهذا ، فإن «للخصوم - رغم ترك الخصومة - التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت في الخصومة ما لم تكن باطلة في ذاتها » .
(2) تبقى الرابطة القانونية الموضوعية كما يبقى الحق في الدعوى رغم إنتهاء الخصومة . ولهذا يستطيع المدعى أن يعود فيرفع الدعوى من جديد بإجراءات أخرى ، وذلك إلا إذا انقضى حقه في الدعوى بالتقادم أو بأي سبب آخر . ومن ناحية أخرى ، فإنه إذا ألغي الحكم بالترك من محكمة ال الإستئناف ، فإن على هذه المحكمة أن تعيد الدعوى مرة أخرى إلى محكمة أول درجة النظر موضوعها إن هذه الأخيرة لم تستنفد ولايتها في نظر الدعوى ، حتى لا تفوت على الخصوم إحدى درجتى التقاضي إذ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية في التقاضي .
(3) يحكم على المدعى تارك الخصومة بمصاريفها (مادة 143 مرافعات) .
وأساس هذا الالتزام ليس خسارة المدعى للقضية ، فالدعوى لم يفصل فيها. وإنما أساسه هو خطأ المدعى بشغله المحاكم والمدعى عليه بخصومة بغير هدف . ولهذا فإنه إذا ترك المدعي الخصومة في الجلسة الأولى قبل بدء المرافعة ، فلا يلتزم إلا بربع الرسم المستحق عليها . (مادة 71/ 1 مرافعات) .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة :358)
آثار ترك الخصومة:
يترتب على ترك الخصومة ذات الآثار التي تترتب على سقوطها وإنقضائها إذ تعتبر الخصومة في هذه الحالات كأن لم تكن فتزول ومعها ما ترتب عليها من آثار، كما تزول أحكام الإثبات التي صدرت فيها ما لم تكن قد نفذت فيظل الدليل الذي إستمد منها قائما، كما يظل قائماً الشق القطعي من هذه الأحكام، وكل ذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (137) ومن ثم فإننا نحيل إليها بإعتبار أن آثار الترك هي ذات الآثار المترتبة على سقوط الخصومة
آثار الترك بالنسبة للتدخل:
قد يكون التدخل للإنضمام لأحد الخصوم في طلباته، وقد يكون الإختصام طرفي الدعوى فيصبح المتدخل مدعياً وطرفاً الدعوى مدعى عليهم، ففي الحالة الأولى لا تكون هناك طلبات خاصة بالمتدخل ومن ثم فإذا ترك المدعى الخصومة ترتب على ذلك سقوط التدخل ولا يجوز للمتدخل الإعتراض على الترك ما لم يكن دائناً للمدعي وإنضم إليه وكان يترتب على الترك إنقاص الضمان العام مما يعرض حقه للخطر كما لو ترتب على الترك سقوط الحق المطالب به بالتقادم بينما كان هذا التقادم قد انقطع برفع الدعوى لما يترتب على الترك من زوال آثار الدعوى ومنها قطع التقادم، وحينئذ يكون للمتدخل مصلحة في الاعتراض على الترك.
أما في الحالة الثانية ، فإن المتدخل يطالب بحق خاص به في مواجهة طرفي الدعوى ، وإقتصاداً للوقت والإجراءات صرح له المشرع بالتدخل في الدعوى القائمة بدلاً من رفع دعوى مبتدأة ، ولذلك فلا تتأثر طلباته بترك المدعى لدعواه حتى لو قبل المدعى عليه هذا الترك ، مثال ذلك أن يرفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع ضد البائع له. فيتدخل فيها ثالث طالباً رفضها والحكم بتثبيت ملكيته للعقار المبيع، ويطلب المدعى ترك دعواه ، وحينئذ تقبل المحكمة هذا الطلب ولا تنتهي الدعوى بذلك وإنما تستمر المحكمة في نظرها حتى الفصل في طلب المتدخل، ويجب ألا يكون الحق الذي يدعيه المتدخل مستمداً من أحد طرفي الدعوى ومحظوراً عليه التمسك به في مواجهة أي من الطرفين ، إذ في هذه الحالة يترتب على ترك المدعي دعواه سقوط التدخل، مثال ذلك أن يرفع (أ) دعوى بتثبيت ملكية العقار ضد (ب) استناداً إلى وضع اليد المدة الطويلة، فيتدخل فيها (ج) للإختصام مطالباً بتثبيت ملكيته هو لذات العقار إستناداً إلى أنه تلقى ملكيته من (أ) وأن مدة التقادم تكتمل له بضم مدة وضع سلفه (أ) إلى مدة وضع يده ، ثم يقرر (أ) ترك الدعوى، وحينئذ تقضي المحكمة بإثبات هذا الترك وعدم قبول تدخل (ج) خصماً في الدعوى، لأن المقرر أن الخلف (ج) لا يجوز له في مواجهة سلفه (أ) طلب تثبيت ملكيته للعقار بضم مدة يد سلفه لمدة وضع يده ، ولأنه لو رفع دعوى مبتدأة بهذا الطلب لقضي فيها بالرفض إذ يقتصر حقه في ذلك على غير سلفه كمغتصب العقار مما تنتفي معه مصلحة (ج) في التدخل.
ويأخذ من أدخل في الدعوى حكم المدعى عليه ومن ثم يجوز له الإعتراض على الترك إذا أبدى طلباته في مواجهة التارك عملاً بالمادة (142).(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثالث ، الصفحة :696)
يترتب على ترك الخصومة زوال الآثار التي تترتب علي رفعها إلا أن الترك لا يمس الحق المدعي به فإنه يبقي بحيث تجوز المطالبة به بدعوى جديدة مالم يكن الحق قد انقضى بسبب آخر كالتقادم مثلاً وينبني علي ذلك أن ترك الخصومة في الإستئناف لا يمنع في الأصل من رفع إستئناف جديد ما لم يكن الحق في الإستئناف قد سقط بنزول صاحبه عنه أو بفوات ميعاده والأثار التي تترتب علي سقوط الخصومة تسري أيضا في حالة ترك الخصومة فيجوز للخصوم التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت في الدعوى ما لم تكن باطلة في ذاتها.
هذا وينبغي التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن إجراء أو ورقة من أوراق المرافعات ففي الأول تنتهي الخصومة برمتها بما تم فيها من إجراءات بالنسبة للخصوم كلهم أو بعضهم أو أحدهم أما النزول عن الورقة أو الإجراء فتظل الخصومة قائمة مع زوال الإجراء أو الورقة المتنازل عنها وعلي ذلك فإن قول المدعي أنه يتنازل عن إختصام بعض المدعي عليهم هو في حقيقته ترك الخصومة بالنسبة لهم لأنه أنهي الخصومة قبلهم ولم يتنازل عن إجراء أو ورقة وقد يحدث أن يرفع المدعي الدعوى ضد عدة أشخاص ويعلن بعضهم ولا يتمكن من إعلان البعض ويري علم إختصامهم فيقرر بالجلسة أنه يتنازل عن إختصامهم أو بترك الخصومة بالنسبة لهم وحقيقة الأمر في هذه الحالة أنه لا ترك الخصومة لأن الترك لا يرد إلا علي خصومة منعقدة وإنعقاد الخصومة لا يتم إلا بإعلان صحيفة الدعوى أو حضور المدعي عليه رغم عدم إعلانه وذلك عملاً بالمادة 68 مرافعات المعدلة بالقانون 23 لسنة 1992 وهو كذلك لا يعد تنازلاً لأن التنازل يكون عن إجراء أو ورقة كما أن من تعقيد الأمور أن تطالب المحكمة المدعي بإتمام إعلان من لم يشأ إعلانه ثم يترك الخصومة بعد ذلك والصحيح في هذه الحالة أن يطلب المدعي قصر خصومته علي من أعلنهم من الخصوم وإنعقدت الخصومة بالنسبة لهم أما بالنسبة للباقين فلم تنعقد الخصومة بالنسبة لهم وأفصح المدعي عن عدم رغبته في إختصامهم.
وقد أصدرت محكمة النقض حكماً قضت فيه أن ترك الخصومة أمام الإستئناف لبعض المحكوم لهم في موضوع غير قابل للتجزئة يعتبر تركا بالنسبة للباقين في المركز القانوني موضوع النزاع الذي لا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد وواجب المحكمة أن تعمل أثر هذا الترك من تلقاء نفسها في الحكم رقم 9 وقد علقنا علي هذا الحكم وقلنا أنه لا داعي لتخصيص المبدأ بأن يكون الترك أمام محكمة الإستئناف بل يجب سريانه علي الدعوى في جميع مراحلها سواء كان أمام محكمة الدرجة الأولى أم الإستئنافية أم أمام محكمة النقض إذ أن ذلك هو المنطق القانوني السليم ومادام أن الترك تم بالنسبة لبعض المحكوم لهم في موضوع لا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد فإنه يتعين علي المحكمة أعمال هذا الترك بالنسبة للباقين أياً كانت المحكمة التي تنظر النزاع. ومن أمثلة الدعاوى التي لا يحتمل الفصل فيها غير حل واحد دعاوى التزوير سواء كانت أصلية أو فرعية كما إذا طعن البائع بالتزوير علي عقد البيع الصادر منه للمشترين فإن المركز القانوني في موضوع العقد لا يحتمل غیر حل واحد هو إما أن يكون السند مزورة أم صحيحاً ولا يجوز إعتباره مزوراً بالنسبة لأحد المشترين وصحيحاً بالنسبة للأخر وتأسيساً علي ذلك إذا تم ترك الخصومة بالنسبة لبعض الخصوم فيها تعين علي المحكمة أعمال هذا الترك بالنسبة للباقين.
وقد أصدرت محكمة النقض حكماً من أحدث أحكامها قضت فيه أن ترك الخصومة لا يمتد أثره إلا للخصم الذي أبداه والخصم الذي وجه إليه دون بقية الخصوم متى كان موضوع الدعوي قابلاً للتجزئة وقد ورد الحكم عاماً دون تخصيص لمرحلة معينة من مراحل التقاضي .
وفي حالة ما إذا كانت الدعوى قد رفعت ضد شخص بصفته ممثلاً لأكثر من شخص أو شركة أو هيئة وقرر المدعي أو الطاعن ترك الخصومة بالنسبة لأحد الخصوم فإن ذلك لا يزيل الدعوى قبل الآخرين.
وقد أصدرت محكمة النقض حكماً مؤداه أن القاعدة التي قررتها المادة 304 من قانون المرافعات السابق والتي تقابل المادة 137 من قانون المرافعات الحالي من أنه يجوز للخصوم في حالة الحكم بسقوط الخصومة أن يتمسكوا بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت تطبق أيضاً في حالة ترك الخصومة .
وفي حالة ما إذا تعدد المدعي عليهم ونزل التارك عن الدعوى برمتها دون تحديد الخصم يرغب في الترك بالنسبة له فإن ذلك يعتبر نزولاً عن الدعوى بالنسبة لجميع المدعي عليهم.
ترك الخصومة دون التنازل عن أصل الحق يجوز الرجوع فيه وشروط ذلك :
من المقرر أن ترك الخصومة دون التنازل عن أصل الحق يجوز الرجوع فيه فإذا قرر المدعي بترك الخصومة في الدعوى قبل بعض المدعي عليهم دون أن يتنازل عن أصل الحق المدعي به فإنه يجوز له الرجوع فيه وإعادة إختصامهم من جديد .
وغني عن البيان أنه يشترط للرجوع عن قرار الترك ألا يكون المدعي عليه قد قبل الترك وألا تكون المحكمة قد قضت بقبول الترك وإلا تعين علي التارك رفع دعوى جديدة .
وإذا قرر المدعي ترك الخصومة في الطعن وكان ميعاد الطعن قد انقضى فلا يجوز له الرجوع فيه حتى لو كانت المحكمة لم تقض بقبول الترك .
لا يجوز للمحكمة في حالة قضائها بترك الخصومة أن تقضي بإلزام التارك بأتعاب المحاماة :
ذكرنا قبل ذلك أنه يتعين على المحكمة في حالة إثبات ترك المدعي لدعواه أو الطاعن لطعنه إلزام التارك مصروفات الدعوى أو الطعن وقد ذهبت محكمة النقض في حكم من أحدث أحكامها أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بإلزام التارك أتعاب المحاماة ولو كان خصمه (المدعي عليه أو المطعون ضده) قد أحضر محامياً وحجتها في ذلك أن أساس إلزام المدعي أو الطاعن لأتعاب المحاماة وفقاً لنص المادة 187 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 هو خسرانه لطعنه وهو ما لا يتأتى إلا بإنتهاء الخصومة فيه بقضاء في موضوعه أو دون القضاء في موضوعه علي غير رغبته فلا يمتد إلي حالة إنتهائه بإرادته كتنازله عن الطعن.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 524 )
وفقاً للمادة 143 مرافعات - محل التعليق . يترتب على ترك الخصومة برمتها إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى، كما تزول جميع الآثار التي ترتبت على رفعها، ويلزم المدعي بمصاريف الدعوى: فإذا حصل ترك الخصومة في الجلسة الأولى لنظر الدعوى وقبل بدء المرافعة فلا يستحق على الدعوى إلا ربع الرسم بمعنى أن يكون للمدعي أن يسترد ثلاثة أرباع الرسم الذي دفعه.(مادة 71 مرافعات).
ولكن الترك لا يمس الحق المدعى به، فإنه يبقى بحيث تجوز المطالبة به بدعوى جديدة ما لم يكن الحق قد انقضى بسبب آخر كالتقادم مثلاً . وينبني على ذلك أن ترك الخصومة في الإستئناف لا يمنع في الأصل من رفع إستئناف جديد ما لم يكن الحق في الإستئناف قد سقط بنزول صاحبه عنه أو بفوات ميعاده.
فترك الخصومة لا يمس أصل الحق المرفوعة به الدعوى فلا يعتبر إبراء للمدعى عليه من الحق.
(نقض 16 / 3 / 1961، سنة 12 ص 234).
فيترتب على الترك إنتهاء الخصومة بجميع إجراءاتها ومراكزها القانونية وآثارها، سواء كانت إجرائية أم موضوعية . فيعود الخصوم إلى الحال التي كانوا عليها قبل بدء الخصومة ، وتزول جميع الطلبات والدفوع المقدمة منهم ، وجميع الآثار التي ترتبت عليها (نقض ضرائب 29/ 1/ 1980 في الطعن رقم 619 لسنة 43 قضائية)، ولهذا فإن التقادم الذي يكون قد إنقطع بالمطالبة القضائية يعتبر أنه لم ينقطع، كذلك فإنه لايجوز بعد ترك الخصومة التمسك بالدفع بالإحالة لسبق رفع الدعوى على أساس قيامها، على أن التمسك بأى بطلان ناشئ عن ترك الخصومة لا يتعلق بالنظام العام ، فيقتصر التمسك به على من ترکت مخاصمته دون غيره.
(نقض مدني - 30 / 11/ 1989 - في الطعن رقم 1983 لسنة 57 قضائية، فتحي والي - بند 327 ص 613).
ورغم أن المادة 134 لم تستثن من الزوال أي من إجراءات الخصومة المتروكة كما فعلت المادة 137 بالنسبة لآثار سقوط الخصومة ، فإنه يجب القول بتطبيق هذه الإستثناءات أيضاً بالنسبة للترك لأن المشرع لم يرتب على الترك آثاراً أشد من الآثار التي يرتبها على سقوط الخصومة ، ولهذا فإن للخصوم - رغم ترك الخصومة - التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت في الخصومة ما لم تكن باطلة في ذاتها».
(نقض 7 / 4/ 1966 - مجموعة النقض سنة 17 ص 834 فتحي والي - هامش ص 613).
ورغم ترك الخصومة فإنه . وكما مضت الإشارة - تبقى الرابطة القانونية الموضوعية أي الحق الموضوعي كما يبقى الحق في الدعوى رغم إنتهاء الخصومة. ولهذا يستطيع المدعى أن يعود فيرفع الدعوى من جديد بإجراءات أخرى ، وذلك إلا إذا انقضى حقه في الدعوى بالتقادم. أو بأي سبب آخر. (فتحى والي - بند 327 ص 613) .
وكما ذكرنا يحكم على المدعى تارك الخصومة بمصاريفها ، وأساس هذا الإلتزام لبس خسارة المدعى للقضية ، فالدعوى لم يفصل فيها وإنما أساسه هو خطأ المدعي بشغله المحاكم والمدعى عليه بخصومة بغير هدف (فتحي والي. - ص 613) . ولهذا فإنه إذا ترك المدعي الخصومة في الجلسة الأولى قبل بدء المرافعة، فلا يلتزم إلا بربع الرسم المستحق عليها : (مادة 71/ 1 مرافعات).
إذن يترتب على الترك زوال إجراءات الخصومة وزوال الآثار القانونية المترتبة على قيامها وتعود العلاقة بين الخصوم إلى ما كانت عليه قبل رفع الدعوى
ویستتبع الترك سقوط جميع الطلبات العارضة التي قدمها المدعي أو المدعى عليه أثناء نظر الدعوى .
(نقض 6/ 4/ 1939، مجموعة القواعد القانونية 2 رقم 176 ص 535).
ولا يترتب على الترك أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى، كما ذكرنا آنفا، ويجوز للتارك تجديد دعواه إذا لم يسقط حقه بسبب من أسباب السقوط، ويلاحظ أن المطالبة به في الخصومة المتروكة لا تعتبر قاطعة لمدة سقوط بالتقادم، فالمدة تستمر سارية لمصلحة المدعى عليه، وكأنها لم تنقطع من قبل برفع الدعوى (إستئناف مصر 28 أبريل 1934، المحاماة 15 ص 173) .
ولا تسقط الإجراءات التي تتعلق بالخصوبة المتروكة كالإنذارات والتنبيهات التي يكون الخصوم قد تبادلوها فيما بينهم.
وبالقياس على نص المادة 137 فإن الخصوم لا يمتنع عليهم التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت في القضية المتروكة ما لم تكن باطلة في ذاتها (راجع نقض 7 / 4 / 1966، السنة 17 ص 834) .
ولا يمتد الترك إلى خصومة أخرى قائمة بين الطرفين بغير الخصومة المتروكة - ولو كانت مرتبطة بها وينتج الترك أثره بالنسبة لورثة الخصم ودائنيه. وإنما يجوز لدائن المدعي أن يطلب عدم نفاذ الترك في حقه إذا كان ضارا به، كما إذا ترتب عليه سقوط دين المدعي بالتقادم، ويعمل في هذا الصدد بقواعد القانون المدني محمد عبد الوهاب العشماوي ج 2 رقم 249، وراجع المادة 237 من القانون المدني وما بعدها).
ويترتب على الترك سقوط الأحكام غير القطعية. أما الأحكام القطعية فلا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة ما لم ينزل عنها المحكوم له.
والخصومة تقبل التجزئة من ناحية تركها فمن الجائز أن تبقى بالنسبة لبعض المدعى عليهم دون البعض الآخر، ومن الجائز أن يتركها أحد المدعين دون الباقين، كل هذا ما لم يكن موضوع الخصومة غير قابل للتجزئة (أحمد أبو الوفا - ص 644، ص 645)
ولاتمتد آثار الترك إلا بالنسبة للخصم الذي طلب ذلك والخصم الذي وجه إليه الطلب دون بقية الخصوم اتباعا لقاعدة قابلية الخصومة للتجزئة. . .والحكم بقبول ترك الإستئناف الأصلي يترتب عليه بطلان الإستئناف الفرعي (نقض 29 / 11/ 1976 في الطعن 845 لسنة 43)، كما يترتب على الترك سقوط أحكام الإثبات (نقض 21 / 10/ 1969، سنة 20 ص 1138)، وإن كان يجوز مع ذلك التمسك بما أجري من تحقيق أو تم من إعمال الخبرة ما لم تكن باطلة في ذاتها، لأن المشرع لم يرتب على الترك آثاراً أشد من آثار سقوط الخصومة.
(نقض 7 / 4/ 1966، سنة 17 ص 434).
ويتعين وجوب التفرقة بين ترك الخصومة والنزول عن إجراء أو ورقة من أوراق المرافعات، ففي الأول تنتهى الخصومة برمتها بما فيها من إجراءات بالنسبة للخصوم. لهم أو بعضهم أو أحدهم أما النزول عن الورقة أو الإجراء فتظل الخصومة قائمة مع زوال الإجراء أو الورقة للتنازل عنها، وعلى ذلك فإن قول المدعى أنه يتنازل عن إختصام بعض المدعى عليهم هو في حقيقته ترك الخصومة بالنسبة لهم لأنه أنهى الخصومة قبلهم ولم يتنازل عن إجراء أو ورقة، وقد يحدث أن يرفع المدني الدعوى ضد عدة أشخاص، ويعلن بعضهم ولا يتمكن من إعلان البعض ويرى عدم إختصامهم فيقرر بالجلسة أنه يتنازل عن إختصامهم أو بترك الخصومة بالنسبة لهم. وحقيقة الأمر في هذه الحالة أنه لاترك الخصومة لان الترك لا يرد إلا على خصومة منعقدة وإنعقاد الخصومة لا يتم إلا بإعلان صحيفة الدعوى أو حضور المدعى عليه رغم عدم إعلانه وذلك عملاً بالمادة 68 مرافعات المعدلة بالقانون 23 لسنة 1992، وهو كذلك لا يعد تنازلاً لأن التنازل بكون عن إجراء أو ورقة، كما أنه . من تعقيد الأمور أن تطالب المحكمة المدعى بإتمام إعلان من لم يشأ إعلانه ثم يترك الخصومة بعد ذلك والصحيح في هذه الحالة أن بطلب المدعى قصر خصومته على من أعلنهم من الخصوم وإنعقدت الخصومة بالنسبة لي، أما بالنسبة للباقين فلم تنعقد الخصومة بالنسبة لهم وأنصح المدعى عن عدم رغبته في إختصامهم (الديناصوری وعكاز ص 807).
وقد أصدرت محكمة النقض حكماً قضت فيه أن ترك الخصومة أمام الإستئناف لبعض المحكوم لهم في موضوع غير قابل للتجزئة يعتبر ترکا بالنسبة للباقين في المركز القانوني موضوع النزاع الذي لا يحتمل الفصل . فيه غير حل واحد وواجب المحكمة أن تعمل أثر هذا الترك من تلقاء نفسها (نقض 28 / 11/ 1983 - طعن رقم 761 لسنة 48 قضائية). ولا داعی التخصيص هذا المبدأ بأن يكون الترك أمام محكمة الإستئناف بل يجب سريانه على الدعوى في جميع مراحلها سواء كان أمام محكمة الدرجة الأولى أم الإستئنافية أم أمام محكمة النقض، إذ أن ذلك هو المنطق القانوني السليم وما دام الترك تم بالنسبة لبعض المحكوم لهم في موضوع لا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد، فإنه يتعين على المحكمة إعمال هذا الترك بالنسبة للباقين أياً كانت المحكمة التي تنظر النزاع ومن أمثلة الدعاوى التي لا يحتمل الفصل فيها غير حل واحد دعاوى التزوير سواء كانت أصلية أو فرعية. كما إذا طعن البائع بالتزوير على عقد البيع الصادر منه المشترين، فإن المركز القانوني في موضوع العقد لا يحتمل غير حل واحد فهو إما أن يكون السيد مزوراً أو صحيحاً ، ولا يجوز إعتباره مزوراً بالنسبة لأحد المشترين وصحيحاً بالنسبة للآخر، وتأسيساً على ذلك إذا تم ترك الخصومة بالنسبة لبعض الخصوم فيها تعين على المحكمة إعمال هذا الترك بالنسبة للباقين (الديناصوري وعكاز - ص 807، ص 808).
وجدير بالذكر أنه لاتترتب آثار الترك إلا من تاريخ الحكم بقبوله، إذ أن الترك كان في القانون القديم السابق على قانون 1949، تنازلاً أو إسقاطاً تتحقق آثاره بمجرد التصريح به دون توقف على قبول أو حكم ولا يعوق آثاراً تراخي القاضي في تقرير ثبوت الترك (نقض 6 / 3/ 1952، سنة 3 ص 577). أما في قانون 1949، والقانون الحالي فقد جعل المشرع من الترك تصرفاً قانونياً موقوفاً على القبول وصدور الحكم بما يتعين القول بأنه لا ينتج أثره إلا من تاريخ تحقق ذلك (كمال عبد العزيز - ص 311).
ويرى البعض تحقق آثار الترك من تاريخ قبول المدعى عليه أو من تاريخ إعلان التارك إن لم يلزم هذا القبول ويترتب على ذلك. عدم قبول التدخل في الخصومة في الفترة ما بين هذا التاريخ وقرار القاضي بقبول الترك، فوفقاً لهذا الرأي، فإنه بعد أن تتأكد المحكمة من توافر الشروط اللازمة في كل من الترك وقبوله، تعلن إنتهاء الخصومة، وقرارها فهذا ليس منشئاً إنما له صفة تقريرية، ونتيجة لهذه الصفة. فإن الترك ينتج أثاره منذ تاريخ قبول المدعى عليه أو من تاريخ الإعلان أي بإعلان من التارك أو بقبوله من المدعى عليه إن لزم هذا القبول، ولهذا إذا حدث وتدخل شخص من الغير في الفترة بين تمام الترك وبين قرار القاضي، فإن التدخل لايقبل (فتحی والی بند 327 ص 612، وجدي راغب ص 427)، ولكن ينبغي ملاحظة أن ترك الخصومة في الطعن بعد انقضاء مواعيده تتحقق آثاره بمجرد صدوره دون حاجة إلى قبول الطرف الآخر، لأن ترك الخصومة في هذه الحالة يتضمن النزول عن الحق في الطعن، وهو ما تحقق آثاره بمجرد صدوره دون حاجة إلى قبول الطرف الآخر ولا يجوز العدول عنه متی تم بعد فوات مواعيد الطعن. نقض 22/ 5/ 1973 ، سنة 24 ص ,807).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثالث ، الصفحة : 513)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 318
انْتِهَاءُ الدَّعْوَى:
تَنْتَهِي الدَّعْوَى غَالِبًا بِصُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِهَا يَحْسِمُ النِّزَاعَ، بِحَيْثُ لاَ تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِثَارَتُهُ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَنْتَهِي بِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ يَضَعُ حَدًّا لِلْخُصُومَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ.
أَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ: أَنْ تَتَقَدَّمَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى صَحِيحَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الإْلْزَامِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاضِحًا بِحَيْثُ يُعَيَّنُ فِيهِ مَا يُحْكَمُ بِهِ وَمَنْ يُحْكَمُ لَهُ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ، وَشُرُوطٌ أُخْرَى مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الْحُكْمِ وَأَثَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءٌ).
وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَنْتَهِي الدَّعْوَى قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِيهَا، فَإِنَّهُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يُعْنَوْا بِحَصْرِهَا، إِلاَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِنْتَاجُهَا مِنَ الْقَوَاعِدِ وَالأْصُولِ الَّتِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهَا فِي التَّقَاضِي وَنَظَرِ الدَّعَاوِي، وَمِنْ بَعْضِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:
أ - بِنَاءً عَلَى تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَنْ إِذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الدَّعْوَى تَنْتَهِي بِتَنَازُلِ الْمُدَّعِي عَنْهَا بِإِرَادَتِهِ، قَالَ الْبَاجُورِيُّ: (إِنَّ مَشِيئَةَ الْمُدَّعِي لاَ تَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلَهُ إِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الأَبَدِ بَلْ لَهُ الاِنْصِرَافُ وَتَرْكُ الْخُصُومَةِ بِالْكُلِّيَّةِ).
ب - وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا تَنْتَهِي إِذَا طَرَأَ مَا يَجْعَلُ بَعْضَ تِلْكَ الشُّرُوطِ مُتَخَلِّفًا، كَمَا لَوْ أَضْحَى الْمُدَّعِي لاَ مَصْلَحَةَ لَهُ فِي مُتَابَعَةِ السَّيْرِ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَ الدَّعْوَى مُفِيدَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَيُمْكِنُ حُدُوثُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْهَا: أَنْ يُتَوَفَّى الصَّغِيرُ الْمُتَنَازَعُ عَلَى حَضَانَتِهِ، فَيُصْبِحُ الاِسْتِمْرَارُ فِي الدَّعْوَى غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُدَّعِي، وَمِنْهَا أَنْ يُتَوَفَّى الزَّوْجُ الَّذِي تَطْلُبُ الزَّوْجَةُ الْحُكْمَ بِتَطْلِيقِهَا مِنْهُ، حَيْثُ تَنْتَفِي الْمَصْلَحَةُ فِي اسْتِمْرَارِ نَظَرِ الدَّعْوَى.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجْدُرُ بِالْمُلاَحَظَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الأْصْلِيَّ فِي الدَّعْوَى قَدْ يُصْبِحُ فِي مَرْكَزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا تَقَدَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الأْصْلِيُّ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ لِلدَّعْوَى الأَْصْلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي أَنْ لاَ يُسْمَحَ لِلْمُدَّعِي الأْصْلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَاهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَبْدَى دَفْعًا لِهَذِهِ الدَّعْوَى إِلاَّ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ تَنْتَهِي الدَّعْوَى إِذَا انْتَهَى التَّنَازُعُ فِي الْحَقِّ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِ الدَّعْوَى، كَمَا لَوْ تَصَالَحَ الْخُصُومُ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى.