1 ـ النص فى المادة 145 من قانون المرافعات على أن " النزول عن الحكم يستتبع بقوة القانون النزول عن الحق الثابت به " يدل على أنه يترتب على نزول المستأنف ضده عن الحكم المستأنف أن يصبح الحكم المطعون فيه غير قائم فتنقضى الخصومة فى الاستئناف بقوة القانون بما يمنع المتنازل عن أن يجدد السير فى هذه الخصومة أو أن يعاود المطالبة بالحق الثابت بالحكم الذى تنازل عنه ولو بدعوى جديدة فإن فعل كان لخصمه أن يدفع - بعدم جواز تجديد المطالبة بالحق الذى تم التنازل عنه - وهو دفع متعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها .
(الطعن رقم 611 لسنة 63 جلسة 1997/03/03 س 48 ع 1 ص 418 ق 80)
2 ـ النزول عن الحكم يستتبع - وعلى ما جرى به نص المادة 145 من قانون المرافعات - النزول عن الحق الثابت به.
(الطعن رقم 1078 لسنة 54 جلسة 1992/01/05 س 43 ع 1 ص 107 ق 26)
3 ـ إذ كان مؤدى نص المادة 145 من قانون المرافعات أن النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به و إنقضاء الخصومة بشأنه إلا أنه إذا تعدد المحكوم لهم فى موضوع غير قابل للتجزئة و تنازل أحدهم عن الحكم فإن أثر هذا التنازل يقتصر عليه وحده و ينشئ بالنسبة له دفعاً بعدم قبول الطعن المرفوع عنه كما ينشئ دفعاً بعدم جواز تجديد المطالبة بالحق الثابت به و هما من النظام العام و دون أن يؤثر هذا التنازل على حقوق باقى المحكوم لهم و لا يترتب عليه إنقضاء الخصومة الصادر فيها هذا الحكم .
(الطعن رقم 871 لسنة 57 جلسة 1989/06/07 س 40 ع 2 ص 540 ق 250)
4 ـ لئن كانت حجية الأمر المقضى قد أضحت متعلقة بالنظام العام وفقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات إلا مازال للمحكوم له الحق فى النزول عن الحكم الصادر لصالحه فقد نصت المادة 145 من قانون المرافعات على أن النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به كما جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون الإثبات تعليقاً على المادة 101 منه أنه يجوز للخصم التنازل عن الحكم الصادر لمصلحته إذا تنازل عن الحق الثابت بهذا الحكم وإنتهى بهذا التنازل النزاع الذى تناوله الحكم . كما أن المقرر عملاً بالمادة 90/2 من القانون المدنى أن التعبير عن الإرادة يجوز أن يكون ضمنياً.
(الطعن رقم 2543 لسنة 52 جلسة 1988/12/15 س 39 ع 2 ص 1323 ق 225)
(الطعن رقم 278 لسنة 44 جلسة 1977/05/04 س 28 ع 1 ص 1146 ق 196)
النزول عن الحكم :
متى صدر الحكم وحاز قوة الأمر المقضي كان للمحكوم له تنفيذه جبراً على المحكوم ضده وفقاً للإجراءات المقررة في هذا الصدد لإستدعاء الحق الذي تضمنه ، وقد يتمثل هذا الحق في دفع مبلغ أو تسليم عين أو رد حيازة أو إخلاء مسكن أو بطلان عقد أو غير ذلك.
وللمحكوم له أن يعدل عن تنفيذ الحكم وحينئذ يظل حقه في تنفيذه قائماً حتى ينقضي بالتقادم الطويل فيسقط بمضي خمس عشرة سنة ويفقد قوته التنفيذية سواء كان الحق الثابت به مما يتقادم بالمدة الطويلة أو بمدة أقصر مثل الحقوق التي تتقادم بسنة واحدة أو بخمس سنوات، إذ يترتب على صدور الحكم إندماج الحق فيه فلا ينقضي هذا الحق إلا بإنقضاء الحكم وهو لا ينقضي إلا بالتقادم الطويل.
وقد يصدر الحكم ويحوز قوة الأمر المقضي ولا يتخذ المحكوم له إجراءات تنفيذه أو يبدأ في ذلك وقبل إكتمال التنفيذ ينزل عن الحكم ویستتبع ذلك النزول عن الحق الثابت به وإبراء المحكوم عليه منه، ومن ثم يجب أن تتوافر لدى المتنازل أهلية التصرف في هذا الحق، وإلا كان التنازل قابلا للإبطال لمصلحته، وإذا توافرت الأهلية تعين أن يصدر التنازل عن إرادة خالية من أي عيب يبطلها كالغلط أو التدليس أو الإكراه، وإذا صدر التنازل من وكيل بالخصومة وجب أن يكون لديه تفویض خاص يجيز له ذلك وإلا جاز للأصيل - طلب إبطاله بدعوى مبتدأة أمام المحكمة الإبتدائية في حالة عدم البدء في التنفيذ، وأمام قاضي التنفيذ إن كان التنازل تم أمام المحضر أثناء التنفيذ أو تم التمسك به أمامه في ذلك الوقت وأوقف التنفيذ إستناداً إليه وطلب الأصيل الإستمرار فيه إذ تتوافر بذلك المنازعة في التنفيذ، ويقضي قاضي التنفيذ ببطلان التنازل والإستمرار في تنفيذ الحكم.
ويجب أن يكون التنازل صريحاً جلياً فلا يستفاد ضمناً بتراخي المحكوم له في التنفيذ حتى لو بدأت مفاوضات في هذا الشأن وإنتهت دون إتفاق صريح وتراخي بعد ذلك التنفيذ، إذ يظل الحكم قائماً حتى يسقط بالتقادم الطويل.
ومتى تم التنازل أنتج أثره في الحال باعتباره إسقاطا وإمتنع على الخصوم العودة إلى المنازعة في ذات الموضوع إلتزام بقوة الأمر المقضي التي أصبحت في ظل القانون الحالي من النظام العام ومن ثم فإن التنازل عن الحكم يحسم المسألة ويسقط الحق ويحول دون العودة إليها.
ويجب أن يتم التنازل منذ صدور الحكم وإلى ما قبل التنفيذ الكامل له حتى يؤدي ذلك إلى النزول عن الحق الذي تضمنه، أما إذا تم التنازل بعد تنفيذه ، فإنه لا يرد عليه إذ ينقضي الحكم بالتنفيذ بحيث إذ مكن المحكوم له المحكوم ضده من ذات الحق، فإن هذا يتضمن تصرفاً جديداً وعلاقة جديدة منبتة الصلة بالعلاقة السابقة ومن ثم يجب توافر كافة شروط الصحة والإنعقاد في العلاقة الجديدة وإن كان يمكن الاستدلال على أحكامها من طريقة تنفيذها.
والتنازل عن الحكم يستتبع التنازل عن الحق الثابت به ، سواء أقر المتنازل بذلك أو لم يقر بذلك، وينطوي التنازل عن الحق إسقاطاً له ولما كان الساقط لا يعود، فلا يجوز للمتنازل أن يطالب بالحق من جديد، ويصبح الطعن المرفوع عن الحكم منتهياً وغير مقبول لإنعدام المصلحة فيه مما تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثالث /الصفحة : 707)
الأصل أن الحكم ما هو إلا ورقة من أوراق المرافعات فأعمال القواعد العامة يقتضى إعتبار التنازل عنه مؤدياً إلي زواله مع بقاء الخصومة وعودتها إلي الحالة التي كانت عليها قبل صدوره إلا أن المشرع خالف هذه القاعدة فجعل النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به وبناء علي ذلك إذا تنازل خصم عن الحكم الصادر له ترتب على ذلك إنقضاء الخصومة التي صدر الحكم فيها كما يمتنع عليه تجديد المطالبة بالحق الثابت به . وإذا تعدد المحكوم لهم وتنازل أحدهم عن الحكم فإن ذلك لا يؤثر علي حقوق الباقين وإذا صدر حكم لمصلحة أحد الخصوم وألزمه بمصاريف الدعوى وتنازل عن الحكم فإن تنازله لا يعفيه من تحمل المصاريف .
والتنازل عن الطعن يجب أن يكون صريحاً واضحاً فهو لا يؤخذ بالطعن ولا يقبل التأويل ورفع النزاع إلى القضاء من جديد مع قيام الطعن لا يعتبر تنازلاً عنه ويشترك في المتنازل أهلية التصرف في الحق الثابت بالحكم ولا يجوز مع النزول عن الحكم الإتفاق علي جواز الطعن فيه أو إعادة طرح النزاع من جديد علي القضاء أو علي التحكيم .
وكما يجوز التنازل عن الحكم كله يجوز التنازل عن شق منه ولا يجوز المتنازل أن يرفع دعوى مبتدأة عن نفس الموضوع ونزول الخصم عن الحكم إنما يقتصر علي ما قضى به الحكم من حقوق له ، أما فيما يكون قد قضى به الحكم عليه من طلبات خصمه فلا يتأثر بالتنازل (نظرية الدفوع للدكتور أبو الوفا بند 435 ومرافعات الدكتور رمزي سيف الطبعة الثامنة ص 607 ومرافعات الأستاذ كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 870) .
ونري أنه في ظل قانون المرافعات الجديد والإثبات لا يجوز لطرفي الخصومة - الإتفاق على إعادة طرح النزاع من جديد علي القضاء مع تنازل المحكوم له عن التمسك بحجية الحكم ذلك أن حجية الأحكام أصبحت متعلقة بالنظام العام طبقاً للمادة 16 مرافعات والمادة 101 من قانون الإثبات.
ومما هو جدير بالذكر أن التنازل عن الحكم يقتضي التنازل عن الحق ومن ثم لا يجوز العودة للمحكمة للمطالب بالحق مرة ثانية لأن صاحبه قد نزل عنه وأنه وإن كان قد تنازل عن الحكم فإن هذا لا يلغي حجيته.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار الطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 536)
التنازل عن الحكم :
وفقاً للمادة 145 مرافعات محل التعليق يستتبع النزول عن الحكم عن الحق الثابت به ، فإذا حدث نزول عن الحكم فإنه يترتب عليه لا مجرد سقوط الحكم بإعتباره ورقة من أوراق المرافعات فتعود الحال إلى ما كانت عليه قبل صدوره، وإنما يترتب عليه بنص المادة 145 سقوط الحق الثابت فتزول الخصومة التي صدر فيها الحكم كما يمتنع على صاحبه الحق أن يجدد المطالبة به .
ومن البديهي أن نزول الخصم عن الحكم إنما يقتصر على ما قضى به الحكم من حقوق له، أما فيما يكون قد قضى به الحكم عليه من طلبات خصمه فلا يتأثر بالنزول .
كما أنه إذا تعدد المحكوم لهم فتنازل بعضهم عن الحكم فإن هذا النزول لا يؤثر في حقوق المحكوم لهم الآخرين ، فإذا تعدد المحكوم لهم فتنازل أحدهم عن الحكم لا يضر بالباقين ، وإذا صدر حكم لمصلحة أحد الخصوم وألزمه بمصاريف الدعوى فتنازله عن الحكم لا يعفيه من تحمل هذه المصروفات
والأصل أن الحكم ما هو إلا ورقة من أوراق المرافعات فأعمال القواعد العامة يقتضى اعتبار التنازل عنه مؤدياً إلى زواله مع بقاء الخصومة وعودتها إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدوره ، إلا أن المشرع خالف هذه القاعدة فجعل النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به وبناء على ذلك إذا تنازل خصم عن الحكم الصادر له ترتب على ذلك إنقضاء الخصومة التي صدر الحكم فيها كما يمتنع عليه تجديد المطالبة بالحق الثابت به .
والتنازل عن الطعن يجب أن يكون صريحاً واضحاً فهو لا يأخذ بالظن ولا يقبل التأويل، ورفع النزاع إلى القضاء من جديد مع قيام الطعن لا يعتبر تنازلاً عنه. ونزول الخصم عن الحكم إنما يقتصر على ما قضى به الحكم من حقوق له، أما فيما يكون قد قضى به الحكم عليه من طلبات خصمه، فلا يتأثر بالتنازل (أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع بند 435، رمزي سيف، الطبعة الثامنة ص 607، كمال عبد العزيز، الطبعة الثانية ص 312).
ويجوز النزول عن الحكم كله أو عن شق منه، أو بالنسبة إلى أحد المحكوم لهم دون الآخرين، ويقتصر أثر النزول على ما انصب إليه وينشئ دفعاً متعلقاً بالنظام العام بعدم قبول الطعن فيما كان محلاً للنزول وبعد قبول الدعوى المبتدأة التي ترفع عن موضوعه ويجب أن يكون النزول صريحاً ، فلا يستفاد من مجرد رفع النزاع من جديد إلى القضاء مع قيام الطعن النزول عن هذا الطعن. (نقض 6/ 2/ 1963 سنة 14 ص 218)، ويشترط في المتنازل أهلية التصرف في الحق الثابت بالحكم (أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 435)، ولا يجوز مع النزول عن الحكم الإتفاق على جواز الطعن فيه أو إعادة طرح النزاع من جديد على القضاء أو على التحكيم أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 435).
ويترتب على النزول عن الحكم إنقضاء الخصومة التي صدر فيها وإمتناع تجديد المطالبة بالحق الثابت فيه (محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 1150)، ولذلك فإن التنازل عن الحكم الإستئنافي الذي ألغى الحكم الإبتدائي يجعل هذا الحكم الأخير قائماً نهائياً (كمال عبد العزيز ص 312)، والنزول عن الحكم يستتبع حتماً عدم جواز تجديد النزاع الذي صدر فيه هذا الحكم وتقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى من تلقاء نفسها لسبق الفصل فيها وفقاً للمادة 116 مرافعات، إذ في ظل قانون المرافعات الحالي، لايجوز لطرفي الخصومة الإتفاق على إعادة طرح النزاع من جديد على القضاء مع تنازل المحكوم له عن التمسك بحجية الحكم، ذلك أن حجية الأحكام أصبحت متعلقة بالنظام العام طبقاً للمادة 116 مرافعات (أحمد أبو الوفا التعليق ص 646 كمال عبد العزيز ص 312 وص 313 رمزی سیف ص 608 وص 609)، إذ تنص المادة 116 مرافعات على «أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها، أي أنه متعلق بالنظام العام (راجع تعليقنا على هذه المادة فيما مضى)، ولكن على الرغم من أن حجية الأمر المقضي أصبحت بمقتضى المادة 116 من النظام العام، إلا أن ذلك لا يمنع من جواز النزول عن الحق الثابت في الحكم (نقض 4/ 5/ 1977، طعن رقم 278 سنة 44 ق)، فالممنوع هو عدم جواز إعادة طرح النزاع مرة أخرى على المحاكم فينبغي في التفرقة بين النزول عن الحكم بإعتباره ورقة من أوراق المرافعات، وهو ما يستتبع النزول عن الحق الثابت به هذا جائز وفقاً للمادة 145 وبين النزول عن حجية الحكم وهذا غير جائز و مخالف للنظام العام.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثالث ، الصفحة : 535)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 126
خُصُومَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَلُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعَدَاوَةُ :
- الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ .
قَالَ الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإْخْلاَلِ بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَالُ لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
قَالَ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ .
ب - الدَّعْوَى :
- عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلَ غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ :
- تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأْوَّلُ: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى).
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ :
- (أ) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 318
انْتِهَاءُ الدَّعْوَى:
تَنْتَهِي الدَّعْوَى غَالِبًا بِصُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِهَا يَحْسِمُ النِّزَاعَ، بِحَيْثُ لاَ تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِثَارَتُهُ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَنْتَهِي بِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ يَضَعُ حَدًّا لِلْخُصُومَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ.
أَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ: أَنْ تَتَقَدَّمَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى صَحِيحَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الإْلْزَامِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاضِحًا بِحَيْثُ يُعَيَّنُ فِيهِ مَا يُحْكَمُ بِهِ وَمَنْ يُحْكَمُ لَهُ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ، وَشُرُوطٌ أُخْرَى مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الْحُكْمِ وَأَثَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءٌ).
وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَنْتَهِي الدَّعْوَى قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِيهَا، فَإِنَّهُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يُعْنَوْا بِحَصْرِهَا، إِلاَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِنْتَاجُهَا مِنَ الْقَوَاعِدِ وَالأْصُولِ الَّتِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهَا فِي التَّقَاضِي وَنَظَرِ الدَّعَاوِي، وَمِنْ بَعْضِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:
أ - بِنَاءً عَلَى تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَنْ إِذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الدَّعْوَى تَنْتَهِي بِتَنَازُلِ الْمُدَّعِي عَنْهَا بِإِرَادَتِهِ، قَالَ الْبَاجُورِيُّ: (إِنَّ مَشِيئَةَ الْمُدَّعِي لاَ تَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلَهُ إِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الأَبَدِ بَلْ لَهُ الاِنْصِرَافُ وَتَرْكُ الْخُصُومَةِ بِالْكُلِّيَّةِ).
ب - وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا تَنْتَهِي إِذَا طَرَأَ مَا يَجْعَلُ بَعْضَ تِلْكَ الشُّرُوطِ مُتَخَلِّفًا، كَمَا لَوْ أَضْحَى الْمُدَّعِي لاَ مَصْلَحَةَ لَهُ فِي مُتَابَعَةِ السَّيْرِ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَ الدَّعْوَى مُفِيدَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَيُمْكِنُ حُدُوثُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْهَا: أَنْ يُتَوَفَّى الصَّغِيرُ الْمُتَنَازَعُ عَلَى حَضَانَتِهِ، فَيُصْبِحُ الاِسْتِمْرَارُ فِي الدَّعْوَى غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُدَّعِي، وَمِنْهَا أَنْ يُتَوَفَّى الزَّوْجُ الَّذِي تَطْلُبُ الزَّوْجَةُ الْحُكْمَ بِتَطْلِيقِهَا مِنْهُ، حَيْثُ تَنْتَفِي الْمَصْلَحَةُ فِي اسْتِمْرَارِ نَظَرِ الدَّعْوَى.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجْدُرُ بِالْمُلاَحَظَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الأْصْلِيَّ فِي الدَّعْوَى قَدْ يُصْبِحُ فِي مَرْكَزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا تَقَدَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الأْصْلِيُّ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ لِلدَّعْوَى الأَْصْلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي أَنْ لاَ يُسْمَحَ لِلْمُدَّعِي الأْصْلِيِّ أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَاهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَبْدَى دَفْعًا لِهَذِهِ الدَّعْوَى إِلاَّ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ تَنْتَهِي الدَّعْوَى إِذَا انْتَهَى التَّنَازُعُ فِي الْحَقِّ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ صُدُورِ حُكْمٍ فِي مَوْضُوعِ الدَّعْوَى، كَمَا لَوْ تَصَالَحَ الْخُصُومُ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى.