loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

إن تنحي القاضي عن نظر الدعوى لا يكون إلا عند رده من أحد الخصوم لسبب من الأسباب المنصوص عليها فى القانون، أو إلا إذا كان هو قد رأى أنه لا يستطيع الحكم فى الدعوى بغير ميل. فإذا كان الخصم لم يتخذ الطريق القانوني للرد، وكان القاضي من جهته لم ير سبباً لتنحيه، فلا يجوز - حتى ولو كان هناك ما يقتضي ألا يشترك القاضي فى الحكم - أن يطعن لدى محكمة النقض ببطلان الحكم.

(الطعن رقم 8 لسنة 11 جلسة 1941/04/24 س ع ع 3 ص 356 ق 115)

شرح خبراء القاون

رد القاضي :

ينص القانون على أسباب أقل قوة في تأثيرها على حياد القاضي من أسباب عدم الصلاحية إذا توافر إحداها وجب على القاضي أن يتنحى عن نظر الدعوى .

ويتم هذا التنحي بأن يقوم القاضي بإخبار المحكمة التابع لها في غرفة المشورة . أو رئيس المحكمة الإبتدائية التي يعمل بها . بالسبب القائم به ، فتأذن له المحكمة بالتنحي (مادة 149 مرافعات) . ويلاحظ في هذا الصدد أن تنحى القاضي في هذه الأحوال وجوبي ، وأن المحكمة لا تفعل سوى التأكد من توافر سبب التنحي فتأذن له به فإذا لم يقم القاضي بواجب التنحي كان الكل خصم السلطة في أن يطلب من المحكمة رد القاضي عن نظر الدعوى . وتثبت هذه السلطة لأي من الخصوم المدعى أو المدعى عليه . فإن لم يتم التنحى أو يقضى بالرد . فان الحكم الصادر في الدعوى يكون صحيحاً. ولا يجوز التمسك بسبب الرد كسبب للطعن في الحكم .

(نقض مدني في 31 يناير 1983 - في الطعن رقم 170 لسنة 48 ق). (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة :423)

الإذن للقاضي بالتنحي عن نظر الدعوى :

إذا قام بالقاضي سبب من أسباب الرد التي نصت عليها المادة (148) من قانون المرافعات، وجب عليه إن كان يعمل في دائرة أن يخبر هذه الدائرة أثناء وجودها في غرفة المشورة بسبب الرد القائم به، وحينئذ يجب عليها أن تأذن له بالتنحي عن نظر الدعوى وتصدر قراراً بإحالتها إلى دائرة أخرى لمانع لدى القاضي الذي أذنت له بالتنحي، ولها الإكتفاء بهذا القرار أو تحرير محضر خاص بالتنحي يوقعه جميع قضاة الدائرة يحفظ بسكرتارية المحكمة، ولا يترتب البطلان على عدم التنويه للقاضي الذي تنحى بقرار الإحالة.

ويقصد بالمحكمة، أعضاء الدائرة ورئيسها دون ممثل النيابة إن كان القانون يوجب حضوره في الدعوى محل التنحي، وإن كانت الدائرة يجاوز عددها العدد المقرر قانوناً ، كما لو كانت دائرة رباعية وقام سبب الرد بأحد قضاتها ، فيجوز الإكتفاء في هذه الحالة بعدم حضور هذا القاضي بجلسة المرافعة التي تنظر فيها الدعوى وبالجلسة التي تحجز فيها للحكم، فإن حضر الجلسة الأخيرة، جاز قصر المداولة في الدعوى والتوقيع على مسودة الحكم على الأعضاء الثلاثة الآخرين حتى لو كان رئيس الدائرة هو الذي قام به سبب الرد.

ووفقاً لدلالة نص المادة (149) يجب على المحكمة أن تأذن للقاضي بالتنحي طالما قام به سبب من أسباب الرد حتى لا يتعرض للرد من أحد الخصوم، فإن رأت عدم توافر هذا السبب، استمرت في نظر الدعوى بكامل هیئتها دون حاجة لإثبات ما أثاره القاضي في محضر خاص، وليس للمحكمة سلطة تقديرية في الإذن بالتنحي ومن ثم يمتنع عليها رفض منح هذا الإذن (بهذا المعنى أبو الوفا وقارن فتحي والي صفحة 218 وأحمد مسلم صفحة 138 ويذهبان إلى أن للمحكمة الحق في الإذن بالتنحي أو رفض الإذن وفي الحالة الأخيرة يستمر القاضي في نظر الدعوى).

وتختص المحكمة منعقدة بغرفة المشورة بالإذن بالتنحي دون حاجة لعرض الأمر على رئيس المحكمة، بحيث إذا عرض الأمر عليه كان رأيه غير ملزم لهيئة المحكمة التي تضم القاضي طالب التنحي حتى لو حرر رئيس المحكمة محضراً خاصاً أودعه بالسكرتارية.

فإن كان القاضي يجلس منفردا بالمحكمة الجزئية أو بدائرة ابتدائية، وجب عليه أن يخبر رئيس المحكمة الابتدائية التي يتبعها بسبب الرد القائم به، وحينئذ يجب على رئيس المحكمة أن يأذن له بالتنحي ويحرر محضرا خاصا بذلك وينتدب قاض آخر لنظر الدعوى.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الرابع ، الصفحة : 14)

يري البعض أن الحكمة في ذلك هو ألا ينفرد القاضي بتقدير هذه الظروف خشية أن يؤدي ذلك إلي إخلال بإلتزامه بالقضاء تحت ستار الظروف التقديرية وإنما يجب أن يقره رئيس المحكمة أو غرفة المشورة علي ذلك ( مرافعات الدكتور مسلم ص 138 ومرافعات العشماوي بند 910) وذهب رأي إلى أنه ليس ثمة سلطان علي القاضي متى أستشعر الحرج عند نظر أية دعوى وأن كل ما يملكه رئيس المحكمة أو غرفة المشورة هو مجرد إثبات إذن بالتنحي عمل إجرائي إداري بحت دون أن يكون لأيهما إشراف عليه لأن الشعور بالحرج من نظر دعوى معينة هو إحساس داخلي يتملك نفسية القاضي بحيث يتبين له رغبته الكامنة في أن يحسم النزاع علي وجه معين سواء بسبب مودة شديدة أو عداوة شديدة ( أبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 643 وفتحي والي طبعة سنة 1993 بند 106).

وفي تقديرنا أنه يتعين التفرقة بين ما إذا كان القاضي قد أخبر رئيس المحكمة أو غرفة المشورة بسبب الري القائم به وبعزمه على التنحي ففي هذه الحالة يتعين جابته لطلبه حتى لا يستمر في نظر دعوى يستشعر في قرارة نفسه الحرج في نظرها أما إذا كان قصد القاضي هو ذكر سبب الرد ليكون رئيس المحكمة أو غرفة المشورة على بينة منه تاركاً لهما سلطة التقدير فإنه في هذه الحالة يجوز الإذن له بالتنحي ويجوز أيضاً إلا يؤذن له في ذلك.

وسواء صدر الإذن بالتنحي أو رفض فإن ذلك لا يعدو أن يكون إجراءً تنظيمياً لا يأخذ صورة الحكم فإذا رفض الإذن لم يكن أمام القاضي إلا أن يستمر في نظر الدعوى دون أن يؤثر ذلك على الحكم الذي يصدره أو يشترك في إصداره ولا يجوز للخصوم أن يطعنوا فيه إستناداً على أنه طلب الإذن له بالتنحي. (العشماوى بند 910 ) . (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الرابع ، الصفحة : 571)

الإذن للقاضي بالتنحي عن نظر الدعوى إذا توافر سبب لرده:

وإذا توافر سبب من أسباب الرد التي أوضحناها آنفا عند تعليقنا على المادة 148 مرافعات، فإنه يجب على القاضي أن يخبر الحكمة أي أعضاء الدائرة ورئيسها في غرفة المشورة أو بخبر رئيس المحكمة الإبتدائية إن كان هذا القاضي منفرداً بسبب الرد القائم به، وذلك للإذن له بالتنحي ويثبت هذا كله في محضر خاص يحفظ بالمحكمة.

ونص المادة 149 يلزم القاضي بإخبار المحكمة بمجرد نظر الدعوى بسبب الرد القائم به، حتى تكون على بينة منه.

وقد ذهب رأي إلى أن الحكمة من نص المادة 149 مرافعات في ألا ينفرد القاضي بتقدير هذه الظروف خشية أن يؤدي ذلك إلى إخلال بالتزامه بالقضاء تحت ستار الظروف التقديرية، وإنما يجب أن يقره رئيس المحكمة أو غرفة المشورة على ذلك (أحمد مسلم ص 138).

ولكن الراجح أنه ليس ثمة سلطان على القاضي متی أستشعر الحرج . عند نظر أية دعوى، وكل ما يملكه. رئيس المحكمة أو غرفة المشورة هو مجرد إثبات الإذن بالتنحي كعمل إجرائي إداري بحت، دون أن يكون لإيهما إشراف عليه، وذلك لأن الشعور بالحرج من نظر دعوى معينة هو إحساس داخلي بتملك نفسية القاضي بحيث تتبين له رغبته الكامنة في أن يحسم النزاع على وجه معين سواء بسبب مودة شديدة أو بسبب عداوة شديدة (أحمد أبو الوفا  التعليق  ص 655 و ص 656).

فنص المادة 149 قصد به إلزام القاضي، بأن يخبر المحكمة على الفور بمجرد نظر الدعوى بسبب الرد القائم حتى تكون المحكمة على بينة منه وحتى تكون لها سلطة التقدير في الأحوال التي يترك فيها القاضي الرأي لها أو لرئيس الحكمة وبذا يمكن تفادي إجراءات الرد ويسلم القاضي من أي مطعن بعدئذ (أحمد أبو الوفا  ص 655).

 فالمحكمة لا تفعل سوى التأكد من توافر سبب التنحي فتأذن للقاضي به (فتحى والى  بند 106 ص 180). 

ولا يعتبر قرار المحكمة أو رئيسها بالتنحى حكماً ، وإنما يعتبر إجراء داخليا مما يتعلق بإدارة القضاء وهو لا يقبل الطعن أو التظلم منه بأي طريقة.

ويلاحظ أنه سواء صدر الإذن بالتنحي أو لم يصدر، فإن ذلك يعتبر عملاً نظامیاً داخلياً لا يأخذ صورة الحكم، وإذا رفض الإذن كان على القاضي المضي في نظر الدعوى دون أن يتأثر الحكم الذي يشترك في إصداره ولا يملك الخصوم الطعن فيه، كما لا يستفيدون من طلب الإذن بالتنحي، وإذا كان أحدهم قد طلب رده لذات الأسباب فالأولى أن تمضي المحكمة في إجراءات التنحي، فإن قبلته حكمت بإنتهاء الخصومة في طلب الرد دون الحكم بالغرامة على الطالب (العشماوي  بند 910 ، كمال عبد العزيز  بند 323) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الثالث  ،  الصفحة :  618)