1- مفاد ما نصت عليه المواد من 148 - 162 من قانون المرافعات فى شأن رد القضاه وتنحيتهم أن طلب رد القاضى هو فى حقيقته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نوع خاص تختلف فى طبيعتها وأفرادها وموضوعها وإجراءات رفعها ونظرها والفصل فيها عن باقى الدعاوى والخصومات الأخرى ، من ذلك ما نص عليه فى المادة 155 من قانون المرافعات من أنه " يجب على كاتب المحكمة رفع تقرير الرد إلى رئيسها خلال أربع وعشرين ساعة وعلى رئيس المحكمة التى تقرر أمامها بالرد أن يطلع القاضى المطلوب رده على التقرير فوراً وأن يرسل صورة منه إلى النيابة " وهو ما يشير إلى قصد الشارع بتنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه هو إتاحة الفرصة للنيابة للعلم بخصومة الرد حتى يتمشى لها تقدير مدى الحاجة إلى تدخلها وإبداء رأيها إلتزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التى هدف إليها الشارع وهى تأكيد الضمانات التى أحاط بها القانون خصومة الرد مراعياً فيها الحفاظ على هيبة القضاء وعدم المساس به طالما أن طالب الرد لا يبتغى من طلبه سوى منع القاضى من نظر الدعوى والفصل فيها للأسباب التى أوردها القانون فى هذا الصدد على سبيل الحصر ، و من ثم فإن هذا الإجراء يعتبر من إجراءات التقاضى المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفته أو الأعراض عن تطبيقه كما تلتزم المحكمة المطروح عليها طلب الرد التحقق من إعماله .
(الطعن رقم 2763 لسنة 58 جلسة 1990/11/25 س 41 ع 2 ص 754 ق 294)
2- المستفاد من نصوص المواد 153 ، 154 ، 155 ، 156 ، 157 ، من قانون المرافعات الخاصة بإجراءات نظر طلب الرد أن المشرع خرج بها - بالنظر لطبيعة هذا الطلب - عن الإجراءات العادية لرفع الدعوى و النص فى المادة 76 من هذا القانون على أن " لا يصح بغير تفويض خاص الإقرار بالحق المدعى به و لا يتنازل عنه ... ولا رد القاضى و لا مخاصمته ... " و فى المادة 153 منه على أن " يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم الكتاب يوقعه الطالب نفسه أو وكيله المفوض فيه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير ... " يدل على أنه يجب لقبول طلب الرد من الوكيل أن يقدم عند التقرير به توكيلاً خاصاً برد قاضى بعينه أو هيئة بعينها فى دعوى بذاتها لما فى طلب رد القاضى من طبيعة خاصة تجعله حقاً شخصياً للخصم نفسه و ليس لمحاميه أن ينوب عنه فيه إلا بتوكيل خاص بالمعنى سالف الذكر . و إذا كانت المادة 154 من ذات القانون تجيز لطالب الرد عندما يكون فى حق قاض يجلس لأول مرة لسماع الدعوى أن يبديه بمذكرة تسلم لكاتب الجلسة و يتعين عليه قيده بقلم الكتاب فى اليوم نفسه أو فى اليوم التالى و إلا سقط الحق فيه فإنها لا تعفى وكيل طالب الرد من إرفاق التوكيل الخاص المفوض فيه بذلك لدى التقرير بالرد .
(الطعن رقم 728 لسنة 53 جلسة 1987/01/22 س 38 ع 1 ص 149 ق 36)
وعلى القاضي الإجابة كتابة عن وقائع الرد وأسبابه المبينة في التقرير خلال أربعة أيام من اطلاعه عليها . فإذا أعترف القاضي في اجابته بوقائع الرد وبأنها تصلح قانوناً سبباً لرده ، أصدر رئيس المحكمة أمرا بتنحيه . ويأخذ حكم اعتراف القاضي ، عدم إجابة القاضي في الميعاد ، إذ يعتبر هذا إعترافاً ضمنياً يوجب على رئيس المحكمة - إذا كانت الأسباب تصلح قانوناً للرد - أن يصدر أمراً بتنحى القاضي المطلوب رده (156 مرافعات) .
فإذا لم يعترف القاضي المطلوب رده - صراحة أو ضمناً - بسبب الرد وفقاً لما سبق ذكره، قام رئيس المحكمة الابتدائية في اليوم التالي لإنقضاء ميعاد الأربعة أيام بإرسال الأوراق إلى رئيس محكمة الإستئناف المختصة إذا كان القاضي المطلوب رده أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو المحاكم الجزئية التي تقع في دائرتها . ويتولى رئيس محكمة الإستئناف تعيين الدائرة التي تتولى نظر طلب الرد وتحديد الجلسة التي ينظر فيها . (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 440)
إجابة القاضي على أسباب الرد وتنحيته :
متى رفع قلم الكتاب تقرير الرد إلى رئيس المحكمة، تعين على الأخير إطلاع القاضي المطلوب رده عليه فور رفع التقرير إليه، والمقصود بالفورية هو توخي السرعة في مباشرة الإجراء، فلا يلزم إطلاع القاضي على التقرير في نفس يوم رفعه إلى رئيس المحكمة أو حتى في الأيام التالية وإنما يجوز لرئيس المحكمة إرجاء ذلك إلى اليوم المحدد لحضور القاضي بالدور المحدد له على أن يتم اطلاعه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية إن كانت مؤجلة لهذا الدور، ويترك إخبار القاضي لتقدير رئيس المحكمة.
ويجب على القاضي المطلوب رده أن يجيب بالكتابة على الوقائع والأسباب التي تضمنها التقرير، إيجاباً أو نفياً، وتعتبر هذه الإجابة هي أوجه دفاع القاضي التي تطرح على المحكمة المختصة بنظر طلب الرد في حالة نفيه لها، فإن لم تكن كافية في هذا الصدد، جاز للمحكمة سماع ملاحظات القاضي إيضاحاً لإجابته ، كما يجوز له إبداء تلك الملاحظات من تلقاء نفسه وتثبت في محضر الجلسة.
كما يجب على القاضي المطلوب رده أن يجيب على الوقائع والأسباب التي تضمنها تقرير الرد خلال الأربعة أيام التالية لاطلاعه على التقرير ومتی أنكرها قام رئيس المحكمة بإتخاذ الإجراء المناسب، فإن كان هو رئيس المحكمة الإبتدائية ، قام بإرسال الأوراق إلى رئيس محكمة الإستئناف التي تقع بدائرة إختصاصها المحكمة الإبتدائية وذلك في اليوم الخامس من إطلاع القاضي على التقرير، أما إن كان هو رئيس محكمة الإستئناف أو رئيس محكمة النقض، قام بتحديد جلسة لنظر طلب الرد أمام إحدى الدوائر غير الدائرة التي يعمل بها المستشار المطلوب رده.
ويلتزم رئيس المحكمة بإحالة الطلب على نحو ما تقدم في حالة تخلف الشروط التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة (156) والتي تخول الحق في شد أمر بتنحية القاضي عن نظر الدعوى الأصلية ، أما إذا توافر شرط منها بأن أعترف نقضي كتابة بالأسباب التي تضمنها تقرير الرد أو لم يجب عليها خلال أربعة أيام التالية لاطلاعه عليه وكانت تلك الأسباب تصلح قانوناً للرد، فإن رئيس المحكمة يصدر أمراً بتنحية القاضي وتنتهي إجراءات الرد عند هذا الحد، فلا تحال الأوراق إلى المحكمة.
أما إذا أجاب القاضي نفياً لأسباب الرد، وضمن رده تنحيته من تلقاء نفسه عن نظر الدعوى الأصلية ، التزم رئيس المحكمة بإحالة الطلب على نحو ما تقدم إذ تقتصر عدم الإحالة على إصدار أمر من رئيس المحكمة بتنحية القاضي.
وقد حصر المشرع سلطته في إصدار أمر بتنحية القاضي في حالتين ، الأولى : إذا أعترف القاضي صراحة بالوقائع التي تضمنها التقرير وإستند إليها الطالب في الرد وكان من شأنها قيام سبب، من أسباب الرد بالقاضي، أما إن كانت لا ترقى إلى ذلك ، كما لو أعترف القاضي بأنه جلس مع خصم الطالب على مائدة الغير مرة عارضة، وهو ما ينتفي معه سببه المؤاكلة ، فإن رئیس المحكمة لا يصدر في هذه الحالة أمراً بتحية القاضي، وتظل الدعوى موقوفة أمامه حتى يحكم في طلب الرد ما لم ير رئيس المحكمة ندب قاض بدلا من طلب رده عملاً بالمادة (162) ولا يعتبر هذا الندب تنحية للقاضي المطلوب رده والحالة الثانية عندما لم يجب القاضي كتابة على وقائع وأسباب الرد خلال أربعة أيام التالية لإطلاعه على التقرير بشرط أن تكون الأسباب تصلح قانوناً للرد من ظاهر ما تضمنته ، ولا يجوز لرئيس المحكمة أن يجري تحقيقاً أو يسمع أقوال طالب الرد في هذا الصدد، فإن وجدت هذه الأسباب لا تصلح قانوناً للرد ، كما في المثال المتقدم، أمتنع عليه إصدار أمر بتنحية القاضي عن نظر الدعوى الأصلية.
ولا يجوز لرئيس المحكمة إصدار أمر بتنحية القاضي عن نظر الدعوى أو إحالتها إلى دائرة أخرى إلا إذا توافرت شروط الفقرة الثانية من المادة (156) ويتوافر الخطأ المرفقي في حق رئيس المحكمة عند مخالفة تلك الشروط، وإذا تنحى عضو أو عضوان من دائرة واحدة، وجب على رئيس المحكمة ندب غيرهما مع الإبقاء على الدعوى بالدائرة التي كانت تنظرها ويمتنع عليه إحالتها إلى دائرة أخرى لما يتضمنه قرار الإحالة من تنحية باقي الأعضاء دون أن تتوافر في حقهم شروط المادة المشار إليها.
ومتى قررت الدائرة إحالة الدعوى الأصلية إلى دائرة أخرى أو تنحی القاضي من تلقاء نفسه، لم يعد هناك محل لنظر طلب الرد عند طرحه على المحكمة المختصة للبحث في تنحيته عند نظر الدعوى الأصلية بعد أن تحققت الغاية التي هدف إليها طالب الرد وأصبح طلب الرد لا يعود عليه بأي فائدة مما يتعين معه على المحكمة القضاء بإنتهاء الخصومة في الطلب ما لم يطلب الخصم إثبات ترکه لها (أنظر : نقض 31/ 10 / 1991 بالمادة 157).
وإن كان يجوز للقاضي التنحي عن نظر الدعوى ، فإن هذا الحق يثبت للدائرة بكامل هيئتها ويكون لها التنحي عن نظر الدعوى وإحالتها إلى دائرة أخرى، وإذا صدر قرار الإحالة من رئيس المحكمة بناء على طلب الدائرة كان ذلك تنحياً من الدائرة وليس من رئيس المحكمة . (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 40)
إجابة القاضي على وقائع الرد وأسبابه وإصدار أمر من رئيس المحكمة بتنحيته :
طبقاً للمادة 156 مرافعات - محل التعليق - يجب على القاضي المطلوب رده الإجابة كتابة عن وقائع الرد وأسبابه المبينة في التقرير خلال أربعة أيام من إطلاعه عليها، فإذا كان القاضي المطلوب رده منتدباً من محكمة أخرى، أمر رئيس المحكمة بإرسال تقرير الرد، ومستنداته إلى المحكمة التابع لها القاضي لتطلعه عليها، وتتلقى جوابه عنها ثم تعيدها إلى المحكمة الأولى (مادة 158 مرافعات).
فإذا أعترف القاضي في إجابته بوقائع الرد، وبأنها تصلح قانوناً سبباً لرده، أصدر رئيس المحكمة أمرا بتنحيته، ويأخذ حكم إعترافات القاضی، عدم إجابة القاضي في الميعاد، إذ يعتبر هذا إعترافاً ضمنياً يوجب على رئيس المحكمة - إذا كانت الأسباب تصلح قانوناً للرد - أن يصدر أمراً بتنحية القاضي المطلوب رده عن نظر الدعوى .
ويلاحظ أن تقدير ما إذا كان السبب المنسوب إلى القاضى يصلح للرد يرجع - في هذه المرحلة - إليه، فإذا كان القاضي قد أعترف بالوقائع، ونفى أنها تصلح سبباً للرد فليس لرئيس المحكمة أن يأمر بتنحيته، إذ يلزم عندئذ حكم من المحكمة المختصة بطلب الرد (فتحى والى - بند 436 ص 895 وهامش 2 بها).
وللقاضي أن يطلب الإذن له بالتنحي في أي وقت ولی بعد إنقضاء میعاد الأربعة أيام، ولكن هذا التنحي لا يزال إلتزام المحكمة بالفصل في طلب الرد. وذلك لتحديد الملتزم بالمصاريف. (فتحی والی - بند 436 ص 895 ، هامش 3). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثالث ، الصفحة : 658)