loading

موسوعة قانون المرافعات

شرح خبراء القانون

الأغلبية اللازمة لإصدار الحكم :

إذا كان القاضي فرداً فلا مشكلة ، أما إذا تعدد القضاة فإنهم يصدرون الحكم - بعد المداولة - بأغلبية الآراء . ولأن عدد القضاة وتراً ، فإن الأغلبية تتكون - عادة - بسهولة . فإذا كان هناك أكثر من إتجاهين ، ولم ينل أي إتجاه الأغلبية المطلقة فكيف يتكون رأي المحكمة ؟ وفقاً للمادة 169 مرافعات ، إذا كان هناك أكثر من إتجاهين ، وجب أخذ الرأي مرة أخرى ، فان لم تتكون أغلبية رغم هذا وجب على الفريق الأقل عدداً أن ينضم إلى أحمد الفريقين الآخرين . فإذا لم يوجد فريق أقل عدداً ، وجب على الفريق الذي يضم أحدث القضاة الإنضمام إلى أحد الفريقين الأخرين .

وسواء صدر الحكم بالإجماع أو بالأغلبية ، فلا ينكر هذا في الحكم ، وإنما ينسب الحكم إلى هيئة المحكمة بأكملها . ولهذا النظام ميزة توفير الضمانة لكل قاض لإبداء رأيه بحرية وغير تأثر ، إذ الحكم ينسب إلى المحكمة دون أن يستطيع أحد ، سواء من الحكومة أو من الخصوم ، معرفة رأى كل قاض على حدة . ولكن بعض التشريعات تأخذ باتجاه آخر مؤداه أنه إذا صدر الحكم بالأغلبية ، فيجب أن يشار فيه إلى ذلك ، وعلى القاضي المخالف أن يدون في آخر قرار المحكمة مخالفته ، وله كذلك أن يدون الأسباب التي يستند إليها . وميزة هذا الاتجاه الذي يأخذ به القانون الأمريكي ، هو ضمان الجدية لدى القضاة في المداولة ، وضمان إحترام رأى القاضي ولو كان مخالفاً للأغلبية .

 تحضير الدعوى :

أخذ قانون المحاكم الاقتصادية في المادة (8) منه بنظام هيئة التحضير لتحضير الدعوى . وهو نظام لا يأخذ به قانون المرافعات المصري الحالي بالنسبة للدعاوى العادية . وقد كان المشرع المصرى يأخذ في مرحلة من مراحله بهذا النظام في صورة قاضي التحضير ، وكان يستثنى الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة من الخضوع لهذا النظام منعاً لتأخير الفصل في هذه الدعاوی . وقد ألغى المشرع المصري هذا النظام بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن هذا النظام «لم يحقق الغاية المرجوة منه وهي سرعة تهيئة القضايا للمرافعة بل على العكس من ذلك عطل سيرها ، وكان الكثير من الإجراءات التي تتم أمامه تعاد في غالب الأحوال أمام المحكمة كاملة».

وقد أوضح المشرع المصري صراحة عند إصداره القانون رقم 76 لسنة 2007 عن إرادته عدم الأخذ به ، للمبررات التي إنتهت إليها اللجنة المشكلة بقرار من رئيس مجلس الشعب لبحث مشروع قانون 76 لسنة 2007 ، والتي كانت مكونة من عدد من كبار أساتذة القانون ومستشاري النقض والإستئناف والمحامين ، فقد إنتهت اللجنة في تقريرها إلى أن «نظام قاضی التحضير في صورة هيئة التحضير لن يؤدي فقط إلى مزيد من تعطيل الفصل في الدعاوى ، بل إلى تعقيد الإجراءات وإضاعة وقت القضاة وجهدهم دون فائدة».

الدعاوى التي تخضع لنظام التحضير وفقاً لقانون المحاكم الإقتصادية :

تخضع لنظام التحضير جميع الدعاوى الموضوعية التي تختص بها المحاكم الاقتصادية ، باعتبارها محاکم درجة أولى ، وذلك سواء نظرتها الدوائر الإبتدائية ، أو الدوائر الإستئنافية . فلم يورد القانون أي إستثناء من هذه الدعاوى.

على أنه يلاحظ أنه وفقاً للمادة الثانية من قانون إصدار قانون المحاكم الاقتصادية ، تفصل المحاكم الإقتصادية فيما يحال إليها من محاكم أخرى من دعاوى مختصة بنظرها دون عرضها على هيئة التحضير.

ولا تلتزم المحكمة الإقتصادية بأن تورد في حكمها ما يفيد سيق عرض النزاع على هيئة التحضير . ولهذا فإن على من يتمسك ببطلان الحكم لعدم عرض النزاع على هيئة التحضير إقامة الدليل على ذلك . ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت ، وعلى من يدعي أنها خولفت إثبات هذه المخالفة.

ولا تخضع خصومة الإستئناف لنظام التحضير كذلك لا تخضع النظام التحضير الدعاوى المستعجلة ومنازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية ولا التظلمات من القرارات أو الأوامر الوقتية المتعلقة بالتنفيذ . وإلى هذا تشير المادة 8 من القانون بنصها على إستثناء الدعاوى المنصوص عليها في المادتين (3) و (7) من القانون .

ويلاحظ أن المادة الثامنة لم تستثن التظلمات من الأوامر الصادرة من القاضي المنصوص عليه في المادة  من القانون ، والتي تنظرها الدوائر الإبتدائية بالمحاكم الاقتصادية وفقاً للمادة 2 / 10 . فهذه التظلمات تعتبر دعاوی أمام الدوائر الإبتدائية ، فلا يشملها الإستثناء الوارد بالمادة (8) سواء الخاص بالدعاوى المستأنفة» أو بالدعاوى أو الأوامر المنصوص عليها في المادتين (3) و (7) من القانون . ذلك أن التظلمات في الأوامر الصادرة من القاضي المنصوص عليه في المادة (3) قد ورد النص عليها في المادة (10) من القانون ، ولم تورد المادة (8) أي استثناء لها من التحضير إلا بالنسبة للتظلمات المتعلقة بالتنفيذ والتي تنص عليها المادة (3) من القانون.

وإذا كان القرار الوزاري رقم 6929 لسنة 2008 قد نص صراحة في المادة الأولى منه على استثناء التظلم من الأوامر الوقتية وأوامر الأداء والأوامر على العرائض من التحضير ، فإن هذا النص يضيف حكماً جديداً إلى القانون ويعتبر تعديلاً له غير جائز وفي رأى البعض أنه يجب لهذا الإمتناع عن تطبيق هذا النص ، ذلك أن إضافة اللائحة التنفيذية حكماً جديداً للقانون «يعني إعتداء السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة التشريعية».

وقد إستثنت المادة (8) «الأوامر المنصوص عليها في المادتين (3) و (7) من القانون» من الخضوع لنظام التحضير . وهو إستثناء لا يحتاج إلى نص إذ أن نظام التحضير يتعلق بطبيعته بالدعاوى ، وليس بالأوامر التي تصدر دون تحقيق.

وحيث ينص القانون على تحضير الدعوى ، ونظرت الدعوى دون أن تمر بمرحلة التحضير ، فإن الحكم في الدعوى يكون باطلاً . وهو بطلان يتعلق بالنظام العام لتعلقه بمخالفة الهيكل الإجرائي للخصومة كما نص عليه القانون.

 تشكيل هيلة التحضير:

تشكل هيئة التحضير بالمحكمة الاقتصادية برئاسة قاض من قضاة الدوائر الإستئنافية بالمحكمة الاقتصادية ، وعضوية عدد كاف من قضاتها بدرجة رئيس محكمة أو قاض بالمحكمة الإبتدائية) ، تختارهم الجمعية العامة للمحكمة الاقتصادية في بداية كل عام (مادة 8) .

ويتضح من هذا النص ، أن التحضير لا يتم بواسطة الدائرة التي تنظر الدعوى ، وإنما يتم بواسطة هيئة مستقلة عنها .

ولم يحدد القانون من يقوم من هيئة التحضير بتحضير الدعوى . هل يقوم به قاض واحد من أعضاء هيئة التحضير أو دائرة مشكلة من أكثر من قاض . وفي تقديرنا أن التحضير يجب أن يتم من قاض واحد من قضاة الهيئة . فيقوم كل منهم بتحضير عدد معين من القضايا حسب النظام الذي يضعه رئيس الهيئة . وقد نصت المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 6929 لسنة 2008 على أن رئيس الهيئة «يعين عضواً أو أكثر من بين أعضائها ويحيل إليه ملف الدعوى لمباشرة إجراءات التحضير» . وهو ما يفهم منه أن من يباشر تحضير قضية معينة يكون عضواً واحداً . وهذا ما توحي به مجموع نصوص القرار الوزاري رقم 6929 لسنة 2008 في شأن تحضير الدعاوى.

ميعاد التحضير:

وفقاً للمادة 3 / 8 من القانون ، يجب أن تقوم هيئة التحضير بتحضير الدعوى «خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الدعوى ، ولرئيس الدائرة المختصة أن يمنح الهيئة بناء على طلب رئيسها مدة جديدة للتحضير لا تجاوز ثلاثين يوماً ، وإلا تولت الدائرة نظر الدعوى» . فميعاد التحضير ثلاثون يوماً يحسب من تاريخ قيد الدعوى.

ولأن القانون قد حدد ميعاداً لتحضير الدعوى يبدأ من قيد الدعوى ، فإن مفاد هذا أن ملف الدعوى يجب أن يرسل إلى هيئة التحضير بمجرد قيدها . ولهذا تنص المادة الثانية من القرار رقم 6929 لسنة 2008 على أنه «يجب على قلم الكتاب أن يعرض المنازعات والدعاوى التي تختص بها الهيئة على رئيسها في ذات يوم قيد صحيفتها ... ويحيل إليه (أي القاضي المعين لتحضير القضية ملف الدعوى» .

ووفقاً للمادة 8 / 3 سالف الذكر ، إذا لم يكن ميعاد الثلاثين يوماً لتحضير الدعوى ، فإن رئيس هيئة التحضير يطلب من رئيس الدائرة المختصة منح الهيئة ميعاداً إضافياً لا يجاوز ثلاثين يوماً أخر (مادة 6 من قرار 6929 / 2008 ) للإنتهاء من التحضير.

ولم يورد القانون أي نص مخالف للمادة 67 من قانون المرافعات والتي تنص على أن على قلم كتاب المحكمة قبل قيد الدعوى «أن يثبت في حضور المدعي أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها» . ولهذا ، فإن على قلم الكتاب أن يطبق هذا النص بالنسبة للدعاوى أمام المحاكم الإقتصادية ، فيحدد تاريخ الجلسة التي يجب أن يحضر أمامها الطرفان أمام الدائرة المخصصة لنظر الدعوى . فإن إنعقدت الجلسة أمام الدائرة ، ولم تكن هيئة التحضير قد إنتهت في هذا التاريخ من تحضير الدعوى ، فإن على الدائرة تأجيل الدعوى إلى جلسة أخرى حتى ينتهي التحضير في الميعاد الأصلي أو الإضافي . وفي الجلسة التالية إذا تبين لها أن التحضير لم يتم في الميعاد فإنه وفقاً للمادة 3 / 8 «تتولى الدائرة نظر الدعوى» . وبهذا يكون الوقت الذي إنقضى - إنتظاراً للتحضير - قد ضاع دون فائدة مما يؤدي إلى إطالة أمد نظر القضية.

حضور الخصوم أمام هيئة التحضير :

لم ينظم القانون كيفية إخطار الخصوم للحضور أمام هيئة التحضير ، فقد تركت الفقرة الأخيرة من المادة (8) لوزير العدل سلطة إصدار قرار يحدد فيه نظام العمل في هذه الهيئة وإجراءات ومواعيد إخطار الخصوم بجلسات التحضير وإثبات وقائع هذه الجلسات». وإعمالاً لهذا النص تنص المادة الرابعة من قرار وزير العدل رقم 6929 لسنة 2008 على أن «يحدد عضو هيئة التحضير المختص مواعيد جلسات الإستماع . ولا يجوز أن يتجاوز ميعاد أول جلسة سبعة أيام من تاريخ عرض المنازعة أو الدعوى عليه ، ويكلف قلم الكتاب بإخطار الخصوم بالجلسات وما يصدره من قرارات أخرى . ويكون الإخطار بكتاب مسجل مصحوبة بعلم الوصول أو ببرقية ، أو تلكس ، أو فاكس ، أو غير ذلك من وسائل الاتصال التي يكون لها حجية في الإثبات قانوناً».

وبهذا يكلف الخصوم بالحضور مرة بصحيفة الدعوى أمام الدائرة المختصة ، ومرة أخرى في جلسة أخرى أمام هيئة التحضير . وقد كان يمكن للمشرع تلافي هذا الازدواج ، سواء بالنسبة للملف أو بالنسبة للتكليف بالحضور ، إذا كان قد أناط التحضير برئيس الدائرة التي تتنظر الدعوى أو من يندبه من قضاة الدائرة ، كما كان ينص على ذلك قانون المرافعات السابق رقم 77 لسنة 1949.  

ويلاحظ أن الميعاد الذي تحدده المادة الرابعة من القرار الوزارى هو ميعاد تنظيمي لا يترتب على مخالفته بطلان أو سقوط . كما يلاحظ أن القرار لم يتطلب إعلان الخصوم للحضور أمام عضو هيئة التحضير ، أو إعلانهم بأي قرارات تصدر من هذا العضو ، بواسطة المحضر وفقاً للقواعد العامة ، وإنما اكتفى بأن يتم الاخطار بكتاب مسجل بعلم الوصول ، أو ببرقية ، أو تلكس أو فاكس . ويجب أن يحتفظ قلم الكتاب في ملف القضية بايصال علم الوصول أو بما يدل على إرسال البرقية أو التلكس أو الفاكس . ولم يكتف النص بهذه الوسائل ، وإنما أضاف إليها «غير ذلك من وسائل الاتصال التي يكون لها حجية في الإثبات قانوناً». وإعمالاً لهذه الإضافة يمكن أن يتم تسليم صورة الإخطار بواسطة مندوب من هيئة التحضير للمرسل إليه أو لممثله القانوني مع الحصول على توقيعه بالإستلام على أصل ورقة الإخطار . 

إجراءات التحضير:

يجري التحضير في جلسة غير علنية ، ولا يحضرها إلا عضو الهيئة وكاتب والخصوم و/أو ممثلوهم قانونا . ويقوم الكاتب بإثبات حضور الخصوم ، ويدون وقائع كل جلسة في محضر يعد لذلك وفقا للقواعد العامة» ( مادة خامسة من القرار 6929 لسنة 2008). ووفقاً للمادة 25 من قانون المرافعات الواردة في الأحكام العامة ، فإن الكاتب الذي يحضر الجلسة «يحرر المحضر ويوقعه مع القاضي وإلا كان العمل باطلاً» .

ووفقاً للمادة 3 / 8 و 4 من قانون المحاكم الإقتصادية يقوم عضو هيئة التحضير بتحضير الدعوى قبل نظرها من الدائرة المختصة . وتنحصر سلطته وفقا لهاتين الفقرتين وللمادتين الثالثة والسادسة من القرار الوزاري رقم 6929 لسنة 2008 فيما يلي :

أ- التحقق من إستيفاء مستندات الدعوى ، ودراسة موضوع هذه المستندات : فيقوم عضو هيئة التحضير بالإطلاع على المستندات المؤيدة للدعوى التي أودعها المدعى عند قيد الدعوى عملاً بالمادة 65-3 من قانون المرافعات ، وعلى المستندات المرفقة بمذكرة دفاع المدعى عليه والتي أودعها قلم كتاب المحكمة قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل، عملاً بالمادة 65 فقرة رابعة من قانون المرافعات.

ولأن استيفاء المستندات يتم في مرحلة التحضير ، فإنه إذا كان الطرفان لم يستوفيا المستندات المؤيدة لهما قبل بدء التحضير ، فإن على عضو هيئة التحضير تحديد المواعيد اللازمة للطرفين لاستيفاء المستندات ، والمواعيد اللازمة لهذا الاستيفاء للإطلاع عليها ، ويجوز التصريح للطرفين بالحصول على ما يلزم تقديمه من مستندات من الجهات الحكومية.

ب- الإستعانة بخبرة فنية : ورغم أن المادة 8 من قانون المحاكم الإقتصادية لم تخول عضو هيئة التحضير سلطة في إتخاذ أي إجراء من إجراءات الإثبات التي للقاضى الأمر بها وفقاً لقانون الإثبات، فقد نصت المادة 8/5 أن «للهيئة أن تستعين ، في سبيل أداء أعمالها، بمن ترى الاستعانة بهم من الخبراء والمتخصصين» . ولا ندري الفارق بين الخبير والمتخصص ، إلا إذا كان النص يقصد بالخبير من هو مقيد في جدول الخبراء أما المتخصص فهو غير المقيد في جدول الخبراء . ويتم الاستعانة بالخبير أو المتخصص بقرار مكتوب من عضو هيئة التحضير يعين فيه الخبير أو المتخصص ، ويحدد مهمته ، والجلسة المحددة لحضوره  ويجب أن يتضمن هذا القرار ما إذا كان المطلوب منه إبداء الرأي شفاهة أو بمذكرة مختصرة . (مادة (8) من قرار وزير العدل رقم 6929 لسنة 2008).

ورغم أن المادة (9) من القانون تنص على تنظيم جداول خبراء خاصة بالمحاكم الإقتصادية ، فإن المادة 5 / 8 لم تنص على استعانة هيئة التحضير بخبراء هذه الجداول الخاصة ، بل إن المادة (9) من القانون نصت على أن الإستعانة بهؤلاء الخبراء يكون «للدوائر الإبتدائية والدوائر الإستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون إشارة إلى هيئة التحضير»، كما نصت على أن تحدد هذه الدوائر ، بحسب الأحوال ، الأتعاب التي يتقاضاها الخبير» . وهو ما قد يفهم منه أن هيئة التحضير لا تستعين بهؤلاء الخبراء . وقد تم إستدراك هذا النقص بعد صدور القانون ، فقد نصت المادة (8) من القرار الوزاري رقم 6929 لسنة 2008 على أن «يجوز لعضو هيئة التحضير أن يستعين بمن يرى الإستعانة به من الخبراء والمتخصصين» ، وعلى أن «تقدر أتعاب الخبير وفقاً للقواعد المنصوص عليها في قرار وزير العدل رقم 9928 لسنة 2008» . كما نصت المادة (9) من هذا القرار الأخير على أن تكون الإستعانة بخبراء المحاكم الإقتصادية بموجب قرار من هيئة التحضير ...».

والواقع أن مهمة هيئة التحضير كما حددتها المادة 8 من القانون لا يتصور معها أن تحتاج الهيئة إلى الاستعانة بخبير أو متخصص ، فضلاً عن أن الميعاد المحدد لهيئة التحضير للإنتهاء من مهمتها لا يسمح لها بالوقت الكافي للإستعانة بخبير .

ج- عقد جلسات استماع الأطراف الدعوى : يقوم قلم الكتاب بإخطار الخصوم للحضور وفقاً لما سبق بيانه ، وفي هذه الجلسات يستمع عضو الهيئة الأقوال الطرفين . ويقوم بمناقشة الخصوم في وقائع القضية لاستيضاحها ، وتبين أوجه الإتفاق والإختلاف بينهم.

ورغم عدم إشارة نص المادة 8 من القرار إلى مذكرات الطرفين ، فإنه يجب القول بأن للطرفين تقديم مذكرات بدفاعهما أمام هيئة التحضير . ويكون منح المواعيد اللازمة لذلك بمراعاة مبدأ المساواة بين الطرفين وعدم الإخلال بحق أيهما في الدفاع . وتبادل المذكرات من الطرفين أمام عضو هيئة التحضير ضروري لكي تستطيع الهيئة إعداد مذكرة عن القضية . ولهذا تنص المادة 3 / 4 من القرار سالف الذكر على أن عضو هيئة التحضير يقوم بما يلي «تكليف الخصوم بتقديم طلباتهم وأسانيدهم» . ويتلقى عضو الهيئة ما يقدمه الخصوم من طلبات عارضة سواء كانت موجهة إلى الخصم الآخر ، أو إلى الغير بطلب إدخاله في الخصومة . ويجب أن يتضمن الطلب العارض أو طلب الإدخال ما يستند إليه من أسباب.

د- إعداد مذكرة موجزة مكتوبة : ينتهي التحضير بإعداد مذكرة موقعة من عضو هيئة التحضير أو من القاضي الذي قام بالتحضير تتضمن بیان ما إتخذه من إجراءات التحضير وما عقده من جلسات ، وتحديد طلبات الخصوم وأسانيدهم من الواقع والقانون ، ووجهة نظر كل منهم وأسانيده وما قدمه من مستندات ، وما أسفرت عنه محاولات الصلح بين الطرفين ، وأوجه الإتفاق أو الإختلاف بينهم . ويقوم عضو هيئة التحضير فور إعداد هذه المذكرة بإيداعها ملف الدعوى وإرسالها إلى رئيس الهيئة الذي يرسلها إلى الدائرة المختصة بنظر الدعوى.

ويعتبر ما يبوح به الخصوم إلى عضو هيئة التحضير في سبيل إتمام الصلح من معلومات سراً لا يجوز له الإفصاح عنها لأحد أياً كان (مادة 9 من قرار وزير العدل رقم 6929 لسنة 2008).

فإذا لم تنته إجراءات التحضير في ميعاد الثلاثين يوماً من تاريخ قيد الدعوى ، فعلى عضو الهيئة المنوط به تحضير القضية أن يرفع مذكرة إلى رئيس الهيئة يعرض فيها أسباب عدم إنتهاء الإجراءات . ويجوز لرئيس الهيئة أن يطلب من رئيس الدائرة المختصة منح الهيئة مدة جديدة للتحضير لا تجاوز ثلاثين يوماً . (مادة 6/ 2 من قرار 6929 لسنة 2008).

فإذا إنقضى الميعاد الأصلي دون امتداد أو انقضى الميعاد الإضافي ، ولم تكن هيئة التحضير قد انتهت من تحضير القضية ، فإن رئيس الهيئة يقوم بإرسال ملف الدعوى إلى رئيس الدائرة المختصة ، مع مذكرة تتضمن ما تم من إجراءات التحضير وما لم يتم منها وأسباب ذلك. (مادة 6/ 3 من القرار 6929 لسنة 2008).

ووفقاً للمادة التاسعة من القرار الوزاري رقم 6929 لسنة 2008 ، لا يجوز أن يجلس عضو هيئة التحضير كعضو في الدائرة التي تنظر الدعوى بعد إحالتها من هيئة التحضير .

محاولة الصلح بين الطرفين :

على عضو هيئة التحضير أثناء مباشرة مهمته محاولة إجراء الصلح بين الطرفين ، لتسوية النزاع ودياً . وله في سبيل إجراء الصلح عقد جلسات مشتركة بينهم ، والاجتماع منفرداً مع كل خصم على حدة ، ومناقشة ما يقدمه الخصوم من حلول للتسوية دون إبداء رأيه القانوني . كما يكون له عرض حلول توفيقية بينهم . وعليه في كل ما يقوم به أن يلتزم بمنح الخصوم فرصاً متساوية لعرض وجهات نظرهم ، وأن يحافظ على سرية ما يبوح به الخصم له من معلومات في جلسته الإنفرادية إذا طلب الخصم منه عدم الإفصاح عنها. (مادة 7 من القرار رقم 6929 لسنة 2008).

فإذا إتفق الطرفان على الصلح أثبتت الهيئة هذا الصلح في محضر جلسة يوقع عليه الأطراف ، وترفعه إلى الدائرة المختصة لإلحاقه بمحضر جلسة نظر الدعوى وإثبات محتواه فيه ، وفقاً للمادة 103 / 1 مرافعات . (مادة 8/ 4 من قانون المحاكم الإقتصادية) . ويكون لهذا المحضر قوة السند التنفيذي ( 103/ 2 مرافعات).

ويشير نص المادة 8 / 4 من القانون إلى أن محضر الصلح أمام هيئة التحضير يرفع إلى الدائرة المختصة «لإلحاقه بمحضر جلسة نظر الدعوى والقضاء فيها وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية». ورغم هذا النص ، فإنه يجب التأكيد على أن الدائرة المختصة تلحق محضر الصلح بمحضر جلسة نظر الدعوى ، ولا تتولى «القضاء فيها». ذلك أنه بعد الصلح تنقضي الدعوى فلا تبقى دعوى يمكن القضاء فيها .

ووفقاً للمادة 7 فقرة أخيرة من القرار 6929 لسنة 2008 «في حالة إنتهاء محاولات الصلح إلى إتفاق على التصالح في بعض نقاط النزاع دون البعض الآخر ، يقوم عضو الهيئة بإعداد مذكرة بذلك يرفقها بملف التحضير و بالمذكرة التي يرفعها للدائرة المختصة بنظر النزاع بطلب إلحاق الصلح بمحضر الجلسة وجعله فى قوة السند التنفيذى» .

وإذا لم يتم الصلح كلياً ، بأن لم يتفق الطرفان على تسوية كل نقساط النزاع ، وأحيل ملف الدعوى إلى الدائرة لكي تنظرها بأكملها أو تنظر ما لم يتفق الطرفان على تسويته صلحاً ، فإنه وفقاً للمادة 7 / فقرة أخيرة من قرار وزير العدل رقم 6929 لسنة 2008 لا يجوز للدائرة «الإعتداد بالأوراق أو المستندات أو المكاتبات أو التنازلات المقدمة أو المستخدمة من أي طرف في شأن الصلح كدليل أو مستند أمام المحكمة أو أي جهة قضائية أخرى ، ما لم يتمسك بها مقدمها» ، وهذا النص لا يضيف جديداً ولكنه يؤكد أن التحضير وفقاً لقانون المحاكم الإقتصادية لا يعتبر مرحلة من مراحل نظر الدعوى ، وإنما مرحلة سابقة على نظرها . ووفقاً للنص إذا أحيل ملف الدعوى بعد فشل الصلح الكلى إلى الدائرة ، فإن ما به من مستندات لا تعتبر مستندات مقيمة في القضية . فإن أراد من قدمها التمسك بها فعليه أن يعيد تقديمها إلى الدائرة التي تنظر الدعوى . وإن أراد الخصم الإستناد إلى مستند منها فعليه أن يقدم طلباً إلى الدائرة الإلزام خصمه بتقديمها وفقاً للقواعد العامة في الإثبات .

ونفس الأمر إذا أحيل النزاع إلى جهة قضائية أخرى أو إلى محكمة إقتصادية أخرى غير المحكمة التي تتبعها الهيئة التي قامت بتحضير الدعوى ، أو إلى أي محكمة أخرى تابعة لنفس جهة المحاكم .

طبيعة عمل هيئة التحضير:

من الواضح من نص المادة (8) من قانون المحاكم الإقتصادية أن المشرع قد نظم هيئة التحضير لا تقوم بتحضير الدعوى ، لكي تتفرغ المحكمة المهمة الفصل فيها ، وإنما تقوم فقط بإعداد ملف الدعوى ، وبيان مستندات ووجهة نظر كل من الطرفين ، وكتابة تقرير عنها تقدمه للمحكمة .

وتحضير الدعوى يختلف عن هذا تماما . فهو يعني - كنظام قانونی - أن يقوم قاضي التحضير كعضو في دائرة مشكلة من قضاة متعددين ، نيابة عن الدائرة ، بكل ما يلزم عمله قبل الفصل في الدعوى . فيحضر الطرفان أمامه في أول جلسة لنظر الدعوى ، وهو الذي يقوم بتأجيلها للإعلان أو لإعادة الإعلان ، ويقرر شطب الدعوى أو إعتبارها كأن لم تكن ، ويحقق صفات الخصوم وممثليهم ، ويحدد للأطراف المواعيد اللازمة لتقديم المذكرات والمستندات وتبادل الإطلاع ، ويثبت ما يتم من الخصوم في الجلسة من تنازل أو أقوال أو طلبات ، أو صلح ، ويأمر بضم ما يطلب منه ضمه من ملف إداري أو محضر شرطة ، ويحكم بعدم قبول الدعوى بالحالة التي هي عليها ، ويفصل فيما يقدم من دفوع شكلية أو دفوع بعدم القبول ، وفي قبول ما يقدم من طلبات عارضة أو تدخل أو إدخال . وبعد تمام التحضير يحيل الدعوى إلى الدائرة بأكملها لنظرها .

ومما تقدم يتضح أن هيئة التحضير ، كما نظمها قانون المحاكم الإقتصادية ، لا تقوم بتحضير الدعوى بالمعنى الصحيح . إنما يقتصر دورها على إعداد ملف الدعوى قبل أن تتظرها المحكمة .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ، الصفحة : 379)

 

عدم توافر الأغلبية في المداولة:

إصدار الحكم :

يدل نص المادة (169) من قانون المرافعات، على أن الهيئة التي أصدرت الحكم، هي التي سمعت المرافعة واشتركت في المرافعة ووقعت على مسودة الحكم. والأصل أن تلك الهيئة هي التي تتضمنها ديباجة الحكم، وهي أيضاً التي تنطق به ، فإذا حصل لأحد قضاة هذه الهيئة مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم، وذلك عملاً بالمادة (170) من ذات القانون. ومتى تحقق هذا المانع، وجب أن تتضمن نسخة الحكم في ديباجتها الهيئة التي أصدرت الحكم أي التي سمعت المرافعة واشتركت في المداولة ووقعت مسودة الحكم، وأن تذيل هذه النسخة بالهيئة التي نطقت بالحكم، ومن ثم تكون الهيئة الأولى قد أصدرت الحكم، والهيئة الثانية هي التي نطقت به.

فإن إنعكس موضع الهيئتين، بأن تضمنت ديباجة الحكم الهيئة التي نطقت به، بينما ذیلت نسخة الحكم بالهيئة التي سمعت المرافعة واشتركت في المداولة ووقعت على مسودة الحكم، كان ذلك من قبيل الخطأ المادي الذي لابس تحریر نسخة الحكم الأصلية، تتولى محكمة الطعن تصحيحه ولو من تلقاء نفسها دون حاجة إلى الطعن في الحكم لهذا السبب، إعمالاً للأثر الناقل للإستئناف، وأن تحقق هذا السهو في حكم الإستئناف فلا يصلح للطعن بالنقض بإعتبار أن الخطأ المادي البحت لا يصلح سبباً للطعن بالنقض، فالإغفال أو الخطأ في نسخة الحكم الأصلية الذي يترتب عليه البطلان هو ما يتعلق بالبيانات الجوهرية ، كعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم أو نطقوا به وأسماء الخصوم وصفاتهم والقصور في الأسباب الواقعية.

وتصحح محكمة الإستئناف الخطأ المادي ببيان الهيئة التي أصدرت الحكم والهيئة التي نطقت به ، دون أن تمس النسخة الأصلية للحكم المستأنف.  

ويكفي لإصدار الحكم أن تتوافر الأغلبية المطلقة عند المداولة ولا يعتد حينئذ بالفريق الذي يضم رئيس الدائرة، ولما كانت محكمة النقض تشكل من خمسة مستشارين، فإن الأغلبية الطاقة اللازمة لإصدار الحكم تتوافر بثلاثة مستشارين ولو كانوا هم أحدث الأعضاء ولا يعتد برأي العضوين الآخرين سواء اتحدا في الرأي أو كان لكل منهما رأي مستقل وحتى لو كان بين ما رئيس الدائرة إذ العبرة بالأغلبية المطلقة .

فإن لم تتوافر هذه الأغلبية وتشعبت الآراء لأكثر من رأيين ، بأن إتفق الرأي بين إثنين وخالفه اثنان آخران وإنفرد الخامس برأي مغاير للرأيين، وجب أن ينضم الأخير بإعتباره الفريق الأقل عدداً لأحد الرأيين الصادرين من الفريق الأكثر عدداً، ويتم هذا الإنضمام بعد أخذ الآراء مرة أخرى وتصميم كل فريق على رأيه ، فإذا كان العضو الذي إنفرد بالرأي هو رئيس الدائرة، وجب أن ينضم إلى أحد الفريقين لتتوافر بذلك الأغلبية المطلقة، ذلك أنه طالما وجد فريق أقل عدداً وجب عليه الإنضمام على نحو ما تقدم دون إعتداد بالأقدمية.

أما إن لم يوجد فريق أقل عدداً، بأن إستقل كل مستشار برأيه وكان مخالفاً لآراء الآخرين، فتكون الآراء قد تشعبت إلى خمسة آراء، وصمم كل على رأيه بعد أخذ الآراء مرة ثانية، وجب على العضو الأحدث أن ينضم إلى أي من الآراء الأخرى، وفي هذه الحالة لم تتوافر الأغلبية المطلقة ولكن وجد فريق أكثر عدداً فينضم إليه أحدث الثلاثة الباقيين وبذلك تتوافر الأغلبية المطلوبة. ويسرى ذلك أيضاً إذا تشعبت الآراء إلى أربعة بأن إتفق إثنان على رأي بينما انفرد كل من الثلاثة الباقيين برأي مستقل، وحينئذ يجب أن ينضم العضو الأحدث من الثلاثة الباقيين - ولو لم يكن هو أحدث أعضاء الدائرة بأن كان أحدث أعضائها أحد العضويين اللذين اتفقا على رأي واحد - إلى الفريق الأول الذي اتفق فيه العضوان على رأي واحد، وبذلك تتوافر الأغلبية.

ولما كانت محكمة الإستئناف والمحكمة الإبتدائية تصدران أحكامهما من ثلاثة أعضاء، فتتوافر الأغلبية المطلقة بإتفاق إثنين على رأي واحد بحيث إذا لم يتحقق ذلك وتشعبت الآراء بأن إنفرد كل عضو برأي يخالف رأي كل من العضويين الآخرين، تعين أخذ الآراء مرة ثانية ، فإذا صمم كل على رأيه ، وجب على عضو اليسار وهو أحدث الأعضاء في الأقدمية أن ينضم إلى أي من العضوين الآخرين وهما رئيس الدائرة وعضو اليمين، وبذلك تتحقق الأغلبية المطلوبة لإصدار الحكم.

فإذا إمتنع العضو الأحدث عن الإنضمام لأي من الرأيين الآخرين ، فلا يجوز إصدار الحكم، ويجب إعادة الدعوى للمرافعة، ولا تتحقق بذلك جريمة إنكار العدالة لما تتطلبه من إنصراف القصد إلى الإمتناع عن إصدار الحكم وهو الأمر الذي لم يتوفر عند تشعب الآراء في المداولة لرغبة كل من القضاة في إصدار الحكم وفقاً للرأي الذي إنتهى إليه وإن ذلك يتطلب توافر أغلبية مطلقة لم تتحقق بأسرار كل عضو على رأيه بإعتباره الرأي الصحيح قانوناً والواجب أن يصدر الحكم وفقاً له.

وإذا حضر المستشار رئيس المحكمة الإبتدائية الجلسة رئيساً لإحدى الدوائر، وجب أن يصدر الحكم من ثلاثة فقط سواء كان المستشار من بينهم أو إقتصر حضوره على جلسة المرافعة.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الرابع ، الصفحة : 122)

 

من المقرر أن المداولة تنتهي بأخذ الرأي بين القضاة ويصدر الحكم برأي الأغلبية المطلقة وهو ينسب إلى المحكمة بكامل هيئتها سواء أصدر بالأغلبية أم بالإجماع ، فلا يذكر في الحكم أنه صدر بالإجماع أو بالأغلبية فإذا لم يسفر أخذ الرأي في أول مرة عن أغلبية مطلقة كما لو تشعبت الآراء إلي أكثر من رأيين ولم يجز أحدهما الأغلبية المطلقة أعيد أخذ الآراء ، فإن لم تسفر الإعادة عن أغلبية مطلقة ، وجب علي الفريق الأقل عدداً أو الذي يضم العضو الأحدث أن ينضم إلي أحد الأراء من الأكثر عدداً ليصل به إلى الأغلبية المطلقة فإذا كانت المحكمة مشكلة من ثلاث من القضاة وكان لكل منهم رأي مختلف عن رأي الآخر ، وجب بعد إعادة أخذ الآراء ، إذا لم تسفر الإعادة عن تعديل في الآراء أن ينضم العضو الأحدث إلى أحد الرأيين الآخرين لترجيحه، وإذا كانت المحكمة مشكلة من خمسة كمحكمة النقض وإنقسمت الآراء فأيد أحدهما عضوان وأيد الثاني عضوان ورأي العضو الخامس رأياً ثالثاً وجب إعادة أخذ الرأي فإذا لم تسفر الإعادة عن أغلبية مطلقة ، وجب علي العضو المنفرد ولو كان رئيس المحكمة أن ينضم إلى أحد الرأيين الآخرين لترجيحه. (الوسيط الدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 668).(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : الرابع ،  الصفحة : 639 )

 

أخذ الرأى وحالة عدم توافر الأغلبية:

تنتهى المداولة بأخذ الرأي بين القضاة ويصدر الحكم برأي الأغلبية المطلقة، وهو ينسب إلى المحكمة بكامل هيئتها سواء أصدر بالأغلبية أم بالإجماع، فلا يذكر في الحكم أنه صدر بالإجماع أو بالأغلبية.

فإذا لم يسفر أخذ الرأي في أول مرة عن أغلبية مطلقة كما لو تشعبت الآراء إلى أكثر من رأيين ولم يحز أحدها الأغلبية المطلقة أعيد أخذ الآراء فإن لم تسفر الإعادة عن أغلبية مطلقة، وجب على الفريق الأقل عدداً أو الذي يضم العضو الأحدث أن ينضم إلى أحد الأراء من الأكثر عددا ليصل به إلى الأغلبية المطلقة.

فإذا كانت المحكمة مشكلة من ثلاثة من القضاة وكان لكل منهم رأي مختلف عن رأي الآخر، وجب بعد إعادة أخذ الآراء إذا لم تسفر الإعادة عن تعديل في الآراء أن ينضم العضو الأحدث إلى أحد الرأيين الآخرين الترجيحه، وإذا كانت المحكمة مشكلة من خمسة كمحكمة النقض وانقسمت الآراء، فأيد أحدها عضوان وأيد الثاني عضوان ورأى العضو الخامس رأياً ثالثاً ، وجب إعادة أخذ الرأي فإذا لم تسفر الإعادة عن أغلبية مطلقة، وجب على العضو المنفرد ولو كان رئيس المحكمة أن ينضم إلى أحد الرأيين الآخرين لترجيحه (رمزی سيف - بند 531 ص 670 وص 671).

ويلاحظ أنه عند تعدد نقط النزاع يؤخذ الرأي بصدد كل نقطة على حدة، اللهم إلا إذا بنيت على أساس قانونی واحد، فهنا يؤخذ الرأي بصدد تحديد هذا الأساس (أحمد أبوالوفا - التعليق ص 684).

كما يلاحظ أنه سواء صدر الحكم بالإجماع أو بالأغلبية، فلا يذكر هذا في الحكم، وإنما ينسب الحكم إلى هيئة المحكمة بأكملها، ولهذا النظام ميزة توفير الضمانة لكل قاض لإبداء رأيه بحرية وبغير تأثر، إذ أن الحكم ينسب إلى المحكمة دون أن يستطيع أحد، سواء من الحكومة أو من الخصوم، معرفة رأي كل قاض على حدة، ولكن بعض التشريعات تأخذ باتجاه آخر مؤداه أنه إذا صدر الحكم بالأغلبية، فيجب أن يشار فيه إلى ذلك، وعلى القاضي المخالف أن يدون في آخر قرار المحكمة مخالفته، وله كذلك أن يدون الأسباب التي يستند إليها. وميزة هذا الاتجاه الذي يأخذ به القانون الأمريكي، هو ضمان الجدية لدى القضاة في المداولة، وضمان إحترام رأي القاضي ولو كان مخالفاً للأغلبية (فتحی والی - بند 335 وص 622)، وهذا النظام مطبق فعلاً في بعض الدول العربية ومنها السودان، حيث يذكر في الحكم رأي القاضي المخالف واسمه أيضاً ، ولا شك أن هذا النظام يفيد الخصوم عند الطعن في الحكم، فربما نأخذ محكمة الطعن بالرأي المخالف إذا قدرت أن أسانيده قوية وتوافرت مبررات إلغاء الحكم المطعون فيه.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الثالث  ،  الصفحة :  751)