1- النص في المادة 185 من قانون المرافعات على أنَّ للمحكمة أنْ تحكم بإلزام الخصم الذى كَسِبَ الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلماً به مِنْ المحكوم عليه ....." يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنَّ أساس الحكم بمصروفات التقاضي هو حصول النزاع في الحق الذى حُكِمَ به، فإذا كان الحق مُسْلَمَاً بِه ممن وجهت إليه الدعوى فغُرْمُ التداعي يقع على من وجهها.
( الطعن رقم 5426 لسنة 89 ق - جلسة 18 / 2 / 2024 )
2- إذ كان الحكم المطعون فيه قد الزم الطاعن بمصاريف الدعوى على سند من أن المطعون ضده بصفته قد حضر أمام محكمة أول درجة وأقر له بالبيع وقبض الثمن فضلاً عن خلو الأوراق مما يفيد قيام الطاعن باتخاذ إجراءات التسجيل وتحديد ميعاد لحضوره أمام الشهر العقاري للتسجيل ونقل الملكية وامتناعه عن التوجه لنقل الملكية إليه وأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الملكية آلت للمطعون ضده بصفته بالعقد المسجل رقم ... لسنة ... جنوب القاهرة وأن العقد المبرم للطاعن سند ملكيته مؤرخ في 3/5/2009 وأن الأخير أقام دعواه بتاريخ 24/4/2017 أي لاحقاً على انتقال الملكية إلى البائع له (الطعون ضده بصفته) ومن ثم كان بوسعه أن يلجأ إلى التسجيل الرضائي وفقاً الإجراءات الواردة بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 946 ، أما وأنه قد لجأ إلى طريق الدعوى القضائية دون مبرر، وهو ما يكون معه الطاعن ملزماً بالمصروفات إعمالا لنص المادة 185 من قانون المرافعات لتسببه في إنفاق مصاريف لا فائدة منها وتركه خصمه دون إعلانه بالحضور للتسجيل قبل إقامه دعواه لتسليمه بالطلبات دون منازعة في أولى جلسات الدعوى ولا يعد ذلك من المطعون ضده - بصفته - وقوفاً من الحق المرفوع الدعوى بموقفاً سلبياً دون التسليم به، ويكون الزام الحكم المطعون فيه للطاعن بمصاريف الدعوى قد جاء على سند من الواقع والقانون، وأن واقعة الإنذار واقعة ماديه لا تثبت إلا بالكتابة، سيما وأنه لم يثبت، أنه قد أنذر البائع له للحضور إلى الشهر العقاري المختص للتوقيع كبائع بعد اتخاذه للإجراءات التمهيدية اللازمة لنقل الملكية، للوقوف على مدى تقصير المطعون ضده بصفته في الواجب المنوط به وهو تسجيل العقد، كما لم يقدم الإعلان باليمين الحاسمة وخلو مدونات الحكم المطعون فيه ما يفيد صيغتها، بما يكون معه نعيه في هذا الصدد عارٍ عن دليله، كما لا يجوز التحدي أمام هذه المحكمة بنعياً مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
( الطعن رقم 5426 لسنة 89 ق - جلسة 18 / 2 / 2024 )
3- إذ كان الطاعن هو الذى وجه خصومته إلى غير جهة القضاء المختصة بنظرها ولائياً وقد دفعها خصومه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً ولما صدر الحكم لصالحهم استأنفه الطاعن ثم طعن على قضاء محكمة الاستئناف بالنقض متمسكاً بذات ما تمسك به خصومه من اختصاص جهة القضاء الإدارى بنظر الدعوى مما يتعين معه إلزامه بمصاريفها عملاً بنص المادتين 184 ، 185 من قانون المرافعات بعد أن تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها .
(الطعن رقم 2153 لسنة 59 جلسة 2004/05/09 س 55 ع 1 ص 497 ق 90)
4- إن اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى يعتبر مطروحا دائما أمامها وعليها أن تفصل فيه من تلقاء ذاتها من تلقاء ذاتها عملاً بنص المادة 109 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه - وهو الصادر من محكمة الاستئناف - إذ قضى فى الدعوى، بما يتضمن اختصاص هذه المحكمة بنظر الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر فى منازعة تنفيذ وقتية من محكمة أول درجة حالة كون الاختصاص بذلك معقودا للمحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب ...... مع إلزام الطاعنين بمصاريف هذا الطعن عملاً بالمادة 185 من قانون المرافعات لأنهم وإن كانوا محكوما لهم فيه بنقض الحكم إلا أنه برفعهم الاستئناف عن الحكم الابتدائي إلى محكمة غير مختصة نوعيا بنظره قد تسببوا فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها.
(الطعن رقم 2161 لسنة 59 جلسة 1996/11/14 س 47 ع 2 ص 1285 ق 233)
5- النص فى المادة 185مرافعات على أن "للمحكمة أن تحكم بإلزام الخصوم الذى كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه، او إذا كان المحكوم له قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة فيها او كان قد ترك خصمه على جهل بما كان فى يده من المستندات القاطعة فى الدعوى أو بمضمون تلك المستندات" يدل إيراده على هذا النحو أن أمر الحكم بمصاريف الدعوى كلها أو بعضها على الخصم الذى كسبها فى الحالات الواردة بالنص والتى من بينها التسليم بالحق الذى يلزم لتوافرها ان يكون للتسليم بالحق من الخصم سابقا على رفع الدعوى ونظرها ولا يعد كذلك وقوفه من الحق المرفوع به الدعوى موقفا سلبيا دون التسليم به. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بإلزام الطاعنين مصروفات الدعوى على سند من أن الإنذار الموجه إليهم من المطعون ضدهما تسليما منهما بالطلبات وهو ما يوجب إلزامهم مصاريف الدعوى فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال.
(الطعن رقم 1125 لسنة 61 جلسة 1996/04/17 س 47 ع 1 ص 666 ق 124)
6- إذا كان المطعون ضده وقت أن رفع دعواه بصحة و نفاذ عقد البيع لم يكن قد أوفى بباقى الثمن ، و ما كان يجوز له إلزام الطاعنات بنقل ملكية المبيع و هو لم يوف الجزء الأكبر المتبقى من الثمن بعد أن خسر دعواه أمام محكمة أول درجة و قطع الإستئناف شوطاً بعيداً مما كان يتعين معه على محكمة الإستئناف و هى تقضى بصحة و نفاذ عقد البيع بعد وفاء المطعون ضده بباقى الثمن أن تلزمه بالمصروفات عملاً بالمادة 185 من قانون المرافعات لأنه و إن كان محكوماً له فى الدعوى إلا أنه قد رفعها على أساس غير سليم لعدم وفائه بباقى الثمن قبل رفعها فتسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها .
(الطعن رقم 137 لسنة 48 جلسة 1978/12/27 س 29 ع 2 ص 2040 ق 398)
7- دفع الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، بالإضافة إلى طلبها إرجاء قياس مساحة العقار المبيع إلى وقت لاحق للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بمعرفة شخص معين حددته ، كاف للقول بأنها لم تسلم بالحق المدعى به - صحة التعاقد - قبل رفع الدعوى و لعدم إعمال ما نصت عليه المادة 185 من قانون المرافعات فى هذا الشأن ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم الإبتدائى فيما قضى به من إلزامها بالمصروفات بناء على أنها نازعت المطعون ضده أمام محكمة أول درجة ، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه وتأويله .
(الطعن رقم 15 لسنة 43 جلسة 1977/04/20 س 28 ع 1 ص 1000 ق 171)
8- شرط الحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى بالمصرفات كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه حسبما تقضى به المادة 185 من قانون المرافعات ، هو أن يكون التسليم بالطلبات من المحكوم عليه قبل رفع الدعوى . و إذ قضى الحكم بإلزام الطاعنين بمصروفات الدعوى رغم تسليمها بطلبات المطعون عليهم تأسيساً على أنهما لم يوفيا بإلتزماتهما كاملة أى بعد رفع الدعوى و كان ما إستند إليه الحكم فى قضائه لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق و يتفق مع صحيح القانون . فإن النعى عليه يكون فى غير محله
(الطعن رقم 380 لسنة 43 جلسة 1976/12/28 س 27 ع 2 ص 1820 ق 334)
9- تضمن نص المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 - بشأن رسم الأيلولة على التركات - و ذلك فى مشروع سنة 1938 ، أن ذا الشأن - المتصرف إليه خلال خمس السنوات السابقة على وفاة المورث - يرفع الأمر للقضاء على مصاريفه - لإثبات دفع المقابل للمورث - فلما عرض هذا المشروع على اللجنة المالية فى مجلس النواب رأت تعديله بإلغاء عبارة " على مصاريفه " و بقى النص معدلا على هذا النحو حتى صدر به القانون رقم 142 لسنة 1944 ، مما يستفاد منه أن نية المشرع قد إتجهت إلى عدم تحميل ذوى الشأن بمصاريف تلك الدعاوى ، و ترك الأمر إلى القواعد العامة التى قررها قانون المرافعات . و لما كانت المادة 357 من قانون المرافعات السابق تنص على أن يحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ، و كان ما تشترطه المادة 358 من القانون المذكور للحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها أن يكون الحق مسلما به من المحكوم عليه ، و إذ إستند الحكم المطعون فيه فى إلزام الطاعنين بمصروفات الدعوى التى أقاموها لإثبات دفع المقابل ، إلى أن مصلحة الضرائب قد وقفت منها موقفا سلبيا ، و هو أمر لا يعتبر بمجرده تسليما من المصلحة للطاعنين بحقهم الذى حكم به ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنين بالمصروفات على هذا الأساس يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 203 لسنة 34 جلسة 1972/03/22 س 23 ع 1 ص 457 ق 72)
10- إذ كانت الدعوى الراهنة بحكم الأساس الذى رفعت به والطلبات المطروحة فيها لا تعد من دعاوى تسليم العقارات المرفوعة بصفة أصلية، وكان اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى يُعتبر مطروحاً دائماً أمامها وعليها أن تفصل فيه من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 109 من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه – وهو الصادر من محكمة الاستئناف – وقد قضى فى الدعوى بما يتضمن اختصاص تلك المحكمة بنظر الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر فيها من المحكمة الجزئية، حال كون الاختصاص بنظره معقوداً للمحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية، يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثانى، مع إلزام الطاعن بمصاريف هذا الطعن عملاً بالمادة 185 من قانون المرافعات، لأنه ولئن كان محكوماً له فيه بنقض الحكم إلا أنه برفعه الاستئناف إلى محكمة غير مختصة نوعياً بنظره قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها .
( الطعن رقم 18866 لسنة 84 ق - جلسة 13 / 6 / 2024 )
حالات إلزام المحكوم له المصاريف:
إن كانت المادة (184) قد أوجبت على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى وتلزم بها الخصم المحكوم عليه، فقد أجازت لها المادة (185) أن تحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها في حالات ثلاث تنحصر فيما إذا كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه، أو إذا كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة منها، أو كان قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات، ونتناول هذه الحالات فيما يلي:
(أ) التسليم بالحق من المحكوم عليه:
منازعة المدين في الحق الذي يدعيه دائنه، هي مقتضى الالتجاء للقضاء لحسم تلك المنازعة، فإذا انتفت المنازعة وسلم المدين بحق دائنه، انتفى هذا المقتضى وتعين على الدائن اقتضاء حقه بالطرق الودية، بحيث إذا لجأ بالرغم من هذا التسليم إلى القضاء وقضى له بطلباته وجب إلزامه المصاريف إذ كان في استطاعته اقتضاء حقه دون إنفاقها.
ويجب أن يقترن التسليم بالحق، بعزم المدين على تنفيذ التزامه، أو إنكار منازعته في هذا الحق من قبل رفع الدعوى.
فإذا اقترن التسليم بالحق بعزم المدين على تنفيذ التزامه، وجب على الدائن قبل رفع دعواه، السعي إلى المدين لاقتضاء حقه منه، فإن لم يفعل وبادر برفع دعواه، وقضت له المحكمة بطلباته وجب أن تلزمه المصاريف التسليم المدين بالحق قبل رفع الدعوى، وإن كان تنفيذ الالتزام لم يتم، فقد كان بتقصير من الدائن لعدم سعيه إلى المدين. أما إذا سعى إليه وامتنع عن الوفاء أو نازع في التنفيذ أو كان الأجل المتفق عليه لتنفيذ الالتزام قد انقضى، كان للدائن رفع دعواه، وحينئذ تقضى المحكمة بطلباته وتلزم المدين المصاريف دون اعتداد بالتسليم بالحق من جانبه فلم يقرنه بتنفيذ التزامه، كما لا يجوز له الادعاء برفض الدائن الوفاء إذ كان عليه في هذه الحالة اتخاذ إجراءات العرض والإيداع، وإن كان التزامه يتمثل في قيامه بعمل لا يتطلب تنفيذه تدخل من الدائن، قام هو بتنفيذه، كالتزام البائع بشطب القيود الواردة على العقار المبيع.
مثال ذلك، أن يشتري المدعى عقاراً من المدعى عليه ويلتزم الأخير بشطب القيود الواردة عليه خلال أجل معين، وينقضي الأجل دون تنفيذ هذا الالتزام مما يضطر معه المدعى إلى رفع دعوى بصحة ونفاذ العقد ويودع باقي الثمن ويقيد صرفه بتنفيذ البائع لالتزامه، ويقر البائع بالبيع ويسلم بحق المشتري، ولما كان هذا التسليم قد تم قبل تنفيذه التزامه، فلا يعتد به وتقضي المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع وتلزم المدعى عليه المصاريف رغم تسليمه بالحق.
وإذا اقترن التسليم بالحق بإنكار منازعة المدعى عليه للمدعي في أي وقت ولم يتهم المدعي الدليل على منازعة المدعى عليه، قضت المحكمة للمدعى بطلباته وألزمته المصاريف، مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى ضد المدعى عليه بمنع تعرضه له في عقار معين، فيقر الأخير بتسليمه للمدعى بالحق وعدم منازعته فيه، وحينئذ تقضى المحكمة للمدعى بطلباته وتلزمه المصاريف.
ويتحمل الدائن عبء إثبات عدم تسليم المدين بالحق قبل رفع الدعوى، بأن يوجه إليه إنذاراً رسمياً على يد محضر يكلفه بموجبه بتنفيذ التزامه ويحدد له أجلاً لذلك ويعزمه على الالتجاء للقضاء، فإذا انقضى الأجل كان للدائن رفع دعواه وحينئذ لا يعتد بالتسليم بالحق الذي يتم بعد ذلك، أما إن لم يوجه الدائن هذا الإنذار قبل رفع الدعوى، ثم أقر المدين بالحق وسلم به أثناء نظرها، قضت المحكمة للدائن بطلباته وألزمته المصاريف.
فإن لم يتم الإنذار، ولم يسلم المدين بالحق أو وقف من الخصومة موقفاً سلبياً أو تخلف عن الحضور، وجب على المحكمة عند الحكم عليه أن تلزمه المصاريف.
ذلك لأن المدعي عليه إذا كان قد سلم بطلبات خصمه قبل رفع الدعوى، فإن المحكمة تلزم المدعي بالمصاريف، وتستخلص المحكمة ذلك من الإنذارات المتبادلة بينهما قبل رفع الدعوى، فإن كان المدعي هو الذي أنذر المدعى عليه قبل رفع الدعوى إنذاراً قانونياً صحيحاً ولم يرد عليه المدعى عليه مما اضطر المدعي إلي رفع الدعوى، فإن المدعى عليه لا يكون قد سلم بالطلبات ولا يجديه التسليم بها بعد رفع الدعوى بحيث إذا قضى ضده، ألزمته المحكمة المصاريف.
فإن لم يكن المدعى عليه قد أنذر قبل رفع الدعوى، ثم سلم بالطلبات بعد رفعها، ألزمت المحكمة المدعي المصاريف في جميع الأحوال.
(ب) تسبب المحكوم له في رفع الدعوى أو الطعن :
قد يخل المتعاقد بالتزامه مما يضطر معه المتعاقد الآخر إلى رفع دعوى بفسخ العقد، فإن تعلق الالتزام بالثمن في عقد البيع أو الأجرة في عقد الإيجار، كان للمشتري أو المستأجر، توقي الحكم بالفسخ بالوفاء إلى ما قبل إقفال باب المرافعة، فإن تم الوفاء أمام محكمة الدرجة الأولى أدى ذلك إلي توقي الفسخ، وحينئذ تقضي المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعى عليه المصاريف رغم صدور الحكم لصالحه، ذلك لأنه الذي تسبب في رفع الدعوى لإخلاله بالتزامه وإن لم يكن المشرع قد أجاز له التوقي لقضي بالفسخ.
أما إن لم يقم بالوفاء، قضت المحكمة بفسخ العقد وألزمته المصاريف، ومع ذلك يظل حقه في التوقي قائماً حتى إقفال باب المرافعة في الاستئناف إذا طعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي، فإن رفع هذا الطعن وقام بالوفاء، توقي الفسخ وحينئذ تقضي محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الفسخ وإلزام المستأنف عليه بالمصاريف على نحو ما أوضحناه بالمادة (184) وبعد استصدار أمر بتقديرها وفقا للمادة (189).
ومثال ذلك أيضاً، أن يرفع المحال إليه الدعوى بالمطالبة بالحق موضوع الحوالة، ويبدى المدعى عليه دفعاً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، فتقضي المحكمة بذلك وتلزم المدعى المصاريف، ثم يطعن المدعى بالاستئناف ويقدم حوالة إثباتاً لتوافر صفته، وطلب إلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه بالحق محل الحوالة، وحينئذ يصدر الحكم الاستئنافي من شقين، الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلزام المستأنف مصاريف هذا الشق لأنه المتسبب فيه إذ كان يستطيع منع صدور الحكم إن كان قد قدم الدليل على توافر صفته وذلك عملاً بالمادتين (185)، (240) أما الشق الثاني فيتعلق بالفصل في موضوع الدعوى وهو الذي ظل معلقاً وتلتزم محكمة الاستئناف بالتصدي له، فإن رفضته ألزمت المستأنف مصاريفه، وإن أجابت المستأنف له، ألزمت المستأنف عليه مصاريفه عملاً بالمادتين ( 184 / 1)، (240) من قانون المرافعات.
تسبب المحكوم له في مصاريف لا فائدة فيها :
المقرر أن المحكمة إذا ألزمت أحد الخصوم بالمصاريف، كان للخصم الآخر الرجوع عليه بكل ما تكبده منها، وهذا يقتضي توافر الفائدة في المصاريف التي تسبب فيها المحكوم له، تحقيقاً للأدلة التي استند إليها في دفاعه، سواء تم تحقيقها بمعرفة أهل الخبرة أو بشهادة الشهود طالما كان الدليل المستمد من تقرير الخبير أو من شهادة الشهود منتجاً في الدعوى، وحينئذ تكون هناك فائدة من المصاريف التي أنفقت لإعداد هذه الأدلة.
أما إذا تسبب المحكوم له في مصاريف تبين أن الدليل الذي أنفقت في سبيل إعداده غیر منتج وأن المحكمة طرحته ولم تستند إليه في قضائها، كانت هذه المصاريف لا فائدة فيها، مثال ذلك أن يطعن الخصم بالتزوير في محرر ويتخذ إجراءات هذا الطعن المتمثلة في التقرير به وإعلان شواهد التزوير ثم يتبين للمحكمة أن الطعن غير منتج في النزاع وتقضي بعدم قبوله، وبعد ذلك تصدر حكمها في الموضوع لصالح الطاعن، وفي هذه الحالة يتعين عليها ألا تلزم خصمه بكل المصاريف وإنما ببعضها فقط كالنصف أو ما يجاوزه وتلزم المحكوم له بالباقي منها.
(ج) عدم الإفصاح عن مستندات قاطعة:
قد ينشب نزاع بين الخصمين ويتبادلان الإنذارات دون أن يضمنها أحدهما ما لديه من مستندات قاطعة في الدعوى أو ما تتضمنه هذه المستندات، ويبادر الآخر برفع دعوى إلا أنه يفاجأ بخصمه وقد تقدم بمستندات قاطعة من شأنها حسم النزاع لصالحه ولو كان قد اطلع عليها أو علم مضمونها ما رفع دعواه، وهو ما ينطوي على وسيلة غش وخديعة سعى بها من توافرت لديه إلى تكبيد خصمه مصاريف كان يمكنه تفاديها لو أحاطه الخصم الآخر بها، وقد أراد المشرع رد ذلك إلى من سعى إليه فنص في المادة (185) على إلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى أو مضمون تلك المستندات، ولا تثريب على المحكمة إن هي ألزمته المصاريف كلها.
مثال ذلك أن يتنازع الوارث وآخر أحد عقارات التركة ثم يرفع الوارث دعوی ضد خصمه باستحقاق عقار النزاع ويدفعها الأخير بعقد بیع صادر له من المورث وهو ما يحاج به الوارث، فتقضي المحكمة برفض الدعوى ولكنها تلزم المدعى عليه المصاريف لتركه الوارث على جهل بعقد البيع الصادر من مورثه باعتباره مستند قاطعاً في الدعوى.
وحتى تقضي المحكمة بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف في هذه الحالة، يجب أن يثبت لديها تنازع الخصمان قبل رفع الدعوى على عقار النزاع ومواجهة كل منهما للآخر سواء بالإنذارات أو بتحرير محاضر بشأن هذا العقار، بل يكفي أن يكون الوارث قد أنذر خصمه باستحقاق التركة للعقار، إذ في هذه الحالة يتعين على الأخير إحاطته بالعقد سند حيازته.
أما إن لم ينشأ نزاع سابق على رفع الدعوى على نحو ما تقدم، ولم يوجه الوارث إنذاراً، وإنما رفع دعواه، فدفعها المدعى عليه بما لديه من مستندات، قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصاريف لانتفاء المواجهة السابقة على رفع الدعوى وتوافر حسن النية لدى المدعى عليه إذ لو علم بعزم المدعى لواجهه بما لديه من مستندات وما كان أمامه بعد رفع الدعوى إلا ما دافع به.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الرابع/ الصفحة 728)
الأصل أن خاسر الدعوى يلزم بمصاريفها وتلك هي القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 184 مرافعات غير أن المشرع استثنى من هذه القاعدة العامة الحالات التي أوردها في المادة 185 وهي (1) إذا كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه ففي هذه الحالة يجوز للمحكمة أن تحكم بإلزام المحكوم له بالمصاريف كلها أو بعضها لأنه لم تكن هناك ضرورة لإقامة الدعوى ودفع مصاريف وإنما يتعين أن يكون التسليم سابقاً على رفع الدعوى فلا يعتد بالتسليم بالحق إذا جاء وليد رفع الدعوى به .
إذا كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة فيها ففي هذه الحالة يكون للمحكمة أن تحكم عليه بها.
إذا كان المحكوم له قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات فإذا تبين للمحكمة أن المحكوم عليه لو اطلع عليها أو علم بأمر هذه المستندات لما نازع المدعي في دعواه، فإنه يكون لها أن تحكم بإلزام المحكوم له في هذه الحالة بمصاريف الدعوى كلها أو بعضها. ( مرافعات العشماوي الجزء الثاني ص 715).
وجدير بالذكر أنه في حالة ما إذا وقف المحكوم عليه من النزاع موقفاً سلبياً فإنه يتعين إلزامه بالمصروفات إذ أن شرط إعفائه منها هو أن يسلم بالحق قبل رفع الدعوى ونظرها.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الرابع ، الصفحة : 838)
إلزام المحكوم له بالمصاريف في حالات استثنائية:
سبق أن أوضحنا تعليقنا على المادة 184 مرافعات فيما مضى، قاعدة أن خاسر الدعوى يلزم بمصاريفها، وقد استثني المشرع في المادة 185 ۔ محل التعليق حالات تحكم فيها المحكمة بإلزام الخصم الذي کسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها وهذه الحالات هي:
الحالة الأولى: إذا كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه: فأساس التقاضي هو حصول نزاع في الحق المدعى به، فإذا كان الحق مسلماً به ممن وجهت إليه الدعوى فغرم التداعي يقع على من وجهها (نقض 3/ 2/ 1938 ، القضية رقم 81 لسنة 7 ق، نقض 11/ 5/ 1944، رقم 120 ، لسنة 13 ق، نقض 25/ 11/ 1954، القضية رقم 358 لسنة 21 ق، أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 56 ص 139 وص 140).
ففي حالة تسليم المحكوم عليه بالحق فليس هناك مبرر لإقامة الدعوى ودفعه لمصاريفها وإنما يسأل عن ذلك رافعها، ولكن يتعين أن يكون التسليم بالحق سابقاً على رفع الدعوى، ونظرها، فلا محل لتطبيق النص إذا جاء التسليم وليد رفع الدعوى به (نقض 20/ 4/ 1977، في الطعن 15 لسنة 28/ 12/ 1976، في الطعن 380 لسنة 43 ق). ولايكفي وقوف الخصم موقفاً سلبياً دون التسليم بحق المدني، إذ يجب في هذه الحالة إلزامه بالمصاريف (نقض 22/ 3/ 1972، لسنة 22 ص457)، كما أن إيداع المدين الدين أثناء نظر الدعوى لا يعفيه من الحكم عليه بالمصاريف (استئناف إسكندرية 21/ 1/ 1949، المجموعة الرسمية 50 ص 159).
الحالة الثانية: إذا كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة فيها، ففي هذه الحالة يكون للمحكمة أن تحكم عليه بها.
الحالة الثالثة : إذا كان المحكوم له قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات، فإذا تبين للمحكمة أن المحكوم عليه لو اطلع عليها أو علم بأمر هذه المستندات لما نازع المدعى في دعواه، فإنه يكون لها أن تحكم بإلزام المحكوم له في هذه الحالة بمصاريف الدعوى كلها أو بعضها. (محمد و عبد الوهاب العشماوي ج 2 ص 715).
ويلاحظ أن للقاضي أن يحمل من صدر الحكم لصالحه كل مصروفات الدعوى أو بعضها، إذا تبين من ظروف الدعوى وملابساتها، ومما اتخذه المحكوم له من طرق الدفاع فيها أنه هو الذي ينبغي تحميله مصروفاتها كتعويض عن الضرر الذي تسبب فيه للخصم الآخر.
(نقض 8/ 6/ 1944، القضية رقم 39 رقم 44 لسنة 13 و 18 ق، أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 56).
والحكم على من كسب الدعوى بالمصاريف يعد من قبيل التعويض لإساءته استعمال الحق في الالتجاء إلى القضاء، فإذا تعدد المحكوم لهم الدين ألزموا بالمصاريف وجب إلزامهم لها على سبيل التضامن ولو لم يكن هناك تضامن في أصل الالتزام، وذلك عملاً بالمادة 169 مدنی، ولأن حكم الفقرة الثانية من المادة 184، مرافعات قاصر على حالة المحكوم عليهم فلا يسري في هذه الحالة ويذهب رأي إلى عدم جواز إلزام المحكوم له بالمصاريف بناء على طلب المحكوم عليه الذي يتعين عليه إثبات خطأ الأول (أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 55).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثالث، الصفحة : 1097 )