loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- لما كان نص المادة 186من قانون المرافعات صريح فى أن الأمر بالنسبة لمصاريف الدعوى - فى حالة ما إذ أخفق كل من الخصمين فى بعض الطلبات - جوازى متروك تقديره للمحكمة فلها أن تلزم كل خصم ما دفعه من مصاريف الدعوى أو تقسيمها بينهما على أساس تراه أو تحكم بها جميعاً على أحدهما .

(الطعن رقم 634 لسنة 61 جلسة 1995/07/06 س 46 ع 2 ص 952 ق 187)

2- الحكم بالمصاريف لا يستند إلى طلبات الخصوم أو قيام تضامن بينهم وإستقلال كل منهم عن الآخر إنما تقضى به المحكمة طبقاً للقواعد القانونية التى نصت عليها المواد 184 وما بعدها من قانون المرافعات أم االتقدير فإنه يصدر من رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم بأمر على عريضة قيد بها صاحب المصلحة فى ذلك وإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعنين بالمصاريف لأنهم خسروا الطعن بالإستئناف فهذا حسبه دون أن يكون لزاماً عليه أن يحدد نصيب كل محكوم عليه.

(الطعن رقم 822 لسنة 56 جلسة 1991/01/23 س 42 ع 1 ص 279 ق 47)

3- أوجب المشرع على المحكمة عند إصدارها الحكم المنهى للخصومة أن تفصل فى مصاريف الدعوى طبقاً للقواعد التى نصت عليها المادة 184 و ما بعدها من قانون المرافعات و تقدرها فى الحكم إن أمكن و إلا قدرها رئيس الهيئة بأمر على عريضة يقدمها إليه صاحب الشأن ، هذا الأمر - و على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدنية و التجارية - يعد مكملا للحكم فى هذا الخصوص مما يتعين معه إلتزام ما خلصت إليه المحكمة فى حكمها فى شأن الإلتزام بمصروفات الدعوى.

(الطعن رقم 417 لسنة 51 جلسة 1985/01/30 س 36 ع 1 ص 180 ق 43)

4- لما كان لمحكمة الموضوع و على ما جرى به نص المادة 186 من قانون المرافعات أن تلزم أياً من الخصوم مصاريف كلها رغم القضاء له ببعض طلباته فإن النعى على الحكم - إلزامه الطاعنين بكامل المصاريف - يكون جدلاً فى السلطة الموكولة لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض و من ثم غير مقبول .

(الطعن رقم 366 لسنة 50 جلسة 1984/11/29 س 35 ع 2 ص 1958 ق 372)

5- النص فى المادة 186 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يدل على أن الأمر بالنسبة لمصاريف الدعوى جوازى متروك تقديره للمحكمة إذا أخفق كل من الخصمين فى بعض الطلبات ، فلها أن تلزم كل خصم ما دفعه من مصروفات الدعوى أو تقسمها بينهما على أى أساس تراه أو تحكم بها جميعاً على أحدهما ، إلا أنه لا يكفى حتى يكون الحكم صحيحاً أن يكون للمحكمة حق إلزام أحد الخصمين بالمصاريف و إنما العبرة بما أسست المحكمة قضائها عليه ، لما كان ذلك و كان حكم محكمة الدرجة الأولى قد إستند فى إلزام الطاعن بالمصروفات إلى نص المادة 184 من قانون المرافعات أنه كسب جانباً من طلباته ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، و إذ أيده الحكم المطعون فيه دون أن يرد على ما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص ، فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى القانون قاصر البيان .

(الطعن رقم 601 لسنة 46 جلسة 1979/12/18 س 30 ع 3 ص 304 ق 394)

6- دفع الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، بالإضافة إلى طلبها إرجاء قياس مساحة العقار المبيع إلى وقت لاحق للحكم بصحة و نفاذ عقد البيع بمعرفة شخص معين حددته ، كاف للقول بأنها لم تسلم بالحق المدعى به - صحة التعاقد - قبل رفع الدعوى و لعدم إعمال ما نصت عليه المادة 185 من قانون المرافعات فى هذا الشأن و من ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم الإبتدائى فيما قضى به من إلزامها بالمصروفات بناء على أنها نازعت المطعون ضده أمام محكمة أول درجة ، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه وتأويله .

(الطعن رقم 15 لسنة 43 جلسة 1977/04/20 س 28 ع 1 ص 1000 ق 171)

7- إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعن بما يخصه من مصروفات الدعوى المرفوعة من المطعون عليهما بصحة ونفاذ عقد البيع على أنه لم يبادر إلى الحضور أمام محكمة أول درجة بعد أن رفعت عليه الدعوى للموافقة على طلبات المطعون عليهما وإنما انتظرا إلى أن فصل فيها مما مفاده أن المحكمة اعتبرت أن الطاعن قد تخلف عن تنفيذ التزامه فحملته بالمصروفات، كما أن الحكم أحال فى هذا الخصوص إلى أسباب الحكم الابتدائي ويبين منها أن المحكمة حملت الطاعن وورثة البائع الآخر مصروفات الدعوى عملاً بنص المادة 357/ 1 من قانون المرافعات السابق ومقتضاها أنه يحكم بمصروفات الدعوى على من خسرها ولما كانت هذه الدعامة تكفي لحمل الحكم فى قضائه بإلزام الطاعن بما يخصه فى مصروفات الدعوى ، فإن النعي بخطأ الحكم لاستناده إلى أن الطاعن امتنع عن التوقيع على العقد النهائي رغم إنذاره يكون غير منتج .

(الطعن رقم 581 لسنة 39 جلسة 1975/02/25 س 26 ع 1 ص 475 ق 96)

8- المقرر قى قضاء هذه المحكمة، أن النص فى الفقرتين الأولى والثانية من المادة الرابعة عشر من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية على أن "يلزم المدعى بأداء الرسوم المستحقة عند تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب كما يلزم بأداء ما يستحق عنها من رسوم أثناء نظرها وحتى تاريخ قفل باب المرافعة فيها. وتصبح الرسوم التزاما على الطرف الذى ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى، وتتم تسويتها على هذا الأساس ..."، وفي المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه "يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذى تنتهى به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها فى مصاريف الدعوى ..." وفى المادة 186 من ذات القانون على أنه "إذا أخفق كل من الخصمين فى بعض الطلبات جاز الحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف أو بتقسيم المصاريف بينهما على حسب ما تقدره المحكمة فى حكمها، كما يجوز لها أن تحكم بها جميعها على أحدهما."، تدل تلك النصوص على أن المدعى يلزم بأداء الرسوم القضائية ابتداء عند تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب، على أن يتم تسوية الرسوم القضائية المستحقة على الطرف الذى ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى، وأن المحكمة التى أنهت النزاع وحدها دون غيرها هى من تحدد الخصم الملزم بمصاريف الدعوى أو بعضها حتى ولو كان محكوما له، ولا يكون من بعد لرئيس المحكمة أو القاضى الآمر بتقدير الرسوم القضائية بحسب الأحوال، أو المحكمة التى تنظر المنازعة الناشئة عن هذا التقدير سوى الفصل فى أن الخصم الذى وجه إليه أمر تقدير الرسوم القضائية هو ذاته الخصم الذى حدده الحكم أساس التقدير، وأن تقدير الرسوم متفقاً مع القواعد التى حددها القانون.

(الطعن رقم 16254 لسنة 86 ق - جلسة 28 /3/ 2023)

شرح خبراء القانون

إذا كان كل من المدعي والمدعى عليه قد خسر القضية جزئياً فعندئذ يكون للمحكمة السلطة التقديرية الكاملة في أن تحمل أحدهما بجميع المصاريف أو أن تحمل كلا منهما بجزء منها وهي في تحديد هذا الجزء تتمتع بسلطة تقدير كاملة، فلها أن تقرر أن كل خصم يتحمل ما دفعه من مصاريف أو تقرر أن خصماً يتحمل ما دفعه وجزءاً مما دفعه خصمه. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني، الصفحة : 440)

أن المصاريف القضائية تتكون من عناصر تتمثل في الرسوم التي يحصلها قلم الكتاب لصالح الخزانة العامة ومصاريف الخبراء وانتقال الشهود وأجور الحراس ونفقات إعلان الأوراق القضائية واستخراج الصور الرسمية المتضمنة دليلاً فى الدعوى، وهذه المصاريف والأجور والنفقات إذا تكبدها المحكوم له بتحقق أسبابها، فإنه يرجع بها مع باقي العناصر على المحكوم عليه بموجب أمر تقدير وفقاً لنص المادة (189) أما العنصر الأخير فإنه يتمثل في أتعاب المحاماة وتقدره المحكمة بحكمها ويحصله قلم الكتاب لحساب نقابة المحامين.

ومتی صدر الحكم الابتدائي الذي تنتهي به الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى فإنه يلزم المحكوم عليه المصاريف كلها أو بعضها أو بالمناسب منها وفقاً لما تضمنه المنطوق والتزاماً بالقواعد المقررة في المواد (184 ) وما بعدها.

فإذا تضمن المنطوق إلزام المحكوم عليه بالمصاريف دون أن يورد قیداً عليها، انصرف إلى المصاريف كلها، أما إذا تضمن تحديداً لما يتحمله كل خصم منها، وجب الالتزام بذلك فقد يقضي بإلزام المحكوم عليه بثلاثة أرباع المصاريف، وحينئذ يتحمل المحكوم له الربع الباقي دون حاجة للنص عليه في المنطوق. وفي هذه الحالة، يرجع قلم الكتاب ويعد صيرورة الحكم نهائياً بكامل الرسم المستحق عن قيمة الحق المحكوم به على المحكوم عليه وهو المدعى عليه، فإن كانت تلك القيمة تجاوز ألف جنيه وحكم بما يجاوز هذه القيمة، رجع قلم الكتاب بالرسوم المستحقة عن المحكوم به فيما يتجاوز الألف جنيه الأولى، إذ سبق له تحصيل الرسوم المستحقة عن الألف الأولى عند تقديم صحيفة الدعوى، ويسوى الرسم على هذا الأساس بالنظر إلى قيمة الحق التي حكم بها دون اعتداد بالقيمة التي قدرت بها الدعوى عند رفعها، كما يقوم بتحصيل المبلغ الذي قدرته المحكمة مقابلاً لأتعاب المحاماة كاملاً، فإن كانت قيمة الدعوى عند رفعها أربعة آلاف جنيه حسب قلم الكتاب الرسوم المستحقة عن هذا المبلغ ولكنه لا يحصل منها عند تقديم صحيفة الدعوى إلا الرسم المستحق عن الألف الأولى، ثم يقوم عند صدور الحكم بتسوية الرسم على أساس ما حكم به ویرجع بما تسفر عنه التسوية بعد استنزال ما سبق له تحصيله، فإذا حكم بما قيمته ثلاثة آلاف جنيه، فإن الرسم يسوى على أساس تلك القيمة وليس على أساس أربعة آلاف جنيه، فيستحق لقلم الكتاب رسماً عن ألفي جنيه إذ سبق له تحصيل المستحق عن الألف الثالثة، كما يحصل المبلغ الذي حددته المحكمة مقابلاً لأتعاب المحاماة، أما باقي عناصر المصاريف، فإن كان المدعي تكبد شيئاً منها فإنه يتربص حتى يصبح الحكم نهائياً، ثم يتقدم بعريضة إلى رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم لتقدير المصاريف التي يجوز له الرجوع بها على المحكوم عليه، وحينئذ يلتزم رئيس الهيئة عند تقدير هذه المصاريف بما جاء بمنطوق الحكم فيما يتعلق بالإلزام بالمصاريف ولما كان الحكم، وفقاً للفرض سالف البيان، قد ألزم المحكوم عليه بثلاثة أرباع المصاريف، ومن ثم يجب على رئيس الهيئة الالتزام بذلك عند تقدير المصاريف التي يستحقها المدعي، فإن كان المدعي قد ضمن عريضته الرسوم التي حصلها منه قلم الكتاب ومبلغ أتعاب المحاماة ومقدار ما تكبده بالنسبة لباقي عناصر المصاريف، وقدم الأدلة على سداده لها، فإن رئيس الهيئة لا يقدر له منها إلا النسبة التي ألزم الحكم بها المحكوم عليه، وهي ثلاثة أرباعها فقط، ومتى صدر أمر التقدير على هذا النحو، رجع المدعى بموجبه على المدعى عليه وفقاً للمادة (189).

وفي المثال المتقدم، وقد طلب المدعي ما قيمته أربعة آلاف جنيه، وطلب المدعى عليه رفض الدعوى، وإذ قضت المحكمة بإلزام الأخير بما قيمته ثلاثة آلاف جنيه كان لها بدلاً من تحديد ما يلتزم به کل خصم من المصاريف، أن تقضي بإلزام المدعى عليه المناسب من المصاريف، أي ما يتناسب مع ما قضى به بالنسبة لقيمة الطلب الذي رفعت به الدعوى وهو أربعة آلاف جنيه، وحينئذ يكون ملزماً بما يتناسب من المصاريف مع ثلاثة آلاف جنيه أي ثلاثة أرباع ما تكبده المدعي، ويتم التحصيل والتسوية والرجوع على التفصيل المتقدم.

وللمحكمة، عند إخفاق كل من الخصمين في بعض الطلبات، وبدلاً من تقسيم المصاريف بينهما على نحو ما تقدم، أن تحكم بتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف وتنص في الحكم على ذلك صراحة وقد يستفاد ذلك ضمناً من إغفالها النص على المصاريف، ولا يتعارض القضاء الضمني على هذا النحو مع ما نصت عليه المادة (184) التي أوجبت على المحكمة أن تحكم بالمصاريف على الخصم المحكوم عليه، لعدم تعلق هذا النص بالحالة التي يخفق فيها كل من الخصمين في بعض الطلبات إذ يعتبر كل من الخصمين محكوماً له ومحكوماً عليه وهو ما نظمته المادة (186) .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الخامس / الصفحة 5)

مفاد ما جاء بهذه المادة أنه إذا نجح الخصم في بعض ادعاءاته وفشل في البعض الآخر جاز للمحكمة أن تقضى بالمقاصة في المصاريف ومعنى ذلك أن تحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعة من المصاريف بغير أن يرجع بها علي خصمه ويجوز للمحكمة أيضاً بدلاً من أن تعمد للمقاصة أن تقسم المصاريف بين الخصمين علي حسب ما تقدره في حكمها وذلك بإلزام من خسر بعض طلباته ثلثي المصاريف أو ربعها مثلاً ويتحمل الخصم الثاني بقيتها وهذه الطريقة في احتساب المصاريف أدق وأعدل من المقاصة إذ يمكن بواسطتها تحميل من خسر الدعوى الجزء المناسب تماماً مع ما حكم عليه به من طلبات ويجوز للمحكمة بدلاً من المقاصة أو التقسيم أن تحكم بالمصاريف كلها على أحدهما. (مرافعات العشماوى الجزء الثاني ص 716).

وفي حالة ما إذا أخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات ورأت المحكمة إجراء المقاصة في المصاريف فإنها تأمر أيضاً بإجراء المقاصة في أتعاب المحاماة، وكذلك الشأن إذا تصالح الخصوم في الدعوى ونزل كل منهما عن جزء من حقه فإنه يجوز لها أن تقضي بإجراء المقاصة في أتعاب المحاماة مادام أنها انتهت إلي إجراء المقاصة في المصاريف.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الرابع ، الصفحة : 843)

حالة إخفاق كل من الخصمين في بعض الطلبات:

وفقاً للمادة 186 مرافعات  محل التعليق  إذا فشل الخصم في بعض الطلبات أي خسرها، وفي نفس الوقت كسب بعض الطلبات، فإنه يجوز للمحكمة أن تقضى بالمقاصة في المصاريف أي تحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف بغير أن يرجع بها على خصمه، ويجوز للمحكمة أيضاً بدلاً من أن تعمد للمقاصة أن تقسم المصاريف بين الخصمين على حسب ما تقدره في حكمها، وذلك بإلزام من خسر بعض طلباته ثلثي المصاريف أو ربعها مثلاً، ويتحمل الخصم الثاني بقيتها، وهذه الطريقة في احتساب المصاريف أدق وأعدل من المقاصة إذ يمكن بواسطتها تحميل من خسر الدعوى الجزء المناسب تماماً مع ما حكم عليه به من طلبات ويجوز للمحكمة بدلاً من المقاصة او التقسيم أن تحكم بالمصاريف كلها على أحدهما (محمد وعبدالوهاب العشماوي جـ 2 ص 716).

وفي حالة ما إذا أخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات، ورأت المحكمة إجراء المقاصة في المصاريف فإنها تأمر أيضاً بإجراء المقاصة في أتعاب المحاماة، وكذلك الشأن إذا تصالح الخصوم في الدعوى، ونزل كل منهما عن جزء من حقه فإنه يجوز لها أن تقضي بإجراء المقاصة في أتعاب المحاماة ما دام أنها انتهت إلى إجراء المقاصة في المصاريف الديناصوري وعكاز  ص 957)، ذلك إعمالاً للمادة 186، محل التعليق .

 مصروفات دعوى صحة التوقيع:

أجازت المادة 45 من قانون الإثبات لكل متمسك بورقة عرفية أن يرفع دعوى تحقيق الخطوط الأصلية، وهي ما يطلق عليها دعوى صحة التوقيع بدون أن تكون هناك دعوى متعلقة بأصل الحق، وقبل حلول أجل الدين، وهنا يثور التساؤل عن الملزم بمصروفاتها؟.

ويمكن تصور أربعة فروض في هذه الحالة: الفرض الأول: أن يحضر المدعى عليه أمام المحكمة، ويقر بصحة توقيعه وهذا لا جدال في إلزام المدعى بمصاريفها عملاً بالمادة 185 مرافعات، لأنه هو الذي رفعها قبل حلول أجل الحق، ودون معارضة من المدعى عليه، وبالتالي فهو الذي تسبب في إنفاق مصاريفها، والفرض الثاني أن يحضر المدعى عليه ويلوذ بالصمت، وفي هذه الحالة أيضاً يلزم المدعي بالمصاريف كالفرض السابق، والفرض الثالث أن يحضر المدعى عليه، ويطعن على العقد بالإنكار أو التزوير فإن أخفق في طعنه الزم بالمصاريف والغرامة التي نص عليها القانون، وإن أفلح الزم المدعي المصاريف، أما الفرض الرابع فهو إلا يحضر المدعى عليه، وقد اختلفت المحاكم في هذا الصدد فذهبت بعض المحاكم إلى أنها دعوى تحفظية، وأن المدعي هو الذي بادر برفعها قبل أوانها، وعدم حضور المدعى عليه لا يعني معارضته، ومن ثم فإن المدعي هو الذي تسبب في إنفاق مصاريفها، وبالتالي فهو الذي يلزم بها عملاً بالمادة 185 مرافعات، بينما اتجهت محاكم اخرى إلى أن المدعى عليه، وقد نكل عن الحضور أمام المحكمة فإنه يلزم بمصاريفها عملاً بالمادة 184 مرافعات، إذ يعتبر أنه قد خسرها، لأن المدعي، وقد رفع دعواه قبل حلول أجل الدين أو الحق فإنه استعمل رخصة خولها له القانون فكان يتعين على المدعى عليه أن يحضر أمام المحكمة حتى لا يلزم بمصاريفها أما ولم يحضر فإنه يجب إلزامه بالمصاريف. (الديناصوري . وعكاز ص 961).

 مصاريف دعوى صحة التعاقد :

لا شك في أن مصاريف دعوى صحة التعاقد تخضع للقواعد سالفة الذكر، ولكن لوحظ في العمل القضائي أن بعض الأحكام جرت على أنه إذا رفع المشترى دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع على البائع، ولم يحضر الأخير أو حضر، ولم يبد دفاعاً فإنه تحكم بصحة العقد غير أنها تلزم المشتري في هذه الحالة بالمصاريف، وتقيم قضاءها على أنه لم يقم دليل على أن المدعى عليه (البائع) تخلف عن الوفاء بالتزامه، غير أن هذا الحكم غير سديد في صحيح القانون، ذلك أنه إذا أراد البائع أن يبريء ذمته بنقل الملكية، والتوقيع على العقد النهائي تعين عليه أو يوجه إنذاراً للمشتري من وقت إعلانه بصحيفة الدعوى ينبه عليه فيه أنه لم يتأخر عن الوفاء بالتزامه، وأنه على استعداد للوفاء به، ويسجل على المشتري تقصيره في تجهيز العقد النهائي بدليل أنه لم ينبه عليه بالتوقيع عليه أو يحدد له أجلاً لذلك.

وإذا رفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ العقد والتعويض، ومن ناحية أخرى طلب البائع رفض الدعوى بشقيها، وأقام دعوى فرعية بالفسخ، وقضت المحكمة بصحة ونفاذ العقد، ويرفض طلب التعويض وطلب الفسخ ففي هذه الحالة فإن المشتري يكون قد أخفق في طلب التعويض، ويكون البائع قد أخفق في طلب الفسخ ونجح المشترى في طلب صحة التعاقد ونجح البائع في طلبه برفض التعويض فإنه يجوز للمحكمة أيضاً بدلاً من أن تعمد للمقاصة أن تقسم المصاريف بين الخصمين على حسب ما تقدره في حكمها، وذلك بإلزام من خسر بعض طلباته ثلثي المصاريف أو ربعها مثلاً، وتحمل الخصم الثاني باقيها، وهذه الطريقة في احتساب المصاريف أدق وأعدل من المقاصة إذ يمكن بواسطتها تحميل من خسر الدعوى الجزء المناسب تماماً مع ما حكم عليه به من طلبات، وكل ذلك ما هو إلا إعمالاً لنص المادة 186 مرافعات. (الديناصوري وعكاز  ص 960، وانظر أحكام النقض التي سوف نشير إليها عقب انتهاء التعليق على هذه المادة).

 المصاريف الفعلية في دعوى الإخلاء إذا سدد المستأجر الأجرة:

نصت المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981، على أنه لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من تكاليف ونفقات فعلية، ومؤدى هذه المادة أنه إذا رفع المؤجر الدعوى بالإخلاء أمام المحكمة لعدم سداد الأجرة فحضر المستأجر، وسدد الأجرة ومعها المصاريف الفعلية قضت المحكمة برفض الدعوى، ولكن الجدل ثار بشأن تفسير عبارة المصاريف الفعلية، ومن الذي يقدرها، وهل يستقل بتقديرها المدعي، أم أن ذلك أمر متروك للمحكمة، وكيف تقدرها وهل يجوز لها أن تقدرها قبل أن تقضي في الدعوى، فقد حدث أمام إحدى المحاكم أن حضر المستاجره في دعوى إخلاء، ودفع الأجرة المتأخرة ورسوم الدعوى وطلب رفض الدعوى إلا أن المؤجر رفض قبول هذا المبلغ بدعوى أنه ينقصه أتعاب المحاماة، وأبرز عقد الوكالة الذي أبرمه مع محاميه لمباشرة الدعوى متضمناً مقدم أتعابه بمبلغ ألف جنيه، وتمسك بطلب الإخلاء إلا إذا أوفي المستأجر هذا المبلغ على سند من أنها مصاريف فعلية، إذ ما كان يستطيع أن يرفع دعواه بغير محام، وبالتالي فإن من حقه أن يتقاضاها فنازع المستأجر في أحقية المؤجر في هذا المبلغ محتجاً بأن العقد لا حجية له عليه، وأن الأتعاب التي وردت به مغالى فيها، وأبدى استعداده لدفع مبلغ خمسين جنيها، فرفض المؤجر العرض فأودع المستأجر هذا المبلغ خزانة المحكمة، وهنا يثور البحث عن حقيقة المصاريف الفعلية.

لا شك في أن أتعاب المحاماة تدخل في مصاريف الدعوى، وبالتالي فإن المستأجر ملزم بها ولا يقدح في ذلك أن المحكمة حينما تصدر حكمها في الدعوى فإنها تقضي بأتعاب المحاماة، إذ إن هذه الأتعاب إنما تؤول إلى نقابة المحامين ولا يستفيد منها المؤجر شيئاً، فضلاً عن أنها لا تمثل الأتعاب الفعلية إذ يجوز للمحكمة أن تقضي بالحد الأدنى للأتعاب التي فرضها القانون، إلا أنه يتعين على المؤجر أن يطلبها صراحة باعتبارها مصاريف فعلية ولا يكفي في ذلك ما ورد في صحيفة الدعوى من إلزام المستأجر المصروفات وأتعاب المحاماة لأن هذه العبارة إنما تنصرف إلى تلك التي نص عليها قانون المرافعات. (الديناصوري وعكاز . ص 961 وص 962).

والمحكمة هي التي تستقل بتقدير المصروفات الفعلية ونص المادة 18 سالفة الذكر لا يسلب القاضی سلطة تقديرها وإنما طلب منه فقط تقديرها أن تتلاءم مع المصاريف التي تحملها المؤجر، وبالتالي فله أن يقدر أتعاب المحاماة التي تحملها المؤجر فعلاً بمبلغ مائتي جنيه، وأن يطرح ما جاء بعقد الوكالة الذي ركن إليه المؤجر، وإذا كان السداد أمام المحكمة الاستئنافية فعليه أن يقدر أتعاب المحاماة عن الدرجتين، سواء كان المحامي الذي باشر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى من نفسه الذي باشرها أمام المحكمة الاستئنافية أم أنه غيره.

وبناء على ذلك فإن المحكمة تقضي في النزاع الماثل بالإخلاء مادام أنها رأت أن مقابل أتعاب المحاماة الذي أودعه المستأجر لا يمثل المصاريف الفعلية، لذلك فإن الأجدر بالمستأجر الحريص أن يدقق النظر في قيمة المبلغ الذي يودعه على ذمة أتعاب المحاماة حتى لا يجد نفسه مطروداً من المسكن بسبب مبلغ بسيط يمثل الفرق بين ما أودعه وما قدرته المحكمة لها، خصوصاً إذا كان الإيداع أمام محكمة الدرجة الثانية.

ويعتبر نص المادة 18 من القانون رقم 36 لسنة 1981 خروجاً على الأصل المنصوص عليه في المواد 184، 185، 186 من قانون المرافعات إذ لم يشترط المشرع فيها على المحكمة أن تقضى بالمصاريف الفعلية على الزم بالمصاريف، بل ترك لها مطلق الحرية في تقديرها دون قيد وأجاز لها أن تقضى بالحد الأدنى لأتعاب المحاماة مع أنها تعلم يقيناً أن الخصم تكبد أضعافاً مضاعفة لما قدرته. (الديناصوري وعكاز  ص 962) .

وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأن شرط توقي المستأجر المتخلف عن سداد الأجرة الحكم بإخلائه هو سداد الأجرة المستحقة حتى قبل قفل باب المرافعة وما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية، مادة 11 قانون رقم 49 لسنة 1977، وأن المصاريف الرسمية المنصوص عليها في المادة 184 مرافعات لا تمثل المصاريف الفعلية.

(نقض 10/ 11/ 1987، طعن رقم 693 لسنة 50 قضائية).

 مصروفات دعوى القسمة ومصاريف دعوى التصفية:

من المقرر أن قسمة المال الشائع هو أمر حث عليه الشارع حرصاً على مصالح الشركاء المشتاعين، ومن ثم فإن مصاريفها بتحملها جميع الشركاء سواء من رفعها أو من رفعت عليه وسواء من نازع فيها أو من وافق على إجراء القسمة كل بقدر نصيبه في المال الشائع لأن جميع الشركاء يستفيدون منها.

ومن المقرر وفقاً لقواعد القانون المدني أن دعوى التصفية هي نوع من أنواع قسمة المال الشائع وتتم لصالح جميع الشركاء، ومن ثم يسري عليها ما يسرى على دعوى القسمة.

 مصاريف دعوى الحراسة القضائية على المال المتنازع عليه:

لا جدال في أن دعوى فرض الحراسة تهدف إلى حفظ المال المتنازع عليه لحين ثبوت الحق فيه، فإذا قضي بفرض الحراسة فإن مصاريفها لا يلزم بها أحد من الخصوم سواء من رفعها أو من طلب رفضها أو من وافق عليها، وإنما تضاف إلى عاتق الحراسة، أما في حالة رفضها فإن رافعها هو الذي يلزم بمصاريفها. (الديناصوري وعكاز  ص 1827) .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثالث  ، الصفحة : 1102)