loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

أوامر الاداء :

تعميماً للفائدة التي حققها نجاح نظام أوامر الأداء رأی المشروع التوسع في هذا النظام فلم يقصره على ديون النقود بل اطلق الأخذ به اذا كان المطلوب منقولات مثلية أو تسليم منقول قیمي وذلك متى توافرت شروط استصدار الأمر بالأداء من ثبوت الحق بالكتابة وتعيين المقدار وحلول الأداء (المادة 201 من المشروع) .

عندما اخذ المشرع المصرى لأول مرة في سنة 1949 بنظام أوامر الأداء أخذ به بحذر وفي حدود ضيقة ذلك أنه رغم مزاياه لم يكن نظاما مالوفا للتقاضي ولهذا جعل ولوجه جوازياً وقصره على الديون النقدية الصغيرة وعندما بدأ العمل بالف هذا النظام وتبين فوائده تدخل المشرع بالقانون رقم 265 لسنة 1953 والقانون رقم 485 لسنة 1953 على التوالى ليجعله نظاماً وجوبياً وليعممه على كافة ديون النقود متى توافرت الشروط التي بينها القانون وقد أدى هذا الوجوب والتعميم الى نجاح كبير لهذا النظام فقد دلت الاحصاءات أن الغالبية العظمى من طلبات أوامر الاداء قد قبلت وانه لم يعارض في اوامر الاداء الا بنسبة ضئيلة وأن معظم هذه المعارضة قد رفض وبهذا أدى النظام إلى عدم تكدس الجلسات بقضايا لم تكن هناك ضرورة تستوجب عرضها على المحاكم لوضوحها وخلوها من النزاع الجدي هذا فضلا عن حصول الغالبية الكبرى من الدائنين بديون النقود الثابتة بالكتابة على حقوقهم في وقت قصير .

وقد حدا هذا النجاح بالمشروع إلى التوسع في المادة 201 منه في نظام أوامر الاداء فلم يقصره على ديون النقود بل جعله شاملا للدين الذي محله منقولات مثلية ای منقولات مثلية أي منقولات معينة بنوعها او محله طلب تسلم منقول قیمی ای منقول معين بذاته وذلك إذا توافرت علة وجود النظام وهی ثبوت الحق بالكتابة وتعيين المقدار مع حلول الأداء وبمقتضى هذا التوسع يستطيع من تعاقد على شراء سيارة معينة أو بضاعة معينة أن يستصدر امر أداء بتسلم السيارة او البضاعة متى توافرت شروط امر الاداء وقد اقتبس المشروع هذا التوسع عن المادة 633 من مجموعة المرافعات الايطالية الحديثة وهو توسع يعرفه الى بعض مداه بعض التشريعات الأجنبية الأخرى غير القانون الإيطالي كالتشريع النمساوي مادة 1 من قانون 27 أبريل سنة 1873 والتشريع الألمانی (مادة 688 من تنظيم المرافعات الألمانی) .

كما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992:

حقق نظام أوامر الأداء نجاحاً كبيراً منذ صار نظاماً واجب الإتباع في الحالات التي أوجب القانون إتباعه فيها، حيث تدل الإحصائيات على أن الغالبية العظمى من طلبات أوامر الأداء قد قبلت ولم يتم التظلم منها أمام المحكمة إلا في نسبة ضئيلة كما أن نسبة الأحكام الصادرة في هذه التظلمات بإلغاء الأمر كانت قليلة، ولا شك أن هذا النجاح ترتب عليه سرعة البت في المنازعات وعدم تكدس الجلسات بقضايا لم تكن هناك ضرورة تستوجب عرضها على المحاكم، مما أدى إلى تخفيف العبء عن القضاة، لذلك أتجه المشروع إلى التوسع في الحالات التي يتبع فيها نظام أوامر الأداء بحيث تشمل بجانب الديون التي يكون محلها مبالغ نقدية أو تسليم المنقول المعين بنوعه (المثليات) طلب تسليم المنقول المعين بذاته أيضاً متى توافرت فيه شروط إصدار الأمر فنصت المادة الثانية من المشروع على تعديل الفقرة الأولى من المادة (201) من قانون المرافعات بإضافة المنقول المعين بذاته إلى الحالات التي يجوز فيها إستصدار أمر بالأداء كطلب تسليم سيارة أو لوحة فنية أو ما شابه ذلك.  

الأحكام

1- مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أن طريق أوامر الأداء هو استثناء القواعد العامة فى رفع الدعاوى ابتداءً فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره وأن قصد المشرع من تعيين مقدار الدين بالسند ألا يكون بحسب الظاهر من عباراته قابلاً للمنازعة فيه , فإذا تخلف شرط من هذه الشروط وجب على الدائن اتباع الطريق العادى فى رفع الدعوى .

(الطعن رقم 303 لسنة 81 جلسة 2013/03/12)

2- إذ كان البنك المطعون ضده قد أقام دعواه استناداً إلى عقدى المرابحة مع الطاعن وما ترتب عليهما من دين بخلاف عوض التأخير الذى يخضع لتقدير قاضى الموضوع , بما يكون الدين غير محدد المقدار ابتداءً , فلا تتوافر فى عقدى المرابحة شروط استصدار أمر الأداء , ومن ثم فإن المطالبة بهذا الدين لا تكون إلا بطريق الدعوى العادية , وإذ قبل الحكم المطعون فيه دعوى المطعون ضده التى أقيمت بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى لا يكون قد خالف القانون , ويضحى النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس .

(الطعن رقم 303 لسنة 81 جلسة 2013/03/12)

3- مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أنه يشترط لسلوك طريق استصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود وثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء والمقصود بكونه معين المقدار ألا يكون الحق الظاهر من عبارات الورقة قابلاً للمنازعة فيه فى ميعاد استحقاقه أو فى مقداره بأن يكون قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة فى التقدير .

(الطعن رقم 4167 لسنة 68 جلسة 2010/11/22 س 61 ص 922 ق 155)

4- مفاد النص فى المادة 201 من قانون المرافعات يدل على أنه فى حالة الرجوع على غير من ذكرتهم المادة فى حالة تجارية الورقة تتبع إجراءات الدعوى العادية باعتبار أن طريق أمر الأداء طريق استثنائى فلا يجب اللجوء إليه فى حالة مطالبة غير هؤلاء ولو كان هؤلاء الغير هم ورثة أحد ممن أوجبت المادة الرجوع عليهم باعتبار أن الورثة يعتبرون من الغير فى هذه الحالة .

(الطعن رقم 7954 لسنة 64 جلسة 2005/02/17 س 56 ص 184 ق 32)

5- لما كان البين من عقد الكفالة ومن تقرير الخبير المندوب فى الدعوى أن الطاعن الأول كفيل متضامن مع المدينة الأصلية - الطاعنة الثانية - وأن المطعون ضده استعمل حقه القانوني كدائن فى مطالبتهما معا بالدين المكفول، هذا بالإضافة إلى أن الدفع بالتجريد لا يكون مقبولا من الكفيل غير المتضامن إلا عندما يشرع الدائن فى التنفيذ على أمواله بسند قابل للتنفيذ وليس عند مطالبته بالدين، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ رفض الدفع بعدم قبول الدفع بالتجريد (برفضه الدفع بعدم قبول الدعوى لاختصام الكفيل - الطاعن الأول - مع المدينة الأصلية - الطاعنة الثانية - بالمخالفة لما أوجبته المادتان 201/2 من قانون المرافعات، 788 من القانون المدني من عدم الجمع بين الكفيل والمدين فى كل طلب استصدار أمر الأداء الواحد، ومن عدم الرجوع إلا بعد تجريد المدين الأصلي من أمواله) يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 4614 لسنة 70 جلسة 2002/05/14 س 53 ع 2 ص 653 ق 126)

6- إجراءات استصدار أمر الأداء عند توافر الشروط التي يتطلبها القانون، إجراءات تتعلق بشكل الخصومة، ولا تتصل بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده، ومن ثم فإن القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء، هو فى حقيقته قضاء ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه، بما مؤداه أنه ما لم تتوافر للدعوى شروط قبولها، فإنه يمتنع على القاضي أن يخوض فى موضوع الحق المدعى به أو ما تعلق به من دفوع ودعاوى فرعية، ولا يكون من شأن ما يصدره فى هذا الخصوص من أحكام ترتيب أي أثر كما لا تحوز حجية ما، فلا يمتنع على الخصوم معاودة إثارة ما فصل فيه فى دعوى لاحقة.

(الطعن رقم 955 لسنة 71 جلسة 2002/02/27 س 53 ع 1 ص 332 ق 61)

7- إذ كان الثابت من الأوراق أن الحق موضوع المطالبة يستند إلى إقرار صادر من مورث الطاعنة وباقي المطعون ضدهم من الثانية للأخيرة مستحق للمطعون ضده الأول وبالتالي فهو غير مثبت فى سند يحمل توقيع الطاعنة وباقي المطعون ضدهم المذكورين ومن ثم فلا تتوافر فى هذه المطالبة كامل شروط استصدار أمر الأداء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.

(الطعن رقم 5508 لسنة 70 جلسة 2002/01/13 س 53 ع 1 ص 141 ق 24)

 8- مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أن طريق أمر الأداء هو استثناء من القواعد العامة لرفع الدعوى فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائن ثابتا بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به دينا من النقود معين المقدار أو منقولا معينا بنوعه أو مقداره، وأن قصد المشرع من أن يكون الدين ثابتا بالكتابة أن تكون الورقة مفصحة بذاتها على أن المطلوب استصدار أمر الأداء ضده هو الموقع على الورقة ويلتزم دون غيره بأدائه وقت استحقاقه، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط وجب على الدائن إتباع الطريق العادي لرفع الدعوى.

(الطعن رقم 5508 لسنة 70 جلسة 2002/01/13 س 53 ع 1 ص 141 ق 24)

9- المقصود بكون الالتزام معين المقدار أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة فى التقدير .

(الطعن رقم 3141 لسنة 61 جلسة 1996/12/07 س 47 ع 2 ص 1479 ق 269)

10- الإقرار الصادر من المطعون ضده - سند الدعوى - المتضمن التزامه بسداد المبلغ المطالب به للطاعنة إذا لم يعمل لديها مدة خمس سنوات فور تخرجه لا يعدو أن يكون فى حقيقته تعويضاً اتفاقياً عن الإخلال بالالتزام الوارد بهذا الإقرار فلا تتوافر للمطالبة به شروط استصدار أمر الأداء ويضحى السبيل إليه هو الإلتجاء إلى الطريق العادى لرفع الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائى فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 3141 لسنة 61 جلسة 1996/12/07 س 47 ع 2 ص 1479 ق 269)

11- لما كان الثابت من صحيفة إعلان الإمتناع عن إصدار الأمر بالأداء وتحديد جلسة لنظر الدعوى أن الطاعن قد حدد طلباته فيها ومن بينها طلب إلزام المطعون عليه بأن يؤدى له الفوائد التعويضية مقابل إنتفاعه دون حق بالمبلغ المطالب به وإستغلاله وحرمان الطاعن من إستثماره وذلك بواقع 25 % سنوياً من تاريخ إستحقاق الشيك فى 1984/7/20 وحتى تمام السداد، كما طلب فى مذكرة دفاعه أمام محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الضرر الذى لحقه بسبب ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ إلتفت عن هذا الطلب على ما ذهب إليه من أنه ليس من بين طلبات الطاعن الواردة فى عريضة إستصدار أمر الأداء والتكليف بالحضور وإعتبره غير مطروح فى الدعوى متحجباً بذلك عن بحثه والفصل فيه يكون فضلاً عن مخالفته للثابت بالأوراق معيباً بالقصور فى التسبيب    

(الطعن رقم 3263 لسنة 60 جلسة 1995/04/23 س 46 ع 1 ص 685 ق 136)

12- إذ كان البين من الإقرار المؤرخ 1980/9/15 موضوع النزاع أنه تضمن إقرار الطاعن بأن للمطعون ضده طرفه ألف جنيه التزم بتحرير عدد خمسة شيكات به يكون موعدها تاليا للشيكات الموجودة طرف الدائن - المطعون ضده - على أن يتم تسليمها خلال خمسة أيام من تحرير الإقرار وهو ما مؤداه أن هذه الورقة وإن تضمنت إقرار الطاعنة بالدين غلا أنها حددت سبيل الوفاء به بشيكات خلت من بيان تاريخ إستحقاقها ، فإن هذه الورقة لا تتوافر فيها شروط إستصدار أمر الأداء ومن ثم فإن المطالبة بهذا الدين لا تكون إلا بطريق الدعوى العادية.

(الطعن رقم 3246 لسنة 59 جلسة 1994/01/20 س 45 ع 1 ص 231 ق 49)

13- العريضة التى تقدم لاستصدار امر الأداء هى بديلة ورقة التكليف بالحضور ، وبها تتصل الدعوى بالقضاء , وإذ كان بطلان أمر الأداء لصدوره فى غير حالاته لا يتعلق بالعريضة ذاتها، وكان الطاعن لم ينع أى عيب على هذه العريضة، وكانت محكمة أول درجة قد استنفذت ولايتها بالحكم فى موضوع الدعوى، فإنه يتعين على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقربر بطلان أمر الأداء والحكم الصادر فى التظلم منه بل يجب عليها أن تمضى فى الفصل فى موضوع الدعوى بحكم جديد .

(الطعن رقم 2166 لسنة 62 جلسة 1993/06/14 س 44 ع 2 ص 677 ق 246)

14- مناط . إلتزام الدائن بسلوك طريق أمر الآداء للمطالبة بدينه - و ذلك وفقاً لنص المادة 201 و ما بعدها من قانون المرافعات . و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون كل مطلوب الدائن مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة و معين المقدار و حال الآداء . فإذا كان بعض ما يطالب به لا تتوافر فيه هذه الشروط فإن سبيل المطالبة يكون هو الطريق العادى لرفع الدعوى . و لا يجوز للدائن فى هذه الحالة أن يلجأ . إلى طريق أمر الآداء لأنه إستثناء من القواعد العامة لا يجوز التوسع فيه و كانت طلبات المطعون ضدهم يفتقر بعضها للشروط المشار إليها فإن دعواهم تكون قد رفعت بالطريق القانونى .

(الطعن رقم 922 لسنة 59 جلسة 1990/01/30 س 41 ع 1 ص 339 ق 62)

15- سقوط أمر الأداء لعدم إعلانه للمدين خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره وفق ما نصت عليه المادة 2/205 من قانون المرافعات هو جزاء مقرر لمصلحة المدين وحده و لابد لإعماله من التمسك به ممن شرع الجزاء لمصلحته ، و يسقط الحق فى توقيع الجزاء متى نزل عنه صاحبه صراحة و ضمناً ، و أنه بإعتباره دفعاً شكلياً لابد من التمسك به فى صحيفة التظلم قبل التكلم فى الموضوع أو فى صورة دفع فى الأشكال المقام لوقف إجراءات تنفيذه ، و هذا السقوط لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، لما كان ذلك و كان الحكم المطعون قد خالف هذا النظر و خلص إلى أن الطاعن إستهدف من تعييبه لإعلان أمر الأداء رقم ... لخلو الصورة المعلنة إليه من الصيغة التنفيذية فى الأشكال المرفوع منه لوقف تنفيذه إعتبار ذلك الأمر كأن لم يكن دون أن يثبت له تمسك الطاعن بهذا الدفاع ذلك إن التمسك ببطلان إعلان أمر الأداء ، لا يفيد فى حد ذاته التمسك بسقوط ذلك الأمر ، و إذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى رفضه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 888 لسنة 52 جلسة 1983/11/10 س 34 ع 2 ص 1574 ق 308)

16- أوامر الأداء و إن كانت تصدر بطريقة تختلف عن الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى و تشتبه بطريقة إستصدار الأوامر على العرائض - إلا أنها تصدر بموجب السلطة القضائية للقاضى لا الولائية و لها ما للأحكام من قوة .

(الطعن رقم 888 لسنة 52 جلسة 1983/11/10 س 34 ع 2 ص 1574 ق 308)

17- لما كان المشرع بعد أن أورد القاعدة العامة فى رفع الدعاوى بما نص عليه فى المادة 1/63 من قانون المرافعات من أن " ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك " قد أوجب إستثناء من هذا الأصل على الدائن بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة و حال الأداء و معين المقدار أن يستصدر من القاضى المختص بناء على عريضة تقدم إليه من الدائن أو وكيله أمراً بأداء دينه وفق نص المواد 201 و ما بعدها من قانون المرافعات فإن المشرع يكون بذلك قد حدد الوسيلة التى يتعين على الدائن أن يسلكها فى المطالبة بدينه متى توافرت فيه الشروط التى يتطلبها القانون على النحو السالف بيانه و هى الإلتجاء إلى القاضى لإستصدار أمر الأداء و ذلك عن طريق إتباع الأوضاع و القواعد المبينة بالمواد 201 و ما بعدها من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 1013 لسنة 48 جلسة 1981/11/29 س 32 ع 2 ص 2156 ق 392)

18- إجراءات إستصدار أمر الأداء عند توافر الشروط التى يتطلبها القانون إجراءات تتعلق بشكل الخصومة و لا تتصل بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده ، و من ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط إستصدار أمر الأداء هو فى حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التى فرضها القانون لإقتضاء دينه ، و بالتالى يكون هذا الدفع موجهاً إلى إجراءات الخصومة و شكلها و كيفية توجيهها - و بهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية و ليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 1/115 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 1013 لسنة 48 جلسة 1981/11/29 س 32 ع 2 ص 2156 ق 392)

19- المقصود من الدفع بعدم القبول الذى تعينه المادة 115 مرافعات هو كما صرحت المذكرة الإيضاحية للمادة 142 من قانون المرافعات القديم المقابلة للمادة 115 من القانون الجديد - الدفع الذى يرمى إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى - و هى الصفة و المصلحة و الحق فى رفع الدعوى بإعتبارها حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذى ترفع الدعوى بطلب تقريره كإنعدام الحق فى الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيها أو إنقضاء المدة المحددة من القانون لرفعها - و نحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة و لا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى - فالمقصود إذن هو عدم القبول الموضوعى فلا تنطبق القاعدة الواردة فى المادة 115 مرافعات على الدفع الشكلى الذى يتخذ إسم عدم القبول كما هو الحال فى الدفع المطروح - لأن العبرة هى بحقيقة الدفع و مرماه و ليس بالتسمية التى تطلق عليه .

(الطعن رقم 1013 لسنة 48 جلسة 1981/11/29 س 32 ع 2 ص 2156 ق 392)

20- متى تقرر الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط إستصدار أمر بالأداء هو من الدفوع الشكلية و ليس دفعاً بعدم القبول مما ورد ذكره فى المادة 1/115 سالفة الذكر فإن محكمة أول درجة إذ قضت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على مخالفة الدائن الإجراءات الشكلية التى فرضها المشرع لإقتضاء دينه لا تكون قد إستنفدت ولايتها فى نظر موضوع الدعوى - فإذا إستؤنف حكمها و قضت محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم - فإنه يجب عليها فى هذه الحالة أن تعيد الدعوى إلى المحكمة أول درجة لنظر موضوعها إذ هى لم تقل كلمتها فيه بعد - و لا تملك محكمة الإستئناف التصدى لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك تفويت إحدى درجات التقاضى على الخصوم و إذ خالفت محكمة الإستئناف هذا النظر و تصدت لموضوع الدعوى و فصلت فيه فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون - وباطلاً .

(الطعن رقم 1013 لسنة 48 جلسة 1981/11/29 س 32 ع 2 ص 2156 ق 392)

 21- سلوك سبيل أمر الأداء عند توافر شروطه و إن كان وجوبياً يترتب عليه مخالفتة عدم قبول الدعوى التى ترتفع إبتداء إلى المحكمة بالطريق العادى ، إلا أن الدفع به دفع شكلى يتعلق ببطلان إجرءات الخصومة ، و من ثم متى قبلته محكمة أول درجة فإنها لا تكون قد إستنفذت ولايتها ، بحيث إذا ألغى حكمها فى الإستئناف للفصل فى الموضوع إعتباراً بأن التقاضى على درجتين من المبادىء الأساسية للنظام القضائي ، و يكون حكم محكمة الإستئناف باطلاً إن هى تصدت الموضوع ، و ترتب على تصديها الإخلال بالمبدأ ، و لا يزيل هذا البطلان عدم التمسك أمامها بإعادة القضية لمحكمة أول درجة .

(الطعن رقم 621 لسنة 40 جلسة 1979/03/07 س 30 ع 1 ص 736 ق 135)

22- المستفاد من نص المادة 201 مرافعات أن طريق أوامر الأداء هو إستثناء من القواعد العامة فى رفع الدعاوى إبتداء لا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة و حال الأداء و كان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه و مقداره . و المقصود بكونه معين المقدار ألا يكون الحق الظاهر من عبارات الورقة قابلاً للمنازعة فيه و إذ كان الثابت أن الحق موضوع المطالبة هو باقى ثمن إطارات رسا على الطاعن مزادها و نكل عن تنفيذ إلتزامه بإستلامها فإن الحق لا تتوافر فيه الشروط المتقدمة التى يجب معها إستصدار أمر بأدائه إذ هو غير مثبت بمقداره فى سند كتابى يحمل توقيع الطاعن فضلاً عن أن مثار نزاع منذ البداية حول إستحقاقه و مقداره . و من ثم فلا تكون المطالبة به إلا بطريق الدعوى العادية .

(الطعن رقم 867 لسنة 45 جلسة 1979/01/01 س 30 ع 1 ص 100 ق 31)

23- مفاد نصوص المواد 201 ، 206 /1 ، 207 /1 من قانون المرافعات أن المشرع و أن كان قد إستثنى المطالبة بالديون الثابتة بالكتابة و المتوافر فيها شروط المادة 201 مرافعات من القواعد العامة فى رفع الدعوى إبتداء إلا أنه أخضع التظلم من أوامر الأداء للقواعد و الإجراءات المقررة لصحيفة الدعوى و منها المادة 70 من قانون المرافعات المتعلقة بالجزاء على عدم تكليف المدعى عليه بالحضور فى خلال ثلاثة أشهر من تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم الكتاب .

(الطعن رقم 320 لسنة 47 جلسة 1979/01/01 س 30 ع 1 ص 105 ق 32)

24- إذ كانت المادة 201 من قانون المرافعات تشترط لسلوك طريق إستصدر أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة ومعين المقدار ومقتضى ذلك أن يكون المدين ثابتاً بورقة عليها توقيع المدين ، فإن تخلف هذه الشروط كان سبيل الدائن إلى المطالبة به هو الطريق العادى لرفع الدعاوى  ولما كان نظام أوامر الأداء هو طريق إستثنائى لا يجوز التوسع فيه و كان الحكم سند المطعون عليها فى الدعوى لا يغنى عما يستلزمه القانون من وجود ورقة موقع عليها من المدين فإن النعى على الحكم فيه بالخطأ فى تطبيق القانون لعدم سلوك المطعون عليها طريق إستصدار أمر الأداء يكون فى غير محله .

(الطعن رقم 263 لسنة 45 جلسة 1978/02/23 س 29 ع 1 ص 592 ق 115)

25- مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 201 من قانون المرافعات ، أنه يشترط لسلوك طريق إستصدار أمر الآداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة و معين المقدار حال الآداء ، و مقتضى ذلك أن يكون الدين ثابتاً بورقة عليها توقيع المدين ، و يبين منها أو من أوراق أخرى موقع عليها منه أن الدين حال الأداء و معين المقدار ، فإن لم يكن الدين معين المقدار فى ورقة من هذا القبيل أو لم يكن ما يطالب به الدائن ديناً من النقود معيناً مقداره ، فإن سبيل الدائن إلى المطالبة به يكون هو الطريق العادى لرفع الدعاوى و لا يجوز له فى هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق إستصدار أمر الأداء ، لأنه إستثناء من القواعد العامة فى رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه ، و لا يكون طريقاً إلزامياً عند المطالبة بالحق إبتداء ، و لما كانت فروق الأجرة التى طالب بها المطعون عليه لم تثبت فى ورقة تحمل توقيع الطاعن و لم يتعين مقدارها أو تصبح حالة الأداء إلا عند صدور الحكم على ضوء تقرير أهل الخبرة بتخفيض أجرة شقة النزاع و كان البين من الأوراق أن مطلوب المطعون عليه بمدعاه لم يكن قاصراً على المطالبة بالفروق بل صاحب تحديد الأجرة ، فإن إستلزم إتباع طريق إستصدار الأمر بالأداء بالنسبة للفروق يقوم على غير سند قانونى .

(الطعن رقم 555 لسنة 43 جلسة 1977/04/06 س 28 ع 1 ص 936 ق 160)

26- تشترط المادة 1/201 من قانون المرافعات لسلوك طريق إستصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره ويقتضى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الدين المطالب به ثابتاً بورقة عليها توقيع المدين ويبين منها أو من أوراق أخرى موقع عليها منه أن هذا الدين حال الأداء ومعين المقدار فإن لم يكن الدين معين المقدار - فى ورقة من هذا القبيل - فإن سبيل الدائن فى المطالبة به يكون الطريق العادى لرفع الدعاوى و لا يجوز له فى هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق إستصدار الأمر بالأداء لأنه إستثناء من القواعد العامة فى رفع الدعوى لا يجوز التوسع فيه ، ولما كانت الأوراق التى إستندت إليها المطعون عليها فى إسترداد الثمن الذى دفعته إلى الطاعن الأول بصفته هى عقد البيع الصادر منه إليها وإفادة من بنك مصر تتضمن إستلام الطاعن الأول قيمة شيكين بمبلغى ... و ... و الحكم الذى قضى بإبطال هذا البيع ، لا تغنى عما إستلزمه القانون لإستصدار أمر الأداء من تعيين مقدار الدين فى ورقة موقع عليها من المدين . فإنه إذا رفعت الدعوى بالطريق العادى فإنها تكون قد رفعت بالطريق القانونى .

(الطعن رقم 508 لسنة 42 جلسة 1977/01/31 س 28 ع 1 ص 310 ق 64)

27- إذ كان أمر الأداء القاضى بإلزام المطعون عليه الأول - المستأجر- بأداء الأجرة المحددة بعقد الإيجار عن المدة من 1970/1/1 حتى آخر مايو سنة 1970 وإن حاز قوة الأمر المقضى إلا أنه إذ صدر تنفيذاً لعقد الإيجار أخذاً بالأجرة المتفق عليها فيه ، ودون أن يعرض لقانونية هذه الأجرة تبعاً لعدم إثارة نزاع حولها فإنه لا يحوز حجية فى هذه المسألة ، وإذ كان تحديد الأجرة طبقاً لقوانين إيجار الأماكن من المسائل المتعلقة بالنظام العام التى لا يجوز الإتفاق على مخالفتها فإن صدور أمر الأداء بالأجرة الإتفاقية الواردة بالعقد لا يحول دون حق المطعون عليه الأول فى إقامة دعوى بتحديد الأجرة القانونية لعين النزاع ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ إعتد بالأجرة القانونية لها والتى حددها الحكم - الصادر بالتخفيض - وبين الفروق المستحقة للمطعون عليه الأول - المستأجر- ورتب على ذلك إنتفاء تخلفه عن الوفاء بالأجرة بما لا يبرر إخلاءه من العين المؤجرة فإنه لا يكون قد خالف حجية أمر الأداء سالف الذكر .

(الطعن رقم 460 لسنة 42 جلسة 1977/01/05 س 28 ع 1 ص 174 ق 44)

28- مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 210 من قانون المرافعات والفقرة الأولى من المادة 201 من ذات القانون أنه متى توافرت فى الدين المطالب به شروط إستصدار أمر الآداء - بأن كان ثابتاً بالكتابة حال الأداء معين المقدار فعلى الدائن إذا أراد توقيع الحجز التحفظى حجز ما للمدين لدى الغير وفاء لدينه أن يستصدر أمر الحجز من القاضى المختص بإصدار أمر الآداء وتقدير توافرالشروط المذكورة هو مما يدخل فى حدود سلطة محكمة الموضوع متى كان قضاؤها يقوم على أسباب سائغة .

(الطعن رقم 460 لسنة 42 جلسة 1977/01/05 س 28 ع 1 ص 174 ق 44)

29- أمر الأداء - و على ما جرى به نص المادة 851 من قانون المرافعات السابق الذى يحكم إجراءات الدعوى - هو استثناء من القواعد العامة فى رفع الدعوى إبتداء و من ثم فلا يجرى هذا النظام على إدخال الغير فى دعوى قائمة ، و إنما تتبع فى هذا الشأن الأوضاع المعتادة فى التكليف بالحضور وفقا لنص المادة 134 من قانون المرافعات السابق . و لما كان الثابت من الأوراق أن الدعوى لم توجه إبتداء إلى الشركة الطاعنة و إنما أقيمت من الشركة المطعون ضدها الأولى على المطعون ضدها الثانية و فى أثناء سير الدعوى أدخلت المطعون ضدها الثانية الشركة الطاعنة خصما فى الدعوى بتكليف بالحضور معلن إليها ، فإنه لا مخالفة فى هذه الإجراءات للقانون .

(الطعن رقم 134 لسنة 41 جلسة 1976/01/19 س 27 ع 1 ص240 ق 57)

30- تشترط المادة 851 من قانون المرافعات السابق معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 و التى رفعت الدعوى وقت سريانها لسلوك طريق إستصدار أمر الأداء ، أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة و معين المقدار و حال الأداء ، و مقتضى ذلك أن هذا الطريق لا يتبع إلا إذا كان كل مطلوب الدائن هو دين تتوافر فيه شروط إستصدار الأمر أما إذا كان بعض ما يطالب به مما لا تتوافر فيه هذه الشروط فإن سبيله فى المطالبة يكون هو الطريق العادى لرفع الدعاوى ، و لا يجوز له فى هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق إستصدار أمر بالأداء ، لأنه إستثناء من القواعد العامة فى رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه . و لما كان الثابت أن مورث المطعون عليهم التسعة الأول قد أقام دعواه للمطالبة بمبلغ 1100 ج تأسيساً على أن المطعون عليه العاشر و مورث الطاعنين لم ينفذا صفقة البيع المتفق عليها و أن من حقه المطالبة بضعف العربون الوراد فى الإتفاق المبرم بينه و بينهما ، فإن ما يطالب به لا يكون كله ثابتاً فى هذه الورقة و لا تكون المطالبة به إلا بطريق الدعوى العادية و إذ رفع دعواه بالطريق العادى فإنها تكون قد رفعت بالطريق القانونى .

(الطعن رقم 674 لسنة 40 جلسة 1975/12/09 س 26 ص 1593 ق 299)

31- لئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قانون المرافعات السابق - قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - و هو الواجب التطبيق قد أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام فقد إستقر بقضاء الهيئتين مجتمعتين على أنه لا يعتبر من بيانات الحكم إثبات صدوره بإسم الأمة إذ أن ما نص عليه الدستور ( السابق ) من صدور الأحكام بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستورى أصيل و أمر مسبق مقضى مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر بإسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها و مصدر السلطات جميعاً ، الأمة ، لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التى ينهض عليها نظام الدولة و ذلك الأمر يصاحب الحكم و يسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره ، دون ما مقتضى لأن يعلن القاضى عنه عند النطق به أو يفصح عنه فى ورقة الحكم عند تحريره ، و بالتالى فإن إيراد البيان سالف الذكر بورقة الحكم أثناء تحريره ، و من بعد صدوره بالنطق به ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً و كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض ، و من ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره بإسم الأمة لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته . لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى نتيجة صحيحة هى رفض دعوى بطلان أمر الأداء رغم خلوه من بيان صدوره بإسم الأمة ، فإن النعى على ما ورد به من تقرير قانونى خاطىء من أن أمر الأداء محل المنازعة ليس حكماً يكون غير منتج .

(الطعن رقم 330 لسنة 40 جلسة 1975/03/30 س 26 ع 1 ص 706 ق 138)

32- أمر الأداء النهائى - بإلزام المشترى بباقى الثمن - هو بمثابة حكم حاز قوة الأمر المقضى مانع من العودة إلى مناقشة مسألة أحقية البائع لباقى الثمن الذى أصبح حل الأداء بأية دعوى تالية و بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق أثارتها قبل صيرورته إنتهائيا أو أثيرت و لم تبحث فعلاً لعدم إنفتاح بحثها .

(الطعن رقم 319 لسنة 38 جلسة 1974/02/11 س 25 ع 1 ص 327 ق 53)

33- متى كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن - العامل - قد أفصح فى صحيفة الطلب المقدم منه لإستصدار أمر الأداء أن المبلغ المطالب به هو الباقى له من مكافأة مدة خدمته لدى والد المطعون عليه تعهد المطعون عليه بسداده و قام فعلاً بسداد مبلغ منه ، و كان الطاعن لم يعدل عن هذا الدفاع أمام محكمة الإستئناف ، و لم يتمسك بأن إقرار المطعون عليه ينطوى على إلتزام بمقابل تعويض عن الفصل أو بإعتباره منحة أو مكافأة عن خدمات سابقة ، فإنه لا يقبل سنة التحدى بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ، و يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول طلب مكافأة نهاية الخدمة لرفعه على غير ذى صفة لم يخالف القانون .

(الطعن رقم 382 لسنة 37 جلسة 1973/03/01 س 24 ع 1 ص 366 ق 65)

34- متى تضمنت الدعوى المطالبة بتعويض على أساس إلتزام البائع المدعى عليه بضمان العيب الخفى الذى وجد بالماكينة المبيعة فإنها لا تكون من الدعاوى التى ترفع بالطريق المرسوم لأوامر الأداء  

(الطعن رقم 51 لسنة 33 جلسة 1967/01/26 س 18 ع 1 ص 264 ق 40)

35-  مناط التزام الدائن بسلوك طريق أمر الأداء للمطالبة بدينه وذلك وفقًا لنص المادة 201 وما بعدها من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون كل مطلوب الدائن مبلغًا من النقود ثابتًا بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء ، فإذا كان بعض ما يطالب به لا تتوفر فيه هذه الشروط فإن سبيل المطالبة يكون هو الطريق العادى لرفع الدعوى ولا يجوز للدائن فى هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق أمر الأداء لأنه استثناء من القواعد العامة    لا يجوز التوسع فيه . لما كان ذلك ، وكان المطعون ضده قد أقام دعواه بطلب إلزام الطاعن بأن يؤدى له مبلغ أربعة ملايين وأربعمائة ألف جنيه قيمة إيصال الأمانة والتعويض الذى تقدره المحكمة عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به وكان طلب التعويض يفتقر للشروط المنصوص عليها بالمادة 201 سالف الذكر فلا يجوز له اللجوء إلى طريق أمر الأداء لأنه استثناء من القواعد العامة لا يجوز التوسع فيه ، وإذ سلك المطعون ضده الطريق المقرر لرفع الدعوى ابتداءً ولم يلجأ لطريق أمر الأداء ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن على غير أساس .

(الطعن رقم 16672 لسنة 90 ق - جلسة 21 / 11 / 2023)

شرح خبراء القانون

فكرة أوامر الأداء :

قدر المشرع أن تحقيق بعض الديون لا يحتاج إلى مواجهة بين الطرفين ، لأن المدين ليس لديه في الظاهر ما يعارض به إدعاء الدائن . وأساس هذا التقدير هو ثبوت الدين بالكتابة . فهذا الثبوت يغلب معه تحقق الدين . ولهذا رأي المشرع عدم إخضاع الدعاوى المتعلقة بهذه الديون الإجراءات الخصومة العادية التي تقتضي تحقيقاً كاملاً يتم وفقاً لمبدأ المواجهة . وإكتفى بإجراء تحقیق جزئي على أساس السند المثبت للحين ، يتم دون إعلان المدعى عليه. ورغم أن الدعوى - وفقاً لهذا النظام - يفصل فيها نتيجة لتحقيق غير كامل ، فإن هذا التحقيق يتناول كلاً من الواقع والقانون . فإذا أحتاج القاضي في سبيل التأكد من حق الدائن إلى إجراء تحقيق كامل يسمع فيه المدعى عليه ، فإنه يحيل الدعوى إلى المحكمة لنظرها – مواجهة - وفقاً للإجراءات العادية . ومن ناحية أخرى ، إذا صدر أمر الأداء ، فإن لمن صدر ضده الأمر عرض دفوعه وأوجه دفاعه بعد ذلك عن طريق الطعن في الأمر ، ويكون الطعن - مواجهة - وفقاً للإجراءات العادية .. ومفاد هذا أن نظام أوامر الأداء ، وإن بدأت فيه الإجراءات دون مواجهة ، فإنه ينتهي - إذا إقتضت العدالة ذلك - بمواجهة كاملة . ولهذا توصف خصومة الأداء بأنها خصومة مواجهة محتملة. على أنه يلاحظ أن فائدة هذا النظام لا تبدو إلا إذا انتهت دون مواجهة . ذلك أنه إذا كانت كل دعوي تخضع لهذا النظام تنتهي بخصومة عادية ، فإن النظام لن يتمخض إلا عن ضياع الوقت والجهد والمصاريف .

الحقوق التي تخضع لهذا النظام :

يخضع لنظام أوامر الأداء رفع الدعوى التي ترمي إلى حماية حق تتوافر فيه شروط معينة . وهذه الشروط بعضها يتعلق بطبيعة الحق، والبعض الآخر بإثباته. (مادة 201 مرافعات معدلة بالقانون 23 لسنة 1992) :

أولاً : ما يتعلق بطبيعة الحق : يجب أن يتوافر في الحق ما يلي :

1- أن يكون محل الحق المطالب به مبلغاً من النقود أو منقولاً معيناً بذاته أو منقولاً من المثليات أي معيناً بنوعه ومقداره . كأن يطالب الدائن مدينه بدفع ألف جنيه ثمن المبيع ، أو يطالبه بتسليم سيارة إشتراها منه ، أو يطالبه بالوفاء بإلتزامه بتسليم مائة قنطار من القطن طويل التيلة . ويستوي أن يكون الحق تجارياً أو مدنياً ، كما يستوي أي سبب منشئ الحق ، فلا يلزم أن يكون هو العقد . ويجب أن تنصب المطالبة على هذا الحق وحده . فإذا انصب الطلب على هذا الحق وحق آخر ليس محله نقوداً أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره ، وجب رفع الدعوى بالإجراءات العادية بالنسبة للحقين معاً بشرط أن يوجد إرتباط بينهما . فإذا لم يوجد أي إرتباط فعندئذ يتبع طريق أمر الأداء بالنسبة للحق الأول ، والطريق العادي بالنسبة للثاني . وذلك حتى لا يتخذ المدعي من جمع طلبين لا إرتباط بينهما وسيلة لمخالفة إلتزامه بوجوب إتباع طريق الأداء بالنسبة للحق الأول .

وتثور مشكلة في حالة المطالبة بأداء التزام تخييري أو بدلی ، إذا كان أحد الأداءين محل الإلتزامين مبلغاً من النقود أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره والآخر ليس كذلك . والحل هو أنه إذا كان الإلتزام تخييرياً ، وكان الخيار للمدين فعلى الدائن رفع الدعوى بالطريق العادي إذ قد يختار المدين أداء الإلتزام الذي ليس محله نقوداً أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره . أما إذا كان الخيار للدائن فانه إن أختار أداء نقود أو منقول معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره فعليه اتباع طريق أوامر الأداء ، وإذا أختار أداء غير ذلك فعليه أتباع الطريق العادي . وإذا كان الإلتزام بدلیا ، فإن إختيار محل الوفاء يكون متروكاً للمدين ، فإذا اختار قبل رفع الدعوى ، فعلى الدائن إتباع الطريق المناسب لإختياره . وإذا لم يختر قبل رفع الدعوى ، فعلى الدائن أن يرفع الدعوى بالطريق العادي.

2- أن يكون الحق حال الأداء : أي ألا يكون معلقاً على شرط أو مضافاً إلى أجل . وهذا بدیهی ، ذلك أن الحق غير حال الأداء لا تجوز المطالبة به قضاء، وطلب أمر الأداء هو مطالبة قضائية . وقد أكد المشرع هذا بإقتضائه سبق تكليف المدين بالوفاء . ولما كان لا يجوز التكليف بأداء حق لم يحل أداؤه ، فإن مفاد هذا أن الحق يجب أن يكون حال الأداء عند التكليف بالوفاء وليس بعد ذلك عند تقديم طلب الأداء . ومن ناحية أخرى، فإنه لا ينطبق على أمر الأداء ما هو مطبق بالنسبة للدعوى العادية من أنه إذا حل الأجل بعد رفع الدعوى ، فإن القاضي ينظر الدعوى رغم ذلك فلا يحكم - تطبيقاً لمبدأ الاقتصاد في الخصومة - بعدم القبول.

3- أن يكون محل الحق معين المقدار : وذلك سواء كان هذا المحل نقوداً أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره . ولا يجب أن يكون المقدار معيناً بحد معين ، فيمكن المطالبة بواسطة طريق أمر الأداء بمبلغ مليون جنيه من النقود أو بمليون قنطار من القطن طويل التيلة . فإذا لم يكن معين المقدار ، فمعنى هذا أن القضاء به يحتاج إلى تحقيق كامل ، وقد يثير منازعة حوله، فيجب رفع الدعوى بالطريق العادي.

على أنه يلاحظ أن محل الحق يكون معين المقدار إذا كان لا يحتاج تعيينه إلا لعملية حسابية بسيطة .

فإذا كان محل الحق منقولاً معيناً بذاته فيجب أن يكون تعيينه نافيا للجهالة .

4- لأن طلب أمر الأداء هو رفع دعوى ولكن بإجراءات خاصة ، فإنه يجب الإصدار الأمر أي لقبول الدعوى ، وفقاً للقواعد العامة ، أن توجد قاعدة قانونية تحمى مصلحة من النوع الذي يتمسك به المدعى ، وأن تثبت الوقائع التي تنطبق عليها هذه القاعدة ، ولهذا يجب ألا يكون الحق المطالب به غیر محل للحماية القضائية ، كما لو كانت المطالبة بدين قمار . كما يجب ألا تكون الوقائع المعروضة على القاضي من المدعي مخالفة للوقائع المعروفة التی تعتبر معلومات عامة والتي للقاضي أن يستند إليها بصرف النظر عن التمسك بها من المدعى عليه ، أو من الوقائع التي يمكن دفعها بدفع للقاضي إثارته من تلقاء نفسه .

ثانياً : ما يتعلق بإثبات الحق : يجب أن يكون الحق ثابتاً بالكتابة . والمقصود أن يكون الحق ثابتا في ورقة رسمية أو عرفية موقعة من المدين . ويجب هذا الشرط ولو كان محل الإلتزام لا يتجاوز الألف جنيه مما يمكن إثباته وفقاً للمادتين 60 و 61 (معدلتين بالقانون 76 لسنة 2007) بالبينة ، ذلك أن الكتابة هي التي إفترض معها المشرع عدم الحاجة إلى تحقيق كامل . فإذا لم يتوافر توقيع المدين على الورقة ، فإنها لا تصلح أساساً لإستصدار أمر أداء ولو كانت تصلح كمبدأ ثبوت بالكتابة . ويجب أن تكون الورقة صالحة للدلالة على الوقائع المنشئة للحق بجميع صفاته التي تبرر إتباع طريق أوامر الأداء . ولهذا فإنه يجب أن يبين من الورقة أن الحق حال الأداء ومعين المقدار ، وإلا ما جاز أتباع هذا الطريق. ولهذا لا تصلح ورقة حكم سابق قرر إستحقاق الطالب للمبلغ المطالب به عن فترة سابقة على صدوره للحصول على أمر أداء عن فترة لاحقة . وتصلح الورقة ولو كانت تتضمن وعداً منفرداً . فإذا كان إقتضاء الحق يتوقف على قيام الدائن بالوفاء بإلتزام مقابل ، أو كان معلقاً على شرط ، فليس للدائن اتباع طريق أمر الأداء إلا إذا قدم كتابة تثبت وفاءه بهذا الإلتزام أو تثبت تحقق الشرط.

ورغم توافر هذه الشروط ، إذا كان حق الدائن مستندة إلى ورقة تجارية فإنه لا يجوز له سلوك طريق أمر الأداء إلا إذا إقتصر رفعه الدعوى على الساحب أو المحرر للورقة أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهم . أما إذا أراد رفع الدعوى على غير هؤلاء كورثة أيهم أو أحد المظهرين للورقة أو أراد أن يجمع بين الفئة الأولى وبين غيرهم ، فعليه أن يرفع الدعوى عليهم بالإجراءات العادية (مادة 201/ 2 مرافعات) . وعلة هذا أن الرجوع على غير الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الإحتياطي لأحدهم يخضع لإجراءات معينة منها تحرير بروتستو عدم الدفع وإعلانه ورفع الدعوى في ميعاد معين مما لا يتفق مع الإجراءات المختصرة لنظام أوامر الأداء . وإذا رفعت الدعوى بالإجراءات العادية ضد الساحب أو المحرر وضد المظهر ، فإنه لا يؤدي إلى تعيبها تنازل المدعى عن إختصام المظهر ، ذلك أنه متى رفعت الدعوى بالطريق الصحيح فلا يؤثر في صحة إجراءاتها ما يطرأ عليها من تغيير في الخصوم.

وجوب اتباع هذا النظام :

تذهب بعض التشريعات التي تأخذ بهذا النظام إلى جعله طريقاً إختيارياً . فللدائن بحق من الحقوق التي يستصدر بها أمر أداء إما أتباع طريق أوامر الأداء أو رفع الدعوى بالطريق العادی . وقد كان هذا هو مسلك المشرع المصري عندما أخذ بنظام أوامر الأداء في مجموعة 1949 . ولكنه بقانون 265 لسنة 1953 ، قرر أن هذا الطريق واجب الإتباع . فلا يجوز لمن تتوافر في حقه شروط إستصدار أمر أداء أن يرفع الدعوى بالإجراءات العادية . وهو أيضاً ما تنص عليه المادة 201 من مجموعة 1968 الحالية . فالمشرع بأخذه بنظام أوامر الأداء يحدد إجراءات معينة يتعين على الدائن سلوكها في المطالبة بحقه متى توافرت فيه شروط معينة. وهو مسلك محل نقد من بعض الفقهاء على أساس أن فائدة هذا النظام هو عندما لا يكون هناك نزاع من المدين ، وخير من يقدر توقع النزاع هو الدائن . على أن هذا الوجوب لا يكون الا حيث تكون الدعوى من ولاية جهة القضاء . فنظام أوامر الأداء لا يتبع إلا أمام هذه الجهة . فإن كانت القضية تدخل في ولاية جهة القضاء الإداري ، أو جهة قضاء إستثنائي ، أو تدخل في ولاية محكم ، فليس هناك محل لإعمال هذا النظام ، ولا يكون إلا إذا أريد رفع الدعوى كدعوی أصلية، أما إذا قدمت كدعوی فرعية ، فإنها تقدم وفقاً لإجراءات هذه الدعوى ، ولا يتبع بالنسبة لها نظام أوامر الأداء .

فإذا رفعت دعوى متعلقة بحق يستصدر به أمر أداء بالإجراءات العادية ، فمعنى ذلك أن المدعي لم يسلك الإجراءات التي فرضها القانون لإقتضاء حقه ، فيكون رفع الدعوى عندئذ باطلاً. وعلى المحكمة أن تقضى بالبطلان من تلقاء نفسها لتعلق سلوك إجراءات تقاضي معينة بالنظام العام . فتحكم المحكمة بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسها . على أنه لأن هذا الدفع يقوم على عناصر موضوعية فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . على أن عدم القبول هنا ليس عدم قبول موضوعي مما تنظم أحكامه المادة 115 مرافعات ، بل هو عدم قبول إجرائي بسبب مخالفة الإجراءات، ولهذا ترى محكمة النقض - خلافاً لمذهبها بالنسبة لعدم القبول الموضوعي - أنه إذا قبلت محكمة أول درجة هذا الدفع ، وألغى حكمها من محكمة الإستئناف وجب إعادة الدعوى إليها للفصل في الموضوع . وللمدين الدفع بعدم القبول . ويخضع دفعه الأحكام عدم القبول الإجرائي المتعلق بالنظام العام . وتتوافر المصلحة في الدفع للمدين ، رغم أن سلوك الطريق العادي يفيده أكثر إذ يتيح له سماع دفاعه ، وذلك تطبيقاً لما تقدم من أحكام المصلحة في الإجراء.

وإذا قضت المحكمة بعدم القبول فإنها لا تحيل الدعوى إلى قاضي الأداء إذ الإحالة إلى المحكمة المختصة تكون فقط بعد الحكم بعدم الإختصاص. ومن ناحية أخرى، فإن الخصومة تنتهى أمام المحكمة ، فيزول رفع الدعوى وما يترتب عليه من آثار بما فيها قطع التقادم . ويكون على الدائن إذا أراد رفع الدعوى من جديد أن يلجأ إلى طريق أوامر الأداء .

فإذا إستؤنف الحكم الصادر بعدم القبول ، وقبل الطعن وألغى الحكم المستأنف ، فإن على المحكمة الإستئنافية إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة النظرها وفقاً للإجراءات العادية ، إذ محكمة أول درجة - وقد قضت بعدم القبول - لا تكون قد إستنفدت ولايتها بنظر الدعوى.

تكييف أمر الأداء :

مضمونه، وأمر على عريضة في إجراءاته وشكله . والبعض الآخر - وهو الغالب - يرى أن أمر الأداء في مضمونه عمل قضائي ذلك أنه يفصل في دعوى إلزام . ولكن هذا الرأي اختلف حول تحديد تكييف الشكل الذي يخضع له الأمر . فمن قائل بأنه أمر على عريضة، ومن قائل بأنه في حقيقته حكم وفي تقديرنا أن أمر الأداء عمل قضائي له كل مقومات العمل القضائي ويرتب نفس آثاره . فهو يحوز حجية الأمر المقضي ويحوز القوة التنفيذية تماماً كالحكم القضائي الذي يصدر في دعوى إلزام ولكنه يختلف عن الحكم في أنه يفصل في دعوى ذات طبيعة خاصة . إذ الدعوى العادية ترمي إلى قرار يصدر بعد تحقيق كامل ، أما دعوى الأداء فهي ترمي إلى قرار يصدر بعد تحقيق غير كامل ونتيجة لهذا ، فإن إجراءات خصومة الأداء هي إجراءات خاصة تختلف عن الخصومة العادية . وهذه الإجراءات الخاصة لخصومة الأداء تعطي لها هيكلاً خاصاً يختلف عن هيكل إجراءات الخصومة العادية التي تنتهي بحكم ، كما أنها تختلف عن هيكل إجراءات الأوامر على العرائض . ولهذا فأمر الأداء ليس في إجراءاته وشكله حكماً كما أنه ليس أمراً على عريضة . فهو عمل قضائي يصدر نتيجة خصومة قضائية خاصة في شكل خاص . وهذا يبدو واضحاً من قواعد وإجراءات أوامر الأداء . فهي ، وإن تشابهت في بعضها مع قواعد الأحكام أو مع قواعد الأوامر علي العرائض ، تحتفظ بكيانها المتميز . ونتيجة لهذا فإن أي نقص في التشريع المنظم لأوامر الأداء يجب الرجوع فيه - إن كان متعلقاً بمضمون العمل - إلى القواعد العامة للعمل القضائي ، وإن كان متعلقاً بهيكل الخصومة إلى ما يقتضيه نظام أوامر الأداء في مجموعة  فلا يرجع إلى قواعد الأحكام ولا إلى تلك المتعلقة بالأوامر على العرائض ، ما لم تكن متسقة مع قواعد هذا النظام. 

أحكام خاصة بأوامر الأداء الصادرة من المحكمة الإقتصادية :

أولاً - الإختصاص بإصدار الأمر : تنص المادة من قانون المحاكم الاقتصادية على اختصاص قاض بدرجة رئيس محكمة إبتدائية من الفئة (أ) ، المعين لذلك من الجمعية العامة للمحكمة الإقتصادية ، بإصدار أوامر الأداء في المسائل التي تدخل في إختصاص المحكمة الاقتصادية.

ويعتبر هذا النص استثناءاً مما تنص عليه المادة 202 مرافعات ، والتي تخول هذا الاختصاص لقاضي المحكمة الجزئية أو الرئيس الدائرة بالمحكمة الإبتدائية حسب الأحوال . ولما كانت لا توجد محاكم إقتصادية جزئية ، فقد كان من الملائم - إتساقاً مع المادة 202 مرافعات - تخويل الإختصاص بإصدار أوامر الأداء بالمحكمة الإقتصادية لرئيس الدائرة بالمحكمة الاقتصادية المختصة . ويكون الإختصاص إما لرئيس الدائرة الإبتدائية أو الرئيس الدائرة الإستئنافية حسب الأحوال ، ولكن المشرع لم يعط الإختصاص لأيهما ، وجعله فقط لقاض بدرجة رئيس محكمة إبتدائية (أ) . وعلى هذا ، فإنه إذا قدم طلب إستصدار أمر أداء بالمحكمة الإقتصادية إلى رئيس الدائرة الإبتدائية المختصة بالدعوى أو رئيس الدائرة ال الإستئنافية المختصة بالدعوى ، فإنه يكون غير مختص بالطلب ، وعليه أن يحيل الطلب إلى قاضي الأداء المختص بإصدار أوامر الأداء بالمحكمة الإقتصادية .

ووفقاً للفقرة الأخيرة من المادة «3» من قانون المحاكم الإقتصادية ، إذا قدم طلب إلى قاضي الأداء بالمحكمة الإقتصادية في المسائل التي تختص بها المحكمة ، فإنه «يصدر ، وأياً كانت قيمة الحق محل الطلب ، أوامر الأداء في تلك المسائل وفي حالة إمتناع يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام إحدى الدوائر الإبتدائية أو الإستئنافية . وعلى هذا ، فإنه إذا قدم طلب إستصدار أمر أداء ، فإن القاضي يصدر أمر الأداء المطلوب متى توافرت الشروط التي تنص عليها المادتان 202 و 203 من قانون المرافعات ، وذلك أياً كانت قيمة الدعوى ، سواء تجاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو لم تتجاوزها. فإذا رأي القاضي ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته ، فإن عليه تحديد جلسة لنظر الدعوى ، وفقاً لما تنص عليه المادة 204 مرافعات . وتحدد الجلسة أمام الدائرة الإبتدائية أو الإستئنافية حسب قيمة الدعوى أو نوعها ، وفقاً لما ينص عليه قانون المحاكم الإقتصادية ، مما سبق بيانه.

ثانياً : الطعن في أمر الأداء : تنظم المادة 2 / 10 من قانون المحاكم الإقتصادية التظلم من الأوامر الصادرة من القاضي المنصوص عليه في المادة من قانون المحاكم الإقتصادية . ولما كان هذا القاضي وفقاً للمادة 3 / 3 هو الذي يصدر أوامر الأداء ، فإن التظلم من أمر الأداء يكون وفقاً للمادة 2 / 10 أمام الدائرة الإبتدائية . ونرى أن هذا التظلم - رغم عدم النص - يجب أن يرفع أمام دائرة إبتدائية بالمحكمة التي يتبعها القاضي مصدر الأمر.

ويخضع التظلم من حيث ميعاده وإجراءاته و الفصل فيه إلى ما تنص عليه المادتان 206 و 207 مرافعات من أحكام ، مما سبق شرحه.

ولأن الحكم في التظلم يصدر من دائرة ابتدائية ، فإنه يقبل الطعن فيه بالإستئناف أمام الدائرة الإستئنافية (مادة 1 / 10 محاكم اقتصادية) . ويخضع لما تنص عليه الفقرتان 3 و 4 من المادة 206 من قانون المرافعات ، ولما ينص عليه قانون المرافعات من أحكام بالنسبة للطعن بالاستئناف بصفة عامة.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 744)

أوامر الأداء :

عند صدور قانون المرافعات السابق رقم 77 لسنة 1949 والمعمول به إبتداءً من 1949/10/15 أخذ المشرع لأول مرة بنظام أوامر الأداء، فأفرد الباب الخامس لإستيفاء الديون الصغيرة الثابتة بالكتابة، واستهله بالمادة (851) التي أجازت للدائن بدین من النقود لا يتجاوز خمسين جنيهاً إذا كان دينه ثابتاً بالكتابة وكان قد كلف المدين وفاءه أن يستصدر من قاضي محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المدين أمرا بدفعه ولا يجوز للقاضي أن يصدر هذا الأمر إلا إذا كان للمدين موطن أو سكن بذات البلدة التي بها مقر المحكمة وكان الدين حال الأداء ومعين المقدار.

وقصد المشرع بهذه الشروط والقيود أن يقصر هذا النظام على الديون الصغيرة بدلاً من عرض النزاع إبتداءً على المحكمة، وإذ لم يأت بالثمرة المرجوة منه ويرجع ذلك إلى أن الرخصة التي أعطيت للدائن جوازية ولأن القيود التي تضمنها النص جعلت هذا النظام مقصوراً على المدن والبنادر والمراكز.

مما جعل المشرع يصدر القانون رقم 265 لسنة 1953 بتعديل عنوان هذا الباب يجعله «في استيفاء ديون النقود الثابتة بالكتابة» كما تناول تعديل المادة (851) وأصبحت تنص على أنه «إستثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوی تتبع الأحكام الواردة في المواد التالية عند المطالبة بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة وحال الأداء ومعين المقدار. على أنه إذا كان صاحب الحق دائناً بورقة تجارية وأراد الرجوع على غير الساحب أو المحرر لها أو قابلها وجب عليه اتباع أحكام قانون التجارة .

وبذلك جعل المشرع إستصدار أوامر الأداء وجوباً ولم يقصره على الديون الصغيرة، إذ طالما أن الدين ثابت بالكتابة وحال الأداء ومعين المقدار، فإنه يستوى في ذلك أن يكون مقدار الدين صغيراً أو كبيراً.

وعند إصدار القانون الجديد رقم 13 لسنة 1968، أخذ المشرع بما كانت قد تضمنته المادة (851) من القانون السابق، وأضاف المنقول المعين بنوعه ومقداره ، حسبما نصت عليه المادة (201) ثم أضاف المنقول المعين بذاته بموجب التعديل الذي أدخله عليها بالقانون رقم 23 لسنة 1992.

 أوامر الأداء والأحكام القضائية :

يبين من نصوص قانون المرافعات السابق، أن المشرع أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية، فقد تضمن نص المادة (853) أن «يعتبر الأمر بمثابة حكم غيابي» ونصت المادة (855) على أنه «إذا لم ترفع المعارضة في الميعاد يصبح الأمر بمثابة حكم حضوري» ووفقاً للمادة (856) يعتبر الأمر بالأداء كأن لم يكن إذا لم يعلن للمدين خلال ستة أشهر من تاریخ صدوره، وذلك أسوة بالحكم الغيابي، وجرى نص المادة (857) مكرراً بأن «تسري على الأمر بالأداء وعلى الحكم الصادر في المعارضة فيه الأحكام الخاصة بالنفاذ المعجل حسب الأحوال التي بينها القانون».

وإذ ألغي المشرع الأحكام الغيابية عند إصداره القانون الحالي، فقد حال ذلك دون الأخذ بالمواد (853)، (855)، (856) وأبقى على حكم المادة (857  مکرراً) بما نص عليه في المادة (209) من القانون الحالي من أن تسری على أمر الأداء وعلى الحكم الصادر في التظلم منه الأحكام الخاصة بالنفاذ المعجل حسب الأحوال التي بينها القانون».

ويبين من ذلك أن المشرع لم يخالف النهج الذي كان عليه نظام أوامر الأداء الذي كان معمولاً به في ظل القانون السابق، إذ لم يزل ينزل أوامر الأداء منزلة الأحكام الصادرة من السلطة القضائية، وبالتالي يعتبرها بمثابة أحكام قضائية صادرة من القاضي المختص بموجب سلطته القضائية لا الولائية، وتخضع لذات الضوابط التي تخضع لها بما يتناسب وطبيعة هذه الأوامر، وهو ما قضت به محكمة النقض. وبهذا المعنى انظر: رمزي سيف في التنفيذ بند 95 وقارن أبو الوفا في التعليق على المادة (206) وفي التنفيذ بند 87 مکرر (6) ويرى أن القانون الجديد اعتبر أمر الأداء بمثابة أمر وليس بمثابة حكم.

حجية أمر ألأداء :

إذا صدر الأمر بإلزام المدين بأداء الدين ، كان ذلك بمثابة حكم قضائي ، إذ يصدر القاضي أمر الأداء إستناداً إلى سلطته القضائية لا الولائية، ويترتب على ذلك أن يحوز أمر الأداء حجية الأمر المقضي فور صدوره مما يحول دون المدين والمجادلة في الدين إلا عن طريق الطعن في الأمر سواء بالتظلم أو بالإستئناف، كما يمتنع رفع دعوی ببراءة ذمة المدين من ذات الدين لتعارض ذلك مع تلك الحجية ولا يجوز التمسك بذلك إلا أمام محكمة الطعن بإعتباره وجهاً من أوجه التظلم أو سبباً من أسباب الإستئناف.  

فإذا إنقضت مواعيد الطعن، حاز الأمر قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة ولو كان مشوباً ببطلان يتصل بالنظام العام، إذ تسمو حجية الأحكام على اعتبارات النظام العام.

ولما كان المدين يعتبر ممثلاً للدائنين الآخرين، فإنهم يحاجون بالأمر الصادر ضده إلا إذا کان صادرا بطريق الغش والتواطؤ إستناداً إلى سند صوري، إذ في هذه الحالة يبطل أمر الأداء، إعتباراً بأن الغش يبطل التصرفات وما تعلق به من إجراءات، فضلاً عن أن الدائن لا يعتبر خلفاً للمدين في التصرفات الصورية التي تصدر من هذا المدين أو التي تصدر منه بطريق التواطؤ مع دائن آخر إضراراً بحقه إذ يصبح الدائن في هذه الحالات من طبقة الغير.

شروط استصدار أمر الأداء :

يلتزم الدائن عند رجوعه على مدينه بسلوك طريق أمر الأداء متی توافرت الشروط التالية :

(1) أن يكون الحق المراد إقتضاؤه مبلغاً من النقود :

سواء كان صغيراً أو كبيراً وسواء كان بالعملة المصرية أو بالعملة الأجنبية ولا يكون للقاضي الأمر شأن في الكيفية التي يتم بها تنفيذ أمر، إذ تنتهي ولايته بإصدار الأمر متمثلاً في كلمة «نأمره ما لم تمتد الطلبات إلى الفوائد والمصاريف ، فإنه يضيف الفوائد بالنسبة المقررة قانوناً بالنظر لطبيعة الدين المدنية أو التجارية، فإن تضمن السند سعر الفائدة التزم القاضي به على أن يسرى من يوم تقديم العريضة بإعتبار هذا اليوم هو تاريخ المطالبة القضائية.

وإذا صدر الأمر بعملة أجنبية، فإن المصاريف (مادة 203) تحصل بالعملة المصرية، وينفذ الأمر بأصل الدين والفوائد ووفقاً لما يتطلبه قانون التعامل بالنقد الأجنبي.

ويتقيد القاضي بمقدار الدين الثابت في السند أو في أوراق أخرى مكملة له، ولا يجوز للدائن المطالبة بما يجاوز ذلك إستناداً إلى إنخفاض قيمة العملة عن الوقت الذي نشأ فيه الإلتزام، فإذا تضمنت العريضة ذلك، وجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر وتحديد جلسة لنظر الموضوع لإمتداد الطلبات إلى طلب لم يتضمنه سند المديونية، وليس للقاضي أن يقصر أمره على المبلغ الثابت بالسند ويرفض الطلب الآخر بإعتباره مخالفا للنظام العام، إذ تنحصر ولاية القاضي في إصدار الأمر كله أو الإمتناع عن إصداره کله. ويسرى ذلك أيضاً إذا كان هذا الإلتزام مبلغاً من النقود المصرية وتضمن سند الدين إلتزام المدين بالوفاء بما يعادله من عملة أجنبية أو بوزن معين من الذهب أي يكون هذا السند قد تضمن (شرط الذهب)، ولما كان مثل هذا الشرط يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً ، فإنه يمتنع على المتعاقدين أو على من يقر بمديونيته الإتفاق عليها في أي شكل من أشكال التصرفات، إذ للمحكمة التصدي لها وإبطالها من تلقاء نفسها، وفي هذه الحالات لا يتعدد محل الإلتزام، إذ يكون محلاً واحداً تمثل في مبلغ من النقود المصرية ولكنه قوم بعملة أجنبية أو بالذهب، ومن ثم لا يجوز للدائن الإستناد إلى نص المادة (275) من القانون المدني ويضمن سند الدين ما يفيد تعدد محل الإلتزام مما يجعل الإلتزام تخييرياً ويكون له بموجب هذا السند الحق في الاختيار فيتقدم لإستصدار أمر أداء بالعملة الأجنبية، إذ يشترط الإلحاق وصف التخيير بإلتزام أن يتعدد ما يرد الإلتزام عليه على نحو يتحقق معه قیام مكنة فعلية للخيار، فإذا أمتنع الإلتزام بأكثر من أمر واحد بسبب عدم توافر الشروط القانونية فيما عداه ، كما إذا كان الأمر الآخر تکلیفاً غير ممكن أو غير مشروع فلا يكون للإلتزام من وصف التخيير إلا الظاهر.

أما إذا توافر في الإلتزام وصف التخيير، وكان للدائن الحق في الإختيار، وتقدم بعريضة لاستصدار أمر بأداء المحل الذي تتوافر بالنسبة له الشروط اللازمة لذلك، كان فيما تضمنته العريضة إستعمالاً لحقه في الإختيار وإفصاحاً عن إرادته في هذا الصدد، ومن ثم تعين إجابته لطلبه. فإن كان الإختيار للمدين، أمتنع على الدائن إستصدار أمر بالأداء حتى لو إنحصر الإلتزام في أكثر من محل وكانت كلها مما يجوز إستصدار الأمر بها. فإن إستعمل المدين حقه في الإختيار، وكان المحل الذي اختاره مما تتوافر فيه الشروط اللازمة لإستصدار أمر بالأداء، جاز للدائن سلوك هذا الطريق، وحينئذ يلتزم أن يقدم ضمن مستنداته الدليل على إختيار المدين متمثلاً في المحرر الذي عبر به عن إرادته في الإختيار كإقرار صادر منه أو خطاب مرسل منه للدائن أو إنذار على يد محضر، فإذا خلت المستندات من هذا المحرر، وجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر لإحتمال توافر المنازعة لعدم تعيين محل الإلتزام ويحدد جلسة لنظر الموضوع، وتكون الدعوى في هذه الحالة مقبولة حتى لو حضر المدين وأقر بإختياره وقت تقديم عريضة الأمر.

وإن كان الإلتزام بدلیاً وفقاً لما نصت عليه المادة (278) من القانون المدني ، فلا يشمل محله إلا شيئا واحدا ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدلاً منه شيئا آخر يحدده بالإتفاق مع الدائن، ولا يتحدد محل الوفاء إلا عند الدفع الفعلي، ومن ثم لا يعتد بما يعلنه المدين بصدد تحديد المحل إذ يجوز له العدول حتى يتم الدفع الفعلي، وبناء على ذلك، إذا كان محل الإلتزام مبلغاً من النقود أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره وكان للمدين الحق في الوفاء بشيء آخر، فإنه يمتنع على الدائن سلوك طريق أمر الأداء لإقتضاء المحل الأصلي المتمثل في المبلغ أو المنقول حتى لو أعلنه المدين بتحديد المحل، إذ يجوز له العدول عن هذا التحديد حتى بعد صدور الأمر بالأداء، ويدل الإلتزام البدلي على إحتمال نشوب نزاع بصدد تنفيذه نزاعاً مستخلصاً مما تضمنه سند الدين وهو ما يحول دون سلوك طريق أمر الأداء ذلك أن سند الدين إذا تضمن بطبيعته إحتمال المنازعة، فلا يصلح لإستصدار أمر أداء .

ويجب أن ينحصر الدين في مبلغ من النقود أو في منقول معين بذاته أو بنوعه ومقداره وتنحصر المطالبة في أي منهم أو فيهم ما إذا تضمنه سند الدين، فإذا تجاوزت طلبات الدائن ذلك، وجب اللجوء إلى الطريق العادي والمتمثل في رفع الدعوى، مثال ذلك أن يطلب المؤجر الأجرة المتأخرة وفقاً لما تضمنه عقد الإيجار وفسخ هذا العقد وإخلاء المستأجر وتسليم العين المؤجرة، كذلك طلب فروق الأجرة وتخفيضها، أو طلب الفروق فقط بإعتباره طلب محل منازعة لم يتضمنه سند موقع عليه من المؤجر.

(2) قد يكون الحق منقولاً معيناً بذاته:

كانت المادة (201) تقصر أوامر الأداء على الذين من النقود المعين المقدار أو المنقول المعين بنوعه ومقداره ، وبموجب القانون رقم 23 لسنة 1992 أضاف المشرع إليها المنقول المعين بذاته ، وهو دائماً قيمي لا يحل غيره محله في الوفاء، وينتقل الحق الذي يتقرر عليه إلى الدائن فور نشوء الإلتزام وبحكم القانون ولو قبل التسليم، سواء كان هذا الحق هو حق ملكية أو حق عيني آخر كحق إنتفاع أو إيجار أو رهن حيازي نفذ في حق الغير، ويكون تنفيذ هذا الإلتزام جبراً على المدين ممكناً إذ لا يتطلب تدخلاً شخصياً منه، ومتی إستصدار الدائن أمراً بإلزام المدين بأداء هذا المنقول وكانت ملكيته مازالت للمدين ، جاز تنفيذ إلتزامه جبراً عليه. وهذا يتطلب بقاء المنقول في حيازة المدين، فإن إنتقلت الحيازة إلى الغير حسن النية، أمتنع التنفيذ العيني بإعتبار أن الملكية في المنقول تنتقل بالحيازة ولا يبقى أمام الدائن إلا التنفيذ بطريق التعويض.

وقد يرد إلتزام المدين على إلتزام بتسليم منقول معين بنوعه ومقداره ، وبإتفاق لاحق، يتم إفرازه. وحينئذ يصبح إلتزام المدين التزاماً بأداء منقول معين بذاته مثال ذلك أن يلتزم المدين بتسليم مائة ثلاجة من ماركة معينة ، وهي منقولات معينة بنوعها، ثم يقوم بإفرازها بإثبات رقم مواتيرها وما يميز كل منها عن الأخرى، فتصبح بذلك منقولات معينة بذاتها، وإن كان مؤدی التعديل الذي أدخله المشرع على المادة (204) من قانون المرافعات بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992 إلتزام الدائن بسلوك طريق أمر الأداء عند المطالبة بالمنقول سواء كان معيناً بذاته أو بنوعه، إلا أن هذه التفرقة تفيد إذا أراد الدائن توقيع حجز تحفظي عملاً بالمادة (210) من قانون المرافعات، إذ يجوز له توقيع هذا الحجز إن كان المنقول معيناً بذاته ويمتنع توقيعه إن كان المنقول معيناً بنوعه ولم يفرز بعد.

ويرد أمر الأداء على المنقول المعين بذاته بطبيعته كسيارة مبين رقم لوحتها المعدنية وموتورها وشاسيها ومارکتها وموديلها ولونها بما يكفي لتحديدها عن غيرها، وقد يرد على المنقول المعين بذاته بحسب المال، كما لو تصرف المدين في نوافذ عقاره الصادر به قرار إزالة ولم يطعن فيه، فإن كان القرار قابلاً للطعن أو طعن فيه ولو يصدر حكم نهائي بتأییده، ظل المنقول على طبيعته وقت نشوء الإلتزام عقاراً بالتخصيص مما يؤدي إلى إمتناع القاضي عن إصدار الأمر وتحديد جلسة لنظر الدعوى، كما يمتنع توقيع الحجز التحفظي لإقتصار ذلك على المنقول بطبيعته أو بحسب المال ويمتنع على العقار بطبيعته والعقار بالتخصيص.

 (3) قد يكون الحق منقولاً معيئاً بنوعه ومقداره:

إذ يكفي أن يكون محل الإلتزام معيناً بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعیین مقداره حتى لا يشوبه البطلان وفقاً للمادة (133) من القانون المدني، لكن لا يجوز أن يستصدر به أمر بالأداء إلا إذا كان العقد ذاته متضمناً مقدار المنقول وفقاً للمادة (201) من قانون المرافعات لاختلاف نطاق كل من المادتين.

وإذا كان هناك إحتمال لنزاع مستخلص من عبارات العقد، فلا يجوز سلوك طريق أمر الأداء، كبيع منقول معين بنوعه بطريق العينة، إذ قد يفرز المدين منقولاً لا يتفق وتلك العينة التي يحتفظ الدائن بها، وإن كان المنقول غير معين ولكنه قابلا للتعيين فإن الإلتزام يكون صحيحاً ولكنه لا يصلح سنداً لإستصدار أمر بالأداء ، إذ توجب المادة (201) من قانون المرافعات أن يكون محل الإلتزام منقولاً معيناً ولا يكفي أن يكون قابلاً للتعيين لما يتطلبه ذلك من إستجواب للخصوم أو ندب خبير ويكون بذلك الحق المستمد من عبارات العقد قابلاً للمنازعة فيه مما لا يجوز معه إستصدار أمر أداء بموجبه.

فإذا ورد الإلتزام على منقول وتضمن العقد تعييناً له وكان مما يعين بنوعه، فإن المطالبة به تكون بسلوك طريق أمر الأداء، ويظل المنقول معيناً بنوعه في معنى المادة (201) من قانون المرافعات حتى لو سبق إفرازه قبل إستصدار الأمر ذلك أن الملكية في المنقول المعين بنوعه لا تنتقل إلا بالإفراز، بحيث إذا قام المدين بإفراز المنقول المتعاقد عليه، فإن ملكية الدائن تثبت ولو أمتنع المدين عن التسليم ويظل للدائن الحق في سلوك طريق أمر الأداء والتنفيذ بموجبه على ما تم إفرازه ، فإن تعذر ذلك كان التنفيذ بطريق التعويض ما لم يقبل الدائن الوفاء بمثليات أخرى.

فإن لم يكن الإفراز قد تم، وتوافرت الشروط اللازمة لإصدار أمر الأداء، وجب على القاضي إصداره، ويكون الدائن وشأنه في تنفيذه، فإذا امتنع المدين عن إفراز المنقول فلا يجبر عليه لمساسه بحريته الشخصية ولا يبقى أمام الدائن إلا رفع دعوى بالتنفيذ العيني بالتصريح له في شراء محل مماثل على نفقة المدين عملاً بالمادة (133) من القانون المدني، وله في حالة الاستعجال تنفيذ إلتزام الدين بنفسه بشراء محل مماثل، يدل ذلك على عدم جدوى إستصدار أمر بالأداء في حالة المنقول المعين بنوعه إلا إذا قام المدين بتنفيذه طوعاً.

وتفادياً للإلزام الذي أوجبته المادة (201) من قانون المرافعات، وحتى لا يضطر الدائن إلى رفع دعوى لاحقة لتعذر التنفيذ العيني لإلتزام المدين بإفراز المنقول المعين بنوعه إعمالاً لأمر الأداء، يجوز للدائن رفع الدعوى مباشرة بإلزام المدين بتسليم المنقول المعين بنوعه أو دفع قيمته وفقاً لتقدير الدائن لها، وحينئذ تكون الدعوی مقبولة إذ لم تقتصر الطلبات فيها على إلزام المدين بأداء هذا المنقول وإنما تعدت ذلك إلى إلزامه بقيمته إن أمتنع عن التسليم، ولما كانت هذه القيمة يقدرها المدعي، فإن إحتمال المنازعة في ذلك يكون قائما مما يحول، فضلاً عن تعدد الطلبات، دون سلوك طريق أمر الأداء ، وفي ذلك توفير الوقت والمصاريف، إذ قد يصدر أمر الأداء، ثم يرفع تظلم فيه، ثم يطعن بالإستئناف في الحكم الصادر في التظلم وبالنقض في حكم الإستئناف، وبعد الوقت الطويل الذي قد تستغرقه تلك الإجراءات يمتنع المدين عن الإفراز مما يضطر الدائن إلى البدء في سعي جديد برفع دعوى بالتنفيذ بطريق التعويض قد تستغرق هي الأخرى وقتاً مماثلاً.

وعند عرض مشروع قانون المرافعات على اللجنة التشريعية بمجلس الأمة ، كانت المادة (201) توجب على الدائن سلوك طريق أمر الأداء لإلزام مدينه تسليم منقول معين بذاته، فرأت حذف ذلك وقصرت النص على المطالبة بمبلغ من النقود أو بمنقول معين بنوعه، وهو ما تمت الموافقة عليه عند مناقشة النص، ثم عدل المشرع هذه المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وأضاف إليها المنقول المعين بذاته.

وإذا تبين من المستندات المقدمة مع العريضة ، أن الطالب لم يقم بالوفاء بكامل ثمن المنقول، وجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر، إذ ينشأ عن ذلك حق المدين في حبس المنقول حتى يستوفي كامل الثمن ما لم يكن قد قبل القيام بالتسليم بالرغم من ذلك لما يترتب عليه من سقوط حقه في الحبس ويمتنع عليه بالتالى الدفع بعدم التنفيذ، وفي هذه الحالة يجوز إستصدار أمر أداء بباقي الثمن.

 (4) أن يكون المبلغ أو المنقول معين المقدار:

وذلك تحديداً للإلتزام حتى يصدر الأمر بإلزام المدين بهذا المقدار، فإن لم يكن مقدراً قامت الشبهة في مقداره مما قد يؤدي إلى المنازعة وهو ما يحول دون سلوك طريق أمر الأداء.  

ويعتبر الدين غير مقدر، إذا كان سنده أو الأوراق المكملة له غير موقع عليها من المدين، وإذ لا يقبل أمر الأداء التجزئة، فلا يجوز للقاضي قصره على الدين الذي تضمنه السند الموقع عليه من المدين والإمتناع عن إصداره فيما جاوز ذلك ، وإنما يتعين عليه في هذه الحالة الإمتناع عن إصداره وتحديد جلسة لنظر الموضوع لاحتمال المنازعة إذ أن توقيع المدين هو مناط التزامه ، وتكون الدعوی مقبولة أمام المحكمة حتى لو أقر المدين بإلتزامه بالدين الذي تضمنته عريضة أمر الأداء كاملاً ولم ينازع في ذلك، بإعتبار أن الدليل على مقدار الدين لم يقدم أمام القاضي الأمر مما ترتب عليه تخلف أحد الشروط اللازمة لإستصدار أمر الأداء مما يوجب رفض إصداره ويحول توافره بعد ذلك دون القضاء بعدم قبول الدعوى.

وإذا كان الدين ثابتاً في عدد من السندات موقعة كلها من المدين، وإستند الدائن إليها في عريضة أمر الأداء وخلص إلى إستصدار الأمر بالمبلغ الناتج عنها مجتمعة وكانت مستندة إلى سبب قانوني واحد هو سبب الإلتزام، فإن الدين يكون مقدراً وتعين على القاضي إصدار الأمر حتى لو تطلب إستخلاص الناتج منها عمليات حسابية متداخلة ومعقدة إذ لا يترتب على ذلك نفي التقدير عن الدين، أما إذا تبين له أن الناتج الذي خلص إليه يخالف مقدار الدين الذي تضمنته العريضة ، فإنه يمتنع عن إصدار الأمر بأن يثبت على العريضة كلمة «نمتنع» فقط دون إبداء أي أسباب وحينئذ يدل أمر الرفض على عدم توافر الشروط اللازمة لإصدار الأمر، بحيث إذا تبين للمحكمة التي تنظر أمر الرفض توافر هذه الشروط وقت إصداره ، التزمت بالرغم من ذلك بنظر الموضوع ولا يجوز لها القضاء بعدم قبول الدعوى، بإعتبار أن القاضي عندما أصدر أمره بالرفض قد إستند إلى تخلف أحد الشروط اللازمة لإصداره ولا معقب عليه في ذلك إعمالاً لإرادة المشرع الذي لم يلزمه تسبيب الأمر، خلافا الما إذا رفعت الدعوى إبتداء أمام المحكمة بدين تتوافر فيه شروط إستصدار أمر الأداء، إذ يتعين عليها ومن تلقاء نفسها القضاء بعدم قبولها حتى لو كان إستخلاص الناتج يحتاج لعملية حسابية متداخلة ومعقدة، وحينئذ يسلك الدائن طريق أمر الأداء، فإذا رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع أمام المحكمة، وقد تكون هي نفس المحكمة التي قضت بعدم القبول، فإذا أخذنا بالرأي القائل بأن الحكم الصادر في هذه الحالة يكون مبنياً على دفع موضوعي يتصل بأصل الحق، فإنه يحوز الحجية ويمتنع على المحكمة التي أصدرته التسلط عليه بإصدار حكم مخالف، كما يمتنع على غيرها نظر الموضوع، ويجب القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.

أما إذا إعتبرنا الحكم الصادر بعدم القبول مبني على دفع شكلي وهو ما إستقر عليه قضاء النقض، فلا يحوز حجية ولا تستنفد المحكمة ولايتها بإصداره، ومن ثم تلتزم بقبول الدعوى والتصدي لموضوعها دون العودة إلى بحث شروط إستصدار أمر الأداء فقد حسمها قاضي الأداء عندما أصدر أمر الرفض مما يقطع بعدم توافرها، ولا معقب عليه في ذلك. ولكن للمحكمة إذا رأت أنها غير مختصة بنظر الدعوى وفقاً للقواعد العامة، تعين عليها القضاء بعدم الاختصاص وإحالتها للمحكمة المختصة التي تلتزم بنظرها والفصل في موضوعها ولا يجوز لها هي الأخرى القضاء بعدم قبولها (قارن أمينة النمر بند 103 وتذهب إلى وجوب الحكم بعدم قبول الدعوى إذا صدر أمر بالرفض وتحديد جلسة بالرغم من توافر شروط أمر الأداء).

ورفض إصدار الأمر وتحديد جلسة لا يعتبر حكماً بعدم الإختصاص والإحالة حتى تلتزم به المحكمة من حيث الإختصاص، ومن ثم يجوز لها بحث إختصاصها دون التقيد بأمر الرفض الذي ترتب عليه طرحه عليها، وإنما إذا قضت هي بعدم الإختصاص والإحالة ، كان هذا القضاء ملزماً للمحكمة التي أحيلت الدعوى إليها للإختصاص في نطاق حكم الإحالة.

وفيما يتعلق بالمنقول، فقد أوضحنا فيما تقدم أنه إن لم يكن معيناً أمتنع إصدار الأمر حتى لو كان قابلاً للتعين، إذ يعتبر في هذه الحالة غير معين وغير مقدر.

فإن توافر إحتمال المنازعة في الدين، كان غير معين المقدار، كما في کشوف الحساب وإن كان موقعاً عليها من المدين، إذ يكون الحق الظاهر منها قابلاً للمنازعة فيه.

وبالنسبة لأعمال البنوك من حساب جاري وودائع، فإنها تخضع للقواعد العامة في الرجوع بالرصيد المتعلق بها حتى لو أقفل هذا الحساب ما لم يصدر من البنك للعميل سند بالرصيد يكون مستوفياً الشروط اللازمة الإستصدار أمر بالأداء .

(5) أن يكون الدين حال الأداء :

سواء تحقق ذلك وقت نشوء الإلتزام أو بعد ذلك، وحينئذ يلتزم المدين بالوفاء طوقاً وإلا جاز للدائن أن يجبره على ذلك بإستصدار أمر بالأداء يقوم بتنفيذه جبراً عليه، وذلك وفقاً للقواعد المتعلقة بأثر الإلتزام، وقد يتضمن الإلتزام أوصافاً معدلة لهذا الأثر مما يجعل الدين حال الأداء ولكنه يكون مع ذلك معرضاً للزوال إذا تحقق الوصف الذي أتفق عليه الطرفان ، ولا يحول هذا دون قيام المدين بتنفيذ التزامه طوعا، فإذا أمتنع ، وكان الدین مبلغا من النقود أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه أو مقداره، جاز إجباره على ذلك بإستصدار أمر بالأداء، فقد يعلق الإلتزام على شرط فاسخ، فيكون الإلتزام نافذاً ولكنه ينفسخ إذا تحقق الشرط. يعود الطرفان إلى ما كان عليه قبل التعاقد، مثال ذلك أن يؤجر المالك وحدة مفروشة بأجرة معينة ويضمن عقد الإيجار شرطاً فاسداً بإلتزام المستأجر بتسليم الوحدة للمؤجر عند زواج ابن الأخير، ففي هذه الحالة يكون الالتزام نافذاً وتكون الأجرة حالة الأداء بحلول الميعاد المحدد للوفاء بها، فإن أمتنع المستأجر عن الوفاء بها جاز للمؤجر إجباره على ذلك بإستصدار أمر بالأداء.

وقد يضاف الإلتزام إلى أجل فاسخ، وفي هذه الحالة أيضاً يكون الالتزام نافذا ولكنه ينفسخ إذا حل الأجل، مثال ذلك ان يؤجر المالك وحدة مفروشة لمدة سنة ينفسخ العقد بإنقضائها، ويترتب على ذلك أن یکون دین الأجرة حال الأداء بحلول الميعاد المحدد للوفاء بها.

وعلى عكس ما تقدم، يكون الإلتزام غير نافذ وبالتالي غير حال الأداء إذا كان معلقاً على شرط واقف أو مضاف إلى أجل واقف، ولا يكون نافذاً إلا إذا تحقق الشرط أو حل الأجل، وقبل ذلك لا يجوز تنفيذه أو إستصدار أمر أداء بالدين، ومثال الشرط الواقف، أن يبيع الوصي سيارة مملوكة للقاصر بثمن معين ويعلق هذا الإلتزام على موافقة المحكمة المختصة ، فإذا وافقت على البيع بهذا الثمن، تحقق الشرط الواقف وأصبح الإلتزام نافذاً ، ووجب على المشتري دفع الثمن وعلى الوصي تسليم السيارة أو عرضها عرضا حقيقياً على المشتري على النحو المقرر قانوناً ثم إستصدار أمر أداء وترفق بعريضته عقد البيع وقرار المحكمة والدليل على عرض السيارة وتعيين حارس عليها لحساب المشتري ، أما إذا رفضت المحكمة، تخلف الشرط.

ولا يجوز استصدار أمر أداء إعمالاً للشرط الجزائي لخضوعه لتقدير المحكمة إذ لها رفض الأخذ به أو تعديله.  

ويسقط حق المدين في الأجل عملاً بالمادة (273) من القانون المدني إذا أشهر إفلاسه أو إعساره، وإذا أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص، وإذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات.

وبصدور الحكم بإشهار إفلاس المدين، يسقط حقه في الآجال التي منحها له الدائنون، ولكن لا يجوز لهؤلاء اتخاذ إجراءات فردية ضده وإنما ينضمون إلى جماعة الدائنين بعد تحقيق ديونهم، ومن ثم لا يجوز لأحدهم أن يستصدر أمر بالأداء، وإلا تعين رفضه وتحديد جلسة لتصدر المحكمة حكماً بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطرق الذي رسمه القانون التجاري الذي أوجب في هذه الحالة على الدائن إتخاذ إجراءات تحقيق الدين. وذلك خلافاً لصدور حكم بإعسار المدين فإنه لا يحول دون إتخاذ الدائنين لإجراءات فردية ضد المدين عملاً بالمادة (256) من القانون المدني، ومن ثم يصبح الدين حال الأداء ويجوز للدائن أن يستصدر أمر أداء به.

ولما كان سقوط الأجل في حالة إضعاف التأمين، يتطلب أن يكون ذلك بفعل المدين سواء كان عن عمد أو تقصير وأن يؤدي ذلك إلى أضعاف التأمين الخاص إلى حد كبير، ومن ثم لا يسقط الأجل ولا يحل الدين إذا كان هذا الإضعاف لم يكن بفعل المدين، أو كان بفعله ولكن لم يترتب على ذلك أضعاف التأمين الخاص إلى حد كبير، وهي أوجه دفاع تؤدي حتماً إلى المنازعة مما يوجب أن يكون الرجوع بالدين عن طريق الدعوى لتخلف شرط الدين الحال ما لم يتوافر لدى الدائن الدليل على أن المدين هو الذي أضعف التأمين بفعله وإلى حد كبير، مثال ذلك أن يكون الدائن باع سيارته للمدين بثمن مؤجل وقد تقرر له حق إمتیاز عليها وتسبب المشتري في حادث أدى إلى إتلافها

إلى حد كبير بحيث لا يفي ثمنها إذا بیعت بالدين المستحق للبائع وهو ما يضعف التأمين الخاص، فإذا تقدم الأخير بمحضر الضبط متضمناً المعاينة، صدر له أمر بالأداء.

وإذا وعد المدين بتقديم تأمين للدائن خلال مدة معينة ولم يقدمه سقط الأجل وحل الدين، وكان للدائن استصدار أمر بالأداء ، فإن لم تحدد مدة التقديمه كان المدين ملزماً بتقديمه في الحال وإلا سقط أجل الدين.

6 -أن يكون الدين ثابتاً بالكتابة:

والكتابة لازمة في معنى المادة (201) من قانون المرافعات، ليست كأداة إثبات فحسب، وإنما أيضاً كشرط لاستصدار أمر بالأداء، بحيث إذا كان المدين غير ثابت بالكتابة فلا يجوز الإستناد إلى ما يقوم مقامها لما يتطلبه ذلك من إستجواب الخصوم للحصول على إقرار قضائي أو إحالة الموضوع إلى التحقيق إذا توافر مبدأ الثبوت بالكتابة أو كان الدين مما يجوز إثباته بالبينة والقرائن ، وهو ما يتطلب مثول الخصوم وسبيل ذلك هو طريق الدعوى، وفي أوامر الأداء يصدر القاضي الأمر في غيبة الخصوم ويموجب سند الدين وما يقدم معه من مستندات، ولذلك يجب أن يكون الدين ثابتاً بالكتابة حتى يتمكن القاضي من التحقق من توافر الشروط اللازمة لإصدار الأمر، فإن إنتفت الكتابة ، تخلف أحد هذه الشروط وإمتنع القاضي عن إصداره ولا يجوز للدائن أن يركن إلى أي دليل آخر، كتوجيه اليمين الحاسمة لتعارض ذلك مع النظام الذي وضعه المشرع لتلك الأوامر.

ويجب أن يتوافر في السند المكتوب المقومات اللازمة لإلزام المدين بأداء الحق الثابت به لدائنه، ومن ثم يجب أن يكون موقعاً من المدين أو ممهوراً ببصمة إصبعه أو خاتمه أو بالتوقيع وبصمة الإصبع أو ببصمتي الإصبع والخاتم ، سواء كان التوقيع بالإسم المقروء للمدين أو بالفورمة التي يوقع بها طالما ثبت من السند إسمه كما تضمنته عريضة الأمر، ويجب أن يكون السند خالياً من الكشط والتصحيح والإضافة إلا إذا كان المدين قد وقع قرين ذلك للدلالة على إجرائه بموافقته، وبدون التوقيع الأخير يتحقق النزاع مما يحول دون إصدار الأمر. كما يجب أن يتضمن السند طبيعة الدين كمبلغ من النقود أو منقول معين بنوعه، ومقدار الدين ما لم يكن مقدراً بمستند آخر موقع عليه من المدين مقدم من العريضة منوها به إلى سند الدين وأنه صدر بتقدير الدين وذلك للتدليل على توافر الرابطة بين السندين وحينئذ يعتبر أن الدين ثابتاً بالكتابة، وأن يبين من السند أو من مرفقات العريضة حلول الدين على التفصيل الذي أوضحناه بالشرط السابق.

فإن لم يكن سند الدين موقعاً عليه من المدين، فلا يصلح لإستصدار أمر بالأداء ولو تمثل السند في حكم حائز قوة الأمر المقضى، إذ للمحكوم له أن يتخذ إجراءات تنفيذه.

وقد لا يكون سند الدین مقدماً من الدائن فيه وإنما من شخص آخر، ويتوقف إصدار الأمر لصالحه أو رفض إصداره على توافر صفته أو إنتفائها، فإذا كان محال إليه ، وجب أن تكون الحوالة قد نفذت في حق المدين حتی تكون للمحال إليه صفة في الرجوع عليه ، فإن لم تكن قد نفذت وجب رفض إصدار الأمر، ويرفق بالعريضة المستند الدال على نفاذ الحوالة، مثال ذلك حوال عقد الإيجار إلى مشتري العين المؤجرة.

ولما كان أثر التصرف ينصرف إلى الأصيل دون نائبه سواء كان أتفاقياً کالوكيل أو قانونیاً کالولي أو قضائياً كالوصي والحارس، فإن الرجوع يكون على الأصيل بإعتباره هو المدين بشرط أن يكون سند الوكالة أو نصوص القانون أو الحكم، يتسع لترتيب هذا الإلتزام مما يوجب تقديم سند الوكالة أو الحكم، فإن لم يقدم أصبح الموضوع محلاً للنزاع مما يوجب على القاضي الإمتناع عن إصدار الأمر.

والرجوع على التركة يجب أن يتم عن طريق الدعوى في جميع الحالات، فلا يجوز الرجوع على الورثة بدين نشأ في ذمة مورثهم وإستوفی شروط أمر الأداء، لأن الرجوع وإن تعلق بما آل للورثة من أموال مورثهم، إلا أن ذلك دائماً يكون محل النزاع، فقد لا تتسع التركة لذلك، ويجب أن يقر الورثة ولو ضمناً بصحة التوقيع المنسوب لمورثهم، فضلاً عن المنازعات الأخرى، وهو ما يحول دون إصدار أمر ضد الورثة بالأداء من تركة مورثهم ، وينصرف ذلك إلى سندات الدين ومؤخر الصداق، مما يتعين معه الرجوع بها بطريق الدعوى.

وللزوجة الرجوع على زوجها بموجب أمر بإلزامه بأداء منقولات الزوجية المعينة بذاتها بقائمة الجهاز، وليس لها المطالبة بقيمتها ولو كانت هذه القيمة مقدرة بالقائمة إلا إذا ثبت منها أن لها الحق في الخيار بين المنقولات وقيمتها، فإن خلت القائمة من حقها في الخيار امتنع عليها إستعماله إلا بطريق الدعوى.

وإن كانت الصورة الضوئية لسند الدين تصلح دليلاً في الدعوى، فإن ذلك يرجع إلى افتراض اطلاع المدين عليه وعدم جحده له ولو لم يحضر أي من جلسات المرافعة لما هو مقرر من إفتراض علم الخصم بالمستندات التي أودعها خصمه أثناء نظر الدعوى. ويختلف الحال بالنسبة لإجراءات إستصدار أمر الأداء، إذ يصدر في غيبة الخصوم ومن ثم لا يساغ القول بإفتراض علم المدين بالصورة الضوئية وعدم جحده لها، مما يجب معه على القاضي أن يمتنع عن إصدار أمر الأداء إذا إقتصر الدائن على تقديم صورة ضوئية من سند الدين وذلك لاحتمال المنازعة فيه.

وإن كان الدين ثابتاً بورقة رسمية، فللدائن تذييلها بالصيغة التنفيذية فور حلول الأجل المحدد بها، ومن ثم تكون سنداً تنفيذياً يغني الدائن عن سلوك طريق أمر الأداء، لكن إذا حل أجل الدين ولم يرغب الدائن في وضع الصيغة التنفيذية على سند الدين الرسمي، وتقدم به لاستصدار أمر أداء ، وجب على القاضي إصداره متى كان مستوفياً الشروط اللازمة لذلك، ولا يمنع صدور الأمر من تذييل السند بالصيغة التنفيذية.

ويقوم القاضي بالتأشير على المستندات المقدمة مع العريضة بما يفيد نظرها موضحاً رقم أمر الأداء والمحكمة التي عرض عليها.

مناط إعتبار الدين ثابتاً بالكتابة:

أن ثبوت الدين بالكتابة شرط لإصدار أمر الأداء ، ومناط توافر هذا الشرط ، فضلاً عما تقدم، أن يكون المطلوب إصدار الأمر ضده ، هو من له توقيع أو بصمة على المحرر، ألتزم بموجبه بالوفاء بالدين، سواء كان مديناً أو كفيلاً متضامناً أو غير متضامن، إذ يسأل كل من هؤلاء عن الدين، وأن الدفع بالتجريد الذي يجوز للكفيل غير المتضامن أن يتمسك به ، يكون عند التنفيذ عليه بالدين وليس عند المطالبة به. (راجع بند «الرجوع على المدينين المتضامنين»، فيما يلي .

وإذا توفي المدين، فيكون رجوع الدائن على الورثة بالإجراءات المعتادة وليس بطريق أمر الأداء، لأنهم غير مسئولین شخصياً عن الدين من مالهم الخاص وإنما من تركة مورثهم.

مناط الإقرار الجائز استصدار أمر الأداء بموجبه:

الإقرار بالدين، هو اعتراف من المقر بإنشغال ذمته بالدين محل الإقرار الصالح المقر له، فإن جاء الإقرار مطلقاً لم يتضمن سبباً لإلتزام المقر، كان بمثابة سند دین ألتزم الأخير بموجبه بالوفاء بهذا الدين في الأجل المحدد، أو فور صدور الإقرار إن لم يتضمن أجلا، وجاز إستصدار أمر أداء بموجب هذا الإقرار، إستناداً لظاهر الإقرار فإن تظلم المقر، طرح النزاع على المحكمة التي تنتظر التظلم، وفصلت فيه كما لو كان دعوی مبتدأة.

أما إذا تضمن الإقرار سبباً لإلتزام المقر، وجب على قاضي الأداء تمحيص هذا السبب، فإن وجد الدین مستقراً غير قابل للتعديل، أصدر الأمر، أما إن وجده قابلاً للتعديل أو إبراء المقر منه، رفض إصدار الأمر، مثال ذلك أن يكون الدين الثابت بالإقرار، بمثابة شرط جزائي، لما هو مقرر أن هذا الشرط لا يقضي به إلا بقدر الضرر الذي لحق بالمقر له، بحيث إذا إنتفى الضرر، فلا يقضي بشيء، وهو ما يتطلب إثبات الضرر أو نفيه ما يخرج عن ولاية قاضي الأداء ويدخل في ولاية المحكمة، لتوافر موجب المنازعة في الدين .

عدم صلاحية الشرط الجزائي لإستصدار أمر الأداء:

ويستوي أن يرد الشرط الجزائي بالعقد أو بإقرار.

الرجوع بموجب الأوراق التجارية :

إذا كان صاحب الحق دائناً بورقة تجارية وإقتصر رجوعه على الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الإحتياطي لأحدهم، وجب عليه سلوك طريق أمر الأداء والأوراق التجارية هي الكمبيالة والشيك والسند الإذني والسند الحامله ، وتصدر الكمبيالة والشيك بين ثلاثة أشخاص هم الساحب أي محرر الورقة والمسحوب عليه وهو مدين الساحب ثم المستفيد من الورقة، أما السند الإذني فيصدر بين شخصين هما الساحب والمسحوب عليه.

والدين الوارد بالكمبيالة هو دين تجاري حتى لو كان الساحب غير تاجر وتعلق الدين بمسألة مدنية كثمن عقار، خلافاً للشيك والسند الإذني والسند الحامله، فلا يكون تجارياً إلا إذا تعلق بتجارة الساحب، بحيث إذا قدمت الورقة لإستصدار أمر أداء وطلب الفوائد القانونية، وجب إحتسابها بواقع 75 دائما بالنسبة للكمبيالة ، أما بالنسبة للأوراق الأخرى، فبحسب طبيعة الدين، فإن كان تجارياً قدرت الفوائد بواقع 5 % أما إذا كان مدنياً قدرت بواقع 4 % ، وينصرف نص المادة ( 2 / 201 ) إلى الأوراق التجارية.

وتتداول الأوراق التجارية بطريق التظهير دون إعتداد بطبيعة الدين، ويثبت الحق فيها لحاملها، ويكون الساحب لها أو محررها هو الملتزم بقيمتها فقد لا يكون المسحوب عليه مديناً له ومن ثم يمتنع الرجوع على الأخير إلا إذا ألزم نفسه بقيمتها ويتم ذلك بقبوله لها، وإذا وجد ضامن إحتياطي لأحد هؤلاء، فإنه يكون في حكم المدين مثله مثل الساحب أو المحرر أو القابل، ولذلك يجوز للحامل الرجوع على أحد هؤلاء منفرداً بإعتبار أن كلا منهم مديناً للحامل بقيمة الورقة، متى أراد الاخير أن يسلك طريق أمر الأداء. أما إذا أراد الرجوع عليهم جميعاً أو على بعضهم، وجب عليه أن يسلك الطريق العادي المتمثل في الدعوى ، كذلك إذا أراد الرجوع على أحدهم أو بعضهم وعلى المظهرين والكفلاء .

ومتی إستقامت الدعوى على هذا النحو، ظلت مقبولة حتى لو ترك المدعي الخصومة فيها بالنسبة للمدعى عليهم عدا أحدهم من عددتهم المادة (201) کمالو قصر دعواه على الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الإحتياطي، إذ متى رفعت الدعوى بالطريق الصحيح فلا يؤثر في صحتها ما يطرأ عليها من تغيير في الخصوم بعد رفعها.

ويتوافر قبول الورقة التجارية بإعلان بروتستو القبول إلى المسحوب عليه مرفقاً به الورقة، فإذا قبلها الأخير أثبت المحضر ذلك وقام المسحوب عليه بإثبات أية عبارة بظهر الورقة تفيد قبوله لها مثل «مقبول» أو «أقبل الإلتزام بالقيمة» ثم التوقيع قرينها وبيان تاريخه ، فإذا أمتنع المسحوب عليه عن القبول لأي سبب، أثبت المحضر ذلك بالبروتستو الذي يعتبر بروتستو بعدم القبول، ولما كان القبول من التأمينات التي عول عليها الحامل طالما لم يحرم منه بشرط في الكمبيالة كما لو تضمنت عبارة «بشرط عدم القبول» فإنه يترتب علي بروتستو عدم القبول سقوط الأجل وتصبح القيمة مستحقة الوفاء وحالة الأداء ، وحينئذ يقوم الحامل بإعلان البروتستو إما للساحب وحده وإماله وللضامنين الإحتياطيين والمظهرين إن وجدوا، وذلك ليقدم الساحب كفيلاً موسر يرتضيه الحامل أو دفع القيمة فإن لم ينفذ شيئاً من ذلك، رجع الحامل بطريق الدعوى وليس بطريق أمير الأداء سواء كان الرجوع على الساحب وحده أو عليه وآخرين، حتى يتمكن الساحب من تقديم كفيل موسر أو دفع القيمة، بإعتبار هذا الإختيار مقرر لمصلحة الساحب ، فإن قدم كفيلا عاد الأجل إلى أصله وإلا قضى بإلزامه بالقيمة ، وليس لبروتستو عدم القبول مدة محددة ولكنه شرط لرجوع الحامل على الساحب وسائر الملتزمين. وتتم الكفالة بعقد مستقل عن الورقة التجارية أو بتظهير يفيد ذلك، بينما يتم الضمان الإحتياطي بتظهير يتضمن هذا الضمان، وكل ذلك على التفصيل الذي أوضحناه بكتابنا في الصيغ القانونية.

ولما كان الطلب القضائي ينصرف إلى الدعوى وإلى أمر الأداء، ومن ثم إذا سلك الدائن أحد الطريقين، فلا يجوز أن يسلك في نفس الوقت الطريق الآخر وإن كان يمتنع الدفع بالإحالة في هذه الحالة لصدور أمر الأداء في غيبة الخصوم، لكن إذا صدر الأمر جاز دفع الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بأمر الأداء، وغالباً ما ترفض المحكمة تسليم مستندات الدعوي أثناء تداولها، ولا يحول رفعها دون إيداع مستنداتها وهو ما يجوز معه إستصدار أمر بالأداء.

وإذا كان للساحب الذي قدم مقابل الوفاء أن يتمسك بسقوط حق الحامل في الرجوع عليه بسبب إهماله، وهو ما تتوافر به المنازعة في الحق ويكون الساحب في هذه الحالة في حكم المظهر ومن ثم يمتنع الرجوع عليه بطريق أمر الأداء، ويتعين على الحامل إذا أراد الرجوع عليه أن يسلك الطريق المعتاد برفع الدعوى.

ولا يجوز توقيع الحجز التحفظي التجاري إلا بموجب كمبيالة موقعة من تاجر أو بموجب سند إذني.

الرجوع بأمر الأداء في عقد الكفالة:

يبين من الأعمال التحضيرية للقانون المدني، أن المشروع التمهيدي كان يوجب على الكفيل أن يخطر المدين قبل أن يقوم بوفاء الدين وإلا سقط حقه في الرجوع علي المدين، كما كان يوجب علي الكفيل إذا طالبه الدائن قضائياً ، إدخال المدين في الدعوي ، وإلا سقط حقه في الرجوع عليه، وذلك عند مناقشة المادة 798 من القانون المدني.

وأدت المناقشة إلي حصر الإجراء الذي يقوم به الكفيل في حالة عزمه علي الوفاء الإختياري، دون أن ينوه إلي حالة رجوع الدائن قضائياً ، ولم يقصد بهذا الإغفال قصر الأخطار علي العزم على الوفاء، وإنما يمتد أيضاً إلي رجوع الدائن قضائياً ، وبالتالي يجب علي الكفيل في الحالة الأخيرة إخطار المدين بالدعوي التي رفعها عليه الدائن والطلبات فيها وسحبها والجلسة المحددة لنظرها، كما يجوز للكفيل إدخال المدين فيها بموجب دعوي ضمان فرعية لإلزامه بما عسي أن يقضي به للدائن، في الحالة التي يرجع فيها الدائن بموجب الدعوي، أما إذا رجع بأمر الأداء، فإن الكفيل يجب عليه أن يخطر المدين بالاجراء الذي إتخذه الدائن متمثلاً في تكليفه بالوفاء، ويعد هذا التكليف بمثابة طلب بالوفاء الإختياري يوجب علي الكفيل إخطار المدين به، فإذا تأخر رد المدين أو إعتراض عليه، وتقدم الدائن بعريضة إستصدار أمر الأداء، وهي بمثابة عريضة الدعوي التي يرجع الدائن بها علي الكفيل، فيعتبر الكفيل قد أخطر المدين برجوع الدائن عليه عندما أخطره بما تضمنه التكليف بالوفاء ، بحيث اذا صدر أمر الأداء بإلزام الكفيل بالدين، جاز له الوفاء تنفيذاً للآمر ثم الرجوع علي المدين، أو الإعتراض علي الأمر، ثم إدخال المدين في الدعوي التي تنظر بناء على هذا الإعتراض، للحكم عليه بما عسي أن يحكم به للدائن.

فإذا صدر الحكم بإلزام الكفيل بأنه يؤدي الدين ، أجبر علي تنفيذه ، وحينئذ لايعد هذا التنفيذ وفاء إختيارياً ، وبالتالي لا يلتزم الكفيل بإخطار المدين بعزمه على الوفاء، بحيث إذا قام بالوفاء عند إعلانه بالسند التنفيذي ، فإنه يكون قد قام بالوفاء بموجب هذا السند تفادياً لاجراءات الحجز، ويظل له الحق في الرجوع علي المدين، دون أن يكون للأخير التمسك بسقوط حق الكفيل لعدم إخطاره بعزمه علي الوفاء، لإنحصار هذا الدفع في الوفاء الإختياري الذي يتم قبل مباشرة الإجراءات القضائية بالرجوع على الكفيل.

واذا لجأ الدائن إلي الإجراءات المعتادة لرفع الدعوي، فإن التزام الكفيل ينحصر في إخطار المدين بقيام الدائن برفع الدعوي علي الكفيل، ومتي قام بهذا الإخطار، ثبت حقه في الرجوع علي المدين بالدين عند تنفيذه الحكم الذي يصدر في الدعوي ، دون إلتزامه بأي إجراء آخر، فلا يلتزم باخطار المدين قبل قيامه بتنفيذه الحكم الذي الزمه بالدين. وللكفيل الحق في إدخال المدين خصما في الدعوي لإلزامه بما عسي أن يقضي به عليه للدائن، وذلك وفقاً للإجراءات المقررة لدعوي الضمان الفرعية، ويقوم إعلان صحيفة دعوي الضمان مقام الإخطار المشار إليه، ويغني عنه، بإعتبار أن الغاية من الاخطار هو حفظ حق الكفيل في الرجوع علي المدين، وهو ما تحقق برفع دعوي الضمان دون حاجة لإنتظار صدور حكم نهائي وتنفيذه ، لرجوع الكفيل علي المدين بعد أن حفظ الأول حقه في ذلك بالإخطار.

ومحل الرجوع، سواء بين الدائن والكفيل، أو بين الدائن والمدين، أو بين الكفيل والمدين، هو الدين، وإذ تنص المادة 201 من قانون المرافعات علي أنه «إستثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوي إبتداء، تتبع الأحكام الواردة في المواد التالية اذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الآداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه أو مقداره. وتتبع هذه الأحكام اذا كان صاحب الحق دائن بورقة تجارية وإقتصر رجوعه علي الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الإحتياطي لأحدهم، أما إذا أراد الرجوع علي غير هؤلاء وجب إتباع القواعد العامة في رفع الدعوي.

مفاد ذلك، أن رجوع الدائن بالدين النقدي، يكون بسلوك طريق أمر الأداء سواء رجع علي المدين أو علي الكفيل، وإذا قام الكفيل بالوفاء للدائن، أصبح دائناً بمقدار الدين الذي قام بالوفاء به، ووجب أن يرجع به علي المدين بسلوك طريق أمر الأداء متي قام الدائن بتحویل سند الدين اليه ونفاذ الحوالة في حق المدين بقبوله لها أو إعلانه بها حتي تتوافر الصفة في الرجوع، فإن لم تكن الحوالة قد نفذت في حق المدين، وجب علي الكفيل الرجوع عليه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي، وذلك بايداع صحيفة الدعوي قلم كتاب المحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدين، كذلك الحال إذا كان الرجوع شامل المصاريف إذ ينحصر أمر الاداء في أصل الدين والفوائد دون ما يكون الدائن قد تكبده من مصاريف أو كان قد طلب تعويضا.

فإذا كان صاحب الحق دائن بورقة تجارية، وإنحصر رجوعه علي الساحب أو المحرر أو القابل للورقة أو الضامن الإحتياطي لأحدهم، وجب عليه سلوك طريق أمر الأداء. ويكون كل هؤلاء في حكم المدين، ولذلك يجوز للحامل الرجوع علي أي منهم منفرداً بقيمة الورقة بسلوك طريق أمر الأداء، أما اذا أراد الرجوع عليهم جميعاً أو علي بعضهم وجب عليه أن يسلك الطريق العادي المتمثل في الدعوي، كذلك اذا أراد الرجوع علي أحدهم أو بعضهم وعلي الكفيل، أما اذا رجع علي الكفيل وحده ، وجب أن يسلك في رجوعه طريق أمر الأداء.

ورغم توافر التضامن بين الساحب والقابل والضامن الإحتياطي، إلا أنه لا يجوز الرجوع عليهم مجتمعين إلا بطريق الدعوي تمكيناً لكل منهم من ابداء دفوعه ، حتي لو قام الكفيل بالوفاء و أراد الرجوع عليهم، خلافاً للتضامن بين المدينين بموجب سند لا يعتبره القانون من الأوراق التجارية، اذ لو قام الكفيل بالوفاء، وجب أن يلتزم في رجوعه عليهم سلوك طريق أمر الأداء.

وإذا قام الكفيل بالوفاء بالدين، فإن رجوعه على المدين يكون بطريق أمر الأداء عملاً بالمادة (201) من قانون المرافعات، إذا إنحصر رجوعه في أصل الدين والفوائد ، بشرط أن يقوم الدائن بحوالة حقه إلى الكفيل وأن تنفذ تلك الحوالة في حق المدين بقبوله لها أو إعلانه بها.

ولا يغني عن قبول الحوالة، أن يكون الكفيل قد أخطر المدين بعزمه على الوفاء بالدين، لإنحصار أثر الإخطار في رجوع الكفيل على المدين، ولأنه إجراء سابق على حوالة الحق التي يجب إعلان المدين بها بعد إبرامها.

أما إذا تضمن الرجوع المصاريف والتعويض، فإن الرجوع يكون بموجب الدعوى التي تتوافر شروطها بالنسبة للكفيل وليس بطريق أمر الأداء.

 الدين الثابت بعقد ملزم للجانبين:

في العقود الملزمة للجانبين، يكون إلتزام المتعاقد سبباً لالتزام المتعاقد الآخر، ويترتب على ذلك، أنه لا يجوز للمتعاقد أن يطلب من المتعاقد الآخر تنفيذ التزامه أو إلزامه بذلك إلا إذا كان هو قد نفذ التزامه ، فإن لم يكن قد قام بتنفيذه وطلب من خصمه أن ينفذ إلتزامه أو طلب إلزامه بذلك، كان للأخير الحق في الإمتناع عن تنفيذ إلتزامه بموجب الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس.

فإن نشأ عن العقد إلتزام بدفع مبلغ من النقود أو تسليم منقول معين بذاته أو بنوعه أو مقداره، وإستند الدائن إلى هذا العقد لإقتضاء هذا الدين، فإنه لا يجوز له أن يسلك طريق أمر الأداء لإقتضائه ولو كان مستوفياً الشروط اللازمة لذلك إلا إذا كان العقد يدل بذاته أو بسند موقع عليه من المدين على تنفيذ الدائن لإلتزاماته المترتبة عليه ولم يبق من الإلتزامات إلا تنفيذ المدين لإلتزامه بدفع الدين ويكفي في ذلك أن يكون المدين قد أسقط كل حق له في الرجوع على الدائن أو في التمسك بعدم التنفيذ أو في الحبس ويتحقق ذلك عندما يقر المشتري في عقد البيع أنه أشتری ساقط الخيار وأنه يلتزم بدفع الثمن أو الباقي منه في أجل معين وأنه قد تسلم المبيع، وإعمالاً لهذا الشرط يكون قد أسقط حقه في الرجوع على البائع أو الدفع بعدم التنفيذ أو التمسك بالحق في الحبس، وحينئذ يكون الدين، فور حلول الأجل، قد إستوفي الشروط اللازمة لإستصدار أمر بالأداء مما يوجب على البائع الرجوع بموجبه لاقتضاء الدين.

أما إذا جاء العقد أو المستندات الأخرى الموقع عليها من المدين خلواً من ذلك، ولم يستدل منها على تنفيذ الدائن لإلتزاماته أو سقوط حق المدين في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ أو في التمسك بحقه في الحبس مما قد يؤدي إلى المنازعة، وحينئذ يمتنع اللجوء لأمر الأداء لانتفاء الشروط اللازمة لسلوك هذا الطريق، وإلا كان الأمر باطلاً ووجب على المدين الطعن فيه في الميعاد المقرر وإلا سقط حقه في ذلك وتحصن الأمر وحاز قوة الأمر المقضي، بإعتبار أن الحجية تسمو على اعتبارات النظام العام.

وإذا أبرم عقد بيع بطريق العربون، فإن رجوع المشتري بطلب ضعف العربون يكون بطريق الدعوى إذا لم يثبت بالعقد كل المبلغ المطلوب وهو شرط لسلوك طريق أمر الأداء، فإن تضمن العقد هذا المقدار وإختار البائع العدول وأخطر المشتري بذلك، أصبح المبلغ حال الأداء ويكون الرجوع به بإستصدار أمر بالأداء ما لم تحتمل صياغة العقد إعتباره مقدم ثمن وفي هذه الحالة يستند إسترداده إلى فسخ أو بطلان العقد ويندرج طلب الإسترداد ضمن الفسخ أو الإبطال ويتعين الرجوع بطريق الدعوى.

وإذا تفاسخ المتعاقدان أو إستحال التنفيذ تعين رد العربون باستصدار أمر أداء إستناداً إلى إتفاق التفاسخ أو الدليل على إستحالة التنفيذ. ويتعين تقديم أي منهما مع عريضة أمر الأداء حتى لا يرفض القاضي إصدار الأمر.

الرجوع على المدينين المتضامنين:

أن الدائن بحق، ثابت في ورقة تجارية لا يجوز له أن يرجع رجوعاً جماعياً بطريق أمر الأداء رغم توافر التضامن وذلك إلتزاماً بنص الفقرة الثانية من المادة (201) من قانون المرافعات، فإن تحقق التضامن بين المدينين بموجب سند لا يعتبره القانون من الأوراق التجارية وتوافرت شروط أمر الأداء وجب على الدائن أن يسلك طريق هذا الأمر.

وإذا تعدد الدائنون المتضامنون، جاز لأي واحد منهم أو لهم جميعاً الرجوع على المدين بأمر الأداء عملاً بالمادة (281) من القانون المدني. 

رفع دعوى بدين تتوافر فيه شروط أمر الأداء:

متى توافر في الدين الشروط الموضحة فيما تقدم، وجب على الدائن أن يسلك طريق أمر الأداء، بإعتباره طريقاً وجوبياً في هذه الحالة متعلقاً بالتنظيم القضائي الذي قرره المشرع تحديداً لإجراءات الإلتجاء إلى القضاء، وهو ما يتصل بالنظام العام ويترتب على مخالفته عدم قبول الإجراء الذي يرفع بغیر الطريق الذي حدده القانون إلتزاماً بمقتضيات هذا النظام، ومفاد ذلك أن طلب الأداء إذا قدم بدين لا تتوافر فيه الشروط اللازمة لإستصداره كان غير مقبول ويلتزم القاضي بالامتناع عن إصداره وتحديد جلسة لنظر الموضوع، وأيضاً إذا رفعت الدعوى بدين تتوافر فيه شروط إستصدار أمر الأداء، وجب على المحكمة ومن تلقاء نفسها القضاء بعدم قبول الدعوى والوقوف عند هذا الحد، ويكون المدعي وشأنه في إتخاذ إجراءات أمر الأداء، ويعتبر الدفع مطروحاً على المحكمة بحكم القانون دون حاجة إلى تمسك أحد الخصوم به كما يمتنع عليهم الإتفاق على ما يخالف الطريق الذي حدده المشرع لإقتضاء الحق وإلا كان الإتفاق باطلاً.

وثار الحلف بالنسبة لطبيعة عدم القبول، وذهب رأي، وهو ما إستقر عليه قضاء النقض حتى الآن، إلى أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط إستصدار أمر الأداء هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه، وبالتالي يكون هذا الدفع موجها لإجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (115) من قانون المرافعات ، وإذا قضت محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الدعوى لهذا السبب ثم قضت محكمة الإستئناف بإلغاء هذا الحكم ورفض الدفع المبدي بعدم القبول، وجب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها لأنها لم تقل كلمتها فيه، ولا تملك محكمة الإستئناف التصدي لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم.

والدفع بعدم القبول الذي تعنيه الفقرة الأولى من المادة (115) من قانون المرافعات ، هو الدفع الذي تستنفد به محكمة الدرجة الأولى ولايتها إذ يتطلب التصدي له بحث الصفة والمصلحة مما يوجب عليها بحث علاقة الخصوم بالحق موضوع النزاع لإستخلاص الصفة والمصلحة وبذلك تتصدى للموضوع وهو ما تستنفد به ولايتها، كذلك إذا تصدت للحق في رفع الدعوى. ويخرج عن هذا النطاق عدم القبول لتوافر شروط أمر الأداء، إذ لا يتطلب ذلك التصدي للحق محل الطلب ذاته.

وذهب فريق من الفقه إلى أن الدفع المتعلق بالشروط اللازمة لاستصدار أمر الأداء، هو دفع موضوعي تستنفد به محكمة الدرجة الأولى ولايتها في نظر الدعوى بحيث إذا قضت محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم المستأنف، فإنها تتصدى للموضوع. وهو ما يقرره أبو الوفاء في التعليق وفي التنفيذ بند 82 إستناداً إلى تعلق الدفع بأصل الحق.

ومفاد الرأي المتقدم، أن الدفع بعدم القبول الذي تستنفد به محكمة - الدرجة الأولى ولايتها هو ما يتناول بحث الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى وهو حق مستقل عن الحق الذي رفعت به الدعوى، وأن الشروط الواجب توافرها لإستصدار أمر بالأداء تتمثل في أن يكون الحق مبلغاً من النقود أو منقول معين بنوعه ومقداره وأن يكون حال الأداء، بحيث إذا خلصت المحكمة إلى توافر هذه الشروط قضت ولو من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى ، وهذا البحث يقتضي منها الوقوف على مدى الحق في الطلب القضائي المطروح عليها بتصديها لكل من هذه الشروط بحيث إذا خلصت إلى توافرها - أو عدم توافرها - إنتفى بذلك الحق في طلب الدين بطريق الدعوى، وهو ما يمس أصل الحق، وأن القاضي إذا أمتنع عن إصدار الأمر، دل ذلك على تخلف الشروط اللازمة لذلك، ويكون أمر الرفض بمثابة رفض الدعوى بحالتها ولا يحول بين القاضي ونظر الموضوع عند تحديد جلسة لذلك، ولا تعارض بين إصدار حكم في الموضوع وبين أمر الرفض أن صدر الحكم إستناداً إلى ذات السند الذي قدم في أمر الرفض.

وما إستقر عليه قضاء النقض، هو ما يتفق والنظام الذي وضعه المشرع الأوامر الأداء، ذلك لأنه إذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بدین تتوافر فيه شروط أمر الأداء ، فتقدم الطالب لإستصدار هذا الأمر، فإمتنع القاضي عن إصداره، ولا معقب عليه في ذلك إذ لا يجوز التظلم من هذا الرفض سواء إلى نفس القاضي الأمر أو إلى المحكمة المختصة، كما لا يجوز الطعن في أمر الرفض بالإستئناف، وحينئذ يطرح أمر الرفض على المحكمة بالجلسة المحددة به لنظر الموضوع، غالباً ما تكون هي نفس المحكمة التي سبق لها القضاء بعدم القبول، ولما كان هذا القضاء مبني على دفع شكلي فلا تستنفد به المحكمة ولايتها وتلتزم بالفصل في الموضوع ولا يكون في ذلك تعارض مع قضائها السابق، فإن لم تلتزم بذلك وقضت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وطعن في حكمها بالإستئناف، وجب على محكمة الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في موضوعها، بإعتبار أن عدم القبول أساسه الدفع الشكلي.

أما إذا إعتبرنا أن عدم القبول أساسه الدفع الموضوعي، كان لمحكمة الدرجة الأولى الإلتزام به ويؤدي إلى إستنفاد ولايتها ويكون قضاؤها بعدم جواز نظر الدعوى في الحالة سالفة البيان صحيحاً ، فلا يستطيع الدائن إقتضاء حقه إذ يمتنع عليه استصدار أمر جديد أو رفع دعوى أخرى.

ولا يحول إلتزام المحكمة بأمر الرفض دون القضاء بعدم إختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة التي تلتزم بنظرها والفصل في موضوعها ولا يجوز لها هي الأخرى القضاء بعدم قبولها ما لم يستند ذلك إلى سبب آخر لا يتعلق بتوافر شروط الأداء.

الطلب العارض المستوفي شروط أمر الأداء:

يجوز للمدعى أو المدعى عليه أو الغير أن يقدم طلباً عارضاً في الدعوى القائمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة ، دون إعتداد بطبيعة هذا الطلب طالما كان جائزاً قانوناً وفقاً للمواد (123) وما بعدها من قانون المرافعات، وحتى لو كان مستوفياً شروط أمر الأداء، ذلك لأن مناط اللجوء إلى طريق هذا الأمر بالنسبة للدين المستوفي الشروط اللازمة لذلك أن يطالب به ابتداء وفقا لنص المادة (201) وبإعتباره طريقاً استثنائياً فلا يجوز التوسع في تفسيره مما يوجب قصره على  النطاق  الذي حدده الشارع وذلك عند رجوع الدائن إبتداءً علي مدينه. أما إن كانت هناك دعوى قائمة بالفعل ومرددة بينهما وتوافر الإرتباط بين موضوعها وبين الدین، جاز للدائن الرجوع به بموجب طلب عارض يقدمه في تلك الدعوى، ولا ينال ذلك من حقه في سلوك طريق أمر الأداء إذا شاء ذلك بشرط ألا يكون قد تقدم بالطلب العارض.

مثال ذلك أن يرفع المؤجر دعوى إخلاء ضد المستأجر لعدم سداد الأجرة التي إستحقت، وأثناء نظر الدعوى يتقدم بطلب عارض بإلزام المستأجر بهذا السداد ، فيكون هذا الطلب مقبولاً رغم أنه تتوافر في الدين شروط أمر الأداء بحيث إن لم يكن قد تقدم به على هذا النحو ما جاز له رفع دعوى مبتدأة به إنما كان يجب عليه أن يسلك طريق أمر الأداء. كذلك إذا رفع المستأجر دعوي ضد المؤجر بإلزامه بالنفقات التي تكبدها في الترميمات الضرورية، فيتقدم المؤجر بطلب عارض بإجراء المقاصة القضائية بين المبلغ الذي قد يستحق للمستأجر وبين الأجرة المستحقة له في ذمة المستأجر، أو بين المبلغ المستحق للمستأجر ومبلغ من النقود معين المقدار وحال الأداء مستحق للمؤجر في ذمة المستأجر وثابت بالكتابة، وهو ما كان يجب على المؤجر الرجوع به بطريق أمر الأداء، إلا أنه قد اقتضاه بطريق الطلب العارض المتمثل في المقاصة. ويسری ذلك أيضاً بالنسبة لإدخال الغير خصماً في الدعوى لإلزامه بدین مما تتوافر فيه شروط أمر الأداء.

قبول الطلبات العارضة بعد رفض الأمر أو قبوله:

أنه إذا رفعت دعوی، جاز للخصوم فيها تقديم طلبات عارضة، وتكون هذه الطلبات مقبولة حتى لو كانت مستوفية شروط استصدار أمر بالأداء.

وإذ يصدر أمر الأداء في غيبة الخصوم، فلا يتصور تقديم طلبات عارضة فيه، لكن إذا أمتنع القاضي عن إصدار الأمر وحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الموضوع، قام الطالب بإعلان المدين بأمر الرفض مشتملاً على عريضة أمر الأداء، وحينئذ تحل إجراءات الدعوى محل إجراءات أمر الأداء، فتخضع الإجراءات منذ إتمام هذا الإعلان لقواعد الدعوى وتستقيم على هذا الأساس، كما لو كانت قد رفعت ابتداء ولم تسبقها إجراءات أمر الأداء.

وطالما أدى أمر الرفض إلى العودة إلى إجراءات التقاضي وفقاً للقواعد العامة ، فإنه يجوز للدائن إضافة طلبات لم يكن قد ضمنها عريضة أمر الأداء طالما كانت مرتبطة بها وكان يجوز له أن يضمنها تلك العريضة ، مثل فوائد الدين أو ما قد يستجد من أقساط حتى صدور الحكم، وتعتبر تلك الطلبات أصلية طالما تضمنتها صحيفة إعلان أمر الرفض.

فإن لم يكن الدائن قد ضمنها إعلان أمر الرفض تلك الطلبات، جاز له أن يتقدم بها بعد ذلك كطلب عارض، وحينئذ تلتزم المحكمة بالتصدي له، كما لو كان أمر الرفض ينظر کدعوی مبتدأة.

كذلك الحال إذا أصدر القاضي أمر الأداء، وتظلم منه المدين، إذ يعتبر التظلم بمثابة دعوى مبتدأة يطرحها المتظلم على المحكمة.

وطالما طرحت الدعوى على المحكمة بموجب إعلان أمر الرفض أو إعلان التظلم خضعت لكافة قواعد الدعاوى ومنها تقديم الطلبات العارضة وفقاً لضوابط هذه الطلبات، ويخضع الحكم الصادر في الدعوى للقواعد المقررة للطعن في الأحكام سواء بالإستئناف أو النقض، وينظر الإستئناف وفقاً للقواعد المقررة لذلك.

شرط التحكيم في دين تتوافر فيه شروط أمر الأداء :

التحكيم طريق إستثنائي لبعض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي المعتادة التي تتمثل في رفع الدعاوى، وهو بذلك يماثل نظام أوامر الأداء باعتباره هو الآخر طريقاً استثنائياً لبعض الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضي المعتادة.

مفاد ذلك، أنه إذا توافر في الدين الناشئ عن العقد المتضمن شرط التحكيم الشروط المتعلقة بأمر الأداء ، فلا يساغ القول بوجوب أن يسلك الدائن طريق أمر الأداء لإقتضاء حقه، لأن مناط ذلك أن يكون اللجوء إلى التحكيم طريقاً معتاداً للتقاضي، أما وإنه طريق إستثنائي ومن ثم لا يفضل عليه طريق إستثنائي آخر.

وفضلاً عن ذلك، فإن مناط اللجوء إلى هيئة التحكيم توافر النزاع بين المحتكمين إذ مفاد شرط التحكيم عرض المنازعات الناشئة عن العقد على التحكيم، وهو ما يقطع بتوافر المنازعة من واقع سند الدين مما يحول دون سلوك طريق أمر الأداء. (انظر بهذا المعنى: أبو الوفا، عقد التحكيم، بند 35، وقارن: أمينة النمر، بند 141. وترى وجوب سلوك طريق أمر الأداء لأن حظر الالتجاء إلى القضاء الذي يتضمنه العقد يكون بالنسبة للمنازعات التي تعرض على المحاكم بالطريق العادي أما المنازعات التي جعل المشرع عرضها على القضاء يتم بطريق خاص إستثنائي وإجباري في جميع الحالات فإن شرط التحكيم لا يغير من وجوب أتباع هذا الطريق الاستثنائي» .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الخامس ، الصفحة :181)

 

ويشترط في الدين الذي يطبق عليه نظام الأداء الشروط الآتية :

1- أن يكون المطلوب مبلغا من النقود أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه ومقداره فإذا كان المطلوب التزاما بشيء آخر غير ذلك امتنع الالتجاء إلي هذا الطريق المبسط ، وبذلك يقتصر نظام أوامر الأداء - كما سبق أن ذكرنا- علي النقود والمنقولات المالية والمنقول المعين بذاته كالماشية أو التحف الثمينة ، وإنما تثور الصعوبة إذا كان مطلوب الدائن جزءا من منقول أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه ومقداره والبعض الآخر طلبا غير ما ذكر ، ذلك أن المشرع بین صراحة في نص المادة أن سلوك سبيل أوامر الأداء إنما يلزم في حالة ما إذا كان كل ما يطالب به الدائن هو دين من النقود معين المقدار أو منقول معين بذاته أو بنوعه ومقداره ومفهوم النص أنه في مثل هذه الحالة يكون اقتضاء مطلوب الدائن برفع دعوى بالطرق المعتادة يكون موضعها اقتضاء الطلبات جميعا علي أنه إذا لم يكن بين طلبات المدعي أي ارتباط فإنه يتعين علي المدعي أن يطالب بما يكون من طلباته مبلغا من النقود معين المقدار أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه ومقداره عن طريق أمر الأداء وعليه أن يرفع بغيره دعوي بالطريق المعتاد وهذا هو الواضح من المذكرة الإيضاحية للقانون 100 لسنة 1962 ولم يعدل المشرع في القانون الجديد من أحكام هذا المبدأ كما تثور الصعوبة إذا كان الالتزام التزاما تخيبريا محله مبلغ من النقود أو منقول معين بذاته أو بنوعه ومقداره وأشياء أخرى غير ذلك أو كان التزاما بدلیا محله مبلغ من النقود أو منقول معين بنوعه ومقداره ، وإنما للمدين الوفاء بشيء آخر بدلا من محل الالتزام الأصلي ففي هذه الحالة إذا كان محل الالتزام الأصلي أو البدلي مبلغا معينة من النقود أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه ومقداره والمحل الأخر شيئا آخر فلا سبيل أمام الدائن إلا أن يرفع دعوى بدينه لأن المقرر أنه في الالتزام البدلي يكون الخيار بين المحل الأصلي وبين البديل دائما للمدين فله أن يختار الوفاء بأي من المحلين أما في الالتزام التخييري والفرض أن محل الالتزام متعدد وأن الخيار قد يكون للدائن أو للمدين فإذا كان للدائن واختار الوفاء بالمحل الجائز استصدار أمر الأداء به كان له أن يقتضيه باستصدار أمر الأداء أما إذا كان الخيار للمدين فلا سبيل لاقتضاء الدين إلا برفع دعوی .

۲ - أن يكون الدين ثابتا بالكتابة حتى يكون محقق الوجود ويقتضى هذا أن يكون ثابتا في ورقة موقع عليها من المدين لا يغني عنها مبدأ الثبوت بالكتابة أما إذا كان صاحب الحق دائنا بورقة تجارية فلا يجوز له استصدار أمر بالأداء إلا إذا أراد الرجوع علي الساحب أو المحرر للورقة أو القابل لها أو الضامن الاحتياطي لأحدهم أما إذا أراد الرجوع علي غير هؤلاء كالمظهرين وغيرهم وجب إتباع القواعد العامة في رفع الدعوى وإذا أراد الدائن أن يطالب الفريقين المنصوص عليهما في الفقرتين الثانية والثالثة في هذه المادة أو أحدا من كل فريق وجب عليه أن يسلك طريق الدعوى وهذا هو ظاهر نص المادة.

ويتعين أن يكون السند الكتابي مشتملاً علي كل الشروط التي تتطلبها المادة لاستصدار أمر اداء بمعني أن يكون ثابت بالورقة الموقع عليها من المدين مقدار الدين ونوعه وتاريخ استحقاقه أو في ورقة أخرى موقع عليها من المدين تكمل الأولي وعلي ذلك لا يجوز الالتجاء إلي هذا الطريق الاستثنائي في العقود الملزمة للجانبين إلا إذا ثبت من واقع ذات العقد أو من واقع ورقة مرفقة به ومقدمة معه أن الطالب قد قام بوفاء ما هو مقابل لالتزام خصمه بدفع مبلغ من النقود .

وبالنسبة لمؤخر الصداق فإنه يكون ثابت بوثيقة الزواج إلا أنه من المقرر شرعا أنه لا يستحق إلا بأقرب الأجلين الطلاق أو الوفاة.

۳- أن يكون الدين حال الأداء ومعين المقدار لأن الدين غير حال الأداء لا يجوز المطالبة به والدين غير معين المقدار قد يكون محل نزاع بين الخصوم.

(الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة بند 524).

وإعمالاً لهذه القواعد جاء قضاء المحاكم المؤيدة بأقوال الشراح بما يلي:

1- أن شروط استصدار أمر الأداء لا تتوافر في الدين المبني على الحساب الجاري ذلك لأن العقد الذي يفتح به ذلك الحساب يقتضي بطبيعته الاستمرار في العمليات القانونية علي النحو المتفق عليه ولا يشرع في تصفية العلاقة بين طرفي العقد إلا بعد إقفال الحساب.

۲ - أن مطالبة المدعي برد المبالغ التي تسلمها المدعي عليه منه علي ذمة توريد أقطان استنادا إلي عقد التوريد وإلي استحالة تنفيذ التزامه بالتوريد في میعاد محدد هذه الطلبات تنطوي ضمنا على اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بالطريق العادي دون استصدار أمر الأداء في غير محله.

3 - إذا كان الدين موضوع النزاع قد اقتضى استظهار حقيقته ندب خبير حسابي لتصفية الشركة التي قامت بين طرفي الدعوى فلا يكون وقت أن صدر به أمر الأداء المعارض فيه من قبيل دين النقود المبين بالمادة 851 مرافعات وبذلك يكون الأمر باطلا لصدوره علي خلاف نصوص آمرة متعلقة بالنظام العام (راجع فيما تقدم أحكام محاكم الاستئناف التي أشار إليها الأستاذ فتحي عبد الصبور في مقاله في أوامر الأداء المنشور في المجموعة الرسمية سنة 60 ص 1175 ) .

4 - ومن المقرر أن التعويض الاتفاقي طبقا للمادة 224 مدني قابل للتخفيض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه ومؤدي ذلك أنه قايل للمنازعة من جانب المدين وبناء علي ذلك فإن الإقرار المتضمن تعويضا اتفاقياً لا تتوافر للمطالبة به شروط استصدار أمر الأداء بل لابد من رفع دعوى مبتدأة به .

5- لا يجوز اللجوء إلي طريق أمر الأداء في مطالبة المشتري للبائع باسترداد الثمن المدفوع منه بمقتضى عقد بیع قضي نهائيا ببطلانه أو في طلب رد ضعف العربون.

وقد أوجبت المادة في فقرتها الثانية استصدار أمر أداء إذا كان صاحب الحق دائنا بورقة تجارية واقتصر رجوعه علي الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهما.

ومن بين الأوراق التجارية الشائعة في العمل السندات الأذنية والسندات لحاملها والكمبيالة والشيك .

وتتوافر في الورقة التجارية شروط استصدار أمر الأداء لأنها تتضمن دينا بمبلغ من النقود ثابتا بالكتابة ، وحال الأداء ومعين المقدار ، إلا أن المشرع حدد طريق استصدار أمر الأداء بالنسبة لها وجعله قاصرا علي حالة الرجوع علي المدين الأصلي في الورقة التجارية وهو المحرر في السند للأمر والمسحوب عليه القابل أو الساحب في حالة عدم القبول في الكمبيالة ، أما إذا كان المراد الرجوع علي غير المدين الأصلي كالرجوع علي المظهرین وضمانهم الاحتياطيين والرجوع علي القابل بالواسطة والكفيل الذي يقدم عوضا عن القبول في الكمبيالة فإنه لا يكون بطريق استصدار أمر أداء وإنما بطريق إقامة الدعوى والحكمة التي توخاها الشارع من ذلك أن الرجوع علي المدين الأصلي في الورقة التجارية - علي عكس الرجوع علي الضامنين فيها - غیر مشروط بإجراءات ومواعيد معينة ولذا لا يثور بشأنه دفوع تتعلق بعدم قبول الدعوى وتجعل ثبوت الدين مشكوكا فيه ، وبالتالي فإن اللجوء إلي أمر الأداء لا يكون جائز إلا إذا أراد الحامل الرجوع علي المدين الأصلي وحده ، فإذا أراد الجمع بينه وبين الضامنين في رجوع واحد استنادا إلي التضامن بينهما وجب رفع الدعوى بالطريق العادي.

ونظراً لأن الضامن الاحتياطي للمدين الأصلي يعتبر في مركز هذا المدين ولا يشترط للرجوع عليه عمل بروتستو أو إعلانه به أو إقامة الدعوى عليه في مواعيد معينة فإن الرجوع عليه وحده أو بالإضافة إلي المدين الأصلي يجب أن يقع بطريق استصدار أمر أداء لا بطريق إقامة الدعوي . ولما كان الحصول علي أمر الأداء مشروط بتكليف المدين بالوفاء ويكفي في هذا التكليف أن يحصل بكتاب مسجل مع علم الوصول فإن بروتستو عدم الدفع يقوم مقام هذا التكليف. وتأسيسا على ذلك إذا قام الحامل بعمل البروتستو وأعلنه للمدين الأصلي أو الضامن الاحتياطي اعتبر هذا الإعلان بمثابة تكليف بالوفاء ، أما إذا لم يقم الحامل بعمل البروتستو وجب تكليف الاثنين بالوفاء علي يد محضر أو بكتاب مسجل بعلم الوصول.

 ولا يشترط في البروتستو الذي يقوم مقام التكليف بالوفاء أن يتم في الميعاد القانوني أي في اليوم التالي لميعاد الاستحقاق مضاف إليه ميعاد المسافة لأن الرجوع علي المدين الأصلي أو ضامنه الاحتياطي غير مشروط بعمل البروتستو أصلا فلا يؤثر فيه عمله بعد الميعاد القانوني . ( الأوراق التجارية للدكتور محسن شفیق ص 448 وما بعدها ).

وقد أوضحت الفقرة الأخيرة من المادة بأنه إذا أراد الدائن الرجوع علي غير من ذكر في الفقرة السابقة فإنه يتعين عليه رفع دعوى مبتدأة .

6 - وفي حالة ما إذا كان البيع بالعربون المنصوص عليه في المادة 103 مدني وعدل البائع عن البيع فإنه يلزم بأن يرد للمشتري ضعف العربون أما إذا كان العدول من المشتري فإنه يضيع عليه ما دفعه من عربون ، فإذا كان العدول من جانب البائع ولجأ المشتري إلي قاضي الأداء ليصدر له أمرا بإلزام البائع بضعف العربون فإنه يتعين عليه رفض هذا الطلب لأن ما يطالب به يكون كله ثابتا بعقد البيع نظام أمر الأداء إلزامي للدائن : سلوك طريق أمر الأداء وجوبي وعدم إتباع هذا الطريق والالتجاء إلى القواعد العامة في الحالات التي يجب فيها سلوك طريق أمر الأداء من شأنه أن يجعل الدعوى غير مقبولة أصلا لعدم سلوك الطريق القانوني لرفعها وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بذلك لتعلقه بالنظام العام وذلك بسبب اتصاله بإجراءات التقاضي وطرق رفع الدعاوى . ويترتب على الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك المدعي طريق أمر الأداء أنه يتعين عليه أن يسلك هذا الطريق في المطالبة كما أنه يزيل أثر صحيفة الدعوى في قطع التقادم ذلك أن الخصومة لم تنعقد بها في هذه الحالة شأنه في ذلك شأن الحكم ببطلان صحيفة الدعوى غير أنه من الجائز المطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء في صورة طلب عارض لأن المادة ۲۰۱ لا تشترط هذا الطريق إلا بخصوص المطالبة بالحق ابتداء ولأن الطلب العارض يكون في كثير من الصور بمثابة دفاع أساسي في الدعوى الأصلية ( التنفيذ الدكتور أبو الوفاء رقم ۸۰).

والدفع بعدم سلوك طريق أمر الأداء في حالة توفر شروطه هو دفع شكلي يتعلق ببطلان إجراءات الخصومة وعلي ذلك فإذا قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى المرفوعة إليها ابتداء تأسيسا علي رافعها كان يتعين عليه أن يسلك طريق أمر الأداء واستؤنف هذا الحكم ورأت محكمة الاستئناف أن الدفع في غير محله وأن شروط أمر الأداء غير متوافرة كان عليها إلغاء الحكم وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في الموضوع الذي لم تتناوله وليس لها أن تتصدي للفصل في الموضوع حتى لا تفوت علي الخصوم درجة من درجات التقاضي.

كذلك فإن سلوك طريق أمر الأداء وإن كان وجوبيا كما تقدم إلا أنه لا يجب إلا عند الخصومة المبتدأة ومن ثم يجوز إدخال الغير في دعوى قائمة بالطريق المعتاد للحكم عليه بسند تتوافر فيه شروط أمر الأداء وذلك طبقا للقواعد المنصوص عليها بالنسبة لإدخال خصم جديد في الدعوى .

وقد ذهب رأي في الفقه إلي أن الاتفاق على التحكيم لا يمنع من استصدار أمر أداء إذا توافرت شروط بحجة أن شرط أو مشارطة التحكيم لا تمنع من الالتجاء الطريق أمر الأداء ( أمينة النمر في أمر الأداء بند 151 ) ونري أن وجهة النظر هذه تفتقر إلي سندها القانون ذلك أن الاتفاق علي التحكيم ملزم لطرفيه ويمنعهما من الالتجاء إلى القضاء ومن باب أولي يمنع الدائن من أن يطرق باب أمر الأداء.

يجوز لمأمور اتحاد الملاك استصدار أمر أداء بإلزام المالك لوحدة في العقار بالتزاماته عنها :

وفقاً لنص المادة 30 من قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 109 لسنة 1979 بإصدار النظام النموذجي لاتحاد الملاك إعمالا لنص المادة 74 من القانون رقم 49 لسنة ۱۹۷۷ فإنه يجوز لمأمور اتحاد الملاك استصدار أمر أداء ضد أحد أعضاء اتحاد الملاك بالالتزامات التي تقع على عاتقه وبديهي أن ذلك مشروط بأن يتوافر في الدين شروط استصدار أمر الأداء المنصوص عليها في المادة ۲۰۱ مرافعات ومنها توقيعه علي محضر الجمعية العمومية الذي تخلف عن الوفاء بما ورد به وأن تتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادة ۲۰۲ من نفس القانون ، ومن ثم إذا تخلف أحد أعضاء اتحاد الملاك عن سداد الاشتراك السنوي الذي حددته الجمعية العمومية للاتحاد لصيانة مرافق العقار ودفع أجرة البواب وأراد المأمور أن يستصدر ضد الممتنع أمر أداء تعين عليه أن يخطره بالوفاء بخطاب مسجل مع علم الوصول ثم يتقدم بالأمر مرفقا به ما يدل علي ملكية المقدم ضده الأمر وحدة بالعقار وقرار جمعية اتحاد الملاك بتحديد الاشتراك ومحضر الجمعية العمومية المتضمن توقيعه وقرار الجمعية بتعيين مقدم الطلب مأمورا للاتحاد.

يجوز المطالبة بأجرة العين المستأجرة مع طلب الإخلاء لعدم الوفاء بها دون اللجوء لطريق أمر الأداء :

أن المشرع جعل سلوك أمر الأداء إلزاميا إذا كان ما يطالب به الدائن ديناً من النقود معين المقدار أو منقولا معينا بنوعه ومقداره أما إذا كان ما يطالب به الدائن متجاوزا ذلك فإنه يتعين رفع دعوى بالطريق المعتادة متی كان موضوعها اقتضاء الطلبات جميعها بشرط أن يكون بين هذه الطلبات ارتباط كأن يكون مصدر الإلزام بهما مبني علي سند قانوني واحد ، وعلي ذلك لما كان طلب الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة والمطالبة بالأجرة المتأخرة بينهما ارتباط ويستندان إلي سبب قانوني واحد هو عقد الإيجار لأن طلب الأجرة أساسه عقد الإيجار وطلب الإخلاء أساسه فسخ عقد الإيجار ومن ثم فإنه يجوز مع المطالبة بالإخلاء لعدم سداد الأجرة المطالبة أيضا بالأجرة المتأخرة في ذات الدعوى دون اللجوء إلى طريق استصدار أمر الأداء.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الرابع ، الصفحة : 954)

 تم تعديل المادة 201 مرافعات بالقانون 23 لسنة 1992 بإضافة المنقول المعين بذاته إلى الحالات التي يجوز فيها إستصدار أمر بالأداء كطلب تسليم سيارة أو لوحة فنية وغير ذلك .

فكرة نظام أوامر الأداء:

تمثل فكرة نظام أوامر الأداء في أن المشرع قدر بالنسبة لبعض الديون أن تحقيقها لا يحتاج إلى مواجهة بين الطرفين ، لأن المدين ليس لديه ما يعارض به إدعاء الدائن (فتحى والى مبادئ ، بند 395، ص 684). واساس هذا التقدير هو ثبوت الدين بالكتابة .فهذا الثبوت بقلب معه تحقق الدين ، فمثل هذه الديون الثابتة بالكتابة لا يرجع عدم تسويتها ودياً بين ذوي الشأن إلى قيام نزاع حقيقي بشأنها مما يقتضي رفعه إلى القضاء وتحقيقه والفصل فيه طبقاً للإجراءات المعتادة ، وإنما يرجع في الغالب إلى إعتبارات اخرى كضيق ذات اليد أو المماطلة ، لذلك رأي الشرع أن سلوك سبيل الإجراءات المعتادة لرفع الدعاوی وتحقيقها والنصل فيها يتضمن كثيراً من البطء والتعنيد الذي لا مبرر له ، خاصة أن هذه الديون كثيراً ما لا يحتاج الأمر فيها إلى مرافعة نظراً لوضوحها (رمزی سيف - المرجع السابق - بند 522، ص 713 وما بعدها)، ومن ثم فإنه لاستيفاء هذه الديون لا ينبغي على الدائن اللجوء إلى القضاء بوسيلة الدعوى ، وإنما ينبغي عليه أن يستصدر أمراً من القاضي بدفع الدين يعلن للمدين فإن لم يتظلم منه في ميعاد قصير أصبح الأمر بمثابة حكم نهائي واجب النفاذ .

 شروط الحق الذي يجب اتباع نظام أوامر الأداء للمطالبة به :

وفقاً للمادة 201 مرافعات - محل التعليق - فإنه يشترط في الحق الذي يجب إتباع نظام أوامر الأداء للمطالبة به الشروط الآتية:

أولاً : الشرط الأول :

أن يكون محله مبلغاً من النقود معين المقدار او منقولاً معيناً بنوعه ومقداره او منقولاً معيناً بذاته فإذا كان محله عقاراً فلا يلجأ الدائن إلى أوامر الأداء لإقتضائه ، بل برفع الدعوى بالطريق العادي لأن نظام اوامر الأداء إستثناء عن القواعد العامة بصريح نص المادة 201 مرافعات - محل التعليق - فيجب حصره في حدود ما ورد به النص (عبد الباسط جميعي ، ص 276)، ويستوي أن يكون الحق تجارياً أو مدنياً فتحى والى - مبادئ - بند 396- ص 685). كما يستوي أي سبب منشيء للحق فلا يلزم أن يكون هو العقد (عبدالحميد وشاحي : أوامر الأداء ، طبعة سنة 1958، بند 19 ، ص 32 ، فتحي والى : مبادئ - بند 396، ص 685 ، رمزي سیف ، بند 524 ، ص 720).

وينبغي أن يكون كل ما يطالب به الدائن ديناً من النقود أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره أو بذاته ، فإذا كان بعض مطلوب الدائن مبلغا من النقود أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره أو بذاته والبعض الآخر طلباً آخر ، ففي هذه الحالة يكون اقتضاء مطلوب الدائن برفع دعوى بالطرق المعتادة يكون موضوعها الطلبات جميعاً ، على أن يكون بين طلبات الدائن إرتباطاً يستلزم تحقيقاً للعدالة جمعها في دعوى واحدة للفصل فيها معا ، فإذا لم يكن بين الطلبات ای إرتباط فإنه يتعين على المدعى أن بطالب بما يكون من طلباته مبلغا من النقود أو منقولاً معيناً بنوعه عن طريق أوامر الأباء ، وعليه أن يرفع بغيره دعوی (رمزی سیف: الوسيط. المرجع السابق ، بند 524، ص 718 ، فتحی والی : مبادئ ، بند 396، ص 682). وذلك حتى لا يتخذ المدعي من جمع طلبات و إرتباط بينها وسيلة لمخالفة إلتزامه بوجوب اتباع طريق أمر الأداء بالنسبة لما بكون من هذه الطلبات مبلغا من النقود أو منقولاً معيناً بنوع أو بذاته إذ أتباع طريق أمر الأداء بالنسبة لهذا النوع الأخير من الطلبات بعتبر وجوبياً ، ليس للدائن أن يسلك طريقاً اخر مخالفا له. (فتحى والى مبادئ ، بند 396، ص 685 ، أمينة النمر: أوامر الأداء ، بند 29 ، ص 73، عبدالحميد الوشاحي - المرجع السابق نفسه . بند 15 ، وبند 16، ص 31) .

وفي حالة ما إذا كان الإلتزام تخييرياً ، محله مبلغ من النقود أو منقولاً معيناً بنوعه أو بنات وأشياء أخرى غير ذلك ، وكان الخيار للمدين فعلی الدائن رفع دعوى بالطريق العادي إذ قد يختار المدين أداء الإلتزام الذي ليس محله نقوداً أو مثليات ، أما إذا كان الخيار للدائن ، فإنه إن أختار آباء نقود أو مثليات فعليه أتباع طريق أوامر الأباء ، وإذا اختار غير ذلك فعليه أتباع الطريق العادي ای رفع دعری (رمزی سبق : بند 534 ، ص 719، 730 وهامشها ، فتحي والي مبادی، بند 296 ص 685 ، 686).

ويلاحظ أنه وفقاً لتعديل المادة 201 مرافعات بالقانون 23 لسنة 1992 فإنه يجوز إستصدار أمر بأداء منقول منين بالذات كسيارة أو لوحة فنية وغير ذلك .

كما يمكن استصدار أمر أداء بقائمة جهاز الزوجة، وهو منقولات معينة بذاتها، بشرط أن يكون إلتزام الزوج أو المطلق بتسليم الجهاز غير معلق على قيد او شرط.

ونظراً لأن الماشية تعتبر من المعلبات فإنه يجب إستصدار أمر أداء بشأنها فيجب على من أشترى الحصان أو غير ذلك أن يسلك طريق أمر الأداء للمطالبة بها.

كما يجوز إستصدار أمر أداء بالمحاصيل الزراعية كمانة أردب من الفول أو القمح أو الأرز او غير ذلك.

يجوز للمؤلف الذي أتفق مع الناشر على أن يحصل على عدد معين من نسخ مصنفه أن يستصدر أمر أباء ضده بإلزامه بأن يسلم له النسخ المتفق عليها بالعقد لانه إلزام ثابت بالكتابة وعلى منقول معين بذاته. ومقداره.

وفي حالة إذا تملك شخص جزءاً محدداً في شيء لا يمكن تسمنه عيناً کحیوان معين مثلاً فلا يجوز إستصدار أمر أداء به.

والملاحظ عملاً أن من يحمل سنداً لا تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء نادرا ما يلجأ إلى رفع الدعوى مباشرة بل يلجأ لأمر الأداء وذلك خشية أن تعتبر المحكمة المنازعة متوافر فيها شروط إستصدار أمر الأداء وتقضي بعدم القبول وهذا الإجراء أكثر فائدة وإحتياطياً ولن يضير الخصم شیناً خصوصاً ان تقدير القضاء للمنازعة في الدين يختلف من قاض إلى آخر لأنها مسألة تقديرية (الديناصوري وعكاز - ص 1004).

وقد يكون الإلتزام بدلیاً ، محله مبلغ من النقود أو المثليات وإنما للمدين الوفاء بشيء آخر بدلاً من محل الإلتزام الأصلي ، أو كان محله شيئاً آخر غير النقود أو المعلبات، وإنما تبرأ ذمة المدين بدفع قدر من النقود أو تسلیم قدر من المثليات . ويكون إختبار محل الوفاء متروكاً للمدين ، فإذا أختار قبل رفع الدعوى فعلى الدائن إتباع الطريق المناسب لإختياره ، وإن لم يختر قبل رفع الدعوى فلا سبيل أمام الدائن إلا أن يرفع بدينه (رمزی سيف - الإشارة السابقة - فتحي والي - الإشارة السابقة).

ثانياً: الشرط الثاني: أن يكون محل الحق معين المقدار إن عدم تعيين المقدار يمنع من إصدار الأمر ، ويوجب رفع دعوى واستصدار حكم بإلزام المدين بهذا المقدار الذي سيحدده القاضي في الدعوى ، كما أن عدم تعيين مقدار محل الحق بمعنى أن القضاء به يحتاج إلى تحقيق كامل ، ومن ثم يجب رفع دعوى بالطريق العادي ، ولكن لا يجب أن يكون المقدار معيناً بحد معين ، فقد يكون كبيراً أو صغيراً ، بل المهم أن يكون معيناً ، وهو . يكون كذلك إذا كان تعيينه لا يحتاج إلا عملية حسابية بسيطة (عبدالباسط جمیعی: ص 277 ، فتحي والى: مبادی ، بند 396، ص 686).

ثالثاً: الشرط الثالث: أن يكون الحق حال الأداء: فلا يكون معلقاً على شرطاً أو مضافاً إلی أجل .لأن الحق غير حال الأداء لا تجوز المطالبة به فضا (عبدالحميد الوشاحى ، بند 25، ص 37، فتحي والی مبادئ، ، بند 396، ص 686). أضف إلى ذلك أن القانون ينص على وجوب تكليف المدين بوفاء الدين قبل إستصدار الأمر وفقاً للمادة 202 مرافعات - محل التعليق - والتكليف بالوفاء لا يكون إلا عن دین حال ولذلك لا يجوز استصدار أمر الأداء قبل حلول الأجل (عبدالباسط جمیعی : مبادی، ص 277). كذلك فإنه لا ينطبق على أمر الأداء ما هو مطبق بالنسبة للدعوى العادية من أنه إذا حل الأجل بعد رفع الدعوى ، فإن القاضي ينظر الدعوى رغم ذلك فلا بحكم - تطبيقاً لمبدأ الإقتصاد في الخصومة - بعدم القبول (فتحى والى مبادئ ، بند 396، ص 686)، ولذلك ينبغي أن يكون الحق حال الأداء بمعنى أنه غير مؤجل أو أن أجله قد حل ، وألا يكون معلقاً على شرط او إذا كان معلقاً على شرط أن يتحقق هذا الشرط ، ومن ثم يعتبر الحق حال الأداء ، وبذلك يجوز إستصدار أمر الأداء.

رابعاً : الشرط الرابع: يجب أن يكون الحق ثابتاً بالكتابة، بأن يكون ثابتاً في ورقة رسمية أو ورقة عرفية موقعة من المدين ، ويجب هذا الشرط ولو كان محل الإلتزام لا يتجاوز مائة جنيه مما يمكن إثباته وفقاً للقواعد العامة بالبينة (أمينة النمر، بند 42، ص 97)، ويجب أن تكون الورقة صالحة للدلالة على الوقائع المنشئة للحق بجميع صفاته التي تبرر أتباع أوامر الأداء (فتحى والى: مبادئ، بند 396، ص 686). ولذلك يجب أن يبين من الورقة أن الحق حال الأداء ومعين المقدار.

وعلة هذا الشرط ان الحق الثابت بالكتابة قل أن يكون محل نزاع ، كما أن الحق غير الثابت بالكتابة يحتاج الأمر فيه إلى إجراء تحقيق ، والتحقيق يقتضي تكليف الخصوم بالحضور أمام القاضي مما يقتضي اتخاذ الإجراءات المعتادة للدعوى (رمزي سیف ، بند 524 ص 721).

وفي حالة قيام المحررات المثبتة لإلتزامات يتوقف تنفيذ التزام أحد العاقدين فيها على قيام الأخر بتنفيذ التزامه، كما إذا أتفق في عقد البيع على أن يقوم المشترى بدفع الثمن بعد قيام البائع بتسليم العين المبيعة ، فالراجح أن التزام المشترى بدفع الثمن في هذه الحالة لا يعتبر ثابتاً بالكتابة بحيث يكون للبائع أن يستصدر أمراً على المشتري بأدائه إلا إذا كان بين البائع دليل كتابي على قيامه بتنفيذ التزامه بتسليم العين السبعة للمشتري (رمزي سیف: بند 524، ص 723).

بيد أنه إذا كان صاحب الحق دائناً بورقة تجارية كمبيالة مثلاً أو شيك، فإنه وفقاً للمادة 201/ 2 مرافعات - محل التعليق - لا يجوز له إستصدار أمر بالأداء إلا إذا أراد الرجوع على الساحب أو المحرر للورقة او القابل لها أو الضامن الإحتياطي لأحدهم ، أما إذا أراد الرجوع على غير هؤلاء وجب أتباع القواعد العامة في رفع الدعاوى.

وعلة هذه التفرقة ، أن الرجوع على الساحب أو المحرر للورقة أو القابل لها ، أو على الضامن الإحتياطي لأحدهم غير مشروط بإجراءات ومواعيد معينة ، أما الرجوع على غيرهم فيجب أن تراعى فيه إجراءات ومواعيد معينة من حيث ضرورة عمل بروتستو عدم الدفع وإعلانه ورفع الدعوى ومن حيث ضرورة مراعاة المواعيد التي ينص عليها القانون بالنسبة لهذه الإجراءات ما بفتح الباب لإثارة دفوع مبنية على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي نص عليها القانون. الأمر الذي يجعل ثبوت الدين في ذمتهم محل شك، كما أن كل هذه الإجراءات لا يتفق مع الإجراءات المختصرة النظام أوامر الأداء (رمزی سيف ، بند 524 ص 721 ، 722 فتحی والي: مبادی ، بند 396، ص 687).

وفضلاً عن الشروط السابقة فإنه يجب أن تكون المطالبة مبتدأة (عبدالباسط مبادئ ، ص 277 ، 278) فإذا قدمت المطالبة بالمبلغ في صورة دعوى فرعية أي طلب عارض في دعوى أصلية، فإن ذلك يكون جائزاً ولا يجبر الدائن على سلوك طريق أمر الأداء، فمثلاً إذا رفع شخص دعوى على آخر يطلب تسليمه شيئاً كمقار أو منقول، بإعتبار هذا الشيء مبيعاً أو مؤجراً ، فجاء المدعى عليه وقابل هذه الدعوى بدعوى فرعية من جانبه بطلب فيها مبلغاً معيناً قيمة الشيء المبيع أو المؤجر ، فهذا الطلب يقبل من المدعى عليه وإن لم يقدم بطريق أمر الأداء ، ولكن يجبر الدائن على سلوك طريق أمر الأداء للمطالبة بمبلغه إذا تقدم بهذه المطالبة في صورة طلب مبتدأ، لا في صورة طلب عارض.  

وجوب نظام أوامر الأداء إذا توافرت شروطه:

وإذا توافرت كافة الشروط السابقة فإن المشرع المصرى أوجب سلوك طريق أوامر الأداء ، فهو ليس طريقاً إختيارياً بحيث يمكن للدائن بحق من الحقوق التي يستصدر بها أمر أداء أما أتباع طريق أوامر الأداء أو رفع الدعوى بالطريق المعتاد للتقاضي ، بل إن طريق أوامر الاداء إلزامي في حالة توافر الشروط التي أوضحناها آنفاً، وما دفع المشرع المصري إلى جعل نظام أوامر الأداء إجبارياً هو شدة رغبته في إشاعته من ناحية وشدة رغبته في التخفيف عن المحاكم من ناحية أخرى ، فقد قيل أن جوازية أوامر الدفع أدت إلى تقاعد المتقاضين عن إستعماله حربا على ما ألفوا من رفع الدعاوى ، وأن المراد زيادة عدد القضايا أمام المحاكم يجد علاجاً ناجحاً في تقرير إلزامية الاقتضاء بأوامر الأداء أحمد مسلم، بند 608 ، ص 657)، ومن ثم جعله المشرع طريقا وجوبيا.

ونتيجة لإعتبار سلوك طريق أوامر الأداء إجبارياً و إلزامياً للدائن ، فإنه إذا رفعت دعوى عادية حيث يجب طلب امر اداء فإن هذه الدعوى بحكم فيها بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق المقرر قانوناً، وهو طريق أوامر الأبناء، وجعل الشرع الالتجاء إلى أوامر الأداء وجوبياً محل نقد من بعض الفقهاء (رمزي سیف : بند 525، ص 723،  724، احمد مسلم ، بند 608، ص 657 ، 658). على أساس أن فائدة نظام أوامر الاداء بما ينطوي عليه من تبسيط الإجراءات وقصد في الوقت ، إنما تحقق في حالة ما إذا لم يكن هناك نزاع من جانب المدين في الإلتزام المطلوب . أما حيث يكون المدين منازعاً فلا تكون هناك فائدة منه إذ إن المدين يتظلم من الأمر فيعرض النزاع على القضاء ، ويكون من الخير للدائن وللمدين في هذه الحالة أن يمرض النزاع إبتداءً على القضاء بالطريق المعتاد لرفع الدعوى ، إذ سلوك طريق الدعوى إبتداءً أو طريق أوامر الأداء يجب أن يكون رهناً بتوقع حصول نزاع من المدين أو عدم حصوله، وليس أقدر من الدائن على . تقدير هذا الإحتمال ، فهو خير من بقدر توقع النزاع ، كذلك قيل أنه إذا أريد بنظام الأداء التيسير على الدائنين فلا ينبغي أن يفرض عليهم هذا التيسير ، إذ ليس من المحقق أنه أجدى لهم من رفع الدعوى دائماً ، لأن القاضي يجب عليه إذا رای عدم توافر الشروط في الدين أن يحدد جلسة لنظره أمام المحكمة ، فكأننا أطلنا إجراءات الدعوى بإضافة مقدمة لها، كما أنه من الإهدار لضمير الدائن أن نرغمه على الحصول على أمر بمثابة حكم في غيبة مدينه ، وقد تفوت على المدين - لاي سبب - فرصة التظلم منه وإذا كانت الغاية من إلزام الدائنين بوسيلة أوامر الأداء في التخفيف على القضاة ، فإن وسيلة تحقيق هذه الغاية ينبغي أن تكون زيادة عدد القضاة وتبسيط الإجراءات لا إهدار المبادئ الأساسية والضمانات ، ولا مبرر للذعر من اطراد زيادة عدد القضايا فهو مظهر للحيوية والنشاط الإقتصادي المتزايد، وإنما يكون الذعر من بطء الفصل فيها ، ويكون الذعر الأشد من الحكم إعتباراً لو كان حكماً سريعاً ، ومن العجيب أن يرغم الدائن على الحصول على هذا الحكم ، بإلزامه سلوك سبيل اوامر الاداء.

يجوز لمأمور إتحاد الملاك إستصدار أمر أداء بإلزام المالك للوحدة في العقار بإلتزاماته عنها:

طبقاً لنص المادة 30 من قرار وزير الإسكان والتعبير رقم 109 لسنة 1979، بإصدار النظام النموذجى لاتحاد الملاك إعمالاً لنص المادة 74 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فإنه يجوز لمأمور إتحاد الملاك إستصدار أمر أداء ضد أحد أعضاء اتحاد الملاك بالالتزامات التي تقع على عاتقه وبديهي أن ذلك مشروط بأن يتوافر في الدين شروط إستصدار أمر الأداء المنصوص عليها في المادة 201 مرافعات،ومنها توقيعه على محضر الجمعية العمومية الذي تخلف عن الوفاء بما ورد به وأن تتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 302 من نفس القانون، ومن ثم إذا تخلف أحد أعضاء اتحاد الملاك عن سداد الإشتراك السنوي الذي حددته الجمعية العمومية للاتحاد لصيانة مرافق العقار ودفع أجرة البواب، وأراد المأمور أن يستصدر ضد الممتنع أمر أداء تعين عليه أن يخطره بالوفاء بخطاب مسجل مع علم الوصول ثم يتقدم بالأمر مرفقاً به ما بدل على ملكية المقدم ضده الأمر وحدة بالعقار وقرار جمعية إتحاد الملاك بتحديد الاشتراك ومحضر الجمعية العمومية المتضمن توقيعه وقرار الجمعية بتعيين مقدم الطلب مأموراً للإتحاد .

تجوز المطالبة باجرة العين المستاجرة مع طلب الإخلاء لعدم الوفاء بها دون اللجوء لطريق أمر الأداء:

سبق أن ذكرنا أن المشرع جعل سلوك أمر الأداء إلزامياً إذا كان ما يطالب به الدائن من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره أما إذا كان ما بطالب به الدائن متجاوزاً ذلك، فإنه يتعين رفع دعوى بالطرق المعتادة متى كان موضوعها اقتضاء الطلبات جميعها بشرط أن يكون بين هذه الطلبات إرتباط كان يكون مصدر الإلزام بهما مبنياً على سند قانونی واحد، وعلى ذلك لما كان طلب الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة والمطالبة بالأجرة المتأخرة بينهما إرتباط ويستندان إلى سبب قانوني واحد هو عقد الإيجار، لأن طلب الأجرة أساسه عقد الإيجار وطلب الإخلاء أساسه فسخ عقد الإيجار، ومن ثم فإنه يجوز مع المطالبة بالإخلاء لعدم سداد الأجرة المطالبة أيضاً بالأجرة المتأخرة في ذات الدعوى دون اللجوء إلى طريق استصدار أمر الأداء. (الديناصوری وعكاز - ص 1932).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الرابع  ، الصفحة : 62 )