loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 485 لسنة 1953 الذي تناول المادة (853) من القانون السابق بالتعديل : لم يبين نص المادة (853) من القانون الحالي - السابق - جميع الأوضاع والقواعد التي تتبع في تقديم العريضة وإصدار الأمر فيها، مثل بيانات العريضة وكيفية صدور الأمر والميعاد الذي يجب أن يصدر فيه، لذلك رؤی تعديل هذا النص بأن أضيف إليه أن تقدم العريضة من نسختين متطابقتين ومشتملة على وقائع الطلب وأسانيده واسم المدين كاملاً ومحل إقامته، حتى لا تكون العريضة ناقصة إحدى هذه البيانات الأساسية، كما أضيف إلى هذا النص ما يفيد أن يصدر الأمر خلال ثلاثة أيام من تاريخ تقديم الطلب حتى تكون هناك مهلة أمام القاضي للنظر فيه.

وقد لوحظ أن نص المادة (853) - المعدل بالقانون رقم 265 لسنة 1953 - يلزم الدائن لدى تقديم العريضة بأن يعين فيها مواطناً مختاراً له في تلك البلدة التي بها مقر المحكمة، ولما كان تحديد الجهة على هذا الوجه يقتضی في أغلب الأحيان إلى أن يتخذ الدائن هذا الموطن المختار ، مكتب محام» لأنه لا يقيم بذات البلدة وقد يكون مقيما في دائرة إختصاص المحكمة، وفي هذا إرهاق الدائن خاصة وأنه طبقاً للمبادئ العامة في المرافعات، ليس لزاماً أن يكون الموطن المختار مكتب محام إذ يجوز أن يكون محلاً آخر يختاره الدائن لإعلان الأوراق إليه فيه. لهذا كله رؤی تعديل المادة بحيث يجوز للدائن في الأحوال التي يقيم فيها في دائرة إختصاص المحكمة أن يتخذ موطنه الأصلي هذا محلاً مختاراً لإعلان الأوراق فيه، فإن كان مقيما خارج دائرة إختصاص المحكمة تعين عليه في هذه الحالة أن يتخذ موطنه المختار في ذات البلدة التي بها مقر المحكمة . 

الأحكام

1-  قصد المشرع من النص فى المادة 3/58 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 الذى رفعت الدعوى فى ظله على أنه " وكذلك لا يجوز تقديم صحف الدعاوى وطلبات أوامر الأداء للمحاكم الابتدائية والإدارية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل " هو رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص فى ذات الوقت ذلك أن إشراف المحامى على تحرير صحف الدعاوى من شأنه مراعاة أحكام القانون فى تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التى كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوى الشأن ، وإذ حددت هذه الفقرة نطاق تطبيقها بصحف الدعاوى وأوامر الأداء فلا يسوغ تجاوز هذا النطاق إلى غير ذلك من أوراق المرافعات الأخرى للقول بالبطلان فى حالة عدم توقيع المحامى عليها ومن ثم فإنه لا يترتب البطلان على عدم توقيع أحد المحامين على أوراق إعادة إعلان صحيفة الدعوى أو إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ... وقد أوجبت المادة 65 من قانون المرافعات على المدعى أن يقدم إلى قلم الكتاب وقت تقديم صحيفة دعواه صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب فإن توقيع المحامى على أصل الصحيفة أو على إحدى صورها يتحقق به الغرض الذى قصده المشرع من هذا النص .

(الطعن رقم 4407 لسنة 61 جلسة 1997/06/14 س 48 ع 2 ص 891 ق 172)

2- لئن كان نص المادة 58من قانون المحاماة رقم17لسنة1983 _المنطبق على واقعة الدعوى صريح فى النهى عن تقديم صحف الدعاوى وطلبات أومر الأداء ما لم بوقعها محام مقرر أمام المحاكم التى قدمت إليها الصحف والطلبات وان عدم توقيع المحامى عليها يترتب عليه حتما بطلانها كان هدف المشرع من إستلزام هذا الإجراء وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون وجرى به قضاء هذه المحكمة هو رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص بإعتبار أن إشراف المحامى على تحرير صحف الإستئناف والدعوى ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون فى تحرير هذه الأوراق حتى تنقطع المنازعات التى كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوى الشأن،إلا أنه لما كان هذا النص قد تحدد نطاق تطبيقه بصحف الإستئناف والدعاوى وطلبات أوامر الأداء فحسب ومن ثم فلا يمكن تجاوز هذا النطاق إلى غير ذلك من إجراءات المرافعات قياساً على الحالات المتقدمة بمقولة إتحاد العلة وإذ كان ذلك وكانت قائمة شروط البيع أو الإعتراض عليها وصف صحف الدعاوى بمعناها المبين فى المادة63من قانون المرافعات وما بعدها ولا هى من الأوراق الأخرى التى أوجب قانون المحاماة توقيعها من محام فإنه لا يترتب البطلان على إغفالها هذا الإجراء بالنسبة لهما_وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.

(الطعن رقم 2757 لسنة 59 جلسة 1995/12/06 س 46 ع 2 ص 1304 ق 255)

3- العريضة التى تقدم لاستصدار أمر الأداء هى بديلة ورقة التكليف بالحضور وبها تتصل الدعوى بالقضاء، وإذ لا يتعلق شرط التكليف بالوفاء بالعريضة وإنما هو شرط لصدور الأمر، وكان الطاعنون لم ينعوا بأى عيب على هذه العريضة وإنما إنصب نعيهم على إجراء سابق عليها هو التكليف بالوفاء، وكانت محكمة الاستئناف قد تناول دفاع الطاعنين فى هذا الشأن بما قررته "_ أنهم خصوم مدخلون _ من الجائز اختصاصهم أصلاً عند رفع الدعوى _ باعتبارهم ورثة أحد المدينين فى الإقرارين سندى الدعوى المطالب بقيمتها __.. ولا يكون هناك محل _. فى اشتراط سبق تكليفهم بالوفاء " وكان هذا الذى قرره الحكم صحيحاً فى القانون ويحمل الرد على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص فإن النعى علية بهذا السبب يكون قائماً على غير أساس .

(الطعن رقم 2252 لسنة 58 جلسة 1995/05/28 س 46 ع 1 ص 828 ق 163)

4- الصحيفة التى تقدم لاستصدار أمر الأداء هى بديلة ورقة التكليف بالحضور وبها تتصل الدعوى بالقضاء،لما كان ذلك، وكان الحجز التحفظى الموقع على الطاعن بتاريخ1983/10/2، أتبعه المطعون ضده بطلب الأداء وتثبيت الحجز بتاريخ1983/10/9ومن ثم فإن صحيفة طلب الأداء التى تقدم بها المطعون ضده تقوم مقام دعوى تثبيت الحجز وبها تتصل الدعوى بالقضاء فى الميعاد المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة320من قانون المرافعات.

(الطعن رقم 1507 لسنة 55 جلسة 1993/11/01 س 44 ع 3 ص 130 ق 313)

5- العريضة التى تقدم لاستصدار أمر الأداء تعتبر بديلة لصحيفة الدعوى و بها تتصل الدعوى بالقضاء و يترتب عليها كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى .

(الطعن رقم 462 لسنة 54 جلسة 1987/12/24 س 38 ع 2 ص 1169 ق 243)

6- أوامر الأداء و إن كانت تصدر بطريقة تختلف عن الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى و تشتبه بطريقة إستصدار الأوامر على العرائض - إلا أنها تصدر بموجب السلطة القضائية للقاضى لا الولائية و لها ما للأحكام من قوة .

(الطعن رقم 888 لسنة 52 جلسة 1983/11/10 س 34 ع 2 ص 1574 ق 308)

7- لما كان المشرع بعد أن أورد القاعدة العامة فى رفع الدعاوى بما نص عليه فى المادة 1/63 من قانون المرافعات من أن " ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك " قد أوجب إستثناء من هذا الأصل على الدائن بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة و حال الأداء و معين المقدار أن يستصدر من القاضى المختص بناء على عريضة تقدم إليه من الدائن أو وكيله أمراً بأداء دينه وفق نص المواد 201 و ما بعدها من قانون المرافعات فإن المشرع يكون بذلك قد حدد الوسيلة التى يتعين على الدائن أن يسلكها فى المطالبة بدينه متى توافرت فيه الشروط التى يتطلبها القانون على النحو السالف بيانه و هى الإلتجاء إلى القاضى لإستصدار أمر الأداء و ذلك عن طريق إتباع الأوضاع و القواعد المبينة بالمواد 201 و ما بعدها من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 1013 لسنة 48 جلسة 1981/11/29 س 32 ع 2 ص 2156 ق 392)

8- التعديل الذى أدخله القانون رقم 100 لسنة 1962 على قانون المرافعات السابق بالنسبة لأوامر الأداء بحذفه من المادة 857 الحكم القاضى بإعتبار الأمر بمثابة حكم غيابى و إبرازه صفة الأمر بإعتباره أمراً و ليس حكماً و أن يكون الطعن فيه فى صورة تظلم و ليس فى صورة معارضة فى حكم غيابى إنما كان تمشياً مع ما إستحدثه القانون المشار إليه من إلغاء طريق الطعن بالمعارضة فى الأحكام الغيابية كقاعدة عامة كما إستهدف - و على ما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية - تفادى الصعوبات التى تترتب على إعتبار التظلم من الأمر معارضة كجواز إبداء الطلبات العارضة فى المعارضة أو كإبداء الدفع بعدم الإختصاص النوعى أو المحلى أو بالإحالة . و من ثم فليس من شأن هذا التعديل تغيير طبيعة أمر الأداء كعمل قضائى يصدر من القاضى سلطته القضائية لا سلطته الولائية و كطريق إستثنائى لرفع الدعوى فرتب القانون على تقديم عريضته كافة ما يرتبه على رفع الدعوى من آثار يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 857 المعدلة بالقانون 100 لسنة 1962 من أنه يترتب على تقديم العريضة قطع التقادم ، و ما أشارات إليه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الحالى بقولها : أسقط المشروع فى المادة 208 من الفقرة الثانية من المادة 857 من القانون القائم التى تقضى بأن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه قطع التقادم لأنه إذا كان ثمة ما يبرر وجود هذا الحكم فى القانون القائم ، فإن هذا المبرر ينتفى بعد أن إتجه المشروع إلى جعل رفع الدعوى بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب و لا شك بعد ذلك أن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى . و مفاد ذلك أن العريضة التى تقدم لإستصدار أمر الأداء لا زالت - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بديلة صحيفة الدعوى بها تتصل الدعوى بالقضاء .

(الطعن رقم 415 لسنة 46 جلسة 1980/02/13 س 31 ع 1 ص 508 ق 100)

9- القضائية التى تقطع مدة التقادم هى المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذى يراد إقتضاؤه . و لما كانت مطالبة البنك الطاعن من القضاء بتسليمه صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء السابق صدوره لصالحه على المطعون ضدهما - و إن كانت تمهد للتنفيذ به- إلا أنها لا تعتبر مطالبة صريح بالحق المثبت فى أمر الأداء و المهدد بالسقوط ، و لا تنصب على أصل الحق هى تعالج صعوبة تقوم فى سبيل الطاعن الذى فقد الصورة التنفيذية الأولى من أمر الأداء المشار إليه ، فالحق فى إستلام صورة تنفيذية ثانية يغاير الحق الصادر به الأمر ، و من ثم فلا أثر لهذه المطالبة به إنقطاع مدة التقادم .

(الطعن رقم 215 لسنة 46 جلسة 1979/04/30 س 30 ع 2 ص 232 ق 228)

10- إذ كان الطاعن لم يسبق له أن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن ضياع الصورة التنفيذية الأولى لأمر الأداء الصادر لصالحه على المطعون ضدهما و إنتظاره صدور الحكم بتسليمه صورة تنفيذية ثانية منه ، يعتبر مانعاً يتعذر معه المطالبه بحقه و من ثم يوقف سريان تقادمه إعمالاً لنص المادة 1/382 من القانون المدنى فإنه لا يقبل منه - الطاعن - إثارة هذا الدفاع الجديد لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع قانونى يخالطه واقع كان يتعين طرحه على محكمة الموضوع لتحقيقه و تقول كلمتها فى شأنه .

(الطعن رقم 215 لسنة 46 جلسة 1979/04/30 س 30 ع 2 ص 232 ق 228)

11- مؤدى نص المادتين 203 ، 204 من قانون المرافعات أن المشرع جعل من العريضة التى تقدم لإستصدار أمر الأداء بديلاً لورقة التكليف بالحضور ، و بها تتصل الدعوى بالقضاء مما مؤداه وجوب أن تتضمن كافة البيانات الجوهرية التى يتعين أن تتوافر فى صحيفة إفتتاح الدعوى وفق المادة 63 من قانون المرافعات و من بينها إسم الدائن و لقبه و مهنته أو وظيفته و موطنه .

(الطعن رقم 211 لسنة 44 جلسة 1978/01/04 س 29 ع 1 ص 87 ق 25)

12- إذ كان أمر الأداء القاضى بإلزام المطعون عليه الأول - المستأجر- بأداء الأجرة المحددة بعقد الإيجار عن المدة من 1970/1/1 حتى آخر مايو سنة 1970 وإن حاز قوة الأمر المقضى إلا أنه إذ صدر تنفيذاً لعقد الإيجار أخذاً بالأجرة المتفق عليها فيه ، ودون أن يعرض لقانونية هذه الأجرة تبعاً لعدم إثارة نزاع حولها فإنه لا يحوز حجية فى هذه المسألة ، وإذ كان تحديد الأجرة طبقاً لقوانين إيجار الأماكن من المسائل المتعلقة بالنظام العام التى لا يجوز الإتفاق على مخالفتها فإن صدور أمر الأداء بالأجرة الإتفاقية الواردة بالعقد لا يحول دون حق المطعون عليه الأول فى إقامة دعوى بتحديد الأجرة القانونية لعين النزاع ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ إعتد بالأجرة القانونية لها والتى حددها الحكم - الصادر بالتخفيض - وبين الفروق المستحقة للمطعون عليه الأول - المستأجر- ورتب على ذلك إنتفاء تخلفه عن الوفاء بالأجرة بما لا يبرر إخلاءه من العين المؤجرة فإنه لا يكون قد خالف حجية أمر الأداء سالف الذكر .

(الطعن رقم 460 لسنة 42 جلسة 1977/01/05 س 28 ع 1 ص 174 ق 44)

13- تشترط المادة 851 من قانون المرافعات السابق معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 و التى رفعت الدعوى وقت سريانها لسلوك طريق إستصدار أمر الأداء ، أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة و معين المقدار و حال الأداء ، و مقتضى ذلك أن هذا الطريق لا يتبع إلا إذا كان كل مطلوب الدائن هو دين تتوافر فيه شروط إستصدار الأمر أما إذا كان بعض ما يطالب به مما لا تتوافر فيه هذه الشروط فإن سبيله فى المطالبة يكون هو الطريق العادى لرفع الدعاوى ، و لا يجوز له فى هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق إستصدار أمر بالأداء ، لأنه إستثناء من القواعد العامة فى رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه . و لما كان الثابت أن مورث المطعون عليهم التسعة الأول قد أقام دعواه للمطالبة بمبلغ 1100 ج تأسيساً على أن المطعون عليه العاشر و مورث الطاعنين لم ينفذا صفقة البيع المتفق عليها و أن من حقه المطالبة بضعف العربون الوراد فى الإتفاق المبرم بينه و بينهما ، فإن ما يطالب به لا يكون كله ثابتاً فى هذه الورقة و لا تكون المطالبة به إلا بطريق الدعوى العادية و إذ رفع دعواه بالطريق العادى فإنها تكون قد رفعت بالطريق القانونى .

(الطعن رقم 674 لسنة 40 جلسة 1975/12/09 س 26 ص 1593 ق 299)

14- لئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قانون المرافعات السابق - قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - و هو الواجب التطبيق قد أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام فقد إستقر بقضاء الهيئتين مجتمعتين على أنه لا يعتبر من بيانات الحكم إثبات صدوره بإسم الأمة إذ أن ما نص عليه الدستور ( السابق ) من صدور الأحكام بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستورى أصيل و أمر مسبق مقضى مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر بإسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها و مصدر السلطات جميعاً ، الأمة ، لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التى ينهض عليها نظام الدولة و ذلك الأمر يصاحب الحكم و يسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره ، دون ما مقتضى لأن يعلن القاضى عنه عند النطق به أو يفصح عنه فى ورقة الحكم عند تحريره ، و بالتالى فإن إيراد البيان سالف الذكر بورقة الحكم أثناء تحريره ، و من بعد صدوره بالنطق به ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً و كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض ، و من ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره بإسم الأمة لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته . لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى نتيجة صحيحة هى رفض دعوى بطلان أمر الأداء رغم خلوه من بيان صدوره بإسم الأمة ، فإن النعى على ما ورد به من تقرير قانونى خاطىء من أن أمر الأداء محل المنازعة ليس حكماً يكون غير منتج .

(الطعن رقم 330 لسنة 40 جلسة 1975/03/30 س 26 ع 1 ص 706 ق 138)

15- أمر الأداء النهائى - بإلزام المشترى بباقى الثمن - هو بمثابة حكم حاز قوة الأمر المقضى مانع من العودة إلى مناقشة مسألة أحقية البائع لباقى الثمن الذى أصبح حل الأداء بأية دعوى تالية و بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق أثارتها قبل صيرورته إنتهائيا أو أثيرت و لم تبحث فعلاً لعدم إنفتاح بحثها .

(الطعن رقم 319 لسنة 38 جلسة 1974/02/11 س 25 ع 1 ص 327 ق 53)

شرح خبراء القانون

تقديم الطلب :

يقدم الطلب من الدائن شخصياً أو من وكيله في شكل عريضة من نسختين متطابقتين إلى قلم كتاب المحكمة . ويجب أن يوقع على العريضة من محام إذا كانت مقدمة إلى المحكمة الإبتدائية أو كانت مقدمة إلى القاضي الجزئي بشأن حق تتجاوز قيمته خمسين جنيهاً (مادة 58 من قانون المحاماة) .

ويجب أن تشتمل العريضة على البيانات الآتية (مادة 203 مرافعات) :

1- تحديد المدعى والمدعى عليه : فيذكر اسم ولقب كل منهما على نحو ناف للجهالة.

2- بیان الموطن الأصلي لكل منهما : وفائدة ذكر موطن المدعي هو أنه إذا كان موطنه الأصلي في دائرة المحكمة فلا يلزم ببيان موطن مختار له في البلدة التي بها مقر المحكمة ، كما أن تحديد موطنه يفيد في تحديد شخصيته . أما موطن المدين ففائدته أن تعلن فيه العريضة والأمر بعد صدوره .

3- محل الدعوى وسببها : وتعبر عنهما المادة 203 مرافعات يتطلب بیان وقائع الطلب وأسانيده» . فيجب تحديد ما يطلبه الدائن . فإن كان ما يطلبه نقوداً وجب تحديد أصل الحق وفوائده ومصاريفه . وإن كان منقولات وجب تعيينها أو تحديدها نوعاً ومقداراً . كما يجب تحديد الوقائع التي يستند إليها المدعي في طلبه . ولا يغني عن تحديد ما يطلبه الدائن إرفاق سند الدين بالعريضة إذ قد يكون المطلوب أقل من الثابت في السند لسبق الوفاء ببعضه .

4- تعيين موطن مختار للدائن في البلدة التي بها مقر المحكمة إذا لم يكن موطنه الأصلي في دائرتها . وفائدة هذا البيان هو أن تعلن للدائن في هذا الموطن الأوراق المتعلقة بالخصومة مثل صحيفة الطعن في الأمر . فإن لم يتخذ الدائن موطناً مختاراً أعلن بهذه الأوراق فى قلم كتاب المحكمة تطبيقاً للمادة 12 مرافعات . ويلاحظ أن الدائن لا يلتزم باتخاذ موطن مختار في المدينة التي بها مقر المحكمة إلا إذا كان موطنه الأصلى خارج دائرة إختصاص المحكمة . أما إذا كان موطنه الأصلي يدخل في دائرة اختصاص المحكمة ، فإن له أن يتخذ موطناً مختاراً في دائرة إختصاص المحكمة ولو لم يكن في المدينة التي بها مقر المحكمة ، كما أنه إذا لم يتخذ موطناً مختار، فإن موطنه الأصلي يعتبر موطناً مختاراً له تعلن إليه فيه الأوراق.

وعلى الطالب - تمكيناً للقاضي من الفصل في الدعوى دون مواجهة - أن يرفق بالعريضة عند إيداعها :-

1- سند الحق الذي يطالب به . أي الورقة التي تثبت قيام هذا الحق بشروطه التي يتطلبها القانون لصدور أمر أداء به . وبهذا الإيداع يستطيع القاضي التأكد من اطلاعه على الورقة من وجود الحق وتوافر شروطه . ويبقى هذا السند في قلم كتاب المحكمة حتى ينقضي ميعاد التظلم (مادة 203/ 1 مرافعات) ، أو الاستئناف المباشر ، أو يفصل فيما رفع منهما .

2- ما يثبت قيام الدائن بتكليف المدين بالوفاء قبل الطلب بخمسة أيام على الأقل . ذلك أن عبء إثبات حدوث التكليف يقع على الدائن . ودليل الإثبات يجب أن يكون ورقة مكتوبة إذ هذه وحدها التي يرد عليها الإرفاق . وتكون إيما أصل الإعلان الموقع عليه من المدين أو غيره بالإستلام إذا تم التكليف بورقة محضرين ، أو اصل إعلان بروتستو علم النفع ، أو صورة من محضر الحجز التحفظى السابق على طلب الأداء ، أو – وهو الغالب - علم الوصول المتضمن توقيع المستلم الكتاب الموصى عليه . فإذا أدعى المدين ، عند الطعن في الأمر ، عدم تسلمه الخطاب ، أحيل الإدعاء إلى التحقيق للإثبات .

3- المستندات المؤيدة لطلب الدائن غير سند الدين ، إن وجدت . ومثالها الأمر بالحجز التحفظي إذا كان المطلوب إستصدار أمر بالأداء وبصحة الحجز ، وكذلك المستندات التي تثبت وفاء الدائن بالتزامه المقابل أو بتحقق الشرط ، إذا كان الحق المطالب به معلقاً على شرط. وتبقى هذه المستندات - شأنها شأن سند الدين - بقلم كتاب المحكمة ، حتى ينقضي ميعاد التظلم أو الإستئناف المباشر أو يفصل فيما رفع منهما .

4- ما يدل على أدائه الرسم المستحق على الدعوى بالكامل (مادة 208 / 1 مرافعات) .

ولا تعلن العريضة إلى المدين ، إذ الأمر يصدر - كما قلنا - بغير مواجهة . على أنه رغم عدم وجود مواجهة ، من المقرر أنه يجب توافر الأهلية الإجرائية عند تقديم الطلب ليس فقط في الدائن بل أيضاً فيمن يطلب صدور الأمر ضده . ولهذا يكون باطلا الأمر الذي يصدر ضد قاصر ، كذلك الأمر الذي يطلب قاصر صدوره.

ويخضع بطلان العريضة لما سبق من قواعد في النظرية العامة للبطلان وما سبق بالنسبة لإيداع صحيفة الدعوى .

 آثار الطلب :

ويترتب على تقديم طلب أمر الأداء جميع الآثار التي تترتب على المطالبة القضائية، سواء من ناحية الآثار الإجرائية أو الأثار الموضوعية. ذلك أن تقديم طلب أمر أداء يعتبر مطالبة قضائية بالمعنى الصحيح ، وإن تمت بإجراءات خاصة . ولهذا يترتب على تقديم الطلب قطع التقادم . ويذهب البعض إلى عدم تطبيق ما تنص عليه المادة 383 مدني من أن المطالبة القضائية تقطع التقادم ولو قدمت إلى محكمة غير مختصة على طلب أمر أداء ، وذلك إستناداً إلى أن قاضي الأداء غين المختص لا يحيل الدعوى بعد الحكم بعدم الإختصاص إلى المحكمة المختصة خلافاً للمحكمة التي ترفع إليها الدعوى بالإجراءات العادية ، وأن شرط الإختصاص بالنسبة لقاضي الأداء هو شرط شکلی ولهذا فإن العريضة التي تقدم إلى قاض غير مختص تكون باطلة لعيب شكلي . وهذا الرأي محل نظر . فتقديم طلب بأمر أداء هو مطالبة قضائية بالمعنى الصحيح وتترتب عليه آثار هذه المطالبة ، ونص المادة 383 مدني نص عام يسري على المطالبة أياً كانت إجراءات تقديمها أو نظرها . ومن ناحية أخرى ، فلا علاقة بين حكم المادة 383 مدنی وقيام المحكمة غير المختصة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة . وآية ذلك أن - نص المادة 383 كان موجوداً عندما لم تكن هناك إحالة. وأخيراً ، فمن الخطأ الخلط بين مقتضيات صحة العمل وبين إختصاص المحكمة بالدعوي. فمقتضيات صحة العمل تتعلق بالمطالبة كعمل إجرائي ، أما الإختصاص فإنه يتعلق بسلطة المحكمة في الفصل في الدعوى .

ووفقاً للمادة 203/ 3 مرافعات ، يجب أن يتضمن الأمر بيان المبلغ - الواجب أداؤه من أصل وفائدة ، أو بيان ما أمر القاضي بأدائه من منقولات . كما يجب أن يتضمن الأمر الإلزام بالمصاريف . ويكتب الأمر على إحدى نسختي العريضة ، وتسلم للدائن النسخة الأخرى وعليها صورة الأمر ، وهو ما يعني أن بيانات العريضة تعتبر جزءاً مكملاً لأمر الأداء .

وفيما عدا هذه البيانات ، وتلك التي تنص عليها المادة 203/ 2 ، لم ينص المشرع صراحة على بيانات أخرى يجب توافرها في أمر الأداء. على أنه رغم هذا الصمت ، فإن النصوص المنظمة الأمر الأداء تفترض أن يتضمن أيضاً البيانات الأتية :

1- تاريخ إصداره ، إذ من هذا التاريخ يحسب ميعاد سقوط الأمر (مادة 205/ 2 ).

2- أسم القاضي أو رئيس الدائرة الذي أصدر الأمر واسم المحكمة التي يتبعها للتأكد من صدوره ممن له اختصاص باصداره ، إذ يمكن اثارة هذه المسألة عند التظلم من الأمر أو رفع إستئناف عنه . 

3- ما إذا كان الأمر إبتدائياً أو نهائياً ، صادرا في مادة مدنية أو تجارية ، وما إذا كان مشمولاً بالنفاذ المعجل إذا كان القاضي قد أمر بنفاذه . ذلك أن أمر الأداء يخضع من حيث نفاذه لما تخضع له أحكام القضاء (مادة 209 مرافعات) .

4- توقيع القاضي مصدر الأمر ، إذ التوقيع هو الذي يدل على صدور العمل ممن صدر منه .

ولا يلزم بيان أسباب الأمر الأداء ، فليس في القانون ما يلزم بها إعتباراً بأن إصدار الأمر يعني الموافقة على وقائع الطلب وأسانيده المبينة في العريضة ، فتعتبر هذه أسباباً للأمر .

أحكام خاصة بأوامر الأداء الصادرة من المحكمة الإقتصادية :

أولاً - الإختصاص بإصدار الأمر : تنص المادة من قانون المحاكم الإقتصادية على إختصاص قاض بدرجة رئيس محكمة إبتدائية من الفئة (أ) ، المعين لذلك من الجمعية العامة للمحكمة الإقتصادية ، بإصدار أوامر الأداء في المسائل التي تدخل في إختصاص المحكمة الإقتصادية.

ويعتبر هذا النص إستثناءاً مما تنص عليه المادة 202 مرافعات ، والتي تخول هذا الإختصاص لقاضي المحكمة الجزئية أو الرئيس الدائرة بالمحكمة الإبتدائية حسب الأحوال . ولما كانت لا توجد محاكم إقتصادية جزئية ، فقد كان من الملائم - إتساقاً مع المادة 202 مرافعات - تخويل الإختصاص بإصدار أوامر الأداء بالمحكمة الإقتصادية لرئيس الدائرة بالمحكمة الاقتصادية المختصة . ويكون الإختصاص إما لرئيس الدائرة الابتدائية أو الرئيس الدائرة الإستئنافية حسب الأحوال ، ولكن المشرع لم يعط الإختصاص لأيهما ، وجعله فقط لقاض بدرجة رئيس محكمة ابتدائية (أ) . وعلى هذا ، فإنه إذا قدم طلب إستصدار أمر أداء بالمحكمة الإقتصادية إلى رئيس الدائرة الإبتدائية المختصة بالدعوى أو رئيس الدائرة الإستئنافية المختصة بالدعوى ، فإنه يكون غير مختص بالطلب ، وعليه أن يحيل الطلب إلى قاضي الأداء المختص بإصدار أوامر الأداء بالمحكمة الإقتصادية .

ووفقاً للفقرة الأخيرة من المادة «3» من قانون المحاكم الإقتصادية ، إذا قدم طلب إلى قاضي الأداء بالمحكمة الإقتصادية في المسائل التي تختص بها المحكمة ، فإنه «يصدر ، وأياً كانت قيمة الحق محل الطلب ، أوامر الأداء في تلك المسائل وفي حالة امتناعه يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام إحدى الدوائر الإبتدائية أو الاستئنافية» . وعلى هذا ، فإنه إذا قدم طلب إستصدار أمر أداء ، فإن القاضي يصدر أمر الأداء المطلوب متى توافرت الشروط التي تنص عليها المادتان 202 و 203 من قانون المرافعات ، وذلك أياً كانت قيمة الدعوى ، سواء تجاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو لم تتجاوزها. فإذا رأي القاضي ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته ، فإن عليه تحديد جلسة لنظر الدعوى ، وفقاً لما تنص عليه المادة 204 مرافعات . وتحدد الجلسة أمام الدائرة الإبتدائية أو الإستئنافية حسب قيمة الدعوى أو نوعها ، وفقاً لما ينص عليه قانون المحاكم الإقتصادية ، مما سبق بيانه.

ثانياً : الطعن في أمر الأداء : تنظم المادة 2 / 10 من قانون المحاكم الاقتصادية التظلم من الأوامر الصادرة من القاضي المنصوص عليه في المادة من قانون المحاكم الإقتصادية . ولما كان هذا القاضي وفقاً للمادة 3 / 3 هو الذي يصدر أوامر الأداء ، فإن التظلم من أمر الأداء يكون وفقاً للمادة 2 / 10 أمام الدائرة الإبتدائية . ونرى أن هذا التظلم - رغم عدم النص - يجب أن يرفع أمام دائرة إبتدائية بالمحكمة التي يتبعها القاضي مصدر الأمر.

ويخضع التظلم من حيث ميعاده وإجراءاته و الفصل فيه إلى ما تنص عليه المادتان 206 و 207 مرافعات من أحكام ، مما سبق شرحه.

ولأن الحكم في التظلم يصدر من دائرة إبتدائية ، فإنه يقبل الطعن فيه بالإستئناف أمام الدائرة الإستئنافية (مادة 1 / 10 محاكم اقتصادية) . ويخضع لما تنص عليه الفقرتان 3 و 4 من المادة 206 من قانون المرافعات ، ولما ينص عليه قانون المرافعات من أحكام بالنسبة للطعن بالإستئناف بصفة عامة.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 755)

تضمنت المادة (203) البيانات الجوهرية التي أوجب المشرع اشتمال عريضة أمر الأداء عليها، ورتب البطلان على إغفالها أو النقص فيها.

وعريضة أمر الأداء هي بديل صحيفة إفتتاح الدعوى عند توافر الشروط اللازمة لإستصدار أمر الأداء، وقد خص المشرع كلا من الإجراءين ببیانات تميزه عن الآخر ولم يتطلب تضمين عريضة أمر الأداء ذات البيانات التي تطلبها في صحيفة الدعوى نظراً لصدور أمر الأداء في غيبة الخصوم بينما يصدر الحكم في الدعوى بعد إنعقاد الخصومة وفي جلسة علنية.

وتترتب آثار المطالبة القضائية إعتباراً من تاريخ تقديم عريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب وقبوله لها عملاً بالمادة (208) ومؤدى ذلك انقطاع التقادم وسريان الفوائد ما لم يوجد نص بسريانها إعتبارا ً من تاريخ القبض كالدين الناشئ في ذمة الوكيل بسبب أعمال الوكالة والمستحق للموكل.

وتخضع عريضة أمر الأداء للبطلان الذي تخضع له صحيفة الدعوى الإغفال أو نقص بياناتها الجوهرية، وذلك على التفصيل الذي تناولناه فيما يلي.

ولما كانت عريضة أمر الأداء لا تعلن إلا بعد صدور الأمر، فلا يلزم أن يرفق بها صور بقدر عدد المدينين في حالة تعددهم عند تقديمها لاستصدار الأمر إکتفاء بتحريرها من نسختين متطابقتين ليصدر الأمر على إحداها وتحفظ بقلم الكتاب وتسلم النسخة الثانية للدائن بعد أن يثبت فيها قلم الكتاب صورة أمر الأداء ليقوم الدائن بإعلانها للمدين بتسليمه صورة منها بعد أن يوقع على الأصل المتمثل في النسخة الثانية بما يفيد الاستلام، فإن تعدد المدينون سلمت صورة لكل منهم، ويرد قلم المحضرين إلى الدائن نسخة العريضة المعلنة للاحتجاج بها على المدين في حالة الدفع بسقوط حق الأخير في التظلم أو الإستئناف .

ويلتزم قلم الكتاب بقبول عريضة أمر الأداء طالما أرفق بها الدائن قسيمة سداد الرسم المستحق، إذ لا شأن لهذا القلم بما يجاوز هذا الحق الذي قرره له المشرع بموجب المادة (208) ومن ثم إذا قدمت العريضة من نسخة واحدة، أو من نسختين غير متطابقتين أو خاليتين من بعض البيانات الجوهرية، ألتزم بقبولها تاركاً للقاضي التصدي لذلك بإعتباره من الدفوع التي تحسم بمعرفة السلطة القضائية، فإن تبين للقاضي اختلاف إحدى النسختين عن الأخرى إختلافاً جوهرياً ، امتنع عن إصدار الأمر، كما لو تضمنت إحدى النسختين موطن المدين وخلت الأخرى منه، أما إن كان الإختلاف غير جوهري بأن تضمنت إحدى النسختين تفصيلاً للوقائع والأسانيد بينما تضمنت الثانية موجزاً لها لكنه يفي بالغرض المطلوب منها، مما يتحقق به التطابق الذي عناه المشرع، كان للقاضي إصدار أمر الأداء.

وإن كانت المادة (65) من قانون المرافعات تجيز لقلم الكتاب عدم قيد صحيفة الدعوى لعدم إستيفاء المستندات والأوراق المنوه عنها بالفقرة الأولى منها، فإن هذا الحق ينحصر في صحيفة الدعوى فلا يمتد إلى عريضة أمر الأداء ، إذ يتعين عليه قيدها بالسجل المعد لذلك فور تقديمها.

لا يلزم وجود توكيل لتقديم العريضة ولكن يلزم التوقيع عليها :

المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أو لقاضي الأداء التصدي لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا عندما ينكر صاحب الشأن وجود وكالة تجيز مباشرة ما تم من . إجراءات، مما مفاده أن عريضة أمر الأداء إذا قدمها محام بصفته وكيلاً عن الدائن فلا يشترط لإصدار الأمر إرفاق سند الوكالة ضمن المستندات المرفقة بالعريضة أو حتى بيان رقمه بها.

وإذا صدر أمر الأداء فلا ينال من صحته عدم وجود توكيل سابق على تقديم العريضة.

لكن لا يجوز تقديم العريضة للمحاكم الابتدائية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل فإن كانت مقدمة للمحاكم الجزئية وجب أن تكون موقعة من أحد المحامين المشتغلين متى بلغت أو جاوزت قيمة أمر الأداء النصاب الذي حدده قانون المحاماة وإلا شابها البطلان المطلق وفقاً للمادة (85) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 مما يوجب على القاضي رفض إصدار الأمر ولا يحول هذا البطلان دون تحديد جلسة لتقريره.

وإذ تنص المادة (58) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه لا يجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الأداء للمحاكم الجزئية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى أو أمر الأداء خمسين جنيهاً.

وعند صدور هذا القانون كان هذا المبلغ هو النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي بموجب المادة (42) من قانون المرافعات التي عدلت أكثر من مرة حتى استقر النصاب النهائي للقاضي الجزئي إلى ألفي جنيه، بينما ظلت المادة (58) من قانون المحاماة على ما صدرت به بتحديد النصاب الذي يتطلب توقيع أحد المحامين على عريضة أمر الأداء بما يجاوز خمسين جنيهاً في حالة تقديمها للقاضي الجزئي، ويدل مفهوم المخالفة لهذا النص على عدم وجوب توقيع العريضة من أحد المحامين إن لم تكن قيمة أمر الأداء لا تجاوز هذا المبلغ، وهو ما يتعارض مع التقدير الذي نصت عليه المادة (42) من قانون المرافعات.

ولرفع هذا التعارض، نقرر أن قانون المحاماة يعتبر قانونناً خاصاً بصدد النصاب الذي يتطلب توقيع أحد المحامين على صحف الدعاوى وطلبات أوامر الأداء التي تقدم للقاضي الجزئي، ولا يعتد في هذا الصدد بالنصاب الإنتهائي لهذا القاضي الذي تضمنته المادة (42) من قانون المرافعات، وبالتالي فإن عريضة أمر الأداء يجب التوقيع عليها متى بلغت أو جاوزت قيمتها خمسين جنيهاً وإلا كانت باطلة.

ذلك أن قانون المحاماة قد حدد نطاق نصاب القاضي الجزئي بالإحالة إلى بیان محدد بعينه في قانون المرافعات فالحق به بعد استعارته له، فأصبح هذا البيان جزء من قانون المحاماة منبت الصلة بقانون المرافعات، وبالتالي لا يمتد ما يطرأ على قانون المرافعات من تعديل إلى قانون المحاماة لأن مناط ذلك عند الإحالة المطلقة إلى ما يبينه أو يقرره القانون المحال إليه.

والمقرر أن تصحيح البطلان الذي شاب الصحيفة لعدم التوقيع عليها من محام جائز ما لم يشترط القانون رفع الدعوى في ميعاد محدد وحينئذ يجب أن يتم التصحيح قبل إنقضائه ، ولما كان إستصدار أمر الأداء وتحديد جلسة لنظر أمر الرفض غير مقيد بميعاد محدد، ومن ثم يجوز تصحيح البطلان أثناء نظر الدعوى، وتلتزم المحكمة بالتصدي للموضوع إن كانت تختص به من جميع الوجوه، ولا يجوز لها أن تستند إلى توافر الشروط اللازمة لإصدار أمر الأداء المتقاضي بعدم قبول الدعوى، إذ يقتصر ذلك على الدعوى التي ترفع ابتداء دون الدعوى التي تطرح بعد رفض إصدار الأمر.

فإذا صدر أمر الأداء بالرغم من عدم توقيع عريضته من محام في الحالات التي يوجب فيها القانون ذلك، كان الأمر باطلاً بطلاناً مطلقا لمساسه بالنظام العام ويجب أن يتقرر هذا البطلان بطريق الطعن بالتظلم أو الإستئناف، ومتی قضت محكمة الطعن ببطلان أمر الأداء ، فإنها تقف عند هذا الحد لتعلق البطلان بعريضة الأمر، ويكون الدائن وشأنه في إستصدار أمر جديد، ومتی رفع الطعن، فلا يجوز تصحيح البطلان الذي شاب العريضة، إذ يقتصر هذا التصحيح على المرحلة السابقة على إصدار الأمر بالأداء فلا يمتد إلى المرحلة التالية لإصداره.

فإن لم يطعن في الأمر بالرغم مما شاب عريضته ، وأنقضت المواعيد المحددة لذلك، حاز قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة وتطهر من كل شائبة ، إذ تسمو حجية أمر الأداء على اعتبارات النظام العام.

المستندات الواجب إرفاقها بعريضة أمر الأداء :

لما كان أمر الأداء يصدر في غيبة المدين مما قد يحول دونه وإبداء أوجه دفاعه، فقد أوجب المشرع على الدائن أن يضمن عريضته الوقائع والأسانید التي تبرر إصدار الأمر، وأن يرفق بها سند الدين حتى إذا تحقق القاضي من توافر شروط أمر الأداء أصدره، ولما كان هذا السند هو الذي يشهد على مديونية المدين وقد حمل توقيعاً منسوباً إليه يؤدي إلى التزامه بالدين الذي حل أجل الوفاء به وانتفت المنازعة في شأنه من واقع عبارته، وهو ما يكفي الإصدار الأمر.

وطالما أن سند الدين قد تقدم به الدائن أو وكيله، فإن الدائن يكون مسئولاً مدنياً وجنائياً عن صحته، ولما كان الفيصل في ذلك هو المدين نفسه ، وقد أوجب المشرع إعلانه بالعريضة المنوه بها إلى هذا السند وبأمر الأداء الصادر ضده وتمكينياً له من الاطلاع على سند الدين، فقد نص على بقائه في قلم الكتاب إلى أن يمضي ميعاد التظلم والذي يبدأ من اليوم التالي للإعلان سالف البيان ويستمر لمدة عشرة أيام بما يكفي لإعداد تظلمه والتحقق من صحة أو بطلان سند الدين، فإن تبين له أنه مزور علیه إستند في التظلم إلى ذلك، وحينئذ يتحفظ قلم الكتاب عليه ويمتنع عن تسليمه للدائن، ویسری ذلك إذا طعن المدين في أمر الأداء بالإستئناف خلال المدة المحددة للتظلم، فإذا إنقضت مدة التظلم، كان للدائن تسلم سند الدين حتى لو طعن المدين بعد ذلك بالإستئناف.

كما يجب على الدائن أن يرفق بالعريضة ما يثبت حصول تكليف المدين بالوفاء وذلك بإرافق إشعار علم الوصول.

وإذا كان الإلتزام تخيرياً ، وكان الإختيار للدائن، فيكفي أن يضمن العريضة الدين الذي يطلب إلزام المدين أدائه، إذ في ذلك الدليل على إختياره ، أما إن كان الإختيار للمدين، فلا يجوز للدائن إستصدار أمر الأداء إلا إذا كان الدين الذي اختاره المدين مما تتوافر فيه شروط أمر الأداء، وتعين على الدائن أن يرفق بالعريضة الدليل على اختيار المدين لهذا الدين ، كإقرار صادر من المدين ولا يلزم أن يكون مصدقاً على التوقيع فيه ، أو خطاب صادر من المدين إلى الدائن، أو إنذار على يد محضر، فإن لم يتقدم الدائن بهذا الدليل ، امتنع القاضي عن إصدار أمر الأداء.

وقد يقدر الدين، بينما يتم الإتفاق على الفوائد في سند آخر، وحينئذ يجب على الدائن تقديم سند الدين والإتفاق الذي تضمن الفوائد حتى يصدر القاضي أمر الأداء بأصل الدين والفوائد الإتفاقية، وقد لا يكون الدين مقدراً ثم يقدر بإتفاق لاحق، وحينئذ يجب تقديم السندين.

وإذا كان محل الأداء منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره واتضح من سنده أن الدائن به لم يوف بكامل الثمن، وجب لإستصدار أمر الأداء أن يتقدم الدائن بالدليل على وفائه بكامل الثمن.

وإن علق البيع على شرط واقف، كموافقة المحكمة الحسبية على بيع منقول مملوك للقاصر، وتحقق الشرط، كان للوصي عرض المنقول على المشتري عرضاً حقيقياً ثم الرجوع عليه بالثمن والمصاريف بموجب أمر الأداء على أن يرفق بعريضته عقد البيع وقرار المحكمة بالموافقة على إتمامه والدليل على حصول العرض الحقيقي .

ولما كان أجل الدين يسقط إذا تسبب المدين بفعله في إضعاف التأمينات إلى حد كبير، كان للدائن إستصدار أمر الأداء على أن يرفق بعريضته الدليل على أن المدين قد تسبب بفعله إلى إضعاف التأمينات المقررة للدائن إلى حد كبير، مثال ذلك أن يبيع الدائن سيارة بثمن مؤجل ويتقرر له عليها حق إمتیاز البائع، ويتسبب المدين بفعله إلى إضعاف هذا التأمين إلى حد كبير بحادث أدى إلى إتلافها. وحينئذ يجب إرفاق صورة رسمية من محضر الشرطة متضمنا معاينة السيارة ولا يلزم إرفاق تقرير لأهل الخبرة.

ويرجع المشتري بالعربون الذي دفعه للبائع في حالة التفاسخ أو إستحالة التنفيذ، وحينئذ يتم هذا الرجوع بسلوك طريق أمر الأداء على أن يرفق الدائن بالعريضة الدليل على التفاسخ أو إستحالة التنفيذ.

بيانات عريضة أمر الأداء:

تضمنت المادة (203) البيانات الجوهرية التي يجب أن تتضمنها عريضة أمر الأداء، وتنصرف إلى تحديد ديباجة العريضة ثم الوقائع والأسانيد وتنتهي بالطلبات.

أولاً: البيانات المتعلقة بالديباجة:

يقدم الدائن عريضة أمر الأداء إلى رئيس المحكمة الإبتدائية وهو رئیس إحدى الدوائر بها المدنية أو التجارية بالنظر إلى طبيعة الدين متى كانت قيمته تجاوز نصاب القاضي الجزئي، فإن كانت قيمته لا تجاوز هذا النصاب، قدمت العريضة للقاضي الجزئي، وذلك بتقديمها إلى قلم كتاب المحكمة ليقوم بقيدها في الجدول الخاص بأوامر الأداء، ولا يترتب البطلان على إغفال هذا البيان أو الخطأ فيه.

ویلی ذلك البيان المتعلق بالدائن متضمناً اسمه كاملاً ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله إن قدمت العريضة من وكيله ، فإن كان للدائن موطن أصلي في دائرة إختصاص المحكمة، جاز له إتخاذه موطناً مختاراً ، فإن لم يتخذه ونوه عنه بالعريضة وإتخذ موطناً مختاراً يغایره، جاز إعلانه بالأوراق القضائية المترتبة على أمر الأداء في موطنه الأصلي أو في موطنه المختار. أما إن لم يتخذ موطناً مختاراً وأغفل بيان موطنه الأصلي الكائن بدائرة إختصاص المحكمة، جاز إعلانه بصحيفة الطعن في قلم كتاب المحكمة بإعتبار أن هذه الصحيفة من الأوراق التي يصح إعلانه بها في الموطن المختار عملاً بالمادتين (12)، (214) من قانون المرافعات. وألا يحول ذلك دون الطاعن وإعلان المطعون عليه في مواجهة النيابة العامة باعتبار أن موطنه غير معلوم بعد تضمین ورقة الإعلان آخر موطن معلوم له حسبما تسفر عنه تحريات الطاعن عملاً بالمادة (13) من ذات القانون. 

أما إذا بین المطعون عليه بورقة إعلان الأمر موطنه الأصلي أو المختار، وجب إعلانه به في أي منهما، فإن أعلن في هذه الحالة في قلم الكتاب كان الإعلان باطلاً.

ويكفي في الموطن المختار أو في الموطن الأصلي المتخذ موطناً مختاراً ، أن يكون كائناً في دائرة إختصاص المحكمة التي قدمت العريضة إلى قلم كتابها، فلا يلزم أن يكون في ذات البلدة التي بها مقر المحكمة، وبناء على ذلك، إذا كانت العريضة قدمت لقلم كتاب محكمة دمنهور الإبتدائية وكان للدائن موطن أصلي ببلدة رشید، جاز له أن يتخذ منه موطناً مختاراً أو أن يتخذ موطناً مختاراً له في أي مدينة من مدن محافظة البحيرة إذ تقع جميعاً في دائرة إختصاص محكمة دمنهور الإبتدائية .

أما إن كان مقيماً خارج هذه الدائرة، تعين عليه إتخاذ موطن مختار في مدينة دمنهور بإعتبارها البلدة التي بها مقر محكمة دمنهور الإبتدائية ، فإذا إتخذه خارجها، إعتبرت العريضة خالية من اتخاذ موطن مختار، ولا يكفي أن يضمنها موطنه الأصلي طالما كان خارجاً عن دائرة إختصاص المحكمة، لكن إذا أعلن به صح الإعلان وإمتنع عليه التمسك ببطلانه إذ لا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه ولو لم تتحقق الغاية منه.

ولا تبطل العريضة بسبب النقص أو الخطأ في البيان المتعلق باسم الدائن ومهنته إلا إذا كان من شأن هذا النقص أو الخطأ التجهيل بشخصه، بحيث إذا إنتفى هذا التجهيل، صحت العريضة ، فقد لا تتضمن العريضة إسمه كاملاً ومع ذلك ينتفي التجهيل بالنسبة له بالنظر إلى مهنته وموطنه.

كما لا يترتب البطلان على إغفال الموطن المختار أو إتخاذه خارج دائرة إختصاص المحكمة، إذ يجوز في هذه الحالة إعلانه على نحو ما تقدم .

وتنتهي الديباجة بأن العريضة مقدمة ضد المدين ويتضمن البيان الخاص به إسمه كاملاً ومحل إقامته المعتاد أي موطنه ومهنته أو وظيفته. ولا تبطل العريضة بسبب النقص أو الخطأ في البيان المتعلق بالمدين إلا إذا ترتب على ذلك التجهيل بشخصه مما قد يثير اللبس عند تنفيذ الأمر، ولذلك يجب أن يذكر إسمه ثلاثاً ، فإن كان سند الدين يتضمن إسمه ثنائياً ، دون أن يؤدي ذلك إلى التجهيل به مستكملاً بمهنته وموطنه، صحت العريضة.

ثانياً : البيانات المتعلقة بوقائع الطلب وأسانيده:

بعد أن يفرغ الدائن من تحریر دیباجة العريضة ، فإنه يتأول موضوع الطلب موضحاً وقائعه وأسانيده وغالباً ما تتداخل الوقائع مع الأسانيد ، فتتضمن العريضة ما يفيد العلاقة الدائنية بين الدائن والدين والدليل عليها متمثلاً في سند الدين من حيث تاریخ نشوء الدين وتاريخ إستحقاقه ونوعه ومقداره وأنه قام بتكليف المدين بالوفاء بموجب كتاب مسجل مصحوب بعلم وصول وتاريخ هذا التكليف وإذ أمتنع عن الوفاء، وكان الدين مستوفياً الشروط اللازمة لإستصدار أمر بإلزامه بالأداء، فقد أتخذ الإجراءات التي تطلبها القانون لإقتضاء حقه.

ولا يلزم بيان سبب الإلتزام، فالأصل أن لكل إلتزام سبباً مشروعاً ، كما لا يلزم بيان نصوص القانون التي يستند إليها الدائن، أو إيضاحاً يجاوز ما تقدم.

فإذا جاءت الوقائع والأسانید بصيغة عامة تصلح لكل طلب دون أن تخصص لتنصرف إلى النزاع بما يتفق مع مستندات الدعوى، كانت العريضة مبهمة يشوبها البطلان لعدم تضمينها الوقائع والأسانيد، كما تبطل إذا شابها التناقض والتهاتر إذ تكون خلواً من الأسانيد بحيث لا يعلم على أي أساس اتخذ الدائن إجراءات أمر الاداء.

وإن تضمنت العريضة واقعة مجهلة أو جاءت خلوا منها، ولكن أمكن الوقوف عليها من المستدات المقدمة، زال التجهيل وصحت العريضة، مثال ذلك أن تتضمن التزاماً تخييرياً ويطلب الدائن إلزام المدين بأحد الإلتزامات محل الإختیار دون أن يوضح أن الإختيار مقرر لمصلحته، وتبين ذلك من سند الدين، أو كان الإختيار للمدين وتقدم الدائن ضمن حافظته إقراراً صادراً من المدين بإختياره الإلتزام الذي يطالب به الدائن.

ثالثاً: البيانات المتعلقة بالطلبات:

يختم المدعى عريضة أمر الاداء بيان الطلبات التي يصدر الأمر بإلزام المدين بأدائها وبما يتفق مع المستندات المقدمة منه ونتيجة حتمية مترتبة على الوقائع والأسانيد التي تضمنتها العريضة ، بحيث أن تعارضت معها، امتنع القاضي عن إصدار أمر الأداء لما شاب العريضة من تناقض أدى إلى بطلانها، ذلك لان القاضي عندما يصدر هذا الامر على احدى نسختى العريضة لا يورد له أسباباً تقيمه وأنما يستند إلى ما تضمنته العريضة من بيانات مساندة مؤدية إلى أحقية الدائن في إستصدار أمر الاداء.

ولا يكفي لاصدار أمر الأداء أن يضمن الدائن العريضة تقريرات عن علاقة الدائنية بينه وبين المدين مستنداً إلى سند الدين الدال عليها، وإنما يجب عليه أن يقرع سمع القاضي بإلزام المدين بأدائه، فإن لم تتضمن العريضة طلبات الدائن على هذا النحو كانت باطلة، ووجب على القاضي الإمتناع عن إصدار الامر، فإن أصدره وتم التظلم منه قضت محكمة التظلم ببطلان الامر.

لذلك يجب على الدائن تحديد طلباته على نحو قاطع، بأن يطلب إلزام المدين بأداء مبلغ الدين مقدراً له، وله إضافة الفوائد سواء كانت إتفاقية تضمن سعرها سند الدين أو كانت قانونية، ولا يلزم في هذه الحالة تقديرها إذ يتوقف ذلك على الوقت الذي يتم فيه الوفاء بأصل الدين بإعتبار أن الفوائد تسری من تاريخ المطالبة القضائية بتقديم عريضة أمر الاداء إلى قلم الكتاب وحتی الوفاء، مالم يوجد نص في القانون بسريانها من تاريخ القبض كالدين الثابت في ذمة الوكيل لموكله وعلى التفصيل الذي أوضحناه فيما يلی بند «الطلبات التي صدر بها أمر الاداء» وللدائن اضافة ما تكبده من مصاريف في سبيل إستصدار أمر الاداء، مثل مصاريف التكليف بالوفاء ورسوم العرض والإيداع تنفيذا لالتزام الدائن بتسليم محل العقد حتى يمكنه الرجوع على المدين، كذلك الرسوم التي دفعها لقلم الكتاب والمستحقة عن أمر الاداء، وللدائن تحديد مقدار هذه المصاريف ليتضمنها الأمر، فإن لم يقر القاضي هذا التقدير، إكتفى بالزام المدين بالمصاريف ، وحينئذ يكون للدائن إستصدار أمر تقدير بها بعد أن يصبح أمر الاداء نهائياً على نحو ما نصت عليه المادة 189 من قانون المرافعات.

ولما كان مقابل أتعاب المحاماة المقرر بالمادة 187 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 لا يستحق إلا في حالة حضور المحامي أمام المحكمة منعقدة بكامل هيئتها وفي احدى الجلسات، فلا يجوز للدائن طلب تلك الأتعاب في عريضه أمر الاداء ، فإن طلبها كان ذلك نافلة لا تؤدى إلى بطلان العريضة أو إلى الإمتناع عن إصدار الامر. لكن إذا كانت العريضة موقع عليها من محام، جاز للدائن إضافة مقابل تحريرها بإعتباره من المصاريف الفعلية التي تكبدها ، على أن يكون ذلك في حدود خمسة جنيهات إذا قدمت العريضة إلى المحكمة الجزئية وعشرة جنيهات إذا قدمت للمحكمة الإبتدائية بنص المادة 187 من قانون المحاماة المشار إليه.

وإن لم يكن النفاذ المعجل للامر واجباً بقوة القانون، وجب على الدائن طلبه، عملاً بالمادتين (209)، (290) من قانون المرافعات ، فإن طلبه وأغفله القاضي كان ذلك رفضاً له. أما إن كان النفاذ المعجل واجباً بقوة القانون فلا حاجة لطلبه أو النص عليه في الأمر، كما لو صدر الأمر بدين تجاري عملا بالمادتين سالفتي البيان.

 أثر بطلان عريضة أمر الاداء:

أوضحنا فيما تقدم الحالات التي يترتب فيها بطلان العريضة لإغفال أو النقص في أحد بياناتها، ويؤدي هذا البطلان إلى إمتناع القاضي عن إصدار أمر الاداء وتحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة مع تكليف الدائن بإعلان خصمه إليها، وتتبع في الدعوى القواعد والاجراءات العادية للدعوى المبتدأة دون نظر إلى اجراءات أمر الاداء التي انتهت بالرفض، ومن ثم يقوم الدائن باعلان المدين بصورة من عريضة أمر الأداء المرفوض المشتملة على أسماء الخصوم وعلى وقائع الطلب واسانیده والطلبات فيه وتكليفه بالحضور أمام المحكمة بالجلسة المحددة لنظر الدعوى.

ولما كانت الصورة المعلنة هي صورة طبق الأصل للعريضة الباطلة، فإن البطلان الذي شابها يظل عالقا بها ويكون للمدعى عليه التمسك به، أو التنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ، ولا يجوز للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها الا إذا كان متعلقاً بالنظام العام كما لو كانت العريضة غير موقع عليها من محام، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بند البطلان المتعلق بعريضة أمر الاداء فيما يلي

ولما كانت المحكمة التي تنظر الدعوى بناء على أمر الرفض، هي محكمة الدرجة الأولى وليست محكمة طعن، والمقرر أن البطلان الذي يشوب صحيفة الدعوى بسبب عدم التوقيع عليها من محام يجوز تصحيحه أمام نفس الدرجة ، ومن ثم يجوز تصحيح هذا البطلان بالتوقيع على أصل العريضة أو صورتها من محام، والمقرر أيضاً أن التمسك ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بأسماء الخصوم أو إغفال أحد بياناتها الجوهرية هو من الدفوع الشكلية التي يسقط الحق فيها بالتعرض للموضوع عملا بالمادة 108 من قانون المرافعات.

ويترتب على ما تقدم ، أن عريضة أمر الأداء إذا شابها البطلان أدى إلى رفض إصدار الأمر، وعند نظر الدعوى أمام المحكمة إذا تم تصحيح البطلان أو سقط الحق فيه ، إستقامت الدعوى وتصدت المحكمة للموضوع، أما إن لم يتم التصحيح وتمسك المدعى عليه ببطلان صحيفة الدعوى قبل أن يتعرض للموضوع، وجب على المحكمة قبول هذا الدفع والقضاء ببطلانها والوقوف عند هذا الحد، وحينئذ تزول كافة الاثار التي ترتبت على تقديم عريضة أمر الاداء إلى قلم الكتاب. فإن رفضت المحكمة الدفع لإبدائه بعد التعرض للموضوع أو لتصحيح البطلان، ظلت تلك الآثار قائمة منذ تقديم العريضة دون إن ينال منها أمر الرفض.

فإن أصدر القاضي أمر الاداء بالرغم مما شاب العريضة من بطلان، وجب على المدين الطعن في الامر سواء بالتظلم أو الإستئناف .

فإن كان مبنى البطلان التجهيل بأسماء الخصوم أو إغفال بعض البيانات أو الخطأ فيها، وهو من الدفوع الشكلية ، تعين عليه التمسك بهذا البطلان في صحيفة التظلم أو الإستئناف وإلا سقط حقه فيه.

ومتى تمسك بالبطلان على هذا النحو، قضت المحكمة بقبول الدفع وببطلان عريضة أمر الاداء، مما يترتب عليه إلغاء الأمر، وتقف عند حد تقرير هذا البطلان لتعلقه بالعريضة، ذلك أن القضاء لا يتصل بالنزاع إلا بموجب طلب قضائي صحيح توافرت له الشروط التي يتطلبها القانون.

الآثار المترتبة على تقديم عريضة أمر الاداء:

يكفي البدء في الخصومة لتترتب الآثار القانونية للمطالبة القضائية ، وتبدأ الخصومة بايداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب، وبتقديم عريضة أمر الأداء، وبإبداء الطلب العارض أثناء نظر الدعوى ويلزم الإستمرار في الإجراءات حتى يصدر الحكم أو الأمر ويحوز قوة الشيء المقضى.

وإذا خلت الأوراق من تاريخ تقديم العريضة إلى قلم الكتاب ، وجب الإعتداد بالتاريخ الذي عرضت فيه الأوراق على القاضي أو الذي أمتنع فيه عن إصدار الامر. وإذا تبين من الأوراق سداد الرسوم أو تقديرها في يوم سابق على تاريخ الإمتناع، تعين الإعتداد بتاريخ التقدير أو السداد أيهما أسبق وفقاً لما أثبته قلم الكتاب.

فإذا أصدر القاضي أمر الأداء، قام الدائن بإعلان المدين بالعريضة وبالأمر الصادر ضده بالاداء، وحينئذ تنفتح مواعيد التظلم والإستئناف، فإن لم يطعن المدين أو طعن ورفض طعنه ، حاز الأمر قوة الشيء المقضي وظلت الآثار التي كانت قد ترتبت على تقديم العريضة.

أما إذا رفض القاضي إصدار أمر الاداء، فإنه يلتزم بتحديد جلسة لنظر الدعوى، ويكلف الدائن بإعلان خصمه لها، وتستمر الآثار التي كانت قد ترتبت على تقديم العريضة حتى صدور الحكم في الدعوى، إذ لا تزول هذه الآثار برفض اصدار أمر الأداء، وأنما تظل للعريضة آثارها، وتعتبر هي أساس الدعوى التي تنظرها المحكمة بعد أمر الرفض، فإذا قضت للدائن بطلباته ، كان له التنفيذ بها ولو كانت مدة التقادم قد إكتملت بعد تقديم العريضة وقبل إعلان أمر الرفض، ذلك أن هذا الامر لا ينهي النزاع وإنما يؤدى إلى طرحه ذاته على المحكمة التي تستمر في نظره ولا تزول آثار العريضة ألا إذا قضت بإعتبار الدعوى كأن لم تكن أو ببطلان صحيفة الدعوى وهي ذاتها عريضة أمر الاداء المرفوض أو برفض الدعوى وصيرورة الحكم الصادر بذلك حائزاً قوة الشيء المقضى .

فإن لم يقم الدائن بإعلان المدين قانوناً خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر، ولا يحسب اليوم الذي صدر فيه الأمر، إعتبرت العريضة والأمر الصادر عليها كأن لم تكن عملاً بالمادة (205) وحينئذ تزول الآثار التي كانت قد ترتبت على تقديم العريضة.

مفاد ما تقدم، أنه يترتب على تقديم عريضة أمر الأداء إلى قلم کتاب المحكمة كافة الآثار التي يرتبها القانون على المطالبة القضائية ، فتسري الفوائد على أصل الدين سواء كانت إتفاقية أو قانونية إعتباراً من تاريخ تقديم العريضة ما لم يوجد نص في القانون يقضي بسريانها من تاريخ القبض كالدين الذي ينشأ في ذمة الوكيل متى توافرت فيه شروط أمر الأداء، بحيث إذا صدر الأمر، وجب أن يشتمل على الفوائد المستحقة وفقاً لما سلف، فإن تظلم المدين أو طعن بالإستئناف في الأمر الصادر ضده بالأداء والفوائد وقضى  بتأييده، ظلت الفوائد سارية حتى يتم الوفاء بالدين وفوائده. وإذا رفض القاضي إصدار الأمر، فإنه يلتزم بتحديد جلسة أمام المحكمة وتظل الفوائد سارية بحيث إذا صدر الحكم لصالح الدائن، ألتزم المدين بأداء الدين وفوائده حتى تاريخ السداد، دون إعتداد بأمر الرفض فيما يتعلق بإستمرار آثار عريضة أمر الأداء، إذ ليس من شأن هذا الرفض أن يزيل تلك الآثار، ولكنه يؤدي فقط إلى عدم صدور أمر الأداء وبالتالي إلى عرض ذات النزاع على المحكمة الفصل في موضوعها متى أتخذ الدائن الإجراءات التي يتوقف عليها ذلك مستنداً إلى ذات الوقائع والأسانيد والطلبات التي تضمنتها العريضة مما يعني نقل التصدي لموضوعها من قاضي الأداء إلى المحكمة التابع لها بكامل هيئتها، يدل ذلك على أن موضوع أمر الأداء ، لم ينقطع نظره أمام القضاء بل ظل مطروحاً عليه منذ تقديم عريضته التي بدأت بها المطالبة القضائية والتي تستمر حتى صدور الحكم المنهي للخصومة ، فلم يقطع أمر الرفض السير فيها وقد أتخذ الدائن الإجراء الذي يترتب عليه طرح الموضوع على المحكمة التي تلتزم بالتصدي له ما لم تكن غير مختصة بنظره.

والمقرر أن الخصومة تبدأ بتقديم الصحيفة إلى قلم کتاب المحكمة وبذات الإجراء تترتب آثار المطالبة القضائية ، أما إعلانها، فهو إجراء لازم يتم بموجبه تكليف المدعى عليه بالحضور أمام المحكمة، ولا شأن له بالمطالبة القضائية ولا ببدء الخصومة مما يحول دون إعتباره مرتباً لآثارها وفقا المفهوم قانون المرافعات القائم الذي نص في المادة (63) منه على أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم الكتاب ، خلافاً للقانون السابق الذي كانت الدعوى ترفع في ظله بتكليف المدعى عليه بالحضور ويتم بعد ذلك قيدها بالسجل المعد لذلك، وهو ما يقطع ببدء الآثار سالفة البيان إعتباراً من تاريخ تقديم عريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب.

ويسري كل ما تقدم بالنسبة لسقوط حق الدائن بالتقادم، ومتى إنقطع سريان التقادم بتقديم عريضة أمر الأداء ، فإنه يظل منقطعا حتى يصدر الحكم المنهي للخصومة ويحوز قوة الشيء المقضي دون إعتداد بصدور أمر الرفض ولو كان قد صدر بعد إكتمال مدة التقادم طالما قدمت العريضة قبل إكتمالها.

قطع التقادم بتقديم عريضة أمر الأداء:

تبدأ الخصومة وتتحقق آثار المطالبة القضائية بتقديم عريضة أمر الاداء القلم الكتاب ومن هذا الوقت ينقطع تقادم الحق، فإذا خلت الأوراق من تاريخ تقديم العريضة، وجب الإعتداد بالتاريخ الذي عرضت فيه الأوراق علي القاضي أو التاريخ الذي إمتنع فيه عن إصدار الأمر، وإذا تبين من الأوراق سداد الرسوم أو تقديرها في يوم سابق علي تاريخ الإمتناع، تعين الاعتداد بتاريخ التقدير أو السداد أيهما أسبق وفقاً لما أثبته قلم الكتاب لما يدل عليه ذلك من أن الدائن قد تقدم بالعريضة الي قلم الكتاب في هذا الوقت وبالتالي تسري الآثار التي رتبها القانون علي تقديم العريضة ومنها قطع التقادم.

فإذا إمتنع القاضي عن إصدار الأمر، فإنه يحدد جلسة أمام المحكمة، وتستمر الآثار التي كانت قد ترتبت علي تقديم العريضة حتي صدور الحكم في الدعوي، إذ لا تزول هذه الآثار بالإمتناع عن إصدار الأمر، وإنما تظل للعريضة آثارها وتعتبر هي أساس الدعوي التي تنظرها المحكمة، فإذا قضت للدائن بطلباته، كان له التنفيذ بها ولو كانت مدة التقادم قد إكتملت بعد تقديم العريضة وقبل إعلان أمر الرفض، ذلك أن هذا الأمر لا ينهي النزاع وإنما يؤدي الي طرح الطلبات التي تضمنتها العريضة علي المحكمة التي تستمر في نظرها، ولا تزول آثار العريضة إلا إذا قضت المحكمة باعتبار الدعوي كأن لم تكن أو ببطلان العريضة أو برفض الدعوي وصيرورة الحكم حائزاً قوة الأمر المقضي.

ومتي صدر الأمر بالأداء، تعين علي الدائن أن يعلن المدين لشخصه أو في موطنه بالعريضة وبالأمر الصادر ضده بالأداء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر وإلا ترتب علي عدم الاعلان أو إجرائه بعد هذه المدة إعتبار العريضة والأمر الصادر عليها بالأداء كأن لم تكن، وحينئذ تزول الآثار المترتبة علي تقديم العريضة الي قلم الكتاب ومنها قطع التقادم، بحيث إذا إكتملت مدة التقادم بعد تقديم العريضة سقط الحق الذي صدر به الأمر بالأداء لزوال أثر تقديم العريضة ، والغرض من اعلان العريضة وأمر الأداء هو بدء سريان مواعيد التظلم من الأمر وليس إعلاناً لسند تنفيذي متضمناً تنبيها بالوفاء، إذ لا يصبح الأمر بالأداء سنداً تنفيذياً الا بإعلانه علي نحو ما تقدم وإنقضاء مواعيد الطعن فيه ، وحينئذ يضع عليه قلم الكتاب الصيغة التنفيذية، أما قبل ذلك فلا يعتبر الأمر سنداً تنفيذياً.

وبصدور أمر الرفض، وتحديد جلسة وإعلان المدين بها، تخضع الإجراءات أمام المحكمة لذات القواعد التي تخضع لها الدعوي من حيث الشطب والوقف والإنقطاع والسقوط والإنقضاء ، فلا يختلف أمر الرفض عن الدعوي الا من حيث بدء الخصومة ، وتزول آثار العريضة بصدور حكم في أمر الرفض الذي أصبح دعوي، برفض الدعوي أو بعدم قبولها أو باعتبارها كأن لم تكن لعدم إعلان العريضة وأمر الرفض خلال ثلاثة أشهر عملاً بالمادة 70 من قانون المرافعات أو لعدم تجديدها من الشطب عملاً بالمادة 82 أو لعدم حضور أي من الخصوم بعد هذا التجديد، كما تزول آثارها بأي حكم آخر لا يتضمن إجابة المدعي لطلباته کرفض الدعوي أو سقوطها أو إنقضائها.

إستمرار آثار العريضة ولو قدمت لقاض غير مختص:

تظل لعريضة أمر الأداء الآثار التي ترتبت على تقديمها ولو قدمت لقاض غير مختص بإصدار الأمر محلياً أو قيمياً أو ولائياً ، لما هو مقرر من أن المطالبة القضائية تنتج آثارها فور إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب ولو لم تكن المحكمة مختصة بها، ولما كانت عريضة أمر الأداء هي بديل صحيفة الدعوى، فإنه يترتب على تقديمها ترتیب آثارها ولو لم يكن القاضي الذي قدمت إليه مختصا بإصدار الأمر، إذ يترتب على ذلك أن يرفض القاضي إصدار الأمر ويلتزم بتحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة على التفصيل الذي أوضحناه ببند «الآثار المترتبة على عدم الإختصاص» فيما تقدم. (انظر بهذا المعنى: نقض 1987 / 12 / 24 بالمادة السابقة وأبو الوفا في التنفيذ بند 85 وقارن أمينة النمر بند 83 وترى أن عريضة أمر الأداء إذا قدمت إلى محكمة غير مختصة لا يترتب عليها قطع التقادم إستناداً إلى أن القاضي عندما يتبين له عدم اختصاصه بإصدار الأمر فإنه يرفض إصداره ولا يحدد جلسة ولا يملك إحالة الموضوع للمحكمة المختصة إذ لا تجوز الإحالة إلا فيما بين المحاكم منعقدة بكامل هيئتها».

إستمرار آثار العريضة ولو لم تسدد الرسوم:

لما كانت عريضة أمر الأداء هي بديل صحيفة الدعوى، وبها تبدأ الخصومة أمام القضاء، وقد نصت المادة (65) من قانون المرافعات على إلتزام المدعي عند تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب أن يؤدي الرسم كاملاً ، ويمثل ذلك جرى نص المادة (208) من ذات القانون بألا يقبل من الدائن طلب الأمر بالأداء إلا إذا كانت عريضته مصحوبة بما يدل على أداء الرسم كاملاً ، وهو خطاب موجه إلى قلم كتاب المحكمة إذ يتعين عليه عند تقديم العريضة إليه أن تقدر عليها الرسوم المستحقة عن الطلبات الواردة بها ليقوم الدائن بسدادها وبعد ذلك يقوم قلم الكتاب بقبول العريضة وذلك بقيدها بالسجل الخاص بأوامر الأداء.

فإن قام قلم الكتاب بتقدير الرسوم وقبول العريضة المتضمنة طلب إستصدار أمر الأداء وبعد قيدها عرضها على القاضي، تعين عليه متى تبين عدم سداد الرسم، أن يأمر باستبعاد الطلب وليس برفضه، وحينئذ لا يعاد عرضه عليه إلا بعد سداد الرسم، فإن لم يتبين القاضي أن الرسم لم يسدد وأصدر الأمر، كان صحيحاً ، إذ أن عدم سداد الرسم المستحق على أمر الأداء لا يترتب عليه بطلانه أو بطلان عريضته لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل لا ينبني عليه بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على البطلان عن هذه المخالفة. وإذ تقضي الفقرة الثانية من المادة (13) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية بأن تستبعد المحكمة من جدول الجلسة (الرول) إذا تبين لها عدم أداء الرسم ودون أن يرد بالنص البطلان جزاء على عدم أداء الرسم. ولما كان هذا النص ينصرف إلى كل مطالبة قضائية وبالتالي يسرى على أمر الأداء، فإن عدم أداء الرسم المستحق لا يترتب عليه بطلان العريضة أو الأمر الصادر عليها، ومن ثم تنتج العريضة آثارها القانونية من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب ، ويكون قلم الكتاب وشأنه في المطالبة بالرسم المستحق ويرجع به على الدائن بموجب أمر تقدير يصدر من قاضي الأداء، ثم يرجع الأخير على المدين بموجب أمر تقدير يستصدره من نفس القاضي، ولقلم الكتاب الرجوع مباشرة على المدين عملا بالفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية.

وإذا أصدر القاضي أمراً بالرفض، وكان الرسم لم يسدد کاملاً دون أن يحدد جلسة نظر الدعوى، كان هذا الأمر في حقيقته ومرماه قراراً بإستبعاد الطلب لعدم سداد الرسم، إذ يلتزم القاضي في جميع حالات الرفض بتحديد جلسة لنظر الدعوى، أما إذا قرن أمر الرفض بتحديد جلسة ، وجب على المحكمة عند نظر أمر الرفض أن تستبعد الدعوى من جدول الجلسة، فتصبح الدعوى في حالة توقف وتتعرض للدفع بالسقوط أو الإنقضاء، فإن نظرتها وأصدرت حكماً فيها ، فلا تثريب عليها ويكون حكمها صحيحاً مستنداً إلى إجراءات صحيحة مرتبة آثارها القانونية كافة. (انظر بهذا المعنی: مبادئ النقض بالمادة (65) بموسوعة المرافعات للمؤلف ؛ وفتحي والي في الوسیط بند 261 وقارن أبو الوفا في المرافعات وفي الدفوع بندي 60 مكرر؛ 186 وفي التنفيذ بند 83 مکرراً ويذهب إلى أن عدم سداد الرسوم كاملة يحول دون ترتيب الصحيفة لآثارها».

 أثر فقد العريضة على الآثار التي ترتبها :

 (أ) قبل صدور أمر الأداء:

يترتب على تقديم عريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب ، الآثار التي تترتب على المطالبة القضائية، فتسري الفوائد وينقطع التقادم دون حاجة لاتخاذ إجراء آخر، وتظل هذه الآثار قائمة إلى أن يصدر الأمر بالأداء ويصبح حائزا قوة الشيء المقضي بفوات مواعيد الطعن فيه أو برفع الطعن والقضاء برفضه ، كما تظل هذه الآثار قائمة حتى لو رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، فإذا قضت بإلزام المدين بأداء الدين وفوائده ، سرت تلك الفوائد اعتبارا من وقت تقديم العريضة ، ولا يسقط الحق الذي صدر به الحكم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت صيرورة حكم الإلزام نهائيا.

أما إذا قضت برفض الدعوى، زالت العريضة وما رتبته من آثار. فلا تستحق الفوائد لزوال أثر المطالبة القضائية، وتستمر مدة التقادم وكأنها لم تنقطع، وإذا صدر الأمر ولم يقم الدائن بإعلان المدين بالعريضة وبالأمر الصادر عليها بالأداء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر، إعتبرت العريضة والأمر كأن لم تكن.

مفاد ما تقدم، أن عريضة أمر الأداء ترتب آثار المطالبة القضائية إعتباراً من يوم تقديمها إلى قلم الكتاب ولا تزول هذه الآثار إلا إذا قضى برفض الدعوى أو قضي بإعتبار العريضة والأمر الصادر بالأداء كأن لم تكن فإذا فقدت العريضة أو هلكت بحريق أو غيره، بعد تقديمها إلى قلم الكتاب وقبل صدور أمر الأداء ، فإن هذا الفقد أو الهلاك لا يؤدي إلى زوال الآثار التي كانت قد ترتبت على تقديمها، فيستمر سريان الفوائد ويظل التقادم منقطعا.

وإن كانت العريضة وحدها هي التي فقدت أو هلكت دون أن يمتد ذلك إلى سند الدين، كان للدائن تقديم بدلاً منها، دون رسم جديد، وحينئذ تكون العريضة اللاحقة امتدادا للعريضة السابقة وليست منبتة الصلة بها، فتستند الآثار كافة إلى العريضة السابقة، بحيث إذا كانت مدة التقادم قد اكتملت بعد تقديمها وقبل تقديم العريضة اللاحقة، فإن هذه المدة تكون قد إنقطعت بالعريضة السابقة ولا يجوز التمسك بالتقادم على سند من إكتمال مدته قبل تقديم العريضة اللاحقة، لأن فقد أو هلاك العريضة السابقة لا يؤدي إلى زوال آثارها وقد أدركت مدة التقادم قبل إكتمالها وأدت إلى قطعها، ولا يعتبر تقديم العريضة اللاحقة مطالبة قضائية قائمة بذاتها.

أما إذا كان سند الدين قد فقد أو هلك مع العريضة، وتقدم الدائن بعريضة أخرى، رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، وفي هذه الحالة يركن الدائن في إثباتها إلى شهادة الشهود عملاً بالمادة (63) من قانون الإثبات لفقد سنده الكتابي لسبب لا يد له فيه. كما يسرى ذلك في حالة فقد سند الدين وحده دون العريضة.

ويجوز للدائن في الحالة السابقة، رفع دعوى بالطريق المعتاد، وتكون مقبولة لفقد سند الدين، إذ يتحقق بذلك إحتمال المنازعة وهو ما يكفي لقبول الدعوى حتى لو كان الدین ثابتاً بسند کتابي طالما فقد يركن في إثباتها لشهادة الشهود على نحو ما تقدم، ويجب في هذه الحالة ألا يكون الدين قد اكتملت مدة تقادمه، إذ تستقل كل مطالبة قضائية بآثارها فلا تمتد آثار إحداها إلى الأخرى حتى لو تعلقت كل منهما بذات الحق، مما مؤداه أن قطع التقادم الذي قد تم بعريضة أمر الأداء يزول ويصبح كأن لم يكن بحيث إذا رفعت الدعوى بعد إكتمال مدة التقادم وتمسك المدين بالتقادم قضت المحكمة بذلك، لأنه متی توافرت شروط أمر الأداء وقت تقديم العريضة ، كان ذلك كافيا لسلوك هذا الطريق حتى لو تخلفت بعد ذلك بفقد سند الدين من قلم الكتاب قبل إصدار الأمر، مما يؤدي إلى امتناع القاضي عن إصداره وتحديد جلسة لنظر الدعوى، فإذا إمتد الفقد إلى العريضة بنسختيها، لم تعد هناك أوراق لعرضها على القاضي دون أن يمس ذلك المطالبة القضائية التي تمت بتقديم العريضة إلى قلم الكتاب أو ما ترتب عليها من آثار. وكان المقرر أن إبداء هذه المطالبة أمام أية جهة قضائية يجعل العودة إليها أمام جهة أخرى محلا للدفع بالإحالة، وكانت الدعوى التي يرفعها الدائن بعد فقد عريضة أمر الأداء وسند الدين محلا لهذا الدفع، ولكن يحول دون إبدائه طبيعة إجراءات أمر الأداء، وتكون الدعوى قد إستوفت شروط قبولها، بعد أن فقد الدائن سنده الكتابي، وينطوي رفعها على انصراف إرادة الدائن الضمنية إلى ترك عريضة أمر الأداء وما ترتب عليها من آثار دون حاجة لإصدار حكم بذلك، فإن أدى الترك إلى قيام حق المدين في الدفع بتقادم الدين، كما لو كانت مدة تقادمه قد إكتملت عند رفع الدعوى بينما كانت قد انقطعت بعريضة أمر الأداء، جاز للدائن العودة إلى التمسك بهذه العريضة وذلك بتقديم بدل فاقد لها وبدون رسم فيظل التقادم منقطعاً، ويمتنع القاضي عن إصدار الأمر ويحدد جلسة لنظر الدعوى يركن الدائن في الإثبات فيها إلى شهادة الشهود .

فإن لم يرفع الدائن دعوى ولم يتقدم بعريضة بدل فاقد، ظلت للعريضة آثارها كمطالبة قضائية حتى يقضى بإنقضاء الخصومة في أمر الأداء بمضي سنتين على آخر إجراء صحيح فيها وهو تقديم العريضة إلى قلم الكتاب عملا بنص المادة (140) من قانون المرافعات.

(ب) بعد صدور أمر الأداء أو الرفض :

إذا فقدت العريضة بنسختيها وسند الدين بعد صدور أمر الأداء وقبل قيام قلم الكتاب بتسليم الدائن إحدى النسختين محرراً عليها صورة الأمر، فإن آثار المطالبة القضائية تكون قد تحققت، ويحوز أمر الأداء حجية الشيء المقضي فور صدوره مما يحول دون الدائن والرجوع على المدين مرة أخرى بذات الدين محل أمر الأداء ، سواء بسلوك طريق أمر الأداء أو بطريق الدعوى، فإن رجع بالطريق الأول وقد فقد سند الدين، امتنع القاضي عن إصدار الأمر وحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى، وحينئذ تقضي بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بأمر الأداء، وإذا رجع بطريق الدعوى المبتدأة قضت المحكمة بعدم جواز نظرها على نحو ما تقدم، إذ تظل لأمر الأداء حجيته حتى يقضي بإعتبار كأن لم يكن أو بإنقضاء الخصومة فيه، وهما دفعان مقرر لمصلحة المدين وقد تحول طبيعة أمر الأداء وظروف الواقعة دون التمسك بهما وقد تقضي مصلحته ذلك حتى يمتنع الرجوع عليه بطريق الدعوى.

ولما كان الدليل على هذه الحجية هو وجود نسخة العريضة التي أصدر القاضي أمر الأداء عليها أو وجود النسخة الثانية عليها صورة رسمية للأمر ولا يجوز إثبات ذلك بأي دليل آخر ولو تمثل في شهادة رسمية صادرة من قلم الكتاب من واقع سجل أوامر الأداء أو بموجب تحقيق إداري، مما مقتضاه أنه في حالة فقد النسختين وإمتناع إقامة الدليل على صدور أمر الأداء، تعين إعتبار أن أمر الأداء لم يصدر وحينئذ يكون للدائن رفع دعوى مبتدأة بالدين.

أما إذا كان القاضي قد أمتنع عن إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، ثم تبين فقد نسختي العريضة وسند الدين، فإن ذلك لا يحول دون نظر الدعوى والتصدي لموضوعها وقد رفعت إلى المحكمة بالطريق الذي حدده القانون، ويركن المدعي في إثباتها إلى شهادة الشهود عملاً بالمادة (63) من قانون الإثبات بعد أن فقد سند دينه لسبب لا يد له فيه.

فإن عجز عن هذا الإثبات وترتب على هذا رفض الدعوى، كان له الرجوع على وزير العدل بصفته بدعوى المسئولية التقصيرية بإعتباره متبوعاً لمن تسبب في فقد سنده.

ج) بعد تسليم الدائن نسخة العريضة عليها صورة الأمر:

إذا تسلم الدائن صورة العريضة عليها صورة أمر الأداء وذيلت بالصيغة التنفيذية، ثم فقدت منه ، كان له رفع دعوى مبتدأة أمام المحكمة التي يتبعها القاضي الأمر بطلب صورة تنفيذية ثانية وفقا لما أوضحناه بالمادة (۱۸۳).

فإن كانت الصورة التي فقدت ليست هي الصورة التنفيذية وإنما صورة رسمية تمهيدا لإعلانها والأمر الصادر عليها للمدين وفقا للمادة (205) تعين على الدائن طلب صورة رسمية أخرى من قلم الكتاب مباشرة حتى يتمكن من إعلانها خلال المدة المحددة ، فإذا امتنع جاز للدائن أن يقدم عريضة بشكواه إلى رئيس المحكمة.

وإن فقدت بعد إعلانها، وطعن المدين في الأمر وتبين لمحكمة الطعن فقد نسختي العريضة التي يحتفظ بها قلم الكتاب أيضا، تصدت المحكمة للموضوع على هدى ما قد يثبت لديها بناء على ما تجربه من تحقيقات وما يتوافر من إقرارات وإذا نعى المدين على سند الدين وتبين فقده، كان للدائن أن يركن في الإثبات لشهادة الشهود عملا بالمادة (63) من قانون الإثبات ولا يحول هذا الفقد دون تصديها للموضوع.

أما إن فقدت النسختان قبل الإعلان، مما يحول دون إجرائه، كان للمدين التمسك باعتبار العريضة والأمر الصادر عليها كأن لم تكن متی انقضت ثلاثة أشهر على صدور الأمر، وحينئذ تزول العريضة والأمر ويكون للدائن رفع دعوى مبتدأة في حالة فقد سند الدين، أو استصدار أمر أداء جديد في حالة عدم فقده.

انعقاد الخصومة في أمر الأداء:

المقرر أنه لا قضاء إلا في خصومة قائمة انعقدت بالإجراء الذي حدده القانون، وكانت الخصومة تبدأ عند رفع الدعوى بالطرق المعتادة بإيداع صحيفتها قلم الكتاب إلا أن الخصومة لا تنعقد إلا بإعلان صحيفة الدعوى أو حضور المدعى عليه وفقا للمادتين (63)، (68) ولا يجوز للمحكمة التصدي للموضوع أو إصدار حكم تمهيدي إلا بعد انعقاد الخصومة وإلا كان حكمها مشوبا بالبطلان.

ولما كان الأمر الصادر من القاضي بإلزام المدين بأداء مبلغ من النقود أو منقول معين بذاته أو بنوعه ومقداره، هو قضاء بالإلزام لا يصدر إلا في خصومة قائمة ومنعقدة، وكانت طبيعة إجراءات أمر الأداء تحول دون إعلان المدين بعريضته أو حضوره قبل إصداره، مما مقتضاه أن الخصومة في أمر الأداء تبدأ وتنعقد بإجراء واحد يتمثل في تقديم عريضته إلى قلم الكتاب.

ما يطرأ على خصومة أمر الأداء:

أوضحنا فيما تقدم أن الخصومة في أمر الأداء تبدأ وتنعقد بإجراء واحد يتمثل في تقديم العريضة إلى قلم الكتاب ، وتستمر حتى يصدر الأمر ويحوز قوة الشيء المقضي أو يصدر حكم في الموضوع يحوز تلك القوة.

وقد يعترض سير الخصومة عارض يحول دون الاستمرار فيها كوفاة أو فقد أهلية أو زوال صفة ، فإن تحقق هذا العارض قبل البدء في الخصومة ، فإنه يحول دون وجودها لما يتطلبه القانون من وجوب البدء فيها بين أشخاص يصلحون للمواجهة القضائية وما ينشأ عنها، وإلا كانت معدومة مثال ذلك تقديم عريضة أمر الأداء بعد موت المدين، إذ كان على الدائن مراقبة ما يطرأ على خصمه من بقائه على قيد الحياة أو موته، فإن لم يفعل وصدر أمر الأداء، كان معدوما ، فلا يجوز أية حجية حتى لو أعلن للورثة ولم يطعنوا فيه خلال الميعاد المحدد، ويكون لهم التمسك بانعدامه إذا ما احتج الدائن عليهم به أو اتخذ الإجراءات التنفيذية بموجبه، ويكون لقاضي التنفيذ عند نظر الإشكال في تنفيذه أن يتصدى لهذا الانعدام ويقضي بوقف التنفيذ وهو بذلك لا يمس حجية الأمر إذا لا حجية الأمر معدوم وإنما يتصدى لعقبة مادية بحتة خلافا للأمر المشوب بالبطلان إذ تثبت له الحجية إلى أن يقضي ببطلانه من محكمة الموضوع المختصة.

فإن امتنع القاضي عن إصدار الأمر، وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، وجب عليها أن تستبعدها من الرول، إذ لم تبدأ الخصومة ولم تنعقد وقد رفعت بغير الطريق الذي حدده القانون، إذ كان يتعين على الدائن، وقد ثبتت وفاة المدين قبل تقديم العريضة إلى قلم الكتاب ، أن يرفع الدعوى ضد الورثة بالإجراءات المعتادة بإيداع صحيفتها قلم الكتاب، فإن خالف ذلك وسلك طريق أمر الأداء رغم موت المدين، كان هذا الإجراء معدوما لا تترتب عليه أية آثار، وإذا صدر الأمر بناء على هذا الإجراء المعدوم کان بدوره معدوما، وإذا امتنع القاضي عن إصدار الأمر وحدد جلسة فأصدرت المحكمة حكما بالإلزام ضد المدين، كان الحكم معدوما لصدوره في غير خصومة وضد خصم توفي قبل مباشرة الإجراءات المتمثلة في تقديم العريضة إلى قلم الكتاب حتى لو كان على قيد الحياة عند تكليفه بالوفاء باعتبار أن هذا التكليف إجراء سابق على بدء الخصومة.

وإذا تبين وفاة المدين عند نظر المحكمة أمر الرفض، فإنها لا تقضي بعدم قبول الدعوى التزاما بهذا الأمر الذي يحول دونها والقضاء بذلك، كما لا يجوز لها أن تأذن للدائن بتصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المدين، لأن مناط ذلك أن تكون هناك دعوى رفعت بالطريق المعتاد ثم تبين موت المدعي عليه، بعد رفعها فيقوم المدعي بتصحيح شكلها، فإن كان الدائن قد سلك طريقة استثنائيا للمطالبة القضائية على غير ما يتطلبه القانون بسلوك طريق أمر الأداء، وامتنع القاضي عن إصداره وحدد جلسة، بينما كان القانون يوجب على الدائن، وقد توفي مدينه قبل اتخاذ هذا الإجراء، أن يسلك الطريق المعتاد برفع دعوى مبتدأة ضد الورثة ، فإن لم يفعل وطرح أمر الرفض على المحكمة ، امتنع إدخال الورثة لانعدام الإجراء الذي تم بموجبه اختصام مورثهم وباعتبار أن نظر أمر الرفض إجراء مبني على إجراءات أمر الأداء المعدوم، خلافا لما إذا كانت هذه الإجراءات صحيحة وتوفي المورث بعدها، كان للدائن إدخال الورثة.

ويسرى ذلك أيضا إذا كان الدائن قد استصدر أمر حجز تحفظي ضد المدين، إلا أن الأخير توفي قبل تقديم عريضة أمر الأداء، وذلك على نحو ما أوضحناه ببند «وفاة أحد الخصوم بعد توقيع الحجز التحفظي»، فيما يلي، وانظر البند التالي.

وإن كان المدين قد فقد أهلية التقاضي أو زالت صفة من كان ينوب عنه قبل تقديم عريضة أمر الأداء، كان الأمر الذي يصدر مشوبا ببطلان نسبي مقرر لمصلحة المدين، كذلك الحال إذا امتنع القاضي عن إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، فيكون الحكم الصادر بالإلزام قابلا للإبطال المصلحة المدين ما لم يختصم فيها القيم أو صاحب الصفة أو يتدخل أي منهما في الدعوى.

ما يعترض خصومة أمر الأداء بعد البدء فيها.

انقطاع سير الخصومة في أمر الأداء بسبب يرجع للمدين:

المقرر أن الخصومة ينقطع السير فيها إذا توافر سبب من أسباب الانقطاع بعد البدء فيها ولو قبل انعقادها، فإن انعقدت وتوافر هذا السبب انقطع السير فيها أيضا ما لم تكن قد تهيأت للحكم فيها.

وتكون الخصومة قد تهيأت للحكم فيها فور انقطاع صلة الخصوم بها على نحو يحول بينهم وبين تقديم أوجه دفاع، سواء لامتناع ذلك قانونا كما في نظام أوامر الأداء، أو لقفل باب المرافعة في الدعوى.

وفي حالة وفاة المدين بعد توقيع الحجز التحفظي وقبل تقديم عريضة أمر الأداء.

ومؤدی نظام أوامر الأداء، أن يتقدم الدائن بعريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب متضمنة وقائع الطلب وأسانيده التي تتمثل في أوجه دفاعه، وبهذا الإجراء تبدأ وتنعقد الخصومة ، ويمتنع على الدائن الحضور أمام القاضي أو تقديم مستندات غير ماسبق تقديمه مع العريضة، ولم يرد نص في القانون يوجب إعلان الدين بالعريضة ويحدد له أجلا لتقديم أوجه دفاعه ردا على ما تضمنته، مما مقتضاه ، أن أمر الأداء يصبح مهيأ ليصدر القاضي قراره فيه فور تقديم العريضة وإن كان المشرع قد أفسح له بعض الوقت حتى يتمكن من دراسة الأوراق، فإذا توافر سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة خلال الفترة من يوم تقديم العريضة إلى ما قبل إصدار الأمر، كوفاة أو فقد أهلية التقاضي أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة ، فإن الخصومة لا ينقطع السير فيها طالما كانت مهيأة للفصل فيها وقت تحقق سبب الانقطاع، ولذلك يصدر القاضي أمره بالأداء، فإن كان المدين هو الذي تحقق في شأنه هذا السبب، وصدر أمر الأداء، وجب على الدائن إعلان ورثته كل باسمه وفي موطنه بصورة من العريضة والأمر الصادر عليها، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر وإلا اعتبرت العريضة والأمر كأن لم تكن.

ولا يجوز للدائن إعلان الورثة جملة واحدة بدون ذكر أسمائهم في آخر موطن كان لمورثهم وإلا كان الإعلان حابط الأثر ويترتب عليه اعتبار العريضة والأمر كأن لم تكن ما لم يتدارك الدائن ذلك بتوجيه إعلان مستقل لكل وارث باسمه وفي موطنه خلال الثلاثة أشهر، إذ المقرر أن إعلان الورثة جملة بدون ذكر أسمائهم في آخر موطن كان لمورثهم لا يجوز إلا في حالة إعلانهم بالطعن في الحكم الصادر لصالح مورثهم.

فإذا أعلن الدائن الورثة كل باسمه وفي موطنه بالعريضة والأمر الصادر عليها بإلزام مورثهم أداء الدين، كان ذلك بمثابة طلب موجه إلى كل منهم بأداء الدین کاملا ما آل إليه من تركة مورثه وليس بأداء ما يخصه من الدين فقط إذ تم الرجوع على المورث وصدر الأمر بإلزامه بالدين باعتباره المسئول عنه وبالتالي تكون التركة هي المسئولية عن الدين ، ويكون كل وارث منتصبا خصما لا عن حصته بل عن التركة في جملتها بلا تجزئة ، فإن أدى الدين كان له الرجوع على باقي الورثة كل بقدر نصيبه فيه وما آل إليه من التركة. ويترتب على ذلك أنه إذا شاب البطلان إعلان أحد الورثة، كان لوحده التمسك به لأنه مقرر لمصلحته ، فإذا تمسك به وقضى باعتبار العريضة والأمر الصادر عليها كأن لم تكن، استفاد باقي الورثة من هذا القضاء، ويتم التمسك بذلك .

أما إذا امتنع القاضي عن إصدار الأمر، وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، وجب على الدائن إعلان الورثة بها كل باسمه وفي موطنه، إذ تستمر الإجراءات التالية لأمر الرفض في مواجهتهم بعد موت مورثهم دون انقطاع السير الخصومة ، فإذا أعلن المدين بأمر الرفض وتبين من الإعلان وفاته، قررت المحكمة التأجيل ليصحح المدعی شکل دعواه باختصام الورثة لإلزامهم بأداء الدين من تركة مورثهم، ومتی صدر الحكم جاز تنفيذه على أحدهم في حدود ما آل إليه من التركة ثم يعود الموفي على باقي الورثة كل بمقدار حصته.

فإذا توفي المدين بعد إعلانه بأمر الرفض، انقطع سير الخصومة في الدعوى بحكم القانون ما لم يطلب المدعى أجلا لإعلان ورثة المدعى عليه، فإن لم يعلنهم قضت المحكمة بالانقطاع، فإن لم يحضر ورثته جميعا الجلسة المحددة لنظر الدعوى قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة ما لم يكن المدعى قد أعلنهم فلا يلزم حضورهم، ومتى انقطع سير الخصومة ، ترتبت كافة الآثار المقررة بصدد الإنقطاع باعتبار أن أمر الرفض ينظر بجلسات عادية ووفقا للإجراءات المعتادة والمتعلقة بالدعاوى التي ترفع ابتداء .

وإذا توفي المدين بعد إيداع العريضة وقبل إعلانه بأمر الرفض، فإن الخصومة لا تكون قد انعقدت لاستقلال إجراءات أمر الرفض عن إجراءات أمر الأداء، ويتعين القضاء بانقطاع سير الخصومة ، إذ حدثت الوفاة بعد بدء الخصومة ولكن قبل انعقادها، فإن صدر حكم في أمر الرفض كان باطلا الصدوره خلال فترة الانقطاع، والمقرر أنه يتعين على المدعى أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو فقد أهلية أو انتفاء في الصفة.

انقطاع سير الخصومة في أمر الأداء :

إذا توفي الدائن أو فقد أهلية التقاضي أو زالت صفة من كان ينوب عنه بعد تقديم عريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب ، كان للقاضي إصدار الأمر فقد تهيأ لذلك فور تقديم العريضة ولا تحول وفاة الدائن دون إصداره وبالتالي لا يترتب عليها انقطاع سير الخصومة فيه، وإذ توجب المادة (205) من قانون المرافعات إعلان العريضة والأمر الصادر عليها إلى المدين خلال ثلاثة أشهر من تاریخ صدور الأمر وإلا اعتبر والعريضة كأن لم يكن، إلا أنه في حالة وفاة الدائن بعد تقديم العريضة أو بعد صدور الأمر وقبل إعلانهما وخلال ثلاثة اشهر من تاريخ صدوره، فإن هذا الميعاد يقف ولا يستأنف سيره إلا إذا قام المدين بإعلان ورثة الدائن بصدور الأمر لصالح مورثهم، ومتى تم هذا الإعلان وانقضت ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر بعد استبعاد مدة الوقف، اعتبرت العريضة والأمر الصادر عليها كأن لم تكن.

ولما كانت إجراءات أمر الأداء تتخذ في غيبة المدين، ولا يحاط علماً بها إلا من خلال تكليفه بالوفاء بموجب كتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول، وبالتالي فإنه يفترض علمه بهذه الإجراءات، ويكون هذا الكتاب بمثابة إعلان له بمباشرتها، وهو ما يكفي لتوافر التزامه القانوني بإعلان ورثة الدائن بصدور الأمر لصالح مورثهم. فإن لم يقم بهذا الإعلان، فلا تخضع العريضة والأمر الصادر عليها للجزاء الذي نصت عليه المادة (205) .

ولما كان المشرع قد عامل أوامر الأداء معاملة الأحكام القضائية، وبالتالي فإن الأمر يظل قائماً ولا ينقضي إلا بخمس عشرة سنة من يوم صدوره حتى لو كان الدين الذي صدر به ينقضي بمدة أقل قبل صدور الأمر.

ولا يخضع الأمر للسقوط أو الإنقضاء المنصوص عليهما بالمادتين (134) ، (140) من قانون المرافعات لتعلقهما بخصومة قائمة أوقف السير فيها، بينما خصومة أمر الأداء تنقضي بصدور الأمر الذي يحوز حجية الأمر المقضي فور صدوره، شأنه في ذلك شأن الحكم القضائي.

ولما كان الدفع بإعتبار العريضة والأمر كأن لم تكن، مقرراً لمصلحة المدين وهو من الدفوع الشكلية ، فإن المدين إذا طعن في الأمر بالرغم من عدم إعلانه به ولم يتمسك بالدفع في صحيفة الطعن، سقط حقه فيه حتى لو كانت المدة المشار إليها قد انقضت.

وإن حدثت الوفاة بعد إعلان العريضة والأمر للمدین، إستقامت الإجراءات ووجب على المدين تنفيذ الأمر أو الطعن فيه بالتظلم أو الإستئناف خلال الميعاد المحدد، وله في هذه الحالة إعلان الطعن للورثة جملة واحدة دون ذكر أسمائهم في آخر موطن كان لمورثهم، وأن كان يجهل وفاة الدائن، وقف میعاد الطعن .

فإن لم يصدر أمر الأداء، بأن أمتنع القاضي عن إصداره وحدد جلسة النظر الدعوى أمام المحكمة وكلف الدائن بإعلان الدين بها، إلا أن الدائن توفي قبل إجراء هذا الإعلان، وبالتالي لم يحضر تلك الجلسة، فإن الخصومة تكون قد إنقطع السير فيها بقوة القانون، إذ يترتب على إمتناع القاضي عن إصدار أمر الأداء وتحديد جلسة، أن يطرح الموضوع على المحكمة ويخضع الإجراءات التقاضي المعتادة المقررة بصدد الدعاوى ، ويكون للمحكمة شطب الدعوى إذا تغيب الدائن عن الحضور بالجلسة المحددة بأمر الرفض باعتبار أن الدعوى لم تكن مهيأة للفصل فيها وفقا للدلالة المستمدة من أمر الرفض، ولما كان الدائن قد توفي وانقطع سير الخصومة ، أمتنع على المحكمة أن تصدر قراراً فيها وإلا كان مشوباً بالبطلان حابط الأثر، بحيث إذا قام الورثة بتعجيل الدعوى بعد إنقضاء ثلاثين يوماً من شطب الدعوى، أمتنع على المدين التمسك باعتبارها كأن لم تكن، كما يمتنع عليه، وقد سرت الإجراءات المعتادة ، التمسك بسقوط الخصومة بمضي ستة أشهر على آخر إجراء صحيح فيها، فقد تطلبت المادة (135) قيامه بإعلان الورثة بوجود الدعوى بينه وبين مورثهم حتى يجوز له التمسك بذلك، سواء كان عالما بالدعوى أو غير عالم بها، إذ يترتب على وفاة المدعى سريان مدة السقوط، خلافاً للحالة التي يتوفر فيها الدائن بعد صدور الأمر وقبل إعلانه على نحو ماتقدم، ولكن يجوز للمدعى عليه التمسك بانقضاء الخصومة في الدعوى بمضي سنتين.

ومتى تبين للمحكمة أن قرار الشطب قد صدر في فترة الانقطاع، كان لها أن تعدل عنه ولو من تلقاء نفسها إذا ما قام الورثة بتعجيل الدعوى ولم يتمسكوا ببطلانه ، أو قام المدعى عليه برفع دعوى مبتدأة بإعتبار الدعوى المشطوبة كأن لم تكن و تخلف الورثة عن الحضور أو حضروا ولم يتمسكوا ببطلان قرار الشطب باعتباره من الأمور الولائية التي يجوز للمحكمة إصدارها والعدول عنها تنظيماً لتداول الدعاوى أمامها طالما صدرت على غير مقتضی القانون.  

وإذا عجل أحد الخصوم الدعوى في هذه الحالة ولم يحضر الطرفان بعد السير فيها، فلا تقضي المحكمة بإعتبار الدعوی کأن لم تكن لأن مناط ذلك صدور قرار الشطب وفقاً للقانون، وعليها تأجيلها وتكليف قلم الكتاب إعلان الخصوم.

 سقوط الخصومة في أمر الأداء:

تبدأ الخصومة في أمر الأداء بتقديم الدائن العريضة إلى قلم الكتاب ، وحينئذ تنقضي الإجراءات بالنسبة للدائن، ليقوم قلم الكتاب باستكمالها وذلك بعرض الأوراق على القاضي ليصدر أمره على إحدى نسختي العريضة خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تقديمها.  

وقد تتوقف الإجراءات بعد تقديم العريضة إلى قلم الكتاب ويحول ذلك دون عرضها على القاضي، وقد تمتد مدة الوقف بسبب فقد العريضة وسند الدين أو بسبب احتلال العدو للمدينة التي بها مقر المحكمة، وفي هذه الحالة لا يرد السقوط على الخصومة لأن عدم السير فيها لم يكن بفعل المدعى أو امتناعه عملا بالمادة (134) من قانون المرافعات.

فإن صدر الأمر بالأداء، ولم يقم الدائن بإعلان العريضة والأمر الصادر عليها إلى المدين خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر، اعتبرت العريضة والأمر الصادر عليها بالأداء كأن لم تكن.

أما إذا أمتنع القاضي عن إصدار الأمر وحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى وكلف الدائن بإعلان المدين بها، وبذلك تطرح الدعوى على المحكمة وتخضع للإجراءات المعتادة ، فإن لم يقم الدائن وقد أصبح مدعيا، بإعلان المدين بالجلسة المحددة بأمر الرفض، فإن الإجراءات تقف بإمتناع المدعى عن القيام بهذا الإعلان، وتكون الخصومة معرضة للسقوط متى انقضت ستة أشهر من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي وهو امتناع القاضي عن إصدار الأمر.

 إنقضاء الخصومة في أمر الأداء:

إذا قدم الدائن عريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب ، ووقف سير الخصومة على نحو ما تقدم بالبند السابق، وإمتنع سقوطها، فإنها تخضع للانقضاء بمضي سنتين، إعتباراً من تاريخ تقديم العريضة، بحيث إذا صدر الأمر بعد انقضائها، فإنه يكتسب حجية الشيء المقضي ويجب على الدائن إعلانه والعريضة إلى المدين خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره، وحينئذ يكون للمدين الطعن فيه خلال الميعاد المحدد. فإن لم يتم الطعن، حاز الأمر قوة الشيء المقضي وإمتنع طلب بطلانه سواء بطريق الدفع أو الدعوى .

وإذا طعن المدين في الأمر بالتظلم أو الاستئناف، إستناداً إلى انقضاء الخصومة بمضي المدة ، تعين عليه التمسك بذلك في صحيفة الطعن وإلا سقط حقه في ذلك بإعتبار أن التمسك بإنقضاء الخصومة من الدفوع الشكلية التي يوجب القانون التمسك بها في صحيفة الطعن وإلا سقط الحق فيها، وحينئذ تقضي محكمة الطعن بإلغاء الأمر وإنقضاء الخصومة بمضي المدة.

ويترتب على الحكم بانقضاء الخصومة زوالها وكافة الآثار التي رتبتها العريضة فإن كانت مدة التقادم الخاصة بالدين قد اكتملت، جاز للمدين التمسك بذلك إذا رجع عليه الدائن مرة أخرى، ما لم تكن هناك قوة قاهرة حالت دون الدائن والمطالبة بحقه مما يترتب عليه وقف التقادم، كاحتلال العدو المدينة التي بها مقر المحكمة والتي تقدم لها الدائن بالعريضة وسند الدين مما يحول دونه والمطالبة بحقه بطريق الدعوى.

إصدار أمر الأداء:

بعد أن يتقدم الدائن بعريضة أمر الأداء من نسختين متطابقتين مرفقاً بها حافظة مستنداته ، يقوم قلم الكتاب بعرضها على القاضي، في نفس اليوم أو في اليوم التالي دون أن يتراخي في ذلك حتى يتمكن القاضي من الوقوف على أسانيد الدائن وتوافر الشروط الواجبة لإصدار الأمر، وأن يصدر الأمر خلال ثلاثة أيام من تقديم العريضة إلى قلم الكتاب، وليس من تاريخ عرض الأوراق عليه، وقيام قلم الكتاب بعرض الأوراق على القاضي ثم قيام القاضي بإصدار الأمر أو رفض إصداره وتحديد جلسة، يعد من الإجراءات المرتبطة بمواعيد تنظيمية ، فلا يترتب البطلان على مخالفتها، وإن كان المسرع لم يحدد ميعادا لقلم الكتاب لعرض الأوراق على القاضي، فإن التزام قلم الكتاب بذلك يكون محدداً بما يتناسب مع إعداد الأوراق للعرض، فإذا قام بعرضها في اليوم الثالث دون مسوغ لهذا التأخير كان الموظف المختص مسئولاً إدارياً، ولا يحول ذلك دون القاضي وإصدار الأمر أو رفضه في هذا اليوم أو في يوم لاحق ولو تراخي طويلاً عن يوم تقديم العريضة.

ولما كان المقرر أن الطلبات في أمر الأداء لا تقبل التجزئة، فإن القاضي إما أن يجيبها كلها أو يرفضها كلها طالما تعلقت بموضوع الطلب، ويخرج عن هذا النطاق الطلب المتعلق بشمول الأمر بالنفاذ المعجل أو رفض شموله بهذا الوصف، شأن الأمر في ذلك شأن الأحكام، بحيث إذا رأى القاضي رفض طلب النفاذ وأجاب الدائن إلى باقي طلباته لم يكن في ذلك تجزئة لأمر الأداء. ومن ثم يجوز للقاضي عند إصدار أمر الأداء أن يبين ما أمر به والملتزم بالأداء ومن صدر الأمر لصالحه، بأن يأمر بإلزام المدين موضحاً إسمه الثلاثي بأن يؤدي للدائن موضحاً كذلك إسمه الثلاثي المبلغ الذي تضمنته العريضة موضحاً مقداره وفوائده منذ تقديم العريضة، وله حساب هذه الفوائد وبیان مقدارها أو الإكتفاء بالإلزام بها أو ما أمر بأدائه من منقول معين بنوعه أو بذاته وتحديد مقداره ، وإن كان الدائن قد ضمن العريضة تقدير لما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها في سبيل تنفيذ التزامه كمصاريف عرض محل إلتزامه على المدين، وكذلك الرسوم القضائية ، وجب أن يشملها الأمر الصادر بالأداء ، فإن لم يقدرها وإكتفى بإلزام المدين بأدائها، صدر الأمر بإلزام المدين بأن يؤدي الدين وفوائده على نحو ما تقدم والمصاريف، وحينئذ يكون للدائن بعد صيرورة أمر الأداء نهائياً الرجوع بها بموجب أمر تقدير.

ويجوز للقاضي بدلاً من إصدار أمر الأداء بالتفصيل المتقدم والذي تضمنته العريضة ، أن يكتفي عند إصدار الأمر بكلمة «تامر» ويدل ذلك على أنه أجاب الدائن لكل طلباته التي تضمنتها العريضة وأحال إليها وكلف قلم الكتاب عند تحرير صيغة الأمر على ذات نسخة العريضة التي أشر القاضي عليها أن يضمن تلك الصيغة تلك الطلبات.

ويوقع القاضي على الأمر الذي حرره ويبين تأريخ ذلك، ليقوم قلم الكتاب بعد ذلك بتحرير الصيغة الكاملة للأمر على ذات النسخة التي حرر القاضي أمر عليها، وتستهل هذه الصيغة بما يفيد صدور الأمر باسم الشعب والمحكمة الصادر منها وتاريخ صدوره واسم القاضي وصفته كما لو كان قاضيا جزئياً أو رئيس محكمة والمادة الصادر فيها الأمر خاصة إذا كانت تجارية حتى يكون الأمر مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون، ثم بيان ما صدر به الأمر من طلبات، وبعد ذلك يوقع القاضي على الأمر.

وإذا رأى القاضي الإمتناع عن إصدار الأمر، إكتفى بتحرير عبارة «نمتنع وتحدد جلسة» وحينئذ يكون القاضي قد رفض إصدار الأمر وكلف قلم الكتاب تحديد جلسة لنظر الدعوى وفقاً للتنظيم الذي قررته الجمعية العمومية عند تعدد دوائر المحكمة وإختصاص كل دائرة بأرقام معينة، ولكن لا يحول ذلك دون القاضي وتحديد جلسة لنظر الدعوى، ولا يؤدي ذلك إلى الدفع بعدم الإختصاص لتعلق توزيع العمل بالتنظيم الداخلي للمحكمة.

والأمر الذي يحرره القاضي لا يكون صحيحاً إلا إذا تم على إحدى نسختي العريضة لما يدل عليه ذلك من إطلاعه على الوقائع والأسانيد التي تضمنتها، فإن تحرر على ورقة منفصلة كان باطلاً بطلاناً مطلقاً لمساس ذلك بالإطمئنان الواجب توافره فيما يصدر عن القضاء لاحتمال تحرير أوراق مستقلة متضمنة قبول أو رفض أوامر الأداء. وهو ما أدى بالمشرع إلى تقرير بطلان الحكم إذا جاء المنطوق بالمسودة غير متصل ببعض الأسباب.

ومتی حرر القاضي الأمر على صلب إحدى نسختي العريضة. كان ذلك كافياً لصحة الأمر دون إعتداد بعد ذلك بتحرير قلم الكتاب لصيغة الأمر كاملة، والأصل أن تحرر على ذات النسخة التي حرر القاضي الأمر عليها إلا أنه يجوز تحريرها على النسخة الثانية ، فإن لم يوجد إتساع بأي من النسختين يسمح بذلك، ثم تحرير صيغة الأمر على ورقة منفصلة ترفق بإحدى النسختين، بإعتبار أن أعمال أقلام الكتاب تتم تنفيذاً لما يصدره القضاة من أوامر وأحكام.

ويكفي لإصدار أمر الأداء أن يحرره القاضي على إحدى نسختي العريضة على نحو ما تقدم ويعتبر ذلك بمثابة مسودة لأمر الأداء تمهيداً لتحرير صيغته كاملة بمعرفة قلم الكتاب وتوقيع القاضي عليها ليتسلم الدائن صورة منها محررة على النسخة الأخرى ليقوم باعلانها للمدين.

فإذا توفي القاضي أو زالت ولايته بعد إصدار المسودة وقبل التوقيع على صيغة الأمر التي يحررها قلم الكتاب ، فإن ذلك لا يؤدي إلى بطلان أمر الأداء إلا إذا قام القاضي بالتوقيع على تلك الصيغة بعد زوال ولايته كما لو كان قد أخطر رسميا بقرار نقله قبل هذا التوقيع، إذ طالما زالت ولايته أمتنع عليه التوقيع ليقوم به من حل محله في هذا الإختصاص، إذ لا يلزم أن يكون القاضي الذي أصدر الأمر هو نفسه الذي وقع على صيغته.

وإذا شاب أمر الأداء البطلان فإن تقريره يكون بالطعن فيه ، وحينئذ تقضي به محكمة الطعن ثم تتصدى للموضوع لعدم تعلق البطلان بعريضة الأمر، ويتضمن إصدار الحكم في الطعن تصحيحاً للإجراء الباطل دون حاجة لإعادة الإجراءات.

ولا يوجب القانون على القاضي إصدار أمر الأداء لمجرد توافر شروطه ، وإنما ترك له الحق في تقدير موجب إصداره، فقد يرى أنه من الأنسب والأعدل ، تحديد جلسة ليواجه الطالب خصمه وتمكينا للأخير من تقديم أوجه دفاعه، وحينئذيرفض القاضي إصدار أمر الأداء، وذلك بالتأشير على العريضة بعبارة «ترفض وتحدد جلسة» فيقوم الطالب بإعلان خصمه بأمر الرفض وبالجلسة التي تم تحديدها لنظر الموضوع، فتنظر المحكمة أمر الرفض كما لو كان دعوى مبتدأة، ولا تخضع هذه الدعوى للدفع بعدم القبول لتوافر شروط استصدار أمر بالأداء، لأن نطاق هذا الدفع ينحصر في النزاع الذي يطرح لأول مرة بموجب صحيفة دعوى ترفع بالإجراءات المعتادة ، وبالتالي لا يمتد إلى النزاع الذي طرح لأول مرة بموجب عريضة أمر أداء ورفض القاضي إصداره وحدد جلسة لنظر الموضوع.

الإعتراض على إصدار أمر الأداء :

يصدر أمر الأداء في غيبة الخصوم وهو ما يحول دون إبداء أوجه دفاعهم، لكن لما كان الدائن يلتزم بتكليف المدين بالوفاء قبل أن يتقدم بالعريضة، فإنه يجوز للمدين الاعتراض على إصدار الأمر بعريضة يتقدم بها القاضي المختص بإصدار الأمر يضمنها الأسباب التي يستند إليها والمستندات المؤيدة لها، وحينئذ يكون للقاضي السلطة التقديرية للوقوف على مدى توافر المنازعة التي تحول دون إصدار الأمر أو عدم توافرها، ولا معقب عليه في ذلك.

فإذا تبين للقاضي من المستندات التي أرفقها المدين بعريضة الاعتراض، جدية المنازعة، رفض إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع، وله رفض إصدار الأمر دون أن ينوه إلى ما تضمنته مستندات المدين، ولا تثريب عليه إذا نوه إليها للاستدلال على وجود منازعة تحول دون إصدار أمر الأداء، ولا يكون لهذا التنويه أي حجية عند نظر أمر الرفض.

 طلب صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء:

لا يجوز تسلیم صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء إلا في حالة ضياع الصورة الأولى، وينعقد الاختصاص بتسليم الصورة الثانية للمحكمة التي يتبعها القاضي الذي أصدر أمر الأداء. فإن كان صادرا من القاضي الجزئي ، اختصت محكمة المواد الجزئية بنظر الدعوى المرفوعة بطلب تسليم صورة تنفيذية ثانية، أما إن كان صادرا من رئيس المحكمة الابتدائية، اختصت المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى. .

ويعتبر تسليم الصورة التنفيذية الأولى من الإجراءات الإدارية التي يقوم بها قلم الكتاب بناء على طلب من صدر الأمر لصالحه ، ولذلك لم يتطلب القانون عرض الطلب على القضاء إلا إذا قام نزاع بين الطالب وقلم الكتاب ، کامتناع قلم الكتاب عن تسليم الصورة التنفيذية الأولى، أما الصورة التنفيذية الثانية فلا شأن لقلم الكتاب بها، فقد تطلب القانون أن يتم ذلك عن طريق تكليف الخصم الذي صدر أمر الأداء ضده بالحضور أمام المحكمة المختصة لسماع الحكم بتسليم تلك الصورة.

ويشترط للحكم بتسليم صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء، أن يقيم الطالب الدليل على فقد الصورة الأولى منه، فإذا أخذت بهذا الدليل قضت بتسليم الصورة وإلا رفضت الدعوی.

ولم يتطلب القانون أن يكون الفقد بسبب لا دخل لإرادة الطالب فيه ، لأن الشرط الأخير قاصر على فقد سند الدين، فلا يمتد لفقد الصورة التنفيذية الأولى. ولا يعتبر طلب صورة تنفيذية ثانية مطالبة بالحق الصادر به أمر الأداء وبالتالي لا يترتب عليه انقطاع التقادم وإنما يستمر التقادم ولا ينقطع إلا بالتنبيه، ويتقادم الحق الثابت بأمر الأداء بخمس عشرة سنة ولو كان الحق قبل صدور الأمر يتقادم بمدة أقصر، إذ يرد التقادم على أمر الأداء نفسه وهو بمثابة حكم.

وإذ تنص المادة (۱۸۳) من قانون المرافعات على أنه لا يجوز تسلیم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا في حالة ضياع الصورة الأولى، وجاء مختار الصحاح أن الضياع هو الهلاك ، وبالتالي يجوز تسلیم الصورة التنفيذية الثانية من أمر الأداء إذا كانت الصورة التنفيذية الأولى قد فقدت إذ يعتبر ذلك هلاكا لها، أو إذا تلفت على أي نحو ببلل أو تمزق أو شطب امتد إليها، ويأخذ حكم الهلاك، تسليم الصورة لإحدى الجهات وكان القانون يحظر استردادها ، كما لو قدمت إلى مكتب الشهر العقاري للتأشير بها في هامش تسجيل حق الإرث الخاص بالمدين الذي توفي بعد صدور أمر الأداء، إذ يعتبر هذا التأشير شهرا لصورة أمر الأداء التنفيذية ، ولا يجيز قانون الشهر العقاري استرداد المحرر الذي تم شهره، ويتوافر بذلك الهلاك الحكمي للصورة المشهرة مما يجوز معه تسليم صورة تنفيذية ثنية من أمر الأداء.

إغفال أحد الطلبات :

قد تتضمن العريضة عدة طلبات كإلزام المدين أداء مبلغ من النقود ومنقول معين بنوعه ومقداره والفوائد المستحقة عن المبلغ من يوم تقديم العريضة والمصاريف ويصدر الأمر مغفلاً أحد هذه الطلبات، وحينئذ لا يعتبر ذلك رفضاً له، لأن أمر الأداء يصدر بإجابة الطلبات كلها أو رفضها كلها، إذ لا يجوز للقاضي تجزئتها عند إصدار الأمر.

يدل ذلك على أن الطلب الذي لم يتضمنه الأمر، إنما أغفله القاضي ولم يرفضه وبالتالي لم يتصد له. مما يوجب على الطالب العودة إلى نفس القاضي - أو من حل محله في المحكمة - بعريضة جديدة ليصدر أمراً مكم للأمر السابق يتدارك به ما أغفله واستناداً إلى ذات المستندات التي كانت مقدمة مع العريضة السابقة.

ويجب على القاضي إصدار الأمر الملكمل، فإن رفض إصداره وحدد جلسة لنظر الموضوع، دل على انتفاء الشروط الواجب توافرها لإصدار أمر بالأداء، وكان مقتضى ذلك أن يمتنع القاضي عن إصدار الأمر منذ البدء، وإذ لم يفعل يكون قد أغفل الطلب محل الأمر الأخير دون أن يرفضه. وتتصدی المحكمة لهذا الطلب وتفصل فيه على هدي المستندات السابق تقديمها.

ولا يجوز للدائن أن يتظلم من الأمر بسبب هذا الإغفال، أو أن يطعن فيه بالإستئناف، لأن الطعن لا يرد إلا على ما تم الفصل فيه وليس على ما أغفل الفصل فيه كما أنه قاصر على المدين دون الدائن، والمقرر إلتزام قاضي الأداء بإصدار الأمر ولو تضمن عدة طلبات طالما توافرت في كل منها الشروط اللازمة لذلك، فإن تخلفت بالنسبة لإحداها وجب عليه رفض الطلب جميعه ، ولا يجوز له إصدار الأمر بجزء من الطلبات ورفضه لباقيها. (قارن أمينة النمر بندي 115، 117 وترى أن القاضي إذا أجاب بعض الطلبات ورفض البعض الآخر، كان للدائن التظلم من أمر الرفض باعتباره أمراً على عريضة. ولا يتفق هذا الرأي مع ما تضمنته المذكرة الإيضاحية للقانون السابق وما جاء بالنصوص الحالية من قصر التظلم على المدين وحده دون الدائن، إذ يترتب على أمر الرفض تحديد جلسة لنظر الموضوع برمته ويكون للدائن حينئذ إبداء أوجه دفاعه أمام محكمة الموضوع وهي ذات المحكمة التي يرفع إليها التظلم، وإذ يبين من تلك النصوص أن القاضي الأمر لا معقب عليه في أمره بالرفض وهو ما يحول دون العودة إليه بموجب تظلم، ويدل أمر الرفض على عدم توافر الشروط اللازمة لأمر الأداء مما يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع وفقا للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ، فإن لم يقم الدائن بمباشرة تلك الإجراءات وانقضت المدة المنصوص عليها في المادة (70) جاز للمدين التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولا يحول دون إنزال هذا الجزاء أن يكون الدائن قد رفع تظلما إلى القاضي الأمر أو إلى المحكمة المختصة لاختلاف السير في إجراءات الدعوى ، فإن لم يقم الدائن مباشرة تلك الإجراءات وانقضت المدة يكون التظلم طعنا في الأمر. فإذا رفع التظلم وفقاً للرأي المتقدم وجب القضاء بعدم جوازه. كما يبين أن القاضي يلتزم بالإمتناع عن إصدار الأمر إذا رأى رفض كل الطلبات أو بعضها فلا يجوز له إصدار الأمر ببعض الطلبات ورفض البعض الآخر وإلا كان أمر الأداء باطلا.

ومتى تبين أن القاضي قد أغفل بعض الطلبات التي تضمنتها العريضة وجب الرجوع إليه على نحو ما تقدم دون الطعن في الأمر.

ولا يعتبر إغفال طلب النفاذ المعجل إغفالاً لهذا الطلب، وإنما رفضاً ضمنياً له ولا يحول دون إصدار الأمر بالأداء.

بیانات أمر الأداء:

متى أصدر القاضي أمر الأداء بتحرير كلمة «نأمره أو مفصلاً، قام قلم الكتاب على الفور بتحرير الصيغة الكاملة للأمر باعتباره عملاً قضائياً فاص" في خصومه ، وذلك بإثبات البيانات المقررة في هذا الصدد، تحت إشراف القاضي الأمر الذي له تدارك ما يكون قد أغفله قلم الكتاب أو أخطأ فيه من تلك البيانات، التي تتمثل في :

 (1) صدور أمر الأداء باسم الشعب :

إذ تنص المادة (72) من الدستور على أن الأحكام تصدر وتنفذ باسم الشعب، وكان المقرر أن المشرع أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام ومن ثم فإن هذه الأوامر تصدر وتنفذ باسم الشعب إلا أنه لا يعتبر من بيانات الأمر إثبات صدوره باسم الشعب، إذ أن ما نص عليه الدستور من صدور الأحكام بهذه المثابة ، ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعا وهي الشعب، لكن هذا الأصل واحدا من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة وذلك يصاحب الأمر ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره دون ما مقتضى لأن يعلن القاضي عنه عند إصداره ، وبالتالي فإن إيراد هذا البيان ليس إلا عملا مادياً لاحقاً وكاشفاً عن واقع مفترض، ومن ثم فإن خلو أمر الأداء منه لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته مما يحول دون بطلانه.

(2) بيان المحكمة التابع لها القاضي الأمر:

يتضمن أمر الأداء بيانا باسم المحكمة التابع لها القاضي الذي أصدر أمر الأداء الإحاطة المدين بها عندما يعلنه الدائن بالعريضة والأمر الصادر عليها بالأداء، حتى يتمكن من التظلم إليها من الأمر الصادر ضده وذلك بإيداع صحيفة التظلم قلم الكتاب أو الطعن في الأمر أمام محكمة الإستئناف التي تتبعها المحكمة التابع لها القاضي.

فإن صدر أمر الأداء دون أن يتضمن البيان المتعلق باسم المحكمة فلا يؤدي ذلك إلى بطلانه باعتباره بیاناً غير جوهري، إذ يمكن الوقوف عليه لما توجيه المادة (202) من أن الدائن يستصدر أمر الأداء من قاضي المحكمة التابع لها موطن المدين ما لم يكن المدين قد قبل إختصاص محكمة غير محكمة موطنه، فإن الأمر يكون قد صدر مع علمه مسبقاً بالمحكمة التي سوف يصدر قاضيها الأمر بإلزامه بالأداء.

(3) تاريخ إصدار أمر الأداء:

يجب أن يتضمن أمر الأداء بيانا بتاريخ صدوره، وهو بیان جوهري يترتب على إغفاله أو الخطأ فيه بطلان الأمر، والعبرة بالتاريخ الذي يثبته قلم الكتاب عند تحرير صيغة الأمر، فلا يبطل الأمر إذا توافر هذا البيان على هذا النحو دون إعتداد بخلو العبارة التي يحررها القاضي عند إصداره الأمر من هذا البيان ، ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت.

وقد أعتد المشرع بهذا البيان، وألزم الدائن بإعلان العريضة والأمر الصادر عليها خلال ثلاثة أشهر من صدور الأمر وإلا اعتبرت كأن لم تكن، ومن ثم يتعذر إعمال هذا الحكم إذا أغفل هذا البيان.

ويبطل الأمر إذا خلت الصيغة التي يحررها قلم الكتاب من هذا البيان حتى لو توافر عند تحرير القاضي للأمر طالما تعلق حق المدين بهذا البطلان كما لو كان قد أعلن خلوا من تاريخ إصداره، أما قبل ذلك، فإنه يجوز تكملته أو تصحيحه سواء من تلقاء نفس قلم الكتاب وقبل توقيع القاضي عليه، أو بمعرفة القاضي إن كان قد وقع عليه بناء على طلب الدائن، وفقا لما أوضحناه فيما يلي..

(4) اسم القاضي الذي أصدر أمر الأداء:

عندما يحرر القاضي الأمر على إحدى نسختي العريضة، فإنه قد يذكر إسمه وقد لا يذكره، وفي الحالتين يوقع قرين القرار الصادر منه، ويقوم قلم الكتاب بعد ذلك بتحرير صيغة الأمر كاملة مبيناً فيها أسم القاضي الذي أصدر الأمر، وهذا بیان جوهري يترتب على إغفاله بطلان الأمر، لما يترتب على هذا الإغفال من التجهيل بالقاضي الذي أصدر الأمر، فقد يكون قد صدر من قاض لا ولاية له، كما لو كان صادراً عن قاضي التنفيذ، وألا يحول دون القضاء بهذا البطلان أن يكون القاضي الذي أصدر الأمر قد مضى بتوقيعه کاملا عندما قام بتحريره، إذ لا يعني هذا التوقيع عن بيان اسم القاضي بصيغة الأمر التي يحررها قلم الكتاب باعتبارها هي التي يعول عليها الخصوم إحتجاجاً بالأمرر وتظلماً منه.

ولما كان المشرع لم يتطلب وضعاً معيناً يتوافر به هذا البيان، خلافاً النسخة الحكم الأصلية الذي أوجب اشتمالها على الهيئة التي أصدرت الحكم، فإنه يكفي لصحة الأمر مجرد توقيع القاضي على الصيغة التي يحررها قلم الكتاب ولو لم يكن التوقيع مقروءاً ، إذ أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت مما مفاده أن التوقيع هو للقاضي المختص بإصدار الأمر، ولا يجوز جحد هذه الدلالة إلا بالطعن في الأمر بالتزوير، فإن كان التوقيع مقروءاً ودل على اختصاص صاحبه بإصدار الأمر، فلا محل للنعي عليه ما لم يقرنه بصفة تدل على انتفاء هذا الإختصاص كما لو قرنه بأنه قاضي الأمور الوقتية.

بدل ما تقدم على أنه إذا وقع خطأ في اسم القاضي عند قيام قلم الكتاب بتحرير صيغة الأمر، فإن ذلك لا يؤدي إلى بطلانه طالما كانت الصيغة موقعة من القاضي الذي أصدره ولو لم يكن التوقيع مقروءاً، وعلى من يدعی صدور الأمر ممن لا ولاية له في إصداره عبء إثبات ما يدعيه، لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وأن التوقيع الوارد على صيغة الأمر هو للقاضي المختص بإصداره.

(5) صفة القاضي الذي أصدر أمر الأداء :

يجب أن يصدر أمر الأداء من قاضي محكمة المواد الجزئية أو من رئيس الدائرة بالمحكمة الابتدائية بحسب قيمة الأمر، ويكفي أن يقرن اسم القاضي بما يدل على أنه قاضي محكمة المواد الجزئية أو رئيس المحكمة حتى يكون أمر الأداء صادراً من له ولاية إصداره. ولا ينال من ذلك أن يكون لأي منهما صفة قاضي التنفيذ أو صفة قاضي الأمور الوقتية طالما أنه لم يقرن اسمه بهذه الصفة، أما إذا قرن اسمه بها، كان أمر الأداء باطلاً لصدوره ممن لا ولاية له في إصدار، ويظل البطلان قائماً ولو كانت هذه الصفة قرنت بالاسم عن طریق خطأ قلم الكتاب أو لصدور الصيغة على نموذج مطبوع، لما يؤدي إليه من مغايرة في الطبيعة والأحكام، إذ يكون الأمر الصادر من قاضي الأمور الوقتية نافذا نفاذا معجلاً لا بقوة القانون ويلتزم المحضر بتنفيذه على هذا النحو دون أن تكون له سلطة تفسيره وبالتالي الامتناع عن تنفيذه ، وتظل للأمر هذه القوة التنفيذية بالرغم من الطعن فيه، بينما أمر الأداء لا يكون مشمولاً بالنفاذ المعجلال إلا إذا کان صادراً في مادة تجارية أو في حدود النصاب الإنتهائي أو كانت مواعيد الطعن فيه قد انقضت شأنه في ذلك شأن الأحكام.

وإذ لم يقرن اسم القاضي بأية صفة ، وكان المقرر أن عريضة أمر الأداء تعرض على القاضي المختص بإصداره ، فإن القاضي المذكور يكون هو المختص بإصدار الأمر، ويكون الأمر قد صدر ممن له ولاية إصداره، لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت.

(6) المادة التي صدر فيها أمر الأداء:

يصدر أمر الأداء في المواد المدنية والتجارية، فإذا كانت المادة مدنية فلا مسوغ لبيان أن الأمر صادر فيها إذا لم يرتب القانون أحكاماً خاصة عند صدور أمر الأداء فيها، أما إن كانت المادة تجارية، فإنه يتعين أن يتضمن الأمر ما يفيد صدوره فيها، فيحرر القاضي عبارة «نأمر في مادة تجارية» إذا كانت كل المواد المدنية والتجارية تعرض عليه، وفي هذه الحالة يلتزم قلم الكتاب عند تحرير صيغة أمر الأداء بنطاق الأمر الذي حرره القاضي دون إضافة ، فإن كانت المادة تجارية واكتفى القاضي عند تحرير الأمر بكلمة «نأمره فلا يجوز القلم الكتاب إضافة عبارة «في مادة تجارية» وإلا أدى ذلك إلى بطلان الأمر المخالفته لما أمر به القاضي.

أما إن كانت المحكمة التابع لها القاضي تنفرد بالاختصاص في المواد التجارية كمحكمتي القاهرة والإسكندرية الجزئيتين التجاريتين أو إحدى الدوائر الابتدائية التجارية، فيكفي أن يحرر القاضي كلمة «نأمر» وهولا يفصل إلا في المواد التجارية ، مما يتعين معه على قلم الكتاب عند تحرير صيغة أمر الأداء أن يضيف عبارة «في مادة تجارية». فإن أغفل ذلك، اعتبر الأمر صادراً في مادة مدنية مما يحول دون تنفيذه معجلاً وعدم بيان المادة التي صدر أمر الأداء فيها لا يؤدي إلى بطلانه وإنما يحول فقط دون نفاذه معجلالا إن كانت المادة التي صدر فيها تجارية، ولا يجوز للدائن الإحتجاج بتجارية المادة لطلب شمول صورة الأمر بالصيغة التنفيذية أو طلب تنفيذه معجلا.

(7) الطلبات التي صدر بها أمر الأداء :

تتضمن العريضة الطلبات التي يستصدر بها الدائن الأمر بإلزام المدين بأدائها، وهي طلبات لا تقبل التجزئة، مما يوجب على القاضي أن يصدر أمر الأداء بها جميعا، أو يمتنع عن إصدار الأمر ويحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى ، ولذلك فإنه يكتفي بكلمة «نأمر» طالما تبين له توافر شروط استصدار الأمر دون حاجة لبيان هذه الطلبات إذ يضمنها قلم الكتاب صيغة الأمر عند تحريره لها، فيبين المبلغ الواجب أداؤه من أصل وفوائد، إذا طالب الدائن بفوائد أصل الدين، وحينئذ يتعين أن تتضمن صيغة الأمر مقدار أصل الدين وفقا لما تضمنته العريضة وبما يتفق وحكم القانون، فإن كان يخالف ذلك، وجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر ويحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، إذ المقرر عملا بالمادة (266) من القانون المدني أنه إذا أتفق الدائن والمدين على أجل للوفاء بالدين وحددا سعراً للفائدة بما لا يجاوز 7 ٪ سری هذا السعر إعتبارا ً من تاريخ قبض الدين بإعتباره تعويضاً عن عدم الإنتفاع بالدين، فإذا حل الأجل دون وفاء، ظل السعر ساراً باعتباره تأخيراً ، وقد يحدد الطرفان سعرا تعويضياً وسعراً تأخيراً على أن يستحق الأخير إذا لم يتم الوفاء عند حلول أجل الدين. فإذا لم يتم الوفاء رغم خلول أجله، ورجع الدائن على المدين بطريق أمر الأداء بأصل الدين والفوائد، وجب على القاضي أن يبين في الأمر مقدار أصل الدين ومقدار الفوائد كل على حدة للوقوف على السعر وعدم إحتساب فوائد على الفوائد المتجمدة، فيحسب الفوائد الإتفاقية أي التعويضية إعتباراً من تاريخ القبض وحتی تاریخ استحقاق الدين، ثم حساب الفوائد التأخيرية على أصل الدين دون أن يضاف إليه الفوائد التعويضية، وتستحق إعتباراً من حلول أجل الوفاء حتى صدور أمر الأداء.

فإن لم يتضمن سند الدين إتفاقاً على الفوائد، وحل أجل الدين وامتنع المدين عن الوفاء، كان للدائن الرجوع عليه بأصل الدين والفوائد القانونية اعتباراً من وقت المطالبة القضائية، ومن ثم فإن رجع الدائن في هذه الحالة وطلب الفوائد إعتبارا ً من تاريخ القبض، كان هذا الطلب على غير مقتضی القانون، مما يوجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر.

وإذا تبين للقاضي إنقضاء أصل الدين أو الفوائد في حالة طلبها، بالتقادم وهو ما تتوافر به المنازعة في حالة المواجهة، تعين عليه أن يمتنع عن إصدار الأمر ويحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة.

فإن كان رجوع الدائن بشأن منقول معين بذاته أو بنوعه ومقداره ، وجب أن يشتمل أمر الأداء على هذا المنقول وفقا لما تضمنته العريضة.

وفي جميع الحالات التي يصدر فيها أمر الأداء، يجب أن يبين به المصاريف التي يلتزم المدين بأدائها للدائن، شاملة كل ما تكبده الأخير في سبیل رجوعه على المدين من نفقات فعلية ورسوم قضائية ، فإن كان هذا الرجوع أدى إلى نفقات عرض ووضع محل إلتزام الدائن تحت الحراسة ، كان له الرجوع بذلك مبيناً مقدار هذه النفقات ما لم يدل ذلك على وجود منازعة فيمتنع القاضي عن إصدار الأمر ويحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة.

وإذا طلب الدائن شمول الأمر بالنفاذ المعجل، ورأى القاضي رفضه ، فإنه يصدر أمر الأداء، إذ لا يؤدي رفض طلب النفاذ المعجل إلى امتناع القاضي عن إصدار الأمر، ويعتبر عدم النص في الأمر على النفاذ رفضا له.

(8) توقيع القاضي على صيغة أمر الأداء :

يكفي لإصدار أمر الأداء أن يحرر القاضي على إحدى نسختي العريضة كلمة «نأمر» أو أن يحرر عبارة مفصلة متضمنة اسمه وصفته ومضمون أمر الأداء وذلك بإلزام المدين موضحاً اسمه بأن يؤدي للدائن موضحاً اسمه كذلك المبلغ الذي تضمنته العريضة موضحاً مقداره ، ثم يوقع على ذلك.

ومتی حرر القاضي أي من العبارتين سالفتي البيان، ووقع قرين أي منهما، فإنه يكون قد أصدر أمر الأداء، ولكن لا يتسلم الدائن صورة من تلك العبارة المحررة بخط القاضي، شأن أمر الأداء في ذلك شأن الحكم الصادر في الدعوى التي ترفع بالإجراءات المعتادة إذ يمتنع تسليم صورة من مسودته ، وحتى يتسلم الدائن صورة أمر الأداء، يقوم قلم الكتاب بتحرير صيغة الأمر كاملة متضمنة البيانات سالفة البيان وذلك تحت إشراف القاضي بحيث يكون له مراجعة تلك الصيغة قبل أن يوقع عليها، فإن تبين له أن قلم الكتاب أغفل بيانا أو أخطأ فيه ، كلف الموظف المختص بإضافة ما أغفله أو تصحيح ما أخطأ فيه، ثم يقوم القاضي بالتوقيع على صيغة الأمر وقرين التصحيح الذي تم اعتمادا له، فإن لم يتم هذا الإعتماد كان الأمر باطل لتناقض بياناته لقيام شبهة التصحيح بعد التوقيع على صيغة الأمر.

فإن لم يوقع القاضي على صيغة الأمر، امتنع على قلم الكتاب تسلیم الدائن صورة منها محررة على صورة العريضة أو على النسخة الثانية منها إذ لا يعتد بصيغة الأمر التي لم يوقعها القاضي، ويكون للمدين التمسك ببطلانها وللمحكمة أن تتصدى لهذا البطلان من تلقاء نفسها، بل يكون لقاضي التنفيذ عند رفع إشكال في تنفيذ الأمر أن يتصدى لهذا البطلان لتعلقه بالسند التنفيذي، ولا يحول دون تقرير هذا البطلان توقيع القاضي على عبارة الأمر التي قام هو بتحريرها، لان العبرة في هذا الصدد بالصيغة التي يحررها قلم الكتاب ، إذ هي المعول عليها عند تسليم الدائن صورة من الأمر لإعلانها للمدين وعند الطعن في الأمر بالتظلم أو الاستئناف، ولكن لا يغني توقيع هذه الصيغة عن توقيع الأمر الذي حرره القاضى، بحيث إذا لم يوقع الأمر المشار إليه، كان أمر الأداء باطلا ولو كانت صيغته موقع عليها من القاضي، باعتبار أن الصيغة هي إجراء مترتب على الأمر الذي يقوم القاضي بتحريره، فإن كان باطلا أدى إلى بطلان ما بني عليه، وهو بطلان متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي ومن ثم يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض بإعتبار أن عناصره الواقعية كانت مطروحة على محكمة الموضوع، متمثلة في خلو الأمر الذي حرره القاضي أو صيغته التي يحررها قلم الكتاب من توقيع القاضي، ولمحكمتي الموضوع والنقض أثارته ولو لم يتمسك به المدين.

وإذا حرر القاضي أمر الأداء على نحو ما تقدم ووقع عليه، ثم توفي أو زالت ولايته بأن يكون قد أخطر رسميا بقرار نقله قبل التوقيع على صيغة الأمر، فإن ذلك لا يؤدي إلى زوال الأمر بعد أن صدر مستوفيا مقوماته كافة، وحينئذ يقوم القاضي الذي حل محل القاضي السابق، أو أي من قضاة المحكمة بالتوقيع على الصيغة، إذ لا تزول الأوامر والأحكام القضائية التي صدرت بوفاة من أصدرها أو بزوال ولايته.

ولا يشترط لصحة الأمر أن يكون توقيع القاضي مقروءا، فيكفي وجود أية علامة تفيد توقيع القاضي، ولا يجوز جحدها إلا بطريق الطعن بالتزوير، وحينئذ يتم تحقيق هذا الطعن بطلب مذكرة من القاضي المنسوب له التوقيع ، فإن قرر أنه الذي قام بالتوقيع، تعين رفض الطعن.

وترى أمينة النمر بند 193 انعدام أمر الأداء لخلوه من توقيع القاضي أو لصدوره من قاضي زالت عنه ولاية القضاء مما يجوز معه للمدين رفع دعوی أصلية ببطلانه أمام المحكمة التابع لها القاضي.

تصحيح الخطأ المادي في أمر الأداء :

المقرر أن أمر الأداء لا يقبل التجزئة فيما يتعلق بطلبات الدائن التي تضمنتها العريضة ، مما يوجب على القاضي أن يصدر الأمر بها كافة، بحيث إن تبين له أن طلبا غير مستوف الشروط اللازمة أو احتمال قیام منازعة في شأنه ، فإنه يمتنع عن إصدار الأمر ويحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة ، فإن خالف ذلك وأجاب الدائن إلى بعض الطلبات ورفض البعض الآخر بإغفال النص عليها، كان الأمر باطلا.

فإن حرر القاضي الأمر، كان ذلك إصداراً له، وحينئذ يقوم قلم الكتاب بتحرير صيغته شاملة البيانات سالفة الذكر بما يتطابق وعريضة الأمر، وذلك تحت إشراف وتوجيه القاضي، فإن وجد إغفالاً لأحد البيانات أو خطأ فيه، كلف الكاتب المختص بتكملته أو تصحيحه ثم يوقع القاضي قرين هذا التصحيح اعتماداً له، ومتى تبين له صحة الصيغة، قام بالتوقيع على الأمر، فإن وجد تصحیح غير معتمد على نحو ما سلف، خضع البيان من ناحية صحته أو بطلانه للسلطة التقديرية المقررة لقاضي الموضوع.

فإن تبين عدم تطابق العريضة فيما تضمنته من طلبات مع صيغة أمر الأداء بعد توقيع القاضي عليها، أدى ذلك إلى بطلانه لمخالفة الأمر لطلبات الدائن، ولما كانت العبرة فيما يتعلق بإصدار الأمر بما تضمنته صيغته التي يحررها قلم الكتاب دون ما يحرره القاضي، فإن تلك المخالفة لا تكون من قبيل الخطأ المادي وإنما من صميم عمل القاضي، مما يحول دون تصحيح ما تضمنته الصيغة بما يتفق والعريضة.

ولا يعتبر طلب النفاذ المعجلال من الطلبات التي يؤدي رفضها أو إسقاطها إلى بطلان أمر الاداء، باعتباره من المسائل الجوازية للمحكمة رغم توافر شروطه.

 أما البيانات الأخرى غير المتعلقة بالطلبات، كأسماء الخصوم واسم القاضي ومقر المحكمة ورقم الأمر، فليست من صميم عمل القاضي، ولذلك فإذا وقع فيها خطأ بما يخالف الواقع، كان من قبيل الخطأ المادي الذي يجوز تصحيحه في أي وقت طالما ظلت الأوراق في حوزة المحكمة ولم ترسل بعد إلى محكمة الطعن في حالة الطعن في الأمر، وحتى لو كان الأمر قد أعلن للمدين الذي لا يكسبه الخطأ المادي حقا. فإن تعلق هذا الخطأ بتاريخ الأمر، وكان مؤدي هذا التاریخ انقضاء ثلاثة اشهر ما بين صدور الأمر وإعلانه للمدين ، واستند الأخير إلى ذلك وتمسك باعتبار العريضة والأمر الصادر عليها كأن لم تكن، وجب على محكمة الطعن رفض هذا الدفع بمتی تحققت من وقوع خطأ مادي في التاريخ الذي أثبته قلم الكتاب بصيغة الأمر، وتستدل على ذلك بالتاريخ الذي حرره القاضي عند إصدار الأمر وتنظر تاریخ سداد الرسم وقيد الأمر.

ويتم تصحيح الخطأ المادي الذي يتم بعد التوقيع على الصيغة، بتأشيرة من القاضي على ذات النسخة التي حررت عليها الصيغة، تتضمن البيان الذي وقع خطأ مادي فيه وتم تصحيحه موضحا البيان الصحيح.

وإذا تطابق البيان الوارد بصيغة أمر الأداء مع ما تضمنته العريضة، انتفى الخطأ المادي وانتفى التصحيح حتى لو كان البيان لا يتفق مع الواقع ، مثال ذلك أن يصدر الأمر ضد المدين بذات اسمه الذي تضمنته العريضة ثم يتبين أن هذا الاسم لا يطابق الاسم الحقيقي، وحينئذ يجوز للدائن استصدار أمر جديد ضد المدين باسمه الحقيقي لاختلاف الأمرين بالنسبة للخصوم ويمتنع على المدين الدفع عند تظلمه في الأمر الثاني بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها إذ لم يكن مختصا باسمه الحقيقي ولأن الأمر الثاني لم يصدر علی خلاف الأمر الأول وإنما صدر بما يتفق معه.

ويرى أبو الوفا في التنفيذ صفحة 199 أنه من الجائز تصحیح دیباجة أمر الاداء إذا كانت تخالف العريضة في صدد أسماء الخصوم أو صفاتهم أو موطنهم أو مقدار الدين.

 بطلان أمر الأداء وانعدامه :

المطالبة بالحق، تتم بموجب الإجراء الذي حدده القانون والذي يباشره من يدعي أنه صاحب الحق، ضد من يطلب إلزامه به، وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه المطالبة القضائية، فإن تخلف، انتفى عن الإجراء هذا الوصف مما يحول دون اعتباره مطالبة قضائية وبالتالي لا يرتب آثاره، فلا ينشئ خصومة منذ البدء في إتخاذه ولا يؤدي إلى قطع التقادم أو غير ذلك من آثار، وتلحق به الإجراءات التالية له والتي كان أساساً لمباشرتها ويندرج تحت ذلك الأحكام التي قد تصدر، فتكون بدورها معدومة لا تكتسب الحجية المقررة للأحكام ولا يحصنها إنقضاء الزمن إذ لا تعتبر أحكاماً وإنما وسائل قد تؤدي إلى التعرض لمن صدرت ضده، ومن ثم يجوز للأخير جحدها عن طريق الدفع إذا إحتج عليه بها في دعوى قائمة، وله رفع دعوى مبتدأة ببطلانها حتى يتفادى خطر تنفيذها عليه، ويكون لقاضي التنفيذ عند نظر الإشكال في تنفيذها دحض حجيتها وتقرير إنعدامها ليأمر بوقف تنفيذها، وهو بذلك لا يتصدى الحجية حكم قضائي وإنما لواقعة لا حجية لها.

مثال ذلك ، أن ترفع الدعوى أو تقدم عريضة أمر الأداء بعد وفاة المدين، وفي هذه الحالة لا يتحقق بالعريضة المطالبة القضائية ولا ترتب آثارها، وتكون الخصومة معدومة مما يحول دون انعقادها إذ لا يرد الإنعقاد إلا على خصومة قائمة، ويمتد الإنعدام إلى الإجراءات التالية للعريضة، ومنها أمر الأداء إذا أصدره القاضي ولو لم يكن الدائن عالما بتلك الوفاة، إذ يوجب القانون عليه مراقبة ما يطرأ على خصمه قبل تقديم العريضة ، أما إذا رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، فقام الدائن بتكليف المدين بالحضور لها دون أن يتبين هو أو المحضر وفاة المدين كما لو كان الإعلان قد تم في مواجهة الإدارة، وترتب على ذلك صدور حکم ضد المدين، أما إذا رفضت المحكمة الدعوى، وطعن الدائن في قضائها بالاستئناف، فقضت محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وأصدرت حکما ضد المدين، فإن كل هذه الأحكام تكون معدومة حابطة الأثر لا حجية لها دون حاجة إلى الطعن فيها، ويجوز لورثة المدين التمسك ببطلانها على نحو ما سلف بيانه.

ولا يحول دون هذا الانعدام، تدخل أو إدخال الورثة في الدعوى وعدم تمسكهم بانعدام الإجراءات، إذ طالما انعدم الإجراء الذي كان من شأنه بدء الخصومة ، فلا تكون ثمة خصومة قائمة حتى يمثل فيها الورثة ولا يكون من شأن ذلك رأب صدعها، وللورثة التمسك بانعدام أمر الأداء والأحكام التي صدرت في الدعوى بناء على أمر الرفض، سواء بطريق الدفع أو الدعوى المبتدأة وفقا لما تقدم.

أما إذا استقام الإجراء، وتوافرت له مقوماته منذ البدء فيه، بأن كان طرفا الخصومة على قيد الحياة ، فإن أية شائبة تلحق الإجراءات، قد تؤدي إلى بطلان العريضة أو بطلان تلك الإجراءات، سواء كانت سابقة على تقديم العريضة أو لاحقة عليها، ولا ينال هذا البطلان من حجية أمر الأداء إلا بعد أن يقضي به ويحوز الحكم قوة الأمر المقضي، أما قبل ذلك، فتظل للأمر حجيته مما يحول دون اتخاذ أي إجراء يتعارض مع تلك الحجية، سواء عن طريق الدفع أو الدعوى، ولا يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلان الأمر.

حالات بطلان أمر الأداء:

 أولا: بطلان الإجراءات السابقة على تقديم العريضة :

توجب المادة (۲۰۲) على الدائن أن يكلف المدين أولا بالوفاء بميعاد خمسة أيام على الأقل ثم يستصدر أمر الاداء، ويكفي في هذا التكليف أن يحصل بكتاب مسجل مع علم الوصول، ويقوم بروتستو عدم الدفع مقام هذا التكليف.

فإن لم يلتزم الدائن ذلك، بأن لم يكلف المدين بالوفاء أو كلفه بالوفاء بكتاب عادي أو بكتاب مسجل بدون علم وصول أو ثبت تسليم التكليف لغير المدين أو وكيله، أو تخلفت بعض البيانات الجوهرية في البروتستو، كان التكليف بالوفاء باطلا وتخلف بذلك شرط إصدار أمر الأداء مما يوجب على القاضي الامتناع عن إصدار الأمر وتحديد جلسة لنظر الموضوع وحينئذ يقوم الدائن بتكليف المدين بالحضور لها، أما إذا أصدر القاضي أمر الأداء رغم تخلف شرطه، كان باطلا، وإذا لم يمتد البطلان إلى عريضة استصدار الأمر، كان لمحكمة الطعن التصدي للموضوع بعد أن تقرر بطلان الأمر، وقد تضمنت الإجراءات تصحيحا للإجراء الذي شابه البطلان بعد أن علم المدين بالأمر الصادر ضده سواء بإعلانه به أو من تلقاء نفسه.

ومتی تدارکت محكمة الطعن ، سواء كانت المحكمة التي تنظر التظلم من أمر الاداء، أو كانت المحكمة الاستئنافية، البطلان الذي شاب أمر الأداء، كان الحكم الذي تصدره هووحده المعول عليه بالنسبة للقضاء بالطلبات أو رفضها دون الاعتداد بأمر الأداء السابق صدوره، إذ يعتبر بحكم البطلان كأن لم يكن ، وتتصدى المحكمة للطلبات والسبب الذي استندت إليه هذه الطلبات من واقع المستندات المقدمة من الدائن مع عريضة استصدار الأمر وما قد يتقدم به الخصوم أثناء نظر التظلم أو الاستئناف، ولما كان أمر الأداء يصدر على إحدى نسختي العريضة المقدمة من الدائن والمرفق بها سند الدين بدون تحرير أسباب ، وبالتالي فإن الحكم الذي يصدر في التظلم أو الاستئناف، يستند إلى أسباب خاصة به، وهو ما يكفي لإقامة قضائه دون أن يمتد إليه البطلان الذي شاب أمر الأداء، لأن مناط هذا الامتداد أن يستند الحكم إلى أسباب الحكم أو الأمر الباطل، وهو ما يمتنع تحققه بالنسبة لأمر الأداء لخلوه من الأسباب.

 ثانيا: البطلان المتعلق بعريضة أمر الأداء:

(1) خلو العريضة من بيان جوهري أو الخطأ فيها:

راجع في ذلك بند «أثر بطلان عريضة أمر الأداء» فيما تقدم .

ولما كانت عريضة أمر الاداء تقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، وبهما تبدأ الخصومة ، وكان المقرر أن خلو صحيفة الدعوى من أحد بياناتها الجوهرية لا يحول دون المدعى وتصحيح ما اعتورها، سواء في مواجهة المدعى عليه أو في غيبته وذلك بإعلانه في الحالة الأخيرة بتصحيح شكل الدعوى، وكان يترتب على أمر الرفض نظر الدعوى أمام المحكمة باعتبارها محكمة الدرجة الأولى وكما لو كانت قد رفعت ابتداء بالإجراءات المعتادة، مما يجوز معه للدائن وقد أصبح مدعيا، أن يصحح شكل دعواه ، ولا يجوز للمحكمة بعد ذلك القضاء بعدم قبولها استناداً لتوافر الشروط الشكلية والموضوعية اللازمة لاستصدار أمر الأداء، إذ تلتزم بالتصدي للموضوع سواء توافرت هذه الشروط بعد صدور أمر الرفض أو قبل ذلك، إذ لا معقب على قاضي الأداء عندما يمتنع عن إصدار الأمر ويحدد جلسة لنظر الدعوى، مما مفاده التزام المحكمة بنظرها والتصدي لموضوعها إن كانت مختصة به من جميع الوجوه.

وعدم تقديم سند الدين مع عريضة أمر الاداء، لا يؤدي إلى بطلان العريضة، وإنما يترتب عليه امتناع القاضي عن إصدار الأمر وتحديد جلسة أمام المحكمة النظر الدعوى، لكن إذا صدر الأمر رغم عدم تقديم سند الدين، كان الأمر باطلاً. (يري أبو الوفا في التنفيذ صفحة 182 أن صدور الأمر دون أن يكون سند المديونية موقعا عليه من المدين يرتب بطلان العريضة وإلغاء الأمر الصادر عليها).

فإذا امتنع القاضي عن إصدار الامر وحدد جلسة ، فقام الدائن بتقديم سند الدین، استقامت الدعوى بتقديم دليلها وتصدت المحكمة للموضوع، أما إذا أصدر أمره بالأداء، وتظلم المدين أو طعن فيه بالاستئناف، فتقدم الدائن بسند الدين، قضت محكمة الطعن ببطلان أمر الاداء وتتصدى للموضوع لعدم تعلق البطلان في هذه الحالة بعريضة الأمر، ووفقا لرأي أبو الوفا سالف البيان، تقف محكمة الطعن عند حد تقرير البطلان ولا تتصدى للموضوع.

ومتی تعلق البطلان بالعريضة، ولم يتم تصحيح الإجراء الباطل، وتمسك المدعى عليه بالبطلان، قضت به المحكمة ووقفت عند هذا الحد، فلا تتصدى للموضوع، ويكون المدعي وشأنه في اتخاذ إجراءات جديدة الاستصدار أمر بالأداء.

(2) عدم التوقيع على العريضة من محام :

أوجب قانون المحاماة بموجب المادة (58) منه توقيع طلبات أوامر الأداء من أحد المحامين المقررين أمام المحاكم الابتدائية، فإذا بلغت أو جاوزت قيمة أمر الأداء، وجب توقيع الطلب من أحد المحامين المشتغلين، ورتبت البطلان على مخالفة ذلك.

مما مفاده أن عريضة أمر الأداء يجب التوقيع عليها من محام إذا بلغت أو جاوزت قيمة الأمر هذا النصاب المحدد للقاضي الجزئي، والعبرة في تحديد هذا النصاب بما ينص عليه قانون المحاماة دون قانون المرافعات، لأنه إذا حدد هذا القانون الأخير النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي وأخذ قانون لاحق بهذا التحديد عن طريق الإحالة لقانون المرافعات إحالة مطلقة، ثم عدل قانون المرافعات ورفع هذا النصاب ، فإنه يتعين الاعتداد بذلك بالنسبة لكل إجراء يتم ولو ورد في تشريع آخر، إذ يدل أخذ التشريع بالنصاب الانتهائي للقاضي الجزئي، أنه قد أحال في ذلك إحالة مطلقة متعلقة بهذا النصاب إلى قانون المرافعات بحيث إذا عدل هذا القانون برفع النصاب ظلت الإحالة قائمة وتعلقت بالنصاب المعدل.

فإن صدر القانون اللاحق، وكان قانونا خاصا بالنسبة لتحديد نصاب في شأن اتخاذ إجراء معين، مثل قانون المحاماة عندما نص في المادة (58) منه على النصاب اللازم لوجوب توقيع أحد المحامين على طلبات أوامر الأداء التي تقدم للقاضي الجزئي محددا لهذا النصاب بكل مبلغ يجاوز خمسين جنيها، فإنه بذلك لا يكون قد أحال لقانون المرافعات إحالة مطلقة بالنسبة لما يجاوز النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي، وإنما حدد نصابا مقدرا فلا تتوافر به الإحالة المطلقة، وبالتالي لا يعتد بالتعديلات التي أدخلت على قانون المرافعات برفع هذا النصاب إلى ألفي جنيه مما يجب معه أن كل طلب يقدم للقاضي الجزئي تبلغ أو تجاوز قيمته خمسين جنيها، يجب التوقيع عليه من أحد المحامين المشتغلين وإلا كان باطلاً حتى لو كانت قيمته لم تجاوز ألفي جنيه.

إذ يكون قانون المحاماة قد استعار المادة (42) من قانون المرافعات قبل تعديلها فأصبحت من نصوصه، فيما يتعلق بنصاب التوقيع على عريضة أمر الأداء ، وبالتالي لا يمتد إليها التعديلات التي طرأت على المادة (42) المشار إليها، فيما يتعلق بنصاب القاضي الجزئي لتحديد اختصاصه القيمي.

أما إن كانت قيمة الأمر لا تجاوز هذا النصاب، فلم يتطلب القانون توقيع العريضة من محام.

فإن قدمت العريضة إلى قلم الكتاب غير موقع عليها من محام، وكانت قيمة الأمر تجاوز النصاب الذي حدده قانون المحاماة ، فإنها تكون باطلة، ويتعلق البطلان بها فور تقديمها إلى قلم الكتاب ، ولما كان توقيع العريضة بعد ذلك يعد تصحيحا لإجراء باطل مما يوجب اتخاذه أمام السلطة التي حولها القانون قبول أو رفض هذا التصحيح وفقا للقواعد التي قررها في هذا الصدد ، ومن ثم يمتنع على قلم الكتاب تمكين المحامي من التوقيع على العريضة وإلا اعتبر تصحيح البطلان كأن لم يكن .

ذلك لأن تصحيح البطلان الذي شاب العريضة هو إجراء من إجراءات المرافعة يتعين اتخاذه في جلسة مرافعة، تمكينا للمحكمة من الاطلاع على سند وكالة المحامي الذي يباشر هذا الإجراء نيابة عن الدائن، وليبدي المدين أوجه دفاعه المتعقة بهذا الإجراء سواء من ناحية جوازه أو من ناحية درجة قيد المحامي الذي باشره ، إذ يوجب القانون أن يكون مقيدا أمام المحاكم الابتدائية إذا كانت قيمة الأمر تجاوز نصاب القاضي الجزئي.

كما يمتنع هذا التصحيح أمام قاضي الأداء، إذ يوجب القانون إصدار الأمر وفقا للعريضة والمستندات التي قدمت لقلم الكتاب بالحالة التي كانت عليها في هذا الوقت، مما يحول دون إضافة أية بيانات إلى العريضة أو تكملة المستندات التي سبق تقديمها، ولأن الأمر يصدر في غيبة الخصوم.

ويترتب على عدم توقيع العريضة من محام، امتناع القاضي عن إصدار الأمر وتحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، وحينئذ تخضع الدعوى للإجراءات المعتادة ، وتعتبر العريضة بمثابة صحيفة افتتاح الدعوى، وتكون المحكمة محكمة أول درجة وتنظر الدعوى كما لو كانت قد رفعت إليها بالإجراءات المعتادة ، وحينئذ يجوز تصحيح البطلان الذي شاب العريضة بتمكين المحامي من التوقيع عليها إذا طلب ذلك، ويعتبر هذا الطلب إقرارا منه بتحريره العريضة يرتد أثره إلى وقت تقديمها، ويعتبر التوقيع اللاحق كالتوقيع الذي يتم عند تحريرها، مما يحول دون القضاء ببطلانها حتى لو تمسك المدين بذلك.

فإن لم يطلب محامي الدائن تصحيح هذا البطلان، وجب على المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، وحينئذ تقضى ببطلان العريضة وتقف عند هذا الحد، فلا تتصدى للموضوع، إذ لا يتصل القضاء بالدعوى إلا إذا استوفت شروط صحتها.

وإذا أصدر القاضي أمر الاداء بالرغم من عدم توقيع العريضة من محام، كان الأمر باطلا بطلانا متعلقا بالنظام العام، ويجب التقرير هذا البطلان الطعن في الأمر بالتظلم أو الاستئناف، وحينئذ لا يلزم أن يتمسك المدين بالبطلان بصحيفة الطعن وإنما يجوز له التمسك به أثناء نظر الطعن باعتبار هذا التمسك من الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام، فلا يسقط الحق فيها بعدم التمسك بها بصحيفة الطعن، بل للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها، ولا يجوز تصحيح البطلان أمام محكمة الطعن لاقتصار ذلك على الدرجة التي اتخذ الإجراء أمامها، ومتى قضت ببطلان الأمر، فإنها تقف عند هذا الحد ولا تتصدي للموضوع لتعلق البطلان بعريضة أمر الأداء.

فإن لم يطعن المدين في الأمر، وحاز قوة الامر المقضي ، فلا يجوز التمسك بعد ذلك ببطلانه سواء بطريق الدفع أو الدعوى الأصلية ببطلانه ، الأن حجية أمر الأداء تعلو على اعتبارات النظام العام.

ثالثاً: بطلان الإجراءات اللاحقة على تقديم العريضة:

(أ) في حالة إصدار أمر الأداء:

متى قدمت عريضة أمر الأداء إلى قلم الكتاب مستوفية شروط صحتها وتوافرت شروط إستصدار الأمر، فإن الخصومة تنعقد ويتصل القضاء بها مما يوجب عليه الفصل فيها ولا يحول دون ذلك أن يشوب البطلان أحد الإجراءات اللاحقة على العريضة والمترتبة عليها، إذ طالما اتصل القضاء بالخصومة على النحو الذي تطلبه القانون، كان عليه الفصل فيها، سواء تمكن من تصحيح البطلان الذي شاب الإجراء أو لم يتمكن من ذلك، وليس من شأن هذا البطلان أن ينال من العريضة أو من الآثار التي ترتبت على تقديمها، ومن ثم فلا يرتد إليها، ويتعين على محكمة الطعن - سواء كانت محكمة نظلم أو محكمة استئناف - تصحيح البطلان بعد أن تقرر بطلان الأمر ثم تتصدی للموضوع بحكم يحسم النزاع بين الخصوم، فقد يقع خطأ في اسم المدين عند تحرير صيغة الأمر مما يؤدي إلى بطلانه، وهو بطلان يمكن للمحكمة تدارکه وتصحيحه بإثبات الاسم الصحيح في محضر الجلسة سواء من تلقاء نفسها أو بقيام الدائن بإثبات ذلك، فإن تعذر تصحيح البطلان، كما لو كان الأمر قد صدر من قاض زالت ولايته، فإن محكمة الطعن ، تكتفي بالحكم ببطلان الأمر وتتصدى للموضوع. (يرى أبو الوفا في التنفيذ صفحة 185 عدم التصدي للموضوع وتلتزم محكمة الطعن بإحالة الدعوى لمحكمة الدرجة الأولى).

فإن لم تدرك محكمة الطعن هذا البطلان ورفضت الطعن سواء تمثل في تظلم أو إستئناف، إمتد البطلان للحكم الصادر في الطعن، فإن كان الحكم صادراً في التظلم، ثم طعن في هذا الحكم بالاستئناف وقضت محكمة الإستئناف بتأييد الحكم المستأنف، فإن البطلان يمتد من أمر الأداء إلى الحكم الصادر في التظلم ومن هذا الحكم إلى الحكم الصادر في الإستئناف.

ويتقرر بطلان أمر الأداء بالطعن فيه بالتظلم أو الإستئناف، والتمسك بالبطلان بصحيفة الطعن باعتبار ذلك من الدفوع الشكلية وإلا سقط الحق فيه ما لم يكن البطلان من النظام العام وفي هذه الحالة يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى.

فإن لم يطعن المدين في أمر الأداء ، فحاز قوة الأمر المقضي ، تحصن وامتنع النعي عليه ، سواء بالدفع عند الاحتجاج به على المدين، أو بدعوی البطلان الأصلية التي يرفعها المدين بطلب بطلان الأمر، إذ المقرر أن حجية أمر الأداء تسمو على إعتبارات النظام العام.

وحتى تتصدى محكمة الطعن للموضوع، يجب أن تكون قد اتصلت بخصومة الطعن اتصالاً صحيحاً ، بأن يكون الطعن مقبولاً أمامها بتوافر الشروط التي يتطلبها القانون في صحيفته، وأن يكون قد رفع إليها في الميعاد المقرر قانوئا ، فإذا انتفى ذلك، بأن شاب البطلان صحيفة الطعن، أو كان الطعن قد رفع بعد الميعاد، فلا يكون لمحكمة الطعن ولاية في نظر الموضوع ما يوجب عليها القضاء ببطلان صحيفة الطعن أو بسقوط الحق فيه، وتقف عند هذا الحد مما يحول دونها والتصدي للموضوع الذي لا يطرح عليها إلا إذا إستوفي الطعن مقوماته إلى تطلبها القانون.

فإن إستوفي الطعن تلك المقومات، طرح الموضوع على محكمة الطعن وتعين عليها القضاء ببطلان أمر الأداء وحسم النزاع بين الخصوم على نحو ما تقدم.

(ب) في حالة الإمتناع عن إصدار أمر الأداء:

إذا رأى القاضي عدم توافر الشروط اللازمة لإصدار أمر الأداء ، فإنه يمتنع عن إصداره ويحدد جلسة لنظر الدعوى - متمثلة في أمر الرفض - أمام المحكمة المختصة، ويكلف الدائن إعلان المدين ومتابعة الإجراءات المترتبة على أمر الرفض، وبذلك تنقضي إجراءات أمر الأداء، ولا يبقى منها إلا عريضته بما رتبته من آثار، وهي التي يعلنها الدائن وتكون بمثابة صحيفة الدعوى ويترتب على إعلانها انعقاد الخصومة في أمر الرفض وإصدار الحكم فيه وفقا للمادة (204) من قانون المرافعات ، وإذا وقع الإعلان باطلا، أدى ذلك إلى عدم انعقاد الخصومة وبالتالى بطلان الحكم، ولا تثار مسألة بطلان أمر الأداء في الحالة التي يمتنع فيها القاضي عن إصدار الأمر، إذا ينحصر البطلان في الإجراءات التالية لأمر الرفض ومنها الحكم الذي يصدر فيه.

رابعاً: صدور أمر الأداء في غير الحالات المقررة لإصداره:

حدد المشرع الشروط الواجب توافرها لإصدار أمر الأداء باعتباره طريقا استثنائيا للمطالبة القضائية، بحيث إذا تخلفت إحداها على التفصيل الذي أوضحناه من قبل، وجب على القاضي أن يمتنع عن إصداره وأن يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة رجوعا إلى القاعدة العامة في المطالبة القضائية، فإن خالف ذلك وأصدر أمر الأداء، كان في ذلك مخالفة للتنظيم القضائي وتتعلق بالتالي بالنظام العام، ويشوب الأمر البطلان المطلق، ما يجوز معه الطعن في الأمر، بالتظلم أو بالإستئناف، والتمسك بالبطلان في أية حالة يكون عليها التظلم أو الإستئناف، إذ لا يسقط الحق فيه بعدم التمسك به في صحيفة الطعن، بإعتبار التمسك بالبطلان في هذه الحالة دفعاً شكلياً متعلقاً بالنظام العام لا يسقط الحق فيه بعدم التمسك به في صحيفة الطعن، فإن لم يطعن في أمر الأداء وحاز قوة الأمر المقضي برأ من كل الشوائب التي نالت من صحته وامتنع بالتالى الدفع ببطلانه عند الاحتجاج به أو رفع دعوى أصلية ببطلانه.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الخامس ، الصفحة : 260)

بيان المبلغ المطلوب دفعه يدخل ضمن مدلول عبارة وقائع الطلب ولا يغني عنه أن يرفق بالعريضة سند الدين علي اعتبار أنه يشتمل علي المبلغ المطلوب أداؤه.

2 - يوجب القانون على طالب أمر الأداء أن يعين في العريضة موطناً مختاراً لكي تعلن له فيه الأوراق المتعلقة بأمر الأداء كعريضة الطعن في الأمر ويفرق المشرع في تعيين الموطن المختار بين حالتين :

الأولي : أن يكون موطن طالب الأداء في دائرة إختصاص المحكمة ، وفي هذه الحالة يجوز لطالب الأمر أن يعين له موطناً مختاراً في دائرة إختصاص المحكمة سواء أكان في البلدة التي بها مقر المحكمة أم كان في بلدة أخرى في دائرة اختصاص المحكمة أما في الحالة الثانية وهي أن يكون موطن طالب الأمر خارج دائرة المحكمة المختصة ففي هذه الحالة يتعين على الدائن أن يتخذ له موطناً مختاراً في ذات البلدة التي بها مقر المحكمة فإذا لم يتخذ الدائن موطناً مختاراً في عريضة أمر الأداء فلا يترتب على ذلك أي بطلان إنما يترتب عليه الجزاء العام الذي رتبة القانون في المادة 12 مرافعات وهو جواز إعلان الأوراق التي كان يصح إعلانها في الموطن المختار في قلم كتاب المحكمة كصحيفة الطعن في أمر الأداء . المادة 206 مرافعات (الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 727 وما بعدها).

طبيعة أمر الأداء :

الرأي الراجح فقها وقضاء أن أمر الأداء حكم قضائي فاصل في خصومة بحيث إذا لم يتظلم فيه يصبح بعد فوات، مواعيد التظلم بمثابة حكم حضوري كما أنه إذا كانت قيمة الدعوى الصادر بها الأمر بالأداء لا تتجاوز النصاب النهائي للمحكمة الجزئية فإن أمر الأداء بعد فوات مواعيد التظلم يعتبر حكما نهائيا غير قابل للطعن ولا ينال من ذلك أن الأمر لا تحرر له أسباب لأن المشرع هو الذي رسم طريق استصدار أمر الأداء تبسيطا للإجراءات ولم يتطلب تحرير أسباب له. ( مقال الأستاذ فتحي عبد الصبور المنشور بالمجموعة الرسمية سنة 60 ص 1178 وما بعدها ونقض 1963/4/4 وسيرد في نهاية التعليق علي المادة).

ويترتب علي تكييف أمر الأداء بأنه حكم قضائي فاصل في خصومة قضائية . النتائج الأتية :

1- وجوب مراعاة القواعد التي رسمها القانون للإختصاص بالدعاوی والتوكيل في الخصومة.

2- حجية أمر الأداء بإعتباره حكماً قضائياً حاسماً للخصومة وما يتصل بذلك من أحكام النفاذ المعجل والإشكال في تنفيذه .

3- طرق الطعن وخضوعه للأحكام التي وضعها القانون القواعد الطعن في الأحكام.

4- فبالنسبة للنتيجة الأولي فإن الشارع أوجب صدور الأمر من قاضي محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المدين أو قاضي المحكمة الابتدائية بحسب قواعد الاختصاص العامة في التقاضي وذلك مالم يقبل المدين إختصاص محكمة أخرى محلياً بالفصل في النزاع أما الإختصاص القيمي والنوعي فلا جدال في أن يكون القاضي الذي أصدر الأمر مختصاً بالفصل في النزاع نوعياً وقيمياً وكذلك ولائياً ، ومما هو جدير بالذكر أن قانون المحاماة 17 لسنة 1983 قد ساوي طلبات الأداء بصحف الدعاوی حين نص في المادة 58 علي أنه لا يجوز تقديم طلبات الأداء إلى المحاكم الإبتدائية الجزئية إلا إذا كان موقعا عليها من أحد المحامين المشتغلين أمامها وذلك متى بلغت أو جاوزت قيمة أمر الأداء خمسين جنيها . ومخالفة حكم هذه المادة يؤدي إلي البطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام. ولا يكفي إتخاذ مكتب المحامي محلاً مختاراً في طلب أمر الأداء دون توقيع المحامي.

وبالنسبة للنتيجة الثانية فإنه بصدور أمر الأداء لا يملك القاضي الأمر بالرجوع فيه أو تعديله إنما وسيلة ذلك الطعن فيه وفقاً للقانون إلا أنه يجوز مع ذلك بعد توقيع الأمر إصلاح ما وقع فيه من أخطاء مادية أو كتابية أو حسابية كما يجوز تفسير ما وقع فيه من غموض أو إيهام وفقا للمادین 191 ، 192 مرافعات ومن ثم فلا سبيل للتخلص من أمر الأداء برفع دعوى بطلان أصلية وذلك مالم يكن معدوما غير أنه متى أصبح أمر الأداء انتهائيا فقد حاز قوة الأمر المقضي كالحكم القضائي وتأخذ المحكمة بهذه القرينة من تلقاء نفسها لتعلقها بالنظام العام.

وبالنسبة للنتيجة الثالثة سيرد شرحها عند التعليق علي المادة 206.

وقد رأي المشرع أن ميعاد ثلاثة أيام ميعاد كاف لتمكين القاضي من بحث الطلب وإصدار أمر بأداء الدين أو بامتناعه عن إصدار الأمر وتحديد جلسة النظر الموضوع لارتباط الأمرين أحدهما بالأخر إلا أنه لا يترتب على تجاوز القاضي الميعاد أي بطلان فهو من قبيل المواعيد التنظيمية وعلي هذا إجماع الشراح . (راجع فيما سبق بحث في أوامر الأداء للأستاذ فتحي عبد الصبور منشور بالمجموعة الرسمية سنة 60 ص 1186 والوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 727 وما بعدها).(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء: الرابع ، الصفحة : 974)

 شروط وبيانات عريضة أمر الأداء ومرفقاتها:

واضح من نص المادة 203 مرافعات . محل التعليق - أنه على طالب إصدار أمر الأداء ان يقوم هو أو وكيله بتقديم عريضة بطلبه، وتقدم العريضة مباشرة للقاضي المختص دون أن تعلن للمدين ودون أن يعلم ، ويشترط في العريضة الشروط الآتية:

الشرط الأول: أن تكون من نسختين متطابقتين يصدر على إحداهما لأمر وتسلم الأخرى وعليها صورة الأمر للدائن، وهو نفس الوضع الذي تقدم به العرائض لاستصدار سائر الأوامر على العرائض.

الشوط الثاني: أن تشتمل العريضة على البيانات الآتية:

أ) وقائع الطلب وأسانيده، وليس هذا البيان خاصا بأوامر الأداء فقد أوجب القانون اشتمال العرائض التي يتطلب بها إستمرار سائر الأوامر على العرائض على هذا البيان (مادة 194)، ونيل في فائدة هذا البيان إنه بمثابة الأسباب التي بني عليها الأمر الذي يصدر على العريضة نفسها.

ب) أسم المدين كاملاً ومحل إقامته، وفائدة هذا البيان تحديد المدين الذي يصدر عليه الأمر، ولذلك فإن مناط كتابة ما يذكر من هذا البيان نفي التجهيل بالمدين بمعنى أن يكون اسم المدين مقروناً بالبيانات الكافية من اللقب والمهنة أو الوظيفة وغيرها من البيانات التي تنفي الجهالة به.

أما محل الإقامة فالمقصود به الموطن قياساً على موطن المدعى عليه في صحيفة الدعوى، لنعلن للمدين في هذا الموطن العريضة وأمر الأداء بعد صدوره. (رمزی سیف - بند 564 - ص 730).

(جـ) أسم الدائن أو وكيله ومحل إقامته، لم ينص القانون على هذا البيان ضمن البيانات التي نص في الفقرة الثانية من المادة 203 - محل التعليق - على وجوب إشتمال العريضة عليها، ومع ذلك فإن هذا البيان ضروری، ويستفاد ذلك من نص الفقرة الأولى من نفس المادة على أن الأمر بالأداء بصدر بناء على عريضة من الدائن أو وكيله. ويجب بيان اسم الدائن كاملاً مما يقتضي ذكر الاسم واللقب والمهنة أو الوظيفة وغير ذلك من البيانات التي تحدد الدائن تحديداً ينفي الجهالة به.

كذلك يجب أن تشتمل العريضة على محل إقامة الدائن لمعرفة ما إذا كان يقيم في دائرة إختصاص المحكمة أو خارجها إذ يتوقف على ذلك صحة بيان الموطن المختار، فإن كان مقيماً في دائرة اختصاص المحكمة جاز أن يكون الموطن المختار في دائرة إختصاص المحكمة ولو لم يكن في مقر المحكمة، وإن كان مقيما خارجها رجب أن يكون الموطن المختار في البلدة التي بها مقر المحكمة إعمالاً للمادة 203/ 2 (محمد حامد فهمي، تنفيذ الأحكام بند 512، عبدالحميد الوشاحي، ص 62 - رمزی سیف ص730 و 731).

(د) بيان المطلوب أداؤه من أمل وفائدة ومصاريف، وقد إكتفى المشرع بالنص على ضرورة إشتمال العريضة على وقائع الطلب وأسانيده، وبيان المبلغ المطلوب دفعه بدخل ضمن مدلول عبارة وقائع الطلب. ويؤكد ذلك نص الفقرة الثالثة من المادة 203 على ضرورة اشتمال الأمر الذي يصدر بأداء الدين على بيان المبلغ الواجب أداؤه من أصل وفوائده أو ما أمر بادائه من منقول وكذا المصاريف، فإنه لايتاتي للقاضي أن يبين في الأمر بالأداء الصادر من المبلغ الواجب أداؤه أو ما أمر بأدائه من منقول إذا لم يبين طالب الأمر ذلك في العريضة التي بطلب بها إستصدار الأمر.

ولا يغني عن البيان المتقدم أن العريضة يرفق بها سند الدين على إعتبار أنه يشتمل على المطلوب أداؤه، فقد يكون المطلوب الأمر بادائه أقل مما هو ثابت في سند الدين، كما إذا كان الدين الثابت في السند قد إنقضى بعضه بالرفاء مثلاً. (رمزی سیف - م 721).

(هـ) تعيين موطن مختار للدائن، یوجب القانون بنص المادة 203/ 2 محل التعليق - على طالب أمر الأداء أن بعين في العريضة موطناً مختاراً لكي تعلن له في هذا الموطن المختار الأوراق المتعلقة بأمر الأداء كعريضة الطعن في الأمر. (مادة 206)، ويفرق بين حالتين :

الحالة الأولى: أن يكون موطن طالب الأمر بالأداء الأصلي في دائرة اختصاص المحكمة، وفي هذه الحالة يجوز لطالب الأمر أن يعين له موطناً مختاراً في دائرة إختصاص المحكمة سواء أكان في البلدة التي بها مقر المحكمة أم كان في بلدة أخرى في دائرة إختصاص المحكمة، وذلك حتى يتمكن الدائن من أن يتخذ موطنه الأصلي موطناً مختاراً وحتى لايكلف مشقة اتخاذ موطن مختار غير موطنه الأصلي في دائرة اختصاص المحكمة.

ويلاحظ أنه إذا كان الموطن الأصلي للدائن بقع في دائرة إختصاص المحكمة وإن صح عن هذا الموطن ولكنه لم يصرح باتخاذه موطناً مختاراً فقد ذهب البعض إلى أنه يعتبر مخلاً بإلتزامه ومن ثم يجوز إعلانه بكافة الأوراق بقلم الكتاب (الوشاحي ص 64 و 65) في حين ذهب البعض إلى أن تصريحه بموطنه الأصلي يعتبر بمثابة اتخاذه إياه موطناً مختاراً ومن ثم يجب إعلانه بجميع الأوراق في موطنه الأصلي (رمزی سیف، بند 601 ص 732 - أمينة النمر بند 65).

الحالة الثانية: أن يكون الموطن الأصلي لطالب الأمر خارج دائرة المحكمة المختصة. وفي هذه الحالة يتعين على الدائن أن يتخذ له موطناً مختاراً في ذات البلدة التي بها مقر الحكمة ولايكفي أن يكون في دائرة إختصاص المحكمة مادام في بلدة اخرى غير البلدة التي بها مقر المحكمة.

وإنما يكفي في الموطن المختار أن يكون في البلدة التي بها مقر المحكمة ولو كان هذا الوطن خارج دائرة إختصاص المحكمة، ويتصور ذلك في حالة الطلبات التي تقدم للقاضي الجزئي إذا كان في البلدة أكثر من محكمة جزئية واحدة كما في مدينة القاهرة، فيجوز للدائن الذي يوجد موطنه الأصلي في دائرة إحدى المحاكم الجزئية أن يتخذه موطناً مختاراً في عريضة يقدمها إلى قاضي محكمة جزئية أخرى في نفس المدينة، لأن هذه الأخيرة هي المختصة بإصدار الأمر لوقوع موطن المدين في دائرتها (عبدالحميد الوشاحى ص 66).

ومن البديهي ان عدم قيام الدائن باتخاذ موطن مختار في العريضة لا يترتب عليه أي بطلان، إنما يترتب عليه الجزاء العام الذي رتبة القانون على الإخلال بواجب اتخاذ الموطن المختار كلما أوجب القانون ذلك، ألا وهو جواز إعلان الأوراق التي كان يصلح إعلانها في الموطن المختار في قلم كتاب المحكمة عملاً بنص المادة 12 من قانون المرافعات كصحيفة الطعن في أمر الأداء مادة 206. (رمزی سیف - ص 734).

(و) توقيع العريضة من محام إن كانت مقدمة إلى المحكمة الإبتدائية أو كانت مقدمة إلى القاضي الجزئي بشأن حق تتجاوز قيمته خمسين جنيها إعمالاً للمادة 58 من قانون المحاماة، ويجب أن تكون العريضة موقعة من محام في الأحوال التي يلزم فيها ذلك طبقاً لقانون المحاماة وإلا كانت باطلة. (نقض 30/ 6/ 1975  - في الطعن 379 لسنة 40 قضائية).

ووفقاً للمادة 203 مرافعات - محل التعليق - يجب أن يرفق بالعريضة المرفقات التالية :

1- سند الدين، وحكمة إرفاته أن يبين القاضي توفر الشروط التي ينص عليها القانون لإقتضاء الدين طبقاً لنظام أوامر الأداء.

ويجب أن يبنی سند الدين في قلم الكتاب حتى يقتضى میعاد النظام في الأمر.

2- ما يثبت سبق حصول تكليف المدين ، فوفقاً للمادة 202 مرافعات التي سبق لنا التعليق عليها، يجب على الدائن قبل تقديم العريضة أن يكلف المدين الوفاء بميعاد خمسة أيام، ولذلك موجب القانون أن بهذه بالعريضة ما يثبت حصول التكليف حتى يستوثق القاضي المقدم من حصول هذا الإجراء الجوهري.

3- المستندات المؤيدة للعريضة، كذلك يجب على الدائن إن برفق بالعريضة ما يكون لدى الدائن من مستندات أخرى مؤيدة لطلبه الدين كالأمر الصادر بتوقيع الحجز التحفظي على منقولات الدين ومحضر الحجز إذا كان الدائن قد أوقع حجزاً تحفظياً بل طلب إستصدار الأمر بالأداء، لأن الأمر المطلوب صدوره في هذه الحالة يكون أمراً بالأداء وبصحة الحجز التحفظي ما يقتضي أن يكون تحت نظر القاضي عند إصداره الأمر بالأداء وبصحة الحجز الأمر بتوقيع الحجز ومحضر الحجز (رمزي سيف - بند 566 ص 736).

4 - ما يدل على أداء الرسم المستحق، إعمالاً للمادة 208 مرافعات التي . تنص على أنه لا يقبل من الدائن طلب الأمر بالأداء إلا إذا كانت عريضته مصحوبة بما يدل على أداء الرسم كاملاً.

على أنه في أحوال الحجز المنصوص عليها في الفترة الأولى من المادة 210 يحصل من الدائن ريع الرسم عند طلب توقيع الحجز والباقي عند  طلب الأمر بالأداء.

أثار تقديم عريضة طلب الأداء:

ويلاحظ أن عريضة أمر الأداء لاتعلن إلى المدين كما سبق أن ذكرناه لأن الأمر يصدر بغير مواجهة، ولكن رغم عدم وجود مواجهة، من المقرر أنه يجب توافر الأهلية الإجرائية عند تقديم الطلب ليس فقط في الدائن بل أيضاً فيمن يطلب صدوره ضده، ولهذا يكون باطلاً الأمر الذي يصدر ضد قاصر، كذلك الأمر الذي يطلب قاصر صدوره (فتحی والی - ص 869).

ويخضع بطلان العريضة لقواعد النظرية العامة للبطلان، ويترتب على تقديم طلب أمر الأداء جميع الآثار التي تترتب على المطالبة القضائية سواء من ناحية الآثار الإجرائية أو الآثار الموضوعية. ذلك أن تقديم طلب أمر أداء يعتبر مطالبة قضائية بالمعنى الصحيح وإن تمت بإجراءات خاصة. افتحي والي - الإشارة السابقة).

فيترتب على تقديم الطلب قطع القادم. (نقض تجارى 28/ 12/ 1981 في الطعن رقم 977 لسنة 50 ق). ويذهب البعض إلى عدم تطبيق ما تنص عليه المادة 383 مدني من أن المطالبة القضائية تقطع القادم ولو قدمت إلى محكمة غير مختصة على طلب أمر اداء، وذلك إستناداً إلى أن قاضی الأداء غير المختص لا يحيل الدعوى بعد الحكم بعد الإختصاص إلى المحكمة المختصة خلافاً للمحكمة التي ترفع إليها الدعوى بالإجراءات العادية وأن شرط الاختصاص بالنسبة لقاضي الأداء هو شرط شكلي ولهذا فإن : العريضة التي تقدم إلى قاضي غير مختص تكون باطلة لعيب شكلي ( أمينة النمر: بند 74 ص 137 وما بعدها، وتشير إلى مقالة فتحی عبد الصبور). بينما يذهب رأي آخر إلى أن تقديم طلب بأمر أداء هو مطالبة قضائية بالمعنى الصحيح وتترتب عليه آثار هذه المطالبة، ونص المادة 383 مدنی نص عام يسري على المطالبة أيا كانت إجراءات تقسيمها أو نظرها. ومن ناحية أخرى، فلا علاقة بين حكم المادة 383 مدنی وقيام المحكمة غير المختصة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، وأية ذلك أن نص المادة 383 كان موجودا عندما لم تكن هناك إحالة. وأخيرا، فمن الخطأ الخلط بين مقتضيات صحة العمل وبين اختصاص المحكمة بالدعری، فیننضبان صحة العمل تتعلق بالمطالبة كمل إجرائي، أما الاختصاص فإنه يتعلق بسلطة المحكمة في العمل في الدعوى. (فتحی والی - ص 869 هامش 2).

إذن الخصومة في أمر الأداء تعتبر قائمة أمام القضاء فترتب عليها الآثار التي ترتب على المطالبة القضائية من يوم تقديم العريضة، لأن هذا الإجراء هو الذي يتم به تقديم الطلب للقضاء على النحو الذي رسمه القانون والذي يصدر القاضي قراره في الخصومة القائمة أمامه بناء عليه. ولو أن هذا الإجراء لا يتصل علم المدين به لأنه ليس من طبيعة ذلك، ولأن المشرع لم يشأ أن يعلق قيام الخصومة في أمر الاداء وصدور الحكم فيها على علم المدين بقيامها بل قصد أن يتم ذلك بغير علمه. وتعتبر الخصومة قائمة من وقت تقديم العريضة سواء صدور الأمر بالأداء أو الإمتناع عنه وتحديد جلسة يعلن بها الخصم الأخر، فإن مارد الأمر بالأداء أو الإمتناع عنه وتحديد جلسة وتكليف الطالب بإعلان خصه بها می من إجراءات نظر الدعوى والفصل فيها، أما المطالبة القضائية فقد تقدمت قبل ذلك بتقديم العريضة . ومقتضى هذا أن الآثار التي تترتب على المطالبة القضائية تترتب في أمر الأداء من تقديم العريضة للقاضي.

وفي ذلك ناقل عريضة أمر الأداء صحيفة الدعوى العادية إن تنص المادة 63 مرافعات على أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، وهو إجراء لا يتصل بعلم الدين، وعلى هذا الإجراء تترتب جميع الآثار التي تترتب على رفع الدعوى. (رمزي سيف - بند 571 ص 751 وص 752 ).

إصدار الأمر على إحدى نسختي العريضة خلال ثلاثة أيام من تقديمها وبتقديم العريضة المتضمنة طلب أمر الأداء فإنه يجب على القاضي وفقاً للفترة الأخيرة من المادة 202 مرافعات - محل التعليق - أن يصدر الأمر على إحدى نسختي العريضة خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تقديمها وأن يبين المبلغ الواجب أداؤه من أصل وفوائد أو ما أمر بادائه من منقول حسب الأحوال، وكذا المصاريف.

وميعاد الثلاثة أيام المقرر في الفترة الأخيرة من المادة ميعاد تنظیمی لاتؤثر مخالفته على صحة الأمر (رمزی سیف، بند 605 و الوشاحي، بند 61 - محمد حامد فهمي ومحمد عبدالله، أحكام التنفيذ بند 512 - كمال عبدالعزيز، ص 389).

ويتقيد القاضي بالميعاد المنصوص عليه في المادة أياً كان قراره، وأن كان لايترتب البطلان على مخالفة الميعاد كما ذكرنا.

طبيعة أمر الأداء وإتجاه محكمة النقض في أنه عمل قضائي له ما للأحكام من قوة أثارت طبيعة أمر الأداء جدلاً شديداً ويمكن حصر الآراء في هذا الصدد في ثلاثة اتجاهات:

الإتجاه الأول : وهو إتجاه محكمة النقض:

أوامر الأداء ذات طبيعة قضائية ولها ما للأحكام من قوة ويرى أنصار هذا الاتجاه أن هذه الأوامر تعتبر أعمالا قضائية، (من أنصار هذا الاتجاه عبد الباسط جمیعی - مباديء المرافعات - ص 286- 287، رمزی سيف - بند 535 ص 742 وما بعدها - أمينة النمر - أوامر الاداء بند 12 - ص 44 وما بعدها به فتحی والی - مبادئ قانون القضاء المدني - بند 403 - ص 702، كمال عبد العزيز - ص 382 -  384 - 385، وجدي راغب - النظرية العامة للعمل القضائي - ص 121، أخذت بهذا الاتجاه محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر في 4/ 4/ 1963 - السنة 14 - ص 475، وأيضا في حكمها الصادر في 11/ 2/ 1974 - السنة 25 - ص 327). إذ أمر الأداء يتضمن قضاء قطعياً بإلزام المدين بدفع الدين، فهو يتضمن قضاء فاصلاً في خصومة رفعت إلى القضاء بطريق مخصوص نص عليه القانون يخالف الطريق العادي لرفع سائر الدعاوى، فإجراءات إستصدار أمر الأداء هي إجراءات خاصة لرفع الدعوى بالنسبة لنوع معين من الطلبات، وهذه الإجراءات الخاصة لاتؤثر في وصف أمر الأداء بأنه حكم قطعی (رمزى سيف - بند 535 - ص 742 وص 743).

وهذه الأوامر طبقا لهذا الاتجاه لاتستند إلى سلطة القاضي الولائية، بل إلى سلطة القضائية، لأنها لا تقرر إجراء وقتياً أو تحفظياً ، وإنما تتضمن إثبات الحق لأحد الخصمين وإلزام الأخر بادائه، فهي تحسم الخصومة وتتناول موضوع الحق وتشتمل على عنصري الحكم القضائي وهما التقرير والإلزام (عبدالباسط الجميعی - ص 287).

ووفقاً لهذا الاتجاه فإن أمر الأداء عمل قضائي له كل مقومات العمل القضائي ورتب نفس آثاره، فهو يحوز حجية الأمر المقضي ويحوز القوة التنفيذية تماماً كالحكم القضائي الذي يصدر في دعوى إلزام (فتحى واللى - بند 403 - ص 702)، وبصفة عامة يخضع أمر الأداء للقواعد التي يخضع لها العمل القضائي (كمال عبد العزيز - ص 384).

ويؤكد البعض من أنصار هذا الاتجاه الطبيعة القضائية لأوامر الأداء استنادا إلى الأسباب الآتية:

1- أن المشرع المصري كان صريحاً وواضحاً في بيان إشتمال أمر أداء على قضاء قطعی ملزم في المذكرة التفسيرية للقانون رقم (100) لسنة 1962.

2- نص المشرع المصري في المادة 201 مرافعات، بعبارة صريحة على أنه إستثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى إبتداء وهذا يبين بوضوح ويؤكد أن طلب أمر الأداء بالطريق الذي حدده المشرع هو وسيلة خاصة للالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحق كان المفروض أن يتم بطريق الدعوى - وهي الطريق العادي للمطالبات القضائية - لولا نص المشرع على هذه الإجراءات الإستثنائية، يؤكد هذا أن المذكرة التفسيرية للقانون رقم (100) لسنة 1962 ذكرت أما بالنسبة لأوامر الاداء فقد أوضح الشرع أن إستصدار الأمر بأداء الدين الثابت بالكتابة لا يكون طريقاً إلزامياً إلا عندما بقصد رفع الدعوى إبتداءً ، أما عند المطالبة به أثناء دعوی قائمة فمن الجائز أن يكون ذلك في صورة طلب عارض، وطبيعي أن المطالبة بالدين الثابت بالكتابة لا تختلف طبيعتها سواء قدمت في صورة طلب عارض او في مطالبة أصلية وإن إختلفت وسيلة مباشرتها.

3- كان المشرع المصري ينص في المادة (857) معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على أنه «... ويترتب على تقديم العريضة قطع التقادم...»، وأكد هذا في المذكرة التفسيرية للقانون المتقدم بقوله «كما نص المشرع في المادة 857 على أنه يترتب على تقديم عريضة طلب الأداء مصحوبة بما يدل على أداء الرسم قطع التقادم...، ولما كان إنقطاع التقادم لا یترتب كقاعدة وفقاً لنص المادة (383) مدني مصري إلا من وقت المطالبة القضائية فإن تقرير هذا الأثر يفيد في الدلالة على إرادة المشرع إعتبار تقديم عريضة الأداء بديلاً لرفع الدعوى.

4- تماشي المشرع المصرى مع إعتبار أمر الأداء مطالبة قضائية يفصل فيها القاضي المختص بقضاء قطعی ملزم، فاستلزم أداء الرسم كاملاً واشترط لقبول عريضة لأمر بالأداء أن يرفق بها الدائن ما يدل على أداء هذا الرسم (مادة 208/ 1).

5- تطلب المشرع المصرى توقيع محام على عريضة الأمر بالاداء إذا كانت مقدمة للمحاكم الإبتدائية وأن يكون من المقررين أمامها، وكذلك الحال إذا كانت مقدمة إلى المحاكم الجزئية متي بلغت أو جاوزت قيمة أمر الأداء .. الخمسين جنيهاً المادة (87) من قانون المحاماة السابق رقم (61) لسنة 1968، وهو ما نص عليه قانون المحاماة الحالي أيضاً. وهذا التوقيع يتطلبه القانون عادة في صحف الدعاوى والطعون، مما يؤكد أن طلب الأمر بالأداء طريق خاص من طرق رفع الدعوى والالتجاء إلى القضاء .

6- يشترط لإمكان تنفيذ أمر الأداء أن يذكر القاضي صراحة جواز تنفيذ الأمر معجلاً، أو أن يكون صادراً في مسالة يكون النفاذ المسجل فيها واجباً بقوة القانون، أو أن يكون الأمر جائز التنفيذ بحسب القواعد العامة نقد نص المشرع في المادة (209) على سريان الأحكام الخاصة بالنفاذ المعجل حسب الأحوال، نظراً للتشابه القائم بين مضمون أوامر الأداء والأحكام، فكل منهما يقرر لأحد الخصوم في مواجهة الأخر مما يقتضي تقييد تنفيذ السند، وهذا الحكم يخالف القاعدة المقررة في الأوامر على العرائض التي لا تضمن إلا إجراء وقتياً تحفظياً (أمينة النمر - بند 12 ص 44 - ص 46).

إذن وفقاً لهذا الإتجاه فإن أوامر الأداء تعتبر ذات طبيعة قضائية، أو بالأحرى في أعمال قضائية.

الإتجاه الثاني: أوامر الأداء ذات طبيعة ولائية:

يضفي البعض على أوامر الاداء طبيعة ولائية (أحمد أبو الوفا ۔ إجراءات التنفيذ - الطبعة السادسة - سنة 1976 - ص 183 وما بعدها، محمد عبد الخالق عمر- قانون المرافعات - سنة 1978 - ص 74 وص 75) فالقاضي المختص بإصدار الأمر بالأداء إنما يباشر وظيفة ولائية وهر بصدر أمراً لا حكماً ، ومن ثم لا يلزم أن يتوافر في الأمر بيانات الحكم.

ويؤكد البعض من أنصار هذا الإتجاه أن المشرع بمنع القاضي المختص بإصدار أوامر الأداء وظيفة ولائية بحتة، وذلك للأسباب الآتية:

1- إن المشرع نص على وجوب إستصدار الأمر بالأداء بدلاً من عرض النزاع على المحكية إبتداء وتعطيل نظر القضايا الأخرى، ومعنى هذا أن المشرع قصد التيسير على الحاكم، فبدلاً من أن تقوم بوظيفة أوجب أن تباشر أولا وظيفة ولائية وتصدر أمراً بدلاً من إصدار حكم، وقد بفنی کل هذا عن موالاة وظيفتها القضائية لتوفير الوقت والجهد.

2- إن المشرع المصري يوجب على القاضي إصدار أمر لا حكم، فهو يقول في المادة (203): «... ويجب أن يصدر الأمر وهو يقول في المادة (204): إذا رأى القاضى ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته كان عليه أن يمتنع من إصدار الأمر، وهذا يتضح بجلاء أيضاً في المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات.

وإذا كانت إرادة المشرع ترمي إلى إلزام القاضي المختص بإصدار حكم النص على ذلك صراحة في نصوصه المختلفة، وبعبارة أخرى، لم يكن هناك ما يمنع المشرع من النص على إلزام القاضي بإصدار حكم، وإنما هو أوجب عليه إصدار أمر، وفارق كبير بين إصدار أمر وإصدار حكم، والأمر معناه أمر على عريضة، أي أمر يصدر بما للقاضي من سلطة ولائية.

وهذا ما عنيت إرادة المشرع بإيضاحه في المذكرة التفسيرية للقانون، ورائد المشرع في ذلك هو تبسيط الإجراءات وتيسيرها وتخفيف عمل القاضي في الحالات المقررة في المادة (201)، وتفادي حالات البطلان في التشريع، فإذا تطلب المشرع من القاضي إصدار حكم كما يصدر الأحكام بالمعنى الحقيقي للكلمة يكون قد أهدر بید ما منحه باليد الأخرى .

فالمشرع خالف القواعد العامة من حيث رفع الطلب فهو يرفع بإتخاذ إجراءات ولائية بحتة. ومن حيث نظره فهو ينظر كأی طلب يتقدم على عريضة، ومن حيث صدور القرار في الطلب فهو أيضاً كأمر يصدر على عريضة.

3- يؤكد كل ذلك أن المشرع المصري يمنع القاضي من موالاة وظيفته القضائية عند إصدار الأمر، فهن يقول في المادة (204): «إذا رأى القاضى أو رئيس الدائرة المختصة ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته كان عليه أن يمتنع عن إصدار الأمر فالقاضي لا يصدر الأمر الولائي إلا إذا أجاب به كل مطلوب الخصم، فإذا تطلب الأمر فصلا في خصومة وتقديراً لها وجب عليه أن يمتنع عن موالاة وظيفته الولائية حتى لا يخرج عن حدودها، وحتى لا يباشر وظيفة قضائية في حالة هو ممنوع عن مباشرتها، لأنه ليس بصدد خصومة قضائية، كإحالة أمر على التحقيق لإثباته بشهادة الشهود.

وكل ما تقدم لا يمنع القاضي من موالاة وظيفته الولائية في الحدود المقررة له في التشريع، فعليه أن يطبق القانون من تلقاء نفسه فيرفض إصدار الأمر إذا لم يحترم القانون، كما إذا لم يوقع على عريضته محام وفق ما نص عليه قانون المحاماة، أو كما إذا كان القاضي غير مختص إختصاصاً متعلقاً بوظيفة الجهة التابع هو لها، أو كما إذا كانت العريضة تجهل المدين، أو لم يوفق سند الدين الموقع عليه من المدين.

4- يؤكد كل ما تقدم أيضاً أن إجراءات إستصدار الأمر تتم بمرافعة، وفي غفلة من الخصم الآخر، كذلك فإن الأمر لا يلزم أن تتوافر فيه إلا البيانات التي أوجبها المشرع صراحة في المادة (203)، ولذلك فإن كل إتجاه في الرأي يرمي إلى فرض صفة الحكم على الأمر قبل صدوره يكون قد خالف صريح المادة (203) من قانون المرافعات المصري.

ولكن إذا صدر أمر الأداء فإن المشرع يعتبره بقوة القانون بمثابة حكم ويعد فاصلاً بقضاء قطعی ملزم في مطالبة بحق، ويكون له آثار الحكم القطعي من ناحية حجيته وحسمه للنزاع، ومن ناحية قابليته للتنفيذ (أحمد أبو الوفا - إجراءات التنفيذ ص 184- 189).

ورغم ذلك فإن أمر الأداء ليس بحكم، فهو مجرد أمر ولائي وأن إرادة المشرع تمنحه أثار الحكم، ولذلك فإنه ليست له بيانات الحكم، ولا يصدر في جلسة علنية، ولا يطعن فيه بطرق الطعن المقررة بالنسبة إلى الأحكام، وهو يقبل الإستئناف المباشر بنص خاص، وإنما لا يقبل النقض المباشر أو إلتماس إعادة النظر، كذلك لا يتصور أن يطلب تفسيره أو تصحيحه على ما هو متبع بالنسبة للأحكام (أحمد أبو الوفا - إجراءات التنفيذ - ص 189).

الإتجاه الثالث: أوامر الأداء ذات طبيعة مزدوجة:

يرى البعض أن أمر الاداء ذو طبيعة مزدوجة (أحمد مسلم - أصول المرافعات - سنة 1971 - بند 614 - ص 665)، فهو أمر صادر على عريضة، وذلك هو الواقع الملموس، ولكنه ليس صادرا من قاضي الأمور الوقتية، وليس صادراً في مسألة ولائية، وإنما هو صادر من القاضي المختص في مطالبة قضائية، ولذلك رغم كونه شكل أمراً على عريضة، إلا أنه موضوع «أشبه بحكم غیابی»، ومن ثم فهو ذو طبيعة مزدوجة.

ولقد كان المشرع المصري بمرح في النصوص السابقة لأوامر الأداء بأنه يعتبر بمثابة حكم غيابي المادة (853) قبل تعديلها، ولكنه عندما عدل هذه النصوص بالقانون رقم (100) لسنة 1962 حذف هذا التشبيه الصريح من المادة المذكورة، دون أن تبرر المذكرة الإيضاحية للمادة الجديدة هذا الحذف، إكتفاء بتقريره، ولكنها في موضع آخر صرحت أن مشروع التعديل عنى بأن يبرز بجلاء صفة الأمر بإعتباره أمراً وليس حكماً وإحتفاظه بهذه الصفة حتى صدوره . هذا على الرغم من أنه يشتمل على قضاء قطعی ملزم، وبذا يتعين الاعتداد بهذه الصفة عند إصداره سواء من ناحية بيانات الأمر أو من ناحية إجراءات إستصداره بل لقد عمد المشرع إلى تسمية الطعن الأول في الأمر تظلماً بعد أن كان يسمى معارضة.

وكل ذلك لا يدحض الطبيبة المزدوجة لأمر الأداء، ولا ينفي عنه كل تشبيه بالحكم أو يضفي عليه كل سمات الأمر، ذلك لأن البحث في طبيعة أمر الأداء بحث فقهي أصلاً ليس للمشرع أن يقحم نفسه عليه، وهذا هو ما يفسر به حذف التصريح بإعتبار أمر الأداء بمثابة حكم غيابي، إكتفاء بتقرير الأحكام الخاصة به دون تكييف.

وبالنسبة لعبارة المذكرة الإيضاحية في إبراز صفة الأمر كأمر ونفى صفة الحكم عنه فهي تتناقض مع قولها «على الرغم من أنه يشتمل على قضاء قطعی ملزم»، وتتناقض مع قابلية الأمر للإستئناف، بل ولسائر طرق الطعن، بل إن محاولة المباعدة بين الأمر في موضوعه وبين الحكم الغيابي بتسمية الطعن الأول فيه تظلماً بدلاً من معارضة من محاولة ساذجة، لأن المشرع قرر لهذا التظلم كل أحكام المعارضة تقريباً.

فأمر الأداء من حيث الشكل، هو أمر على عريضة، وتبرز صفته كأمر على عريضة في إصداره وفی تحریره، فهو يصدر «على إحدى نسختي العريضة»، ويأخذ صيغة الأمر، فلا يلزم لإصداره ما يلزم لإصدار الأحكام من نطق به في جلسة علنية، ولا يلزم تحريره كما تحرر الأحكام من أسباب ومنطوق، ومن بيانات خاصة، وغير ذلك من شكليات الأحكام احمد مسلم - بند 614 ص 666).

أما من حيث الموضوع، فإن أمر الأراء هو قضاء قطعی ملزم، وهو يشبه الحكم الغيابي، ويتجلى شبهه بالحكم الغيابي فيما قرره المشرع بشان إعلانه، والطعن فيه وتنفيذه، وهو شبه قوى ولكنه لا يعني المماثلة التامة، وذلك لاختلاف ظروف إصدار أمر الأداء من بعض النواحي عن ظروف إصدار الحكم الغيابي (أحمد مسلم - بند 614 ص 666).

إذن وفقاً لهذا الاتجاه فإن أمر الأداء ذو طبيعة مزدوجة، فهو من حيث الشكل أمر على عريضة، ومن حيث الموضوع يشبه الحكم الغيابي شبها قويا.

ونعتقد أن هذا الاتجاه الأخير هو الاتجاه الجدير بالتأبيد، فإذا حاولنا أن نسلك ذات المسلك الذي اتبعناه في تمييز الأعمال الولائية (راجع في ذلك بالتفصيل: مؤلفنا أعمال القضاة) وفحصنا مادة امر الاداء وشكله، فإننا نجد أمر الأداء من الناحية المادية يتضمن عنصري التقرير والقرار الإلزام، فهو يتضمن إثبات الحق لأحد الخصمين وإلزام الآخر بادائه (عبد الباسط جمیعی - ص 278)، فهو يقرر الحق للدائن ويلزم المدين بادائه، ولذلك فإن مادة أمر الأداء هي نفسها مادة العمل القضائي التي تحتوي على عنصري التقرير والإلزام، وتختلف مادة أمر الأداء عن مادة العمل الولائي، إذ هذه الأخيرة لا تتضمن سوی عنصر وحيد هو عنصر الإلزام.

أما من الناحية الشكلية فإن أمر الأداء يتبع في إصداره إجراءات مختصرة ولذلك فإن شكل أمر الأداء هو نفس شكل العمل الولائي الذي ينبع في إصداره دائما إجراءات مختصرة، وإجراءات إصدار أمر الأداء لا تماثل مطلقا إجراءات إصدار العمل القضائي ولا تتطابق معها، بل هي تشبه إجراءات إصدار العمل الولائي، ولذلك فإن أمر الأداء هو عمل ولائي من الناحية الشكلية.

ومن ثم فإن الأمر الأداء طبيعته الخاصة، وهذه الطبيعية الخاصة تعتبر مزيجا من الطبيعة القضائية والطبيعة الولائية، ولاشك في أن هذه الطبيعة الخاصية تنعكس انعكاسا كاملا على النظام القانوني لأوامر الأداء، ذلك النظام الذي لا يتطابق تماما مع النظام القانوني للأعمال الولائية، ولا يتطابق أيضا مع النظام القانوني للأعمال القضائية، بل هو مزيج من النظامين، فنجد بعض النصوص التشريعية المنظمة لأوامر الأداء نشبه تماما النصوص التشريعية المنظمة للأوامر على العرائض، ونجد أيضاً بعض النصوص التشريعية المنظمة لأوامر الأداء تشبه تماما النصوص التشريعية المنظمة للأحكام القضائية، وكل ذلك يرجع إلى الطبيعة المزدوجة التي يتمتع بها أمر الأداء .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الرابع  ، الصفحة : 95 )