تعدد الطعون :
قد تتعدد الطعون المرفوعة عن نفس الحكم رغم عدم تعدد الخصوم أي رغم أن الخصومة تقوم بين مدع واحد ومدعى عليه واحد ويظهر هذا التعدد في صورتين :
(أ) تعدد طرق مختلفة للطعن :
تنظم هذه المشكلة القاعدتان التاليتان :
1- لا يقوم الإستئناف مع النقض أو إلتماس إعادة النظر .
2- يمكن أن يقوم النقض مع إلتماس إعادة النظر .
ب) تعدد الطعون من نفس النوع :
لا يوجد ما يمنع الطاعن بطريق معين من أن يرفع طعنا أخر من نفس النوع عن نفس الحكم ليستدرك ما فاته من أسباب الطعن طالما أن ميعاد الطعن ما زال ممتداً ولم يفصل في موضوع الطعن الأول . وتقرر المحكمة عندئذ ضم الطعنين لنظرهما معاً .
ومن ناحية أخرى فإنه يمكن أن يتعدد نفس طريق الطعن من الخصمين ، إذا صدر الحكم، وكان لكل من الطرفين الحق في الطعن فيه . على أنه توحيداً للإجراءات يجوز أن يتم رفع الطعن التالي في نفس خصومة الطعن التي بدأها الأول . وعندئذ يسمى أول طعن يرفع بالطعن الأصلي ، وبه تبدأ خصومة الطعن . فإذا أراد من قدم ضده الطعن الأصلي أن يطعن بإجراءات في نفس خصومة الطعن الأصلي ، فإن الطعن الذي يرفعه يعتبر طعنا مقابلا.
تعدد الخصوم - نسبية أثر الطعن :
إذا تعدد المحكوم لهم أو المحكوم عليهم ، فإن القاعدة العامة هي أنه يمكن الطعن من بعض المحكوم عليهم أو ضد بعض المحكوم لهم ، دون حاجة لإدخال الآخرين . فوفقاً للمادة 218/1 مرافعات «فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه». فمن لم يطعن من المحكوم عليهم في الميعاد يصبح الحكم في مواجهته غير قابل للطعن ولا يكون طرفاً في خصومة الطعن ، وليس له الإنضمام إلى الطعن بعد الميعاد، ولا يستفيد إذا عدل الحكم في خصومة الطعن . ومن لم يوجه إليه الطعن من المحكوم لهم ، لا يعتبر طرفا في خصومة الطعن ولا يجوز إدخاله فيها بعد انقضاء ميعاد الطعن . وإذا ألغى الحكم المطعون فيه فإن له رغم هذا الإلغاء التمسك بهذا الحكم ، إذ الحكم الصادر في الطعن لا يكون حجة في مواجهته . وهذه هي قاعدة نسبية أثر الطعن . ونتيجة لهذه القاعدة ، فإنه إذا بطل رفع الطعن الموجه من أحد الخصوم أو الموجه إلى أحد الخصوم ، فإنه يبطل بالنسبة له وحده ولا يؤثر في صحة رفع الطعن من أو ضد غيره من الخصوم . ذلك أن خصومة الطعن تستقيم بالنسبة للبعض دون البعض الآخر .
إستثناءات :
على أن هذه القاعدة تؤدي على إطلاقها إلى حلول لا يمكن قبولها ، لهذا يقرر القانون الخروج عليها بالنسبة لبعض الأحكام . وهو ما قننته المادة 218/ 2 و 3 مرافعات بنصها «على أنه إذا كان الحكم صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فان لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن بإختصامه في الطعن وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب إختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم .
كذلك يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها . وإذا رفع الطعن على أيهما جاز إختصام الآخر فيه». ووفقاً لهذا النص ، تنقسم الأحكام من حيث مدى خروج الطعن فيها على قاعدة نسبية أثر الطعن إلى طائفتين :
الطائفة الأولى : وتشمل الأحكام التالية :
(أ) الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة : ويكون الموضوع غير قابل للتجزئة بالنسبة لأحكام الإلزام إذا كان محل الإلتزام غیر قابل للانقسام وفقا للمادة 300 مدني) بحيث إذا صدر بشأنه حكما إلزام متعارضان إستحال بصفة مطلقة تنفيذهما في نفس الوقت . كما يكون الموضوع غير قابل للتجزئة بالنسبة للأحكام التقريرية والأحكام المنشئة التي يتعلق محلها برابطة قانونية واحدة متعددة الأطراف ، أو برابطة قانونية بين طرفين ولكن الدعوى بشأنها مرفوعة من الغير . ومثال هذه الأحكام الحكم بإلزام المؤجر بتمكين المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة أو الحكم الصادر بتصفية شركة أو حل نقابة ، أو الحكم بتثبيت ملكية منزل، أو بصحة أو بطلان حكم إيقاع البيع أو صورية عقد بيع أو بطلانه أو صحته ونفاذه، أو الحكم في طلب فرض الحراسة القضائية على تركة مورث أطراف الدعوى وتعيين حارس لإدارتها.
وتقيس محكمة النقض على حالة عدم التجزئة حالة ما إذا كانت المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر .
(ب) الأحكام الصادرة في دعوى يوجب فيها القانون إختصام أشخاص معينين . كما هو الحال في دعوى الشفعة أو دعوی قسمة المال الشائع أو دعوى صحة ونفاذ عقد البيع إذا كان البائع لم يسجل عقد شرائه إذ يجب إختصام البائع والبائع للبائع، وقد قدمنا أن الأمر هنا يتعلق بتعدد إجباري .
ج) الأحكام الصادرة في التزام بالتضامن : ويكون الأمر كذلك ولو كان محل الإلتزام قابلاً للإنقسام . ويقتصر الأمر على حالة التضامن بين المدينين ، دون التضامن بين الدائنين . ومن ناحية أخرى فإنه حتى بالنسبة التضامن بين المدينين لا ينطبق النص إلا على من كان منهم مختصماً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه .
وتتوافر هذه الحالات الثلاث إذا تعدد الخصوم، ولو حدث تعددهم بعد بدء الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه ، سواء بسبب خلافة عامة عند تعدد الورثة أو بسبب التدخل في الخصومة.
القواعد الخاصة بهذه الحالات :
وفي هذه الحالات الثلاث ، حرص القانون على تفادي صدور حكم في الطعن يتعارض مع الحكم المطعون فيه ، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذا في مواجهة جميع الخصوم . ولتحقيق هذا الهدف وضع المشرع تنظيماً. ضمنه نص المادة 218/ 2 مرافعات يرمي إلى توحيد القضاء في الخصومة الواحدة . وهو تنظيم يتضمن قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها ، وتلتزم المحكمة بأعمالها. وهذه القواعد تختلف بحسب ما إذا كان التعدد في المحكوم عليهم أو في المحكوم لهم ، وهي :
1- عند تعدد المحكوم عليهم : إذا تعدد المحكوم عليهم ورفع بعضهم طعنة صحيحة في الميعاد ، فإن للمحكوم عليهم الآخرين الذين فوتوا ميعاد الطعن ، أو قبلوا الحكم ، الطعن في الحكم ولو بعد الميعاد . ويكون لهم هذا سواء بطعن جديد أو بالتدخل إنضماماً إلى الطعن القائم . ويثبت هذا الحق للمحكوم عليه الأخر ولو كان قد طعن وترك الخصومة في الطعن أو كان قد قضى ببطلان طعنه أو بعدم قبوله . على أنه يجب أن يستند الطعن الجديد إلى نفس أسباب الطعن المرفوع في الميعاد ، فليس لرافع الطعن أو المنضم بعد الميعاد أن يطلب لنفسه طلبات مستقلة تغاير طلبات الطاعن في الميعاد أو تزيد عليها . فان لم يقم أحد من هؤلاء بإستعمال الرخصة المخولة له بالطعن بعد الميعاد ، أمرت المحكمة الطاعن بإختصامه في الطعن ، فإن لم يفعل قضت المحكمة - ولو من تلقاء نفسها – بعدم قبول الطعن.
2- عند تعدد المحكوم لهم : إذا تعدد المحكوم لهم ، ورفع الطعن على بعضهم صحيحاً في الميعاد ، وجب على الطاعن إختصام باقي المحكوم لهم في الطعن ولو بعد الميعاد ، فإن لم يفعل قضت المحكمة - ولو من تلقاء ها نفسها – بعدم قبول الطعن.
3- وفضلاً عما تقرره المادة 218/2 فى هذا الشأن ، فلأن المشرع يجعل الخصومة في الطعن في الحالات المستثناة التي يشير إليها نص المادة 218 متعددة الأطراف تعدداً إجبارياً ، وبعبارة أخرى يجعل قضية الطعن غير قابلة للتجزئة ، فقد ذهبت محكمة النقض – بحق - إلى أنه إذا كان رفع الطعن من بعض الطاعنين أو على بعض المطعون عليهم باطلاً ، فإن الطعن يبطل بالنسبة للجميع ويكون الأمر كذلك ولو رفع الطعن الباطل في الميعاد ولا خلاف حول هذا إذا كان الطعن الباطل المرفوع من أحد المحكوم عليهم هو الطعن الأصلي الذي رفع في الميعاد ، فإن الطعون الأخرى التي تمت وفقاً للمادة 218/2 إذ هي معتمدة على الطعن الأصلي تبطل بالتبعية . أما إذا كان الطعن الأصلى صحيحاً ، وأحد الطعون الأخرى باطلة فإن بطلانه لا يؤثر في الطعن الأصلي الذي تم صحيحاً ، وإنما يكون لرافع الطعن اللاحق الباطل أن يقدم طعنا جديداً صحيحاً أو أن يتدخل إنضماماً إلى الطعن الأصلي . فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن الأصلي بإختصامه إختصاماً صحيحاً ، فإن لم يفعل حكم بعدم قبول الطعن ، كما قدمنا.
ونفس الأمر إذا كان المحكوم عليهما قد طعناً بطعن واحد ، أو بطعنين وكان الطعن صحيحاً بالنسبة لأحدهما وباطلاً بالنسبة للآخر.
على أنه يلاحظ أنه إذا كان البطلان غير متعلق بالنظام العام فإن هذا البطلان - رغم عدم قابلية قضية الطعن للتجزئة - لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع لمصلحته ، فليس لغيره ولو كان سيستفيد من تقرير بطلان الطعن التمسك بهذا البطلان.
وهذا الذي ذكرناه بالنسبة للبطلان ، يجب الأخذ به أيضاً بالنسبة لإعتبار الطعن كأن لم يكن لعدم إعلانه في ميعاد الثلاثة أشهر إلى أحد المطعون ضدهم . فيكون إعتبار الطعن كأن لم يكن بالنسبة للجميع على أنه يلاحظ أن الطاعن إذا لم يعلن جميع من وجه إليهم الطعن خلال ميعاد الثلاثة أشهر ، واعتبر الطعن بالنسبة لبعضهم كأن لم يكن فإنه لا يستطيع إعلان هؤلاء بعد انقضاء الثلاثة أشهر إستناداً إلى المادة 218 فهذه المادة تتعلق فقط بمد میعاد الطعن.
على أن قضاء محكمة النقض يتجه إلى عدم تطبيق النتائج سالفة الذكر عند تعدد الورثة في موضوع غير قابل التجزئة يخص التركة وذلك في الحالات التي ينتصب فيها أحد الورثة قائمة مقام غيره من الورثة ففي هذه الحالات يكفي تمثيل التركة بوارث واحد ، ولا داعي لإختصام جميع الورثة في الطعن ، ولو كانوا قد إختصموا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ، إذ أن الوارث الذي يصح إختصام امه في الطعن يعتبر قائماً مقام باقي الورثة .
الطائفة الثانية : الضامن وطالب الضمان :
وفقاً للمادة 218/3 :
1- إذا حكم عليهما في الدعوى الأصلية ، وطعن أحدهما في الميعاد فإن الآخر الذي فوت الميعاد أو قبل الحكم «يفيد .. من الطعن المرفوع» . ويشترط لذلك أن يكون دفاعهما في هذه الدعوى الأصلية واحدا فإذا أختلف دفاعهما فلا يفيد من هذا الطعن . ولكن ما معنى الإفادة هنا؟ ليس معناها كما في الطائفة الأولى أن التعدد يكون إجبارياً وإنما تعني الافادة أن يكون لمن فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم منهما أن ينضم إلى طعن الآخر ، فإن لم يفعل فإن الطعن ينظر دون إختصامه .
2- إذا حكم لهما في الدعوى الأصلية ، ورفع الطعن ضد أحدهما في الميعاد ، فان للطاعن أن يختصم الآخر ولو بعد الميعاد . فإن لم يفعل ، فان الطعن ينظر دون إختصامه.
وفي الحالين ، لا يؤدي بطلان الطعن المرفوع من أحدهما أو على أحدهما إلى بطلان الطعن المرفوع من أو على الآخر.
الحكم الصادر في طلب التدخل الإختصامي يقبل الاستئناف بالنظر إلى قيمته بصرف النظر عن قيمة الدعوى الأصلية . وبالنسبة لإختصام الغير ينظر فقط إلى قيمة الطلب الموجه إلى الغير، وذلك مع ملاحظة أنه بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية إذا كان الحكم الصادر في الدعوى الأصلية قد طعن فيه بالإستئناف ، فإنه يمكن لطالب الضمان أن يطلب إدخال الضامن مرة أخرى أمام المحكمة الإستئنافية ولو كانت قيمة دعوى الضمان تدخل في النصاب النهائي لمحكمة أول درجة.
رفع الطعن على المحكوم عليهم في الحكم محل الطعن :
إذا تعدد المحكوم عليهم في الحكم محل الطعن بالنقض ، طبقت القواعد السابق بيانها في الأحكام العامة للطعن . فليس في النصوص الخاصة بالطعن بالنقض ما يحول دون تطبيق القواعد العامة في الطعن التي تنص عليها المادة 218 مرافعات . ومع ذلك ذهبت محكمة النقض - مع تسليمها بتطبيق نص المادة 2/218 عند تعدد المحكوم عليهم - إلى أن ما تنص عليه المادة 253 مرافعات من وجوب إشتمال صحيفة الطعن بالنقض على أسماء الخصوم يحول دون تطبيق المادة 2/218 والتي تنص على أنه إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة أو دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين أو إلتزاماً بالتضامن ، وتعدد المحكوم لهم ، ورفع الطعن صحيحة في الميعاد وجب على الطاعن إختصام باقيهم ولو بعد الميعاد ، فإن لم يفعل قضت المحكمة بعدم قبول الطعن . وذلك إستناداً إلى أن ما تنص عليه المادة 253 مرافعات يعني أنه إذا أغفل الطاعن بالنقض إختصام بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه ، فلا يجوز له إختصامهم بعد ذلك : وفي تقديرنا أن هذا الرأي محل نظر : ذلك أن نص المادة 218 هو نص عام ، ولم يرد في باب الطعن بالنقض ما يحول دون تطبيقه . ولو أراد المشرع عدم إعماله بالنسبة للطعن بالنقض لنص على ذلك صراحة . أما النص على وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على أسماء الخصوم فإنه لا يعني أكثر من معناه الظاهر ، إذ تنص المادة 203 على أن «تشتمل الصحيفة على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم» . والمقصود أسماء الخصوم الذين يوجه منهم أو إليهم الطعن بواسطة الصحيفة : ولم يتطلب النص اشتمال الصحيفة على أسماء جميع الخصوم في الخصومة التي صدر فيها الحكم محل الطعن ، بل فقط الخصوم في الطعن ، والصيغة التي إستعملتها المادة 253 بالنسبة للنقض هي نفسها الواجب إحترامها بالنسبة لصحيفة الدعوى وفقاً للمادة 63 مرافعات ، أو لصحيفة الطعن أياً كان (الإستئناف وفقاً للمادة 230 والإلتماس وفقاً للمادة 243 مرافعات) . إذ يجب أن تشتمل أية صحيفة دعوى أو طعن على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 515)
مناط نسبية أثر الطعن:
الأصل في إجراءات المرافعات إلا يفيد منها إلا من باشرها، ولا يحتج بها إلا على من إتخذت في مواجهته. وبإعتبار الطعن من تلك الإجراءات، فلا يفيد منه إلا رافعه ولا يحتج بالحكم الصادر فيه إلا على من رفع عليه ، وبذلك ينحصر أثر الطعن عليهما فقط، ولا يتعدى إلى غيرهما من كان مختصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم الذي رفع الطعن في شأنه، فإذا تعدد المحكوم عليهم، ورفع الطعن من أحدهم فقط ، فلا يفيد من الحكم الذي يصدر في الطعن غيره، وهذا يقتضي إلا يكون هناك تعارض بين الحكم المطعون فيها والحكم الصادر في الطعن، وهو ما يتحقق عندما يكون موضوع النزاع قابلاً للإنقسام وذلك بأحقية كل من المحكوم عليهم بجزء من الحق منفصلاً عن الجزء الذي يختص به غيره، بحيث يمكن التنفيذ على حصص المحكوم عليهم الذين لم يطعنوا في الحكم، والإبقاء على حصة من طعن منهم متى صدر الحكم في الطعن لصالحهم بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأيضاً إذا تعدد المحكوم لهم في موضوع قابل للإنقسام، ورفع المحكوم عليه الطعن ضد أحدهم فقط، ثم إنقضى ميعاد الطعن، حاز الحكم قوة الأمر المقضي بالنسبة لباقي المحكوم لهم، وإقتصر الطعن بذلك على القدر الذي قضى به للمحكوم له الذي رفع عليه الطعن دون باقي ما حكم به للآخرين.
ومتى كان الموضوع قابلاً للإنقسام، فلا يجوز للمحكوم عليه الذي لم يطعن في الحكم في الميعاد، التدخل في الطعن المرفوع من غيره ولو منضماً إليه في طلباته ، لإنتفاء مصلحته من تدخله، إذ يقتصر الحكم الصادر على حصة الطاعن فقط ولن يفيد طالب التدخل من ذلك.
وإذا تعدد الطاعنون والمطعون عليهم، وكان الموضوع مما يقبل الإنقسام، وبطل الطعن بالنسبة لأحدهم، فلا يتعدى البطلان إلى غيره ، ويصبح الحكم المطعون فيه حائزاً قوة الأمر المقتضي بالنسبة للطاعن الذي قضى ببطلان طعنه ولا يتعدى هذا البطلان لغيره من الطاعنين وينفذ الحكم على ما يخصه أن لم يكن قد سبق تنفيذه.
ويستوي أن يرفع المحكوم عليهم طعناً واحداً يضمهم جميعاً أو يرفع كل منهم طعناً مستقلاً، وللمحكمة في الحالة الأخيرة ضم الطعون أو رفض طلب الضم طالما أن الموضوع مما قبل الانقسام وبالتالي لن يكون هناك تعارض في الأحكام ولن يحوز الحكم الصادر في أحد الطعون حجية بالنسبة للطعون الأخرى، لإنحصار أثر كل طعن في طرفيه.
أما أن كان الموضوع مما لا يقبل الإنقسام أو التجزئة، أو كان الحكم المطعون فيه صادراً في إلتزام تضامني قضى فيه بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها، فإن أثر الطعن يمتد إلى كل من كان مختصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وهو ما يوجب أن يمتد الطعن إلى جميع هؤلاء الخصوم ولو بناء على قرار من المحكمة وإلا كان غير مقبول.
فإن كان الموضوع لا يقبل التجزئة ، فإن إعتبار الإستئناف كأن لم يكن أم بالنسبة لأحد المطعون عليهم يجعله كذلك بالنسبة للباقي. (انظر بند «نطاق و المادة (218) مرافعات» فيما يلي).
إنحصار التدخل أو الإدخال في تفويت ميعاد الطعن :
أجازت الفقرة الثانية من المادة (218) من قانون المرافعات لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه، وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب إختصام الباقيين ولو بعد فواته بالنسبة لهم.
ومفاد ذلك أن نطاق هذه الفقرة ينحصر في ميعاد الطعن، فلا يعتد بإنقضائه عند إدخال من لم يختصم في الطعن، إكتفاء برفعه في الميعاد بالنسبة الأحد المحكوم لهم، ويترتب على ذلك عدم القضاء بعدم قبول الطعن شکلاً بالنسبة لمن لم يطعن في الحكم من المحكوم عليهم في الميعاد، إذ يجوز لمن لم يطعن أن يتدخل في الطعن، وللطاعن إدخاله سواء من تلقاء نفسه أو بناء على قرار من المحكمة، كما يجب على الطاعن إدخال باقي المحكوم لهم ولو بعد فوات ميعاد الطعن بالنسبة لهم.
ويستوي أن يكون الخصم المدخل أو المتدخل لم يلتزم بميعاد الطعن ابتداء أو قضى ببطلان طعنه لرفعه بعد الميعاد أو بعدم قبوله أو بسقوط الحق فيه لرفعه بعد الميعاد إذ ينبني هذا القضاء على عدم الإلتزام بميعاد الطعن، أما إذا قام سبب يؤدي إلى بطلان الطعن بالنسبة لأحد المحكوم لهم غیر متعلق بميعاد الطعن، وتمسك الأخير بذلك، فإن بطلان الطعن يستتبع بطلانه بالنسبة الباقي المحكوم لهم ولا تسرى المادة (218) في هذه الحالة، مثال ذلك إذا لم يعلن أحد المحكوم لهم بصحيفة الإستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب بسبب يرجع إلى المستأنف عملاً بالمادة (70) ودفع بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن، فإن المحكمة تقضي بذلك في الطعن برمته، ولا يسوغ القول بإعادة إختصام المحكوم له الذي تمسك بالدفع، ويسرى ذلك بالنسبة لكل دفع لا يتعلق بميعاد الطعن، طالما كان الحكم صادراً في موضوع لا يقبل التجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين ، كالدفع بسقوط الخصومة في الطعن.
الطعن الإنضمامي بعد الميعاد والإختصام:
إن تعلق الطعن بموضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو بدعوی یوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين، وكان أحد المحكوم عليهم قد طعن في الحكم في الميعاد، جاز لغيره من المحكوم عليهم أن يطعن في الحكم منضماً للطاعن الأول حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، ويتم الطعن وفقاً للإجراءات المقررة لرفع الطعن وذلك بصحيفة تودع قلم کتاب المحكمة أو بالتدخل. فإن لم يتم ذلك ولم يطعن المحكوم عليه منضماً لزميله ، وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن بإختصامه حتى يستقيم الطعن، ويتم الإختصام بإدخال الخصم.
ويجب على المحكمة لقبول الطعن الإنضمامي شكلاً بيان وجه الإرتباط وطبيعة الإلتزام الصادر فيه الحكم المستأنف وعناصره ولا يكفي قولها بإعتباره تضامناً أو غير قابل للتجزئة.
أما إذا أغفل الطاعن إختصام بعض المحكوم لهم في الطعن بالنقض، فإن محكمة النقض لا تكلفه بإدخالهم وإنما تقضي ببطلان الطعن.
و للمحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أن يطعن في الحكم بالتدخل أثناء نظر الطعن أو بموجب صحيفة يختصم فيها المحكوم لهم دون المحكوم عليه الآخر الذي رفع الطعن الأصلي، لكن إذا رفع الطعن بإسمه وباسم هذا المحكوم عليه ووقع الصحيفة محام موكل عنهما فلا بطلان ولا يعتبر هذا الطعن طعناً ثانياً إنما طعناً إنضماماً بالنسبة لرافعة الذي فوت الميعاد، وتنظر المحكمة لطعنين على هذا الأساس، ومن ثم لا يجوز للطاعن الأصلي إضافة أسباب جديدة متعلقة به أو إرفاق مستندات تأييداً لطعنه بالنقض طالما لم يتقدم بها عند إيداع الصحيفة الأصلية.
ولا يعتد بميعاد الطعن بالنسبة للطاعن المنضم، لأنه يستفيد من الطعن المرفوع في الميعاد من المحكوم عليه الذي رفع طعنه في الميعاد، فالمعول عليه هو الميعاد الذي رفع الأخير طعنه خلاله، فإن كان من حقه أن يضيف إلى هذا الميعاد، ميعاد مسافة ، كان الميعادان، الميعاد الأصلي وميعاد المسافة، ميعاداً واحداً هو ميعاد الطعن، فيستقيم الطعن إذا رفع خلاله ويستفيد منه الطاعن المنضم ولو لم يكن له الحق في إضافة ميعاد مسافة، إذ لا يعتد بميعاد الطعن بالنسبة إليه وإنما بالنسبة لمن إنضم هو إليه.
إذا تعلق الطعن المرفوع من متعددين بموضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو بدعوی یوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين كما في دعوى الشفعة ودعوى إسترداد الحصة المبيعة ودعوى الإستحقاق الفرعية، ودعوى المناقضة في توزيع حصيلة التنفيذ وأن الرابطة تتوافر بين المحكوم عليهم وبالتالي يجوز أن تجمعهم صحيفة طعن واحدة.
فإن كان الطاعنون ثلاثة، حضر أحدهم أمام محكمة الدرجة الأولى، ولم يحضر الثاني والثالث، فإن ميعاد الطعن في الحكم الذي يصدر ضدهم، يبدأ بالنسبة للأول من تاريخ صدوره، بينما يبدأ بالنسبة للثاني والثالث من تاريخ إعلانه. فإذا أعلن الثاني بالحكم، وفوت كل من الأول والثاني ميعاد الطعن، وبعد فوات الميعاد رفع الثلاثة الطعن بصحيفة واحدة، ففي هذه الحالة يكون الطعن مقبولاً شکلاً ، لأن الرابطة التي بين الثلاثة تجيز جمعهم في صحيفة واحدة، ولأن من لم يعلن بالحكم يظل ميعاد الطعن مفتوحاً بالنسبة له بحيث إذا رفع العين مع زميليه ، كان الطعن صحيحاً بالنسبة لهم جميعاً، لأن الثالث لو كان قد رفع الطعن وحده بصحيفة مستقلة، كان من حق الأول والثاني الطعن في الحكم منضمين لزميلهم في الطعن المرفوع منه حتى لو كان قد صدر حكم بسقوط حق الأول والثاني في الطعن المرفوع منهم لرفعه بعد الميعاد.
وقد قررنا فيما تقدم ببند «رفع الطعن قبل إعلان الحكم» إن من حق المحكوم عليه الذي لم يعلن بالحكم التنازل عن الإعلان ورفع الطعن، وأوردنا بهذا البند مبادئ النقض التي تتفق وما قررناه سواء بالنسبة للبند المشار إليه أو بالنسبة للبند الماثل، كما أوردنا به حكم النقض الذي يخالف ما قررناه.
تبعية الطعن الإنضمامي للطعن الأصلي :
أوضحنا فيما تقدم أنه إذا صدر حكم ضد عدة أشخاص في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوی یوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين ، وطعن فيه أحدهم في الميعاد، بينما طعن فيه الآخرون بعد الميعاد منضمين إلى الطاعن الأول، فإن طعنهم يكون تابعا للطعن الأول بحيث إذا زال هذا الطعن بأي سبب من الأسباب زال الطعن التابع وهو الطعن الإنضمامي.
وينضم الطاعن الإنضمامي إلى الطاعن الأصلي في طلباته، وله إبداء كافة أوجه الدفاع المؤيدة لهذه الطلبات، فإن أبدى طلبات مغايرة كانت غير مقبولة لتجاوزها نطاق الطعن الإنضمامي. ومتى صدر الحكم لصالح الطاعن الأصلي، أفاد منه الطاعن الإنضمامي.
إمتداد أثر الطعن لأطراف الحكم المطعون فيه:
أوضحنا فيما تقدم، مناط نسبية أثر الطعن عندما يصدر الحكم المطعون فيه في موضوع قابل للإنقسام، أما إن كان هذا الموضوع غير قابل للإنقسام أي غير قابل للتجزئة، أو كان صادراً في إلتزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها، فإن أثر الطعن لا يقتصر على طرفيه، وإنما يمتد إلى كل من كان خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، إذ قد يستحيل تنفيذ الحكم إن لم يحاج به كل هؤلاء، مما يوجب مثول كل الخصوم في الطعن ولو بأمر تصدره المحكمة وإلا كان الطعن باطلا.
ويقتصر هذا القيد بالنسبة للإلتزام بالتضامن على صدور الحكم بالتضامن، ومن ثم لا تلتزم المحكمة الإستئنافية بالإدخال إذا كان الحكم المستأنف قد رفض طلب التضامن أو كان المدعي قد قصر دعواه على أحد المتضامنين كما لو ترك الخصومة بالنسبة للتابع وقصرها على المتبوع متى أثبتت المحكمة هذا الترك ، فإن أثبتته ومع ذلك قضت بالتضامن، كان هذا خطأ مادي للمحكمة الإستئنافية تصحيحه بإستبعاد التضامن، وحينئذ لا يكون الحكم المستأنف صادراً في إلتزام بالتضامن.
ويكون الإلتزام غير قابل للتجزئة إذا ورد على محل لا يقبل بطبيعته للإنقسام أو إذا تبين من الغرض الذي يرمي إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً أو إذا إنصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك، وفقاً لما تنص عليه المادة (300) من القانون المدني.
ومن ثم يجب إدخال باقي المحكوم عليهم خصوماً في الطعن وإلا وجب الحكم بعدم قبول الطعن، فإن لم تدرك محكمة الإستئناف تلك القاعدة المتعلقة بالنظام العام، وتصدت للموضوع بعد قبول الإستئناف شكلاً ، كان قضاؤها مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والسبيل إلى تصحيح هذا القضاء يكون بالطعن في الحكم بطريق النقض.
فإن لم يطعن في الحكم، وجب الإلتزام بحجيته، إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات النظام العام، ويترتب على ذلك أنه إذا كان صادراً في التزام غير قابل للتجزئة، وطعن أحد المطعون عليهم دون الباقين، ولم تأمر المحكمة بإدخالهم وقبلت الطعن شكلاً وألغت الحكم المستأنف ورفضت الدعوى بالنسبة للطاعن، وجب الإلتزام بحجية الحكم الصادر في الطعن وإعتبار الطاعن خارجاً عن نطاق المسئولية، ومن ثم يقتصر التنفيذ على المحكوم عليهم الذين لم يطعنوا. وإن كان صادرا في إلتزام بالتضامن، أعتبر الطاعن غير مدين فيه وإقتصرت المديونية على المحكوم عليهم الذين لم يطعنوا. وإن كان في دعوى يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها كدعوی الشفعة، فإن الحكم الذي يصدر في الطعن تأبي طبيعته أن ينفذ بالنسبة للطاعن وحده وإنما يمتد لباقي الخصوم، فإن صدر بإلغاء الحكم المستأنف ويسقط الحق في الشفعة، وكان الإستئناف مرفوعاً من البائع وحده أو المشتري وحده ، فإن هذا الأثر يمتد إلى جميع الخصوم.
الطعن المرفوع من الضامن أو طالب الضمان:
يدل نص الفقرة الأخيرة من المادة (218) من قانون المرافعات على أن يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا إتحد دفاعهما فيها، وإذا رفع طعن على أيهما جاز إختصام الآخر فيه.
ويوجد في هذه الحالة ثلاثة أطراف يتقاسمون الدعوى الأصلية و دعوى الضمان الفرعية، إذ يرفع المدعي الذي يدعي بإستحقاق المبيع دعوى ضد الحائز له، فيقوم الأخير برفع دعوى الضمان الفرعية بإدخال البائع له ضامناً عملاً بالمادة (119) من قانون المرافعات، ويتوقف الحكم في دعوى الضمان الفرعية على الحكم في الدعوى الأصلية، بحيث إذا قضى للمدعى بإستحقاق المبيع، قضى في نفس الوقت في دعوى الضمان الفرعية بالتعويض لطالب الضمان ضد الضامن وهو البائع.
وتستقل دعوى الضمان الفرعية عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعاً ولا دفعاً فيها ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلا في دعوى الضمان، مما مفاده أنه يجوز رفع الطعن عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية دون إختصام الضامن ويظل الطعن مقبولاً ولو لم يختصم حتی صدور الحكم، وإن صدر الحكم لصالح طالب الضمان برفض دعوى الإستحقاق أفاد منه الضامن، وإذا رفع الطعن على أحدهما جاز إختصام الآخر فيه، فإن لم يختصم ظل الطعن مقبولاً ، ولا تلتزم المحكمة بتكليف الطاعن بهذا الإختصام.
ويرتب على عدم إعتبار دعوى الضمان الفرعية دفاعا في الدعوى الأصلية، أن ضمهما للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد، لا يفقد كلا منهما ذاتيته واستقلاله ، ومن ثم لا يندمجان، وإن صدر حكم فيهما، فإن الطعن الذي يرفع من الضامن أو طالب الضمان، لا يعتبر طعناً في الحكم الصادر فيهما، وإنما يفيد فقط كل منهما من الطعن المرفوع من الآخر إذا كان دفاعهما واحداً في الدعوى الأصلية ، كما لو طلب الاثنان رفضها.
فإذا كان الطعن مرفوعاً من المدعي في الدعوى الأصلية، فإن الطعن لا يمتد إلى الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية إلا إذا كان دفاع الضامن وطالب الضمان واحداً، إذ تعتبر دعوى الضمان حينئذ دفاعاً في الدعوى الأصلية فيمتد الطعن للدعويين معاً. كذلك إذا كان المدعي في الدعوى الأصلية قد طلب إحتياطياً الحكم بطلباته على المدعى عليه في دعوى الضمان، إذ تعتبر الدعوى الأصلية حينئذ دفاعاً في دعوى الضمان فيمتد الطعن للدعويين .
ومناط التأجيل لإدخال باقي المحكوم عليهم أن يستقيم الطعن أمام محكمة النقض بهذا الإدخال ، فإن تبين لها أنه لن يستقيم بهذا الإجراء وأنها سوف تقضي بعدم قبوله ، فإنها تقضي بذلك دون حاجة لإدخال باقي المحكوم عليهم.
رفع الطعن على بعض المحكوم لهم:
تنص المادة (218) من قانون المرافعات على أنه إذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب إختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم، إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام قضى فيه بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين.
ومفاد ذلك، أنه يجب على المحكوم عليه عند الطعن في الحكم، أن يختصم كل الخصوم الذين صدر الحكم لصالحهم، فإن أغفل بعضهم، فلا يترتب على ذلك بطلان الطعن والقضاء بعدم قبوله، وإنما يتعين عليه ولو من تلقاء نفسه إختصام باقي المحكوم لهم ولو بعد إنقضاء ميعاد الطعن بالنسبة لهم، إذ يكفي ليستقيم الطعن، أن يكون قد رفع صحيحاً ضد بعض المحكوم لهم ويظل صحيحاً بعد إختصام باقي المحكوم لهم، ويتم الإختصام بصحيفة تودع قلم الكتاب ، فإن شابها بطلان يتصل بالنظام العام كعدم التوقيع عليها من محام وجب تصحيح هذا البطلان ولو بالجلسة وفي أي وقت إذ لا يترتب عليه سقوط الحق في الإختصام.
فإن لم يقم الطاعن بهذا الإختصام، وجب على المحكمة أن تكلفه بذلك وتحدد له ميعاداً ، فإذا إنقضى دون إتخاذ إجراءات الإختصام بدون عذر مقبول، قضت بعدم قبول الطعن ولو من تلقاء نفسها، بإعتبار أن القواعد التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة (218) من قانون المرافعات تتعلق بالنظام العام.
وإذ ورد نص المادة (218) سالف البيان ضمن الأحكام العامة المقررة في شأن الطعن في الأحكام، مثلها في ذلك مثل المادة (384) من قانون المرافعات السابق والمطابقة لها، فإن مفاده سريان القواعد التي تضمنها على جميع طرق الطعن ومنها الطعن بطريق النقض، وقد إلتزمت محكمة النقض ذلك في حكم لها استندت فيه إلى المادة (384) المشار إليها وخلصت إلى صحة الطعن بالنقض إكتفاء برفعه في الميعاد على أحد المحكوم لهم ورفضت الدفع بعدم قبوله شكلاً لرفعه علی محکوم له آخر بعد الميعاد. (انظر: نقض 1953/8/30 فيما يلي)
ومع ذلك فقد إستقر قضاؤها من بعد على بطلان الطعن بالنقض إذا كان باطلاً بالنسبة لأحد المحكوم لهم، على نحو ما تضمنته المبادئ التي أوردناها فيما تقدم.
رفع الطعن من بعض المحكوم عليهم:
إذا رفع الطعن أحد المحكوم عليهم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام قضى فيه بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها، وجب على الطاعن إدخال باقي المحكوم عليهم خصوماً في الطعن ولو كان ميعاد الطعن قد إنقضى بالنسبة لهم، ويتم الإدخال بصحيفة تودع قلم الكتاب ، فإن لم يقم الطاعن بإدخالهم، كلفته المحكمة بذلك، وإن قعد عن تنفيذ قرارها بغير عذر، قضت بعدم قبول الطعن ولو من تلقاء نفسها، إذا لا يكون الطعن قد إستوفى أوضاعه المقررة لقبوله شکلاً.
فإذا تبين وفاة المحكوم عليه الذي لم يطعن في الحكم أو فقد أهلية التقاضي أو زالت صفة من كان ينوب عنه ، تعين إدخال ورثته أو من ينوب عنه قانوناً أو من أصبحت له الصفة في تمثيله.
ويسرى ذلك على كافة الطعون ومنها الطعن بالنقض، ومفاد ذلك - وحسبما تنص عليه المادة (218) من قانون المرافعات - أنه إذا رفع أحد المحكوم عليهم الطعن، وجب عليه إختصام الباقين حتى لو تعلق الحكم بدعوی يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين ، ومع ذلك إستقر قضاء النقض على أنه في دعوى الشفعة يجب إختصام البائع والمشتري والشفيع وإن تعددوا أو ورثة من يتوفى منهم وذلك في جميع مراحل التقاضي بما فيها مرحلة الطعن بالنقض وإلا أدى عدم إختصام أحدهم إلى بطلان الطعن بالنسبة له مما يستتبع بطلانه بالنسبة للباقين.
ويكفي لإختصام باقي المحكوم عليهم، أن يكون الطعن قد رفع صحيحاً في الميعاد، فإن رأت المحكمة بطلانه أو سقوط الحق فيه، فلا مسوغ لإدخال باقي المحكوم عليهم إذ لن تتصدى المحكمة للموضوع.
وللمحكوم عليه الذي لم يطعن في الحكم أو قبله أو قضى ببطلان الطعن الذي سبق له رفعه أو بعدم قبوله أو قبل تركه للخصومة فيه، أن يطعن في الحكم تبعا للطعن المرفوع من محكوم عليه آخر، وذلك إما بالتدخل منضماً للأخير أو بصحيفة تودع قلم الكتاب يضمنها ذات طلبات الخصم المنضم إليه فلا يزيد عليها وإلا قضي بعدم قبولها.
وإذا رفع المحكوم عليهم الطعن وتبين بطلانه بالنسبة لأحدهم، أو تبين بطلان الإجراء الذي تم إدخاله بموجبه، فلا تقضي المحكمة ببطلان الطعن أو الإجراء، وإنما تعيد الطعن للمرافعة وتكلف الطاعن بإختصامه ، إذ يترتب على بطلان طعنه أو بطلان إدخاله عدم إعتباره خصماً في الطعن مما يوجب إختصامه بإجراء صحيح، إلا إذا كان محل الالتزام مما يجوز معه لأحد المحكوم عليهم أن ينفرد باستدائه والمطالبة به کاملاً عملا بالمادة (302) من القانون المدني، وحينئذ يكفي أن يرفع الطعن صحيحا من أحدهم حتى يكون مقبولا دون إعتداد بطلانه بالنسبة لطاعن آخر ودون إعادة الطعن للمرافعة. (انظر بهذا المعنى : نقض 1978/3/29 فيما يلي)
وتتعلق القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة (218) من قانون المرافعات بالنظام العام لما تضمنته من تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقا للغاية التي هدف إليها المشرع من توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، ومن ثم يجب على المحكمة الالتزام بها ولو من تلقاء نفسها، و لمحكمة النقض إثارة البطلان الذي شاب الحكم لمخالفة تلك القاعدة ولو من تلقاء نفسها إذ يتعلق بطلان الحكم في هذه الحالة بالنظام العام.
ويعتبر الخصم محكوماً عليه إذا رفضت كل طلباته أو بعضها، أو ألزمه الحكم بأي أداء ولو إقتصر هذا الأداء على المصاريف القضائية.
وإذا رفعت الدعوى على متضامنين و ترك المدعى الخصومة بالنسبة لأحدهما، فإن ذلك لا ينفي قيام التضامن مما يجوز معه للآخر التدخل في الاستئناف لكن لا يوجب على المحكمة إدخاله ولا أثر لعدم إدخاله على شكل الإستئناف، كذلك الحال إذا رفعت الدعوى ابتداء على أحدهما فقط.
عدم إختصام من أوجب القانون إختصامه:
(أ) في دعوى الشفعة:
مؤدى النص في الفقرة الثانية من المادة (218) من قانون المرافعات ، أنه إذا كان الحكم صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين، جاز لمن فوت ميعاد الطعن أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن بإختصامه في الطعن، وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد، وجب إختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم.
ولما كانت دعوى الشفعة مما يوجب القانون فيها إختصام كل من البائع والمشتري والشفيع ولو تعددوا، ومن ثم قررنا بالجزء الرابع من موسوعة المرافعات خضوع الطعن في الحكم الصادر فيها للقاعدة التي تضمنتها المادة (218) سالفة البيان، وخالفنا بذلك ما إستقر عليه قضاء النقض الذي تواتر علي عدم قبول الطعن إن لم يختصم فيه جميع أطراف الشفعة ودون أن يرخص بأعمال المادة (218) التي تجيز إختصام من لم يختصم .
وكنا قد قررنا ۔ قبل صدور حکم النقض المتقدم - أنه لا تثريب على قضاء النقض السابق علي المبدأ المتقدم بالنسبة لدعوى الشفعة التي ترفع إبتداء، وذلك التزاما بحكم المادة 943 من القانون المدني، ولكن هذا القضاء محل نظر بالنسبة للطعن في الحكم الصادر في هذه الدعوي، سواء تعلق الطعن بالإستئناف أو النقض، ذلك أن هذا القضاء بدأ في ظل قانون المرافعات الوطني الذي ظل معمولا به حتي العمل بقانون المرافعات السابق في 1949/10/15 وكان خلوا من نص مماثل للفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات الحالي، وكان قضاء النقض الصادر في الطعون الخاضعة للقانون الوطني يبطل الطعن برمته إذا كان باطلا بالنسبة لأحد خصوم الطعن، وظل هذا القضاء علي ذلك حتي بعد العمل بقانون المرافعات السابق بالرغم من أن الفقرة الثانية من المادة 384 منه كانت تماثل الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات الحالي، وبالنسبة لدعوي الشفعة، فقد إلتزمت محكمة النقض ذات القضاء رغم أن دعوى الشفعة مما يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين بحيث يخضع الطعن في الحكم الصادر فيها للفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات ، مما يتعين معه إختصام من أغفله الطاعن إن لم يتدخل في الطعن منضماً إلى من يماثله في المركز القانوني الذي قرره الحكم المطعون فيه، فإن لم يتم إختصامه ولم يتدخل، وجب على المحكمة الإسئنافية أن تكلف الطاعن بأدخال من أغفل إختصامه طالما كان الطعن المرفوع من الطاعن صحيحاً، إذ يكفي ذلك للإختصام ولو كان ميعاد الطعن قد إنقضي، يستوي في ذلك أن يكون الخصم الذي أغفله الطاعن محكوما عليه أو محكوم له. فان لم ينفذ الطاعن قرار المحكمة بدون عذر مقبول، قضت ومن تلقاء نفسها بعدم قبول الإستئناف ، إذ لا يستقيم الطعن إلا بمثول جميع أطراف دعوى الشفعة أمام محكمة الطعن، وتلك قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام وبالتالي تثيرها محكمة النقض من تلقاء نفسها.
فإن كان الطعن مرفوعا أمام محكمة النقض، فأنها تلتزم تلك القاعدة إذا كان الطاعن قد أغفل إختصام أحد المحكوم عليهم، وبالتالي تعيد الطعن للمرافعة وتكلف الطاعن بأدخال من أغفله، ويتم ذلك بالاجراءات المعتادة لرفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم الكتاب وتعلن للخصم للجلسة التي تحددها المحكمة في قرار إعادة الطعن للمرافعة دون حاجة لتقديم مذكرة من نيابة النقض. أما إذا كان الطاعن قد أغفل إختصام أحد المحكوم لهم، فلا تكلف المحكمة الطاعن بإدخاله، وإنما تقضي بعدم قبول الطعن، إذ يشترط لقبوله أن يمثل فيه جميع أطراف دعوى الشفعة.
وقد أوجبت المادة (454) من قانون المرافعات الحالي إختصام مباشر الإجراءات والمدين أو الحائز أو الكفيل العيني وأول الدائنين المقيدين.
دعوى المناقضة في توزيع حصيلة التنفيذ:
مفاد المادتين (469)، (481) من قانون المرافعات ، يجب إختصام جميع الدائنين الحاجزين ومن اعتبر طرفاً في إجراءات التنفيذ، في دعوى المناقضة في توزيع حصيلة التنفيذ وفي إستئناف الحكم الصادر فيها، ويجب على المحكمة الإستئنافية الالتزام بذلك، وأن تكلف المستأنف بإختصام من لم يتم إختصامه من هؤلاء، فإن لم ينفذ قرارها، قضت بعدم قبول الاستئناف ولو من تلقاء نفسها لمخالفة قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام.
بدء ميعاد الطعن في الحالات السابقة :
إذا رفع مدعی دعواه ضد متعددين في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام تضامني أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين ، وحكم فيها ضده، فإن ميعاد الطعن بالنسبة له يبدأ من تاريخ صدور الحكم ما لم يكن تسلسل الجلسات قد انقطع بالنسبة له ولم يحضر ولم يقدم مذكرة بدفاعه بعد ذلك، فإن ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ أول إعلان يتم له من أي خصم من المحكوم لهم.
فإن كان الحكم صادراً ضد خصومة ، فإن ميعاد الطعن بالنسبة لكل منهم يبدأ وفقاً لما نصت عليه المادة (213) من قانون المرافعات، فيبدأ بالنسبة لمن سبق حضوره أو قدم مذكرة من تاريخ صدور الحكم ما لم يكن تسلسل الجلسات قد إنقطع بالنسبة له، فيبدأ من تاريخ إعلانه بالحكم كما يبدأ من تاريخ هذا الإعلان بالنسبة لمن يسبق حضوره منهم ولم يقدم مذكرة، وحينئذ يجوز له أن يتدخل منضماً إلى زميله وفقاً للقواعد التي نصت عليها المادة (218) من قانون المرافعات. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : السادس ، الصفحة : 93)
من المبادئ المسلمة في فقه المرافعات مبدأ نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات ومقتضاه أن إجراءات المرافعات ليس لها من أثر إلا بالنسبة لمن باشرها ولو بوشرت في مواجهته بمعني أنه لا يفيد منها إلا من أجراها ولا يحتج بها إلا على من اتخذت إزاءه غير أن المشرع إستثنى بعض حالات من هذا المبدأ وهي المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ففي حالة الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين فقد خرج المشرع في هذه الحالة على القاعدة العامة من ناحيتين الناحية الأولي وصورتها أن يصدر حكم علي محكوم عليهم متعددين في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين ثم يقبل الحكم بعض المحكوم عليهم أو يفوت ميعاد الطعن فيه بينما يطعن فيه البعض الآخر في الميعاد فيجوز في هذه الصورة لمن قبل الحكم من المحكوم عليهم أو فوت ميعاد الطعن أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد منضماً بذلك إلي من رفع الطعن في طلباته مثال ذلك أن يصدر الحكم علي مدينين متضامنين فوت أحدهما ميعاد الطعن فيه أو قبل الحكم بينما طعن الثاني فيه في الميعاد فيجوز للأول بالرغم من قبوله أو تفويته للميعاد أن ينضم إلي زميله في طلباته فيستفيد بذلك مما عسى أن يحكم به في الطعن من تعديل الحكم أو إلغائه لمصلحة الطاعن . وهناك صورة أخرى هي أن يطعن في حكم لمصلحة محكوم لهم متعددين في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين ثم يطعن المحكوم عليه في الحكم ضد أحد المحكوم لهم في الميعاد ويفوت ميعاد الطعن بالنسبة للباقين فيجب في هذه الحالة إختصام الباقين ولو بعد فوات الميعاد مثال ذلك أن يرفع دائن دعوی على مدينين متضامنين ثم يحكم برفض دعواه فيستأنف الحكم بالنسبة للمدين الأول في الميعاد ولا يستأنفه بالنسبة للثاني حتى يفوت ميعاد الإستئناف فيجب في هذه الحالة على الدائن أن يدخل المدين الثاني في الاستئناف ولو بعد فوات ميعاد الإستئناف حتى يكون الحكم الصادر في الإستئناف حجة على الخصمين . وعدم القابلية للتجزئة يقصد به عدم التجزئة المطلق الذي يكون من شأنه أن الفصل في النزاع لا يحتمل غير حل واحد وهو يتوافر إذا كان محل الالتزام غير قابل للانقسام وفقاً للمادة 300 مدني سواء كان عدم القابلية للانقسام راجعاً إلى طبيعة المحل كسيارة مملوكة لشخصين أو غرض المتعاقدين أو إتفاقهما كما يتوافر إذا كان الخصوم المتعددون في الخصومة التي صدر فيها الحكم في حالة تعدد إجباري وهو ما يتحقق في خمس صور أولها إذا تعلقت الخصومة برابطة قانونية موضوعية واحدة متعددة الأطراف كالدعوى بين الشركاء في شركة وثانيها إذا تعلقت الدعوى برابطة قانونية موضوعية واحدة ذات طرفين ولكن الدعوى بشأنها رفعت من الغير كالدعوى التي يرفعها شخص من الغير ببطلان الزواج وثالثها إذا نص القانون على إختصام جميع أطراف الرابطة القانونية الموضوعية في الخصومة كدعوی قسمة المال الشائع حسب نص المادة 836 مدني وكدعوى الشفعة حسيبة نص المادة 843 مدني ودعوی إسترداد المنقولات المحجوزة ورابعها الدعوى التقريرية إذا تعدد أطراف الرابطة القانونية لأنه لا يتصور تقرير رابطة واحدة إلا في مواجهة جميع أطرافها كدعوى تقرير أو نفي حق إرتفاق لصالح أو علي عقار شائع إذ يجب إختصام جميع الشركاء ، وخامسها الدعوى المنشئة إذا تعدد أطراف الرابطة القانونية لأنه لا يتصور تغيير هذه الرابطة إلا في مواجهة جميع أطرافها ( كمال عبد العزيز في المرافعات الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 1354 وما بعدها ).
والنزاع الذي لا يقبل التجزئة لا يقع تحت حصر ومن أمثلته ما يلي :
1-النزاع حول تقدير أتعاب المحامي عن مهمة واحدة لموكلين متعددين.
2- النزاع حول صحة سند أو تزويره.
3- النزاع حول صورية التصرف أو الإجراء.
4 - النزاع حول سد المطلات.
5- النزاع حول صحة أو بطلان حكم مرسي المزاد.
6- النزاع حول اعتبار عقد البيع الصادر من المورث وصية .
7- النزاع حول قيام عقد الإيجار أو إنفساخه أو حول تحديد أجرة الأماكن القانونية وفقاً للقانونين 52 لسنة 1952 ، 49 لسنة 1977 وطلب المؤجر إخلاء العين المستأجرة لتأجيرها من الباطن أو التنازل عن الإيجار.
8- طلب صحة التوقيع .
9- طلب التعويض الموجه من المضرور للمسئول وشركة التأمين أما طلب التعويض الموجه لمن عداهما فيقبل التجزئة على أكثر من شخص.
10 - طلب الحكم بإشهار الإفلاس.
11 - طلب الحكم بتحديد أجرة عين ورد ما دفع زائدا عن الأجرة القانونية.
12- طلب الحكم بما أسفر عنه الحساب الجاري.
13- طلب العامل تحديد أجره ورد ما يستحق من فروق مالية وكذلك طلب إستحقاقه إعانة الغلاء وبدل الإجازات وأحقية رب العمل في فصله.
14 - الحكم برفض طلب إيقاف البيع وإستمرار التنفيذ .
15- طلب إزالة مبنی.
16 - النزاع مع مصلحة الضرائب حول سنة الأساس.
17 - طلب الحكم بتصفية شركة.
18 - طلب الحكم على من يغتصبون أرضاً دون تخصيص كل منهم بقدر منها. وبالنسبة لدعوى صحة ونفاذ عقد البيع يعتبر الحكم الصادر فيها غير قابل التجزئة إلا إذا كان محل العقد لا يقبل التجزئة بطبيعته أو حسب مقصود العاقدين وتأسيساً على ذلك فإن الدعوى التي يرفعها المشتري ضد ورثة البائع بصحة ونفاذ العقد تقبل التجزئة إذ قد يصح العقد بالنسبة لمن يعترض منهم ولا يصح بالنسبة لمن يطعن عليه منهم والدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البائع وعقد البائع للبائع تقبل التجزئة إذ يجوز الحكم بصحة الأولى دون الثاني وطلب تثبيت الملكية يقبل التجزئة وكذلك الشأن بالنسبة لطلب إجراء المقاصة بين دين للمورث ودين عليه.
ومبني الخروج على القاعدة العامة رغبة المشرع في تفادي معارضة الأحكام في موضوعات لا تحتمل هذا التعارض كأن يكون الموضوع غير قابل للتجزئة . والحالة الثانية هي حالة صدور حكم في دعوى أصلية يكون صاحب الضمان والضامن خصوماً فيها.
ولا يثور أثر التضامن علي الحق في الطعن إلا إذا كان محل الإلتزام قابلاً للإنقسام إذ لو كان غير قابل له خضع لحكم عدم القابلية للتجزئة بقصد بالتضامن بين المدينين دون التضامن بين الدائنين وبشرط أن يكون المدين المتضامن مختصماً في الدعوى التي صدر الحكم المطعون فيها والعبرة هي بصدور الحكم فعلاً بالتضامن أما إذا كان المدعي قد طلب الحكم به ولم يحكم به في الحكم المطعون فيه فلا يتحقق موجب الإستثناء ولا يكفي مجرد الخشية من وقوع تضارب في الأحكام.
وإذا صدر الحكم لصالح خصم طالب الضمان وطعن فيه الأخير وقبله الضامن أو فوت ميعاد الطعن فإنه يجوز له كما تقدم أن يطعن منضماً لطالب الضمان في طلباته بشرط أن يتحد دفاع طالب الضمان والضامن فإذا كان الأخير قد إقتصر علي نفي مسئوليته عن الضمان فإن طالب الضمان لا يستفيد من الطعن المرفوع فيه.
هذا ومن المقرر أن الحالات الثلاث الاستثنائية التي أوردها النص لا يجوز القياس عليها كما أن حكم النص قاصر على تقرير نسبية الطعن في الأحكام والإستثناءات التي ترد عليها فلا شأن له بالحكم الذي يصدر في الدعوى نتيجة الطعن وإنما يخضع في ذلك لقواعد القانون المدني ، فإذا لم يطعن أحد المحكوم عليهم في الحالات المستثناه من القاعدة العامة في الحكم قبل فوات الميعاد أو بعد فواته علي التفصيل السالف فلا يخضع الحكم الصادر في الطعن لحكم النص وإنما يخضع للقواعد الخاصة بحجية الأحكام والاحتجاج بها.
وقد خرج المشرع على القاعدة العامة في هذه الحالة من ناحيتين :
الأولى وصورتها أن يصدر الحكم لمصلحة منازع صاحب الضمان فيطعن فيه صاحب الضمان في الميعاد بينما يقبل الضامن الحكم أو يفوت ميعاد الطعن فيه أو يطعن في الحكم الضامن في الميعاد بينما يقبله صاحب الضمان أو يفوت میعاد الطعن فيه ففي هذه الصورة يجوز لمن قبل الحكم أو فوت ميعاد الطعن أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من زميله منضماً إليه في طلباته.
الناحية الثانية وصورتها أن يصدر الحكم علي منازع صاحب الضمان فيطعن فيه في الميعاد ضد الضامن أو ضد صاحب الضمان فقط فيجوز في هذه الصورة إختصام الأخر في الطعن ولو كان إختصامه بعد فوات الميعاد.
والخروج على القاعدة العامة في هذه الحالة بصورتيها مشروط بأن يكون دفاع صاحب الضمان في الدعوى الأصلية متحد مع دفاع الضامن فيها (مرافعات العشماوي ص 774 ومرافعات رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 775).
ومتى رفع طعن صحيح في الميعاد من جانب أحد المحكوم عليهم جاز لمن فوت الميعاد أن يطعن بعد الميعاد ولو كان قد سبق له رفع طعن حكم فيه ببطلانه أو عدم قبوله ، وذلك لأن الحكم بالبطلان أو عدم القبول يترتب عليه إعتبار الطعن كأن لم يكن ، والمشرع يجيز له الطعن ويرتب له الحق فيه متى رفع طعن صحيح في الميعاد من جانب محكوم عليه آخر ، فلا يجب أن يضار من طعن حكم ببطلانه أو عدم قبوله . ( التعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 837).
ويشترط لسريان حكم المادة في الحالات الثلاثة أن يتعدد الخصوم وأن يكون كل منهم خصماً حقيقياً أما إذا كان أحد المدعى عليهم لم يختصم إلا ليصدر الحكم في مواجهته لم يتحقق المقصود بالتعدد.
والطعن الذي يرفع بعد الميعاد إعمالاً لحكم هذه المادة يكون تابعاً للطعن الأصلي الذي رفع في الميعاد فيزول بالقضاء في الأخير بعدم قبوله أو ببطلان صحيفته أو بإعتبار الخصومة فيه كأن لم تكن أو بإثبات ترك الخصومة فيه.
هذا ومن المقرر أن حكم الفقرة الثانية قاصر علي ميعاد الطعن ولا شأن له بإجراءات ومراحل الطعن ، الأخرى ، ومن ثم لا شأن له بسلامة إجراءات الطعن ، ولذلك فإنه إذا لم يتم إعلان الإستئناف إلي بعض المستأنف عليهم خلال ثلاثة شهور وكان موضوع الإستئناف لا يقبل التجزئة ، أعتبر الإستئناف كله كأن لم يكن إذ أن وجوب إعلان الصحيفة خلال ثلاثة شهور منقطع الصلة بميعاد الطعن ومن ثم لا يكون هناك محل لإعمال الفقرة الثانية في هذه الحالة.
ومن ناحية أخرى إذا كان التعدد إجبارياً في الحالات الثلاث بما يجعل خصومة الطعن غير قابلة للتجزئة فإنه إذا كان رفع الطعن من بعض المحكوم عليهم أو ضد بعض المحكوم لهم قد وقع باطلا ، بطل الطعن بالنسبة إلي الجميع ولو كان الطعن الباطل قد رفع في الميعاد غير أن هذا البطلان كما تقدم غير متعلق بالنظام العام فيتعين أن يتمسك به من شرع لمصلحته ولا يستفيد الأخرون منه إلا بعد ذلك والحكم به.
كذلك فإنه مما يجدر ملاحظته أن حكم الفقرة الثانية لا يسري على الطعن بالنقض عدد تعدد المحكوم لهم ، ومن ثم فإذا أغفل الطاعن إختصام بعض من يجب إختصامهم ممن كانوا طرفاً في الحكم المطعون فيه لم يجز له أن يختصمهم بعد الميعاد وكان طعنه غير مقبول (راجع في كل ما تقدم كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 1354 وما بعدها ، وفتحي والي في الخصومة بند 128 ونظرية البطلان لوالي بند 373).
وكانت محكمة النقض قد إستقرت في أحكامها علي أن إحجام أحد المحكوم عليهم بالتضامن أو في موضوع غير قابل للتجزئة عن التدخل في الطعن المقام من زميله في الميعاد وسكوت المحكمة عن إصدار أمرها بإختصامه يترتب عليه بطلان الحكم الصادر في الطعن إلا أنها في حكم آخر لها قضت بعكس ذلك ( الحكم رقم 58) غير أنها عادت بعد ذلك وأخذت بالرأي الأول بل وأكدته بإعتبار أن إغفال المحكمة الأمر بالإختصام في هذه الحالة مخالفة لقاعدة قانونية إجرائية متعلقة بالنظام العام.
وفي رأينا أن الحكم الوحيد الذي صدر من محكمة النقض والذي قضى بأن إحجام أحد المحكوم عليهم بالتضامن أو في موضوع غير قابل للتجزئة عن التدخل في الطعن المقام من زميله في الميعاد وسكوت المحكمة عن إصدار أمرها بإختصامه لا يؤثر في شكل الطعن محل نظر ذلك وكما قالت محكمة النقض في أحد أحكامها أنه " إزاء عدم إستساغة تنافر المواقف بين المحكوم عليهم في موضع غير قابل للتجزئة لا يحتمل بطبيعته سوى حل واحد يسري عليهم جميعاً فإن القانون أوجب علي المحكمة المنظور أمامها الطعن أن تأمر الطاعن في حالة تخلف سواه من المحكوم عليهم عن إستعمال حقهم بأن يدخلهم في الطعن بطريقة إختصامهم ليستكمل صورته الجامعة التي لا معدى عنها الصدور حكم واحد في أمر يتأبي على تعدد الأحكام " وكما قالت كذلك في أحدث أحكامها أنه " إذا قعد أحد المحكوم عليهم عن التدخل في الطعن وجب علي المحكمة أن تأمر بإختصامه فيه تغليباً من المشرع لموجبات صحة إجراءات الطعن على أسباب بطلانه باعتبار أن الغاية من الإجراء هي وضعها في خدمة الحق ويكون ذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه لا تسليط الباطل على الصحيح ليبطله".
وإذا رفع الطعن في الميعاد وتدخل خصم من الخصوم الذين تنطبق عليهم إحدى الحالات الثلاث التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة في الطعن بعد الميعاد منضماً للطاعن فيطعنه أو أمرت المحكمة بإدخاله فليس له أن يطلب من الطلبات ما يخالف ما طلبه الطاعن في الطعن المنظور أو يزيد عليها . وفي حالة ما إذا إستؤنف الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة وقرر المستأنف ترك الخصومة بالنسبة لبعض المستأنف عليهم المحكوم لهم فإن هذا الترك يعتبر تركاً بالنسبة لباقي المحكوم لهم ما دام النزاع لا يحتمل غیر حل واحد ويجب على المحكمة الإستئنافية أن تعمل من تلقاء نفسها أثر هذا الترك بالنسبة للجميع لأن إجراءات التقاضي من النظام العام.
وفي حالة ما إذا صدر الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة وأمرت المحكمة الطاعن بإختصام من فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم ومن قبله إلا أنه نكل عن تنفيذ هذا القرار فإن المحكمة لا تستطيع في هذه الحالة أن تقضي في الدعوى بحالتها بل يتعين عليها أن تقضي بعدم قبول الطعن.
أثر إستئناف المضرور الحكم الصادر في الدعوى الأصلية على حق المتبوع في الرجوع :
من المقرر كما سبق أن أوضحنا أن رفع الاستئناف عن الدعوى الأصلية وحدها لا يطرح علي محكمة الإستئناف دعوى الضمان الفرعية غير أن الأمر يختلف إذا إختصم المحكوم له في الدعوى الفرعية ضامنة للحكم عليه بما عسى أن تقضي به المحكمة الإستئنافية من زيادة مثال ذلك أن يقيم المضرور دعوى أصلية بالتعويض ضد المتبوع وحده فيقيم الأخير دعوى ضمان فرعية ضد تابعه للحكم عليه بما عسى أن يحكم به عليه في الدعوى الأصلية ويصدر الحكم من محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بتعويض أقل مما طلبه المضرور وفي الدعوى الفرعية بالطلبات فإذا إستأنف المضرور هذا الحكم ضد المتبوع طالباً زيادة التعويض ولم يستأنفه المتبوع إلا أنه أدخل تابعة خصماً في الاستئناف طالباً الحكم عليه بما عسى أن يحكم عليه من زيادة فإن لازم ذلك أن تفصل المحكمة الإستئنافية في طلب الضمان بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 218 مرافعات ما دام أن الإستئناف الذي رفع عن الدعوى الأصلية قد أقيم في الميعاد ومادام أن المتبوع قد إختصم التابع للحكم عليه بطلباته سالفة البيان للإرتباط الوثيق بين الدعويين في الخصومة متى کان دفاع طالب الضمان والضامن متحداً ولا يشترط في ذلك أن يكون إختصام المتبوع لتابعه في الإستئناف قد تم في الموعد الذي ضربة القانون المتبوع إذ يجوز له ذلك حتى بعد انقضاء ميعاد الإستئناف.
مدى سريان حكم المادة 218 على دعاوى الأحوال الشخصية قبل العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 وبعده :
كان من المقرر قبل العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 أن دعاوى الأحوال الشخصية تخضع لحكم المادة 218 مرافعات فإذا رفع شخص دعوى ببطلان عقد زواج أبنته وإختصمها وزوجها فصدر الحكم بإجابته لدعواه فإستأنفت الزوجة فقط الحكم وإختصمت والدها دون الزوج جاز للأخير بعد فوات ميعاد الطعن أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن المرفوع من زوجته في الميعاد منضماً إليها في طلباتها فإن لم تفعل أمرت المحكمة الطاعنة بإختصامه في الطعن فإن لم تمتثل كان طعنها غير مقبول.
وجدير بالذكر أن القانون رقم (1) لسنة 2000 ثم يتضمن نصاً خاصاً بشأن ما قررته المادة 21 مرافعات ومن ثم يتعين إعمال أحكامها على دعاوى الأحوال الشخصية عملاً بالمادة الأولي من قانون إصدار القانون رقم (1) لسنة 2000 التي نصت على أن يطبق فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيه أحكام قانون المرافعات.
إذ كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وطعن المحكوم عليهم فيه بطعن واحد رفع صحيحة من بعضهم وباطلاً من الآخرين الذين قضى بعدم قبول طعنهم كان لهم أن يتدخلوا فيه منضمين إلي زملائهم وإلا وجب علي المحكمة أن تأمر بإختصامهم فيه.
مؤدي نص المادة 218 مرافعات وعلي ما جري به قضاء محكمة النقض أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وطعن المحكوم عليهم فيه بطعن واحد رفع صحيحاً من بعضهم وباطلاً من البعض الآخر فإن ذلك لا يؤثر في شكل الطعن المرفوع صحيحاً من الأولين فإن قضت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة لأصحاب الطعن الباطل كان لهم أن يتدخلوا فيه منضمين إلي زملائهم في طلباتهم فإن قعدوا عن ذلك وجب علي المحكمة أن تأمر بإختصامهم فيه.
وتأسيساً على ما تقدم إذا تبين لمحكمة النقض أن محامي بعض الطاعنين لم يودع التوكيل الصادر له من موكليه وقضت بعدم قبول الطعن المرفوع منهم وكان موضوع الدعوى كما سلف لا يقبل التجزئة كان لهؤلاء أن يتدخلوا فيه . فإن لم يفعلوا وجب علي المحكمة أن تأمر بإختصامهم.
مدى سريان حكم المادة 218 مرافعات عند الطعن بالنقض :
نظراً لأن نص المادة 218 مرافعات ورد ضمن الأحكام العامة في الطعن ومن ثم فلا جدال في أنه يتعين إعمال حكمها عند الطعن بالنقض بالنسبة لحالة تعدد المحكوم عليهم ، غير أنه من ناحية أخرى فإن أعمالها بالنسبة لحالة المحكوم لهم لا يصادف محلاً ، ذلك أن مؤدي نص المادة 203 مرافعات وجوب إشتمال صحيفة الطعن بالنقض على أسماء جميع الخصوم الواجب إختصاماهم فإذا خالف الطاعن ذلك وأغفل إختصام أحد المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه والصادر في موضوع غير قابل للتجزئة فإن الجزاء على ذلك هو بطلان الطعن.
أثر إقامة الطاعن إستئنافه عن الحكم الصادر أثناء سير الخصومة وغير المنهي للخصومة ثم إقامته إستئنافاً ثانياً عن الحكم المنهي للخصومة يتضمن نعيه على الحكم الأول :
في حالة ما إذا صدر حكم أثناء سير الخصومة وكان غير منه للخصومة كإحالة الدعوى للتحقيق أو ندب خبير أو إستجواب الخصوم أو توجيه اليمين الحاسمة فطعن عليه الطاعن بالاستئناف . وحينما صدر الحكم المنهي للخصومة أقام إستئنافاً ثانياً عنه إلا أنه ضمنه نعياً على الحكم الأول فإنه يترتب على ذلك إعتبار الحكم الأول مطروحاً على محكمة الإستئناف في الإستئناف الثاني. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الخامس ، الصفحة : 278)
قاعدة نسبية أثر الطعن:
لا يفيد الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه: من المبادئ الأساسية والمسلمة في فقه المرافعات مبدأ نسبية الأثر الذي يترتب على إجراءات المرافعات، ومقتضاه أن إجراءات المرافعات ليس لها من أثر إلا بالنسبة لمن باشرها ولمن بوشرت في مواجهته بمعنى أنه لا يفيد منها إلا من أجراها ولا يحتج بها إلا على من إتخذت إزاءه، وقد طبق المشرع هذا المبدأ على طرق الطعن في الأحكام فنص الفقرة الأولى من المادة 218 محل التعليق على أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه ويظهر أثر هذه القاعدة عند تعدد الخصوم من المحكوم عليهم أو المحكوم لهم، فإذا صدر حكم على محكوم عليهم متعددين فطعن فيه البعض ولم يطعن فيه البعض الآخر حتى فات الميعاد، فإن هذا الطعن لا يفيد من أثره إلا من رفعه، أما من أسقط حقه في الطعن بتفويت ميعاده فلا يفيد منه، فإذا عدل الحكم بعد الطعن أفاد من التعديل الطاعن أما المحكوم عليه الذي لم يطعن فيه فيبقى الحكم الأول حجة عليه.
كذلك إذا صدر حكم المحكوم لهم متعددين فطعن فيه المحكوم عليه ضد بعض المحكوم لهم فقط، فإن الطعن لا ينتج أثره إلا بالنسبة لمن رفع عليه، فإذا عدل الحكم لمصلحة الطاعن، فإن التعديل لا يحتج به إلا على من رفع عليه الطعن، أما للمحكوم له الآخر فله أن يتمسك على المحكوم عليه بالحكم الأول (رمزی سيف - ص 777 و 778).
إذن القاعدة أنه إذا تعدد للمحكوم لهم أو المحكوم عليهم جاز رفع الطعن من أو ضد البعض دون حاجة إلى إدخال الآخرين، ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه ويعتبر الآخرون غير خصوم في الطعن ولا يجوز إدخالهم بعد مضي ميعاد الطعن ولا يجوز الإحتجاج منهم أو ضدهم بالحكم الصادر في الطعن (نقض 1971/6/1 ، سنة 22 ص 716 ). إذ القاعدة أن لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه (نقض 1955/11/22 ، سنة 6 ص 1516 )، ولذلك فإنه إذا بطل الطعن المرفوع من أحد الخصوم أو الموجه إلى أحدهم بطل بالنسبة إليه وحده دون أن يؤثر في باقي الطعون (نقض 1962/1/4 ، سنة 13 م 42 ) فالطعن الذي يرفعه أحد الورثة في الميعاد لا يستفيد منه باقي الورثة الذين فوتوا الميعاد (نقض 1957/5/23 ، سنة 8 ص 496 ) ولا تؤثر في القاعدة وحدة المصلحة (كمال عبد العزيز ص 426 ) وقد إختلف في شأن إستفاده المدين من الطعن الذي يرفعه دائنه عن حكم صادر ضد الدين فذهب البعض إلى إستفادته منه بينما نفى آخرون ذلك (محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 1140 وهامشه).
فمن لم يطعن من المحكوم عليهم في البعاد يصبح الحكم في مواجهته غير قابل للطعن ولا يكون طرفاً في خصومة الطعن، وليس له الإنضمام إلى الطعن بعد الميعاد (نقض 1964/2/6، سنة 15 ص 199 ). ولا يستفيد إذا عدل الحكم في خصومة الطعن. ومن لم يوجه إليه الطعن من المحكوم لهم، لا يعتبر طرفاً في خصومة الطعن ولا يجوز إدخاله فيها بعد إنقضاء ميعاد الطعن. وكما ذكرنا آنفا فإنه إذا ألغى الحكم الصادر في خصومة الطعن، فإن له رغم هذا الإلغاء التمسك بهذا الحكم، إن الحكم الصادر في الطعن لا يكون حجة في مواجهته، وذلك إعمالاً لقاعدة نسبية اثر الطعن، ونتيجة لهذه القاعدة، فإنه إذا بطل رفع الطعن الموجه من أحد الخصوم أو الموجه إلى أحد الخصوم، فإنه يبطل بالنسبة له وحده ولا يؤثر في صحة رفع الطعن منه أو ضد غيره من الخصوم. ذلك أن خصومة الطعن تستقيم بالنسبة للبعض دون البعض الآخر. (نقض 1992/12/20 لسنة 12 ص 42 نقض 1974/12/21 لسنة 25 ص 396 نقض 1992/1/4 لسنة 12 ص 42 فتحى والى - ص 708).
ويذهب البعض في الفقه إلى أن المادة 218 مرافعات - محل التعليق - تقرر قاعدة عامة تتبع بالنسبة إلى كل طعن سواء أكان طعناً عادياً أم غير عادي، وأياً كانت طريقة رفع هذا الطعن، وذلك لأن المادة واردة في باب الأحكام العامة في الطعن، ولا يجوز الخروج عليه إلا بنص صريح. (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص856 ).
بيد أن إتجاه محكمة النقض عکس هذا الرأي، فقد قضت بأن ورود المادة 218 مرافعات ضمن الأحكام العامة في الطعن يوجب إعمالها عند الطعن بالنقض في حالة تعدد المحكوم عليهم وإنما لا محل لأعمالها في حالة تعدد المحكوم لهم، بالتالي يبطل الطعن بالنقض عند إغفال الطاعن إختصام بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه والصادر في موضوع غير قابل للتجزئة. (نقض 1986/4/24 طعن رقم 154 لسنة 51 قضائية، نقض 1968/4/24 طعن رقم 2212 لسنة 52 قضائية، نقض 1985/5/7 الطعن رقم 26 لسنة 52 قضائية، وانظر أيضاً حكم محكمة الهيئة العامة بمحكمة النقض في 1989/4/26 - الطعن رقم 2441 . لسنة 54 قضائية).
إستثناءات من قاعدة نسبية أثر الطعن : رأى المشرع أن هناك حالات لا ينبغي فيها إعمال قاعدة نسبية أثر الطعن إذ ينتج عن تطبيق القاعدة في هذه الحالات حلول لا يمكن قبولها، ولذلك نص على إستثناء بعض الأحكام وبعض الطعن من هذه القاعدة، ويمكن تقسيم هذه الحالات الإستثنائية إلى ثلاث طوائف على النحو التالي :
الطائفة الأولى من الحالات الإستثنائية من قاعدة نسبية أثر الطعن:
طعون النيابة العامة: أستثني الشرع في صدور المادة 218 مرافعات . محل التعليق - الطعون التي تقدم من النيابة العامة من قاعدة نسبية الأثر المترتب على الطعن، ولم يكن هذا الإستثناء منصوصاً عليه في المادة 384 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 218 من قانون المرافعات الحالي.
الطائفة الثانية من الحالات الإستثنائية من قاعدة نسبية أثر الطعن :
وهي تشمل حالات: الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة، أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين: خرج المشرع في هذه الحالات على القاعدة العامة من ناحيتين:
الناحية الأولى: وصورتها أن يصدر حكم على محكوم عليهم متعددين في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين، ثم يقبل الحكم بعض المحكوم عليهم أو يفوت میعاد الطعن فيه بينما يطعن فيه البعض الآخر في الميعاد، يجوز في هذه الصورة لمن قبل الحكم من المحكوم عليهم او فوت ميعاد الطعن أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد منضماً بذلك إلى من رفع الطعن في طلباته، مثال ذلك أن يصدر حكم على مدينين متضامنين، فوت أحدهما ميعاد الطعن فيه أو قبل الحكم بينما طعن الثاني فيه في الميعاد، يجوز للأول بالرغم من قبوله أو تقويته للميعاد أن ينضم إلى زميله في طلباته ليستفيد بذلك مما عسى أن يحكم به في الطعن من تعديل للحكم أو إلغائه لمصلحة الطاعن .
فإن طعن في الحكم أحد المحكوم عليهم، ولم يطعن فيه الأخر حتى حلول . الجلسة المحددة لنظر الطعن أمرت المحكمة الطاعن بإختصامه في الطعن .
الناحية الثانية: وصورتها أن يصدر حكم لمصلحة محكوم لهم متعددين في موضوع غير قابل للتجزئة أو إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين، ثم يطعن المحكوم عليه في الحكم ضد أحد المحكوم لهم في الميعاد ويفوت ميعاد الطعن بالنسبة للباقين، يجب في هذه الحالة إختصام الباقين ولو بعد فوات ميعاد الطعن مثال ذلك أن يرفع دائن دعوى عن مدينين متضامنين، ثم يحكم برفض دعواه فيستانف الحكم بالنسبة للمدين الأول في الميعاد، ولا يستأنفة بالنسبة إلى الثاني حتى يفوت ميعاده الإستئناف، يجب في هذه الحالة على الدائن أن يدخل المدين الثاني في الإستئناف ولو بعد فوات ميعاد الإستئناف، حتى يكون الحكم الصادر في الإستئناف حجة على الخصمين. وينبني على ذلك أنه إذا صدر الحكم المحكوم لهما بالتضامن فطعن فيه المحكوم عليه في الميعاد بالنسبة لأحد المحكوم لها ورغم الطعن على الأخر بعد الميعاد فلا يجوز الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للأخر بدعوى رفعه بعد الميعاد، (نقض 1953/4/2 ، في المحاماة لسنة 35 صفحة 326 رمزي سيف ص 778 ص 779).
وعلة الخروج على القاعدة العامة رغبة المشرع في تفادي تعارض الأحكام. في موضوعات لا تحتمل هذا التعارض، كان يكون الموضوع غير قابل للتجزئة، ومثل الموضوع غير القابل للتجزئة النزاع على حق إرتفاق مقرر على عقار أو لفائدة عقار مملوك على الشيوع لعدة أشخاص، ومثل الدعوى التي يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين دعوى استرداد المنقولات المحجوزة، إذ يوجب القانون رفعها على الدائن الحاجز والمحجوز عليه والحاجزين المتدخلين في الحجز (مادة 294 مرافعات)، ومثلها أيضا دعوى الشفعة إذ يوجب القانون رفعها على بائع العقار المراد أخذه بالشفعة وعلى مشتريه (مادة 943 مدنی) (رمزی سیف ص 779 ص 780 ).
وسوف نوضح ما تقدم بالتفصيل فيما يلي: فوفقاً للفقرة الثانية من المادة 218 - محل التعليق - تستثنى من قاعدة نسبية أثر الطعن، الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة، ويلاحظ أن عدم التجزئة توجد بالنسبة لدعاوى الإلزام إذا كان محل الإلزام غير قابل للانقسام وفقاً للمادة 300 مدنی بحيث إذا صدر بشأنه حكماً إلزام متعارضان استحال بصفة مطلقة تنفيذهما في نفس الوقت. كما يكون الموضوع غير قابل التجزئة بالنسبة الدعاوى التقريرية والدعاوى المنشئة والدعاوى المتعلقة برابطة قانونية واحدة متعددة الأطراف أو بين طرفين ولكن الدعوى بشأنها مرفوعة من الغير (فتحي والي ص 708). ومثال هذه الأحكام الحكم بإلزام المؤجر بتمكين المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة أو الحكم الصادر بتصفية شركة أو حل نقابة (نقض 1962 / 4 / 4 ، لسنة 13 ص 411 ) أو فسخ عقد أو تقرير صحته أو بطلانه، أو الحكم بتثبيت ملكية منزل (استئناف 1922 / 6 / 28 ، منشور في المحاماة لسنة 13 ص 708 او بصحة أو بطلان حكم إيقاع البيع (نقض 1972 / 5 / 23 ) لسنة 22 ص 977)، أو صورية عقد بیع (نقض 1974 / 3 / 28 ، لسنة 25 ص 598 ). أو صحته ونفاذه (نقض 1977 / 4 / 5 ، في الطعن رقم 26 لسنة 43ق) والحكم بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمؤجر وطلب المستأجر إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار (الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض جلسة 1987 / 12 / 16 ، في الطعنين 300 و 409 لسنة 56).
ويقصد بعدم القابلية للتجزئة، عدم التجزئة المطلق الذي يكون من شأنه إن الفصل في النزاع لا يحتمل غير حل واحد (نقض 1963 / 3 / 28 ، لسنة 14 ص 281 ) وهو يتوافر كما ذكرنا آنفا إذا كان محل الإلتزام غير قابل للإنقسام وفقاً المادة 300 مدني سواء كان عدم القابلية للإنقسام راجعاً إلى طبيعة الحل او غرض المتعاقدين أو إتفاقهما (عبد الرزاق السنهورى الجزء الثالث من الوسیط طبعة 1968 بند 210 ص 374 وما بعدها) كما يتوافر إذا كان الخصوم لمتعددون في الخصومة التي صدر فيها الحكم في حالة تعدد إجباري وهو ما يتحقق في خمس صور اولها إذا تعلقت الخصومة برابطة قانونية موضوعية واحدة متعددة الأطراف كالدعوى بين الشركاء في شركة، وثانيها إذا تعلقت الدعوى برابطة قانونية موضوعية واحدة ذات طرفين ولكن الدعوى بشأنها رفعت من الغير أو على الغير كالدعوى التي يرفعها شخص من الغير ببطلان الزواج، وثالثها إذا نص القانون على إختصام جميع أطراف الرابطة القانونية الموضوعية في الخصومة كدعوى قسمة المال الشائع حسب نص المادة 836 مدنی (نقض 25 / 1 / 1968 لسنة 19 ص 164 )، و دعوى الشفعة حسب نص المادة 843 مدنی، ورابعها الدعوى التقريرية إذا تعدد أطراف الرابطة القانونية لأنه لا يتصور تقرير رابطة واحدة إلا في مواجهة أطرافها كدعوى تقریر أو نفي حق إرتفاق لصالح أو على عقار شائع إذ يجب إختصام جميع الشركاء، وخامسها الدعوى المنشئة إذا تعدد أطراف الرابطة القانونية لأنه لا يتصور تغيير هذه الرابطة إلا في مواجهة جميع أطرافها (فتحى والي - الخصومة. البندان 13 و 127، أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 580 ونظرية الأحكام بند 439 كمال عبد العزيز ص 426 و 427 ) .
وكما ذكرنا آنفا فإنه يستثنى من قاعدة نسبية أثر الطعن، فضلا عن الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة الحكم الصادر في دعوى يوجب فيها القانون إختصام أشخاص معينين، كما هو الحال في دعوى الشفعة (نقض 1965/4/8 ، لسنة 16 ص 476 ، أو دعوی قسمة المال الشائع أو دعوى صحة ونفاذ عقد البيع إذا كان البائع لم يسجل عقد شرائه إذ يجب إختصام البائع والبائع للبائع (نقض 1975/6/30 ، سنة 26 ص 1330 .
وأيضاً وفقاً للفقرة الثانية من المادة 218 مرافعات - محل التعليق - وكما أوضحنا آنفا، فإنه يستثنى من قاعدة نسبية أثر الطعن الحكم الصادر في إلتزام بالتضامن، ويكون الأمر كذلك ولو كان محل الإلتزام قابلاً للإنقسام، ويقتصر الأمر على حالة التضامن بين المدينين، دون التضامن بين الدائنين ما لم يكن محل الإلتزام غير قابل للإنقسام ففي هذه الحالة يستثني الحكم من قاعدة نسبية أثر الطعن لأنه صادر في موضوع غير قابل للتجزئة، وحتى بالنسبة للتضامن بين المدينين لا ينطبق النص إلا على من كان منهم مختصماً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. (فتحی والی ص 710).
ولا يثور أثر المتضامن على الحق في الطعن إلا إذا كان محل الالتزام قابلاً للإنقسام إذ لو كان غير قابل له خضع لحكم عدم القابلية للتجزئة ويقصد التضامن بين المدينين دون التضامن بين الدائنين وبشرط أن يكون المدين المتضامن مختصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه (فتحى والى - الإشارة السابقة)، والعبرة بالحكم فعلا بالتضامن أما إذا كان المدعي قد طلب الحكم به ولم يحكم به في الحكم المطعون فيه فلا يتحقق موجب الإستثناء ولاتكفي مجرد الخشية من وقوع تضارب في الأحكام (نقض 1963/3/4 لسنة 14 ص 490) ولا يجوز القياس على هذا الإستثناء (نقض 1956/2/23 سنة 7 ص 244 ، كمال عبدالعزيز ص 428 و ص 429 ).
ويشترط لسريان حكم المادة 218 في الحالات الثلاث سالفة الذكر ان بعد الخصوم وأن يكون كل منهم خصماً حقيقياً أما إذا كان أحد المدعى عليهما لم يختصم إلا ليصدر الحكم في مواجهته فلم يتحقق المقصود بالتعدد. نقض 1996/3/1 لسنة 17 ص 486 ، نقض 1974/5/27 لسنة 25 ص 952 ) .
إذ تتوافر هذه الحالات الثلاث إذا تعدد الخصوم، ولو حدث تعددهم بعد بدء الخصومة المصادر فيها الحكم المطعون فيه، سواء بسبب خلافة عامة عند تعدد الورثة (نقض إيجارات 1980/2/9 في الطعن رقم 288 لسنة 46 ق ، ونقض ضرائب 1980/1/29 في الطعن رقم 619 لسنة 43 ق ، ونقض مدني 1971/6/17 لسنة 22 ص 764 )، أو بسبب التدخل في الخصومة وذلك ما لم يكن التدخل تدخلاً إنضمامياً بسيطا، إذ عندئذ تمتد حجية الحكم الصادر في الطعن إلى التدخل في الخصومة التي صدر فيها الحكم ولو لم يكن طرفا في الطعن. (نقض مدنى 1964/12/31 لسنة 15 ص 1266 ، فتحي والي ص 710 وهامش 2 بها ).
وفي هذه الحالات الثلاث، حرص القانون على تفادي صدور حكم في الطعن يتعارض مع الحكم المطعون فيه، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم. ولتحقيق هذا الهدف تقرر المادة 218 مرافعات - محل التعليق - في فقرتها الثانية أنه إذا تعدد المحكوم عليهم ورفع بعضهم طعنا صحيحا في الميعاد. فإن للمحكوم عليهم الآخرين الذين فوتوا ميعاد الطعن، أو قبلوا الحكم، الطعن في الحكم ولو بعد الميعاد. ويكون لهم هذا سواء بطعن جديد أو بالتدخل إنضماماً إلى الطعن القائم (نقض مدنی 1966/5/17 لسنة 17 ص 1146) .
ويثبت هذا الحق للمحكوم عليه الآخر ولو كان قد طعن وترك الخصومة في الطعن (نقض 1977/4/5 - في الطعن رقم 26 لسنة 43 ق) على أنه يجب أن يستند الطعن الجديد إلى نفس أسباب الطعن المرفوع في الميعاد، فليس لرافع الطاعن أو المنضم بعد الميعاد أن بطلب لنفسه طلبات مستقلة تغاير طلبات الطاعن في الميعاد أو تزيد عليها (نقض مدنی 1963/3/28 لسنة 14 ص 381)، فإن لم يقم أحد من هؤلاء باستعمال الرخصة المخولة له بالطعن بعد الميعاد، أمرت المحكمة الطاعن بإختصامه في الطعن فإن لم يفعل، قضت المحكمة ولو من تلقاء نفسها بعدم قبول الطعن (نقض مدني 1990/6/12 في الطعن رقم 1837 لسنة 54 ق، ونقض إيجارات في الطعن رقم 195 لسنة 46 ق). وتنطبق هذه القاعدة أيضا في حالة القضاء ببطلان أو بعدم قبول الطعن المرفوع من بعض المحكوم عليهم. (نقض إيجارات 1982/1/14 في الطعن رقم 555 لسنة 47 ق، فتحي والي ص 711 وهامش 3 بها).
أما إذا تعدد المحكوم لهم، ورفع الطعن على بعضهم صحيحاً في الميعاد، وجب على الطاعن إختصام باقي المحكوم لهم في الطعن ولو بعد الميعاد، فإن لم يفعل قضت المحكمة - ولو من تلقاء نفسها - بعدم قبول الطعن. (نقض 1967/3/7 لسنة 18 ص 565 ) .
أما إذا تعدد المحكوم عليهم فيسرى حكم الفقرة الثانية من المادة 218 - محل التعليق - على الطعن بالنقض .
الطائفة الثالثة من الحالات الإستثنائية من قاعدة نسبية أثر الطعن: حالة صدور حكم في دعوى أصلية يكون صاحب الضمان والضامن خصمين فيها، وقد نصت على هذه الحالة الفقرة الثالثة من المادة 218 مرافعات - محل التعليق : بقولها:
"كذلك يفيد الضامن وطلب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا أتخذ دفاعهما فيها، وإذا رفع طعن على أيهما جاز إختصام الآخر فيه."
ففي هذه الحالة خرج المشرع على قاعدة نسبية أثر الطعن من ناحيتين :
الناحية الأولى : وصورتها أن يصدر الحكم لمصلحة منازع صاحب الضمان فيطعن فيه صاحب الضمان في الميعاد بينما يقبل الضامن الحكم أو يفوت ميعاد الطعن فيه، أو يطعن في الحكم الضامن في الميعاد بينما يقبله صاحب الزمان أو يفوت ميعاد الطعن فيه، في هذه الصورة يجوز لمن قبل الحكم أو فوت ميعاد الطعن فيه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من زميله. منضماً إليه في طلباته (رمزی سيف ص 780 ) .
الناحية الثانية : وصورتها أن يصدر الحكم على منازع صاحب الضمان فيطعن فيه في الميعاد ضد الضامن أو ضد صاحب الضمان فقط، يجوز في هذه الصورة إختصام الآخر في الطعن ولو كان إختصامه بعد فوات الميعاد.
والخروج على القاعدة العامة في هذه الحالة بصورتيها مشروط بأن يكون دفاع صاحب الضمان في الدعوى الأصلية متحداً مع دفاع الضامن فيها.
إذن بالنسبة للضامن وطالب الضمان فإنه طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 218 مرافعات - محل التعليق - فإنه إذا حكم عليهما في الدعوى الأصلية : وطعن أحدهما في الميعاد فإن الآخر الذي فوت الميعاد أو قبل الحكم يفيد من الطعن المرفوع». ويشترط لذلك أن يكون دفاعهما في هذه الدعوى الأصلية واحدة (نقض 1978/5/2 طعن 941 لسنة 44 ق ) . فإذا اختلف دفاعهما فلا يفيد من هذا الطعن. وتعني الإفادة أن يكون لمن فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم منهما أن ينضم إلى طعن الآخر، فإن لم يفعل فإن الطعن ينظر دون إختصامه (فتحی والی ص 714 ).
أما إذا حكم لهما في الدعوى الأصلية، ورفع الطعن ضد أحدهما في البعاد، فإن الطاعن أن يختصم الآخر ولو بعد الميعاد، فإن لم يفعل فإن الطعن ينظر دون إختصامه (نقض 1979/3/19 طعن رقم 3 لسنة 46 ق ) .
وفي الحالتين لا يؤدي بطلان الطعن المرفوع من أحدهما أو على أحدهما إلى بطلان الطعن المرفوع من أو على الآخر. (فتحى والي - الإشارة السابقة).
ويثور التساؤل في هذا الصدد عن أثر إستئناف المضرور الحكم الصادر في الدعوى الأصلية على حق المتبع في الرجوع . لا شك في أن رفع الإستئناف عن الدعوى الأصلية وحدها لا يطرح على محكمة الاستئناف دعوى الضمان الفرعية غير أن الأمر يختلف إذا إختصم المحكوم له في الدعوى الفرعية ضامنة للحكم عليه بما عسى أن تقضي به المحكمة الإستئنافية من زيادة، مثال ذلك أن يقيم المضرور دعوی اصلية بالتعويض ضد المتبوع وحده فيقيم الأخير دعوى ضمان فرعية ضد تابعه للحكم عليه بما عسى أن يحكم به عليه في الدعوى الأصلية ويصدر الحكم من محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بتعويض أقل مما طلبه المضرور وفي الدعوى الفرعية بالطلبات فإذا استأنف المضرور هذا الحكم ضد المتبرع طالباً زيادة التعويض ولم يستأنفه المتبوع إلا أنه أدخل تابعه خصماً في الإستئناف طالباً الحكم عليه بما عسى أن يحكم عليه من زيادة فان لازم ذلك أن تفضل المحكمة الإستئنافية في طلب الضمان بالنسبة الدعوى الضمان الفرعية إعمالاً للفترة الأخيرة من المادة 218 مرافعات مادام الاستئناف الذي رفع عن الدعوى الأصلية قد أقيم في الميعاد وما دام المتبرع قد إختصم التابع للحكم عليه بطلباته سالفة البيان للارتباط - الوثيق بين الدعويين في الخصومة متى كان دفاع طالب الضمان والضامن متحداً ولا يشترط في ذلك أن يكون إختصام المتبوع التابعة في الإستئناف قد تم في الموعد الذي ضربه القانون للمتبوع إذ يجوز له ذلك حتى بعد إنقضاء ميعاد الإستئناف. (نقض 1981/3/18 - لسنة 32 جـ 1 ص 866 ) .
نطاق أعمال المادة 218 مرافعات:
ينبغي ملاحظة أن حكم نص المادة 218 مرافعات - محل التعليق - ناصر على تقرير نسبية الطعن في الأحكام والإستثناءات التي ترد عليها فلا شأن له بالحكم الذي يصدر في الدعوى نتيجة الطعن وإنما يخضع ذلك لقواعد القانون المدني، فإذا لم بطعن أحد المحكوم عليهم في الحالات المستثناة من القاعدة العامة في الحكم قبل فوات الميعاد أو بعد فواته على التفصيل السالف الذكر، لم يخضع الحكم الصادر في الطعن لحكم النص وإنما يخضع للقواعد الخاصة بحجية الأحكام والإحتجاج بها. (نقض 1958/1/23 لسنة 9 ص 111 ، رمزی سيف م781 كمال عبدالعزيز ص 431 ) .
فقد حدد المشرع في المادة 218 مرافعات - محل التعليق - مدی الخروج على القاعدة العامة من حيث إفادة الخصم من الطعن المرفوع من غيره من المحكوم عليهم أو الإحتجاج عليه بالطعن المرفوع على غيره من المحكوم لهم بقصر الإفادة على التدخل في الطعن، ويقصر الإحتجاج على الإختصام فيه، دون التعرض لمدى حجية الحكم الصادر في الطعن بالنسبة لمن لم يختصم فيه من المحكوم عليهم أو المحكوم لهم، تاركاً البت في هذه المسألة لقواعد القانون المدني في حجية الشيء المحكوم فيه رمزي سيف - الإشارة السابقة) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الرابع ، الصفحة : 545)