تتمثل عناصر تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الإستئناف في الطلب الأصلي الذي رفعت به الدعوى وتوابعه متى كانت مقدرة القيمة ومستحقة يوم رفع الدعوى، ولا تضاف هذه التوابع للطلب الأصلي إذا كانت غير مقدرة القيمة، أو كانت مقدرة القيمة ولكنها لم تكن مستحقة يوم رفع الدعوى ، ولا تضاف قيمتها أيضاً إلى الطلب الأصلي إلا إذا كان هذا الطلب مقدراً القيمة، فإن لم يكن كذلك فلا يعتد بقيمة هذه التوابع وتكون الدعوى برمتها غير مقدرة القيمة، ويكون الحكم الصادر فيها جائزا إستئنافه ولو صدر في شأن الطلب التابع وحده أو اقتصر الاستئناف عليه.
وتنصرف توابع الطلب الأصلي إلى الفوائد والتعويضات المترتبة على مسئولية المدعى عليه كما إذا أوقع حجزاً بطريق الخطأ ورفعت الدعوى بطلب أصلي متمثلاً في رفع الحجز مع التضمينات. كذلك إلزامه المصاريف التي تكبدها المدعي والمقصود بها مصاريف الشيء المتنازع عليه كمصاريف إرسال البضاعة أو تخزينها، أما مصاريف الدعوى فلا شأن لها في تقدير قيمتها. ومثل التوابع غير مقدرة القيمة، طلب التسليم وكف المنازعة وشطب التسجيل وإلغاء إجراءات التنفيذ التي إتخذت. فإن لم تقدم كطلب تابع ورفعت بها دعوی مستقلة اعتبر كل منها طلباً أصلياً.
وقد أوضحنا فيما تقدم، أن جواز الطعن يكون مطروحا على المحكمة المتعلقة بالنظام العام مما يوجب عليها التصدي له من تلقاء نفسها، وإذ يتعلق نصاب الإستئناف بجوازه، ومن ثم تتصدى له المحكمة الإستئنافية من تلقاء نفسها وسبيلها إلى ذلك باللجوء لقواعد تقدير قيمة الدعوى المقررة في قانون المرافعات والمادة (36) وما بعدها.
وإن كانت الدعوى تدخل في نصاب محكمة المواد الجزئية، إلا أنها قضت بالرغم من إختصاصها بنظرها، بعدم إختصاصها. بها قيمياً أو نوعياً، وأحالتها إلى المحكمة الإبتدائية، ولم يطعن في هذا القضاء فحاز قوة الأمر المقضي، فإن المحكمة الإبتدائية تلتزم بنظر الدعوى ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً الطعن فيه أمام محكمة الإستئناف إعمالاً لقوة الأمر المقضي حتى لو كانت قيمة الدعوى تدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية ، لأن حجية الأحكام تسمو على إعتبارات النظام العام، وذلك على نحو ما تقدم.
نصاب الإستئناف عند وجود طلب احتياطي:
الطلب الإحتياطي هو الذي يتقدم به المدعي مع الطلب الأصلي ، ويطلب القضاء به إذا رأت المحكمة عدم إجابة الطلب الاصلى، وحينئذ تقدر قيمة الدعوى بقيمة الطلب الأصلي وتوابعه وفقاً للبند السابق دون إعتداد بقيمة الطلب الإحتياطي.
نصاب الإستئناف في حالة طلب الإزالة:
الأصل في تقدير قيمة الدعوى عند وجود طلبات تابعة غير مقدرة القيمة ألا يعتد بهذه الطلبات عند تحديد نصاب الإستئناف على نحو ما تقدم، إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل وأورد إستثناء عليه بالنسبة لطلب الإزالة فأوجب الاعتداد بقيمة البناء أو الغراس إذا طلب إزالته.
ويترتب على ذلك، أن المدعي إذا رفع دعوى بتثبيت ملكيته لارض النزاع وإزالة ما عليها من بناء ، تعين تقدير قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الإستئناف بالطلبين معاً ، بإعتبار أن طلب ملكية الأرض سيتضمن المنازعة في حق صاحب البناء في حق القرار وهو حق عيني، ومن ثم فإن النزاع يشمل العقار كله، أرضاً وبناء، وهو ما يجب معه أن تقدر قيمة الدعوى بقيمة و الأرض والبناء معا.
وتقدر قيمة البناء بإعتبارها يوم رفع الدعوى وفقاً لقيمته بالحالة التي كان عليها في ذلك اليوم دون إعتداد بقيمته التي حددها القانون المدني في المادتين 924 ، 925 منه إذ تختلف عناصر تقدير قيمة الدعوى عن عناصر التعويض.
العبرة في تحديد نصاب الإستئناف بما تضمنه قانون المرافعات:
تضمن قانون المرافعات القواعد الواجب اتباعها لتقدير قيمة الدعوى تحديداً للإختصاص القيمي ونصاب الإستئناف، ولذلك فهي قواعد آمرة تتعلق بالنظام العام مما لا يجوز معه للخصوم الإتفاق على مخالفتها، ولا يعتد بالتالي بالتقدير الذي يحدده المدعى لدعواه ويسكت المدعى عليه عن المجادلة فيه ، كما لا يعتد بالتقدير الذي يحدده قلم الكتاب ، ولا بالتقدير الذي تضمنه قانون الرسوم القضائية، ويتعين على المحكمة أن تقدر بنفسها قيمة الدعوى وفقا للقواعد سالفة البيان تحديداً لنصاب الإستئناف .
والعبرة في تحديد نصاب الإستئناف بما طلبه المدعى وفقا لاخر طلباته، وليس بما قضت به المحكمة. بحيث إذا كانت هذه الطلبات تجيز إستئناف الحكم إذا صدر بإجابة المدعى لها أو رفضها، كان الحكم الذي يصدر جائزاً إستئنافه حتى لو قضى بجزء من هذه الطلبات مما يدخل في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة، مثال ذلك إن يطلب المدعي تعويضاً قدره عشرين ألف جنيه ولكن تقضى له المحكمة بألف جنيه فقط، وهو مبلغ لو نظر إليه مستقلاً کان مما يدخل في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية ويكون الحكم الصادر به غير جائز إستئنافه ، وفي هذه الحالة لا يحدد نصاب الإستئناف بمبلغ آلاف جنيه وإنما بمبلغ العشرين ألف جنيه، ويكون الحكم جائزاً إستئنافه دون إعتداد بالمبلغ الذي قضى به.
نصاب الإستئناف عند ضم دعويين :
إذا اتحدت الدعويان سبباً وموضوعا، فإن ضم إحداهما للأخرى يفقد كل منهما إستقلالها وتصبحان ما دعوى واحدة يعتد بقيمتها عند تحديد نصاب الإستئناف ، أما إن لم يؤد الضم إلى ذلك، وظلت كل منهما مستقلة عن الأخرى، تعين الإعتداد بقيمة كل منهما على حدة عند تحديد نصاب إستئناف ، فإن كانت قيمة احداهما يدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة، فلا يجوز إستئناف الحكم بالنسبة لها.
نصاب الإستئناف في دعوى التزوير الفرعية:
دعوى التزوير الفرعية ، بمثابة طعن في محرر مقدم في دعوى قائمة يراد به إستصدار حكم برده وبطلانه ، ومن ثم تكون دعوى التزوير الفرعية وجه من أوجه الدفاع في الدعوى الأصلية، ولذلك تقدر قيمتها بقيمة الدعوى الأصلية دون إعتداد بقيمة الحق المثبت في المحرر المطعون فيه بالتزوير، ووفقاً لهذا التقدير يتحدد نصاب الإستئناف في الحكم الصادر في دعوى التزوير الفرعية.
نصاب الإستئناف في دعوى الوصية :
الراجح في المذهب الحنفي أن يكون تقدير الثالث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض، لأنه هو وقت إستقرار الملك وتنفيذ وصية وإعطاء كل ذي حق حقه، ومن ثم تقدر قيمة الدعوى بقيمة ثلث نتركه وقت إفرازه، ووفقاً لهذا التقرير يتحدد نصاب الإستئناف .
نصاب الإستئناف في الطلبات الناشئة عن سبب قانوني واحد:
إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد، قدرت قيمتها بإعتبار جملة قيمة هذه الطلبات، مثال ذلك أن يرفع العامل دعوی ضد رب العمل بطلبات متعددة تنصرف إلى التعويض عن الفصل التعسفي ومقابل الإنذار ومقابل الإجازة السنوية ، وهي طلبات ناشئة كلها عن عقد العمل وبالتالي عن سبب قانوني واحد، ومن ثم تقدر بمجموع هذه الطلبات ويتحدد نصاب الإستئناف وفقاً لهذا التقدير حتى ولو إقتصر الإستئناف على أحد هذه الطلبات.
والعبرة في التعدد بالطلبات الأصلية وهي التي يستقل كل منها عن الآخر، فيخرج عن التعدد الطلب التابع للطلب الأصلي وإنما يعتد في تقدير قيمة الدعوى وتحديد نصاب الإستئناف بالطلب الاصلى وحده.
وإذا تعددت الطلبات الأصلية وكانت ناشئة عن سبب قانوني واحد، وكان بعضها مقدر القيمة والبعض الآخر غير مقدر القيمة، قدرت الدعوى وتحدد نصاب الإستئناف بمجموع هذه الطلبات، وحينئذ تعتبر الدعوى غير مقدرة القيمة وتجاوز عشرة آلاف جنيه، ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً إستئنافه ، مثال ذلك أن يرفع العامل ضد هيئة التأمينات الإجتماعية دعوی بثلاثة طلبات أصلية تتمثل في طلب معاش شهري له وللمستحقين عنه من بعده ، وفى مبلغ مائة جنية قيمة التأمين الإضافي، وفي مبلغ خمسين جنيهاً قيمة المعونة المالية، وإذ نشأت هذه الطلبات جميعاً عن سبب قانوني واحد هو قانون التأمينات الإجتماعية، فإن الدعوى تقدر بمجموعها، ولما كان الطلب الأول غير مقدر القيمة ويعتبر لذلك زائداً عن عشرة آلاف جنيه، تعين تقدير الدعوى ككل وتحديد نصاب الإستئناف على هذا الأساس دون التقيد بقيمة كل من الطلبين الآخرين على حدة حتى لو إقتصر الإستئناف على أحدهما فقط ، ويكون الإستئناف جائزاً سواء رفع عن جميع الطلبات أو عن التأمين الاضافي وحده أو عن المعونة المالية وحدها.
ویستوى أن تكون هذه الطلبات قد قدمت بصحيفة إفتتاح الدعوى أو قدم بعضها بالصحيفة والباقي أثناء سير الدعوى. وإذا تقدم المدعى بطلب عارض استنادا لذات السبب ، كما في المثال التقدم، قدرت قيمة الدعوى وتحدد نصاب الإستئناف بمجموع الطلب الأصلي والطلب العارض لإستنادهما إلى سبب قانوني واحد.
وقد يتمثل السبب القانوني في الفعل الضار وينتج عنه عدة أضرار، فيرجع المضرور بطلبات متعددة لتعويضه عن كل ضرر منها، وحينئذ تقدر الدعوى بقيمة هذه الطلبات مجتمعة بإعتبارها ناشئة عن سبب قانوني واحد، مثال ذلك أن يعتدي شخص على آخر فيحدث به إصابات كما يترتب على الإعتداء إتلاف منقول له.
نصاب الإستئناف في الطلبات الناشئة عن أسباب قانونية مختلفة :
إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة، كانت في حقيقتها دعاوی متعددة جمعتها صحيفة واحدة، ومن ثم يتعين التقدير وتحديد نصاب الإستئناف بإعتبار قيمة كل طلب على حدة، ولا يشترط لتعدد الأسباب القانونية تعدد المحررات التي تضمنتها، فقد يتضمن محرر واحد عدة أسباب قانونية ، ذلك لأن السبب القانوني ما هو إلا مصدر الإلتزام، فإذا تعددت هذه المصادر في محرر واحد تعددت الأسباب القانونية وتضمنه ولو كانت كلها متماثلة إذ لا يحول التماثل دون التعدد. مثال ذلك أن يوجد عقار مملوك على الشيوع لثلاثة أشخاص، الأول بحق النصف، ومن الثاني والثالث حق الربع، ويبيع هؤلاء العقار بأربعين ألف جنيه تو جب عقد بیع واحد، ويضطر المشتري إلى رفع دعوى بصحة ونفاذ العقد، وحينئذ تنصرف الدعوى إلى ثلاثة طلبات، الأول بصحة ونفاذ العقد بالنسبة لحصة الشريك الأول ويقدر بعشرين ألف جنيه، والثاني لحصة الشريك الثانی ويقدر بعشرة آلاف جنيه ومثله الطلب الثالث، ويقدر كل طلب ويحدد نصاب الإستئناف في الحكم بقيمته مستقلاً عن الطلبين الموجهين للبائعين الآخرين، بإعتبار كل من هذه الطلبات طلباً أصلياً يعتد بقيمته وحده عند تحديد نصاب الإستئناف، وينعقد الإختصاص للمحكمة الابتدائية بنظر الدعوى برمتها الإرتباط الطلبين الثاني والثالث بالطلب الأول الذي تختص به قيماً، ويكون حكمها جائزاً إستئنافه إذا صدر في الدعوى ککل ورفع الإستئناف من جميع الشركاء، أو صدر في الطلب الأول ورفع الإستئناف من الشريك الأول فإن صدر برفض طلب أي من الشريكين الثاني أو الثالث، كان صادرا في حدود النصاب الإنتهائي ومن ثم لا يجوز لأي منهما الطعن فيه بالإستئناف ویسری ذلك بالنسبة للمشتري منهما إذا إقتصر الحكم على حصتيهما أو حصة أحدهما.
نصاب الإستئناف في حالة التضامن :
يتحقق التضامن عندما يتعدد المدعي عليهم ويكونون مسئولين عن تنفيذ الإلتزام ويستقل سبب إلتزام كل منهم عن سبب التزام الآخر، ومتى صدر الحكم بإلزامهم بالتضامن، جاز للدائن الرجوع على أي منهم بكل الدين، وللمتوفي الرجوع بعد ذلك على كل من تضامن معه بما يخصه من الدين ، والأصل في ذلك السوية بينهم ما لم يحدد الحكم حصة كل منهم فيتم الرجوع وفقاً لذلك، وتقدر قيمة الدعوى ويحدد نصاب الإستئناف بقيمة الطلبات المقدمة في الدعوى، مثال ذلك أن يرجع الراكب المضرور من حادث السيارة على متعهد النقل وعلى الغير الذي تسبب في الحادث، وتختلف أسباب الدعوى ، ويكون عقد النقل هو سبب الدعوى بالنسبة لأمين النقل، بينما يكون الفعل الضار هو سببها بالنسبة لمرتكب الحادث، وقد يرجع التضامم إلى تعدد أسباب الدعوى کرجوع الدائن على الكفلاء المتعددین متی کفل کل منهم المدين بعقد مستقل.
نصاب الإستئناف عند تعدد الخصوم ووحدة السبب القانوني :
إذا تعدد المدعون أو المدعي عليهم أو تعدد الطرفان وأبديت طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد، قدرت قيمة الدعوى وتحدد نصاب الإستئناف بإعتبار مجموع قيمة هذه الطلبات دون إعتداد بقيمة نصيب كل من المدعيين أو المدعى عليهم على حدة. مثال ذلك أن يوجد عقار مملوك على الشيوع لثلاثة أشخاص وتتهدم شرفه أو يسقط منه حجر يؤدي إلى إتلاف ثلاث سيارات فيرجع أصحابها على ملاك العقار بإعتبار أن حراسة العقار معقودة لهم، فتقدر الدعوى بقيمة الطلبات الثلاثة ويلتزم الملاك بالتعويض بالتضامن فيما بينهم ويحدد نصاب الإستئناف وفقاً لذلك دون إعتداد بما يخص كل من المدعين.
نصاب الإستئناف عند المطالبة بجزء من الحق :
تقدر قيمة الدعوى ويتحدد نصاب الإستئناف بقيمة الطلب، فإذا تمثل في جزء من حق معين، قدرت الدعوى وتحدد نصاب إستئناف الحكم الصادر فيها بقيمة هذا الجزء وحده دون إعتداد بقيمة الحق كله لأن الفائدة التي يبتغيها المدعي من دعواه تنحصر في هذا الجزء .
وقد يكون الحق كله ثابتاً في سند واحد ومع ذلك يتقدم الدائن به کدلیل في الدعوى ويقصر طلبه على جزء منه، وحينئذ تقدر الدعوى بقيمة هذا الجزء إن لم ينازع المدين أو نازع في هذا الجزء وحده، أما إذا نازع في الحق كله، بأن أدعي تزوير السند المقدم في الدعوى وطلب أجلاً لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير، أو أدعی بإنقضاء الحق كله بالتقادم أو أقر بصحة الحق ولكنه تمسك بإنقضائه بالوفاء أو التجديد أو المقاصة، وإستند في ذلك إلى أسباب جدية ، قدرت قيمة الدعوى وتحدد نصاب الإستئناف بقيمة الحق كله الثابت في السند، أما إن كان هذا الدفاع مرسلاً لا يرجح صحته ، كان التقدير بقيمة الجزء المطالب به.
ويكفي أن تستشف المحكمة جدية المنازعة في كل الحق حتى يتحدد نصاب الإستئناف بقيمته كاملة دون إشتراط إقامة الدليل المؤيد لها ولا يكفي في ذلك مجرد القول المرسل الذي لا تسانده قرائن ولم تؤيده ظروف الواقعة ، ويجب أن تكون للمدعي صفة فيما يتعلق بكل الحق، بقيام علاقة دائنية بينه وبين المدعى عليه ، فإن إقتصرت هذه العلاقة على المدعى عليه ومدين المدعي المحيل فلا يترتب على المنازعة تعديل التقدير بل تظل الدعوى مقدرة بقيمة الجزء المطالب به ، مثال ذلك حوالة جزء من الحق، فإن العلاقة المباشرة بالنسبة للحق كله تقتصر على المحيل والمحال عليه بحيث إذا نازع الأخير في الحق كله عند رجوع المحال له، ظل الطالب مقدراً بقيمة الجزء ويعتد بذلك عند تحديد نصاب الإستئناف.
نصاب الإستئناف في الدعاوى غير مقدرة القيمة :
إذا كانت الدعوى بطلب غير قابل للتقدير بحسب القواعد التي قررها قانون المرافعات في المواد (36) وما بعدها، إعتبرت قيمتها زائدة على عشرة آلاف جنيه، وإنعقد الإختصاص به للمحكمة الإبتدائية ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً إستئنافه دون إعتداد بما قضت به المحكمة.
فإذا رفع العامل دعوى بطلب إلزام رب العمل بأن يدفع له جنيهاً واحداً شهرياً كعلاوة اجتماعية ، فإن الدعوى تكون بطلب غير قابل للتقدير، وتعتبر قيمتها زائدة على عشرة آلاف جنيه، وينعقد الإختصاص بها للمحكمة الإبتدائية ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً إستئنافه حتى لو قضى بإلزام رب العمل بأن يدفع للعامل هذا المبلغ شهرياً وبمبلغ خمسين جنيهاً جملة ما تجمد في ذمته من هذه العلاوة من تاريخ إستحقاقها وحتى تاريخ الحكم. ذلك لأن الدعوى طالما كانت غير معلومة القيمة وقت رفعها فإن الحكم الذي يصدر فيها يكون قد قرر حقاً مستمراً غير قابل للتقدير وقد يتجاوز عشرة آلاف جنيه في حالة إستمرار علاقة العمل.
نصاب الإستئناف عند عدم المنازعة في بعض الطلبات:
لا يرتبط تحديد نصاب الإستئناف دائماً بقيمة الطلبات المقدمة في الدعوى، فقد تجاوز هذه الطلبات هذا النصاب ومع ذلك يكون الحكم الصادر في الدعوى غير جائز إستئنافه ، ويتحقق ذلك عندما يقر المدعى عليه أمام محكمة الدرجة الأولى ببعض هذه الطلبات وتصبح بذلك غير متنازع فيها أمامها، وحينئذ تستبعد قيمتها عند تحديد نصاب الإستئناف بإعتبار أنها لن تطرح على المحكمة الإستئنافية في حالة رفع إستئنافه عن الحكم الصادر في الدعوى، فإذا أدى هذا الإقرار إلى دخول باقي الطلبات في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة، كان الحكم إنتهائياً غير جائز إستئنافه.
ويجب التحقق عدم المنازعة في بعض الطلبات، توافر الدليل الواضح على ذلك، بموجب إنذار على يد محضر يوجهه المدعى عليه إلى المدعي يقر فيه صراحة وبجلاء بعدم المنازعة أو تقديم عقد صلح أو مخالصة أو إثبات ذلك بمحضر الجلسة، ولا يكفي الموقف السلبي أو تفويض المحكمة في ذلك أو تعليق عدم المنازعة على شرط طالما لم يثبت تحققه قبل صدور الحكم.
وحتى يتحدد نصاب الإستئناف على نحو ما تقدم، يجب أن تستند الطلبات المتعددة إلى سبب قانوني واحد، إذ في هذه الحالة تقدر قيمة الدعوى ويتحدد نصاب الإستئناف بمجموع قيمة هذه الطلبات، أما إن تعددت الأسباب ، كان كل طلب بمثابة دعوى مستقلة تتحدد قيمتها ونصاب الإستئناف فيها بقيمة الطلب بحيث إن أقر المدعى عليه ببعض الطلبات، فإن ذلك لا يؤثر في نصاب الإستئناف ويكون جواز أو عدم جواز الإستئناف في باقي الطلبات بحسب قيمة كل منها على حدة.
وإذا تضمنت الدعوى طلباً واحداً، وكان من غير النقود أو من غير المنقولات المثلية، فإن الإقرار بجزء منه لا يعتد به عند تحديد نصاب الإستئناف، فإن كانت قيمته تجاوز النصاب الإنتهائي للمحكمة فإنه يظل كذلك حتى لو أقر المدعى عليه بجزء منه مهما كانت قيمته.
نصاب الإستئناف عند العرض الفعلي الجزئي:
إذا تضمنت الدعوى طلباً واحداً تمثل في مبلغ من النقود أو في منقولات مثلية ، وقام المدعى عليه بعرض جزء منها عرضاً فعلياً، فإن نصاب الإستئناف يتحدد بالنظر إلى قيمة الباقي من الدين، سواء قبل المدعي هذا العرض أو رفضه، إذ يصبح هذا الجزء غیر متنازع فيه ولم يعلق المشرع تحديد نصاب الإستئناف على قبول العرض إكتفاء يعرضه عرضاً فعلياً، فإن رفض قام المحضر بإيداعه إن كان من النقود خزينة المحكمة عملاً بالمادة (488) من قانون المرافعات وكان ذلك وفاء، ويجب أن يتم العرض قبل صدور الحكم، إذ في هذه الحالة يكون المدعى عليه قد أقر بالمبلغ المعروض فيصبح غير متنازع فيه ومتى صدر الحكم بكل الدين، تعين إستبعاد المبلغ السابق عرضه عند تحديد نصاب الإستئناف فإن كان المبلغ المطالب به عشرين ألف ورفض قاض الأداء إصدار أمر بأدائه وقام المدين عند إعلانه بأمر الرفض أو أثناء نظره بعرض عشرة آلاف عرضاً فعلياً على الدائن ، ثم صدر الحكم بإلزام المدين بمبلغ عشرين ألف، فإن الطعن في هذا الحكم لا يكون جائزاً ، إذ يكون صادراً في حقيقة الواقع بمبلغ عشرة آلاف بعد إستبعاد مبلغ العشرة السابق عرضه، وبذلك يكون صادراً في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية التي تنظر أمر الرفض.
ويسرى ذلك إذا كان محل الإلتزام منقولات معينة بذاتها أو بنوعها ومقدارها، على نحو ما نصت عليه المادة (487) وما بعدها من قانون المرافعات.
نصاب إستئناف الحكم الصادر في التظلم من أمر تقدير المصاريف القضائية :
لما كان الحكم الصادر في التظلم مكملاً للحكم الصادر في موضوع الدعوى بإعتبار أن الحكم الأخير فصل في مصاريفها وعين الخصم الملزم بها، بينما تناول الحكم الأول تقديرها، ومن ثم يخضع الحكم الصادر في التظلم من حيث جواز أو عدم جواز إستئنافه لما يخضع إليه الحكم الصادر في الموضوع دون إعتداد بمقدار المبلغ الذي قدره الحكم الأول، فإن كان هذا المبلغ لا يجاوز النصاب الإنتهائي للمحكمة ، بينما كانت قيمة الدعوى الموضوعية تجاوز هذا النصاب، كان الحكم في التظلم جائراً إستئنافه.
صدور قانون بتعديل نصاب الإستئناف:
مؤدى نص المادة (223) من قانون المرافعات أن نصاب الإستئناف يتحدد وفقاً لقواعد تقدير قيمة الدعوى، كما يتحدد الإختصاص القيمي وفقاً لذلك.
والأصل في القانون المعدل لشيء من ذلك، بإعتباره من قوانين المرافعات، أن يسرى بأثر فوري مباشر على جميع الدعاوى التي أدركها قبل أن يصدر فيها الحكم المنهي للخصومة ، ويستثنى من هذا الأثر الدعاوى التي أقفل فيها باب المرافعة فتظل خاضعة من حيث الإختصاص ونصاب الإستئناف للنص السابق الذي تناوله القانون الجديد بالتعديل وذلك عملاً بالقاعدة العامة التي تضمنها البند (1) من المادة الأولى من قانون المرافعات طالما أن القانون الجديد لم يورد قاعدة مغايرة.
ومفاد هذه القاعدة، أن الدعاوى التي لم يقفل فيها باب المرافعة في تاريخ العمل بالقانون الجديد والتي أصبحت من إختصاص محكمة أخرى بمقتضى أحكامه، يجب إحالتها إليها. أما الدعاوى التي أقفل فيها باب المرافعة، فإنها تخرج عن نطاق هذا القانون، وتظل خاضعة للنص الذي تناوله هذا القانون بالتعديل سواء من حيث الإختصاص أو نصاب الإستئناف.
ويقفل باب المرافعة بتأجيل الدعوى للنطق للحكم دون التصريح بمذكرات أو مستندات، وبإنقضاء الأجل المحدد لذلك على نحو ما تضمنته المادة (168) من قانون المرافعات. فإذا أعيد فتح باب المرافعة في الدعوى، خضعت على الفور للقانون الجديد وتعيين أن يتضمن قرار الإعادة للمرافعة أحالتها بحالتها إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها.
ومناط إعمال القاعدة العامة سالفة البيان، ألا يتضمن القانون الجديد نصاً بتحديد الدعاوى التي تخضع له ، فإن حددها امتد نطاقه إليها ولو تعارض ذلك مع تلك القاعدة.
مثال ذلك أن المشرع عندما أصدر القانون رقم 91 لسنة 1980 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات ، رفع النصاب الإبتدائي المحكمة المواد الجزئية من مائتين وخمسين جنيهاً إلى خمسمائة جنيه، ثم نص في المادة الثانية منه على عدم سريان ذلك على الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الإبتدائية أو محاكم المواد الجزئية قبل تاريخ العمل به ولا على الأحكام الصادرة أو التي تصدر من المحاكم المذكورة في هذه الدعاوى ، مما مفاده أنه يسرى بأثر فوري مباشر على الدعاوى التي ترفع في ظله فقط، سواء من حيث الإختصاص أو نصاب الإستئناف، أما الدعاوى التي رفعت قبل تاريخ العمل به فتظل خاضعة في هذا الخصوص للنصوص السابقة التي تناولها بالتعديل.
وبصدور القانون رقم 18 لسنة 1999 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات والمعمول به إعتباراً من 1999/7/17 تم تعديل المادة (42) من قانون المرافعات وذلك برفع النصاب الإبتدائي المحكمة المواد الجزئية إلى عشرة آلاف جنيه والنصاب الإنتهائي إلى ألفي جنيه، ونص في المادة الخامسة منه على أن تحيل المحكمة ومن تلقاء نفسها الدعاوى المنظورة أمامها والتي أصبحت من إختصاص محاكم أخرى فيما عدا الدعاوى التي صدر حكم قطعي في شق منها والدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم، مما مؤداه أن الدعاوی المطروحة على المحكمة الابتدائية والتي كانت تدخل في نصابها الابتدائي ولا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه ، يتعين إحالتها بحالتها إلى محكمة المواد الجزئية التي أصبحت مختصة بنظرها بمقتضاه ، ولا يمتد نطاق هذا القانون إلى الدعاوی المطروحة على المحكمة الإبتدائية والتي كانت قد رفعت إليها في حدود نصابها الإبتدائي ثم قدم المدعی طلباً عارضاً بخفض قيمتها إلى النصاب الإنتهائي لتلك المحكمة ، فتظل مختصة بنظرها لأن المشرع عقد لها الإختصاص بنظرها رغم دخولها في حدود الإختصاص القيمي لمحكمة المواد الجزئية ومن ثم فإن هذا الإختصاص لم يتناوله هذا القانون لأنه لم يصبح بمقتضاه معقوداً للمحكمة الأخيرة.
كما يخرج عن نطاق هذا القانون الدعاوى التي صدر حکم قطعي فيها أو في شق منها، فإن كان هذا الحكم مما يجوز إستئنافه على إستقلال، تحدد نصابه وفقاً للنصوص السابقة ، أما إن كان مما لا يجوز إستئنافه على إستقلال، ظلت الدعاوى أيضاً خاضعة لتلك النصوص سواء من حيث الإختصاص أو نصاب الإستئناف، ومن ثم يظل الإختصاص معقوداً لذات المحكمة التي أصدرت الحكم القطعي، ويخضع الحكم المنهي للخصومة من حيث نصاب الإستئناف لهذه النصوص أيضاً.
ولا يمتد نطاق هذا القانون للدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم، فيظل الاختصاص بنظرها معقوداً للمحكمة التي قررت حجزها للحكم سواء كان باب المرافعة فيها مازال مفتوحاً بإمتداد الأجل المحدد لتقديم المذكرة أو المستندات ، أو كان هذا الباب قد أقفل، أما إذا أعيدت للمرافعة ، أدركها هذا القانون، وتعين أن يقترن قرار الإعادة إلى المرافعة بقرار الإحالة إلى المحكمة المختصة، ويتحدد نصاب إستئناف الأحكام الصادرة في الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم بموجب النصوص السابقة التي تناولها القانون سالف البيان بالتعديل.
ولما كان قاضي التنفيذ يختص بدعوى التنفيذ الموضوعة أيا كانت قيمتها، فإن هذا الاختصاص لن يتأثر بالقانون رقم 18 لسنة 1999 لكن يترتب عليه تعديل في الإختصاص الإستئنافي، فالأحكام الصادرة منه والتي لا تجاوز عشرة آلاف جنيه، تستأنف أمام المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، أما الأحكام التي تجاوز ذلك فإنها تستأنف أمام محكمة الإستئناف، ويخرج بالنسبة له عن نطاق هذا القانون الدعاوى التي أصدر فيها حكماً قطعياً والدعاوی المؤجلة للنطق بالحكم، على التفصيل المتقدم.
ومتى خضعت الدعوى للقانون سالف البيان، ولم تقرر المحكمة إحالتها إلى المحكمة المختصة وإستمرت في نظرها حتى قضت فيها بإعتبارها مختصة قیما بنظرها، فإن قضاءها يكون مشوباً بمخالفة نص آمر متعلق بالنظام العام ويجوز الطعن فيه بالإستئناف إعتباراً بأنها قد أخطأت عندما قضت في دعوى لا تختص قيما بها.
ولا يعتبر هذا القضاء صادرا في حدود نصابها الإنتهائي، فقد كانت الدعوى عند رفعها داخلة في نصابها الإبتدائي ولم يترتب على هذا القانون إلا تعديل الإختصاص بالنسبة للدعاوى المتداولة دون أن يمتد إلى جواز الطعن، ومن ثم يكون الطعن بالإستئناف جائزاً، سواء رفع بسبب مخالفة الإختصاص القيمي أو لأسباب موضوعية، وفي الحالة الأخيرة تعتبر مسألة الإختصاص القيمي قائمة في خصومة الإستئناف ومطروحة دائماً على المحكمة الإستئنافية ولو لم يثيرها الخصوم لتعلقها بالنظام العام، وعليها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها وتقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم إختصاص محكمة الدرجة الأولى بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة المختصة، إذ يعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني بهذا الإختصاص، فإن لم تتدارك محكمة الإستئناف هذا الخطأ وقضت بتأييد الحكم المستأنف، كان قضاؤها مشوباً بمخالفة القانون مشتملاً على قضاء ضمني بإختصاصها بنظر الدعوى، ويجوز الطعن فيه بالنقض، ويكون الدفع بعدم الإختصاص منصبا على الحكم الإستئنافي.
وإذا رفعت الدعوى في ظل القانون رقم 18 لسنة 1999 أمام المحكمة الإبتدائية وكانت قيمتها تجاوز عشرة آلاف جنيه، فإنها تختص بها ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً إستئنافه ، وإذا عدل المدعي طلباته في هذه الدعوى بما لا يجاوز هذا المبلغ، فإن المحكمة الإبتدائية تظل مختصة فيما بنظرها، لاختصامها بالطلب العارض مهما تكن قيمته، لكن يكون حكمها الصادر فيها إنتتهائياً لصدوره في دعوى لا تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه، وذلك عملاً بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة (47) من قانون المرافعات. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : السادس ، الصفحة : 284)
تقدر قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الإستئناف على وفق قواعد تقدير الدعاوى وهي القواعد المنصوص عليها في المواد 36 إلى 41 مع مراعاة المبادئ الآتية:
1- لا يجوز الاعتراض على قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها ما لم يخالف الخصوم الأسس التي وضعها المشرع لتقديرها فالمدعي الذي حدد دعواه عند رفعها بأقل من خمسمائة جنيه لا يجوز للمدعى عليه الاعتراض على تقدير قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها طالما أنه لم ينازع في قيمتها أمام محكمة الدرجة الأولي وطالما أن الحكم صدر فيه غير أنه يلاحظ إذا كان تقدير الدعوى يصطدم مع قاعدة من القواعد التي رسمها القانون لتقدير قيمة الدعوى فلا يعتد بتقدير المدعي لدعواه ولا يعتد بعدم إعتراض خصمه عليه ويجوز لأيهما إستئناف الحكم إذا كانت القيمة الحقيقية للدعوى وفقاً للأسس التي وضعها المشرع تزيد على نصاب المحكمة الإنتهائي ذلك أن الاتفاق على مخالفة قواعد تقدير قيمة الدعوى هو في الواقع إتفاق على مخالفة قواعد الإختصاص النوعي وعلى مخالفة قواعد تقدير نصاب الإستئناف وكلها قواعد من النظام العام.
2- يعتد بذات قيمة الدعوى ولو إقتصر الإستئناف على حكم في التوابع والملحقات سواء أكانت هذه تضاف بحسب القواعد العامة إلى الطلب الأصلي عند تقدير قيمة الدعوى أم لا تضاف إليه وسواء أكانت مقدرة القيمة أم مقدرة القيمة أم غير مقدرة قيمتها وسواء قدمت وقت رفع الدعوي أم بعد رفعها وسواء أكانت تابعة لطلب أو دفع. ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة للمصاريف وكذلك الحكم بالغرامة ما لم ينص القانون على ما يخالف ذلك كما يعمل بها بالنسبة إلى الطلبات غير المقدرة القيمة التي ترفع إلى المحكمة الجزئية تبعاً لدعوى أصلية مرفوعة أمامها.
والعبرة في التقدير بالطلبات المتنازع عليها فإذا رفعت الدعوى بعدة طلبات ناشئة عن سبب واحد وأقرأ الخصم ببعضها قبل صدور الحكم فإن الدعوي تقدر بقيمة الباقي أما إذا كانت الدعوى بطلب واحد فأقر الخصم ببعض ما هو مطلوب منه قدرت الدعوى بقيمة المطلوب كله ويتعين أيضاً أن يحصل الإقرار ببعض الطلبات قبل صدور الحكم فإذا كان الإقرار بعد صدور الحكم أعتبر رضاء بالحكم فيما حصل الإقرار به ولا يؤثر في جواز إستئناف الحكم في الطلبات الأخرى التي لم يحصل الإقرار بها متى تجاوزت قيمة الدعوى النصاب الإنتهائي ، وإذا كانت الدعوى بطلب واحد وأقر المدعى عليه بجزء مما هو مطلوب منه فلا يؤثر إقراره على وجوب تقدير الدعوى بقيمة الطلب کاملاً وإذا كان المطلوب في الدعوى مبلغاً من النقود وعرض المدعي عليه قبل الحكم في الدعوى مبلغاً منه عرضاً فعلياً فإن هذا الجزء يخصم من قيمة الدعوى عند تقدير قيمة نصاب الإستئناف فإذا رفعت الدعوى أمام محكمة جزئية بطلب دین قدره ستمائة جنيه وعرض المدعي عليه عرضاً فعلياً مبلغ مائتي جنيه قبل صدور الحكم في الدعوى ونازع في الباقي كان الحكم في الدعوى غير قابل للإستئناف.
3- وفي حالة ما إذا كان المطلوب من غير النقود والمثليات وأقر الخصم قبل صدور الحكم ببعض الطلبات قدرت الدعوى بقيمة الباقي بحسبانه القدر المتنازع عليه في الواقع.
وبالنسبة للتدخل والإدخال فتقدر دعوى التدخل تدخلا إختصامياً تقديراً مستقلاً عن الدعوى الأصلية من حيث نصاب استئناف الحكم الذي يصدر في طلب المتدخل تدخلاً إنضمامياً فإن دعواه تتبع الدعوى الأصلية وتقدر بقيمتها أما بالنسبة للإدخال فإن الأصل أن تقدر قيمة الطلب الموجه من أحد الخصوم في الدعوى إلي شخص خارج عنها بحسب قيمة هذا الطلب وبصرف النظر عن قابلية الحكم الصادر في الدعوى الأصلية للإستئناف أو عدم قابليته له :
وإستثناء من القاعدة المتقدمة جرى الفقه والقضاء على إستثناء دعوى الضمان الفرعية في حالة قابلية الحكم في الدعوى الأصلية للإستئناف مع عدم قابلية الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية له فأجاز في حالة الإستئناف عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية طرح الحكم الصادر في طلب الضمان على محكمة الدرجة الثانية إلا أن العشماوي بري أن دعوى الضمان مستقلة عن الدعوى الأصلية وطرفاً الخصومة فيها غيرهما في الدعوي الأصلية ولهذا السبب ينظر لقيمة الدعوى لمعرفة إن كانت قابلة غير قابلة للاستئناف.
وفي حالة التضامم لا يعتد إلا بقيمة طلب واحد من الطلبات الموجهة إلي المدينين سواء كانت موجهة كلها بصفة أصلية أو وجه بعضها بصورة إحتياطية.
وفي الدعوي المضمومة فإن القرار الصادر من المحكمة بضم دعويين لا يغير من طبيعة كل منهما ولا يؤثر على استقلالها فتبقى كل منهما قابلة للإستئناف أو غير قابلة له تبعاً لقيمة الطلب المرفوعة به. ولكن إذا أعتبر الخصوم هذا الضم بمثابة إدماج الدعويين وصار دفاعهم فيهما على هذا الأساس أو إذا كانت الدعويان مستندين إلى سبب قانوني واحد فإن العبرة في الإستئناف في هاتين الحالتين تكون بمجموعة قيمة الدعويين أو بقيمة الطلب الأكثر إذا اعتبرت إحداهما طلب عارض على الآخر وإذا كان الطلب في إحدي الدعويين هو ذات الطلب في الأخرى فإن الدعويين تفقدان ذاتيهما وتعتبران بمثابة دعوى واحدة.
وبالنسبة لدعوى التزوير الفرعية فإنها تقدر بقيمة الدعوى الأصلية دون إعتداد بقيمة السند المطعون. (راجع مؤلفنا في الإثبات الطبعة السابعة ص 310).
وإذا أغفلت المحكمة الفصل في أحد الطلبات الموضوعية المعروضة عليها فإنه يكون لصاحب الشأن الرجوع إليها للفصل فيه عملاً بالمادة 193 ، إلا أن هذا : الإغفال لا يؤثر في تقدير نصاب الإستئناف بالنسبة للحكم الصادر في الطلبات الأخرى ، بمعنى أن كل الطلبات التي أدلى بها الخصم تجمع عند تقدير نصاب الإستئناف بالنسبة لما فصل فيها منها متى كانت تقوم على سبب قانوني واحد.
هذا ومن المقرر أن قابلية الحكم للإستئناف لا ترتبط بوصف محكمة أول درجة له بأنه إنتهائي أو إبتدائي بل العبرة بحقيقة الواقع ويخضع الأمر لرقابة محكمة ثاني درجة. وإذا قضت محكمة أول درجة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة المختصة فإن المحكمة المحال إليها تتقيد بذلك
كما أن هذا الحكم إن لم يطعن عليه وصار نهائياً فإنه يلزم التقيد بتقديره لقيمة الدعوى بالنسبة إلى إستئناف الحكم الصادر في الموضوع ولو كان قد بني على قاعدة غير صحيحة ( رمزي سيف - الطبعة الثامنة ص 808 وكمال عبد العزيز - الطبعة الثالثة ص 1426 وما بعدها والتعليق لأبو الوفا ص 682 وما بعدها والعشماوي ص 860 وما بعدها ووالي في الخصومة بند 130 وما بعدها ومدونه الفقه والقضاء الجزء الثاني ص 810).
هذا وقد أضاف القانون لسنة 1975 إلي قانون الإصلاح الزراعي الصادر بالمرسوم بقانون 178 لسنة 1952 مادتين إحداهما المادة 39 مكرراً (أ) وقد تعرضنا لها في التعليق علي المادة 43 مرافعات أما المادة الأخرى فهي 39 مکرراً (أ) وبمقتضاها جعل المشرع إستئناف أحكام القاضي الجزئي في المنازعات الخاصة بإيجاز الأطيان الزراعية وكذا المتعلقة بالسلف الزراعية أو العينية ثلاثين يوماً سواء في ذلك الأحكام الموضوعية أو المستعجلة أو الصادرة في منازعات التنفيذ الوقتية وأنها تستأنف أياً كانت قيمة الدعوي ويرفع الإستئناف في جميع الحالات إلى المحكمة الإبتدائية بهيئة استئنافية كما وأن أحكامه. الموضوعية تستأنف ولو كانت قيمة المنازعات. لا تزيد على خمسمائة جنية. ويرفع الإستثناني إلى المحكمة الإبتدائية في جميع الحالات. حتى ولو زادت قيمة منازعات التنفيذ الموضوعية علي خمسة آلاف جنيه . هذا . ويلاحظ أن هذه المادة أوردت عدة إستثناءات على قواعد الإستئناف المقررة في قانون المرافعات سواء فيما يتعلق بميعاد الإستئناف أو في تقدير قيمة الدعوى أو في جواز إستئناف الأحكام الصادرة والمحكمة التي تختص بنظر إستئناف منازعات التنفيذ الموضوعية.
وقد عدل القانون بالقانون 96 لسنة 1992 إلا أن هذا التعديل لم يؤثر على الإستئناف الذي يرفع إستناداً إلي هاتين المادتين وقد شرحنا هذا الأمر في التعليق على المادة 47 مرافعات .
تقدير قيمة الدعوى في حالة إستئناف الحكم الصادر في المعارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية :
تقدر الدعوى في هذه الحالة بقيمة الطلب او الدعوي المرفوعة ولا تقدر بقيمة المبلغ الوارد في أصر تفسير الرسوم لأن الرسم الذي يعتليه قلم الكتاب أنما يحصل بمناسبة الإلتجاء إلى القضاء في طلب أو خصومة تعرض عليه فهو يتولد من هذا الطالب أو تلك الخصومة وينشأ عنها ومن ثم فإنه ينزل منها منزلة الفرع من أصله.
إستئناف دعاوى الضرائب مهما كانت قيمتها :
نصت الفقرة الأولى من الملة 161 من القانون 157 لسنة 1981 على أن لكل من مصلحة الضرائب، والممول الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة تجارية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان بالقرار ونصت المادة 162 من القانون على أن يكون الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بطريق الإستئناف أياً كانت قيمة النزاع ومؤدي ذلك أن الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية طعناً على قرارات لجان الطعون الضريبية يجوز إستئنافه مهما كانت قيمة النزاع سواء كان الطعن مرفوعاً من الممول أو من مصلحة الضرائب حتى لو كانت قيمته لا تتجاوز عشرة آلاف جنيه - وهو النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية - ولا جدال في أن هذا إستثناء أورده المشرع على المادة 223 مرافعات ومن ثم فهو قاصر علي الدعاوي الناشئة عن تطبيق للقانون 157 لسنة 1981 .
إذا أقام المدعي دعوى أمام محكمة أول درجة وأقام المدعى عليه بدوره دعوى مستقلة وكان موضوع الدعويين وجهين متقابلين لشيء واحد وقررت المحكمة ضمهما وحكمت فيهما فإن جواز الإستئناف في الدعويين يكون بالنظر إلى الطلبات في الدعوى الأولي :
في حالة ما إذا أقام المدعي ( المشتري ) دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه فأقام المدعى عليه ( البائع ) بدوره دعوى مستقلة بصورية هذا العقد أو ببطلانه وأمرت المحكمة بضم الدعويين لبعضهما بضم الدعويين لبعضهما فإنه يترتب على ذلك أن تندمج دعوي البطلان الصورية في الدعوى الأولي وتفقد كل منها إستقلالهما عن الأخرى لأن دعوي صحة العقد وبطلانه أو صورتیه وجهان متقابلان لشيء واحد وإن أتخذ وجهين مختلفين ولا يبقى أمام المحكمة بعد الضم سوي الدعوي الأولي وهي الدعوي الأصلية والدفاع المجدي فيها وهو موضوع الدعوى الثانية ومن ثم فإن جواز إستئناف الحكم الصادر في الدعويين يكون مرجعه الطالبات في الدعوى الأولى بإعتبار أن الدفاع في الدعوى الأولى بإعتبار أن الدفاع في الدعوى ليس تقدير مستقل . ويسري المبدأ السابق إذا كان أساس الدعويين واحداً .
إستئناف الحكم الصادر في مصاريف الدعوى :
يتبع في تقدير المصاريف من حيث الإستئناف قيمة الدعوى الأصلية ولو قصر المستأنف إستئنافه على المصاريف وحدها ومن ثم يجوز إستئناف المصاريف المحكوم بها إذا كان الحكم في الدعوى الأصلية قابلا للاستئناف حتى لو قبل المحكوم عليه الحكم الصادر في الموضوع وحده ، كما يكون الإستئناف المرفوع من المدعي مقبولا إذا كان قد تنازل عن الحق المرفوعة به الدعوى مع طلب إلزام خصمه بالمصاريف فلم تجبه المحكمة إلي الطلب الأخير ( أبو الوفا بند 602) وتسري القاعدة ولو كان الإستئناف منصباً على الحكم الصادر في المعارضة في أمر تقدير المصاريف . ( نقض 12/ 11/ 1959 مجموعة المكتب الفني السنة العاشرة ص 664 ). (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء: الخامس ، الصفحة : 386)
المقصود بنصاب الإستئناف: رغم أن الأصل هو جواز قابلية أحكام محاكم الدرجة الأولى للاستئناف، إلا أن المشرع قدر أن هناك بعض الدعاوى لا تستحق أن يفصل فيها أكثر من مرة لضآلة قيمتها الاقتصادية ولكونها عادة بسيطة لا تحتاج إلى عناء في حسمها، فقصر التقاضي في هذه الدعاوى قليلة القديمة على درجة واحدة فقط ومنع إستئنافها.
وقد نصت المادة 42 مرافعات في فقرته الأولى على أن تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم إبتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه، ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز ألفي جنيه، كما نصت المادة 47 مرافعات في فقرتها الأولى على أن تختص المحكمة الإبتدائية بالحكم إبتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من إختصاص محكمة المواد الجزئية ويكون حكمها إنتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لاتجاوز عشرة آلاف جنيه.
فالدعاوى الجزئية تكون الأحكام الصادرة فيها قابلة للإستئناف متی جاوزت قيمتها ألف جنيه، والدعاوى الكلية تكون الأحكام الصادرة فيها قابلة للإستئناف متى جاوزت قيمتها عشرة آلاف جنيه، ويطلق على مبلغ الألفي جنيه النصاب الإنتهائي للقاضي الجزئي، كما يطلق على مبلغ العشرة آلاف جنيه النصاب الانتهائي للمحكمة الإبتدائية (الكلية). فنصاب الإستئناف يختلف إذن بحسب ما إذا كانت الدعوى جزئية أو كلية، فإذا زادت قيمة الدعوى الجزئية على ألفي جنيه كان الحكم الصادر فيها قابلاً للإستئناف أمام المحكمة الإبتدائية والكلية بهيئة إستئنافية. وإذا جاوزت قيمة الدعوى الكلية عشرة آلاف جنيه كان الحكم الصادر فيها قابلاً للإستئناف أمام محكمة الإستئناف العالى .
ويلاحظ أن إصطلاح النصاب الإنتهانی لمحاكم الدرجة الأولى، يقابل إصطلاح النصاب الإبتدائي لها، وهو بالنسبة للمحكمة الجزئية ما زاد على ألف جنيه وبالنسبة للمحكمة الإبتدائية ما زاد على عشرة آلاف جنيه، فالأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى في دعوى تزيد قيمتها على ألفي جنيه بالنسبة للمحكمة الجزئية وعلى عشرة آلاف جنيه بالنسبة للمحكمة الإبتدائية (الكلية تسمي على السواء بالأحكام الصادرة إبتداء ً أو بالأحكام الإبتدائية لجواز الطعن فيها بالاستئناف.
تقدير نصاب الإستئناف :
تقدر قيمة الدعوى لمعرفة مدى قابلية الحكم الصادر فيها للإستئناف وفقاً للقواعد العامة في تقدير الدعاوى الواردة في المواد من 26 إلى 41 مرافعات، فلا يجوز الإعتماد في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الإستئناف على القيمة التي حددها المدعي وسكت عنها المدعى عليه. بل يجب على المحكمة أن تعتمد في ذلك على القواعد التي نص عليها قانون المرافعات في المواد من 36 إلى 41. وذلك عملاً بالمادة 223 مرافعات محل التعليق، وقد سبق لنا التعليق على المواد من 36 إلى 41 في الجزء الأول من هذا المؤلف.
ويتعين ملاحظة ضرورة التفرقة بين الدعوى غير القابلة للتقدير وبين الدعوى غير المقدرة القيمة، فهذه الأخيرة أي غير المقدرة القيمة تقوم المحكمة بتقدير قيمتها وفقاً للقواعد الواردة في المواد من 36 إلى 41 مرافعات وغيرها من القواعد المعمول بها في التقدير، أما الأولى - أی غیر القابلة للتقدير - فإنه لا يمكن تقدير قيمتها حسب القواعد المذكورة (عبدالمنعم حسنی - طرق الطعن في الأحكام ج 1 ص 436 ، نبيل عمر۔ الطعن بالإستئناف ص 110) فالدعوى غير القابلة للتقدير تدخل في حكم المادة 41 مرافعات وتعتبر قيمتها أكثر من عشرة آلاف جنيه.
ومن ناحية أخرى يجب التفرقة بين الدعوى غير القابلة للتقدير وبين الدعوى غير المحددة (إبراهيم سعد - القانون القضائي الخاص - ص 472 ، نقض 1960/12/1 - لسنة 11 ص 603 ، نقض 1964/2/6 - لسنة 15 ص 222 )، وفي هذه التفرقة قالت محكمة النقض إن المقدار في الدعوى غير المحددة، وإن بدا مجهولاً إلا أنه في الواقع معلوما وقت الحكم ويمكن تحديده من واقع اوراق الدعوى أو بعد التحري بمعرفة قلم الكتاب .
(نقض 1960/12/1 - المشار إليه أنفا).
والدعوى المجهولة القيمة هي التي يستحيل مادياً تقدير قيمتها والتي لم يجعل الشارع طريقة لتقديرها (دمنهور الإبتدائية 1953/12/26 ۔ المحاماة السنة 35 ص 554)، ومن أمثلة الطلبات غير القابلة للتقدير طلب إعادة العامل إلى عمله (نفض 1965/2/24 - لسنة 16 ص 208)، وطلب الحكم بما يستجد من فروق في المرتب (حكم محكمة شمال القاهرة الإبتدائية 1972/12/20 - القضية رقم 255 لسنة 1972 عمال مستأنف، وحكم محكمة الدرب الأحمر الجزئية 1959/12/15 - المحاماة السنة 42 ، ص 615)، وطلب التسليم الذي بيدي بصفة اصلية (نقض 1963/2/14 - لسنة 14 ص 258)، وطلب شطب البروتستو (الجيزة الإبتدائية 1960/3/22 - المجموعة الرسمية لسنة 60 ص 695).
كما ينبغي أيضاً ملاحظة أنه يجوز الاعتراض على قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها ما لم يخالف الأسس التي وضعها المشرع للتقدير، فالتقدير الذي يحدده المدعي لدعواه يكون حجة له وحجة عليه بالنسبة النصاب الإستئناف (نقض 1977/3/16 - الطعن رقم 517 لسنة 43 قضائية)، إلا إذا كان هذا التقدير يصطدم مع قاعدة من القواعد التي حددها القانون لتقدير قيمة الدعوى فعندئذ لابد بتقدير المدعى لدعواه أو بعدم إعتراض خصمه عليه، ويجوز لأيهما إستئناف الحكم إذا كانت القيمة الحقيقية للدعوى وفقاً للأسس القانونية تجاوز النصاب الإنتهائی (نقض 1955/6/33 لسنة 6 ص 1304. نقض 1975/11/11 - الطعن رقم 58 لسنة 41ق)، ويتعين على محكمة الدرجة الثانية أن تراقب من تلقاء نفسها اتفاق التقدير مع قواعد القانون وهي لاتتقيد في ذلك بالقضاء الصريح أو الضمني بالتقدير الصادر من محكمة الدرجة الأولى إذ أن تعرضها لذلك لازم للتحقق من قبول الإستئناف شكلاً وهو أمر يتعلق بالنظام العام (أحمد أبو الوفا المرافعات - بند 602، محمد كمال عبدالعزيز- تقنين المرافعات - ص 445، نقض 1955/6/23 لسنة 6 ص 1034 ).
إذن تقدير المدعي لقيمة دعواه حجة له وحجة عليه بالنسبة إلى نصاب الإستئناف بشرط عدم مخالفته لقواعد التقدير المقررة في المواد من 36 إلى 41 مرافعات، وتلتزم محكمة الدرجة الثانية بمراقبة ذلك عملا بالمادة 223 مرافعات. (نقض 1985/6/13 - الطعن رقم 675 لسنة 52 قضائية).
وإلى جانب هذه القواعد العامة، الواردة في المواد من 31 إلى 1 مرافعات سالفة الذكر، نص المشرع وجرى القضاء على بعض القواعد المكملة التي يتعين الاسترشاد بها، فلا يكفي لمعرفة قابلية الحكم للاستئناف أن نحتسب قيمة الدعوى على أساس القواعد العامة لتقدير الدعاوى، وإنما يتعين في نفس الوقت أن تؤخذ في الاعتبار القواعد المكملة لهذا التقدير، وقد أورد المشرع هذه القواعد المكملة في الشطر الثاني من المادة 223 محل التعليق وفي المواد 224 و 225 و 226 مرافعات، وسوف نوضح هذه . القواعد بعد قليل عند تعليقنا على هذه المواد.
العبرة في تقدير نصاب الإستئناف بالطلبات المتنازع عليها ولا يحسب في التقدير الطلبات غير المتنازع فيها:
نصت المادة 222 مرافعات محل التعليق على أنه لايحتسب في تقدير نصاب الاستئناف الطلبات غير المتنازع فیها.
فلا شك في أن المنازعة مناط الدعوى، إذ لا تنشأ الحاجة إلى الحماية القضائية في الغالب الأعم إلا عندما يحدث إعتداء على الحق الموضوعي وبعبارة أخرى عندما تحدث منازعة حول هذا الحق، ومن ثم فإن الطلبات التي لايثور حولها النزاع وهي التي يتخذ المدعى عليه فيها موقنا ايجابيا يسلم فيه بالدعاء المدعى سواء بالإقرار بالطلب أو الإعتراف أو الوفاء به أو الصلح فيه (أمينة النمر النصاب النهائي للمحاكم - ص 61) مثل هذه الطلبات لاتحتسب في تقدير الدعوى، فإذا ما رفعت دعوى بعدة طلبات ناشئة عن سبب واحد وأقر الخصم ببعضها قبل صدور الحكم فان الدعوى تقدر بقيمة الباقي، أما إذا كانت الدعوى بطلب واحد وأقر الخصم ببعض ماهو مطلوب منه قدرت الدعوى بقيمة المطلوب كله، فينبغي إذن حتى يقدر نصاب الاستئناف بقيمة الطلبات المتنازع عليها وحدها أن ترفع الدعوى بعدة طلبات ناشئة عن سبب واحد حتى تجمع عند تقدير قيمتها أما إذا كانت ناشئة عن اسباب مختلفة فهي لاتجمع ولا يكون للعمل بالقاعدة المتقدمة أي محل أحمد أبو الوفاء المرافعات - الطبعة 14 سنة 1986 - بند 602 - ص 821 وص 822 ؛ والتعليق ص 855 ).
ومن التطبيقات التشريعية لقاعدة أن العبرة في التقدير بالطلبات المتنازع عليها ما نصت عليه المادة 40 مرافعات بقولها «إذا كان المطلوب جزءا من حق قدرت الدعوى بقيمة هذا الجزء إلا إذا كان الحق كله متنازعاً فيه ولم يكن الجزء المطلوب باقياً منه فيكون التقدير بإعتبار قيمة الحق بأكمله.
ومن تطبيقات القضاء في هذا الصدد أنه لمعرفة قيمة الدعوى تحذف الطلبات التي لم يحصل فيها نزاع وأن المقصود بالطلبات هو الطلبات المتعددة والمترتبة على أسباب مختلفة، أما إذا كانت الدعوى مكونة من طلب واحد وأعترف الخصم بجزء منه وأنكر الباقی، فعند تقدير قيمة الدعوى ينظر إلى قيمتها كلها بغض النظر عن الجزء المعترف به (حكم محكمة قنا الإبتدائية 1950/10/24 - منشور في المحاماة 31 ص 998)، فالطلب الواحد لا تجوز تجزئته (حكم محكمة أسيوط الكلية 1933/3/1 المحاماة 13 ص 430 )، ومن تطبيقات القضاء في ذلك أيضاً أنه لا يعتبر إقرارا مايسلم به من الخصوم إضطراراً وإحتياطياً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة من إجابة لخصم إلى بعض طلباته، لأن هذا التسليم لا يعتبر إعترافاً خالصاً بوجود الحق الذي يسلم به تسليما جدلياً. (نقض 1962/5/3 - لسنة 13 ص 571 )، ويلاحظ أنه لا عبرة في هذا الصدد بكون الطلبات المتعددة طلبات أصلية أو طلبات عارضة، ولابكونها موجهة إلى مدعى عليه واحد أو إلى مدعى عليهم متعددين، أو موجهة من مدع واحد أو من اكثر من مدع (عبد المنعم حسنى - طرق الطعن في الأحكام - ج 2 ص 437 وص 428) .
ونظرا لأنه لا يجوز للمدعى عليه بعد صدور الحكم أن يؤثر في حق الأسنان، فإنه من المقرر ألا يعتد فيما نحن بصدده سوى بعدم المنازعة أو بالوفاء الجزئي الذي يحمل قبل صدور الحكم في الدعوى (محمد وعبد الوهاب العشماوي - ج 2 ص 861 و ص 862 ، عبدالمنعم حسنی - طرق الطعن في الأحكام - ج 1- بند 484 ص 428 )، فيتعين أن يحصل الإقرار ببعض الطلبات قبل صدور الحكم ويعتبر كالإقرار بالطلب حصول الصلع عنه أو الوفاء به فعلاً (محمد حامد فهمي - المرافعات بند 677) فإذا كان الإقرار بعد صدور الحكم أعتبر رضاء بالحكم فيما حصل الإقرار به، ولا يؤثر في جواز إستئناف الحكم في الطلبات الأخرى التي لم يحصل الإقرار بها متى تجاوزت قيمة الدعوى النصاب الإنتهائي، وإذا كانت الدعوى بطلب واحد وأقر المدعي عليه بجزء مما هو مطلوب منه، فلا يؤثر إقراره على وجوب تقدير الدعوى بقيمة الطلب كاملاً (أحمد أبو الوفا۔ المرافعات ص 822 ).
لا تحتسب في تقدير نصاب الإستئناف المبالغ المعروضة عرضا فعليا وقبلها المدعي قبل الحكم: فإذا كان المطلوب في الدعوى مبلغا من النقود وعرض المدعى عليه قبل الحكم في الدعوى قدراً جزئياً منه عرضاً فعلياً على المدعي، فإن هذا القدر يخصم ويستنزل من قيمة الدعوى عند تقدير نصاب الإستئناف، ومثال ذلك إذا رفعت دعوى أمام محكمة جزئية بطلب دین قدره ثلاثة آلاف جنيه وعرض المدعى عليه عرضاً فعلياً على المدعى مبلغ ألف وخمسمائة جنيه قبل صدور الحكم في الدعوى ثم نازع في الباقي فإن الحكم الذي يصدر في هذه الدعوى يكون غير قابل للإستئناف (إستئناف مختلط 1944/12/27 - مجلة التشريع والقضاء 57 ص 32).
وقد نصت المادة 222 مرافعات محل التعليق صراحة على أن لا تحتسب في تقدير قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الإستئناف المبالغ المعروضة عرضاً فعلياً، ويشترط للعمل بهذه القاعدة أن يكون المطلوب في الدعوى مبلغاً من النقود أو ما يماثلها من الطلبات (محمد حامد فهمي - المرافعات بند 678)، وأن يعرض المدعى عليه على المدعی جزءا منه عرضاً فعلياً ويلاحظ أن عرض الشيك لا يقوم مقام عرض النقود، فالشك لا يعتبر وفاء كاملاً (نقض 1957/6/13 - لسنة 8 ص576)، كما يشترط للعمل بهذه القاعدة أيضا أن يقبض المدعي الجزء المعروض فعلا وذلك حتى يعتبر العرض الفعلي مؤثراً في قيمة الطلب وبالتالي في قابليته للإستئناف، وأساس إشتراط قبض المدعي الجزء المعروض فعلاً أن القاعدة التي نصت عليها المادة 1/242 مدني هي أنه لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاء جزئياً لحقه، وتسرى هذه القاعدة حتى لو كان الدين مما يقبل التجزئة بحسب طبيعته (عبدالرزاق السنهورى - الوسيط ج 2 ص 760 )، ما لم يوجد إتفاق أو نص يقضي بجواز تجزئة الوفاء (مادة 2/342 مدنی)، ومع ذلك يرى البعض في الفقه أنه إذا كان محل الدعوى مبلغاً من النقود وقام المدعى عليه بعرض جزء منه عرضاً فعلياً على المدعي، فإن هذا الجزء لا يحسب في تحديد قيمة القضية بالنسبة للإستئناف حتى ولو لم يقبل المدعي هذا العرض (فتحى والى - الوسيط في المرافعات - طبعة 1986 بند 261 ص 714 ، أحمد صاوی - الوسيط في المرافعات - طبعة 1978 - ص 738 ، فلا يعتد بعدم قبول الدائن للعرض أو منازعته في صحته إذا كان العرض واردا على كامل احد الطلبات (محمد وعبد الوهاب العشماوی - بند 1216 ، محمد كمال عبدالعزيز- ص446) .
ولا يشترط لاستنزال قيمة مايعرفه المدين على الدائن عرضا فعليا قبل صدور الحكم من قيمة الدعوى، أن تكون الدعوى مرفوعة بعدة طلبات بل تنطبق ولو كان موضوعها طلبا واحدا، ولكن يشترط أن يتم العرض قبل صدور الحكم المستأنف مع ملاحظة أن العرض الذي يتم بعد صدور الحكم قد يعتبر قبولاً للحكم في خصوص ما تم العرض في شأنه فيمتنع إستئنافه في هذه الحدود، غير أن هذا العرض اللاحق لا يؤثر في نصاب إستئناف الأجزاء البانية، إذ يبقى مقدراً بقيمة الدعوى (محمد کمال عبدالعزيز ص 446 و ص 447 أحمد أبو الوفا التعليق - ج 1 ص 686).
كما يشترط أن يحصل عرض جزء من المبلغ المطلوب عرضاً فعلياً فلا يكفي مجرد الإقرار به، وإذا كان العرض الفعلي يترتب عليه خصم ما عرض من أصل المبلغ المطلوب فمن باب أولى يترتب على قبض المدعى في أثناء الخصومة جزءا من المطلوب خصم هذا الجزء إذا لم ينازع الدائن في قبضة (رمزي سیف - الوسيط في المرافعات - بند 628 ص 813 ) .
ولا يكفي مجرد إستعداد المدين لعرض الدين أو الوفاء به (قارب نقض 1962/11/8 - لسنة 13 - ص 992 ، وأنظر عبدالمنعم حسنی ص 439) ولا يكفي أيضاً مجرد الإيداع على ذمة الدائن لأن الإيداع لا يخرج المال عن ملكية المودع ويظل هذا له الحق في توجيه المبلغ المودع وجهة اخرى طالما أن الدائن لم يقبل العرض (نقض 1938/4/28 - مجموعة عمر ج 2 رقم 117 ص 333)، كما لا يعتبر عرضاً فعلياً في هذا الصدد العرض الذي يجري من قبيل التبرع (استئناف المنصورة 1956/12/17 ۔ المحاماة 41 ص 647 ) فرض مبلغ من قبيل التبرع لا يعتبر عرضاً فعلياً و إعترافاً بالحق، ومن ثم لا يصح خصم قيمة هذا المبلغ من قيمة الدعوى عند تقدير قيمة نصاب الإستئناف.
العبرة بقيمة الدعوى وليس بحكم قاضي اول درجة أو وصفه: فالعبرة في تقدير نصاب الإستئناف هي بقيمة القضية وليس بما يحكم به القاضي، وأساس ذلك أنه لو نظر إلى قيمة الحكم لإستطاع القاضى جعل أحكامه كلها غير قابلة للإستئناف، وذلك عن طريق تجزئة قراره في الدعوى الواحدة أو الحكم فقط بما يدخل في نصابه النهائي، ولنفس العلة فإن قابلية الحكم للإستئناف لا ترتبط بالتكييف الذي يعطيه قاضي أول درجة لحكمة، فمثلاً لو وصف هذا القاضي حكمه بانه إنتهائی فلا يمنع هذا الوصف من إستئناف الحكم لو كان يقبله، كذلك لو وصف حكمه بأنه إبتدائي فإن هذا الوصف لأن جعله قابلاً للإستئناف لو كان لا يقبله، فليس لقاضي أول درجة أن يغير وصف الحكم كما يحدده القانون، فإن فعل، كان من سلطة المحكمة الإستئنافية تحديد الوصف الصحيح (فتحى والى - الوسيط - ص 713).
لا عبرة بالاعتراض على قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها ما لم يخالف الخصوم الأسس التي وضعها المشرع لتقديرها: أوضحنا فيما مضى أن التقدير الذي يحدده المدعي لدعواه يكون حجة له وحجة عليه بالنسبة لنصاب الإستئناف (نقض 1977/3/16 - الطعن رقم 517 لسنة 43 قضائية- مشار إليه، وإستئناف مصر 1923/11/15 منشور في المحاماة 6 ص 26 ، إستئناف الإسكندرية 1936/12/28 - المحاماة 18 - ص 482 ، بنها الإبتدائية 1950/12/9 المحاماة 31 ص 1529 ) وذلك حتى لا يشاكس خصمه برفع دعواه في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة فإذا صدر الحكم فيها على خصمه أمتنع عليه إستثنائه وإذا صدر عليه هو، تمكن من إستثنائه بمقولة أن حقيقة قيمة دعواه تزيد على النصاب المتقدم، فالقاعدة أنه لا يجوز للخصم الإعتراض على قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها، فمثلاً المدعي الذي قدر دعواه عند رفعها بأقل من الني جنيه والذي لم يعدل عن هذا التقدير حتى صدور الحكم فيها، لايجوز له بعدئذ إستئنافه بمقولة أن قيمتها تزيد على ألفی جنيه، كما إذا كان يطالب بمنقول قدره بأقل من ألفي جنيه ولم ينازعه المدعى عليه في هذا التقدير، فلا يحق له إستئناف الحكم، كذلك لا يجوز للمدعى عليه الإعتراض على تقدير قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها، فطالما أنه لم ينازع في قيمتها أمام محكمة الدرجة الأولى وطالما أن الحكم قد صدر فيها، فلا يحق له بعدئذ الإعتراض على التقدير وإلا أدى ذلك إلى إهدار قواعد الإستئناف بإباحة إستئناف أحكام نص القانون على أن يكون الحكم فيها نهائياً. (أحمد أبو الوفا المرافعات - بند 602 ص 820).
ولكن ينبغي ملاحظة أنه إذا كان التقويم يصطدم مع قاعدة من القواعد التي رسمها القانون لتقدير قيمة الدعوى ويخالف الأسس التي وضعها بتقديرها فلا يعتد بتقدير المدعي دعواه ولا يمتد بعدم إعتراض خصمه عليه بل ولا يعتد بإنفاقهما عليه، ويجوز لأيهما إستئناف الحكم إذا كانت القيمة الحقيقة للدعوى وفق الأسس التي وضعها المشرع تزيد على نصاب المحكمة الإنتهائي، وعلة ذلك أن الإتفاق على مخالفة قواعد تقدير قيمة الدعوى هو في الواقع اتفاق على مخالفة قواعد الإختصاص النوعي وعلى مخالفة قواعد تقدير نصاب الإستئناف ، وهذه القواعد كلها من النظام العام (أحمد أبو الوفا التعليق ص 853 و ص 854 ).
تعلق قواعد تقدير نصاب الإستئناف بالنظام العام: وفقاً للمادة 109 مرافعات فإن قواعد الإختصاص القيمي تتعلق بالنظام العام. كما ان مسائل الإختصاص النوعي من النظام العام، ولذلك فإن تقدير قيمة الدعوى تقديراً سليماً يتمشى مع الأسس المقررة في القانون يعتبر هو الآخر من النظام العام، وعلى محكمة الدرجة الثانية أن تراقب صحة تقدير قيمة الدعوى من تلقاء نفسها سواء بغرض تقدير نصاب الإستئناف أو للتحقق من إختصاص محكمة الدرجة الأولى بنظر الدعوى، وهي ملزمة بذلك لأنها مكلفة قانوناً بالتحقق من قواعد قبول الإستئناف شكلاً (أحمد أبو الوفا التعليق ص 854 - عبدالمنعم حسنی بند 486 ص 439 ).
ويرى البعض في الفقه أنه يجوز للخصوم الإتفاق على مخالفة قواعد تقدير نصاب الإستئناف إذا كان من شأن هذه المخالفة عدم جواز إستئناف الحكم (رمزی سبف - الوسط - بند 635 ص 827 و ص 828) وأساس ذلك أنه لبيان ما إذا كانت القواعد التي تبين ما يجوز إستئنافه من أحكام وما لا يجوز متعلقة بالنظام العام يفرق في هذا الصدد بين الأحكام الجائز إستئنافها وبين الأحكام التي لا يجوز إستئنافها، فبالنسبة للأحكام الجائز إستئنافها فقد نص القانون صراحة في المادة 219 على أنه يجوز الإتفاق ولو قبل رفع الدعوى على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولى إنتهائياً ، ومقتضى هذا النص جواز النزول سلفاً وقبل رفع الدعوى عن حق الإستئناف، أما بالنسبة للأحكام غير الجائز إستئنافها سواء أكان عدم إستئنافها يرجع إلى دخول الدعوى في النصاب الإنتهائي أو إلى نص خاص منع إستئناف الحكم الصادر فيها، فإن عدم جواز إستئناف هذه الأحكام يعتبر من النظام العام، لأن المشرع الثقافي في المسائل التي صدرت فيها هذه الأحكام على درجة واحدة، إنما إستهدف غرضاً عاماً يتعلق بحسن سير القضاء ولذلك تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الإستئناف، كما يجوز للخصوم أن يدفعوا بعدم قبول الإستئناف في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما كانت قواعد تقدير نصاب الإستئناف تعتبر مكملة للقواعد المتعلقة بجواز أو عدم جواز الإستئناف، لأنه يتوقف عليها أن يكون الحكم جائزاً إستئنافه أو غير جائز فنطبق عليها نفس القاعدة، ومقتضى ذلك أنه لاتجوز مخالفة قواعد تقدير نصاب الإستئناف ولو بإتفاق الخصوم إذا كان من شأن هذه المخالفة أن يصبح الحكم قابلاً للإستئناف، ولكن تجوز المخالفة باتفاق الخصوم إذا كان من شأنها عدم جواز إستئناف الحكم.
العبرة بقيمة الدعوى الأصلية ولو اقتصر الإستئناف على حكم في التوابع والملحقات وكذلك ولو كان الإستئناف مقصوراً على الحكم بالمصاريف: فيعتمد بذات قيمة الدعوى ولو اقتصر الإستئناف على حكم في التوابع والملحقات، سواء أكانت هذه تضاف بحسب القواعد العامة إلي الطلب الأصلي عند تقدير قيمة الدعوى أم لا تضاف إليه، وسواء أكانت مقدرة القيمة أم غير مقدرة قيمتها ، وسواء قدمت وقت رفع الدعوى ام بعد رفعها سواء أكانت تابعة لطلب أو دفع، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة للحكم بالغرامة (إستئناف مصر 1946/11/16 المجموعة الرسمية 48 ص 196 ، أحمد أبو الوفا التعليق ص 854 )، كما يعمل بها بالنسبة إلى الطلبات غير المقدرة القيمة التي ترفع إلى المحكمة الجزئية تبعاً لدعوى اصلية مرفوعة أمامها (عز الدين الديناصوری وحامد عكاز - التعليق على قانون المرافعات سنة 1982 - ص 673).
كما يعمل بهذه القاعدة بالنسبة للمصاريف فتتبع المصاريف الطلبات الأصلية فيما يتعلق بجواز الإستئناف أو عدم جوازه من غير نظر إلى قيمة المصاريف في ذاتها ولو كان الإستئناف منصوراً عليها (نقض 1959/11/12 لسنة 10 ص 664 وإستئناف مصر 1934/3/31 - منشور في المحاماة 15 ص 25 وقنا 1931/7/23 المحاماة 12 ص 724 ، وقارن الإسكندرية الابتدائية 1930/1/8 - المحاماة 10 ص 726 و 1922/2/16 - المحاماة 2 ص 429 ) وعلة ذلك أن المشرع لا يعتد بالمصاريف عند تقدير قيمة الدعوى سواء بالنسبة إلى تحديد إختصاص المحكمة النوعي أم بالنسبة إلى تحديد نصاب الإستئناف، والعبرة بقيمة الدعوى الأصلية في هذه الحالة، ومن ثم فالحكم بالمصاريف قبل الإستئناف بقبل كانت قيمة الدعوى تسمح به وإقتصر الإستئناف عليه.
تقدير نصاب الإستئناف في أحوال التضامن: لا يعتد في أحوال التضامن إلا بقيمة طلب واحد من الطلبات الموجهة إلى المدينين المتضامنين، سواء أكانت الطلبات موجهة بصورة أصلية أم كان بعضها موجها بصورة إحتياطية (أحمد أبو الوفا المرافعات - بند 602 ص 825) ويلاحظ أنه في الإلتزام التضامني يكون للدائن أن يرجع على أكثر من هدين بنفس الدين دون أن تجمعهم رابطة تضامن (راجع: عبد الرزاق السنهوري - ج 3 ص 285)، ومن أهم أمثلة التضامن الدعوى المباشرة فنجد أن الدائن له مدينان يرجع على كل منهما بنفس الدين دون أن يكون المدينان متضامنين، فيكون الالتزام بهذا الدين الواحد إلتزاماً تضامنياً لاتضامنياً منال ذلك المادة 1/591 من القانون المدني في حق رجوع المؤجر بالأجرة على كل من المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن، فإذا جمع المؤجر الطلبين في قضية واحدة فإن الدعوى تقدر بقيمة واحدة لأحدهما على الرغم من أن مصدر إلتزام المدعى عليهما مختلف، كذلك الحال إذا تقدم المدعي بأحدهما بصورة إحتياطية، ومن البديهي أن تتبع هذه القاعدة أمام محكمة الدرجة الأولى والدرجة الثانية.
تقدير نصاب الإستئناف في حالة الدعوى المضمومة:
الأصل أن الحكم بضم دعويين لا يغير من طبيعة كل منهما ولا يؤثر على إستقلالهما فتبقى كل منهما قابلة للإستئناف أو غير قابلة له تبعاً لقيمة الطلب المرفوعة به (نقض 1953/5/22 - لسنة 3 ص 1100)، ولكن إذا اعتبر الخصوم هذا الضم بمثابة إدماج للدعويين وسار دفاعهم فيهما على هذا الأساس أو كانت الدعويان مستندتين إلى سبب قانوني واحد، فإن العبرة في الإستئناف في هاتين الحالتين تكون بمجموعة قيمة الدعويين أو بقيمة الطلب الأكثر إذا إعتبرت إحداهما بمثابة طلب عارض على الأخرى (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1120 ، محمد كمال عبدالعزيز - ص 447 و ص 448 ، ونقض 1953/6/18 - السنة 4 ص 1178 )، ويجب ملاحظة أنه إذا كان الطلب في إحدى الدعويين هو ذات الطلب في الأخرى فإن الدعويين تفقدان ذاتيتها و تعتبران بمثابة دعوى واحدة. (نقض 1968/1/21 - السنة 19 ص 170 ، نقض 1968/2/1 - لسنة 19 ص 184 ) .
تقدير قيمة الدعوى في حالة إستئناف الحكم الصادر في المعارضة في أمر تقدير الرسوم: تقدر الدعوى في هذه الحالة بقيمة الطلب أو الدعوى المرفوعة ولا تقدر بقيمة المبلغ الوارد في أمر تقدير الرسوم لأن الرسم الذي يستأديه قلم الكتاب إنما يجب بمناسبة الإلتجاء إلى القضاء في طلب أو خصومة تعرض عليه فهو يتولد من هذا الطلب أو تلك الخصومة وينشأ عنها ومناسبتها ومن ثم فإنه ينزل منها منزلة الفرع من أصله . ( نقض 1959/11/12 - لسنة 10 ص 114- مشار إليه أنفا) .
استئناف دعاوى الضرائب مهما كانت قيمتها:
نصت الفقرة الأولى من المادة 161 من القانون رقم 157 لسنة 1981 على أن لكل من مصلحة الضرائب والممول الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان بالقرار، ونصت المادة 162 من القانون على أن يكون الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بطريق الإستئناف أياً كانت قيمة النزاع ومؤدى ذلك أن الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية طعناً على قرارات لجان الطعون الضريبية يجوز إستئنافه مهما كانت قيمة النزاع سواء كان الطعن مرفوعا من الممول أو من مصلحة الضرائب حتى لو كانت قيمته لاتتجاوز عشرة آلاف جنيه - وهو النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية - ولا شك في أن هذا استثناء أورده المشرع على المادة 222 مرافعات ومن ثم فهو قاصر على الدعاوى الناشئة عن تطبيق للقانون 157 لسنة 1981.
تقدير نصاب الإستئناف في حالة دعوى التدخل والإدخال ودعوى الضمان الفرعية ودعوى التزوير الفرعية ودعوى تحقيق الخطوط الفرعية: تقدر دعوى التدخل تدخلاً إختصامياً تقديراً مستقلاً عن الدعوى الأصلية من حيث نصاب إستئناف الحكم الذي يصدر في طلب المتدخل. فالأصل أن طلب التدخل تدخلاً إختصامياً بقدر تقديراً مستقلاً عن الدعوى الأصلية بمعنى أنه يجوز إستئناف الحكم الصادر فيه أو لايجوز وفق قيمته بصرف النظر عن قيمة الدعوى الأصلية، أما المتدخل تدخلا إنضمامياً فإن دعواه تتبع الدعوى الأصلية فالشخص الذي يتدخل في الخصومة منضماً لأحد طرفي الخصومة ليس له دعوى مستقلة خاصة به، أي أنه لا يدعي شيئاً خاصاً ينازع فيه، ولذلك فإن طلب تدخله يتبع مصير الدعوى الأصلية.
أما بالنسبة للإدخال فإن الأصل أن تقدر قيمة الطلب الموجه من أحد الخصوم في الدعوى إلى شخص خارج عنها بقصد إختصامه فيها بحسب قيمة هذا الطلب وبصرف النظر عن قابلية الحكم الصادر في الدعوى الأصلية للإستئناف أو عدم قابليته له (أحمد أبو الوفا المرافعات ص 825 هامش ، رمزي سيف - الوسيط - بند 657 ، كمال عبدالعزيز ص 447 )، ولكن إستثناء من القاعدة المتقدمة جرى الفقه والقضاء على إستثناء دعوى الضمان الفرعية، فإذا كان الحكم في الدعوى الأصلية قابلاً للطعن فيه بالإستئناف وإذا طعن فيه بالفعل فإنه يجوز طرح الخصومة في دعوى الضمان على محكمة الدرجة الثانية ولو لم تتجاوز قيمتها النصاب الإنتهائي لمحكمة الدرجة الأولى، ففي حالة قابلية الحكم في الدعوى الأصلية للإستئناف مع عدم قابلية الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية له، فإنه يجوز في حالة رفع الإستئناف عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية طرح الحكم الصادر في طلب الضمان على محكمة الدرجة الثانية ( أحمد أبو الوفا - المرافعات ص 825 وهامش رقم 2 بها والتعليق ص 858 ، رمزي سیف - الوسيط - بند 657 ، كمال عبدالعزيز م ص 447، وقارن العشماری بند 1218 حيث پری استقلال تقدير دعوى الضمان الفرعية من حيث جواز إستئنافها في جميع الأحوال)، وينطبق على دعوى التزوير الفرعية ودعوى تحقيق الخطوط الفرعية إذا كانت مرفوعة من غير المدعى عليه ما سبق قوله بالنسبة الدعوى الضمان الفرعية . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الرابع ، الصفحة : 709)