loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون السابق فيما يتعلق بالمادة 414 منه المطابقة للمادة 238 من القانون الحالى أنه لما كان ما إستحدثه المشرع من تعليق ترك الخصومة على قبول المدعى عليه ملحوظاً فيه رعایته حين تكون له مصلحة من طلب الحكم في موضوع الدعوى، فقد روى أن لا مصلحة للمستأنف عليه في الإعتراض على ترك الإستئناف في حالة ما يكون الترك مصحوباً بتنازل المستأنف صراحة عن حقه في الإستئناف او متضمناً هذا التنازل لكون ميعاد الإستئناف قد إنقضى وصار لا يصح تجديده فيما بعد (414)، أما إذا كان الترك مقترنا بالإحتفاظ بالحق فإنه يجوز، ولكن بشرط قبول المستأنف عليه. هذا ولما كان الإستئناف الفرعي الذي يرفعه المستأنف عليه بعد الميعاد أو بعد قبول الحكم قبل رفع الإستئناف الأصلي غير جائز إلا بإعتباره رداً على الإستئناف الأصلي فإنه يكون من طبيعة الأشياء أن يتعلق سير الإستئناف الفرعي على الإستئناف الأصلى بتبعه ويزول بزواله في جميع الأحوال. لذلك لم ير المشرع إبقاء حكم المادة 308 من القانون الأصلي فاستبدل به النص على أن الحكم بقبول ترك الخصومة في الإستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الإستئناف الفرعي (المادة 415)، وبناءً على ذلك لا يجوز للمستانف عليه أن يتمسك بإستئنافه الفرع للإعتراض على ترك المستأنف إستئنافه الأصلي إذا كان هذا الترك مقترناً بالتنازل عن حق الإستئناف أو كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى كما تقدم القول.

الأحكام

 1- المشرع قد غاير في الحكم بين ترك الخصومة في المرحلة الابتدائية للدعوى، وبين تركها في مرحلة الاستئناف فنص على الحالة الأولى في المادة 142 من قانون المرافعات التي تقضى بأنه "لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله ..."، وذلك مراعاة لصالح المدعي عليه حتى يتسنى له حسم النزاع ولا يبقى مهددًا بخصومة جديدة، أما في مرحلة الاستئناف فقد نصت المادة 238 من قانون المرافعات على أن "تحكم المحكمة في جميع الأحوال بقبول ترك الخصومة في الاستئناف إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك"، ففي هاتين الحالتين لا يتوقف القضاء بقبول ترك الخصومة في الاستئناف على قبول المستأنف عليه، ولو كان قد أبدى طلباته في الاستئناف أو أقام استئنافًا فرعيًا إذ لا مصلحة له في الاعتراض على الترك بعد أن أصبح في مأمن من إقامة استئناف جديد لنزول المستأنف عن حقه في الاستئناف أو لانقضاء وقت ميعاد الاستئناف وقت الترك .

( الطعن رقم 9778 لسنة 90 ق - جلسة 1 / 8 / 2024 )

2- النص فى المادة 145 من قانون المرافعات على أن " النزول عن الحكم يستتبع بقوة القانون النزول عن الحق الثابت به " يدل على أنه يترتب على نزول المستأنف ضده عن الحكم المستأنف أن يصبح الحكم المطعون فيه غير قائم فتنقضى الخصومة فى الاستئناف بقوة القانون بما يمنع المتنازل عن أن يجدد السير فى هذه الخصومة أو أن يعاود المطالبة بالحق الثابت بالحكم الذى تنازل عنه ولو بدعوى جديدة فإن فعل كان لخصمه أن يدفع - بعدم جواز تجديد المطالبة بالحق الذى تم التنازل عنه - وهو دفع متعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها .

(الطعن رقم 611 لسنة 63 جلسة 1997/03/03 س 48 ع 1 ص 418 ق 80)

3- إذ كان الثابت بالأوراق انه بتاريخ 1984/2/4 قرر وكيل المطعون ضدهما بترك الاستئناف رقم 3891 لسنة 100 ق القاهرة ويتمسك بالفصل فى موضوع الاستئناف الأخر رقم 3898 لسنة 100 ق القاهرة المرفوع عن ذات الحكم المستانف ووافق عن ذلك وكيل الطاعنين المدافع عنهم الحضر بالجلسة وإذ كان المقرر أن مؤدي نص المادة 238 من قانون المرافعات أن نزول المستأنف عن حقه فى الاستئناف ينتج اثاره بمجرد حصوله ويوجب علي المحكمة قبول هذا التنازل , ومن ثم فإن إغفال الحكم المطعون فيه بيان تاريخ ترك المطعون ضدهما لاستئنافهما رقم 3891 لسنة 100 ق - أياً كان وجه الرأي فيه لا أثر له 

(الطعن رقم 1691 لسنة 54 جلسة 1991/12/23 س 42 ع 2 ص 1960 ق 309)

4- التنازل عن الخصومة أو تركها لا يجوز أن يكون مقروناً بأى شرط أو تحفظ من شأنه تمسك التارك للخصومة أو المتنازل عنها بها أو بأى أثر من آثارها ، و لما كان تنازل الطاعن عن السير فى الخصومة معلقاً على شرط أنه فى حالة التنازل عن طلب الرد يعفى من الغرامة و كان تحقق هذا الشرط تأباه أحكام القانون ذلك أن ترك الخصومة فى الإستئناف يترتب عليه إلغاء إجراءات الخصومة بما فى ذلك صحيفة الإستئناف و لكن لا يمس الحكم المستأنف الذى قضى على الطاعن بالغرامة و طلب الطاعن فى الإستئناف إلغاءها الأمر الذى يجعل إعفاءه منها تمسكاً منه بالخصومة فى الإستئناف ، و إذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب التنازل عن طلب الرد فإنه يكون قد إنتهى إلى نتيجة صحيحة فى القانون .

(الطعن رقم 266 لسنة 43 جلسة 1982/11/14 س 33 ع 2 ص 905 ق 165)

5- إذ كان الحكم المطعون قد قضى بترك الخصومة بالنسبة للمطعون عليه السادس - فى موضوع غير قابل للتجزئة - و كان لازم ذلك هو إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما فى ذلك رفع الإستئناف له و زوال إختصامه فى الإستئناف ، فإن الإستئناف يكون غير مقبول بالنسبة لباقى المستأنف عليهم ، لعدم إختصام جميع المحكوم لهم .

(الطعن رقم 487 لسنة 46 جلسة 1981/11/23 س 32 ع 2 ص 2080 ق 377)

6- إذا كان الترك منصباً على الخصومة برمتها فإنه لا يتم بمجرد التصريح به طالما لا يتضمن إسقاطاً لآصل الحق المرفوعة به الدعوى أو مساساً به فيجوز للتارك أن يرجع عن طلب الترك صراحة أو ضمناً ما دام خصمه لم يقبله أو يحكم القاضى بإعتماده و يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 238 من قانون المرافعات من أن المحكمة تحكم فى جميع الأحوال بقبول ترك الخصومة فى الإستئناف إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى وقت الترك وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات القديم عند تناولها للمادة 414 منه المطابقة للمادة 238 من قانون المرافعات الحالى بقولها " لما كان ما إستحدثه المشرع من تعليق ترك الخصومة على قبول المدعى عليه ملحوظاً فيه رعايته حين تكون له مصلحة من طلب الحكم فى موضوع الدعوى فقد رؤى أن لا مصلحة للمستأنف عليه فى الإعتراض على ترك الإستئناف فى حالة ما يكون الترك مصحوباً بتنازل المستانف صراحة عن حقه فى الإستئناف أو متضمناً هذا التنازل لكون ميعاد الإستئناف قد إنقضى و صار لا يصح تجديده فيما بعده . أما إذا كان الترك مقترناً بالإحتفاظ بالحق فإنه يجوز و لكن بشرط قبول المستأنف عليه " .

(الطعن رقم 854 لسنة 45 جلسة 1978/05/11 س 29 ع 1 ص 1235 ق 242)

7- غاير المشرع فى الحكم بين ترك الخصومة فى المرحلة الإبتدائية للدعوى و بين تركها فى مرحلة الإستئناف . فنص على الحالة الأولى فى المادة 142 من قانون المرفعات التى تقضى بأنه لا يتم ترك الخصومة بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله و ذلك مراعاة لصالح المدعى عليه حتى يتسنى له حسم النزاع و لا يبقى مهدداً بخصومة جديدة . أما فى مرحلة الإستئناف فقد نصت المادة 238 من قانون المرافعات على أن تحكم المحكمة فى جميع الأحوال بقبول ترك الخصومة فى الإستئناف إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى وقت الترك ففى هاتين الحالتين لا يتوقف القضاء بقبول ترك الخصومة فى الإستئناف على قبول المستأنف عليه و لو كان قد أبدى طلباته فى الإستئناف أو أقام إستئنافاً فرعياً ، إذ لا مصلحة له فى الإعتراض على الترك بعد أن أصبح فى مأمن من إقامة إستئناف جديد لنزول المستأنف عن حقه فى الإستئناف أو لإنقضاء ميعاد الإستئناف وقت الترك

(الطعن رقم 845 لسنة 43 جلسة 1976/11/29 س 27 ع 2 ص 1707 ق 314)

8- النص فى الفقرة الثانية من المادة 219 من قانون المرافعات على أنه " يجوز الإتفاق و لو قبل رفع الدعوى على أن يكون حكم محكمة أول درجة إنتهائيا " . يدل على أن المشرع قد أجاز الإتفاق مقدماً بين الخصمين على التنازل عن إستئناف الحكم و لم ير فى ذلك مخالفة للنظام العام ، لما أوردته المذكرة الإيضاحية من أن المادة " تضمنت فقرة أخيرة تبيح النزول عن الإستئناف قبل رفع الدعوى ذلك أن الإستئناف كغيره من الحقوق يجوز النزول عنه فضلاً عن أن هذا النزول يكون أقرب شبهاً بنظام التحكيم و لا يعتبر من جهة أخرى حرماناً للخصم من حق الإلتجاء إلى القضاء بقدر ما هو منظم لهذا الحق فضلاً عن أن حكم هذه الفقرة مسلم به فى كثير من التشريعات الحديثة " ، مما مفاده أنه يجوز التنازل من باب أولى عن متابعة السير فى الإستئناف حال نقض الحكم و إعادة الدعوى لسيرها أمام محكمة الإحالة ، و لا يجوز القول بأن الإقرار بالتنازل قدم فى مرحلة الطعن بالنقض و هى متميزة عن خصومة الإستئناف المتعلقة بالدعوى الموضوعية لأنه و إن كان الحكم الصادر فى الإستئناف - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من شأنه أن ينهى الدعوى إلا أن نقض هذا الحكم يزيله و يفتح للخصوم طريق العودة إلى محكمة الإحالة لمتابعة السير فيها بناء على طلب الخصوم

(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص 1649ق 304)

9- أنه و إن كان ترك الخصومة جائز فى كل الأحوال متى تنازل المدعى عن خصومته بغير تحفظ متخذاً الشكل الذى يقضى به القانون و متى قبل المدعى عليه هذا الترك أو لم يكن فى ميسوره الإعتراض عليه طالما لم تكن له مصلحة قانونية فى المضى فى الدعوى إلا أنه يرد على هذا الأصل إستثناء لم يتضمنه به نص المادة 142 من قانون المرافعات قوامه عدم إجازة الترك إذا تعلق موضوع الدعوى بالنظام العام ، إعتبار بأن الحقوق المتصلة به ينبغى ألا يجعل مصيرها متوقفاً علىإتفاقات متروك مصيرها لإرادة الأفراد ، لما كان ذلك و كان قبول المحكمة حلول الطاعن محل المدعية الأصلية عقب و فاتها مؤسساً على أن له مصلحة محتملة بالنسبة لما يترتب على دعوى الطلاق من آثار مالية تختلف بإختلاف الإبقاء علىعروة الزوجية أو فصمها ، و كان الإقرار الصادر من الطاعن - بترك الخصومة - ينطوى على قبول للحكم الصادر من محكمة أول درجة بمل يندرج فيه لزوماً من أحقية المطعون عليه - الزوج - لإستحقاق الميراث فى تركة الزوجية المتوفرة ، و كان الإقرار بهذه المثابة لا يتضمن أى مساس بالنظام العام و إنما ينصب على الحقوق المالية البحتة و التى إرتضى الطاعن أحقية المطعون عليه بها ، فإن من الجائز إثبات الترك الوارد به دون عائق من قواعد النظام العام ، و لا تثريبب على الحكم إذا هو أغفل الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص

(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص 1649 ق 304)

10- إذا كان ترك الخصومة تصرفاً إرادياً يبطل إذا شابه عيباً من العيوب المفسدة للرضاء ، و كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه إنه كان خاضعاً عند تحديد لإقرار لإكراه شاب إرادته فى معنى المادة 127 من القانون المدنى ، و دلل على ذلك بقرائن عدة ساقها ذهب إلى أنها تكشف عن مدى الرهبة التى بعثها المطعون عليه فى نفسه دون حق ، و كان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع رغم أنه جوهرى و قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يتعين معه نقضه

(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص1649 ق 304)

11- إذ كانت المادة 141 من قانون المرافعات تجيز إبداء ترك الخصومة ببيان صريح من التارك فى مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها و كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول فى قضائه بإثبات ترك الطاعن الخصومة فى الإستئناف على أن الإقرار المقدم من المطعون عليه و المصدق عليه بمكتب توثيق شمال القاهرة يحمل توقيع الطاعن و يتضمن بياناً صريحاً منه بتنازله عن إجراءات السير فى الإستئناف و أنه بهذه المثابة يقوم مقام المذكرة الموقع عليها منه ، و كان ما أورده الحكم فى هذا الخصوص صحيح فى القانون إذا لم يستلزم الشارع شكلاً معيناً للمذكرات التى يقدمها الخصوم فى الدعوى أو يحدد طريقاً معيناً لتقديمها إلى المحكمة و إنما ما أوجبه أن تكون موقعة من التارك أو وكيله و أن يكون بيان الترك صريحاً لا غموض فيه و أن يطلع عليها الخصم و هو ما توافر فى الإقرار الصادر من الطاعن على النحو المتقدم بيانه ، لما كان ما تقدم فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون و القصور و الفساد فى الإستدلال يكون على غيرأساس

(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص 1649 ق 304)

12- المقرر أنه لا يجوز أن يكون الترك مقروناً بأى تحفظ ، بمعنى أن يكون خالياً من أية شروط تهدف إلى تمسك التارك بصحة الخصومة أو بأى أثر من الآثار القانونية المترتبة على قيامها ، و إذ كان كما تضمنه الإقرار من أن إلتزام الطاعن بعدم السير فى الدعوى حال نقض الحكم لا يعد من قبيل الشروط أو التحفظات التى يتعين خلو الترك منها لأنه إنما قصد إلى مجرد بيان الحالة التى تتحقق فيها إمكانية إستمرار السير فى الدعوى ، و لأنه برفض الطعن ينحسم كل نزاع بما لا مجال معه للإتفاق على ترك الخصومة ، و من ثم فإن وروده فى الإقرار لا يؤثر فى قيام الترك أو إنتاجه أثره

(الطعن رقم 32 لسنة 45 جلسة 1976/11/24 س 27 ع 2 ص 1649 ق 304)

13- إذ كانت المادة 141 من قانون المرافعات تجيز إبداء ترك الخصومة ببيان صريح فى مذكرة موقعه من التارك مع إطلاع خصمه عليها ، كما أن المادة 238 منه تقضى بأن تحكم المحكمة فى جميع الأحوال بقبول ترك الخصومة فى الإستئناف إذا كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك لما كان ذلك و كان الإقرار المكتوب الموقع عليه بإمضاء منسوبة للمستأنفة قد تضمن بياناً صريحاً بتركها الخصومة فى الإستئناف فإنه و قد قدم إلى المحكمة يقوم - و على ما جرى به قضاء النقض - مقام المذكرة الموقع عليها من هذه المستانفة كما يعتبر تقديم المستأنف ضدها الأولى لهذا الإقرار و تمسكها بما جاء به إقرارا بإطلاعها عليه و قبولا منها للترك ، هذا فضلاً عن أن هذا الإقرار مؤرخ فى ... أى بعد أن كان ميعاد الطعن بالإستئناف فى الحكم الإبتدائى قد إنقضى ، فإن ترك المطعون ضدها الأولى لإستئنافها كان يتعين أن يتم و ينتج أثره حتى و لو لم يصدر قبول من الطاعنة .

(الطعن رقم 675 لسنة 42 جلسة 1976/03/03 س 27 ع 1 ص 562 ق 113)

شرح خبراء القانون

ترك المستأنف إستئنافه :

تختلف قواعد ترك الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى عنها أمام المحكمة الإستئنافية فيما يتعلق بحق المدعى عليه أو المستأنف عليه في الإعتراض على الترك، ذلك أن المدعي طالما أقام دعواه بمحض إختياره، كان من حقه أن يعود إلى الحالة التي كان عليها قبل إقامتها دون اعتراض من المدعى عليه، لكن قد يتعذر عليه هذا الترك إذا إنعقدت الخصومة وواجهة خصمه بدعاوی فرعية بتقديم طلبات عارضة ، أو كانت هذه الطلبات قد قدمت من تدخل في الدعوى تدخلاً هجومياً ، إذ يتسع نطاق الخصومة في مثل هذه الحالات ويتعلق بها حق لغير المدعي يسعى إلى حسمه حتى لا تتجدد الخصومة مرة أخرى بعد الترك متى جاز رفعها من جديد ، وهو ما يحول دون المدعي وإثبات تركه لها إلا إذا وافق خصمه الذي قدم بالطلبات العارضة على ذلك إذ تكون له مصلحة في الإستمرار في نظر الدعوى والحكم فيها.

ويختلف الطعن بالإستئناف عن ذلك عندما يتقدم المستأنف بطلب ترك إستئنافه بعد إنقضاء ميعاد الإستئناف إذ يمتنع عليه رفع إستئناف جديد وإلا قضى بسقوط حقه فيه ولو من تلقاء نفس المحكمة، وتنتفي بالتالي مصلحة المستأنف عليه حتى لو كان قد رفع إستئنافاً فرعياً بطلبات، يجيزها القانون لما هو مقرر بموجب المادة (239) من قانون المرافعات من أن الحكم بقبول ترك الخصومة في الإستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الإستئناف الفرعي.  

فإن كان ميعاد الإستئناف مازال مفتوحاً مما يجوز معه للمستأنف رفع إستئناف آخر، فإن الترك لا يتم في هذه الحالة إلا إذا تنازل المستأنف عن حقه في الإستئناف وهو ما يحول دونه ورفع إستئناف جديد وإلا قضي بعدم جوازه إذ يتضمن تنازله إقرارا بعدم الطعن في الحكم بالإستئناف، وفقاً للمادة (238) من قانون المرافعات التي نصت على جواز الترك إذا نزل المستأنف عن حقه في الإستئناف، يستوي أن يكون المستأنف عليه قد تقدم بطلباته أياً ما كانت أو رفع إستئنافاً فرعياً أو لم يرفع، فإن صدر التنازل من وكيل بالخصومة وجب أن يتضمن سند وكالته تفويضاً بذلك أو بالتصالح أو بالتنازل عن الحقوق أو الإبراء من الديون، وإلا رجع الأصيل على الوكيل وفقاً لقواعد المسئولية العقدية ما لم يتوافر الغش فيكون الرجوع وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ويتحدد الضرر من عدمه وفقاً لإحتمالات کسب الإستئناف، وإثبات المحكمة الترك دون الإطلاع على سند الوكالة يشوب حكمها بمخالفة القانون وهو ما يجيز الطعن فيه عملاً بنص المادة (76) من قانون المرافعات.

وبالنسبة لأثر ترك الإستئناف الأصلي على الإستئناف المقابل، راجع بند ترك الإستئناف الأصلي يستتبع بطلان الإستئناف الفرعي، فيما يلي .

وفي الحالات التي يبدأ فيها ميعاد الطعن من تاريخ إعلان الحكم، فإن . الميعاد ينقضي بإنتهاء اليوم الأخير، فإن لم يكن الإعلان قد تم ، ومع ذلك رفع المحكوم عليه الطعن، فإنه بهذا الإجراء يكون قد نزل عن حقه في الإعلان، وأسقط حقه فيه ويمتنع عليه رفع إستئناف جديد إذا ما قضى ببطلان إستئنافه ثم يجوز له ترك إستئنافه دون حاجة لأن يتنازل عن حقه فيه، إذ سقط هذا الحق برفع إستئنافه قبل الإعلان، وهو ما يجوز معه ترك إستئنافه دون حاجة لقبول المستأنف عليه ودون إعتداد بإعتراضه، وذلك على خلاف في الرأي على ما أوضحناه ببند «رفع الطعن قبل إعلان الحكم»، فيما تقدم.

وفيما عدا ما تقدم، تتفق قواعد الترك المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى وتلك المقررة أمام المحكمة الإستئنافية ، فلا يقبل الترك إذا تعلق موضوع الدعوى أو الإستئناف بالنظام العام، مثال ذلك أن يرفع الأجنبي دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع عقاري ويقضي لصالحه فيطعن البائع بالإستئناف، ولما كانت الملكية العقارية متعلقة بالنظام العام وقد حظر القانون تملك الأجانب للعقارات ، فلا يقبل ترك الإستئناف بل يتعين على المحكمة التصدي وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان عقد البيع، وأيضاً إذا إختصمت الجهة الإدارية القائمة على أعمال التنظيم في إحدى القضايا المتعلقة بالطعن في القرار الصادر منها، فلا يجوز للمستأنف ترك الخصومة بالنسبة لها التزاماً بالمصلحة العامة. كما تتفق بالنسبة للإجراءات والوسائل التي يتخذها المدعى أو المستأنف لترك دعواه أو إستئنافه وفقا لما نصت عليه المادة (141) من قانون المرافعات.

طرق ترك الإستئناف:

بينت المادة (141) من قانون المرافعات بيان حصر الطرق التي يتم ترك الدعوى أو الإستئناف بموجبها وتنحصر في :

 (1) إعلان على يد محضر:

يجب على المستأنف إذا رغب في ترك الخصومة ، أن يعلن هذه الرغبة إلى المستأنف عليه إعلاناً رسمياً على يد محضر بموجب ورقة من أوراق المحضرین متضمنة البيانات المقررة بصدد هذه الأوراق وعلى نحو ما نصت عليه المادة التاسعة من قانون المرافعات وبأن الطالب يقصد من إعلانه إبلاغ ترکه للخصومة المرددة بينه وبين المعلن إليه بالإستئناف، موضحاً رقمه ورقم الحكم المستأنف والمحكمة المطروح عليها، وينتج هذا الإعلان أثره فور وصوله إلى المستأنف عليه مما يحول دون المستأنف والرجوع في الترك، ولكن لا يلتزم المستأنف عليه به إذا تم قبل إنتهاء ميعاد الإستئناف ولم يتضمن نزول المستأنف عن حقه في الإستئناف، فإن حلت الجلسة المحددة لنظر الإستئناف بعد إنقضاء میعاده وتمسك المستأنف بالترك السابق إعلان المستأنف عليه به أو تمسك به الأخير، قضت المحكمة بإثبات الترك.

وإذا شاب الإعلان بطلان متعلق بالنظام العام، كإجرائه عن غير طريق أحد المحضرين أو لعدم توقيع المحضر عليه ، فإنه يكون حابط الأثر لا يترتب عليه ترك الخصومة وليس للمحكمة الإستناد إليه للقضاء بالترك، أما إن لم يتعلق البطلان بالنظام العام وتحققت الغاية منه بحضور المستأنف عليه بالجلسة المحددة لنظر الإستئناف وقبوله الترك إن كان ميعاد الإستئناف مازال مفتوحاً، أو تخلف عن الحضور مما يحول دون التمسك بالبطلان، إلتزمت المحكمة بالإعلان وأثبتت الترك، إن كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى، وإلا وجب على المستأنف أن يقر بتنازله عن حقه في الإستئناف .

ويجب خلو الإعلان من التجهيل بالخصومة الوارد عليها وإلا كان باطلاً متى وجد أكثر من إستئناف مردد بين المعلن إليه ، فإن لم يوجد إلا إستئناف واجد كان كافياً أن يتضمن الإعلان ترك المعلن لإستئنافه المرفوع ضد المعلن إليه لإنتفاء التجهيل عن الإجراء .

ولا يجوز الترك بموجب إعلان موجه بالبريد أو بخطاب مسجل أو غير مسجل أو بإبدائه شفاهة وموثقاً خارجاً مجلس القضاء ما لم تقدم صورة رسمية للمحكمة من محضر التوثيق المتضمن إقرار بالترك.

 (ب) بيان صريح في مذكرة :

يتم الترك أيضاً ببيان صريح فى مذكرة مقدمة للمحكمة موقعة من التارك أو وكيله على أن يطلع المستأنف عليه عليها، ويجب أن تقدم أثناء نظر الإستئناف وفي حضور المستأنف عليه ، على أن يتسلم الأخير صورة منها وهو ما يتحقق به الإطلاع، ويجوز له الاعتراض على الترك إن كان ميعاد الإستئناف مازال مفتوحاً ولم تكن قد تضمنت نزولاً عن الحق في الإستئناف، . وحينئذ يمتنع على المحكمة إثبات الترك وتؤجل الإستئناف لجلسة تالية تقع بعد ميعاد الإستئناف، وفيها تثبت الترك دون إعتداد بإعتراض المستأنف عليه إذ لا تكون له مصلحة في اعتراضه.

فإن لم يكن المستأنف عليه حاضراً مما يحول دون اطلاعه على المذكرة ، وجب تأجيل الإستئناف لإعلانه بها ليتم بذلك الاطلاع الحكمي حسبما أوجبته المادة (141) من قانون المرافعات، ويجوز للمستأنف في هذه الحالة ، متى كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى، ألا يعول على المذكرة في إثبات الترك ، ويركن في ذلك إلى إبداء الترك شفوياً في الجلسة وإثباته في محضرها.

ويقوم مقام المذكرة، الإقرار الموقع من التارك بترك الخصومة بشرط أن يقدم للمحكمة ولو بمعرفة المستأنف عليه ، ولا يكفي الإقرار بذلك لو تم أمام الموثق مالم تقدم صورة رسمية منه للمحكمة حتى تقف على فحواء وعما إذا كان تتوافر به الشروط اللازمة للترك أم كان معلقا على شروط يمتنع منها إثبات الترك ومن ثم لا تغني عن هذه الصورة الشهادة الصادرة من مكتب التوثيق.

(ج) إبداء الترك شفوياً في الجلسة:

يتم الترك بإبداء المستأنف له شفوياً في الجلسة وإثباته في محضرها، فإن كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى أثبتت المحكمة الترك سواء حضر المستأنف عليه أو لم يحضر، ولا يعتد بإعتراضه لإنتفاء مصلحته فيه، أما إن كان الميعاد لم ينقض، ولم يتضمن الترك التنازل عن الحق في الإستئناف، وإعترض المستأنف عليه على الترك ، أمتنع على المحكمة إثباته وأجلت نظر الإستئناف لجلسة تالية الميعاد الإستئناف وفيها تثبت الترك دون إعتداد بإعتراض المستأنف عليه.

وإذا أبدى الترك جلسة التحقيق بعد انقضاء ميعاد الإستئناف تعين على مستشار التحقيق إعادة الإستئناف للمرافعة لتقرر المحكمة بكامل هيئتها إثبات الترك ، وإذا أبدى الترك أمام الخبير ، تعين عليه إعادة المأمورية للمحكمة، وليس لها إثبات الترك إستناداً للإقرار الذي تم أمام الخبير . إذ يجب أن يتم هذا الإقرار أمام المحكمة ويعد كذلك الإقرار الذي يتم أمام مستشار التحقيق لأن الأصل أن يتم التحقيق بمعرفة المحكمة بكامل هيئتها ولها ندب أحد أعضائها » لذلك فيحل بهذا الندب محل الهيئة. ومتى أثبت الترك بمحضر التحقيق أعتبر أنه أثبت بمحضر جلسة المحكمة، ولا يتحقق ذلك بإثبات الترك أمام الخبير.

 الإقرار بالترك أمام الموثق:

متى انعقدت الخصومة في الإستئناف تعلق بها حق المستأنف عليه، وبالتالي الإجراءات التي يتخذها المستأنف يجب أن تتم في مواجهة المستأنف . عليه تمکيناً للأخير من إبداء أوجه دفاعه فيها، وإلا كانت باطلة ولا يعتد بها في مواجهته ، ويترتب على ذلك أن إقرار المستأنف بترك استئنافه لا ينتج أثره إلا إذا تم في مواجهة المستأنف عليه فإن صدر هذا الإقرار أمام الموثق، فلا ينتج أثره إلا إذا حضر المستأنف عليه بدوره مع المستأنف ووقع كلاهما على الإقرار أمام الموثق وحينئذ ينتج الإقرار أثره عند تقديمه من المستأنف ولو لم يحضر المستأنف عليه أمامها إكتفاء بما تضمنه الإقرار المصدق على التوقيعات فيه، ويعتد بالترك أمام المحكمة ولو لم يمثل المستأنف عليه.

إعتبار المستأنف تاركاً إستئنافه:

إن كان ترك الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى أو المحكمة الإستئنافية لا يستخلص ضمناً وإنما يجب لتقضي المحكمة بإثباته، توافر الإرادة الصريحة القاطعة في تمسك المدعى أو المستأنف به عملاً بالمادتين (141) ، (238) من قانون المرافعات، ومن ثم لا يجوز للمحكمة أن تستخلصه ضمناً من ظروف الخصومة وإلا كان حكمها مشوباً بالفساد فى الإستدلال، إلا أن المشرع أعتد بالإرادة الضمنية وأجاز للمحكمة إعتبار المدعى أو المستأنف تاركاً لدعواه أو إستئنافه عندما يتفق الخصوم على وقف الدعوى أو الإستئناف دون أن يتم التعجيل خلال ثمانية أيام التالية لنهاية الأجل المتفق عليه للوقف وذلك عملاً بالمادة (128) من قانون المرافعات، التي أقامت قرينة قانونية قاطعة تدل على أن المدعي أو المستأنف قد ترك الخصومة ووافقه خصمه على ذلك ، ومقتضی هذه القرينة إعفاء من يتمسك بها ومن الآثار المترتبة على الترك من إقامة الدليل عليه وتحول دون الخصم الآخر وإثبات ما يناقضها.

نزول المستأنف عليه عن الحكم :

نصت المادة (145) من قانون المرافعات على أن النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به، وقد ورد هذا النص بالفصل الرابع من الباب السابع من قانون المرافعات، والذي أورد به المشرع النصوص المتعلقة بترك الخصومة.

الترك في حالة تعدد المستأنف عليهم :

إذا تعدد المستأنف عليهم في موضوع ما يقبل التجزئة ولم يتطلب القانون إختصام أشخاص معينين فيه، ولم يتعلق بالنظام العام أو الصالح العام - على نحو ما تقدم - جاز للمستأنف ترك إستئنافه بالنسبة لبعضهم دون أن و ينال ذلك من حقه بالنسبة للباقين .

فإن كان الموضوع مما لا يقبل التجزئة أو الإنقسام أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين، وجب أن يمتد الإستئناف إلى كل الخصوم فيه وعلى المحكمة أن تأمر المستأنف بإختصام من لم يختصمه عملاً بالمادة (218) من قانون المرافعات. ومفاد ذلك أن الخصومة إذا ترددت في الإستئناف بين هؤلاء جميعا، فلا يجوز للمستأنف ترك الخصومة بالنسبة لأحدهم، لأنه لو لم يكن قد إختصمه أمرته المحكمة بإختصامه. وبالتالي فإنها تمتنع عن إثبات الترك.

الآثار المترتبة على ترك الإستئناف :

يحوز الحكم بمجرد صدوره حجية الأمر المقضي مما يحول دون الخصوم والعودة إلى المسألة المقضي فيها ولو بأدلة جديدة، وتوقف هذه الحجية مؤقتاً بالطعن في الحكم بالإستئناف تمكيناً للمحكمة من إعادة التصدي للمسألة المقضي فيها، فإن قضت بإلغائه زالت حجيته التي كانت قد ترتبت على صدوره أما إن قضت بتأییده إستقرت الحجية.

وتحققت هذه الآثار بتصدي المحكمة أن طعن سواء من ناحية الشكل أو الموضوع، فإن لم تتصد له على هذا النحو، كما لو قضت بإعتباره كأن لم يكن أو بإنقضائه أو بإثبات ترك المستأنف له ، فإن حجية الحكم التي كانت قد توقفت، تعود إليه ويصبح جائزاً قوة الأمر المقضي وباتاً منذ صدوره وكأنه لم يطعن فيه ، ويستقر أصل الحق بذلك للمحكوم له ويمتنع على المحكوم عليه منازعته فيه.

ولما كان ترك الخصومة عمل إرادي ، فإنه يجب أن يكون صادراً عن إرادة غير مشوباً بأى عيب من عيوب الإرادة كغلط أو تدليس أو إكراه، وإلا کان قابلاً للإبطال لمصلحة من تقرر لمصلحته، وينعقد الاختصاص بتقرير البطلان للمحكمة التي أثبتت الترك ولو كانت محكمة إستئنافية إذ كان لها عند تقديمه التصدي لأوجه الدفاع التي تثار في شأنه بحيث إن ثبت لها بطلانه رفضت إثباته.

 إلزام التارك المصاريف:

إذا قبلت المحكمة إثبات الترك ، فإنها تلزم المستأنف المصاريف ، فإن أثبتت الترك ووقفت عند هذا الحد، فإن قضاءها ينطوي ضمناً على إلزام المستأنف المصاريف. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : السابع ، الصفحة : 148)

نص المشرع على حالتين لا يتوقف فيهما ترك الخصومة في الإستئناف على قبول المستأنف عليه ولو كان قد رفع إستئنافاً فرعياً الحالة الأولي وصورتها أن يكون المستأنف الأصلي قد نزل عن حقه بمعنى أنه لم يكتف بترك الخصومة في الإستئناف المرفوع وإنما نزل عن حقه في الإستئناف بحيث لا يجوز أن يرفع استئنافاً ثانياً والحالة الثانية أن يكون ميعاد الإستئناف عند ترك المستأنف الخصومة قد إنقضى فلا يمكنه أن يجدد إستئنافه بعد ذلك (الوسيط في المرافعات الدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 852).

ويتم ترك الخصومة في الإستئناف بإحدي الطرق المنصوص عليها في المادة 141 مرافعات وهي إعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر.

ومن المقرر أن المبدأ الذي نصت عليه المادة 238 يسري أيضا علي النقض فإذا قرر الطاعن بالنقض ترك الخصومة في طعنه وكان ميعاد الطعن بالنقض قد انقضى فإنه يتعين على المحكمة أن تقضي بقبول الترك وإثباته ولا يتوقف ذلك على صدور قبول بالترك من خصمه الذي كان قد أبدي طلباته .

وفي حالة انقضاء مواعيد الإستئناف فإنه لا يمنع من قبول ترك الخصومة في الإستئناف أن يقدم طلب الترك دون أن يطلع الخصم الآخر عليه أو بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها .

ويجوز للمستأنف ترك الخصومة في غيبة المستأنف عليه في الحالتين المنصوص عليهما في المادة وكذلك أثناء فترة المداولة . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السادس ،  الصفحة : 660)

 

ترك الخصومة في الإستئناف:

يجوز للخصم ترك الخصومة المدنية وعدم المضي فيها، ويعرف ترك الخصومة بأنه إعلان المدعي عن إرادته في إنهاء الخصومة دون حكم في الموضوع، وذلك بالشكل وبالشروط المنصوص عليها في القانون (وجدي راغب ص 438).

 وترك الخصومة المدنية جائز أمام جميع طبقات المحاكم المدنية بما في ذلك محكمة النقض (نقض 5 / 5 / 1979 - في الطعن رقم 1052 لسنة 45 قضائية، ونقض 18 / 2 / 1932 - مجموعة عمراً ص 75)، ومن ثم لا يلتزم المستأنف بالمضي في الاستئناف الذي يرفعه، ولا تملك المحكمة إلزامه بذلك مهما كانت مصلحة العدالة، ومقتضي تطبيق القواعد العامة في ترك الخصومة على الإستئناف أن ترى الخصومة من المستأنف يتوقف على قبول المستأنف عليه إذا كان هذا الأخير قد أبدى طلبات ما لم يكن قد دفع بدفع أو تمسك بطلب من شأنه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى كالدفع بعدم إختصاص المحكمة للرفوع لها بالإستئناف، أو التمسك ببطلان صحيفة الإستئناف، أو بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن الإعلان بعد الميعاد، والدفع بعدم قبول الإستئناف إلى غير ذلك مما من شأنه لو صح لمنع المحكمة من المضي في سماع دعوى الإستئناف، وينبني على ما تقدم أن المستأنف عليه إذا كان قد رفع إستئنافاً فرعياً فإن ترك الخصومة من المستأنف يتوقف على قبول المستأنف عليه، ولكن المشرع نص في المادة 228 مرافعات - محل التعليق - على حالتين لا يتوقف فيهما ترك الخصومة في الإستئناف على قبول المستأنف عليه، ولو كان قد رفع إستئنافاً فرعياً (مادة 228) وهما : الحالة الأولى : وصورتها أن يكون المستأنف الأصلي قد نزل عن حقه بمعنى أنه لم يكتف بترك الخصومة في الإستئناف المرفوع، وإنما نزل عن حقه في الإستئناف بحيث لا يجوز له أن يرفع إستئنافاً ثانياً.

الحالة الثانية: وصورتها أن يكون ميعاد الإستئناف عند ترك المستأنف الخصومة قد إنقضى فلا يمكنه أن يجدد الإستئناف بعد ذلك.

وفي هاتين الحالتين لا يتوقف الحكم بترك الخصومة في الإستئناف الأصلي على قبول المستأنف عليه، وأساس الحكم في الحالتين المتقدمتين أن ترك الخصومة في الإستئناف الأصلي سیترتب عليه رد الأمور إلى الوضع الذي قرره الحكم الإبتدائي، والذي رضي به المستأنف عليه إما صراحة بقبول الحكم الإبتدائي، وإما دلالة بتفويته ميعاد الإستئناف، وإذا كان من المقبول في الصور الأخرى أن يكون ترك الخصومة منوطاً بقبول المستأنف عليه لما له من مصلحة في البت في الإستئناف حتي لا ينبني مهدداً برفع إستئناف جديد عليه من جانب خصمه ينتقص به حظه الذي قسمه له الحكم الإبتدائي ففي هاتين الحالتين ليس للمستأنف عليه ثمة ما . يخشاه من هذا القبيل (رمزی سیف - ص 854 و 855).

ويلاحظ أنه وفقاً للحالة الأولى سالفة الذكر إذا نزل المستأنف عن حقه في الإستئناف، فإنه بهذا النزول ينقضي الحق في الإستئناف، ولا يستطيع المستأنف بعد ذلك أن يرفع الإستئناف من جديد، ولو كان ميعاده مازال مفتوحاً ، ويشترط لصحة النزول أن تتوافر لدى المستأنف أهلية التصرف (أنظر : نقض 2 / 11 / 1965- لسنة 16 ص 953). كما أنه لا حاجة لقبول المستأنف ضده حيث يتم النزول لمحض مصلحته (عبدالمنعم حسنی 696)، ولا ينال من ذلك أن يكون المستأنف ضده قد رفع إستئنافاً مقابلاً. فهذا لا يتأثر بزوال الإستئناف الأصلى (راجع التعليق على المادة 237 مرافعات). كما لا ينال من ذلك أيضاً أن يكون الإستئناف المقابل هو مجرد إستئناف فرعى أحمد مسلم - أصول المرافعات ص 710 ، عبدالمنعم حسنی ص 696)، ذلك أن الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الاستئناف الفرعي (المادة 239 مرافعات)، أما إذا كان التنازل مقترناً بالاحتفاظ بالحق فإنه يجوز ولكن بشرط قبول المستأنف عليه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق).

والمستأنف حر في التنازل عن حقه في الإستئناف في أي وقت وفي أية حالة كانت عليها الإجراءات، ذلك لأن القانون لم يحدد ميعاداً للتنازل وعلى ذلك فإنه يكون جائزاً ما دامت المحكمة لم تحجز الإستئناف للحكم فيه، بل يجوز التنازل خلال الموعد الذي أجازت فيه المحكمة للخصوم أن يتقدموا بمذكرات ختامية في الإستئناف (قارب: استئناف مصر 17 / 12 / 1933- المحاماة 14 ص 560، وانظر: عبدالمنعم حسنی ص 696).

ووفقاً للحالة الثانية سالفة الذكر فإنه إذا كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى وقت الترك فإن الترك الذي يحدث بعد إنقضاء ميعاد الإستئناف ضمناً التنازل عن الحق في الإستئناف، وذلك لكون ميعاد الإستئناف قد إنقضى وصار لا يصح تجديده فيما بعد (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق)، وإذا ما طلب المستأنف في الإستئناف الأهلي بعد إنقضاء مواعيد الإستئناف إثبات ترکه للخصومة فيه، فإن الحكم بالترك لا يتوقف على قبول المستأنف عليه، ولو كان قد أبدى طلباته أو أقام إستئنافاً فرعياً. (نقض 29 / 11 / 1976، في الطعن 845 لسنة 43 قضائية).

وسواء توافرت الحالة الأولى أو الثانية المنصوص عليهما في المادة 238 مرافعات - محل التعليق - فإنه إذا ما تأكدت محكمة الاستئناف من توافر الشروط اللازمة في الترك، فإنها تحكم في جميع الأحوال - أی ولو عند إعتراض المستأنف عليه - بقبول ترك الخصومة في الاستئناف، وحكمها هذا ليس منشأ إنما له صفة تقريرية، ونتيجة لهذه الصفة فإن الترك ينتج آثاره منذ تمامه، ودون الحاجة إلى قبول من الطرف الآخر، ومن ثم إذا حدث وتدخل شخص من الغير في الفترة بين تمام الترك، وبين حكم المحكمة، فإن تدخله لا يقبل (عبدالمنعم حسنی ص 697)، كما أنه لا يعتد برجوع المستأنف في الترك الحاصل منه ما لم يقدم دليلاً على أنه كان نتيجة إكراه مبطل للرضا. (نقص 22 / 5 / 1973 - لسنة 24 ص 807).

وفي حالة إنقضاء مواعيد الإستئناف فإنه لا يمنع من قبول ترك الخصومة في الإستئناف أن يقدم طلب الترك دون أن يطلع الخصم الآخر عليه ، أو بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها (الديناصوری و عکاز - ملحق التعليق على قانون المرافعات ص 483) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الرابع ،  الصفحة : 1241)