عدل المشروع إجراءات رفع الإلتماس تعديلاً إقتضاه تعدیل إجراءات رفع الدعوى على النحو الوارد في رفع الدعوى على النحو الوارد في المشروع مع إستلزام الكفالة في بعض الحالات للحد من الإسراف في الإلتماس فيها م 243 من المشروع .
( ملحوظة هامة : حكمت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 10 / 1 / 2024 فى الدعوى رقم 95 لسنة 43 ق بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، في مجال سريانه على البند رقم (6) من المادة (241) من القانون ذاته )
1- نص المشرع فى المادة 63 من قانون المرافعات الحالى رقم 13 لسنة 1968 على أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بصحبفة تودع قلم الكتاب ما لم ينص القانون على غير ذلك وأوجبت المادة 67 منه على قلم الكتاب ، أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ونصت المادة 68 - منه قبل تعديلها بالإضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - على إلزام قلم المحضرين بإعلان صحيفتها ، ويبين من هذه النصوص أن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب أما انعقاد الخصومة فيها فهو إجراء منفصل عن رفع الدعوى فلا يتم إلا بالإعلان حتى يعلم المدعى عليه بطلبات المدعى وبالجلسة المحددة لنظرها لإعداد دفاعه ومستنداته فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلا كافيا على عمله بها وإيذانا للقاضى فى المضى فى نظرها سواء مثل المدعى عليه بالجلسات المحددة لنظرها أو لم يحضر وقد ذهب الرأى الراجح فى الفقة والقضاء إلى أن الخصومة لا تنعقد فى ظل قانون المرافعات إلا بالإعلان وثار الخلف بشأن حضور المدعى عليه بالجلسة دون إعلان فذهب رأى إلى أن الإعلان إجراء لازم لإنعقاد الخصومة ولا يجوز الاستعاضة عنه بالعلم الفعلى أو الحضور بالجلسة بينما ذهب رأى آخر إلى أن المواجهة القضائية تتحقق بالإعلان الصحيح أو بالعلم اليقينى - الذى يتمثل فى حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير فى الدعوى وبالتالى تنعقد الخصومة بين طرفيها بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح وقد انتهت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض فى حكمها الصادر بتاريخ 1992/3/8 فى الطعن رقم 2293 لسنة 55 ق إلى أنه إذا حضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها كأن أقر باستلام صوره منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو أبدى دفاعا فى الموضوع أو طلب أجلا لإبدائه بما يدل على عمله اليقينى بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها وبمركزه القانونى كان ذلك كافيا لانعقاد الخصومة والمضى فى نظر الدعوى دون ما حاجة إلى إعلانه بها ومؤدى هذا أن حضور المدعى عليه بالجلسة فى الحالات التى أوردها حكم الهيئة يقوم مقام الإعلان وتنعقد به الخصومة وهذا القضاء يدل على أن محكمة النقض استهدفت الحد من الدفوع الشكلية لعيوب قد تقع فى بيانات الإعلان التى يدونها المحضر ولا شأن لرافع الدعوى بها كما سايرت قواعد العدالة بالتخفيف عن المتقاضين بعدم الالتزام بالإعلان وهو الإجراء الذى يتطلبه القانون متى تمت المواجهة بين طرفى الدعوى حيث تتحقق الغاية من الإجراء بطريق أو بآخر وقد تدخل المشرع مستهدفا هذا الاتجاه وتجاوز نطاق تطبيقه بأن اعتد بحضور المدعى عليه دون إعلان واعتبر ذلك مجردا عن أى شرط أو قيد طريقا لانعقاد الخصومة بإصداره القانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل قانون المرافعات بإضافة فقرة ثالثة إلى المادة 68 تنص على أن " ولا تعتبر الخصومة منعقدة فى الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة " وقد جاء هذا النص واضحا وجليا ويدل على أن المشرع إرتأى إعتبار الخصومة منعقدة فى الدعوى بأحد أمرين أولهما إعلان صحيفتها للمدعى عليه والثانى هو حضور المدعى عليه بالجلسة ووردت العبارة بالحضور الخاصة بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط إلا أن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أوردت تفسيرا لهذا النص جاء فيه أن المقصود بالحضور فى هذا المقام هو أن يحضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ويتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها كأن يقر باستلام صورة منها أو يتسلم هذه الصوره بالجلسة بغير اعتراض أو يبدى دفاعا فى الموضوع أو يطلب أجلا لإبدائه بما يدل على علمه اليقينى بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها وبمركزه القانونى ويبدو أن المذكره الإيضاحية قد تأثرت بحكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية الذى سبق بيانه والذى جابهت به محكمة النقض نص المادة 68 من قانون المرافعات قبل تعديله إذ كان ينص على إنعقاد الخصومة بالإعلان وحده وبديهى أن نص الفقرة الثالثة المستحدث على انعقاد الخصومة أيضا بحضور المدعى عليه قد تجاوز هذه الفروض جميعها إذ تنعقد به الخصومة سواء تنازل المدعى عليه صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها أو لم يتنازل عنه فلا يلزم إقراره بإستلامه صورة الصحيفة أو أن يتسلمها بالجلسة دون اعتراض منه وسواء تقدم بدفاع أو مستندات فى الدعوى أو لم يقدم بما مفاده أن المشرع افترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجه لتوافر أى شرط أو اتخاذ أى مجابهة.
(الطعن رقم 4946 لسنة 63 جلسة 1994/01/06 س 45 ع 1 ص 104 ق 22)
( ملحوظة هامة : حكمت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 10 / 1 / 2024 فى الدعوى رقم 95 لسنة 43 ق بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، في مجال سريانه على البند رقم (6) من المادة (241) من القانون ذاته )
رفع الطعن :
يرفع الطعن ، كما هو الحال بالنسبة لرفع الدعوى ، بصحيفة تودع قلم الكتاب ، بناء على طلب ممن له الحق في الطعن أو ممن له حق تمثيله ، وإلا كان غير مقبول . ولا يجوز أن تثير المحكمة طعناً في الحكم من تلقاء نفسها.
ويوجه الطعن ضد من لرافع الطعن حق الطعن في مواجهته ، أي الطرف السلبي في الحق في الطعن أو ضد من له صفة في تمثيله ، وإلا كان الطعن غير مقبول. فلا يقبل الطعن ضد من لم يحكم له بشئ قبل الطاعن، أو من كانت مصلحته هي نفس مصلحة الطاعن . ويوجه الطعن إلى ذي الصفة السلبية بنفس صفته التي كان مختصماً بها في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. والعبرة بحقيقة الواقع ، وليس بما قد يرد في الحكم المطعون فيه.
ويجب لصحة رفع الطعن ، كما هو الحال بالنسبة لرفع الدعوى ، أن يرفع الطعن من خصم على قيد الحياة وأن يوجه إلى من هو على قيد الحياة . فإذا ثبت أن الطعن قد رفع من متوفی أو ضد من توفي قبل رفع الطعن ، فإن الطعن يكون باطلا ولا تبدأ به خصومة الطعن ، هذا ولو أعلن الطعن بعد ذلك إلى ورثة المطعون ضده المتوفي الذي وجه إليه الطعن.
ويجوز للطاعن بعد رفع الطعن ترك الخصومة فيه ، وفق ما سبق بيانه بالنسبة لترك الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى ، وذلك مع ملاحظة أنه إذا ترك الطاعن الخصومة في الطعن بعد إنقضاء ميعاد الطعن ، فإن هذا الترك يتضمن نزولاً من الطاعن عن حقه في الطعن . ولذلك فإن هذا الترك يتم ويرتب أثره دون حاجة إلى قبول المطعون ضده . وليس للطاعن أن يرجع في هذا الترك ولو تم الرجوع قبل هذا القبول . ومن ناحية أخرى ، فإنه ليس للطاعن بعد تركه الخصومة أن يعود فيرفع طعنه من جديد إذ ليس له رفع طعن بعد إنقضاء ميعاده .
المحكمة المختصة بالإلتماس :
تختص بإلتماس إعادة النظر المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب إعادة النظر فيه ، سواء كانت محكمة أول درجة أو محكمة إستئنافية ، على أنه لا يلزم أن ينظر الالتماس نفس القضاة (مادة 243/ أخيرة) . ولا حرج على نفس المحكمة - ولو شكلت من نفس القضاة - من إعادة النظر في حكمها ، إذ هي تفعل هذا في ضوء ظروف لم تكن مطروحة أمامها عند إصدارها حكمها . وبعبارة أخرى ، هي لا تصلح - عند إعادة النظر - تقديراً خاطئاً وقعت فيه ولكنها تعيد القيام بالتقدير في ظروف جديدة.
إجراءات رفع الإلتماس :
يقدم الإلتماس بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المختصة بالإلتماس وفقاً الإجراءات رفع الدعوى (مادة 243 مرافعات). ويجب أن تتضمن الصحيفة - فضلاً عن بيانات صحيفة الدعوى أمام أول درجة - بيان الحكم محلاً الطعن على النحو السابق بيانه بالنسبة للإستئناف ، وبيان سبب الإلتماس . ويجب أن يكون هذا السبب من أسباب الإلتماس التي نص عليها القانون . وتنص المادة 243/ 2 مرافعات على البطلان جزاء لتخلف أي من هذين البيانين . ويجب على الطاعن أن يبين عند عرضه لسبب الإلتماس أدلة الإثبات المتعلقة بهذا السبب ، وأن يحدد اليوم الذي أكتشف فيه الغش أو ثبت فيه التزوير أو ظهرت الأوراق إذا كان سبب الإلتماس هو أحد هذه الأسباب ، وفائدة هذا التحديد هو بيان أن سبب الإلتماس قد اكتشف بعد صدور الحكم ، وأن الإلتماس قد قدم في الميعاد القانوني الذي يبدأ من هذا اليوم .
وإذا كان الإلتماس مبنياً على أحد السببين الأخيرين (السادس والسابع) ، وجب على الملتمس أن يودع خزانة المحكمة مبلغ مائتي جنيه على سبيل الكفالة ، وإلا أمتنع قلم الكتاب عن تسلم الصحيفة . (مادة 243/ 3 مرافعات معدلة بالقانون 76 لسنة 2007). ويعفي من إيداع الكفالة من أعفي من أداء الرسوم القضائية . فإذا تعدد الطاعنون ، وكانت مصلحتهم واحدة ، فإنه يكفي إيداع كفالة واحدة .
وبعد رفع الإلتماس يجب إعلانه إلى المطعون ضده وفقاً لقواعد إعلان صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة ، وفي المواعيد المحددة لها . وهو ما يعني أن الإلتماس يجوز إعتباره كأن لم يكن إذا لم يعلن إلى المطعون ضده خلال ثلاثة أشهر من رفع الإلتماس .
وسواء تعلق الأمر برفع الإلتماس أو بإعلانه ، فإنه يجب إذا كان السبب هو السبب الأخير من أسباب الإلتماس أن يوجه ويعلن إلى كل من «ممثل» الطاعن وخصمه في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه . فلا يكفي توجيهه أو إعلانه إلى هذا الخصم وحده . (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 506)
رفع إلتماس إعادة النظر:
كانت المادة (419) من قانون المرافعات تنص على أن يرفع الإلتماس بتكليف بالحضور، وفقاً لنهج هذا القانون في رفع الدعوى والإستئناف، ولما صدر القانون الحالي نص في المادة (243) منه على أن يرفع الإلتماس بصحيفة تودع قلم الكتاب، وهذا هو الطريق المعتاد لرفع الدعاوى في ظل القانون الأخير. ومفادها أن الإلتماس يعتبر مرفوعاً فور إيداع صحيفته قلم کتاب المحكمة التي أصدرت الحكم الملتمس فيه.
ويتم الإيداع بإثبات البيانات التي تضمنتها الصحيفة بالجدول الخاص بذلك قرين الرقم القضائي الوارد به والذي يعطي للإلتماس بإثباته على أصل الصحيفة وصورها، ولا يترتب البطلان على إغفال هذا الإثبات إذ للمحكمة أن تطلب من قلم الكتاب مذكرة من واقع الجدول خاصة في حالة إغفال تاریخ الإيداع أو عدم وضوحه للتصدي لميعاد الإلتماس.
ويجب على قلم الكتاب التحقق من سداد الرسوم قبل قيد الالتماس إذ يلتزم الملتمس سداد الرسم الثابت المقرر بموجب الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ولا يترتب البطلان على عدم سدادها وإنما يتعين على المحكمة إستبعاد الإلتماس من جدول الجلسة (الرول) إذ المقرر أن المخالفة المالية في القيام بعمل لا ينبني عليه بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على البطلان.
وتقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب لتقدير الرسم، يقتصر أثره على ذلك، فلا يعتبر الإلتماس مرفوعاً إلا بالإيداع الذي يتم على نحو ما تقدم .
وتحرر الصحيفة من أصلين يودع أحدهما ملف الإلتماس ويرسل الثاني مع الصور إلى قلم المحضرين ليوقع عليه كل ملتمس ضده بعد إعلانه به وتسلم صورة لكل من هؤلاء في حالة التعدد، مما يتعين معه أن يقدم مع الأصلين عدد من الصور بقدر عدد الملتمس ضدهم.
ويجب القضاء بعدم قبول الإلتماس إذا رفع بغير الطريق الذي حدده القانون على نحو ما نصت عليه المادة (243) من قانون المرافعات، كما لو رفع بتقرير في قلم الكتاب أو بتكليف بالحضور.
بيانات صحيفة الإلتماس :
أوضحنا فيما تقدم، أن الإلتماس كان يرفع في ظل قانون المرافعات السابق بتكليف بالحضور، وكان يترتب على ذلك اندماج بيانات هذا التكليف بيانات صحيفة الإلتماس، وظل العمل على هذا النهج حتى بعد صدور قانون المرافعات الحالي الذي أوجب رفع الالتماس بصحيفة تودع قلم الكتاب ، وبذلك يكون القانون الحالي قد فصل بين صحيفة الإلتماس وبين ورقة تكليف الملتمس ضده بالحضور، ومفاد ذلك استقلال بيانات صحيفة الإلتماس عن بيانات ورقة التكليف بالحضور، وبالتالي يختلف بطلان الصحيفة عن بطلان التكليف، وإن كان يصح إعتبار الصحيفة باطلة بسبب بطلان التكليف، فإن ذلك يصدق في ظل المادة (419) من قانون المرافعات السابق المشار إليها فيما تقدم، ولكنه لا يصدق في ظل المادة (243) من القانون الحالي حتى لو اندمجت بيانات التكليف مع بيانات الصحيفة.
وإذا أثير دفع ببطلان الصحيفة، وجب التصدي له على هدى البيانات المتعلقة بها وحدها والتي أشارت إليها الفقرة الثانية من المادة (243) فضلا عن البيانات العامة الواجب الإلتزام بها في كل طلب قضائي. أما إذا أثير دفع بالبطلان مما يتعلق ببيانات التكليف بالحضور، وجب التصدي له على هدي المواد (9)، (19)، (114) من قانون المرافعات بحيث إذا خلصت المحكمة إلى بطلانه ، فلا تقضي ببطلان الإلتماس وإنما ترتب الأثر الذي رتبه القانون على هذا البطلان، فإن كان قد إنقضت ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع الصحيفة قلم الكتاب ، جاز للمحكمة أن تقضي بإعتبار الإلتماس كأن لم يكن متى توافرت الشروط التي نصت عليها المادة (70) من ذات القانون، فإن كانت تلك المدة لم تنقض، التزمت المحكمة بأن تكلف الملتمس بإعلان الملتمس ضده إعلاناً صحيحاً دون أن تقضي بالبطلان بسبب ما شاب ورقة التكليف بالحضور من بطلان.
ونتناول فيما يلي بيانات صحيفة الإلتماس :
أسم الملتمس ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ومهنته أو وظيفته وصفته وموطنه. ويقصد بهذا البيان إحاطة الملتمس ضده بالملتمس على نحو ينفي عنه التجهيل، مما يوجب على الملتمس أن يورد اسمه بالصحيفة ثلاثياً مقروءاً بمهنته أو بوظيفته وعنوانه الذي يتخذ منه موطناً أصلاً بأن يكون هو الذي يقيم فيه عادة. فإن تعلق الإلتماس بالعمل جاز الإكتفاء بموطن العمل، فإن كان أصيلاً وينوب عن غيره وجب بيان صفته فيذكر أنه عن نفسه وبصفته وكيلاً أو وصياً أو ولياً أو بصفته فقط مع إيضاح أسم الأصيل ومهنته أو وظيفته وموطنه إن كان موكلاً، إذ يعتبر موطن الولي أو الوصي موطناً للقاصر.
فإذا وجد نقص أو خطأ في هذا البيان، توقف القضاء ببطلان الصحيفة على تحقق التجهيل بشخص الملتمس ، وتلك مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، فقد يرى من المستندات المتبادلة ومن ظروف النزاع أن الاسم الثنائي ومهنة الملتمس كافيين لنفي التجهيل عنه .
إسم الملتمس ضده ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن له موطن معلوم، فآخر موطن كان له. وقصد المشرع من هذا البيان تعيين الملتمس ضده تعييناً كافياً نافياً للتجهيل به أو التشكيك في شخصيته، وقد يكتفي باسمه ولقبه وموطنه دون ذکر مهنته طالما كان في ذلك التعيين الكافي له النافي للجهالة عنه ، والخطأ في بيان الموطن لا يبطل الصحيفة، ولا يترتب البطلان على النقص أو الخطأ في اسم الملتمس ضده أو صفته طالما لم يؤد ذلك إلى التجهيل به ، فإن أدى إليه تحقق البطلان وامتنع على الملتمس تدارك ذلك بتصحيح شكل الإلتماس إلا إذا كان الميعاد مازال مفتوحاً أمامه ، فإن كان قد إنقضى وقام الملتمس بهذا التصحيح التفتت عنه المحكمة وقضت بالبطلان.
إتخاذ موطن مختار للملتمس في البلدة التي بها مقر المحكمة إن لم يكن له موطن فيها ، ولا يترتب البطلان على إغفال هذا البيان أو الخطأ فيه، وإنما يكون للملتمس ضده إعلان الملتمس بالأوراق القضائية المتعلقة بالإلتماس بقلم الكتاب ، وإذا اشتملت الصحيفة على الموطن الأصلي إلى جانب الموطن المختار، صح الإعلان في أي منهما ويبطل إذا تم في قلم الكتاب، كما يصح الإعلان أن تم في الموطن الأصلي أو في قلم الكتاب عند خلو الصحيفة من موطن مختار، فإن كان للملتمس موطن أصلي بالبلدة التي بها مقر المحكمة ، فلا يلزم بإتخاذ موطن مختار ، وحينئذ يجب إعلانه بموطنه الأصلي متى تضمنته الصحيفة ويقع باطلاً الإعلان الذي يتم بقلم الكتاب.
ويقصد بقلم الكتاب في هذا الصدد، قلم کتاب المحكمة الذي أودعت به صحيفة الإلتماس، سواء كانت محكمة الدرجة الأولى أو المحكمة الاستئنافية ، ويكفي أن تسلم الورقة المعلنة لأي من موظفي هذا القلم وقد يكون هو أمين سر الدائرة التي تنظر الإلتماس.
المحكمة المرفوع أمامها الإلتماس، وهذا بیان جوهري يجب أن تتضمنه صحيفة الإلتماس وإلا كانت باطلة، ولكن لا يقضي بالبطلان إذا تحققت الغاية من الصحيفة عملاً بنص المادة (114) من قانون المرافعات الذي يجري نصها بأن بطلان صحف الدعاوى الناشئ عن عيب في بيان المحكمة يزول بحضور الخصم في الجلسة، أما إن لم تتحقق هذه الغاية وتمسك الملتمس ضده بالبطلان تعين القضاء به طالما لم يبد الأخير أي طلب أو دفاع في الإلتماس عملاً بالمادة (108) من قانون المرافعات.
وقائع النزاع، ويكفي التنويه إليها بإيجاز، ولا يترتب البطلان على إغفالها.
بيان الحكم الملتمس فيه وتاريخه، ويكفي بيان منطوقه أو مضمون هذا المنطوق دون نصه ورقم الدعوى الصادر فيها وتاريخ صدوره. ويقصد بهذا البيان تحديد ما قضى به الحكم وتحديد رقم الدعوى لضمها للإلتماس، ولا يترتب البطلان على الخطأ فيه إذ تقوم المحكمة بتكليف الملتمس بالإرشاد عن الرقم الصحيح.
أما تاريخ الحكم، فيقصد منه وقوف المحكمة على تحديد ميعاد الإلتماس في الحالات التي يبدأ فيها من تاريخ صدوره، وهو بیان غير جوهري، فلا يترتب البطلان على إغفاله أو الخطأ فيه، إذ ترجع المحكمة دائماً إلى نسخة الحكم الأصلية عند التصدي لشكل الإلتماس.
بيان أسباب الإلتماس، وتنصرف إلى أي من أوجه الإلتماس التي يستند إليها الملتمس والموضحة بالمادة (241) من قانون المرافعات على سبيل الحصر، مع بیان عناصر الوجه الذي يبنى عليه الإلتماس والتدليل عليها، تمكيناً للمحكمة من تمحيصها والتصدي لقبول الإلتماس، بحيث إذا خلت الصحيفة من ذلك ، كانت باطلة، وتعتبر خالية من الأسباب إذا تضمنت الوجه الذي بني عليه الإلتماس دون بيان لعناصره والتدليل عليها، إذ تعتبر الأسباب في هذه الحالة مجهلة وغامضة مما يتعذر معه على المحكمة أن تتحقق من الشروط الواجب توافرها لقبول الإلتماس، وحينئذ يقتصر قضاؤها على بطلان صحيفة الإلتماس، مثال ذلك أن يستند الملتمس إلى الغش أو التواطؤ أو الخطأ الجسيم أو التناقض فى المنطوق أو ظهور أوراق قاطعة في الدعوى، دون أن يبين إيضاحاً لهذه الأوجه وكيفية إستخلاصه لها والآثار التي ترتبت عليها، وهو ما يلزم للتصدي لقبول الإلتماس.
ويرى أبو الوفا في التعليق أنه يكفي أن يذكر الملتمس سبب إلتماسه أو أسبابه إجمالاً دون تفصيل على أن يوضح ما أوجزه عند المرافعة.
الطلبات، وينصرف هذا البيان إلى الطلبات الجازمة التي تقرع سمع المحكمة ولم يحدد المشرع لها موضعاً خاصاً بالصحيفة، ويكفي لتوافر هذا البيان، أن يطلب الملتمس إلغاء الحكم الملتمس فيه إذ ينصرف ذلك إلى القضاء له بطلباته التي رفضها الحكم أو بما تضمنه من قضاء ضده، أما إن خلت الصحيفة من الطلبات، كانت باطلة ولا يوجد حينئذ محل يرد عليه الحكم في الإلتماس.
البيانات المتعلقة بالتكليف بالحضور، وتتعلق بالبيانات الواجب توافرها في أوراق المحضرين، ولم تعد صحيفة الإلتماس من هذه الأوراق بعد أن أصبح يرفع بصحيفة تودع قلم الكتاب وليس بتكليف بالحضور على نحو ما تقدم، ووفقا لقانون المرافعات الحالي، فإن الصحيفة تحرر متضمنة البيانات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (243) فضلاً من البيانات العامة على نحو ما تقدم، على أن يرفق بها ورقة التكليف بالحضور لإعلان الملتمس ضده بالصحيفة وكانت بيانات الصحيفة تندمج مع بيانات التكليف بالحضور وفقاً لقانون المرافعات السابق، وقد إستمر العمل على ذلك في ظل القانون الحالي دون أن يؤدي بطلان التكليف إلى بطلان الصحيفة وإنما ينحصر في نطاق النصوص المنظمة له، ما لم يترتب على بطلان إعلان صحيفة الإلتماس عدم انعقاد الخصومة فيه فإن هذا البطلان يمتد إلى الصحيفة.
وتنحصر بيانات التكليف بالحضور على ما تضمنته المادة التاسعة من قانون المرافعات في تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان - أسم الطالب ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه كذلك إن كان يعمل لغيره - اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها - اسم المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت الإعلان فآخر موطن كان له - أسم وصفة من سلمت إليه الصورة وتوقيعه على الأصل بإستلامها - توقيع المحضر على كل من الأصل والصورة.
وعند قيد الإلتماس حال إيداعه قلم الكتاب، يحدد هذا القلم تاریخ الجلسة التي ينظر فيها الإلتماس ويثبته بورقة التكليف بالحضور عملاً بالمادة (67) من قانون المرافعات، وقد رتبت المادة (19) من ذات القانون البطلان على عدم مراعاة تلك البيانات، ونصت المادة (119) منه على أن بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة المحددة أو بإيداع مذكرة بدفاعه.
توقيع محام على صحيفة الإلتماس، وذلك إعمالاً لنص المادة (58) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 الذي يجب تحديد نطاقه بالنسبة لإلتماس إعادة النظر على هذه المادة (243) من قانون المرافعات، إذ لم تنوه المادة الأولى إلى هذا الإلتماس بينما نصت الثانية على أن يرفع الإلتماس أمام المحكمة التي أصدرت الحكم، مما مفاده أن صحيفة الإلتماس قد تقدم إلى محكمة المواد الجزئية أو المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف. فإن قدمت إلى محكمة الاستئناف وجب أن تكون موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها وإلا كانت باطلة بطلاناً مطلقاً ويجوز تدارك هذا البطلان بتوقيع الصحيفة خلال الميعاد المحدد لرفع ، الإلتماس ، ويعادل عدم التوقيع، التوقيع من محام غير مقرر. وإن قدمت الصحيفة إلى المحكمة الابتدائية، وجب أن تكون موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل وإلا كانت باطلة بطلاناً مطلقاً. وإذا قدمت المحكمة المواد الجزئية، وجب أن تكون موقعة من أحد المحامين المشتغلين وذلك متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى خمسين جنيهاً عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة (58) - سالفة البيان - والتي حددت هذا المبلغ دون أن تحيل إلى النصاب الإنتهائي لهذه المحكمة المحددة في قانون المرافعات. مما مفاده أنها لم تحيل إلى القانون الأخير وبالتالي لا تخضع لما يطرأ عليه من تعديلات في هذا الصدد، وتظلل صحف الدعاوى الجزئية والإلتماسات التي ترفع إليها خاضعة لنص الفقرة الثالثة من المادة (58) من قانون المحاماة دون إعتداد برفع النصاب الإنتهائي لهذه المحكمة إلى ألفي جنيه لان مناط ذلك الإحالة المطلقة القانون المرافعات فيما يتعلق بالنصاب الانتهائي. مؤدى ذلك أن صحيفة الإلتماس لا يشترط التوقيع عليها من محام إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسين جنيهاً ، فإن جاوزتها وجب التوقيع عليها من محام، بإعتبار أن النصاب الإنتهائي للمحكمة الجزئية أصبح ألفي جنيه وأن الحكم الذي يصدر في حدود هذا النصاب يكون إنتهائياً وفقاً لقانون المرافعات ويكون محلاً للإلتماس ويتعين توقيع صحيفته من أحد المحامين المشتغلين عملا بالمادة (58) من قانون المحاماة ، فإن كانت هذه المادة إكتفت بالإحالة المطلقة لقانون المرافعات، كان يجوز تقديم صحيفة الالتماس دون توقيعها من محام أسوة بتقديم صحيفة الدعوى المحكمة المواد الجزئية ، أما وقد إنتفت هذه الإحالة إذ حددت المادة الأخيرة النصاب اللازم في الدعوى الجزئية والذي يتطلب توقيع محام، فإنه يتعين الإلتزام به.
توقيع صحيفة الإلتماس من أعضاء هيئة قضايا الدولة :
تنص المادة السادسة من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 على أن تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الإعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائيا وتسلم إليها صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام المتعلقة بتلك الجهات ما اتصل منها بجهة القضاء العادي أو جهة القضاء الإداري أو أية جهة قضائية أخرى.
ويخضع أعضاء هيئة قضايا الدولة في مباشرة أعمالهم القضائية لأحكام القانون المشار إليه ولأحكام قانون المرافعات التي لا تتعارض معه، ولا يخضعون لأحكام قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 باعتبارهم موظفين عموميين ينوبون عن الشخصيات الإعتبارية العامة نيابة قانونية في المسائل سالفة البيان.
ولما كانت الفقرة الثانية من المادة (58) من قانون المحاماة سالف البيان توجب التوقيع على صحيفة الإستئناف من أحد المحامين المقررين أمام محاكم الإستئناف وهو ما يتطلب أن يكون مقيداً بجدول هذه المحاكم عملاً بالمادة (37) منه. كما توجب الفقرة الثالثة من المادة (58) المشار إليها توقيع صحف الدعاوى المقدمة للمحاكم الإبتدائية من أحد المحامين المقررين أمامها، وكذلك الحال بالنسبة للصحف المقدمة لمحكمة المواد الجزئية ، وقد رتبت الفقرة الأخيرة منها البطلان على مخالفة ذلك.
وإذ تضمن قانون المحاماة نصاً بهذا البطلان، فإنه يخضع له كل من هو مخاطب بأحكامه ، ويقتصر ذلك على المحامين وكل من يباشر أعمالاً قضائية لا تخضع لقانون خاص منظم لها، فإن وجد قانون خاص خضع لأحكامه المخاطبون به كما تخضع له الإجراءات التي اتخذت إعمالاً له من حيث الصحة والبطلان، ولما كانت الأعمال التي يباشرها أعضاء هيئة قضايا الدولة تخضع للقانون رقم 75 لسنة 1963 وهم المخاطبون بأحكامه، ولم يرد به نص يوجب قيدهم بجداول المحامين تحديدا لحق كل منهم في الحضور والمرافعة إنما جاءت نصوصه طليقة من ذلك. ومن ثم يجوز لأي منهم أيا ما كانت درجته الوظيفية ، الحق في الحضور والمرافعة لدى جميع المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها والتوقيع على صحف الدعاوى والطعون المقدمة لها.
كما نصت المادة (253) من قانون المرافعات على أن يرفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم الكتاب ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض فإذا كان الطعن مرفوعا من النيابة العامة وجب أن يوقع صحيفته رئيس نيابة على الأقل، مفاده أن الطعون التي يرفعها المحامون المقيدون بجدول المحامين وفقاً لقانون المحاماة تنحصر فيهم، إذ يتحدد بهذا القيد ما إذا كان المحامي مقرراً للمرافعة أمام محكمة النقض أم غير مقرر لذلك، ويكون هذا القيد هو مناط توافر الشرط الذي تطلبت المادة (253) توافره فيمن يحرر صحيفة الطعن بالنقض. فإن كان من قام بتحريرها لا يخضع للقيد بجدول المحامين، فلا يكون هو المخاطب بهذا الشرط. .
وكانت محكمة الاستئناف قد قضت ببطلان الاستئناف لعدم التوقيع على صحيفته من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة الاستئناف، فقضت محكمة النقض هذا القضاء لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه استناداً إلى نص المادة 8 السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963سالف البيان، وقد نص القانون بھی رقم 10 لسنة 1986 على أن تستبدل عبارة «هيئة قضايا الدولة، بعبارة «إدارة قضايا الدولة الواردة بالقانون رقم 75 لسنة 1963.
لما كان ذلك ، وكان مفاد القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 أن هيئة قضايا الدولة تنوب - دون غيرها- عن الشخصيات الاعتبارية العامة فيما يرفع منها من قضايا، وكان ما يشهد على التزام أحكامه هو توقيع أحد أعضائها على صحيفة الدعوى - أياً كانت قيمتها - وعلى صحيفة الطعن سواء كان عادياً أو غير عادي ، مما مقتضاه بطلان الصحيفة إن لم تكن صادرة عنها، ويعادل ذلك عدم التوقيع عليها، وهو بطلان تتصدى له المحكمة ولو من تلقاء نفسها وفي أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام الاستئناف لتعلقه بإجراءات التقاضي وبالتالي بالنظام العام، إذ يجب أن يكون الطلب القضائي موقعا عليه من صاحب الشأن أو ممن ينوب عنه قانونا وإلا كان باطلا.
ولا يرد التصحيح على هذا البطلان إذ لا تتحقق الغاية من الإجراءات إلا إذا إستوفى مقوماته القانونية ، ومن ثم لا يكفي حضور عضو عن الهيئة وإقراره، صراحة أو ضمناً بصدور الصحيفة عنها.
حالات إلتزام الملتمس بإيداع كفالة :
إذا رفع الإلتماس استناداً إلى صدور الحكم على شخص طبيعي أو إعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، أو استناداً إلى تعدية حجية الحكم إلى الملتمس ، ألتزم الأخير بإيداع كفالة بقلم الكتاب قدرها مائة جنيه.
وقد تضمنت المادة (243) من قانون المرافعات نها لقلم الكتاب عن قبول صحيفة الإلتماس إذا لم تصحب بما يثبت هذا الإيداع ، مما مفاده التزام الملتمس بإيداع الكفالة وسداد الرسوم القضائية قبل إيداع صحيفة الإلتماس قلم الكتاب، ولا تثريب على هذا القلم إذا امتنع عن قبول الصحيفة التي لم تصحب بدلیل إيداع الكفالة حتى لو أدى ذلك إلى سقوط الحق في الإلتماس بأن كان يوم تقديم الصحيفة هو اليوم الأخير في الميعاد، ولا يجوز قياس هذه الحالة على حالة عدم قبول قلم الكتاب لصحيفة الدعوى لعدم تقديم المستندات المقررة لحفظ الميعاد من السقوط.
فإذا قبل قلم الكتاب الصحيفة دون إيداع الكفالة، إلتزمت المحكمة - بالتصدي لذلك من تلقاء نفسها بإعتبار أن الكفالة من شروط قبول الإلتماس - ولا يتكامل الحق فيه إلا بها، بحيث إذا تبين عدم إيداعها وفي نفس الوقت تبين أن الإلتماس رفع بعد الميعاد، فإن المحكمة تقضي بعدم قبوله وليس بسقوط الحق فيه إذ لا ينشأ هذا الحق إلا بتوافر شروط القبول، فإذا لم تتوافر فلا ينشأ الحق وبالتالي لا يوجد محل للسقوط.
فإن لم تودع الكفالة، وكان ميعاد الإلتماس مازال مفتوحاً، تعين على الملتمس إيداعها خلاله ليتدارك الحكم بعدم القبول، وإن كان قد أودعها ناقصة، تعين عليه تكملتها خلال الميعاد.
ويعتبر إيداع الكفالة إجراءً جوهرياً لازم لقبول الإلتماس مما يوجب إيداعها عند تقديم الصحيفة أو خلال الميعاد المحدد لرفع الإلتماس بحيث إذا أودعت بعد ذلك، وجب القضاء بعدم قبوله.
ولا تعد الكفالة من قبيل الرسوم القضائية، وبالتالي لا يعفى منها من يعني من هذه الرسوم إلا إذا نص القانون صراحة على ذلك، وقد إستحدث المشرع الفقرة الرابعة من المادة (243) بإعفاء الملتمس الذي يعفى من الرسوم من إيداع كفالة.
وإذا تعدد المحكوم عليهم ورفع كل منهم إلتماساً مستقلاً، التزم بإيداع الكفالة كاملة، أما إن رفع الجميع إلتماساً واحدا بصحيفة واحدة ، فلا تستحق إلا كفالة واحدة. ويشترط لوحدة الكفالة قيام الدعوى على سبب واحد مشترك بين الجميع، أما إذا اختص كل محكوم عليه بسبب مستقل، أدى ذلك إلى تعدد الإلتماسات رغم صدور حكم واحد ملتمس فيه، والتزم كل منهم بإيداع كفالة حتى لو ضمتهم جميعهم صحيفة واحدة ، فإذا أودعت كفالة واحدة في هذه الحالة، وجب القضاء بعد قبول الالتماس برمته إذ يتعذر تحديد الملتمس الذي قام بإيداعها.
وإذا صدر الحكم في التزام بالتضامن أو في موضوع غير قابل للتجزئة أو في دعوى مما يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها، ورفع أحد المحكوم عليهم إلتماساً وأودع الكفالة ، دون أن يلتمس الباقون جاز لهم الانضمام إليه ولو بعد الميعاد وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (218) فيما تقدم، ولما كان الإلتماس الإنضمامي يتبع الإلتماس الأصلي، بحيث إذا قضت المحكمة بعدم قبول الإلتماس الأخير أو عدم جوازه أو اعتباره كأن لم يكن امتد ذلك للإلتماس الإنضمامي بقوة القانون. مما مفاده عدم التزام الملتمس المنضم بإيداع كفالة.
وإيداع الكفالة التزام قانوني أوجبه المشرع حتى لا يرفع الالتماس إلا الأسباب جدية، بحيث إذا تبين للمحكمة عدم توافرها أوقعت جزاء على الملتمس يتمثل في مصادرة الكفالة وجوباً، سواء نص القانون صراحة على هذه المصادرة أو أغفل النص عليها.
وقد نصت المادة (246) على مصادرة الكفالة، كلها أو بعضها، إذا حكم برفض الالتماس في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرتين الأخيرتين من المادة (241).
المحكمة المختصة بالتماس إعادة النظر :
إلتماس إعادة النظر وإن كان يعتبر طعناً في الحكم إلا أنه يرفع إلى نفس المحكمة التي أصدرته ، سواء كانت جزئية أو ابتدائية أو استئنافية. فإن تعددت دوائر المحكمة، انعقد الاختصاص لأي منها بنظر الالتماس باعتبار تبعية كل الدوائر للمحكمة التي أصدرت الحكم حتى لو كانت الجمعية العمومية للمحكمة قد خصت الدائرة التي تنظر الإلتماس بنوعية مغايرة لنوع الدعوى التي صدر فيها الحكم، أو كانت الدائرة التي أصدرت الحكم مازالت قائمة بذات تشكيلها، إذ يقصد بالمحكمة في معنى المادة (243) من قانون المرافعات أي دائرة من دوائرها طالما لم يخصها المشرع بنوع معين من القضايا كدائرة العمال الجزئية أو الدائرة التجارية الجزئية بكل من القاهرة والإسكندرية إذ يعتبر اختصاص كل منهما اختصاصاً نوعياً تنفرد به عن سائر الدوائر الجزئية للمحكمة الإبتدائية ، وينعقد لها وحدها الاختصاص بنظر الإلتماس الذي يرفع عما تصدره من أحكام..
وإذا رفع الإلتماس إلى محكمة غير مختصة، تعين القضاء بعدم الاختصاص بنظره وإحالته إلى المحكمة المختصة التي تلتزم بالقضاء بقبوله شکلاً إن كان قد رفع إلى المحكمة المحيلة في الميعاد، كما تلتزم بالقضاء الصادر من المحكمة الأخيرة إذا كانت قد قبلته شكلاً وحينئذ يقتصر دور المحكمة المختصة على نظر الموضوع.
ويجوز أن تكون المحكمة التي تنظر الإلتماس مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة (243) من قانون المرافعات.
انعقاد الخصومة في إلتماس إعادة النظر:
تنعقد الخصومة في إلتماس إعادة النظر بإعلان صحيفته أو بحضور الملتمس ضده، ولما كان الإلتماس يمر بمرحلتين وفقا للمادة (245) وتبدأ الأولى برفعه وحتى الحكم بقبوله وفيها يعتبر الملتمس في حكم المدعي، فإن أدى فعله أو إمتناعه إلى وقف السير في الإلتماس مدة ستة أشهر على آخر إجراء صحيح فيه كان للملتمس ضده أن يطلب سقوط الخصومة ، أما المرحلة الثانية فتبدأ بعد الحكم بقبول الالتماس - طالما لم يقض بسقوط الخصومة . وتتناول إعادة بحث الموضوع لإصدار حكم جديد فيه، ويتحدد مركز كل خصم بما كان عليه في الدعوى التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه، فإذا كان الملتمس هو المدعي فيها ظل كذلك في المرحلة الثانية بحيث. إذا أدي فعله أو إمتناعه إلى وقف السير في الخصومة مدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح فيها، جاز لخصمه أن يطلب سقوطها.
وقد أوضحنا فيما تقدم الخلف الذي نشب في الفقه ودوائر محكمة النقض فيما يتعلق بإنعقاد الخصومة ، ثم حسم هذا الحلف بحكم الهيئة العامة لمحكمة النقض قبل التعديل الذي أدخله القانون رقم 23 لسنة 1992 وخلصت تلك الهيئة إلى أن الخصومة تنعقد بالإعلان الصحيح أو بالحضور، وقيدت هذا الحضور بأن يقترن بتنازل المدعى عليه أو المستأنف عليه صراحة أو ضمناً عن حقه في الإعلان.
وعندما صدر القانون الأخير أضاف فقرة ثالثة للمادة (68) من قانون المرافعات أطلقت انعقاد الخصومة بالحضور دون أن تقرنه بأي قيد، ومع ذلك قضت محكمة النقض في ظل القانون رقم 23 لسنة 1992 بما يخالف الإطلاق الذي جاء به هذا القانون فيما تضمنته الفقرة المشار إليها. (أنظر: نقض 1993/2/1 فيما تقدم وقد التزم بحكم الهيئة العامة وغاب عنه الفقرة التي إستحدثت بعد القضاء الصادر من تلك الهيئة، كما ألتزم واضع المذكرة الإيضاحية لهذه الفقرة ذات القضاء .
ولم تسلم بما جاء به نقض 1993/2/1 أو بما تضمنته المذكرة الإيضاحية وقررنا بإعمال الفقرة الثالثة من المادة (68) على إطلاقها وبإنعقاد الخصومة بمجرد الحضور.
ولما أعيد طرح المسألة على محكمة النقض أخذت بكل ما قررناه ، وذلك على النحو التالي .
إن المشرع وقد نص في المادة (63) من قانون المرافعات الحالي رقم 13 لسنة 1968 على أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بصحيفة تودع قلم الكتاب ما لم ينص القانون على غير ذلك وأوجبت المادة (67) منه على قلم الكتاب أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ونصت المادة (68) منه - قبل تعديلها بالإضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - على إلزام قلم المحضرين بإعلان صحيفتها، ويبين من هذه النصوص أن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب أما انعقاد الخصومة فيها فهو إجراء منفصل عن رفع الدعوى فلا يتم إلا بالإعلان حتى يعلم المدعى عليه بطلبات المدعى وبالجلسة المحددة لنظرها لإعداد دفاعه ومستنداته فإن هو أعلن قانونا بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها و إيذاناً للقاضي في المضي في نظرها سواء مثل المدعى عليه بالجلسات المحددة لنظرها أو لم يحضر وقد ذهب الرأي الراجح في الفقه والقضاء إلى أن الخصومة لا تنعقد في ظل قانون المرافعات إلا بالإعلان وثار الخلف بشأن حضور المدعى عليه بالجلسة دون إعلان فذهب رأي إلى أن الإعلان إجراء لازم لانعقاد الخصومة ولا يجوز الإستعاضة عنه بالعلم الفعلي أو الحضور بالجلسة بينما ذهب رأي آخر إلى أن المواجهة القضائية تتحقق بالإعلان الصحيح أو بالعلم اليقيني - الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وبالتالي تنعقد الخصومة بين طرفيها بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح وقد انتهت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية المحكمة النقض في حكمها الصادر في 1992/3/8 في الطعن رقم 2293 لسنة 55 ق إلى أنه إذا حضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها كان أقر بإستلام صورة منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو أبدی دفاعا في الموضوع أو طلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها ويمركزه القانوني كان ذلك كافياً لإنعقاد الخصومة والمضي في نظر الدعوى دون ما حاجة إلى إعلانه بها ومؤدى هذا أن حضور المدعى عليه بالجلسة في الحالات التي أوردها حكم الهيئة يقوم مقام الإعلان وتنعقد به الخصومة وهذا القضاء يدل على أن محكمة النقض استهدفت الحد من الدفوع الشكلية لعيوب قد تقع في بيانات الإعلان التي يدونها المحضر ولا شأن لرافع الدعوى بها كما سایرت قواعد العدالة بالتخفيف عن المتقاضين بعدم الإلتزام بالإعلان وهو الإجراء الذي يتطلبه القانون متى تمت المواجهة بين طرفي الدعوى حيث تتحقق الغاية من الإجراء بطريق أو بآخر وقد تدخل المشرع مستهدفاً هذا الاتجاه وتجاوز نطاق تطبيقه بأن أعتد بحضور المدعى عليه دون إعلان واعتبر ذلك مجرداً عن أي شرط أو قيد طريقاً لإنعقاد الخصومة بإصداره القانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل قانون المرافعات بإضافة فقرة ثالثة إلى المادة (68) تنص على أن «ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة» وقد جاء هذا النص واضحاً وجلياً ويدل على أن المشرع ارتأى اعتبار الخصومة منعقدة في الدعوى بأحد أمرين أولهما إعلان صحيفتها للمدعى عليه والثاني هو حضور المدعى عليه بالجلسة ووردت العبارة الخاصة بالحضور بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط إلا أن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أوردت تفسيرا لهذا النص جاء فيه أن المقصود بالحضور في هذا المقام هو أن يحضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ويتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها كأن يقر باستلامه صورة منها أو يتسلم هذه الصورة بالجلسة بغیر اعتراض أو يبدي دفاعا في الموضوع أو يطلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيه ويمركزه القانوني ويبدو أن المذكرة الإيضاحية قد تأثرت بحكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية الذي سبق بيانه والذي جابهت به محكمة النقض نص المادة (68) من قانون المرافعات قبل تعديله إذ كان ينص على انعقاد الخصومة بالإعلان وحده وبديهي أن نص الفقرة الثالثة المستحدث على انعقاد الخصومة أيضاً بحضور المدعى عليه قد تجاوز هذه الفروض جميعها إذ تنعقد به الخصومة سواء تنازل المدعى عليه صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها أو لم يتنازل عنه فلا يلزم إقراره بإستلامه صورة الصحيفة أو أن يتسلمها بالجلسة دون اعتراض منه وسواء تقدم بدفاع أو مستندات في الدعوى أو لم يقدم بما مفاده أن المشرع افترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجة لتوافر أي شرط أو إتخاذ أي مجابهة وهو المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إنه متى وردت عبارات النص بصيغة عامة مطلقة وواضحة فلا محل للتفسير إذ يكون النص قطعي الدلالة على المراد منه ولا يجوز تقييد مطلق النصوص وتخصيص عمومه بغير مخصص ومن ثم فإن ما أوردته المذكرة الإيضاحية في مقام التعليق على الفقرة الثالثة من المادة (68) يعد خروجاً عن المعنى الصحيح للنص وتقييداً لمجال تطبيقه وقد جرى قضاء النقض بعدم الإعتداد بما تورده المذكرة الإيضاحية إذا تعارضت مع النص القانوني أو فسرته تفسيراً لا يتفق مع مدلوله والعبرة بما ورد بالنص القانوني ولا يجوز القول بأن المشرع أراد هذا الاتجاه إذ لا يجوز الرجوع إلى قصد الشارع إلا إذا كان النص يحتمل أكثر من معنى أو شابه الغموض. لما كان ذلك فإنه يتعين إعمال النص القانوني الذي تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (68) مرافعات والإلتفات عما أوردته المذكرة الإيضاحية في شأنه من قيود لم ينص عليها المشرع وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى قد حضر محام عنها بجلستي 1992/11/10 ، 1993/1/5 وتمسك ببطلان إعلان موكلته بصحيفة الإستئناف الحاصل بتاریخ 1992/5/17 وكان حضور المطعون ضدها الأولى أمام المحكمة الحاصل بعد 1992/10/1 تاريخ العمل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنعقد به الخصومة في الإستئناف عملاً بالفقرة الثالثة من المادة (68) المستحدثة بالقانون المشار إليه إعمالاً للأثر الفوري المباشر لهذا القانون عملا بالمادة الأولى من قانون المرافعات التي تنص على سريان قانون المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ويتحقق هذا الأثر المباشر سواء كانت صحيفة الإستئناف قد أعلنت إليها وشاب إجراءات إعلانها البطلان أو لم تكن قد أعلنت لها أصلاً بإعتبار أن الخصومة كما تنعقد بإعلان صحيفتها للمدعى عليه تنعقد أيضاً بحضور المدعى عليه أمام المحكمة دون إعلان ومن باب أولى تكون الخصومة قد انعقدت بحضوره بعد إعلان باطل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف رغم حضور المطعون ضدها الأولى أمام المحكمة وقد حجبه هذا الخطأ عن المضي في نظر الإستئناف الذي انعقدت الخصومة فيه بالحضور على ما سلف بیانه - فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. (نقض 1994/1/6 طعن 4946 س 63 ق؛ نقض 1994/1/27 طعن 3010 س 63ق)
أثر الإلتماس في قطع التقادم :
يترتب على رفع الدعوى قطع التقادم الذي كان سارياً ، ويظل كذلك حتى صدور الحكم النهائي ، وطالما انقطع التقادم فإن الحق يكون قائما يرد عليه هذا الحكم، بحيث إذا قضى بقبول الدعوى تعلق هذا القبول بالحق محل طلبات المدعي.
أما إذا قضى برفض الدعوى، ترتب على ذلك إنقضاء الخصومة وزوال الآثار التي ترتبت على رفع الدعوى ومنها قطع التقادم ، بحيث إذا رفع المدعي دعوى جديدة بذات الطلبات واستناداً لذات السبب، وضد خصمه في الدعوى السابقة، جاز لهذا الخصم أن يتمسك بالتقادم، فإن كانت مدته قد اكتملت عند رفع الدعوى الجديدة، كان الدفع في محله.
فإن رفع المحكوم عليه في الدعوى الأولى التي قضى برفضها، إلتماساً بإعادة النظر في حكم الرفض، فإنه يستند فيه إلى صدور الحكم على غير مقتضى القانون، وأنه ما كان يصدر بالرفض لو لم يتحقق وجه من أوجه الإلتماس على نحو ما تضمنته صحيفته ، بحيث إذا تحققت المحكمة من تحقق هذا الوجه ، وقضت بقبول الإلتماس، ترتب على ذلك زوال الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن، وبالتالي لا يترتب عليه زوال إنقطاع التقادم فيظل الانقطاع ساريا تمكيناً لتصدي محكمة الإلتماس للموضوع بإعتبار بقاء الحق المتنازع فيه مردداً بين الخصوم. ومناط ذلك الحكم بقبول الالتماس لأن الحكم بذلك هو الذي يؤدي إلى زوال الحكم الملتمس فيه منذ صدوره، فكان التقادم مازال مقطوعاً كأثر لرفع الدعوى التي لم ينهيها الحكم الملتمس فيه الذي زال بما ترتب عليه من آثار ومنها زوال انقطاع التقادم. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : السابع ، الصفحة : 233)
يقدم الإلتماس للمحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم الملتمس فيه سواء كانت محكمة جزئية أو ابتدائية أو استئنافية ولا يلزم أن يرفع إلي ذات الدائرة التي أصدرت الحكم حتى ولو كانت لا زالت قائمة وإن كان لا مانع مع أن تنظره وإذا كانت المحكمة التي أصدرت الحكم قد ألغيت فيرفع الالتماس إلى المحكمة التي اختصت بنظر الدعاوى التي من النوع الذي صدر فيه الحكم. (العشماوي بند 1314).
وإذا قبل الكتاب صحيفة الإلتماس دون سداد الكفالة تعين على المحكمة أن تفضي بعدم قبول الإلتماس.
وإذا تعدد الطاعنون وكانت مصلحتهم واحدة فإنه يكفي إيداع كفالة واحدة .
والإعفاء من الرسوم القضائية قد يكون بقرار من لجنة المساعدة القضائية وقد يكون بنص في القانون كما هو الشأن في قانون العمل إذا أعفي العامل من الرسوم القضائية عن الدعاوى الناشئة عن عقد العمل .
وقد أوجبت المادة في فقرتها الثانية أن تشتمل صحيفة الإلتماس على بيان الحكم الملتمس فيه وتاريخه وأسباب الإلتماس وإلا كانت باطلة إلا أن الدكتور والي أورد أن البطلان يكون جزاء تخلف الأمرين الأول والثالث ولم يشر إلي الثاني والواقع أن هذا الأمر يدخل في بيان الحكم الملتمس فيه غير أنه إذا لم يذكره الملتمس بالمرة فإنه يتعين علي المحكمة - في تقديرنا - القضاء بالبطلان .
ونرى أنه في حالة ما إذا أغفل الملتمس ذكر أي من هذه الأمور الثلاثة إلا أنه أوضحها في مذكرته التي قدمت قبل فوات مواعيد الطعن فإن الغاية من الإجراء تكون قد تحققت ولا يقضي بالبطلان كذلك يغني عن بيان الحكم وتاريخه تقديم صورة رسمية منه وقت تقديم صحيفة الإلتماس .
وغني عن البيان يتعين على الملتمس أن يبين عند عرضه لسبب الإلتماس أدلة الإثبات المتعلقة بهذا السبب وأن يحدد اليوم الذي اكتشف فيه الغش أو ثبت فيه التزوير أو ظهرت الأوراق إذا كان الإلتماس قد أسس علي ذلك وفائدة هذا التحديد هو بيان أن سبب الإلتماس قد اكتشف بعد صدور الحكم وأن الإلتماس قد رفع في الميعاد القانوني ، ويجب علي الملتمس إعلانه إلي المطعون ضده وفقاً لقواعد إعلان صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة وفي المواعيد المحددة لها وبالتالي يجوز الحكم بإعتباره كأن لم يكن إذا لم يعلن به الملتمس ضده خلال ثلاثة أشهر من تاريخ رفعه عملاً بالمبدأ العام المقرر في المادة 70 من قانون المرافعات .
وإذا رفع الإلتماس علي سند من السبب المبين بالفقرة الثامنة من المادة 241 فإنه يجب أن يختصم فيه كل من ممثل الطاعن وخصمه في الدعوى التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه ومن ثم لا يكفي توجيهه إلي أحدهما فقط.
ويتعين على الخصوم أن يتقيدوا بأسباب الالتماس الواردة بصحيفته فلا يجوز إبداء أسباب جديدة في الجلسة، ويجب أن تذكر هذا الأسباني بصيغة صريحة وإلا كانت باطلة ، غير أن هذا لا يمنع الملتمس من إبداء أدلة جديدة في الجلسة الإثبات الأسباب التي تضمنتها الصحيفة . العشماوي بند 1313 ورمزي سيف بند 720) .
الإلتماس المقابل جائز رفعه أما الإلتماس الفرعي فغير جائز :
لم ينص المشرع علي الإلتماس المقابل إلا أن الفقه أجمع علي جوازه ويمكن تصوره في حالتين الأولى أن يتمسك أحد طرفي الخصومة بحكم قضائي صدر لصالحه فإن الطرف الآخر أن يتقدم بطلب عارض إلى المحكمة لإعادة النظر في هذا الحكم إلا أنه يشترط في هذه الحالة أن يكون الحكم المطلوب إعادة النظر فيه قد صدر من نفس المحكمة وثانيها أن يرفع الإلتماس بإعادة النظر بالنسبة لجزء من الحكم فيتقدم المطعون ضده بإلتماس مقابل لإعادة النظر في الجزء من الحكم الذي صدر لغير صالحه .
ويخضع الإلتماس المقابل من حيث شكله لإجراءات الطلبات العارضة هذا فضلاً عما يشترط في الإلتماس الأصلي من إشتماله على بيان الحكم محل الالتماس وتاريخه واسباب الإلتماس وأن يقدم في ميعاد إلتماس إعادة النظر وألا يكون الملتمس قد سبق له قبول الحكم ، وذلك أن المشرع لم يجز تقديم إلتماس فرعي يقبل بعد إنقضاء الميعاد أو قبول الحكم كما أجاز ذلك بالنسبة للإستئناف والجزاء على مخالفة أحد الشروط المتقدمة هو البطلان. (الدكتور فتحي والي في الوسيط في قانون القضاء المدني سنة 1993 ص 769 والوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 863) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السادس ، الصفحة : 711)
تعديل المادة 243 بالقانون 23 لسنة 1992 والقانون 18 لسنة 1999 : تم تعديل الفقرة الثالثة من المادة 243 - محل التعليق - .. بموجب الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 22 لسنة 1992 . المعمول به إعتباراً من 1992/10/1 ، والتي نصت على أنه تزاد إلى خمسة أمثالها الكفالة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 243 .
وقد عدل المشرع بالقانون 18 لسنة 1999 الفقرة الثالثة من المادة برفع الكفالة المنصوص عليها من خمسين جنيهاً إلى مائة جنيه وأعفى رافع الالتماس من إيداع الكفالة إذا كان قد أعفي من الرسوم القضائية، إذ - إضافة فقرة جديدة للمادة بعد الفقرة الثالثة بإعفاء رافع الإلتماس من إيداع الكفالة إذا كان قد أعفي من الرسوم القضائية .
70 مكرر تعديل المادة 243 بالقانون 76 لسنة 2007 .
تعدلت هذه المادة بمقتضى هذا القانون بمضاعفة قيمة الكفالة فأصبحت مائتي جنيه بدلا من مائة جنيه ، والعلة في اشتراط الكفالة قبل التعديل ورفعها بعد ذلك الحد من الإسراف في الإلتماس والحاجة إلى جنية إستعمال الحق في التقاضي والسرعة في إبلاغ العدالة إلى مستحقيها.
المحكمة المختصة بإلتماس إعادة النظر:
وفقاً للمادة 243 مرافعات - محل التعليق - يرفع الإلتماس إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم الملتمس فيه سواء كانت محكمة جزئية أو ابتدائية أو استئنافية ولا يلزم أن يرفع إلى ذات الدائرة التي أصدرت الحكم حتى ولو كانت مازالت قائمة، وإن كان لا مانع من أن تنظره إذ لا حرج على المحكمة - ولو شكلت من نفس القضاة - من إعادة النظر في حكمها، إذ هي تفعل هذا في : ضوء ظروف لم تكن مطروحة أمامها عند إصدارها حكمها، فهي لا تصلح - عند إعادة النظر تقديراً خاطئاً وقعت فنية ولكنها تعيد القيام بالتقدير في . ظروف جديدة (فتحى والی - ص 768 ، والمراجع المشار إليها فيه).
ويلاحظ أنه إذا كانت المحكمة التي أصدرت الحكم قد ألغيت فيرفع الإستئناف إلى المحكمة التي إختصت بنظر الدعاوى التي من النوع الذي صدر فيه الحكم. (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1314).
رفع الإلتماس وبيانات صحيفته : يرفع الإلتماس بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة وفقاً لإجراءات رفع الدعوى ويجب أن تتضمن الصحيفة - فضلا عن بيانات صحيفة الدعوى أمام أول درجة بيان الحكم محل الطعن على النحو السابق بيانه بالنسبة للإستئناف وبيان تاريخه وبيان سبب الإلتماس. ويجب أن يكون هذا السبب من أسباب الإلتماس التي تستعملها . القانون. وتنص الفقرة الثانية من المادة 243 على البطلان أجزاء التخلف أي من هذه البيانات الثلاثة، ويجب على الطاعن أن يبين عند عرضته لسبب الإلتماس أدلة الإثبات المتعلقة بهذا السبب، وأن يحدد اليوم الذي أكتشف فيه الغش أو ثبت فيه التزوير أو ظهرت الأوراق إذا كان سبب الإلتماس هو أحد هذه الأسباب. وفائدة هذا التحديد في بيان أن سبب الإلتماس قد أكتشف بعد صدور الحكم، وأن الإلتماس قد قدم في الميعاد القانوني الذي يبدأ من هذا اليوم. (فتحى والى - بند 377 ص 767 ، والمراجع المشار إليها فيه).
ويلاحظ أنه في حالة ما إذا غفل الملتمس ذكر أي من هذه الأمور الثلاثة إلا أنه أوضحها في مذكرته التي قدمت قبل فوات مواعيد الطعن فإن الغاية من الإجراء تكون قد تحققت ولا تقضى بالبطلان كذلك يغني عن بيان الحكم وتاريخه تقديم صورة رسمية منه وقت تقديم صحيفة الإلتماس، ويجب على الملتمس إعلان الناس إلى المطعون ضده وتقاء القواعد إعلان صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة وفي المواعيد المحددة لها وبالتالي يجوز الحكم باعتباره كأن لم يكن إذا لم يعلن به الملتمس ضده خلال ثلاثة أشهر من تاريخ رفعه عملاً بالمبدأ العام المقرر في المادة 70 من قانون المرافعات.
وإذا رفع الإلتماس على سند من السبب المبين بالفقرة الثامنة من المادة 241 فإنه يجب أن يختصم فيه كلا من ممثلي الطاعن وخمصة في الدعوى التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه، ومن ثم لا يكفي توجيهه إلى أحدهما فقط ( الديناصوری و عکاز - ص 241).
والمقصود بيان الحكم الملتمس فيه أن يتحدد على وجه لا يدع للملتمس ضده مجالاً للشك في التعرف عليه.
ويتقيد الخصوم بأسباب الإلتماس الواردة في الصحيفة فلا يجوز إبداء أسباب جديدة في الجلسة، ويجب أن تذكر هذه الأسباب بصيغة صريحة وإلا كانت باطلة ولكن ليس ثمة ما يمنع من إبداء أدلة جديدة في الجلسة لإثبات الأسباب التي تضمنتها الصحيفة (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1313، رمزي سيف - بند 720، نقض 1968/3/5 طعن رقم 302 لسنة 32 قضائية).
إذن يجب أن يذكر في الصحيفة أسباب الإلتماس وإلا كانت باطلة لأنه بالنسبة لطرق الطعن غير العادية لا يجوز ولوجها إلا لأسباب معينة حصرها القانون، فإن لم بين الطاعن طعنه، علي سبب من هذه الأسباب رفض شكلاً ولو كان الحكم مشوباً بعيوبه أخرى، وعليه أن يقيم هو الدليل على قيام هذا السبب، وعلى المحكمة قبل أن تنظر في موضوع الطعن أن تتحقق من توافره لتحكم أولا بقبول الطعن شكلاً.
ومن ناحية أخرى ذكر أسباب الإلتماس في صحيفته هو بمثابة تعيين موضوع النزاع فيها، فإن لم تذكر تعتبر الصحيفة قد خلت من موضوعها فلا يتيسر للخصم معرفته، ومن ثم لا يتيسر له إعداد دفاعه الجهله بموضوع النزاع.
ويكفي أن يذكر الملتمس سبب إلتماسه أو أسبابه إجمالاً دون تفصيل على أن يوضح ما أوجزه عند المرافعة.
ويكون إعلان الالتماس لنفس الخصم أو في موطنه الأصلي أو المختار المبين في ورقة إعلان الحكم، ويصبح الإعلان في موطن الوكيل لأنه بمجرد صدور توكيل من أحد الخصوم يكون موطن وكيله معتبرا في إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى في درجة التقاضي الموكل هو فيها (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 943).
ويوجب القانون على رافع الالتماس ما إذا بني الإلتماس على أن الحكم صدر على شخص طبيعي أو إعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، وفي حالة ما إذا صدر الحكم على شخص يعتبر الحكم حجة عليه، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها، أن يودع خزانة المحكمة مبلغ مائتي جنيه على سبيل الكفالة، وإلا أمتنع قلم الكتاب عن تسلم الصحيفة إعمالاً للفقرة الثالثة من المادة 243 - محل التعليق - فإذا تعدد الطاعنون، وكانت فضلتهم واحدة، فإنه يكفي إيداع كفالة واحدة. (فتحى والى - ص 767 ) .
وإذا قبل قلم الكتاب صحيفة الإلتماس دون سداد الكفالة تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الإلتماس، إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 343 مرافقات - محل التعليق، مع ملاحظة أنه يعفي من أداء الكفالة من أعفي من أداء الرسوم القضائية.
تشكيل المحكمة التي تنظر الإلتماس : وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 243 مرافعات محل التعليق - يجوز أن تكون المحكمة التي تنظر الإلتماس مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم، ولن يؤثر ذلك على عدالة الحكم الصادر منها في الإلتماس وهي مشكلة بنفس التشكيل. الذي أصدر الحكم الملتمس فيه، لأنها تنظر الإلتماس في ظروف لم تكن مطروحة أمامها عند إصدارها الحكم الملتمس فيه، فسبب الالتماس لم يكن مطروحاً عليها عند إصدارها الحكم الملتمس فيه .
جواز رفع الإلتماس المقابل ولا يجوز رفع إلتماس فرعی :
تنبغي ملاحظة أن القانون لم ينص على الإلتماس المقابل إلا أن الفقه يجمع على جوازه، ومن الممكن تصور تقديم إلتماس إعادة النظر كطعن مقابل، وذلك في حالتين :
الحالة الأولى : إذا تمسك أحد طرفي الخصومة بحكم قضائي صدر لمصلحته فإن للطرف الآخر أن يتقدم بطلب عارض إلى المحكمة لإعادة النظر في هذا الحكم، ويجنب عندئذ أن يكون الحكم المطلوب إعادة النظر بشأنه قد صدر من نفس المحكمة، إذ هي وحدها المختصة بإعادة النظر فيه. (فنسان - المرافعات - بند 656 ص 852 ، فتحي والي ص 769 و770 ).
الحالة الثانية : أن برفع إلتماس بإعادة النظر بالنسبة لجزء من الحكم فيقدم المطعون ضده بإلتماس مقابل لإعادة النظر بشأن الجزء من الحكم الذي صدر لغير صالحه.
ونتيجة لعدم تنظیم المشرع للطعن المقابل بإلتماس إعادة النظر فإنه يخضع من حيث شكله لإجراءات الطلبات العارضة، على أنه بإعتباره إلتماساً بإعادة النظر يجب أن يشتمل على بيان الحكم محل الإلتماس وأسباب هذا الإلتماس، ومن ناحية أخرى يجب أن يقدم الطعن في ميعاد إلتماس إعادة النظر، وألا يكون الملتمس قد سبق له قبول الحكم فالقانون لا يجيز تقديم إلتماس فرعی يقبل ولو بعد إنقضاء الميعاد أو قبول الحكم كما فعل بالنسبة للإستئناف، ذلك أنه إن صح القول بأن المحكوم عليه عندما يفوت ميعاد الإستئناف أو يقبل الحكم يفعل هذا على أساس قبول الطرف الآخر للحكم، فإن هذا غير صحيح بالنسبة لمن يفوت ميعاد الإلتماس أو يقبل الحكم بعد تبين سبب الإلتماس. (فتحي والي - ص 769 وص 770 ، عبد المنعم الشرقاوي - بند 419 ص 583 . رمزی سيف - بند 675 ص 863 ، محمد وعبد الوهاب العشماوي جزء ثان - بند 1285 ص 924 ، أحمد أبو الوفا بند 636 ص 879) .
كما أن الإلتماس الفرعي يعتبر إستثناء من القواعد العامة في حاجة إلى نص خاص به، ما دام القانون لم ينص عليه فلا يجوز قبوله:
إذن من المنصور قبول الإلتماس المقابل، أما الإلتماس الفرعي فلا يجوز قبوله.
إذن لا يقبل الإلتماس الفرعي، وذلك لأن القانون لم يصرح بجوازه كما فعل بالنسبة إلى الإستئناف الفرعي، ولأن الأصل ألا يقبل الطعن في الأحكام إلا في الميعاد الذي حدده القانون (کاريه وشوفو - المرافعات رقم 1780 ، وإستئناف مصر 1890/1/7 منشور في مجلة الحقوق 5 ص 60 ، و إستئناف مختلط 1914/5/7 - مجلة التشريع والقضاء 26 ص 377 ، أحمد أبو الوفا - التعليق ص 946). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الخامس ، الصفحة : 74)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن ، الصفحة / 116
الْبَاطِلُ لاَ يَصِيرُ صَحِيحًا بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ:
التَّصَرُّفَاتُ الْبَاطِلَةُ لاَ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَعَوْدَتِهِ يُعْتَبَرُ قَائِمًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، وَلاَ يَحِلُّ لأَِحَدٍ الاِنْتِفَاعُ بِحَقِّ غَيْرِهِ نَتِيجَةَ تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَا دَامَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً.
هَذَا هُوَ الأَْصْلُ، وَالْقُضَاةُ إِنَّمَا يَقْضُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ أَدِلَّةٍ وَحُجَجٍ يَبْنُونَ عَلَيْهَا أَحْكَامَهُمْ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ.
وَلِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْهُ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِمَا أَسْمَعُ، وَأَظُنُّهُ صَادِقًا، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
وَمُضِيِّ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ عَلَى أَيِّ تَصَرُّفٍ، مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ إِلَى الْقَضَاءِ بِدَعْوَى بُطْلاَنِ هَذَا التَّصَرُّفِ، رُبَّمَا يَعْنِي صِحَّةَ هَذَا التَّصَرُّفِ أَوْ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِهِ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهَا بِحَسَبِ الأَْحْوَالِ، وَبِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَبِحَسَبِ الْقَرَابَةِ وَعَدَمِهَا، وَمُدَّةِ الْحِيَازَةِ، لَكِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى لاَ أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ، إِنْ كَانَ بَاطِلاً. يَقُولُ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَقُّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ.
وَيَقُولُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، إِلاَّ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ قَضَى بِبُطْلاَنِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ.
وَفِي التَّكْمِلَةِ لاِبْنِ عَابِدِينَ: مِنَ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ: الْقَضَاءُ بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ سِنِينَ. ثُمَّ يَقُولُ. عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثِينَ سَنَةً، أَوْ بَعْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَى التَّصَرُّفِ، لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلاَنِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ.
وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةٌ بِحَقٍّ، فَجَازَتْ مَعَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ - وَإِنْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى حِيَازَةَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ - إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي حَاضِرًا مُدَّةَ حِيَازَةِ الْغَيْرِ، وَيَرَاهُ يَقُومُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُوَ سَاكِتٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ يُنَازِعُهُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُفِيدُ شَيْئًا مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ لِمَالِكٍ رَجُلٌ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ بَعْدَ مَوْتِ أَهْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، مَعَ وُجُودِ وَرَثَتِهِمْ، وَبَنَاهَا وَنَازَعَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَنْعِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ بَلْدَتِهِمْ، فَهَلْ لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا؟ أُجِيبَ: نَعَمْ. لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا... سَمِعَ يَحْيَى مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ عُرِفَ بِغَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ، فَلاَ يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ طَالَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا إِنْ أَقَرَّ بِأَصْلِ الْمِلْكِ لِمُدَّعِيهِ، أَوْ قَامَتْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُوجِبُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ تُوجِبُ تَصْدِيقَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِيمَا ادَّعَاهُ مَنْ تَصِيرُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ، وَهُوَ حَاضِرٌ لاَ يَطْلُبُهُ وَلاَ يَدَّعِيهِ، إِلاَّ وَقَدْ صَارَ إِلَى حَائِزَةٍ إِذَا حَازَهُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والأربعون ، الصفحة / 166
شَهَادَةُ الزُّورِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرُ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ. وَذَلِكَ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَالْفُسُوخِ كَالإِْقَالَةِ وَالطَّلاَقِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ: شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِوَقَالَ الصَّاحِبَانِ وَزُفَرُ: يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لأِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا، فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ.
أَمَّا إِذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَلاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَصْلاً.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِنْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذِبُهُمْ إِنْ أَمْكَنَ، وَذَلِكَ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْكَذِبُ إِلاَّ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوِ الْمَالَ، وَلاَ يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ وَجَبَ نَقْضُ الْحُكْمِ.
انْظُرْ: (شَهَادَة الزُّورِ ف 8 - 9).
الرُّجُوعُ عَنِ الشَّهَادَةِ:
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْحُكْمِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ إِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ فِيهِ مِنَ الأْمْوَالِ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَكَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَلِقِيَامِ الشُّبْهَةِ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَلاَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيُلْزَمُ الشُّهُودُ بِالضَّمَانِ أَوِ الْقَصَاصِ حَسَبَ الأْحْوَالِ.
وَتَفْصِيلُ مَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الأْمْوَالِ وَالْجِنَايَاتِ وَغَيْرِهَا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (شَهَادَة ف 48، وَرُجُوع ف 37، وَضَمَان ف 142).
شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ وَعَكْسُهُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ، وَالْفَرْعُ لأِصْلِهِ.
وَيَرَى الْجُمْهُورُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقَبُولِهَا لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ ابْنُ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ وَالِدُهُ، وَالْقَاضِي لاَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ بَعْدَ إِثْبَاتِ السَّبَبِ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ لأِنَّهُ حُكْمٌ بِمَا لاَ يَعْتَقِدُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ لأِنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيمَا هُوَ سَائِغٌ فِيهِ، أَشْبَهَ بَاقِيَ مَسَائِلِ الْخِلاَفِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا.
الدَّفْعُ مِنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْهَا:
إِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ: لَدَيَّ بَيِّنَةٌ لَمْ أَعْلَمْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَطَلَبَ سَمَاعَهَا وَنَقْضَ الْحُكْمِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، فَقَدْ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ وَضَمِنَ لَهُ إِيفَاءَ الدَّيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ قَضَى الْمَالَ فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ إِثْبَاتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، قَالَ: لاَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فُسِخَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لاَ يُسْمَعُ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ قَامَ بِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْحَاكِمِ نَقَضَهُ، وَإِنْ قَامَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَتَعْدِيلِهَا فَقَدْ أَقَامَهَا فِي أَوَانِ إِقَامَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُسْنِدِ الْمِلْكَ إِلَى مَا قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ فَهُوَ الآْنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشُّهُودِ وَنَحْوِهَا فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بِالْيَدِ الْمُزَالَةِ بِالْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الأَْوَّلُ لأَِنَّهَا إِنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الْحُجَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُدِّمَتْ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا.
ي- إِذَا لَمْ يُعَيَّنِ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأْمْرِ:
إِذَا اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ قَدْ خَلاَ مِنْ قَاضٍ عَلَى أَنْ يُقَلِّدُوا عَلَيْهِمْ قَاضِيًا، فَإِنْ كَانَ إِمَامُ الْوَقْتِ مَوْجُودًا بَطَلَ التَّقْلِيدُ، وَمِنْ ثَمَّ تَبْطُلُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ثَمَّةَ إِمَامٌ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَنُفِّذَتْ أَحْكَامُهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ نَظَرِهِ إِمَامٌ لَمْ يَسْتَدِمِ النَّظَرَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُنْقَضْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاء ف 23).