loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1 ـ إذا كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة النقض (في الطعن الأول عن الحكم الصادر فى ذات الدعوى) أن الطاعن فيه (سلف المؤسسة المطعون عليها فى الطعن الماثل) جعل من تجاوز محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه بذلك الطعن لطلبات المطعون ضده(الطاعن فى الطعن الماثل )سببا للطعن عليه بالنقض بعد أن جعله سببا لإلتماس إعادة النظر و الذى قضت فيه محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم الملتمس إعادة النظر فيه و النزول بالمبلغ المحكوم به إلى ما كان الملتمس ضده قد حدده فى طلباته و كانت محكمة النقض قد قالت عن هذا الوجه من أوجه الطعن المقدمة إليها ‘‘ أنه غير مقبول و لا جدوى فيه بعد أن حكم فى الالتماس بتعديل الحكم إلى مبلغ ..... ’’ و هو قول لا يعنى أن محكمة النقض حصنت الحكم الصادر فى ذلك الالتماس من الإلغاء أو التعديل و إنما اعتبرت الطعن فى خصوص هذا الوجه غير مقنع لما تبنته من أن الطاعن ينعى به على الحكم المطعون فيه عيبا بات بريئا منه ، كما أنها نقضت ذلك الحكم فى خصوص ما صح لديها من أسباب الطعن الأخرى و ما ينال من حساب بعض تلك المستحقات و زال تبعا له حكم الإلتماس فيما نقض فيه و أحيل إلى محكمة الاستئناف للنقض فيه من جديد بحكمها المطعون فيه بالطعن الماثل ، إذ كان ذلك فإن النعى على الحكم بما ورد بهذا السبب " من أنه أخطأ إذ قضى للطاعن بمبلغ المقضى له به فى الحكم الصادر فى إلتماس إعادة النظر ، يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 79 لسنة 39 جلسة 1976/05/01 س 27 ع 1 ص 1041 ق 199)

2 ـ إذ كان الثابت بالأوراق أن الحكم فى الاستئناف ...... لسنة ...... ق القاهرة قد فصل فى موضوع الدعوى الماثلة بحكم حاز قوة الأمر المقضي بين ذات خصومها بترميم العقار محل ذات القرار المطعون فيه وصار ذلك الحكم باتا بفوات ميعاد الطعن عليه بالنقض فلا يجوز للمحكمة نقض حجيته عند نظر الطعن الماثل فى الحكم القاضي بإزالة ذات العقار احتراما لسبق صيرورة الحكم ...... لسنة ...... ق القاهرة باتا حتى لو كان الحكمان الحائزان لقوة الأمر المقضي صادرين فى يوم واحد وبجلسة واحدة، وذلك منعا لتضارب الأحكام واستحالة تنفيذها، وهو سبب متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.

(الطعن رقم 1116 لسنة 70 جلسة 2002/04/22 س 53 ع 1 ص 566 ق 108)

3 ـ إن الأصل أن الدفع بعدم دستورية القوانين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - غير متعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا يكون هذا الدفع قد انصب على الإجراءات والقواعد التي تحكم نظر الطعن فى الأحكام أمام محكمة النقض إذ لا يتصور أن يكون الدفع من أحد خصوم الطعن على أي من هذه النصوص إلا أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 1095 لسنة 61 جلسة 2002/05/12 س 53 ع 2 ص 625 ق 121)

4 ـ إذ كانت المحكمة (محكمة النقض) قد خلصت فى الطعن رقم 9552 لسنة 64 ق ...... إلى نقض الحكم القاضي بتسليم أرض النزاع لما فى هذا التسليم من مساس بعمل من أعمال السيادة وبعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر ما يتعلق بهذه الأرض وكانت أسباب الطعن الماثل (المنضم والمقام عن ذات الحكم) تتعلق بموضوع هذه الخصومة وبالاختصاص الولائي والذي يعد مطروحا على محكمة النقض ولو لم يرد بشأنه نعي فى صحيفة هذا الطعن، فإن النقض الكلي للحكم المطعون فيه فى الطعن الأول والمتعلق بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر ما يتعلق بأرض النزاع يجعل أسباب الطعن الماثل بعد نقض الحكم فى الطعن الأول قد وردت على غير محل بما لازمه الحكم بانتهاء الخصومة فيه.

(الطعن رقم 9552 لسنة 64 جلسة 1999/06/24 س 50 ع 2 ص 896 ق 176)

شرح خبراء القانون

ووفقاً لنص المادة 265 مرافعات يبدأ نظر الطعن بالإستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر يلخص فيه أسباب الطعن المقدمة من الطاعن، ورد المطعون ضده على هذه الأسباب، كما يحصر نقط الخلاف بين الخصوم، وليس للقاضي المقرر إبداء رأي في هذا الشأن ورغم وضوح هذا النص، فقد جرى العمل على عدم إحترامه.

والأصل أن تنظر المحكمة الطعن بغیر سماع مرافعة شفوية إكتفاءاً بما قدم من مذكرات ورد عليها . ولكن قد ترى المحكمة ضرورة المرافعة، وعندئذ تأذن للخصوم بالمرافعة الشفوية، وقد جرى العمل دائماً على أن يطلب رئيس الدائرة من ممثلي كل من الطرفين المرافعة بدءاً بمحامي الطاعن .

وتخضع هذه المرافعة للقواعد الآتية:

1- تحقيقاً للمساواة بين الخصوم، لا يجوز أن يقتصر الإذن بالمرافعة على أحد الطرفين دون الآخر .

2- لا يجوز للخصم أن يحضر ويترافع بنفسه، بل يكون الحضور والمرافعة بواسطة محام مقبول أمام محكمة النقض موكل عن الخصم . على أنه لا يشترط أن يكون هو نفسه المحامي الذي وقع صحيفة الطعن بالنقض .

3- إذا كان أحد الخصوم لم يودع مذكرة بدفاعه، فإنه - رغم اختصامه في الطعن - يكون قد أفصح بهذا عن عدم جديته في إستعمال حقه في الدفاع، ولهذا يفقد بمسلكه هذا حقه في أن يحضر محام عنه في الجلسة وبالتالي يفقد حقه في المرافعة الشفوية رغم إذن المحكمة بها للخصوم.

4- يجب أن تقتصر المرافعة الشفوية على ما يتعلق بقبول الطعن بالنقض بالنظر إلى شكله وإلى أسباب الطعن السابق للطاعن التمسك بها فى صحيفة الطعن بالنقض فليس للمحامي في مرافعته إثارة سبب لم تسبق إثارته في هذه الصحيفة، ما لم يكن السبب متعلقة بالنظام العام إذ مثل هذا السبب يمكن - وفقاً للمادة 253/ 2  مرافعات - إثارته في أي وقت .

تصدى المحكمة للحكم في موضوع الدعوى :

تنظر الدائرة الاقتصادية الطعن بالنقض وتحكم فيه وفقاً لما تنص عليه المواد 265 وما بعدها من قانون المرافعات (مادة 4 من قانون إصدار قانون المحاكم الاقتصادية).

على أنه استثناء من المادة 269/ 2 من قانون المرافعات والتي تنص على أنه «إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه أو كان الطعن للمرة الثانية ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم في الموضوع»، تنص المادة 12/ 4 من قانون المحاكم الاقتصادية على أنه «إستثناء من أحكام .... الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة» . وقد قضت محكمة النقض أن ما تنص عليه المادة 12/ 4 من قانون المحاكم الاقتصادية ليس فيه شبهة عدم الدستورية لأن «المشرع قصد تعجيل البت في مثل هذا النوع من الدعاوى تقديراً لأهميتها ومساسها بالاقتصاد القومي وبالصالح العام».

وعلى هذا فإن الدائرة الاقتصادية بمحكمة النقض تقوم - في جميع الأحوال - بعد نقض الحكم بنظر موضوع الدعوى لتقضي فيها، سواء كان الموضوع صالحاً للفصل فيه أم غير صالح له وهو ما يقتضي من الدائرة إصدار قرار - قبل نظر الموضوع - بضم الملف ويكون لمحكمة النقض عند نظرها موضوع الدعوى جميع السلطات التي لمحكمة الموضوع التي نقض حكمها .

وحسناً فعل المشرع، حتى يمكن إصدار حكم بات في النزاع دون تأخير .

على أن تصدى محكمة النقض الموضوع الدعوي يفترض أن تكون الدائرة الاستئنافية المطعون في حكمها قد فصلت في موضوع الدعوى، فإذا كانت قد اقتصرت على الفصل في إجراءات الخصومة ولم تفصل في الموضوع، فإن محكمة النقض لا تتصدى للموضوع بل تحيل الدعوى إلى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية (غير مصدرة الحكم المنقوض) للفصل في الموضوع. ذلك أن تصدى محكمة النقض عندئذ يؤدي إلى اختزال إجراءات التقاضي في مرحلة واحدة، وهو أمر يتعارض مع مبادىء العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في القضايا الاقتصادية .

وفي تقديرنا أن هذا المبدأ الهام الذي قررته محكمة النقض يجب أن ينطبق أيضاً إذا كانت الدائرة الاستئنافية قد قضت بعدم قبول الدعوى أو بعدم جواز نظرها لتخلف شروط قبولها، إذ هذا القضاء يعني أن الدائرة الاستئنافية لمم تنظر موضوع النزاع، فليس لمحكمة النقض أن تنظره .

وكأي حكم صادر من محكمة النقض، فإن الحكم الصادر من الدائرة الاقتصادية بمحكمة النقض لا يقبل الطعن فيه بأي طريق . وذلك مع ملاحظة إمكان العودة إلى محكمة النقض إذا كان الحكم مشوبا بعيب عدم الصلاحية، وفقاً للمادة 147 من قانون المرافعات، وجواز رفع دعوى أصلية ببطلانه إذا توافرت شروطها، وفقا لما سبق بيانه بالنسبة لأحكام محكمة النقض الصادرة في المواد المدنية والتجارية. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني،  الصفحة :  677)

 اختصاص محكمة النقض:

عندما أنشئت محكمة النقض في عام 1931 كان الغرض من إنشائها إرساء القواعد التي تتفق وما أراده المشرع من النصوص القانونية منعاً من مخالفتها أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها، فكانت ولاية محكمة النقض تنحصر في نقض وإبرام الأحكام التي يطعن فيها أمامها.

ثم رأى المشرع لاعتبارات قدرها، إضافة اختصاص موضوعي تتصدى له محكمة النقض كمحكمة موضوع، يكون لها في شأنها ندب الخبراء وسماع الشهود وقبول المستندات بجلسة المرافعة، فأصدر القوانين التي تحدد هذا الإختصاص ونطاقه، مثل قانون قانون السلطة القضائية الذي عقد الاختصاص للمحكمة النقض دون سواها بنظر طلبات رجال القضاء والنيابة العامة، وقانون مباشرة الحقوق السياسية الذي عقد الاختصاص لمحكمة النقض بنظر الطعون الإنتخابية ولم ينص على إلزام المجلس النيابي تنفيذ أحكامها مما يجعل الأحكام الصادرة في هذه الطعون لا حجية لها وتفتقر إلى القوة التنفيذية مما يجب معه إعادة النظر في هذا القانون حفاظا على الجهد الذي يبذل في هذه الطعون، فيناط بالمجلس النيابي التصرف فيها وهو ما يتفق مع الواقع، وأيضاً أناط المشرع بمحكمة النقض المنازعات المتعلقة بالنقابات.

الحكم في الطعن بالنقض القواعد التي تلتزمها المحكمة عند الحكم:

الطعن بالنقض محاكمة للحكم المطعون فيه في نطاق الحالات التي تضمنتها المادتان (248)، (249) من قانون المرافعات، بحيث إن خرج النعي عن هذا النطاق، تعين القضاء بعدم جوازه. ولا تتصدى المحكمة إلا للأسباب التي تضمنتها صحيفة الطعن وهي ما تناوله الخصوم في مذكراتهم إبداء ورداً وتنحصر فيها مرافعاتهم الشفوية باستثناء الأسباب المتعلقة بالنظام العام إذ يجوز لهم إثارتها لأول مرة بالجلسة وعلى المحكمة التصدي لها من تلقاء نفسها.

وتلتزم محكمة النقض بالقواعد الأصيلة المقررة في شأن الطعن، فلا يجوز لها إصدار قضاء يترتب عليه أن يضار الطاعن بطعنه حتى لو توافر لديها سبب يتصل بالنظام العام، إذ لولا الطعن لصار الحكم المطعون فيه باتاً والمقرر أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، وحينئذ يقتصر قضاؤها على رفض الطعن.

وإذا تبين لها وجود قصور في الحكم بعجزها عن مراقبة تطبيق القانون، فإنها تكتفي بهذا السبب لنقض الحكم والإحالة لمحكمة الموضوع، وتمتد سلطة محكمة النقض لرقابة التكييف الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سواء ما تعلق بالدعوى أو العقد بإعتبار ذلك من مسائل القانون التي يؤدي الخطأ فيها إلى خطأ في تطبيق القانون. كما تمتد إلى نقض الحكم بالنسبة للخصم الذي لم يطعن في الحكم متى قضت بنقضه بالنسبة للطاعن متى كان الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، أو كان هناك ارتباطاً في مركز كل منهما، أو في التزام تضامني.

والأصل أن يخضع الحكم الصادر من محكمة النقض، للقواعد المتعلقة بالمداولة والتوقيع على مسودته وزوال الولاية وما يترتب على ذلك من بطلان. إلا أن المادة (272) من قانون المرافعات منعت الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن، وكان تصحيح البطلان لا يكون إلا بالطعن في الحكم، وإذ امتنع ذلك، فإن حكم النقض وقد صدر، فإن حجيته تسمو على إعتبارات النظام العام، ويكون بالتالي آخر مرحلة من مراحل النزاع.

 تقرير التلخيص

بعد انقضاء المواعيد المقررة للمذكرات في حالة تقديمها، يرسل قلم الكتاب ملف الطعن إلى نيابة النقض، ملتزماً في ذلك بالأولوية المطلقة لكل طعن بحسب ترتيب قيده في السجل المعد لذلك، أو بحسب الأسبقية التي تقررها الهيئة العامة لنوع معين من الطعون.

ولا يرسل قلم الكتاب الطعون التي طلب فيها وقف التنفيذ وقدمت بشأنها طلبات لتحديد جلسة مستعجلة لنظرها، إلى نيابة النقض إلا إذا قضى بوقف التنفيذ إذ تحدد المحكمة في هذه الحالة جلسة لنظر الطعن خلال ستة أشهر.

وبعد أن تودع نيابة النقض مذكرتها، يعاد الطعن إلى قلم الكتاب ليقوم بعرضه على رئيس الدائرة المختصة وفقاً للتنظيم الداخلي لدوائر المحكمة. فيقوم بتعيين أحد أعضاء الدائرة الإعداد تقرير التلخيص، ثم يعرض الطعن على الدائرة في غرفة مشورة، فإذا رأت أن الطعن جدير بالنظر حددت جلسة مرافعة لنظره وفيها يتلو المستشار المقرر تقرير التلخيص الذي أعده متضمناً أسباب الطعن والرد عليها حسبما تضمنته صحيفة الطعن ومذكرة المطعون عليه بالرد على أسباب الطعن إن كانت قد قدمت، ويحصر بالتقرير نقاط الخلاف التي تنازعها الخصوم دون إبداء الرأي فيها.

نطاق ولاية محكمة النقض:

المقرر أن الطعن بالنقض ينطوي على الأسباب التي يرى الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه عيوب تؤدي إلى نقضه، ويطرحها وطلباته على محكمة النقض، ولذلك يكون ما يعرض عليها بهذه المثابة هو في الواقع مخاصمة للحكم النهائي، وبالتالي فإن ولاية هذه المحكمة تنحصر في قضاء الحكم المطعون فيه، فما فصل فيه هذا الحكم أو تصدى له وكان محل نعي من الطاعن، امتدت إليه ولاية محكمة النقض طالما كان وجه النعي مندرجاً في الحالات التي تجيز الطعن بالنقض وفقاً للمادتين (248)، (249) من قانون المرافعات والتي تنحصر في مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، وذلك على التفصيل المتقدم.

فإن خرج النعي عن هذا النطاق، فلا يكون مقبولاً، مثال ذلك أن يكون الطاعن قد تمسك بدفاع أو دلالة مستند أمام محكمة الدرجة الأولى، ولما طعن في الحكم بالاستئناف، لم يتمسك بذلك سواء في صحيفة الاستئناف أو بجلسة المرافعة. وبالتالي لا يكون هذا الدفاع قد طرح على محكمة الاستئناف مما يحول دون تصديها له في قضائها. فإذا نعى الطاعن أمام محكمة النقض على هذا القضاء فيما يتعلق بهذا الدفاع، يكون نعياً لم يصادف محلاً من الحكم لخروجه عن نطاق قضائه، فلا تكون المحكمة النقض ولاية في نظره، فلا يقبل أمامها.

فكل أوجه الدفاع التي لا يقيم الحكم المطعون فيه قضاءه عليها، لا يجوز أن تكون سبباً للنعي عليه لأنه لم تتصد لها وبالتالي لا يجوز أن ينسب إليه خطأ بسببها .

أوجه الطعن التي لم تتصد لها محكمة النقض:

إذا تضمنت صحيفة الطعن بالنقض عدة أسباب للنعي على الحكم المطعون فيه، ورأت محكمة النقض أن أحد الأسباب كاف لنقض هذا الحكم، فإنها تتصدى له وحده، أياً كان موضعه من الصحيفة، إذ لا تلتزم محكمة النقض بالتصدي لأسباب الطعن حسب ترتيبها الوارد في الصحيفة، خلافاً النيابة النقض، فإن صدر الحكم بنقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب، فلا يدل هذا القضاء على عدم صحة الأسباب الأخرى أو أن محكمة النقض قد قضت ضماناً برفضها وأن الحكم المطعون فيه غير معيب بما تضمنته. وبالتالي إذا عجل الاستئناف، فلا تلتزم محكمة الاستئناف إلا بما تضمنه حكم النقض في المسألة التي كانت محلاً للسبب الذي تصدت له محكمة النقض، فإن التزمت بذلك، وطعن في قضائها بالنقض لذات الأسباب التي لم تتصد لها محكمة النقض، فلا يعتبر هذا الطعن، طعناً ثانياً في معنى الفقرة الأخيرة من المادة (269) من قانون المرافعات. وبالتالي إذا حكمت بنقض الحكم، فلا تحكم في الموضوع وإنما تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم.

قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه:

إذ تنص الفقرة الأولى من المادة (218) من قانون المرافعات على أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه. وبالتالي يجب أن لا يفيد من الطعن المطعون عليه، ومن ثم تتضمن هذه الفقرة قاعدة «أن لا يضار الطاعن بطعنه) وهي قاعدة تقررها قواعد العدالة ومستمدة منها، لأن الطاعن لو كان قد ارتضى الحكم لحاز قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة في مواجهة كل الخصوم، إلا أن الطاعن رغبة منه في تعديل الحكم إلى ما هو أصلح له، فقد طعن فيه، وحينئذ لا يجوز للمحكمة التي تنظر الطعن أن تسوى مركز الطاعن عما كان عليه عند صدور الحكم، فلا تأخذ بأوجه الدفاع التي من شأنها مخالفة هذه القاعدة حتى لو كانت هذه الأوجه تساندها نصوص القانون، ولا يجوز النعى على الحكم الذي طرح هذه الأوجه إذ يكون ملزماً بعدم الإضرار بالطاعن طالما لم يطعن خصمه في ذات الحكم.

ولما كان الاستئناف بنقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها أمام محكمة الدرجة الأولى وقت صدور الحكم في الحدود التي رفع الاستئناف عنها، وما لم يرفع عنه الاستئناف يعتبر حائزاً لقوة الأمر المقضي ويخرج عن ولاية المحكمة الاستئنافية، فلا يجوز لها أن تتصدى له أو أن تسوئ مركز المستأنف، فإن كان هو المدعي وقضت محكمة الدرجة الأولى بقبول دعواه شكلاً - في الحالات التي يتطلب القانون فيها ذلك - ويرفض بعض طلباته، وانحصر طعنه في الشق الموضوعي، وبذلك يكون الشق الشكلي قد حاز قوة الأمر المقضي، فإن تصدت له محكمة الاستئناف وقضت بعدم قبول الدعوى، تكون قد خالفت القانون وسوأت مركز المستأنف الذي طعن وحده في الحكم.

أثر تعديل الحكم المطعون فيه بالتماس إعادة النظر:  

للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم النهائي الصادر ضده من محكمة الاستئناف بأي من الطريقين غير العاديين، وهما التماس إعادة النظر، والطعن بالنقض، تبعاً لأوجه النعي التي تتوافر في أي من الطريقين، فإن أجازت هذه الأوجه الطعن في الحكم بالطريقين ما، جاز للمحكوم عليه اللجوء إليهما كل وفقاً للإجراءات المقررة بالنسبة له، إذ لا يوجد نص يحظر الجمع بينهما.

ولما كانت الأحكام الصادرة من محكمة النقض باتة وقاطعة، فإن الحكم الذي يصدر منها يحسم النزاع في كل الأوجه التي تناولها ويحول دون المحكمة التي تنظر الالتماس وإعادة التصدي لها، وبالتالي تقضي باعتبار الالتماس منتهياً.

أما إذا كان الوجه الذي إستند إليه الطاعن في الطعنين، يصلح للالتماس دون النقض، فإن قضاء النقض الذي يصدر بعدم قبول الطعن لا يؤثر في نظر الالتماس، فقد يتمسك الطاعن بتزوير محاضر الجلسات، فيرفع التماساً بإعادة النظر استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة (241) من قانون المرافعات، وفي ذات الوقت يرفع طعناً بالنقض إستناداً لذات السبب فإن قضت محكمة النقض بعدم قبول الطعن، فإن هذا القضاء لا يؤثر في الالتماس المرفوع إستناداً لنفس السبب، إذ يعني قضاء النقض أن هذا السبب لا يصلح للطعن بالنقض في الحكم، فلا ينصرف إلى حظر الطعن بأي طريق آخر.

أما إذا صدر الحكم في الالتماس أولاً، بإجابة الملتمس إلى طلبه إستناداً للسبب الذي تمسك به في الطعنين، فإن النعي المتعلق به والمطروح على محكمة النقض يصبح وارداً على غير محل من الحكم المطعون فيه وبالتالي غير مقبول، فإن وجدت أسباب أخرى تصدت لها المحكمة، ويكون قضاؤها فيها باتاً قاطعاً.  

تقيد محكمة النقض بالحكم البات الصادر بين نفس الخصوم :

يتحقق ذلك، عندما تقضي محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لاختصام المتنازل له دون المستأجر الأصلي، رغم أن المؤجر قد اختصم الأخير أمام محكمة الدرجة الأولي، وبذلك يكون الحكم الاستئنافي معيباً لمخالفته الثابت في الأوراق، ويكون سبیل تدارك ذلك هو الطعن فيه بطريق النقض لاستناد عدم القبول في هذا القضاء إلى المادة 115 من قانون المرافعات. لعدم اختصام صاحب الصفة في دعوى الإخلاء .

فإن تشكك المؤجر في طبيعة عدم القبول المقضي به، فرفع طعناً بالنقض على نحو ما تقدم، ورفع أيضاً دعوى مبتدأة ظناً منه بأن عدم القبول المقضي به من قبيل الدفوع الشكلية. فقضت محكمة الدرجة الأولى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ولم يطعن في هذا القضاء، وحاز قوة الأمر المقضي قبل الفصل في الطعن بالنقض، فإن محكمة النقض تتقيد بهذا القضاء عندما تتصدى للطعن، فتقضي باعتباره منتهياً ومن تلقاء نفسها.  

تصدي محكمة النقض للنص المقضي بعدم دستوريته :

المقرر أن الدفع بعدم دستورية القانون غیر متعلق بالنظام العام مما يتعين معه إبداؤه أمام محكمة الموضوع ولا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. طالما لم يتعلق بإجراءات وقواعد نظر الطعن بالنقض .

لكن إذا قضت المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص في قانون معين وتم نشر قضاءها في الجريدة الرسمية، امتنع على المحاكم تطبيق هذا النص منذ تاريخ نشر الحكم، فإن هي خالفت ذلك، كان قضاؤها مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون، إذ كان يتعين الفصل في النزاع التزاماً بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا باعتبار أن النص الذي قضت بعدم دستوريته أصبح غير قائم وغير واجب التطبيق، وفي هذه الحالة تتدارك محكمة الطعن هذا الخطأ، فإن لم يطعن في الحكم وحاز قوة الأمر المقضي وأصبح باتاً، امتنع المساس بحجيته بأي طريق من الطرق.

ولما كانت الأحكام التي تصدرها محكمة الاستئناف، أحكاماً نهائية إلا أنها لا تصبح باتة إلا بفوات ميعاد الطعن فيها بالنقض. فإن صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص الذي تضمنه الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، وكان ذلك خلال ميعاد الطعن فيه بالنقض إلا أن المحكوم عليه فوت هذا الميعاد، فإن الحكم الأخير يصبح باتاً وتستقر به مراکز الخصوم، فلا ينال منه مخالفته للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ولا يجوز إهداره لهذا السبب بدعوى بطلان أصلية.

أما إذا بادر المحكوم عليه وطعن في الحكم بالنقض، وسواء تمسك في صحيفة الطعن بعدم دستورية النص الذي أقام الحكم المطعون فيه عليه قضاءه أو لم يتمسك بذلك، فإن محكمة النقض تتصدى في الحالتين لهذا السبب ومن تلقاء نفسها إذ يتعين عليها مراقبة محكمة الموضوع في مدى التزامها بالنص الواجب التطبيق، فإن تبين لها أن هذا النص قضي بعدم دستوريته، فإنه يكون غير قائم منذ صدوره ويكون حكم الدستورية كاشفاً لذلك وملزماً لجميع المحاكم بعدم تطبيقه طالما أدرك الدعوى أو الطعن قبل صدور حكم بات فيها، وهو أمر متعلق بالنظام العام تتصدى له محكمة النقض من تلقاء نفسها.

الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة النقض:

المقرر أن الدفع بعدم دستورية قانون أو لائحة، لا يتعلق بالنظام العام. وبالتالي يجب التمسك به أمام محكمة الموضوع حتى يمكن إثارته أمام محكمة النقض وإلا كان غير مقبول أمامها إذ يعتبر حينئذ سبباً جديداً، لكن إذا كان النص محل الدفع يمتنع طرحه على محكمة الموضوع، كالنص الذي ينتظم إجراءات وقواعد الطعن بالنقض ونظره أمام المحكمة، فإن الدفع بعدم دستوريته لا سبيل له إلا بالتمسك به أمام محكمة النقض.

نقض الحكم المؤسس على قانون تم إلغاؤه والمتعلق بالنظام العام :

أوضحنا فيما تقدم، أن الحكم الذي يصدر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون أو نص فيه، يؤدي إلى اعتباره غير قائم منذ صدوره وتلتزم جميع المحاكم بما قضت به هذه المحكمة فتصدر أحكامها على أساس أن القانون أو النص ملغياً منذ صدوره.

فإن لم يتم الإلغاء على هذا النحو من المحكمة الدستورية العليا، وإنما جاء من المشرع، صراحة أو ضمناً، فإن الإلغاء يتم منذ نفاذ التشريع الذي نص عليه، فإن صدر حكم أثناء سريان القانون أو النص، وعند نظر الطعن بالنقض في هذا الحكم تم الإلغاء، فإن هذا الإلغاء لا تلتزم به محكمة النقض إذا كان القانون أو النص الذي تم إلغاؤه غیر متعلق بالنظام العام، أما إذا كان - متعلقاً بالنظام العام، فإن محكمة النقض تتصدى له من تلقاء نفسها. وتقضي بنقض الحكم إذ لم يعد هناك مجال لإعمال القانون أو النص بعد إلغائه.

عدم سماع الطعن بالنقض:

المقرر أن القاضي يلتزم بتطبيق القانون فور نفاذه ولو تعارض مع قواعد الدستور إلى أن يقضي بعدم دستوريته، لأن المشرع وإن كان لا يحاج بالحقوق المكتسبة أو بالأحكام الباتة، إلا أنه ينصاع للدستور الذي عهد إلى المحكمة الدستورية العليا تنقية التشريعات من أية شائبة تخالفه.

وكان المشرع من قبل صدور قانون تلك المحكمة، يأمر بعدم سماع بعض أنواع من الدعاوى لأسباب قدرها ولظروف كانت البلاد تمر بها، فكانت المحاكم بجميع أنواعها ودرجاتها ممنوعة من سماعها، وكان ذلك يخالف الحق الدستوري المقرر لكل مواطن بالالتجاء إلى القضاء الذي لا يملك إلا القضاء بعدم سماع الدعوى أو الطعن، عندما ترفع الدعوى ويصدر حكم فيها ثم يطعن فيه وقبل الفصل في الطعن يصدر القانون بحظر سماع الدعاوى والطعون.  

اتفاق الخصوم على نقض الحكم أو عدم السير في الاستئناف :

يترتب على رفع الطعن بالنقض وانعقاد الخصومة فيه، أن تتصدى له محكمة النقض شكلاً وموضوعاً ما لم يتنازل المحكوم له وهو المطعون عليه عن الحكم المطعون فيه أو أن يطلب الطاعن إثبات تركه للطعن، وحينئذ تقضى المحكمة في الحالة الأولى بعدم قبول الطعن إذ لم يعد له محل، وفي الحالة الثانية بإثبات الترك.

أما إذا اتفق الخصوم علی نقض الحكم، فلا تلتزم المحكمة باتفاقهم، لأن الحكم لا ينقض إلا إذ كان مشوباً بمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله أو إذا شابه بطلان أو وقع بطلان في الإجراءات أثر فيه. وبالتالي تنظر المحكمة الطعن على هدى ما نظمته صحيفة الطعن ومذكرات الخصوم، فإذا نقضت الحكم، فلا يكون قضاؤها قد صدر وفقاً لطلبات الخصوم بنقض الحكم وإنما حسبما تضمنته صحيفة الطعن وما شاب الحكم من عوار. فإن لم يكن الحكم معياً، قضت برفض الطعن.

فإذا نقضت المحكمة الحكم، وكان الطعن صالحاً للفصل فيه، تصدت للموضوع بقضاء بات وقاطع يحسم النزاع المردد بين الخصوم، فإن لم يكن الموضوع صالحا للفصل فيه أمرت بالإحالة. أما إذا رفضت الطعن أصبح الحكم المطعون فيه باتاً.

ومتی صدر حكم النقض وفقاً لما تقدم، فإنه لا يحول دون الخصوم وتنفيذ اتفاقهم طواعية، في حالة رفض الطعن أو التصدي للموضوع بصدور الحكم ضد الطاعن، وبالتالي يمتنع على المطعون عليه تنفيذ الحكم المطعون فيه في حالة رفض الطعن، أو الحكم الصادر من محكمة النقض في الموضوع. لأن الاتفاق على نقض الحكم المطعون فيه يعني زواله وعدم تعجيل الاستئناف وبالتالي صيرورة الحكم الإبتدائي باتاً. فإن رفض المطعون عليه تنفيذ الاتفاق وقام باتخاذ إجراءات تنفيذ الحكم، جاز لخصمه أن يستشكل في التنفيذ ويستند في ذلك إلى الإتفاق الذي يبين من ظاهره تنازل طالب التنفيذ عن السند التنفيذي مسبقاً وهو إتفاق جائز قانوناً عملاً بالمادة (219) من قانون المرافعات. وأن قضى بنقض الحكم، وهو قضاء يتفق مع اتفاق الخصوم، وبالتالي يتبع ما تضمنه اتفاقهم.

اعتبار الطعن بالنقض منتهياً :

ينصرف الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه، فيعتبر هذا الحكم محلاً للطعن بالنقض ومن ثم يدور معه وجوداً وعدماً، فإن كان الحكم قائماً وقت نظر الطعن تصدت محكمة النقض الأسباب الطعن، فإن كان قد زال في ذلك الوقت لأي سبب تبعه الطعن الذي تعلق به، فيصبح منتهياً، مثال ذلك أن يرفع المحكوم عليه طعناً بالنقض وآخر بالتماس إعادة النظر، ويقضي في الالتماس بإلغاء الحكم المطعون فيه وفقاً لطلبات الملتمس وهو ما كان يسعى إليه في الطعن بالنقض، وبذلك يكون الحكم قد ألغي ولم يعد للطعن بالنقض محل، وأيضاً إذ كانت محكمة النقض قد نقضت الحكم الذي تأسس عليه الحكم المطعون فيه. فإن نقضه يزيله ويتبعه الحكم المطعون فيه متى كان مؤسساً عليه، فيعتبر الطعن منتهياً.

سلطة محكمة النقض

نقض الحكم أو بطلان الطعن في موضوع قابل للتجزئة:

وصف عدم قابلية الموضوع للتجزئة أو الإنقسام وإن كان ينبعث في جوهره من محل الإلتزام، إلا أنه ينصرف في آثاره إلى أطراف الإلتزام، إذ لا تظهر أهمية عدم قابلية الالتزام للانقسام إلا حيث يتعدد المدينون أو الدائنون إما إبتداء عند إنشاء الرابطة القانونية وإما بعد ذلك إذا تعدد ورثة من كان بمفرده طرفاً في الإلتزام، بحيث إذا نشب نزاع بين المدينين أو الدائنين في هذا الإلتزام ويين شخص آخر، فإن الحكم الذي يصدر لصالح الأخير يتعذر تنفيذه إلا في مواجهة المحكوم عليهم جميعاً.

وعلى عكس ذلك، إذا كان الموضوع يقبل التجزئة أو الانقسام بين المدينين أو الدائنين المتعددين، فإن صدور حكم ضد هؤلاء يجوز تنفيذه عليهم مجتمعين، فإن كانت الإجراءات مشوباً بالبطلان بالنسبة لأحدهم وحال ذلك دون الحكم ضده، فإن الأثر ينحصر فيه وحده دون باقي المدينين ومن ثم ينفذ الحكم ضد باقي المدينين كل منهم بحسب ما يخصه من الدين.

والأصل أن الالتزام يكون قابلاً للتجزئة والانقسام بين المدينين إذا ورد على محل يقبل الإنقسام بطبيعته، كقطعة أرض إلا أنه بصح تقرير عدم الانقسام وفقاً لما إتجهت إليه إرادة المتعاقدين، كشراء قطعة أرض لإقامة مصنع عليها، وحينئذ تصبح غير قابلة للانقسام وهذه الإرادة تستخلصها محكمة الموضوع من ظروف وملابسات التعاقد دون معقب عليها طالما كان استخلاصها سائغاً.

فإذا رأت محكمة الاستئناف أن الموضوع يقبل التجزئة والانقسام، فلم تكلف المستأنف باختصام باقي الخصوم، سواء كان محكوماً لهم أو عليهم، ولما طعن بالنقض رأت محكمة النقض أن الموضوع لا يقبل التجزئة وفقاً لما تضمنه الواقع الذي كان مطروحاً على محكمة الموضوع، فإنها تتصدى لذلك ولو من تلقاء نفسها، لمخالفة إجراءات الاختصام في موضوع غير قابل للتجزئة مما يتصل بالنظام العام.

ومتى قضت محكمة الاستئناف في موضوع يقبل التجزئة، فإن الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي ينحصر فيمن رفع الطعن ومن رفع عليه، ويصبح الحكم باتاً بالنسبة للمحكوم لهم الذين لم يشملهم الطعن، فينتفعون بنسبة ما قضى لهم به.  

ومتى كان الموضوع قابلاً للتجزئة، فإنه ينقسم على المدينين كل بالقدر الذي يعينه القانون أو الإتفاق، فإن لم يبين القانون أو الاتفاق نصيب كل من هؤلاء، فإن الالتزام ينقسم عليهم بعدد رؤسهم أي بأنصبة متساوية، أي بالسوية فيما بينهم.

نقض الحكم أو بطلان الطعن في موضوع غير قابل للتجزئة:

أوضحنا بالبند السابق مناط قابلية الموضوع التجزئة أو عدم قابليته لذلك، وأن أثر ذلك يكون عند تعدد المدينين، فإن كان الموضوع لا يقبل التجزئة، فإنه لا ينقسم على المدينين وإنما يجب أن ينفذ عليهم جميعا، وهو ما يتطلب اختصامهم في أي نزاع يتعلق بما التزموا به في مواجهة الدائن، فإن صدر حكم ضد هؤلاء، وطعن فيه أحدهم أو بعضهم، تعين على محكمة الطعن تكليف الطاعن باختصام باقي المحكوم عليهم حتى یكون الحكم حجة عليهم، وكذلك الحال إذا أغفل الطاعن أحد المحكوم لهم متى تمثل الطعن في إستئناف الحكم، فإن نقض الحكم أو قضى ببطلان الطعن امتد أثر هذا الحكم لجميع الخصوم. دون أن ينحصر فيمن تضمنته صحيفة الطعن.

وإذا رفع أحد المحكوم عليهم في موضوع غير قابل للتجزئة طعناً بالنقض في الحكم الصادر ضده وضد باقي المحكوم عليهم، ولم يختصم في صحيفة الطعن أحد المحكوم لهم، فإن الطعن يكون باطلاً، سواء اختصم باقي المحكوم عليهم أو لم يكن قد اختصمهم، فإن كان قد اختصمهم في صحيفة الطعن، فإن بطلان الطعن لعدم اختصام أحد المحكوم لهم ينصرف إلى جميع المحكوم عليهم الماثلين في الطعن، وبالتالي يصبح الحكم الاستئنافي باتاً، أما إن كان لم يختصم باقي المحكوم عليهم، فإن محكمة النقض لا تكلف الطاعن باختصامهم، لأن مناط هذا الاختصام أن يكون الطعن قد استقام باختصام جميع المحكوم لهم، أما وقد أغفل اختصام أحد أو بعض هؤلاء، فإن الطعن يكون باطلاً لهذا السبب، فلا تكون ثمة فائدة من اختصام باقي المحكوم عليهم، وقد أصبح الحكم المطعون فيه باتاً بالنسبة لهؤلاء لعدم طعنهم فيه، وبالنسبة للطاعن بالقضاء ببطلان طعنه، وبذلك ينفذ الحكم على جميع المحكوم عليهم.

نقض الحكم أو بطلان الطعن بالنسبة لأحد المتضامنين :

التضامن في المسائل المدنية لا يفترض سواء كان بين المدينين أو الدائنين، ولذلك يجب أن ينص عليه صراحة في القانون أو في العقد، ولا يكون القانون مصدراً للتضامن إلا بالنسبة للمدينين كنص المواد (169) من القانون المدني بالنسبة للمسئولية التقصيرية و (192) للفضوليين و (651) للمهندس والمقاول في حالة تهدم البناء و (708)( للوكيل ونائبه و (712) للموكلين و (795) للكفلاء، فضلاً عن الاتفاق كمصدر آخر للتضامن بين المدينين. أما التضامن بين الدائنين، فليس القانون مصدراً له. وإنما الاتفاق هو مصدره الوحيد.

أما في المسائل التجارية، فإن التضامن يفترض بين المدينين، إذ تنص المادة (47) من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن يكون الملتزمون ما بدين تجاري متضامنين في هذا الدين ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك، وتسرى هذه القاعدة في حالة تعدد الكفلاء، ولا يترتب على إفتراض التضامن أو تقريره بنص أو اتفاق أن تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يطلبه الدائن صراحة.

فإن نشب نزاع تضامني على نحو ما تقدم، ولم يطلب الدائن إلزام المدينين على وجه التضامن، طلباً صريحاً جازماً، فليس للمحكمة أن تقضي بالتضامن حتى لو نوه الدائن في صحيفة إفتتاح الدعوى أو بمذكرته إلى أن إلتزام المدينين تضامنياً، إذ لا يرقى هذا التنويه إلى مصاف الطلب القضائي الذي يجب أن يكون صريحاً واضحاً يقرع سمع المحكمة.

وحينئذ تقضى المحكمة بإلزام المدينين دون أن تنص على التضامن، وفي هذه الحالة يكون الحكم صادراً في التزام غير تضامني، ويقسم الدين عند التنفيذ بالسوية بين المدينين أي بعدد رؤسهم، وإن استأنف أحدهم الحكم، فإن أثر الحكم الصادر في الاستئناف يكون محصوراً في المستأنف وحده، ولذلك لا تكلفه المحكمة باختصام باقي المحكوم لهم، وإذا طعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، فإن الطعن يكون قاصراً على من صدر ضده الحكم الاستئنافي، فإن كان هو الدين الذي استأنف الحكم، فلا تكلفه المحكمة باختصام باقي المدينين حتى لو كان قد اختصمهم في الاستئناف، وإن كان قد اختصمهم في صحيفة الطعن بالنقض، كان الطعن غير مقبول بالنسبة لهم بإعتبارهم خصوماً غير حقيقيين.

أما إذا طلب الدائن أمام محكمة الدرجة الأولى، إلزام المدينين على وجه التضامن، وأجابته المحكمة إلى هذا الطلب، فإن الحكم يكون صادراً في إلتزام تضامني، بحيث إذا استأنف الحكم أحد المحكوم عليهم، وجب على محكمة الاستئناف أن تكلفة باختصام باقي المحكوم عليهم، وإذا طعن بالنقض من أحد المحكوم عليهم، وجب على محكمة النقض أن تكلف الطاعن باختصام باقي المحكوم عليهم، فإذا نقض الحكم استفاد جميع المحكوم عليهم، وإذا قضى ببطلان الطعن، أصبح الحكم المطعون فيه باتاً بالنسبة لهم جميعاً.

أما إذا رفع المحكوم عليهم أو أحدهم طعناً بالنقض، ولم تتضمن صحيفة الطعن أحد المحكوم لهم، فإن الطعن يكون باطلاً، إذ ينحصر قرار محكمة النقض في اختصام من أغفله الطاعن من المحكوم عليهم دون المحكوم لهم .

نقض الحكم أو بطلان الطعن عند وجوب اختصام أشخاص معينين:

إذا أوجب القانون اختصام أشخاص معينين في الدعوى، فإن الدعوى لا تستقيم إلا باختصامهم جميعاً حتى يكون الحكم حجة عليهم، فإذا صدر الحكم من محكمة الدرجة الأولى وطعن فيه أحد المحكوم عليهم، دون أن يختصم جميع من أوجب القانون اختصامهم، تعين على محكمة الاستئناف أن تكلف المستأنف باختصامهم حتى يكون الحكم حجة لهم أو عليهم، وإذا طعن بالنقض أحد المحكوم عليهم في الاستئناف ولم يكن قد اختصم هؤلاء - متی کانوا محكوماً عليهم فيه - في صحيفة الطعن، كلفته المحكمة باختصامهم، ومتى تم ذلك، فإن الحكم يكون حجة لهم إذا قضى بنقض الحكم المطعون فيه، وحجة عليهم إذا قضى برفض الطعن أو بطلانه.

كما يوجب القانون اختصام جميع الورثة في دعوى الإرث، والبائع والمشتري والمسترد في دعوى استرداد الحصة المبيعة.

عدم اختصام من أمرت المحكمة باختصامه:

تناولنا فيما تقدم بصدد المادة (218) من قانون المرافعات الخلف الذي ساد قضاء محكمة النقض في عدم اختصام من كان يجب اختصامه في الطعن، إلا أن هذا القضاء قد استقر على أن الطعن یكون غير مقبول إذا لم ينفذ الطاعن القرار الصادر من المحكمة باختصام من أمرت باختصامه في الموضوعات التي تضمنتها تلك المادة.  

نقض الحكم أو بطلان الطعن عند إتحاد المركز القانوني للخصوم:

إذا اتحد خصمان في المركز القانوني، بمعنى أن يكون مصدر التزامهما واحداً، فإنه يترتب على ذلك أن القضاء ببطلان هذا المصدر بالنسبة لأحدهما يستتبع بطلانه بالنسبة للآخر طالما لم يؤسس البطلان على أسباب شخصية وإنما لأسباب تتعلق بذات المصدر فإذا قضى بإلزامهما بالدين، وطعن أحدهما فقط مختصماً المحكوم له وباقي الخصوم، فإن الحكم الذي تصدره محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه، يستتبع نقضه كذلك بالنسبة للمطعون عليه الذي اتحد مع الطاعن في المركز القانوني، إذ لا يستقيم عقلاً نقض الحكم بالنسبة للطاعن وبقاؤه بالنسبة لمن كان يتحد معه في مركزه القانوني.

فصاحب الشركة الذي يتعاقد مع أحد العمال للعمل بها، ثم تفرض عليها الحراسة بعد ذلك، فيرفع العامل دعوى مطالبة بفروق مالية ادعى استحقاقه لها منذ إبرام العقد حتى تاريخ رفع الدعوى، واختصم صاحب الشركة والحارس، فإن الأخيرين يتحدان في المركز القانوني باعتبارهما المسئولين عن هذه الفروق، فإذا صدر الحكم بالزامهما بها، وطعن فيه الحارس بالنقض مختصماً العامل وصاحب الشركة الذي لم يطعن في الحكم، فإن نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للحارس يستتبع نقضه بالنسبة لصاحب الشركة رغم عدم طعنه في الحكم، فإن لم يكن الأخير قد اختصم في صحيفة الطعن بالنقض، فلا يفيد من نقض الحكم إلا الحارس عملاً بالأثر النسبي للأحكام، إذ لا يجوز للمحكمة النقض أن تكلف الحارس الطاعن باختصام صاحب الشركة لأن الدعوى المرددة قابلة للتجزئة والإنقسام بحسب طبيعة المحل وهو الفروق المالية.

وفي هذه الحالة تقسم هذه الفروق بحسب المدة المطالب بها بالنسبة لكل من الحارس وصاحب الشركة، وإذ أصبح الحكم الصادر ضد الأخير لعدم الطعن فيه، فينفذ ضده بمقدار المستحق عليه من تلك الفروق، إذ لم يوجد تضامن ولم يتطلب القانون اختصام الاثنين معاً .

رقابة محكمة النقض للتكييف:

أوضحنا فيما تقدم أن محكمة الموضوع إذا خلصت في حكم الإثبات إلى تكييف العقد الذي تنازع الخصوم في شأنه، فإن هذا القضاء لا يجوز الطعن فيه إلا بعد صدور الحكم الذي أنهى الخصومة كلها، وطالما خلصت المحكمة إلى تكييف العقد، فإنها بذلك تكون قد حددت النص القانوني الذي ينتظم هذا العقد، وبالتالي يرتبط التكييف بتطبيق القانون وهو ما يخضع لرقابة محكمة النقض ولها التصدي له ولو لم يسبق إثارة مسألة التكييف أمام محكمة الموضوع طالما كانت العناصر الواقعية اللازمة لذلك مطروحة على محكمة الموضوع، باعتبار السبب المتعلق بالتكييف سبب قانوني يخالطه واقع يجوز لمحكمة النقض التصدي له من تلقاء نفسها طالما كان الواقع الذي يتطلبه التكييف مطروحاً على محكمة الموضوع أو تناوله الحكم المطعون فيه في أسبابه، وكل تكييف تتصدى له محكمة الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض باعتباره من مسائل القانون، لأن محكمة الموضوع تسعى من ورائه إلى تحديد نص القانون المنطبق على المسألة التي تناولتها بالتكييف، فقد يرد التكييف على سلوك شخص معين للتعرف على ما إذا كان يتفق مع السلوك المألوف للشخص العادي فيكون مباحاً لا تتحقق به أركان المسئولية، أم لا يتفق مع هذا السلوك فيتوافر به الخطأ العقدي أو التقصيري، وبهذا التكييف تكون المحكمة قد حددت ما إذا كان المدعى عليه مسئولاً أم غير مسئول، فإن إعتبرته مسئولاً، حددت النصوص القانونية التي تتفق مع طبيعة هذه المسئولية، فإن أخطأت في التكييف جرها ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون، ويكون الحكم الذي تصدره تبعاً لذلك أساسه التكييف الذي خلصت إليه.

وقد يتعلق التكييف بطلبات الخصوم، لتحديد ما إذا تضمنت تصدياً للموضوع فيسقط الحق في إبداء الدفوع الشكلية، أم لم تمتد إلى ذلك فتقبل هذه الدفوع، عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة (108) من قانون المرافعات.

والتكييف الذي يخضع لرقابة محكمة النقض والذي يجوز النعى على الحكم المطعون فيه للخطأ فيه، هو الذي تقيم عليه قضاءها، كما لو كیفت العقد بأنه عقد بيع وقضت تبعاً لذلك بصحته ونفاذه بينما التكييف الصحيح له أنه وصية لا ينفذ إلا في حدود ثلث التركة طالما لم يجزه الورثة. أما إن تصدت محكمة الموضوع للتكييف، إلا أنها لم تستند إليه في قضائها، فإن النعي لهذا السبب يكون غير مقبول إذ لا محل له من الحكم، وأيضا إذا أخطأت المحكمة في التكييف ولكنها خلصت إلى النتيجة الصحيحة في قضائها، فإن هذا الخطأ لا يؤدي إلى نقض الحكم، إذ تقوم محكمة النقض بإعطاء الوقائع كيفها الصحيح الذي يتفق مع القانون، وهو حق مقرر لها باعتبار أن التكييف من مسائل القانون ولها التصدي له مادامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع من هذه الوقائع التي كانت مطروحة عليها، وتعتبر الأسباب التي أقامتها محكمة النقض في هذا الخصوص أسباباً قانونية تنطبق على تلك الوقائع التي تمثل الواقع.

عجز محكمة النقض عن التصدي للطعن بحالته :

عجز محكمة النقض قد يرجع إلى صياغة الأسباب التي تضمنتها صحيفة الطعن بالنقض، بأن تكون صياغتها مبهمة مجهلة لا يبين المراد منها، فلا تقبلها محكمة النقض. "

وقد تعجز محكمة النقض عن تطبيق القانون على الحكم المطعون فيه عندما يكون السند الذي إستند إليه في قضائه مبهماً غير واضح يعجز محكمة النقض عن التصدي له للفصل في الطعن وفي هذه الحالة لا يكون أمامها إلا نقض الحكم.

فإذا قضت المحكمة بمبلغ إجمالي باعتباره أصل الدين وفوائده حتى صدور الحكم، دون أن تبين مقدار أصل الدين على إستقلال ومقدار الفوائد ونسبتها حتى تتحقق محكمة النقض من أن الدائن لم يحتسب فوائد مركبة، وهو ما يتعلق بالنظام العام ويعتبر مطروحاً على محكمة النقض، فإن قصور وإبهام أسباب الحكم يعجز محكمة النقض عن التصدي لهذه المسألة.

ما يعترض سير الخصومة في الطعن بالنقض إنقطاع سير الخصومة في الطعن بالنقض:

تنص الفقرة الثالثة من المادة (256) من قانون المرافعات على أن يقوم قلم المحضرين بإعلان صحيفة الطعن خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه - من قلم الكتاب - ولا يترتب على عدم مراعاة هذا الميعاد بطلان إعلان صحيفة الطعن، ثم حددت المادة (258) منه مواعيد تقديم المذكرات، وبانقضاء هذه المواعيد يكون الطعن قد تهيأ للفصل فيه. ولما كانت مواعيد تقديم المذكرات تنفتح بإعلان المطعون عليه بصحيفة الطعن، ومن ثم يجب أن يكون إعلانه متفقاً والإجراءات التي يتطلبها القانون، فإذا ما خولفت ولم تتحقق الغاية من الإعلان وقع باطلاً فلا تنفتح به تلك المواعيد كما أن الخصومة أمام محكمة النقض لا تكون قد انعقدت لما هو مقرر قانونا من أن هذه الخصومة لا تنعقد إلا بإعلان صحيفة الطعن. ويكون الطعن في هذه الحالة غير مهيأ للحكم فيه، فإذا تحقق في ذلك الوقت سبب من أسباب الانقطاع، انقطع سير الخصومة في الطعن بالنقض متى ثبت ذلك لقلم الكتاب، كما لو ارتد الإعلان لعدم إتمامه وتضمن وفاة المطعون عليه، وفي هذه الحالة لا يجوز إتخاذ أي إجراء في الطعن إلا بعد اختصام ورثة المطعون عليه.

فإن وقع إعلان صحيفة الطعن باطلاً، لكن تحققت الغاية من الإعلان بأن أودع المطعون ضده مذكرة بالرد على أسباب الطعن، فلا تكون له مصلحة من بعد في التمسك بالبطلان.

ومع ذلك، إن تصدت محكمة النقض للطعن دون أن تكون الخصومة قد انعقدت فيه، فلا يجوز النعي على قضائها، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه ببند «انعقاد الخصومة في الطعن بالنقض» فيما تقدم.

ومتى انقضت مواعيد المذكرات، أصبح الطعن مهيأ للحكم في موضوعه، فلا تنقطع الخصومة فيه إذا توافرت إحدى حالات الإنقطاع ولكن . إذا كلفت المحكمة الخصوم بتقديم مذكرات تكميلية، فإن الطعن لا يكون مهيأ للحكم في موضوعه إلا بعد تنفيذ هذا القرار وخلال المدة التي تحددت به، ومن ثم إذا توافرت إحدى حالات الإنقطاع قبل إتمام تبادل المذكرات، وأحيطت المحكمة علماً بذلك انقطع سير الخصومة، فإن كان الخصوم قد تبادلوا المذكرات فلا ينقطع سير الخصومة حتى لو كان الأجل الذي حددته المحكمة لذلك لم ينقض بعد، وإذا إنقضى دون تقديمها ثم تحققت إحدى حالات الإنقطاع فلا تنقطع الخصومة ويكون للمحكمة الفصل في الطعن بحالته، ولن حل محل الخصم الذي تحققت في شأنه تلك الحالة الحضور أمام المحكمة وطلب قبول حلوله.

وإذا تبين لمحكمة النقض بطلان إعلان المطعون عليه أو أنه لم يعلن. كلفت قلم الكتاب إعادة إعلانه، وحينئذ لا يكون الطعن قد تهيأ للحكم، فإن تحقق سبب من أسباب الانقطاع، وطرح على المحكمة، كما لو ارتد الإعلان دون إتمامه بسبب وفاة المطعون عليه، كلفت المحكمة الطاعن باختصام ورثة المطعون عليه .

ترك الخصومة في الطعن بالنقض:

متى قدم الطلب القضائي للمحكمة، سواء تمثل في دعوى أو طعن، جاز لمقدمه أن يتركه ليعود وخصمه إلى ذات المركز القانوني الذي كان لكل منهما قبل تقديم هذا الطلب ما لم يكن قد تأثر بانقضاء الوقت، وحينئذ تختلف المراكز القانونية، فإن كان ميعاد الطعن قد انقضى عند ترك الطعن، حال ذلك دون رفع طعن جديد، وإذا كانت مدة التقادم قد إكتنفت عند ترك الخصومة، تعرضت الدعوى الجديدة للدفع بالتقادم، وبذلك لا يعود التارك الذات المركز القانوني الذي كان له قبل الترك.

ويخضع ترك الطعن بالنقض لذات القواعد المتعلقة بترك الخصومة، فيتم الترك بإعلان على يد محضر أو ببيان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو وكيله أو إبداء الترك شفوياً في الجلسة، وإثباته في محضرها، أو إذا تضمنه إقرار صادر من الطاعن أو صلح موثق بتنازله عن الطعن بالنقض مع بيان رقمه وترك الخصومة فيه، ولم يتطلب القانون شكلاً أو طريقاً معيناً لتقديم دليل الترك، وتقبل المحكمة الترك طالما لم يقترن بتحفظات وكان ميعاد الطعن قد انقضى دون أن تعتد باعتراض المطعون عليه لانتفاء مصلحته في الاعتراض، فإن كان قد أودع مذكرته رداً على صحيفة الطعن وضمنها أوجه دفاعه وتمسك بالفصل في الطعن وكانت له مصلحة في ذلك لا تتحقق بإثبات الترك، تعين عدم قبول الترك، أما إن كانت تلك المصلحة تتحقق بإثبات الترك، فلا تعتد المحكمة باعتراضه، ويشترط للتصدي للاعتراض أن يكون المطعون عليه قد قدم مذكرة في الميعاد حتى يجوز له إنابة محام في الجلسة، فإذا قدم طلب الترك قبل تحديدها وبعد تبادل المذكرات، جاز تقديم مذكرة الاعتراض بعد ذلك أو في الجلسة شفاهة. وإن لم يمثل المطعون ضده. كما يجوز تقديم الإقرار أو الصلح الموثق ولو لم يحضر الطاعن بشرط أن يكون وكيل المطعون عليه له حق الحضور، فإذا قبلت المحكمة ترك الخصومة، ألزمت التارك المصاريف، دون أتعاب المحاماة، ذلك أن المادة (143) من قانون المرافعات نصت على وجوب الحكم على التارك بالمصاريف، بينما اشترطت المادة (187) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 أن يخسر المدعى ومن في حكمه کالطاعن الدعوى أو الطعن، ولا يتحقق ذلك بترك الطاعن لطعنه، إذ يرجع بذلك إلى المركز القانوني الذي كان عليه قبل رفع الطعن .

ويجب أن يقدم طلب الترك من الطاعن بصفته التي إستند إليها في رفع الطعن وإلا وجب الإلتفات عنه والتصدي للطعن، فالحكم الذي يصدر ضد ناقص الأهلية إبتدائياً وإستئنافياً دون اختصام وليه أو وصيه، لا يجوز الطعن فيه بالنقض من الولي أو الوصي وإلا كان غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة، ويكون الطلب المقدم من ناقص الأهلية بترك الطعن، قد ورد على غير محل طالما أنه لم يقم برفعه حتى يقبل تنازله عنه (راجع: نقض 2000/11/27 بند «التوكيل الصادر من الولي أو الوصي» فيما تقدم) وانظر في مناط التمسك بقصر الطاعن : نقض 1953/2/7 بند «إنابة محام فى الجلسة ومرافعته شفاهة»، فيما يلي.

فترك الطعن بالنقض لا يرد إلا على طعن استوفى الشروط اللازمة لجوازه حتى يرد الترك على محل، فإن كان الطعن غير جائز كما لو كان الحكم المطعون فيه لا يجوز الطعن فيه بالنقض لأي سبب من الأسباب، فإن طلب الترك يكون قد جاء على غير محل، وتقضي المحكمة بعدم جواز الطعن.

ترك الخصومة في موضوع غير قابل للتجزئة:

إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها، فإن الطعن بالنقض يجب أن يختصم فيه جميع المحكوم لهم والمحكوم عليهم، فإن أغفل الطاعن اختصام أحد المحكوم لهم، كان الطعن باطلاً وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبوله. أما إذا تعلق الإغفال بأحد المحكوم عليهم أو بعضهم، كلفت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، فإن قعد الطاعن عن تنفيذ قرار المحكمة، قضت بعدم قبول الطعن.

ومتی اختصم الطاعن باقي المحكوم عليهم، ولو بعد إنقضاء ميعاد الطعن، أصبح هؤلاء طاعنين منضمين إليه في طلباته، وطالما استقام الطعن بهذا الاختصام، فإنه بذلك يماثل الطعن المرفوع من جميع المحكوم عليهم في أي من الحالات سالفة البيان.

وإذ يمتنع على الطاعن إغفال أحد من المحكوم عليهم وإلا كلفته المحكمة باختصامه، فمن باب أولى يمتنع على أي من الطاعنين أن يترك الطعن منفردا وإلا كان طلبه غير مقبول، بحيث إذا قدم أحد الطاعنين طلباً بترك الطعن خلال فترة إعداد الطعن في قلم الكتاب، ثم توفي قبل نظر الطعن، تعين على المحكمة أن تكلف الطاعن الآخر باختصام ورثته، إذ لا يعتد بطلب الترك المقدم من مورثهم ويظل الطعن قائماً، وطالما حدثت الوفاة خلال فترة إعداد الطعن في قلم الكتاب، فإن الخصومة فيه تنقطع ويجب الاستئناف سيرها . اختصام ورثة من تحقق في شأنه سبب من أسباب الإنقطاع، أما إن كانت الوفاة حدثت بعد المواعيد المقررة للمذكرات، فإنها تكون قد حدثت بعد أن تهيأ الطعن للحكم فيه، وبالتالي لا ينقطع سير الخصومة فيه، ويلتفت عن طلب ترك الطعن المقدم من أحد الطاعنين حتى لو كان مقدما قبل وفاة مقدمه.

عدم سقوط الخصومة في الطعن بالنقض:

تبدأ الخصومة في الطعن بالنقض بإيداع صحيفته قلم الكتاب، ثم يتولى . هذا القلم تحضيره، بتقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين ليتولى إعلانها للمطعون عليه، ثم قبول مستندات الأخير ومذكرته المتضمنة الرد على أسباب الطعن إذا قدمت إليه خلال الميعاد المحدد لذلك، وقبول مذكرة الطاعن تعقيباً على مذكرة المطعون عليه متى قدمت كذلك خلال الميعاد المقرر، ثم قبول مذكرة المطعون عليه رداً على هذا التعقيب إذا قدمت في الميعاد المقرر.

وبانقضاء هذه المواعيد، يكون الطعن قد تهيأ للحكم في موضوعه سواء قدمت هذه المذكرة أو لم تقدم، فإذا قدمت في مواعيدها قبلها قلم الكتاب أما إذا قدمت بعد انقضائها امتنع عليه قبولها وحينئذ يحرر محضراً يثبت فيه تاريخ : تقديمها واسم من قدمها وصفته وسبب عدم قبولها. ويظل الطعن موداً قلم الكتاب حتى يحل دوره أمام نيابة النقض. فيرسله إليها لتودع مذكرة بأقوالها، ومتى فرغت من ذلك ردته لقلم الكتاب لعرضه على رئيس الدائرة المختصة التعيين المستشار المقرر ليقوم بدوره بعرضه على الدائرة منعقدة في غرفة مشورة، فإذا رأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره.

وتنعقد الخصومة في الطعن بالنقض وتتم المواجهة بين الطاعن والمطعون عليه بإعلان الصحيفة وبهذا الإعلان تنفتح مواعيد المذكرات، والأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء، فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق، وأنه على الخصم أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو فقد للأهلية أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم، فإذا تحقق أي من هذه الأسباب في المطعون عليه قبل رفع الطعن، فإن الخصومة في الطعن لا تنعقد وإنما يتوافر العذر لدى الطاعن مما يترتب عليه وقف سريان الميعاد في الفترة التي تبدأ من تاريخ رفع الطعن ضد المتوفي ومن في حكمه إلى وقت العلم بهذه الوفاة وغالبا ما يكون بقيام قلم الكتاب بإخطار الطاعن بذلك، وحينئذ يتعين عليه رفع طعنه من جديد ضد الورثة أو من في حكمهم، فلا يكفي إعلان الورثة ومن في حكمهم وإلا ظل الطعن معدوماً.

أما إذا رفع الطعن، وتوفي المطعون عليه قبل إعلانه، وعلم قلم الكتاب و بذلك بموجب إخطاره من الطاعن، تعين عليه إعلان الصحيفة لورثته، كما يتعين عليه ذلك إذا ردت إليه الصحيفة بدون إعلان لوفاة المطعون عليه، فقد إستقام الطعن لرفعه قبل وفاة المطعون عليه.

فإن توفي الطاعن قبل إعلان الطعن، حل ورثته محله في توجيه الإعلان امتی نبهوا قلم الكتاب إلى ذلك، وحينئذ يتبادلون المذكرات مع المطعون عليه، أما إن لم ينبهوا إلى ذلك، وتقدم المطعون عليه بمذكرة ردا على أسباب الطعن امتنع على قلم الكتاب قبول مذكرة للورثة لانتفاء صفتهم إذ لا يثبت لهم هذا الحق إلا عندما يوجه الإعلان منهم للمطعون عليه، كما لا يجوز لهم أن ينيبوا عنهم محامياً بالجلسة إذ لم يمثلوا في الطعن، ويمتنع على محامي المتوفى الحضور في الجلسة لانقضاء وكالته بوفاة الموكل، وإنما يجوز للورثة أن يطلبوا في الجلسة حلولهم محل مورثهم وحينئذ تقبل المحكمة هذا الحلول.

وإذا توفي الطاعن أو المطعون عليه بعد إعلان الطعن وفي خلال مواعيد المذكرات، حل ورثة كل منهما محل مورثهم والتزموا بتقديم المذكرة التي كانت مقررة لمورثهم في خلال الميعاد الخاص به وإلا سقط حقهم في تقديمها، ذلك لأن مواعيد المذكرات في الطعن بالنقض من مواعيد السقوط فلا يرد عليها وقف أو انقطاع، ويتعين على الورثة تقديم المذكرة لقلم الكتاب مرفقا بها حافظة مودعاً بها إعلام الوراثة وشهادة الوفاة والتوكيل الصادر منهم لمحا مقبول.

فإن تحقق سبب الانقطاع أثناء نظر الطعن، فلا تنقطع الخصومة فيه فقد تهيأ للحكم في موضوعه إنما يجوز للورثة ومن في حكمهم أن يمثلوا أمام المحكمة ويطلبون حلولهم محل مورثهم، وقد تنقطع أثناء نظر الطعن إذا كلفت المحكمة للخصوم بتقديم مذكرات تكميلية.

ويبين مما تقدم أن مباشرة الطاعن للطعن تقتصر على رفعه بإيداع صحيفته ثم يتولى قلم الكتاب بعد ذلك تحضيره، فإن وقف السير فيه أثناء ذلك، فلا يكون بفعل الطاعن أو إمتناعه مما يحول دون طلب سقوط الخصومة فيه. (أنظر : نقض 1965/10/26 بند «وقف ميعاد الطعن» ؛ وقارن أبو الوفا في الدفوع بند 290 ويرى أنه من المتصور أن ينقطع سير الخصومة أثناء تحضير الطعن في قلم الكتاب، وعندئذ قد يقف سير الخصومة المدة المسقطة لها). (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الثامن، الصفحة : 642)

رئيس الدائرة التي تنظر الطعن هو الذي يحدد موعد نظر الطعن ويقوم قلم الكتاب من تلقاء نفسه بإعلان الخصوم بالجلسة قبل الموعد المحدد له بخمسة عشر يوماً على الأقل وذلك بكتاب موصي عليه فضلاً عن تعليق الرول المدرج به القضية. ويجب علي المحكمة أن تتحقق من أن الخطاب الموصي عليه قد أرسل ولا يكفي في ذلك تأشيرة قلم الكتاب بإرسال الخطاب، ذلك أنه وإن كانت المحكمة تقضي في الطعن بغير حضور الخصوم إلا أنه قد يترتب على نقض الحكم والإحالة نتائج مهمة بالنسبة للخصم الذي قضى الحكم لصالحه لأن المحكمة المحال إليها الدعوى لا تقضي فيها من جديد إلا بناء على طلب الخصوم وفقاً النص المادة 269.

وفي تقديرنا أنه لا يترتب البطلان علي عدم إرسال الخطاب الموصي عليه إلا أن سقوط الخصومة لا يبدأ أمام المحكمة الاستئنافية - التي أحيل إليها الطعن بعد نقض الحكم إلا من تاريخ أن يعلم بحكم النقض من حكم لصالحه فيه. ومما هو جدير بالذكر أنه إذا أتفق أطراف الخصومة علي نقض الحكم المطعون فيه فإن هذا الإتفاق لا يقيد محكمة النقض ومن ثم فإن لها أن تقضي برفض الطعن رغم هذا الإتفاق .

غير أنه ومن ناحية أخرى إذا اتفق الخصوم على إنهاء النزاع صلحاً أمام محكمة النقض التي تعين عليها إثبات هذا الصلح ما لم يكن مخالفاً للنظام العام على النحو الذي وضحناه في المادة 103 مرافعات .

كما يجوز للطاعن ترك الخصومة في الطعن أو التنازل عنه ويكون بإبدائه شفاهة بالجلسة إذا كان توكيل المحامي الحاضر عن الطاعن بيجيز له ذلك وإما بإقرار كتابي صادر من الطاعن ومصدق على توقيعه عليه .

ويتعين على المحكمة قبول الترك، بمجرد حصوله دون توقف على قبول الخصم الآخر في حالتين أولاهما إذا اتفق طرفاً الخصومة على ذلك وثانيهما أن يكون قد تم بعد انقضاء مواعيد الطعن إذ يتضمن في هذه الحالة نزول الطاعن عن حقه في الطعن وهو ما يتحقق أثره بمجرد حصوله بغير حلبية إلي قبول الخصم الآخر.

ويجوز للمحكوم عليه وفقاً للمادة 218 مرافعات عند ترك الخصومة في الطعن المرفوع منه أن يعود وينضم إلي أحد زملائه في الطعن المرفوع منه متى كان الحكم المطعون فيه صادراً في إحدى الحالات الثلاثة المنصوص عليها في المادة المذكورة.

ولا تسري أحكام إنقضاء الخصومة (أي سقوطها) على الطعن بالنقض حيث أن الفقرة الثالثة من المادة 140 مرافعات قد استثنته من تطبيق أحكام القضاء الخصومة وقد فصلنا هذا الأمر في البحث الختامي الذي أوردناه في نهاية المادة 273.

هل يجوز الطعن بالتزوير أمام محكمة النقض ؟

كمبدأ عام لا يجوز أمام محكمة النقض الطعن بالتزوير على أحد أوراق الدعوى لأن ذلك يعد سبباً جديداً إلا أنه يرد على هذا المبدأ بعض استثناءات تقتضيها مرحلة النقض وهي الإدعاء بالتزوير الحكم المطعون فيه ومحضر الجلسة الأخيرة التي حجزت فيها الدعوى للحكم متى كان الفصل في الطعن يتوقف على الفصل في الإدعاء بتزوير هما إذ ما كان الطاعن يستطيع أن يطعن عليهما بالتزوير أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون عليه بالنقض، وقياساً على ذلك يجوز الطعن بالتزوير على المستندات التي تقدم من الخصوم لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان جائزاً تقديمها وكان الفصل في أمر صحتها أو تزويرها لازماً الفصل في الطعن . (كمال عبد العزيز في مرافعاته الجزء الأول ص 1981).

هل يجوز الطعن بالإنكار أمام محكمة النقض :

كمبدأ عام لا يجوز الطعن بالإنكار أمام محكمة النقض علي أحد أوراق الدعوي لأن ذلك يعد سبباً جديداً، إلا أنه يرد على هذا المبدأ بعض استثناءات تقتضيها .. مرحلة النقض بأن يكون الطعن لازما في أمر يرتبط بالطعن بالنقض وحاسماً له مثال ذلك أن يتقدم المطعون ضده بإقرار منسوب للطاعن يتضمن تركه الخصومة في الطعن بالنقض فيطعن الطاعن بالنقض على هذا الإقرار بالإنكار فهذا الإنكار جانز لأنه لازم للفصل في أمر الطعن بالنقض فهنا يتعين على محكمة النقض أن تقبله وتحققه وتقضي فيه.

صدور الحكم المطعون فيه صحيحاً وفقاً للقانون الساري وأثر صدور قانون مخالف بعد ذلك :

اختلف الفقه في حالة ما إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحاً وفقاً للقانون القائم وقت صدور، غير أنه صدر قانون جديد بعد صدوره أثناء نظر الطعن فذهب الرأي الأول إلي جواز بناء الطعن على مخالفة الحكم لهذا القانون الجديد كما لو صدر بعد صدور الحكم قانون تفسيري أو قانون له أثر رجعي وحجته في ذلك أن مهمة محكمة النقض ليست البحث عن خطأ منسوب للقاضي بقدر ما هي البحث عن مخالفة موضوعية للقانون (فتحي والى في الوسيط في قانون القضاء المدني بند 383 وأحمد الصاوي في الأسباب الجديدة أمام محكمة النقض بند 41 ) ونادي الرأي الآخر بأن العبرة هي بالقون الساري وقت صدور الحكم المطعون فيه لأن مهمة محكمة النقض هي محاكمة الحكم المطعون فيه ومراقبة مدى تطبيقه للقانون . (النقض المدني الدكتور مصطفى كيره بند 274)

وبالنسبة لمحكمة النقض فلم يعرض عليها إلا الحالة التي يكون فيها الحكم وقد خالف القانون الساري وقت صدوره ثم صدر أثناء نظر الطعن قانون تعلق أحكام بالنظام العام يتفق مع ما قضي به الحكم المطعون فيه فقضت بعدم قبول الطعن لانتفاء المصلحة إستناداً إلى أن نقض الحكم لا يحق للطاعن سوى مصلحة نظرية ما دام أن محكمة الاستئناف عند إحالة الدعوى إليها بعد نقض الحكم ستلتزم نفس الرأي إعمالاً للقانون الجديد ومن ثم لا يمكن أن يتسلمها المحكمة النقض أنها وضعت مبدأ عامة في الخلاف المتقدم لأن كل ما تعرضت له هو جزئية خاصة لصدور تشريع جديد يتعلق بالنظام العام قبل الفصل في الطعن ولم تناقش ما إذا كان يجوز تأسيس الطعن على مخالفة الحكم للقانون الجديد أم لا وإنما عالجت الأمر من ناحية أخرى هي أن الطعن يصبح غير مقبول بعد أن أضحي غير منتج.

وفي تقديرنا أن الرأي الثاني هو الصحيح ذلك أنه فيما عدا الجزئية التي حسمتها محكمة النقض فلا يصح القول بتأسيس طعن على صدور قانون كان في عالم الغيب وقت صدور الحكم المطعون فيه لأن مهمة محكمة النقض محصورة في التصدي للعيوب التي تردي فيها الحكم المطعون فيه ولا شك في أن عدم تطبيق قانون لم يكن له وجود ليس عيبا في الحكم يضاف إلى ذلك أن الطعن بالنقض طريق إستثنائي وأن الحكم يعتبر نهائياً بمجرد صدوره من محكمة الدرجة الثانية وبالتالي فإن تطبيق محكمة النقض لقانون جديد يعتبر إخلالاً بالمبادئ العامة المقررة في الطعن بالنقض.

أثر صدور حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في قانون معين يحكم الدعوى المنظورة أمام محاكم النقض :

تعرضنا لهذا الموضوع في التعليق على المادة 253 فيرجع إلي البحث في موضوعه .

سلطة محكمة النقض في تصحيح الحكم المطعون فيه :

وإذا كان لمحكمة النقض تصويب ما قد يشتمل عليه الحكم المطعون فيه من أخطاء دون حاجة إلي نقضه إلا أن سلطتها في ذلك مقيدة بأن يقتصر الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم على ما يتعلق بالقانون دون الواقع وذلك إلتزاماً منها بمهمتها الأساسية كمحكمة قانون، أما إذا كان الخطأ قد وقع في الواقع في الدعوي فإنه يشترط لتصدي محكمة النقض لتصحيحه أن تقضي أو بنقض الحكم المطعون فيه ثم تتصدى للفصل في الموضوع عملاً بالمادة 269 مرافعات. (مرافعات كمال عبد العزيز طبعة سنة 1995 الجزء الأول ص 1860). (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السادس،  الصفحة : 1082)

نظر الطعن بالنقض بغير مرافعة بعد تلاوة المستشار المقرر تقريره :

تبدأ محكمة النقض نظر الطعن بالإستماع إلى التقرير الذي أعده المستشار المقرر يلخص فيه أسباب الطعن المقدمة من الطاعن، ورد المطعون ضده على هذه الأسباب، كما بحصر نقاط الخلاف بين الخصوم وليس للمستشار المقرر إبداء رأي في هذا الشأن. وطبقاً للمادة 265 مرافعات - محل التعليق - فإن الأصل أن تنظر المحكمة الطعن بغیر سماع مرافعة شفوية إكتفاء بما قدم من مذكرات ورد عليها، ولكن أحياناً وفقاً المادة 266 مرافعات قد ترى المحكمة ضرورة هذه المرافعة، وعندئذ فإن للخصوم بالمرافعة الشفوية.

ويلاحظ أنه لا تتقيد محكمة النقض بما طلبه الطاعن من الفصل في موضوع الدعوى دون إحالتها إلى محكمة الاستئناف إذ يرجع ذلك إلى تقديرها. (نقض 28/ 3/ 1950  طعن 1 لسنة 25 قضائية سنة 7 ص 390، نقض 28/ 11/ 1982 - طعن 157 سنة 48 قضائية).

كما لا تتقيد محكمة النقض بإتفاق الخصوم على نقض الحكم المطعون فيه فيكون لها رفض الطعن رغم هذا الإتفاق. (نقض 10/ 12 / 1932 - طعن رقم 34 لسنة 1 قضائية ورقم 2 سنة 2 قضائية - مجموعة الخمسين عاماً المجلد الرابع بند 1280 ص 4714).

مدى جواز الإدعاء أمام محكمة النقض بتزوير إحدى أوراق الدعوى أو الحكم المطعون فيه أو محضر الجلسة الأخيرة التي حجزت فيها الدعوى للحكم أو بتزوير المستندات التي تقدم من الخصوم لأول مرة أمام محكمة النقض:

الأصل أنه لا يجوز الإدعاء أمام محكمة النقض بتزوير إحدى أوراق الدعوى إذ يعتبر ذلك سبباً جديداً، ولكن يستثنى من ذلك الادعاء بتزوير الحكم المطعون فيه أو محضر الجلسة الأخيرة الذي حجزت فيها الدعوى للحكم متى كان الفصل في الطعن يتوقف على الفصل في الادعاء بتزويرهما، (نقض 11/ 1/ 1990، طعن 544 سنة 54 قضائية، نقض 26/ 11/ 1987 - طعن 902 لسنة 53 قضائية، نقض 29/ 4/ 1982 - طعن 926 لسنة 46 قضائية - سنة 23 ص 459)، وقياساً على ذلك يجوز الطعن بالتزوير في المستندات التي تقدم من الخصوم لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان جائزاً تقديمها، وكان الفصل في أمر صجتها أو تزويرها لازماً للفصل في الطعن. (كمال عبد العزيز - ص 1981 وص 1982). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : الخامس، الصفحة :  625)