الأخذ بنظام قاضي التنفيذ:
رأی المشروع تأكيداً لإشراف القضاء على إجراءات التنفيذ في كل مرحلة من مراحلها وجمعاً لشتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ أن يستحدث نظام قاض للتنفيذ يندب في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية مادة 274 من المشروع) وجعله يختص دون غيره بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ أياً كانت قيمتها وسواء كانت بين الخصوم ام من الغير وسواء كانت منازعات موضوعية أو وقتية في صورة دعاوی أو اعتراضات أو إشکالات وجعل له سلطة قاضي الأمور المستعجلة في المنازعات الوقتية كما جعل له سلطة إصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ (مادة 275 من المشروع) وتمكيناً الاشراف على اجراءات التنفيذ ومتابعتها نص المشروع على إنشاء ملف لكل طلب تنفيذ ولو لم تثر بشأنه منازعة ترفق به كل الأوراق المتعلقة بالتنفيذ وأوجب عرضه على قاضي التنفيذ عقب كل إجراء ليأمر بما يراه في شأنه (المادة 278 من المشروع) .
وبالنسبة إلى إختصاص قاضي الأمور المستعجلة حذف المشروع الفقرة الأولى من المادة 49 من القانون القائم بعد أن أتجه الى جعل .
نظر جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ من إختصاص قاضي التنفيذ دون غيره (المادتان 45 ، 275 ) .
استحدث المشروع نظاماً خاصاً لقاضي التنفيذ يلائم البيئة المصرية ونظامها القضائي تفادى فيه ما يمكن أن يوجه للنظم التي استعرضها في كثير من التشريعات العراقي واللبناني والايطالي من عيب ومما يمكن أن تثيره صعوبات العمل ويهدف نظام قاضي التنفيذ الذي استحدثه المشروع إلى توفير إشراف فعال متواصل للقاضي على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته وعلى القائمين به في كل تصرف يتخذ منهم كما يهدف الى جمع شتات المسائل المتعلقة به في ملف واحد وفي يد قاضی واحد قريب من محل التنفيذ يسهل على الخصوم الالتجاء إليه ومن أجل ذلك خول المشروع هذا القاضي إختصاصات وسلطات واسعة في كل ما يتعلق بالتنفيذ فجعله مختصاً دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في كل المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعات موضوعية او وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية وهي المنازعات التي يكون المطلوب فيها إجراء وقتياً.
ونص المشروع على أن تتبع أمام قاضي التنفيذ الإجراءات المتبعة أمام المحكمة الجزئية ما لم ينص القانون على خلافها .
تقرير اللجنة التشريعية:
أثيرت اعتراضات عند نظر المادة 275 من المشروع حول اختصاص قاضي التنفيذ بمنازعات التنفيذ الموضوعية بمقولة أنها ليست في الحقيقة من منازعات التنفيذ وإنما هي منازعات موضوعية بحتة واقترح البعض تركها للاختصاص العادي دون قصرها علی قاضی التنفيذ، إلا أن اللجنة رأت الإبقاء على النص كما هو لأن ما تغياه القانون من استحداث نظام قاضي التنفيذ هو تجميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية في يد قاض متخصص جمعاً لشتات المسائل المتعلقة به في ملف واحد أمام قاض واحد قريب من محل التنفيذ بحيث تكون له صلاحية الفصل في كل المنازعات الموضوعية أو الوقتية سواء أكانت هذه المنازعات من الخصوم أم من الغير. ولا تخرج دعاوی استرداد الحجوزات أو دعاوى الاستحقاق التي ثار حولها الجدل والنقاش عن كونها منازعات موضوعية متعلقة بالتنفيذ، ولذلك فإن من الأفضل ابقائها ضمن اختصاص قاضي التنفيذ تحقيقاً للغاية التي تغياها المشرع من ابتداع هذا النظام. ولاشك أن الحكمة من تجميع منازعات التنفيذ بنوعيها في بد قاضي التنفيذ تعلو في غايتها على قواعد الإختصاص، فضلاً عن أنه قد نص في المادة 277 من المشروع على أن وبهذا توفرت كل الضمانات للمنازعات الموضوعية عند الطعن في الأحكام الصادرة فيها، من أجل ذلك رأت اللجنة الإبقاء على نص المادة 275 من القانون».
المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 76 لسنة 2007 المعدل للمادة 275 :
جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المادة 275 قصرت إختصاصات قاضي التنفيذ على إصدار الأحكام دون القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، والتي أضحت من اختصاص مدير إدارة التنفيذ وقضاتها .
1- إذ كان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة قد أقامت دعواها أمام قاضي التنفيذ بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع لدى المطعون ضده الثاني وفاء لمبلغ 3492.170 جنيها على سند من أنها بصفتها وكيلا ملاحيا غير ملتزمة فى مالها الخاص بالديون المستحقة على ملاك السفن الذين تمثلهم فإن الدعوى بهذه المثابة تعتبر منازعة تنفيذ موضوعية يختص بالفصل فيها دون غيره قاضي التنفيذ عملاً بنصالمادة 275 من قانون المرافعات ويستأنف الحكم الصادر فيها أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية إذا زادت قيمة النزاع على خمسمائة جنيه ولم تجاوز خمسة آلاف جنيه إعمالا لنص المادة 277 من قانون المرافعات المعدلة بالمادة الأولى من القانون رقم 23 لسنة 1992 والمعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992.
(الطعن رقم 2265 لسنة 64 جلسة 2002/02/28 س 53 ع 1 ص 346 ق 64)
2- إذ كان اختصام المطعون ضده الأول الطاعن الثاني بصفته - مدير مصرف الإسكندرية فرع أسيوط - مع الطاعن الأول بصفته للحكم عليهما بالتعويض المطالب به. رغم لا صفة للطاعن الثاني فى تمثيل المصرف أمام القضاء بشأن موضوع النزاع. إلا أن هذا التعدد فى الخصومة لا يعدو أن يكون تعددا صوريا. ذلك أن الطاعن الأول يمثل الثاني وهو المعني بالخصومة وتنصرف إليه آثار الحكم الذي يصدر فيها إن إيجابا أو سلبا ومن ثم يكون النعي على الحكم الطعين بالقضاء على الأخير على ما ورد بسببي الطعن (النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه لإلزامه الطاعن الثاني بصفته بالتعويض بالتضامن مع الطاعن الأول بصفته وبمصروفات الاستئناف الفرعي المقام من الأخير وحده وبأتعاب المحاماة رغم انعدام صفة المطعون ضده الثاني فى الدعوى موضوع الطعن) أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج وبالتالي غير مقبول.
(الطعن رقم 1371 لسنة 71 جلسة 2002/04/10 س 53 ع 1 ص 511 ق 97)
3- دعوى استرداد المنقولات المحجوزة باعتبارها منازعة موضوعية التنفيذ يختص قاضى التنفيذ بنظرها وذلك أياً كانت قيمة الدين وأيا كانت قيمة الأشياء المحجوز عليها وذلك عملاً بالمادة 275 من قانون المرافعاتعلى أن يستأنف الحكم الصادر فيها - وحسبما يقضى نص المادة 277 من ذات القانون - أما إلى محكمة الاستئناف أو إلى المحكمة الابتدائية بحسب قيمتها.
(الطعن رقم 5439 لسنة 61 جلسة 1998/02/19 س 49 ع 1 ص 177 ق 43)
4- المقرر عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن قاضي التنفيذ يفصل فى منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضيا ًللأمور المستعجلة,ومن ثم فإن اختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على تقدير جدية النزاع ودون المساس بأصل الحق لا ليفصل فيه بحكم حاسم للخصومة, ولكن ليتحسس منه وجه الصواب فى الإجراء الوقتي المطلوب منه فيقضي على هداه بإجابة الإجراء الوقتي أو رفضه وتقديره هذا وقتي بطبيعته لا يؤثر على الحق المتنازع فيه إذ يبقى محفوظاً سليماً يناضل فيه ذو الشأن أمام الجهة المختصة بنظره.
(الطعن رقم 4259 لسنة 61 جلسة 1998/02/07 س 49 ع 1 ص 146 ق 34)
5- لما كان الحكم الابتدائي الصادر من قاضى الأمور المستعجلة بوصفه قاضيا للتنفيذ قد كيف المنازعة بأنها منازعة وقتية فى التنفيذ وقضى بعدم اختصاصه نوعيا بها بما ارتأه من أن ظاهر المستندات وظروف الحال غير كافية للتدليل على ما يدعيه الطاعن ويحتاج تكملة هذا الدليل إلى فحص موضوعي وهو الأمر الممتنع عليه ، ومن ثم فان محكمة أول درجة لما تقل كلمتها فى اصل الحق ولم تستنفد ولايتها بالفصل فيه وإذ استؤنف حكمها وانتهت محكمة الاستئناف إلى تكييف المنازعة باعتبارها منازعة تنفيذ موضوعية وقضت بإلغاء الحكم الابتدائي ،فكان يتعين عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل فى موضوعها ،غير أن الحكم المطعون فيه تصدى له وفصل فيه مما فوت بذلك على الخصوم إحدى درجات التقاضي.
(الطعن رقم 4259 لسنة 61 جلسة 1998/02/07 س 49 ع 1 ص 146 ق 34)
6- لما كانت الفقرة الاولى من المادة 178 من قانون المرافعات قد تضمنت ذكر البيانات التى يجب ان يتضمنها الحكم وليس من بينها ما اذا كان صادراً فى منازعة تنفيذ او منازعة مدنية عادية، وكان الواقع فى الخصومة المطروحة ان محكمة اول درجة قد عرضت لها بحسبانها منازعة تنفيذ موضوعية وخلصت فى قضائها الى رفض الدعوى تأسيساً على عدم توافر احكام المادة 394 من نفس القانون بشأن دعوى استرداد الاشياء المحجوزة - لعدم ثبوت ملكية الطاعنة للمنقولات المحجوز عليها - فان الحكم المطعون فيه اذ اقام بالغاء الحكم المستأنف واحالة الدعوى الى قاضى التنفيذ بمحكمة الوايلى للاختصاص استناداً الى ان الحكم قد خلت ديباجته ومدوناته فضلاً عن اسبابه ومنطوقه مما يفيد انه صدر فى منازعة تنفيذ موضوعية وتحجب عن نظر موضوع الدعوى والفصل فيها، فانه يكون معيباً .
(الطعن رقم 1643 لسنة 59 جلسة 1996/12/18 س 47 ع 2 ص 1579 ق 288)
7- اذ كان الثابت من الأوراق ان الطلبات الختامية للطاعنين امام قاضى التنفيذ بمحكمة الوايلى الجزئية انهم ابتغوا القضاء لهم بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر لصالحهم فى الاستئناف رقم ........... وعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الاستئناف ............ لصالحهم فى الاستئناف رقم ..........وعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الاستئناف .........." القاضى بوقف تنفيذ الحكم الاول " فان المنازعة بهذه الكيفية تعتبر منازعة وقتيه استنادا الى ان المطلوب فيها بحسب التكييف القانونى الصحيح ليس الا اجراءً وقتياً لا يمس اصل الحق فيفضل فيها قاضى التنفيذ باعتباره قاضياً للامور المستعجلة وذلك عملاً بالفقرة الاخيرة من المادة 275 من قانون المرافعات ومن ثم يكون استئناف الحكم الصادر فيها الى المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 277 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 2161 لسنة 59 جلسة 1996/11/14 س 47 ع 2 ص 1285 ق 233)
8- لما كان الثابت من الأوراق أن طلبات المطعون ضده الختامية أمام محكمة أول درجة الحكم بصفة موضوعية ببطلان محضر الحجز الإدارى رقم17لسنة1985تأسيساً على عدم التنبيه عليه بالوفاء بالدين ، وكونه غير مدين للجهة الحاجزة ، فإن التكييف القانونى الصحيح للدعوى أنها منازعة موضوعية فى التنفيذ ، ويكون ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها من محكمة أول درجة بوصفها قاضياً للتنفيذ أربعين يوماً عملاً بالفقرة الأولى من المادة227من قانون المرافعات ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط الحق فى الاستئناف لرفعه بعد الميعاد باعتبار الدعوى منازعة تنفيذ وقتية فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، وحجبه هذا القضاء الخاطئ عن نظر الاستئناف بما يعيبه أيضاً بالقصور فى التسبيب.
(الطعن رقم 1120 لسنة 61 جلسة 1996/01/30 س 47 ع 1 ص 274 ق 56)
9- لما كانت الطلبات الختامية للطاعن أمام محكمة أول درجة هى عدم الاعتداد بمحضر التسليم المؤرخ 1985/4/6 الذى تم تنفيذاً للحكم الصادر لصالح المطعون ضدها وهى على ما جرى به قضاء هذه المحكمة منازعة موضوعية فى التنفيذ يقصد بها أن تفصل المحكمة بقضاء يحسم النزاع فى أصل الحق المتعلق بالتسليم، فإن رفع الدعوى بشأنها أمام قاضى التنفيذ يكون بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وليس عن طريق إبداء إشكال أمام المحضر عند التنفيذ، إذ يقتصر ذلك على الإشكال فى التنفيذ المطلوب فيه اتخاذ إجراءات وقتى والذى استثناه المشرع من الأصل العام فى إجراءات رفع الدعوى طبقاً لنص المادة 312 من قانون المرافعات.
(الطعن رقم 3107 لسنة 60 جلسة 1995/05/23 س 46 ع 1 ص 806 ق 158)
10- من المقرر عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات أن قاضى التنفيذ يفصل فى منازعات التنفيذ الوقتية ومنها إشكالات التنفيذ الوقتية بوصفة قاضياً للأمور المستعجلة وان اختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على الإجراءات الوقتية التى يخشى عليها من فوات الوقت لدرء خطر محقق أو للمحافظة على حالة فعليه مشروعة أو صيانة مركز قانونى قائم وذلك دون المساس بأصل الحق وليس له أن يعرض فى أسباب حكمه إلى الفصل فى موضوع النزاع أو أن يؤسس قضاءه فى الطلب الوقتى على أسباب تمس أصل الحق ومن ثم فإن أحكامه وما أفرغه فيها من أسباب لا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع .
(الطعن رقم 1368 لسنة 60 جلسة 1995/01/05 س 46 ع 1 ص 93 ق 21)
11- لكى تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ فى معنى المادة 275 من قانون المرافعاتيتعين أولاً: أن يكون التنفيذ جبرياً ثانياً أن تكون المنازعة منصبه على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة فى سير التنفيذ وإجراءاته أما تلك التى تمس إجراءات التنفيذ أو سير التنفيذ وجريانه فلا تعتبر منازعة فى التنفيذ وبالتالى لا تدخل فى اختصاص قاضى التنفيذ.
(الطعن رقم 1368 لسنة 60 جلسة 1995/01/05 س 46 ع 1 ص 93 ق 21)
12- إذ كانت طلبات المطعون ضدها فى الدعوى المطروحة هى إلزام الطاعن بأن يؤدى إليها مبلغ 245, 1374 جنيه قيمة ما أوفته إليه دون وجه حق نفاذاً للحكم رقم 500 / 1971 تجارى شمال القاهرة الابتدائية ودون أن تطلب عدم الاعتداد بالحجز الموقع نفاذاً لهذا الحكم أو بطلانه فإنها تكون دعوى مطالبه عادية تدخل فى اختصاص المحكمة لا دعوى تنفيذ مما يدخل فى اختصاص قاضى التنفيذ.
(الطعن رقم 1368 لسنة 60 جلسة 1995/01/05 س 46 ع 1 ص 93 ق 21)
13- المادة 275 من قانون المرافعات وقد جرى نصها على أنه " يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبفصل قاضى التنفيذ فى منازعات التنفيذ الوقتية بوصفة قاضيا للأمور المستعجلة " فإن مفاد ذلك _ وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - وهو أن المشرع استحدث نظام قاضى التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ فى يد قاضى واحد قريب من محل التنفيذ يسهل على الخصوم الإلتجاء إليه وجعله يختص دون غيره بالفصل فى جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء أكانت منازعات موضوعية أم وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير، كما خوله سلطة قاضى الأمور المستعجلة عند فصله فى المنازعات الوقتية مما مقتضاه أن قاضى التنفيذ أصبح دون غيره المختص نوعيا بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما أستثنى بنص خاص.
(الطعن رقم 1277 لسنة 60 جلسة 1994/12/15 س 45 ع 2 ص 1604 ق 299)
14- طلب المطعون ضده الأول من قاضى التنفيذ بمحكمة الزيتون الجزئية فى طلب استصدار الأمر على عريضة، إصدار الأمر بتوجيه القائم عى التنفيذ بالاستعانه بالقوة الجبرية متى اقتضت حالة ذلك والسير فى إجراءاته دون إرجاء أو إيقاف عند تنفيذ الحكم فى القضية رقم 314 لسنة 39 ق الصادر لصالحه من محكمة القضاء الإدارى لا يتعلق بأصل الحق الذى حكم فيه من قبل بحكم بات وإنما هو - وبحسب التكييف القانونى له - منازعة متعلقة بالتنفيذ . أثره . فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب والتظلم منه يكون معقودا لقاضى التنفيذ دون غيره.
(الطعن رقم 91 لسنة 60 جلسة 1994/06/23 س 45 ع 2 ص 1111 ق 210)
15- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين الأربعة الأول كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 388 لسنة 1977 مدنى ديرب نجم الجزئية على المطعون ضدها الأولى وآخرين بطلب الحكم بوقف تنفيذ العقد الرسمى المشهر برقم 4274 لسنة 1972 شهر عقارى الزقازيق سند ملكية المطعون ضدها الأولى لأطيان التداعى حتى يفصل فى النزاع القائم بشأنها وأثباء تداول تلك الدعوى أضافوا إلى طلباتهم طلب عدم الاعتداد بمحضر التسليم المؤرخ1977/8/3 واعتباره كأن لم يكن وعدم سريانه فى حقهم وذلك على سند من أنهم يستأجرون أطيان النزاع فقضت المحكمة فى مادة تنفيذ موضوعية برفض الدعوى ولما استأنف الطاعنون المذكورون هذا الحكم بالاستئناف رقم 91 لسنة 1982 مدنى مستأنف الزقازيق حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتعديل محضر التسليم المشار إليه بجعله تسليما حكميا وقد أقيم هذا القضاء على سند من أن هؤلاء الطاعنين يضعون اليد على الأرض موضوع النزاع بصفتهم مستأجرين لها وإذ أصبح هذا الحكم نهائيا وفصل فى منازعة تنفيذ موضوعية طلب فيها الخصوم الحكم بإجراء يحسم النزاع فى أصل الحق فإنه يكون حائزا قوة الأمر المقضى فى خصوص اعتبار الطاعنين الأربعة الأولى مستأجرين لأرض النزاع ومانعا الخصوم فى الدعوى التى صدر فيها -الطاعنين الأربعة الأول والمطعون ضدها الأولى- من العودة إلى مناقشة هذه المسألة فى أية دعوى تاليه يثار فيها هذا النزاع .
(الطعن رقم 3740 لسنة 59 جلسة 1994/04/07 س 45 ع 1 ص 651 ق 125)
16- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه يتعلق بإجراءات التنفيذ التى اتخذتها مصلحة الضرائب ضد المطعون عليه بمقتضى الورد رقم 1913 والحجز المتوقع بموجبه وهى فى سبيلها لتحصيل 2173,440 جنيه من المطعون ضدة باعتباره دين ضريبة مهن حرة قدرته على إيراداته من مباشرة العمل مأذونا شرعيا خلال المدة من 1966 حتى 1970 ، لما كان يبين من الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 113 لسنة 29 ق طنطا - المقدم من الطاعنة - أنه قضى بإلغاء ربط ضريبة المهن الحرة على إيرادات المطعون ضده - محل النزاع فى دعوى التنفيذ موضوع لبطعن - دعوى التنفيذ مثار الطعن تصبح غير ذات موضوع بعد أن حسم الحكم الصادر فى دعوى أصل المسألة المتنازع عليها فيهما وألغى ربط الضريبة التى اتخذتها الطاعنة سندا لها فى إجراءات التنفيذ ويكون الطعن بالنقض فى الحكم الصادر فى دعوى التنفيذ بعدم الاعتداد بالورد والحجز المتوقع اقتضاء له غير منتج.
(الطعن رقم 1721 لسنة 51 جلسة 1993/06/07 س 44 ع 2 ص 570 ق 229)
17- مفاد المادة 275 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنه يتعين لكى تكون المنازعه متعلقه بالتنفيذ أن يكون التنفيذ جبرياً و أن تكون المنازعه متعلقه بالتنفيذ أو مؤثره فى سير إجراءاته ، أما المنازعات التى لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سيره أو جريانه فلا تعتبر منازعه فى التنفيذ فى حكم هذه المادة و بالتالى لا تدخل فى الاختصاص النوعى لقاضى التنفيذ . لما كان ذلك ، و كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهما الأول و الثانى إستأجرا محل النزاع من ورثة مالك العقار بعد رفض أشكال الطاعن فى تنفيذ حكم الطرد المستعجل فلما قضى استئنافياً بإلغائه و بوقف تنفيذ حكم الطرد أقام المطعون ضدهما الأشكال رقم ......... لسنة .......... تنفيذ الجيزة و صدر الحكم فيه بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى إستئناف الطاعن سالف الذكر لحين الفصل فى دعوى النزاع الماثل و تأيد ذلك الحكم إستئنافياً فإن الدعوى بهذه المثابه لا تعتبر من إشكالات التنفيذ .
(الطعن رقم 1821 لسنة 52 جلسة 1990/05/31 س 41 ع 2 ص 225 ق 212)
18- لكى تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ فى معنى المادة 275 من قانون المرافعات يشترط أن تكون المنازعة منصبة إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة فى سير التنفيذ و إجراءاته ، و إذ كانت الخصومة فى الدعوى الماثلة تدور حول طلب طرد الطاعن من أطيان النزاع للغصب و دار النزاع فيها بين طرفيها حول قيام علاقة إيجارية جديدة بينهما فإن هذه الدعوى تتعلق بطلب موضوعى و القضاء به يكون فصلاً فى ذات الحق و من ثم فإنها لا تكون من دعاوى التنفيذ و لا يختص بنظرها قاضى التنفيذ .
(الطعن رقم 984 لسنة 58 جلسة 1990/02/28 س 41 ع 1 ص 665 ق 111)
19- مفاد نص المادتين 274 ، 275 من قانون المرافعات أن التنفيذ يجرى تحت إشراف قاض للتنفيذ بندب فى مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية و يختص دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية أياً كان قيمتها ، و لقد إستهدف المشرع من وضع هذا النظام من جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ فى يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ و جعله يختص دون غيره بالفصل فى جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء أكانت منازعات موضوعية أم وقتية و سواء كانت بين الخصوم أو من الغير ، كما خوله سلطة قاضى الأمور المستعجلة عند فصله فى المنازعات الوقتية ، مما مقتضاه أن قاضى التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية و الموضوعية أياً كانت قيمتها و ذلك فيما عدا ما إستثنى بنص خاص ، و من ثم فلا يفقد قاضى التنفيذ صلاحيته لنظر إشكال وقتى فى التنفيذ و لا يصلح سبباً لرده فصله فى إشكال وقتى سابق أو إصداره قرارات وقتية قبل نظر موضوعه أملتها ظروف الأحوال طبقاً للإختصاصات المخولة له قانوناً و لو كانت هذه القرارات أو تلك الإشكالات بصدد نزاع مردد بين الخصوم أنفسهم .
(الطعن رقم 2335 لسنة 50 جلسة 1990/01/18 س 41 ع 1 ص 196 ق 40)
20- المقصود بالمنازعة فى دعوى منع التعرض هو التعرض المادى للطالب فى حيازته التى توافرت لها الشروط الجديرة بالحماية ، أما التعرض الذى يستند إلى تنفيذ حكم قضائى واجب التنفيذ فإنه لا يعدو أن يكون منازعة فى التنفيذ يستوى فى ذلك أن يكون من ينازع فى تنفيذ الحكم طرفاً فيه أو كان من الغير ، لما كان ذلك و كان الطاعن قد طلب بصفه مستعجله وقف تنفيذ الحكم الصادر بإخلاء عين النزاع من شاغلها و هى طلبات وقتية لا تنطوى على طلب الحكم بإجراء يحسم النزاع فى أصل الحق و إنما يدفع به تنفيذ الحكم و هو مما يندرج تحت إشكالات التنفيذ التى يختص بها قاضى التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 607 لسنة 51 جلسة 1989/02/22 س 40 ع 1 ص 555 ق 98)
21- المقرر عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات أن قاضى التنفيذ يفصل فى منازعات التنفيذ الوقتية بوصفة قاضياً للأمور المستعجلة ، و من ثم فإن إختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على الإجراءات الوقتية التى يخشى عليها من فوات الوقت لدرء خطر محقق أو للمحافظة على حالة فعلية مشروعة أو صيانة مركز قانونى قائم و ذلك دون المساس بأصل الحق ، و ليس له أن يعرض فى أسباب حكمه إلى الفصل فى موضوع النزاع ، أو أن يؤسس قضاءه فى الطلب الوقتى على أسباب تمس أصل الحق أو أن يتعرض إلى المستندات المقدمة من أحد الطرفين ليقضى فيها بالصحة أو بالبطلان ، و من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر فى التظلم من أمر الحجز التحفظى على ما للمدين لدى الغير برفضه و تأييد أمر الحجز حكم وقتى غير ملزم لمحكمة الموضوع .
(الطعن رقم 568 لسنة 53 جلسة 1987/12/31 س 38 ع 2 ص 1225 ق 255)
22- إختصاص قاضى التنفيذ - دون غيره - بنظر منازعات التنفيذ أياً كانت قيمتها طبقاً لنص المادة 275 من قانون المرافعات و بحسب الأصل منوطاً بأن تكون هذه المنازعات متعلقة بتنفيذ جبرى مما تنظمه أحكام هذا القانون تحت إشراف قاضى التنفيذ و بسند تنفيذى يعطيه القانون هذه الصفة ، و تنصب على إجراء من إجراءات هذا التنفيذ أو تكون مؤثرة فيه ، و المنازعات المتعلقه بتنفيذ قرارات النيابة العامة التى تصدرها فى شكاوى و جنح الحيازة و تأمر فيها بتمكين أحد الطرفين و منع تعرض الآخر حتى يفصل القضاء المدنى فى النزاع لا تدخل فى عداد تلك المنازعات ، و من ثم لا يختص قاضى التنفيذ بنظرها .
(الطعن رقم 1126 لسنة 53 جلسة 1987/06/30 س 38 ع 2 ص 898 ق 191)
23- متى كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى أمر الأداء رقم 736 لسنة 1957 الصادر من محكمة القاهرة الإبتدائية إستناداً إلى أن الدعوى لا تمثل منازعة فى الدين الصادر به ذلك الأمر و لا فى الفوائد التى قضى بها و إنما هى تمثل منازعة موضوعية فى تنفيذه بإعتبار أن عقبة قانونية صادفت تنفيذه تتمثل فى فرض الحراسة على المدينين و تأميم ممتلكاتهم و أن البحث فيها هو بيان ما إذا كان لهذه العقبة أثر فى تنفيذ إلتزام المدينين بالفوائد منذ سنة 1962 من عدمه - فإن هذه الأسباب تكون سائغة و تؤدى إلى القول بعدم وحدة الموضوع بين الدعوى و أمر الأداء آنف البيان .
(الطعن رقم 168 لسنة 51 جلسة 1987/02/04 س 38 ع 1 ص 207 ق 49)
24- لكى تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ فى معنى المادة 275 من قانون المرافعات ( و التى خصت قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية أياً كانت قيمتها ] يشترط أن تكون المنازعة منصبة على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة فى سير التنفيذ و إجراءاته ، و إذ كانت الخصومة منعقدة بشأن بطلان إجراءات بيع حق الإيجار و طلب المدين إعادة الحال إلى ما كانت عليه بإعادة تمكينه من العين المؤجرة له و بيعت جبراً ، و بالطبع سيؤثر الفصل فى هذا الطلب على مجموعات التنفيذ من حيث مضيها قدماً فى إنتاج أثرها أو العدول عنها و من ثم يدخل النزاع بشأن حق الإيجار المنفذ به و كل ما يتعلق به فى خصومة التنفيذ .
(الطعن رقم 1747 لسنة 51 جلسة 1983/11/20 س 34 ع 2 ص 1637 ق 322)
25- ندب قاضى للتنفيذ فى مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية و إختصاصه دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية و بإصدار القرارات و الأوامر المتعلقة بالتنفيذ لا يجعل منه دائرة من دوائر المحكمة الجزئية و من ثم فلا تعتبر إحالة الدعوى من محكمة المواد الجزئية المذكورة إليه مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها و إنما هو فى حقيقته قضاء ضمنى بعدم إختصاص تلك المحكمة نوعياً بنظر الدعوى و بإحالتها إلى قاضى التنفيذ بإعتباره المختص بنظرها ، و مؤدى ذلك أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 مرافعات .
(الطعن رقم 1653 لسنة 48 جلسة 1983/05/22 س 34 ع 2 ص 1262 ق 252)
26- المحاكم تختص بنظر الدعوى الخاصة ببطلان إجراءات الحجوز الإدارية أو إلغائها أو وقف إجراءات البيع و أن لقاضى الأمور المستعجلة إذا طلب منه الحكم بعدم الإعتداد بحجز وقع على خلاف القانون أن يرجع إلى حكم القانون للتحقق مما إذا كان الحجز قد رفع وفقاً له مستوفياً لأركانه الجوهرية أو رفع مخالفاً له فاقداً هذه الأركان فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجوز عليه الذى له أن يلجأ لقاضى الأمور المستعجلة للتخلص منها طالباً عدم الإعتداد بالحجز ، و ليس فى ذلك مساس بأصل الحق و من ثم فلا تكون المحكمة الجزئية مختصة به طبقاً لما تقضى به المادتان 27 ، 72 من قانون الحجز الإدارى رقم 308 سنة 1955 ، إذ أن الإختصاص المنصوص عليه فى المادتين المذكورتين مشروط بأن تكون المنازعة تتعلق بأصل الحق أو بصحة الحجز لا أن تكون مجرد طلب وقتى لا يمس الحق مما يختص به قاضى الأمور المستعجلة كما و أن الإستناد إلى أسباب موضوعية فى دعوى عدم الإعتداد بالحجز كبراءة الذمة من الدين الحجوز من أجله أو الإدعاء بعدم قيام هذه المديونية لا يكون له أثر على وصف المنازعة طالما أن المطلوب فيها إجراء وقتى فيكون الإختصاص بها لقاضى الأمور المستعجلة ليحكم فيها بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق .
(الطعن رقم 212 لسنة 40 جلسة 1983/02/06 س 34 ع 1 ص 409 ق 90)
27- تنص المادة 210 من قانون المرافعات على أنه " إذا أراد الدائن فى حكم المادة 201 حجز ما يكون لمدينه لدى الغير و فى الأحوال التى يجوز فيها للدائن إستصدار أمر من القاضى المختص بالحجز التحفظى يصدر أمر الحجز من القاضى المختص بإصدار الأمر بالأداء و ذلك إستثناء من أحكام المواد 275 ، 319 ، 327 " فإن الإستثناء يجب أن يقتصر على ما ورد بشأنه و هو الإذن بالحجز دون ما عداه من منازاعات التنفيذ و لا محل لإطلاق مدلول هذا الإستثناء والقول بأن قاضى الأداء يختص بمنازعات التنفيذ التى تتعلق بالإذن بالحجز الذى أصدره لأن فى ذلك خروج على قاعدة من قواعد الإختصاص النوعى المتعلقة بالنظام العام و لأن الإستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس .
(الطعن رقم 654 لسنة 47 جلسة 1981/02/25 س 32 ع 1 ص 648 ق 125)
28- إذ كانت الدعوى ببطلان إجراءات التنفيذ لا تقبل التجزئة و القضاء ببطلان حكم مرسى المزاد بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة ينسحب أثره لباقى الخصوم فى الدعوى . فمن ثم لا على الحكم المطعون فيه عدم رده إستقلالاً على ما أثاره الطاعنان بالنسبة لصحة تمثيل المطعون ضدها السابعة لمن بلغ سن الرشد أثناء سير خصومة التنفيذ .
(الطعن رقم 545 لسنة 48 جلسة 1980/01/17 س 31 ع 1 ص 197 ق 42)
29- الحكم بعدم الاختصاص والإحالة لا يترتب عليه إنهاء الخصومة فى الإشكال ، و ليس من شأنه أن يزيل صحيفته ، و إنما هو ينقل الدعوى إلى المحكمة المحالة إليها التى يتعين عليها أن تنظرها بحالتها من حيث إنتهت إجراءاتها أمام المحكمة التى أحالتها ، و يعتبر صحيحاً أمامها ما تم من إجراءات قبل الإحالة بما فى ذلك صحيفة الإشكال و أثرها الواق للتنفيذ ، و كان الثابت فى الأوراق أن الطاعن أقام الإشكال رقم ... ... ... تنفيذ العطارين لأول مرة بطلب وقف التنفيذ بالتعويض المدنى النقضى به عليه للمطعون عليه فى القضية رقم ... ... ... جنح العطارين متبعاً فى رفعه الإجراءات المنصوص عليها فى قانون المرافعات ، فإنه يترتب على تقديم صحيفة هذا الإشكال لقلم الكتاب وقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه بإعتباره إشكالاً أول من المحكوم عليه - ويبقى هذا الأثر الواقف للإشكال قائماً رغم الحكم بعدم إختصاص المحكمة نوعياً و الإحالة إلى محكمة جنح المنشية الصادر فى 1970/12/22 باعتباره حكماً لا ينهى الخصومة فى الإشكال .
(الطعن رقم 597 لسنة 44 جلسة 1980/01/08 س 31 ع 1 ص 98 ق 22)
30- إذا كانت طلبات المطعون ضده أمام محكمة الموضوع هى براءة ذمته من دين الضريبة المحجوز من أجله إدارياً و دون أن يطلب فى دعواه الحكم ببطلان هذا الحجز الإدارى أو دفعه ، و من ثم فإن المنازعة لا تكون دعوى تنفيذ موضوعية و بالتالى لا تدخل فى إختصاص قاضى التنفيذ ذلك أن النزاع فيها يدور حول الإلتزام بدين الضريبة المحجوز من أجله إدارياً فقط دون مساس بهذا الحجز لم يطرح النزاع بشأنه على المحكمة .
(الطعن رقم 868 لسنة 48 جلسة 1979/04/10 س 30 ع 2 ص 91 ق 202)
31- يشترط لكى تكون المنازعه متعلقه بالتنفيذ فى معنى المادة 275 من قانون المرافعات " أولا " أن يكون التنفيذ جبرياً " ثانياً " أن تكون المنازعة منصبة على إجراء من التنفيذ أو مؤثره فى سير التنفيذ و إجراءاته ، أما المنازعات التى لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سير التنفيذ و حرياته ، فلا تعتبر منازعة فى التنفيذ و بالتالى لا تدخل فى إختصاص قاضى التنفيذ .
(الطعن رقم 868 لسنة 48 جلسة 1979/04/10 س 30 ع 2 ص 91 ق 202)
32- المقصود من المنازعة الموضوعية فى التنفيذ هى تلك التى يطلب فيها الحكم بإجراء يحسم النزاع فى أصل الحق ، فى حين إن المنازعة الوقتية هى التى يطلب فيها الحكم بإجراء وقتى لا يمس أصل الحق ، و العبرة فى ذلك بآخر طلبات للخصوم أمام محكمة أول درجة ، و إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطلبات الختامية للطاعن أمام قاضى التنفيذ كانت الحكم بالإستمرار فى تنفيذ الحكم رقم ... ، فإن الحكم المطعون فيه إذ كيف المنازعة بأنها منازعة وقتية إستناداً إلى أنها تدور حول إجراء وقتى لا يمس أصل الحق و رتب على ذلك إختصاص المحكمة الإبتدائية بنظر إستئناف الحكم الصادر فيها كنص المادة 2/227 مرافعات يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 81 لسنة 45 جلسة 1978/04/13 س 29 ع 1 ص 1005 ق 197)
33- المقصود بالمنازعة الموضوعية فى التنفيذ هى تلك التى يطلب فيها الحكم بحسم النزاع فى أصل الحق فى حين أن المنازعة الوقتية هى التى يطلب فيها الحكم بإجراء وقتى لا يمس أصل الحق,وإذ كان ذلك وكان الحكم المستعجل باعتباره إجراء وقتياً لا يمس أصل الحق فإن المنازعة فى تنفيذه _ وإن وصفت بأنها موضوعية لا تمس بالتبعية أصل الحق و تظل بدورها منازعة وقتية لاحجية لها أمام قاضي الموضوع .
(الطعن رقم 539 لسنة 50 جلسة 1981/04/04 س 32 ع 1 ص 1034 ق 192)
34- لئن كان يجوز للمطعون عليه كما يجوز للنيابة العامة و لمحكمة النقض أن يثير فى الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على ما رفع عنه الطعن فى الحكم المطعون فيه ، فأن قضى حكم المطعون فيه بقبول الإستئناف شكلاً ثم قضى فى الموضوع و كانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم فى موضوع الإستئناف فلا يجوز للمطعون عليهم أن يتمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة النقض بعدم جواز الإستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام . ذلك لأن ما قضى به من قبول الإستئناف شكلاً هو قضاء قطعى لم يكن محلاً للطعن فحاز قوة الأمر المقضى و هى تسموا على قواعد النظام العام ، و إذ كان الحكم المطعون فيه - الصادر فى التظلم من أمر الحجز التحفظى - هو حكم وقتى يجوز الطعن فيه على إستقلال أعمالاً لنص المادة 212 من قانون المرافعات فإن الدفع - بعدم جواز الطعن - يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 806 لسنة 45 جلسة 1978/04/06 س 29 ع 1 ص 972 ق 190)
35- لقاضى التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة إذا طلب منه الحكم بعدم الإعتداد بالحجز أن يرجع إلى حكم القانون لإستظهار ما إذا كان الحجز قد توقع وفقاً له مستوفياً أركانه الجوهرية أم لا فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجوز عليه دون أن يكون فى بحثه هذا مساس بأصل الحق ، و إذا كان المطعون ضدهما قد طلبا بصفة مستعجلة بعدم الإعتداد بالحجز الموقع فى ... ... فإن إستنادهما إلى براءة زمتهما من الدين المحجوز من أجله و إدعاء الطاعنة قيام هذه المديونية لا يكون له أثر على وصف المنازعة طالما أن المطلوب فيها إجراء وقتى ، و ليس فصلاً فى أصل الحق .
(الطعن رقم 411 لسنة 44 جلسة 1978/03/04 س 29 ع 1 ص 679 ق 132)
36- على المحكمة أن تعطى الدعوى وصفها الحق و تكييفها الصحيح ، و إذا كان البين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة أنه إنتهى إلى القضاء بصفة مستعجلة برفض الدعوى - بطلب عدم الإعتداد بالحجز - بعد أن كيفها تكييفاً صحيحاً بأنها منازعة وقتية يفصل فيها قاضى التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة " 275 " من قانون المرافعات ، فإن إستئناف الحكم الصادر فيها يكون إلى المحكمة الإبتدائية بهيئة إستئنافية وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة " 277 " من قانون المرافعات ، و لما كان إختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى يعتبر مطروحاً دائماً أمامها ، و عليها أن تفصل فيه من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 109 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى فى الدعوى بما يتضمن إختصاصه بنظر الإستئناف المرفوع عن الحكم الصادر فيها من محكمة أول درجة حالة كون الإختصاص بذلك معقوداً للمحكمة الإبتدائية بهيئة إستئنافية يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 411 لسنة 44 جلسة 1978/03/04 س 29 ع 1 ص 679 ق 132)
37- لقاضى التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة إذا طلب منه الحكم بعدم الإعتداد بحجز وقع على خلاف القانون أن يرجع إلى حكم القانون للتحقق مما إذا كان هذا الحجز قد وقع وفقاً له مستوفياً لأركانه الجوهرية أو وقع مخالفاً له فاقداً لهذه الأركان فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجور عليه دون أن يكون فى بحثه هذا مساس بأصل الحق ، و لما كان المطعون عليه قد طلب الحكم بصفة مستعجلة بعدم الإعتداد بالحجز فإن إستناده إلى براءة ذمته من الدين المحجوز من أجله و إدعاء الطاعنين قيام هذه المديونية لا يكون له أثر على وصف المنازعة طالما أن المطلوب فيها إجراء و ليس فصلاً فى أصل الحق و إذ كان على المحكمة أن تعطى الدعوى وصفها الحق و تكييفها القانونى الصحيح ، و كان الحكم المطعون فيه قد حصل و بما له من سلطة فى هذا الشأن أن دعوى المطعون عليه هى منازعة وقتية يفصل فيها قاضى التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة ، و قضى فى الدعوى على أساس هذا التكييف القانونى الصحيح، فإن النعى عليه يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 342 لسنة 44 جلسة 1977/12/27 س 28 ع 2 ص 1892 ق 324)
38- إذ كانت طلبات المطعون ضده الأول هى الحكم بنفاذ الحوالة الصادرة إليه من السيدة . . . . . فى حق الشركة المطعون ضدها الثانية و إلزامها بأن تدفع له مبلغ . . . . . و الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية و حتى السداد و هى طلبات إلزام فى دعوى مبتدأه تغيا بها المطعون ضده الأول الحصول على حكم من القضاء بإلزام مدينه بإداء معين فلا تعتبر لذلك من عداد المنازعات فى التنفيذ التى أختص بها المشرع قاضى التنفيذ وحده و لا يقدح فى هذا النظر أن تحسم محكمة الموضوع فى حكمها ما بسط عليها من أوجه الدفاع و الدفوع القانونية - بشأنة بطلان الحجز الإدراى الموقع من مصلحة الضرئب تحت يد الشركة المحال إليها إستيفاء لدينها قبل المحيلة - بلوغا للقضاء فى الدعوى لأنها و على هذا النحو لا تواجه منازعة فى التنفيذ بمدلولها فى القانون .
(الطعن رقم 496 لسنة 43 جلسة 1977/05/14 س 28 ع 1 ص 1188 ق 204)
39- إذا كان الثابت أن المطعون عليه قد أقام الدعوى ضد الطاعنين بطلب الحكم بالغاء حجز ما للمدين لدى الغير الإدارى الذى وقعه الطاعن الأول - مجلس المدينة - على ماله تحت يد الطاعن الثانى و ببراءة ذمته من الدين المحجوز من أجله تأسيساً على عدم مديونيته للطاعن الأول بذلك الدين ، فإن الدعوى بهذه المثابة هى دعوى بطلب رفع الحجز ، و هى تلك الدعوى التى يرفعها المحجوز عليه ضد الحاجز معترضاً على الحجز طالباً إلغاءه لأى سبب من الأسباب المبطلة له موضوعية كانت أم شكلية و ذلك بقصد التخلص من الحجز و من آثاره و التمكن من تسليم المحجوز لديه ، و هذه الدعوى هى إشكال موضوعى فى التنفيذ. لا يغير من ذلك طلب المحجوز عليه ببراءة ذمته من الدين المحجوز من أجله ذلك أن هذا الطلب هو أساس الدعوى و مدار النزاع فيها إذ لايجاب إلى طلبه بإلغاء الحجز إلا بثبوت براءة ذمته من الدين .
(الطعن رقم 250 لسنة 43 جلسة 1977/04/05 س 28 ع 1 ص 921 ق 157)
40- تقضى المادة 75 من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى بأن تسرى على الحجز الإدراى جميع أحكام قانون المرافعات التى لا تتعارض مع أحكام ذلك القانون المذكور و قد خلا من النص على دعوى رفع الحجز ، فإنه يرجع بشأنها إلى قانون المرافعات ، و إذ تنص المادة 335 من هذا القانون على أنه " يجوز للمحجوز عليه أن يرفع الدعوى بطلب رفع الحجز أمام قاضى التنفيذ الذى يتبعه . . . . " مما مقتضاه أن قاضى التنفيذ دون غيره هو المختص نوعياً بنظر هذه الدعوى أياً كانت قيمتها ، و تخرج من إختصاص المحكمة الإبتدائية النوعى .
(الطعن رقم 250 لسنة 43 جلسة 1977/04/05 س 28 ع 1 ص 921 ق 157)
41- متى كانت الدعوى هى منازعة فى التنفيذ على العقار رفعت بطلب بطلان حكم صدر برسو المزاد ، فتكون بذلك من الدعاوى التى يختص بنظرها قاضى التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات يستوى فى ذلك أن تكون الطلبات فى الدعوى بطلان حكم مرسى المزاد و إستحقاق العقار موضوع هذا الحكم أم كانت قاصرة على الطلب الأول دون سواه .
(الطعن رقم 209 لسنة 47 جلسة 1981/01/28 س 32 ع 1 ص 394 ق 77)
42- إذ كان الثابت أن المطعون عليه - الحاجز - أقام دعواه أمام محكمة القاهرة الإبتدائية بطلب الحكم بإلزام المحجوز لديه بالدين المحجوز من أجله إعمالاً لنص المادة 343 من قانون المرافعات ، فإن الدعوى بهذه المثابة تعتبر منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ ، و يختص بها قاضى التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 سالفة الذكر ، و تخرج عن إختصاص المحكمة الإبتدائية النوعى ، مما كان يتعين معه أن تقضى هذه المحكمة بعدم إختصاصها بنظر الدعوى و لو لم يدقع أحد أطراف الخصومة أمامها بعدم الإختصاص و أن تحيل الدعوى إلى قاضى التنفيذ إتباعاً لنص الفقرة الأولى من المادة 110 من قانون المرافعات ، و إذ هى قضت فى موضوع النزاع مجاوزة إختصاصها ، وأيدها الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 170 لسنة 42 جلسة 1976/03/23 س 27 ع 1 ص 736 ق 145)
43- إذا كانت الدعوى التى أقامتها المطعون ضدها الأولى بطلب رفع الحجز المتوقع من الطاعن وفاء للمبلغ الوارد بعقده الرسمى هى منازعة فى صحة الحجز طرحت على قاضى التنفيذ محصورة فى هذا النطاق ، و إنتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى أن العقد الرسمى قد إنحسرت عنه القوة التنفيذية ، فقضى برفع الحجز دون أن يرى أن الحكم بذلك يتوقف على الفصل فى أمر آخر ، فلا يعيبه إن لم يفصل فى أحقية الطاعن لباقى دينه أو يعين المحكمة التى تختص بنظر النزاع الموضوعى إذ أن ذلك يخرج عن نطاق المنازعة التنفيذية و هى صحة الحجز .
(الطعن رقم 436 لسنة 39 جلسة 1975/03/23 س 26 ع 1 ص 657 ق 129)
44- نصت المادة 2 من القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات القائم على حكم وقتى فى شأن الدعاوى التى تعدل إختصاصها النوعى بموجب هذا القانون ، إذ قالت " على المحاكم أن تحيل بدون رسوم و من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من إختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون ، و ذلك بالحالة التى تكون عليها ، و لا تسرى أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم بل تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة " و مؤدى ما سلف أن تنتقل منازعات التنفيذ من ولاية قانون المرافعات القديم إلى ولاية القانون الجديد و تحال حتماً من المحكمة الإبتدائية إلى قاضى التنفيذ التى أصبحت من إختصاصه ، طالما أنه لم يحكم فيها أو تأجلت للحكم - و لا يحول دون هذه الإحالة ألا يكون الطاعن - المدعى - قد تمسك بعدم إختصاص المحكمة بنظر الدعوى ، ذلك أن الإختصاص بحسب نوع القضية أو قيمتها وفقاً للمادة 109 من قانون المرافعات الجديد متعلق بالنظام العام و تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها و يجوز التمسك به فى أية حالة كانت عليها الدعوى .
(الطعن رقم 18 لسنة 40 جلسة 1975/03/09 س 26 ع 1 ص 540 ق 109)
45- متى كانت الدعوى - و على ما يبين من الحكم المطعون فيه - هى منازعة فى التنفيذ على العقار رفعت ( ببطلان حكم برسو المزاد ) فى ظل قانون المرافعات السابق أمام المحكمة الإبتدائية و ظلت متداولة بالجلسات أمامها إلى أن صدر قانون المرافعات القائم - الذى عمل به من 10 نوفمبر سنة 1968 - و كانت المادة 275 منه تنص على أن " يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية أياً كانت قيمتها " فإن قاضى التنفيذ هو الذى يفصل دون غيره فى جميع منازعات التنفيذ ، و منها التنفيذ على العقار .
(الطعن رقم 18 لسنة 40 جلسة 1975/03/09 س 26 ع 1 ص 540 ق 109)
46- إنه و إن كانت محكمة القضاء الإدارى هى المختصة وحدها بالفصل فى المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية ، إلا أنه متى صدر الحكم فيها بالإلزام أصبح سندا يمكن التنفيذ به على أموال المحكوم عليه ، فتختص المحاكم المدنية بمراقبة إجراءات التنفيذ ، والنظر فى مدى صحتها و بطلانها بإعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل فى جميع المنازعات المتعلقة بالمال ، و يختص القضاء المستعجل باعتباره فرعاً منها بنظر الإشكالات الوقتية المتعلقة بالتنفيذ ، إذ لا شأن لهذه الإشكالات بأصل الحق الثابت بالحكم المستشكل فيه ، كما أنها لا تعد طعناً على الحكم ، و إنما تتصل بالتنفيذ ذاته للتحقق من مطابقته لأحكام القانون، و ذلك بخلاف المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت ، و التى تتصل بموضوع المنازعات الخارجة عن إختصاص القضاء العادى ، و التى قد يرى القاضى المستعجل فيها ما لا يراه قاضى الدعوى ، و هى المسائل التى إستقر قضاء هذه المحكمة على عدم إختصاص القضاء المستعجل بنظرها . و إذ كان الواقع فى الدعوى أن الإشكال المرفوع من المطعون عليه قد قصد به منع التنفيذ على السيارة المملوكة له ، إستناداً إلى أن الدين المحجوز من أجله الثابت بحكم محكمة القضاء الإدارى يتعلق بالمنشأة التى كان يملكها ، و أنه لم يعد مسئولاً عن أدائه بعد تأميم هذه المنشأة ، و زيادة أصولها عن خصومها ، دون أن يكون مبنى الإشكال نزاعاً مما يختص به القضاء الإدارى وحده ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإختصاصه بنظر الإشكال تطبيقاً لنص المادة 1/49 من قانون المرافعات السابق يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
(الطعن رقم 347 لسنة 37 جلسة 1973/02/01 س 24 ع 1 ص 131 ق 25)
47- من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المادة 275 من قانون المرافعات تنص على أنه : " يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية أياً كانت قيمتها " . و مفاد هذا النص - و على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - هو أن المشرع إستحدث نظام قاضى التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ فى يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ و جعله يختص دون غيره بالفصل فى جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء كانت منازعات موضوعية أم وقتية و سواء كانت من الخصوم أو من الغير ، كما خوله سلطة قاضى الأمور المستعجلة عند فصله فى المنازعات الوقتية ، مما مقتضاه أن قاضى التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية و الموضوعية أياً كانت قيمتها و ذلك فيما عدا ما إستثنى بنص خاص .
(الطعن رقم 246 لسنة 47 جلسة 1981/01/28 س 32 ع 1 ص 389 ق 76)
48- إذ كان الثابت أن المطعون ضده الأول أقام دعواه أمام محكمة المنصورة الإبتدائية بطلب الحكم بإلزام المحجوز لديه ( الطاعن بصفته ) بالدين المحجوز من أجله إعمالا لنص المادة 343 من قانون المرافعات ، فإن الدعوى بهذه المثابة تعتبر منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ يختص بها قاضى التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 من ذات القانون و تخرج عن إختصاص المحكمة الإبتدائية النوعى ، مما كان يتعين معه أن تقضى تلك المحكمة بعدم إختصاصها بنظر الدعوى و لو لم يدفع أحد أطراف الخصومة أمامها بعدم الإختصاص، و أن تحيل الدعوى إلى قاضى التنفيذ المختص إتباعاً لنص الفقرة الأولى من المادة 110 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 246 لسنة 47 جلسة 1981/01/28 س 32 ع 1 ص 389 ق 76)
49- لما كان الثابت فى الدعوى أنه بعد أن قامت الطاعنة وغيرها بتوقيع حجوز على ما لمدينها المطعون ضده الأول فى ذمة الشركة المطعون ضدها الثانية من مبالغ المستحقة له - قامت تلك الأخيرة بإيداعها خزانة المحكمة فطلب المطعون ضده الأول بصحيفة افتتاح الدعوى رفع تلك الحجوز وبأحقيته فى صرف المبلغ وقدره 3564 جنيه - ثم لما تبين له إستحقاق إحدى الجهات الحاجزة جزءاً من هذا المبلغ قام بتعديل طلباته إلى طلب الحكم بأحقيته فى صرف الباقى منه وقدره 3224 جنيه و159 مليماً - وإذ خلت الأوراق مما يفيد تنازل المطعون ضده الأول صراحة - عند تعديل طلباته - عن طلب رفع الحجوز الباقية على الجزء الباقى من المبلغ المودع خزانة المحكمة وكان لا يتسنى للمحكمة إجابة طلبه باستحقاق هذا المبلغ إلا بعد رفع تلك الحجوز التى انقلبت عليه ومن ثم فإن الطلبات الختامية للمطعون ضده الأول وإن لم تتضمن صراحة - طلب رفع هذه الحجوز تتسع لتشمله ويدخل ضمنياً فيها بإعتبار تلك الحجوز عقبات قانونية يجب - رفعها قبل القضاء بأحقيته للمبلغ المحجوز عليه.
(الطعن رقم 923 لسنة 52 جلسة 1991/03/04 س 42 ع 1 ص 637 ق 102)
50- إذ نصت المادة 75 من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على سريان أحكام قانون المرافعات التى لا تتعارض مع أحكامه على ذلك الحجز وجاء القانون الأول خلواً من النص على دعوى رفع الحجز ، فإنه يرجع بشأنها إلى قانون المرافعات وإذ تنص المادة 335 من هذا القانون إنه " يجوز للمحجوز عليه أن يرفع الدعوى بطلب رفع الحجز أمام قاضى التنفيذ الذى يتبعه... فإن قاضى التنفيذ يكون دون غيره هو المختص نوعياً بنظر هذه الدعوى ، لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه ببطلان الحجز الإدارى المؤرخ 1983/10/11 وإعتباره كأن لم يكن فإن الدعوى بهذه المثابة تكون دعوى بطلب رفع الحجز والتخلص منه ومن آثاره وتعتبر أشكالاً موضوعياً فى التنفيذ يختص به قاضى التنفيذ.
(الطعن رقم 2574 لسنة 56 جلسة 1991/02/18 س 42 ع 1 ص 484 ق 81)
51- يفصل قاضى التنفيذ فى منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة إعمالاً لما تنص عليه المادة 2/275 من قانون المرافعات ، و لما كان قاضى الأمور المستعجلة - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتناول بصفة وقتية و فى نطاق الأشكال المطروح عليه ، تقدير جدية النزاع لا ليفصل فيه بحكم حاسم للخصومة ، و لكن ليتحسس منه وجه الصواب فى الإجراء الوقتى المطلوب فيه فيقضى على هداه بوقف التنفيذ المستشكل فيه أو بإستمراره ، و تقديره هذا وقتى بطبيعته لا يؤثر على الحق المتنازع فيه إذ يبقى محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن أمام الجهة المختصة .
(الطعن رقم 1313 لسنة 50 جلسة 1984/05/30 س 35 ع 1 ص 1495 ق 286)
52- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القاضي المستعجل ممنوع من تفسير الأحكام واجبة التنفيذ بما يبطلها بل يجب عليه أن يقضي بعدم اختصاصه متى تم التنفيذ، وأيضاً من المقرر أن مفاد المادة 275 من قانون المرافعات، أنه يتعين لكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ أن يكون التنفيذ جبرياً وأن تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ أو مؤثرة في سير إجراءاته، أما المنازعات التي لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سيره أو جريانه فلا تعتبر منازعة في التنفيذ في حكم هذه المادة وبالتالي لا تدخل في الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ .
(طعن الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية رقم 17735 لسنة 92 ق جلسة 17 / 5 /2023)
(الطعن رقم 15604 لسنة 87 ق - جلسة 18 / 11 / 2023)
مناط اعتبار المنازعة منازعة تنفيذ:
منازعة التنفيذ، هي الإجراء الذي من شأنه مجابهة إجراءات التنفيذ المزمع اتخاذها أو إهدار ماتم إتخاذه منها أو الحد من آثار التنفيذ، إذا كانت المنازعة مرفوعة من الملتزم في السند التنفيذي أو من الغير. وتمتد منازعة التنفيذ إلي الإجراء الذي ينصرف إلي إتمام التنفيذ والاستمرار فيه وهو ما يقدم من طالب التنفيذ.
فتنصرف منازعة التنفيذ إلى كل ما يؤثر في إجراءات التنفيذ سلباً أو إيجاباً سواء تعلقت المنازعة بإجراءات التنفيذ مباشرة، كطلب وقف التنفيذ أو الاستمرار فيه أو طلب عدم الاعتداد بالحجز أو بطلانه، وهي منازعة تنصب مباشرة على إجراء من إجراءات التنفيذ. وقد تتعلق المنازعة مباشرة بإجراءات التنفيذ وتمتد حتماً إلي طلب آخر كأثر لها، مثال ذلك أن يتوقع حجز إقتضاء للدين الذي تضمنه السند التنفيذي، فيرفع الملتزم في هذا السند دعوى تنفيذ موضوعية بطلب بطلان الحجز وبراءة ذمته من هذا الدين إستناداً للوفاء اللاحق لصدور الحكم، وحينئذ يختص بها قاضي التنفيذ باعتبارها منازعة تنفيذ يمتد أثرها إلى القضاء ببراءة الذمة، فإن اقتصرت طلبات المدعي على القضاء له ببراءة ذمته فقط، دون طلب بطلان الحجز، فلا تعتبر الدعوى منازعة تنفيذ ولا يختص بها قاضي التنفيذ.
ويترتب على ما تقدم، أن المنازعة إن لم تمس إجراءات التنفيذ، سلباً أو إيجاباً، فلا تعد منازعة تنفيذ ومن ثم لا يختص بنظرها قاضي التنفيذ إلا إذا تضمن القانون نصاً يعقد له الإختصاص، مثال ذلك نص المادة (367) الذي يعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بتقدير أجر الحارس، ونص الفقرة الأولي من المادة (368) الذي يعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بحرمان الحارس من أجره وإلزامه بالتعويض عن استعماله واستغلاله للمحجوزات، ونص الفقرة الثانية من المادة (368) بمنع الحارس من الإدارة أو الاستغلال أو استبدال غيره به، ونص المادة (269) بإعفاء الحارس من الحراسة، والمادة (370) بالإذن بجني المحصول وحصاده.
فإن لم يتعلق الطلب بالتنفيذ ولم يوجد نص باختصاص قاضي التنفيذ بنظره، فلا يختص به ولو أثير بمناسبة التنفيذ الذي تم، مثال ذلك الطلب المستعجل بفرض الحراسة القضائية على الأعيان التي تم تسليمها حتى يفصل في الاستئناف المرفوع عن الحكم القاضي بالتسليم والذي تم تنفيذه معجلان وأيضاً طلب الحراسة الذي يقدم مع طلب بطلان حكم إيقاع بيع العقار لعدم إعتبار الطلب الأول وجها للطلب الثاني ولعدم وجود نص باختصاص قاضي التنفيذ به، وكذلك دعوى إثبات حالة المحجوزات أو إصلاحها.
ولا شأن لاختصاص قاضي التنفيذ فيما يتعلق بتحديد طبيعة المنازعة، فليس كل ما يختص به يعتبر منازعة في التنفيذ، وإنما تعتبر المنازعة منازعة تنفيذ إذا مست إجراءات التنفيذ سلباً أو إيجاباً، ويترتب على ذلك أن الإمتناع عن تسليم الصورة التنفيذية أو عن إعلان السند التنفيذي، لا يعد منازعة في التنفيذ، لأن هذا الإمتناع لا يمس إجراءات التنفيذ سلباً أو إيجاباً وأيضاً إذا أخطأ معاون التنفيذ عند مباشرته إجراءات التنفيذ كما لو أتم التنفيذ رغم رفع إشكال أول وترتب على ذلك الإضرار بالمنفذ ضده، فإن دعوى المسئولية ضد طالب التنفيذ لا تكون منازعة في التنفيذ ومن ثم يخضع الإختصاص بنظرها للقواعد العامة.
والمقرر وفقاً للمادة (145) من قانون المرافعات أن النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به. فإذا صدر التنازل من وكيل بالخصومة وجب أن يكون لديه تفويض خاص يجيز له ذلك وإلا جاز للأصیل طلب إبطاله بدعوى مبتدأة أمام المحكمة الابتدائية في حالة عدم البدء في التنفيذ إذ تخرج الدعوى حينئذ عن نطاق منازعات التنفيذ لعدم مساسها بإجراءاته وإنما ترمي إلي إعداد الحكم كسند تنفيذي. لكن إن كان التنفيذ قد بدء فيه وتمسك الملتزم في الحكم بالتنازل واستشكل في التنفيذ لهذا السبب فتم إيقافه. بينما طلب الأصيل الاستمرار فيه لبطلان التنازل، اعتبرت هذه المنازعة منازعة تنفيذ واختص بها قاضي التنفيذ كمنازعة وقتية، وحينئذ يفصل فيها من ظاهر المستندات، فإن تبين عدم وجود تفويض خاص، حكم برفض أشكال الملتزم في السند التنفيذي و بالاستمرار في التنفيذ.
وقد ترمي المنازعة إلى وقف إجراءات التنفيذ وقفاً مؤقتاً، أو إهدار ما اتخذ منها إهداراً مؤقتاً، وحينئذ تكون المنازعة وقتية. وقد ترمي إلي وقفها أو إهدارها بصفة دائمة فتكون المنازعة موضوعية.
وتنصب منازعات التنفيذ على إجراءات تنفيذ الحكم التي قد تتخذ بعد صيرورته سنداً تنفيذياً، وبالتالي فإن هذه المنازعات لا تمس القوة التنفيذية التي اكتسبها السند التنفيذي، فتظل هذه القوة ثابتة له حتى لو قضي بوقف تنفيذه لإنصراف هذا القضاء إلى الإجراءات المزمع اتخاذها لتنفيذه فقط، فقد يقضي بوقف تنفيذ الحكم بموجب منازعة وقتية أو موضوعية لشائبة نالت من مقدمات التنفيذ تعلقت بإعلان الحكم كسند تنفيذي أو بالتكليف بالوفاء. فإن هذا القضاء يقتصر نطاقه على إجراءات التنفيذ التي قد تتخذ تنفيذاً له دون أن يمتد لقوته التنفيذية بحيث إذا قام الدائن بتصحيح العيب الذي شاب تلك المقدمات، جاز له إتخاذ إجراءات التنفيذ من جديد إستناداً للقوة التنفيذية الذات الحكم.
وقد تستند المنازعة إلي إنكار القوة التنفيذية للسند التنفيذي عندما لا يكون المنازع طرفاً فيه ودون أن تتعدي إليه حجيته، وحينئذ لا تكون القوة التنفيذية موجهة إليه بما يحول دون إتخاذ إجراءات التنفيذ ضده فيقضي بوقفها، وهو ما ينصرف إلي التنفيذ فقط دون امتداده إلى القوة التنفيذية للسند التنفيذي التي تظل ثابتة له وتتخذ بموجبها إجراءات التنفيذ ضد كل من يعتبر السند حجة عليه كالمدين وخلفه العام والخاص الذين يحاجون بالحكم کالوارث والموصى له ومشتري العقار الذي لم يسجل عقده قبل صدور الحكم، فإن سجله قبل صدور الحكم صار من طبقة الغير فلا يحاج بالحكم ويجوز له أن يستشكل في تنفيذه منكراً قوته التنفيذية بالنسبة له، وبالتالي جاحداً حجيته، إذ يجوز للغير أن يستند في منازعته في التنفيذ إلي جحد حجية السند التنفيذي خلافاً لأطراف هذا السند وكل من تتعدي إليهم حجيته، فلا يجوز لهم إقامة منازعاتهم علي جحد تلك الحجية أو مجرد المساس بها، ولذلك لا يجوز لهم الاستناد إلي سبب سابق على صدور الحكم لما في ذلك من مساس بحجيته حتى لو كان هذا السبب لم يطرح على المحكمة الإستناد إلى انقضاء الدين المحكوم به إذ تقوم قرينة قانونية قاطعة علي تصدي المحكمة لهذا السبب، ومن ثم تقتصر منازعات هؤلاء على أسباب لاحقة على صدور الحكم كالوفاء أو المقاصة أو الإستبدال.
تقسيم منازعات التنفيذ:
قد ترفع منازعة التنفيذ قبل تمام التنفيذ أو بعد تمامه، فإذا رفعت قبل تمام التنفيذ وكان المطلوب فيها اتخاذ إجراء وقتي كوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه، كانت المنازعة إشكالاً وقتياً، فإن كان المطلوب الفصل في موضوع المنازعة، كانت المنازعة دعوى موضوعية في التنفيذ، أما إذا رفعت بعد تمام التنفيذ وكان المطلوب فيها إزالة الآثار التي رتبها التنفيذ مؤقتاً، كانت المنازعة دعوى تنفيذ مستعجلة.
وتعتبر المنازعة دعوى تنفيذ موضوعية إذا كان المطلوب فيها استصدار حكم يحسم النزاع سواء رفعت قبل تمام التنفيذ أو بعده، ووفقاً لذلك، تكون منازعة التنفيذ وقتية إذا قصد بها استصدار حكم لا يمس الموضوع، أو موضوعية إذا انصرف الطلب فيها إلى حسم النزاع موضوعاً .
ويترتب على ذلك، أن منازعات التنفيذ تكون وقتية أو موضوعية.
وتتحدد طبيعتها بوقت إتخاذها وبحقيقة المطلوب فيها وفقاً للتكييف الذي يتفق وصحيح القانون والذي يعطيه قاضي التنفيذ للمنازعة دون أن يتقيد في ذلك بالتكييف الذي أعطاه المنازع لمنازعته.
فإذا رفعت المنازعة قبل تمام التنفيذ، أي قبل أن ينتهي معاون التنفيذ من تحرير محضر التنفيذ إن كان قد بدأ فيه، سواء أكان حجراً أم بيعاً، وطلب المدين وقف التنفيذ لأسباب لا تتصل بالموضوع أو بأصل الحق المتنازع فيه، كانت المنازعة إشكالاً وقتياً في التنفيذ، سواء تعلقت بالحجز المراد توقيعه أو بالبيع المراد إتمامه، ذلك أن التنفيذ قد يتم على مراحل، عندما يكون بطريق الحجز، إذ يعتبر الحجز مرحلة والبيع مرحلة أخري، فإذا تم الحجز، فإن المنازعة فيه ترفع وفقاً للمنازعات التي ترفع بعد تمام التنفيذ، وإذ لم تبدأ مرحلة البيع، فإن المنازعة التي ترفع في شأنه تكون سابقة على تمام التنفيذ، ومن ثم ترفع وفقاً للقواعد المقررة للمنازعات التي ترفع قبل تمام التنفيذ، فتكون وقتية أو موضوعية بحسب طلبات المدين. فإن كان التنفيذ يتم على مرحلة واحدة، كما في التنفيذ المباشر عندما يقضي بتسليم العين أو بسد مطل، فإن التنفيذ يتم بالتسليم أو بسد المطل، وتتحدد طبيعة المنازعة وفقا لذلك.
وقد نظم المشرع إشكالات التنفيذ الوقتية بالمادة (312) من قانون المرافعات وما بعدها، وهي التي ترفع قبل تمام التنفيذ. وأخضع منازعات التنفيذ الوقتية التي ترفع بعد تمام التنفيذ للقواعد العامة في شأن الدعاوى المستعجلة.
أما منازعات التنفيذ الموضوعية، سواء رفعت قبل تمام التنفيذ أو بعد تمامه، فتخضع للمادة (275) من قانون المرافعات.
مفاد ما تقدم، أن منازعات التنفيذ تنقسم إلى : (1) إشكال وقتي، (2) دعوى تنفيذ مستعجلة. ويقصد منهما استصدار حكم وقتي لا يمس الموضوع. (3) دعوى تنفيذ موضوعية سابقة على تمام التنفيذ (إشكال موضوعي» (4) دعوى تنفيذ موضوعية لاحقة لتمام التنفيذ، ونتناول كل من هذه المنازعات.
النفاذ المعجل في منازعات التنفيذ :
يجوز لقاضي التنفيذ أن يأمر بالنفاذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة في منازعات التنفيذ الموضوعية عملا بالبند الخامس من المادة (290) من قانون المرافعات، أما الأحكام الصادرة منه في منازعات التنفيذ الوقتية، فهي نافذة بقوة القانون دون حاجة للنص على النفاذ المعجل.
لكن إذا كان المشتري قد سجل عقده قبل صدور الحكم، فإنه يصبح من طبقة الغير فلا يحاج بالحكم الذي يصدر بعد ذلك ضد البائع ان تكون ملكية العقار قد انتقلت الى المشتري قبل صدور الحكم.
وتثبت الحجية للحكم ولو كان إبتدائياً، ولا عبرة بعدم تسجيل المحكوم له لصحيفة الدعوى ولا بعدم تسجيله الحكم، إذ يكفي أن يصدر الحكم قبل تسجيل العقد، لكن اذا ألغي الحكم، زالت أثاره، وانتقلت الملكية بتسجيل العقد.
ويتحقق التعرض إذا أقام الغير دعوى ضد البائع بأي حق من الحقوق المتعلقة بالمبيع ولم يختصم فيها المشتري، بإعتبار أن الحكم الذي يصدر فيها قبل قيام المشتري بتسجيل عقدة أو صحيفة دعواه بصحته ونفاذه، يعتبر حجة على المشتري بإعتبار أنه كان ممثلاً في شخص البائع له ما لم يكن المشتري رغم عدم تسجيل عقده قد أصبح من الغير بالنسبة للبائع بأن يكون قد اكتسب ملكية العقار بالتقادم.
ذلك أن المشتري لا يعتبر من طبقة الغير فيما يصدر من أحكام ضد البائع له فيما يتعلق بالعقار المبيع إلا إذا كانت الملكية قد إنتقلت إليه قبل صدور تلك الأحكام. وعملاً بالمادة (974) من القانون المدني الحالي، فإن الملكية لا تنتقل إلى المشتري إلا بالتسجيل، خلافاً للقانون المدني القديم، فقد كانت الملكية تنتقل إلى المشتري بالعقد الإبتدائي ولو لم يسجل وكان يترتب على ذلك أن المشتري لم يكن يحاج بالأحكام التي تصدر ضد البائع بعد العقد الابتدائي إلا إذا كان قد اختصم في الدعوى، وبالتالي كان يعتبر من الغير بالنسبة لها.
وكانت محكمة النقض قد قضت في ظل القانون المدني القديم بأن كل دعوى ترفع بشأن المبيع يجب أن توجه إلى المشتري وإذا خوصم البائع وحده، لا يكون الحكم الصادر فيها حجة على المشتري ولو كان عالماً بالخصومة، لأن القانون لا يوجب عليه التدخل فيها. (راجع: مجموعة المبادئ القانونية للمؤلف) .
وتثبت الحجية للحكم ولو كان إبتدائياً، ولا عبرة بعدم تسجيل المحكوم له لصحيفة الدعوى ولا بعدم تسجيله للحكم (انظر نقض 1959/1/22 فيما تقدم). كما تتعدي الحجية إلى الدائن المرتهن الذي يشهر حقه بعد صدور الحكم.
ويتعارض التنفيذ الجبري مع دعاوى الحيازة عندما يترتب عليه سلب حيازة العين مما يحول دون واضع اليد واللجوء إلي دعوى إسترداد الحيازة متى كان الأخير مختصماً في الحكم المنفذ به أو كانت حجيته تتعدى إليه.
والدعوى التي يرفعها واضع اليد، هي دعوى تمس التنفيذ ومن ثم فهي - دعوى تنفيذ ينعقد الإختصاص بنظرها لقاضي التنفيذ دون سواه، بطلب - وقف التنفيذ إن لم يكن قد تم.
(2) الحجية وعدم انعقاد الخصومة:
تنعقد الخصومة بالإعلان الصحيح أو بالحضور المجرد، ومتى صدر الحكم في خصومة منعقدة، كان مستوفياً أركانه مما يحول دون إنعدامه، أما إذا صدر دون أن تنعقد الخصومة، كان فاقد المحل لصدوره في غير خصومة وبالتالي يكون معدوماً.
الحجية والنعي على الأحكام وأوامر الأداء :
يجوز الحكم حجية الأمر المقضي فور صدوره، ولكنه لا يكتسب القوة التنفيذية إلا إذا كان صادرا بصفة إنتهائية إما لصدوره في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة أو إذا كان المشرع قد منع الطعن فيه، فإن كان قابلاً ض للطعن، فلا يكتسب القوة التنفيذية إلا إذا كان مشمولاً بالنفاذ المعجل بكفالة أو بدونها، فإن لم يشمل به فلا يجوز تنفيذه إلا إذا انقضى ميعاد الطعن أو إذا قضى بتأييده إستئنافياً، ومفاد ذلك أن الحكم الذي لم يكتسب القوة التنفيذية على نحو ما تقدم لا يصلح سنداً للتنفيذ الجبري، وإلا قضي بوقف تنفيذه.
ويندرج في النعي علي الحكم كونه غامضاً مما يتطلب تفسيراً لما قصدته المحكمة التي أصدرته، وقد خصها المشرع وحدها بهذا التفسير لتعلقه أيضاً بذاتية الحكم ومن ثم يمتنع علي قاضي التنفيذ القيام بهذا التفسير حفاظاً على نطاق ما تضمنه الحكم من قضاء حتي لا يتسع هذا النطاق أو يضيق، ولا يعتبر تفسيراً للحكم تحديد نطاقه بمعرفة قاضي التنفيذ عندما لا يحتاج هذا التحديد إجتهاداً منه إنما يقوم بذلك وفقاً لما يدل عليه القانون، مثال ذلك أن يصدر حكم بتسليم المدعي حصة شائعة في عقار وتمكينه منها وعدم التعرض له فيها، وحينئذ ينفذ الحكم جبراً علي باقي الشركاء بهذا التمكين الرمزي ويكون للمحكوم له كافة حقوق المشتاع، بحيث إذا رغب في تنفيذ الحكم بتسليمه حصة مفرزة من المال الشائع، كان لأي من الشركاء أن يستشكل في هذا التنفيذ، وحينئذ يحدد قاضي التنفيذ نطاق الحكم حسبما يقرره القانون ويقضي بوقف التنفيذ المفرز ولا يكون بذلك قد فسر الحكم وإنما قضى على هديه.
فإذا اكتنفت الحكم الغموض وغم علي قاضي التنفيذ تحديد مداه، فإنه لا يأخذ بأي من وجهات نظر الخصوم في تحديد هذا المدى، وإنما يقضي بوقف التنفيذ مؤقتاً لحين صدور حكم تفسيري من المحكمة المختصة عملاً بالمادة (191) وما بعدها من قانون المرافعات، ويظل التنفيذ موقوفاً لحين صدور هذا الحكم ويكون الحكم الوقف حجية الأمر المقضي طالما لم تتغير الظروف التي صدر فيها. ويسري ذلك أيضاً على العقود الرسمية وعقود الصلح التي صدقت عليها المحكمة ولا يعتبر الصلح في هذه الحالة حكماً رغم إثباته في محضر الجلسة وإنما يظل عقداً وثقته المحكمة فيأخذ حكم العقود الرسمية، وتختص بتفسيرها المحكمة المختصة فيما بنظرها وقد لا تكون هي المحكمة التي صدقت على الصلح .
أما إذا انتفى الغموض، كان لقاضي التنفيذ تحديد نطاق الحكم من - ظاهره تمكيناً له من التصدي للأشكال على نحو ما أوضحناه فيما تقدم.
أما إن صدر الحكم من مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في مسألة يختص بها ولائياً، فإنه يكتسب الحجية عند تنفيذه علي أموال المحكوم عليه، ويجوز لم رفع إشكال في تنفيذه أمام قاضي التنفيذ ويجب تبعاً لهذه الحجية أن يستند مد الإشكال إلي أسباب لاحقة على صدوره، فإن لم يكن التنفيذ علي مال، فلا يختص قاضي التنفيذ بنظر الإشكال المرفوع إليه.
وينصرف معنى المال، حسبما نصت عليه المادة (17) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 إلى العقار والمنقول، وهو المعنى الذي أفصح عنه القانون المدني. وبالتالي فإن الاختصاص بنظر الإشكال في تنفيذ الحكم الصادر من محاكم مجلس الدولة ينعقد لقاضي التنفيذ دون تلك المحاكم، إذا كان محل التنفيذ عقاراً أو منقولاً. فإن كان محل التنفيذ مغايراً لذلك، إنعقد الاختصاص بنظر الإشكال لمحاكم مجلس الدولة، دون قاضي التنفيذ. إذ يمتنع على المحاكم العادية المساس بحجية الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة طالما صدرت في حدود ولايتها. لما في ذلك من مساس أيضاً بالقرارات الإدارية محل هذه الأحكام، وبالتالي يمتنع على قاضي التنفيذ باعتباره فرعاً من المحاكم العادية، أن يوقف تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة طالما لم تتعلق بالتنفيذ على مال بالمعنى سالف البيان، يستوي أن يكون محل هذه الأحكام قرارات إدارية أو عقود إدارية .
الصفة في منازعات التنفيذ :
منازعات التنفيذ، سواء كانت موضوعية أو وقتية، هي دعوى قضائية، فلا تقبل عملاً بالمادة الثالثة من قانون المرافعات إلا إذا كان للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون. فإن لم تتوافر هذه المصلحة حكم قاضي التنفيذ من تلقاء نفسه بعدم قبولها.
وتتحقق مصلحة المدعی بتوافر صفته بأن تكون له صلة بمحل التنفيذ تعطيه الحق في الذود عنه ودرأ أي اعتداء قد يقع عليه. ويجب أن يستند في ذلك إلى نص في القانون، فتكون المصلحة حينئذ يقرها القانون، وبالتالي لا تكفي المصلحة التي لا يساندها القانون، وقد أوضحنا مثالاً لها بالبند السابق إلا أن قبول المنازعة في هذا المثال يرجع إلى تمثيل المستشكل في السند التنفيذي ورغم أنه سند صوري لوروده على محل غير مملوك للمستشكل وبالتالي لا تكون له صلة به مما ينتفي معه المصلحة التي يقرها القانون، إلا أنه يظهر في السند كمحكوم عليه.
وقف تنفيذ الأحكام الانتهائية:
الحكم الصادر بصفة انتهائية، يكون قابلاً للتنفيذ الجبري فور صدوره، له فإن كان قابلا للطعن فيه بالإستئناف عملاً بالمادتين (221)، (222) من قانون المرافعات، فإنه يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تأمر بوقف تنفيذه فقد حاز حجية الأمر المقضي فور صدوره، وأن سلطتها تمتد إلى الأحكام الحائزة لحجية الأمر المقضي والمشمولة بالنفاذ المعجل سواء بقوة القانون أو بأمر من المحكمة، إذا تظلم المحكوم عليه من وصف النفاذ، وإن كان الحكم قابلا للطعن بالالتماس أو النقض، جاز للمحكوم عليه أن يطلب وقف تنفيذه عملاً بالمادتين (244)، (251) من قانون المرافعات. مفاد ذلك، أن التظلم من وصف النفاذ يرد على الأحكام الحائزة حجية الأمر المقضي، بينما يرد وقف التنفيذ على الأحكام الحائزة قوة الأمر المقضي والأحكام الإنتهائية.
ويختص قاضي التنفيذ بإشكالات التنفيذ سواء تعلقت بحكم حائز حجية الأمر المقضي أو قوة الأمر المقضي.
مثال ذلك، أن يصدر حكم نهائي بإخلاء المستأجر من أرض النزاع الداخلة في الشيوع، وبعد صدور الحكم، يشتري الأخير حصة في الشيوع تعادل تلك الأرض أو تجاوزها، ويستند إلي ذلك عندما يستشكل في التنفيذ وإلى أنه سيرفع دعوى قسمة قد تخصه بذات العين وأنه لا ضرر من وقف التنفيذ لاستحقاقه مقابل انتفاع تلك الحصة، ويقضي بوقف التنفيذ إلا أن دعوى القسمة لم ترفع في الوقت المناسب أو رفعت واستطال أمد الفصل فيها بفعل المدعي، مما يجوز معه لمدير الشيوع رفع إشكال أمام قاضي التنفيذ طالباً الاستمرار في التنفيذ، ولا يجوز للمنفذ ضده التمسك بقواعد الشيوع للبقاء بالأرض استناداً إلي حقه في الانتفاع طالما لم تجاوز حصته، لأن مناط ذلك أن يكون بدء انتفاعه بها قد تم بموافقة أغلبية الشركاء باعتباره شریكاً وهو ما لم يتحقق إذا كان بدء انتفاعه باعتباره مستاجراً.
ولما صدر قانون المرافعات الحالي، خالف هذا النهج، فاعتبر كل ما يعرض في التنفيذ، منازعات في التنفيذ، وفقاً للمادة (275) منه، ثم أطلق على إحداها عبارة «إشكالات التنفيذ» عندما يكون المطلوب إتخاذ إجراء وقتي، ولم ينص على الإشكالات الموضوعية، ونظم قواعد إشكالات التنفيذ وحدها وترك باقي منازعات التنفيذ للقواعد العامة، والمقرر أن لكل حق دعوى تحميه، فمن ينازع في التنفيذ لمساسه بحقوقه، تعين عليه اللجوء إلي الدعوى التي من شأنها حماية تلك الحقوق، فإن كان يخشى عليها من فوات الوقت لجأ للدعوى المستعجلة متى توافر لديه شرط الاستعجال وكان يطلب إتخاذ إجراء وقتي لا يمس أصل الحق، وإن أراد حسم موضوع المنازعة لجأ إلي دعوى التنفيذ الموضوعية سواء رفعت قبل تمام التنفيذ أو بعد تمامه.
مفاد ذلك، أن قانون المرافعات الحالي، اعتبر كل ما يعرض في التنفيذ، منازعات تنفيذ، وقسم هذه المنازعات إلي إشكالات وقتية ودعاوى تنفيذ، فإن كان المطلوب إتخاذ إجراء وقتي مستعجل للخشية على الحق من فوات الوقت، لجأ المدعي إلي الدعوى المستعجلة، وإن طلب حسم موضوع المنازعة، لجأ إلى دعوى التنفيذ الموضوعية سواء كان ذلك قبل تمام التنفيذ أو بعد تمامه، ومن ثم فلا موجب لإطلاق عبارة «الإشكال الموضوعي» علي دعوى التنفيذ الموضوعية، وذلك التزاماً بنصوص القانون المعمول بها ورفعاً للبس قد يؤدي إلى إعمال قواعد في غير موضوعها.
وعلي هذا الأساس، فإن الطلب الذي يرمي إلى عدم إتمام التنفيذ وحسم المنازعة المتعلقة به. ينصرف إلى دعوى التنفيذ السابقة علي تمام التنفيذ، فإن كان التنفيذ قد تم ورفعت الدعوى لإتخاذ إجراء وقتي بعدم الاعتداد بالتنفيذ وتوافر شرط الاستعجال، انصرف ذلك إلي دعوى التنفيذ المستعجلة، أما إن أراد المدعي حسم المنازعة التي يتمسك بها بعد تمام التنفيذ، فإن ذلك ينصرف إلي دعوى التنفيذ الموضوعية اللاحقة لتمام التنفيذ.
والعبرة في تحديد طبيعة المنازعة، هي بالطلب الذي يطرح فيها وبالوقت الذي يطرح فيه علي نحو ما تقدم، والعبرة بالتحديد الذي يتفق وصحيح القانون. فلا يتقيد قاضي التنفيذ بالتكييف الذي يعطيه المدعي لمنازعته حتي لو أقره المدعى عليه، إنما يتعين على قاضي التنفيذ أن يعطي الدعوى وصفها الصحيح وتكييفها الذي يتفق والقانون ثم يقضي فيها وفقاً لما خلص إليه، إذ أصبح الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ بالنسبة لجميع منازعات التنفيذ سواء كانت وقتية أو موضوعية خلافاً للقانون السابق علي نحو ما تقدم، وبذلك يكون قاضي التنفيذ قد جمع الاختصاصين معاً، فأصبح هو قاضي الأمور المستعجلة عندما ينظر الإشكال الوقتي أو دعوى التنفيذ المستعجلة، ومحكمة الموضوع عندما ينظر دعوى التنفيذ الموضوعية.
رفع دعوى التنفيذ الموضوعية قبل الشروع فيه أو بعده:
أوضحنا فيما تقدم أن دعوى التنفيذ الموضوعية ليست إشکالاً في التنفيذ بالمعنى الذي قصده المشرع في قانون المرافعات الحالي، وإنما هي دعوى موضوعية شأنها في ذلك شأن أي دعوى موضوعية ولا تفترق عنها إلا أنها تتعلق بالتنفيذ فحسب وهو ما يجعل الاختصاص بها ينعقد لقاضي التنفيذ دون غيره، مثال ذلك دعوى براءة الذمة لانقضاء التزام المدين، فإنه يجوز للمدين رفعها للقضاء ببراءة ذمته ويكون الحكم الصادر فيها قاطعا في ذلك ومتى أصبح نهائياً، حاز قوة الأمر المقضي، بعد أن حسم تلك المسألة بصدوره في دعوى موضوعية. فإذا تراخى المدين ولم يسدد دينه فاستصدر الدائن حكماً بإلزامه به مستوفياً شروط السند التنفيذي، وحينئذ قام المدين بسداد الدين فأصبحت ذمته بريئة منه، ومع ذلك اتخذ الدائن . أو ورثته . مقدمات التنفيذ أو بدر منه ما يدل علي عزمه على اتخاذها، مما اضطر معه المدين إلي مجابهة هذا العزم استناداً إلى براءة ذمته بعد أن قضي دينه بعد صدور الحكم بإلزامه به، وليس له من سبيل إلا إقامة دعوى ببراءة ذمته . فإذا رفعها كدعوى مستقلة، كان ذلك جائزاً إلا أنها لا تنال من إجراءات التنفيذ أو من قوة الحكم التنفيذية، وحتى يحقق هذا الغرض، فإنه يرفع دعوى تنفيذ موضوعية أمام قاضي التنفيذ بطلب موضوعي بزوال قوة الحكم التنفيذية وببراءة ذمته من الدين المحكوم به، فيتصدي قاضي التنفيذ لهذه الدعوى كما تتصدى لها محكمة الموضوع تماما عندما ترفع أمامها دعوى براءة الذمة على انفراد على نحو ما تقدم. فيمحص مستندات المدعي ومستندات المدعى عليه ويناقش دلالة كل منها ويتخذ كافة إجراءات الإثبات المقررة قانوناً من إحالة الدعوى إلي التحقيق وندب الخبراء ومضاهاة الخطوط واستجواب الخصوم وإلزام أحدهم بتقديم مستند تحت يده وتوجيه اليمين الحاسمة. مثله في ذلك مثل محكمة الموضوع تماماً، فإن خلص إلي أن المدين قام فعلاً بالوفاء بدينه بعد صدور الحكم، مما يترتب عليه إمتناع تنفيذه جبراً بعد أن تم تنفيذه طوعاً، وبذلك تزول قوته التنفيذية ويفقد صفته كسند تنفيذي إذ أن مناط بقاء هذه الصفة استمرار تلك القوة ولا يتوافر ذلك إلا في حالة الإمتناع عند التنفيذ، ويقضي تبعاً لذلك ببراءة ذمة المدعي من الدين الثابت بالحكم ويزوال القوة التنفيذية الذات الحكم، ويقيم قضاءه على أسباب موضوعية يتناول فيها تمحيص الأدلة و الدفوع وأوجه الدفاع.
وترفع دعوى التنفيذ الموضوعية بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي وذلك بإيداع صحيفتها قلم کتاب محكمة التنفيذ، ولا يجوز رفعها أمام معاون التنفيذ عند الشروع في التنفيذ إذ ينحصر هذا الطريق الاستثنائي في الإشكال الوقتي في التنفيذ، فلا يتصل قاضي التنفيذ بدعوى التنفيذ الموضوعية إلا إذا رفعت إليه بالطريق الذي رسمه القانون بإيداع صحيفتها قلم الكتاب التزاماً بإجراءات التقاضي ذات الاتصال بالنظام العام مما يتصدى له قاضي التنفيذ ولو من تلقاء نفسه كما تتصدى لذلك محكمة الاستئناف ومحكمة النقض، ولا يتعلق ذلك باختصاص قاضي التنفيذ، إذ أنه يختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، وإنما يتعلق بالإجراء الواجب اتخاذه لاتصال قاضي التنفيذ بالمنازعة. بحيث إذا اتخذ المدعي الإجراء الواجب المقرر قانوناً التحقق هذا الاتصال، كانت الدعوى مقبولة، أما إذا إتخذ طريقاً غيره، انتفت مقومات هذا القبول.
ولما كان المقرر أن منازعة التنفيذ الموضوعية، يجوز رفعها قبل تمام التنفيذ أو بعد تمامه، كما أن دعوى التنفيذ المستعجلة ترفع بعد تمام التنفيذ وبالإجراءات المعتادة أيضاً، فإذا رفعت أي منها أمام معاون التنفيذ عند التنفيذ - تعين القضاء بعدم قبولها، لكن إذا رفعت دعوى تنفيذ مستعجلة وتبين أنها دعوى موضوعية، فإنها تكون مقبولة لرفعها بالطريق الذي رسمه القانون.
ويري راتب بندي 425، 426 أن المنفذ ضده إذا رفع أمام معاون التنفيذ إشكالاً وقتياً وتبين أنه دعوى تنفيذ موضوعية، فإنها تكون مقبولة إذا بدأت كإشكال وقتي رفع بالطريق القانوني - إذ ينحصر عدم القبول في الحالة التي ترفع بها باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية إذ تكون حينئذ قد رفعت بغیر الطريق القانوني.
ويري راتب أيضاً أنه إذا رفعت منازعة أمام قاضي التنفيذ على أنها إشكال وقتي في التنفيذ ثم اتضح أنها في واقع الأمر إشكال موضوعي، فإنه يتعين عليه أن يصدر حكما أثناء سير الخصومة يوضح فيه أن المنازعة موضوعية وليست إشكالاً وقتياً ويأمر في هذا الحكم بإزالة الأثر الموقف الذي كان قد ترتب تلقائياً على رفع هذه الدعوى باعتقاد أنها إشكال وقتي. أي يأمر في الحكم بالاستمرار في التنفيذ، كما يحدد جلسة لنظر المنازعة في صورتها الحقيقية أي كإشكال موضوعي.
وتنعقد الخصومة في دعوى التنفيذ الموضوعية بإعلان المدعى عليه أو بحضوره أي من الجلسات ولو لم يكن قد أعلن، أو كان إعلانه باطلاً دون حاجة لتسلمه صورة من صحيفة الدعوى أو إقراره بتسلمها إذ يكفي الحضور المجرد لانعقاد الخصومة.
ويجب أن تتضمن الصحيفة البيانات التي تضمنتها المادة (63) من قانون المرافعات ويترتب البطلان علي خلوها من الجوهري منها، ويجب أن يوقع عليها محام عملاً بالمادة (58) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وإلا كانت باطلة بطلاناً مطلقاً تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها متى كانت قيمتها تجاوز خمسين جنيها حسبما قدرته تلك المادة والتي لم يمتد إليها تعديل النصاب الذي جاء به القانون رقم 23 لسنة 1992 ولانتفاء شروط التعديل الضمني والتي تتحقق عند الإحالة إلي قانون المرافعات فيما يتعلق بالنصاب الانتهائي لمحكمة المواد الجزئية، أما وقد جاء قانون المحاماة خلوا من تلك الإحالة وتولي تحديد النصاب اللازم لتوقيع محام علي الصحيفة ورتب البطلان على خلوها منه متى جاوزت هذا النصاب، فيظل نص المادة (58) سالف البيان هو الذي يحكم قواعد البطلان المترتب على عدم توقيع صحيفة الدعوى فيما يتعلق بالنصاب.
كما تخضع دعوى التنفيذ الموضوعية لسائر القواعد المتعلقة بسير الخصومة، فيرد عليها الوقف والانقطاع والدفع باعتبارها كأن لم تكن إن لم تعلن صحيفتها خلال ثلاثة أشهر عملاً بالمادة (70) من قانون المرافعات أو لعدم تجديدها من الشطب خلال ستين يوماً عملاً بالمادة (82) منه، كما يرد عليها الوقف الجزائي خلافاً للإشكال الوقتي الذي يرفعه المنفذ ضده أو الغير إذ يترتب عليه وقف التنفيذ بحيث إذا أوقف السير فيه جزائياً، ظل الأثر الموقف له قائماً وهو ما يسعى إليه المستشكل ولأن وقف التنفيذ لا يزول إلا إذا حكم قاضي التنفيذ بذلك.
ويجوز رفع دعوى التنفيذ الموضوعية فور استيفاء الحكم قوته التنفيذية والتي بمقتضاها يجوز تنفيذه جبراً على المدين، ويتحقق ذلك بصدوره بصفة انتهائية أو بصيرورته نهائياً أو بشموله بالنفاذ المعجل بأمر من المحكمة أو بقوة القانون ولو لم تكن الصيغة التنفيذية قد وضعت عليه بعد لأنه يستمد قوته التنفيذية من إمكان تنفيذه جبراً عند استيفائه مقوماته على نحو ما تقدم وإن وضع الصيغة التنفيذية مجرد شرط لقيام قلم المحضرين باتخاذ إجراءات التنفيذ، ومن ثم تكون الدعوى مقبولة ولو لم يكن التنفيذ قد شرع فيه .
دعوى التنفيذ المستعجلة :
أوضحنا فيما تقدم أن منازعات التنفيذ قد ترفع قبل البدء في التنفيذ أو قبل أن تتم إجراءاته إذا كان معاون التنفيذ قد بدأ فيها، وحدد المشرع طريقين لرفع المنازعة في هذه المرحلة، أحدهما مستعجل يتمثل في رفع إشكال وقتي في التنفيذ يترتب عليه وقف التنفيذ بقوة القانون ويرفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى بإيداع صحيفة الإشكال قلم کتاب محكمة التنفيذ أو بعرضه علي معاون التنفيذ عند التنفيذ أو بتقديمه كطلب عارض في دعوى التنفيذ الموضوعية أو في الإشكال المرفوع من الغير عندما يرغب الملتزم في السند التنفيذي في رفع إشكال. أما الطريق الثاني لرفع المنازعة في ذات المرحلة، فيتمثل في دعوى التنفيذ الموضوعية عندما تكون الظروف مهيئة أمام المحكوم عليه لحسم المنازعة بحكم موضوعي يحوز حجية دائمة، وترفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب.
كما أن منازعات التنفيذ قد ترفع بعد تمام التنفيذ عندما يتوقع الحجز أو يتم البيع أو تسلم العين أو يسد المطل. وحدد المشرع طريقين أيضاً لرفع المنازعة في تلك المرحلة، أحدهما مستعجل يتمثل في رفع دعوى تنفيذ مستعجلة، لا يترتب على رفعها وقف التنفيذ، فقد تم قبل رفعها ولكن يقصد بها إتخاذ إجراء وقتي يتعلق بهذا التنفيذ بوقف الآثار التي ترتبت عليه مؤقتا، فإن تمثل التنفيذ في توقيع الحجز، رفعت دعوى التنفيذ المستعجلة للقضاء بعدم الاعتداد بهذا الحجز، وترفع تلك الدعوى بالطريق المعتاد بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة التنفيذ، وباعتبارها دعوى مستعجلة متعلقة بالتنفيذ، فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لقاضي التنفيذ وحده. باعتبارها منازعة تنفيذ وقتية مما يختص به عملاً بالمادة (275) من قانون المرافعات التي عقدت الاختصاص له بنظر تلك المنازعات.
ويخضع قاضي التنفيذ عند نظره دعوى التنفيذ المستعجلة للقواعد العامة المقررة بالنسبة للدعاوى المستعجلة وفقاً للمادة (45) من قانون المرافعات، ومن ثم يلتزم عند التصدي لها من التحقق من توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، حتى يفصل في الدعوى باعتبارها دعوى تنفيذ مستعجلة فإن تخلف أي من الشرطين، وتوافرت في المنازعة مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية، فإنه ينزل بها هذا الوصف وفقاً للتكييف الذي خلص إليه ثم يقضي في المنازعة باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية رفعت بعد تمام التنفيذ، وباعتباره مختصاً نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الموضوعية والمستعجلة، فإنه يتصدى للدعوى على نحو ما تقدم ولا يقضي فيها بعدم اختصاصه فإن لم تتوافر مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية قضي بعدم قبول الدعوى، مثال ذلك رفع دعوى مستعجلة فيها مساس بحجية الحكم، خلافاً لقانون المرافعات السابق الذي كان يعقد الاختصاص بنظر إشكالات التنفيذ الوقتية لقاضي الأمور المستعجلة بينما يعقد الإختصاص بنظر الإشكالات الموضوعية للمحكمة المختصة بنظر الموضوع ومن ثم كان قاضي الأمور المستعجلة إذا تبين انتفاء شرطي الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق أو أحدهما، كان يقضي بعدم اختصاصه، ولم يلتزم القانون الحالي هذا النهج فعقد لقاضي التنفيذ الإختصاص بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية على حد سواء، وأغناه عن التحقق من شرط الاستعجال عندما يعقد الإختصاص له في منازعة معينة بموجب نص خاص ويضفي عليه صفة قاضي الأمور المستعجلة عندما يتصدي لها، أما إذا انعقد اختصاصه بنظر منازعة متعلقة بالتنفيذ عملاً بالمادة (275) ورفعت بها دعوى مستعجلة، فإنه لا يكون قد اختص بها بموجب نص خاص وإنما بموجب تلك المادة، مما يتعين معه التحقق من توافر شرط الإستعجال وأيضاً شرط عدم المساس بأصل الحق عملاً بالمادة (45) من قانون المرافعات.
ويتمثل الطريق الثاني في دعوى التنفيذ الموضوعية التي ترفع بعد تمام التنفيذ لحسم المنازعة واستصدار حكم موضوعي يحوز حجية دائمة عندما يحوز قوة الأمر المقضي، ولا يترتب عليه وقف التنفيذ، فقد تم التنفيذ قبل رفعها، وترفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي بإيداع صحيفتها قلم الكتاب، ويجب أن تتعلق بالتنفيذ حتى يختص بها قاضي التنفيذ.
فالمنازعة الوقتية المستعجلة إذا رفعت قبل التنفيذ، كانت إشكالاً في التنفيذ يترتب عليه وقف التنفيذ، أما إذا رفعت بعد التنفيذ، كانت دعوى تنفيذ مستعجلة. والمنازعة الموضوعية إذا رفعت، سواء قبل التنفيذ أو بعده، كانت دعوى تنفيذ موضوعية، ويقصد بها عند رفعها قبل التنفيذ منع إجرائه، فإن رفعت بعد التنفيذ، قصد بها إهدار التنفيذ الذي تم وإلغاء آثاره.
شروط دعوى التنفيذ المستعجلة:
دعوى التنفيذ المستعجلة، هي دعوى من الدعاوى المستعجلة التي تتعلق بالتنفيذ وترفع إلي قاضي التنفيذ ليحكم فيها بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق وترد علي مسألة يخشى عليها من قوات الوقت إن كان التنفيذ قد تم.
وإن كانت الدعاوى المستعجلة ينعقد الاختصاص بنظرها لقاضي الأمور المستعجلة عملا بالمادة (45) من قانون المرافعات، فإن مناط هذا الاختصاص ألا تتعلق هذه الدعاوي بالتنفيذ إذ لا تعتبر حينئذ منازعات تنفيذ، أما إذا تعلقت بالتنفيذ، فتكون منازعات تنفيذ ويختص بها قاضي التنفيذ وفقاً لاختصاصه العام المقرر بالمادة (275) من قانون المرافعات، ويترتب على ذلك، أنه يشترط لاعتبار المنازعة دعوى تنفيذ مستعجلة، أن ترفع بعد تمام التنفيذ، وأن تتعلق بهذا التنفيذ، فضلاً عن توافر شرطي الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق، وذلك على التفصيل التالي:
(أ) رفع الدعوى بعد تمام التنفيذ:
يجب لاعتبار منازعة التنفيذ، دعوى تنفيذ مستعجلة، أن ترفع بعد أن يتم التنفيذ، وقد يتم التنفيذ على مرحلة واحدة كتسليم العين أو إخلائها أو هدم حائط أو سد مطل، وقد يتم على مراحل متتالية كالحجز ثم البيع، ويتم التنفيذ بالانتهاء منه وتوقيع محضره، كما لو أنتم معاون التنفيذ فتح محضر الحجز وإثبات المحجوزات ثم توقيعه على المحضر، وبذلك يتم التنفيذ بالحجز، فإذا نازع المحجوز عليه في هذه الحالة، فإنه يلجأ إلى دعوى التنفيذ المستعجلة إذا انحصر طلبه في إجراء وقتي مستعجل لإزالة الأثر الذي رتبه هذا الحجز بصفة مؤقتة وذلك باستصدار حكم بعدم الاعتداد بالحجز الذي توقع، أما المرحلة التي لم تكن قد تمت، كمرحلة البيع التي تعقب مرحلة الحجر، فإن التنفيذ بالنسبة لها لا يكون قد تم وحينئذ لا تكون محلاً لدعوى تنفيذ مستعجلة وإنما الإشكال وقتي بوقف تنفيذ البيع.
وإذا بدأ التنفيذ في مرحلة ولكنه لم يكن قد تم عند رفع الإشكال، فإنه يتعين وقف التنفيذ وعدم الإستمرار فيه إلا إذا حكم بذلك، ولا يعتبر التنفيذ قد تم لمجرد تمام جزء منه، وإنما يلزم لذلك أن يتم علي نحو تنقضي به المرحلة كلها، مثال ذلك أن يبدأ معاون التنفيذ في التنفيذ ببيع المنقولات المحجوز عليها، فإن كان قد باع بعضها بإرساء مزادها وقبض الثمن، تم رفع اشکال وقتي قبل بيع باقي المحجوزات، تعيين وقف البيع وعدم تسليم ما تم بيعه حتي يحكم في الإشكال، وأيضاً إذا بدء في هدم حائط أو سد مطل. ومتى تم بيع آخر منقول. يكون التنفيذ قد تم حتى لو كان محضر البيع لم يوقعه معاون التنفيذ بعد، فقد تم التنفيذ بإرساء المزاد دون أن يتوقف ذلك على هذا التوقيع.
(ب) يجب أن تتعلق الدعوى بالتنفيذ:
لكل حق دعوى تحميه، والالتجاء إلى القضاء لحماية الحق، قد يكون بصفة مستعجلة عندما يخشى صاحب الحق من فوات الوقت. فإن لم تتوافر هذه الخشية، كان اللجوء إلى القضاء بالدعوى الموضوعية. ويلجأ صاحب الحق إلى الدعوى المستعجلة أو إلي دعوى التنفيذ المستعجلة إذا كان يخشى من فوات الوقت. وهو ما يتوافر به شرط الاستعجال في الدعويين، ولكنهما تختلفان من حيث الاختصاص بنظرهما، فالدعوى الأولي يختص بنظرها قاضي الأمور المستعجلة عملاً بالمادة (45) من قانون المرافعات بينما يختص بالثانية قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة عملا بالمادة (275) من ذات القانون، ومناط التفرقة بين الدعويين، أن الأولى تتعلق بجميع المسائل المستعجلة، أما الثانية فتقتصر على تلك المسائل إذا تعلقت بتنفيذ السندات التنفيذية، وترد کاستثناء علي الأولي، فالأصل أن جميع المسائل المستعجلة ترفع إلي قاضي الأمور المستعجلة إلا ما يتعلق منها بالتنفيذ فيرفع إلي قاضي التنفيذ الذي يختص بها وحده إختصاصاً نوعياً متعلقاً بالنظام العام، ويترتب على ذلك أن الدعوى المستعجلة إذا رفعت إلى قاضي الأمور المستعجلة وتبين له تعلقها بالتنفيذ، تعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه نوعياً بنظرها وإحالتها بحالتها إلى قاضي التنفيذ، فإن لم يلتزم بذلك كان قضاؤه مخالفاً لقواعد الاختصاص النوعي ويتعين الطعن فيه لهذا السبب، فإن لم يطعن فيه خلال الميعاد، ظلت له حجيته المؤقتة وامتنع المساس بها إلا إذا تغيرت الظروف التي صدر فيها أو قضي نهائيا في الموضوع، بحيث إذا أعيد طرح النزاع على قاضي التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة، ولم تكن الظروف قد تغيرت، تعين عليه القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها إذ یرد هذا الدفع على كافة الدعاوي ومنها الدعاوي المستعجلة، ولتعلقه بالنظام العام فيتصدي له قاضي التنفيذ ولو من تلقاء نفسه.
وإذا رفعت دعوى إلي قاضي التنفيذ، باعتبارها دعوى تنفيذ مستعجله، وتبين له أنها لا تتعلق بالتنفيذ الذي تم، تعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه بنظرها وإحالتها إلى قاضي الأمور المستعجلة. أما إن تبين له أنها تتصل بأصل الحق وأن حقيقة المطلوب فيها حسم النزاع بحكم موضوعي، فإنه لا يقضي بعدم اختصاصه بنظرها، ووفقاً للأصل العام المقرر في هذه الحالة بالنسبة للدعاوي التي ترفع إلى القضاء المستعجل، فإنه يقضي فيها بعدم الاختصاص وبإحالتها إلى محكمة الموضوع المختصة، وإن كان هذا الأصل ينطق بالنسبة القاضي الأمور المستعجلة، فإنه لا يمتد إلي قاضي التنفيذ حتى لو كانت الدعوى مطروحة عليه بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة، إذ أنه هو المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الموضوعية والمستعجلة، ومن ثم فلا يساغ له أن يقضي بعدم اختصاصه وإحالة ذات الدعوى إلي نفسه لنظرها بوصفه قاضي الموضوع، لذلك فهو يتصدى للموضوع من تلقاء نفسه ويصدر حكماً موضوعياً بذات الصلاحيات المقررة لمحكمة الموضوع .
وإذا طرحت الدعوى على قاضي التنفيذ باعتبارها دعوى تنفيذ مستعجلة وترافع فيها الخصوم على هذا الأساس، وعندما حجزها للحكم تبين له مساسها بأصل الحق فإنه لا يجوز له في هذه الحالة أن يفصل فيها کدعوى موضوعية، وإلا كان قضاؤه مشوباً بالإخلال بحق الدفاع، إذ ترافع الخصوم في الدعوى علي أن المطلوب فيها إجراء وقتياً كدعوى تنفيذ مستعجلة، وبالتالي فقد اقتصر دفاعهم فيها على عدم المساس بالموضوع مما يحول دونهم والتمسك بالأدلة الموضوعية، فإن باغتهم قاضي التنفيذ وتصدي للموضوع، يكون قد حال دونهم وإبداء أوجه دفاعهم المناسبة، مفاد ذلك، أن قاضي التنفيذ إذا تبين له تعلق الدعوى التي رفعت باعتبارها دعوى تنفيذ مستعجلة، أنها في حقيقتها دعوى تنفيذ موضوعية، أن ينبه الخصوم إلي ذلك أثناء المرافعة ويمكنهم من إبداء أوجه دفاعهم وفقاً للتكييف الذي خلص إليه، وإذا حجزها للحكم بعد ذلك وصح بمذكرات، فإن ذلك ينصرف إلى الموضوع بعد تمكين الخصوم علي نحو ما تقدم، أما إن لم يكن قد نبههم، فإنه يجب عليه أن يعيد الدعوى للمرافعة لإبداء أوجه الدفاع الموضوعية، ولا يخطر بقرار الإعادة إلى المرافعة إلا من لم يسبق خضوره، فإن سبق حضور جميع الخصوم، فلا موجب لإخطارهم، بحيث إذا أعيد حجز الدعوى للحكم، كان القاضي التنفيذ الفصل في الدعوى كدعوى تنفيذ موضوعية ولو تغيب أحد الخصوم بعد إعادتها للمرافعة وحتي حجزها للحكم، إذ يكفي تمكين المحكمة الخصوم من إبداء أوجه دفاعهم الموضوعية، ولا تثريب عليها بعد ذلك أن تقضي في الموضوع.
لكن إذا طرح علي قاضي التنفيذ الدعوى باعتبارها دعوى تنفيذ مستعجلة، وتبين له أن المطلوب بحسب الطلبات الأصلية أو المعدلة فصل في أصل الحق وعدم تعلق ذلك بتنفيذ السند التنفيذي، فإنه يتعين عليه أن يتخلى عن الفصل في الدعوى ويحكم بعدم اختصاصه بنظرها ويحيلها لمحكمة الموضوع المختصة بالطلبات المعروضة عملاً بالمادتين (109)، (110) من قانون المرافعات، إذ يقتصر اختصاص قاضي التنفيذ على منازعات التنفيذ وهي الدعاوى التي لها اتصال بالتنفيذ، فإذا انتهى هذا الاتصال، خضعت للقواعد العامة في الاختصاص. ولا يكفي توافر هذا الاتصال لينعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ، بل يتعين أن يطلب منه التصدي لإجراءات التنفيذ المراد اتخاذها أو التي اتخذت فعلاً، مثال ذلك أن يتوقع حجز على المحكوم عليه، ويتمسك بعد ذلك أمام قاضي التنفيذ بأنه قام بالوفاء بعد صدور الحكم الذي ألزمه بالأداء، ويطلب تبعا لذلك الحكم ببراءة ذمته، وحينئذ يتعين علي قاضي التنفيذ أن يقضي بعدم اختصاصه نوعيا بنظر الدعوى ويأمر بإحالتها إلى محكمة الموضوع بحسب قيمة الدعوى، فإن لم تجاوز تلك القيمة خمسة آلاف جنيه، كانت الإحالة للمحكمة الجزئية، أما إن جاوزتها كانت الإحالة للمحكمة الابتدائية، ذلك لأن قاضي التنفيذ لا يختص بدعوى براءة الذمة إلا إذا اقترن هذا الطلب، بطلب بطلان الحجز، إذا طرح . عليه طلباً موضوعياً، أو بعدم الاعتداد بالحجز إذا طرح عليه طلباً وقتياً. فإن كان الطلب موضوعياً، تصدي لأصل الحق فيما يتعلق ببطلان الحجز وببراءة الذمة لإصدار حكم يحسم به النزاع في موضوع البطلان وبراءة الذمة. أما إن كان الطلب وقتيا، بعدم الاعتداد بالحجز، فإن قاضي التنفيذ لا يتصدي الموضوع الحجز أو لموضوع براءة الذمة، وإنما يستخلص ما يقضي به في هذا الإجراء الوقتي من ظاهر المستندات وينحصر قضاؤه في عدم الاعتداد بالحجز وهو الإجراء الوقتي المطروح عليه.
فدعوى التنفيذ المستعجلة، مناطها، المساس بالتنفيذ إيجاباً أو سلباً بإصدار حكم وقتي بالإبقاء عليه أو بعدم الاعتداد به، فإن لم تنصب علي ذلك، فلا تكون منازعة وقتية في التنفيذ، وحينئذ لا يختص قاضي التنفيذ بنظرها إلا إذا وجد نص في القانون يعقد له الاختصاص بها، إذ لا يكفي الاختصاصه أن تثار منازعة بمناسبة إجراءات التنفيذ، كدعوى التعويض عن الإشكال الكيدي، فهي ليست منازعة تنفيذ، إلا أن المشرع عقد الاختصاص بها القاضي التنفيذ وفقا للمادة (315) من قانون المرافعات، ولولا هذا النص الخرج الاختصاص بها عن ولاية قاضي التنفيذ، وذلك على ما أوضحناه فيما تقدم بند «التعويض عن الإشكال الكيدي».
والتنفيذ المعني، هو التنفيذ الجبري، فكلما كان السند التنفيذي يتطلب تنفيذاً جبراً بتدخل السلطة العامة، انعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بنظر المنازعة لتعلقها بتنفيذ جبري، وبالتالي لا يختص إذا كانت المسألة لا تتعلق بتنفيذ جبري، مثال ذلك، الحكم الصادر بتكييف العلاقة بين الخصوم باعتبارها متضمنة إيجاراً مفروشاً أو خالياً، أو اعتبار العقد متضمناً إيجار جدك، أو الحكم الصادر بصحة ونفاذ العقد المبرم بين الخصوم، والحكم الصادر بتعيين حارس قضائي على الأعيان إن كانت تلك الأعيان تحت يد هذا الحارس، ففي هذه الحالات لا يتطلب تنفيذ الحكم تدخل السلطة العامة وبالتالي لا يحتاج إلى تنفيذ جبري، لكن إذا قضى بصحة ونفاذ العقد مع التسليم، أو بتعيين حارس قضائي علي الأعيان التي في حيازة الغير مما يوجب تسليمها للحارس فإن هذه الأحكام تتطلب تنفيذاً جبرياً، فإن تم جاز رفع دعوى تنفيذ مستعجلة يختص بها قاضي التنفيذ دون سواه، خلافاً للحالات سالفة البيان التي لا تتطلب تنفيذاً جبرياً، فإن الاختصاص بها يخضع للقواعد العامة حسبما كان المطلوب فيها إتخاذ إجراء وقتي أم استصدار حكم موضوعي، مع مراعاة أن الحكم بتكييف العقد لا تنتهي به الخصومة كلها في ظل قانون المرافعات الحالي عملاً بالمادة (212) من قانون المرافعات، ومن ثم لا ينعى على الحكم إلا مع الطعن في الحكم الذي ينهي الخصومة كلها والذي يكون محلاً لمنازعات التنفيذ إذا تتطلب تنفيذاً جبرياً.
وإذا تم التنفيذ الجبري، ورفعت دعوى مستعجلة بعد ذلك ولم ينصرف الطلب فيها إلى المساس بهذا التنفيذ، فإنها لا تكون دعوى تنفيذ مستعجلة، وإنما دعوى مستعجلة عادية مما يختص به قاضي الأمور المستعجلة، مثال ذلك أن يتم تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل بتسليم المنقولات أو عين النزاع، ويحدث المحكوم له أضرارا بها، فيرفع المحكوم عليه دعوى مستعجلة بإثبات حالتها حتى إذا ما ألغي الحكم استئنافياً، يكون الدليل عن الإضرار معاً، ويختص قاضي الأمور المستعجلة بنظر تلك الدعوى وفقاً للمادة (45) من قانون المرافعات دون قاضي التنفيذ الذي ينحصر اختصاصه في المنازعة التي تمس التنفيذ وليست دعوى إثبات الحالة من هذا القبيل، ومثل دعوى إثبات الحالة، الدعوى المستعجلة بتعيين حارس قضائي على العين محل التنفيذ أو الدعوى المستعجلة بترميمها سواء رفعت من المحكوم عليه أو من مستأجرها، إذ لا شأن لها بالتنفيذ عليها. وإن لم يكن التنفيذ قد تم وظلت العين في حيازة المحكوم عليه، وخشي عليها من بقائها تحت يده حتى يتم التنفيذ بالبيع. فإن دعوى الحراسة القضائية التي ترفع في شأنها لا تمس التنفيذ وبالتالي ينعقد الاختصاص بها لقاضي الأمور المستعجلة دون قاضي التنفيذ.
وإذا استند المدعي في دعوى التنفيذ المستعجلة إلى عناصر موضوعية کالوفاء بالدين وبراءة ذمته منه بعد صدور الحكم المنفذ به، توافرت مقومات هذه الدعوى إذ تندمج تلك العناصر في الشروط الواجب توافرها لإجراء التنفيذ، ولا تتوافر تلك المقومات إذا انتفى هذا الاندماج، وذلك على ما أوضحناه بالبند التالي.
(ج) يجب أن يتوافر شرط الاستعجال
ينعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بنظر دعوى التنفيذ المستعجلة بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة عملاً بالمادة (275) من قانون المرافعات، وهو ما يتطلب توافر شرط الاستعجال في هذه الدعوى لاعتبارها منازعة تنفيذ وقتية والتصدي لها علي هذا الأساس، بحيث إذا انتفى هذا الشرط و استوفت الدعوى مقومات الطلب الموضوعي، تصدى لها قاضي التنفيذ باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية، فشرط الاستعجال يجب توافره لينظر قاضي التنفيذ الدعوى على أنها دعوى تنفيذ مستعجلة، فإذا انتفى هذا الشرط، فلا يقضي بعدم اختصاصه نوعياً بنظرها لانعقاد الاختصاص له، لتعلق المنازعة بالتنفيذ ولأن المطلوب فيها إجراء وقتياً، فلا شأن لهذا الشرط بالاختصاص.
وإذا انتفى شرط الإستعجال، ولم تتوافر مقومات الطلبات الموضوعية، فإن قاضي التنفيذ يحكم برفض الدعوى وليس بعدم اختصاصه، ويتحقق ذلك عندما تتعلق الدعوى بأصل الحق مع بقاء الطلب الوقتي على حاله، مثال ذلك أن ترفع دعوى تنفيذ مستعجلة استناداً إلى بطلان الحكم المنفذ به. وهو أساس يمس حجية الحكم وبالتالي أصل الحق، ولا تتوافر في هذا الأساس مقومات الطلب الموضوعي.
وتتوافر مقومات الطلب الموضوعي عندما ترفع دعوى تنفيذ مستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز الذي توقع في حجز ما للمدين لدي الغير، وتبين لقاضي التنفيذ عدم استيفائها لشرط الاستعجال وأن حقيقة المطلوب فيها هو استصدار حكم برفع الحجز، وهو طلب يتعلق بأصل الحق ويمس موضوع المنازعة، وبذلك يتوافر في الطلب المطروح عليه مقومات الطلب الموضوعي الذي يختص به، وحينئذ لا يقضي بعدم اختصاصه إذ يختص بالطلب الموضوعي أيضاً طالما تعلق بالتنفيذ، ولا يقضي برفض الدعوى إذا توافرت لديه مقومات الطلب الموضوعي الذي يختص به، وإنما يتصدى للدعوى باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية لاحقة لتمام التنفيذ.
وتختلف دعوى التنفيذ المستعجلة عن الإشكال الوقتي في التنفيذ، فيما يتعلق بشرط الاستعجال، إذ يتعين علي قاضي التنفيذ أن يتحقق من توافر هذا الشرط في تلك الدعوى التي ينظرها بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة عملاً بالمادة (275) من قانون المرافعات والتي لم يفترض المشرع توافره بالنسبة لها، بينما اعتبر المشرع الإشكال الوقتي مستعجلاً بطبيعته متوافراً فيه شرط الاستعجال وهو ما يغني عن التحقق من قيامه في المنازعة عملا بالمادة (312) من ذات القانون. ويترتب على ذلك أن المحكوم عليه إذا أقام إشكالاً وقتیان فلا يكلف بإثبات شرط الاستعجال لافتراض توافره بقوة القانون، وعند نظره تبين أن التنفيذ كان قد تم ليس على سبيل الاحتياط . فإن المنازعة تعتبر دعوى تنفيذ مستعجلة، وحينئذ يلتزم المدعي بإثبات شرط الاستعجال، كما يتعين على قاضي التنفيذ التحقق من قيامه ومن تلقاء نفسه وأن يتقيد في إعمال الأثر المترتب على هذا التكييف من ناحية زوال أثر الإشكال في وقف التنفيذ، وذلك على ما أوضحناه فيما تقدم بند «رفع دعوى التنفيذ الموضوعية ».
وإن كانت المادة (45) من قانون المرافعات لم تتضمن تعريف الشرط الاستعجال فإنها قد وضعت معیاراً يستدل منه عليه بالنظر للظروف التي تحبط بكل مسألة على حدة. فإن كان يخشى عليها من فوات الوقت، كانت المسألة مستعجلة وتوافر في شأنها شرط الاستعجال، وعلى العكس من ذلك، إذا انتفت الخشية من فوات الوقت وانتفى تبعاً لذلك الخطر المحدق، انتفي شرط الاستعجال، وقد تتوافر الخشية في مسألة بالنظر للظروف المحيطة بها بينما تنتفي بالنسبة لذات المسألة متي اختلفت تلك الظروف، ولذلك يتعذر وضع تعريف منضبط لشرط الاستعجال ويتعين ترك التحقق من توافره لتقدير قاضي التنفيذ ولا يتقيد في ذلك باستخلاص المدعي لهذا الشرط.
فإذا تم الحجز على أموال المدين، أدي ذلك إلي منعه من استغلالها أو التصرف فيها وبالتالي يخشي عليها من فوات الوقت لمجرد مظنة تفويت الفرصة علي المدين وحرمانه من ذلك ويتوافر به الخطر المحدق وشيك الوقوع، سواء تم الحجز لدى المدين أو لدى الغير، وسواء كان تنفيذياً أو تحفظياً. لكن إذا كانت تلك الأموال محجوراً عليها لدى الغير، وتبين من ظاهر المستندات أن المحجوز لديه قام بحبسها مما يحول دون المدين واستردادها إذا ما قضى بعدم الاعتداد بالحجز، فإن شرط الاستعجال يكون غير متوافر إذ لا يخشى من فوات الوقت الانتفاء الخطر المحدق.
ويشترط لاعتبار الدعوى، دعوى تنفيذ مستعجلة، أن ترفع بعد تمام التنفيذ وأن تستند إلي سبب يتعلق بالتنفيذ مباشرة، كعدم استيفاء مقدمات التنفيذ لبطلان إعلان السند التنفيذي أو خلو السند التنفيذي من الصيغة التنفيذية، وقد تستند إلي عناصر موضوعية وحينئذ يجب أن تكون هذه العناصر مؤثرة في التنفيذ الذي تم بحيث لا يمكن الفصل في منازعة التنفيذ قبل معرفة أثر توافر تلك العناصر على هذا التنفيذ، مثال ذلك أن يتم التنفيذ بالحجز على منقولات المحكوم عليه، فيرفع دعوى تنفيذ مستعجلة بطلب وقتي يتمثل في عدم الاعتداد بالحجز الذي توقع ويستند فيها إلى عناصر موضوعية تتعلق بالوفاء بالدين المحجوز من أجله، وذلك بعد صدور الحكم المنفذ به، وفي هذه الحالة يتعذر الفصل في الدعوى قبل معرفة أثر توافر تلك العناصر أو تخلفها، باعتبار أن التنفيذ قد تم لعدم الوفاء بهذا الدين وما كان أن يتم مع قيام الوفاء. وهو ما تتوافر به مقومات منازعة التنفيذ. فيتصدي قاضي التنفيذ للدعوى متى تحقق من توافر شرط الاستعجال، فإذا استخلص من ظاهر المستندات أن المحكوم عليه قام بالوفاء بذات الدين المحجوز من أجله بعد صدور الحكم المنفذ به، قضى بعدم الاعتداد بالحجز، ولا يتصدى في منطوق الحكم للوفاء، وإنما يستظهره في مدونات حكمه تمهيداً لإصدار قضاء وقتي بعدم الاعتداد، ويراعي أن الاستناد إلى عناصر موضوعية لا يعتبر مساساً بالموضوع.
مفاد ذلك، أن مناط توافر مقومات منازعة التنفيذ المستعجلة، أن تكون العناصر الموضوعية التي أقام المدعى عليها منازعته، هي السبب في تلك المنازعة بحيث يتعذر التصدي للمنازعة إلا بحث مدي توافر العناصر الموضوعية أو تخلفها، فإن لم تتوافر هذه الرابطة انتفت مقومات المنازعة وتعين القضاء برفض الدعوى ما لم ينص القانون على غير ذلك. وتتحقق هذه الرابطة عندما تندمج تلك العناصر في الشروط التي يتطلبها القانون في إجراءات التنفيذ، فإذا تم تنفيذ الحكم اختيارا بالوفاء بالدين المقضي به، ترتب على ذلك زوال قوته التنفيذية وانتفت الشروط اللازمة لتنفيذه جبراً على المحكوم عليه، وحينئذ تكون العناصر الموضوعية المتعلقة بالوفاء وبراءة ذمة المحكوم عليه مندمجة في الشروط الواجب الاعتداد بها عند تنفيذ الحكم جبراً على المحكوم عليه.
ومفاد ذلك، أن الحكم تتوافر شروط تنفيذه جبراً علي المحكوم عليه طالما ظلت ذمته مشغولة بالدين المحكوم به، فإذا تم الوفاء به، بعد صدور الحكم، انتفت تلك الشروط وحال ذلك دون تنفيذه جبراً بعد أن زالت قوته التنفيذية، وهو ما يدل على أن العناصر الموضوعية للمنازعة تندمج فيها الشروط المتعلقة بالتنفيذ، وطالما أن المطلوب في دعوى التنفيذ المستعجلة هو إتخاذ إجراء وقتي بعدم الاعتداد بالحجز، فإن قاضي التنفيذ يستعرض في مدونات حكمه شروط التنفيذ الجبري ويخلص فيها إلى زوال القوة التنفيذية للحكم ويقصر قضاءه على عدم الاعتداد بالحجز.
وإذا صدر حكم من قاضي الأمور المستعجلة بطرد المستأجر من عين النزاع لتأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة لتحقق الشرط الفاسخ الصریح، وبعد تنفيذه، أو جرت العين المستأجر آخر، فأقام المستأجر الأول دعوى تنفيذ مستعجلة بعد قيامه بالوفاء بالأجرة بطلب عدم الاعتداد بالتنفيذ الذي تم وتمكينه من عين النزاع، وحينئذ ينصرف الطلب الوقتي إلي عدم الاعتداد وتتمثل العناصر الموضوعية في التمكين من عين النزاع، وهي عناصر لا تتعلق بشروط التنفيذ الذي تم ولا تعتبر أثراً له، ومن ثم تنتفي مقومات منازعة التنفيذ، ويتعين القضاء برفض الدعوى.
وإن كان شرط عدم المساس بالموضوع ينتفي في المثال المتقدم، لما يتطلبه الفصل في الدعوى من إجراء المفاضلة بين عقدي الإيجار وهو بحث يتعلق بالموضوع، فإن مقومات منازعة التنفيذ الموضوعية تكون غير متوافرة حتى لو عدل المدعي طلباته من طلبات وقتية إلي طلبات موضوعية ببطلان التنفيذ وتمكينه من عين النزاع، ذلك أن منازعة التنفيذ الموضوعية لا تتوافر مقوماتها إلا إذا كان الطلب الموضوعي المقدم فيها والذي يخرج في الأصل عن اختصاص قاضي التنفيذ، كطلب براءة الذمة من الدين المنفذ به، مندمجا في الشروط الواجب توافرها في إجراءات التنفيذ ومرتبطاً بهذه الإجراءات ، فالتنفيذ بالدين يدل على انشغال ذمة المدين به، بحيث إذا قضي ببطلان هذا التنفيذ ترتب علي ذلك براءة ذمة المدين من الدين المنفذ به ما مفاده أن طلب الحكم ببراءة الذمة يرتبط بالحكم ببطلان التنفيذ، وهو مناط اختصاص قاضي التنفيذ بطلب براءة الذمة ، فإذا انتفي هذا الارتباط فلا ينعقد الاختصاص له بنظره، كما لو رفعت الدعوى أمامه ببراءة الذمة فقط دون طلب بطلان التنفيذ، أو كان الطلب الذي يقدم مع طلب بطلان التنفيذ غير مرتبط على نحو ما تقدم .
وفي المثال المتقدم المتعلق ببطلان التنفيذ والتمكين من عين النزاع، يكون بطلان التنفيذ مندمجاً في طلب التمكين مما يتعين معه طرح الطلبين معا على المحكمة الإبتدائية المختصة بالمنازعات الإيجارية مما يحول دون قاضي التنفيذ والتصدي له، إذ المقرر أن حجية الحكم المستعجل تقف برفع الدعوى الموضوعية ويترتب علي القضاء فيها زواله وما رتبه من آثار دون حاجة للقضاء صراحة ببطلانها.
د- يجب أن يتوافر شرط عدم المساس بأصل الحق :
أصل الحق هو الوضع القانوني الذي يتنازع الخصوم في شأنه إيجاباً أو سلباً ، إذ يدعيه أحدهما لنفسه وينكره الآخر عليه، وفي منازعات التنفيذ، يدعي المحكوم عليه بطلان إجراءات التنفيذ لعدم إعلانه إعلانا صحيحا بالسند التنفيذي بينما ينكر المحكوم له هذا الإدعاء ويتمسك بصحة الإعلان، وفي هذه الحالة يتمثل أصل الحق في المسألة التي يتنازع فيها الخصوم وهي البطلان. وإذا تمسك المحكوم عليه ببراءة ذمته من الدين المنفذ به لتوافر سبب من أسباب انقضائه بعد صدور الحكم، كالوفاء أو المقاصة أو الإبراء أو التجديد أو التقادم، وأنكر المحكوم له هذا الادعاء، تمثل أصل الحق في المسألة التي تنازع فيها الخصوم وهي تحقق سبب انقضاء الدين المنفذ به.
فإذا أثيرت هذه المسألة في دعوى تنفيذ مستعجلة، ولم يطلب القضاء بها وإنما انحصرت الطلبات في إتخاذ إجراء وقتي بعدم الاعتداد بالتنفيذ الذي تم استناداً إلى هذا البطلان أو إلي تحقق سبب لانقضاء الدين، فإن المدعي في هذه الحالة لا يكون قد أقام دعواه استناداً إلى أصل الحق، وإنما استناداً إلى عناصر موضوعية وهو ما يجوز إقامة الدعوى المستعجلة على أساسها دون أن تكون بذلك قد مست الموضوع أو تعلقت بأصل الحق، وبالتالي فإن قاضي التنفيذ يتصدى للدعوي باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة لإصدار قضاء وقتي حسبما يستظهره من المستندات المقدمة في الدعوى، إذ له أن يقيم قضاءه على ما يستخلصه منها متعلقاً بتلك العناصر، للوقوف على ما إذا كان التنفيذ الذي تم قد توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون من عدمه، وهو يقوم بتلك الأبحاث لا ليقضي في أصل الحق، سواء بالبطلان أو بانقضاء الدين، وإنما ليتخذ إجراء وقتياً مستعجلاً متعلقاً بالتنفيذ الذي تم ، فيقضي بعدم الاعتداد به إذا ما خلص إلي عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون لإجرائه مستخلصا ذلك من ظاهر مستندات الدعوى.
ولا يجوز النعي على أسباب الحكم إلا بالنسبة لما يتصل منها بالمنطوق اتصالاً وثيقاً ، فمما لا يتصل منها به على هذا النحو، يكون زائداً عن حاجة الدعوي ويصبح نافلة يستقيم الحكم بدونه ومن ثم لا يكتسب أية حجية وبالتالي لا يصلح سبباً للنعي على الحكم. ولما كان الحكم الذي يصدره قاضي التنفيذ في دعوى التنفيذ المستعجلة، ينحصر في الإجراء الوقتي ولا يتطلب تسبباً موضوعياً أو التصدي لأصل الحق، فإن ما تتضمنه الأسباب من هذا القبيل، يكون زائداً عن حاجة الدعوى ونافلة لا يكتسب أية حجية ولا يكون محلاً للنعي على الحكم، طالما توافرت الأسباب الكافية لحمله.
ولقاضي التنفيذ أن يضمن تلك الأسباب كافة التقريرات القانونية المتعلقة بوجه المنازعة حتى يتمكن من الفصل فيه وفقاً لظاهر المستندات المطروحة عليه، وهو بذلك يدلي في المنازعة برأي يستخلصه من الإطلاع العاجل علي المستندات ومن واقعها دون الاستعانة بما يساند دلالتها. فإن كان قد نعي عليها بالتزوير، فإنه يستند إليها بالحالة التي هي عليها ليأخذ بها أو يطرحها دون الاستعانة بأهل الخبرة لتعلق ذلك بالموضوع.
فلا يقصد بعدم المساس بأصل الحق أن يمتنع علي قاضي التنفيذ التصدي لهذا الحق علي وجه الإطلاق وطرح المستندات المتعلقة به، وإنما المقصود أن يمتنع عن إجراء الأبحاث التي يتطلبها الفصل في أصل الحق على نحو يدل على الأحقية فيه وحسم المنازعة في شأنه بما يؤثر في المراكز القانونية للخصوم.
وقضت محكمة التنفيذ بأنه لا يستطيع قاضي التنفيذ إعمال ولايته دون أن يتحسس الموضوع ليصل إلى ما يستهدفه من وقف التنفيذ أو السير فيه على أن تقديره في ذلك هو تقدير مؤقت ولا مساس له بأصل الحق. (نقض 1953/2/19 فيما يلي) .
دعاوى التنفيذ المستعجلة:
أوضحنا فيما تقدم أن دعوى التنفيذ المستعجلة، دعوى وقتية ترفع بعد تمام التنفيذ وبالتالي لا يترتب عليها وقف التنفيذ، ويختص بها قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة، ويتعين عليه التحقق من شرطي الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق، ويجوز الاستناد فيها إلى عناصر موضوعية وحينئذ يجب أن تكون تلك العناصر مندمجة في الشروط الواجب توافرها في إجراءات التنفيذ ولا يعتبر التصدي لها مساساً بأصل الحق.
ولم ترد دعاوي التنفيذ المستعجلة في القانون على سبيل الحصر، لأن منها ما يدخل في اختصاص قاضي التنفيذ بموجب نص خاص، ومنها ما يدخل في اختصاصه بموجب ولايته العامة بنظر منازعات التنفيذ بموجب المادة (275) من قانون المرافعات . ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء التاسع، الصفحة : 153 )
دعوى عدم الاعتداد بالحجز التنفيذي :
دعوى عدم الاعتداد بالحجز التنفيذي، هي دعوى تنفيذ مستعجلة يرفعها المحجوز عليه بعد توقيع هذا الحجز أي بعد تمام تنفيذ الحجز، ويبغي بها إزالة آثار الحجز الذي توقع وذلك بالحكم بعدم الاعتداد به استناداً إلي أنه توقع بالمخالفة للشروط التي تطلبها القانون، كما لو توقع علي منقولات لا يجوز الحجز عليها أو أنه توقع علي عقارات بالتخصيص واعتبرها معاون التنفيذ منقولات بطبيعتها مثل آلة الري المخصصة لري الأرض الزراعية. أو كان الحجز قد توقع بموجب حكم غير مشمول بالنفاذ المعجل رغم قابليته للطعن فيه وكان ميعاد الطعن مازال موسعاً فيه، أو كان قد توقع بدون حكم، أو بحكم لم يعلن أو لم يذیل بالصيغة التنفيذية أو كان إعلان الحكم مشوباً بالبطلان، وحينئذ يحكم قاضي التنفيذ بعدم الاعتداد بالحجز الذي توقع فيصبح بهذا القضاء كأن لم يكن ويسترد المحجوز عليه حريته في التصرف في أمواله التي زال الحجز عنها.
كما يجوز الاستناد في دعوى عدم الاعتداد بالحجز إلي كل وجه من شأنه أن ينال من التنفيذ، سواء تعلق بالسند التنفيذي أو بأطراف هذا السند أو بالدين المراد اقتضاؤه أو بطبيعة الإجراء الذي تم التنفيذ بمقتضاه أو بالمقدمات التي يتطلب القانون إتخاذها قبل البدء في تنفيذ هذا السند. وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمبحث الخاص بأوجه منازعات التنفيذ فيما بعد. وكلها أوجه تجعل الحجز مشوباً ببطلان جوهري يخشى معه من فوات الوقت وهو ما يتوافر معه شرط الاستعجال، إذ يترتب علي هذا النوع من البطلان ألا يمتد بحث القاضي إلي أصل الحق وهو ما يحول بينه وبين التعرض للموضوع. فإن كان البطلان غير جوهري، بأن كان الحجز يحتمل الصحة والبطلان كما لو كان محل خلاف في الفقه أو القضاء، فإن الحكم يمس الموضوع، وبالتالي يتصدي قاضي التنفيذ للدعوى باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية إذا توافرت عناصرها. فمناط دعوى عدم الاعتداد أن يكون الحجز ظاهر البطلان دون إتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو ترجيح رأي على آخر لما في ذلك من مساس بالموضوع بحسم صحة أو بطلان الحجز.
وينظر قاضي التنفيذ تلك الدعوى بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة، ومن ثم يتعين عليه أن يتحقق من توافر الاستعمال وعدم المساس بأصل الحق، ولا يحول دون الحكم فيها تعذر إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدوره إذ لا ينال ذلك من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة.
ويجوز رفع دعوى عدم الاعتداد بالحجز، سواء توقع لدي المدين أو علي أمواله لدي الغير، وفي الحالة الأخير يتعين اختصام المحجوز لديه حتى يحاج بالحكم الصادر في الدعوى ويستند إليه في تسليم المحجوزات للمحجوز عليه.
ولا يقتصر الحق في رفع الدعوى علي الدين وحده، وإنما يجوز رفعها من الغير إذا كان الحجز قد توقع علي أمواله فضلاً عن حقه في دعوى الاسترداد، كما يجوز للمحجوز لديه رفع الدعوى إذا كان قد تعلق حقه بالمحجوزات كمشتري لها قبل توقيع الحجز وحينئذ يصبح من طبقة الغير. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء التاسع، الصفحة : 339)
دعوى التنفيذ الموضوعية:
تنصرف دعوى التنفيذ الموضوعية، إلى المنازعة التي يثيرها المدين أو الغير وتكون ماسة بالموضوع الذي تقوم عليه المنازعة وترمي إلي استصدار حكم حاسم لها وللآثار التي ترتبت عليها ولو لم تكن تلك الآثار خاضعة الاختصاص قاضي التنفيذ، مثال ذلك أن يستصدر الدائن حكما ضد مدینه بإلزامه بأداء مبلغ معين له. وبعد الوفاء به، يتخذ الدائن إجراءات التنفيذ ويوقع حجزاً تنفيذياً على أموال المدين استنادا إلى أن ذمة الأخير ما زالت مشغولة بهذا المبلغ المحكوم به، مما يضطر المدين معه إلي رفع دعوى تنفيذ موضوعية يطلب بموجبها الحكم ببطلان الحجز لفقد الحكم المنفذ به قوته التنفيذية بعد الوفاء الاختياري الذي تم. فينصرف هذا الطلب إلي موضوع التنفيذ المتمثل في الحجز للقضاء ببطلانه، وقد يمتد الطلب إلي الآثار التي رتبها هذا الحجز والتي أدت إلى اعتبار ذمة الدين مشغولة بهذا المبلغ الذي توقع الحجز لاقتضائه، فيضيف إلى طلب بطلان الحجز، طلب براءة ذمته من المبلغ المنفذ به. وينعقد لقاضي التنفيذ الاختصاص أيضاً بنظر الطلب الأخير لارتباطه ارتباطاً مباشراً بالتنفيذ سلباً أو إيجاباً، فإذا قضي ببطلان التنفيذ استناداً إلى هذا الوفاء، قضي أيضاً ببراءة ذمة المدعي من المبلغ المنفذ به، أما إذا قضي برفض الدعوى، دل ذلك على صحة التنفيذ وعدم براءة ذمة المدين، فبراءة الذمة أو عدمه أثر مباشر للفصل في منازعة التنفيذ.
بدل ما تقدم، على أن الطلب الموضوعي المقترن بطلب بطلان التنفيذ يختص به قاضي التنفيذ عندما يكون نتيجة حتمية مترتبة علي بطلان التنفيذ، أو كان إجراء من إجراءات التنفيذ. فإن لم يكن كذلك، فلا يختص به قاضي التنفيذ ويتعين عليه القضاء بعدم اختصاصه نوعياً بنظره وإحالته إلى المحكمة المختصة، مثال ذلك أن يستصدر المؤجر حكما من قاضي الأمور المستعجلة بطرد المستأجر لتأخره في الوفاء بالأجرة، وبعد تنفيذ هذا الحكم يؤجر العين المستأجر آخر، فيرفع المستأجر الأول دعوى تنفيذ موضوعية، بعد الوفاء، ببطلان التنفيذ وتمكينه من عين النزاع، فيكون طلب التمكين غير مترتب مباشرة علي التنفيذ الذي تم ويخرج بالتالي عن الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ الذي يتعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه نوعياً بنظره وإحالته إلى المحكمة الابتدائية، ويبقى أمامه الطلب المتعلق ببطلان التنفيذ. فإذا قضي بالبطلان، امتنع عليه التصدي لطلب التمكين إذ لا يعتبر مقترناً بالتنفيذ الذي تم كما لا يعتبر إجراء من إجراءاته، لكن إذا اعتبر طلب التمكين أثراً مباشراً للتنفيذ الذي تم، بأن ترتب على التنفيذ نزع العين من المدين، وتسليمها للغير كما في البيع الجبري، كانت المنازعة المتعلقة بالتمكين منازعة تنفيذ واختص بها قاضي التنفيذ، مثال ذلك أن تحجز جهة الإدارة على حق إيجار المتجر وتقوم ببيعه، فيرفع المدين دعوى ببطلان هذا التنفيذ وتمكينه من متجره، وحينئذ تعتبر المنازعة برمتها منازعة تنفيذ، لأن مؤدي بطلان التنفيذ اعتباره كأن لم يكن وعودة الخصوم إلي مراكزهم القانونية التي كانوا عليها من قبل، فإن كان التنفيذ قد تم ببيع المنقولات ومنها الحق في الإيجار باعتبار هذا الحق منقولاً، فإن هذا البيع يعتبر من إجراءات التنفيذ الذي تم ويكون المشتري طرفاً فيه ويتعين اختصامه في المنازعة، بحيث إذا قضى فيها ببطلان التنفيذ امتد ذلك إلي بيع الحق في الإيجار باعتباره إجراء من إجراءات التنفيذ، وعاد كل خصم إلي مركزه القانوني الذي كان عليه قبل التنفيذ، فيسترد الدين الحق في الإيجار ويبطل البيع الذي ورد عليه للمشتري، ويكون طلب التمكين داخلاً في منازعة التنفيذ. (انظر نقض 1983/11/20 بشقيه بند منازعة التنفيذ الموضوعية فيما يلي) .
وأنه متي قضي ببطلان إجراءات التنفيذ، ترتب علي ذلك إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ، بحيث إذا كانت المنقولات التي بيعت بالمزاد مازالت في حيازة الراسي عليه المزاد، وجب القضاء بردها إلى المنفذ ضده، ولا يجوز للراسي عليه المزاد الاحتجاج بتملکه لها بموجب قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز، لانحصار تلك القاعدة في الحالة التي يتلقى فيها الحائز المنقول من غير مالكه، وطالما كان الراسي عليه المزاد في حكم المشتري والمنفذ ضده في حكم البائع، فإن العلاقة بينهما يحكمها التصرف الجبري وإذ قضي ببطلانه، وجب، إعمالاً للأثر الرجعي للبطلان، إعادة الحال إلي ما كان عليه قبل البيع، بإعادة المنقول إلي المنفذ ضده، وحينئذ لا يعتبر الراسي عليه المزاد، مالكاً في أي وقت، ويترتب على ذلك أنه إذا تصرف في المنقول إلي مشتر بعد رسو المزاد، وكان الأخير حسن النية، فإنه يتملك المنقول بالحيازة ويمتنع الزامه بالرد، ولا يبقى للمنفذ ضده إلا طلب التعويض بعد أن استحال التنفيذ العيني.
وطالما انتقلت الملكية إلى المشتري من الراسي عليه المزاد بموجب الحيازة، فيصبح من طبقة الغير فلا تتعدي إليه حجية الحكم ببطلان المزاد، يستوي في ذلك أن تكون الملكية قد انتقلت قبل الحكم أو بعده إذ في الحالتين لا يعتبر المشتري خلفاً خاصاً للراسي عليه المزاد بعد أن استقرت له الملكية بالحيازة ولعدم خضوع دعوى التنفيذ الموضوعية المتعلقة بالمنقول لقواعد الشهر للاحتجاج على الغير بالحكم الذي يصدر فيها بالبطلان.
ويسري ما تقدم على البيع الحجري الوارد على المتجر بمقوماته ومنها الحق في الإيجار باعتباره بیا واردا علي منقول (انظر نقض 1983/11/20 بشقيه فيما يلي).
وتتوافر مقومات منازعة التنفيذ الموضوعية ولو لم يطلب المحجوز عليه صراحة رفع الحجز أو بطلانه طالما كان هذا الطلب يندرج في عموم طلباته، وكان يتعذر على المحكمة التصدي لها إلا بعد التصدي للحجز المتوقع الذي يعتبر الطلب المتعلق به مطروحاً عليها تبعا لطلبات المحجوز عليه، مثال ذلك أن يتوقع حجز على أموال المدين لدى الغير، وهو ما يحول دونه وتسليمها إلا بعد رفع الحجز أو القضاء ببطلانه، ومن ثم فإذا انحصر طلبه في أحقيته للأموال المحجوزة وتمكينه من تسلمها من المحجوز لديه، فإن هذا الطلب يندرج فيه طلب رفع الحجز، وبالتالي تعتبر المنازعة منازعة تنفيذ موضوعية.
وتختلف هذه الحالة عن الحالة التي يطلب فيها المدين براءة ذمته من الدين المحجوز من أجله عندما ينحصر طلبه في براءة الذمة دون طلب بطلان الحجز، إذ لا يتطلب القضاء ببراءة الذمة المساس بالحجز المتوقع أو بالمحجوزات وذلك لا تتوافر مقومات منازعة التنفيذ بالنسبة له باعتبار أن المحكمة لن تتصدى للحجز عندما تفصل في براءة الذمة إذ لا تلازم بينهما إلا عندما يطلب بطلان الحجز صراحاً أو ضمناً بالتمكن من المحجوزات.
وقد تنحصر دعوى التنفيذ الموضوعية في طلب بطلان التنفيذ، ومتى قضى بذلك أصبح التنفيذ الذي تم كأن لم يكن ويعتبر الحكم الصادر بذلك سنداً تنفيذياً لإعادة الحال إلى ما كان عليه بإزالة كل الآثار التي ترتبت علي التنفيذ، فإذا استحال ذلك، تعين الرجوع على المسئول بالتعويض.
ومتى صدر الحكم، فإنه يكون صادراً في منازعة تنفيذ موضوعية ولو لم يشر في منطوقه على ذلك لأن العبرة بواقع المنازعة ولم تتطلب المادة (178) من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بياناً عن نوع المنازعة التي صدر فيها، فإن كانت منازعة تنفيذ، صدر الحكم فيها من قاضي التنفيذ، فإن الحكم يكون صادراً من محكمة مختصة، أما إن كان صادراً من محكمة أخرى كان الحكم صادراً من محكمة غير مختصة.
رفع دعوى التنفيذ الموضوعية:
ترفع دعوى التنفيذ الموضوعية بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي، وذلك بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة التنفيذ المختصة، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالنسبة لدعوى التنفيذ الموضوعية السابقة على تمام التنفيذ فيما تقدم، يختصم فيها من قام بالتنفيذ إذ تقوم خصومة التنفيذ بينه وبين المنفذ ضده وهو المدعي ولا شأن لهذه الخصومة بقلم المحضرين، فإن تم اختصام هذا القلم، كان خصماً غير حقيقي لا يترتب البطلان على ما يشوب الإجراءات التي توجه إليه من بطلان أو إغفال اختصامه في الاستئناف أن سبق اختصامه أمام قاضي التنفيذ، إذ يلتزم هذا القلم بتنفيذ الحكم الذي يصدر في منازعة التنفيذ وفقاً للمادة السادسة من قانون المرافعات وهو واجب قانوني لا يجوز له الإخلال به بحجة عدم اختصامه في الدعوى طالما لم يرد نص يوجب هذا الاختصام.
وتخضع دعوى التنفيذ الموضوعية لكافة القواعد والإجراءات التي تقررها القواعد العامة من حيث الخصوم فيها وبيانات صحيفتها وما يعترض سير الخصومة فيها وما يترتب من بطلان علي مخالفة ذلك، ولا ينقطع السير في إجراءات التنفيذ في حالة وفاة المدين قبل إتخاذ إجراءات التنفيذ وفقا للمادة (284) من قانون المرافعات إذ يجب توجيه تلك الإجراءات إلي تركته في حالة الوفاة، أو إلي نائب المدين في حالة فقد الأهلية أو إلى المدين نفسه إذا زالت صفة من كان يمثله قانوناً.
ويكون لقاضي التنفيذ كافة الصلاحيات المقررة لمحكمة الموضوع عندما يتصدى لدعوى التنفيذ الموضوعية، سواء اقتصرت الطلبات فيها علي بطلان التنفيذ أو امتدت إلي طلبات موضوعية أخري مرتبطة بالتنفيذ ومترتبة عليه كطلب براءة ذمة المدين من الدين المنفذ به، ومن ثم فقلة إحالة الدعوى إلي التحقيق وندب الخبراء واستجواب الخصوم وتوجيه اليمين الحاسمة وإتخاذ كافة الإجراءات التي يراها لازمة للوصول إلي وجه الحق في الدعوى.
وترفع دعوى التنفيذ الموضوعية استناداً إلى أي وجه من أوجه منازعات التنفيذ الموضحة فيما بعد.
أوجه منازعات التنفيذ:
أوجه منازعة التنفيذ هي الأسباب التي تصلح قانوناً لإقامة المنازعة عليها، والتي من شأنها أن تحول دون إتمام التنفيذ إن لم يكن قد تم، أو تنال منه إن كان قد تم. فقد يكون إعلان السند التنفيذي مشوباً بالبطلان، فيتوافر بذلك وجه يصلح لإقامة المنازعة في التنفيذ ويحول دون إتمام التنفيذ أو ينال منه، فإن لم يكن التنفيذ قد تم، جاز التمسك بهذا الوجه لإتخاذ إجراء وقتي برفع إشكال في التنفيذ لوقف التنفيذ، كما يجوز التمسك به، لا لإتخاذ هذا الإجراء الوقتي، وإنما لاستصدار حكم موضوعي يحسم النزاع الذي تضمنه هذا الوجه.
فإن كان التنفيذ قد تم، بتوقيع الحجز أو بإجراء البيع أو بتسليم العين أو بإخلائها، جاز الاستناد إلي ذات الوجه لإتخاذ إجراء بعدم الاعتداد بالتنفيذ الذي تم. كما يجوز التمسك به، لا لإتخاذ هذا الإجراء الوقتي، وإنما الاستصدار حكم موضوعي يحسم النزاع الذي تضمنه هذا الوجه ذاته.
فكل وجه يصلح لإقامة منازعة في التنفيذ، يصلح للتمسك به في أية منازعة سواء كانت وقتية أو موضوعية، والمنازعة الوقتية هي الإشكال الوقتي في التنفيذ الذي يرفع قبل تمام التنفيذ ودعوى التنفيذ المستعجلة التي ترفع بعد تمام التنفيذ، أما المنازعة الموضوعية فتتمثل في دعوى التنفيذ الموضوعية السابقة على تمام التنفيذ والتي يطلق عليها عبارة «الإشكال الموضوعي» كما تتمثل في دعوى التنفيذ الموضوعية التي ترفع بعد تمام التنفيذ.
فإن تعلق الوجه بمنازعة تنفيذ وقتية، فإن قاضي التنفيذ يتناوله بالبحث للوقوف علي مدي اتفاقه أو مخالفته لما يتطلبه القانون من قواعد وشروط بما يكفي للفصل في المنازعة الوقتية المستعجلة، فهو غير ممنوع من هذا البحث وإلا ما استطاع الفصل فيها والرد على الدفاع الذي تضمنه هذا الوجه، ويقوم بهذا البحث على النحو الذي يقوم به قاضي الموضوع تماما، والفرق بين القاضيين أن قاضي التنفيذ عندما يتصدى لمنازعة وقتية يتناول الرد حسبما يستشفه من ظاهر المستندات وما يبدو منها من الوهلة الأولى دون تمحيص لدلالتها حتى لا يقطع في أمرها بقضاء يحسم ما انطوت عليه تلك المستندات تاركاً ذلك لحين التصدي للموضوع عندما يطرح عليه كمحكمة موضوع، ويخلص قاضي التنفيذ من بحثه الذي يضمنه مدونات حكمه عند تصديه المنازعة وقتية إلى القضاء بالإجراء الوقتي المطلوب كوقف التنفيذ دون أن يضمن منطوق حكمه قضاء يتناول موضوع وجه المنازعة، فإن كان هذا الوجه يتضمن نعياً على إعلان السند التنفيذي، فيتناول الشروط اللازمة لصحته وما يؤدي إلى بطلانه وهي تقریرات قانونية لا تكتسب أية حجية ولا يساغ القول حينئذ بأن قاضي التنفيذ تصدى لموضوع المنازعة باستعراضه شروط صحة إعلان السند التنفيذي، إذ لا سبيل له للفصل فيها إلا بإقامة قضائه على أسباب مؤدية إليه. وهي أسباب قانونية لا حجية لها ولا يتوافر بها المساس بأصل الحق، وهو إذ يفعل ذلك، إنما ليفصل في منازعة وقتية باتخاذ إجراء وقتي بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه وليس لإصدار قضاء بصحة إعلان السند التنفيذي أو بطلانه إذ يقتصر هذا القضاء علي قاضي التنفيذ عندما ينظر المنازعة الموضوعية المتعلقة بذلك ويحسم به موضوع المنازعة.
أما إن تعلق ذات الوجه بمنازعة تنفيذ موضوعية. فإن قاضي التنفيذ يتصدي له ببحث موضوعي يمحص بموجبه المستندات ويقارن بعضها ببعض إذا احتاج البحث إلي ذلك ليستخلص منها الأدلة القاطعة في النزاع ويحسمه بما يخلص إليه ثم يطبق هذا الواقع على الشروط التي يتطلبها القانون لصحة إعلان السند التنفيذي، فإن تبين له توافرها قضى برفض الدعوى وإلا قضي ببطلان إعلان السند التنفيذي وبطلان كافة إجراءات التنفيذ التي اتخذت بمقتضاه. وهو بذلك يصدر حكماً موضوعياً يحسم به النزاع مثله في ذلك مثل محكمة الموضوع عندما تفصل في موضوع الدعوى المطروحة عليه.
ومثل الوجه المتعلق ببطلان إعلان السند التنفيذي، كافة الأوجه الأخري التي تصلح قانونا لإقامة منازعة في التنفيذ، كخلو السند التنفيذي من الصيغة التنفيذية. وانعدام هذا السند وعدم تعدية حجبته إلي من أقام المنازعة وانقضاء الالتزام الذي تضمنه بسبب لاحق علي صدوره، أو بطلان التنفيذ لإجرائه بالمخالفة لما يتطلبه القانون. وغير ذلك من الأوجه، فكل وجه يصلح لإقامة منازعة وقتية في التنفيذ، يصلح هو ذاته لإقامة منازعة موضوعية في التنفيذ على نحو ما أوضحناه فيما تقدم متعلقا بإقامة المنازعة استناداً إلي بطلان إعلان السند التنفيذي.
وقد يتعلق الوجه بالسند التنفيذي أو بأطراف هذا السند أو بالدين المراد اقتضاؤه بموجبه أو بطبيعة الإجراء الذي اتخذ بمقتضاه أو بالمقدمات التي يتطلب القانون إتخاذها قبل البدء في تنفيذ هذا السند.
وقد تضمنت المادة السابعة من قانون المرافعات حظراً بالنسبة لإتخاذ إجراءات التنفيذ قبل الساعة السابعة صباحاً أو بعد الساعة الخامسة مساءً أو في أيام العطلة الرسمية إلا في حالات الضرورة، وبإذن من قاضي الأمور الوقتية، حرصاً من المشرع على تحقيق غاية ترمي إلي عدم إزعاج المنفذ ضده خلال وقت الحظر، ومن ثم لا يجوز اتخاذ تلك الإجراءات إلا في الفترة من الساعة السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساءً وفي الأيام التي تعمل فيها المصالح الحكومية دون اعتداد بالإجازة الخاصة التي يحصل عليها المنفذ ضده فقد انحصر الحظر في أيام العطلة الرسمية وهي التي تقررها الدولة كقاعدة عامة مثل أيام الجمعة والأعياد التي عطلت فيها المصالح بالفعل، فتصح إجراءات التنفيذ إذا اتخذت في يوم وقفة العيد طالما لم تعطل فيه تلك المصالح أو كان يوم إجازة غير رسمية كأيام الراحة التي تتقرر لبعض العاملين في الحكومة أو القطاع الخاص ولم تصادف عطلة رسمية.
ويجوز مخالفة هذا الحظر إذا أذن قاضي الأمور الوقتية كتابة بإتخاذ إجراءات التنفيذ في غير الأوقات المقررة بشرط توافر الضرورة الملجئة إلى ذلك كما لو كان المال المطلوب الحجز عليه سفينة أو شاحنة أجنبية موجودة في مصر وسوف ترحل منها أو كان المدين من الرحل لا موطن له، ويخضع تقدير توافر الضرورة لقاضي الأمور الوقتية ويراقبه في ذلك قاضي التنفيذ بحيث إذا ثبت له انتفاء حالة الضرورة ودفع أمامه ببطلان التنفيذ استناداً إلي هذا الوجه، تعين عليه الأخذ بهذا الدفع والقضاء ببطلان التنفيذ.
والأمر الصادر بإجراء التنفيذ علي هذا النحو، لا يتعلق بالتنفيذ في ذاته، وإنما بالوقت المحدد لإجرائه، ومن ثم ينعقد الاختصاص بإصداره القاضي الأمور الوقتية دون قاضي التنفيذ ولا يتعارض ذلك مع ما نصت عليه المادة (275) من قانون المرافعات من اختصاص قاضي التنفيذ بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ لسبق وجود السند التنفيذي وعدم وجود منازعة في التنفيذ ثم نص المادة السابعة ذاته، مما يصبح معه الإذن بالتنفيذ في غير الأوقات المقررة خارجاً عن اختصاص قاضي التنفيذ.
ويتعين تبعاً لما تقدم، أن يتضمن محضر التنفيذ يوم وساعة إجرائه حتى يثبت أنه تم في يوم وساعة يجوز فيهما إتخاذ إجراءات التنفيذ، فإن أثبت فيه أنها اتخذت في يوم عطلة رسمية أو في وقت لا يجوز إتخاذها فيها وتمسك المنفذ ضده بذلك، كان التنفيذ باطلاً، كما يبطل إذا لم يتضمن محضر التنفيذ ساعة إجرائه وتمسك المنفذ ضده أن التنفيذ تم في ساعة لا يجوز إجراؤه فيها.
وحدد القانون الشروط الواجب توافرها لصحة التنفيذ، ورتب على مخالفة الجوهري منها بطلان الإجراء، وتتعلق بالسند التنفيذي وأطرافه والحق المنفذ به والمقدمات الواجب اتخاذها قبل البدء في التنفيذ ووسيلة التنفيذ التي يسلكها الدائن، وكل مخالفة لأي من هذه الشروط تصلح وجها لمنازعة موضوعية أو وقتية في التنفيذ علي نحو ما تقدم.
اختصاص قاضي التنفيذ :
الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ
قاضي التنفيذ: هو أحد قضاة المحكمة الابتدائية تخصه الجمعية العمومية لهذه المحكمة بنظر منازعات التنفيذ التي ترفع إلى المحكمة الجزئية التي تنتدبه للعمل بمقرها، وقد يصدر قرار الندب من رئيس المحكمة الابتدائية إذا كان مفوضاً في ذلك من الجمعية العمومية.
والعبرة في اكتساب صفة قاضي التنفيذ، بجلوس القاضي في محكمة التنفيذ للفصل في منازعات التنفيذ التي تختص بها تلك المحكمة بناء على قرار الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية أو قرار الندب الصادر من رئيس هذه المحكمة طالما كان مفوضا منها بذلك، فمحكمة التنفيذ ذاتها هي التي تضفي تلك الصفة على قضاتها وتخصهم دون غيرهم بالفصل في منازعات التنفيذ تنفيذاً للقرار الصادر بذلك.
كما أن العبرة بولاية قاضي التنفيذ في الفصل في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية بوقت جلوسه بمحكمة التنفيذ بناء على القرار الصادر بندبه وتظل له تلك الولاية بالنسبة للمنازعات التي سمع المرافعة فيها وقرر حجزها للحكم لجلسة تالية للجلسة التي ندب لحضورها، إذ ينصرف قرار الندب الحضور الجلسة وإصدار الأحكام في المنازعات المنظورة بها، سواء صدرت تلك الأحكام في ذات الجلسة أو في جلسة تالية، ويترتب علي ذلك أنه إذا ندب قاضي الحضور جلسة تنفيذ فقرر حجز إحدي المنازعات للحكم، كانت له ولاية إصدار الحكم فيها حتى لو لم يكن منتدبا لمحكمة التنفيذ في ذلك الوقت، ولا يلزم أن ينطق هو بالحكم وإنما يجوز أن ينطق به قاض آخر، سواء كان أصيلاً أو منتدباً لتلك المحكمة، على أن يبين في نسخة الحكم الأصلية اسم القاضي الذي أصدر الحكم ووقع مسودته واسم القاضي الذي نطق به وإلا كان الحكم باطلاً.
كما تظل ولاية إصدار الحكم قائمة حتى لو نقل قاضي التنفيذ إلي محكمة ابتدائية أخري طالما لم يخطر رسمياً بقرار نقله.
يختص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أيا كانت قيمتها، كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ. ومؤدي ذلك، أن قاضي التنفيذ ينظر كل منازعة تعرض عليه طالما تعلقت بالتنفيذ دون حاجة منه للوقوف علي قيمتها، فهو يختص بها سواء كانت قيمتها تدخل في نصاب القاضي الجزئي أو كانت تجاوز هذا النصاب وتدخل في النصاب القيمي للمحكمة الابتدائية.
ومناط انعقاد الاختصاص النوعي لمحكمة التنفيذ دون سواها، أن يصدر قرار من وزير العدل بإنشائها في دائرة المحكمة الابتدائية، وحينئذ تعتبر محكمة مستقلة وليست دائرة من دوائر المحكمة الجزئية، ويترتب على ذلك أن محكمة التنفيذ تختص وحدها دون سائر دوائر المحكمة بنوع معين من القضايا وهي التي تتعلق بالتنفيذ، ومؤداه أن الإحالة من أي من هذه الدوائر إلي محكمة التنفيذ يكون بموجب حكم بعدم الاختصاص والإحالة، فإن صدر قرار بالإحالة إليها، كان في حقيقته حکم ضمني بعدم الاختصاص والإحالة يلزم قاضي التنفيذ بنظر الدعوى المحالة ولو لم تكن متضمنة منازعة تنفيذ، ومتي قضي فيها خضع الحكم الصادر منه فيها لكافة القواعد التي تخضع لها الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ ولو لم تتضمن الدعوى منازعة تنفيذ، وبالتالي يجوز استئناف الحكم أمام المحكمة الابتدائية أيا كانت قيمة الدعوى.
فإن تضمنت الدعوى المحالة إلي قاضي التنفيذ، منازعة تنفيذ وطلب آخر لا يختص به، كفرض الحراسة القضائية، انعقد له الاختصاص بالدعوى برمتها متى حاز حکم عدم الاختصاص قوة الأمر المقضي، وتعين عليه الفصل في الطلبين، فإن قضي بعدم اختصاصه نوعيا بنظر الطلب المستعجل. كان قضاؤه مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون، وإذا فصل فيه على استقلال، كان قضاؤه قابلاً للطعن فيه بالاستئناف خلال خمسة عشر يوماً أياً كانت قيمة الدعوى .
لكن إذا رفعت الدعوى ابتداء أمام قاضي التنفيذ، كان له أن يتصدى للطلب المتضمن منازعة تنفيذ فقط ويقضي بعدم اختصاصه نوعيا بالطلبات الأخري الخارجة عن اختصاصه.
والمقرر أن الإحالة من دائرة إلى دائرة أخري من دوائر المحكمة، يكون بقرار وليس بحكم، ومناط ذلك أن يكون اختصاص كل دائرة مقرراً بموجب التوزيع الذي تحدده الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية أو بموجب قرار من رئيس هذه المحكمة متى كان مفوضاً بذلك، ولا يضفي هذا التوزيع اختصاصاً نوعياً لكل دائرة وإنما يكون تنظيماً داخلياً، كتحديد دائرة لنظر دعاوى التعويض وأخرى لنظر دعاوى صحة التعاقد، فلا يعد هذا اختصاصاً نوعياً ومن ثم يجوز إحالة الدعوى إلى أي منهما بقرار إداري لا يعد حكماً، فلا تلتزم المحكمة المحال إليها بنظر الدعوى ويجوز لها إعادتها لدائرتها بقرار مماثل. ويقتصر الطعن في الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة وأيضاً في القرار الصادر بالإحالة من محكمة غير مختصة نوعياً بنظر الدعوى إلي المحكمة المختصة نوعيا بها، فإن لم يطعن فيه وحاز قوة الأمر المقضي تعين الالتزام به إذ تسمو حجية الأحكام على اعتبارات النظام العام، وعملاً بالمادة (212) من قانون المرافعات يجوز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة.
فمناط الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ، أن يصدر قرار من وزير العدل بإنشاء محكمة للتنفيذ بدائرة المحكمة الابتدائية. ويكتسب صفة قاضي التنفيذ كل قاض يناط به العمل بها حسبما تراه الجمعية العمومية لقضاة المحكمة الابتدائية وكل من يندبه المستشار رئيس المحكمة للعمل بها متى كان الرئيس مفوضاً بذلك من تلك الجمعية. فإن فصل المستشار رئيس المحكمة في مسألة متعلقة بالتنفيذ، كان حكمه أو قراره صحيحا، لأن من يملك الندب يملك القيام بالعمل مثله في ذلك مثل الأصيل.
فإن لم يصدر قرار من وزير العدل بإنشاء محكمة لنظر منازعات التنفيذ. فلا تكون هناك محكمة مختصة نوعياً بهذه المنازعات حتي لو قررت الجمعية العمومية تخصیص دائرة معينة لنظر منازعات التنفيذ، إذ يكون ذلك بمثابة تنظيم داخلي للعمل بين قضاة المحكمة ولا ينشئ اختصاصاً نوعياً ومن ثم تكون الإحالة إلى الدائرة التي حددتها الجمعية العمومية من الدوائر الأخري بقرار إداري لا يعتبر حكماً، كما تختص الدوائر الأخري بنظر منازعات التنفيذ التي ترفع إليها ولا يجوز لها القضاء بعدم الاختصاص والإحالة إلى الدائرة التي حددتها الجمعية العمومية.
ويختص قاضي التنفيذ بالطلب الذي يطرح مع منازعة التنفيذ ولو لم يكن مختصاً به إذا طرح عليه مستقلاً عنها، وشرط ذلك أن يكون مرتبطا بها ويتأثر مباشرة إيجاباً أو سلباً بالحكم الذي يصدر فيها، وحينئذ يتعين عليه الفصل في المنازعة وفي هذا الطلب، فإن قضى بعدم اختصاصه به كان قضاؤه مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون، مثال ذلك أن يوقع الدائن حجزاً علي أموال المدين مما يدل على انشغال ذمة الأخير بالمبلغ المحجوز من أجله، فينازع الدين في هذا الحجز طالباً القضاء ببطلانه لعدم انشغال ذمته ويطلب تبعا لذلك القضاء ببراءة ذمته من المبلغ المحجوز من أجله، فإن براءة الذمة أو انشغالها يتأثر مباشرة بالحكم الذي يصدر في منازعة التنفيذ، ويكون هذا الطلب هو وجه المنازعة بحيث لا يجوز الفصل فيها إلا بالتصدي له، فإذا تبين أن الدين قد انقضى بالوفاء أو الإبراء أو المقاصة أو التقادم أو التجديد، وتحقق ذلك بعد صدور الحكم المنفذ به، دل ذلك على براءة ذمة المنفذ ضده وزوال قوة السند التنفيذي مما يوجب القضاء ببطلان الحجز وبراءة الذمة، لكن إذا رفعت الدعوى أمام قاضي التنفيذ ببراءة الذمة فقط دون المنازعة في التنفيذ، فلا يكون مختصا بها ويتعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة قيمياً.
ويختص قاضي التنفيذ نوعياً بكل منازعة تتعلق بالتنفيذ، وتناولنا تحديد هذه المنازعات فيما تقدم على التفصيل الذي أوضحناه ببند «مناط اعتبار المنازعة منازعة تنفيذ» فنحيل إليه.
وأصبح قاضي التنفيذ هو المختص وحده دون سواه من المحاكم بنظر منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية فيما عدا المنازعات التي جعلها المشرع من اختصاص جهة أخري بموجب نص خاص بهذا المعنى أبو الوفا في التنفيذ بند 18م، وقارن راتب بند 22 ويري أن النصوص الخاصة التي تعقد الاختصاص بمنازعات التنفيذ المحكمة أخري أصبحت معدلة بالمادة (275) التي جعلت هذا الاختصاص لقاضي التنفيذ وحده، وانظر نقض 1976/2/10 فيما يلي وقد تضمن أن قاضي التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثني بنص خاص.
ويتعلق الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ بالنظام العام، فتتصدي له المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام الاستئناف ودون حاجة لأن تكون صحيفة الاستئناف قد تضمنته، ولا يجوز للخصوم الاتفاق على ما يخالفه. وينعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بمنازعات التنفيذ المتعلقة بالحجز التحفظي ولو كان أمر الحجز صادراً من غيره.
وإذا زال موجب اختصاصه تعين عليه أن يقضي ومن تلقاء نفسه بعدم اختصاصه وإحالة الدعوى للمحكمة المختصة، كما لو تنازل الحاجز عن الحجز في دعوى الاسترداد أو قضي نهائياً ببطلان الحجز عند نظره دعوى الاستحقاق الفرعية لأنه لا يختص بالطلب الموضوعي إلا تبعا لمنازعة التنفيذ.
وطالما أن قاضي التنفيذ مختص وحده بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، فإن مناط هذا الاختصاص أن ترفع إليه المنازعة بأحد الوصفين ويقر هو التكييف الذي أسبغه المدعي على منازعته، أما إن خالف هذا التكييف كما لو رفعت المنازعة باعتبارها وقتية، وكيفها هو وخلص إلى أنها موضوعية تتطلب بحثاً موضوعياً، فإنه يقضي في هذه الحال بعدم اختصاصه بنظرها باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة ويقف عند هذا الحد، فلا يحيلها إلى نفسه باعتباره مختصاً بها لأن مناط تلك الإحالة أن تتضمن المنازعة طلبات موضوعية يطلب من قاضي التنفيذ الفصل فيها.
وأيضا إذا رفعت إليه المنازعة باعتبارها موضوعية وخلص إلى أنها وقتية، تعين عليه القضاء بعدم اختصاصه بنظرها والوقوف عند هذا الحد. (راجع: نقض 1998/2/7 بند «تكييف المنازعة في الاستئناف فيما يلي.
فإن أخطأ قاضي التنفيذ في تكييف المنازعة، واستند إلى هذا التكييف في قضائه بعدم الاختصاص وجب الطعن في قضائه بالاستئناف ولو لم ينص فيه على الإحالة عملاً بالمادة (212) من قانون المرافعات، فإن لم يطعن فيه حاز قوة الأمر المقضي وأصبح هذا التكييف ملزماً له وللمحكمة الاستئنافية من بعده، بحيث إذا رفعت إليه المنازعة من جديد بالتكييف الذي تضمنه الحكم السابق، التزم بالفصل فيها وفقاً لذلك، وإذا طعن في الاستئناف، وجب رفع الاستئناف خلال الميعاد بحسب هذا التكييف أي خلال خمسة عشر يوماً إن كان التكييف قد خلص إلى أن المنازعة وقتية، وأربعين يوماً إن اعتبرها موضوعية، ولا يجوز للمحكمة الاستئنافية إعادة تكييف المنازعة بما يخالف حجية الحكم فإن كان هذا الحكم قد اعتبرها موضوعية، ولا يجوز للمحكمة الاستئنافية إعادة تكييف المنازعة بما يخالف حجية الحكم، فإن كان هذا الحكم قد اعتبرها موضوعية وصدر الحكم من محكمة الاستئناف، جاز الطعن فيه بالنقض رغم أن المنازعة في حقيقتها وقتية.
إصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ:
قبل العمل بالقانون رقم 76 لسنة 2007 كان قاضي التنفيذ يباشر مهام وظيفته بإصدار أحكام قضائية وأوامر ولائية وقرارات إدارية. وتصدر الأحكام القضائية في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، بينما تصدر الأوامر الولائية علي العرائض التي يقدمها ذوو الشأن في الحالات التي ورد بها نص في قانون المرافعات أو في غيره من القوانين، أما القرارات الإدارية، فكان يصدرها قاضي التنفيذ على الأوراق التي يعرضها عليه قلم المحضرين للالتزام بها عند إتخاذ إجراءات التنفيذ وتتمثل في تأشيرات على تلك الأوراق.
وكان لا يجوز التظلم من القرارات الإدارية التي يصدرها قاضي التنفيذ وإنما يمكن مراجعته في شأنها من ذوي الشأن إذا علم بها قبل إجراء التنفيذ وله في هذه الحالة تعديلها، فإن رفض التعديل، وأدي ذلك إلى إجراء التنفيذ على غير ما يتطلبه القانون، جاز رفع منازعة في التنفيذ أمام قاضي التنفيذ ولو كان هو الذي أصدر قراره المعيب، ولا يترتب على ذلك وجود مانع من نظر المنازعة أو عدم القضاء بما يخالف مضمون القرار. إذ لا تكتسب القرارات الإدارية أية حجية عند نظر منازعة التنفيذ، ومثال تلك القرارات أن يعرض قلم المحضرين علي قاضي التنفيذ مسألة لتعرف ما يتبع في شأنها، فيأمر بإجراء التنفيذ أو عدم إجرائه، كما لو صدر حكم إبتدائي بالإخلاء ولم يكن مشمولاً بالنفاذ المعجل، ولما تأيد استئنافياً تم تنفيذ الإخلاء، ثم قضت محكمة النقض بنقض الحكم الاستئنافي، فطلب المستأجر تنفيذ حكم النقض بإعادة العين إليه، فيقوم قلم المحضرين بعرض الأوراق علي قاضي التنفيذ، وحينئذ يصدر عليها أمراً إدارياً بتنفيذ حكم النقض بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم المنقوض الذي زال هو وقوته التنفيذية بموجب حكم النقض، كذلك إذا رفع الدائن دعوى وقبل صدور الحكم لصالحه أحال حقه إلي الغير الذي تقدم إلي قلم المحضرين بطلب لتنفيذ الحكم لصالحه مرفقاً به أوراق الحوالة ودليل نفاذها وحينئذ يأمر قاضي التنفيذ بقبول طلب التنفيذ وإجراء التنفيذ لصالح المحال إليه، فإذا نازع المنفذ ضده إستناداً لانتفاء صفة طالب التنفيذ، تصدي قاضي التنفيذ للمنازعة بما يتفق مع الواقع والقانون، ويقضي على هدى ما يسفر عنه هذا البحث دون أن يتقيد بالقرار الذي أصدره والذي من شأنه إضفاء الصفة على طالب التنفيذ.
وإن كانت القرارات الإدارية لا تقع تحت حصر، فإن الأوامر الولائية تنحصر في نطاق النصوص القانونية التي تضمنتها، ومؤدي ذلك أنه لا يجوز القاضي التنفيذ إصدار أمر ولائي إلا إذا وجد نص في القانون يجيز له ذلك، كنص المواد (2/279 )،(2/319 )، ( 1/327 )، ( 2/356 )، ( 2/358 )،(370)، (2/376 )، (377)، (379) من قانون المرافعات، فإن قدمت عريضة إلي قاضي التنفيذ لاستصدار أمر ولائي في حالة لم يوجد بها نص يجيز له إصداره، وجب عليه رفض إصدار الأمر والوقوف عند هذا الحد، فلا يحدد جلسة لنظر الطلب. لكن إن أصدر الأمر رغم عدم وجود نص كان الأمر باطلاً فلا يعتد به وجاز التظلم منه لنفس قاضي التنفيذ الآمر، وإذا وجد مثل هذا النص، انعقد الاختصاص بإصدار الأمر القاضي التنفيذ وحده، فإن أصدره قاضي آخر كان باطلاً.
وعلى هدي ما تقدم، فإن كانت المسألة المتعلقة بالتنفيذ، لا يجوز التصدي لها بموجب قرار إداري، ولم يوجد نص في القانون يجيز استصدار أمر ولائي في شأنها، فيكون الطريق القانوني الوحيد لعرضها على قاضي التنفيذ متمثلاً في الدعوى التي ترفع بالإجراءات المعتادة بإيداع صحيفتها قلم کتاب محكمة التنفيذ.
وإذا قضي برفض الإشكال الأول، فكل منازعة تقدم لمعاون التنفيذ بعد ذلك عند إجراء التنفيذ، تعتبر عقبة مادية، ولمعاون التنفيذ إثباتها بمحضر التنفيذ مع بيان أوجهها ورد طالب التنفيذ عليها إن وجد، ثم عرضها علي قاضي التنفيذ ليصدر فيها أمراً ولائياً بما يتبع في شأنها عملاً بالمادة 275 من قانون المرافعات، فيأمر بالاستمرار في التنفيذ دون حاجة إلى تحديد جلسة، أما إذا تبين له أن المنازعة في حقيقتها تعتبر إشكالاً أولاً، وأن الأشكال السابق المقضي برفضه لم تتوافر له مقومات الأشكال الأول، أصدر أمراً ولائياً بوقف التنفيذ وحدد جلسة لنظر الإشكال وكلف المستشكل بإعلان خصومه لها، وتقف حجية الأمر الولائي بنظر الإشكال، فلا يتقيد قاضي التنفيذ بما تضمنه أمره السابق.
وكان قانون المرافعات السابق، وقانون المرافعات الحالي يطلقان الحق للخصم في استصدار أمر علي عريضة في كافة المسائل، فقد جرى نص المادة (369) من القانون السابق ونص المادة (194) من القانون الحالي بأنه «في الأحوال التي يكون فيها للخصم وجه في استصدار أمر يقدم عريضة بطلبه إلي قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة...» وترتب على ذلك أن أساء الخصوم استعمال هذا الطريق فسلكوه في مسائل كان يتعين بصددها اللجوء إلى الإجراءات المعتادة لرفع الطلب القضائي، وكثيراً ما كانت تصدر الأوامر علي العرائض في مسائل كان يتعين انعقاد الخصومة فيها، مما أدى بالمشرع إلي التدخل لوضع ضوابط لتلك الأوامر بما يتفق والغاية منها، فأصدر القانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل المادة (194) سالفة البيان، وقصر استصدار الأوامر علي العرائض علي «الأحوال التي ينص فيها القانون على أن يكون للخصم وجه في استصدار أمر..» فأصبح الأمر الولائي لا يصدر إلا إذا وجد نص في القانون يجيز إصداره، وتخضع لهذا النص الأوامر الولائية التي يصدرها قاضي التنفيذ لخضوعها للقواعد العامة التي تضمنتها المادة (194).
وكان يجوز للدائن أو الحارس أو الغير، في ظل قانون المرافعات السابق أن يستصدر أمراً على عريضة بنقل المحجوزات، كما كان يجوز لمعاون التنفيذ عندما لا يجد في مكان الحجز من يقبل الحراسة أن يرفع الأمر إلي قاضي المواد الجزئية ليأمر بنقل المحجوزات وإيداعها عند أمين يقبل الحراسة يختاره الحاجز أو معاون التنفيذ، وذلك عملا بالمادتين (369)، (512) من هذا القانون. أما قانون المرافعات الحالي فقد قصر استصدار الأمر الولائي على الأحوال التي ينص فيها القانون على ذلك ولم يرد نص به يجيز لغير معاون التنفيذ رفع هذا الطلب إلي قاضي التنفيذ، إذ قصرت المادة (365) هذا الحق على معاون التنفيذ عندما لا يجد من يقبل الحراسة في مكان الحجز، ومع ذلك، فإنه يبين من نص المادة الأخيرة، أن نقل المحجوزات يتم بأمر ولائي من قاضي التنفيذ دون حاجة إلي انعقاد الخصومة في شأنه. ومن ثم يجوز للدائن الحاجز والحارس والغير الذي يتضرر من وجود المحجوزات بالعين المملوكة له والتي انقضى أو انفسخ عقد إيجارها الصادر للمدين، التقدم بطلب إلى قاضي التنفيذ ليصدر أمراً ولائياً، بنقل المحجوزات إلى مكان آخر كمستودع بأجر، وينفذ هذا الأمر بمعرفة معاون التنفيذ وأطراف الحجز عملاً بالمادة (357) من قانون المرافعات .
وبصدور القانون رقم 76 لسنة 2007 حصر اختصاص قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها.
أما القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وما يعرضه معاونو التنفيذ، فأصبحت من اختصاص قاضي التنفيذ.
تكييف منازعة التنفيذ:
يختص قاضي التنفيذ نوعياً بكافة منازعات التنفيذ سواء كانت موضوعية أو وقتية، لذلك فإنه لا يوجب لإجراء هذا التكييف لتحديد هذا الاختصاص وإنما لمعرفة القواعد التي تخضع لها المنازعة وميعاد الاستئناف، وهي قواعد قانونية يتعين التحقق منها.
فإذا رفعت منازعة أمام قاضي التنفيذ باعتبارها إشكالاً وقتياً ترتب عليه وقف التنفيذ، وتبين أنه كان قد رفع بعد تمام التنفيذ، مما كان يوجب رفعه کدعوى تنفيذ موضوعية لا يترتب عليها وقف التنفيذ، فإن قاضي التنفيذ يلتزم بإضفاء هذا التكيف عليها، ويخضع في ذلك لرقابة محكمة الاستئناف التي يتعين عليها التحقق من طبيعة المنازعة.
وقد تناولنا فيما تقدم، أن الخصومة تنقضي بصدور حكم نهائي فيها، وأنه إذا صدر حكم بعد ذلك في ذات الخصومة، من ذات المحكمة أو من محكمة أخرى تابعة لجهة قضائية واحدة، كان الحكم اللاحق معدوماً، سواء كان موافقاً للحكم السابق أو كان متعارضاً معه، لوروده على خصومة غير قائمة.
وينطوي الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتحديد الحكم الواجب التنفيذ. على قضاء في تنازع الاختصاص الإيجابي الذي نصت عليه المادة (24) من قانون هذه المحكمة، إذ يترتب على صدور حكمين نهائيين من جهتين من جهات القضاء متناقضين، أن كل جهة ادعت أنها مختصة ولائياً بنظر الدعوى، فصدر الحكمان المتناقضان اللذان أثير بصدد تنفيذهما منازعة التنفيذ، وبتحديد الحكم واجب التنفيذ منهما، تكون المحكمة الدستورية العليا قد حددت أن الجهة القضائية التي أصدرت هذا الحكم، هي المختصة ولائياً بنظر الدعوى وفي هذا القضاء حسم لهذا التنازع رغم أن الدعوى رفضت إليها بشأن الفصل في منازعة تنفيذ ولم ترفع أصلاً بتحديد الجهة القضائية التي ينعقد لها الاختصاص الولائي. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء التاسع، الصفحة : 352 )
حيث كان المشرع عند إصداره قانون المرافعات الحالي عام 1968 قد استحدث فيه نظاماً خاصاً لقاضي التنفيذ قال أنه يلائم البيئة المصرية ونظامها القضائي وتفادي فيه ما يمكن أن يوجه للنظم التي استعرضها في كثير من التشريعات العراقي واللبناني والإيطالي من عيب وما يمكن أن تثيره من صعوبات في العمل وأنه يهدف إلى توفير إشراف فعال متواصل للقاضي على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته وعلى القائمين به في كل تصرف يتخذ منهم كما يهدف إلى جمع شتات المسائل المتعلقة به في ملف واحد وفي يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ يسهل علي الخصوم الالتجاء إليه وأنه ومن أجل ذلك خول المشرع هذا القاضي اختصاصات وسلطات واسعة وشاملة لكل ما يتعلق بالتنفيذ فجعله مختصاً دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في كل المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية التي يكون المطلوب فيها إجراءاً وقتياً ونص المشرع على أن تتبع أمام قاضي التنفيذ الإجراءات المتبعة أمام المحكمة الجزئية ما لم ينص القانون على خلافها.
وجعله أحد قضاة المحكمة الابتدائية في مقر كل محكمة جزئية على أن يكون اختياره بطريق الندب " المذكرة الإيضاحية للقانون".
ولكن المشرع عاد وبموجب القانون 76 لسنة 2007 إلي الفصل وإعادة توزيع ما كان القاضي التنفيذ - وحده دون غيره - من اختصاصات شاملة ... بينه ... وبين إدارة أنشأها وأسماها إدارة التنفيذ.
حيث اختص قاضي التنفيذ بإصدار الأحكام في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية ... إما إصدار القرارات والأوامر ... المتعلقة بإجراءات التنفيذ والإشراف عليه فاختص بها إدارة التنفيذ.
فأصبحت هذه الإدارة هي المختصة بالإشراف علي وإدارة عملية وإجراءات التنفيذ والإشراف على القائمين عليه من معاوني التنفيذ والموظفين وتنظيم شئونهم.
كما أنها هي التي يجب أن يتقدم إليها - كل من يسعى إلي تنفيذ حكم واجب النفاذ قانوناً - بطلب إلي مديرها لتنفيذ الحكم (المادة 278) وهو – أو أي من أعضاءها - الذي يصدر القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وهم من يعرض عليهم ملف التنفيذ عقب كل إجراء من إجراءاته كما ويتم عرض ما قد يثور بين معاوني التنفيذ وذوى الشأن من خلافات علي مدير إدارة التنفيذ وهو الذي يصدر الأوامر اللازمة لتذليل ما قد يعترض معاون التنفيذ من عقبات كحدوث مقاومة أو تعد عليه حيث يجب علي معاون التنفيذ عرض ذلك علي مدير الإدارة قبل أن يطلب معونة القوة العامة أو السلطة المحلية (المادة 279).
فأصبح شتات إجراءات التنفيذ من بدايتها لنهايتها في يد إدارة التنفيذ... وليقتصر بذلك الدور قاضي التنفيذ ... على إصدار الأحكام في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية التي ترفع إليه بالطرق القانونية التي رسمها القانون لينتهي دوره عند هذا الحد ... وتكون أحكامه في تلك المنازعات بمالها من حجية ضمن ما يتضمنه ملف التنفيذ عند عرضه على إدارة التنفيذ وقد جعل المشرع لذوى الشأن الحق في التظلم من قرارات وأوامر إدارة التنفيذ المتعلقة بالتنفيذ .... بطلب يقدم على عريضة إلى مدير إدارة التنفيذ ... ويكون قراره في التظلم المرفوع إليه نهائياً .. ويقدم التظلم إليه حتى ولو كان القرار أو الأمر المتظلم منه صادراً منه نفسه.
أما أحكام قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ - الوقتية أو الموضوعية - فقد أجاز المشرع الطعن عليها بالاستئناف وأياً ما كانت قيمتها أمام المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية (المادة 277 مرافعات).
وقد رأى المشرع أن يكون تشكيل إدارة التنفيذ برئاسة أحد قضاة محكمة الاستئناف ويعاونه عدد كاف من قضاء تلك المحكمة أيضاً وهؤلاء يتم ندبهم بواسطة وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى كما يعاونهم عدد آخر من قضاة المحكمة الابتدائية بدرجة رئيس محكمة على الأقل وهؤلاء تختارهم الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية.
ويتم إلحاق عدد كاف من الموظفين من معاوني التنفيذ - وهو الاسم الذي استبدل المشرع به اسم (المحضر الذي كان مختصاً بالتنفيذ (محضري التنفيذ) فأصبح من يلحق بإدارة التنفيذ من بين المحضرين يسمي معاون تنفيذ وما عداهم ما زال محتفظاً باسمه كمحضري الإعلانات - ويحدد وزير العدل قواعد اختيار معاوني التنفيذ وموظفي إدارة التنفيذ وتنظيم شئونهم بقرار يصدره.
كما جعل المشرع تنظيم إدارة التنفيذ ذاتها بقرارات يصدرها وزير العدل.
وجعل لكل محكمة ابتدائية إدارة التنفيذ بمقرها ... كما أجاز - بقرار من وزير العدل – إنشاء فروع لإدارة تنفيذ المحاكم الابتدائية بدوائر محاكمها الجزئية.
أما عن قاضي التنفيذ فهو أحد قضاة المحكمة الابتدائية يوزع عليه العمل طبقاً لقرار الجمعية العمومية للمحكمة، وقد جرى العمل على أن تندب الجمعية العمومية قاض من قضاتها يختص بنظر منازعات التنفيذ التي تقع بالمدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية، وأن تندب أحد قضاة المحكمة الجزئية قاضياً للتنفيذ بالإضافة إلى عمله الأصلي وهذا لا يعني أن قاضي التنفيذ دائرة من دوائر المحكمة الجزئية وإنما هو محكمة قائمة بذاتها لها اختصاصاً النوعي التي تستقل به.
وقد قضى في ذلك.
ندب قاض للتنفيذ في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الابتدائية واختصاصه دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أيا كانت قيمتها وبإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ لا يجعل منه دائرة من دوائر المحكمة الجزئية ومن ثم فلا تعتبر إحالة الدعوى من محكمة المواد الجزئية المذكورة إليه مجرد قرار بإحالة الدعوى إداريا من دائرة من دوائر المحكمة إلي دائرة أخرى من دوائرها وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص تلك المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى قاضي التنفيذ باعتباره المختص بنظرها.
وتختلف الإجراءات التي تتبع أمام محكمة التنفيذ باختلاف نوع المنازعة التي تنظرها، فالمنازعات الوقتية التي ينظرها بصفته قاضياً للأمور المستعجلة تطبق عليها القواعد والإجراءات التي تطبق على المسائل المستعجلة من حيث طريقة رفع الدعوى والسير فيها وشروط قبولها وحجية الأحكام الصادرة فيها، أما المنازعات الموضوعية فتطبق عليها الإجراءات المقررة لرفع الدعوى الجزئية والحكم الذي يصدر فيها له حجيته أمام محكمة الموضوع وأمام القضاء المستعجل.
ويعتبر قاضي التنفيذ صاحب الولاية العامة بالفصل في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية طبقاً للأصل العام المقرر في المادة 275 مرافعات إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك وعلى ذلك فالأصل العام أن قاضي التنفيذ يختص حده دون غيره بجميع منازعات التنفيذ إلا إذا منعه الشارع من نظرها بنص صريح وأسندها إلى غيره كما سنبين فيما بعد.
واختصاص قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ اختصاص نوعي متعلق بالنظام العام فلا يجوز للخصوم الاتفاق على اختصاص محكمة أخرى وللخصوم التمسك بذلك في أية حالة كانت عليها الدعوى، وعلى المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها، وعلى ذلك إذا رفعت منازعة تنفيذ أمام محكمة خلاف محكمة التنفيذ تعين عليها أن تقضي بعدم اختصاصها وإحالتها إلي محكمة التنفيذ عملا بالمادة 110 مرافعات كما أنه إذا رفعت منازعة لا تتعلق بالتنفيذ إلي قاضي التنفيذ تعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه وإحالة الدعوى إلي المحكمة المختصة.
وقد أورد الشارع في النص عبارة " منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية " ولم يذكر عبارة " إشكالات التنفيذ المستعجلة والموضوعية " لأن العبارة الأولى أعم وأشمل ذلك أن منازعات التنفيذ تشمل إشكالات التنفيذ وتشمل غيرها من المنازعات حول التنفيذ التي لا تعتبر إشكالاً.
ويختص قاضي التنفيذ باعتباره فرعاً من جهة القضاء العادي بمنازعات تنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة عنها في تشكيلها المتعلق بالمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية أيا كان محل التنفيذ سواء كان مالاً أو غير ذلك کتسليم الصغير أو حضانته، أما فيما عدا ذلك فيختص كأصل عام بمنازعات التنفيذ المتعلقة بسندات لم تصدر من جهة القضاء أو غيرها إذا كان التنفيذ وارداً على مال للأفراد ولم يكن القانون ينص صراحة على عقد الاختصاص النظر تلك المنازعات لجهة أخرى ومن ثم فهو يختص بمنازعات التنفيذ علي مال تنفيذاً لحكم صادر من جهة القضاء الإداري إلا إذا كان أساس المنازعة مسألة من اختصاص هذه الجهة وحدها، كما يختص بالمنازعات المتعلقة بالحجز الإداري ولكن لا يختص بطلب وقف تنفيذ القرار الإداري، ويختص أيضاً بنظر المنازعات الناشئة عن تنفيذ السندات الرسمية وهذا هو الاختصاص الوظيفي. واختصاصه النوعي يشمل الأنزعة المتقدمة مهما بلغت قيمة النزاع وذلك بالنسبة للاختصاص القيمي.
ومن أمثلة منازعات التنفيذ الموضوعية الدعوى ببطلان حكم مرسي المزاد واستحقاق العقار سواء كانت الدعوى شاملة للطلب أم قاصرة علي الطلب الأول وحده.
وعدم الاعتداد بالحجز طلب وقتي يهدف إلى منع التنفيذ ومن ثم فهو منازعة في التنفيذ ويختلف عن الإشكال في التنفيذ في أنه لا يوقف التنفيذ بمجرد رفعه ويجوز الفصل فيه حتى ولو كان التنفيذ قد تم ويخضع طلب عدم الاعتداد بالحجز سواء أكان حجزاً تنفيذياً أو تحفظياً علي المنقول أو حجز ما للمدين لدي الغير أو التنفيذ علي العقار للشروط التي يخضع لها الطلب الوقتي المستعجل بمعني أنه يتعين أن يتوافر فيه ركنا الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق وعليه وهو يفصل في هذا الأمر بصفة وقتية أن يبحث من ظاهر المستندات ما إذا كان قد شاب الحجز بطلان ظاهر لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً وفي هذه الحالة يقضي بعدم الاعتداد . وقد أورد المشرع بعض حالات عدم الاعتداد بالحجز في نصوص خاصة منها المادة 351 التي أجازت القاضي التنفيذ أن يحكم بصفة مستعجلة في مواجهة الحاجز في قبض دينه من المحجوز لديه رغم الحجز وذلك في الحالات التي بينتها تلك المادة ومؤدي هذه المادة إذ حكم القاضي للدائن بقبض دينه رغم الحجز فإنه يكون قد حكم ضمناً بعدم الاعتداد بالحجز .
على أن الحالات المنصوص عليها في تلك المادة لم ترد على سبيل الحصر ويجوز لقاضي التنفيذ كلما كان ظاهر الأوراق ينبئ عن بطلان الحجز أن يقضي بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد به وإن كان قاضي التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة ممنوع عليه المساس بأصل الحق إلا أنه يجوز له أن يتعرض للمسائل القانونية مثار الخلاف ويأخذ بما يراه دون أن يعد ذلك مساسا بأصل الحق.
وكذلك يختص قاضي التنفيذ بالفصل في منازعات التنفيذ علي العقار.
وكما يختص قاضي التنفيذ بمنازعات التنفيذ التي تثار من طرفي التنفيذ فإنه يختص أيضاً بالمنازعة التي يثيرها الغير.
ومنازعات التنفيذ التي تدخل في اختصاص قاضي التنفيذ النوعي ينبغي أن تتعلق بالأعمال الإجرائية التي ترمي إلي اقتضاء الدائن حقه جبراً عن مدينه فيخرج منها كأصل عام ما يثور من منازعات علي التنفيذ الاختياري كالمنازعة حول صحة العرض والإيداع على النحو الذي سنبينه بتفصيل.
أما بالنسبة لإدارة التنفيذ .. وماصار لها - دون قاضي التنفيذ - من سلطة الإشراف علي القائمة بالتنفيذ وتوجيههم أن تصدر أمراً بحسم الخلافات التي تثور بين المحضر وبين الخصوم أو مع الغير بشأن أي إجراء من إجراءات التنفيذ وكل قرار تصدره في هذا الشأن يودع ملف التنفيذ ويكون عبارة عن تأشيرة تصدر في غيبة الخصم وبغير حاجة لإعلانه وسماع دفاعه بشرط أن تكون هذه الخلافات حلها واضح لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً ولا تستدعي الالتجاء القاضي التنفيذ بصفته القضائية كمنازعة تنفيذ ليصدر حكماً فيها ومن أمثلة ذلك امتناع معاون التنفيذ عن التنفيذ لأسباب قانونية، كما إذا كان السند التنفيذي غير مستوف لشروطه القانونية كأن يكون أمراً على عريضة سقط بعدم تقديمه التنفيذ خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره (مادة 200 مرافعات) أوامر أداء اعتبر كأن لم يكن لعدم إعلانه للمدين خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره (مادة 207 مرافعات) أو حكمها سقط بالتقادم أو يكون بدين غير معين المقدار ففي جميع هذه الحالات يكون لصاحب الشأن أن يرفع الأمر بعريضة إلي مدير إدارة التنفيذ يتضرر فيها من امتناع المعاون فإذا تبين له أن امتناعه له ما يبرره القيامة علي سند قانوني فإنه يصدر أمراً برفض الطلب أما إذا تبين له أن امتناع المعاون لا يقوم علي سند قانوني أو كان لأسباب مادية فإنه يصدر أمره للمعاون لمباشرة التنفيذ وإذا أصدر أمره برفض الطلب فيكون أمام طالب التنفيذ الحق في التظلم في الأمر إلي مدير إدارة التنفيذ ويكون قراره فيه نهائياً.
ونرى أن ذلك لا يمنع صاحب الشأن من أن يرفع الأمر إلي قاضي التنفيذ بدعوى مستعجلة يطلب فيها الاستمرار في التنفيذ.
كما نري بقاء ولاية قاضي التنفيذ في إصدار أوامر ولائية علي عريضة في مسائل تتعلق بالتنفيذ أيا كانت طريقته سواء كان بحجز المنقول أو حجز ما للمدين لدي الغير، مثل الأمر بتنفيذ السندات الرسمية المحررة في بلد أجنبي والمنصوص عليه في المادة 300 مرافعات و الأمر بتوقيع الحجز التحفظي علي منقولات المدين وتقدير دين الحاجز تقديرا مؤقتا إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي أو حكم غير واجب النفاذ أو كان دينه غير معين المقدار عملا بالمادة 319 مرافعات والأمر بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير إذا لم يكن بيد الدائن حكم أو سند تنفيذي أو كان دينه غير معين المقدار (مادة 327 مرافعات) والأمر بتقدير أجر الحارس علي المنقولات المحجوزة (مادة 367 مرافعات) والأذن بجني أو حصاد المزروعات المحجوز عليها (مادة 370 مرافعات) والأمر ببيع الأسهم والسندات القابلة للتداول بمعرفة سمسار (مادة 400 مرافعات) والأمر بتحديد جلسة بيع العقار (مادة 426 مرافعات) ويتبع في تقديمها وإصدار الأمر فيها نفس الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات في باب الأوامر علي العرائض ويجوز التظلم منها على النحو المقرر في المواد من 197 إلى 200 مرافعات.
شروط اختصاص قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ :
يلزم الاختصاص قاضي التنفيذ بنظر هذه المنازعات توافر شرطين أولهما أن تكون المنازعة متعلقة بتنفيذ جبري وثانيهما أن تكون المنازعة متعلقة بسير التنفيذ أو إجراءاته.
وبالنسبة للشرط الأول يتعين أن تكون المنازعة متعلقة بتنفيذ سند تنفيذي يقتضى الأمر تنفيذه بالطريق الجبري الاستعانة بالسلطة العامة سواء أكان التنفيذ مباشراً أم بطريق الحجز أما إذا كان التنفيذ لا يحتاج لإجراءات التنفيذ الجبري فإن ما يثار بشأنه من منازعات لا تكون من اختصاص قاضي التنفيذ كالوفاء الاختياري الذي يتم باتفاق الطرفين، وكالحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد بيع الأن تنفيذه لا يحتاج لتدخل السلطة العامة إذ أن الحكم قابل للتسجيل ومتى تم تسجيله فإن الملكية تنتقل إلى المشتري وكالحكم برد وبطلان محرر وبصحته لأن هذا الحكم لا ينفذ بالطريق الجبري لأنه يقرر واقعاً يجابه به الخصم وكذلك الأحكام المقررة والأحكام المنشئة لأنها لا تتضمن قضاء بالإلزام، وكالأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع سواء كانت متعلقة بإجراءات الإثبات أم بسير الخصومة كالحكم بنسب خبير فإن تنفيذه يكون بمباشرة الخبير لمهمته وتقديم تقريره وكل منازعة تثار بشأن أدائه المأمورية تختص بها المحكمة التي ندبته والحكم بإحالة الدعوى التحقيق ينفذ بسماع الشهود والحكم بالاستجواب ينفذ باستجواب الخصم والحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص ينفذ بسماع المرافعة في موضوع الدعوى والحكم الصادر برفض طلب رد القاضي ينفذ باستمرار نظر الدعوى بواسطة القاضي الذي وجه إليه طلب الرد والأحكام الصادرة بالغرامات التهديدية لا تصلح أداة للتنفيذ بالطريق الجبري إذ يجب علي الصادر لصالحه الحكم أن يرجع إلى المحكمة بطلب الحكم بالتعويض فإذا أجيب إلى طلبه فإن هذا الحكم يكون قابلاً للتنفيذ الجبري وفي هذه الحالة يصبح قاضي التنفيذ مختصاً بالفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذه.
والأحكام الصادرة بتقرير صفة قانونية إلي شخص معين لا تنفذ بالطريق الجبري إذ تثبت له هذه الصفة بمجرد صدور الحكم دون اتخاذ أي إجراء تنفيذي فالحكم الصادر بتعيين حارس قضائي على عقار أو منقول لا يعتبر قضاء بإجراء يحتمل التنفيذ الجبري، وإنما هو تقرير بإسباغ صفة قانونية على الحارس لأداء المهمة التي عهد بها إليه الحكم ومن ثم فإن أي منازعة تثير حول صفة الحارس أو طلب عزله أو تعديل مهمته أو طلب إنهاء الحراسة فإن جميع هذه المسائل لا تحتاج للتنفيذ الجبري وبالتالي لا تدخل في اختصاص قاضي التنفيذ، غير أن حكم الحراسة قد يحتاج أحياناً لتنفيذ جبري كما إذا قام الحارس باستلام أعيان الحراسة وسلك طريق التنفيذ الجبري في ذلك فإن المنازعة التي تثور في هذا الشأن تعد منازعة تنفيذية يختص بها قاضي التنفيذ كذلك فإن المنازعة التي يبديها أحد المحكوم عليهم في الحراسة بأن العقار الذي يبني الحارس استلامه لم يشمله حكم الحراسة والمنازعة التي يثيرها مستأجر العقار المفروض عليه الحراسة بأن حكم الحراسة لا يجيز للحارس طرده من العين . أو المنازعة التي يرفعها أجنبي عن حكم الحراسة ويدعي فيها أنه مالك للعقار الذي وضع تحت الحراسية أو شريك فيه وأنه لم يختصم فيه، فإن جميع هذه المنازعات، تعتبر منازعات تنفيذية وتكون من اختصاص قاضي التنفيذ.
ويتعين التفرقة بين المنازعات التي تثار بشأن صفة الحارس الذي عينه الحكم الصادر بفرض الحراسة القضائية على العقار وطلب عزله واستبداله علي النحو السالف بيانه وبين صفة الحارس الذي ينصبه المحضر على المنقولات المحجوزة وفق ما تقضي به المادة 364 مرافعات إذ أن تعيين الأخير إجراء من إجراءات التنفيذ، ومن ثم يختص قاضي التنفيذ بالفصل في المنازعات التي تثور بشأن الحراسة كطلب تنحي الحارس أو عزله أو استبدال غيره به.
وإذا قام المدين المحكوم عليه بدين من النقود بعرض هذا المبلغ عرضاً حقيقياً علي يد محضر ورفض الدائن المحكوم له العرض فأودعه المحضر خزانة المحكمة فإن المنازعات التي تثور بين الدائن والمدين حول صحة العرض والإيداع لا تعتبر ناشئة عن تنفيذ جبري لأن المدين قام بالوفاء اختياراً وبذلك لا تكون من اختصاص قاضي التنفيذ وإنما ترفع إلي المحكمة المختصة وفقاً القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات.
ومن المقرر وفقاً لنص المادة 313 مرافعات أنه لا يترتب على العرض الحقيقي وقف إجراءات التنفيذ إذا كان المعروض محل نزاع ولم يفصل في دعوى العرض حينئذ يجوز للدائن أن يتبع طريق التنفيذ الجبري فإذا ثارت منازعات بصدد هذا التنفيذ كانت من اختصاص قاضي التنفيذ.
الشرط الثاني : تعلق المنازعة بسير التنفيذ : لا يكفي لاختصاص قاضي التنفيذ أن تكون المنازعة متعلقة بسند تنفيذي يقتضي تنفيذه جبراً بل يلزم أيضاً أن تكون منصبة على إجراء من إجراءاته أو متعلقة بسير التنفيذ أو مؤثرة فيه ومن أمثل المنازعات التي تنصب على إجراء من إجراءات التنفيذ المنازعة التي يقيمها المدين يطلب فيها الحكم بصفة موضوعية ببطلان التنفيذ لعدم إعلانه بالسند التنفيذي أو لأن السند التنفيذي الذي أعلن إليه لم يتضمن التنبيه عليه بالوفاء وبيان المطلوب منه ومثال المنازعة المتعلقة بسير التنفيذ أو المؤثرة فيه المنازعة الموضوعية التي يطلب فيها بطلان التنفيذ كما إذا كان الحجز قد توقع على أشياء لا يجوز الحجز عليها وكالمنازعة الوقتية التي يطلب فيها المدين عدم الاعتداد بالتنفيذ لأنه باطل بطلاناً لا يحتمل. شكاً ولا تأويلاً أو يطلب فيها الدائن الاستمرار في التنفيذ.
أما المنازعات التي لا تتعلق بأي إجراء من إجراءات التنفيذ سواء أكانت منازعات موضوعية أو وقتية لا يختص بها قاضي التنفيذ وإنما ترفع إلي المحكمة المختصة طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات وعلى ذلك لا يختص قاضي التنفيذ بطلب إثبات حالة عقار أو منقول محجوز عليه قضائياً أو طلب طرد مستأجر لتأخيره في الوفاء بأجرة عقار اتخذت بشأنه إجراءات نزع الملكية أو طلب الحكم بإخلاء العين المنزوع ملكيتها من شاغلها لحين إجراء الإصلاحات الضرورية للمحافظة على سلامة العقار ودعوى طلب إجراء ترميمات عاجلة في المنقول أو العقار المنفذ عليه، فهذه المنازعة ليست متعلقة بإجراءات التنفيذ ولا تمس سيره فلا تعتبر منازعات تنفيذ حتى لو أثيرت أثناء تنفيذ جبري.
لا يجوز الخلط بين منازعة التنفيذ الوقتية ومنازعة التنفيذ الموضوعية :
المنازعات التي تعرض علي قاضي التنفيذ إما منازعات وقتية أو موضوعية غير أنه يلاحظ أنه لكل منازعة تتعلق بالتنفيذ وجهان وجه وقتي ووجه موضوعي والوجه الوقتي أو المستعجل يرفع الأمر بشأنه إلي قاضي التنفيذ بصفته قاضياً للأمور المستعجلة ليامر باتخاذ الإجراء الوقتي الذي يتناسب مع الطلب المطروح عليه لحين الفصل في موضوع النزاع والوجه الآخر هو الطلب الموضوعي ويرفع إلي قاضي التنفيذ باعتباره محكمة موضوع ليقضي في أصل النزاع القائم بشان التنفيذ بحكم يحسم النزاع. وكل منازعة تتعلق بالتنفيذ أياً كان سندها وسببها تحتمل هذين الوجهين وللمدعي أن يختار أحدهما فإذا تنازع المنفذ ضده في صحة إعلان السند التنفيذي الذي يجب أن يسبق التنفيذ وفق ما نصت عليه المادة 281 مرافعات كان بالخيار بين أن يطلب طلباً مؤقتاً بوقف إجراءات التنفيذ لهذا السبب أو يطلب بصفة موضوعية الحكم ببطلان إعلان السند التنفيذي وبطلان الإجراءات اللاحقة عليه كالحجز.
وإذا توقع الحجز على شيء من المنقولات التي لا يجوز الحجز عليها وفقاً النص المواد من 305 إلى 309 مرافعات كان للمحجوز عليه أو للمنفذ ضده أن يطلب من قاضي التنفيذ الحكم بصفة وقتية بوقف التنفيذ أو أن يطلب بصفة موضوعية الحكم ببطلان الحجز على الأشياء المحجوزة.
وإذا أوقع الدائن حجزاً علي منقول مخصص لخدمة العقار بطريق حجز المنقول دون أن يتبع إجراءات الحجز العقاري جاز للمدين أن يطلب من قاضي التنفيذ الحكم بصفة وقتية بوقف إجراءات التنفيذ لهذا السبب كما يجوز له أن يطلب الحكم بصفة موضوعية ببطلان الحجز.
وإذا ادعى المدين أن الدين قد انقض بعد صدور الحكم المنفذ به بالوفاء أو بالمقاصة أو بالتقادم جاز له أن يلجأ القاضي التنفيذ بطلب وقتي بوقف التنفيذ وله أن يقيم دعوى تنفيذ موضوعية طالباً الحكم ببطلان التنفيذ او بإلغاء الحجز.
وإذا أوقع الدائن حجزاً على شيء هلك بعد توقيع الحجز كماشية نفقت أو منقولات أتى عليها حریق جاز للمدين أن يرفع دعوى تنفيذ وقتية يطلب فيها وقف التنفيذ وله أن يرفع دعوى تنفيذ موضوعية يطلب فيها إلغاء الحجز وإجراءات التنفيذ التي تمت ولا جدال في أن له مصلحة في هذا الطلب حتى يتحاشى توجيه تهمة التبديد إليه.
وإذا شرع الدائن في التنفيذ بسند تنفيذي معيب كما لو كان الحكم المنفذ به لم يصبح نهائياً ولم يكن مشمولاً بالنفاذ المعجل ولم يكن من الأحكام الواجبة النفاذ المعجل بقوة القانون دون النص على ذلك في الحكم كالأحكام المستعجلة فإنه يجوز للمدين في هذه الحالة أن يطلب بصفة وقتية وقف تنفيذ الحكم وله أن يرفع دعوى موضوعية أمام قاضي التنفيذ بطلب بطلان إجراءات التنفيذ.
وإذا صدر السند التنفيذي صحيحاً ولحقه عيب يهدره كما إذا كان حكماً سقط بالتقادم أو أمر أداء لم يعلن للمدين خلال ثلاثة أشهر أو أمر علي عريضة لم يقدم للتنفيذ خلال ثلاثين يوماً فإنه يجوز للمنفذ ضده في جميع الحالات أن يطلب الحكم بصفة وقتية بوقف التنفيذ وله أن يطلب بصفة موضوعية الحكم ببطلان التنفيذ وما تم من إجراءات.
ومن المسلم به أن وجود المنقول في حوزة غير المدين يترتب عليه أن يكون توقيع الحجز عليه بطريق حجز ما للمدين لدي الغير وفقاً لنص المادة 328 مرافعات فإذا أوقع الدائن الحجز عليه بطريق المنقول لدي المدين كان للمدين أو الحائز أن يرفع دعوى طالباً الحكم بصفة وقتية بوقف التنفيذ على أساس أن إجراءات التنفيذ التي اتبعت مخالفة للقانون ويجوز له أن يرفع دعوى تنفيذ موضوعية طالبة الحكم ببطلان الحجز.
أوجه التفرقة بين منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية :
المنازعة الوقتية هي التي يطلب فيها الحكم بإجراء وقتي لا يمس أصل الحق وتقوم على وقائع قابلة للتغيير والتبديل كطلب وقف التنفيذ بصفة مؤقتة استناداً إلى الوفاء وطلب وقف التنفيذ بصفة مؤقتة استناداً إلى بطلان العقد الرسمي المنفذ به أما المنازعات الموضوعية فهي التي يطلب فيها الحكم بحسم النزاع في أصل الحق كدعوی استرداد المحجوزات و دعوى إلغاء إجراءات التنفيذ ودعوى بطلان الحجز لأي سبب من أسباب البطلان ودعوى براءة الذمة من دین توقع الحجز بمقتضاه.
وبالرغم من أن قاضي التنفيذ أصبح مختصاً بمنازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية إلا أن التفرقة بينهما مازالت لها أهمية كبيرة تتحصل في الأتي :
أولاً : إن الإجراءات التي تتبع في رفع الدعوى الوقتية ونظرها تختلف عن إجراءات رفع الدعوى الموضوعية إذ يجوز إبداء المنازعة الوقتية أمام المحضر أو بدعوى مبتدأة تودع صحيفتها قلم الكتاب حال أن المنازعة الموضوعية لا ترفع إلا بصحيفة تودع قلم الكتاب كما أن ميعاد التكليف بالحضور يختلف في كلا الدعويين كذلك بالنسبة لإجراءات نظر الدعوى فإنه في الدعوى الموضوعية يتعين إعادة إعلان المدعى عليه إذا لم يحضر بالجلسة الأولي ولم يكن قد أعلن مع شخصه أما الدعوى المستعجلة فلا تتطلب إعادة الإعلان.
ثانياً : ان قاضي التنفيذ حينما يفصل في المنازعة الوقتية فإنه ممنوع عليه المساس باصل الحق وعليه أن يقضي في الطلب الوقتي من ظاهر الأوراق دون ما تعمق في بحث أصل الحق ولا يجوز له في سبيل تكوين عقيدته أن يلجأ الإجراءات الإثبات كإحالة الدعوى للتحقيق أو ندب خبير أو استجواب الخصوم أو توجيه اليمين الحاسمة أما في المنازعة الموضوعية فإنه يتعين علي القاضي أن يحسم النزاع وان يتعمق في أصل الحق وأن يلجأ لكافة طرق الإثبات الجائزة قانوناً.
ثالثاً : أن الحكم الصادر في المنازعة الوقتية حجينه مؤقتة أمام قاضي التنفيذ عند نظر ذات النزاع مرة أخرى فله أن يعدل عنه إذا تغيرت الظروف أو المراكز القانونية الخصوم أما الحكم الصادر في المنازعة الموضوعية فهو حجة أمام كافة المحاكم وتسمو حجيته على قواعد النظام العام.
رابعاً : أن موعد استئناف الحكم الصادر في منازعة وقتية خمسة عشر يوماً أما الحكم الصادر في منازعة موضوعية فإن میعاد استئنافه 40 يوماً كما وأن الحكم الصادر في منازعة تنفيذ وقتية جائز استئنافه مهما كانت قيمة الدعوى واستئنافه يكون أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية أما الحكم الصادر في المنازعة الموضوعية فقد كان لا يجوز استئنافه إلا إذا زادت قيمة النزاع على خمسمائة جنيه كما أن المحكمة المختصة بنظر الاستئناف هي المحكمة الابتدائية إذا كانت قيمة النزاع لا تزيد على خمسة آلاف جنيه ومحكمة الاستئناف إذا زادت قيمة النزاع على ذلك . ولكن وبعد العمل بالقانون 76 سنة 2007 فأصبح الاختصاص منعقدا لذات المحكمة الابتدائية وأيا كانت قيمة الدعوى المادة 277 مرافعات).
وذهب رأي في الفقه إلى أن هناك فارقاً آخر بين الدعويين يتمثل في أن الأثار التي تترتب على رفع المنازعة الوقتية في التنفيذ قد تختلف عن تلك التي تترتب على المنازعة الموضوعية المتعلقة به وضربوا مثلاً لذلك بأن المشرع رتب وقف التنفيذ كأثر لرفع الإشكال الوقتي ولم يرتب هذا الأثر على الأشكال الموضوعي. (راتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة ص 768 وأحكام التنفيذ الجبري لأمينة النمر ص 42).
وفي تقديرناً أن هذا الرأي غير سديد ذلك أن ما يرتبه المشرع من وقف التنفيذ ليس قاصراً علي وقف التنفيذ الوقتي بل رتبه أحياناً على طلب وقف التنفيذ الموضوعي كدعوی استرداد المنقولات المحجوزة إذ يترتب علي رفعها وقف التنفيذ وكذلك دعوى رفع الحجز المنصوص عليها في المادة 335 مرافعات إذ يترتب علي إبلاغ المحجوز لديه بالدعوى منعه من الوفاء للحاجز إلا بعد الفصل فيها.
الاستثناءات التي ترد على اختصاص قاضي التنفيذ :
وإذا كان الأصل العام أن قاضي التنفيذ هو صاحب الولاية العامة في جميع منازعات التنفيذ سواء كانت وقتية أو موضوعية أو ولائية سواء نص المشرع على اختصاصه بنظرها صراحة أو سكت عن تحديد المختص بنظرها إلا أن هناك استثناءات من المبدأ المتقدم فقد أخرج المشرع بعض منازعات التنفيذ من اختصاص قاضي التنفيذ بنصوص خاصة ورد بعضها في قانون المرافعات والبعض الآخر في نصوص خاصة نص فيها على اختصاص محكمة معينة بنظر هذه المنازعات وحينئذ تكون المحكمة المنصوص عليها في المختصة بنظر هذه المنازعة دون قاضي التنفيذ مثال ذلك.
1- ما نصت عليه المادة 210 مرافعات من أن طلب صحة إجراءات الحجز الصادر من قاضي الأداء يقدم له.
2 - ما نصت عليه المادة 320 مرافعات من أن دعوى صحة الحجز التحفظي ترفع أمام المحكمة المختصة.
3- ما نصت عليه المادة 349 مرافعات من أن دعوى صحة الحجز في الحجز الذي وقعه الدائن تحت يد نفسه يتعين رفعها أمام المحكمة المختصة.
4 - ما نصت عليه المادة 333 مرافعات من أن دعوى صحة حجز ما للمدين لدي الغير ترفع أمام المحكمة المختصة.
5 - ما نصت عليه المادة 50 من القانون 48 لسنة 1979 من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في منازعات التنفيذ في الأحكام الصادرة منها وعلى ذلك إذا رفعت منازعة تنفيذ في الحالات السابقة وفي غيرها من الحالات التي استثناها المشرع من اختصاص قاضي التنفيذ بنص خاص فإنه يتعين علي قاضي التنفيذ أن يقضي بعدم اختصاصه والإحالة للمحكمة أو الهيئة المختصة بنظر النزاع عملاً لنص المادة 110 من قانون المرافعات.
6- لا يختص قاضي التنفيذ بنظر التظلم في القرار الذي تصدره النيابة في النزاع على الحيازة : وقد أوجبت المادة 44 مكرر من قانون المرافعات المضافة بالقانون 23 لسنة 1992 على النيابة أن تصدر قراراً في جميع منازعات الحيازة ورسم طريق التظلم منه بأن يكون أمام قاضي الأمور المستعجلة سواء كانت المنازعة مستعجلة أو موضوعية ومن ثم فإن قاضي التنفيذ لا يختص بنظر التظلمات التي ترفع في هذه القرارات إلا أنه من ناحية أخرى فإنه يختص بنظر المنازعات التي تتعلق بتنفيذ هذه القرارات كما لو أصاب تنفيذا القرار مالاً مملوكاً لشخص أجنبي عن طرفي الحيازة كما إذا نفذ علي منقول في حيازة هذا الأجنبي إذ أجاز القانون لهذا الغير أن يتظلم بدوره من القرار الصادر من النيابة إذا مس حقا له كما له أن ينازع في ذلك بدعوى تنفيذ أمام قاضي التنفيذ على النحو الذي وضحناه في شرح المادة 44 مكرر مرافعات.
غير أنه إذا اختار هذا الغير أن يلجأ لقاضي الموضوع طعنا على قرار النيابة فلا يجوز له أن يرفع المنازعة لقاضي التنفيذ بل لابد له أن يطرق باب المحكمة الجزئية أو الابتدائية حسب قيمة الدعوى.
هل يختص قاضي التنفيذ بنظر الإشكال الموضوعي الذي کيفة الخصم بأنه وقتي :
سبق أن أوضحنا أن قاضي التنفيذ بمقتضى المادة 275 من قانون المرافعات هو المختص دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها لا ما استثني منها بنص خاص وإن فصله في المنازعات الوقتية إنما يكون بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة وقد سبق أن تعرضنا لتعريف الإشكالات الوقتية والموضوعية وأوضحنا أوجه الخلاف بينهما، غير أن الخصم قد يسبغ على الدعوى وصفاً يراه من وجهة نظره صحيحاً ويتمسك بهذا الوصف في كافة مراحل الدعوى إلا أن المحكمة هي التي يتعين عليها دائماً أن تكيف الدعوى التكييف الصحيح، فإذا أقام المستشكل إشكالاً وأسسه على أنه إشكال وقتي وتبين لقاضي التنفيذ أنه أشكال موضوعي كما إذا استشكل من ليس طرفاً في السند التنفيذي طالباً الحكم بصفة مؤقتة بثبوت ملكيته للمنقولات المحجوزة وكما إذا طلب المستشكل الحكم ببطلان الحجز وكيف هذا الطلب في صحيفة إشكاله بأنه طلب وقتي وكما إذا طلب المستشكل بطلان التنفيذ لقيامه بالوفاء قبل البدء فيه وأسبغ علي الدعوى وصف الإشكال الوقتي وكما إذا طلب المستشكل براءة ذمته من الدين المنفذ به وأضفي على طلبه وصف أنه وقتي وكما إذا ادعى أن المبلغ المنفذ به يقابله دين له وطلب إجراء المقاصة القضائية بين الدائنين بعد التحقق من ثبوت دینه ونعت إشكاله بأنه وقتي، في جميع هذه الحالات وأمثالها فإن التكييف الصحيح لطلبات المستشكل انها إشكالات موضوعية في التنفيذ ويتعين علي قاضي التنفيذ أن يكيف الدعوى التكييف الصحيح دون أن يتقيد بتكييف الخصوم، فإذا تبين له أن الإشكال موضوعي علي النحو السالف بيانه فقد اتجه الرأي السائد في الفقه إلي أن قاضي التنفيذ يستمر في نظر الإشكال تأسيساً على أن القانون يوجب عليه أن ينظر الدعوى في هذه الحالة باعتباره محكمة تنفيذ موضوعية لأن الغرض من نظام قاضي التنفيذ هو جمع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية في يد قاض واحد، فأعطي له المشرع سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند نظر المنازعات الوقتية، وسلطة قاضي الموضوع عند نظر منازعات التنفيذ الموضوعية وخلص أصحاب هذا الرأي إلي أنه إذا طلب المستشكل الحكم بصفة وقتية في إشكال يعد منازعة موضوعية كان علي قاضي التنفيذ أن يقضي فيه بصفته إشكالاً موضوعياً، واستطردوا أنه علي قاضي التنفيذ إذا ما رفع إليه الإشكال علي أنه وقتي أن يتحقق من الشروط اللازم توافرها لاعتبار الإشكال وقتياً وهو إذ يتحقق من هذه الشروط لا يفعل ذلك ليستبين ما إذا كان مختصة بنظر الدعوى أو غير مختص – لأنه مختص علي الحالتين - بل ليستبين ما إذا كان سينظر الدعوى كإشكال وقتي ليصدر فيها حكما وقتيا مستعجلا (بصفته قاضي أمور مستعجلة) أم أنه سينظرها كدعوى موضوعية فيصدر فيها حكما غير وقتي بصفته قاضي موضوع، إذ كل من هذا وذاك - داخل كأصل عام - في اختصاصه (قضاء الأمور المستعجلة لراتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة م 770، والتنفيذ لمحمد عمر ص 369، وقاضي التنفيذ لعزمي عبد الفتاح ص 448) وذهب الرأي الثاني إلى أنه إذا ما تبين لقاضي التنفيذ أن المعروض عليه إشكال موضوعي وليس إشكالاً وقتياً فإنه يلزم قبل القضاء في موضوعه أن يصدر حكماً باعتبارها منازعة تنفيذ موضوعية وأن يرتب علي هذا الحكم إزالة أثر وقف التنفيذ المترتب على رفع الدعوى باعتبارها إشكالاً وقتياً فيقضي بالاستمرار في التنفيذ إلا إذا كان القانون يقضي بغير ذلك كما هو الشأن في دعوى استرداد الأشياء، كما يتعين علي القاضي في هذه الحالة أن يمنح الخصوم أجلاً معقولاً لإعداد دفاعهم في الدعوى بوصفها منازعة تنفيذ موضوعية (القضاء المستعجل لمحمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 483) ونادي رأي ثالث بأن قاضي التنفيذ في هذه الحالة يحكم بعدم اختصاصه بالدعوى المرفوعة أمامه ثم ينظر الدعوى بعد ذلك باعتبارها منازعة تنفيذ موضوعية (أمينة النمر بند 38).
وفي تقديرنا أن الرأي الثاني هو الذي يتفق وصحيح القانون ذلك أنه وإن كان للمستشكل أن يكيف دعواه حسبما يتراءى إلا أن تكييفه لها تكييفاً خاطئاً لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في صحيفة دعواه لا يقيد قاضي التنفيذ ولا يمنعه من إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح فإذا أقام المستشكل إشكالاً وكيفه خطأ علي أنه وقتي كما في الأمثلة التي سبق بيانها وطلب الحكم فيه علي هذا الأساس وتبين لقاضي التنفيذ وبحق أن الطلبات موضوعية بحتة وأن الإشكال لا يحتمل إلا أن يكون موضوعياً فلا يجوز له أن يفاجأ المدعي ويحكم في الطلب علي أنه موضوعي ذلك أن المستشكل إنما طلب الفصل في أشكاله باعتباره أنه وقتي وعلى أن يكون الفصل فيه بمنظار الأوراق واضع في اعتباره أن الحكم الصادر فيه لن تكون له حجية فإذا اعتبر قاضي التنفيذ الإشكال موضوعية وباغت المستشكل وقضى فيه دون أن يلفت نظره فين مؤدي ذلك أن يبحث الموضوع وأن يتغلغل في أصل الحق و يبتسم النزاع بحكم له حجية أمام قضاء الموضوع كلي هذا دون أن يعطيه غصة الإستعداد لهذا الطلب الذي ما كان في حسبانه وقت رفع الدعوى أما إذا أصدر قاضي التنفيذ قراره بإعتبار الإشكال موضوعياً وبوقف أثره الموقف التنفيذ وشدد جلسة لنظره فقد يرى المستشكل أن المعتقدات التي بيده لا تسعفه في الإشكال الموضوعي وأن من مصلحته ترك الخصومة فيه ولا يجوز للمستقل ضده في هذه الحالة أن يعترض على ترك المستشكل الخصومة محتجاً بأن طلب الترك إنما أبدی بعد أن أبدي طلباته هو برفض الإشكالي من إهداءه. لطلباته كان منصباً علي الإشكال الوقتي أما وقد اعتبر قاضي التنفيذ الإشكالي موضوعياً فإن تقرير المستشكل بترك الخصومة فيه لا يعطي للمستشكل الحق في الاعتراض على ترك الخصومة فيه لأنه لم يكن مطروحاً على المحكمة.
والحكمة من أن قاضي التنفيذ حينما يصدر حكماً باعتبار الإشكال موضوعياً أن يترتب على هذا الحكم إزالة أثر وقف التنفيذ هي منع التحايل على القانون حتى لا يرفع من الهجوم إشكالات موضوعية بزعم أنها وقتية ويترتب عليها وقف التنفيذ ومن البديهي أنه وقد اتضح لقاضي لتنفيذ أن المنازعة موضوعية وأصدر حكماً باعتبارها كذلك وإذا كان من المقرر بأن منازعة التنفيذية الموضوعية لا يترتب عليها وقف التنفيذ فإنه لا يسوغ أن يظل التنفيذ موقوفاً حتى يفصل في الإشكال موضوعاً وقد يستغرق ذلك فترة طويلة أما الراي الثالث فإنه ينطوي علي معان في التمسك بالشكليات بلا مبرر.
الإختصاص الولائي لقاضي التنفيذ :
قاضي التنفيذ فرع من القضاء المبني ومن ثم يختص كما سبق أن أوضحنا بنظر جميع المنازعات في تنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الولائية الصادرة من المحاكم في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية أياً كان مبني المنازعة كما أنه باعتباره فرعاً من محاكم القانون العام المختصة بكل ما يتعلق بالمال من تصرفات تنصب على حقوق مدنية سواء بالإنشاء أو بالإزالة أو التقييد، وكذلك في صحة الإجراءات التي ينتج منها هذا الأثر، وتفريعاً علي ذلك فإنه يختص بجميع منازعات تنفيذ أحكام المحاكم الإدارية إلا إذا كان مبني الإشكال أمرا من الأمور التي نص عليها قانون مجلس الدولة ولا مثيل له في قانون المرافعات كما يختص بنظر المنازعات في تنفيذ أحكام الجهات أو الهيئات أو اللجان التي يمنحها المشرع إختصاصاً قضائياً بمقتضى نص خاص ما دام أن التنفيذ في جميع الحالات السابقة يمس - ملكية المال أو حيازته أو أي حق يتصل به استناداً إلي أن منازعات التنفيذ تدور حول الشروط الواجب توافرها بمناسبة إتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري علي المال . وعلى ذلك يختص قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ في الأحكام الصادرة من غير جهة القضاء العادي بشروط ثلاثة أولها ألا ينص القانون صراحة على أن هذه المنازعة من اختصاص جهة أو هيئة أخرى. وثانيهما أن يكون التنفيذ علي المال أو أن يكون ماله التنفيذ على المال كما إذا كان الحكم ملزماً بمبلغ من النقود على سبيل التعويض وثالثهما أن يتقيد قاضي التنفيذ بنفس القيود التي يتقيد بها عند نظر منازعات التنفيذ في الأحكام المدينة، فلا يجوز له أن يتعرض للحكم بتفسير أو تأويل أو تصحيح كما لا يجوز له أن يمس حجية الحكم ويستثنى من ذلك الأحكام المعلومة فهي لا تعد سندات تنفيذية ولا تلحقها أي حصانة سواء كانت صادرة من القضاء الإداري أو لجان إدارية ذات اختصاص قضائي على النحو الذي سنوضحه ( التنفيذ للدكتور أبو الوفا الطبعة الثامنة ص 368).
وإذا صدر حكم من جهة القضاء الإداري أو لجنة إدارية ذات إختصاص قضائي في مسألة لا تدخل في اختصاصه كما لو قضى في نزاع خاص بملكية عقار فقد كان من المستقر عليه فقها وقضاء قبل صدور قانون المرافعات الحالي أن هذا الحكم لا يحوز حجية أمام جهة القضاء العادي علي سند من أن هذا الحكم يعتبر في حكم العدم بالنسبة لجهة القضاء الأخرى التي وقع الاعتداء على اختصاصها الوظيفي وبعد صدور قانون المرافعات اختلف الفقهاء في هذا الأمر فذهب الرأي الأول إلى أن هذه الأحكام أضحت في ظل قانون المرافعات الجيد لها حجية حتى أمام جهة القضاء الأخرى التي اعتدى علي اختصاصها وحجتهم في ذلك أن انعدام هذه الحجية في الماضي كان مؤسساً على فكرة استقلال كل جهة قضائية عن الأخرى استقلالا يتنافى مع القول بأن جهة لسانية لافتات جهة قضائية أخرى على ولايته، ولكن قانون المرافعات الحالي تصب في المادة 110 منه على أن المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها ولو كان الاختصاص وظيفياً) تعين عليها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة وظيفياً والتي تلتزم بتلك الإحالة وأضاف أنصار هذا الرأي أن مقتضى هذا النص محو فكرة إستقلال كل جهة قضائية عن الأخرى التي بني الفقه والقضاء في الماضي قاعدته السابقة، ورتبوا على ذلك أن المحكمة الصادر من جهة قضائية غير مختصة وظيفياً يصبح حائزاً حجية الأمر المقضي أمام الجهة الأخرى (الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف الطبعة التاسعة ص 317 والدكتور أبو الوفا بالمقال المنشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة سنة 18 ص 11، ومنازعات التنفيذ للأستاذ عبد المنعم حسني ص 291 وأحكام التنفيذ الجبري للدكتورة أمينة النمر ص 278 والقضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 523) إلا أن الدكتور أبو الوفا عاد إلى القول بأن الأمر يعق عند التساؤل عما إذا كان الحكم الصادر من جهة قضائية غير مختصة يعتبر معلومة في تقدير قاضي التنفيذ التابع لجهة القضاء ذات الاختصاص العام بكل ما يلحق المال من تصرفات . أو أنه يتمتع بحجيته ولا يملك قاضي التنفيذ تجاهله وعدم الاعتداد به، وأضاف أنه مما يؤيد الإتجاه الأخير أن الحكم بعدم اختصاص جهة بنظر النزاع وبإحالته إلى جهة أخرى يفرض على هذه الجهة عملاً بالمادة 110 التي استحدث بها قانون المرافعات الجديد حكماً بصدد الحكم بعدم الاختصاص المتعلق بالوظيفة، ثم استطرد قائلاً أنه يلاحظ أن هذه المادة تخاطب في الأصل جهة القضاء العادي ومعنى ذلك أن الحكم بعدم اختصاص جهة القضاء العادي وبإحالة النزاع إلى الجهة المختصة، هذا الحكم يفرض علي غير جهة القضاء العادي، كما أن هذا الحكم يتمتع بحجيته وقوته أمام جهات القضاء الأخرى هو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع أي حكم إجرائي فرعي وليس بحكم موضوعي، وأردف بأنه إذا كان قد يسهل التسليم بحجية حكم صادر من جهة القضاء الإداري خرج عن إختصاص هذه الجهة فإنه لا يمكن التسليم بحجية حكم أو قرار صدر من هيئة إستثنائية أو لجنة ذات إختصاص قضائي خرجت عن حدود ولايتها (مؤلفه في إجراءات التنفيذ الطبعة الثامنة ص 372).
وفي تقديرنا أن نص المادة 110 مرافعات لا صلة له بحجية الأحكام إلا إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى إذ أن هذا النص يوجب على المحكمة المرفوع إليها الدعوى إذا تبين لها أنها غير مختصة ولو كان عدم اختصاصها وظيفياً أن تحكم بعدم الاختصاص وإحالة النزاع إلي المحكمة المختصة التي يتعين أن تلتزم بحكم الإحالة، إذ الجدل يثور في حالة ما إذا كانت محكمة القضاء الإداري قد رفعت إليها الدعوى وقضت فيها خطأ وهي غير مختصة بها وظيفيا كما إذا قضت بملكية عقار سواء دفع أمامها بعدم الاختصاص أو لم يدفع ففي هذه الحالة تكون قد خرجت عن اختصاصها الوظيفي ومؤدي ذلك أن نص المادة 110 لا شأن له بالمسألة مجال البحث ويكون المحاكم القضاء المدني وقاضي التنفيذ فرع منها ألا يعتد بحجية هذا الحكم . والأمر يحتاج إلي تفصيل فإذا فرض ورفعت دعوى أمام المحاكم المدنية يطالب فيها رافعها الحكومة بدين مدني وقضت المحكمة المدنية خطأ بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى لمحكمة القضاء الإداري حيث قضت في موضوع الدعوى . ففي هذه الحالة يتقيد قاضي التنفيذ بقضاء المحكمة المدنية التي يتبعها والذي قضى بأن المحكمة المدنية غير مختصة، وكذلك إذا رفعت دعوى يختص بها القضاء الإداري كطلب تعويض عن قرار إداري خاطئ وقضت محكمة القضاء الإداري خطأ بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى للمحكمة المدنية التي التزمت بهذا الحكم وقضت في موضوع الدعوى بالتعويض فإن هذا الحكم يكون حجة أمام قاضي التنفيذ لأنه صدر من جهة قضائية يتبعها هو ولا يجوز له أن يمس حجيته . وعلى ذلك يكون الرأي السائد قبل صدور قانون المرافعات الحالي هو الصحيح . ويسري هذا المبدأ علي الأحكام الصادرة من لجان إدارية ذات إختصاص قضائي أو لجان قضائية.
اختصاص قاضي التنفيذ بمنازعات التنفيذ المتعلقة بالحجز الإداري : سبق أن ذكرنا أن الرأي استقر فقها وقضاء علي أن يختص قاضي التنفيذ بالمنازعة إذا تعلقت بحجز إداري لأن توقيع الحجز الإداري لاستيفاء الدولة ما لها من أموال لدى الغير لا يصدر عنا بصفتها جهة إدارة وإن الحجوز الإدارية وإجراءاتها هي نظام خاص وضعه المشرع ليسهل على الحكومة بصفتها دائنة تحصيل ديونها قبل الأفراد.
دعوى براءة الذمة من دين قضي به في دعوى أخري والتي تؤسس على أن المحكوم له إتخاذ إجراءات تنفيذ الحكم عليه رغم إنقضاء الدين منازعة تنفيذ موضوعية:
إذا أقام شخص دعوى ببراءة ذمته من دين مقضي به عليه في دعوى أخري وأسس دعواه على أن المدعى عليه إتخاذ إجراءات تنفيذ الحكم عليه حالة إن ذمته بريئة منه بسبب من أسباب إنقضاء الدين كالوفاء فإن هذه الدعوى في حقيقتها ومرماها منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ ويختص قاضي التنفيذ دون غيره بنظرها لأنها مؤثرة في سير التنفيذ وإجراءاته.
يختص قاضي التنفيذ بطلب الإستمرار في تنفيذ الحكم الذي سبق صدوره لصالح رافع الإشكال باعتباره منازعة تنفيذ وقتية:
في حالة ما إذا صدر حكم وأصبح هذا الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري إلا أن المحضر أوقف تنفيذه لسبب ما فإنه يجوز لمن صدر لصالحه الحكم أن يرفع دعوى الإستمرار في تنفيذ الحكم وتعتبر هذه المنازعة منازعة وقتية إستناداً إلي أن المطلوب فيها ليس في حقيقته إلا إجراء وقتياً لا يمس أصل الحق فيفصل فيها قاضي التنفيذ باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة عملاً بالمادة 275 مرافعات.
دعوى عدم الاعتداد بمحضر التسليم الذي تم تنفيذه لحكم تعد منازعة تنفيذ موضوعية:
من المقرر أنه في في حالة ما إذا أقام الخصم دعوى يطلب فيها عدم الاعتداد بمحضر التسليم الذي تم تنفيذاً لحكم لسبب ما كما إذا كان التنفيذ أصاب عقاراً غير ذلك الذي قضي الحكم بتسليمه فإن هذه الدعوى تعد منازعة تنفيذ موضوعية ويختص بها قاضي التنفيذ وترفع أمامه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.
عدم اختصاص قاضي التنفيذ بمنح المدين مهلة للوفاء:
نصت الفقرة الثانية من المادة 346 من القانون المدني على أنه ((يجوز للقاضي في حالات استثنائية، إذا لم يمنعه نص القانون أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو أجال ينفذ فيها إلتزامه، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم)) ورغم أن الخطاب موجه في هذا النص لقاضي الموضوع عند الفصل في النزاع الموضوعي إلا أن الفقه في مصر اختلف فيما إذا كان قاضي التنفيذ يختص بمنح مهلة للمدين للوفاء وذهب في ذلك مذاهب شتى فنادي الرأي الأول باختصاصه بإعطاء المهلة في جميع الأحوال على سند من أن إعطاء نظرة الميسرة هو أمر يدخل في سلطة قاضي التنفيذ في الإدارة والإشراف على أعمال التنفيذ (عزمي عبد الفتاح في مؤلفته نظام قاضي التنفيذ ص 455. ومحمد عمر ص 198) وذهب الرأي الثاني إلى عدم إختصاص قاضي التنفيذ بإعطاء نظرة ميسرة إذا كان التنفيذ بموجب حكم (أبو الوفا في مقال له بمجلة إدارة قضايا الحكومة سنة 18 ص 684، استئناف مختلط مايو سنة 1915 الجازيت أغسطس سنة 1915 ص 157 رقم 397، مصر أهالي مستعجل في 19 يناير سنة 1935 في الإشكال رقم 314 لسنة 1935) وقال الرأي الثالث بأن القضاء المستعجل يملك الحكم بوقف التنفيذ إذا أثبت المدين وجود ضمانات كافية تحت يد الدائن طالب التنفيذ لصيانة الحقوق المنفذ بها تأسيسا على أن الدائن لن يصيبه ضرر من ذلك (المرحوم محمد على راتب ومشار لهذا الرأي في قضاء الأمور المستعجلة لراتب ونصر الدين كامل الطبعة السادسة ص 931 وما بعدها) كذلك فقد اتجه رأي في الفقه الفرنسي إلى جواز إعطاء قاضي التنفيذ مهلة للمدين إذا كان تحت يد الدائن من الضمانات ما يكفي لصيانة الحقوق المنفذ بها وأظهر المدين من الأعمال ما يفيد حسن نيته ورغبته في الدفع وعدم المماطلة أما الرأي الراجح فيقرر بعدم اختصاصه بذلك حتى ولو دفع المدين مبالغ تحت الحساب وبأن قاضي التنفيذ يعتبر متعدياً اختصاصه إذا حكم بمنح مهلة للوفاء عقب الميعاد الذي أعطاه الدائن طالب التنفيذ أو إذا علق إجراء التنفيذ أو إذا علق إجراء التنفيذ على حصول واقعة معينة أو إذا أعطي المدین مهلة ليبحث فيها عن الدائن طالب التنفيذ الذي يستحق دينه بطريق الأفضلية كما لا يملك الحكم بوقف التنفيذ إذ أثبت المدين وجود ضمانات كافية تحت يد الدائن طالب التنفيذ لصيانة الحقوق المنفذ بها لأن الدائن يملك التنفيذ الجبري ولو وجدت ضمانات كافية. (قضاء الأمور المستعجلة للمستشارين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة ص 845). وهذا الرأي هو الذي يتفق وصحيح القانون ذلك أن منح المدين مهلة للوفاء إنما يكون لقاضي الموضوع عند الحكم بالإلزام أما بعد ذلك فلا يجوز لقاضي التنفيذ أن يمس حجية الحكم الذي أصبح بمقتضاه التنفيذ فورياً إما لأن النفاذ منصوص عليه في القانون أو مأمور به في الحكم أو لنهائيته.
يجوز لقاضي التنفيذ أن يقضي بتعديل محضر التسليم الذي يتم لغير المدعي بجعله حکماً بالنسبة له:
في حالة ما إذا أقام المدعي دعوى أمام قاضي التنفيذ طلب فيها عدم الإعتداد بمحضر التسليم الذي تم بمقتضاه تسليم العقار لغيره بسند تنفيذي وأسس المدعى مرد على أنه يضع اليد على العقار بسند قانوني وتبين لقاضي التنفيذ صحة دعواه كما إذا كان يستأجر العقار من ذي صفة وأن الإيجار نافذ في حق المدعى عليهم كان له أن يقضي بتعديل محضر التسليم بأن يجعله حكمياً ولا بعد ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم إنما قضاء بجزء من الطلبات. (راجع في هذا الشأن حكم النقض رقم 56 الذي ورد في هذه المادة (م 275).
اختصاص قاضي التنفيذ بتفسير الحكم الصادر في منازعات التنفيذ الوقتية:
من المقرر أن نص المادة 192 مرافعات نص عام وبالتالي يسري على الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة وإشكالات التنفيذ الوقتية فيجوز للخصوم أن يطلبوا من قاضي التنفيذ تفسير الحكم الصادر في الإشكال الوقتي وسلطة قاضي التنفيذ مقيدة بما يتقيد به عند الحكم في الإشكال الوقتي ومن ثم فإنه يقوم عند الحكم في الإشكال الوقتي ومن ثم فإنه يقوم عند تفسير الحكم بالبحث العرضي الذي يتحسس به ما يتحسس به ما يحتمل الأول نظرة أن يكون هو وجه الصواب دون أن يحسم النزاع في هذا الشأن.
مدى اختصاص قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ الجنائية في المواد من 524 إلي 527 من قانون الإجراءات الجنائية ونص في المادة 524 المعدلة بالقانون 170 لسنة 1981 على أن كل إشكال من المحكوم عليه في التنفيذ برفع لمحكمة الجنايات إذا كان الحكم صادراً منها وإلى محكمة الجنح المستأنفة فيما عدا ذلك، وينعقد الإختصاص في الحالين للمحكمة التي تختص محلياً بنظري الدعوى المستشكل فى تنفيذ الحكم الصادر فيها.
ونصت المادة 527 على أنه (في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام نزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات) وعلى ذلك يكون الإختصاص بمنازعات التنفيذ في الأحكام الجنائية المرفوعة من المتهم الصادر ضده الحكم من إختصاص محكمة الجنايات إذا كانت هي التي أصدرت الحكم أما الحكم الصادر من محكمة الجنح الجزئية وكذلك الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة فإن الإشكال الذي يرفع من المحكوم عليه في أيهما يكون من إختصاص محكمة الجنح المستأنفة سواء أكان الحكم بعقوبة جنائية أو بعقوبة مالية كالغرامة والمصاريف والمصادرة وسواء كان التنفيذ يباشر بطريق الحجز على المنقول طبقاً لقانون الحجز الإداري حتى ولو كانت منازعة المحجوز عليه تنصب على عدم جواز الحجز على الأشياء محل التنفيذ، أما إذا كان الإشكال مرفوعاً من غير المتهم مدعياً بأن الأموال التي توقع الحجز عليها مملوكة له فإن الإشكال في هذه الحالة يرفع إلي قاضي التنفيذ وفقاً لقانون المرافعات سواء كان إشكالاً وقتياً أو منازعة موضوعية.
ويشترط لاختصاص قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ في الحكم الجنائي ثلاثة شروط.
الشرط الأول : أن يكون المستشكل غير المحكوم عليه لأن المحكوم عليه لا يجوز له المنازعة في التنفيذ إلا أمام المحكمة الجنائية على التفصيل المبين بالمادة 524 إجراءات جنائية.
الشرط الثاني : أن يكون المنفذ به عقوبة مالية كالغرامة أو المصاريف الجنائية أو ما يجب رده أو التعويضات الجنائية كرسوم إشغال الطريق المحكوم بها ورسوم ترخيص البناء ورسوم الجمارك وأن يجري تنفيذها بالطرق المدنية كالحجز على المنقول و التنفيذ على العقار سواء تم بالطريق المبين بقانون المرافعات أو بطريق الحجز الإداري.
الشرط الثالث: أن يكون الإشكال منصباً على الأموال المطلوب التنفيذ عليها بأن يدعي المستشكل أن الشيء المحجوز عليه مملوك له وليس ملكاً للمدين، أما إذا أثير الإشكال في مضمون الحكم نفسه من حيث قابليته للتنفيذ فإنه يرفع إلي المحكمة الجنائية حتى ولو كان رافعه غير المحكوم عليه، فإن صدر الحكم لإدارتها بدون ترخيص وأراد المحكوم عليه أن ينازع في التنفيذ على سند من أنه هو الذي يدير المحل وأنه مرخص له بإدارته قبل تحرير المحضر فإن هذه المنازعة تعد منازعة في مضمون الحكم ويتعين رفعها إلى القضاء الجنائي، وكذلك الأمر إذا أقيمت الدعوى الجنائية على شخص بتهمة أنه أقام بناء بدون ترخيص ومخالفاً للمواصفات القانونية وصدر الحكم بالغرامة وإزالة البناء ونازع الغير في تنفيذ الإزالة بدعوى أنه المالك للعقار وأنه حصل على ترخيص بالبناء قبل تحرير المحضر وأن البناء مطابقة للمواصفات الواردة بالترخيص فإنه يتعين عليه أن يلجأ للمحكمة الجنائية للفصل في منازعته وفقاً القانون الإجراءات أما إذا كان الحكم الجنائي المطلوب تنفيذه صادراً بالغلق أو الإزالة أو الهدم وأدعى الغير ملكية العين المراد التنفيذ عليها، فإن تلك العقوبات لا تعد من العقوبات المالية التي قصدها الشارع في المادة 527 إجراءات جنائية إذ أن هذه العقوبات تهدف إلي محو الأثر الذي أحدثته الجريمة ورفع الضرر الناشئ عنها لأن في بقاءه إعتداء على الصالح العام ولذلك فهي لا تعتبر عقوبات مالية بل هي عقوبات جنائية ينفذ بمقتضاها على العين التي لورثتها الجريمة كائناً من كان مالكها أو حائزها وهذا التنفيذ لا يجري بالطرق المدنية المقررة في قانون المرافعات أو الحجز الإداري ولكن يتم بالكيفية التي تمحي معها كافة الآثار التي أحدثتها الجريمة، فالحكم الصادر بالغلق يتم بمنع المحكوم عليه من الإنتفاع بالعين بصورة منافية للقانون فالإغلاق في هذه الحالة يعيد العين إلى حالتها السابقة على مخالفة القانون فيزول الضرر عن المجتمع بزوال أثر الجريمة، وكذلك الحكم الصادر بالإزالة أو الهدم فإن تنفيذه لا يتم بالكيفية المقررة في قانون المرافعات وهو ليس من الأحكام المالية المشار إليها في المادة 527 من قانون الإجراءات الجنائية، بل هو عقوبة جنائية مقصود بها محو المظهر الذي أحدثته الجريمة وتنفيذ الحكم الصادر بها إنما يكون بإزالة الأثر الناشئ عن مخالفة القانون حتي يرتفع ضرر الجريمة عن المجتمع، والأمر كذلك بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية بتصحيح الأعمال المخالفة للقانون أو إستكمالها لأنها لا تعتبر من الأحكام المالية التي يتم تنفيذها بالطرق المقررة في قانون المرافعات ومن ثم يكون الاستشكال فيها من غير المحكوم عليه أمام المحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم.
اختصاص قاضي التنفيذ بمنازعات التنفيذ المتعلقة بالأحكام في الدعاوى المدنية من المحاكم الجنائية.
الأصل أن الدعاوي المدنية تخص بالفصل فيها المحكمة المدنية إلا أن المشرع أجاز استثناء لمن ناله ضرر من الجريمة أن يرفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية بطريق التبعية للدعوى الجنائية مطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الجريمة وله أن يدخل فيها المسئول عن الحقوق المدنية بل وله أن يختصم شركة التأمين الملتزمة بتعويض الضرر وفقاً لوثيقة التأمين إلا أن هذا الإستثناء وإن كان يخضع الدعوى المدنية في إجراءاتها لما نص عليه في قانون الإجراءات الجنائية إلا أنه لا يخرجها عن طبيعتها وهي أنها دعوى مدنية صرفة يحكم الإلتزام فيها القانون المدني وقد ثار الخلاف بين الشراح عما إذا كانت المنازعة في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية من المحكمة الجنائية ترفع إلي القاضي الجنائي أم إلي قاضي التنفيذ فذهبت بعض المحاكم إلي أن المحكمة الجنائية هي المختصة بالفصل في هذه الإشكالات علي إعتبار أن الأصل العام يقضي بإسباغ الاختصاص علي المحكمة التي أصدرت الحكم ما دام المشرع لم يورد نصا خاصا علي خلاف ذلك ونادي رأي آخر بإسناد الاختصاص إلي قاضي التنفيذ، ذلك أنه إذا صح القول بأن المحكمة الجنائية تختص بنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية، إلا أن ذلك لا يفيد بطريق اللزوم إختصاص المحكمة الجنائية بالفصل في الإشكالات المتعلقة بتنفيذ الأحكام المدنية الصادرة من المحاكم الجنائية، لأن الحكمة من اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية هي التيسير علي المتقاضين نظراً لنشوء الدعوىين عن فعل واحد أما إذا أصدرت المحكمة الجنائية حكمها فيهما فإن الحكم الصادر في الدعوى المدنية يصبح له كيان مستقل عن الحكم الجنائي لأنه يقرر حقاً مالياً يخضع لأحكام القانون المدني من حيث سقوطه أو بقائه كما أنه ينفذ علي مال المحكوم عليه طبقاً للإجراءات المقررة في قانون المرافعات وأنه لا يمكن أن تثار في إشكالات التنفيذ في الأحكام المدنية الصادرة في الدعاوي المدنية من المحاكم الجنائية منازعات تتعلق بالعقوبة الجنائية، وإنما كل ما يتصور إثارته هي منازعات مدنية بحتة مما تختص به المحاكم المدنية كسب وظيفتها . ( القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 560 وقضاء الأمور المستعجلة للمستشارين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة ص 803) وفي تقديرنا أن الرأي الثاني هو الذي يتفق وصحيح القانون إذ إنه فضلاً عن الأسانيد التي ساقها أصحابه فإنه لا جدال في أن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية للدعوى الجنائية إنما هي دعوى مدنية بحتة وإذا كان المشرع قد جعل للقضاء الجنائي إختصاصاً إستثنائياً بالفصل فيها إلا أن هذا الإختصاص لا ينفي أنها دعوى مدنية وأن الحكم الذي يصدر فيها حكم مدني ينفذ بطريق الحجز على المال طبقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات وبالتالي فإن قاضي التنفيذ هو المختص بنظر منازعات التنفيذ التي تثار بصدد تنفيذ الحكم الصادر فيها سواء رفع من المحكوم عليه أو من الغير وسواء كان التنفيذ بطريق الحجز والبيع أو بالطريق المباشر .
إختصاص قاضي التنفيذ بتنفيذ القرارات الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية :
نصت المادة 66 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية في فقرتها الأولى على أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بضم الصغير وحفظه وتسليمه جبراً".
ونصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أن " يتبع في تنفيذ الأحكام الصادرة في هذا الشأن ما ينص عليه القانون من إجراءات".
ونصت الفقرة الثالثة من ذات المادة على ما يلي :
" ويراعي في جميع الأحوال أن تتم إجراءات التنفيذ ودخول المنازل وفق ما يأمر به قاضي التنفيذ".
ومؤدى الفقرة الثالثة أن يتقدم المحضر بطلب لقاضي التنفيذ ليصدر له توجيهاته في هذا الشأن فيجوز له أن يأذن بفض الأقفال بالقوة أن أو صد المحكوم عليه أبواب المنزل وامتنع عن فتحه في وجه المحضر ومعاونيه من رجال الشرطة. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السابع، الصفحة : 4)
الإختصاص الوظيفي لقاضي التنفيذ:
هناك قاعدتان تحكمان الاختصاص الوظيفي لقاضي التنفيذ (عزمى عبد الفتاح - الرسالة السالفة الذكر - ص 309 وما بعدها):
(أ) القاعدة الأولى: أن قاضي التنفيذ يختص بمسائل التنفيذ التي تدخل في اختصاص جهة القضاء العادي لأن قاضي التنفيذ ينتمي لجهة القضاء العادي ويعتبر فرعاً منها، ولذلك يختص بالإشراف على الإجراءات والفصل في المنازعات التنفيذية المتعلقة بالأحكام الصادرة من جهة القضاء العادي وسائر السندات الأخرى التي يعترف لها قانون المرافعات بالقوة التنفيذية كأحكام المحكمين والمحررات الموثقة وسائر الأوراق الأخرى المعتبرة سندات تنفيذية، ونتيجة لذلك فإن ما يخرج عن اختصاص جهة القضاء العادي بنصوص خاصة بخرج بالتالي عن إختصاص قاضي التنفيذ فهو لا يختص كقاعدة بمسائل، التنفيذ المتعلقة بالسندات الصادرة من غير جهة القضاء العادي فلا يشرف على إجراءات تنفيذها ولا يفصل في المنازعات التي تثور بصدد تنفيذها.
(ب) القاعدة الثانية: أن قاضي التنفيذ يختص بمنازعات التنفيذ الذي يجري على المال أو يكون مآله أن يجري على المال، حتى ولو كان سند التنفيذ صادراً من جهة أخرى غير جهة القضاء العادي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وتطبيقاً لذلك فإن قاضي التنفيذ يختص بمنازعات التنفيذ على المال تنفيذا لحكم صادر من جهة القضاء الإداري إلا إذا كان أساس المنازعة مسألة من اختصاص جهة القضاء الإداري وحده، كما يختص أيضاً بالمنازعات المتعلقة بالحجوز الإدارية ولكن لا يختص قاضي التنفيذ بطلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية لأنها من اختصاص جهة القضاء الإدارى بنص القانون.
ويلاحظ أنه تطبيقاً للقاعدة الأولى فإن قاضي التنفيذ باعتباره فرعاً من جهة القضاء العادي يختص بمنازعات تنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة من محاكم هذه الجهة في تشكيلها المتعلق بالمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية أياً كان محل التنفيذ سواء كان مالاً أو غير ذلك كتسليم الصغير أو الحضانة، ولكن بالنسبة للمحاكم الجنائية وهي من محاکم جهة القضاء العادي فإن لها اختصاصها المستقل عن المحاكم المدنية التي يعتبر قاضي التنفيذ فرعاً منها ولذلك فإن الأصل هو أن المحاكم الجنائية تختص بسائر المنازعات التي ترفع من المتهم في الأحكام الصادرة من هذه المحاكم مهما كانت طبيعة الحكم، ولو كان تنفيذه سوف يتم على أموال المحكوم عليه ومن ثم لا يختص قاضى التنفيذ بنظر أي إشكال يقام من المحكوم عليه بصدد تنفيذ الأحكام الصادرة ضده من القضاء الجنائي .
هذا هو الأصل بالنسبة للقضاء الجنائي، وإستثناء من هذا الأصل نصت المادة 527 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه، إذا قام نزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها، يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات، فوفقاً لهذا النص ينعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بنظر منازعات تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إذا توافرت الشروط الآتية:
أ) أن يكون الحكم الصادر من المحكمة الجنائية حكماً مالياً أی صادراً بإلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من النقود، ومن أمثلة ذلك الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية بالغرامة أو المصاريف أو التعويضات، ومن ذلك أيضاً الحكم الصادر بتوقيع عقوبة جنائية على المتهم مع التعويض المدني لصالح المجني عليه فيكون الشق الخاص بالتعويض هو قضاء في نزاع مدني ينفذ طبقاً لأوضاع التنفيذ في قانون الإجراءات المدنية، فإذا ما ثار إشكال فيما يتعلق بالجزء الخاص بالتعويض فإن قاضي التنفيذ يختص بنظر هذا الإشكال، وهناك اتجاه في الفقه والقضاء يشترط أن ينفذ هذا الحكم على أموال المحكوم عليه بطرق التنفيذ المقررة في قانون المرافعات المدنية والتي تنتهي ببيع الأموال المنفذة عليها أو أن يكون التنفيذ بطريق الحجز الإداري، فإذا كان التنفيذ سيجرى بمقتضى حكم مالی . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : الخامس، الصفحة : 780)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع عشر ، الصفحة / 71
تَنْفِيذٌ
التَّعْرِيفُ:
التَّنْفِيذُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ.
يُقَالُ: نَفَذَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ تَنْفِيذًا: أَخْرَجَ طَرَفَهُ مِنَ الشِّقِّ الآْخَرِ. وَنَفَذَ الْكِتَابُ أَرْسَلَهُ: وَنَفَذَ الْحَاكِمُ الأْمْرَ أَجْرَاهُ وَقَضَاهُ.
وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَالنَّفَاذُ تَرَتُّبُ الآْثَارِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ «تَنْفِيذٍ» عَلَى إحَاطَةِ الْحَاكِمِ عِلْمًا بِحُكْمٍ أَصْدَرَهُ حَاكِمٌ آخَرُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ، وَيُسَمَّى اتِّصَالاً. وَيُتَجَوَّزُ بِذِكْرِ (الثُّبُوتِ) (وَالتَّنْفِيذِ) قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا هَذَا غَالِبًا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَاذِ الْحُكْمِ أَوِ الْعَقْدِ وَتَنْفِيذِهِمَا هُوَ: أَنَّ النَّفَاذَ صِحَّةُ الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَتَرَتُّبُ آثَارِهِ الْخَاصَّةِ مِنْهُ، كَوُجُوبِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَانْتِقَالُ مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ. أَمَّا التَّنْفِيذُ فَهُوَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ بِتَنْفِيذِ عُقُوبَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِنَ الْعَاقِدِ طَوْعًا أَوْ بِإِلْزَامٍ مِنَ الْحَاكِمِ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ التَّنْفِيذَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بِحُكْمٍ سَابِقٍ وَإِجَازَةٌ لِلْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.
وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْحُكْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْقَضَاءُ:
الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْحُكْمُ وَمِنْهُ قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّك أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ).
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالتَّنْفِيذِ أَنَّ التَّنْفِيذَ يَأْتِي بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ سَبَبٌ لَهُ
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوِ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ بِشُرُوطِهَا، وَعَلَى الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنِ الْتَزَمَ حُقُوقًا مَالِيَّةً بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ حَقًّا تَنْفِيذُ مَا لَزِمَهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَعَلَى الْحَاكِمِ التَّنْفِيذُ جَبْرًا عَلَى مَنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّنْفِيذِ طَوْعًا إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ.