loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- لما كان الحكم المراد تنفيذه ينطوي على شقين يسبق أحدهما الآخر من حيث التنفيذ فأولاً يتم الإخلاء الذي كان يتعين على المطعون ضدهم تنفيذه فور إنذارهم عملاً بالمادة 64 من القانون 49 سنة 77 ومن المقرر أن أحكام الإخلاء تنفذ عن طريق المحضرين طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها فى المادة 279 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وما أوردته المادة 64 من القانون فى هذا الخصوص لا يسلب قلم المحضرين اختصاصه الأصيل بالإخلاء ثم الشق الآخر وهو الإزالة وذوي الشأن الذي عناهم المشرع فى المادة 60 هم الطاعنين فإذا لم يكن ثمة امتناع من جانبهم عن الإزالة فمن ثم فلا اختصاص للجهة الإدارية فى هذا الشأن ولا محل للالتجاء إليها. لما كان ذلك فإن ما خلص إليه الحكم المطعون ضده من اختصاص الجهة الإدارية وحدها بتنفيذ الحكم وأن التنفيذ عن طريق قلم المحضرين هو تنفيذ خاطئ يكون غير سديد.

(الطعن رقم 1715 لسنة 56 جلسة 1986/05/15 س 37 ع 1 ص 548 ق 108)

2- تمثيل المصفى للشركة فى فترة التصفية متعلق فقط بالأعمال التى تستلزمها التصفية و بالدعاوى التى ترفع من الشركة أو عليها أما إذا تعلق الأمر بالشروع فى تنفيذ الحكم القاضى بحل الشركة و تصفيتها و تعين أحد الشركاء مصفيا لها فإنه لا يعدو أن يكون حكما من الأحكام التى يراد تنفيذها هنالك ، لا تختلط صفة المصفى مع صفة المحكوم له ، لأن الأمر لا يتعلق حينئذ بالمنازعة فيما قضى به الحكم من تعينه مصفيا أو سلطاته فى التصفية أو بصحة الإجراءات التى إتخذها بحسبانه مصفيا لشركة تحت التصفية و إنما يتعلق الأمر بجواز تنفيذ حكم و بصحة إجراءات هذا التنفيذ لذلك لا تكون صفته كمصف ملحوظه و إنما تبرر فقط صفته كمطالب تنفيذ محكوم له و إذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إختصامه بصفته مصفيا فإنه يكون قد التزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 27 لسنة 45 جلسة 1979/05/07 س 30 ع 2 ص 291 ق 238)

3- إنه و إن كان يجب إختصام وكيل الدائنين فى الإجراءات التى تتخذ بعد شهر إفلاس المدين ، و يترتب على إغفال إختصامه فيها عدم جواز الإحتجاج بها على جماعة الدائنين ، إلا أنه لا محل لهذا الإختصام إذا كانت الإجراءات قد تمت و بلغت نهايتها بحكم مرسى المزاد قبل شهر الإفلاس ، ذلك أن المادة 678 من قانون المرافعات السابق الذى إتخذت الإجراءات فى ظله قد أوجبت على قلم الكتاب أن يقوم بالنيابة عن ذوى الشأن بطلب تسجيل حكم مرسى المزاد خلال ثلاثة الأيام التالية لصدوره ، و من ثم فإن قلم الكتاب يعتبر نائباً عن ذوى الشأن ، و قائماً مقامهم بحكم القانون فى طلب تسجيل حكم مرسى المزاد . و إذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و إعتبر التسجيل الذى تم بناء على طلب قلم الكتاب غير نافذ فى حق جماعة الدائنين و رتب على ذلك القضاء بتثبيت ملكية التفليسة للأطيان المحكوم برسوم مزادها على البنك الطاعن . فإنه يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 351 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 87 ق 17)

4- ولئن كان اتخاذ الدائن إجراءات التنفيذ القهرى على أموال مدينه هو حق مقرر له لا يستوجب مسئوليته ، إلا أن عليه أن يراعى الإجراءات التى فرضها القانون فى التنفيذ على أموال المدين ذاتها بحيث لا يسند إليه الخطأ العمد أو الجسيم فإن هو قارف ذلك ثبت فى حقه ركن الخطأ الموجب للمسئولية عن هذه الإجراءات فيما لو ترتب عليها الحاق الضرر بالغير

(الطعن رقم 58 لسنة 36 جلسة 1970/04/14 س 21 ع 2 ص 611 ق 98)

5- مفاد نص المادة السابعة من قانون المرافعات السابق و المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية و رهنها ، مرتبطين أن المحضر الذى يباشر التنفيذ أو غيره ممن أجاز القانون أن يجرى التنفيذ الجبرى بواستطهم ، إنما يقومون بذلك التنفيذ بناء على توجيه من الخصوم لهذه الإجراءات ، فإذا ما عين الخصوم إجراءات التنفيذ التى يطلبون اتخاذها ، اعتبر المحضر أو من يباشر إجراء التنفيذ الجبرى ممن أجاز لهم القانون ذلك ، وكلاء عن طالب التنفيذ الذى يسأل مسئولية مباشرة عن توجيه هذه الإجراءات فيما لو ترتب على ذلك الإضرار بالغير

(الطعن رقم 58 لسنة 36 جلسة 1970/04/14 س 21 ع 2 ص 611 ق 98)

شرح خبراء القانون

مباشرة التنفيذ:

مفاد نص المادتين (6) ، (279) من قانون المرافعات أن كل تنفيذ يكون بواسطة معاوني التنفيذ بناء على طلب الخصم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ومتى كان التنفيذ من اختصاص معاوني التنفيذ، كانوا ملزمين بإجرائه متى استوفى شروطه القانونية بأن تقدم الخصم بالسند التنفيذي الذي يصلح لتنفيذه جبراً وسند الوكالة عند تقديم الطلب بواسطة الوكيل، فإذا امتنع معاون التنفيذ عند ذلك عن القيام بأي إجراء من إجراءات التنفيذ متعلقاً بعدم توافر الشروط اللازمة لإجرائه، جاز للخصم أن يتقدم بعريضة إلى مدير إدارة التنفيذ الذي يتبعه معاون التنفيذ متضمنة هذا الامتناع إذا كان على غير حق، طالباً إجراء التنفيذ، ويرفق بها الأوراق التي سبق أن تقدم بها، ليصدر أمراً ولائياً بذلك أو يرفض إجراء التنفيذ بعد سماع أقوال معاون التنفيذ، فإذا رفض إجراء التنفيذ، جاز للطالب أن يتظلم من هذا الأمر بعريضة تقدم إلى مدير إدارة التنفيذ ويكون قراره نهائياً، أما إذا أجاب الطالب وأمر بإجراء التنفيذ، جاز للمنفذ ضده أن يتظلم أيضاً من هذا الأمر، فإن بدأ معاون التنفيذ في إجراء التنفيذ قبل الفصل في التظلم، جاز للمنفذ ضده أن يرفع منازعة في التنفيذ بتقديم إشكال بوقف التنفيذ مؤقتاً، فإذا إجتمع التظلم مع الإشكال، وفصل في التظلم أولاً بإلغاء الأمر، تعين القضاء في الإشكال بوقف التنفيذ لزوال السند الذي تم التنفيذ بموجبه، أما إذا فصل في التظلم بتأييد الأمر، فإن هذا القضاء تكون له حجية وقتية لا يجوز مخالفتها، طالما لم تتغير الظروف التي صدر فيها عنها وقت نظر الإشكال، وكذلك الحال إذا قضي في الإشكال أولاً.

فإن لم يمتنع معاون التنفيذ عن التنفيذ وعند الشروع فيه عرض إشكال من المدين أو الغير، وكان إشكالاً أولاً، تعين على معاون التنفيذ أن يوقف التنفيذ مع تكليف الخصوم الحضور أمام قاضي التنفيذ، وفي هذه الحالة يكون إمتناع معاون التنفيذ عن التنفيذ قد تم بموجب الإشكال عملاً بالمادة (312) من قانون المرافعات، وليس من تلقاء نفسه عند تقديم طلب التنفيذ إليه ، وعند نظر الإشكال يتقدم طالب التنفيذ بكل أوجه دفاعه للحكم بالإستمرار في التنفيذ، فإن لم يحدد معاون التنفيذ جلسة لنظر الإشكال بعد وقف التنفيذ، ففي هذه الحالة يجوز لطالب التنفيذ أن يكلف المستشكل بالحضور أمام قاضي التنفيذ لنظر الإشكال، إذ يعتبر الإشكال مرفوعاً منذ عرضه علي معاون التنفيذ، ويجوز لأي من الخصوم تحریکه بتكليف خصمه بالحضور، فإن لم يتخذ طالب التنفيذ هذا الإجراء ولكن تقدم بعريضة إلي مدير إدارة التنفيذ تعين عليه أن يحدد هو جلسة لنظر الإشكال يكلف الخصوم حضورها بمعرفة قلم المحضرين، ولا يعتبر هذا التحديد أمراً ولائياً وإنما قراراً إدارياً بما لمدير إدارة التنفيذ من سلطة الإشراف علي أعمال معاوني التنفيذ.

وإذا وقعت مقاومة أو تعد على معاون التنفيذ وجب عليه أن يتخذ جميع الوسائل التحفظية وله في سبيل ذلك - بعد عرض الأمر على مدير إدارة التنفيذ إن كانت الظروف تسمح بهذا العرض - وأن يطلب معونة القوة العامة والسلطة المحلية. 

انتفاء الوكالة عن معاون التنفيذ:

يلتزم معاون التنفيذ بالقيام بإجراءات التنفيذ متى توافرت الشروط اللازمة لذلك بأن يكون بید طالب التنفيذ سند تنفيذي صادر لصالحه وأن يتقدم بطلب لإدارة التنفيذ، ومتى توافرت تلك الشروط، وجب على معاون التنفيذ إجراء التنفيذ وامتنع عليه الإمتناع أو التنحي عن ذلك، فهو يقوم بالتنفيذ بموجب المادة (279) من قانون المرافعات عندما تتوافر الشروط اللازمة لذلك بإعتباره موظفاً عاماً يباشر أعمال وظيفته وفقاً للقانون وما يصدر إليه من أوامر وتعليمات من إدارة التنفيذ وليس من طالب التنفيذ، وينتفي بذلك المقومات التي تجعل منه وكيلاً عن الأخير.

وإن كانت المادة (282) من ذات القانون قد أوجبت عليه قبض الدين من المنفذ ضده عند عرضه عليه مع إعطاء مخالصة وذلك دون تفويض خاص، فإن قبضه الذين لا يدل على أنه نائب قانوني عن طالب التنفيذ وإنما مكلفاً بقبول هذا الوفاء شأنه في ذلك شأن قلم الكتاب عند إيداع المبلغ المعروض إيداعاً مبرئاً للذمة يقوم مقام الوفاء، ولا يساغ القول باعتبار قلم الكتاب نائباً عن الموفي. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : التاسع، الصفحة : 427) 

1- معاون التنفيذ يمثل السلطة العامة عند إجراء التنفيذ وهو من ناحية أخري يقوم به باسم طالبه أي بالوكالة عنه وعلى مسئوليته فهو إذن مسئول عن خطئه قبل أصحاب الشأن إنا لم يراع ما يوجبه القانون وتكون الحكومة مسئولة عن خطئه قبلهم أيضاً، كما أن طالب التنفيذ يكون مسئولاً قبل خصمه إذا ثبت أنه لم يكن على حق في إجرائه.

2- إذا كان إمتناع معاون التنفيذ عن القيام بإجراء من إجراءات التنفيذ غير مستند إلي حجة قانونية فإن الأمر يرفع لإدارة التنفيذ بطلب على عريضة وكذلك الحال إذا احتج المعاون بقيام مانع قانوني من إجراء التنفيذ المطلوب منه إجراؤه فإنه يجب عليه رفع الأمر إلى إدارة التنفيذ. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السابع، الصفحة : 80)

التعريف بالمحضر ومركزه القانوني من حيث تبعيته للسلطة التنفيذية أو القضائية ودوره في التنفيذ قبل تعديل المادة 278 بالقانون 76 لسنة 2007 :

المحضر هو عامل التنفيذ الذي أناط به المشرع اتخاذ إجراءات التنفيذ، ورغم أن قانون المرافعات الحالي قد أنشأ نظام قاضي التنفيذ إلا أنه لم يسلب المحضر صفته باعتباره التنفيذي ليقوم به تحت إشراف القضاء.

والمحضر ليس قاضياً لأنه لا يتمتع بولاية القضاء ولذلك يجب عدم تشبيه النظام القانوني للمحضرين بذلك الخاص بالقضاة، ووفقاً للمادة 148 من قانون السلطة القضائية، فإنه يشترط فيمن يعين محضراً ما يشترط فيمن يعين كاتباً، وطبقاً للمادة 137 فإنه يشترط فيمن يعين كاتباً الشروط الواجب توافرها وفقاً للأحكام العامة للتوظف في الحكومة عدا شرط الامتحان المقرر للوظيفة ويجب ألا يقل المؤهل عند التعيين عن شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، ولا يشترط في المحضر أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق ولكن يجوز تعيين المحضرين من بين الحاصلين على هذه الإجازة، ووفقاً للمادة 148 فإن المحضر يعين تحت الإختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، وقد أوضحت المادة 153 أن القرارات المتعلقة بالشئون الوظيفية للمحضر من تعيين وترقية ومنح علاوات ونقل تصدر من وزير العدل بناء على ما تقترحه لجنة مكونة من وكيل وزارة العدل ومدير عام إدارة المحاكم ومدير عام الشئون المالية ويحلف المحضرون أمام هيئة المحكمة التابعين لها في جلسة علنية يميناً بأن يؤدوا أعمال وظيفتهم بالذمة والعدل، ويلحق المحضرون بدائرة كل محكمة إبتدائية ويرأس المحضرين كبير المحضرين وفي دوائر المحاكم يوجد محضرون أول، ولا يعين محضراً أول بمحكمة جزئية إلا من أمضى في وظيفة محضر تنفيذ مدة سنتين على الأقل، ويتولى رئيس المحكمة الإبتدائية تحديد محل عمل المحضرين ونقلهم وندبهم داخل دائرة المحكمة وكذلك تعيين المحضرين الأول بالمحاكم الجزئية .

وهناك نوعان من تخصصات المحضرين في العمل، فقد يتخصص المحضر في القيام بإعلان الأوراق القضائية كالإنذارات والأحكام وصحف الدعاوى وصحف الطعون وغيرها ويعرف بمحضر الإعلان، وقد يتخصص المحضر في القيام بإجراءات التنفيذ وأعماله من حجز وبيع أو إعلان الأوراق المتعلقة بالتنفيذ ويعرف بمحضر التنفيذ ولكن يشترط فيمن يعين محضراً للتنفيذ أن يكون قد شغل وظيفة محضر مدة سنتين على الأقل وحسنت الشهادة في حقه وأن يكون قد نجح في امتحان يختبر فيه تحريراً وشفوياً (مادة 144) وعلة ذلك أن أعمال التنفيذ أكثر صعوبة من أعمال الإعلان وتحتاج إلى مزيد من الخبرة، ولكن هذا التوزيع للعمل بين المحضرين هو توزیع داخلي للعمل بينهم في المحاكم فلا يترتب على مخالفته البطلان، فقد يقوم محضر التنفيذ بأعمال الإعلان والعكس إذا اقتضت ظروف العمل ذلك دون أن يؤثر هذا في صحة الإجراء الذي يتخذه المحضر، وفي فرنسا هناك محضرون الجلسات يقتصر عملهم على القيام بخدمات الجلسات كفتح الأبواب وحفظ النظام بالجلسة وغير ذلك وهم يختلفون عن محضري الإعلان والتنفيذ.

وقد رتبت بعض النصوص القانونية التزامات مهنية على عاتق المحضرين وهذه النصوص متفرقة في قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات والقانون المدني، فالمحضر ملتزم بالامتناع عن أي عمل يكون من شأنه تقليل الثقة في الهيئة التي ينتمون إليها سواء في داخل دور القضاء أو في خارجها. (المادة 164 سلطة قضائية)، والمحضرون ملزمون بالمحافظة على أسرار القضايا (مادة 160 سلطة قضائية)، ولا يجوز لهم القيام بأعمال تدخل في حدود وظائفهم في الدعاوى الخاصة بهم أو بأزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم إلى الدرجة الرابعة وإلا كان هذا العمل باطلاً (مادة 26 مرافعات)، كما لا يجوز للمحضرين أن يشتروا بأسمائهم لا باسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضه إذا كان نظر النزاع يدخل في إختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها (مادة 471 مدنی).

وقد اختلف الفقه حول بيان المركز القانوني للمحضر سواء من حيث تبعيته للسلطة التنفيذية أو القضائية أو من حيث وكالته عن طالب التنفيذ، فبالنسبة لتبعية المحضر لأي من السلطتين فقد ذهب رأي إلى أن المحضر يتبع السلطة التنفيذية ويعد فرعاً منها على أساس أن التنفيذ من وظائف المحضرين وليس من وظائف القضاء (عبدالباسط جمیعی - المبادىء العامة للتنفيذ - مشار إليه ص 35 )، ولكن الراجح هو ما ذهب إليه البعض من أن المحضر موظف عام من موظفي الجهاز القضائي للدولة (وجدي راغب - ص 258 ، أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 127 - ص 114 وبند 129 ص 117 - 118، عزمي عبدالفتاح - الرسالة السابقة - ص 31 ). لأن نصوص قانون السلطة القضائية تكشف عن وجهة نظر المشرع في إنتماء المحضرين إلى السلطة القضائية ومن ذلك المادة 164 من قانون السلطة القضائية التي أشرنا إليه آنفاً والتي توجب على المحضر أن يمتنع عن أي عمل يكون من شأنه التقليل من اعتبار الهيئة التي ينتمي إليها سواء كان ذلك داخل دور القضاء أو خارجها ولا شك في أن الهيئة التي يقصدها المشرع هي السلطة القضائية، والواقع أن هذا الخلاف الفقهي كما يذهب البعض (عزمي عبدالفتاح - الرسالة السابقة - ص 31 ). بحق كان من الممكن تجنبه لو أن المشرع قد أخذ بنظام قاضي التنفيذ في صورته الصحيحة وأسند التنفيذ إلى مأموري التنفيذ الذين يشكلون دائرة يرأسها قاضي التنفيذ، وبذلك يكون قد أناط التنفيذ بجهة قضائية وأكد الطابع القضائي للتنفيذ بحيث لا يثار خلاف بشأن الجهاز القائم به.

أما فيما يتعلق بوكالة المحضر عن طالب التنفيذ، فهناك رأي تقليدي في الفقه (محمد حامد فهمي - بند 11 - ص 8، وانظر أيضا حكم محكمة النقض الصادر في 1937/3/11 مجموعة عمر 2- 106 - 42 ، وحكمها الصادر في 1970/4/14 - مجموعة الأحكام السنة 21 - ص 611 ) يعتبر المحضر وكيلاً عن طالب التنفيذ لإنه يتخذ الإجراءات بناء على طلب ووفقاً لتعليمات طالب التنفيذ، وهناك رأى آخر (عبدالباسط جمیعی - ص 43 ). يذهب إلى أن للمحضر صفة مزدوجة فهو موظف عام ووكيل عن طالب التنفيذ في نفس الوقت، لكننا نعتقد مع البعض (فتحی والی - بند 79 ص 146 ، وجدى راغب به ص 258 محمد عبدالخالق عمر - بند 322 - ص 350 ) أن الحقيقة هي أن المحضر لا يعتبر وكيلاً عن طالب التنفيذ فهو لا يمثل الخصم ولا يعمل من أجل المصلحة الخاصة الطالب التنفيذ هو موظف عام يقوم بوظيفة عامة وهو يمثل الدولة كطرف في إجراءات التنفيذ ويعمل من أجل المصلحة العامة في الحماية التنفيذية وما يؤكد ذلك أن المادة 282 مرافعات تنص على أن على المحضر عند إعلانه السند التنفيذي أو عند قيامه بالتنفيذ قبض الدين عند عرضه عليه مع إعطاء المخالصة وذلك دون حاجة إلى توكيل خاص، ولم يكن هناك مبرر لهذا النص لو كان المحضر وكيلاً عن طالب التنفيذ.

واجبات المحضر قبل تعديل قانون المرافعات بالقانون 76 لسنة 2007 :

وفقاً للمادة 6/1 مرافعات فإن كل إعلان أو تنفيذ يكون بواسطة المحضرين بناء على طلب الخصم أو قلم الكتاب أو أمر المحكمة، ويجب على المحضر في عمله أن يراعي القواعد القانونية والإجراءات التي نص عليها المشرع.

والقاعدة هي أن المحضر يقوم بعمله في إجراء التنفيذ بناء على طلب الخصم دون الحاجة إلى الحصول على إذن مسبق من قاضي التنفيذ فالمحضر يكون ملزماً باتخاذ إجراءات التنفيذ متى سلمه الدائن السند التنفيذي مستوفياً للشروط اللازمة (مادة 279/ 1)، وهناك أمثلة كثيرة توضح سلطة المحضر في القيام بإجراءات التنفيذ دون إذن مسبق من قاضي التنفيذ، ومن ذلك أن للمحضر أن يوقف التنفيذ أو أن يمضي فيه على سبيل الإحتياط، دون أن يتمه إذا تقدم الخصم إليه بإشكال وقتی في التنفيذ «مادة 312»، وأنه له توقيع الحجز على المنقولات لدى المدين بموجب محضر يحرره لهذا الغرض «مادة 353» وأن له أن يعين خبيراً لتقدير قيمة الأشياء غير المقومة «مادة 387»، وأن له أن يعين الحارس على المنقولات المحجوزة لدى المدين «مادة 364»، وطبقاً للمادة 279 مرافعات إذا صادف المحضر مقاومة أو تعدياً فيجب أن يتخذ جميع الوسائل التحفظية، وأن يطلب معونة القوة العامة والسلطة المحلية، كما تنص المادة 279 /2 على أن للمحضر أن يمتنع عن اتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ، وهذا الامتناع يخضع لرقابة قاضي التنفيذ بناء على عريضة ترفع إليه من ذوي الشأن. ويرى الفقه أن هناك فارقاً بين سلطة المحضر في الامتناع عن التنفيذ وسلطته في الامتناع عن الإعلان إذ يجب على المحضر عندما يمتنع عن الإعلان أن يعرض الأمر على قاضي الأمور الوقتية. بينما إذا امتنع عن التنفيذ فإن الخصم المتضرر من عدم التنفيذ هو الذي يقوم بعرض الأمر على قاضي التنفيذ (أنظر : محمد عبدالخالق عمر - ص 69).

وإذا كانت القاعدة أن المحضر يقوم بأعمال التنفيذ بدون إذن مسبق من قاضي التنفيذ، فإن هناك حالات يستلزم القانون فيها لصحة إجراءات التنفيذ التي يقوم بها المحضر أن تكون بناء على إذن سابق من قاضی التنفيذ وإلا كانت هذه الإجراءات باطلة، ومن أمثلة هذه الحالات ما تنص عليه المادة 7 من أنه لا يجوز إجراء أي تنفيذ قبل الساعة السابعة صباحاً ولا بعد الساعة الثامنة مساء (عدلت المادة المتابعة بمقتضى القانون رقم 18 لسنة 1999 بأن استبدلت عبارة «الساعة الثامنة مساء» بعبارة «الخامسة مساء». ولا في أيام العطلة الرسمية إلا في حالات الضرورة وبإذن كتابي من قاضي الأمور الوقتية، وما تنص عليه المادة 312 من أنه لا يجوز للمحضر أن يتم إجراءات التنفيذ قبل أن يصدر القاضي حكمه في الإشكال الوقتي الذي ترتب عليه وقف التنفيذ، وما تنص عليه المادة 2/256 من أنه لا يجوز للمحضر أن يجرى تفتيش المدين لتوقيع الحجز على ما فى جيبه إلا بإذن سابق من قاضي التنفيذ.

ويلاحظ أن من أعمال المحضر المتعلقة بالتنفيذ أنه يقوم بإعداد ملف خاص بالتنفيذ بناء على الطلب المقدم من الدائن، وفي هذا الملف يقيد المحضر الإجراءات التي يتخذها في سبيل التنفيذ كإعلان السند التنفيذى وتوقيع الحجز بتحرير محضره وإبلاغ المحجوز عليه بتوقيع الحجز على ما للمدين لدى الغير وغير ذلك من الإجراءات، وإعمالاً للمادة 278 مرافعات سالفة الذكر يقوم المحضر بعرض ملف التنفيذ على قاضي التنفيذ عقب كل إجراء يتخذه وعقب كل مرحلة من مراحل التنفيذ ليأمر بما يراه بشأنه، ولا يقتصر عمل المحضر على اتخاذ إجراءات التنفيذ وإعلان الأوراق المتعلقة به بل إنه قد يقوم بقبض الدين من المدين إذا عرضه المدين عليه ويعطيه مخالصة بذلك دون حاجة إلى تفويض من الدائن وذلك وفقاً للمادة 282 التي سبق أن أشرنا إليها، ولا اختيار للمحضر في قبض الدين إذا عرضه المدين عليه بل يجب عليه ذلك حتى ولو كان المدين قد عرض الوفاء ببعض الدين وفي هذه الحالة يجب أن يستمر المحضر في التنفيذ لاستيفاء باقي الدين بحيث يحصل الدائن على حقه كاملاً .

كذلك فإن من واجبات المحضر القيام بالتنفيذ العيني كما في حالة الطرد أو الإزالة أو الغلق، ورغم أن قانون المرافعات المصري لا يتضمن نصوصاً لتنظيم الإجراءات في حالة التنفيذ العيني إلا أن البعض في الفقه (عبد الباسط جمیعی - ص 36 - ص 40 ). يرى قيام المحضر بهذا التنفيذ ويقترح بعض الإجراءات في هذا الصدد، فوفقاً لهذا الرأي يجب الالتجاء إلى المحضر في هذه الحالة لأنه طبقاً للمادة السادسة والمادة 279 من قانون المرافعات فإن كل تنفيذ إنما يكون بواسطة المحضرين ما لم يوجد نص استثنائي يقرر خلاف ذلك، إذ لا يستطيع الدائن القيام بالتنفيذ العيني دون الالتجاء إلى المحضرين لأنه لا يجوز للمرء أن يقتضي حقه لنفسه بيده ويحق للمدين إذا قام الدائن بالتنفيذ دون الإلتجاء للسلطة العامة أن يتمسك ببطلان هذا التنفيذ الذي قام به الدائن بنفسه، ونظراً لعدم وجود تنظيم تشريعي لإجراءات وخطوات التنفيذ العيني، فإن الأمر يترك لتقدير المحضر ليتصرف حسب ظروف كل تنفيذ فقد يرى أن يجرى التنفيذ عن طريق مناقصة بين المقاولين يعلن عنها في الصحف بحيث يحرر محضراً بذلك ويقوم بالنشر والإعلان ثم يجري المناقصة علنا في الموعد المحدد لها، وإذا كان التنفيذ مما يستدعي العجلة فإنه قد يجرى المناقصة بين جملة مقاولين يستدعيهم لهذا الغرض أو يعهد بالعمل إلى مقاول يختاره لذلك على أن يعلن المدين في جميع الأحوال بهذه الإجراءات حتى يتمكن من الاعتراض عليها إذا كان هناك وجه للاعتراض. ومن الأفضل أن يسترشد المحضر في ذلك برأي القاضي المختص في المحكمة التي يتبعها، وإذا كان هناك اعتراض لطالب التنفيذ على تصرف قام به المحضر، فإن له أن يرفع الأمر لهذا القاضي ليقرر ما يلزم اتخاذه من إجراءات، فعدم وجود إجراءات محددة لتنظيم التنفيذ العيني لا ينفي أن هذا التنفيذ يجب أن يتم عن طريق المحضرين وبعد إعلان المدين بالسند التنفيذي وأن يحرر المحضر محضراً بالخطوات والإجراءات التي اتبعها ويعلن به المدين ليكون على بينة مما يجرى ضده بحيث يتمكن من الإعتراض إن كان لذلك مبرر، وقد أهاب هذا البعض بالمشرع أن يسد هذه الثغرات التشريعية وأن يكمل النقص فى النصوص التشريعية المنظمة للتنفيذ العينى بأن ينظم إجراءات التنفيذ العيني بحيث تتم أمام القضاء وأن يضع الضوابط اللازمة لذلك، ولا شك لدينا في ضرورة قيام المشرع بذلك وخاصة أن هناك كثيراً من التشريعات الأجنبية نظمت إجراءات التنفيذ العيني وأسندت الإشراف على هذه الإجراءات للقضاء.

وينبغي ملاحظة أن المشرع قد كفل للمحضر الحماية اللازمة أثناء قيامه بالواجبات السابق لنا ذكرها، فوفقاً للمادة 3/279 والتي مضت الإشارة إليها إذا وقعت مقاومة أو تعد على المحضر وجب عليه أن يتخذ جميع الوسائل التحفظية للمحافظة على الأموال المحجوزة وأن يطلب معونة القوة العامة والسلطة المحلية، كذلك فإن الصيغة التنفيذية التي تذيل بها الأحكام تتضمن أمراً إلى السلطات المختصة بأن يعاونوا المحضر على إجراءات التنفيذ ولو باستعمال القوة الجبرية متى طلب منهم المساعدة، كما أن قانون العقوبات يحمي المحضر من أية إهانة أو تعد أو مقاومة إذ يتضمن قانون العقوبات نصوصاً تعاقب على إهانة الموظفين العموميين أو التعدي عليهم أو مقاومتهم أثناء تأدية وظائفهم ويستفيد المحضر من هذه النصوص لأنه يعتبر موظفاً عاماً كما ذكرنا.

وأيضاً يجب ملاحظة أنه إذا كان المحضرين هم عمال التنفيذ الذين يمثلون السلطة العامة في القيام به وهم الذين يتولون التنفيذ في أغلب الأحوال، فرغم ذلك لا يحتكر المحضرون أعمال التنفيذ، فهناك أعمال يقوم بها غيرهم في مجال التنفيذ أيضاً ومن أمثلة ذلك قلم الكتاب بمحكمة التنفيذ، فقده يباشر بعض إجراءات التنفيذ كالنشر في الصحف عن البيع «مادة 430 مرافعات»، ومندوبو المصالح الحكومية التي لها الحق في الحجز الإدارى كمصلحة الضرائب الذين يقومون بتوقيع هذا الحجز، وحارس الأشياء المحجوزة الذي يلتزم بكثير من الالتزامات في مجال التنفيذ، وكرجال الإدارة المحلية الذين يقومون بلصق إعلانات بيع المنقول المحجوز «مادة 381»، ومن أمثلة ذلك أيضاً قيام أحد البنوك أو السماسرة أو الصيارفة الذي يعينه قاضي التنفيذ ببيع الأسهم والسندات «المادة 400 مرافعات»، وغير ذلك.

مسؤولية المحضر بصفة عامة قبل تعديل المادة بالقانون 76 لسنة 2007 ووفقاً لهذا التعديل ليس له دوراً في التنفيذ وحل محله معاون التنفيذ :

يسأل المحضر مسئولية تأديبية إذا أخل بواجبات وظيفته، حتى ولو لم يكن هذا الإخلال قد سبب ضرراً لخصم معين، وقد نظمت أحكام هذه المسئولية التأديبية بالمواد من 164- 169 من قانون السلطة القضائية.

وفضلاً عن هذه المسئولية التأديبية فإن المحضر قد يسأل مسئولية مدنية عن الأخطاء التي قد يرتكبها والتي تسبب ضرراً للخصم، لأنه ملتزم بإتباع القواعد والإجراءات القانونية عند قيامه بعمله فإذا ما أخل بهذه القواعد والإجراءات وترتب على خطئه ضرر بأحد الأفراد فإنه يكون مسئولاً عن تعويض هذا الضرر، وقد نجمية المادة 2/6 مرافعات على مسئولية المحضر المدنية بقولها «ولا يسأل المحضرون إلا عن خطئهم في القيام بوظائفهم».

ويرى البعض (محمد عبد الخالق عمر - بند 331 ص 348 وهامش رقم 6 بها)، أنه لا يشترط لقيام مسئولية المحضر أن يكون خطؤه جسيماً أو أن يرقى إلى مرتبة الغش فالخطأ العادي يكفي لنشأة المسئولية على عاتقه وذلك بعكس الحال في القانون الإيطالي الذي يشترط لقيام مسئولية المحضر الغش أو الخطأ الجسيم «مادة 60 مرافعات إيطالي».

ونظراً لكون المحضر موظفاً عاماً فإن الدولة تكون مسئولة عن خطئه مسئولية المتبوع عن التابع، ولذلك يكون للمضرور أن يرفع دعوى المسئولية ضد المحضر أو ضد الدولة أو ضدهما معاً، وفي حالة قيام الدولة بدفع تعويض عن أخطاء المحضر فإن لها أن ترجع عليه بمقدار هذا التعويض.

ونظراً لكون المحضر موظفاً عاماً فإن الدولة تكون مسئولة عن خطئه مسئولية المتبوع عن التابع، ولذلك يكون للمضرور أن يرفع دعوى المسئولية ضد المحضر أو ضد الدولة أو ضدهما معاً، وفي حالة قيام الدولة بدفع تعويض عن أخطاء المحضر، فإن لها أن ترجع عليه بمقدار هذا التعويض.

كذلك فإن مسئولية المحضر لا تمنع من قيام مسئولية طالب التنفيذ، ولكن لا يسأل طالب التنفيذ عن أي خطأ يرتكبه المحضر لأنه ليس وكيلاً عنه كما أوضحنا، بل يسأل عن الخطأ الذي يرتكبه في توجيه المحضر في إجراءات التنفيذ، فإذا كانت الإجراءات الخاطئة التي قام بها المحضر ضد المدين بتوجيه من الدائن طالب التنفيذ فإن هذا الأخير يكون مسئولاً عن تعويض الضرر الذي يترتب عليها، ومثال ذلك أن يطلب التنفيذ في حالة لا يجوز له فيها ذلك.

وهناك بعض النصوص التي تحدد مسئولية المحضر بشأن بعض الأعمال التي يقوم بها ومن أمثلة ذلك أنه يجب على المحضر إذا كانت لديه حصيلة التنفيذ أن يودعها خزانة الحكمة إذا كانت غير كافية للوفاء بحقوق الدائنين الحاجزين ومن في حكمهم وإذا امتنع المحضر عن الإيداع جاز لكل ذي شأن أن يطلب من قاضي التنفيذ بصفة مستعجلة إلزامه به مع تحديد موعد للإيداع فإذا لم يتم الإيداع خلال هذا الموعد جاز التنفيذ على المحضر في أمواله الشخصية (مادة 472 مرافعات)، ومن أمثلة ذلك أيضاً أنه في بيع المنقول بالمزاد يكون المحضر ملزماً بالثمن الذي رسا به مزاد المنقول إذا لم يستوفه من المشتري فوراً ولم يبادر بإعادة البيع على ذمة هذا المشتري المتخلف ويعتبر محضر البيع سنداً تنفيذياً بالنسبة إليه أيضاً (ماده 2/389 مرافعات)، ومن ذلك حالة الحكم ببطلان إجراءات الإعلان عن بيع العقار فإنه وفقاً للمادة 433 تكون مصاريف إعادة هذه الإجراءات على حساب كاتب المحكمة أو المحضر المتسبب فيها حسب الأحوال.

ولا شك في أن المحضر يلزم بإجراء التنفيذ وفق الأوضاع المقررة في القانون متى طلب منه ذلك، فإذا أمتنع دون الاستناد إلى حجة قانونية تبرر ذلك، كان مسئولاً عن امتناعه وجاز لطالب التنفيذ أن يرفع أمره إلى قاضي التنفيذ لجبره على القيام به، أما إذا كان إمتناع المحضر يستند إلى حجة قانونية عرض الأمر على القضاء ليفصل فيه بحكم (محمد حامد فهمي - ص 8 ، أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 1095).

وقد مضت الإشارة إلى أنه إعمالاً للفقرة الثالثة من المادة 279 - محل التعليق - إذا لقي المحضر مقاومة مادية أو تعدياً وجب عليه أن يتخذ جميع الوسائل التحفظية لمنع الاختلاس وأن يطلب معونة القوة العامة والسلطة المحلية، ووجب على الجميع أن يتعاونوا لإجراء التنفيذ بالقوة الجبرية وأساس من ذلك أنه ما دام القانون يمنع الأشخاص من اقتضاء حقوقهم بأنفسهم، فإنه يتعين عليه أن يعينهم في جميع الأحوال على الحصول عليها مع تقديم كل المساعدة اللازمة لتحقيق ذلك، وإلا كانت الحكومة مسئولة بتعويض طالب التنفيذ عن الضرر الذي يصيبه من عدم حصوله على حقه أو تأخير الحصول عليه، اللهم ، إلا إذا وجدت قوة قاهرة تجعل التنفيذ مستحيلاً كما إذا حدث فيضان أغرق المنطقة التي يتعين أن يتم فيها التنفيذ، أو حاصرتها جيوش العدو، فإن هذا يعد قوة قاهرة تمنع المحضر من إتخاذ إجراءات التنفيذ، وبعبارة أخرى تسأل الحكومة عن إمتناع موظفيها أو تقصيرهم أو تأخيرهم في إجراء التنفيذ، ومن ناحية أخرى تسأل - وتعرض طالب التنفيذ إذا اضطرت إلى الإمتناع عن إستخدام القوة المسلحة محافظة على الأمن والسلام العام أي إزاء اعتبارات أساسها المحافظة على الأمن والسلام في المجتمع .

الطرف الإيجابي في التنفيذ (طالب التنفيذ)

التعريف بطالب التنفيذ وأهمية تحديده:

يعرف الفقه الطرف الإيجابي في التنفيذ بأنه هو كل من يجرى التنفيذ لصالحه على مال معين سواء طلب هو التنفيذ أو أوجب القانون إدخاله في إجراءاته (وجدي راغب - ص 262 ) إن لكل دائن الحق في إجراء التنفيذ سواء كان دائناً عادياً أو دائناً مرتهناً أو ممتازاً، فلا يقتصر هنا الحق على الدائن المرتهن أو الممتاز فقط.. بل يكون أيضاً للدائن العادي ولا تظهر الأفضلية المقررة للدائن المرتهن والممتاز إلا في نهاية التنفيذ عند توزيع حصيلته حيث يستوفى هذا الدائن حقه قبل غيره من الدائنين العاديين، ويعبر الفقه عن الطرف الإيجابي في التنفيذ أحياناً بلفظ الدائن أو الحاجز أو طالب التنفيذ، ولكن يجب أن يفهم أن المقصود من هذه الألفاظ المعنى الذي ذكرناه وهذا المعنى يشمل كل الدائنين الحاجزين مهما تعددوا كما يشمل أيضاً أصحاب الحقوق المقيدة الذين يتم إدخالهم في إجراءات التنفيذ على العقار على النحو الذي سوف نوضحه عند  دراستنا لإجراءات التنفيذ العقاري.

ويرى البعض في الفقه ( وجدي راغب - ص 265 - ص 266). أن أهمية تحديد الطرف الإيجابي في التنفيذ تبدو من ناحيتين :

الأولى أن هذا الطرف تكون له وحده سلطة مباشرة الإجراءات والقاعدة في التنفيذ بالحجز ونزع الملكية أنه إذا تعدد الحاجزون تخول هذه السلطة للحاجز الأول ويطلق عليه اسم الدائن المباشر للإجراءات ومع ذلك يجوز أن يحل محله شخص آخر من أشخاص الطرف الإيجابي للتنفيذ نظراً لأهمية مصلحته في التنفيذ أو لإهمال مباشر الإجراءات في تسييرها مما قد يؤثر في حقوق غيره من الحاجزين.

أما الناحية الثانية أنه لا يستفيد من إجراءات التنفيذ ولا يضار منها إلا من كان طرفاً فيها وهو ما يعرف بالأثر النسبي للإجراءات ولذلك يترتب على تحديد الطرف الإيجابي للتنفيذ تحديد آثار إجراءاته، فمثلاً لا تنفذ التصرفات في المال المحجوز في مواجهة أشخاص الطرف الإيجابي وحدهم بينما تكون صحيحة ونافذة بالنسبة لغيرهم، كذلك فإن أشخاص الطرف الإيجار قبل بيع المنقولات أو العقارات المحجوزة يختصون بحصيلة التنفيذ بحيث يتم التوزيع عليهم فقط، أما غيرهم ممن يحجز بعد البيع على الثمن فلا يحصل إلا على ما قد يتبقى من هذا الثمن بعد إستيفاء أشخاص الطرف الإيجابي لحقوقهم.

الشرط الأول الواجب توافره فيه: الصفة:

يجب أن يكون الطرف الإيجابي في التنفيذ ذا صفة في إجراء التنفيذ، بأن يكون هو صاحب الحق في التنفيذ، وصاحب الحق في التنفيذ هو صاحب الحق الموضوعي، ويحدث التأكد من توافر شرط الصفة عن طريق السند التنفيذي الذي يوضح أن طالب التنفيذ هو صاحب الحق في إجرائه وتثبت الصفة بهذا المعنى لكل دائن سواء كان دائناً عادياً أو دائناً ممتازاً، كما تثبت لكل من يقوم مقام الدائن في مباشرة التنفيذ أي النائب عنه سواء كان نائباً إتفاقياً أي وكيلاً أو نائباً قانونياً كالولي والوصي والقيم، ولكن يجب أن يذكر النائب عند مباشرته لإجراءات التنفيذ أنه يقوم بها بهذه الصفة لحساب الأصيل، كذلك يجوز لدائن الدائن أن يقوم بالتنفيذ متى توافرت شروط الدعوى غير المباشرة المنصوص عليها في المادتين 235 ، 236 من القانون المدني (أحمد أبو الوفا - ص 271 نبيل عمر - بند 122 ص 271)، وإن كان من الأفضل له أن يتبع طريق حجز ما للمدين لدى الغير حتى لا يتقيد بضرورة توافر الشروط اللازمة لقيامه باستعمال حقوق مدينه وحتى يتفادى إستفادة باقي الدائنين الذين لم يتدخلوا في إجراءات التنفيذ التي يقوم بها، ومن ثم يتمكنون من مزاحمته عند حصوله على حقه وذلك بعكس الحال في حجز ما للمدين لدى الغير حيث يجب أن يتدخل هؤلاء الدائنون في إجراءات الحجز حتى يتمكنوا من استيفاء حقوقهم.

ويجب أن تكون صفة الطرف الإيجابي في التنفيذ ثابتة له عند إجراء التنفيذ، فإذا لم تكن له هذه الصفة كانت الإجراءات باطلة حتى ولو ثبتت له قبل إتمام الإجراءات (جارسونيه - ج 4 بند 41 ص 119 ، فتحی والی بند 80 ص 149)، ومعنى ذلك أنه يجب أن يكون حق الدائن الحاجز ثابتاً وقت التنفيذ أي وقت الحجز وإلا كان الحجز باطلاً وحتى لو أصبح الحاجز دائناً اثناء الحجز فإن ذلك لا ينقذ الحجز من البطلان لأن الحجز حين وقع لم يكن الحاجز دائناً أي لم تكن له صفة في إتخاذ إجراءات الحجز، وهناك صعوبة في تصور حدوث هذا الفرض لأن توقيع الحجز يسبقه إتخاذ مقدمات التنفيذ وهي تتضمن العديد من الإجراءات كإعلان السند التنفيذي وغير ذلك، ثم القيام بالحجز فعلاً وكل ذلك يؤكد صفة الحاجز ومع ذلك يرى الفقه أنه من الممكن حدوث هذا الفرض أثناء مباشرة الحجز عندما يلغي السند التنفيذي الذي يباشر الحجز به فهنا تزول الصفة ويزول تبعاً لها ما تم من إجراءات الحجز، والواقع أن أهمية هذه المسألة تظهر في أن أي دائن آخر يحجز على نفس المال قد يتعرض لمزاحمة الدائن الأول، ولذلك يعنيه إبطال إجراءات ذلك الدائن الأول إذا لم تكن صفة الدائن متحققة له قبل الحجز، كما أن المدين يهمه في جميع الأحوال إبطال حجز الدائن وخاصة إذا كان المدين قد تصرف إلى الغير في المال المحجوز، كما أن الغير المتصرف إليه في هذه الحالة يستفيد بدون شك من إبطال الحجز أيضاً.

كذلك فإنه إذا تعدد الحاجزون في حجز واحد فإنه يجب أن يتوافر شرط الصفة في كل حاجز منهم، فالحجز لا يترتب عليه إخراج المال من ملك المدين بل يظل في ذمته ضماناً عاماً لكافة الدائنين، ولذلك يجوز توقيع حجوز أخرى على الأموال التي سبق حجزها وتتوحد الإجراءات ويجرى البيع في يوم واحد لمصلحة جميع الدائنين الحاجزين الذين يجب أن تتوافر في كل منهم شروط الصفة بالمعنى الذي أوضحناه.

ولما كان الحق في التنفيذ ينتقل بانتقال الحق الموضوعي، فإنه يجوز لخلف الدائن أن يباشر إجراءات التنفيذ في مواجهة المدين (فتحى والى - بند 81 - ص 149 وص 150)، فيجوز للخلف العام كالوارث والخلف الخاص كالمحال له بالدين أو الموصى له به أن ينفذ ضد المدين بشرط أن يثبت للأخير الصفة التي تخوله الحق في اتخاذ التنفيذ بدلاً من الدائن الأصلي، لأن التنفيذ يؤدى إلى وفاء المدين بها عليه وهذا الوفاء لا يكون صحيحاً إلا إذا حصل إلى من له الصفة في اقتضائه، ولذلك فإن من حق المدين أن يتحقق من صفة من يطلب التنفيذ عليه، ولذلك إذا كان الخلف وارثاً يجب عليه أن يعلن المدين المنفذ ضده بالقرار الرسمي المثبت لوفاء الدائن ووراثة طالب التنفيذ له، وإذا كان موصى له أعلن المدين بعقد الوصية أو السند المثبت لتسلمه الموصى به، وإذا كان الخلف محالاً إليه، فإنه يجب عليه أن يعلن المدين بعقد الحوالة أما إذا كانت الحوالة قد تمت برضاء المدين وموافقته فإنه لا يلزم الإعلان في هذه الحالة بعقد الحوالة لأن قبول المدين للحوالة يقوم مقام إعلانها إليه فهو بذلك يكون على علم بشخص الدائن الجديد وإنما يلزم فقط إعلان السند التنفيذي في هذه الحالة.

وإذا كانت إجراءات التنفيذ قد بدأت ثم توفي الدائن أو تنازل عن حقه للغير فإنه يجوز للخلف أن يحل محل الدائن فيما اتخذه من إجراءات بشرط أن يعلن المدين بتغيير الصفة وبالسند الذي يمنحه الحق في متابعة الإجراءات حتى لا يفاجأ المدين بزوال صفة من كان يباشر الإجراءات، وقد نصت المادة 283 مرافعات على أنه «من حل قانوناً أو إتفاقاً محل الدائن في حقه، حل محله فيما اتخذ من إجراءات التنفيذ» ومعنى ذلك أن القانون يخول من حل محل الدائن في حقه الموضوعي الحق في الحلول محله أيضاً فيما اتخذه من إجراءات تنفيذية، ومن ثم لا تبطل إجراءات التنفيذ التي يكون قد بدأها الدائن ولا تنقطع وإنما يعتد بها ويستمر الدائن الجديد من المرحلة التي انتهى إليها الحاجز دون حاجة لإعادة ما تم من إجراءات، والحكمة من ذلك تكمن في تفادي طول الإجراءات وتكرارها بدون مبرر وتفادي النفقات التي يتحملها المدين في نهاية الأمر.

ويلاحظ أن انعدام صفة الطرف الإيجابي في التنفيذ يؤدي إلى بطلان كافة إجراءات هذا التنفيذ، فهذا البطلان متجدد أي أنه يلحق كل إجراء من إجراءات التنفيذ، ومن ثم يكون للخصم التمسك بهذا البطلان في أية حالة تكون عليها إجراءات التنفيذ.

الشرط الثاني الواجب توافره في طالب التنفيذ: الأهلية :

يجب أن يكون الطرف الإيجابي أهلاً لإجراء التنفيذ، ويكفي أن يكون متمتعاً بأهلية الإدارة، فبالنسبة لأهلية الوجوب أي صلاحية الشخص لاكتساب الحق في التنفيذ فإنها تثبت لجميع الأشخاص .. فأي شخص قانوني سواء كان طبيعياً أو معنوياً له الحق في طلب التنفيذ، أما أهلية الأداء فإنه لا يشترط أن تتوافر في طالب التنفيذ أهلية التصرف بل يكفي أن تتوافر فيه أهلية الإدارة، لأن التنفيذ يهدف إلى قبض الدين وهو ما يعتبر من أعمال الإدارة الحسنة، ولذلك يجوز للقاصر المأذون له بالإدارة طلب التنفيذ، كما يجوز ذلك أيضاً للوصي دون حاجة إلى إذن من المحكمة، وتكفى أهلية الإدارة لمباشرة كافة أنواع التنفيذ وطرقه أي سواء كان تنفيذاً على عقار أو على منقول لدى المدين أو على مال المدين لدى الغير.

وفي ظل قانون المرافعات السابق الصادر سنة 1949، كان يجب أن تتوافر أهلية التصرف في طالب التنفيذ على العقار والسبب في ذلك أن المادة رقم 664 من هذا القانون كانت تلزم طالب التنفيذ على العقار الذي يباشر إجراءات التنفيذ بأن يشترى العقار بالثمن الذي حدده في قائمة شروط البيع إذا لم يتقدم مشتر آخر للعقار في الجلسة المحددة للبيع، ولكن عدل المشرع عن هذه القاعدة في قانون المرافعات الحالي الصادر سنة 1968 فوفقاً للمادة 414 من هذا القانون أصبح ثمن العقار الأساسي في قائمة شروط البيع يتحدد وفقاً لقواعد تقدير قيمة الدعوى كما أنه وفقاً للمادة 437 من هذا القانون إذا لم يتقدم مشتر في جلسة البيع حكم القاضي بتأجيل البيع مع نقص الثمن الأساسي مرة بعد أخرى كلما اقتضت الحالة ذلك، ولذا لم يعد هناك مبرر لاشتراط أهلية التصرف في طالب التنفيذ على العقار، ومع ذلك فإن القانون الفرنسي لا يزال يأخذ بنفس الحكم الذي كانت تنص عليه المادة 664 من قانون المرافعات المصري السابق ولذلك فإن الفقه مستقر في فرنسا على أنه تلزم أهلية التصرف في طالب التنفيذ على العقار (انظر: فنسان - التنفيذ - بند 14 ص 24 ، جلاسون - ج 4 بند 1034 - ص 95 ص 97) .

وإذا كان يشترط أن يكون الطرف الإيجابي متمتعاً بأهلية الإدارة فليس معنى ذلك أنه إذا لم يكن متمتعاً بها فإنه لا يستطيع أن ينفذ على أموال المدين ليستوفي حقه منه، بل يمكنه ذلك وغاية ما في الأمر أنه يجب أن تتخذ الإجراءات بمعرفة من يمثله كالوصي أو القيم أو الولی.

ويلاحظ أنه لا يشترط في الوكيل الذي باشر إجراءات التنفيذ أن يكون محامياً، إذ لا يوجب قانون المرافعات أو قانون المحاماة في الوكيل الذي يباشر إجراءات الحجز او التنفيذ أن يكون محامياً، ما لم تتطلب هذه الإجراءات إقامة دعوى إلى القضاء، وعندئذ تتبع القواعد العامة في هذا الصدد.

الشرط الثالث الواجب توافره في طالب التنفيذ: المصلحة:

لا شك في أن شرط المصلحة هنا مفترض منطقي وضروري، إذ يجب أن تتوافر المصلحة في طالب التنفيذ وفقاً للقواعد العامة، فإذا لم يكن لطالب التنفيذ مصلحة في التنفيذ فلا يقبل طلبه، ومن أمثلة ذلك أن يكون طالب التنفيذ دائناً عادياً أو دائناً صاحب حق عینی تبعی متأخر في المرتبة فلا يجوز لهذا الدائن أن يطلب التنفيذ على المال المحمل بالحقوق العينية المتقدمة في المرتبة إذا ما كانت تستغرق قيمة المال كله، ففي هذا المثال لا توجد مصلحة لطالب التنفيذ لأنه لن يستوفي حقه من مدينه ولذلك لا يقبل طلبه وفقاً للمادة 3 مرافعات التي تنص على أنه «لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون».

الطرف السلبي في التنفيذ (المنفذ ضده):

تتخذ إجراءات التنفيذ في مواجهة الطرف السلبي لإجباره على الوفاء بالدين، والطرف السلبي في التنفيذ هو من يلزمه القانون بالأداء الثابت بالسند التنفيذي (وجدي راغب - النظرية العامة للتنفيذ القضائي - ص 267 ). ويطلق على هذا الطرف لفظ المنفذ ضده أو المحجوز عليه أو المدين، وسوف نوضح الآن صفة هذا الطرف ثم أهليته.

صفة المنفذ ضده:

يشترط أن يكون الطرف السلبي ذا صفة في اتخاذ الإجراءات ضده، وهو يكون كذلك إذا كان مديناً للدائن سواء كان مديناً أصلياً أو تابعاً كالكفيل، ولكن إذا كانت القاعدة أن صفة الطرف السلبي تثبت للمدين فإنها تثبت أيضاً لمن يكون خلفاً للمدين سواء كان خلفاً عاماً كالوارث أو خلفاً خاصاً كالموصى له بالدين والمحال عليه به، فيمكن التنفيذ في مواجهة الخلف بشرط أتباع القواعد والإجراءات المقررة قانوناً في هذا الشأن.

بل إنه على سبيل الإستثناء قد تثبت الصفة لمن لايكون مديناً شخصياً للدائن، أي لمن لا يكون ملتزماً بالأداء الثابت بالسند التنفيذي، وذلك كالكفيل العيني وحائز العقار المرهون، وذلك لأن كلا منهما يملك مالاً مثقلاً بحق عيني لمصلحة طالب التنفيذ، وبالتالي يكون لهذا الأخير أن يتتبع المالي في أي يد كان (وجدي راغب - الإشارة السابقة)، وسوف نتعرض عند دراستنا للتنفيذ العقاري لكيفية التنفيذ في مواجهة الكفيل العيني وحائز العقار المرهون، أما الإجراءات التنفيذية في مواجهة خلف المدين فسوف نوضحها فيما يلى :

أولاً – التنفيذ في مواجهة الخلف العام: طبقاً لقاعدة لا تركة إلا بعد سداد الديون فإن أموال المورث لا تنتقل إلا بعد وفاء ديونه، ولذلك فإن السند التنفيذي الصادر في مواجهة المورث ينفذ به في مواجهة التركة، فإذا طبق على التركة نظام التصفية وفقاً للمادة 875 وما بعدها من القانون المدني فإنه يجب إتخاذ إجراءات التنفيذ في مواجهة مصفي التركة (عبدالباسط جمیعی - تنفيذه بند 44 ص 45، فتحی والی - بند 86 ص 155). إذ لا يجوز من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي أن يتخذ الدائنون أي إجراء على التركة كما لا يجوز لهم أن يستمروا في أي إجراء اتخذوه إلا في مواجهة المصفي (مادة 883 مدنی) ، أما إذا لم تكن التركة خاضعة لنظام التصفية فإن الإجراءات الخاصة بالتنفيذ توجه إلى الورثة، وقد نص المشرع في قواعد معينة تهدف إلى حماية مصالح طالب التنفيذ من ناحية، ومن ناحية أخرى تهدف إلى حماية ورثة المدين أو من يقوم مقامه:

(أ) فبالنسبة لطالب التنفيذ: نص المشرع في المادة 2/284 على أنه يجوز قبل انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ وفاة المدين أن تعلن الأوراق المتعلقة بالتنفيذ إلى ورثته جملة في آخر موطن لمورثهم بغير بيان أسمائهم وصفاتهم، ويسري هذا النص سواء كانت الوفاة قد تمت قبل بدء التنفيذ أو أثناءه، وهذا النص مقرر لمصلحة طالب التنفيذ حتى لا يضطر إلى أن يعلن الأوراق بمجرد وفاة المدين إلى كل وارث باسمه، وفي موطنه الخاص، وقد يؤدي بحثه عن هذا البيانات إلى سقوط حق له ولكن إذا كان طالب التنفيذ يعلم أسماء الورثة وصفاتهم واختار إعلانهم بأسمائهم في مواطنهم الخاصة فإنه لا يترتب أى بطلان على ذلك، لأن القاعدة الواردة في المادة 2/284 مقررة لمصلحة طالب التنفيذ، وليس للورثة أو غيرهم التمسك بها، ولذلك إذا خالفها طالب التنفيذ فإنه لا يترتب على مخالفته أي بطلان لأنه لا يجوز أن يضار من قاعدة مقررة لمصلحته.

أما بعد انقضاء ثلاثة أشهر فإنه يجب على طالب التنفيذ أن يوجه إجراءات التنفيذ إلى كل الورثة بأسمائهم وصفاتهم، وفي موطن كل منهم أي يجب توجية الإجراءات باسم كل وارث، وفي موطنه ولا يكفي توجيه الإجراءات جملة، لأنه يفترض بعد انقضاء ثلاثة شهور من الوفاة أن طالب التنفيذ قد تمكن من معرفة الورثة جميعاً ومواطنهم.

فإذا قام طالب التنفيذ بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة بإعلان الورثة جملة بغير بيان أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن لمورثهم، فإن مثل هذا الإعلان يكون باطلاً ويجوز للورثة وذي المصلحة أن يتمسك به، بيد أن هذا البطلان يزول بالتنازل عنه.

(ب) أما بالنسبة للورثة: فقد نص المشرع في المادة 1/284 على أنه وإذا توفي المدين ... قبل البدء في التنفيذ و قبل إتمامه فلا يجوز التنفيذ قبل ورثته.... إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي ".

وهذا يعني أنه حتى ولو كان قد سبق إعلان السند التنفيذى إلى المورث أي المدين المتوفي، فإنه يجب أيضاً إعلانه إلى الورثة كما يجب أن تنقضي ثمانية أيام كاملة قبل إتخاذ إجراءات التنفيذ ضدهم، والحكمة من ذلك (جلاسون - ج 4 -  بند 1137 - ص 101 جارسونيه - ج 4 - بند 47 - ص 134 ، فتحی والی - بند 86- ص 156 ). هي إتاحة الفرصة للورثة حتى يمكنهم الإستعداد للوفاء اختياراً إن أرادوا تفادي إجراءات التنفيذ ضدهم أو الإستعداد لمواجهة هذه الإجراءات إذا لم يقوموا بالوفاء الإختياري، وفي ظل قانون المرافعات السابق كان يقتصر تطبيق ذلك على حالة حدوث الوفاة قبل البدء في التنفيذ، وذلك وفقاً للمادة 462 من هذا القانون، ولكن عدم المشرع ذلك في قانون المرافعات الحالي بحيث لا يجوز التنفيذ قبل الورثة إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي سواء حدثت الوفاة قبل بدء التنفيذ أو بعد بدئه، وذلك لتوافر العلة في الحالتين .

وهناك تساؤل يثور في الفقه عما إذا كان يجوز اتخاذ إجراءات التنفيذ ضد بعض الورثة أو ضد واحد منهم فقط دون إختصام الباقين على أساس أن الوارث. ينتصب خصماً على التركة وفقاً للقاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الدورية أمام القضاء، ومن ثم لا يلزم إختصام جميع الورثة في إجراءات التنفيذ؟ ولم تحسم محكمة النقض هذه المسألة فذهبت في حكم لها إلى أن هذه القاعدة قد تكون صحيحة ممكناً الأخذ بها لو أن الوارث كان قد خاصم او خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على الشركة نفسها بكل ما عليها، أما إذا كانت دعوى الوارث تهدف إلى تبرئته من نصيبه من الدين فإنه لا يكون نائباً شرعياً عن عموم التركة لأنه يعمل لنفسه ولمصلحته الشخصية في حدود نصيبه (انظر: حكم محكمة النقض الصادر في 1935/4/11 - المنشور في مجموعة عمر - ج 1- رقم 246 ص 574)، بينما ذهبت في حكم آخر إلى أن الوارث الذي لم يظهر في الخصومة يعتبر ممثلاً فيها عن طريق نيابة الوارث الأخر أو بعبارة أدق عن طريق المورث الذي تلقى الحق عنه إلا أنه مع ذلك لا يعتبر محكوماً عليه مباشرة بل يكون من الغير (انظر: حكم محكمة النقض الصادر في  1949/5/19 - المنشور في مجموعة عمر۔ ج 5 - رقم 441 ص 770) . ولكننا نؤيد رأياً قال به البعض في الفقه (عبدالباسط جمیعی - ص 28 - ص 29). بأن تمثيل الوارث لباقي الورثة إنما يصح بالنسبة لما ينفع لا بالنسبة لما يضر لأن إختصام أحد الورثة قد يكون ذريعة للتواطؤ، ولذلك يجوز لأحد الورثة أن ينفذ بحق التركة على الغير أو أن يحصل على حكم لصالح التركة ضد الغير، ولكن لا يجوز أن يكون الحكم الصادر ضده أحد الورثة أو بعض الورثة حجة على الباقين كما لا يجوز أن يجري التنفيذ ضده بعض الورثة أو ضد واحد منهم لأن ذلك أمر ضار، ولذا لا ينبغي الاكتفاء فيه بإختصام وارث دون آخر بل لابد من إختصام الورثة جميعاً، ودليل ذلك ما نصت عليه المادة 463 من قانون المرافعات السابق، والمادة 284 من قانون المرافعات الحالي بأن إعلان أوراق التنفيذ يتم للورثة جملة في خلال الثلاثة شهور التالية لوفاة المدين، وهذا يعني أنه بعد انقضاء هذه المدة يجب إعلان كل من الورثة على انفراد وهو ما يستفاد منه أنه يجب توجيه إعلان خاص لكل واحد من الورثة وأنه لا يكفي إعلان البعض منهم دون البعض الآخر بأوراق التنفيذ، فتمثيل الوارث لباقي الورثة يصح فقط بالنسبة لما ينفعهم لا بالنسبة لما يضرهم.

ثانياً - التنفيذ في مواجهة الخلف الخاص: يمكن توجيه إجراءات التنفيذ في مواجهة الخلف الخاص للمدين، فإذا حدثت حوالة للدين فإنه يجوز للدائن أن ينقذ بمقتضى سنده التنفيذي الصادر في مواجهة مدينه ضد المحال إليه لأنه كما يرى البعض في الفقه تعتبر حوالة الدين متضمنة حوالة للخضوع للتنفيذ كأثر له (فتحى والى بند 87 ص 157)، كذلك فإنه إذا أوصي شخص لآخر بمال معين معلقاً الوصية على قيام الموصى له بالتزام معين يوجبه بالنسبة له سند تنفيذي في مواجهة الموصى، ففي هذه الحالة إذا قبل الموصى له الوصية فإنه يلتزم بالتنفيذ، ويمكن التنفيذ على المال الموصى به بمقتضى السند التنفيذي الصادر ضد الموصي لأن المال يعتبر رغم إنتقال ملكيته ضامناً لحق طالب التنفيذ، ولكن لا يجوز لطالب التنفيذ أن ينفذ على غير ذلك المال من أموال الموصي له الخاصة إلا بعد الحصول على سند تنفيذي في مواجهته إذ لا يصلح السند التنفيذي الصادر ضد الموصى لتنفيذ على غير المال الموصى به . (فتحی والی - بند 87 ص 157 ).

ضرورة وضوح صفة المنفذ ضده في السند التنفيذي:

تنبغي ملاحظة أنه يجب أن تستبين صفة المنفذ ضده من نفس السند التنفيذي، بأن يكون السند ملزماً له بأداء معين (فتحى والى - بند 84 ). وتطبيقاً لهذا حكم بأنه لا يجوز إستخدام محضر جلسة مثبت للصلح التنفيذ في مواجهة من ليس طرفاً فيه (إستئناف مختلط 1907/3/13 - بیلتان 19 - 1730): وإذا كان هناك تضامن بين مدينين وصدر حكم ضد أحد المدينين، فإنه لا يجوز تنفيذ هذا الحكم ضد المدين المتضامن الذي لم يصدر ضده، إذ لم يتضمن أي إلزام في مواجهته (استئناف مختلط 1904/12/8 - بيلتان 17 - 50 )؛ وإذا حكم على شخص فلا يجوز التنفيذ ضد ضامنه حتى يصدر ضده حكم: (استئناف مصر 1975/12/8 - المحاماة 18 - 881 - 405 )، ولا يجوز لدائن الشريك أن يحجز في مواجهة الشركة على أموالها ولو كانت شركة تضامن ( نقض مدنی 1975/12/8 - مجموعة النقص - 26 - 1580 - 297 ).

وقد اختلف بشأن السند التنفيذي ضد الشركة وهل يصلح للتنفيذ بمقتضاه ضد الشريك المتضامن؟ ويتجه الرأي الغالب إلى إمكان هذا التنفيذ، وليس للشريك إلا أن يدفع في مواجهة دائن الشركة بالتنفيذ على مال الشركة أولاً (من هذا الرأی: محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة 1950/12/30 - المحاماة 31 - 1734 - 517، فتحی والی بند 84).

أهلية المنفذ ضده:

ينبغي أن توجه إجراءات التنفيذ إلى من يتمتع بالأهلية، وسوف نوضح ذلك تفصيلاً فيما يلي: 

أولاً - أهلية الوجوب: يجوز التنفيذ ضد أي شخص قانونی وهذا هو الأصل، ولكن يستثنى من هذا الأصل بعض الأشخاص لا يجوز التنفيذ ضدهم وهؤلاء الأشخاص هم :  

(أ) الدول الأجنبية ورؤساؤها وممثلوها الدبلوماسيون، كذلك هيئة الأمم المتحدة وفروعها ووكالاتها، فلا يجوز التنفيذ ضد هؤلاء الأشخاص لما لهم من حصانة دولية، وفي حدود هذه الحصانة (كيش وفنسان - بند 21 مكرر - ص 28 و 29 وجدى راغب - ص 298)، وقد ذهب رأي نؤيده إلى جواز التنفيذ على الأموال الخاصة بالممثلين الدبلوماسيين مادامت توجد خارج دار السفارة أو القنصلية استيفاء لديونهم الشخصية (عبدالباسط جميعی - نظام التنفيذ - ص 13 - ص 14)، كما لو باشر أحدهم أعمالاً تجارية أسفرت عن مديونيته أو ارتكب حادثاً وحكم عليه بالتعويض أو أشترى شيئاً ، ولم يدفع ثمنه أو اقترض مبلغاً ، ولم يسديه وغير ذلك.

(ب) الدولة الوطنية والأشخاص الإعتبارية العامة التابعة لها بالنسبة للأموال العامة المملوكة لها، وذلك وفقاً للمادة 2/78 من القانون المدني لأن المال العام لايجوز التصرف فيه، ولذلك يكون التنفيذ عليه غير جائز، أما بالنسبة للأموال المملوكة ملكية خاصة للدولة وفروعها فقد ثار خلاف في الفقه حول جواز التنفيذ عليها، فذهب رأی (محمد حامد فهمي - بند 134 ص 112 ، عبد الحميد ابو هيف - طرق التنفيذ - بند 281 ص 176 ، عبدالباسط جمیعی - نظام التنفيذ - بند 12 ص 13 - ص 12 ، أحمد ابوالوفا - بند 211 ص 236 - ص 237 ) إلى أن العرف قد جرى على عدم جواز التنفيذ عليها لأن التنفيذ على الأموال المملوكة ملكية خاصة الدولة يؤدي إلى الإخلال بهيبة الدولة ويمس الثقة المفروضة فيها أي في يسارها، بينما ذهب رأي آخر (فتحی والی - طبعة 1975 - بند 99 ص 165 - ص 167 ، وجدي راغب - ص 268 - ص 269 ) نؤيده إلى جواز التنفيذ على الأموال المملوكة ملكية خاصة للدولة وفروعها على أساس أنه ليس هناك ما يدل على وجود غرف خلافاً للقاعدة القانونية التي تقرر أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه ومضلعة الدولة تقتضي التنفيذ على أموالها حتى يقبل الأفراد على التعامل معها، أما إذا إمتنعت الدولة عن الوفاء بالدين فإنها تكون قد أخلت بالثقة المفروضة فيها، ويجب أن . تتحمل التنفيذ، كذلك فإن مما يزيد مكانة الدولة واحترامها أن تكون دولة قانونية تخضع لتنفيذ القانون شأنها في ذلك شأن المواطنين، وقيد أصدرت محكمة النقض حكماً يؤيد هذا الرأي الأخير (أنظر : حكم محكمة النقض الصادر في 1968/4/23 - مجموعة الأحكام المكتب الفني - السنة 19 ص 816) حيث قضت هذه المحكمة بعدم جواز الحجز على أرض كانت مملوكة لمصلحة الأملاك ملكاً خاصاً، وذلك بسبب إقامة محافظة الإسكندرية مخبأ عليها مما يعني تخصيصها للمنفعة العامة، وقررت المحكمة أنه بذلك تعتبر الأرض موضوع إجراءات الحجز من الأموال العامة فلا يجوز الحجز عليها ما دامت محتفظة بتخصيصها للمنفعة العامة، وبمفهوم المخالفة فإن هذا الحكم يعني أن هذه الأراضي لو كانت مملوكة للدولة ملكية خاصة لجاز التنفيذ عليها.

ثانياً - أهلية الأداء: يجب أن توجه إجراءات التنفيذ إلى من هو أهل لذلك، والأهلية اللازم توافرها فيمن توجه إليه الإجراءات هي أهلية الوفاء فلا تكفي أهلية الإدارة، وأهلية الوفاء هي أهلية التصرف، وتظهر أهمية اشتراط أهلية التصرف في التنفيذ بنزع الملكية لأن نزع الملكية تؤدي إلى إخراج المال من ملك المنفذ ضده أي التصرف فيه، ولذلك إذا اتخذ الدائن إجراءات التنفيذ في مواجهة ناقص الأهلية أو عديمها كانت باطلة، والغرض من ذلك هو حماية مصالح الأشخاص عديمي الأهلية وناقصيها لأنه ليس في وسعهم أن يدافعوا عن مصالحهم، وليس معنى ذلك عدم جواز التنفيذ ضد ناقص الأهلية أو عديمها على من الممكن ذلك، ولكن يشترط لصحة الإجراءات أن توجه الأوراق المتعلقة بالتنفيذ، وأن تتخذ إجراءات التنفيذ ضد من يمثله.

ووفقاً للمادة 1/284 مرافعات إذا كان المنفذ ضده هو المدين، وفقد أهليته سواء قبل بدء التنفيذ أو بعد بدئه، ولكن قبل تمامه فإنه يجب إعلان من يقوم مقامه بالسند التنفيذي قبل البدء في التنفيذ أو الاستمرار في مواجهته، ولا يجوز التنفيذ إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ الإعلان بالسند التنفيذي. 

وإذا لم يكن لناقص الأهلية أو عديمها من يمثله، كما لو كان مجنوناً لم يحجر عليه رغم شیوع أمره، ولم يعين له قيم أو كان قاصراً، وتم بدین له وصي، فإنه من حق طالب التنفيذ أن يطلب من المحكمة المختصة تنصيب من يمثل ناقص الأهلية أو عديمها حتى يتسنى توجيه إجراءات التنفيذ ضده.

وإذا كان الوصي نفسه هو الذي يرغب في التنفيذ ضد القاصر فإنه يجب عليه إما أن يعتزل الوصاية. ويطلب من المحكمة تعيين وصی بدله أو على الأقل أن يطلب من المحكمة تعيين وصى خصومة ليتخذ إجراءات التنفيذ ضده، وما يصدق على الوصی يصدق على القيم إذا ما أراد اتخاذ إجراءات تنفيذية ضد المحجوز عليه، وحكمة ذلك أن مصلحة ممثل ناقص الأهلية أو عديمها قد تتعارض مع مصلحة من يمثله كما أنه لا يجوز للشخص أن يتقاضى مع نفسه.

إذن ينبغي أن تتخذ إجراءات التنفيذ في مواجهة من يمثل ناقض الأهلية أو عديمه، وعلى هذا الممثل أن يدافع عن مصالح وحقوق من يمثله، فيقوم بفحص أوراق التنفيذ، والتمسك بما قد يكون في الإجراءات من عيوب لإبطاله لأنه يسأل إذا كانت هذه العيوب ظاهرة، ولم يتمسك بها، إذ لا ينحصر دور من يمثل عديم الأهلية أو ناقصها في مجرد تمثيله بصورة سلبية بل يجب عليه أن يتصرف في كل ما يتعلق بالتنفيذ كما لو كان واقعاً على أمواله أو بالطريقة التي يتصور أن ناقص الأهلية أو عديمها كان يتصرف فيها لو كان كامل الأهلية، وقد نصت المادة 43 من قانون الولاية على المال على أنه يجب على الوصي أن يعرض على المحكمة بغير تأخير ما يتخذ قبل القاصر من إجراءات التنفيذ وأن يتبع في شأنها ما تأمر به المحكمة.

التنفيذ ضد المدين المفلس:

ولكن ما مدى جواز التنفيذ ضد المدين المفلس؟

الأصل هو عدم جواز إتخاذ إجراءات التنفيذ الفردي ضد المدين بعد الحكم بشهر إفلاسه (محسن شفيق - الإفلاس - طبعة 1953 - بند 80 ص 85) ، فإذا صدر حكم شهر الإفلاس بعد الحجز توقفت إجراءات التنفيذ الفردي واندمجت في التفليسة (وجدي راغب - ص 270 ) فالإفلاس يؤدي إلى إيقاف الإجراءات الفردية فلا يجوز للدائن بعد شهر الإفلاس توقيع أي حجز على أموال المدين سواء كان هذا الحجز حجزاً تحفظياً أو تنفيذياً ، وسواء كان حجزاً على عقار أو منقول أو على ما للمدين لدى الغير، ويفرق الفقه (عبدالباسط جمیعی - ص 29 - ص 31 ) في هذا الصدد بين التنفيذ على العقار والتنفيذ على غير العقار:

(أ) فبالنسبة للتنفيذ على العقار فإنه وفقاً لنصوص القانون التجاري يجب التمييز بين موقف الدائنين المرتهنين، ومن في حكمهم وبين الدائنين العاديين، فالدائنون المرتهنون، ومن في حكمهم قد تحصنوا سلفاً ضد الإفلاس بتأمين خاص فلا فائدة من منعهم من التنفيذ لأن لهم أولوية على الثمن، ولذلك كان من حقهم إتخاذ إجراءات التنفيذ على العقار المرهون أو العقار الذي يتعين عليه الإختصاص وحق الإمتياز الخاص سواء في ذلك أن يستمروا في إجراءات كانوا قد بدأوها قبل شهر الإفلاس أو أن يبدأوا إجراءات التنفيذ بعد حكم الإفلاس، ولكن يجب أن يوجهوا الإجراءات ضد السنديك لأن المفلس قد زالت ولايته عن أمواله، وأصبح السنديك هو صاحب الصفة في تمثيله قانوناً كما أنه وفقاً للمادة 374 تجاری يراعى أنه عند تحقیق حالة الإتحاد يكون بيع عقارات المفلس من حق السنديك وحده.

أم الدائنون العاديون فإنهم لا يملكون أن يبدأوا إجراءات التنفيذ العقاري بعد حكم شهر الإفلاس إذا كانوا لم يبدأوها قبل ذلك، وإنما لهم أن يتابعوا تلك الإجراءات إذا كانوا قد بدأوها قبل حكم شهر الإفلاس بشرط الحصول على إذن من مأمور التفليسة بالاستمرار في الإجراءات، ومعنى ذلك أن صدور حكم الإعلامي لا يحول دون المضي في إجراءات سبق إتخاذها بمعرفة دائن عادي بل يستمر الدائن العادي في التنفيذ، ولا يحل السنديك محله في مباشرة الإجراءات إلا أنه يلزم أن يحصل الدائن على إذن من القاضي مأمور التفليسة بالاستمرار في التنفيذ، ولكن الإجراءات توجه عندئذ إلى السنديك كما أن البيع يتم لحساب جماعة الدائنين أى أن العقار يدخل في روكية التفليسة، وتكون هناك أولوية للدائن الحاجز في استيفاء ما أنفقه على التنفيذ من مصاريف من ثمن العقار.

(ب) أما بالنسبة للتنفيذ على غير العقار أي التنفيذ على المنقول، وعلى ما للمدين لدى الغير فإنه لا يجوز لأي دائن أن يبدأ بعد الإفلاس في اتخاذ إجراءات التنفيذ لأن الإفلاس نظام جماعي للتنفيذ يحل محل الإجراءات الفردية، وإذا كانت إجراءات التنفيذ قد اتخذت قبل صدور حكم شهر الإفلاس فإنها تتوقف، وتعتبر كأن لم تكن لأن حق الدائن في اقتضاء دينه يندمج في التفليسة ويجب عليه أن يتزاحم فيها مع سواه من الدائنين على قدم المساواة ولكن وفقاً للمادة 352 تجاری يجوز للدائن الذي له رهن على منقول أن يتخذ إجراءات التنفيذ على هذا المنقول في أي وقت ولو بعد شهر الإفلاس.

ويلاحظ أن حكم الإفلاس الذي ينحدر بعد إختصاص الدائنين بحصيلة التنفيذ أي بعد بيع المنقول أو العقار المحجوز أو بعد الحجز على النقود أو بعد انقضاء خمسة عشر يوماً على تقرير المحجوز لديه بما في ذمته في حجز ما للمدين لدى الغير، لا يؤثر في إجراءات التوزيع، لأن المادة 485 مرافعات تنص على أنه لا يترتب على إفلاس المدين المحجوز عليه بعد مضي هذا الميعاد وقف إجراءات التوزيع، ولكن يجب أن توجه هذه الإجراءات إلى السنديك.

البطلان هو جزاء مخالفة قواعد الأهلية:

يترتب على مخالفة قواعد الأهلية سالفة الذكر، بطلان العمل الإجرائي الذي تم بالمخالفة لها، وتنطبق في هذا الصدد قواعد القانون المدني بطريق القياس، وذلك لخلو مجموعة المرافعات من نصوص تتعلق بالأهلية، على أن القياس ليس تاماً ، بسبب الطبيعة الخاصة للأعمال الإجرائية ولخصومة التنفيذ (فتحی والی - بند 89 ص 171 ص 173)، فلأن الأعمال الإجرائية تكون عملاً قانونياً واحداً ولأن مبدأ المقابلة يحكم هذه الأعمال المختلفة، من المقرر أنه يشترط توافر الأهلية ليس فقط فيمن قام بالعمل، بل أيضاً في الخصم الآخر (فتحی والی - نظرية البطلان - بند 213 ص 395)، ولهذا فإنه إذا لم تتوافر الأهلية أو التمثيل القانوني فيمن يوجه ضده العمل، فإنه يكون باطلاً رغم توافر الأهلية فيمن صدر منه، وحكمة هذه القاعدة هي حماية ناقص الأهلية أو عديمها الذي يوجه ضده عمل إجرائي يؤثر في مصالحه، وهو في وضع لا يتمكن فيه من الدفاع عنها.

ويتعلق البطلان هنا بالنظام العام، على أن مدى هذا التعلق يكون بالقدر اللازم لحماية هذا النظام، فلناقص الأهلية أو من لم يمثل قانوناً، أن يتمسك بالبطلان، وله أن يفعل هذا، ولو بعد إنتهاء إجراءات التنفيذ، كذلك للخصم الآخر أن يتمسك بهذا البطلان، وعلة هذه عدم إلزامه بالاستمرار في إجراءات يؤدي التمسك ببطلانها من ناقص الأهلية، إلى بطلان ما تم فيها من أعمال معتمدة على العمل الباطل، ولا يقتصر الحق في التمسك بالبطلان على الخصمين، فللمحكمة - إذا عرض عليها إجراء من إجراءات التنفيذ - أن تتأكد من تلقاء نفسها من توافر الأهلية أو التمثيل القانوني، وأن تقضي بالبطلان في أية حالة تكون عليها الخصومة (فتحى والى - التنفيذ - بند 89 ص 172).

على أنه - رغم تعلق البطلان بالنظام العام - لناقص الأهلية، عندما يزول عيب أهليته، أن ينزل عن التمسك بالبطلان الناشئ عن نقص الأهلية أو عدم صحة التمثيل القانوني، وإذا تم النزول صحح البطلان، فليس للخصم الآخر بعد هذا أن يتمسك به كما أنه ليس للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، وفضلاً عن هذا، فإنه إذا انتهت إجراءات التنفيذ، انحصر الحق في التمسك بالبطلان في ناقص الأهلية أو من يمثله، فليس للخصم الآخر التمسك به، وذلك لعدم توافر علة إعطائه هذا الحق (فتحى والى - نظرية البطلان - بند 265 ص 489 - 492 ، التنفيذ الجبري - بند 89 ص 171) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : الخامس،  الصفحة :  864)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 71

تَنْفِيذٌ

التَّعْرِيفُ:

التَّنْفِيذُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ.

يُقَالُ: نَفَذَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ تَنْفِيذًا: أَخْرَجَ طَرَفَهُ مِنَ الشِّقِّ الآْخَرِ. وَنَفَذَ الْكِتَابُ أَرْسَلَهُ: وَنَفَذَ الْحَاكِمُ الأْمْرَ أَجْرَاهُ وَقَضَاهُ.

وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَالنَّفَاذُ تَرَتُّبُ الآْثَارِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ.

وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ «تَنْفِيذٍ» عَلَى إحَاطَةِ الْحَاكِمِ عِلْمًا بِحُكْمٍ أَصْدَرَهُ حَاكِمٌ آخَرُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ، وَيُسَمَّى اتِّصَالاً. وَيُتَجَوَّزُ بِذِكْرِ (الثُّبُوتِ) (وَالتَّنْفِيذِ) قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا هَذَا غَالِبًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَاذِ الْحُكْمِ أَوِ الْعَقْدِ وَتَنْفِيذِهِمَا هُوَ: أَنَّ النَّفَاذَ صِحَّةُ الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَتَرَتُّبُ آثَارِهِ الْخَاصَّةِ مِنْهُ، كَوُجُوبِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَانْتِقَالُ مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ. أَمَّا التَّنْفِيذُ فَهُوَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ بِتَنْفِيذِ عُقُوبَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِنَ الْعَاقِدِ طَوْعًا أَوْ بِإِلْزَامٍ مِنَ الْحَاكِمِ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ التَّنْفِيذَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بِحُكْمٍ سَابِقٍ وَإِجَازَةٌ لِلْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.

وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْحُكْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْقَضَاءُ:

الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْحُكْمُ وَمِنْهُ  قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّك أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ).

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالتَّنْفِيذِ أَنَّ التَّنْفِيذَ يَأْتِي بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ سَبَبٌ لَهُ

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوِ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ بِشُرُوطِهَا، وَعَلَى الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنِ الْتَزَمَ حُقُوقًا مَالِيَّةً بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ حَقًّا تَنْفِيذُ مَا لَزِمَهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَعَلَى الْحَاكِمِ التَّنْفِيذُ جَبْرًا عَلَى مَنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّنْفِيذِ طَوْعًا إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ.